الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: مختصر الخرقي -
كتاب الطهارة (16)
شرح قوله: "باب ما يوجب الغسل: والموجب للغسل خروج المني، والتقاء الختانين، والارتداد عن الإسلام، وإذا أسلم الكافر، والطهرُ من الحيض والنفاس، والحائض والجنب والمشرك إذا غمسوا أيديهم في الماء فهو طاهر، ولا يتوضأ الرجل بفضل طهور المرأة إذا خلت بالماء
"
الشيخ: عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
يقول: يسأل عن الفرق بين الرؤيا في المنام والرؤية وأنت فاتح عينيك تشاهد بأمِّ عينيك؟
الفعل (رأى) مصدره (رؤيا) هذا إذا كانت في المنام، و (رؤيةً) إذا كان في اليقظة بأمِّ عينيه، و (رأياً) إذا كان بعقله من المسائل العلمية وغيرها، فهذا الفرق في المصادر وإلا فالفعل واحد، فالرؤيا في المنام، والرؤية في اليقظة بالعينين، والرأي بالعقل، هذا هو الفرق الظاهر، وإن كان يقصد أنه يرى في المنام رؤى، ويرى وهو فاتح عينيه في اليقظة أشياء لا يراها غيره كما يرى في المنام فهذا لا شك أنه لا يكون على يد متبع في الغالب، وإنما قد يدعيه بعض الصوفية أنهم يرون من يريدون في اليقظة، ويدعون أنهم يرون النبي عليه الصلاة والسلام، ويسألونه عما يريدون، ولكن هذا لا شك أنه كلامٌ باطل، لا يدل عليه نقلٌ ولا عقل، فالرسول عليه الصلاة والسلام ميتٌ، ومدفون في قبره، وإن كانت حياته أكمل من حياة الشهداء، إلا أنها حياة برزخية ليست كحياة الأحياء الذين أرواحهم في أجسادهم، يستطيعون التصرف فيها، فهذه دعاوى يدعيها بعض المتصوفة، ومع الأسف منهم من ينتسب إلى العلم ويظن بل يزعم أنه يرى النبي عليه الصلاة والسلام عياناً يقظة، ويسأله عن بعض الأحكام الشرعية، وعن بعض الأحاديث عن تصحيحها وتضعيفها، لكن لا شك أن مثل هذا لا يحصل على يدي متبع، فلم يحصل لأبي بكر ولا عمر ولا غيرهما من خيار الأمة، وإنما وجد في بعض من ينتسب إلى التصوف، والحافظ الذهبي -رحمه الله تعالى- يتحدث عن هذا النوع، وأنهم يجيعون أنفسهم، يعيشون على الجوع مدة أربعين يوم، يصومون مدة أربعين يوم متواصلة، ثم يتراءون أشياء يظنونها حقائق وهي هوس، الإنسان لا سيما إذا كان مريض أو خرج عن الاستقامة في الصحة قد يتراءى له شيء وغيره لا يراه، وكذلك إذا خرج عن حد الاعتدال العقلي فقد يرى ما لا يراه غيره، فمثل هذا لا شك أنه لا يحصل لمتبع، وإنما يحصل لمنحرف في العقيدة كالصوفية وغيرهم.
يقول: رجلٌ صلى المغرب مع الإمام، وعندما جلس الإمام للتشهد الأول بقي المأموم ساجداً، ثم قام الإمام للركعة الثالثة فقام المأموم معه وأكمل صلاته، فما حكم صلاة المأموم؟ وماذا يلزمه؟
هذا إن كان متعمداً لترك الواجب التشهد الأول ولجلسته فإن صلاته باطلة، وأما إذا كان ساهياً غافلاً، أو ما سمع الإمام حينما كبر للتشهد للجلوس فإن الإمام يتحمل عنه مثل هذا الواجب.
طالب: إن كان أخذته نعسة؟
إن كان أخذته نعسة وأطال في السجود فهذه النعسة لا شك أنها مظنة الحدث، وحينئذٍ ينتقض وضوؤه؛ لأن نوم الساجد هو أيسر لخروج الريح من نوم الجالس.
بقيت مسألة من مسائل الباب السابق.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "ومن تقين الطهارة وشك في الحدث، أو تقين الحدث وشك في الطهارة فهو على ما تقين منهما" تيقن الطهارة وشك في الحدث فالأصل أنه طاهر؛ لأن الشك لا يزيل اليقين، فهو على هذا طاهر، وإذا تيقن الحدث وشك في الطهارة فهو محدث؛ لأن الشك لا يزيل اليقين، ولذا يقول المؤلف رحمه الله:"فهو على ما تيقن منهما" وعند الفقهاء الشك هنا هو خلاف اليقين، وإن انتهى إلى غلبة الظن، بمعنى أنه ترجح له أحد الطرفين، الشك عندهم في هذا الباب وفي نظائره خلاف اليقين؛ لأنهم يقابلونه باليقين، تيقن وشك، شك تيقن، إذاً هو ما يخالف اليقين، فيشمل الاحتمالات، يعني ما يحتمله الأمر من ظنٍ أو شكٍ أو وهم، فالشك الذي هو مستوي الطرفين لا إشكال في كونه لا يرفع اليقين، ومن باب أولى الوهم وهو الاحتمال المرجوح، أما غلبة الظن وهو الاحتمال الراجح فكونه لا يرفع اليقين السابق هذا اصطلاح عند الفقهاء، وأما عند الأصوليين فالاحتمال الراجح الذي هو الظن يرفع؛ لأن غالب الأحكام مبنية على الظن، مرتبطة ومعلقة بغلبة الظن، فأما الشك الذي هو تساوي الاحتمالين فيتفقُ فيه الفقهاء والأصوليون على أنه لا يرتفع به اليقين، الآن اليقين هل يعنى به عند الفقهاء المقطوع به؛ لأن عندنا يقولون: ما عنه الذكر الحكمي، إما أن يحتمل النقيض أو لا، والثاني: العلم، والأول: إما أن يكون الاحتمال راجحاً وهو الظن، أو مساوياً وهو الشك، أو مرجوحاً وهو الوهم، فهي الاحتمالات أربعة، إن كان لا يتحمل النقيض، يعني نتيجته مائة مائة بالمائة يعني الإنسان متأكد على ما هو عليه، ويحلف عليه هذا يقين؛ لأنه لا يحتمل النقيض مائة بالمائة، وهذا هو الذي يظهر من تصرفهم ومقابلتهم اليقين بما عداه، حتى الظن لا يرفع هذا اليقين، إذاً اليقين الذي لا يحتمل النقيض على الاصطلاح، جاء في الحديث:((إذا وجد أحدكم شيئاً فلا ينصرف)) أو ظن أنه خرج منه شيء فلا ينصرف ((حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً)) والشيطان كما جاء في الخبر يتلاعب بمقاعد بني آدم حتى يخيل للإنسان أنه خرج منه شيء ولم يخرج منه شيء في الحقيقة، ولذا مثل هذا الاحتمال لا يبطل الطهارة السابقة سواء كان في الصلاة أو خارج
الصلاة، فمن توضأ بيقين لا ينتقض هذا الوضوء بمجرد الشك أو الظن فضلاً عن الوهم، ومن تيقن أنه محدث فإن هذا اليقين لا يرتفع بظنه أنه توضأ أو شكه أنه توضأ فضلاً عن وهمه.
يقول في المغني مع الشرح: "ولا فرق -في المغني في الجزء الأول صفحة 199 المطبوع مع الشرح الكبير - يقول: "ولا فرق بين أن يغلب على ظنه أحدهما أو يتساوى الأمران عنده؛ لأن غلبة الظن إذا لم تكن مضبوطة بضابط شرعي لا يلتفت إليها، كما أن الحاكم لا يلتفت إلى قول أحد المتداعيين إذا غلب على ظنه صدقه بغير دليل" يقول:"ولا فرق بين أن يغلب على ظنه أحدهما أو يتساوى الأمران عنده؛ لأن غلبة الظن إذا لم تكن مضبوطة بضابط شرعي" نعم ليس لها ضابط شرعي "لا يلتفت إليها، كما أن الحاكم لا يلتفت إلى قول أحد المتداعيين إذا غلب على ظنه صدقه بغير دليل".
لكن في مسألتنا في الطهارة الأمر موكول إليه، وفي القضاء الأمر ليس بموكول إليه، ولذا لا يحكم بعلمه، ولو تيقن فضلاً على كونه غلبة ظن، هذا هو المقرر أن القاضي لا يحكم بعلمه، فهناك فرق بين ما معنا وبين المسألة التي قيس عليها، ونحو هذا الكلام لشيخ الإسلام ابن تيمية في شرح العمدة.
إذا تيقن أنه على طهارة وتيقن أنه محدث، تيقن الطهارة وتيقن الحدث، وجهل السابق منهما، أو شك في السابق منهما، قالوا: فهو على ضد حاله قبلهما، بعد زوال الشمس تيقن أنه توضأ، وتيقن أنه أحدث فلا يدري أيهما السابق نسي، هل السابق الحدث أو السابق الوضوء؟ أحياناً أو هذا الغالب الكثير المطرد أنه يحدث قبل ليتهيأ للصلاة ثم يتوضأ وقد يخرج عن هذا الأصل بأن يتوضأ اغتناماً للوقت ليدرك الراتبة قبل الإقامة، ثم مع نهاية الوضوء يحس بالحاجة إلى نقض الوضوء، ولذا لا يجزم بأنه أحدث قبل أو أحدث بعد، فهو بضد حاله قبلهما، ضد حاله قبل الزوال هل متوضئ لصلاة الضحى مثلاً؟ فهو حينئذٍ محدث، وإن كان ضد حاله قبل الزوال محدثاً كما هو الغالب فإنه حينئذٍ يكون متطهراً؛ لأنه رفع تلك الحالة بيقين، رفع تلك الحالة التي قبل الزوال بيقين، كان قبل الزوال متطهر، ثم بعد ذلك بعد الزوال حصل له الطهارة والحدث وشك في السابق منهما رفع الطهارة بيقين التي قبل الزوال، ثم شُك في رفع النقض، فهو بضد حاله قبل الزوال، يعني محدث، ولو كان محدثاً قبل الزوال ثم شك هل تيقن أنه حصل منه الأمران وشك في السابق منهما فهو بضد حاله؛ لأنه رفع الحالة التي قبل الزوال بيقين، كان محدثاً فرفع هذا الحدث بطهارة، ثم بعد ذلك لا يدرى هل رفعه للطهارة بعد الطهارة أو قبلها؟ هذا كلامهم.
يقولون: ويستوي في ذلك إن كان داخل الصلاة أو خارج الصلاة، أما داخل الصلاة فالاستدلال له من قوله عليه الصلاة والسلام:((فلا ينصرف)) ظاهر؛ لأنه إن انصرف خالف هذا النهي، وأبطل الصلاة، وإبطال الصلاة لا يجوز إلا بمبرر شرعي، ولا مبرر هنا، وإن كان خارج الصلاة فمن أهل العلم من يرى أن الأحوط له أن يتطهر، وإذا شرع له أن يجدد الطهارة من غير ناقض فلئن يشرع له أن يتوضأ مع هذا التردد من باب أولى، هذه المسألة رفع أو عدم رفع اليقين بغلبة الظن، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيش فيه؟
طالب:. . . . . . . . .
شرح العمدة.
طالب:. . . . . . . . .
كل الفقهاء يقولون هذا، الحنابلة كلهم يقولون هذا، هو بضد حاله قبلهما، هم يقولون على ضوء القاعدة التي عندهم: الشك لا يزيل اليقين صحيح، ليش؟ لأنه قبل الزوال متيقن الطهارة، هذه الطهارة ارتفعت بيقين؛ لأنه يجزم أنه أحدث، ويجزم بأنه توضأ، لكن ما يدري أيهما السابق؟ فهو بضد حاله؛ لأن الحالة الأولى ارتفعت بيقين.
طالب:. . . . . . . . .
إذا كان متوضئ فهو محدث الآن؛. . . . . . . . . هذه الطهارة بيقين، وإذا قلنا: إنه محدث قبل الطهارة فهو متوضئ بيقين، ورفعه لهذه الطهارة ونقضه لهذه الطهارة مشكوك فيه.
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
طيب.
طالب:. . . . . . . . .
إذاً يكون على ضد حاله قبل ذلك؛ لأنه نقض الحالة الأولى بيقين، والنقض لهذا النقض مشكوكٌ فيه فلا يرتفع.
طالب:. . . . . . . . .
لا، الناقض للطهارة التي قبل الزوال متيقن.
طالب:. . . . . . . . .
لا، ما هو مشكوك فيه، متيقن، متيقن أنه نقض، ما هو متيقن أنه نقض؟
طالب:. . . . . . . . .
الآن الشك في النقض وعدمه، يبقى أن المتيقَن ارتفع باليقين الذي معه، باليقين في النقض، وكون هذا النقض ارتفع بالوضوء المتردد فيه لا يرفعه، وقل مثل هذا في العكس، هذه طريقتهم، لكن حقيقةً الأحوط ما لم يكن هذا وسواس لا شك أن الأحوط أن يتوضأ؛ لأنه إذا شُرع تجديد الوضوء مع عدم هذا فلئن يشرع معه من باب أولى، الآن في الصلاة التي هي الغاية ألا يعمل بغلبة الظن في مقابل اليقين؟ مو يقولون الفقهاء إذا بنى الإمام على غالب ظنه فإنه يمضي على غالب ظنه ويسجد بعد السلام؟ وهذا له أصل في الحديث، إذا بنى على غالب ظنه، الآن غالب ظنه أنه في الركعة الثانية، فجلس للتشهد، فسبح به من خلفه بناءً على أنه في الأولى، هذا الغالب الذي يغلب على ظنه إن عورض بمن هو أقوى منه بأن سبح به جمع يرجع إلى قولهم؛ لأن غلبة الظن معهم، وإن لم يسبح به إلا واحد لم يترك غالب ظنه هذا الذي بنى عليه إلى قول واحد؛ لأنه لا يترجح قول هذا المسبح على قوله.
طالب: يا شيخ: الآن لما كان عنده تردد في أي اليقينين. . . . . . . . . ما نقول: إن هذا الآن أصبح شك ونُعمل فيه هذه القاعدة. . . . . . . . . القاعدة هذه. . . . . . . . . يعتبر هذا تردد في اليقين شك ويعمل باليقين.
يعني يعمل بما كان عليه قبل؟
طالب: يعني قبل. . . . . . . . .
يعني تريد عكس كلامهم.
هو يقول: ما دم متوضئاً قبل الزوال بيقين ووجود الوضوء مع نقضه على مستوىً واحد من القوة؛ لأن الشك والاحتمال خمسين بالمائة خمسين بالمائة هذا يبطل هذا، هذا النقض أبطل الطهارة والطهارة أبطلت هذا النقض فتساقطا، فيبقى على ما كان عليه قبلهما، يعني عكس ما يقوله الفقهاء:"فهو على ضد حاله قبلهما" واضح كلامه؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني عكس كلام الفقهاء.
طالب:. . . . . . . . .
يتوضأ على كل حال؟
طالب:. . . . . . . . .
أما كونه احتياط فهذا لا شك فيه، لكن الفقهاء نظروا إلى إيش؟ قالوا: هذا متوضئ بيقين كونه جدد الوضوء ثم نقض هذا ظاهر، أو كونه نقض ثم جدد هذا يبقيه على أصله هو متطهر ما زال متطهر على الطهارة الأخيرة، شككنا في السابق منهما نرجع إلى الأصل ما هو؟ كان متوضئ، نقول: إنه نقض هذه الطهارة بيقين، لكن هل رفع الحدث بيقين أو لا؟ بشك، إذاً لا يرتفع هذا بشك فيرجع إلى ضد حاله، وقل مثل هذا في العكس.
طالب: رضي الله عنك كلام الشيخ يقول: إنه تردد في اليقينين، أما وجودهما فلا تردد فيه، تردد هو في أيهما أسبق؟ وهو متيقن من الوجود، إذاً فلا يصح أن يكون على حاله الأولى.
ليس على حاله الأولى قطعاً.
طالب: الشيخ يقول: إنه يبقى على حاله الأولى لأنه متردد فيتساقطان فيبقى على حاله.
لا، لا، كلام الفقهاء واضح في هذا، ويبقى أن الأحوط كون الإنسان يؤدي العبادة على وجهٍ لا خلل فيه بوجهٍ من الوجوه هذا هو الأصل، فيتوضأ، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
أيوه؟
طالب:. . . . . . . . .
أحدث عبادة بينها الطهارتين، إذا ما أحدث يصير زيادة على القدر المشروع، ولذلك يشترطون في تجديد الطهارة أنه تستعمل الطهارة الأولى في عبادة.
طالب:. . . . . . . . .