الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
6 - الغسل الشرعي
تقول السائلة: أنها امرأة متزوجة وتعيش مع زوجها وأولادها وهي تخجل من الاستحمام فجراً وأن جارتها قالت لها يكفي أن تغسل رأسها لرفع الجنابة فهل هذا يكفي؟
الجواب: الحياء من الإيمان كما ثبت ذلك في النصوص الشرعية فمن ذلك ما جاء في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الإيمان بضع وسبعون شعبة أو بضع وستون شعبة فأفضلها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان) رواه مسلم.
وثبت في الحديث عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّ على رجل من الأنصار وهو يعظ أخاه في الحياء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعه فإن الحياء من الإيمان) رواه البخاري ومسلم وورد في الحديث عن عمران بن حصين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الحياء خير كله) رواه مسلم.
وبناء على ما تقدم فإن الحياء مطلوب شرعاً ولكن يجب أن يوضع الحياء في محله فالحياء من الأمور الواجبة شرعاً ليس حياء وإنما هو جبن في الالتزام بالحكم الشرعي كما في حالة السائلة عن غُسل الجنابة وهو واجب شرعاً فلا يجوز الحياء منه. قال تعالى: (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا) سورة المائدة الآية 6. وقال تعالى: (وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) سورة البقرة الآية 222. وصح في الحديث عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا جلس بين شعبها الأربع ومس الختان الختان فقد وجب الغسل) رواه مسلم.
والغسل الشرعي لا بد فيه من تطهير جميع البدن وغسل الرأس فقط لا يعتبر غسلاً شرعياً فإذا غسلت المرأة رأسها فقط وصلت فصلاتها باطلة شرعاً وقد صح في الحديث قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يقبل الله صلاة بغير طهور) رواه مسلم.
وقد قرر العلماء أن الحياء إن كان من واجب شرعي فهو محرم. قال الإمام النووي: [وأما كون الحياء خيراً كله ولا يأتي إلا بخير فقد يشكل على بعض الناس من حيث إن صاحب الحياء قد يستحي أن يواجه بالحق من يجله فيترك أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر وقد يحمله الحياء على الإخلال ببعض الحقوق وغير ذلك مما هو معروف في العادة وجواب هذا ما أجاب به جماعة من الأئمة منهم الشيخ أبو عمر بن لصلاح رحمه الله تعالى أن هذا المانع الذي ذكرناه ليس بحياء حقيقة بل هو عجز وخور ومهانة وإنما تسميته حياء من إطلاق بعض أهل العرف أطلقوه مجازاً لمشابهته الحياء الحقيقي وإنما حقيقة الحياء خلق يبعث على ترك القبيح ويمنع من التقصير في حق ذي الحق ونحو هذا] شرح النووي 1/204. وقد جاء في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: (نعم النساء نساء الأنصار لم يكن يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين) فهذه عائشة رضي الله عنها تثني على نساء الأنصار في تعلمهن الأحكام الشرعية وأن الحياء لا يمنعهن من ذلك. وثبت في الحديث عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: جاءت أم سليم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إن الله لا يستحي من الحق فهل على المرأة من غسل إذا احتلمت؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم إذا رأت الماء فقالت أم سلمة: يا رسول الله وتحتلم المرأة فقال: تربت يداك فبم يشبهها ولدها) رواه مسلم.
وخلاصة الأمر أن حياء هذه المرأة ليس في محله وأما ما أشارت به جارتها من غسل الرأس فقط فلا يكفي في رفع الجنابة ولا بد من الغسل الكامل.