الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فتاوى الشيخ عبد الله بن جبرين حفظه الله
فتاوى الزكاة
زكاة الفطر
وما يتعلق بها من أحكام
معنى زكاة الفطر وسبب تسميتها بذلك:
هي الصدقة التي تخرج في آخر رمضان، وفي ليلة عيد الفطر وصباح عيد الفطر، وسميت بزكاة الفطر لأنها شرعت عند إتمام الشهر، وفي الزمن الذي يفطر فيه الصائمون من رمضان، فهي زكاة الإفطار، أو صدقة عيد الفطر الذي بعد إكمال رمضان.
تاريخ تشريع زكاة الفطر:
الظاهر أنها شرعت وقت فريضة رمضان، أي في السنة الثانية من الهجرة، وذلك لأنها تضاف إلى رمضان وإلى الإفطار منه، فهي تابعة له، ولم يذكر أنهم صاموا الشهر ولم يخرجوا زكاة الفطر.
حكم زكاة الفطر:
لا شك أنها واجبة، ففي الصحيحين عن ابن عمر قال:"فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان، صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير.." الحديث. والفرض في الظاهر هو الإيجاب والإلزام، فدل على أنها من الفرائض.
وقد نقل ابن المنذر وغيره الإجماع على ذلك، لكن الحنفية يقولون بالوجوب دون الفرضية، على قاعدتهم في التفريق بين الفرض والواجب، وقد روي أن قوله تعالى:(قد أفلح من تزكى)(الأعلى:14) . نزلت في زكاة الفطر كما روى ذلك ابن خزيمة عن كثير بن عبد الله المزني عن أبيه عن جده مرفوعاً.
السؤال:-
هل زكاة الفطر واجبة؟ وعلى من تجب؟
الجواب:-
زكاة الفطر واجبة على المسلمين لأن النبي صلى الله عليه وسلم فرضها على الذكر والأنثى، والصغير والكبير، وقدرها صاعاً من طعام، أو من تمر، أو شعير، أو زبيب، أو إقط وأمر بها أن تخرج قبل خروج الناس إلى صلاة العيد فهي فريضة نبوية شرعت في آخر رمضان؛ طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين حتى يستغنوا يوم العيد من الطواف والسؤال. والله الموفق.
الحكمة من تشريع زكاة الفطر:
روى ابن عباس قال: "فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين". رواه أبو داود وابن ماجة والدارقطني والحاكم وصححه. وذلك أن الصائم في الغالب لا يخلو من الخوض واللهو ولغو الكلام، ومالا فائدة فيه من القول، والرفث الذي هو الساقط من الكلام، مما يتعلق بالعورات ونحو ذلك، فتكون هذه الصدقة تطهيراً للصائم مما وقع فيه من هذه الألفاظ المحرمة أو المكروهة، التي تنقص ثواب الأعمال وتخرق الصيام.
ثم هي أيضاً طعمة للمساكين، وهم الفقراء المعوزون، ليشاركوا بقية الناس فرحتهم بالعيد، ولهذا ورد في بعض الأحاديث:"أغنوهم عن الطواف في هذا اليوم" يعني أطعموهم وسدوا حاجتهم، حتى يستغنوا عن الطواف والتكفف في يوم العيد، الذي هو يوم فرح وسرور.
ثم إن إخراجها عن الأطفال وغير المكلفين والذين لم يصوموا لعذر من مرض أو سفر داخل في الحديث، وتكون طهرة لأولياء غير المكلفين، وطهرة لمن أفطر لعذر، على أنه سوف يصوم إذا زال عذره، فتكون طهرة مقدمة قبل حصول الصوم أو قبل إتمامه.
أصناف زكاة الفطر:
في حديث أبي سعيد المتفق عليه قال: "كنا نخرج زكاة الفطر إذ كان فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم: صاعاً من طعام، أو صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير، أو صاعاً من زبيب، أو صاعاً من أقط، فلم نزل كذلك حتى قدم علينا معاوية المدينة، فقال: إني لأرى مدّين من سمراء الشام يعدل صاعاً من تمر، فأخذ الناس بذلك، قال أبو سعيد أما أنا فلا أزال أخرجه كما كنت أخرجه، وللنسائي عنه قال: "فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر صاعاً من طعام، أو صاعاً من شعير، أو صاعاً من تمر، أو صاعاً من أقط".
وللدار قطني عنه قال: "ما أخرجنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا صاعاً من دقيق، أو صاعاً من تمر، أو صاعاً من سلت، أو صاعاً من زبيب، أو صاعاً من شعير، أو صاعا من أقط". وغير ذلك من الروايات.
وقد ذهب الأكثرون إلى أنها لا تخرج إلا من الأصناف الخمسة المذكورة، وهي: الطعام، أي: البر كما ورد مفسراً في بعض الروايات، والشعير، والتمر، والزبيب، والأٌقط؛ لأنها الأقوات المعتادة لغالب الناس، ورجح شيخ الإسلام ابن تيمية جواز إخراجها من غالب قوت البلد، ومنه الأرز والذرة والدخن إذا غلب أكلها في إحدى الجهات، وهو الأقرب إن شاء الله تعالى.
السؤال:-
ما الأطعمة التي يجوز إخراج زكاة الفطر منها؟
الجواب:-
ورد في الحديث أنها تخرج من خمسة أشياء وهي البر، والشعير، والتمر، والزبيب، والأقط لكن ذكر بعض العلماء المحققين أن تخصيص هذه الخمسة حيث إنها المستعملة في ذلك الوقت، وأجاز إخراجها من غالب قوت البلد، كالأرز مثلاً والذرة في البلاد التي تقتاتها ونحو ذلك.
مقدار زكاة الفطر:
ذكر في حديث أبي سعيد أنها صاع من أحد الأصناف المذكورة، وقد اختلف في مقدارها من البر، فرأى معاوية الاكتفاء بنصف صاع منه، لكونه أفضل من الشعير، وأن الفقراء قد لا يأكلون الشعير أحياناً؛ بل يطعمونه الدواب والبهائم، وكذا التمر؛ سيما الرديء منه، فنصف الصاع من البر يعدل الصاع من الشعير في القيمة، ثم هو أنفع من الشعير للفقراء، وقد عمل بذلك كثير من الصحابة، ذكرهم الحافظ في شرح البخاري وغيره.
وورد في ذلك حديث حسنه الترمذي، عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث منادياً في فجاج مكة "ألا إن صدقة الفطر واجبة على كل مسلم ذكر أو أنثى، حر أو عبد، صغير أو كبير، مدان من قمح أو سواه، صاع من طعام".
ولكن حديث أبي سعيد أصح منه، وفيه صاع من طعام، وقد فسّره الخطابي بالبر وهو الأولى، وقد اختار أبو سعيد البقاء على ما كان عليه وقت النبي صلى الله عليه وسلم، وهو إخراج الصاع كاملاً دون موافقة معاوية على رأيه.
ثم إن الصاع معروف، وهو أربعة أمداد، والمد من البر ملء الكفين المتوسطين مجموعتين، وقدر الصاع بأنه خمسة أرطال وثلث بالعراقي، والصاع معروف في هذه البلاد، وهو مع العلاوة يقارب ثلاث كيلو، وبدون علاوة نحو كيلوين ونصف، والاحتياط إكمال الثلاثة.
إخراج قيمة زكاة الفطر (نقداً) :
ورد في السنة إخراجها من الأطعمة التي ذكرت في الأحاديث، أو من غالب قوت البلد، ليحصل بها الاقتيات والاستغناء عن التكفف والتسول يوم العيد، ويكفى الفقراء عن الشراء والحمل بإيصالها إلى منازلهم غالباً.
وقد ذهب الحنفية إلى جواز إخراج القيمة، وهو إخراجها نقداً من الدراهم أو الدنانير، وزعموا أنه أرفق بالفقير، حتى يتمكن من شراء ما يناسبه من الطعام أو غيره، وهو خلاف النصوص الواردة والأحاديث المتكاثرة، فإن القيمة كانت موجودة في العهد النبوي، ولم يأمر بالإخراج منها؛ ولأن في إخراجها طعاماً إشهاراً لها وإعلاناً للعمل بها، بخلاف القيمة فإنها تكون خفية، يعطيها المزكي بخفية، وقد يأخذها من لا يستحقها.
السؤال:-
بعض الناس يخرجون زكاة الفطر نقوداً فهل هذا جائز؟
الجواب:-
نحن نقول بأنه لا يجزئ، وقد جوزه الأحناف، أما الجمهور فإنهم على أنه لا يجزئ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم فرضها من الطعام، والنقود كانت موجودة في زمانه، فلو كانت جائزة لأمر بأن يتصدق بالقيمة. فلما لم يأمر بها وجعلها طعاماً تعين الطعام، وقد ذكرنا أنه ورد تحديده في خمسة أنواع، ويختار بعض المشايخ والعلماء أنها تخرج من قوت البلد الغالب والمعتاد.
السؤال:-
هل يجوز زكاة الفطر دراهم؟ وهل صحيح أن صيام رمضان لا يكمل إلا بإخراج الزكاة؟ وما حكم إخراجها بعد صلاة العيد؟
الجواب:-
الصحيح إن شاء الله أنه لا يجوز إخراج القيمة في زكاة الفطر، لأنه مخالف للنصوص الواردة، فإن القيمة كانت موجودة في العهد النبوي، ولم يأمر بها، بل أمر بالطعام، ولأن هذه الزكاة تفعل في هذه الأيام علناً، فإخراجها من القيمة فيه إماتة لهذه السنة، حيث إنه لا يتفطن لها ولا يعلم من أخرج ومن لم يخرج، فأما صيام رمضان فهو كامل بإتمام الشهر بدونها، ولكنها طهرة للصائم عن اللغو والرفث وطعمة المساكين، والأفضل إخراجها قبل الصلاة، ويجوز قبل العيد بيوم أو يومين وتجزئ في يوم العيد بعد الصلاة، ويقضيها بعده مع إثم التأخير والله أعلم.
السؤال:-
بعض الدول تلزم المواطنين بدفع زكاة الفطر نقوداً على عدد الأنفس للدولة، ويتم دفعها في شهر شوال، هل هذا يصح وإن كان باطلاً فما العمل؟
الجواب:-
ليس بباطل إن شاء الله ما دام أنها تلزمهم، فليس لهم إلا الامتثال، حيث إن هناك في مذهب الحنفية جواز إخراج الزكاة نقوداً، فلا مانع بأن يتأولوا على حسب ما تلزمهم به. ولكن إذا قُدِّرَ مثلاً أحداً سَلِمَ من إلزام الدولة له، فيخرجها طعاماً كما ورد.
على من تجب زكاة الفطر:
تجب على المسلم الحر العاقل إذا فضل شيء من قوته وقوت عياله يوم العيد وليلته، فيخرج عن نفسه وعن كل من يمونه ممن تجب عليه نفقته، فإن عجز عن الجميع بدأ بنفسه، فامرأته، ثم برقيقه، ثم بولده، ثم بأمه، ثم أبيه، ثم الأقرب فالأقرب من عصبته، ففي حديث ابن عمر الذي في الصحيحين قال: "فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان
…
على العبد والحر، والذكر والأنثى، والصغير والكبير، من المسلمين". وفي حديث ثعلبة بن أبي صُعََير مرفوعاً:"صاع من بر، أو قمح، على كل إنسان، صغير أو كبير، حر أو عبد، ذكر أو أنثى، غني أو فقير، أما غنيكم فيزكيه الله، وأما فقيركم فيرد الله عليه أكثر مما أعطى" رواه أبو داود وأحمد وغيرهما. ووقع في بعض طرق حديث ابن عمر: "على كل صغير وكبير، حر وعبد ممن تمونون" رواه الدارقطني.
ولا تلزمه فطرة زوجته إذ نشزت، ولا عبده المكاتب؛ لأنها لا تلزمه نفقتهما، ومن تبرع بنفقة إنسان شهر رمضان لم تجب عليه فطرته التي هي تابعة لوجوب النفقة.
واستحبها بعض الصحابة عن الجنين في بطن أمه من غير وجوب، ومن وجبت فطرته على غيره فأخرج عن نفسه كالزوجة والابن والأم أجزأت عنه، لأنه المخاطب بها، وإنما تحملها عنه وليه تبعاً للنفقة أو للحاجة.
جهة إخراج زكاة الفطر:
مصرف الفطرة كمصرف الزكاة، فأهلها هم أهل الزكاة المذكورون في قوله تعالى:(إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل)(التوبة:6) . وحيث أن وصف الفقر والمسكنة هو الغالب، فإن المقدم فيها هم الفقراء والمساكين الذين تعوزهم النفقة، ويحتاجون إلى تحصيل القوت الضروري لهم ولعوائلهم، ولهذا ورد في الحديث:"اغنوهم عن السؤال في هذا اليوم".
ثم عليه أن لا يحابي بها أحداً، وأن يقدم من علم أنه أشد حاجة، فإن كان أقاربه من أهلها فهم أولى من الأباعد مع الاستواء في الحاجة؛ ولأنه ورد في الحديث:"صدقتك على الفقير صدقة، وعلى ذي الرحم اثنتان صدقة وصلة". ولا يجوز لمن تلزمه مؤنته كزكاة المال.
السؤال:-
هل يصح أن يُعطى الكافر من زكاة الفطر أم لا؟
الجواب:-
لا يعطى الكافر من زكاة الفطر، ولا من زكاة المال، ولا من صدقات التبرع، فإنه قد اختار الكفر وهجر الإسلام، فهو عدو للمسلمين، فلا حق له في صدقاتهم وأموالهم، بل يصرفونها للمسلمين لقوله تعالى:(والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض) والله أعلم.
نقل زكاة الفطر من بلد الشخص إلى بلد آخر:
لا يجوز ذلك إلا إذا لم يوجد في البلد فقراء، وقد ذكر العلماء أنها تتبع البدن، فيخرجها في البلد الذي تدركه ليلة العيد وهو فيه، ولو كان سكنه وأهله في غيره، كمن يصوم آخر الشهر بمكة، فإنه يخرجها هناك، وأهله يخرجون عن أنفسهم في موضعهم الذي يوجدون فيه ليلة الفطر، فإن لم يوجد في بلده فقراء من أهلها، وعرف فقراء في بلد آخر جاز نقلها إلى أقرب بلدة يعرف فيها من هم من أهل الاستحقاق، وقيل: يجوز إلى أبعد منها إذا كانوا أشد حاجة أو لهم رحم وقرابة.
وقت إخراج زكاة الفطر:
لا شك أنها تجب بغروب الشمس ليلة عيد الفطر، فمن أسلم بعده لم تلزمه الفطرة، ومن ولد بعد الغروب لم تجب على وليه، وإذا تزوج بعد الغروب وتسلم زوجته لم تلزمه فطرتها، وكذا لو اشترى عبداً بعد خروج شهر رمضان ولو بلحظات؛ فإن فطرته على البائع.
والأصل أنها تخرج ليلة العيد، والأفضل إخراجها في يوم العيد قبل الصلاة، فإن عرف الفقير فأوصلها إليه فهو الأفضل، وإلا أودعها له حتى يأخذها بعد الصلاة، ليتحقق اغناء الفقراء في يوم العيد، ووقع في حديث ابن عمر عند البخاري:"وأن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة" ولمسلم: "أمر بزكاة الفطر أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة" ولابن أبي شيبة عن ابن عباس قال: "من السنة أن تخرج صدقة الفطر قبل الصلاة".
وقال الخرقي: وإن قدمها قبل ذلك بيوم أو يومين أجزأه. وفي حديث ابن عمر في الصحيح: "وكانوا يعطون قبل العيد بيوم أو يومين) ".
والصحيح أنها لا تجزئ إن قدمها قبل العيد بثلاث ليال فأكثر، لإضافتها إلى الفطر، ولأن تقديمها بكثير لا يحصل به التوسعة على الفقير في يوم العيد، واغتفر التقديم بيوم أو يومين لأن ما قرب من الشيء أعطي حكمه، ولو قيل بجواز التقديم إذا كان الفقراء قليلاً وأهل الزكاة كثيراً، بحيث يجتمع عند الفقير ما يقوته نصف العام، كما هو الواقع في كثير من البلاد، لجاز ذلك في الظاهر، لحصول الإغناء لهم يوم العيد وزيادة والله أعلم.
فتاوى عامة حول زكاة الفطر
السؤال:-
هل يجوز تقسيم زكاة الفطر على عدة فقراء؟
الجواب:-
لا بأس بذلك، فإن القصد من إخراجها تطهير الصائم من اللغو والرفث، والتوسعة على المساكين وإغناؤهم يوم العيد عن السؤال، والتطوف الذي فيه ذل وهوان في يوم العيد الذي هو فرح وسرور، فإذا كان الفقراء كثيراً جاز أن تفرق عليهم زكاة شخص واحد، كما يجوز أن يعطى الفقير الواحد زكاة عدد والله أعلم.
السؤال:-
إذا أخذت زكاة الفطر فهل يجوز لي أن أزكي عني وعن أولادي منها؟
الجواب:-
نعم يجوز للفقير إذا اجتمع عنده أموال من زكاة الفطر أن يُخرج منها عنه وعن عياله، فقد ورد في الحديث ما معناه:"أما غنيكم فينفق من ماله، وأما فقيركم فيأتيه أكثر مما ينفق".
السؤال:-
فقير أخذ زكاة الفطر فزادت عن حاجته وخشي فسادها. فهل يجوز له بيع بعضها؟ وإن جاز فهل يجوز للمشتري أن يشتريها بأقل من سعرها الأصلي، لأن السلعة انخفضت قيمتها؟
الجواب:-
معلوم أن الفقير يملك الزكاة والصدقات التي تدفع له، وإذا ملكها جاز له أن يتصرف فيها حسب الحاجة والضرورة، لكن لا يصرفها في المعاصي ولا الملاهي، ولا يسرف في النفقة، ومتى علم صاحب الزكاة أنه يسرف ويفسد المال وينفق فيما لا حاجة إليه، أو يبذله في حرام أو قمار أو فواحش حرم إعطاؤه من الزكاة، فأما إذا عرفت حاجته وأهليته للزكاة فإنه يعطى منها، وسواء أعطي من النقود أو اشتري له بها ما ينتفع به، ككسوة وطعام وحاجة المنزل، وإذا زاد الطعام عن حاجته جاز أن يبيعه ويشتري بثمنه حاجات أخرى كالكسوة والأواني ونحوها لسد خلته، وحصول الإغناء له عن التكفف والطواف في أيام الفرح، كالأعياد ولو كان ذلك من زكاة الفطر واستغنى عنها، فله بيعها حتى لا تفسد ولو بأقل من قيمتها الأصلية، ثم التصرف في الثمن بحسب الحاجة والله أعلم.
السؤال:-
أشرف سنوياً على توزيع زكاة الفطر في أحد الجوامع، وقد سجلت عندي أسماء العوائل المستحقة لزكاة الفطر، وأنا أعطيهم ما يكفي العائلة لمدة سنة كاملة، ولكن اكتشف أن بعض العوائل تقوم ببيع زكاة الفطر التي تأتيها، فهل يجوز لآخذ زكاة الفطر أن يبيع ما يأتيه من زكاة الفطر إذا زادت عن حاجته، وهل نمنع عنه زكاة الفطر في العام القادم؟
الجواب:-
يجوز له بيعه ما دام أنه تأتيهم صدقات زائدة عن قوتهم وعن قدر حاجتهم، وأنهم بحاجة إلى أشياء ككسوة ونحوها. فلا مانع من أن يبيعها، ولكن ينظر من هو أشد حاجة، إذا عرفت مثلاً أن هؤلاء يأتيهم ما يكفيهم وأنهم يبيعون الزائد، فاطلب أناساً آخرين هم بحاجة إلى الصدقة، وأن الصدقة إذا أتتهم ينفقونها على عيالهم ولا يبيعونها. هذا هو الأصل.