الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: مختصر الخرقي –
كتاب الجنائز (2)
الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "والاستحباب ألا يغسل تحت السماء" لئلا يتمكن من أراد الاطلاع عليه ممن لا يحتاج إليه؛ لأن الأفضل ألا يحضره إلا من يغسله، أو يعين على تغسيله؛ لأنه في حال يكره الاطلاع عليها لو كان حياً، وأهله وذووه يكرهون ذلك أن يطلع عليه؛ لأن حال الإنسان إذا مات تغيرت عن حاله في حال الحياة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه.
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال إذا لم يمكن الاطلاع عليه يكفي.
"ولا يحضره إلا من يعين في أمره ما دام يغسل" وهو الذي يباشر الغسل، والذي يصب الماء، ويناول الماء هؤلاء يحتاج إليهم، وإذا احتيج إلى تعليم التغسيل مثل ما يصنع الآن، دورات لتعليم تغسيل الميت، كثير من الناس لا يعرف كيف يغسل الميت، لكن الأمة من عهد نبيها عليه الصلاة والسلام يكتفون بالتعليم بالكلام النظري، بالوصف، في حديث أم عطية هي المرجع في تغسيل الميت، والنبي عليه الصلاة والسلام أمرها أن تغسل ابنته مع من شاركها في التغسيل، فقال:((أغسلنها ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً أو أكثر إن رأيتن ذلك، بماء وسدر، واجعلن في الآخرة كافوراً أو شيئاً من كافور، فإذا فرغتن فآذنني)) فلما فرغنا آذناه، فأعطانا حقوه، فقال:((أشعرنها إياه)).
مسألة التغسيل يعني ما أظنها تحتاج إلى وسيلة إيضاح، أو تحتاج إلى شيء من الاطلاع على أحوال الميت ليؤتى بفريق يشاهد هذا التغسيل، ولسنا بحاجة أيضاً إلى ارتكاب محظور في تصوير جثة، ولو كانت غير حقيقية ليباشر عليها التغسيل، فالنظري كافٍ، وهكذا في جميع أمور المسلمين، النظري كافٍ إلا فيما إذا كانت المشاهدة لا محظور فيها، ولا نقص فيها على أحد، ولا تؤثر على مخلوق، ولا تجرح شعور أحد، حينئذٍ لا مانع، النبي عليه الصلاة والسلام قال:((صلوا كما رأيتموني أصلي)) بالقول والفعل، وتوضأ عثمان رضي الله عنه وتوضأ عبد الله بن زيد ليري الناس الوضوء.
على كل حال في الأمور التي لا خدش فيها ولا ارتكاب فيها لمحظور هذا ما فيه إشكال، ((خذوا عني مناسككم)) ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) لكن في الأمور التي يترتب عليها محظور، لا شك أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، ما يؤتى بفريق يشاهد التغسيل ويقال: انظروا تعلموا التغسيل، لا، لا يحضر إلا من يعين في أمره ما دام يغسل، وسبق أن تحدثنا عن وسائل الإيضاح في كثير من المناسبات، وأن الناس توسعوا فيها توسعاً غير مرضي، وأنفقت فيها الأموال، ونتائجها ضعيفة، ولو قيل: إن كثيراً منها مردوده أقل من عدمه بكثير، والله المستعان، لكنها نظريات على ما قالوا تربوية وافدة، والذي يفد هذا يتلقى بالقبول من غير نظر ولا تدقيق، والإشكال أن الأمة في بعض عصورها تنظر إلى العدو نظرة المغلوب إلى الغالب، وتقتدي به؛ ليتحقق قوله عليه الصلاة والسلام:((لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة)) اقتداء المغلوب بالغالب، يعني الانبهار بما عليه العدو، ومع الأسف الشديد أن العدو أخذ يتراجع عن بعض الأشياء، وما زلنا سائرين إلى أن نصل إلى الغاية التي وصلوا إليها، ثم رجعوا عنها، وهذه غفلة شديدة، يعني أشد المغفلين ما يدرك أن الإنسان إذا رجع عن شيء أنه مفضول، ما يصل إلى ما وصل إليه، يعني يصل الحد ببعض المغفلين -وهذا نادر جداً- أن تمدح له شيئاً ثم تذمه في المجلس نفسه، فيذهب ليشتريه بسبب المدح، ثم يبيعه بسبب الذم، وهذا واقعنا نحن، هذا واقعنا، فالوسائل التي توسعوا فيها حقيقة توسع غير مرضي، بذلت فيها الأموال، ونتائجها -إن كان هناك نتائج- فلا تفي بشيء مما يترتب عليها، وفي كثير من الأحوال مردودها أقل من عدمها.
"ولا يحضره إلا من يعين في أمره ما دام يغسل، وتلين مفاصله إن سهلت عليه" لأنه إذا مات الميت تصلب مفاصله، فإذا كانت يده مكفوفة يصعب تليينها إلا إذا فعل به هذا مباشرة؛ لأن الأعصاب تشتد، لو كان رجل مكفوفة ومضى عليها وقت لا يمكن فردها إلا إذا كان بعد وفاته مباشرة، ولذلك قالوا: وتلين مفاصله إن سهلت عليه، يعني إن كانت بعد الموت مباشرة، أو كان فيها عسر من الأصل قبل وفاته، ثم تشتد عليه؛ لأنه في هذا إهانة له، عسر أعضائه فيه إهانة، وحرمة المسلم ميتاً كحرمته حياً.
"إن سهلت عليه وإلا تركها، ويلف" يعني الغاسل "على يده خرقة" لئلا يباشر جسد الميت، يلف على يده خرقة "فينقي -أو فينقي- ما به من نجاسة" الميت يغسل ومعلوم أنه ليس عن حدث؛ لأن المؤمن لا ينجس بالموت، وليس بوصف حكمي مثل الجنابة أو الحيض، إنما هو تعبد لله -جل وعلا-، ولا يقال: إنه للتنظيف فقط، يعني يلاحظ فيه جانب التنظيف مع ملاحظة جانب التعبد، فالعلة مركبة من الأمرين؛ لئلا يقال: إذا كان ليس عن حدث ولا عن نجس، وقد اغتسل قبيل موته بدقائق وهو نظيف الآن يكفي وإلا ما يكفي؟ ما يكفي؛ لوجود جانب التعبد فهو مع التنظيف يلاحظ جانب التعبد، طيب سيأتي في مسألة الشهيد، والفرق بينه وبين غيره، وأنواع الشهداء، ومن يغسل منهم ومن لا يغسل
…
إلى آخره، المقصود أن هذا من مات موتة معتادة من المسلمين فإنه يغسل، وينقى ما به من نجاسة، يعني ملاحظة الحدث من بعد مثل من مات وعليه جنابة مات ميتة عادية وعليه جنابة، أو مات شهيداً وعليه جنابة، أو مات شهيداً من غير جنابة فالصور؟ ثلاث، أو تمام القسمة أربع؟ أربع، لكن من مات شهيداً معلوم أنه لا يغسل، لكن إذا كان قد أصابته جنابة قبيل استشهاده فإنه يغسل وإلا ما يغسل؟ حنظلة غسيل الملائكة، يغسل للجنابة، فالحدث متحقق، أما من مات ميتة عادية من غير جنابة فلا حدث ولا نجس، وإنما هو ملحوظ فيه أمران: علة مركبة من أمرين التي هي التعبد والنظافة لئلا يقول قائل: إذا كان الملاحظ التعبد فقط، ولا حدث ولا نجس، فكيف يتعبد بغسل لا حدث ولا نجس؟! ولا يعرف في الغسل إلا عن هذين الحديث وصف، فالموت هل هو حدث وإلا نجس؟ هل هو حدث وصف مانع من مزاولة ما تطلب له الطهارة؟ لا، ليس بحدث ولا نجس؛ لأنه لو كان عن نجس فالذي ينظف يكتفى بموضع النجاسة.
على كل حال يأتي ما يتعلق بغير الميتة العادية.
"فينقى ما به من نجاسة -أو فينقي الغاسل- ما به من نجاسة، ويعصر بطنه عصراً رفيقاً" لماذا؟ ليخرج ما بقي فيه إن بقي فيه شيء من القذر سواءً كان نجساً أو غيره.
"ويعصر بطنه عصراً رفيقاً، ثم يوضئه وضوؤه للصلاة" لقوله عليه الصلاة والسلام: ((ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها)) ولأن غسل الحي كذلك يبدأ بالوضوء يوضأ ثم يغتسل ((ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها)) فدل على أن الميت يوضأ، لكن بين الجملتين شيء من التنافر ((ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها)) الجملتان متفقتان وإلا بينهما شيء من الاختلاف؟ ((ابدأن بميامنها)) مقتضى هذا الأمر أن تغسل الرجل اليمنى قبل اليد اليسرى صح وإلا لا؟ ومقتضى الجملة الثانية ((ومواضع الوضوء)) يعني وابدأن بمواضع الوضوء أن تغسل اليد اليسرى قبل الرجل اليمنى ((ابدأن بميامنها)) والعطف على نية تكرار العامل كأنه قال: وابدأن بمواضع الضوء منها، مقتضى الجملة الأولى أن تغسل الرجل اليمنى قبل اليد اليسرى؛ لأنها من الميامن، ومقتضى الجملة الثانية أن يبدأ باليد اليسرى قبل الرجل اليمنى؛ لأن اليد اليمنى من مواضع الوضوء المقدمة على الرجل اليمنى هذا إشكال وإلا ما فيه إشكال؟ طيب كيف نحل هذا الإشكال؟
يقول: "ثم يوضئه وضوؤه للصلاة" لأن الترتيب كما هو المقتضى أن التخلية قبل التحلية، والحي يبدأ بإزالة النجاسة قبل الوضوء، وهذا على القول المعتمد فيما تقدم تقريره من أنه لا يصح قبل الاستنجاء، والاستجمار وضوء ولا تيمم، فلا بد أن ينقى ما به من نجاسة، التخلية قبل التحلية، لو عندك جدار تريد أن تصبغه بلون جديد، وفيه آثار من ألوان أخرى، وأوساخ في الجدار لو قال قائل: أصبغ ثم أزل الأوساخ مقبول وإلا غير مقبول؟ لا، يقال: أولاً أزل هذه الأوساخ ثم اصبغ باللون الذي تريده؛ لأنك لو صبغت أحياناً يكون الصبغ الجديد شفاف، فيظهر لونها، وقد يكون لها جرم يحدث عنه نتوءات بعد الصبغ، فعليك أن تزيل هذه الأوساخ والأقذار، ثم تصبغ بما شئت، وهذا تقريراً لقولهم: التخلية قبل التحلية، فأنت تغسل وتنقي ما به من نجاسة كما يفعل الحي في الاستنجاء والاستجمار، ثم يتوضأ، ثم يغتسل.
طيب نعود إلى الحديث: ((ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها)) عندنا قال: "ثم يوضئه وضوؤه للصلاة" يعني مثل ما يفعل الحي يوضأ ثم يغسل، كما أن الحي يتوضأ ثم يغتسل، والعلماء يقولون: يبدأ بمواضع الوضوء في الغسلة التي فيها الوضوء، يبدأ بالميامن في الغسلات التي لا وضوء فيها، فكأن الوضوء بالنسبة للميت يكون ضمن غسلة، الغسلة الأولى يكون فيها الوضوء، فيعمم جسده بالبدن في الغسلة الأولى مع أعضاء الوضوء مقدماً لمواضع الوضوء منها، ثم بعد ذلك يأتي على بقية البدن وتكون غسلة، لكن لو وضئ وضوءاً كاملاً كما هو مقتضى ما يفعل الحي، وهو أيضاً البداءة بمواضع الوضوء إلا أنه قال:((ابدأن بميامنها، ومواضع الوضوء)) لكن لو أن الجملة: ابدأن بمواضع الوضوء وميامنها، قلنا: إن الوضوء مقدم مطلقاً بدون غسل، وبدون تعميم لجميع البدن، وهذا هو الظاهر، والواو لا تقتضي الترتيب، فيوضأ الميت وضوءه للصلاة كما يتوضأ الحي إذا أراد الاغتسال وضوءه للصلاة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لأن الحديث الذي معنا ((ومواضع الوضوء منها)) يفهم أنها توضأ، تقدم مواضع الوضوء منها، بس الإشكال أنه قال:((ابدأن بميامنها، ومواضع الوضوء)) والواو ما فيها إشكال ما تقتضي الترتيب، فتقدم مواضع الوضوء، فإذا قدمت مواضع الوضوء هذا هو الوضوء، هو الذي يظهر، ما دام ابدأن بمواضع الوضوء فهو وضوء، ويش مواضع الوضوء غير الوجه واليدين والرأس والرجلين؟
طالب:. . . . . . . . .
لا ما يجي، ما يجي إذا قلنا: ابدأن بمواضع الوضوء مقتضى الأمر أن يمسح الرأس قبل الرجلين، ويعارض الجملة الأولى في غسل اليد اليسرى قبل الرجل اليمنى، يعارض قوله:((ابدأن بميامنها)) ولذلك في الغسلة التي فيها الوضوء، يعني العلماء لما قالوا في الغسلة التي فيها الوضوء لأنه ما في تنصيص على وضوء مستقل، ابدأ في غسلها بميامنها ومواضع الوضوء منها، هذا اللفظ هل يعطي أن هناك وضوء مستقل تام، لكن قوله: ابدأن بمواضع الوضوء، يفهم منه الوضوء في الجملة الثانية، يفهم منه الوضوء، ويش معنى البداءة بمواضع الوضوء؟
طالب:. . . . . . . . .
تقدم على غيره، طيب قدمناه على غيره، غسلنا وجهه قدمناه على غيره، وغسلنا يديه ومسحنا رأسه، وقدمناه على غيره، ثم غسلنا رجله هذا هو الوضوء، يعني هل تريد مثلاً أن يغسل صدره وظهره قبل رأسه مثلاً أو قبل رجليه؟
طالب:. . . . . . . . .
طيب هذا بعد الوضوء، يبدأ بالشق الأيمن ثم الأيسر، هو يمسح في الوضوء، ثم بعد ذلك يغسل في الغسل لا بد من غسله.
ثم يوضئه وضوءه للصلاة، ولا يدخل الماء في فيه ولا في أنفه، يعني تقدم أن المضمضة والاستنشاق واجبتان في الطهارتين، لكن في بالنسبة للميت قال: ولا يدخل الماء في فيه ولا في أنفه؛ لأن الميت بصدد التنظيف، ولا يتم التنظيف إلا بتفريغ ما في جوفه، ولذلك يوضع على بطنه مرآة أو غيرها، ويعصر بطنه عصراً رفيقاً؛ ليخرج ما في بطنه، ما في جوفه؛ لأن كثرة الرطوبات لا شك أنها تسرع في فساده وعفنه، فكيف يدخل الماء في فيه ليمضمض، وكيف يدخل في أنفه ليستنشق.
الأمر الثاني: أن من مقتضى المضمضة والاستنشاق الإخراج، والإخراج مع الموت مستحيل، فإذا قلنا: إن المج من مقتضى المضمضة؛ لأن المضمضة في كتب اللغة يقولون: هي إدارة الماء في الفم، بعضهم يقتصر على هذا، ومن يدير الماء في فم الميت؟ ومنهم من يضيف إلى حد المضمضة، ثم المج، مج الماء، ومن يمجه من فم الميت؟ إذاً المضمضة لن تتحقق بالنسبة للميت على صفتها اللغوية ولا الشرعية، على حقيقتها الشرعية ولا اللغوية، وكذلك الاستنشاق والاستنثار.
الآن لما يجي في صفة المضمضة والاستنشاق في الأحاديث الصحيحة "فمضمض واستنشق واستنثر ثلاثاً من كف واحدة" أو "فمضمض واستنشق واستنثر من كف واحدة" على الصور المتصورة في المضمضة والاستنشاق، يعني لو أخذ ملعقة ما هو من كف، وأدخل الماء في فمه فابتلعه يصير مضمض وإلا ما مضمض؟
لو جاء ماء ببخاخ وبخه في أنفه، يصير استنشق واستنثر وإلا ما حصل هذا؟ ما حصلت حقيقته التي جاءت في الصفة الشرعية، ولا في حقيقته اللغوية التي تكلمت عنها كتب اللغة، ولذا لا يمضمض ولا يدخل الماء في أنفه.
"فإن كان فيهما أذى أزاله بخرقة" يعني لو كان فيهما أذى وقلنا: يتمضمض ويستنشق؛ لأنه جاء الأمر بالاستنشاق؛ لأن الشيطان يبيت على خيشومه، وجاء الأمر بالمضمضة للتنظيف، فهل إدخال الماء في فم الميت وأنفه يحقق هذا الهدف؟ ينظفه وإلا يدخل الأذى في جوفه؟ يدخل الأذى في جوفه، فلا تتحقق عليه أو منه، ما يتحقق منه الهدف الشرعي من المضمضة والاستنشاق، ولذا قال: ولا يدخل الماء في فيه ولا في أنفه، فإن كان فيهما في الفم أو الأنف أذى أزاله بخرقة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم المقصود أن الماء لا يدخل، فيزال هذا الأذى بخرقة إن أمكن بدون ماء وإلا استعمال الماء الرفيق الذي لا ينساب إلى جوفه ما يضر.
"ويُصب عليه الماء" أو يَصب عليه الماء أيضاً صباً رفيقاً؛ لأنه يتأذى بقوة الماء، والمسلم له حرمته، ما يقال: شغل الدينمو أنظف، هذا يؤذيه، وقد يتعرض في جرحه، والأموات يتفاوتون في سرعة الفساد "فيصب عليه الماء برفق" بما يحقق الهدف "فيبدأ بميامينه" تحقيقاً لقوله عليه الصلاة والسلام:((ابدأن بميامنها)) "ويقلبه على جنبه" الأيمن، ثم الأيسر، ويغسل ظهره وصدره وجنبه الأيمن والأيسر، يعمم جسده بالماء "ليعم الماء سائر جسده" سائر جسده يعني باقي الجسد، يعني في الغسلة الأولى التي فيها الوضوء أو قبلها الوضوء على حسب ما يفهم من حديث أم عطية، الغسلة الثانية يعم الماء سائر جسده، أو جميع جسده، بمعنى أن الغسلات الثلاث أو الخمس أو السبع يعمم فيها جميع الجسد، هنا يقول: سائر، والسائر هو الباقي، وجاء السائر بمعنى الجميع، وعلى هذا فيما تقدم في صفة الغسل، هل يكتفى في الغسل بما عدا مواضع الوضوء؟ لأنه يغسل سائر جسده، وجاء في هذا الحديث في صفة الغسل، وجاء هنا سائر جسده، الاستعمال الغالب لسائر هو الباقي، وقد تستعمل بمعنى الجميع، وعلى هذا يعمم الجسم، ولا يستثنى منه شيء، لا مواضع الوضوء ولا غيرها، ولو قلنا: سائر لما احتجنا إلى غسلة ثانية، نعم ما نحتاج إلى غسلة ثانية لو قلنا: سائر، إذا كنا نستثني مواضع الوضوء، ويش معنى أننا نغسله سبع مرات؟ فالمطلوب غسل تعميم جميع البدن.
طالب:. . . . . . . . .
نعم يوضع ما يمنع من دخول الماء إلى الأنف إلى البدن، يوضع ويتحاشى بقدر الإمكان، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
بيجي، والماء الحار والأشنان، بيجي.
"ويكون في كل المياه" يعني في جميع الغسلات "شيء من السدر" لقوله عليه الصلاة والسلام: ((أغسلنها بماء وسدر)) "ويكون في كل المياه" يعني في جميع الغسلات "شيء من السدر، ويضرب السدر" يعني يحركه "فيغسل برغوته رأسه ولحيته، ويستعمل في كل أموره الرفق به" طيب الكتاب على مذهب الإمام أحمد الذي يقسم المياه إلى ثلاثة أقسام، الآن الماء لما اختلط بالسدر هل أثر فيه ونقله من الطهورية إلى الطهارة، أو ما أثر فيه؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ليش؟
طالب:. . . . . . . . .
لكن هل هذا الماء والسدر لإزالة النجاسة أو للغسل؟ للغسل ما هو إزالة النجاسة.
طالب:. . . . . . . . .
لا لا هذه منفك.
الآن الماء هل نقول: إن هذا ماء سدر فانتقل من كونه ماء، أو ماء فيه سدر، وإذا قلنا: إنه ماء فيه سدر هل غير أحد الأوصاف الثلاثة اللون أو الطعم أو الريح، إن تحقق هذا التغيير فقد انتقل من كونه طهور مطهر إلى كونه طاهر غير مطهر، فيرد عليهم مثل هذا، لكن لهم أن ينفصلوا عن هذا الإيراد بأنه غسل ليس عن حدث، المقصود منه التعبد، ويحصل التعبد بما جاء في التوجيه النبوي، بل تمام التعبد باقتفاء ما جاء عنه عليه الصلاة والسلام، وقد جاء عنه:((أغسلنها بماء وسدر)) وجزء العلة الذي هو التنظيف يتحقق بالسدر مع الماء أكثر من الماء المفرد، فهل يرد مثل هذا الكلام على ما قرروه وقعدوه من أن الماء المتغير بطاهر لا يرفع الحدث؟ نقول: لا حدث.
طيب انتهينا من هذا، هل يغسل الشهيد إذا كان عليه جنابة بماء وسدر؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هو الآن عليه حدث وإلا ويش معنى يغسل حنظلة؟ تغسله الملائكة والشهيد لا يغسل؟ إلا من أجل الحدث، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ويش فيه؟
طالب:. . . . . . . . .
وغير الشهيد إذا كان عليه جنابة؛ لأن الملاحظ رفع الحدث، فنقول: إنه في مثل هذه الصورة يغسل بماء بدون سدر، ولو غسل بماء وسدر مراراً، ثم أتبع بماء دون سدر انتهى الإشكال، لكن قوله:((اغسلنها بماء وسدر)) يقتضي أنه في جميع الغسلات.
طالب:. . . . . . . . .
للتعبد، ييمم للتعبد؛ لأنه إحدى الطهارتين.
طيب غير السدر صابون شامبو بدل السدر يقوم مقامه وإلا ما يقوم؟ لأن المقصود التنظيف؛ فإن كانت المادة تضر ببدن الميت، أو تسرع في إفساده، مُنعت من هذه الحيثية.
طالب:. . . . . . . . .
هو ما يضر، ويعطي شيء من ....
طالب:. . . . . . . . .
إيه، ما في شك أنه ملاحظ، هل نقول: إن السدر مثل التراب بالنسبة لنجاسة ولوغ الكلب أنه لا يقوم مقامه غيره؟ الذي يظهر من السدر أنه ما دام فيه رغوة أنه قريب من المنظفات، طيب النبيذ مع الماء الذي يقول الحنفية بجواز الوضوء به، ويدافع من يدافع عنهم أنه أولى من الوضوء بالماء الصرف؛ لأن فيه مادة الكحول، وهي منظفة مطهرة على حد زعمهم؛ لأن هذا الكلام ذكره صاحب دائرة معارف القرن العشرين حينما ذكر المناظرة التي حصلت بين الجويني وواحد من شيوخ الحنفية بين يدي محمود بن سبكتكين؛ لأنه على مذهب الحنفية، ثم نقله بعد المناظرة -إن صحت- إلى مذهب الشافعي، أنه توضأ بنبيذ، فاجتمعت الحشرات عليه من كل صوب؛ لأن النبيذ حلو، اجتمعت الحشرات، ولبس جلد ميتة، وجعل الشعر من الداخل، وقطع اللهم والشحم من الخارج فزادت الهوام والحشرات، فنقر ركعتين مقتصراً على قوله في حال القيام:"دوسبز" ثم يركع، يقول: الله أكبر بالفارسية، وفي نهايتها أحدث ولم يسلم، قال: يا الله هذه صلاة أبي حنيفة؛ لأنه يجيز الترجمة والقراءة بغير العربية، والأذكار والتكبيرات، وإذا أحدث قبل أن يسلم صحت صلاته.
يعني أسلوب التشويه بمثل هذه الصورة أبو حنيفة مستحيل أن يرى مثل هذه الصلاة مجتمعة، تجتمع فيها جميع المساوئ، مستحيل أن يرى مثل هذا، لكن أولاً في صحة القصة نظر، الأمر الثاني: صاحب دائرة المعارف يعني نقض هذا الكلام نقض من كل .. ، يعني نقضه فقرة فقرة، فأول ما بدأ بالنبيذ الذي يهمنا موضوعه الآن قال: إنه ما يضر الماء إذا كان معه شيء من النبيذ، وفيه شيء من الاسبرت والكحول، وهي منظفة ومعقمة، يعني كأن النبيذ في هذه الصورة مثل ماء وسد، كأنه ماء وسدر.
الحنفية يقولون: إن الماء لا تضره الإضافة وهذا تقدم، لا تضره الإضافة مثل ما نقول: ماء الورد، ماء الزعفران إلى غيرها، الإضافة ما تضر كما نقول: ماء البئر، وماء السماء، وماء الأنهار، وقلنا في وقتها أن الإضافة قد تضر وقد لا تضر، فهل يقول الحنفية بماء الرجل وماء المرأة تضر وإلا ما تضر؟
طالب:. . . . . . . . .
لا الإضافة ما في شك أنها أحياناً مؤثرة، وأحياناً غير مؤثرة، والواقع والحس يشهد بهذا وهذا، الواقع يشهد بأن الماء تضرر بهذه الإضافة، وأن هذا الماء لم يتضرر بهذه الإضافة.
ويضرب السدر فيغسل برغوته رأسه ولحيته، ويستعمل في كل أموره الرفق به، يرفق بالميت؛ لأنه محترم، والمسألة مفترضة في مسلم حرمته ميتاً كحرمته حياً، إذ غير المسلم لا يغسل.
"والماء الحار والإشنان والخلال يستعمل إن احتيج إليه" الماء الحار إذا كان الجو بارد يسخن الماء، والإشنان؛ لأنه منظف مثل الصابون، إن احتيج إليه لإزالة بقع لا تزول بالماء والسدر، لا يزيلها إلا الإشنان أو غيره من المنظفات يستعمل عند الحاجة "والخلال" إذا مات إثر أكل وبقي في أسنانه شيء يخلل إذا احتيج إلى ذلك "والخلال" والمراد به العود الذي يتخلل به "يستعمل إن احتيج إليه".
"ويغسله الثالثة بماء فيه كافور وسدر"((واجعلن في الآخرة كافوراً أو شيئاً من كافور)) كما في حديث أم عطية.
ويغسله الثالثة لأن الأمر قال: ((أغسلنها ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً إن رأيتن ذلك)) مرد الرؤية هذه إلى الحاجة، وليس مردها التشهي، يعني ما فوض الأمر، ما قال:"اللي ترونه سووه" لا، فهذه الرؤية مردها إلى الحاجة، فالغسل ثلاثاً هذا غاية ما يقال كما يصنع الميت، لن إن احتيج إلى خامسة أو سابعة أو أكثر على ما جاء في بعض الروايات ((أو أكثر إن رأيتن ذلك)) ومنهم من يقول: لا يزاد على السبع مهما تطلب الأمر.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
وضوء الحي ثبت أن النبي عليه الصلاة والسلام أنه توضأ مرة مرة، ومرتين مرتين، وثلاثاً ثلاثاً، ولو عمم جسده –أعني الحي- بالماء لارتفع حدثه، فماذا عن الميت يكفي واحدة أو نقول: أقل ما يقال: ثلاث مثل الاستجمار؟ لأنه قال: ((أغسلنها ثلاثاً)) ما قال: أغسلنها مرة، جاءت أحاديث مطلقة ما فيها تقييد بعدد، لكن هذا الحديث مقيد، فالذي يظهر أن الميت أقل ما يغسل ثلاث مرات، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يضربه، يضربه، يخلخله، المقصود أنه يصير له رغوة، على كل حال
…
شو عندك؟
طالب:. . . . . . . . .
الآن ولا يكون فيه سدر صحاح، بيجي هذا.
"ويغسله الثالثة بماء فقيه كافور" والكافور فيه رائحة طيبة، ويطرد الهوام، ويساعد على تصلب الجسد وبقائه أكثر من المدة المعتادة.
"ولا يكون فيه سدر صحاح" وفي بعض النسخ صحيح، يعني ورق السدر كامل، ما يكون هذا، لماذا؟ لأن المسحوق أو المدقوق هذا يكون فيه رغوة، أما السدر الكامل الورق الكامل ما فيه رغوة، هو إذا دق تحلل، وصار له رغوة، أما إذا كان صحاحاً كاملاً من غير تكسير ولا دق ولا بحيث يكون على أصله، فإنه لا يكون له رغوة.
قال: "ولا يكون فيه سدر صحاح، فإن خرج منه شيء" لأنه جعل الأصل ثلاث، إن خرج منه شيء بعد الثالثة غسله رابعة وخامسة؛ ليقطع على وتر، فإن خرج منه شيء بعد الخامسة غسله سادسة وسابعة؛ لأنه جاء:((أغسلنها ثلاثاً أو خمساًَ أو سبعاً)).
"فإن زاد فإلى سبع" فإن زاد خلاص ما عاد في غسل، وهذا الذي مشى عليه المؤلف أنه لا شيء بعد السابعة مع أنه جاء:((سبعاً أو أكثر إن رأيتن ذلك)) وفي بعض الروايات: ((أو خمساً أو سبعاً إن رأيتن ذلك)) ما في أكثر.
قال: "فإن زاد" يعني عن السابعة حشاه بالقطن، ومعلوم أن القطن وصف لمن يخرج منه ما يلوث، كالمستحاضة ينعت لها الكرسف الذي هو القطن، ومثله الميت إذا غسل سبعاً، ثم خرج منه شيء بعد ذلك يحشى بالقطن.
قال: "فإن لم يستمسك فبالطين الحر" فإن لم يستمسك بالقطن فيحشى بالطين الحر الذي يتماسك ولا يتحلل، فبالطين الحر، يعني من الطرائف أن بعض الحواشي التي استعمل فيها بعض الألفاظ العامية عندنا العامة يقولون الطين الحر يسمونه إيش؟ ذَكِر في مقابل .. ، يعني صيغة فَعِل، وكتب على بعض الحواشي: فبطين ذَكِر حر، واستشكل بعض من قرأ هذه الحاشية؛ لأنه قرأها خطأ، ومعه حق يقرأ؛ لأن استعمال الألفاظ العامية خطأ في المصنفات العلمية، وحتى في الأسئلة والأجوبة استعمالها يوجد إشكال كبير؛ لأن بعضها حقيقتها العرفية تختلف عن حقيقتها الشرعية، ثم يقع في وهم، فعلى طالب العلم أن يلتزم الاصطلاحات العلمية الشرعية، ويكون على ذكر من المصطلحات اللغوية أيضاً، فالحقائق كما هو معلوم ثلاث، يعنى بالحقائق الشرعية بالدرجة الأولى، ثم اللغوية، ثم العرفية؛ لأن لها أثر، لكن استعمال الألفاظ العرفية في وتطبيقها على النصوص الشرعية، أو على المسائل العلمية هذا يوقع في إشكال كبير.
"فبالطين الحر، وينشفه بثوب" لئلا يترك الماء عليه، والماء لا شك أنه يزيد في رطوبة الجسم، فيسرع إليه التغير.
طالب:. . . . . . . . .
لا لا، هذا تمثيل هذا وتعذيب "وينشفه بثوب، ويجمر أكفانه" يعني قبل التكفين يعرض الأكفان على المجمرة التي هي الجمر يوضع عليه الطيب البخور.
طالب:. . . . . . . . .
إيه مع القطن.
طالب:. . . . . . . . .
والله هذا الذي يفهم من قوله عليه الصلاة والسلام: ((أغسلنها ثلاثاً)) وهذا تعرضنا له قريباً.
"ويجمر أكفانه" يعني يبخرها، والمجمرة معروف استعمال الجمر يوضع عليه الطيب، فإذا احترق الطيب فاحت رائحته، في حديث:((من استجمر فليوتر)) معروف أن عامة أهل العلم على أنه في الاستجمار الذي هو شقيق الاستنجاء، في إزالة الخارج بالجمار التي هي الحجارة، وفهم بعضهم أنه لا مانع من أن يتناول استعمال المجمرة التي هي الطيب، ((فليوتر)) يعني يتبخر مرة أو ثلاثاً أو خمس
…
إلى آخره، وهنا ويجمر أكفانه المستعمل المجمرة، وليس المراد به الاستجمار.
"ويكفن في ثلاثة أثواب بيض" جاء في الحديث الصحيح أن النبي عليه الصلاة والسلام كفن في ثلاثة أثواب بيض سحولية، فالأفضل أن يكفن في ثلاثة أثواب، وتكون بيضاء اللون، لونها أبيض، وكونها سحولية مطلوب وإلا غير مطلوب؟ على الخلاف في المراد بالسحولية، هل هو من السحل الذي هو الغسل والدعك، فالمقصود تكون نظيفة، أو أنها نسبة إلى قرية يقال لها: سحول باليمن؟
على كل حال إذا كان المقصود بها أنها مسحولة مدعوكة مغسولة، فالنظافة مطلوبة للكفن، وإذا كان المراد به البلد فلا مزية لغيرها، ويكون وصف كاشف يشرح الواقع، وأما كونها بيض فدل عليه قوله في الحديث:((ألبسوا من ثيابكم البياض، وكفنوا فيها موتاكم، فإنها أطيب وأطهر)) كونها ثلاثة هذه هي السنة؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام كفن في ثلاثة أثواب ليس فيها قميص ولا عمامة، وما كان الله ليختار لنبيه عليه الصلاة والسلام إلا الأكمل، وهذا مذهب الجمهور.
ليس فيها قميص ولا عمامة، وبعضهم قال: لا مانع أن يلبس القميص مع الثلاثة وأن يعمم، ويكون معنى قوله: ليس فيها قميص ولا عمامة، أي: ليس من العدة قميص ولا عمامة، فالقميص والعمامة قدر زائد على العدة الثلاثة، ما يقال: ثوب واحد وقميص وعمامة يكون المجموع ثلاثة، لا، ثلاثة أثواب غير القميص والعمامة، ليس منها يعني ليس من عدتها الثلاثة، ولكن ظاهر اللفظ أن النبي عليه الصلاة والسلام لم يكفن في قميص ولا عمامة، الحنفية يقولون: القميص أفضل من اللفائف؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام كفن عبد الله بن أبي في قميصه وهذا فعله، وذاك ما فعل به، وفعله عليه الصلاة والسلام الذي باشره في حياته أولى مما فعل به بعد وفاته، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
المقصود هل جرد؟ اختلفوا هل نجرد أو لا نجرد؟ لكنه كفن في الثلاثة الأثواب بلا شك، كفن في ثلاثة أثواب، بعضهم يقول: يكون فيها برد حبرة؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام سجي ببرد حبرة، ومعلوم أن التسجية تكون بعد التغسيل وقبل التكفين.
طالب:. . . . . . . . .
اختلفوا هل يجردون أو نفعل به؟ المقصود أنه هذا الحاصل، الحاصل أنه كفن في ثلاثة أثواب، ويش مفهومه؟ أنه جرد، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، نعم هذا ذكره العلماء، هل يعتني الإنسان بكفنه فيشتريه من مال يجزم بإباحته، وينظفه ويتولاه بنفسه، ويتعاهده؟ وبعضهم يغسله بماء زمزم، هذا هل فعله النبي عليه الصلاة والسلام أو فعله أبو بكر أو عمر؟ ما فعله، وهل يعتني الإنسان بقبره، يحفره بنفسه، ويتعاهده، ويتردد عليه، وقد يضطجع فيه؟ هذا فعله بعض الناس، هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
القبر؟
طالب:. . . . . . . . .
لا ما هو بعيد، بدع القبور كثيرة جداً، المقصود أن هذا لو كان خيراً لسبقونا إليه، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
شخص ويظهر من كلامه أنه فضولي، جيء بجنازتين ووجدت القبور ثلاثة، فالتفت على من بجانبه من لهذا القبر الثالث؟ هذا قدر زائد عن الحاجة، ويشاء الله -جل وعلا- أن يدفن فيه، وشخص من النوع الذي يتعاهد القبر؛ لما اضطجع فيه قبض فيه، على كل حال القصص من هذا النوع كثيرة، وعندنا من نصوص الوحيين ما يحصل به الاعتبار والادكار {فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ} [(45) سورة ق] وأيضاً كما جاء في الحديث الصحيح:((زوروا القبور، فإنها تذكركم الآخرة)) فالذي يزورها للاعتبار والادكار هذا لا شك أنه ينتفع بها كثيراً، لكن الإشكال أنه صار الأمر عادياً الآن، مع مرور الزمن، وقسوة القلوب، وطول العهد، وطول الأمد في الناس صار أمر عادي، كان الناس إذا سمعوا بالموت يأخذون أيام ما يأكلون، وبعضهم لا ينام، فضلاً عن كونه يرى جنازة، والآن يرون الأشلاء أمام أعينهم وهم يأكلون؛ لأن بعضهم يوقت الأكل سواء كان الغداء أو العشاء على وقت الأخبار، يعني هذا من حفظ الوقت، على شان ما يضيع وقت، ورأينا من يرفع يد ومعها جزء من الصدر، والله تجزم أنها يد طلي، كبش، وهي يد آدمي، من هذه التفجيرات التي تحصل -نسأل الله السلامة والعافية-، ومع ذلك يأكلون ولا كأن شيء، ما كأن هؤلاء إخوانهم في الإسلام، يفعل بهم ما يفعل، ولا يحرك ساكن، الإنسان أول ما يشوف يعني يتأثر، ثم بعد ذلك يصير عادي؛ لأن القلوب قست، وأبعد القلوب من الله القلب القاسي.
قال: "ويكفن في ثلاثة أثواب يدرج فيها إدراجاً" يعني يلف لف فيها، يوضع الثوب الأول والثاني والثالث، ثم يمد الميت فوقها، ثم يدرج عليه، يلف الأول، ثم الثاني كذلك، ثم الثالث، ويجعل فيه أربطة في البداية والنهاية وفي الوسط، ثم إذا أدخل القبر حُلت هذه الأربطة.
"يكفن في ثلاثة أثواب" قلنا: إن النبي عليه الصلاة والسلام كفن عبد الله بن أبي رأس المنافقين في قميصه؛ جبراً لخاطر ولده عبد الله بن عبد الله، الصحابي الجليل، الصالح، ومكافأة لهذا المنافق، وإن كان هو رأس المنافقين، مكافأة له على ما صنع، حينما كسا العباس قميصه؛ لما جاء إلى المدينة، المقصود أن مثل هذه الأمور يلاحظ فيها المصالح والمفاسد، ويلاحظ فيها أيضاً مسألة التأليف، ويحصل تصرفات في هذه المواطن غير مرضية، توجد شيء من الشحناء والبغضاء؛ لأن الحي يتأذى بما ينال الميت من أذى، يتأذى ولذا جاء النهي عن سب الأموات ((لا تسبوا الأموات فتؤذوا الأحياء)) فإذا كان له حي قريب يتأذى بسبه جاء المنع منه، وإذا كان له حي قريب يفرح بما يقدم له من خدمة غير مخالفة للشرع، أما مع مخالفة الشرع فلا مراعاة لأحد، فالنبي عليه الصلاة والسلام كفن عبد الله بن أبي في قميصه لما ذكرنا؛ لأن له يد؛ لأن له يد عند النبي عليه الصلاة والسلام حيث كفن عمه.
"يدرج فيها إدراجاً" يعني يلف فيها لف "ويجعل الحنوط فيما بينها" إذا بسطت اللفافة الأولى الثوب الأول يذر الحنوط، ويوضع الحنوط عليه، ثم يوضع عليه الكفن الثاني، ثم يوضع الحنوط، ثم الثالث، ثم يوضع الحنوط، ثم تلف الثلاثة على الميت.
قال: "وإن كفن في لفافة وقميص ومئزر" يعني بدل الثلاثة الأثواب في لفافة وقميص ومئزر، قد يستغرب بعض الناس، يعني الذين عاشوا في الظرف الذي نعيشه مع انفتاح الدنيا، وعدم الالتفات إلى التوافه يستغرب أنه يوجد في القرن الثالث مثلاً على قدر من الاحتراف في السرقة حتى وصلوا إلى قبور الأموات يسرقون الأكفان، فعاملهم الناس بنقيض قصدهم، صاروا يكفنون موتاهم بأسمال بالية على شان ما تسرق، وبعضهم يأتي بالكفن فيخرقه من أجل ألا يسرق، الناس ما يلتفتون إلى مثل هذه الأمور، وإن وجد بعض التصرفات على مستويات، يعني ما هي بمستويات أفراد، تصرفات وصلت إلى بيع العظام، والله المستعان، لكن في ظرفنا، وفي وقتنا الذي نعيشه استغرب أنه يوجد من يسرق أكفان، والله المستعان.
"وإن كفن في لفافة وقميص ومئزر، جعل المئزر مما يلي جلده" لأنه ليس في كل الأحوال وفي كل الظروف يتوافر ثلاثة أثواب، قد يتوافر لفافة وقميص ومئزر يستر أسفل البدن، والقميص يغطي سائر البدن، واللفافة يلف بها ما بقي.
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال الذي لا يمكن إدخاله بسهولة ويسر يُشق، يعني إذا كان لا يوجد إلا قميص واحتيج إليه، وقد يبست بعض أجزائه فلم تدخل في القميص يشق القميص.
في حديث أم عطية، قال:((فإذا فرغتن فآذنني)) فلما فرغن آذناه فأعطانا حقوه، الحقو في الأصل معقد الإزار، فصار يطلق على الإزار، لذا قال:"في لفافة وقميص ومئزر" فقال: ((أشعرنها إياه)) لأن الحقو هو الإزار، ولذا قال: جُعل المئزر مما يلي الجسد، ومعنى قوله:((أشعرنها إياه)) اجعلنه شعاراً، والشعار هو الذي يلي الجسد من الثياب، وفوقه الدثار، وجاء في الحديث في مناقب الأنصار:((الأنصار شعار، والناس دثار)) يعني هم الذي يلون الجسد لقربهم يلامسون شعر البدن، ولذا قال: جعل المئزر مما يلي جلده، ولم يزر عليه القميص، ويجعل الذريرة في مفاصله، تجعل الذريرة الطيب المسحوق في مفاصل الميت، ويجعل الطيب في مواضع السجود والمغابن، في مواضع السجود التي هي الأعضاء السبعة لشرفها، والمغابن يعني في الإبط، وفي باطن الركبة، وفي عكن البطن إن وجدت، المقصود أنه يوضع في المغابن لأنها مظنة للرائحة الكريهة، ويُفعل به كما يفعل بالعروس، مثلاً ألبس الكفن النظيف، نظف ونقي من النجاسة، وغسل مراراً، وألبس الكفن النظيف، وطيب ووضع الحنوط والذريرة، ووضع الطيب في مواضع السجود وغير ذلك، قال:"يفعل به كما يفعل بالعروس تكريماً له، ولا يجعل في عينيه كافور" لأن السنة تغميض عينيه، ولا شك أن الكافور الذي يؤذي الحي يتقى بالنسبة للميت؛ لأن حرمة المسلم حياً كحرمته ميتاً.
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال الفقهاء ينصون على مواضع السجود لشرفها، وإن زاد منه شيء ووضع في مواضع أخرى لا مانع.
"وإن خرج منه شيء يسير وهو في أكفانه لم يعد إلى الغسل وحُمل" تقديم وتأخير؛ لأن هذه ألصق بما تقدم.
"وإن خرج منه شيء يسير" لا يقتضي أن تحل أكفانه ويغسل من جديد، يعني لم يؤثر في الأكفان، الشيء اليسير يُترك، ومنهم من قال: إذا غُسل سبعاً لا يلتفت إلى شيء ولو كان كبيراً.
"وإن خرج منه شيء يسير وهو في أكفانه لم يعد إلى الغسل مرة ثانية" يعني بعد ذلك بعد أن كفن "لم يعد إلى الغسل وحمل" حمل ليقدم إلى المسلمين ليصلوا عليه، وإن أحب أهله أن يروه لم يمنعوا، ولا مانع من تقبيله قبلة مودع، كما فعل النبي عليه الصلاة والسلام بعثمان بن مضعون، كما فعل أبو بكر بالنسبة للنبي عليه الصلاة والسلام، فما يمنعون، ما يقال: إنه يمنع غير الغاسل ومن يعين على التغسيل بما في ذلك أهله، لا شك أن أهله لهم حق، فلا مانع من توديعهم إياه، والله أعلم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.