بسم الله الرحمن الرحيم   ‌ ‌مقدمة التحقيق إنَّ الحمدَ للهِ نحمدُه، ونستعينُه ونستغفرُه، - ضبط من غبر فيمن قيده ابن حجر

بسم الله الرحمن الرحيم

‌

‌مقدمة التحقيق

إنَّ الحمدَ للهِ نحمدُه، ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذُ باللهِ من شرور أنفسنا، وسيئاتِ أعمالنا، مَنْ يهدِهِ اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومَنْ يُضْلِلْ فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إلهَ إلا الله، وأشهد أنَّ محمدًا عبدُه ورسوله.

أمّا بعد:

فإنَّ ضبطَ الأسماءِ والأنسابِ فنٌّ جليل، وعلمٌ نبيل، اتفقَ العلماءُ على استحسانه، وحَثُّوا على إتقانه، وأثْنوا على مشيِّديه، وهَجَروا مُفَرِّطيه؛ روى العسكري عن مجاهد بن موسى قال: أتيتُ خالدَ بنَ القاسم المدائنيَّ، فحدث فقال: حدثني ليثُ بن سعد، عن محمد بن يحيى بن حِبَّان، فقلت: حَبَّان، فقال: حِبَّان وحَبَّان واحد، فقمت وتركته (1).

وهو علمٌ مَنْ لم يعرفْهُ من المحدثين كَثرُ عِثَارُه، ولم يَعْدَم مُخَجِّلاً (2)، وهو أولى الأشياء بالضَّبط؛ لأنها لا يَدْخُلها القياسُ،

ولا قَبْلَها ولا بَعْدَها شيءٌ يدلُّ عليها (1).

ولذا قال عليُّ بن المديني: أشدُّ التصحيفِ التصحيفُ فِي الأسماء (2).

وقالوا: إعجامُ المكتوبِ يمنعُ من استعجامه، وشَكْلُه يمنع من إِشْكاله.

وقد أفرد العلماءُ ضبطَ الأعلام وتقييدَ الرواة بالتأليف، كان فِي مُقَدَّمها كتبُ السَّمعاني، وابن ماكُولا، وعبد الغني الأزدي، والذهبيِّ، وابن ناصر الدين الدمشقي، كما حوت كتبُ التراجم ومعاجمُ اللغة قسماً وافراً من تلك التقييدات.

وكان كتابُ: "تقريب التهذيب" للإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني من تلك الكتب المهمَّة التي نَهَلَ منها المحدِّثون، واعتمد عليها المحققون، وعكف عليها الدارسون، ذلك أنه مِنْ وَضْعِ إمام حافظ، وثيقِ العلم والمعرفة، متينِ الروايةِ والدِّراية، فصنَّف كتاباً مختصراً جامعاً أحوالَ الرجالِ ومراتبَهم فِي "الجرح والتعديل" وطبقاتهم، وضَبَطَ الأعلامَ الواردة فيه ضبطَ كلامٍ؛ إذ ضبطُ القلمِ لا يُؤمن التحريفُ عليه، بل تتطرَّق أوهامُ الظانِّين إليه، لا سيما عند مَنْ علمه من الصُّحف بالمطالعة من غيرِ تلقٍ من المشايخ، ولا سؤالٍ ولا مراجعةَ -كما قال ابنُ ناصر الدين الدمشقي (3) -، ولعل هذا من أهم

ما ميَّز كتابَ الحافظِ ابن حجر عن أصوله المختصرة منه، وعن غيره من كتب التراجم.

وقد وَقَفَ الإمامُ يوسفُ بنُ عبد الهادي على كتاب "تقريب التهذيب" للحافظ ابن حجر، وكان الإمامُ يوسفُ قد صنف كتاباً فِي تقييد الأسماء، فأرادَ أن يضُمَّ ما وُجد فِي "التقريب" من التقييدات إلى كتابه ذلك، فرآه يطول، فجرَّد ما ضَبَطه وقيَّده الحافظُ فِي كتابه هذا، فنيَّف على ثلاثة آلاف عَلَم، اقتفى فيه نَهْجَ الحافظِ فِي ذكر اسم المترجم ونسبته وكنيته، ثم ضَبَطَ ما يقع فِي اسمه، أو اسم أبيه، أو كنيته ضبطَ كلامٍ، فأحسنَ التجريدَ والترصيفَ، وأجاد فِي الجمع والترتيب كأصله.

* * *

هذا وقد تمَّ -بفضل الله تعالى- الوقوفُ على النسخة الخطية الفريدة لهذا الكتاب، وهي النسخة المحفوظة بدار الكتب الظاهرية بدمشق تحت رقم (1182)، وهي بخط المؤلف المعروف بغرابة الشكل، وصعوبة القراءة، ويقع فِي (91) ورقة.

وعلى غلافها تملُّك بخط العلَاّمة المؤرخ ابن طُولون المتوفي سنة (953 هـ)، وعليها -أيضًا- إجازة بخط المؤلف لأولاده برواية الكتاب عنه.

* * *

* هذا وقد تمَّ تحقيق هذا الكتاب وفق الخطة الآتية:

1 -

نسخ الأصلِ المخطوط اعتماداً على النسخةِ الخطية المشار إليها آنفًا، وذلك بحسب رسم وقواعد الإملاء الحديثة.

2 -

معارضةُ المنسوخِ بالمخطوط، للتأكُّد من صحة النسخ وسلامته.

3 -

مقابلة المنسوخ بالأصول التي نقل عنها المؤلف، وهو كتاب "تقريب التهذيب" للحافظ ابن حجر طبعة الشيخ محمد عَوَّامة، وإثبات الفروق الضرورية فِي الهامش.

4 -

ضبط الأعلام بالشكل الذي ضبطه المؤلفُ به، وبالإعتماد على أصله "تقريب التهذيب".

5 -

جعلُ الضبطِ الذي قيده المؤلف بين قوسين، وإضافة اسم العَلَم المضبوط فِي البداية؛ سواء كان اسماً أو لقباً أو كنية، مع تسويده.

6 -

ترقيم الأعلامِ ترقيماً تسلسلياً، ثم توثيق رقم الترجمة من "تقريب التهذيب"، وجعلها بين قوسين.

7 -

كتابة مقدمة للكتاب مشتملة على ترجمة مختصرة للمؤلف، وتقدمة موجزة للكتاب.

8 -

تذييل الكتاب بفهارس للأسماء والألقاب والكنى الواردة فِي الكتاب.

هذا وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

حَرَّرَهُ

نُورُ الدِّينِ طَالِبْ

17 / صفر/ 1432 هـ

22/ 1 / 2011 م