الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شرح: مختصر الخرقي -
كتاب الطهارة (13)
شرح قوله: "ولا يجوز استقبال القبلة، وفي استدبارها في الفضاء واستقبالها روايتان
…
"
الشيخ: عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه أسئلة يقول: إنه قال لزوجته: عليه الطلاق ما في دروس خصوصية بعد اليوم، والآن أريد إعطاء ابنتي درس أو ابني درس نتيجة عدم فهمه لبعض الدروس، ولكن بدون أن يقع الطلاق، فماذا أفعل؟
أولاً: ما الباعث على قوله: عليه الطلاق أنه لا يدرس دروس خصوصية، قد يكون الدافع لذلك أن يمنع نفسه؛ لأنه بسبب هذه الدروس حرم من أشياء، وقد يكون الضغط من زوجته ليتفرغ لها ولأعماله؛ لأنه هو يعطي الدروس الخصوصية يضيع عليه وقت كثير بسببها، فهو يريد منع نفسه من هذه الدروس، ومثل هذا الذي يراد منه الحث أو المنع بلفظ الطلاق يسمونه الحلف بالطلاق، ومنهم من يجعل مثل هذا كفارته كفارة اليمين؛ لأنه لم يقصد الطلاق لذاته، ولا يريد فراق زوجته، وإنما يريد أن يمنع نفسه، لكن ما علاقة هذه المسكينة التي جُعلت على اللسان لأدنى سبب؟! وما هذا التلاعب لأحكام الله لأدنى سبب يطلق، أو يعلق الطلاق؟ لا شك أن هذا من التلاعب بحدود الله، فمثل هذا لا ينبغي للمسلم أن يجعل الطلاق على لسانه، ولو حلف يميناً أن لا يدرس دروساً خصوصية فالله أعظم، ويمتنع من ذلك، لكن في نفوس كثيرٍ من الناس أن مثل هذا الحلف والتعليق تعليق الطلاق على عدم الفعل أو عليه على الفعل أعظم عنده في نفسه من الحلف بالله -جل وعلا-، هذا مشكل، وما جعلت اليمين إلا لأن الله -جل وعلا- أعظم من كل شيء، فلو حلف بالله -جل وعلا- أن لا يعطي دروس خصوصية، ثم رأى أن غير هذه اليمين خير منها، وأراد أن يدرس ابنه يعلمه العلم يكفر عن يمينه، وهذا ليس فيه أدنى إشكال ((إني لا أحلف على يمينٍ فأرى خيرها خيراً منها إلا كفرت عن يميني، ثم أتيت الذي هو خير)) هذا كلامه عليه الصلاة والسلام.
أما أن يجعل زوجته عرضة لمثل هذه المسائل لأدنى شيء يقول: امرأته طالق لو فعل كذا، وينبغي أن يفرق فيما إذا كان تعليق الطلاق على حث الزوجة أو منعها، وبين أن يكون حث لغيرها أو لمنعه، يريد أن يمنع ابنه، يريد أن يمنع نفسه، يريد أن يمنع جاره، يريد أن يمنع طلاب من طلابه فيحلف بالطلاق أن لا يفعل كذا، والمعروف في كلام أهل العلم وإن كان المؤدى واحد، والمعنى واحد أن المقصود به في الجملة الحث والمنع أنه إذا علق طلاقها على فعلها إن فعلتِ كذا فأنت طالق، إن خرجت فأنت طالق إن لم تفعل فأنت طالق، فهو بذلك يريد حثها ومنعها، أما يريد منع نفسه ثم يعلق طلاق زوجته على منع نفسه، وإن كان المؤدى واحد أن المقصود بهذه اليمين الحث والمنع، وهي جارية على قول شيخ الإسلام أنه يكفر كفارة يمين ويأتي الذي هو خير إذا بان له أنه خير فمثل هذا يدرس ابنه بعد أن يكفر كفارة يمين أو قبله؛ لأنه جاء في الحديث ((ثم أتيت الذي هو خير)) وفي بعض الروايات:((إلا أتيت الذي هو خير وكفرت عن يميني)) وعلى كل حال الذي ينصح به في مثل هذا أن لا يكثر من هذا الطلاق، بل لا يجريه على لسانه، الطلاق إنما شرع لحل الإشكال بين الزوجين إذا تعسر التوفيق بينهما، ولم يكن هناك مندوحة، ولم يبق للإصلاح مجال حينئذٍ يطلق طلاق سنة مرة واحدة في طهرٍ لم يجامعها فيه لا يريد بذلك الضرر.
المقصود أن مثل هذا التعليق لا ينبغي، وإذا وقع وقد -وقع الآن- فهو وما يعتقده، وما الباعث على هذا التعليق، إن كان قصده فراق زوجته إن درس فالطلاق واقع لا محالة، وإن كان قصده الحث والمنع فعلى قول شيخ الإسلام يكفر كفارة يمين.
يقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
والصلاة والسلام على أشرف النبيين نبينا محمد، أما بعد:
فأنا أرسل لك هذه الرسالة عن قصتي، فأنا رجلٌ كنت أعبد الله حق عبادته، وقد جاءت وانحرف، كلما أجئ أتوب أرجع إلى المعاصي، وأنا كثيراً ما أتوب وأرجع وأفعل الفواحش، فهل إذا تبت توبة نصوحاً -أخطاء فاحشة في الكتابة- هل يقبل توبتي، ويغفر لي ذنوبي التي أخطأتها؟ يقول: وصدقني أنا الآن لا أعرف أن أنام، ولا أعرف أن أخرج، ولا أعمل أي شيء، فإن الهم يلزمني، وأكتفي بهذا القدر.
لا شك أن الرجوع إلى الذنب بعد التوبة شأنه عظيم، لكن من الذي يحجب عنك التوبة، وبابها مفتوح قبل أن تغرغر، وقبل أن تطلع الشمس من مغربها، فإذا تبت توبة نصوحاً بشروطها المعروفة عند أهل العلم أقلعت عن هذه الذنوب، وعزمت أن لا تعود، وندمت على ما فرط منك، مخلصاً في ذلك لله -جل وعلا-، ورددت المظالم إن كانت المعاصي فيها شيء من مظالم المخلوقين، فمن الذي يحول بينك وبين التوبة، والتوبة تجب ما قبلها، وتهدم ما كان قبلها، وفضل الله واسع، حتى أنه -جل وعلا- يبدل هذه السيئات حسنات إذا صدقت في توبتك.
هذا شخص مصري يقول: لماذا سميت مصر بهذا الاسم؟
أقول: ما المسئول بأعلم من السائل، والمصر في الأصل البلد المكون من مجموعة من البيوت والسكان يقال له: مصر، ويطلق هذا على جميع البلدان {اهْبِطُواْ مِصْراً} [(61) سورة البقرة] أي: أي مصرٍ كان، مع أن المدينة تطلق على البلد وإن كانت خصت بالمدينة النبوية، لكنها في الأصل لجميع البلدان، المدن يقال لها: مدينة الرياض، وهكذا، القاهرة مدينة، والجزيرة مصر من الأمصار، والكوفة والبصرة الكوفة مصر والبصرة مصر وهكذا، وحصل أو حدث تمصيرهما في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه؛ لأنه في عهده مصرت الأمصار، فهذا الأصل فيه العموم، أناس يجتمعون في بقعة من البقاع، ويبنون لهم مساكن، ويتكاثرون فيها فيصير مصر، لكن إطلاق مصر على هذه الجهة كانت تطلق على الفسطاط، والقاهرة تعطف عليها، لا يقال لها: مصر، إنما يقال: مصر والقاهرة، ثم حصل الاصطلاح على تسمية القطر الأعم بمصر، وهذا مجرد اصطلاح لا يضير، وإلا فالأصل أنه إذا نون ونكر يراد به أي مصر من الأمصار، في قوله -جل وعلا-:{اهْبِطُواْ مِصْراً} [(61) سورة البقرة] لا يراد به مصر المعروفة {وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ} [(21) سورة يوسف] هذا البلد المعروف، وألفت الكتب في هذا القطر العظيم الذي هو أرض الكنانة على ما يقولون، فيه الكتب في محاسنه وفضائله من أعظمها كتاب (النجوم الزاهرة في أخبار مصر والقاهرة) و (حسن المحاضرة –للسيوطي- في أخبار مصر والقاهرة) فالعطف يدل على المغايرة، ثم بعد ذلك مثلما ذكرنا أطلقت مصر على القطر الأعم.
يقول: هل هناك تحقيق جيد تنصحون به لهذه الرسالة؟
ما أدري ما هذه الرسالة، اللهم إلا إن كان يريد الكتاب المشروح الذي هو مختصر الخرقي؛ لأن الأسئلة خاصة بدرس الخرقي، فأجود الطبعات طبعته الأولى طبعة ابن ثاني رحمه الله.
يقول: حول ما يدور في العراق من تفجير المساجد، وقتل الشيوخ، سؤالي هو ما حكم الصلاة بالمسجد أولى أو الحذر والصلاة بالبيت؟ وهل الأولوية هي حراسة المسجد، وربما نقتل أم للمسجد ربٌ يحميه
…
، من أولوية قتل المسلم أم هدم المسجد -ركيك السؤال- في وقتنا؟
على كل حال قتل المسلم شأنه عظيم، وأمره شديد في الشرع، والإنسان إذا خشي على نفسه من القتل هذا عذر في أن يصلي في بيته، مع أن الناس قتلوا في بيوتهم، وإلا فالأصل في الصلاة أنها حيث ينادى بها بالنسبة للرجال في المساجد، لكن إذا خشي على نفسه فهذا عذر في ترك الجماعة.
يقول: يقسم بالله -جل وعلا- أنه في حاجة ضرورية للزواج، ولا يستطيع الصبر بعد هذا، وإيمانه -كما يقول- يضعف، والمشاكل المادية، يقول: وأنا الآن طالب في كلية الشريعة بالمغرب، وعندي ديون ربما أكثر من سنتين؛ لأن أسرتي فقيرة، وأنا كبير الأسرة، حتى إن عملتُ صيفاً فإني أساعدهم، فكرت في الانقطاع عن الدراسة، لكن عدتُ، وأنا الآن لا أستطيع أن أبقى بدون زواج، فهل واجبٌ في حقي .... ؟
على كل حال إذا خشيت على نفسك من الوقوع في الفاحشة وجب عليك الزواج، وأنت في هذه الحالة لا مانع من أن تأخذ من الزكاة والصدقات، وإن اقترضت أو استدنت من أحد وسددته على أقساط لا تشق عليك فلا بأس -إن شاء الله تعالى-، وعونك على الله -جل وعلا-.
يقول: ما حكم صلاة الحائض ناسية مع العلم أن الصلاة فيها قراءة قرآن؟
الصلاة بالنسبة للحائض حرامٌ عليها، لا تصح منها، ويحرم عليها أن تصلي وقت العادة، ولذا يقول الفقهاء بالنسبة للصيام والصلاة يقولون: ولا يصحان منها بل يحرمان، هذا بالنسبة للذاكر العامد، أما بالنسبة للناسي فهو مندرجٌ في قوله -جل وعلا-:{رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [(286) سورة البقرة] فالنسيان هنا ينزل الموجود منزلة المعدوم، كأنها ما صلت، لكن لو صامت وهي حائض ناسية قلنا: هذا الموجود منزلة المعدوم، ولكن لا ينزل المعدوم منزلة الموجود، لو تركت الصيام ونسيته بناء على أنها تركته حائض ثم نسيت القضاء فإن هذا لا يمكن أن يقال: إنها ناسية، والنسيان عذر في ترك المأمور أبداً، لا بد من الإتيان به متى ذكرت ((من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها)).
يقول: تزوج رجلٌ امرأة ثانية ولم يخبرها بأنه متزوجٌ من امرأة قبلها، فهل يؤثر هذا على العقد بعد إخفائه بعد إبرامه؟
لا شك أن هذا غش، غش لهذه الزوجة، فلا بد من إخبارها بأنه متزوجٌ من زوجة سابقة، وعلى كل حال إذا علمت بذلك ورضيت به فالأمر لا يعدوها، وإن طلبت الفسخ لأنه غشها فلها ذلك.
يقول: من المعلوم أن المغتسل يمس قبله ودبره في أثنائه؟
لا، ليس من المعلوم أنه يمس قبله ولا دبره، لا يلزم أن يمس شيئاً.
في أثنائه، وهل تجزئه الصلاة بذلك الغسل، أم عليه أن يعم جسمه بالماء في آخره دون لمس العورات، أم عليه أن يتوضأ بعد الانتهاء من الغسل؟
سيأتي الكلام في نقض الوضوء من مس الذكر أو الفرج عموماً -إن شاء الله تعالى- في هذا الدرس أو الذي يليه إن لم نتمكن، وعلى كل حال هو من نواقض الوضوء لا من نواقض الغسل.
أظن بدأنا بالزوائد في الدرس الماضي، أقول: بدأنا بالزوائد نكمله بسرعة، ونقرأ الباقي.
يقول: "ولا يجوز استقبال القبلة" يعني أثناء قضاء الحاجة، وجاء فيه الأحاديث الصحيحة "ولا يجوز استقبال القبلة، وفي استدبارها في الفضاء واستقبالها روايتان" استقبال القبلة جاء النهي عنه، النهي عن استقبالها جاء، والنهي أيضاً جاء عن استدبارها ((ولكن شرقوا أو غربوا)) والمؤلف الذي هو صاحب الهداية الذي هذه زوائد على الخرقي منه يجمع بين النصوص بمنع الاستقبال، وأما الاستدبار في الفضاء، وفي استدبارها في الفضاء واستقبالها روايتان، جاء من النصوص ما يمنع الاستقبال والاستدبار، وجاء في الاستقبال أيضاً أكثر، وجاء في الاستدبار الفعل، فرأيته حديث ابن عمر:"رقيت على بيتناً فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقضي حاجته، مستقبل الشام مستدبر الكعبة" فحملوه على الاستدبار، ويبقى الاستقبال محفوظ لا معارض له، ومنهم -وهو قولٌ له وجه- يبقى الاستقبال والاستدبار محفوظ، لكنه يحمل على الفضاء دون البنيان؛ لأنه في البيت في البنيان، ويحمل النهي على الفضاء.
يقول: "وفي استدبارها في الفضاء واستقبالها روايتان" بناء على هذا، يقول: "وإذا انقطع البول
…
" نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
بين الفضاء والبنيان على هذا روايتان الرواية الثانية.
"وإذا انقطع البول" يعني انتهى نزوله "من ذكر الرجل مسح بيده اليسرى من أصل ذكره إلى رأسه" يمسحه ليخرج ما بقي في مجراه، ولكن هذا لم يرد به دليل، وهو أيضاً يفتح باباً لعدم انقطاعه، فالمسالك مع كثرة الملامسة ومع كثرة التحريك تدر، فإذا تركت بعد انقضاء البول، وتغافل عنها الإنسان انقطع، فقولهم:"مسح يده بيده اليسرى من أصل ذكره إلى رأسه" هذا لا دليل عليه "ثم ينتره ثلاثاً" والنتر غير هذا المسح وغير أيضاً شده بقوة ثم إرساله، إنما هو
…
كيف يعبر عنه النتر؟ ما النتر؟ لأنه قال: "ثم ينتره ثلاثاً".
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، ما هو فرك.
طالب: الهز.
لا، لا، لا يمسه بيده.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، غير القفز، القفز بيذكرونه، لا يمسه بيده، إنما هو باجتماع، أو بضم دبره، يكون هذا بضم الدبر ويخرج ما فيه، وعلى كل حال كل هذه بدع لا دليل عليها.
"ثم ينتره ثلاثاً، ويتحول عن موضعه" لأنه مع الحركة مع القيام والقعود يخرج إن كان فيه شيء، وهذا أيضاً لا دليل عليه، وابن القيم ذكر عشر بدع تتعلق بهذا الموضع "يتحول عن موضعه، ويستجمر بالأحجار، ثم يستنجي بالماء" يستجمر بالأحجار النبي عليه الصلاة والسلام فعل ذلك في حديث ابن مسعود وغيره، ثم يستنجي بالماء، استنجى النبي عليه الصلاة والسلام بالماء كما في حديث أنس وغيره، ويجمع بينهما على هذا، ولا شك أن هذا أكمل في الطهارة، وأقطع لدابر النجاسة، لكنه مع ذلك لا يعرف الجمع بينهما من فعله عليه الصلاة والسلام.
قالوا: ويجوز الاقتصار على أحدهما، يجوز؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام فعل كل واحدٍ على حدة، وأفضلها الماء؛ لأنه أقطع للنجاسة، وأفضلهم الماء، والجمع بينهما أفضل.
"ولا يقطع إلا على وترٍ" لقوله عليه الصلاة والسلام: ((من توضأ فليستنثر، ومن استجمر فليوتر)) وعرفنا سابقاً في كلام المؤلف أن أقله ثلاثة أحجار، فإن انقطع فبها ونعمت، وإن لم ينقطع زاد رابعاً، ثم قطعه على وتر بأن يزيد خامس، ولو لم تدع إليه الحاجة.
يقول: رواه البخاري ومسلم، وصفة ما يجوز الاستجمار به أن يكون جامداً، طاهراً، منقي، غير مطعوم، ولا حرمة له، ولا متصلاً بحيوان، أن يكون جامد بينما المائع لا يستنجى به؛ لأنه لا يزيل النجاسة، بل يلوث المحل، طاهراً؛ لأن النجس لا يطهر نفسه فضلاً عن غيره، والنبي عليه الصلاة والسلام لم رد الروث قال: إنها رجس فدل على أن النجس لا يطهر، منقي، لا بد أن يكون منقياً بأن يكون له خشونة تزيل الأثر، بينما الأملس لا ينقي، فالزجاج لا يستنجى به؛ لأنه لا ينقي، غير مطعوم؛ لأنه نهي عن الاستنجاء بالعظم والروث؛ لأنه طعام الجن ودواب الجن، فطعام الإنس من باب أولى، ولا حرمة له، يعني لا يكون من كتب العلم، والأشياء التي فيها ذكرٌ لله -جل وعلا-، أو لنبيه عليه الصلاة والسلام، أو لأمرٍ من أمور الدين المحترمة، ولا حرمةَ له، ولا متصلاً بحيوان؛ لأن الحيوان لا سيما المأكول محترم، فلا يجوز الاستنجاء به، لكن لو قال: لم يجد حجارة، وعنده كلب يصلح وإلا ما يصلح؟ خرج بقيدٍ سابق نجس، طيب عنده حمار؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لماذا؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم هو نجس على المذهب، لكن هذا القول بطهارته مع تحريم أكله؟ طهارة جسده وعرقه وسؤره يجوز الاستنجاء به أو لا يجوز؟ نعم يقول: ولا متصلاً بحيوان، لماذا؟ ما العلة؟
طالب:. . . . . . . . .
الحيوان محترم، ولو كان غير مأكول، ولو كان نجس العين.
طالب:. . . . . . . . .
طيب هذا ما وجد ثلاثة أحجار فجيء له بثلاثة فئران، ثلاث من الفأر، حية، إيش تقول؟ ما الحكم؟
طالب: إذا احترم الطعام. . . . . . . . . الدواب. . . . . . . . .
دعنا من الحيوان المحترم ما فيه إشكال، لكن هذه فويسقة تقتل في الحل والحرم، ما لها حرمة.
طالب:. . . . . . . . .
لأنه يقول هنا: ولا متصلاً بحيوان، الحيوان المحترم هذا ما فيه إشكال، والحيوان الذي يحتاج إليه في ركوبٍ ونحوه أيضاً ما فيه إشكال.
طالب:. . . . . . . . .
لكن مثل ما مثلنا جيء له بثلاثة فئران.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب: هي نجسة يا شيخ؟
لا، ما دامت يابسة.
طالب: هي نجسة.
ما دامت يابسة سؤرها طاهر ولا تنجس غيرها، وإذا وقعت في السمن، افترض أنها وقعت في السمن وخرجت حية إيش تسوي بالسمن؟ الكلام ما إذا ماتت فيه، ما تؤثر.
طالب:. . . . . . . . .
إن خرجت حية؟ حتى التفريق بين المائع والنجس ترى فيه كلام كثير يأتي -إن شاء الله-؛ لأن أثرها إن ماتت فيه، وأما إن كانت حية ما لها أثر، نعم يا إخوان إيش المانع من أن يستنجى بهذه الفئران الثلاثة؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
الأمر خارج هذا، هذا النهي أو المنع لأمرٍ خارج هل يجزئ وإلا ما يجزئ؟ افترض أنه استنجى بها ثم قتلها لا تنتقل مكاناً ثاني؛ لأنه مأمور بقتلها في الحل والحرم؟ هذه افتراضات، لكن يمنع أن تقع، إيش المانع أن تقع؟ ما وجدت شيء.
طالب:. . . . . . . . .
طيب لو استنجى بروث برجيع دآبة مأكولة اللحم وهو طاهر، وزال الأثر، نقول: يجزئ مع التحريم؟
طالب: الافتراض هذا صار محل ضرورة.
وين؟
طالب: لأنه لم يجد إلا هي؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم. . . . . . . . .
الرجس هذه روثة الحمار، لكن روثة إبل أو بقر أو غنم طاهرة ما فيها إشكال، والمنع منها لكونها زاد دواب الجن، أمر خارج عن المطلوب، أمر خارج عن الذات ولا الشرط، فالجهة منفكة يحرم عليه ويأثم، لكن هل ينقي وإلا ما ينقي؟ يجزئ وإلا ما يجزئ؟
طالب: يجزئ.
هاه والفئران؟ يعني الإرادات كلها فُرغ منها، يعني كونها تنقل النجاسة إلى مكانٍ آخر هذا شيء، لكن افترض أنه كل ما انتهى من واحد قتله؛ لأنه مأمور بقتلها في الحل والحرم.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، تنقي، شعرها ينقي ما فيه إشكال.
طالب:. . . . . . . . .
هي زاد؟
طالب:. . . . . . . . .
لا بد من تأمل.
يقول: "ولا يستعين بيمينه في الاستجمار" وقد جاء النهي أن يمسك ذكره بيمينه وهو يبول، واليمين لا شك أنها تكرم عن هذه المواطن المستقذرة، فإن فعل كره وأجزأه؛ لأنه تم الإنقاء، وكونه خالف الجهة منفكة "ولا بأس بالاستعانة بها في الماء" يعني لا يستعان بها في الحجر في الاستنجاء، لكن يستعان بها في الماء، اليد اليمنى يقول: لا يستعان بها في الاستنجاء، يعني كيف يصنع؟ يقولون: يضع الحجر بين رجليه ويمر الذكر بيده اليسرى، لكن ما يضع الحجر بيده اليمنى ويمره على ذكره الممسك به في يده اليسرى، أما بالنسبة للماء فلا مانع من أن يرش الماء بيده اليمنى ويغسل بيده اليسرى. طيب إيش الفرق بينهما؟
طالب: أنها لا تباشر.
والآن بيده حجر ما تباشر؟
طالب: لا، الحجر متصل، لكن هنا ليس باتصال شيء؛ لأنه يسكب الماء من يده عن ذكره.
يعني تنفصل اليد أثناء الإزالة، اليد في الماء تنفصل قبل البدء بالإزالة، بينما الحجر لا تنفصل.
طالب:. . . . . . . . .
هو عندهم هذا ممنوع.
طالب:. . . . . . . . .
المقصود أنه مكروه عندهم كراهة شديدة؛ لأن اليمنى تصان عن مثل هذه الأعمال.
"فإن أخر الاستنجاء عن الوضوء فهل يصح على روايتين" وهذا تقدم الكلام فيه وأطلنا فيه "وإن تيمم قبل الاستجمار فقيل: يخرج على الروايتين، وقيل: لا يجزئه وجهاً واحداً" عندنا رواية وتخريج ووجه، بينها فروق؟
طالب: نعم.
إيه؛ لأن حتى الأحكام اختلفت الآن "وإن تيمم قبل الاستجمار" التيمم لا شك أنه أضعف من الوضوء، وعندهم على المذهب أنه يبيح الصلاة فكيف تستباح الصلاة بشيء مع وجود ما يناقضه، هذه وجهة نظر من يقول: بأنه لا يصح قبل التيمم، وتقدم أنه على المذهب لا يصح قبلهما وضوءٌ ولا تيمم على المرجح "إن تيمم قبل الاستجمار فقيل: يخرج على الروايتين" اللتين مضتا "فإن أخر الاستنجاء عن الوضوء" يعني على الروايتين الواردتين في الوضوء فهل يصح؟ "على روايتين" وإن تيمم قبل الاستجمار فقيل: يخرج على روايتين، يعني يصح ولا يصح، والتخريج غير الرواية.
طالب: الحكم المروي عن الإمام أحمد.
الذي ذكر عن الإمام نفسه، والتخريج على الرواية عنه.
طالب: نقل الحكم إلى حكم. . . . . . . . .
الإلحاق الذي هو في حكم القياس، وقيل: لا يجزئه وجهاً واحداً الوجه.
طالب:. . . . . . . . .
الآن عند رواية وتخريج على الرواية ووجه، يعني إذا قيل في ترجمة عالم من علماء أي مذهب: هو من أصحاب الوجوه يعني أن قوله معتبر في المذهب ولو لم يكن منصوصاً عن الإمام ولا مخرجاً على نصه، إنما هو جاري على قواعد المذهب.
طالب: لكن أحسن الله إليك، الرواية مخرجة بحيث أنه تجوز فيقال عنها: رواية؟
لا تخريج.
طالب: لأن بعضهم يتجوز يا شيخ.
فيه تساهل، هذا تساهل، والإشكال أنه ينقل عن المذاهب وهذه مشكلة ينقل عن المذاهب بواسطة أقوال المتأخرين المنتسبين إلى هذه المذاهب، فتجد هؤلاء المتأخرين تأثروا بظروف زمانهم التي اختلفت عن ظروف زمان الإمام الذي هو من عهد السلف، فتجد متأخري المالكية لهم اجتهادات تخالف ما في المذهب، يعني يقال: مختصر خليل وشروح خليل توافق ما في المدونة أو كتب الشافعية متأخرة توافق ما في الأم فيه اختلاف، وإن كانت أقوال معروفة عندهم ومتداولة ومخرجة أيضاً على قواعد المذهب، لكن كوننا ننقل المذاهب من كتب المتأخرين هذا يوقع في حرج كبير، ولذلك تجدون الاضطراب في كثيرٍ من المسائل لا سيما المسائل العملية التي ابتلي بها الناس الآن، فتجد من يقول: إن كشف الوجه قول الجمهور، الحنفية والشافعية والمالكية وكذا، ويجلب على هذا القول باعتبار أنه وجد إشارات في كتب المتأخرين، لكن لو طلع إلى كتب المتوسطين اختلف الحكم، لو طلع إلى كتب من تقدم قبلهم اختلفت وجهة نظرهم، فالمعول على كتب المتقدمين، وإن كان للإمام مؤلف فليعض عليه بالنواجذ، فلتكن عناية طالب العلم بالأم والمدونة، وكتب من تقدم من المذاهب في مذهب الحنفية والحنابلة هذه الكتب يعض عليها بالنواجذ، لا شك أنه استجد مسائل، وقد لا تجدها في كتب المتقدمين، تبحث عنها في كتب الطبقة التي تليهم إن وجدت وإلا فتنزل حتى تجدها، وإلا في كتب مثلاً الزاد على سبيل المثال فيه مخالفات كثيرة للمذهب فضلاً عن القول الراجح، ولا يعني هذا أننا نزهد بهذه الكتب، لا، لا مانع من أن يتربى عليها طالب العلم، لكن مع ذلك إذا أراد تحرير مسائل ونسبة أقوال إلى هذه المذاهب وأربابها، لا بد أن يتحرى، لا سيما وأنه وجد من ينبش ممن ليس هدفه فيما يظهر من تصرفاته البحث عن الحق، ونصر الحق، إنما يلتقط الزلات، فتجد مرتع لهؤلاء في كتب المتأخرين ممن عاصروا بعض هذه المشاكل، وأثرت عليهم الضغوط، وإلا فالزاد فيه أكثر من ثلاثين مسألة خالف فيها الصحيح من المذهب، والراجح من المذهب، فضلاً عن الراجح بالنسبة للدليل في أصل المسألة، فيتمرن طالب العلم على هذه الكتب، ومع ذلك تكون عمدته النصوص وكتب الأئمة، المذاهب لها اصطلاحات،
يعني لو افترضنا مثلاً جئنا بمختصر خليل، وقرأنا في كتاب النكاح، قال: يجوز للولي كتم العمى عن الخاطب، هل يتصور أن الإمام مالك يقول بهذا؟ يتصور أن الإمام مالك يقول بهذا الكلام؟!
طالب: ما يتصور.
ما يمكن يقول مالك هذا الكلام، لكن لا مانع أن الطالب يطلع على هذا القول وينظر في الشروح وما علتهم ثم يرد عليه، وقل مثل هذا في سائر المذاهب، المقصود أن هؤلاء الذين يكتبون وجدوا في هذه الكتب لا شك أنهم وجدوا ما يستغلونه، لكنهم لو قرؤوا في المدونة وقرؤوا في الأم، وإن كان قد يجدون من جهة أخرى، قد يدخلون مداخل لعدم فهمهم الاصطلاح، قد يقول مالك: أكره كذا ثم ينبسطون، مالك كراهة سهلة، الكراهة تزول بأدنى حاجة، لكن ما الكراهة عند الإمام مالك؟ قد يوجد في كتب الحنفية أكره كذا، الإمام أحمد يقول: أكره المتعة، الإمام أحمد على ورعه يكره المتعة؟! فكيف بنا؟ المتعة تزول بأدنى حاجة، وهو محتاج مسافر وغريب يتمتع؛ لأن الإمام يكره .. ، ما هو بصحيح يا أخي، انتبه لهذه الاصطلاحات وتأثيرها على الأقوال، فطالب العلم ينبغي أن يكون نبيهاً منتبهاً لهذه الأمور.
طالب:. . . . . . . . .
كتب المتأخرين من حيث العبارة، وضبط العبارة، وسبك العبارة، وكونها أخصر، وكأنها محررة ومتقنة، ولها محترزات لا شك أنها ضبطت، ولذلك تجد كتب المتقدمين تجدها شائكة يعني، فيها حشو، تجد فيها حشو، أما كتب المتأخرين لا تستطيع أن تحذف حرف، يعني مثل الزاد أو مثل مختصر الخليل ما تستطيع تحذف حرف واحد يختل الكلام، لكن بإمكانك أن تحذف من مختصر الخرقي ومن الهداية ومن كتب الأئمة المتقدمين تستطيع أن تحذف؛ لأنهم يوضحون المسائل، ويصورون تصويراً دقيقاً بحيث لا يحتاج فيها إلى شروح، ولذا لم تشرح هذه الكتب الواضحة، كتب المتأخرين هي التي حظيت بالشروح؛ لأنها تحتاج؛ لأنها محررة متقنة مضبوطة، لكن لا يعتمد عليها بنسبة القول إلى المذهب حتى نتأكد من اطراده في المذهب عند جميع طبقاته، ولذا لو اختلف القول في مذهب الحنابلة وجدنا للمتقدمين رأي، وللمتوسطين قول، وللمتأخرين قول، بل وجدنا للمتأخرين أكثر من قول، وجدنا هذا الرأي في الإقناع بالمنع وفي المنتهى بالكراهة، وفي غيرهما بالجواز، وفي كتابٍ رابع كذا وخامس وسادس؛ لأن كتب المتأخرين عشرات، قالوا: المذهب عند المتأخرين ما يتفق عليه في الإقناع والمنتهى، هذا مجرد اصطلاح، وإلا هل يوجد ما يؤيد هذا القول؟ إلا أنه مجرد حسن ظن بالمؤلفين، وسبر لهذه الكتابين باعتبار أن الإصابة فيهما غالبة، وقالوا: وإن اختلف الكتابان الإقناع والمنتهى فالمنتهى؛ لأنه أقعد في المذهب، هذه الأمور تحتاج إلى عناية من طالب العلم.
طالب:. . . . . . . . .
مالك علمه في المدونة وفي الموطأ مضبوط، في الموطأ والمدونة، وأبو حنيفة كتب الصاحبين كتب محمد بن حسن كتبه موجودة، والمبسوط شرح ظاهر الرواية أيضاً موجود، ويعول عليه في مذهب الحنفية، المقصود أن هناك كتب معتبرة معتمدة
…
، متأخرو الحنفية يعولون على ابن عابدين، وإذا قرأت ابن عابدين وجدت فيه مخالفات كثيرة، وأشياء قد لا يستسيغها عقل.
طالب:. . . . . . . . .
لا لا، أقوالهم محفوظة ومضبوطة ما ضاع شيء، يعني ما ضاع شيء، لكنهم مع الوقت والتوسع في المذاهب، يعني عدم الاقتصار على قول الإمام، يعني يمكن ينسب للإمام وهو وجه؛ لأنه وجد في كتب المتأخرين، يمكن ينسب وهو تخريج.
طالب:. . . . . . . . .
هذه السؤالات ينبغي أن يعتنى بها أكثر من كتب المتأخرين، نعم كتب المتأخرين منظمة، وفيها أكبر قدر من المسائل، وفيها افتراضات يمكن يحتاج إليها لا يستغنى عنها، لكن إذا أردنا أن ننسب إلى الإمام، وأردنا تحرير قول الإمام فعلينا بالمسائل.
طالب:. . . . . . . . .
الرواية المنصوصة عن الإمام، سئل فأجاب هذا ما يحتاج، التخريج هذا التخريج مخرج على قول الإمام، يعني شبه القياس، مثل المقيس على قول الإمام، والوجه ليس للإمام، ولا أثر عن الإمام، لكنه قولٌ لبعض الأصحاب المعتبرين في المذهب، مما لا يخرج عن قواعد المذهب، ولذلك اختيارات شيخ الإسلام ما تسمى وجوه في المذهب؛ لأنه يخرج عن المذهب.
طالب:. . . . . . . . .
لا ما تسمى وجه، لا.
سم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
قال -رحمه الله تعالى-:
باب: ما ينقض الطهارة
والذي ينقض الطهارة ما خرج من قبل أو دبر، وخروج الغائط والبول من غير مخرجهما، وزوال العقل إلا أن يكون بنوم يسير جالساً أو قائماً، والتقاء الختانين، والارتداد عن الإسلام، ومس الفرج، والقيء الفاحش، والدم الفاحش، والدود الفاحش يخرج من الجروح، وأكل لحم الجزور، وغسل الميت، وملاقاة جسم الرجل للمرأة لشهوة، ومن تيقن الطهارة وشك في الحدث، أو تيقن الحدث وشك في الطهارة فهو على ما تيقن منهما.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: ما ينقض الطهارة
التي تقدم شرحها الطهارة، والمراد بها الوضوء، ما ينقض الوضوء، والنقض يكون للمبرم بعد تمام إبرامه ينقض، يكون نقضه، وعلى هذا لو انتقض الوضوء قبل تمامه، هل هناك فرقٌ بين الوضوء قبل تمامه وبعد تمامه؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟ أفسده؛ لأنه لم يتم إبرامه، ولذا تؤثر فيه النية قبل تمامه، وبعد تمامه لا تؤثر فيه النية، فلو نوى الإفساد في أثنائه فسد، وبعد تمامه لا يفسد إلا بناقض من نواقض الوجودية التي ذكرت في هذا الباب.
طالب:. . . . . . . . .
العلماء يقولون في النية بالنسبة للوضوء: ويجب استصحاب حكمها، ولا يجب استصحاب ذكرها، بمعنى أنك جئت للوضوء ناوياً بذلك رفع الحدث، وفعل ما لا يفعل إلا بالطهارة، وهذه هي النية مجرد القصد لهذا الأمر هي النية، ثم بعد أن غسلت الوجه واليدين تحرك في بطنك شيء، فعرضت نفسك على الدورة، فلم يخرج شيء، الآن أنت نويت إبطال الطهارة تبطل في هذه الحالة، لكن لما غسلت رجليك وانتهيت من الوضوء تحرك في بطنك شيء فعرضت نفسك على الدورة ما طلع شيء ينتقض وإلا ما ينتقض؟ لا ينتقض، ففرقٌ بين هذا وهذا، ونية الخروج من العبادة قبل تمامها له أثر وبعد تمامها لا أثر له؛ لأن العبادة العملية تنقض بعمل لا تنقضها النية، ولذا الشك الذي يطرأ بعد تمام العبادة لا أثر له ألبتة، بعد أن سلم من الصلاة شك، أو تردد في شيء مما يتعلق بالصلاة لا أثر له، ولا يلتفت إليه بعد تمام العبادة.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: ما ينقض الطهارة
يعني الطهارة التي تقدم ذكرها وهي الوضوء، فالطهارة بعد تمامها وإبرامها تنتقض بما ذكره المؤلف، ولم يذكر منها تمام المدة بالنسبة للخف ولا خلع الخف، وبهذا يحتج من يحتج من طلاب العلم أن تمام المدة وهو على طهارة لا أثر له، وكذلك إذا خلع الخف وهو على طهارة لا أثر له؛ لأن أهل العلم لا يذكرون ذلك في النواقض، فكيف يقال: بأن الطهارة تبطل بخلع الخف، ولو كان على طهارة، الخف الممسوح عليه، أو بتمام المدة؟ وأهل العلم لا يذكرونها في النواقض، هل معنى هذا أن الخرقي يرى أن المدة لا أثر لها إذا تمت؟ أو أن الخف لا أثر لخلعه بعد تمام الطهارة والمسح عليه؟ لا ليس لهذا، وليس بناقض، هو في الحقيقة ليس بناقض، إذاً كيف نقول: لا يجوز لك أن تصلي بعد أن خلعت الخف وأنت على طهارة؟ الجواب: أنه ليس هناك طهارة، أن تصلي بخفٍ مسحت عليه من غير إذن الشارع، تصلي بخف غير مأذون بالصلاة فيه بعد تمام المدة، الشارع أذن لك مدة معينة يوم وليلة، فما زاد عن هذه المدة تصلي بخف لم يأذن لك الشارع في الصلاة به، يعني هو حدد لك مدة، وأنت تجاوزت المدة، في مسألة الخلع خلع الخف، وأنت على طهارة أنت تصلي بقدم لا مغسولة ولا ممسوحة، فطهارتك ناقصة، كمن توضأ وترك غسل رجليه فصلاتك باطلة، شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- يقيس خلع الخف بعد الطهارة على حلق الرأس بعد المسح عليه، يقول: ما له أثر، أنت مسحت الرأس وحلقت الشعر، والماء إنما كان بالشعر، البلل إنما كان بالشعر لا بالرأس، وكذلك الخف، نقول: هل القياس مطابق أو هناك فارق؟
طالب: في فارق يا شيخ.
إيش الفرق؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم، مسح الرأس طهارة أصلية، ومسح الخف طهارة فرعية، ولا يقاس هذا بهذا؛ لأن هذا أضعف من هذا، فكيف يقاس الضعيف على القوي؟
طالب:. . . . . . . . .
إيش فيها؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني إذا مسح العمامة وأزالها مثل الخف سواءٌ بسواء وليست مثل الشعر.
طالب: أحسن الله إليك، وجه آخر في الفرق: ألا يقال: إن الرأس وإن حلق إلا إن أصوله باقية، حتى لو حلق فأصوله باقية، بينما الخف إذا نزع لا يبقى له أصل نزع بالكلية.
لو أزال الشعر بالليزر، واجتث الشعر من أصوله.
طالب: لا، أصله هي قشرة الرأس يا شيخ، منبته في رأسه.
إيه، لكن ما وصل لها ماء.
طالب: ما وصلها ماء، لكن يا شيخ هي الأصل وهذا فرع لها.
ما وصل لها ماء، هم يقولون عندهم التنظير مطابق باعتبار أن هذا مسح وخُلع، وهذا مسح وخلع عندهم.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
شو الخفين؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني غير.
طالب: قصده مسح الفوقاني ثم نزعه.
يعني على الخفين؟
طالب:. . . . . . . . .
الفقهاء سيأتي -إن شاء الله- الكلام في هذا، وإن لبس خفاً على خف فالحكم للفوقاني، بمعنى أنه لو نزعه بعد أن مسح عليه فكما لو لم يكن عليه إلا خف واحد مسح عليه ثم خلعه الحكم للفوقاني.
طالب: يقول لك يا شيخ: لو انجرح بعد وضوئه لزالت قشرة من جلده لا يلزمه الإعادة، هذا مثل إزالة الرأس.
سمعنا يا إخوان، يقول: لو غسل يده توضأ وضوء كامل، ثم بعد ذلك مر على يده شيءٌ حاد فأزال شيئاً من جلده الذي غسله، ماذا نقول؟ الطهارة صحيحة، باقية؛ لأن غسل اليد أصل في الوضوء، بينما الخف فرع، فإذا انكشف الفرض محل الفرض وما انكشف منه ففرضه الغسل؛ لأن غسل الرجل مقصود، بينما غسل جلدة الرأس ليس بمقصود في الوضوء، غسل الرجل مقصود في الوضوء، وجاء التشديد فيه ((ويلٌ للأعقاب من النار)) بينما غسل جلدة الرأس ليس بمقصود، فهناك فروق بين هذا وهذا.
قال رحمه الله: "والذي ينقض الطهارة ما خرج من قبل أو دبر" الذي ينقض الطهارة ينقض الوضوء ما خرج، أي شيء يخرج؛ لأن (ما) من صيغ العموم، ما خرج من قبل أو دبر، طاهراً كان أو نجساً، يابساً كان أو رطباً، هذا مقتضى اللفظ "والذي ينقض الطهارة ما خرج من قبل أو دبر" فلو خرج من دبره دود يقال في نجاسته أو طهارته؟ الدود المتولد من النجس نجس بلا شك، الدود المتولد من النجس نجس، وهذا متولد من القيح والدم الذي في مصدره، بينما الدود المتولد من التمر مثلاً طاهر، فالمتولد من الطاهر طاهر، والمتولد من النجس نجس، فما يخرج من القبل أو الدبر أياً كان وصفه ناقض للوضوء على كلام المؤلف.
طالب:. . . . . . . . .
ابتلع خرزة وخرجت يابسة مع أنه ما يتصور تخرج يابسة، لكن على افتراض؛ لأننا لو قلنا: خرجت رطبة فالنقض بالرطوبة لا بالخرزة نفسها، لكن لو افترضنا خرجت يابسة، أو ولدت المرأة ولداً يابساً غير مصاحب لا بمياه ولا بدماء؟
طالب:. . . . . . . . .
ينتقض الوضوء أو لا ينتقض؟
طالب: بناء على كلامه ينتقض.
نعم، بناءً على العموم الذي في عبارته ينتقض الوضوء، ثم بعد ذلك هذا إذا كان من المخرج الأصلي أي شيء يخرج من المخرج الأصلي الذي هو القبل والدبر ينقض الوضوء عنده مطلقاً، لكن إن خرج من غير المخرج الأصلي، إذا خرج من البدن شيء من غير المخرج الأصلي، قال رحمه الله:"وخروج الغائط والبول من غير مخرجهما" خص ما يخرج من غير المخرج بالبول والغائط بالنقض، بينما إذا خرج من غير المخرجين غير البول والغائط فإنه لا ينقض، وسيأتي ما في ما يخرج من البدن من الفاحش النجس، وسيأتي القيء الفاحش، والدم الفاحش، والدود الفاحش إذا خرجت من الجروح، يأتي ما في هذا، لكن إذا خرج من غير المخرج، افترضنا أنه انسد المخرج الأصلي، أو سد لأمرٍ يتعلق بالطب مثلاً، قرر الأطباء أن هذا المخرج لا بد من سده، وفتح له فتحة ثانية، فيخرج منها البول وغير البول، أحياناً يخرج بول؛ لأنه مخرج بديل عن الأصلي، وأحياناً يخرج ماء غير متغير، وقد يخرج لبن غير متغير، فهذا المخرج الفرعي لا يأخذ حكم المخرج الأصلي في كون كل ما يخرج منه ينقض الطهارة، فالذي ينقض الطهارة جميع أو كل ما يخرج من المخرج الأصلي القبل والدبر، وما يخرج من بولٍ أو غائط من غير المخرج إذا خرج من غير المخرج غير البول والغائط وقلنا كالماء مثلاً أو الشاي مثلاً على هيئته خرج على هيئته، أو لبن على هيئته خرج من غير المخرج ولو كان بديلاً عن المخرج الأصلي نقول: هذا لا ينقض الطهارة، والأمور الأصلية الأحكام المرتبة عليها تختلف فيها مع الأمور الفرعية، وهذا نوع من الاختلاف الذي يؤيد الفرق بين ما سبق ذكره من مسح الخف ومسح الرأس، هذا أصلي وهذا فرعي، وهنا عندنا القبل والدبر مخارج أصلية، والفتحات التي تجعل مقامها من قبل الأطباء لا شك أنها مخارج فرعية وليست أصلية، ولذا لا ترتب عليها جميع الأحكام المرتبة على الأصلية.
طالب:. . . . . . . . .
الريح لو خرجت من غير مخرجها الأصلي؛ لأنه الآن خص الخارج من غير المخرج الأصلي بالبول والغائط، مقتضى كلامه أنها لا تنقض الوضوء، طيب لو خرج -وهذا افتراض ويذكرونه الفقهاء- لو خرجت ريح مع القبل أو بول مع الدبر، تذكر هذه الافتراضات فهل تنقض وإلا لا تنقض؟ باعتبار أن المخرجين أصليان تنقض، وإذا قلنا: إن القبل ليس بمخرج أصلي للريح، والدبر ليس بمخرجٍ أصلي للبول، قلنا: لا تنقض، لكن يرد عليه كلامه الأول أن كل ما يخرج من المخرجين الأصليين ينقض، لكنه من جهة هو ليس بمخرج أصلي "وخروج الغائط والبول من غير مخرجهما" فإذا قلنا: من غير مخرجهما يشمل القبل في غير البول، والدبر في غير الغائط؛ لأن هذا غير مخرج له، فهل دخول مثل هذا في الجملة الأولى، أو يدخل في الجملة الثانية؟ دخوله في الجملة الأولى منطوق، ودخوله في الجملة الثانية مفهوم، دخوله في الجملة الأولى يعني لو أن إنسان
…
طالب:. . . . . . . . .
منطوق، في الجملة الأولى منطوق، يعني لو بال مع دبره، أو خرجت منه ريح لها صوت ورائحة من قُبله هل يدخل في الجملة الأولى، أو يدخل في الجملة الثانية؟ أقول: يمكن دخوله في الجملة الأولى، وهذا على سبيل المنطوق، ويمكن دخوله في الجملة الثانية من باب المفهوم، والمنطوق كما هو معلوم مقدم على المفهوم، إذاً لو بال مع دبره انتقض وضوؤه، ولو أرسل الريح من قبله انتقض وضوؤه بناءً على منطوق الجملة الأولى، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
مخرج أصلي.
طالب: هما ناقضان أصليان.
هما ناقضان أصليان ومن مخرجهما أيضاً.
طالب:. . . . . . . . .
معروف أنه ناقض.
طالب:. . . . . . . . .
من غير مخرجها، والذي جعلنا نورد هذا الكلام أنه لو أرسل الريح من قُبله كما لو أرسلها من المخرج الفرعي الذي فتح له.
نكمل -إن شاء الله- في الدرس القادم.
اللهم صل على نبيك محمد ....