الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقدمة التحقيق
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبيّنا محمد وعلى آله وصحبه.
وبعد، فهذا مجموع يضم بين دفتيه ثلاثة كتب من تأليف الشيخ العلامة عبد الرحمن المعلمي رحمه الله، يربطها ببعضها رابط وثيق، ولكل منها دور في تكميل الآخر وتعزيزه، والثلاثة جميعًا تعتبر كالتوطئة للكتاب العظيم «التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الأباطيل» .
* ملخّص قصة تأليفها ودافعه:
ألف الشيخ محمد زاهد الكوثري (ت 1371 هـ) كتابًا عنونه بـ «تأنيب الخطيب على ما ساقه في ترجمة أبي حنيفة من الأكاذيب» انتقد فيه ما ساقه الحافظ الخطيب البغدادي (ت 463 هـ) في ترجمة أبي حنيفة من كتابه «تاريخ بغداد» من المثالب عن السالفين. وطبع كتابه في مصر عام 1360 هـ.
فلما اطلع عليه المؤلف بطلب من أحدهم ــ بعد أن اعتذر أول مرة من النظر فيه ــ رأى أنه بحاجة إلى جوابٍ مفصل عما وقع فيه الكوثري من الأخطاء العلمية والطعن في أئمة السنة ورواتها، فألف كتابًا ــ وهو في الهند ــ سماه «التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الأباطيل»
(1)
وقسمه إلى أربعة أقسام: قسم القواعد، وقسم الرواة، وقسم الفقهيّات، وقسم العقائد.
ولما كان كتاب «التنكيل» على وشك التمام رأى المؤلف أن يقتضب نموذجًا منه فيه أهم ما وقع فيه الكوثري من الأخطاء، وسماه «طليعة التنكيل
(1)
وكان قد سماه بادئ الأمر «النقد البري» .
بما في تأنيب الكوثري من الأباطيل» طُبع بمصر سنة 1368 هـ. في نحو 100 ص من القطع المتوسط. بيّن فيه مغالطات الكوثري فيما يتعلّق برواة الحديث خاصةً، وجعلها أنواعًا هي:
أ- الأوابد: تبديل الرواة. ذكر فيه اثني عشر مثالًا (ص 5 - 31) وذكر باقيها في «التنكيل» .
ب- العوامد: كلام لا علاقة له بالجرح يجعله جرحًا. ذكر فيه سبعة أمثلة. (ص 32 - 37).
ج- العجائب: اهتبال التصحيف والغلط. ذكر فيه سبعة أمثلة. (ص 39 - 49).
د- الغرائب: تحريف نصوص أئمة الجرح والتعديل. ذكر ستة أمثلة. (ص 50 - 54).
هـ- الفواقر: تقطيع نصوص أئمة الجرح والتعديل. ذكر اثني عشر مثالًا. (ص 54 - 59).
و- العواقر: جرحٌ لم يثبت يحكيه بصيغة الجزم. ذكر ستة أمثلة. (ص 59 - 66).
ز- التجاهل والمجازفة: تجهيل الثقات، ذكر سبعة أمثلة (ص 66 - 77).
ح- الأعاجيب: يطلق صيغ الجرح مفسَّرةً وغير مفسرةٍ بما لا يوجد في كلام الأئمة. ذكر ستة أمثلة (ص 77 - 87). وأحال على البقية في «التنكيل» .
فهذه ثمانية فروع، ثم ذكر عنواناتِ ستةِ فروعٍ أخرى استوفى ذِكرها في
التنكيل.
فلما اطَّلع الكوثري على «الطليعة» كتب ردًّا عليها سماه «الترحيب بنقد التأنيب» بناه على أمرين:
الأول: الطعن في قصد المؤلف، واتهامه بالطعن في أبي حنيفة، والتعليق على عبارات قاسية وردت في متن الكتاب وتعليقاته.
الثاني: ناقش ما أورده الشيخ من أمثلة وحاول أن يتملّص من عُهدة التغيير والتبديل التي أثبتها المؤلف عليه.
فما كان من المعلمي حين وقف على «الترحيب» إلا أن أردف «الطليعة» برسالتين يجيب فيهما عما أورده الكوثري، وهما:«تعزيز الطليعة» و «شكر الترحيب» ولم يطبعا في حياة المؤلف ولا بعده.
أما الرسالة الأولى ــ تعزيز الطليعة ــ: فقد شرح المؤلف في أولها سبب تأليفها، وبين الظروف التي طبعت فيها «الطليعة» مما أدى إلى وقوع بعض الأخطاء المطبعية، وزيادات في المتن والتعليقات ليست منه وإنما ممن قام على طبع الرسالة
…
وقسّم الرسالة إلى بابين:
الباب الأول: مطالب متفرّقة. وفيه أربعة فصول:
الأول: شرح فيه أمورًا تتعلق بكتاب «التنكيل» وخطورة ما فعله الكوثري على السنة. (ص 5 - 8)
الثاني: تعليقه على محاولة الكوثري التبرؤ مما نسبه إليه. (ص 9 - 19)
الثالث: تكلم على مسألة الغلو في الأفاضل. (ص 20 - 32).
الرابع: في تفريق الكوثري الأمة إلى حنفية وعامة المسلمين (ص 33). ثم خلص إلى تحرير قاعدة التهمة (ص 34 - 44).
ثم دلف إلى عدة قواعد خلّط فيها الكوثري، ومع أنه لم يعنونها ــ سهوًا كما أظن ــ إلا أنها هي الباب الثاني من الكتاب، وما زال يشير إليها في مواضع عدة بالقواعد، ولذا فقد وضعت لها عنوانًا بين معكوفين هكذا:
[الباب الثاني: في قواعد خلّط فيها الكوثري]، وذكر فيه أربع قواعد:
1 -
رمي الراوي بالكذب في غير الحديث النبوي (45 - 50).
2 -
التهمة بالكذب (ص 51 - 62).
3 -
رواية المبتدع (ص 63 - 84).
4 -
قدح الساخط ومدح المحب (ص 85 - 96).
ويلاحظ هنا أن المؤلف قد ذكر جميع هذه القواعد في التنكيل، لكنه صرح بأنه أعادها هنا للحاجة إليها، قال (ص 33):«فالنظر في شأنهم يتوقف على تحرير قاعدة التهمة، وقد كنت بسطته في التنكيل ثم دعت الحاجة إلى تلخيصه هنا» . وكذلك في (ص 38) وضرب عليها.
أما الرسالة الثانية ــ شكر الترحيب ــ: فقد بدأها المؤلف بمقدمة شرح فيها سبب تأليف التنكيل، وأنه لخص نموذجًا منه وطبعه، ثم رأى رسالة الكوثري في الرد عليها، ثم شرح ما وقع من ملاحظات على طبعة الطليعة في ثلاث نقاط.
وقد جعل الرسالة في بابين:
[الباب الأول]
(1)
: النظر في خطبة الكتاب وما للكوثري فيها من الوهم (7 - 26).
الباب الثاني: النظر في أجوبة الكوثري على ما أورده في الطليعة، وذكر ما وقع في كل فرع على حدة. (27 - 81).
مقارنة بين «تعزيز الطليعة» و «شكر الترحيب» :
كلتا الرسالتين ردٌّ على رسالة الكوثري «الترحيب بنقد التأنيب» ، فموضوعهما إذًا واحد، وكلتاهما قد قسمهما المؤلف إلى مقدمة وبابين.
أما المقدمة في كلتا الرسالتين فقريبة المادة، وإن كانت مقدمة «شكر الترحيب» أبسط في شرح ظروف وملابسات طباعة «الطليعة» .
أما من جهة الفرق بينهما؛ فإن «التعزيز» مناقشة كليّة لمقاصد الكوثري وأخطائه وما يترتب على القول بها من مخاطر على السنة. وذلك واضح من عنوانات فصول الباب الأول من الرسالة التي سقناها سابقًا (ص 7 - 8)، أما الباب الثاني فهو في ذكر قواعد خلّط فيها الكوثري فردّ على تخليطه، وحرر القول فيها وحققه، وذكر فيه أربع قواعد.
أما «شكر الترحيب» فهو تتبع لكلام الكوثري وجواب عنه بحسب سياقه له في كتابه، فنظر المؤلف أولًا في خطبة كتابه، يسوق كلامَه ويعلّق عليه بقوله:«لا أوافق» ويشرح مقاصده، أو يوافقه عليه، ويشرح غرضه. هذا في الباب الأول، أما الثاني، فتتبّع المعلمي جواب الكوثري عن الأمثلة التي
(1)
ذهل المؤلف عن وضع هذا العنوان فوضعته بين معكوفين، وانظر ما سلف (ص 8) في ذهوله عن وضع الباب الثاني في رسالة «التعزيز» .
أوردها المؤلف في «التنكيل» فرعًا فرعًا وترجمة ترجمة، وبه ينتهي الكتاب.
وعند النظر نجد أن الرسالتين يكمّل بعضهما الآخر،؛ إذ إن كل رسالة انتحت طريقةً في الرد، الأولى في التقعيد والتحرير، والأخرى في التتبُّع والاستدراك على الترتيب.
وأما أيهما تقدمت على الأخرى في التأليف فمما لا يمكن الجزم به، ولم أقف على قرائن يستفاد منها لتحديد أيهما المتقدم، ولا يبعد أن يكون قد شرع فيهما معًا، وعليه فلا ضير إنْ قدّمنا إحداهما على الأخرى في الترتيب في هذا المجموع، ورأيت أن تتقدم رسالة «تعزيز الطليعة» على «شكر الترحيب» لكونها من حيث العنوان أقرب إلى نصرة «الطليعة» فناسب أن تليها في الترتيب.
ويبدو أن المؤلف لم ينشط لطباعتهما في حياته خوفَ أن يصيبهما ما أصاب «الطليعة» من الأخطاء المطبعية أو التصرف بالتعليق ونحوه. وقد صرح بأن هذا سبب تأخره في طباعة التنكيل أيضًا
(1)
.
* * * *
(1)
انظر «شكر الترحيب» (ص 6).