المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الرابع الملائكة وبقية المخلوقات - عالم الملائكة الأبرار

[عمر سليمان الأشقر]

الفصل: ‌الفصل الرابع الملائكة وبقية المخلوقات

‌الفصل الرابع الملائكة وبقيّة المخلوقات

في الفصل الماضي بينت العلاقة بين الملائكة وبني آدم، وليس هذا كل ما وُكل إلى الملائكة؛ فإن الملائكة يقومون على مختلف شؤون الكون مما نشاهده، وما لا نشاهده.

وسأكتفي بذكر بعض ما جاء في ذلك من النصوص.

1-

حملة العرش:

العرش أعظم المخلوقات، محيط بالسماوات وفوقها، والرحمن مستو عليه، ويحمله من الملائكة ثمانية:(ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذٍ ثمانيةٌ)[الحاقة: 17](1) .

2-

ملك الجبال:

وللجبال ملائكة، وقد أرسل الله ملك الجبال إلى عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم يستأمره في إهلاك أهل مكة؛ ففي صحيح البخاري ومسلم عن عائشة أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم:(يا رسول الله، هل أتى عليك يوم كان أشدّ من يوم أحد؟ فقال: لقد لقيت من قومك، وكان أشدّ ما لقيت منهم يوم العقبة (2) ، إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال، فلم يجبني إلى ما أردت.

فانطلقت وأنا مهموم على وجهي، فلم استفق إلا بقرن الثعالب (3) فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني، فنظرت فإذا فيها جبريل فناداني، فقال: إن الله عز وجل قد سمع قول قومك لك، وما ردوا عليك، وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم.

قال: فناداني ملك الجبال، وسلّم علي، ثمّ قال: يا محمد، إن الله قد سمع قول قومك لك، وأنا ملك الجبال، وقد بعثني ربّك إليك لتأمرني بأمرك، فما

(1) وقد سبق أن بيّنا عظيم خلقهم في الفصل الذي تحدثنا فيه عن صفاتهم وقدراتهم.

(2)

موضع بمنى.

(3)

موضع بين مكة والطائف.

ص: 79

شئت؟ إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين؟ (1) فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئاً)(2) .

3-

الموكلون بالقطر والنبات والأرزاق:

يقول ابن كثير (3) : " ميكائيل موكل بالقطر والنبات اللذين يخلق منهما الأرزاق في هذه الدار، وله أعوان يفعلون ما يأمرهم به بأمر ربه، يصرفون الرياح والسحاب، كما يشاء الرب جل جلاله.

ومن الملائكة ما هو موكل بالسحاب، ففي سنن الترمذي عن ابن عباس: أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (الرعد ملك من الملائكة موكل بالسحاب، معه مخاريق من نار، يسوق بها السحاب حيث شاء الله)(4) ، وقد يسقي بلاداً دون بلاد، أو قرية دون أخرى.

وقد يؤمر بأن يسقي زرع رجل واحد دون سواه، كما في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(بينا رجل بفلاة من الأرض، فسمع صوتاً في سحابة: اسق حديقة فلان؛ فتنحى ذلك السحاب، فأفرغ ماءَه في حرّة، فإذا شرجة من تلك الشراج (5) قد استوعبت ذلك الماء كله.

فتتبع الماء، فإذا رجل قائم في حديقته، يحول الماء بمسحاته، فقال له: يا عبد الله، ما اسمك؟ قال: فلان، للاسم الذي سمع في السحابة، فقال له: يا عبد الله، لِمَ تسألني عن اسمي؟ قال: إني سمعت صوتاً في السحاب الذي هذا ماؤه يقول: اسق حديقة فلان، لاسمك، فما تصنع فيها؟ قال: أمّا إذ قلت هذا، فإني أنظر إلى ما يخرج منها، فأتصدق بثلثه، وآكل أنا وعيالي ثلثاً، وأرد فيها ثلثه) (6) .

(1) جبلان بمكة.

(2)

صحيح مسلم: 3/1420. ورقمه: 1795. واللفظ له. ورواه البخاري: 6/312. ورقمه: 3231.

(3)

البداية والنهاية: 1/50.

(4)

صحيح سنن الترمذي: 3/64. ورقمه: 2492.

(5)

الشرجة: مسيل الماء.

(6)

صحيح مسلم: 4/2288. ورقمه: 2984.

ص: 80

وعلى كل فالملائكة موكلون بالسماوات والأرض، فكل حركة في العالم فهي ناشئة عن الملائكة، كما قال تعالى:(فَالْمُدَبِّرَاتِ أمراً)[النازعات: 5]، وقال:(فَالْمُقَسِّمَاتِ أمراً)[الذاريات: 4] ، ويزعم المكذبون للرسل المنكرون للخالق أن النجوم هي التي تقوم بذلك كله، وكذبوا، فالذي يدبر ذلك كله الملائكة بأمر الله تعالى، كما قال تعالى:(والمرسلات عرفاً - فَالْعَاصِفَاتِ عصفاً - وَالنَّاشِرَاتِ نشراً - فَالْفَارِقَاتِ فرقاً - فَالْمُلْقِيَاتِ ذكراً)[المرسلات: 1-5] .

وقال: (والنَّازعات غرقاً - والناَّشطات نشطاً - والسَّابحات سبحاً - فالسَّابقات سبقاً - فالمدبِّرات أمراً)[النازعات: 1-5]، وقال:(والصَّافَّات صفاً - فالزَّاجرات زجراً - فالتَّاليات ذكراً)[الصافّات: 1-3] .

فكل هذه الآيات حديث عن الملائكة حال قيامها بتدبير شؤون السماوات والأرض.

ص: 81