الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صدقة السر وفضلها
بسم الله الرحمن الرحيم
رب يسر يا كريم
فصل في صدقة السر
وفي فضلها نصوصٌ كثيرة، فمن القُرآن قولُه:{وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} (1).
ومن السنة حديث: "رَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا، حَتَّى لا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا صَنَعَتْ يَمِينُهُ"(2).
وحديث: «الْجَاهِرُ بِالْقُرْآنِ كَالْجَاهِرِ بِالصَّدَقَةِ، وَالْمُسِرُّ بِالْقُرْآنِ كَالْمُسِرِّ بِالصَّدَقَةِ» (3).
وحديث أنس: "لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الأَرْضَ جَعَلَتْ تَمِيدُ فَخَلَقَ الجِبَالَ
…
" الحديث، وفي آخره: "قِيلَ: {فَهَلْ} (4)"مِنْ خَلْقِكَ شَيْءٌ أَشَدُّ مِنَ الرِّيحِ؟ قَالَ: نَعَمْ، ابْنُ آدَمَ، يَتَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ بِيَمِينِهِ فَيُخْفِيهَا مِنْ شِمَالِهِ"(5).
وحديث أبي ذر، وزاد: ثم شرع بهذه الآية: {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ} (1).
(1) البقرة: 271.
(2)
أخرجه البخاري (1423)، ومسلم (1031) من حديث أبي هريرة.
(3)
أخرجه أبو داود (1333)، والترمذي (2919) وقال: هذا حديث حسن غريب، والنسائي (3/ 225)، (5/ 80)، وأحمد (4/ 151، 158، 201) من حديث عقبة بن عامر.
(4)
زيادة يقتضيها السياق.
(5)
أخرجه الترمذي (3369)، وأحمد (3/ 124) وقال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه مرفوعًا إلا من هذا الوجه.
وحديث: "وَصَدَقَةُ السِّرِّ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ عز وجل وتدفع ميتَة السوء" خرّجه الترمذي (1)، وابن حبان (2).
وحديث أبي طلحة، لما تصدق بحائطه وقال: صلى الله عليه وسلم "لَوْ اسْتَطَعْتُ أَنْ أُسِرَّهُ لَمْ أُعْلِنْهُ" خرّجه الترمذيّ (3) في تفسيره.
واختلفوا في الزكاة: هل الأفضل إسرارها أم إظهارها، فروي عن علي ابن أبي طلحة عن ابن عباس، قال:"جعل الله صدقة الفريضة علانيتها أفضل من سرها، يقال: بخمسة وعشرين ضعفًا". خرَّجه ابنُ جرير. وفي رواية قال: "وكذلك جميع الفرائض والنوافل في الأشياء كلها".
وقال سفيان الثوري في هذه الآية: هذا في التطوع.
وعن يزيد بن أبي حبيب: إِنَّمَا نزلت هذه الآية في اليهود والنصارى، وكان يأمر بقسم الزكاة في السر.
قال ابنُ عطية: وهذا مردود، لا سيّما عند السَّلف الصالح؛ فقد قال ابنُ جرير الطبري: أجمع الناس أنَّ إظهار الواجب أفضل.
قال المهدوي: وقيل المُراد بالآية فرض الزكاة والتطوع، وكان الإخفاءُ فيها أفضل في مُدة النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ساءت ظنونُ الناس بعد ذلك، فاستحسن العُلَمَاء إظهارَ الفرائض؛ لئلا يظن بأحد المنع.
قال ابنُ عطية: وهذا القول مخالف للآثار، قال: ويحسن في زمننا أن يحسن التستر بصدقة الفرض، فقد كثر المانع لها، وصار إخراجُها عُرضة للرياء. هذا الَّذِي تخيَّله ابنُ عطية ضعيف. فلو كان الرجلُ في مكان يترك أهلُه الصلاة، فهل يُقال: إِنَّ الأفضل أن لا يُظهر صلاته المكتوبة؟!
(1) برقم (664) من حديث أنس. قال أبو عيسى: هذا حديث غريب من هذا الوجه.
(2)
كما في "الإحسان"(3309) من حديث أنس.
(3)
برقم (2997) قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
وقال النقاش: إنّ هذه الآية نسخها قولُه تعالى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً
…
} (1) الآية. انتهى ما ذكره.
ودعوى النسخ {ضعيفة} (2) جدًّا، وإنما معنى هذه الآية كمعنى التي قبلها أن النفقة تقبل سرًّا وعلانية.
وحُكي عن المهدوي أن قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ} (3) رخّصت في صدقة الفرض عَلَى أهل القرابات المشركين.
قال ابنُ عطية: وهذا عندي مردود.
وحكي عن ابن المنذر نقل إجماع من يحفظ، أنه لا يُعطى {أهل} (4) الذِّمة من صدقة المال شيئًا.
قلتُ: رُوي عن ابن عمر أنه قال في قوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} (5): إِنَّ المساكين أهل الكتاب. وإسنادُه لا يثبت.
وروى الثعلبي بإسناده عن سعيد بن سويد الكلبي يرفعه، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم سُئل عن الجهر بالقراءة والإخفاء. فَقَالَ: هي كمنزلة الصدقة {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} (6).
وروى الثعلبي في تفسيره، عن أبي جعفر في قوله تعالى:{إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ} قال: هي الزكاة المفروضة {وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} قال: يعني التطوع. هذا تفسير غريب. تم.
…
(1) البقرة: 274.
(2)
في الأصل: "ضعيف". والمثبت أنسب للسياق.
(3)
البقرة: 272.
(4)
ليست في الأصل، والصواب إثباتها.
(5)
التوبة: 60.
(6)
البقرة: 271.