المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ كتاب الطهارة (19) - شرح مختصر الخرقي - عبد الكريم الخضير - جـ ١٩

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌ كتاب الطهارة (19)

بسم الله الرحمن الرحيم

شرح: مختصر الخرقي -‌

‌ كتاب الطهارة (19)

تابع شرح قوله: "باب: التيمم

"

الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير

يقول: إذا كان في سفر ولم يوجد ماء إلا ماء مساحات السيارة هل يجب عليه أن يتوضأ به؟

نعم، لكن من ينتبه لمثل هذا، أما بالنسبة لماء الرديتر الذي يترتب عليه ضرر في السيارة، وارتفاع في الحرارة هذا لا يتوضأ به، يتيمم ولو كان موجوداً، أما بالنسبة للمساحات فإن كان يترتب على تفريغه وإخلائه منه ضرر بحيث تكون زجاج السيارة بحيث تمنع النظر إلى ما ورائها؛ لأن عليه أوساخ تتراكم، يترتب عليه ضرر فهذا مثل ماء الرديتر، وأما إن كان لا يحتاجه، الجو صحو وصافي، والزجاج نظيف، وبإمكانه أن يصل إلى مكان آخر فيعيد الماء أو مثله إلى مكانه فمثل هذا يستعمله، ولا يتيمم وهو موجود على حسب الحاجة إليه.

طالب:. . . . . . . . .

المشقة ما في شيء.

يقول: هل يصح التيمم بعد أن وجد الماء غير نظيف بعد أداء الصلاة وجده، وصلى الصلاة بالتيمم؟

انتهت صلاته وصحت ولا يحتاج إلى قضاء، بعد ذلك وجد هذا الماء غير النظيف، إيش معنى غير نظيف؟ قذر، متغير اللون بسبب طول المكث، آجن هذا ما يضر، يصح الوضوء به في الإجماع، ولا يصح التيمم مع وجوده إلا ما يذكر عن ابن سيرين من كراهته.

على كل حال إذا كان المقصود بالنظافة هنا عدم الصفاء من كدرة، وما أشبه ذلك فهذه لا تؤثر، وإن كانت عدم النظافة تغير الماء تغيراً ظاهراً في لونه أو طعمه أو ظاهره إما بطاهر فيكون غير مطهر إذا تغير وانتقل من كونه ماء إلى غيره أو تغير بنجاسة، فيتيمم مع وجوده حينئذٍ.

طالب:. . . . . . . . .

مسألة؟

طالب:. . . . . . . . .

يتبخر، أول ما ينزل لونه أبيض كاللبن، ثم بعد ذلك يتبخر، والرائحة أقرب إلى ما تكون من جنس ما يطهر به، فتزيدها نظافة ما فيها إشكال، لكن لم يتغير بنجاسة، ولا انتقل من ماء إلى غيره.

طالب:. . . . . . . . .

كيف؟

طالب:. . . . . . . . .

لا إذا انتقل، الآن صار أزرق ما صار ماء، من شافه ما قال: هذا ماء؟ إذا سلبه الاسم خلاص انتهى، لكن هذا ما يسلبه الاسم، لو تغير بملح مثلاً ما ضره.

طالب:. . . . . . . . .

هاه؟

ص: 1

طالب:. . . . . . . . .

لا، لا. . . . . . . . .، إذا تغير طعمه بملح إيش تقول؟ إذا تغير بغيره، تغير بشيء من الحلا وقع فيه شيء من السكر وما تغير كل من شافه يقول: هذا ماء، الحلا صار حلا، لونه ما تغير من رآه قال: هذا ماء، ويش المانع؟ لم يتأذى به المتطهر ويش المانع؟ إذا ما سلبه اسمه ما في إشكال -إن شاء الله- إذا لم يسلبه الاسم.

يقول: هل يجوز أن تصلى الشفع والوتر مع قيام الليل؟

يعني الأصل أن يصلي من الليل ما شاء بحسب ما يسعفه من الوقت، على ما جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام من أوله، من أثنائه، من آخره، لكن يجعل آخر الصلاة وتراً.

يقول: كيف يصحح طالب العلم نيته؟ ماذا ينوي بالضبط؟ يعني في الطلب، يقول: وتأتيني أفكار كأن أقول: إذا كنت أطلب العلم لله فماذا أفعل بدراسات كل متون العلم الأخرى وقد لا أحتاج إليها في حياتي؟ وإنما أدرسها ليقول الناس: فلان محيط بكل العلوم، فإذا كان لله فقط وهو ينوي رفع الجهل عن نفسه، وأن يعبد الله على بصيرة، فلا تهمني كل هذه العلوم، وكل هذه الكتب، فهل فهمي صحيح؟ وكيف يصحح نيته من كانت هذه خطراته؟

إذا كان قصده بدراسة كل المتون الأخرى المتون التي لا تعين على فهم الكتاب والسنة، يعني قصده بدراسة العلوم التي لا تعين فهم الكتاب والسنة، يعني يقضي وقته بدراسة كيمياء، بدراسة فيزياء، دراسة هندسة، دراسة طب، الناس يحتاجونها، وهي فرض كفاية، لكن بالنسبة لطالب العلم الشرعي هي لا صلة لها مباشرة بنصوص الكتاب والسنة، وإن وجدنا في التفاسير شيء من هذه العلوم أقحمت وأدخلت في شرح كلام الله -جل وعلا-، فهي بعيدة عن فهم الكتاب والسنة، من قرأ في تفسير الجواهر يدرك مثل هذا الكلام، يعني يقحم أشياء إقحام لا علاقة له بالآية، وصارت على حساب غيرها.

ص: 2

العلوم التي تعين على فهم الكتاب والسنة هذه مطلوبة لطالب العلم، كيف يفهم كتاب الله بغير فهم العربية بجميع فروعها؟ قد يقول قائل: أنا أدرس العروض، والعروض ويش الفائدة منه في الكتاب والسنة؟ القرآن ليس بشعر، والنبي عليه الصلاة والسلام ليس بشاعر، فماذا أستفيد؟ نقول: تستفيد يا أخي، درسنا الفرائض على الشيخ ابن باز -رحمة الله عليه- سنة (95) فمر بيت في الرحبية فكأن الشيخ رأى أنه منكسر، فقطعه -رحمة الله- وعدله، يعني هل هذا العلم ما يستفاد منه مع أنه علم محصور؟ يمكن الإحاطة به في أسبوع مثلاً، نعم هناك ما هو أهم منه، لكن هذا أيضاً ينفع، فضلاً عن أن تدرس أصول الفقه وقواعد الحديث، وقواعد التفسير، وعلوم العربية بجميع فروعها، كلها لها صلة في فهم الكتاب والسنة.

التواريخ أيضاً لها أيضاً علاقة بالنصوص نصوص الوحيين، لكن لا تكون على حساب الأصل والغاية، كتب الأدب قد يقول قائل: إنها مضيعة للوقت، لا سيما الأدب الذي يسمونه أدب الدرس لا أدب النفس، كتب المطولات التي تسمى في الأدب، والأحرى بكثير منها أن تسمى بكتب قلة الأدب، أو عدم الأدب، ومع ذلك أسوأ كتاب في الأدب كتاب: الأغاني، لو تقرؤون في كلام أهل العلم وجدتموهم استفادوا من هذا الكتاب، ولا يعني أن طالب العلم يضيع وقته في قراءة هذا الكتاب، لا، إنما ما يخلو من فائدة.

وذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله في نكته على ابن الصلاح، ذكره السخاوي أيضاً أن قول أبي حاتم في جبارة بن المغلس:"بين يدي عدل" كان الحافظ العراقي يراها من ألفاظ التعديل، ويقرأها: بين يديّ عدلٌ، الحافظ ابن حجر لما رأى أقوال أهل العلم كلها تصب في تضعيف الرجل فكيف يقول أبو حاتم مع أنه من أشد الناس:"بين يديّ عدلٌ" فبحث عن هذه المسألة، ووجد طرف الخيط في أدب الكاتب، فقال: العدل بن جزء بن سعد العشيرة كان على شرطة تبع، فكان تبع إذا أراد أن يقتل أحداً سلمه إلى هذا العدل، فقال الناس: بين يدي عدل، يعني هالك، هذا في أدب الكاتب لابن قتيبة.

ص: 3

وفي الأغاني يقول الحافظ -لأبي الفرج الأصبهاني- وهو كتاب سيء جداً، ومؤلفه أسوأ، على كل حال يقول في الأغاني: كان طاهر القائد على مائدة ومعه إبراهيم بن الرشيد، وكان صغيراً وطاهر أعور لا يبصر بإحدى عينيه، وعلى المائدة أخذ إبراهيم هندبات فضرب بها عين طاهر المبصرة، فشكاه إلى أبيه، فقال: فعل إبراهيم ما فعل، والأخرى بين يدي عدل، يعني فعل ما فعل بالصحيحة، والأخرى بين يدي عدل، يعني تالفة هالكة، ويوجد أيضاً يعني يرد من الكتب المستعملة فيها هذه الكتب، وفيها أيضاً ما يدل على أن العلماء قرؤوها، وعلقوا عليها، لكن متى هذا؟ إذا لم يخش الإنسان على نفسه؛ لأن فيها أشياء لا ينبغي أن يطلع عليها صغار الطلاب أو متوسطيهم، فيها إسفاف في الكلام، وفيها أيضاً شرح لبعض الأشياء التي لا ينبغي أن تشرح للشباب.

على كل حال العلوم .. ، التكامل مطلوب، وكم من مشكلة أشكلت في فهم نص وحلت في كتابٍ لا علاقة له بالعلم الشرعي.

وهذا يقول: ماذا أفعل بدراسة كل متون العلم الأخرى وقد لا أحتاج إليها في حياتي، وإنما أدرسها لقول الناس فلان محيط بكل العلوم؟

هذا لو تدرس القرآن ليقول الناس: إن فلان حافظ للقرآن، وضابط للقرآن كنت مع الثلاثة الذين هم أول من تسعر بهم النار، فكونك تدرس الأغاني، أو تدرس الكامل لابن الأثير ليقال: إنه مطلع على التاريخ أسهل بكثير من أن تدرس الكتاب والسنة ليقال:

ومن يكن ليقول الناس يطلبه

أخسر بصفقته في موقف الندمِ

وعلى الإنسان أن يهتم لنيته.

فإذا كان لله فقط وهو ينوي رفع الجهل عن نفسه، وأن يعبد الله على بصيرة فلا تهمني كل هذه العلوم؟

نعم إذا وصلت إلى حد البصيرة يكفي، لكن متى تصل إلى البصيرة؟ إذا فهمت الغاية التي هي نصوص الوحيين، ونصوص الوحيين لا تفهمها إلا بالوسائل التي رتبها أهل العلم، بفهم الكتاب والسنة.

يقول: فهل فهمي صحيح؟ وكيف يصحح نيته من كانت هذه خطراته؟

ص: 4

على كل حال المقصود الغاية، وكل ما قرب منها، ينال من الأهمية بقدر قربه من هذه الغايات، وما بعد منها يكون على التراخي، بعد أن تضبط الغاية، وما يعين على فهمها، وما يقرب منها، فإن فضل في الوقت شيء فيطلع على مثل هذه الكتب، والاطلاع على التواريخ لا شك أنه في غاية الأهمية؛ لأن فيها العبرة والعظة، وفيها أيضاً متعة واستجمام للذهن، وعلى طالب العلم أن يعنى بها.

أيضاً كتب الأدب يعني تفيد طالب العلم استجمام، وفيها أيضاً تقوية للعبارة والأسلوب، يستفيد منها طالب العلم، وفيها أيضاً تنفيس، تجد المعلم الذي له عناية بهذه الكتب دروسه ماتعة، إذا نوع في الدرس استمتع بها الطلاب، ونشطوا للتحصيل، بينما لو كان في فنه لا يخرج عنه أبداً هو يكسب الوقت، وينهي الكتاب، لكن تجد الطلاب يعني مشدودين، ما في ما ينفس عنهم، والقلوب إذا كلّت مشكلة، إذا تتابع عليها متين العلم تكل وتمل، فلا بد من هذا التنفيس.

بقي مسألة تتعلق بالتيمم وهي تعارض حديث الخصائص مع بعض رواياته: ((جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً)) مع قوله عليه الصلاة والسلام: ((وجعلت تربتها لنا طهوراً)) وعرضنا المسألة في الدرس الماضي، وقلنا: إنها إن كانت من باب العموم والخصوص فلا تخصيص؛ لأن حكم الخاص موافق لحكم العام، ويكون التنصيص على الخاص إنما هو لمزيد العناية به، فيحرص المتيمم على أن يتيمم بالتراب، إذا ما وجد فغيره يجزئ؛ لأنه صعيد طيب طاهر، وإذا قلنا: إنه من باب الإطلاق والتقييد، وأن التربة من أوصاف الأرض قلنا: يحمل المطلق على المقيد، وحينئذٍ يتجه قول الشافعي والحنابلة.

وواحد من الإخوان أبدى لفتة طيبة جزاه الله خير، وهي مهمة في الموضوع، يقول: لماذا لا يكون من باب تخصيص العام بالمفهوم، التخصيص بالمفهوم معروف عند أهل العلم، حتى أنا في وقتها قلت: إنه مثل تخصيص حديث: ((إن الماء طهور لا ينجسه شيء)) خصص بمفهوم حديث: ((إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث)) وهذا عند الشافعية والحنابلة ظاهر، خصصوا بالمفهوم، هذا إذا صححنا حديث القلتين، وإذا ضعف وقد ضعف بالاضطراب، وتقدم الكلام فيه، ما يرد مثل هذا.

ص: 5

التخصيص بالمفهوم يقول به بعض أهل العلم؛ لأن عندنا تعارض بين منطوق قوي مع ضعفه من جهة كونه عاماً، وعندنا مفهوم ضعيف معارض لمنطوق قوي إلا أن قوته في خصوصه مقابل عموم النص الآخر، فعندنا في كل حديث جهتان، جهة قوة وجهة ضعف، أظن أشرنا إلى هذا في المياه.

كيف نخصص عموم حديث الخصائص: ((جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً)) بمفهوم رواية: ((وجعلت تربتها لنا طهوراً))؟ مفهوم النص نص التربة يعني منطوقه موافق لحكم العام فلا يخصص به، انتهينا، مفهومه الذي هو مفهوم المخالفة مخالف لحكم العام، فيخصص به نظير ما خصصوا حديث:((إن الماء طهور لا ينجسه شيء)) بمفهوم حديث القلتين.

طيب شيخ الإسلام رحمه الله يصحح حديث القلتين ولم يقل بمفهومه، عمل بمنطوقه؛ لأنه موافق للمنطوق القوي الذي هو أقوى منه، ألغى مفهومه لأنه معارض بمنطوق، يقول: يُعمل بمنطوقه دون مفهومه.

وعندنا أيضاً رواية التربة، إذا قلنا بقول شيخ الإسلام قلنا: يعمل بمنطوقها الموافق للعام، ويلغى مفهومها المخالف للعام؛ لأنه مفهوم يعارض منطوق، وعلى كل حال المسألة مثل ما ترون، يعني تحتاج إلى قشة في الترجيح، يعني عندنا نصان أحدهما قوته بكونه منطوق دلالته في محل نطقه، وضعفه في عمومه، ونصٌ آخر قوته في خصوصيته في كونه خاصاً، وضعفه في كونه مفهوماً لا منطوقاً.

الحافظ العراقي ذكر الروايتين، ذكر حديث الخصائص العام، وذكر الخاص في ألفيته، وفي باب زيادات الثقات، يقول رحمه الله:

واقبل زيادات الثقات منهمُ

ومن سواهم فعليه المعظمُ

وقيل لا وقيل لا منهم وقد

قسمه الشيخ وقال: ما انفرد

دون الثقات ثقة خالفهم

فيه صريحاً فهو رد عنده

أو لم يخالف فاقبلنه

وادعى فيه الخطيب الاتفاق مجمعا

أو خالف الإطلاق -ننتبه لهذه-

أو خالف الإطلاق نحو: جعلت

فالشافعي وأحمد احتجا بذا

تربة الأرض فهي فردٌ نقلت

والوصل والإرسال من ذا أخذا

أو خالف الإطلاق

ص: 6

يعني كأن الحافظ العراقي يجعله من باب الإطلاق والتقييد، وعلى هذا يحمل المطلق على المقيد "فالشافعي وأحمد احتجا بذا" لأن حمل المطلق على المقيد بهذا، حمل المطلق على المقيد لاتحاد في السبب والحكم معروف هذا اتفاق في مثل هذه الصورة "فالشافعي وأحمد احتجا بذا" فقالوا: يحمل المطلق على المقيد بالتربة، الأرض المطلقة تحمل على المقيدة بالتربة، فجعله من باب الإطلاق والتقييد.

نشوف ما قال الشارح، قال: أو خالف الإطلاق فزاد لفظةً معنوية، يعني في معناها ما يخالف ما في اللفظ الآخر، فزاد لفظةً معنوية في حديث لم يذكرها سائر من رواه، نحو جعلت تربة الأرض بالنقل ((تربة الأرض لنا طهوراً)) في حديث:((فضلت على الناس بثلاث))

إلى آخره، و ((جعلت لنا الأرض مسجداً)) فهي -يعني زيادة التربة- فردٌ نقلت، تفرد بروايتها أبو مالك سعد بن طارق الأشجعي عن ربع بن حذيفة أخرجها مسلم في صحيحه.

وكذا أخرجها

إلى آخره، وسائر الروايات الصحيحة من غير حديث حذيفة لفظه:((وجعلت لنا الأرض مسجداً وطهوراً))، فقال: قال رحمه الله فهذا وما أشبهه يشبه القسم الأول من حيث إن ما رواه الجماعة عام.

شوف في المتن قال: أو خالف الإطلاق، وهنا قال: إنما رواه الجماعة عام، وهذا الذي نقول: إن بعض الشراح حتى في شراح الحديث خلط بعضهم، أحياناً قال: عام وقال: خاص، وأحياناً مطلق، وأحياناً يقول: مقيد، حتى الواحد منهم قد يجعلها من النوعين.

طالب:. . . . . . . . .

إيه ويش أجل؟ هو فقيه، فقيه أصولي، له مؤلفات يمكن أكثر من كتبه في الحديث، مع أنه أثري.

نعم قد يغفل الإنسان عند الحديث المرسل كذا، يعني بدون كتابة، لكن في الكتابة يحرر، يعني هو الإنسان يدرس ويتكلم إلقاء قد يسبق لسانه إلى إطلاق أو إلى عموم وما أشبه ذلك، لكنه عند الكتابة لا بد من التحرير.

ص: 7

من حيث إن ما رواه الجماعة عامٌ، يعني لشموله جميع أجزاء الأرض، وما رواه المنفرد بالزيادة مخصوص يعني بالتراب، فجعله السخاوي الشارح من العام والخاص، وفي ذلك مغايرة في الصفة، رجعنا إلى كونه تقييد؛ لأن التقييد تقليل الأوصاف، والتخصيص تقليل الأفراد، وفي ذلك مغايرة في الصفة هذا خلط أيضاً، ونوع مخالفة يختلف بها الحكم، ويشبه أيضاً القسم الثاني من حيث إنه لا منافاة بينهما، لا منافاة من حيث الحكم، يعني يجوز التيمم بالعام ويجوز أيضاً بالخاص، فحكم الخاص موافق لحكم العام، فالشافعي بالإسكان، وأحمد احتج بذا، أي باللفظ المزيد هنا، حيث خصا التيمم بالتراب.

يقول النووي في شرح المهذب: مذهبنا أنه لا يصح التيمم بتراب، هذا هو المعروف في المذهب، وبه قطع الأصحاب، وتظاهرت عليه نصوص الشافعي، وبه قال أحمد وابن المنذر وداود، وقال أبو حنيفة ومالك: يجوز بكل أجزاء الأرض حتى بصخرة مغسولة، هذا في شرح المهذب في الجزء الثاني صفحة ثلاثة عشرة ومائتين، ونحوه لابن قدامة في المغني.

الآن اتضح الكلام، يعني من قال بجواز التيمم بغير التراب عمل بالنص العام، ولم ير الخاص معارضاً له للاتحاد في الحكم، ومن قال بعدم جواز التيمم بغير التراب نقول: المعروف عند الشافعية والحنابلة أنه لا يتيمم إلا بتراب له غبار يعلق باليد، وهذا مقتضى قوله -جل وعلا-:{مِّنْهُ} [(6) سورة المائدة] يعني لا بد أن يبقى شيء بحيث يمسح به أعضاء التيمم منه، بشيء منه، وهذه للتبعيض، والحنفية والمالكية عملوا بالعموم، اللي هو العموم ((جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً)) هو قويٌ بمنطوقه، المنطوق أقوى من المفهوم.

طالب:. . . . . . . . .

ص: 8

لا، المنطوق دلالة المنطوق في الحديث والتيمم بجميع ما على وجه الأرض قوية، باعتبار أنها دلالة منطوق، الضعف من حيث العموم، الخاص أقوى من العام، معارضه الروايات الأخرى ((جعلت تربتها)) قوتها في خصوصها، وضعفها في كونها مفهوم، يعني مثل حديث القلتين مع حديث:((إن الماء طهور لا ينجسه شيء)) ولذلك شيخ الإسلام لما نظر إلى قوة المنطوق وضعف المفهوم ألغى المفهوم، بعض الإخوان فهم من عرض المذاهب في كون التيمم مبيح ورافع، وما ذكرناه من أن بعض أهل العلم يراه رافعاً رفعاً مطلقاً كالماء، فهم منه أن الإنسان يستمر على تيممه، ولا ينتقض تيممه إلا بما ينقض الوضوء ولو وجد الماء، يعني يستمر يصلي به ما دام على طهارة، نقول له هذا ما قال به أحد؛ لأن أصل التيمم شرطه عدم وجود الماء، لكن الفرق بين من يقول: إنه رافع رفع مطلق، وبين من يقول: إنه رافع رفع مؤقت الفرق بينهما إنما يظهر في الجنابة، ظهوره في الجنابة، فمن تيمم بعد أن أجنب، ثم وجد الماء هل نقول: عليك الغسل؛ لأن رفعه للجنابة رفع مؤقت، حتى وجدت الماء ((فإذا وجد الماء فليتق الله وليمسه بشرته)) أو رفع الحدث رفعاً مطلقاً بمعنى أن الجنابة ارتفعت ولا تعود إلا بسببٍ جديد.

هنا يظهر الخلاف، إذاً ما الفرق بين من يقول: إنه يرفع رفع مؤقت وبين من يقول: إنه مبيح؟

طالب:. . . . . . . . .

نعم، الذين يقولون: إنه مبيح عندهم تقييدات كثيرة تأتي -إن شاء الله- في الدرس القادم، والذين يقولون: إنه يرفع رفع مؤقت قبل وجود الماء مع عدم الماء حكمه حكم الوضوء، والذين يقولون: إنه مبيح يقولون: لا، ليس حكمه حكم المبيح، إذا تيمم للأدنى لا يفعل به الأعلى، وإذا خرج الوقت بطل التيمم ولو لم يجد الماء، الذين يقولون: إنه رافع يقولون: ما يبطل التيمم إلا بمبطلات الوضوء، أو وجود الماء، اشترط نفيه في الأصل الذي هو وجود الماء، وأما كونه مثل الوضوء أو مثل الغسل من كل وجه، بحيث أنه يستمر طاهراً ولو وجد الماء هذا ما قال به أحد، وليس من مقتضى الإطلاق عند من يقول: إنه يرفع رفعاً مطلقاً.

طالب:. . . . . . . . .

ص: 9

لا، لا. . . . . . . . . لكن لو أجنب مرة ثانية عليه أن يعود، ولذلك في شرح الحديث:((فليتق الله وليمسه بشرته)) يتجاذبه القولان، ((فليتق الله وليمسه بشرته)) عما مضى من حدث أو لما يستقبل؟ يعني هل شيخ الإسلام يقول: إن الجنب إذا تيمم عن الجنابة يرجع فيغتسل؟ ما يقول هذا، ما يقول بهذا شيخ الإسلام، وكل من يقول: إنه رافع رفع مطلق، أما الرفع المؤقت وإن كان في كلام شيخ الإسلام ما يفيد أنه يرفع رفع مؤقت في بعض الصور، لكن لا شك أن شيخ الإسلام يرى أنه رافع وليس بمبيح، فهناك اشتراك بين الأقوال، فالقول بأنه يرفع رفعاً مؤقتاً هذا هو القول الوسط في المسألة، ويشبه القول بأنه مبيح من وجه، ويشبه القول بأنه يرفع رفع مطلق من وجه، وقلنا: إن المسألة إنما تظهر فائدتها فيمن تيمم عن الجنابة، ثم صلى بهذا التيمم، ثم وجد الماء.

((فليتق الله وليمسه بشرته)) عن الحدث الماضي عن الجنابة الماضية يتفقون على أنه لا يمسه بشرته عن الوضوء الماضي مثلاً، إلا إذا كان الوقت باقٍ على خلافٍ في المسألة معروف هذا، وأما بالنسبة للجنابة فالمرجح أنه يمسه بشرته عن الجنابة الماضية، ولو قلنا: لما يستقبل من أحداث كما قال بعضهم لقلنا: إن النص مؤكد، وعلى الفهم الأول يكون مؤسس لحكم جديد، والتأسيس عند أهل العلم خيرٌ من التأكيد.

طالب:. . . . . . . . .

ولا أمره بالإعادة؟ الوصف؟

طالب:. . . . . . . . .

لا، لا، لو قلنا بمقتضى هذا الوصف لقلنا: عليه الإعادة، الجنب يعيد، لو قلنا: إنه جنب لقلنا بالإعادة، هذا يستدل به من يقول: إنه مبيح لا يرفع، وصف الجنب باقٍ.

طالب:. . . . . . . . .

رفعاً مؤقتاً إلى أن يجد الماء، فالحدث ارتفع أثناء عدم الماء، فإذا وجد الماء عاد الحدث، فيكون رفعاً مؤقتاً، وهذا القول هو الوسط بين القولين، ولعله هو الراجح.

طالب:. . . . . . . . .

الماضي وإلا المستقبل؟

طالب:. . . . . . . . .

لا، لا، محل إجماع، إلا إذا كان في الوقت، منهم من قال: إنه يعيد في الوقت، على ما سيأتي -إن شاء الله-.

طالب:. . . . . . . . .

ص: 10

أقول: هذه المسألة -المسألة اللي أعدناها- مسألة دقيقة ترى يا إخوان، أقول: حتى الشراح يخلطون أثناء الشرح، أثناء الشرح الواحد يخلطون، فيجعلها بعضهم أحياناً في كلامه يومي إلى أنها إطلاق وتقييد، ثم يعود إليها على أنها خاص وعام، فالمسألة تحتاج إلى انتباه.

طالب:. . . . . . . . .

يا دكتور هو في المنطوق

طالب:. . . . . . . . .

لا، إذا قلنا: إنه من باب الخاص والعام، ونظرنا إلى المنطوق فقط، قلنا: المنطوق موافق لحكم العام، موافق؛ لأن الحكم واحد، وإذا قلنا: بمفهومها وهو أن غير التراب لا يصح في التيمم ولا يجزئ قلنا: إنه خاص، فالقوة في المفهوم، وحكمه حينئذٍ مخالف لحكم العام، حكم المفهوم عدم الصحة، وحكم المنطوق -منطوق العام- الصحة، وهذا مخالف لحكم العام فيخص به عند من يقول بالتخصيص بالمفهوم.

طالب:. . . . . . . . .

لا، هو المعروف عن مذهب الحنفية أنهم يجيزون مثل هذا، إذا كان التعامل مع غير المكلف كالحربي ونحوه يتعامل معه على أي عقدٍ كان، لكن المسلم يتدين بدين، يكلف بالأوامر والنواهي، عليه أن تكون عقوده موافقة لما جاء عن الله وعن رسوله، بغض النظر عن كونه عقد مع من يتدين بالدين أو لا.

بعضهم معروف عند بعض الحنفية أنهم يجيزون الربا مع الكافر.

طالب:. . . . . . . . .

الخمر ويش بيسوون؟ يبيعون عليه؟ حتى من يتدين بشربه على النصراني أو شبهه، الذين تباح لهم، يعني ممن تباح لهم في دينه.

طالب:. . . . . . . . .

أنا ما يحضرني شيء الآن، يراجع.

طالب:. . . . . . . . .

والله أعلم.

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

ص: 11