الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شرح نخبة الفكر (12)
شرح قول المصنف: "فصل: ومن المهم معرفة كنى المسمين، وأسماء المكنين، ومن اسمه كنيته، ومن كثرت كناه أو نعوته، ومن وافقت كنيته اسم أبيه أو بالعكس، أو كنيته كنية زوجته، ومن نسب إلى غير أبيه، أو إلى أمه أو إلى غير ما يسبق إلى الفهم، ومن اتفق اسمه واسم أبيه وجده، أو اسم شيخه وشيخ شيخه فصاعداً، ومن اتفق اسم شيخه والراوي عنه، ومعرفة الأسماء المجردة والمفردة، و
الكنى والألقاب والأنساب
، وتقع إلى القبائل والأوطان بلاداً أو ضياعاً أو سككاً أو مجاورة، وإلى الصنائع والحرف، ويقع فيها الاتفاق والاشتباه كالأسماء، وقد تقع ألقاباً، ومعرفة أسباب ذلك، ومعرفة الموالي من أعلى ومن أسفل بالرق أو بالحلف، ومعرفة الإخوة والأخوات، ومعرفة آداب الشيخ والطالب وسن التحمل والأداء، وصفة كتابة الحديث وعرضه وسماعه وإسماعه والرحلة فيه، وتصنيفه إما على المسانيد أو الأبواب أو العلل أو الأطراف، ومعرفة سبب الحديث، وقد صنف فيه بعض شيوخ القاضي أبي يعلى بن الفراء، وصنفوا في غالب هذه أنواع، وهي نقل محض، ظاهرة التعريف، مستغنية عن التمثيل، وحصرها متعسر، فلتراجع لها مبسوطاتها، والله الموفق والهادي لا إله إلا هو.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين"
الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير
الكنى والألقاب والأنساب:
"والكنى والألقاب والأنساب، وتقع إلى القبائل والأوطان بلاداً أو ضياعاً أو سككاً أو مجاورة، وإلى الصنائع والحرف، ويقع فيها الاتفاق والاشتباه كالأسماء، وقد تقع ألقاباً، ومعرفة أسباب ذلك، ومعرفة الموالي من أعلى ومن أسفل بالرق أو بالحلف، ومعرفة الإخوة والأخوات، ومعرفة آداب الشيخ والطالب".
يكفي، يكفي.
يقول الحافظ -رحمه الله تعالى-: "فصل: ومعرفة كنى المسمين" نعم، هذا مما يحتاج إليه الطالب، طالب العلم فيما يتعلق بالرواة من الأسماء والكنى والأسماء والألقاب، ومعرفة كنى المسمين وأسماء المكنين، ومن اسمه كنيته، ومن اختلف في كنيته، ومن كثرت كناه أو نعوته، ومن وافقت كنيته اسم أبيه أو بالعكس أو كنيته كنية زوجته، ومن نسب إلى غير أبيه، أو نسب إلى غير ما يسبق إلى الفهم، ومن اتفق اسمه واسم أبيه وجده، أو اسم شيخه وشيخ شيخه فصاعداً، ومن اتفق شيخه والراوي عنه.
الحافظ -رحمه الله تعالى- ذكر في هذا الفصل ما يحتاج إليه في هذا الفن مما يتعلق بالرواة من الأسماء والكنى والأنساب والألقاب، فقال:"ومن المهم في هذا الفن معرفة كنى المسمين"، ممن اشتهر باسمه وله كنية لا يؤمن أن يأتي في بعض الرواية مكنياً فيظن أنه آخر، يعني أنت تحفظ اسم راوي لكن ما تحفظ كنيته،. . . . . . . . . كثيراً اسمه في كثير من الأسانيد ثم يأتي مرة أو مرتين مكنى، فإذا كنت لا تعرف كنيته ما عرفته، فتظنه شخص آخر غير ذلك، مثال ذلك قتادة بن دعامة البصري الثقة الثبت المشهور كنيته أبو الخطاب، لا بد من معرفة مثل هذه الكنى، وقتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف كنيته أبو رجاء، ومن المهم أكثر ما يأتي قتادة باسمه، وأكثر ما يأتي قتيبة باسمه، لكن قد يأتي: حدثنا أبو رجاء، اسم أبو رجاء إيش؟ فلا بد من معرفة هذه الكنى.
ومن المهم أيضاً: معرفة أسماء الكنى أي معرفة اسم من اشتهر بكنيته، وهو عكس الذي قبله؛ لأنه لا يؤمن أن يرد مسمىً في بعض الطرق مع أن الجادة ذكره بالكنية، والغالب فيمن كذلك -يعني من يشتهر بالكنية- أن اسمه يضيع، ولذا اختلف في أبي هريرة، اختلف في اسمه واسم أبيه على أكثر من ثلاثين قول، كل من اشتهر بكنية وعرف بها يختلف، أبو قتادة، أبو ثعلبة الخشني، أبو ذر، أبو الدرداء يختلف في أسمائهم، لماذا؟ لأنهم اشتهروا بالكنى، والغالب فيمن كان كذلك أن اسمه يضيع، فلا يعرفه إلا افرد من الناس ممن له عناية بهذا الشأن، من ذلك: أبو عاصم النبيل، اسمه الضحاك بن مخلد وأبو جمرة اسمه نصر بن عمران الضبعي.
ومن المهم أيضاً: معرفة من اسمه كنيته وهم قليل كأبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري النجاري المدني القاضي اسمه وكنيته واحد، وقد يكون السبب في ذلك أن اسمه ضاع، خلاص ضيعوه الناس، اعتمدوا على هذه الكنية فضاع اسمه، يعني هل منكم من لا يعرف أبو تراب الظاهري؟ نعم، تعرفون أبو تراب؟ إيش اسمه؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
اشتهر بالكنية، لكن من يعرف اسمه؟ نعم، من اشتهر بالكنية سواءً كان من المعاصرين أو من المتقدمين الغالب أن اسمه يضيع فلا يعرف، وأبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود مشهور بكنيته، قال ابن حجر في التقريب:"والأشهر أنه لا اسم له غيرها".
ومن المهم أيضاً: معرفة من اختلف في كنيته وهم كثير، مثل عيسى بن موسى القرشي أبو محمد أو أبو موسى وغالب بن سليمان العتكي أبو صالح أو أبو سلمة.
ومن المهم أيضاً: معرفة من كثرت كناه ابن جريج عبد الملك بن عبد العزيز له كنيتان أبو الوليد وأبو خالد، وفضالة بن إبراهيم التيمي أبو إبراهيم وأبو أحمد أحمد بن محمد بن الوليد بن عقبة أبو محمد وأبو الوليد، ومن المهم من ذلك أيضاً معرفة من كثرت نعوته وألقابه، ومعرفة من وافقت كنيته اسم أبيه كأبي إسحاق إبراهيم بن إسحاق المدني أحد أتباع التابعين، كثير هذا، كثير من يسمي ابنه على اسم أبيه فتكون كنيته توافق اسم أبيه.
وفائدة معرفته نفي الغلط عمن نسب إلى أبيه فقال: أخبرنا ابن إسحاق، أخبرنا ابن إسحاق فنسب إلى التصحيف وأن الصواب أخبرنا أبو إسحاق، نعم، هو أبو إسحاق وهو أيضاً ابن إسحاق، وعكس ذلك كإسحاق بن أبي إسحاق السبيعي، إسحاق بن أبي إسحاق السبيعي.
ومن المهم أيضاً: معرفة من وافقت كنيته كنية زوجته كأبي أيوب الأنصاري وأم أيوب صحابيان مشهوران، أو وافق اسم شيخه اسم أبيه كالربيع بن أنس عن أنس هكذا يأتي في الروايات فيظن أنه يروي عن أبيه كما وقع في الصحيح عن عامر بن سعد عن سعد وهو أبوه، وليس أنس شيخ الربيع والده بل أبوه بكري وشيخه أنصاري، وهو أنس بن مالك الصحابي المشهور، وليس الربيع المذكور من أولاده.
ومن المهم أيضاً: معرفة من نسب إلى غير أبيه كالمقداد بن الأسود، نسب إلى الأسود الزهري لكونه تبناه وإنما هو المقداد بن عمرو، أو إلى أمه كابن علية وهو إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم، أحد الأعلام، وعلية اسم أمه اشتهر بها، وكان لا يحب أن يقال له: ابن علية، ولهذا كان يقول الشافعي: أنبأنا إسماعيل الذي يقال له: ابن علية.
ومن المهم أيضاً: معرفة من نسب إلى غير ما يسبق إلى الفهم كالحذاء، ظاهره أنه منسوب إلى صناعة الحذاء أو بيعها وليس كذلك، وإنما كان يجالسهم فنسب إليهم، وكسليمان التيمي لم يكن من بني تيم، ولكنه نزل فيهم، أو كأبي مسعود البدري عقبة بن عمرو يسبق إلى الفهم أن نسبته إلى الغزوة المشهورة وليس كذلك، وإنما نزل بدراً فنسب إليها، وإن قال البخاري: إنه حضر بدراً فنسبته إلى الغزوة مع أنه سكن بدر، وكذا من نسب إلى جده فلا يؤمن التباسه بمن وافق اسمه واسم الجد المذكور ومثال ذلك: سلمة بن الأكوع فإن اسمه سلمة بن عمرو بن الأكوع.
ومعرفة من اتفق اسمه واسم أبيه وجده كالحسن بن الحسن بن الحسن، الحسن بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، وقد يقع أكثر من ذلك وهو من فروع المسلسل، يعني وجد في المتأخرين في القرن الثامن والتاسع محمد بن محمد بن محمد إلى عشرة، نعم ويقع في هذا الخطأ كثيراً، إذا نسب القول حذف واحد، مل الواحد من الكتابة إيش بيكتب عشرة؟! إذا مل فلا يدرى القول هل هو للابن أو للأب أو للجد لأنك إذا حذفت ويش يدريك؟ نعم، إذا صاروا عشرة وحذفت خمسة وبقي خمسة هذا القول لمن؟ ما تدري، فينبغي العناية بهذا.
وقد يتفق الاسم واسم الأب مع اسم الجد واسم أبيه فصاعداً كأبي اليمن الكندي، زيد بن الحسين بن زيد بن الحسين بن زيد بن الحسين، يوجد هذا، زيد بن الحسين بن زيد بن الحسين بن زيد بن الحسين، يعني كل واحد يسمي على أبوه وهكذا فيلزم عليه التسلسل.
وقد يتفق الراوي واسم شيخه وشيخ شيخه فصاعداً كعمران عن عمران عن عمران؛ خالد عن خالد، نعم، عمران عن عمران عن عمران الأول: يعرف بالقصير، والثاني: أبو رجاء العطاردي، والثالث: أبو حصين الصحابي رضي الله عنه، وسليمان عن سليمان عن سليمان: الأول: الطبراني، والثاني: الواسطي، والثالث: الدمشقي.
وقد يقع ذلك للراوي ولشيخه معاً كأبي العلاء الهمداني عطار، مشهور بالرواية عن أبي علي الأصبهاني الحداد، وكل منهما اسمه الحسن بن أحمد بن الحسن بن أحمد بن الحسن بن أحمد فاتفقا في ذلك وافترقا في الكنية والنسبة إلى البلد والصناعة، وصنف فيه أبو موسى المديني جزءاً حافلاً، وهذا النوع مهم، هذا من أهم المهمات أن تعرف مثل هذه الأمور، إذا جاءك خالد عن خالد، قلت: خالد من؟ نعم، خالد بن مهران الحذاء عن خالد بن عبد الله الطحان الواسطي، معروف هذا عند أهل العلم.
ومن المهم أيضاً: معرفة من اتفق اسم شيخه والراوي عنه، من اتفق اسم شيخه والراوي عنه، قال الحافظ:"وهو نوع لطيف لم يتعرض له ابن الصلاح، وفائدته: رفع اللبس عمن يظن أن فيه تكرار أو انقلاب"، فمن أمثلته: البخاري روى عن مسلم وروى عنه مسلم، فشيخه مسلم بن إبراهيم الفراديسي البصري، والراوي عنه مسلم بن الحجاج صاحب الصحيح، وكذا وقع ذلك لعبد بن حميد أيضاً روى عن مسلم بن إبراهيم، وروى عنه مسلم بن الحجاج في صحيحه حديثاً بهذه الترجمة بعينها.
ومنها: يحيى بن أبي كثير روى عن هشام وروى عنه هشام، فشيخه هشام بن عروة وهو من أقرانه، والراوي عنه هشام الدستوائي، ومنها: ابن جريج روى عن هشام وروى عنه هشام فالأعلى ابن عروة والأدنى ابن يوسف الصنعاني.
ومنها: الحكم بن عتيبة روى عن ابن أبي ليلى وروى عنه ابن أبي ليلى، فالأعلى عبد الرحمن الأب، والأدنى محمد بن عبد الرحمن المذكور، وأمثلة ذلك كثيرة جداً، وبالمناسبة ابن أبي ليلى عبد الرحمن بن أبي ليلى الأب ثقة، مشهور من رواة الصحيح، وعبد الرحمن بن أبي ليلي الفقيه المعروف سيء الحفظ، سيء الحفظ، فإذا وجدت كلاماً في الأحكام منسوب لابن أبي ليلى فهو للابن وليس للأب، الفقيه في كتب الفقه قال بذلك ابن شبرمة وابن أبي ليلى وغيرهم، المقصود بابن أبي ليلى الفقيه الابن سيء الحفظ، وليس المقصود به الأب لأنه ليس بمثابة ابنه في الفقه، وهذه خفيت على كثير ممن يبحث في المسائل الفقهية وحلها عند النووي رحمه الله في شرح مسلم أشار إلى أن الفقيه الذي يدور اسمه كثيراً هو الابن محمد وليس الأب عبد الرحمن، وأمثلة ذلك كثيرة جداً.
قال الحافظ: "ومعرفة الأسماء المجردة والمفردة، والكنى والألقاب والأنساب، وتقع إلى القبائل وإلى الأوطان بلاداً أو ضياعاً" الضياع: كرجال جمع ضيعة بالفتح، العقار أو الأرض المغلة كما في القاموس، "أو سككاً"، السكك: الأزقة والمحال "أو مجاورة"، أو إلى الصنائع والحرف ويقع فيها الاتفاق والاشتباه كالأسماء وقد تقع ألقاباً.
ومعرفة أسباب ذلك، ومعرفة الموالي من أعلى ومن أسفل بالرق أو بالحلف، ومعرفة الإخوة والأخوات، قال الحافظ في شرحه:"ومن المهم في هذا الفن معرفة الأسماء المجردة، الأسماء المجردة، وقد جمعها جماعة من الأئمة فمنهم من جمعها بغير قيد" يعني بكونها أسماء ثقات أو ضعاف أو مذكورة في كتاب مخصوص كابن سعد في الطبقات وابن أبي خيثمة والبخاري في تاريخهما وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل، يعني هؤلاء يجمعون الرواة من غير قيد، لم يتقيدوا بالثقات فقط ولا بالضعفاء فقط ولا برجال كتب معينة فقط، بل أطلقوا، كل ما وقع لهم من الرواة ذكروه، فهؤلاء جمعوا الرجال من غير قيد، ومنهم من أفرد الثقات بالذكر كالعجلي وابن حبان وابن شاهين، ومنهم من أفرد المجروحين كابن عدي وابن حبان والعقيلي وغيرهم، ومنهم من تقيد بكتاب مخصوص كرجال البخاري لأبي نصر الكلاباذي ورجال مسلم لأبي بكر بن منجويه، ورجالهما لأبي الفضل بن طاهر، ورجال أبي داود لأبي علي الجياني، وكذا رجال الترمذي ورجال النسائي لجماعة من المغاربة، ورجال الستة الصحيحين وأبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه لعبد الغني المقدسي في كتابه الكمال، وعرفنا أنه أصل جميع ما كتب في رجال الكتب الستة، الكمال، ومع ذلكم أهمل لسبب شهرة المختصر المهذب تهذيبه للحافظ المزي، وشهرة مؤلفه، ثم هذبه المزي في تهذيب الكمال.
قال ابن حجر: "وقد لخصته وزدت عليه أشياء، وسمته تهذيب التهذيب، وجاء مع ما اشتمل عليه من الزيادات قدر ثلث الأصل"، وهنا المعلق نعم يقول:"وسميته تهذيب التهذيب وجاء مع ما اشتمل عليه من الزيادات" .. إلى آخره، يقول:"ثم هذبه المزي في تهذيب الكمال وقد لخصته"، المعلق يقول:"حسب العادة المألوفة أي أنه أخذ ثلثه وحذف ثلثيه"، الحافظ يقول:"وجاء مع ما اشتمل عليه من الزيادات قدر ثلث الأصل"، قال هذا المعلق -كمال الدين الأدهمي-: يقول: "حسب العادة المألوفة أي أنه أخذ ثلث وحذف الثلثين ونسبه إلى نفسه"، هذا مع كونه زاد عليه أشياء كثيرة فلو كان لم يزد ماذا يكون حجم ذلك المختصر؟ ثم ما الفائدة في كونه يحذف نصفه أو أكثر منه ويزيد عليه؟ ألا كان في وسعه أن يجعل. . . . . . . . . ذيلاً بالزيادات التي زادها فيكون أبقى للكتاب كما هو من غير تلعب فيه؟ وعرفنا أن هذا المعلق متحامل على الحافظ رحمه الله.
كلمة (المجردة)"ومعرفة الأسماء المجردة" الأسماء المجردة كثير من الشروح لا يعرف معنى كيف مجردة؟ إيش معنى مجردة؟ مجردة من إيش؟ والذي يظهر لي أنا أنها مجردة من الكتب، من كتب إيش؟ من كتب الرواية، من كتب الحديث، يعني مثلاً الذي يكتب في رجال البخاري ما هو بيجرد هذه الأسماء من هذا الكتاب من البخاري أولاً؟ يجرد هذه الأسماء ثم يتتبع أقوال أهل العلم في هؤلاء الرجال؟ نعم، يقول:"ومعرفة الأسماء المجردة" إيش معنى مجردة؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، أقول: مثل هذا الشخص الذي يكتب في رجال الكتب الستة أول عمل يعمله ماذا يصنع؟ يجرد هذه الأسماء من هذه الكتب الستة، يأتي إلى أسانيد البخاري فيجردها من الصحيح، يأتي إلى أسانيد مسلم فيجردها، يأتي إلى أسانيد أبي داود فيذكر الزوائد، يأتي إلى أسانيد وهكذا، ثم يذكرها مرتبة ويذكر فيها ما قال فيها أهل العلم من جرح أو تعديل.
يتعقب الشيخ قاسم بن قطلوبغا تلميذ المصنف: بأنه إن كان مراده بالمجردة التي لا تقيد .. ، لا تقيد بكونهم ثقات أو ضعفاء أو رجال كتاب مخصوص فلا يظهر معنى قوله:"ومنهم من جمعها بغير قيد" منهم من جمعها بغير قيد، جمع الكتب المجردة بغير قيد، فتعقب ظاهر إن كان المراد المجردة أنها لا تقيد بكونهم ثقات أو ضعفاء، قال الملا علي القاري:"الأسماء المجردة أي من الكنى والألقاب" كيف؟ أعم من أن يكون أصحابها ثقات أو ضعاف مذكورة في كتاب دون كتاب، وبهذا اندفع اعتراض التلميذ بقوله:"إن كان المراد بالمجردة التي لا تقيد بكونهم ثقات أو ضعفاء أو رجال كتاب مخصوص فلا يظهر معنى قوله: "فمنهم من جمعها بغير قيد" انتهى، قال الملا: "لكن لا يخفى أن الدفع إنما يتم لو ثبت أن جمع الأئمة مختص بمن لم يكن له كنية أو لقب مع أن هذه الأسماء المجردة فيها كنى وفيها ألقاب أو بمن لم يشتهر بأحدهما، والظاهر أن جمعهم أجمع وأعم".
وفي شرح أبي الحسن السندي الصغير بهجة النظر: "المراد بالمجردة العارية عن الخصوصيات، المتقدمة من التوافق بالوجوه المذكورة، ومن اشتهار مسمياتها بالكنى" يعني أن معرفة الأسماء المقيدة بالخصوصيات المذكورة من المهمات، وكذا معرفة الأسماء العارية عنها، فمعرفة الكل من المهم، لكن الذي يظهر لي أن الأسماء المجردة التي جردت من الكتب، من كتب الرواية للكلام عليها من خلال جمع كلام أهل العلم.
ومن المهم أيضاً: معرفة الأسماء المفردة التي لم يشارك من تسمى بشيء منها غيره فيها، وقد صنف فيها -أي في خصوصها- وإلا فالظاهر أن الجوامع المتقدمة شاملة للأسماء المفردة، أي تواريخ البخاري، وسؤالات الإمام أحمد، كتب الثقات، كتب الضعفاء موجود فيها الأسماء المفردة، صنف فيها على سبيل الإفراد الحافظ أبو بكر أحمد بن هارون البرديجي، قال الحافظ ابن حجر: ذكر –يعني البرديجي- أشياء تعقبوا عليه بعضها، من ذلك قوله: "صغدي بن سنان أحد الضعفاء، وهو بضم المهملة، وقد تبدل سيناً –سغدي- سيناً مهملة، وسكون الغين المعجمة بعدها دال مهملة، ثم ياء كياء النسب، وهو اسم علم بلفظ النسب، واسمه سندي بن حبيش، اسم لكنه بلفظ النسب، مثل حرمي بن عمارة اسم لكنه بلفظ النسب، وهذا كثير، لكن صغدي كم من شخص سمي صغدي؟ يقول: هذا شخص مفرد ما في غيره، كم من شخص سمي أجمد؟ أجمد، أحمد بإعجام الحاء، أجمد، كم من شخص؟ هذه أسماء مفردة، يسمونها مفردة، وهو علم بلفظ النسب وليس هو فرداً، ففي الجرح والتعديل لابن أبي حاتم أكثر من واحد سمي باسم صغدي، صغدي الكوفي وثقه ابن معين، وفرق بينه وبين الذي قبله فضعفه، وفي تاريخ العقيلي: صغدي بن عبد الله يروي عن قتادة، قال العقيلي: حديثه غير محفوظ، وأظنه هو الذي ذكره ابن أبي حاتم، وأما كون العقيلي ذكره في الضعفاء فإنما هو للحديث الذي ذكره، وليست الآفة منه بل هي من الراوي عنه عنبسة بن عبد الرحمن، والله أعلم.
ومن ذلكم: سندر، سندر بوزن جعفر، وهو مولى زنباع الجذامي، له صحبة ورواية، والمشهور أنه يكنى أبا عبد الله وهو اسم فرد سندر، لم يتسم به غيره فيما نعلم، قاله ابن حجر، لكن ذكر أبو موسى في الذيل على معرفة الصحابة لابن منده: سندر أبو الأسود، وروى له حديثاً وتعقب عليه ذلك؛ فإنه هو الذي ذكره ابن منده، وقد ذكر الحديث المذكور محمد بن ربيع الجيزي في تاريخ الصحابة الذين نزلوا مصر في ترجمة سندر مولى زنباع، يقول:"وقد حررت ذلك في كتابي الصحابة".
ومن المهم معرفة الكنى المجردة، ويقال فيه ما يقال في الأسماء المجردة.
والألقاب: وهي تارة تكون بلفظ الاسم، اللقب تارة يكون بلفظ الاسم كسفينة مثلاً، وتارة بلفظ الكنية كأبي تراب وأبي بطن هذا لقب لكنه بلفظ الكنية، وتارة نسبة إلى عاهة كالأعمش أو حرفة كالعطار، أو صفة كزين العابدين وهكذا.
وكذا معرفة الأنساب: وهي تارة تقع إلى القبائل، وهي في المتقدمين أكثر بالنسبة إلى المتأخرين، وتارة إلى الأوطان وهذا في المتأخرين أكثر أي بالنسبة إلى المتقدمين، وبالنسبة إلى الوطن أعم من أن يكون بلاداً أو ضياعاً أو سككاً أو مجاورة، وإلى الصنائع والحرف كالخياط والبزار، ويقع فيها الاتفاق والاشتباه كالأسماء، وقد تقع الأنساب ألقاباً كمحمد بن مخلد القطواني كان كوفياً ويلقب بالقطواني وكان يغضب منها، وهي مأخوذة من القطوان وهي مقاربة الخطو مع النشاط، وفي شرح السندي نقلاً عن اللقاني: القطوان موضوعان أحدهما بسمرقند والآخر بالكوفة، وهذا منسوب إلى الذي بالكوفة، فعلى هذا يكون نسبة وليست بلقب.
ومن المهم أيضاً معرفة أسباب الألقاب والنسب التي باطنها على خلاف ظاهرها كالضال، الضال لقب معاوية بن عبد الكريم الضال، اسم فاعل من ضل، إيش معنى ضال؟ ضل بطريق مكة، ضاع، فقيل له: الضال، والذي يتبادر من هذا اللقب أنه وصف سيء من الضلال نسأل الله العافية، والضعيف ضد القوي لقب عبد الله بن محمد لضعف جسمه وليس لضعف روايته، وصاعقة محمد بن عبد الرحيم لقب بذلك لشدة حفظه، ومحمد بن سنان العوقي باهلي نزل بالعوقة بطن من عبد القيس فنسب إليها، وكأبي مسعود البدري على ما تقدم في قول الأكثرين لم يشهد بدراً بل نزل بها أو سكنها فنسب إليها.
ومن المهم: معرفة الموالي من أعلى ومن أسفل بالرق أو بالحلف أو بالإسلام؛ لأن كل ذلك يطلق عليه مولى، ولا يعرف ذلك إلا بالتنصيص عليه من إمام معتمد للتفرقة بين الموالي المذكورين.
ومن المهم أيضاً: معرفة الإخوة والأخوات من العلماء والرواة كذلك، وقد صنف فيه القدماء كعلي بن المديني ومسلم بن الحجاج والنسائي والسراج، ولأبي داود أيضاً كتاب في الإخوة والأخوات مطبوع، ومثال ذلك في الصحابة عمر وزيد، عمر وزيد ابنا الخطاب، وعبد الله وعبيد الله ابنا مسعود، ومن اللطائف أن ثلاثة أو أربعة وقعوا في إسناد واحد، ففي العلل للدارقطني من طريق هشام بن حسان عن أخيه يحيى بن سيرين عن أخيه أنس بن سيرين عن محمد بن سيرين عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((لبيك حقاً حقاً تعبداً ورقاً)) وذكر أبو طاهر المقدسي أن محمد بن سيرين رواه عن أخيه سعيد عن أخيه أنس.
ومن فائدة معرفة الإخوة والأخوات كما قال القاري: دفع توهم اتحاد المتعدد حيث يكون البعض مشهوراً دون غيره، ومنها: دفع ظن من ليس بأخٍ أخاً لاشتراك أبويهما في الاسم كأحمد بن إشكاب وعلي بن إشكاب ومحمد بن إشكاب، فالأول حضرمي، والآخران غيره، نعم.
أحسن الله إليك: "ومعرفة أدب الشيخ والطالب، وسن التحمل والأداء، وصفة كتابة الحديث وعرضه وسماعه وإسماعه والرحلة فيه، وتصنيفه إما على المسانيد أو الأبواب أو العلل أو الأطراف، ومعرفة سبب الحديث، وقد صنف فيه بعض شيوخ القاضي أبي يعلى بن الفراء، وصنفوا في غالب هذه أنواع، وهي نقل محض، ظاهرة التعريف، مستغنية عن التمثيل، وحصرها متعسر، فلتراجع لها مبسوطاتها، والله الموفق والهادي لا إله إلا هو.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين"
نعم.
يقول الحافظ -رحمه الله تعالى-: "ومعرفة أدب الشيخ والطالب، وسن التحمل والأداء، وكتابة الحديث وعرضه وسماعه وإسماعه والرحلة، وتصنيفه على المسانيد أو الأبواب أو العلل أو الأطراف" ذكر الحافظ -رحمه الله تعالى- مما يحتاج إليه طالب الحديث أشياء مهمة، فمنها: آداب المحدث، ومن أهمها: الإخلاص وتصحيح النية، قال ابن الصلاح:"علم الحديث علم شريف يناسب مكارم الأخلاق ومحاسن الشيم، وينافر سيء الأخلاق ومشاين الشيم، وهو من علوم الآخرة لا من علوم الدنيا، فمن أراد التصدي لإسماع الحديث أو لإفادة شيء من علومه فليقدم تصحيح النية، وليطهر قلبه من الأغراض الدنيوية وأدناسها، وليحذر بلية حب الرئاسة ورعوناتها" فقد أخرج أبو داود والنسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من تعلم علماً مما يبتغى به وجه الله لا يتعلمه إلا ليصيب به غرضاً من أغراض الدنيا لم يجد عرف الجنة)).
الثاني: من آداب المحدث: أن يجلس للتحديث عند التأهل والاحتياج إليه، قال ابن الصلاح:"وقد اختلف في السن الذي إذا بلغه استحب له التصدي لإسماع الحديث والانتصاب للرواية، والذي نقوله: إنه متى احتيج إلى ما عنده استحب له التصدي لروايته ونشره في أي سن كان، اختار الرامهرمزي في الحد الذي إذا بلغه الناقل حسن به أن يحدث هو أن يستوفي الخمسين؛ لأنها انتهاء الكهولة وفيها مجتمع الأشد، قال: "وليس بمستنكر أن يحدث عند استيفاء الأربعين لأنها حد الاستواء ومنتهى الكمال، نبئ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن أربعين، وفي الأربعين تتناهى عزيمة الإنسان وقوته، ويتوفر عقله، ويجود رأيه"، وأنكر القاضي عياض ذلك على بن خلاد الرامهرمزي وقال: "كم من السلف المتقدمين ومن بعدهم من المحدثين من لم ينتهِ إلى هذا السن ومات قبله؟ " يعني ينتظر إلى أن يصل الخمسين قد يموت قبل الخمسين، النووي مات وعمره ستة وأربعين، ينتظر إلى أن يبلغ الأربعين ومن يؤمنه إلى بلوغ الأربعين؟! قد يكون الناس بحاجة إليه ماسة، لا يوجد في البلد غيره وعمره ثلاثون، نقول: انتظر عشر سنوات إلى أن تنضج؟ لا، يقول -قال القاضي عياض-: "كم من السلف المتقدمين ومن بعدهم من المحدثين من لم ينتهِ إلى هذا السن ومات قبله، وقد نشر من الحديث والعلم ما لا يحصى، هذا عمر بن عبد العزيز توفى ولم يكمل الأربعين، وسعيد بن جبير لم يبلغ الخمسين، وكذلكم إبراهيم النخعي، وهذا مالك بن أنس جلس للناس ابن نيف وعشرين، وقيل: ابن سبع عشرة والناس متوافرون وشيوخه أحياء، كذلك محمد بن إدريس الشافعي قد أخذ عنه العلم في سن الحداثة، واتنصب لذلك، والله أعلم".
لكن المعول في ذلك على التأهل والحاجة، إذا وجدت الحاجة مع التأهل تعين عليه أن يجلس لإفادة الناس، حمل ابن الصلاح ما ذكره الرامهرمزي على من يتصدى للتحديث ابتداءً من نفسه من غير براعة في العلم، وأما الذين ذكرهم عياض ممن حدث قبل ذلك فالظاهر أن ذلك لبراعة منهم في العلم تقدمت ظهر لهم معها الاحتياج إليهم فحدثوا قبل ذلك، أو لأنهم سئلوا ذلك إما بصريح السؤال وإما بقرينة الحال.
وأما السن الذي إذا بلغه المحدث أمسك عن التحديث فهو السن الذي يخشى عليه فيه من الهرم والخرف، ويخاف عليه فيه أن يخلط ويروي ما ليس من حديثه، والناس في بلوغ هذا السن يتفاوتون بحسب اختلاف أحوالهم، وهكذا إذا عمي وخاف أن يدخل عليه ما ليس من حديثه فليمسك عن الرواية، بعض الناس اعتاد ألا يحدث الناس إلا من كتاب فإذا عمي ضاع، مثل هذا يمسك، انتهى.
وقال الرامهرمزي: "أعجب إلي أن يمسك في الثمانين لأنه حد الهرم، فأن كان عقله ثابتاً، ورأيه مجتمعاً، يعرف حديثه ويقوم به، وتحرى أن يحدث احتساباً رجوت له خيراً" ووجه ابن الصلاح ما قاله الرامهرمزي: أن من بلغ الثمانين ضعف حاله في الغالب، وخيف عليه الاختلال والإخلال، وألا يفطن له إلا بعد أن يختلط، ألا يفطن لهذا الشيخ إلا بعد أن يختلط كما أتفق لغير واحد من الثقات منهم عبد الرزاق وسعيد بن أبي عروبة، قال ابن الصلاح:"قد حدث خلق بعد مجاوزة هذا السن -يعني بعد الثمانين إلى تسعين بل إلى مائة- حدث خلق بعد مجاوزة هذا السن فساعدهم التوفيق، وصحبتهم السلامة منهم: أنس بن مالك" يعني مات عن مائة وثلاثة سنين أنس بن مالك، "سهل بن سعد عبد الله بن أبي أوفى من الصحابة ومالك والليث وابن عيينة، وعلي بن الجعد في عدد جم من المتقدمين والمتأخرين، وفيهم غير واحد حدثوا بعد استيفاء مائة سنة، منهم: الحسن بن عرفة وأبو القاسم البغوي وأبو أسحق الهجيمي والقاضي أبو الطيب الطبري وغيرهم".
من آداب المحدث: ألا يحدث بحضرة من هو أولى منه، ألا يحدث بحضرة من هو أولى منه، وهذا بخلاف ما نراه من التطاول على الكبار، تجد في بلد فيه الكبار ويتصدى لإقراء الناس مع وجود الكبار وعدم الاحتياج إليه، مثل هذا لا يحدث بحضرة هؤلاء، يعني من الأدب ألا يحدث بحضرة هؤلاء، نعم إن احتيج إليه، والبلد بحاجة إلى أكثر من شخص يتصدر وأجره على الله، ألا يحدث بحضرة من هو أولى منه بذلك، وكان إبراهيم والشعبي إذا اجتمعا لم يتكلم إبراهيم بشيء، وزاد بعضهم: فكره الرواية ببلد فيه من المحدثين من هو أولى منه لسنه أو لغير ذلك، قال ابن معين:"إن الذي يحدث في البلدة وفيها من هو أولى منه بالتحدث فهو أحمق".
الأمر الرابع: "ينبغي للمحدث إذا التمس منه ما يعلمه عند غيره في بلده أو غيره بإسناد أعلى من إسناده أو أرجح من وجه آخر أن يعلم الطالب ويرشده إليه فالدين النصيحة، يعني إذا طلب من الشيخ أن يقرأ عليه كتاب، ويعرف أن الشيخ الفلاني يتقن هذا الكتاب أكثر منه، ينصح الطلاب بأن يذهبوا إلى فلان، ولا يكون هدفه التخلي عن نفع الناس؛ لأن بعض الناس من باب التنصل عن المسئولية يفرق الناس، من جاءه اذهب إلى فلان، اذهب إلى فلان، لا، لكن القصد في ذلك النصيحة، إذا جاءه شخص معه كتاب وهو يحسن هذا الكتاب لكن يوجد في البلد من يتقنه أكثر منه من النصيحة أن يقال: اذهبوا لفلان فإنه أعرف مني بهذا الكتاب فإن الدين النصيحة.
خامساً: أن لا يمتنع من تحديث أحد لكونه غير صحيح النية فيه فأنه يرجى له حصول النية بعد، يعني بعض الناس تظهر عليه آثار عدم الاستقامة فلا ينبغي للمحدث أن يقول: نعتذر عن تحديثك لأن مظهرك يدل على أن نيتك ما هي بصالحة، نقول: لا، فليسمع الحديث وليستفد، قال معمر:"كان يقال: إن الرجل ليطلب العلم لغير الله فيأبى عليه العلم حتى يكون لله عز وجل" وليس معنى هذا أن الإنسان يسترسل فيطلب العلم بغير نية خالصة يقول: تأتي النية فيما بعد، لا، وما يؤملك أن تموت قبل تصحيح النية فتقع في الوعيد الشديد.
سادساً: أن يكون حريصاً على نشر العلم، مبتغياً جزيل أجره، وقد كان في السلف رضي الله عنهم من يتألف الناس على حديثه، منهم عروة بن الزبير رضي الله عنهما، كثير من أهل العلم من يكرم الطلاب الملازمين له، ولا شك أن كما أن للشيخ حق على هؤلاء الطلاب بأن قصر وقته وجهده عليهم له حق عليهم، لكن أيضاً هم أيضاً من باب آخر لهم حق عليه، بحيث اجتمعوا له، وبعضهم يفيد الشيخ، لا شك أن تكامل الطلاب وتوافرهم لا شك أنه يفتح آفاق للشيخ، مناقشة المسائل مع الطلاب كثيراً ما تنضج هذه المسائل.
سادساً: أن يكون حريصاً على نشر العلم، مبتغياً جزيل أجره، وقد كان في السلف رضي الله عنهم من يتألف الناس على حديثه، منهم عروة بن الزبير رضي الله عنهما، قال ابن الصلاح:"وليقتدِ بمالك رضي الله عنه فقد كان إذا أراد أن يحدث توضأ وجلس على صدر فراشه، وسرح لحيته، وتمكن في جلوسه بوقار وهيبة وحدث" يعني ينبغي للمحدث أن يعتني بنفسه وقت التحديث، فقيل له في ذلك:"فقال: أحب أن أعظم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أحدث إلا على طهارة متمكناً"، وكان يكره أن يحدث في الطريق أو هو قائم أو يستعجل، وقال:"أحب أن أتفهم ما أحدث به عن رسول صلى الله عليه وسلم"، وروي عنه رحمه الله أنه كان يغتسل لذلك، ويتبخر ويتطيب، فأن رفع أحد صوت في مجلسه زبره وقال: قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} [(2) سورة الحجرات] فمن رفع صوته عند حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فكأنما رفع صوته فوق صوت رسول صلى الله عليه وسلم، فلا يحدث وهو قائم أو مضطجع أو وهو يمشي أو مستعجل، لكن قد تدعو الحاجة إلى شيء من ذلك، بأن يكون الشيخ تعبان فلا يحرم الناس من حديثه فيحدث وهو مضطجع، قد يحتاج الناس إلى بعض الأسئلة أو بعض الأحاديث وهو في طريقه لا مانع، {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ} [(191) سورة آل عمران] لكن لا ينبغي أن تكون الصفة الغالبة كما يوجد في بعض بلاد غرب أفريقيا، تجد الطالب مضطجع في جهة، والشيخ مضطجع قد ولاهم ظهره، وأحياناً يتصرف تصرفات ليست مناسبة، هذا موجود في بعض الجهات، حدثنا بعض الإخوان أن هناك شيخ من بعض بلاد أفريقيا من غرب أفريقيا يقول: حضرنا عنده درس في مكة مضطجع على سريره وظهره إلينا ووجهه إلى الجدار ويحدث، وقد طلب من بعض الطلاب أن يحك ظهره، أقول: كيف يحدث مثل هذا؟ نعم إن كانت الحاجة داعية إلى ذلك الشيخ مريض لا بأس، لكن مع عدم الحاجة كيف يؤدي العلم؟ يبلغ عن الله وعن رسوله على هذه الهيئة؟ والغالب أن مثل هذا يكون مالكي المذهب، هل هذا اقتدى بإمامه الإمام مالك -رحمة الله عليه-؟!
على المحدث أن يقبل على طلابه جميعاً ولا يخص بعضهم بمزيد عناية دون بعض، روي عن حبيب بن أبي ثابت أنه قال:"إن من السنة إذا حدث الرجل القوم أن يقبل عليهم جميعاً"، ولا شك أن هذا يورث الغيرة من بعض الطلاب حينما يخص بعضهم دون بعض، لكن ما يمنع أن يكون فيهم طلبة متميزون يفيدون الشيخ يعول عليهم كثيراً ويسألهم ويستوضحوه، ويسأل غيرهم إذا شك في فهمه من أجل أن يتابع طلابه هل فيهم المنتبه وغير المنتبه؟ هل فيهم من يستوعب ومن لا يستوعب؟ والله المستعان.
أن لا يسرد الحديث سرداً يمنع السامع من إدراك بعضه، لا يسرد الحديث سرداً يمنع السامع من إدراك بعضه، لكن قد تدعو الحاجة لذلك لضيق الوقت مثلاً، يعني نحن في آخر درس من دروس الشرح هذا، نحتاج أحياناً إلى السرد؛ لأنه ما عندنا وقت، خلاص انتهى الوقت، أن لا يسرد الحديث سرداً لكن يكون هذا في حال السعة، يمنع السامع من إدراك بعضه، وليفتتح مجلسة وليختمه بذكر ودعاء يليق بالحال.
من آداب المحدث وهو العاشر: أن يعقد مجلساً للإملاء، فإنه من أعلى مراتب الراوية، والسماع فيه من أحسن وجوه التحمل وأقواه.
الحادي عشر: أن يتخذ مستملياً يبلغ عنه إذا كثر الجمع فذلك دأب أكابر المحدثين المتصدين لمثل ذلك، ممن روي عنه ذلك مالك وشعبة ووكيع وأبو عاصم ويزيد بن هارون في عدد كثير من الأعلام السالفين، وليكن المستملي محصلاً متيقظاً، المستملي من هو؟ يعني الشيخ لا يبلغ من في آخر المجلس، بعض الشيوخ يحضر عنده عشرات الألوف وليس هناك مكبرات فكيف يسمع من كان في آخر المجلس؟ يتخذون مستملين، واحد في الجهة اليمنى، واحد في اليسرى، وواحد في الوسط، إذا قال الشيخ كلمة أعادها هؤلاء ليسمعها البعيد، لكن هذا المستملي ينبغي أن يكون متيقظاً محصلاً عنده شيء من العلم، ما يكون عامي ما يفهم شيء، يبلغ الشيء على غير وجهه، ولا يكون غبي كي لا يقع في مثل ما روينا أن يزيد بن هارون سئل عن حديث فقال:"حدثنا به عدة" حدثنا به عدة، فصاح به المستملي: يا أبا خالد عدة ابن من؟ فقال له: عدة ابن فقدتك، هذا ما يفهم لا بد أن يكون الذي يتولى التبليغ عن الشيخ فطن، عنده شيء من التحصيل، وعليه أن يتبع لفظ المحدث فيؤديه على وجهه من غير خلاف.
فيحسن بالمحدث الثناء على شيخه في حال الرواية عنه بما هو أهل له، فقد فعل ذلك غير واحد من السلف والعلماء، كما روي عن عطاء بن أبي رباح أنه كان إذا حدث عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:"حدثني البحر" وعن وكيع أنه قال: "حثنا سفيان أمير المؤمنين في الحديث" نعم يثني على الشيخ من باب المكافئة أن يثني على شيخه وليس المراد الثناء لذاته، وإنما المراد أن يؤخذ العلم عن هذا الشيخ، من أجل أن يؤخذ العلم عن هذا الشيخ، وليعلم أن الشيخ بحاجة إلى الدعاء أكثر من حاجته إلى الثناء، والله المستعان.
من آداب طالب العلم، طالب الحديث وغيره من العلوم: أن يخلص النية لله سبحانه وتعالى، وأن يحذر من أن يتخذ علمه وصلة إلى شيء من الأغراض الدنيوية، فقد قال حماد بن سلمة:"من طلب الحديث لغير الله مكر به".
ثانياً: أن يوقر شيخه وأن يتحرى رضاه، وألا يضجره بكثرة الأسئلة، لا سيما إذا رأى عدم رغبته في ذلك، ثالثاً: أن يستشير الشيخ فيما يشتغل به، وفي كيفية اشتغاله، وفي سائر أموره، يستشيره في الكتاب الذي يقرأ، في الكتاب الذي يخرج، في الكتاب الذي يشرح، في الكتاب الذي يختصر، يستشيره في جميع هذه الأعمال العلمية.
رابعاً: أن يرشد غيره لما سمعه، وألا يدع الاستفادة لحياء أو كبر فليأخذ الحديث عمن هو فوقه ومثله ومن دونه، بعض الناس يأنف أن يأخذ من شخص أصغر منه، فلا ينبل الرجل ولا يكمل إلا إذا تواضع وأخذ العلم عن كل أحد ممن هو فوقه أو مثله أو دونه، أن يعتني بتقييد ما سمعه ويضبطه، وأن يذاكر بمحفوظه ليرسخ في ذهنه، بعض الطلاب لا يعرف الكتاب إلا في الحلقة، لكن طالب العلم الحق إذا انتهى من الحلقة ذهب فراجع ما سمعه من الشيخ، واجتمع مع مجموعة من الأخوة وتذاكروا فيما بينهم، وأن يكتب الأحاديث المشهورة، وأن يدع الغرائب والأحاديث المنكرة.
سادساً: أن يبدأ بالأهم من كتب الحديث رواية ودراية فيقدم الصحيحين ثم كتب السنن، ثم صحيح بن خزيمة، وصحيح ابن حبان، ثم السنن الكبرى للبيهقي، ثم مسند الإمام أحمد وسائر المسانيد، ثم الموطأ وسائر الجوامع، ثم كتب الأحكام مثل العمدة والبلوغ والمحرر والمنتقى وغيرها، ثم كتب العلل مثل العلل للإمام أحمد والدارقطني وابن أبي حاتم، ثم كتب الأسماء مثل تواريخ البخاري وابن معين وابن أبي خيثمة وغيرها، ثم كتب ضبط الأسماء مثل الإكمال لابن ماكولا، والمشتبه وتبصير المنتبه وغيرها مما مر ذكره.
أن يتعرف درجة الحديث، على الطالب أن يتعرف درجة الحديث وفقهه ومعانيه ولغته وإعرابه، وأسماء رجاله، محققاً كل ذلك، معتنياً بإتقان المشكل حفظاً وكتابة، فلا يقتصر على مجرد كتابة الحديث دون معرفته وفهمه، أن يعتني بكتب غريب الحديث والتي تقدم ذكر شيء منها، غريب الحديث لأبي عبيد الحربي وأبي عُبيدة والهروي والخطابي وابن الجوزي والزمخشري وابن الأثير وغيرها.
وأن يعتني بكتب شروح الحديث، يعتني بكتب شروح الحديث مثل فتح الباري وإرشاد الساري وعمدة القاري وشرح النووي وعون المعبود وتحفة الأحوذي ونيل الأوطار والتمهيد والاستذكار وغيرها، كتب كثيرة جداً في الشروح، يقرأ على كل متن من متون السنة ولو شرح واحد.
أن يعمل بما سمع من أحاديث العبادات وفضائل الأعمال، فإن ذلك زكاة الحديث وسبب لحفظه، والعلم بلا عمل كالشجر بلا ثمر لا قيمة له.
مما ينبغي لطالب الحديث معرفة سن التحمل والأداء، والأصح اعتبار سن التحمل والتمييز هذا في السماع كما تقدم، المعتبر في سماع الحديث التمييز، وقد جرت عادة المحدثين بإحضار الأطفال مجالس الحديث ويكتبون لهم أنهم حضروا، ولا بد في ذلك من إجازة المسمِع، والأصح في سن الطالب بنفسه أن يتأهل لذلك ويصح تحمل الكافر أيضاً إذا أداه بعد إسلامه، جبير بن مطعم سمع النبي عليه الصلاة والسلام يقرأ في سورة الطور قبل أن يسلم ثم أدى هذه السنة بعد إسلامه، وخرجت في الصحيحين وغيرهما، يصح تحمل الكافر لكن لا يصح أداؤه إلا بعد إسلامه، وكذا الفاسق من باب أولى إذا أدى بعد توبته وثبوت عدالته.
وأما الأداء فلا بد من أن يتأهل لذلك فتتوافر فيه شروط القبول بكونه عدلاً ضابطاً أي مسلماً مكلفاً سالماً من خوارم المروءة وأسباب الفسق، وأن يكون ضابطاً لمرويه بحيث يؤديه متى شاء إذا حدث من حفظه، حاوياً لكتابه حافظاً له إن أدى منه، بحيث لا يخرجه من يده إلا إلى ثقة.
أجمع جمهور أئمّة الأثر
…
والفقه في قبول ناقل الخبر
بأن يكون ضابطاً معدّلاً
…
أي يقظاً ولم يكن مغفّلاً
يحفظ إن حدّث حفظاً يحوي
…
كتابه إن كان منه يروي
يعلم ما في الّلفظ من إحالة
…
إن يرو بالمعنى وفي العدالة
بأن يكون مسلماً ذا عقلِ
…
قد بلغ الحلم سليم الفعلِ
من فسق أو خرمِ مروءةٍ ومن
…
زكّاه عدلان فعدل مؤتمن
إلى آخر كلامه -رحمه الله تعالى-.
ومن المهم أيضاً: معرفة صفة كتابة الحديث وهو أن يكتبه مفسراً مبيناً، ويشكل المشكل منه، وينقط المعجم، ويكتب الساقط في الحاشية اليمنى ما دام في السطر بقية وإلا ففي اليسرى.
ومن المهم أيضاً: معرفة صفة عرضه وهو مقابلته مع الشيخ المسمع أو مع ثقة غيره أو مع نفسه شيئاً فشيئاً، يعني ينسخ إذا أراد أن ينسخ الكتب ينسخ بخط واضح يشكل المشكل، ينقط المعجم، نعم، يقابل على الأصل، فما سقط من نسخته يلحقه بالحاشية، نعم ويقابل مع الشيخ صاحب الكتاب الأصلي أو مع ثقة آخر أو مع نفسه شيئاً فشيئاً يقرأ الجملة من الفرع ثم يقرأها من الأصل وهكذا، وصفة سماعه بأن لا يتشاغل بما يخل به من نسخ أو حديث أو نعاس، صفة سماع الحديث يعتني بذلك أثناء إلقاء الشيخ الحديث والدرس ينبغي للطالب أن يكون على أكمل حال، متهيئ لما يلقى غير متشاغل، إما بنعاس أو حديث مع شخص آخر، وقد وجد مع الأسف الشديد وهذا ظاهر في الدراسات النظامية من يقرأ في كتاب آخر أو يتكلم مع شخص آخر حتى وجد من يقرأ في صحف وما أشبه ذلك، لا شك أن مثل هذا السماع رديء جداً لا يعتد به، بل الإجازة على وجهها خير من مثل هذا السماع، ونحن نقول للطلاب: إن الانتساب أفضل من مثل هذا الانتظام، الإجازة على وجهها خير من السماع الرديء، فعلى طالب العلم أن يعتني، لماذا جاء إلى حلقة العلم؟ ليستفيد، كيف يستفيد وهو يتشاغل؟ وأن يعتني بصفة سماعه بأن لا يتشاغل بما يخل به من نسخ أو حديث أو نعاس، وصفة إسماعه كذلك، وأن يكون ذلك من أصله الذي سمع منه أو من فرع قوبل على أصله فإن تعذر فليجبره بالإجازة لما خالف إن خالف.
ومن المهم أيضاً: الرحلة في طلب الحديث بعد أن يبدأ بحديث أهل بلده فيستوعبه ثم يرحل فيحصل في الرحلة ما ليس عنده ويكون اعتناؤه بأسفاره بتكثير المسموع أولى من اعتنائه بتكثير الشيوخ، ولتكن رحلته إلى العلماء المتقنين الضابطين.
ومن ذلك معرفة صفة تصنيف الحديث يعرف كيف ينصف الأئمة الحديث؟ وهم يصنفون على المسانيد بأن يجمع مسند كل صحابي على حدة فإن شاء رتبهم على سوابقهم، وإن شاء رتبه على حروف المعجم، وهو أسهل تناولاً.
أو يصنفوا .. ، من التصانيف ما تصنيفه على الأبواب الفقهية أو غيرها بأن يجمع في كل باب ما ورد مما يدل على حكمه إثباتاً أو نفياً، والأولى أن يقتصر على ما صح أو حسن، فإن جمع الجميع فليبين علة الضعيف، أو تصنيفه على العلل فيذكر متن الحديث وطرقه، وبيان اختلاف نقلته، والأحسن أن يرتبها على الأبواب ليسهل تناولها، أو يجمعه على الأطراف فيذكر طرف الحديث الدال على بقيته، ويجمع أسانيده إما مستوعباً وإما مقيداً بكتب مخصوصة.
ومن المهم: معرفة سبب الحديث، ومن المهم معرفة سبب الحديث: وقد صنف فيه بعض شيوخ القاضي أبي يعلى بن الفراء، نعم من المهم معرفة سبب ورود الحديث، وهو نضير معرفة أسباب النزول بالنسبة للقرآن الكريم، فإن معرفة السبب مما يعين على فهم الحديث وفقهه، وإن كانت العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، ما لم يعارض العموم بما هو أقوى منه، أهل العلم يطلقون العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، لكن قد يحتاج إلى خصوص السبب فتكون العبرة حينئذ بخصوص السبب، عندنا حديث:((صلاة القاعد على النصف من أجر صلاة القائم)) وقول النبي عليه الصلاة والسلام لعمران بن حصين: ((صلِ قائماً فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب)) حديث عمران بن حصين يشمل الفريضة والنافلة، ((صلِ قائماً فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب)) فحديث عمران بن حصين يدل على أن صلاة القاعد لا تصح ولا تجوز ممن يستطيع القيام سواءً كانت في الفريضة أو في النافلة عمومه يقتضي ذلك، الحديث الثاني:((صلاة القاعد على النصف من أجر صلاة القائم)) يدل على صحة الصلاة من القاعد لكن أجره نصف صلاة القائم، وهذا يشمل الفريضة والنافلة، صح وإلا لا؟ بينهم تعارض وإلا ما بينهم تعارض؟ بينهم تعارض ظاهر، فإذا نظرنا إلى سبب ورود الحديث حديث:((صلاة القاعد على النصف من أجر صلاة القائم)) النبي عليه الصلاة والسلام دخل المسجد والمدينة محمة فوجدهم يصلون من قعود، فقال لهم عليه الصلاة والسلام:((صلاة القاعد على النصف من أجر صلاة القائم)) فتجشموا الصلاة قياماً، سبب ورود هذا الحديث أنهم كانوا يصلون قبل حضوره صلى الله عليه وسلم من قعود فدل على أن هذا في النافلة؛ لأنهم لا يمكن أن يصلوا الفريضة قبل حضوره عليه الصلاة والسلام، ودل على أنه بالنسبة للمستطيع لمن يستطيع القيام في النافلة له نصف أجر صلاة القائم، للإنسان أن يصلي وهو مستطيع قاعد وله نصف الأجر، هذا بالنسبة للنافلة بدليل سبب الورود، وهو أيضاً بالنسبة للمستطيع، أما غير المستطيع يصلي النافلة قاعد على النصف، أو أجره كامل؟ أجره كامل، وعلى هذا رجعنا إلى سبب الورود وقصرنا الحديث على سببه، لماذا؟ لأن عمومه معارض
بعموم أقوى منه وهو حديث عمران بن حصين، وصنف فيه أبو حفص العكبري شيخ القاضي أبي يعلى المشار إليه في المتن، وصنف فيه أيضاً السيوطي، وابن حمزة الحصيني وغيرهم، قال الحافظ:"وقد ذكر الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد أن بعض أهل عصره شرع في جمع ذلك"، قال الحافظ:"وصنفوا في غالب هذه الأنواع، وهي نقل محض ظاهرة التعريف، مستغنية عن التمثيل، فلتراجع لها مبسوطاتها" لأن هذا الكتاب مختصر لا يحتمل بسط كل شيء، وصنف علماء الحديث وأئمة هذا الشأن في غالب هذه الأنواع ما أشير إليه في أثناء الشرح غالباً، وسبق في أول الشرح أنه قلما فن من فنون الحديث إلا وقد صنف فيه الخطيب البغدادي كتاباً مفرداً، وتقدم قول الحافظ أبي بكر بن نقطة:"كل من أنصف علم أن المحدثين بعد الخطيب عيال على كتبه".
وهي -أي هذه الأنواع- كثيرة في هذه الخاتمة التي سردها الحافظ، وهي نقل محض لا مجال للاجتهاد فيها، ظاهرة التعريف، واضحة جلية، مستغنية عن التمثيل، وحصرها كما قال الحافظ: متعسر، فلتراجع لها مبسوطاتها ليحصل الوقوف على حقائقها، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
هذا كتاب الموقظة تكلمنا عنه.
نسمع كثيراً أن الراوي فلان حصل له اختلاط السؤال: هل اختلاط هؤلاء المحدثين يحصل معهم تجاوزات شرعية سواءً في القول أو الفعل؟
نعرف أن الاختلاط اختلال في العقل يصحبه اختلال في التصرفات، اختلال في العقل ويصحبه اختلال في التصرفات، قد يكون اختلال في الضبط أو نسيان أو ذهول، ومع ذلكم أيضاً يحصل شيء من الإخلال ببعض الواجبات نسياناً، والاختلاط أحياناً يصاحبه شيء من اختلاط العقل فيصحبه شيء من التجاوزات في القول أو الفعل، كما نرى من الذين يختلطون في هذه الأزمان من عامة الناس، لا شك أن بعض من يختلط يصحب اختلاطه شيء من التصرفات والتجاوزات في الأقوال والأفعال، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.