المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌السائلة أف ب من محافظة القريات تقول نرجو من فضيلة الشيخ أن يلقي كلمة موجزة يحث فيها الشباب على الزواج من فتيات بلدهم ولا يخرجون عن ذلك مأجورين - فتاوى نور على الدرب للعثيمين - جـ ٢٤

[ابن عثيمين]

فهرس الكتاب

- ‌فتاوى متفرقات

- ‌أعمال القلوب

- ‌أحسن الله إليكم كيف يكون إخلاص العمل لله

- ‌هذه رسالة من أختكم في الله من حريملاء أج س تقول إذا قام الإنسان ببعض أعمال التطوع كصلاة الضحى أو قيام الليل أو غيرها من العبادات وحاول أن يراه أهل البيت ليس رياء ولكن رجاء التقليد له أو الاقتداء به فيكون قدوة لهم فهل يجوز هذا

- ‌كيف يكون حال الإنسان عندما يريد أن يعمل شيئاً من الطاعات هل يكون في قلبه أنه يريد نيل رضا الله عز وجل أم الفوز بالجنة والنجاة من النار أم إبراء الذمة وهل عليه أن يتذكر الإخلاص عندما يريد فعل أي شيء أفتونا مأجورين

- ‌ما أفضل وسيلة يرشد إليها فضيلتكم لتحصيل الإخلاص والبعد عن كل ما ينقص من ثواب الأعمال

- ‌من ليبيا السائل محمد صالح يقول كيف السبيل لكي تكون أعمالنا خالصة لوجه تعالى دون كبرياء أو رياء أو مفاخرة

- ‌كيف يتقي المسلم عذاب القبر وعذاب النار

- ‌مستمع رمز لاسمه بـ ع ح ط يقول ما هي الأمور التي تعين الشخص على أن يحظى بالقبول من الناس

- ‌المستمعة هـ. م.هـ تقول ما هي حقيقة الزهد في نظر الإسلام وكيف يكون باستطاعتي أن أعيش حياة الزهد بحيث أكون بعيدة عن التنطع

- ‌بارك الله فيكم المستمعة تقول حدثونا عن العباد والزهاد الذين أعرضوا عن الحياة الدينا وزينتها وأقبلوا على الله وكتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والحياة الحقيقية الدائمة التي فيها السعادة والطمأنينة في الدارين

- ‌كيف تكون محاسبة النفس للمسلم وما صفة المحاسبة

- ‌هذا المستمع م. م من الرياض يقول فضيلة الشيخ ما هي الأسباب المعينة على المحافظة على الدين

- ‌ما هي التقوى وحدثونا عن مراتبها

- ‌ما هي الدوافع للتمسك بدين الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم

- ‌هذا السائل من السودان أبو أسامة يقول ما هي أسباب قسوة القلب والعلاج في ذلك

- ‌سائلة رمزت لاسمها ب ع س ل تقول مشكلتي يا فضيلة الشيخ هي أن قلبي قاسي حتى أنه من شدة القسوة إذا توفي شخص من أقاربي لا أبكي ولا تدمع عيناي إلا بعد المحاولات فهل هذه القسوة تمنع قبول صلاتي وصيامي وغير ذلك من الأعمال وهل هذا من نقص إيماني وهل إذا تصدقت على الفقراء تزيل هذه القسوة من قلبي

- ‌بارك الله فيكم هذه المستمعة وفاء من تعز اليمن تقول ماذا يفعل المؤمن إذا كان قلبه لا يخشع عند ذكر الله أو في الصلاة

- ‌هذه المستمعة أختكم في الله هـ. م. غ. من حائل السعودية تقول أحب يا فضيلة الشيخ أن أستقيم على طريق الله والتقرب منه سبحانه وتعالى وأرجو من فضيلتكم إرشادي إلى بعض الطاعات المستحبة والتي تقربني من الله عز وجل وتزرع في قلبي محبته وتقواه

- ‌يقول هذا السائل ما العلاج المناسب لانشراح الصدر حيث أنني أعيش في ضيق شديد وجهوني مأجورين

- ‌السائلة غادة الغامدي تقول ما حكم الحب في الله وكيف يكون

- ‌السؤال: المستمعة أم نزار تقول أحيانا أقرأ القران وأجد أن صوتي حسن وترتيلي جيد هل يعتبر هذا من العجب الذي يبطل العمل

- ‌كيف يضمن المسلم لنفسه النجاة من الخلود في النار

- ‌بارك الله فيكم السائل من الإمارات أسامة خالد يقول فضيلة الشيخ ما هو الورع وما هو الزهد وكيف يكون المسلم ورعاً زاهداً كالسلف الصالح

- ‌نصائح وتوجيهات

- ‌السائل يقول لدي أخ لا يصلى وقد أمرته ونصحته بالصلاة وبينت له أن من ترك الصلاة يكون كافراً ولكن لم يقبل نصيحتي وهو معنا يأكل ويشرب ويسكن فما الحكم في هذه الحالة هل نكون مداهنين له أم لا أفيدونا وجهونا مأجورين

- ‌من مصر السائلة ج م هـ تقول أعيش مع عائلة تتكون من ثلاثين شخصا ما بين رجال ونساء وأطفال جميعهم لا يصلون إلا الجمعة فبماذا تنصحونهم مأجورين

- ‌يقول هذا السائل في سؤاله الثاني والأخير لي مجموعة من الأصدقاء يتهاونون في أداء الصلاة وأيضاً يتحدثون فيما حرم الله من الكلام فهل يجوز لي أن أقاطعهم علماً بأنني عندما ألتقي بهم أقوم بتذكيرهم بالله عز وجل وأسعى لنصحهم فبماذا تنصحونني يا فضيلة الشيخ مأجورين

- ‌المستمعة من العراق محافظة بابل أ. ف. ي. د. تقول في رسالتها الثانية يزورنا في البيت من الأقارب من لا يصلون ولا يؤدون الواجبات ويشركون بالله والعياذ بالله ومنهم من يقول لي إنا ندعو الأولياء والصالحين وعجزت عن نصحهم فهل يجوز مجالستهم وهم عندما أتحدث عن الدين يضحكون مني ويسخرون ويستهزؤون ويقولون لي هذه عابدة أتركوها وعندما يقولون هذا أتضايق كثيراً وأقول يسامحهم الله وعندما أقول لوالدتي يا أماه لا تشركي بالله لا تعرني أي اهتمام وإذا استمعت إلى برنامجكم نور على الدرب تقول أمي بأنك لن تدخلي الجنة على عملك هذا وإذا استمريت على سماع هذا البرنامج أو غيره من البرامج الدينية فسوف تصابين بالجنون وأقول لها أنني لست مجنونة ولكن الله هداني ماذا أفعل لكي أرضي الله سبحانه وتعالى ثم أرضي أمي والناس

- ‌الرسالة التي نوهنا عن مرسلها رفعت علي محمد السيد من جمهورية مصر العربية يقول فيها نريد منكم وصية للوصول إلي الطريق الأصلح والأصوب في مجتمعنا الذي مُلِيء بالانحرافات حيث يوجد معنا في بلدنا مصر النصارى والصلىبين وتوجد المتبرجات وغير ذلك مما عَدَّده ولا نريد الإطالة به

- ‌هذه الرسالة وصلتنا من مواطن مصري يقول أنا سائق مصري محتار في تصرف زوجة كفيلي حيث أنها تأخذ حاجات من المنزل وتأمرني أنا السائق أن أنزل بها إلى السوق ثم تدخل بعض الدكاكين ثم تدخل إلى المكاتب الداخلية وتتصل بالتلفونات ساعة ونصف أو أكثر أو تستخدم تلفون الشارع ويقول إنها تهدده بالطرد وبإلصاق التهم به فهل يخبر زوجها بذلك لأنه لا يرضى هذا التصرف منها وهو رجلٌ مسلم

- ‌ما حكم من يأمر أبناءه بالصلاة من سن التمييز حتى يبلغوا سن الخامسة عشرة وبعد ذلك لا يستجيب هؤلاء الأبناء لآبائهم فبماذا توجهون الآباء نحو هذه المسئولية في المحافظة على الصلاة

- ‌السائلة من الجزائر بعثت بهذا السؤال تذكر بأنها عصبية وكثيرة القلق ولا تستطيع الصبر على أتفه الأمور بل تقول ربما لا أملك مثقال ذرة من الصبر وكثيرة الشكوى من المرض مع علمي بأن هذا ليس في مصلحتي وأعلم بأن الشكوى تكون لله عز وجل فما نصيحتكم لي يا فضيلة الشيخ

- ‌عبد الله محمد من القصيم يقول بعض الناس يتصدون للفتوى وليس عندهم علم شرعي يؤهلهم لذلك فما نصيحتكم لمثل هؤلاء

- ‌ما هي الأسباب المعينة على أداء الصلوات في أوقاتها

- ‌المستمعة تقول الكثير من الناس يشكون من الملل من كثرة الفراغ فبماذا تنصحون هؤلاء مأجورين

- ‌السائلة تقول في سؤالها الثاني بعض الأحيان يحس الفرد بقلة في إيمانه وبأنه بدأ بالابتعاد عن الطاعات بماذا يوجه مثل هذا

- ‌السائلة تذكر بأنها متزوجة من إنسان طيب جداً ويقدرني ولي منه ثلاثة أولاد ولكنه لا يصلى في المسجد ولكنه يواظب على الصلاة في البيت سواء كان مشغولاً أم لا وأُلِحُّ عليه أن يصلى في المسجد مع الجماعة فيوافق أحياناً ويرفض أكثر الأوقات ولكنه يواظب على الصلاة في البيت فماذا يجب علي أن أفعل تجاهه

- ‌المستمع محمد الحسن من جمهورية مصر العربية كفر أبو حماد الشرقية ومقيم بالطائف يقول يوجد عندنا عادة غير محمودة وهي يا فضيلة الشيخ إذا حدث خصامٌ بين الرجل وأخيه المسلم لا يكلمه لفترةٍ طويلة وإذا قابله في طريقٍ يرجع من طريقٍ آخر ولا يلقي عليه السلام وإذا ذهب إلى المسجد للصلاة فوجد الرجل الذي يخاصمه يصلى إماماً لا ينوي الصلاة خلفه بل يترك المسجد ويخرج فما نصيحتكم لمثل هؤلاء

- ‌السائلة أف ب من محافظة القريات تقول نرجو من فضيلة الشيخ أن يلقي كلمة موجزة يحث فيها الشباب على الزواج من فتيات بلدهم ولا يخرجون عن ذلك مأجورين

- ‌هذه رسالة وردتنا من الأخ حمد البسام من الرياض يقول أنا دائماً أسرح وأفكر دائماً حتى في الصلاة وقراءة القرآن أحياناً وفي بعض المرات تمضي نصف خطبة الجمعة وأنا أفكر ولا أدري ماذا قال الإمام في الخطبة وأنا لا أدري ماذا أفعل هل علي إثم أم لا

- ‌هذه السائلة غادة الغامدي تذكر بأنها طالبة في المرحلة الثانوية وقد أعجبت بمدرسة تتصف بالالتزام والخلق ولكن المشكلة أن بعض الصديقات يسيئون إلى هذا المدرسة بقول أوفعل لأن هذه المعلمة تنصحهم وترشدهم وتمنعهم من اللبس المخالف للسنة في المدرسة فيقومون بالإساءة لها والضحك عليها ماذا أفعل فقد قمت ونصحت الطالبات ولكن لا فائدة فأرجو توجيه كلمة يا فضيلة الشيخ محمد للطالبات وللمعلمة

- ‌زوجتي تحلف أيماناً كاذبة وتسب أم الزوج وإخوانه ما نصيحتكم لهذه الزوجة

- ‌المستمعة فائزة محمد من ليبيا تقول البعض من الناس يعملون أشياء تخالف الشرع ويقومون بالنفاق أو الهمز أو اللمز وعندما أقول لهم بأن هذا حرام وأن الله سبحانه وتعالى سيحاسب على ذلك يقولون يوم الجحيم ربنا رحيم فماذا تقولون أنتم لمثل لهؤلاء

- ‌المستمع م. ج من الرياض يقول هناك أشخاص يعملون أشياء محرمة في الإسلام فماذا يترتب علي نحوهم هل أقوم بنصحهم وأكتفي بذلك أم ماذا علي مأجورين

- ‌المستمع رمز لاسمه بـ ك ع يقول فضيلة الشيخ لي ولد متزوج وله طفل ويسكن معي في الدار إلا أنه يعاقر الخمر والعياذ بالله يوميا ويسبب المشاكل للعائلة إضافة إلى تلفظه بكلمات نابية وبالكفر والعياذ بالله وبالرغم من نصحي له بترك الخمر والسير مع العائلة السيرة الحسنة التي يرضاها الله عز وجل إلا أنه لم ينتصح فهل يحق لي أن أطرده من البيت لأنه ولد عاق وكيف أتصرف معه بحيث لا يغضب الله علي أو أتحمل الإثم لأنني رجل حاج إلى بيت الله الحرام وأخاف العقاب فأرجو نصحنا وتوجيهنا بذلك مأجورين

- ‌هذه السائلة من ليبيا أرسلت في الحقيقة برسالة مطولة تقول إنها فتاة تبلغ من العمر الثالثة والعشرون ملتزمة وتحمد الله على ذلك ولكن المشكلة في أن أباها يتعاطى الخمر والمسكرات فترة طويلة وذلك سرا ولكن بحكم عملي في البيت تعرفت على ذلك فما الواجب علي علما بأنني لا أستطيع المواجهة والنصح في مثل هذه الأمور

- ‌هذه مستمعة للبرنامج تقول في هذا السؤال بأنها فتاة ملتزمة وتحمد الله على ذلك منذ ما يقارب من سنة ولكن قلبي في تغير مستمر وتقلب فأحيانا أشعر بقوة في إيماني وإقبال على الصلاة بخشوع وحب للخير وأحيانا تقل هذه القوة وأشعر بقسوة في قلبي فلا أبقى على حال واحدة لدرجة أني بدأت أشعر بالخوف على ديني وأخشى أن أعود كما كنت وأشعر بأن إيماني بدأ يقل تدرجيا وجهوني يا فضيلة الشيخ بما يقوي إيماني وادعو لي بالهداية والثبات على الحق

- ‌هذا المستمع عيسى عبد اللطيف من بقيق يقول في سؤاله الكثير من الزوجات هداهن الله لا يردن من أزواجهن أن يتزوجوا عليهن فأريد بذلك نصيحة لهن من قبل الإذاعة في برنامج نور على الدرب جزاكم الله خيراً

- ‌المستمع يقول إنه يعمل مع رجل يصر على ارتكاب بعض المخالفات ولا يعبأ بالنصيحة وقد أحضرت له بعض الكتب الشرعية عله يستنير بها ولكن دون جدوى فهل أترك العمل معه رغم ندرة العمل عندنا أم أن نصحي وإرشادي له قد يجعله يتراجع عن معاصيه نرجو النصيحة والإرشاد

- ‌في رمضان يكثر القراء لكتاب الله عز وجل وهذا طيب وأجره كبير وعظيم ولكن بعد رمضان قد يهجر القرآن حتى يأتي رمضان الآخر ويبقى على الرفوف فماذا تنصحوننا وتنصحون المسلمين في هذا

- ‌المستمعة أ. س. أم جويرية من دولة الكويت تقول بأنها فتاة منقبة تحمد الله على ذلك ولكن والدتي ترفض الخروج معي لزيارة الأهل والأقارب لأنها تعتقد بأنني مصدر إحراج لها وهي غير راضية عن تصرفاتي بلبس النقاب وعدم مصافحة الرجال وأمور الالتزام الأخرى فكيف أتصرف معها وبماذا ترشدونني مأجورين

- ‌المستمع ع. ع. ص. من صنعاء باليمن يقول بأنه شابٌ مسلم ويحمد الله على هذه النعمة وعمري لا يتجاوز السابعة والعشرين أصبت منذ أحد عشر عاماً بمرض وذهبت إلى عدة مستشفيات في اليمن على أمل الشفاء ولكن دون جدوى وفوضت أمري إلى البارئ عز وجل فهو القادر على شفائي وتفريج كربتي وليس للمؤمن إلا ما كتب الله له ثم يقول والدي يلح علي بالزواج ولكنني أرفض خوفاً من تطور المرض خاصةً وله هذه المدة الطويلة فهل في رفضي هذا معصية لوالدي نرجو التوجيه مأجورين

- ‌السائلة تستفسر عن موانع الدعاء تقول لقد دعوت الله أن يرزقني بالزوج الصالح ولكن للأسف من يتقدم لي غير ذلك وقد تقدم لي أحد الأشخاص الذي يبدو عليهم الصلاح إلا أنه كان متزوجا فرفضته لأنني لا أقبل نفسيا أن أكون الزوجة الثانية وأن تكون سعادتي على حساب تعاسة الآخرين فهل آثم في رفضه كما أنها تقول يراودني شعور بأنني سأظل بلا زواج طول عمري ومهما دعوت فلن يستجاب لي هل هذا الشعور هو تحقيق لقول الرسول صلى الله عليه وسلم (قلب المؤمن دليله)

- ‌هذه رسالة وصلت من إحدى الأخوات المستمعات تعمل في دولة الإمارات العربية المتحدة والرسالة طويلة وسأقوم إن شاء الله تعالى باختصارها تقول أريد أن أستشيركم في أمر يخصني وأفراد أسرتي من البنات ألا وهو أني وأخواتي البنات كتب علينا أن نظل بلا زواج لأننا قد تخطينا سن الزواج إلى ما بعده بكثير جداً جداً إن لم يكن اقتربنا من سن اليأس بالفعل هذا مع العلم ولله الحمد والله على ما أقول شهيد أننا على درجة من الأخلاق وقد حصلنا على شهادات جامعية جميعنا ولكن هذا هو نصيبنا والحمد لله نسأل الله سبحانه وتعالى الصبر والإيمان والتقوى ولكن الناحية المادية هي التي لا تشجع أحداً بأن يتزوجنا لأن ظروف الزواج وخاصة في بلدنا تقوم على المشاركة بين الزوجين باعتبار ما سيكون في المستقبل والآن وبعد أن تعديت سن الزواج وفقني الله عز وجل للعمل في الإمارات العربية المتحدة إلا أنني سمعت في برنامجكم المفضل نور على الدرب عن حرمانية هذا السفر اتباعاً لسنة رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم فقررت بمشيئة الله أن أقدم استقالتي للرجوع إلى بلدي مرة أخرى لأنه ليس هناك لدي من تسمح ظروفه بالسفر معي والآن أسألكم يا فضيلة الشيخ كيف نقي أنفسنا شر الألم الذي قدر لنا وكيف نحمي أنفسنا من كثرة الأسئلة التي توجه إلينا من الناس جميعاً عن السبب في عدم زواجنا فلقد أصبح اختلاطنا بالناس أمر محال بسبب هذا الأمر وأنا أعلم أن الصبر والصلاة والاستعانة بالله جل شأنه هو السبيل ولكن لاشك في أن في هذا الأمر مشقة على النفس أرجو نصيحتي وتوجيهي نيابة عن أخواتي وأسأل الله لي ولهنّ الخير بارك الله فيكم

- ‌أنا شاب في السادسة والعشرين من العمر تزوجت فتاة مسلمة والحمد لله لكن مشكلتي هي أن والدي وأمي لم يوافقوا على ذلك الزواج أما أنا فقد تزوجتها بموافقة أهلها ورضاها وبعد مدة قصيرة من الزواج بدأت مشاكل بين زوجتي وأهلي أمي وأبي وإخواني فهم يريدون من زوجتي الشغل خارج البيت في المزرعة ومعهم كثير من إخواني وأنا غير موجود معهم فأنا موظف والمشكلة أن جميع من في البيت ما عدا أنا وزوجتي يحبون صوفية هذا الزمان الذين تكثر فيهم البدع والخرافات ومن هذه البدع أنهم يذهبون إلى السيد ويعملون أوراق على شكل مربعات ويكتبون فيها أشكالاً وألواناً لا نعرف ما هي هذه الكتابة وليست من القرآن ويحرقونها في النار والكثير من البدع وأنا أنصح لهم ولا يفيد ذلك وجوابهم في ذلك أنهم يقولون أنت البارحة صرت في الدنيا وأنت اليوم تعلمنا بديننا والحقيقة أنني لم أستطع أنا وزوجتي أن نعيش في هذا البيت من كثرة المشاكل وهم يلحون علي أن أطلق زوجتي وأنا لا أقبل بذلك مما جعلني أترك هذا البيت وأسكن في بيت ثاني مع العلم أنهم لن يقبلوا أن أعيش معهم أو أن أرجع إليهم أبداً وإذا رجعت فإنهم يهددوني فماذا أعمل أرجو من فضيلتكم تفصيل ذلك ونصيحتكم جزاكم الله خيرا

- ‌السؤال: السائل يقول أنا أعمل بالمملكة العربية السعودية وأسكن مع أخوة لي مصريين وكلنا والحمد لله على خلق ونحافظ على جميع أنواع العبادات ولكن يا فضيلة الشيخ يوجد بيننا رجل لا يصلى الفرض إلا لوحده منفرداً ولا يصلى إلا يوم الجمعة مع الجماعة ولقد نصحناه كثيراً بالصلاة معنا في الجماعة لكنه لم يمتثل لأي نصيحة أو توعية من إخوانه وكذلك إذا دخل علينا المنزل لا يقول السلام عليكم ورحمة الله أو السلام عليكم ويقول لن أقول لأحد السلام عليكم أنا حر أقول ما أشاء بمزاجي فوجهونا في ضوء ذلك مأجورين

- ‌رسالة بعثت بها السائلة أم فيصل أختكم في الله من الرياض كتبت بأسلوبها الخاص وهي رسالة مطولة فهمت من هذه الرسالة شيخ محمد حفظكم الله بأن بينها وبين زوجها مشاكل حيث تذكر أنها تعاني من مرض نفسي وبأنها لا تستطيع أن تقوم برعاية زوجها الرعاية الكاملة الأسرية فما هو السبيل لبناء الحياة الأسرية السعيدة في مثل هذه الحالة وإذا كان التفاهم من جانب واحد وهو الزوج وأما والزوجة فمقصرة فبماذا تنصحونها وتطلب منكم أن تدعو لها

- ‌بعض الناس يجعل من يوم الجمعة موعدا لرحلاته ونزهاته هل لكم توجيه في ذلك

- ‌المستمع ع ح ط يقول في هذا السؤال ما هو توجيه فضيلتكم لمن أصر على عدم قبول الحق لأن المتحدث يصغره بالسن أولأن السامع في قلبه شيء على نفس المتحدث أرجو النصح والتوجيه في هذا

- ‌ما الطريقة المثلى لنصح الجار الذي يتخلف عن الصلاة

- ‌أبو معاذ من الرياض كتب رسالة مضمونها عندما يتقدم شاب لخطبة فتاة يقوم أهل العروسة بالسؤال عن العريس وذلك عن طريق جيران العريس وزملائه في العمل عن دينه وأخلاق ذلك العريس فنجد البعض يخفون الحقيقة عن أهل العروسة فنجدهم يثنون على العريس ويصفونه بأوصاف ليست في الحقيقة موجودة فيه لدرجة أنهم يجعلونه من المحافظين على الصلوات في المسجد مع الجماعة وهو في الحقيقة قد لا يعرف طريق المسجد ولم يركع لله ركعة واحدة وغير ذلك من ارتكاب بعض الآثام وما خفي كان أعظم وكم من ضحية ذهبت في مثل هذه القضية يقول السائل وهذا ما حصل لإحدى الأخوات الملتزمات نحسبها كذلك ولا نزكي على الله أحداً ولكن بعد الزواج اكتشفت حقيقة هذا الزوج ومدى الغش والكذب الذي وقع لها من قبل هؤلاء الناس مما اضطرها إلى طلب الطلاق فأرجو توضيح حكم الشرع في نظركم في فعل هؤلاء وما نصيحتكم لهم

- ‌التوبة

- ‌بارك الله فيكم، المستمع خالد سليمان الواصل يسأل ويقول ما هي شروط التوبة النصوح

- ‌بارك الله فيكم فضيلة الشيخ هذه السائلة من ليبيا تقول بأنها أخطأت مرة ثم تابت ودعت الله كثيرا أن يغفر لها ولكن لديها شعور دائما بالذنب فبماذا تنصحونها يا فضيلة الشيخ مأجورين

- ‌بارك الله فيكم هذا المستمع إلى البرنامج عبد الواسع اليماني يقول في هذا السؤال بأنه إنسان متزوج وقبل وفاة والدي كنت لا أصلى الصلوات الخمسة وكنت أيضا أعمل المعاصي ثم بعد وفاة والدي هداني الله إلى الطريق المستقيم وأصبحت أصلى وأعمل الخير وأحافظ على الواجبات فما الواجب علي لأكفر عن ذنوبي الماضية وأريح ضميري

- ‌أبو سعد من الجمهورية العراقية محافظة واسط يقول في رسالته لقد كنت في شبابي أعمل أعمالاً لا يرضاها الله والآن أنا تبت فماذا أفعل لأكسب رضا الله وما هي شروط التوبة الخالصة أفيدوني بارك الله فيكم

- ‌بارك الله فيكم فضيلة الشيخ المستمع ع. ن. ف. ح من قطر بعث برسالة يقول فيها بأنه يقترب الآن من الثلاثين من العمر يقول وقد عشت في مطلع شبابي وحتى قبيل الزواج ارتكب الكثير من المخالفات وأنا الآن قد تبت إلى الله توبة نصوحا ونادم على ما صدر مني من أفعال وأقوال لا ترضي الله جل وعلا فهل علي كفارة يا فضيلة الشيخ على ما مضى أم أن التوبة النصوح تكفي

- ‌المستمع حسن سعيد سوداني ومقيم بالعراق يقول في رسالته ما حكم الشرع في نظركم في رجل سب الدين بحالة غضب هل عليه كفارة وما شرط التوبة من هذا العمل حيث أنني سمعت أهل العلم يقولون بأنك خرجت عن الإسلام بقولك هذا وأيضاً يقولون بأن زوجتك حرمت عليك أفيدونا بهذا الموضوع

- ‌بارك الله فيكم فضيلة الشيخ هذا الشاب من مصر يقول بأنه ارتكب بعض المعاصي فتاب إلى الله توبةً نصوحاً فهل لي من توبة من ذلك مأجورين

- ‌رجلٌ ترك الصلاة لعدة سنوات أثناء دراسته في الخارج وترك الصيام لمدة ثلاث سنوات وعندما عاد إلى بلده تاب فهل يقضي الصلاة والصيام

- ‌أحسن الله إليكم السائل من جدة ع ع د يقول شخص نوى أن يفعل معصية ونوى في نفس الوقت بأنه إذا انتهى من فعل هذه المعصية أن يتوب إلى الله هل تقبل هذه التوبة أم لا

- ‌هذا السائل بدر من المجمعة يقول بأنه فتى يبلغ من العمر الثالثة والعشرين يقول كنت لا أصلى ولكن الآن أحرص على الصلاة في مواقيتها والحمد لله والتزمت في كل شيء وأحافظ على السنن الرواتب ولكنني أشرب الدخان وحاولت كثيرا أن أقطع هذه العادة فلم أستطع بماذا توجهونني جزاكم الله خيرا

- ‌السائل خالد أأ يقول في هذا السؤال تخرجت من الثانوية ولكنني قد غشيت في بعض المواد الإنجليزية وأنا الآن علي مشارف الجامعة ماذا يلزمني في ذلك هل يلزم التوبة في مثل هذه الحالة

- ‌أفيدكم أنني في بداية شبابي كنت على الطريق غير الإسلامي حيث كنت لا أبالي بالعبادات أحيانا أصلى وأصوم وأحيانا لا أصلى ولا أصوم وكنت لا أكترث للمحرمات ولمدة خمسة عشر عاما تقريبا إلا أنني الآن استقمت وحافظت على العبادات وقد تبت إلى الله توبة نصوحاً لله عز وجل عمّا كنت عليه وأنا نادم أشد الندم وأرجو من الله أن يتقبل توبتي وسؤالي يا فضيلة الشيخ ماذا علي من ناحية الصلاة والصوم التي لم أقم بتأديتها في أوقاتها علما بأنني لا أحصي تلك الأيام لطول المدة وهل التوبة تكفي تكفيرا لذنبي

- ‌هذا السائل الذي رمز لاسمه بـ م م يقول في هذا السؤال سمعنا بأن تارك الصلاة جميع ما يقوم به لا يؤجر عليه ولكن إذا هداه الله عز وجل للصلاة هل يحتسب له ما كان يقوم به من عمل طيب في الوقت الذي كان لا يصلى فيه أم يبدأ ثواب الأعمال من تاريخ التزامه بالصلاة

- ‌هذا السائل يقول يعتريني أحيانا شعور بالذنب وتأنيب الضمير والإحساس بالنقص وأستحضر الأخطاء التي وقعت فيها ولو لم تكن برغبتي والأشياء الصغيرة التي مضى عليها سنوات كثيرة فهل هذا من وساوس الشيطان وما الحل والعلاج

- ‌رسالة من سوريا بعث بها أمجد أ. أ. يقول توفي والدي وهو غير راضٍ عني وأنا في الخامسة عشرة من عمري لأنني كنت في طريق الشيطان والمخالفات والمعصية وعندما بلغت العشرين عدت إلى الله وإلى ديني وإلى صلواتي وتغيرت حالتي وأخذ الندم مني ما أخذ بسبب عدم رضا والدي عني والآن أنا شاب عدت إلى الله وأعيش مع والدتي التي لم يبقَ لي في الدنيا سواها لم يمر يومٌ إلا وأبكي بحرقة على تفريطي عندما أقرأ عن بر الوالدين ولكن ما يطمأنني أنني عشت مع كتاب الله رفيقي الوحيد في هذه الدنيا استأنس بتلاوته تعبداً لله عز وجل فيهدأ قلبي وتسكن جوارحي ويذهب عني الحزن والغم وأتذكر والدي الذي توفي وهو غير راضٍ عني لكن عزائي الوحيد في هذه الدنيا بأنني كرست جهدي في محبة والدتي والمشاركة في أعمال الخير والدعوة إلى الله عسى ربي أن يتوب علي فهل من نصيحة يا فضيلة الشيخ تطمئنني بارك الله فيكم

- ‌المستمع رمز لاسمه بـ ن. م. ع. يقول إذا تاب الإنسان ورجع إلى ربه حيث كان لا يصلى هل يلزمه النطق بالشهادتين والاغتسال

- ‌هذه المستمعة أم نزار تقول في هذا السؤال فضيلة الشيخ بالنسبة للتائب هل يلزمه التشهد والاغتسال للدخول في دين الله من جديد

- ‌هذا مستمع رمز لاسمه بـ ج. ع. م. يقول بأنه شاب في الثانوية ولم أكن أصلى وإذا أمرت بالصلاة من الأهل فأنا أصلى بغير وضوء لوجود غشاوة على قلبي والحمد لله لقد اهتديت لله سبحانه وتعالى وأصبحت من أصحاب المساجد بحمد من الله وإن شاء الله لن أغير منهجي هذا إلى اليوم المكتوب وحقيقة سبب هدايتي لله سبحانه وتعالى عندما سمعت خبر موت في حادث حصل لأحد الأقارب الأعزاء فاهتديت إلى الله فكانت عبرة لي بحمد من الله والحقيقة إنني خائف إن كان الله سبحانه وتعالى سوف يقبل عودتي للهداية لهذا السبب أو العبرة التي مرت عليّ أم لا وما الواجب عليّ في هذه الحالة

- ‌كيف تمحو الحسنةُ السيئةَ هل تذهب السيئة وتبقى الحسنة

- ‌ما حكم من تاب من إحدى الكبائر وعاهد الله على كتابه وأمام بيته الكعبة المشرفة أن لا يعود إلى تلك المعصية ثم خانته نفسه وضحك عليه إبليس اللعين وعاد إلى تلك المعصية ثم تذكر وندم وتأسف فما حكمه وهل عليه كفارة وهل له توبة أفيدونا جزاكم الله عنا خير الجزاء

- ‌هذه رسالة وردتنا من المرسل ح خ ق ن من الظهران يقول في رسالته أولاً من عمل عملاً لا يرضي وجه الله ثم تاب ثم عاد إلى هذا العمل مراراً وتكراراً فهل له من توبة أم لا

- ‌المستمع أ. ب. ع. مصري يقول في رسالته لقد ارتكبت ذنباًَ ثم توجهت بالتوبة إلى الله عن هذا الذنب وقضيت عنه كفارة ثم ارتكبت الذنب مرة أخرى وقضيت الكفارة عن هذا الذنب مرة أخرى وحتى الآن وأنا تائب عن هذا الذنب ما حكم الشرع في نظركم في عملي هذا

- ‌أغضبت والدتي عدة مرات حتى إنني تطاولت عليها بالسب والشتم والكلام غير اللائق لأسباب تافهة ظناً مني بأنها تحب أخي الأكبر أكثر مني بمعاملتها السيئة لي وأنا أعلم بأن غضبها من غضب الله ورضاها من رضا الله والآن هي تكلمني وراضية عني فماذا أفعل لأكفر عما فعلت أرشدوني بارك الله فيكم

- ‌المستمع أبو محمد من القطيف يقول لقد نويت أن أصوم لله شهرين متتابعين تكفيراً عما ارتكبته في حياتي وحينما علم بذلك بعض زملائي سألوني إن كنت قد ارتكبت عملاً يوجب كفارة صيام شهرين متتابعين فقلت لهم لا فقالوا ليس عليك شيء لو لم تكمل الصيام بل لا يجوز لك ذلك فامتثلت كلامهم وقطعت الصيام فهل كلامهم هذا صحيح وماذا يجب علي أن أفعل

- ‌سؤال الأخ من الجمهورية العراقية من مدينة كركوك عما يعانيه المسلمون الآن من الذل والهوان فهل يمكن أن نقول المسلم الذليل تطلب منه التوبة عن ذلته وهل تعتبر الذلة أيضاً معصية

- ‌أحسن الله إليك هل صحيح بأن دعاء سيد الاستغفار ينوب عن الاستغفار سائر اليوم

- ‌ورد حديث فيه (من قال أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه غفر الله له ذنبه ولو كان فاراً من الزحف) هل معنى ذلك أنه يدخل في الحديث الكبائر

- ‌يقول السائل إبراهيم أبو حامد ما هي فوائد الاستغفار الدينية والدنيوية وهل هناك كتاب مؤلف في ذلك

- ‌هل صحيح بأن كل شخص يقول كلمة استغفر الله يغفر له

- ‌أحسن الله إليكم السائل الذي رمز لاسمه خ. ف. م. ع يقول إذا اغتاب شخص ما بعض الناس وذمهم وقام بعمل صدقة لهم جارية عمّا تحدث عنهم من ذكر سيئ هل يكفي هذا؟ وهل يوفي هذا من حقوقهم

- ‌أحسن الله إليكم ما رأيكم يا فضيلة الشيخ بالشخص الذي تصدق عن كل من اغتابه بعد أن تاب إلى الله من ذلك

- ‌إذا اغتاب شخص شخصاً آخر ولم يستطع التحلل منه فهل يكفي الاستغفار والدعاء له

- ‌بارك الله فيكم هذا المستمع سعود من بريده يقول فضيلة الشيخ اغتبت أحد الأشخاص في مجلس من المجالس نظرا لأنه أساء إليّ ثم ذهبت إليه لأستسمحه عن هذه الغيبة فقدمت له عذري وقلت له أعتذر منك فقد اغتبتك وأرجو أن تسامحني ولكنه قال أذهب الله لا يحلك فما حكم الشرع في عملي هذا مأجورين

- ‌المستمع عوض عبد الوهاب يقول في رسالته كيف يتخلص الشخص من حقوق العباد سواء كان مالاً أو غير ذلك ولم يستطع الوفاء به

- ‌المستمع من السودان يقول في سؤاله الثاني نسي عندي أحد الأخوة من السعوديين مبلغاً من المال قدره خمسمائة ريال نتيجة خطأ حسابي ولا أعرف مكانه وهو لا يعرف هذا الخطأ وأريد أن أتخلص من هذا المبلغ إبراءً لذمتي هل يجوز لي أن أتصدق بهذا المبلغ بالريال السعودي أم بالعملة السودانية على بعض الفقراء والمحتاجين من أقاربي وجيراني أم أن هناك طريقة أخرى

- ‌هذا المستمع رمز لاسمه بـ س. س. أبو عبد الله السعودية جدة يقول فضيلة الشيخ كيف يتحلل الإنسان من مظالم الناس سواءٌ كانت أموال أو غيبة أو نميمة وإذا كانت أموالاً ولا يعرف كيف يردها فماذا يفعل

- ‌بارك الله فيكم هذا المستمع أ. أ. ف. مقيم بالمدينة المنورة بعث بهذا السؤال يقول كنت أعمل موظفا في إحدى الشركات وكانت توكل إلي أحيانا مهمة الصرف للعمال رواتبهم ولكني كنت لا أقوم بها على الوجه الأكمل وذلك لأنني كنت آخذ جزءاً يسيرا من راتب كل واحد منهم بحجة أنه لا يوجد لدي صرف وسرت على هذه الطريقة لمدة عام وقد تركت العمل بها منذ أربعة أعوام وندمت ندما شديدا على ما فعلت خصوصا لما علمت أن حق العباد لا تكفي فيه التوبة بل لابد من إرجاعه إلى أصحابه وأصحابه يتعذر علي معرفتهم الآن خصوصا وأن عهدي بهم قد طال وكذلك يتعذر علي معرفة نصيب كل واحد منهم على وجه التحديد فماذا أفعل أفيدوني أثابكم الله

- ‌هذه الرسالة وردتنا من مكة يقول مرسلها م ب ش أني حصلت على ثوب شخص في بيته وأخذت منه فلوس عدة مرات كثيرة ولا أدري والله ما عدد الفلوس التي أخذتها ويوم كبرت تبت إلى الله وسمعت حديث يشدد فيمن أخذ مثل هذه النقود أفيدونا والله يحفظكم ويرعاكم

- ‌السائل م م ح من المنطقة الشرقية يقول الذنوب التي بين العبد وبين خالقه يغفرها الله ولكن الذنب الذي علي لشخص آخر يجب أن أذهب إليه وأن أطلب منه العفو والسماح ولكنني لا أستطيع أن أتوجه إليه ولا أستطيع أن أواجه هذا الشخص مهما كانت الأسباب لأنني أنا في منتهى الإحراج منه وسمعتي عنده طيبة وقد ظلمته وسببت إليه بعض الإشكال ماذا أفعل أفيدوني أفادكم الله

- ‌إنسان سرق من إنسان آخر حاجة بسيطة أيام جهله وعدم معرفته بالأمور وعواقبها وهذا الشيء قد لا يساوي عشرين ريال، وضاع هذا الشيء الذي سرق، فلما كبر وعقل وأرشد هذا السائل ندم على فعله هذا وهو يعرف صاحبه، ولكن يستحي منه أن يصرح له بالأمر فماذا يفعل هل يتصدق بقيمتها بعد أن يقومها ويعرف كم تساوى أو ماذا يفعل افتنا أثابكم الله تعالى

- ‌هذه الرسالة وردتنا من تبوك يقول سؤالي هو أني سرقت حوالي خمسة كفرات سيارة وبعد الصلاة ندمت على ما فعلت ولأني ما ينفعني الندم تمنيت أن يدي تقطعت أرشدوني والله يجيركم ويثيبكم

- ‌بارك الله فيكم السائل ع. ح. ب. من السودان يقول إذا جمع شخص أموالاً كثيرة من تجارة في أشياء محرمة ثم تاب إلى الله فهل يجوز له أن يحج من ذلك من المال أو يتصدق منه أو يتزوج منه أو يبني منه مسجداً لله

- ‌بارك الله فيكم هذا مستمع للبرنامج لم يذكر الاسم هنا يقول في سؤاله الأول هناك شخص كان عليه دين وبعد مدة ليست بالقصيرة نسي هذا الشخص هل سدد هذا الدين لمستحقيه أم لا فماذا يفعل هذا الشخص

- ‌هذا المستمع رمز لاسمه بـ م. ص. س يقول فضيلة الشيخ بأنه متزوج ومعه عدد من الأطفال وكان غير مهتدي إلى الطريق المستقيم فقد لعبت الميسر وشربت الخمر وأسرفت علي نفسي وعلي أولادي وبعد ذلك هداني الله إلى الطريق المستقيم وقراءة القران والصلاة والصوم بعد أن كنت لا أصوم رمضان أفيدوني جزاكم الله خيرا هل من كفارة عما بدر مني في الأيام السالفة أرجو الإفادة من فضيلة الشيخ مأجورين

- ‌هذا السائل يقول بأنه سرق من بيت أحد الأصدقاء قميصاً ولكنني أستحي جداً أن أرده علماً بأنني نادم أشد الندم على فعلتي فماذا أفعل

- ‌إذا كان الإنسان لصاً وعاش على اللصوصية ثم تاب هل يجب عليه رد كل شيء فعله وثانياً إذا اكتسب إنسان مالاً غير حلال ثم تاب فما حكم هذا المال

- ‌السائلة تقول بأنني كنت أقوم بإعطاء الدروس الخصوصية نظراً لأنني مدرسة وكنت لا أعتقد أنها حرام لأن معظم المدرسين يفعلون ذلك أما الآن فقد تأكدت بأنها لا تجوز وندمت على ذلك ولكن هل المال الذي جمع من هذه الدروس حرام أم لا وما السبيل إلى التوبة وهل تكفي لتطهير المال وإن كان حراماً فكيف أتصرف فيه خاصة بأن هذا المال وضعت عليه راتبي من الرواتب السابقة طول المدة فكيف لي التخلص من ذلك مأجورين

- ‌بارك الله فيكم هذا السائل سوداني رمز لاسمه بـ أ. أ. م. يقول فضيلة الشيخ إذا أخذ الإنسان من أخيه حق بغير علمه وأراد أن يرده له وخاف من الفتنة ماذا يعمل مأجورين

- ‌بارك الله فيكم السائل من السودان يقول عندما كان شاباً كانوا يخرجون مع بعض الشباب إلى البر ويسرقون ما يجدون من ماعز أو بقر ويقومون بذبح هذا الذي سرقوه ويأكلونه والحمد لله تبنا إلى الله وهدانا إلى الطريق المستقيم مع العلم بأن أصحاب هذه المواشي موجودون الآن وإذا صارحناهم قد تحصل مشاكل لا حد لها وبعضهم قد مات ماذا نفعل يا فضيلة الشيخ أفتونا مأجورين

- ‌البائع الذي يخطئ في الحساب قد يعطي للزبون بالزيادة وبالأقل وبدون قصد هل يدفع الخسارة ويأخذ الزيادة

- ‌هذه السائلة امرأة تقول مرضت ثم نامت في المستشفي لعدة أيام وعند خروجها أخذت معها ما يقارب من أربعين كوبا زجاجيا وأشياء أخرى معها ولم تكن تعلم بحكم عملها هذا وانتقلت من منطقتها إلى منطقة أخرى ماذا يجب عليها هل تقوم بإرجاع ذلك أم تتصدق بثمنها مأجورين

- ‌هذا السائل يقول في إحدى الحلقات كانت لكم إجابة على أحد السائلين بأن الرجل الذي أكل مال غيره بغير وجه حق إذا تاب توبة نصوحاً عليه أن يرد المال لصاحبه ولكن إذا كان هذا المال من المال العام فكيف يفعل أفيدونا مأجورين

- ‌هل التوبة تكفر الربا

- ‌هذا سائل من جمهورية مصر العربية ممدوح يقول تبت إلى الله وعندي مال اكتسبته من الحرام ويستحيل عليّ أن أرده لأهله فماذا أفعل به وإذا تصدقت به فما هو موقف المتصدق عليه إذا كان يعلم إن هذا المال حرام جزاكم الله خيرا

- ‌الدعاء

- ‌السائل يقول حدثونا عن فضل الدعاء

- ‌هذا مستمع يسأل عن موانع الإجابة في الدعاء وعن أوقات إجابة الدعاء

- ‌ما هي أوقات إجابة الدعاء

- ‌ما هي موانع إجابة الدعاء

- ‌في سؤاله الثاني يقول المواضع التي يستجاب فيها الدعاء ما هي وما هي الأماكن كذلك وما هي آداب الدعاء

- ‌تقول السائلة سمعت مرة من أستاذ التربية الدينية أن من أكل لقمة واحدة من حرام فإن الله لا يستجيب لدعائه أربعين نهاراً فهل هذا صحيح أرجو إفادتنا مأجورين

- ‌المستمع يحي قاسم يقول ما هي الأعمال التي إذا عملها الإنسان قبل أو بعد الدعاء كانت الإجابة مؤكدة

- ‌السائلة منى إبراهيم تقول ما الحكمة في أن دعاء المسافر مستجاب وهل هذا حديث

- ‌ما هي الأوقات التي يستجاب فيها الدعاء

- ‌ما شروط الدعاء المستجاب وحدثونا عن آدابه وما رأي فضيلة الشيخ لمن ينشرح صدره ويبتسم أثناء الدعاء إيماناً بالله ويقيناً بالإجابة واستحضاراً لعظمة الاتصال برب العالمين

- ‌السائلة إلهام أختكم في الله من الأحساء لها مجموعة من الأسئلة تقول في السؤال الأول من أسباب إجابة الدعاء أن يفتتح بالحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله فهل الأفضل القيام بذلك عند الدعاء بعد التشهد في الصلاة وفي السجود أيضاً

- ‌السائلة ص م من الكويت تقول سمعت بأن الدعاء بعد صلاة العصر من يوم الجمعة مستجاب إن شاء الله فكيف يكون الدعاء وما هي الآيات المفضلة وهل يكون الدعاء والقراءة صلاة

- ‌هل صحيح بأن الدعاء لا يصعد للسماء للقبول إلا إذا كان قبله وبعده صلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وما الدليل على ذلك أفيدونا مأجورين

- ‌ما حكم الدعاء أثناء الأذان

- ‌رسالة وصلت من المستمع عزت يوسف طه يقول فيها يقول الله تبارك وتعالى (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) ونحن ندعو كثيراً ولم يستجب لدعائنا ترى ما الأسباب في ذلك

- ‌السائلة من الأردن تقول أرجو من فضيلة الشيخ أن يعلمني الطريقة المناسبة للدعاء وهل هو في يوم الجمعة فقط وهل في يوم الجمعة ساعة مستجابة

- ‌السائل ر. م. ك يقول فضيلة الشيخ ما هي مواضع إجابة الدعوة وأوقاتها وهل بقول يا رب ثلاث مرات وقول يا أرحم الراحمين ثلاث مرات يكون الدعاء مستجاب

- ‌حدثونا عن آداب الدعاء وما هي أوقات الاستجابة وما موانع الدعاء

- ‌هذه رسالة وردت من المرسل محمد جميل حسين مصطفي من الجمهورية العراقية يقول إن من أحد شروط الدعاء هو التكرير ثلاثاً وقد قرأ الخطيب في يوم الجمعة وذكر الدعاء مرة واحدة بعد خطبة المسجد هل يجوز هذا أرجو توضيح ذلك

- ‌ما أحسن الدعاء الذي يستحب أن يردد

- ‌ما حكم الاستثناء في الدعاء بقولنا إن شاء الله

- ‌صلاح عبد الله من السودان بعث برسالة يقول فيها كيف أدعو بالأسماء الحسنى هل أدعو بالتسعة والتسعين اسماً جميعاً

- ‌يقول السائل نشاهد بعض الناس يضعون الوريقات على سياراتهم وعلى أبوابهم فيها دعاء الخروج ودعاء كفارة المجلس ودعاء الركوب فما حكم هذا

- ‌هذا أخوكم مجدي مقيم بدولة العراق وهو من جمهورية مصر العربية يقول في سؤاله فضيلة الشيخ نريد القول الفصل في رفع اليدين في حال الدعاء وعند القنوط

- ‌ماحكم رفع اليدين في الدعاء بعد كل صلاة هل يعتبر بدعة

- ‌هل ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يرفع يديه بالدعاء بعد صلاة الفريضة

- ‌ما حكم السجود عند الدعاء في غير الصلاة

- ‌يقول السائل نحن نقرأ القرآن والحمد لله في كل يوم نقرأ جزء فما حكم الدعاء الذي نفعله بعد الانتهاء من الجزء هل هذا جائز في الشرع أم لا

- ‌هل يجوز قراءة الأدعية والأذكار من كتب الأدعية

- ‌تقول السائلة عندما أدعو ببعض الأدعية ينتابني الشك فأقوم بتكرارها مرارا في نفس الوقت فأخاف بأنني لا أحسن الظن بربي أو لا أدعوه وأنا مؤمنة بالإجابة فيصيبني القلق بسبب ذلك فماذا تسمون مثل هذه الحالة جزاكم الله خيرا

- ‌السائل سعد العتيبي يقول في سؤاله الدعاء بين الأذان والإقامة مستجاب هل أستطيع أن أرفع يدي بالدعاء أم لا أستطيع

- ‌يقول السائل إذا نسي الرجل البسملة عند دخول الحمام فذكر البسملة أثناء وضوءه في الحمام فهل يجوز له أن يسمي الله وهل الدعاء عند دخول الحمام يقوم مقام البسملة

- ‌أحسن الله إليكم في رسالة السائلة ن أالحربي تقول ما حكم الدعاء للمعلمة التي تؤدي واجبها على أكمل وجه وصورة

- ‌السائل م. ش. ب. من الإحساء يقول هل يجوز في الدعاء ما بين الأذان والإقامة أن نصلى على النبي صلى الله عليه وسلم وإن جاز ذلك فما صفة هذه الصلاة مأجورين

- ‌يقول السائل إذا انتهيت من دعاء الله عز وجل والتضرع بين يديه والبكاء من خشية الله أظن ظناً جازماً بأن الله عز وجل سيستجيب لي وأظن أن الله أحبني سبحانه وتعالى فهل ظني جائز

- ‌ما رأي فضيلتكم في استخدام هذه الصيغة عند الدعاء اللهم إني أسألك باسمك الطيب الطاهر المقدس المكنون المخزون

- ‌ما هو اسم الله الأعظم

- ‌هذا سائل يقول ما صحة حديث الذي يقول أسألوا لأخيكم التثبيت فإنه الآن يسأل وهل يكون هذا الدعاء جماعي مثلاً يدعو شخص ويؤمن الآخرون أم يكون على انفراد

- ‌هل يجوز للابن الدعاء لأبيه الذي مات تاركاً للصلاة

- ‌هل يجوز الدعاء للشخص الفاسق والذي لا يؤدي واجبات الدين الإسلامي

- ‌هل يجوز أن يدعو الإنسان لنفسه بالتوفيق للزواج من فتاة ويذكر اسمها بقلبه

- ‌أحسن الله إليكم العامة قد يقولون لا نحفظ الأدعية المأثورة في العمرة فبماذا يدعون

- ‌يقول في السؤال الثاني عندنا في شهر رمضان المبارك قبيل صلاة الظهر والعصر يرفع الجالسون في المسجد أصواتهم بدعاء جماعي هو أشهد أن لا إله إلا الله واستغفر الله نسألك الجنة ونعوذ بك من النار ثلاثاً وبعد هذا الدعاء اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا ثلاثاً ثم تقام الصلاة فما رأيكم بهذا الدعاء

- ‌هذه المستمعة ن. م. تقول ما حكم الدعاء على النفس بالموت وما جزاء ذلك وماذا يفعل الإنسان إذا أحس بضيق في نفسه

- ‌هذه المستمعة أم أسامة إبراهيم تقول فضيلة الشيخ ما حكم دعاء الأم على أولادها وتقول بأن ذلك ليس من قلبي

- ‌يقول هذا السائل هناك بعض الناس بعد صلاة الفريضة يدعو وفي نهاية الدعاء يقول الفاتحة إلى روح سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ويمسح وجهه ويقرأ الفاتحة وكذلك يقرأ الفاتحة لأمواته وأموات المسلمين فما توجيه فضيلتكم

- ‌السؤل: ما حكم الدعاء على الأقارب أو غيرهم إذا كانوا أعداء لي فهل يجوز لي أن أدعو عليهم

- ‌من ليبيا السائل سليمان جمال الدين يقول هل يجوز قراءة سورة الفاتحة في الدعاء أو آخر الدعاء وهل ذلك من البدع أم لا جزاكم الله خيرا

- ‌أحسن الله إليكم وبارك فيكم هذه رسالة وصلت من المستمعة ف. أ. من عسير تقول فضيلة الشيخ أمٌ دعت على أبنائها أن يجعلهم الله في الدرك الأسفل من النار فطلبوا منها بعد فترة السماح فسامحتهم فهل سيكونون فعلاً في النار وماذا يجب عليها أن تفعله

- ‌أحسن الله إليكم من السودان السائل عبد الناصر يقول أسأل عن الدعاء الجماعي بعد الصلاة مثل الإمام يدعو والبقية يقولون آمين. آمين هل الدعاء يستجاب في مثل هذه الحالة

- ‌هل يسن مسح الوجه باليدين بعد الدعاء أم أن هذا بدعة

- ‌ما حكم مسح اليدين على الوجه بعد الدعاء

- ‌هذا سائل يستفسر عن دعاء الكرب وهل هو وارد اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا وأنت تجعل الحزن إذا شيءت سهلا يقول ما هو الحزن في هذا الدعاء

- ‌ما معنى قول الرسول صلى الله عليه وسلم (اللهم أعوذ بك من علمٍ لا ينفع)

- ‌ما معنى قولنا في الدعاء لا نحصي ثناء عليك

- ‌يقول المستمع سمعت أحد الأئمة وهو يدعو في قنوت النازلة يقول إلهنا هتكت الأعراض وشرد الأطفال فقال أحد العوام هذا لا يصح لأنه غير دعاء

- ‌تقول السائلة عندما يأتي شخص لعمل خير وأنا خائفة منه أدعو بهذا الدعاء أقول اللهم اجعل كيده في نحره فهل هذا يعتبر من التعدي في الدعاء

- ‌هذا سائل يسأل ويقول عندما يدعو العبد ربه بقوله اللهم وفقني إلى ما أسموا إليه ولا تجعلني من القانطين فهل هناك خطأ في هذا الدعاء في قوله أسمو

- ‌أحسن الله إليكم من أسئلة هذه السائلة تقول عبارة اللهم لا شماتة هل هي دعاء وهل يجوز أن نقول ذلك إذا تيقنا بأنه ليس من الأحاديث

- ‌تقول في كتاب حصن المسلم دعاء للنبي صلى الله عليه وسلم عند لقاء العدو وهو قوله عليه السلام اللهم أنت عضدي وأنت نصيري بك أحول وبك أصول وبك أقاتل فأنا أستعمل هذا الدعاء وما يشابهه عند الاختبار فهل علي شيءٌ

- ‌أحسن الله إليكم يا شيخ يقول السائل بأن عليه ديون حوالي خمسين ألف ريال يقول ما هو الدعاء الذي يقال لقضاء الدين

- ‌هل ورد أدعية مخصصة عن الرسول صلى الله عليه وسلم عند الإفطار وعند السحور

- ‌الأذكار

- ‌ما المراد بذكر الله هل المراد تلاوة القرآن وحده أم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وكل الأدعية المأثورة

- ‌المستمعة ف. ح. ع. من الحبشة تسأل عن الذكر

- ‌بارك الله فيكم ما سبب انصراف الناس وإحجامهم عن التحصين بالذكر

- ‌ما هو الدعاء الذي يقوله الإنسان إذا أراد أن يسافر لأنني أسمع كلام الناس لكنهم لا يرفعون أصواتهم ورغم أني حريص على التصنت عليهم إلا أنني لم أعرفه أرجو إن كان يحضركم أن تقولوه لنا وفقكم الله

- ‌هل يجوز للمرأة الغير متطهرة أن تقوم بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌هل يصح الذكر من تكبير وتهليل وتحميد وصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم من غير وضوء حتى يكون اللسان رطب بذكر الله

- ‌المستمع عبد المعروف أحمد سوداني مقيم بالدمام يسأل عن دعاء دخول المنزل هل يجب ذكره في كل مرة عند دخول المنزل مثلاً عند ذهابي لأداء فريضة الصلاة في المسجد وعند عودتي ثانياً إلى المنزل هل يجب عند دخولي ثانياً ذكر الدعاء أم لا

- ‌ما هو الدعاء المستحب ذكره عند النوم وما هي فائدته

- ‌السائل أبو شاهين من مصر يقول هل يجب أن يقول الإنسان الأذكار بصوت مسموع أم يكفي أن يتلفظ بها في لسانه

- ‌بارك الله فيكم هذا السائل أبو أسامة يقول فضيلة الشيخ أفيدكم بأنني ولله الحمد منذ صغري قد نشأت على طاعة الله عز وجل حتى كبرت وهذا من فضل الله علي ولكن يا فضيلة الشيخ سؤالي بأنني أذكر الله واستغفر بصوتٍ مرتفع وهذا خارج عن إرادتي ودائماً يدخل علي الشيطان ويوسوس علي ويقول أنت ترائي وهذا رياء ويعلم الله أنني تعودت على ذلك منذ الصغر وأخشى من زملائي في العمل فهل أترك ذلك وجهوني مأجورين

- ‌المستمع من الجزائر يقول في هذا السؤال فضيلة الشيخ يقول بعض الناس الذكر أفضل من الصلاة المكتوبة بدليل قوله تعالى (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ) فهل الذكر أفضل من الصلاة كما يقولون

- ‌يقول السائل يا فضيلة الشيخ بأنه يذكر الله مائة مرة هل هذا الذكر وارد أم لا

- ‌يقول ما معنى لا حول ولا قوة إلا بالله

- ‌المستمع الشريف حسين من الأردن يقول في رسالته ما هو الوقت المحدد لأذكار الصباح والمساء الواردة في السنة المطهرة فمثلاً هل وقت أذكار المساء ما بين المغرب والعشاء أو ما بين العصر والمغرب

- ‌بارك الله فيكم يقول هذا السائل من السودان هل أذكار الصباح لها وقت معين

- ‌من الأردن السائلة ن س ر تقول متى تذكر أذكار الصباح والمساء على وجه التحديد هل نذكرها في الصباح قبل طلوع الشمس وهل يجوز ذكرها بعد طلوعها وبالنسبة لأذكار المساء هل نذكرها قبل الغروب وهل يجوز ذكرها بعد غروبها

- ‌أم عبد الله من القصيم تقول ما حكم تأخير أذكار الصباح إلى الساعة الحادية عشرة

- ‌يقول السائل أنا عامل وأمي لا أقرا ولا أكتب واسمع أن هناك ورد بالليل وورد بالنهار فكيف احفظ الأذكار وإذا اقتصرت على بعض الأوراد فهل يكفي

- ‌ما صحة قول اللهم صل على محمد وعلى آل محمد في يوم الجمعة ألف مرة

- ‌يقول السائل في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أحياناً ونحن نستمع إلى قولٍ أو فعلٍ للرسول صلى الله عليه وسلم نكون معجبين مسرورين فنقول صدقت يا سيدي يا رسول الله أو عليك الصلاة والسلام يا سيدي يا رسول الله هل يجوز ذلك أقصد بالتحديد ياء النداء أو كاف المخاطب ثم هل يجوز في دعائنا أن نقول اللهم شفع فينا محمد أفيدونا مأجورين ونسأل الله لنا ولكم التوفيق

- ‌هذا السائل ر. م. ك العسيري يقول هل آثم إذا سمعت ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم ولم أصلِ عليه

- ‌السائل من حضرموت يقول أنا استمع إلى إذاعة القرآن الكريم لبعض المحدثين وأثناء حديثهم يقومون بذكر الرسول صلى الله عليه وسلم فهل أصلى على الرسول أثناء ذكرهم له صلى الله عليه وسلم

- ‌هل يصح أن نقول صلى الله عليه وسلم مع اسم كل نبي أو رسول يذكر اسمه أم أنها خاصة بمحمد ابن عبد الله صلى الله عليه وسلم

- ‌هل ورد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة الجمعة

- ‌بارك الله فيكم السائل م. م. بريدة يقول هل يجوز قراءة الأذكار في الصباح والمساء وأنا محدث وما حكم الدعاء للوالدين والمسلمين بعد الفراغ من الأذكار

- ‌بارك الله فيكم المستمعة للبرنامج عائشة إبراهيم تسأل وتقول في سؤالها هل التسبيح بالمسبحة بدعة وكما يقولون بأنها بدعة حسنة وهل في الإسلام بدعة حسنة

- ‌ما حكم استخدام السبحة في التسبيح

- ‌يقول السائل ما حكم السبحة في الإسلام مع ذكر الأدلة الصحيحة في اخراج الاحاديث وجزاكم الله عنا كل خير

- ‌الدعوة إلى الله - الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌فضيلة الشيخ لا شك أن الداعي إلى الله يشترط فيه شروطاً حبذا إذا بينتموها للدعاة إلى الله

- ‌السائلة أختكم في الله ل ع أتقول أمنيتي أن أصبح داعية إسلامية أدعو الناس إلى الهداية وإلى هذا الدين القيم فماذا أفعل كي تتحقق هذه الأمنية وهذا لاشك أنه أمنية لكل فتاة مسلمة في هذا المجتمع المسلم

- ‌هذه رسالة وصلت من المستمع صالح سلمان من السودان يقول أرجو منكم عرض هذه الرسالة على فضيلة الشيخ محمد وهي ما هي الآداب التي ينبغي أن يتحلى بها الداعي إلى الله جل وعلا

- ‌هذا المستمع للبرنامج رمز لاسمه بـ وليد ع. س. يقول ما الصفات والشروط التي يجب أن تتوفر في الداعية

- ‌فضيلة الشيخ محمد العلماء والدعاة والمصلحون عليهم مسؤولية عظيمة في بيان أقسام التوحيد وتوجيه الضالين هل من كلمة لهم

- ‌السائل محمد العنزي من القصيم يقول إن شيخ الإسلام رحمه الله يقول في الدعاة المبتدعة الذين يدعون إلى الإسلام مثل الأشاعرة والمعتزلة إن عملهم محمود لأنهم ينقلون هؤلاء من الكفر الذي يخلد صاحبه في النار إلى الإسلام وإن كان صاحبه مبتدعا وفي هذا العصر وجد من هم على هذا النمط من الدعاة المنحرفين عن منهج أهل السنة والجماعة فما رأي فضيلة الشيخ

- ‌ما الأسرار من وراء دعوة الرسول السرية لمدة ثلاث سنوات في مكة المكرمة

- ‌المسلم مطلوب منه أن يتفقه في دينه وأن يتحقق من العقيدة كيف توجهون المسلمين في ذلك وفي معرفة دينهم

- ‌السائل أبو شاهين من مصر يقول أحكي للأطفال قصص غير حقيقية وذلك لتحبيبهم في الصلاة والصدق وأمور الخير فهل يعد هذا من الكذب فهم صغار لا يدركون ولا يعقلون وهذه القصص قصص الأنبياء والصالحين

- ‌السائل أبو عبد الله يقول يقوم بعض محبي الخير بنشر بعض الورقات التي قد تحمل في طياتها أحاديث ضعيفة أو موضوعة وقد يذكر بعض الاجتهادات التي لا دليل عليها هل من توجيهٍ لهؤلاء

- ‌السائل يقول في بعض المساجد وخاصة بعد صلاة العصر يقرأ الشخص أو أحد الإخوان عدة أحاديث من رياض الصالحين في كل يوم فهل هذا العمل من البدع

- ‌هذه السائلة من مكة المكرمة (نورة ح ص هـ) تقول ما حكم من عمل من أجل الله عز وجل ولكن يخبر به من يرى لكي يقوم بمثل هذا العمل لكي يعم الخير

- ‌هذا سائل للبرنامج يقول في هذا السؤال أنا طالب أدرس في كلية الشريعة وأعاني من مشكلة وهي أنني عندما يطلب مني المدرس القراءة أمام الزملاء لا أستطيع القراءة ويصيبني خوف واضطراب شديد وإذا كنت إماما في الصلاة الجهرية فإني لا أستطيع أن أقرأ أيضا وأنا شديد الخجل وسؤالي يا فضيلة الشيخ ما هو الحل لهذه المشكلة وما العلاج وبماذا تنصحونني

- ‌السائل حامد عبد الرزاق من الأردن يقول فضيلة الشيخ ما رأيكم بالداعية الذي إذا غضب من شخص رفع صوته عليه وذكره بأخطائه الماضية وهذا الداعي إلى الله يخطب بالمسجد ويرفع صوته على والديه كذلك

- ‌السائل يقول أسكن في حي ويوجد لدي جيران لا يؤدون الصلاة معنا في المسجد مع العلم بأنه لا يوجد أي شيء يمنعهم من الصلاة في المسجد وقد قمت بزيارتهم في منازلهم وقمت بحثهم على الصلاة وقالوا سوف نصلى ولم نراهم معنا في المسجد هل علي ذنب في ذلك وهل تكون ذمتي برئت من ذلك أرجو التوجيه

- ‌كيف يبلغ المسلم الدعوة إلى الله وما هي السبل والطرق المثلى في الدعوة إلى الله مأجورين

- ‌آخر سؤال للمستمعة أم جويرية من الكويت تقول إنني ممن تحب النصيحة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما أمر الشرع بذلك في قضايا كثيرة خاصةً التبرج وترك الحجاب وخاصةً السلوك الغير مستحب ولكنني أخشى العاقبة وردة الفعل خاصةً إذا كنت نصيحتي لأناسٍ لا أعرفهم فبماذا تنصحونني يا فضيلة الشيخ مأجورين

- ‌تقول السائلة إذا وجدت معي بحكم العمل فتاة غير مسلمة فهل من الواجب علي أن أدعوها للإسلام وإن لم أفعل فسوف أسأل عنها يوم القيامة أم أن الدعوة لأناس معينين قادرين على ذلك وجزاكم الله خيرا

- ‌السائل من الدمام يقول فضيلة الشيخ كما هو معروف عندنا في بعض المساجد وبعد صلاة الفريضة يقرأ الإمام برياض الصالحين أو بالترغيب والترهيب أو بكتاب موجود ولكن عرفنا أنه بعد السلام يشرع التسبيح والتهليل المشروع عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد قال لي أحد الأخوة أليس من الأفضل أن يترك مجال للناس للتسبيح والتهليل والتكبير بدل القراءة عليهم فما رأي الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين في ذلك حيث أن بعض الناس فور انتهاء الإمام من الحديث بعد العصر يخرجون أرجو الإفادة مأجورين

- ‌هذا المستمع أبو عبد الله يقول أرجو عرض هذا السؤال على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين يقول السلام عليكم ورحمة الله فضيلة الشيخ في إحدى المناسبات في الزواج كنا من الحاضرين أنا ووالدي وعندما حضر أقارب الزوج إلى مكان الحفل واكتمل العدد قام أحد الاخوة وجزاه الله خيراً وارتجل كلمة طويلة أقصد أنها كانت نصيحة في الترهيب والحقيقة لو أن الكلمة كانت قصيرة لكانت أبلغ في التأثير ولكن لطولها واستشهاده بالأحاديث أطالت الكلمة فقام أحد الحاضرين وقاطعة وقال يكفي يكفي ما قدمت جزاك الله خيراً فغضب المتحدث وقال كأنك لا تحب الذكر فهل على الذي قال يكفي أو كفى إثم نريد من فضيلة الشيخ توجيه في هذا مأجورين

- ‌المستمعة نور تقول بعض الطالبات يلحن في القرآن الكريم وأحياناً يزدن أو ينقصن في أحرف الآيات فإذا أرشدناهن إلى الصواب يغضبن ويقلن ليس قصدكنَّ تصحيح القراءة بل الاستهزاء بنا فهل نتركهن على الخطأ أم نبين لهن الصواب وهل علينا إثم إذا تركنا هذا

- ‌نلاحظ في الطرق الطويلة لوحات كتب عليها عبارة مثل اذكروا الله أو صلوا على النبي أو سبحوا الله أو لا تنسوا ذكر الله فهل هذا العمل بدعة

- ‌تقول السائلة مشكلتي إني عندما أشاهد ما يغضب الله أصرخ وأثور وأغضب غضباً شديداً وأبين أن هذا حرام ولكن بصراخ خاصة إذا كان الذي أمامي لم يقتنع ولا يريد أن يقتنع وحينها أقدم الأدلة فيفسرونها على غير تفسيرها فأغضب أكثر وقرأت أن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أخبر شخصاً سأله فقال لا تغضب ثلاث مرات وقرأت حديثاً آخر بما معناه أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان لا يغضب لنفسه ولكن يغضب إذا انتهكت محارم الله أرجو توضيح كيف كان غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انتهكت محارم الله وما دورنا نحن وكيف يجب أن يكون غضبنا وما هو الغضب المنهي عنه في الحديث الأول

- ‌المستمع للبرنامج سعد الدوسري من وادي الدواسر يقول في هذا السؤال هل يجوز لإمام المسجد أن يسمع الجماعة في المسجد أشرطة مسجلة مسجل عليها ندوات ومحاضرات وخطب لبعض المشايخ والخطباء إذا كان الجماعة لا يتأثرون بالأحاديث أو المواعظ التي يلقيها عليهم لأنهم ألفوا ذلك

- ‌المستمع من جمهورية مصر العربية يقول بأنه يقوم بتحفيظ القرآن ودروس دينية لبعض البنات وأعمارهن الثالثة عشر في منزله فهل في ذلك شيء يقول مع العلم بأنني بمثابة مدرس لهن حيث أقوم بتدريسهن في هذا

- ‌يقول المستمع من السودان بعض العلماء عندنا عندما يريد أن يلقي كلمة أو موعظة من حين لآخر يقف ويقول صلوا على رسول الله ثم يتحدث قليلاً ثم يقول لهم بعد ذلك صلوا على رسول الله هل هذا وارد عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم

- ‌المرأة إذا كان لديها علم وحماس وتريد أن تدعو إلى الله فما هي الطريقة التي تتبعها وما هي المجالات التي تستطيع أن تدعو إلى الله فيها

- ‌هذا المستمع من جمهورية مصر العربية كفر الدوار يقول في رسالته إنني المرسل أتابع برنامجكم برنامج نور على الدرب واسمي ج ع ع وسؤالي بالنسبة للدعوة الإسلامية على أيام الرسول عليه الصلاة والسلام هل وصلت إلى الدول الأوروبية وخلافها وما موقفهم منها وكيف كانت تنقل إليهم

- ‌إبراهيم أبو حامد من الرياض يقول ما هي رسالة المسجد في المجتمع حدثونا عن ذلك مأجورين

- ‌ما هي ضوابط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومتى يجوز الإنكار علانية والإنكار سرا

- ‌إذا حضرت حفلة لأقربائي وكان فيها منكرات كثيرة وحضوري لهذه الحفلة كان بسبب الدعوة وخوفا من زعلهم هل أنكر هذه المنكرات أو أخرج من الحفلة

- ‌هذا السائل خليل ح رمز لاسمه بهذا الرمز يقول فضيلة الشيخ أشتكي إلى الله ثم لكم من أبي سامحه الله وهداه إلى طريق الصواب فللأسف الشديد هو سيء الخلق عاق لوالديه وتارك للصلاة ولا يصوم وكثير المشاكل مع الأهل والأقارب ويقوم بتصرفات سيئة لدرجة أنه يخرج إلى السطوح للنظر إلى نساء الناس وغير ذلك من التصرفات السيئة فوجهوني ماذا أعمل معه

- ‌تقول هذه السائلة امرأة كثيراً ما تجلس في مجالس النساء وكثيراً ما يحصل في هذه المجالس من الغيبة والاحتقار وأنا أتضايق من هذا الشيء ولا أريده ولكنني لا أستطيع أن أغير هذا المنكر ولا حتى القيام من المجلس الذي أنا فيه فهل أعتبر في مثل هذه الحالة شريكة لهم في الإثم مع أنني أكره ذلك في داخلي وأتضايق منه لكنني لا أستطيع عمل شيء سوى ذلك ما العمل في مثل هذه الحالة أرجو نصحي وتوجيهي

- ‌من الجزائر أخوكم عبد الله يقول في هذا السؤال فضيلة الشيخ هل وجود الشخص في مكانٍ توجد به منكرات شرعية يعتبر من المحظورات

- ‌تقول الأخت السائلة عندما أرى منكراً لا أعلم الحكم الشرعي له تماماً فإنني لا أنهى صاحب هذا المنكر فهل أنا على صواب أم لا

- ‌بارك الله فيكم السائل عبد الله من الرياض يقول أقيم في المملكة وأعمل في إحدى المؤسسات الأهلية وبحكم عملي لاحظت أن المحاسب لدينا يختلس بعضا من الأموال وذلك ببيعه مواد وعدم كتابة فواتير بثمن هذه المواد فما واجبي هل أن أنبهه وأنصحه ليقلع عن هذا العمل أم أبلغ صاحب المؤسسة وجهوني بهذا

- ‌هذه رسالة لطبيبة مقيمة بالمملكة تقول هل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يكون للمسلمين وغير المسلمين أم هو للمسلمين فقط جزاكم الله خيراً

- ‌يقول السائل بعض الناس هداهم الله إذا أمرته بواجب ديني قال لكم دينكم ولي ديني فما موقف المسلم من ذلك

- ‌كثير من أصحاب السوق أصحاب البيع والشراء إذا نادى منادي الصلاة إما أغلق الباب وبقي خارج الدكان أو أغلقه على نفسه حتى ينتهي وقت الصلاة والعبرة بالصلاة لا بإغلاق المحل ما حكم عمل هؤلاء وما هو واجب الهيئة نحو ذلك اللهم إني بلغت فاشهد

- ‌يقول بعض الناس إن علينا بأنفسنا فقط وليس لنا بالناس الآخرين شيء أي أننا نصوم ونصلى ونؤدي ما فرضه الله علينا ولا علاقة لنا بالآخرين

- ‌التاريخ والسير

- ‌بارك الله فيكم المستمع عبد الله يقول في سؤاله الثاني يقول متى بنيت الكعبة ومن الذي رفع قواعدها ولماذا سميت بهذا الاسم

- ‌أين كان يسكن قوم ثمود وما هي قصة عقرهم الناقة

- ‌المستمع عبد الله فهمي عبد الرحيم من جمهورية مصر العربية يعمل بالمدينة المنورة يسأل عن مريم العذراء هل عندما حملت كان حملها كالحمل العادي تسعة أشهر أم ماذا

- ‌المستمع علي إبراهيم صومالي مقيم بجمهورية تنزانيا يقول نعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد تزوج تسع نساء معاً فما هي الحكمة في ذلك مع أن شرعه صلى الله عليه وسلم لا يبيح لغيره جمع أكثر من أربع نساء وكيف أن ابنه إبراهيم من مارية القبطية مع أنها ليست من زوجاته أي أنها أمةً كان يملكها صلى الله عليه وسلم

- ‌لماذا سميت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم بأمهات المؤمنين

- ‌ما الأسرار من وراء دعوة الرسول السرية لمدة ثلاث سنوات في مكة المكرمة

- ‌ما قصة الجذع الذي كان يخطب عليه الرسول صلى الله عليه وسلم فلما تركه الرسول صلى الله عليه وسلم لفترة صار له صوت أو حنين

- ‌أحمد حسين العراق محافظة نينوى يقول في رسالته كيف كان الاستقبال للرسول صلى الله عليه وسلم عندما هاجر من مكة إلى المدينة المنورة ومن هم الذين كانوا بصحبة الرسول صلى الله عليه وسلم أفيدونا في ذلك بارك الله فيكم

- ‌ما هي صفات الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌ما الفرق بين ابن العربي وبين ابن عربي

- ‌يقول هذا السائل يا فضيلة الشيخ ما هي الدروس المستفادة من قول عمر رضي الله عنه (يا سارية الجبل يا سارية الجبل)

- ‌ما حكم الشرع فيما يروى أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه رأى سارية وهو يخطب على المنبر في المعركة في موقف حرج مع الأعداء فقال له يا سارية الجبل هل هذه القصة حقيقة حدثت أم من الخيال

- ‌المستمع محمد عبد الحميد عبد الرحمن مصري مقيم في الدمام يقول في رسالته أرجو الإجابة على سؤالي هذا مأجورين في غزوة مؤتة هل كان استشهاد القادة الثلاثة زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب وعبد الله بن أبي رواحة السبب الأساسي وراء هزيمة المسلمين أم السبب الكثرة العددية للروم وحلفائها من القبائل هو السبب

- ‌من هم أصحاب الصفة

- ‌رسالة وردتنا من محافظة الحسكة بسوريا يقول مرسلها ممتاز سليمان لماذا سميت السيدة أسماء رضى الله عنها بذات النطاقين

- ‌بر الوالدين

- ‌رسالة وصلت من الدوحة من الأخ أبي بكر محمد يقول فضيلة الشيخ أرجو من السادة العلماء الإفادة بحقوق الوالد على أبنائه

- ‌السائلة رمزت لاسمها بـ م. ص. تقول أكرمنا الله عز وجل بدخول دين الإسلام أنا وبعض أخواني وسؤالي ما هي حقوق الوالدين الكافرين على الأبناء المسلمين وكذلك الأشقاء والأقارب من حيث الزيارات والنفقة والصلة ومتى تكون النفقة واجبة ومتى تكون مستحبة بارك الله فيكم

- ‌بارك الله فيكم المستمع حمادي له سؤال يقول توفي والدنا وعليه ديون كثيرة وله مجموعة من الأبناء البعض ميسور الحال والبعض غني فهل على الأولاد الأغنياء أن يسددوا عن والدهم وهل تسقط عن الأولاد الفقراء

- ‌بارك الله فيكم المستمع ق. ح. من بلاد زهران يقول في هذا السؤال يا فضيلة الشيخ توفي والدي قبل ثلاثين سنة وكان عليه حقوق للناس كثيرة حيث إنه مات ولم يسدد هذا الدين الذي في ذمته وكان ذلك للأسباب التالية أولاً إنه معسر ولم يوجد لديه شيء ثانياً يقول إنه لم يعرف أصحاب هذه الديون وأنا الآن محتار تجاه والدي ماذا أفعل لكي نسدد ما بذمته وأنا كذلك لا أعرف أصحاب الديون فهل يجزئ أن أتصدق بشيء من مالي ونية الثواب لأهل الديون أم ماذا أصنع أفيدونا جزاكم الله خيراً

- ‌ع. ب. أ. الخرطوم يقول في رسالته كيف يكون البر للوالدين بعد مماتهما وما هي الأعمال الصالحة التي تجب على الولد تجاه والديه بعد ممات والديه أفيدونا بارك الله فيكم

- ‌ما أفضل شي يفعله الولد تجاه والديه المتوفين حيث كان مقصرا في حقهما كثيرا حيث كان خارج البلاد أثناء موتهما أرجو عرض رسالتي هذه على سماحة الشيخ محمد حفظه الله وأريد إجابة ليطمئن قلبي مع أنني عدت إلى بلدي وتمسكت بعقيدتي وصلاتي ولزمت المسجد كثيرا فهل يكفي الدعاء فقط أرجو الإجابة مأجورين

- ‌السائل خالد حمد من المنطقة الشرقية يقول ما هو أفضل شيء يعمله المسلم تجاه والديه في حياتهما

- ‌ما الأعمال التي أبر بها والدي بعد وفاته غير الدعاء

- ‌تقول السائلة أرشدوني مأجورين إلى أعمال الخير التي أقوم بها كي أصل والدي

- ‌يقول السائل والدي متوفى منذ فترة طويلة وهو بعيدٌ عني ولا أستطيع أن أقوم بزيارته إلا بعد السنتين أو الثلاثة فهل باستطاعتي أن أبره بشيء وأنا بعيدٌ عنه

- ‌توفي والدي ونحن صغار وقد ربتنا الوالدة جزاه الله خيرا ولكن هناك مشكلة ترتبط بالوالدة فهي تؤمن بالأولياء وتطلب منهم الحاجات وفي حال مواجهة أي مشكلة لها تنطلق إليهم وقد نصحناها كثيراً وكانت تحتفظ بكثير من الأوراق التي تأخذها من الأماكن التي تذهب إليها عند هؤلاء الأولياء وفي الأخير قمت بجمع الأوراق والأشياء التي أراها محرمة وأتلفتها فغضبت علي وقاطعتني وجهوني ماذا أعمل وهل أكون قاطعاً للصلة

- ‌هذه رسالة وصلت من مستمعة للبرنامج تقول إن والدي قد توفي منذ سنوات قليلة وقد كان لا يداوم على الصلاة بسبب المرض الشديد (الغرغرينة) وكان ينطق بالشهادتين دائما وقد نطق بها قبل وفاته وكان موحداً لله تبارك وتعالى والسؤال هل يجب علي موالاة أبي في هذه الحالة وأن أبره بالدعاء له بالمغفرة والرحمة والصدقة وهل هذه الحالة لا ينطبق عليها الحديث الشريف (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث وذكر من ذلك الولد الصالح يدعو له) وذلك لأنني أحبه حباً كثيرا

- ‌بارك الله فيكم المستمع يقول أردت بيع بيتي ولكن الوالد رفض ذلك رفضا قاطعا فكرهت البيع وهو غير راغب فهل يجوز لي البيع والحال ما ذكر

- ‌بارك الله فيكم يقول المستمع أنا غير عاق لوالدي ولله الحمد وهذا من فضله على ولم يجدا مني إلا كل خير ولكنني ليس عندي الاحتفاء الكامل بهما والجلوس الطويل معهما وهما راضين عني تمام الرضى فهل على شيء في هذا

- ‌هذا المستمع ط. ك. من العراق بغداد يقول في رسالته أنا شاب أبلغ من العمر ثمانية عشر عاماً والحمد لله أؤدي الصلاة وأعمل لنيل رضى والدي وطاعته ولكن منذ ولادتي حتى الآن لم أر والدتي ولكني أعلم أين تقيم الآن وهي بعيدة عني والحقيقة بيّنها لي والدي حيث أنه طلقها وأنا أريد رؤيتها لأنها أمي وسيحاسبني الله عليها إن لم أزرها مع العلم أنني لم أذكر لأبي بأنني أريد أن أراها لأني أخاف أن أبين له هذا فيغضب علي وخاصة وهو متزوج من امرأة ثانية ولديه له منها عدة أطفال فما حكم الشرع في نظركم في حالتي هذه

- ‌المستمع يقول أحياناً يطلب مني والدي شراء دخانٍ له هل علي إثمٌ في هذا

- ‌بارك الله فيكم يا فضيلة الشيخ هذه رسالة وصلت من محمد الطيب من السودان بعث برسالة يقول فيها إذا غضب الوالد غير الملتزم بأمورٍ دينية من صلاةٍ وصيامٍ وزكاة من ابنه عندما ينصحه ويحاول معه بأن يلتزم بأمور الشرع هل يأثم الابن من هذا الغضب وهل يدخل في باب العقوق

- ‌بارك الله فيكم هذا أخ مستمع يعمل في التسجيلات الإسلامية يقول فضيلة الشيخ محمد إني أحبك في الله ولي أخت شقيقة وأبي وليها ولا يزوجها إلا لموظف أو من لم يكن لديه زوجة فإذا أتيت له بشاب صالح له زوجة وكذبت عليه وقلت إنه رجل عزوبي فهل يجوز الكذب في مثل هذه الحالة

- ‌أنا شاب في السادسة عشرة من عمري أبي يمنعني من أداء الصلاة في المسجد ويمنعني من أداء صلاة الجمعة وإنه لو استطاع لمنعني من الصلاة ولكنه يعرف الشرع في هذا المضمار لكنه في نفس الوقت يحاول أن يشدني من التيارالذي أنا فيه إلى تيار الفسق والفجور فهل أطيعه أفيدوني أفادكم الله

- ‌السائل يقول شاب يعمل ويعطي حصيلة عمله لوالده حيث إن والده يقوم بشتمه وسبه دائما ويتهمه بالتقصير بأنه يخبئ بعض الشيء من راتبه ويعطيه لزوجته فهل الراتب يعطى للأب بالكامل وجهونا حول هذا

- ‌هذه سائلة للبرنامج تذكر بأنها معلمة تحب فعل الخيرات وتحب مساعدة المحتاجين تقول وعندما أريد أن أتصدق من مالي على ذوي أرحامي وصديقاتي المحتاجات تقف والدتي ضد هذه الأعمال بحجة أنني أبدد مالي فيما لا يفيد وأنني بحاجة إلى أن أدخر هذا المال فيما ينفعني فيما بعد فهل لوالدتي الحق في التدخل في راتبي وهل يصح أن أتصدق وأعطي دون أن أخبرها بذلك أم ماذا أفعل

- ‌تقول السائلة بأنها فتاة لها صديقة لم ترها منذ سنوات وتريد أن تزور هذه الصديقة هل يجوز لها أن تذهب إليها دون علم والدها علماً بأن أمي تأذن لي في الذهاب والذي يذهب بي ويرجع هو أخي ولكن إذا علم أبي سوف يغضب هل من الأفضل أن استأذن الوالد أو أذهب بغير علمه أفتونا مأجورين

- ‌نحن ثلاثة أخوة نعمل بالمملكة وكل واحد منا له رزقه وظروفه وقد اتفقنا بين أنفسنا على أن نساهم في نفقات الحج لوالدتنا وذات يوم أرسلت أمي برسالة تطلب فيها أن نشتري لها جنيه ذهب فأرسلت إليها بالرد أنني أفضل شراء قطعة ذهب مكتوب عليها لفظ الجلالة سبحانه وتعالى بدلاً من الجنيه لأنه مرسوم عليه صورة جورج فأرسلت لي بأنها ترغب الجنيه الذهب وكذلك سلسلة ذهب فأرسلت إليها بأنه بدلاً من هذا وذاك سوف أدفع لك مبلغاً كي تؤدي فريضة الحج مساهمة مع أشقائي ورفضت مبدأ شراء الذهب علماًَ بأن قيمة تكلفة مساهمتي في الحج أكثر من شراء الذهب ولم يأت الرد منها ومضى على ذلك حوالي شهرين وأشعر الآن بضيق نفسي شديد لعدم إرسالها لي أي خطاب وسؤالي هل بتصرفي معها أصبحت عاقاً لأمي وماذا أفعل

- ‌المستمع عبد الرحيم من المملكة المغربية يقول هل يجوز للأب أن يرغم ابنه الشاب على الجلوس في المنزل وعدم البحث عن عمل شريف يكسب منه حلالَا وماذا يفعل الابن في هذه الحالة هل تلزمه طاعة أبيه أم يجوز له أن يخالف أمره فالإسلام يحث على العمل والاكتساب الحلال

- ‌يقول السائل أفيدكم أنني شاب بلغت سن الرشد ولم أوفق في دارستي لظروفي الخاصة وطلبت من والدي مساعدتي بالزواج لي وأن أقوم بمساعدته حيث لديه مال ومزارع ومع ذلك فهو طاعن في السن ولكنه رفض ما طلبته ولم يسمح لي بالسفر للبحث عن العمل آمل من فضيلتكم التكرم بإرشادي إلى الطريقة التي أعمل بها لأنني لا أريد عصيان والدي أملي فيكم كبير بعد الله وفقكم الله

- ‌هذه رسالة وردتنا من الجمهورية السودانية الديمقراطية بعث بها الأخ في الله الحسين فتح الرحمن محجوب يقول في رسالته رجل يحب والديه وأراد أن يتأسى بسنة الرسول عليه الصلاة والسلام وأعفى لحيته ووجد مضايقة من أبيه وأمه حتى غضبا عليه فما حكم الإسلام في ذلك هل يُغضب الوالدين ويعفي لحيته

- ‌المستمع سعيد السيد محمد يقول لقد مضت فترة حوالي سنتين وأنا كنت أغلط على والدي ووالدتي وأتعدى عليهم لفظياً وذلك لحالات عصبية ولكن ليس من كل قلبي ولا أقصد ذلك ولكن مع ذلك أرجع وأحاسب ضميري وأندم على ما فعلت ولكنني لم أقصر على حاجات البيت فكل شيء موجود والحالة المادية بشكل عام كانت جيدة أما سبب عصبيتي فكانت بسبب زواجي من امرأة كانت تخلق المشاكل بينها وبين الوالدة والوالد وبسبب ذلك تؤثر على أعصابي وعصبيتي وغلطاتي الكبيرة تجاه والدي ووالدتي أما الآن فأنا أحس بالندم لما فعلت بالوالد والوالدة على حد سواء وقد عزمت على الطلاق وفعلاً طلقت وارتحت من مشاكلي مع الوالد والوالدة فهل أحمل ذنب ما فعلت سواء مع الوالد والوالدة أو مع الزوجة التي طلقتها علماً بأنها لم تنجب أطفالاً

- ‌نبدأ هذه الحلقة برسالة وصلت من المستمع م. ج. ج. سامراء العراق يقول في هذا السؤال إنني منذ سنوات وبعد وفاة والدي أوذي أمي بكلامي أو بأسلوبي الغليظ ولكنني بعد فترة وجيزة أندم وأتألم على هذا وأعزم على أن أتوب إلى الله توبةً نصوحاً ولكنني بانفعالي وحالتي العصبية لا تجعلني أغير من معاملتي لأمي أرشدوني يا فضيلة الشيخ مأجورين

- ‌بارك الله فيكم هذا سوداني يعمل بالخليج يقول والدي كثيرا ما يتلفظ بألفاظ الطلاق على والدتي ومتساهل في أداء الصلوات ووالدتي بعكسه امرأة مصلىة عابدة وهذا من فضل الله عليها وكثيرا ما نصحت والدي بعدم التساهل بألفاظ الطلاق فلم يبالي وأنا الآن على وشك العمل وأريد أن أرسل لوالدتي مصروف دون أبي مع أن حالته ضعيفة جدا جداً هل يجوز لي هذا

- ‌هذا المستمع أ. ب. س. يقول بأنه شاب متغرب عن والده ويعمل في هذا البلد المبارك وقبل مجيئي هنا أسرفت على نفسي بل ارتكبت أكبر الكبائر ولكنني بعد فترة تبت إلى الله ولكني شكيت في توبتي لأني سمعت حديثاً يقول ثلاثة لا ينفع معهن العمل وعدّ منها عقوق الوالدين فهل لي مخرج وهل لي أن أحج قبل الرجوع إليهما مع أني لو سافرت هناك قبل أن أحج محال عليّ الرجوع إلى هنا لصعوبة الطريق علي وهل تقبل مني الأعمال الصالحة أرجو النصح والتوجيه

- ‌بارك الله فيكم يقول ع. ع. أ. مقيم بالرياض هل مناداة الوالدة باسمها يعد عقوقاً لها وإذا كنت متعوداً على ندائها باسمها وهي ترضى بذلك فهل هذا جائز

- ‌بارك الله فيكم المستمع من جده له سؤال يقول شخص توفي والداه وهما غاضبان عليه لأنه كان عاقاً لهما فقيل له إن من عق والديه لا يجد رائحة الجنة وبذلك فقد فقد الأمل في دخول الجنة ولكي لا يصاب بيأس من رحمة الله قال له شخص آخر إنك تستطيع برهما بعد الموت وذلك بالدعاء لهما والاستغفار لهما والصدقة عنهما وإن الله سبحانه وتعالى سيجمع بينكم يوم القيامة ويخبر والديك بأنك فعلت كذا وكذا من أجلهما فإن رضيا عنك فإن الله سيعفو عنك والسؤال هو هل هناك أصل لما قاله هذا الشخص بارك الله فيكم

- ‌السائلة فتاة تقول إنني حينما أكون أشتغل أو يأتي وقت ضيق أو يأتي والدي لطلب شيء قد رفعته أو قد وضعته أرفع صوتي عليهم فهل هذا حرام مع أنني أكره هذا الفعل

- ‌بارك الله فيكم السائل أبو بكر حميد من جدة يقول بأنه شاب ويحمد الله على ذلك ولكنني أشكو إلى الله أولاً ثم إليكم ذنباً كلما تبت منه رجعت إليه وهو عقوق الوالدين حيث أنني أرفع صوتي فوق صوتهما أحياناً وأفعل أشياء تؤذيهما فما حكم ذلك مأجورين

- ‌تقول السائلة عندي والدة حفظها الله كلما طلبت مني أمراً لبيت طلبها بسرعة ولا أتأفف أمامها ولا أظهر لها التضجر ولكن عندما أذهب إلى بعض أخواتي في الله أشكو لهن من والدتي بأن ما تطلبه والدتي كثير جداً فهل يعتبر هذا من عقوق الوالدين أفيدوني بارك الله فيكم

- ‌هذا السائل للبرنامج يقول بالنسبة من رفع صوته على والديه في حالة غضب هل يأثم في ذلك وهل يطلب رضاهم

- ‌السائل جمال أحمد يقول ما حكم من يتشاجر مع والده كلما رآه ينتهك حدود الله أو يستهزئ بأمور الدين ولكنه بار به ويكفيه جميع ما يعنيه

- ‌هل الشخص الذي يرفع صوته على والديه في وقت الغضب الشديد ثم بعد الهدوء من ذلك الغضب يندم على ذلك الفعل أشد الندم هل يعتبر هذا من عقوق الوالدين

- ‌رسالة وصلت من المملكة العربية السعودية من المستمع ج ع ش ملخصها يقول بأنه شاب يبلغ من العمر الثالثة والعشرين متزوج على سنة الله ورسوله من فتاة وهي بنت عمه شقيق والده ويقول بعد فترة من الزواج ما يقارب من أربعة أشهر وكان يسكن هو وزوجته في بيت أبيه وفي ذات يوم حصل سوء تفاهم بين زوجته وبين أهله فذهبت زوجتي إلى بيت أبيها وبعد ذلك طلبت مني زوجتي أن استأجر شقة على قدر الحال لنسكن أنا وهي وحدنا ونبعد عن المشاكل أو أن نسكن في بيت أبيها بشرط أن لا تنقطع صلتي بأهلي أبداً وأن أكون سائلاً عنهم دوماً فوافقت على ذلك الأمر وعرضت ذلك على أهلي ولكنهم رفضوا ذلك وأصروا على أن أسكن عندهم هل علي ذنب يا فضيلة الشيخ إذا خالفتهم على إصرارهم وسكنت أنا وزوجتي في شقة أو في بيت أبيها أفيدونا أفادكم الله

- ‌بارك الله فيكم المستمع أ. س. س. من الأردن بعث برسالة يقول فيها لقد اخترت فتاةً على خلقٍ ودين لتكون زوجةً لي ولكن عندما أخبرت والدي بذلك رفض وحاولت إقناعه ولكنه أصر فأردت أن أعرف السبب فقال ليس هناك من سبب وأنا حائر بين طاعته أو صرف النظر عن هذه الفتاة التي اخترتها رغم ما يسببه لي ولأسرتها من آلامٍ نفسية فأرجو النصيحة إلى الطريق الصحيح جزاكم الله خيرا

- ‌بارك الله فيكم من مصر بعث المستمع توفيق محمد خليفة مصري الجنسية بهذه الرسالة يقول فيها إنني متزوج من بنت خالتي وبعد زواجي منها بسنة غادرت إلى العراق للكسب وعندما وصلت إلى العراق قام والدي ووالدتي بطرد زوجتي علماً بأنني أنجبت منها طفلة وأريد السفر من العراق إلى مصر حيث أنها موطني بعد غربة استمرت ثلاث سنوات وأنا في حيرة من أمري هل عند وصولي البلد أذهب أولاً إلى والدي ووالدتي أم أذهب إلى زوجتي وابنتي علماً بأن والدي ووالدتي يرغبون في طلاقها أرجو منكم الإفادة بارك الله فيكم

- ‌يقول فضيلة الشيخ محمد لقد تركت والدي ووالدتي منذ زمن وذلك للأسباب التالية أولا وهو المهم لأن أخواني جميعهم شباب بالغين ولكنهم لا يصلون وكل أمور اللهو والفساد عندهم موجودة وقد نصحهم أبي وأمي ونصحت لهم أنا ولكن لا فائدة من ذلك ثانيا إنني أريد أن أتزوج إن شاء الله قريبا والبيت صغير جدا وكما تعلمون لا يجوز أن تكشف زوجتي لإخواني هل أنا آثم حين تركت والدي ووالدتي وإذا كنت آثماً ماذا علي أن أفعل جزاكم الله خيرا

- ‌بارك الله فيكم يقول هذا السائل أعيش أنا ووالدي ووالدتي وامرأتي وإخوتي في بيت واحد أحيانا أحضر لزوجتي شيء من الأكل دون علم والدي ووالدتي ونأكل دون أن يرانا أحد فما حكم ذلك

- ‌رسالة طويلة وصلت من السائل حسين أ. من مكة المكرمة يقول في هذا السؤال أعرض عليكم فضيلة الشيخ مشكلتي مع زوجتي فقد تزوجت بعد وفاة الوالد رحمه الله بسنتين وترك الوالد أمانةً في عنقي وهم أمي وإخوتي الصغار القصر وأنا المعيل الوحيد بعد الله عز وجل لهم وتقدمت لخطبة زوجتي بشرط أن لا أستقل ببيتٍ مستقلٍ لها لظروفي الخاصة كما ذكرت ووافق أهل زوجتي على شرطي وتم الزواج وبعد ستة أشهر من الزواج بدأت زوجتي تخلق المشاكل لأجل بيتٍ مستقلٍ لها وهي تعلم جيداً أني لا أستطيع لظروفي ولدخلي المحدود حيث أنني أعمل براتب قدره ألف ريال شهرياً وخيرتني بين أمي وبينها وذهبت إلى بيت أهلها دون أي اعتبارٍ بمشاعري ورزقني الله منها بولد وحرموني من زيارته وأنا أحاول أن أعيدها إلى بيتي بشتى الطرق ولكن دون جدوى والآن أنا محتار يا فضيلة الشيخ هل أختار أمي التي ربتني أم هذه الزوجة أم ولدي أفيدوني مأجورين

- ‌هذه الرسالة من أحد المستمعين يقول فيها أرجو أن ترشدوني إلي ما فيه الخير إني متزوج من خمسة أعوام ودائماً يحصل بين الأسرة مشاجرة ولي والدة وأخوان صغار ما معاهم سوى وجه الله وأنا الذي أعمل وأصرف عليهم ودائماً تحصل مشاجرة بين زوجتي ووالدتي نتيجة الإخوان فهم يأتون بالمشاكل ولم أدر ماذا أفعل ولي بيت يبعد ثلاثة أمتار من بيت إخواني بنيته بخمسين ألف ريال يمني ولا أدري هل أبقى مع والدتي وإخواني أم انتقل إلى هذا البيت المجاور لهم

- ‌المستمع رشدي من مصر يقول كيف يوفق المسلم بين إرضاء الوالدين الأم والأب وبين الزوجة حيث إن والديّ لا يرتاحان إلى زوجتي كثيراً وكذا زوجتي لا ترتاح لهم فأنا سعيد مع زوجتي وأبنائي فبماذا تنصحونني

- ‌بارك الله فيكم هذا المستمع س. ع. و. من سكاكا الجوف بعث برسالة يقول فيها تزوجت من دولةٍ عربية مجاورة وزوجتي راضٍ عنها ديناً وخلقاً فهي محافظة على الصلوات والصيام ومطيعة إلى أبعد الحدود لكن المشكلة تكمن في أهلها فهم لا يصلون ولا يصومون ولا يقيمون وزناً للدين فهل يجوز أن نزورهم ونتصل بهم أم أن لي الحق في أن أمنع أهلي وأولادي من زيارتهم خوفاً من الفتنة خاصةً وأن أولادي سيرافقون زوجتي في هذه الزيارة

- ‌هذا المستمع عطية من جمهورية مصر العربية يقول فضيلة الشيخ هل يجوز لي أن أمنع زوجتي من زيارة والديها حيث إنهم يعملون أعمالاً تخل بالشريعة الإسلامية من طواف حول الأضرحة والاستغاثة بهم والتبرك بالأولياء وهذا خوفاً مني على زوجتي أن تقع بهذه الأمور الشركية

- ‌المستمع ح هـ ن من العراق يقول والدتي على قيد الحياة وقد تزوج والدي غيرها ولكنها سيئة المعاملة لنا ولوالدنا وقد أثارت الكثير من الفتن والمشاكل بيننا وبين والدنا حتى تسببت في الفرقة بيننا إلى أن انتقل هو وزوجته الأخرى وأبناؤه منها إلى منزل آخر وهجرونا من كل شيء حتى أنها تسب والدي وتشتمه وقد جعلتني أكرهها كثيرا وأدعو عليها وعلي بالموت فهل علي إثم في ذلك وهي ماذا عليها في فعلها ذلك

- ‌أم محمد المملكة العربية السعودية تقول في رسالتها لي ولد في الثانية والعشرين من عمره يقاطعني من عشرين سنة تقريباً وأنا قلبي دائماً يدعو له بالتوفيق والهداية ولم أعمل له أي عمل يجعله يقاطعني هذه المدة الطويلة عدا أنه حصل طلاق بيني وبين والده وحتى الآن لم يَلِنْ قلبه أو يأتي إلي ليعتذر فضيلة الشيخ هل يجب علي أن أدعو له أم لا لأن قلبي لا يتحمل أن أدعو عليه وما حكم عمله هذا بارك الله فيكم

- ‌المستمع ص. ي. ن. من الأردن بعث برسالة يقول فيها بأنه شاب يبلغ الخامسة والعشرين من العمر والدي ووالدتي في خصام مستمر طول أيامهما إن بررت الأول غضب ونفر الثاني وإن بررت الثاني غضب الأول واتهمني بالعقوق ماذا أفعل يا فضيلة الشيخ لكي أبرهما وهل أعتبر عاقاً بالنسبة لأمي بمجرد أنني بررت بأبي أو العكس نرجو من فضيلة الشيخ إجابة مأجورين

- ‌بارك الله فيكم تقول السائلة بإني أريد أن أقوم بزيارة لوالدي وإخواني وأخواتي كل عام في اليمن برضى من زوجي فإذا وجد المحرم وتسهلت الظروف فهل أعتبر مبذرة لأموال زوجي بسبب هذه الزيارات كل عام علماً بأنني لا أكلفه إلا في حدود طاقته وأنا لا أستطيع أن أقطع الصلة عن والدتي وأهلي أكثر من عام فهل علي حرج في هذا السفر

- ‌السائلة التي رمزت لاسمها بـ هـ. م. ش كتبت هذا السؤال بأسلوبها الخاص تذكر بأنها فتاة تعاني من معاملة والدها القاسية ومن ظلمه وقهره وجبروته لدرجة أنها أحياناً تشك في أبوته مما أراه منه وأسمعه من كلامه الجارح ولا أخفي عليكم أنني أكرهه كثيراً ولكن في نفس الوقت أدعو له بالهداية دائماً وكثيراً ما أقع في سبه والكلام في غيبته وأتدارك فعلي هذا بالاستغفار له وبالدعاء له ولا أحب أن أواجهه بل أتهرب منه وهو أيضا لا يسأل عني ولا يهتم بأمري ولكنني أحاول بقدر الإمكان أن أقوم بطاعته إذا أمرني حاولت مرارا تقديم النصيحة له لكنني لم أجد الجرأة الكافية وهو أيضا لا يعطي لأحدنا فرصة لمواجهته ولا يستجيب لا لأهله ولا لغيرهم بل يفعل ما يمليه عليه رفقاء السوء دون أن يفكر هل ما يفعله صحيح أم خطأ دون النظر لعواقب الأمور وأفيدكم علما بأنه مثقف ودائما يردد بعض الأحاديث والعجيب إن تلك الأحاديث تناقض فعله وسؤالي يا فضيلة الشيخ محمد هل علي إثم في عدم محادثته والتهرب منه حيث أن ذلك رغم إرادتي وجهوني في ضوء ذلك وهل يعتبر ذلك من العقوق

- ‌بارك الله فيكم أمامي رسالة وصلت بالفاكس وهي طويلة من ثلاث ورقات من السائل ر. ش. الدمام يذكر في هذه الرسالة بأنه شاب يبلغ من العمر الخامسة والثلاثين ولديّ والدتي وهي كبيرة في السن وأعيش معها في البيت وكانت حياتي مع والدتي منذ الطفولة جميلة مملوءة بالسعادة حتى أتى عام 1401هـ تقريبا وبدأت معاملتها لي تختلف فأصبح الحب كراهية وصارت يا فضيلة الشيخ حياتي معها صعبة جدا وصارت تكثر علي الأسئلة عن ذهابي وإيابي فهذا العذاب الذي عشته مدة أربعة عشر سنة تقريبا لخصته لفضيلتكم آملا أن أجد الإجابة الشافية الواضحة التي هي مستمدة من شريعتنا السمحة

- ‌هذه السائلة تقول فضيلة الشيخ من المسلم به بأن الحب هو شيء خارج عن إرادة الإنسان وليس بيده فهل يأثم الشخص إذا كان يحب أحد الوالدين دون الآخر وإذا كان أحدهما متوفى فهل هذا يوجب أنه يستحق الدعاء أكثر فوالدي رحمه الله وأسكنه الجنة كان له الفضل بعد الله في نجاحي في حياتي وهو الذي منحني الثقة التي كنت أفتقدها فما هي أعمال الخير التي يجب أنه أعملها تجاهه مأجورين

- ‌هذا السائل أحمد من القاهرة يقول السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فضيلة الشيخ أنا طالبٌ في السنة النهائية بكلية الطب البشري ولكنني لم أحضر الامتحانات لمدة عامين وذلك لأنني في الأصل التحقت بهذه الكلية بناءً على رغبة والديّ فهما يريدان مني أن أصبح طبيباً ولكنني لا أحب هذه المهنة وكنت أجد صعوبة بالغة في الدراسة والحفظ وكنت دائماً مكتئباً وحزيناً وأنا أرى المرضى والموتى ولكنني كنت أجاهد نفسي وأغصبها على الدراسة إرضاءً لوالدي وبراً بهما مستعيناً بالله عز وجل في ذلك إلى أن وصل الأمر إلى نهايته في السنة الخامسة فأصبت بحالة اكتئابٍ شديد ويأسٍ من الحياة ولم أعد أستطيع المواصلة ولم أعد قادراً على المذاكرة والنظر في الكتب والمذكرات ولكنني كنت أخفي على والديّ ذلك ولم أستطع دخول الامتحانات ولكنني لم أستطع كذلك أن أخبرهم بأنني لم أدخل الامتحانات وذلك خوفاً على صحتهما ولكي لا أكون سبباً في حزنهما اضطررت إلى الكذب عليهما وأخبرتهما بأنني دخلت الامتحانات ونجحت فيها وأنا الآن أقضي سنة التدريب السؤال يا فضيلة الشيخ أنا أعيش في حالة حزنٍ واكتئاب وغير راضٍ عن نفسي في هذا الكذب الذي أردت به أن أبر والدي وأدخل السرور عليهما فهل أخبرهم بالحقيقة مع ما يترتب عليه من ضررٍ لهما وحزن وفجيعة وهل من كلمة إلى أولياء الأمور بأن يتفهموا قدرات أبنائهم وأن لا يجبروهم على دراسةٍ بعينها

- ‌تقول هذه السائلة من عسير لنا جدٌ كبير في السن سيئ الخلق فنحن نخاف الله إذا تركناه يجلس لوحده وإذا جلسنا معه يتكلم بكلام بذئ جداً لا يتناسب مع من هو في سنه وإذا أردنا السلام عليه فإنه يفعل ما لا يليق به ودائم الشك فهل نأثم في فعلنا معه وامتناعنا عن التحدث درءاً للمفاسد

- ‌يقول هذا السائل رجلٌ عنده أولادٌ كبار موظفين وهو كبيرٌ في السن ويسكن في البر هل يصح لأحد الأبناء أن يأخذ والدته عن أبيه ويتركه وحيداً

- ‌أحسن الله إليكم وبارك فيكم فضيلة الشيخ الحقيقة هذه رسالة كتبتها فتاة رمزت لاسمها بـ خ م د من الرياض كتبت بأسلوبها الخاص ولكن سأقرأ منها ما يتيسر تذكر بأنها فتاة تدرس بالجامعة وتشكو من قسوة والدتها عليها ثم تقول لا أعرف كيف أرضيها إذ أنني أقوم بواجباتي نحو ربي من صلاة وصوم وعبادات ونوافل ولكن قرأت بأن الله عز وجل لا يقبل أعمالي طالما أن أحد الوالدين أو كلاهما غير راضٍ عني

- ‌صلة الأرحام

- ‌تقول السائلة لي أختان متزوجتان من ابني عمي وقد حصلت بين أسرتنا وأبناء عمي خلافات أوجبت القطيعة بين أخوتي وأهلي وبينهم إلي درجة أن أخي لا يزور أخواتي اللاتي تزوجن عندهم ولا في أي مناسبة ولا يعلم عن أحوالهن شيئاً وكذلك والدتي قاطعت بناتها مجاملة لأخي حتى لا يغضب منها فهل عليهم في ذلك شيء أم لا

- ‌المستمعة تقول يتفشى في المجتمع القروي لدينا صفتان ذميمتان هما عدم صلة الرحم والغيبة كيف نستطيع أن نقاوم ذلك وما هي نصيحتكم جزاكم الله خيراً

- ‌ماذا على من يتسبب في قطيعة الرحم من إثم مثل أن يمنع الزوج زوجته من مواصلة أهلها وأقاربها أو يمنع والد ابنه أو ابنته من مواصلة أقربائه أو أقربائها لأمها أو لأمه كأجداده وأخواله

- ‌هذا السائل يقول قاطعت أخي عن الكلام لمدة سنوات وذلك تجنبا للمشاكل وهو أكبر مني سنا فما الحكم وهل عملي هذا صحيح

- ‌تقول السائلة إن لي أرحام أصلهم ويقطعونني وبعد ذلك انقطعت عن مواصلتهم إلا عن طريق الهاتف فقط فهل علي ذنبٌ إذا استمررت في المقاطعة

- ‌أحسن الله إليكم وبارك فيكم السائل أبو أحمد يقول هل علي ذنبٌ في قطيعة رحمي لكونهم بعيدون عني ولظروف عملي فيصعب علي زيارتهم إلا في السنة مرة ولمدة خمسة عشرة يوماً وأنا في حيرة من أمري

- ‌السائل س. م. يقول أعمامي يؤذونني بالكلام عند الناس ماذا أفعل معهم هل أقطع صلتهم

- ‌ما رأي فضيلتكم في المرأة التي تعامل أم الزوج بالقسوة وتحاول اختلاق المشاكل لكي تبعد الزوج عن أمه

- ‌فضيلة الشيخ أنا وإخوتي نعيش في عزلة فوالدي لا يريد أن نذهب إلى أخوالي وخالاتي إلا في المناسبات العامة مثل الأعياد فقط وأما أخوال أمي فلا أعرفهم ولا أعرف البنات ولا الزوجات وهم لا يحضرون إلينا فهل الإثم يلحقنا أم أن الذنب على والدي سامحه الله وماذا نفعل من أجل صلة الرحم مأجورين

- ‌السائل م م من الرياض يقول: حصل خلاف بيني وبين أقرباء لي وكنت أنا المخطيء فقاطعوني لمدة سنتين وبعدها حصلت مسامحة إلا أنني لاحظت بأنهم لا يقومون بزيارتي في بيتي ولا زال في نفوسهم بعض الشيء فبماذا تنصحونني علما بأنني نادم على ما حصل مني

- ‌السائل أحمد س من الدمام يقول لدي خال وخالة يحصل بينهم مشاكل مع والدتي التي تحب الخير لهما وهما كثيراً ما يتكلمون على والدتي ويسبونها ولأن والدتي لا تحب قطيعة الرحم فهي ترغب في صلتهم إلا أنهم لا يريدون مقابلتها والتحدث معها علماً بأن خالي قاطع لوالدي أكثر من سبع سنوات فماذا تعمل والدتي جزاكم الله خيرا

- ‌يقول السائل أخو زوجتي يسكن في نفس المدينة التي أسكن فيها ولكن زوجتي امتنعت أن تزورهم وذلك بسبب المعاملة من زوجة أخيها لها وعدم الاستقبال المناسب أما أنا فأقوم بزيارتهم بين فترةٍ وأخرى وهو كذلك يزورنا بدون زوجته فهل على زوجتي إثمٌ في ذلك

- ‌بارك الله فيكم السؤال الثالث من مستمعة للبرنامج لم تذكر الاسم تقول امرأة زارت قريبه لها فأفهمتها بأنها أصابت أحد أولادها بالعين كما نسميها النحاتة فبدأت تقلل من زيارتها لقريبتها ليس قطعا للرحم لكن حتى لا تتورط مرة أخرى بالتهمة التي هي منها بريئة فهل تأثم مع العلم أنها تحادثها بالهاتف

- ‌بارك الله فيكم هذه المستمعة من مدرسة تحفيظ القرآن بالمدينة المنورة تقول فضيلة الشيخ هل صلة الأقارب من الرضاع يكون أجرها كأجر صلة الأقارب من غير الرضاع

- ‌تقول السائلة لي أخت أكبر مني ولها أخ من الرضاعة ولم تره منذ أكثر من عشرين سنة وهي الآن متزوجة هل يجب على زوجها أن يذهب بها إليه لتصله وتسأل عن أحواله وهو يعيش في مدينة أخرى غير المدينة التي نعيش بها وهل يجب على أبي أن يفعل شيئاً إذا رفض الزوج أن تذهب إليه

- ‌السائلة تقول أرجو من فضيلة الشيخ أن يوضح للناس حقوق الأقارب من الرضاعة وهل لهم نفس حقوق الأقارب من النسب

- ‌ماذا على من يتسبب في قطيعة الرحم من إثم بأن يمنع زوجته من مواصلة أهلها وأقاربها أو يمنع الوالد ابنه أو ابنته من مواصلة أقربائه أو أقربائها لأمها أو لأمه كأجداده وأخواله

- ‌يقول هذا السائل أهل زوجتي يكدرون علي وعلى زوجتي فما حكم هجرهم وترك زيارتهم

- ‌من السودان رمز لاسمه بـ أ. هـ. ع. يقول في سؤاله الأول لقد أمر الله سبحانه وتعالى بصلة الرحم في مواضع كثيرة من القرآن الكريم ولكن كيف تتفق هذه الآيات مع قوله تعالى (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ) الآية وبما أن الكفر والشرك محادة لله ولرسوله فكذلك قاطع الصلاة مثلاً أو الذين لهم اعتقادات فاسدة كالتوسل بالأولياء وغير ذلك وكممارستهم للباطل في أفراحهم ومآتمهم فكيف نعاملهم أفيدونا جزاكم الله خير

- ‌بارك الله فيكم وعظّم الله مثوبتكم ما حكم الشرع في نظركم في ترك أهلي ومقاطعتهم بسبب معاصيهم وتركهم للصلاة وللواجبات

- ‌السائلة تقول هل صلة الرحم تشمل أبناء الخالات الرجال أم النساء فقط لأنني منقبة لا أجالس الرجال إلا محارمي ماذا أفعل تجاه من مات وكنت لا أصله هل تكفي التوبة والاستغفار والتصدق عنه وأداء العمرة له وجزاكم الله خيرا

- ‌هل أهل الزوجة من الرحم الواجب على الزوج أن يصلهم ويقوم بزيارتهم

- ‌يقول السائل من هم الأرحام الذين يجب علي أن أقوم بصلتهم ويحرم علي أن أقطعهم

- ‌ظافر سلمان الشهري يقول أرجو الإجابة على سؤالي وهو أنني رجل لي أخت من الرضاعة ولها أب وأم موجودين على قيد الحياة ويوجد بيني وبين أهلها كراهية لأسباب بسيطة فهل يجب علي أن أعامل أختي من الرضاعة مثل معاملتي لإخواني من أمي وأبي

- ‌لي أب من الرضاعة ولكنني لا أقابله فهل علي إثم في ذلك وجزاكم الله خيرا

- ‌المستمعة من المدينة المنورة تذكر في هذا السؤال الطويل وتقول فضيلة الشيخ إن لي أقارب في مكة المكرمة يجبرونني على مقابلة أخو زوجي فأنا كنت عندما أذهب إليهم في السنوات الماضية أتحجب ولكن لا أغطي وجهي مع أنني أعلم بأن ذلك لا يجوز ولكن خوفاً من قطيعة الرحم لإنني أعلم بأنني لو رفضت مقابلة أخو الزوج لأدى ذلك إلى نزاع وبالتالي فيه قطيعة للرحم مع العلم بأن أقاربي هؤلاء لا يستمعون إلى النصيحة وقد نويت الذهاب إلى مكة المكرمة لأداء العمرة في هذه السنة ولكن قيل لي عند الذهاب إلى مكة لا بد من زيارة هؤلاء الأقارب حتى لا يقطع الرحم فرفضت الذهاب إلى العمرة ابتغاء لوجه الله عز وجل حتى لا أقابل أخو زوجي هل رفضي صحيح أم لا؟ وبماذا تنصحونني بارك الله فيكم في عمرتي الثانية

- ‌سؤال في رسالة المستمعة أم أسامة من دولة الكويت تقول حينما أذهب إلى خالاتي لزياراتهن ليس عندهن إلا الكلام عن فلانة وعلانة وأنا شخصيتي ضعيفة لا أقول لهم هذا حرام اسكتن وأشعر بأنني آثمة حين أستمع إلى غيبتهن وكلامهن في الآخرين فانقطعت عن الذهاب إليهن ماذا أفعل يا فضيلة الشيخ أرشدونا مأجورين

- ‌السائلة تقول هل زيارة الخال القاطع للرحم وغير البار بوالديه لأن والديه ماتوا متبرئين منه بالرغم من أن هذا الخال ميسور الحال ماديا ولكن لم يزر والديه ولم يحضر جنازتهم فهل زيارته حلال أم حرام مع العلم بأنه لا يصلى ولم يؤد فريضة الحج وهو الآن مريض ولا يستطع الذهاب والإياب

- ‌حقوق الأبناء - حقوق الجار - حقوق الخدم

- ‌السائل ش م م من العراق يقول أنا أعلم أن للأب والأم دوراً كبيراً في بناء الأسرة السعيدة وعليهما يقع تهذيب وتأديب الأبناء وتعليمهم الأخلاق الفاضلة والحميدة ولكني لا أجد ذلك في مجتمعي فأولياء الأمور لا يفقهوا أولادهم في أمور الدين وما يجب فعله للدنيا والآخرة وإنما يتركوهم على أهوائهم وتلك خطيئة عظمى عظوني زادكم الله موعظة

- ‌أحسن الله إليكم وبارك فيكم ما هو واجب الآباء نحو أبنائهم وهم صغار دون سن البلوغ وما هو واجبهم بعد بلوغهم

- ‌تقول الأخت السائلة أم عبد الرحمن ما الأسباب المعينة على صلاح الأولاد

- ‌المستمعة رمزت لاسمها بالمؤمنة ح. م. أ. من الرياض أرسلت برسالة طويلة ألخصها بما يلي تقول وفقني الله بشاب ملتزم وهذا من فضل الله سبحانه وتعالى علي مقيم للصلوات بأوقاتها صائم قائم نسكن أنا ووالدته في بيت واحد إلا أنه لا يتمكن من الجلوس مع أولاده إلا نادراً رحلاته كثيراً داخلياً مع زملائه وفي المكتبة نصحته بأن يعطينا من وقته ولكن دون جدوى ما نصيحتكم لهؤلاء يا فضيلة الشيخ بارك الله فيكم

- ‌بارك الله فيكم فضيلة الشيخ هذا أبو عبد الله من القصيم يقول تقدم أحد الشباب المستقيمين لخطبة فتاة ولكن الأب رفض بحجة أن هذا المتقدم في مرحلة الدراسة الأخيرة ويخشى أن يعين في قرية بعيدة عنهم فتكون البنت وحيدة في بيتها فهل تصرفه هذا صحيح نرجو الإفادة والتوجيه مأجورين

- ‌المستمع محمد عوض الزهراني من الرياض أرسل بهذه الرسالة يقول فيها فضيلة الشيخ حفظه الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته إنني أبعث إليكم هذه الرسالة طالباً من فضيلتكم التكرم بإلقاء نصيحة لبعض الآباء هداهم الله والذين يطلبون على بناتهم مهراً لا يقدر عليه الشباب وإنني واثق أن كثيراً من الشباب والشابات قد حرموا من الزواج والسبب هو أهل البنت وطمعهم عندما يتقدم أحد لطلب بناتهم أرجو منكم نصح هؤلاء بارك الله فيكم

- ‌ما حكم الأب الذي يعامل أبناءه بجفاء ودائماً نجده متذمراً عابساً في وجه أولاده مع أنه مع الآخرين تجده ضاحكاً مستبشراً ونتيجة لبعض المشاكل العادية التي تحدث في جميع البيوت يترك الأولاد بالأسبايع وينعزل عنهم في مدينة أخرى فما نصيحتكم لأمثاله ممن لا يراعون المسؤولية وهل يؤجر على أفعال الخير والانشراح للناس مع تنكيده وعبوسه على أولاده علما بأنه لم يقصروا في حقه بشيء وهل يؤجر الرجل على جلوسه مع أولاده وانبساطه معهم مع الدليل بارك الله فيكم

- ‌السائل إبراهيم أحمد من جيزان يقول فضيلة الشيخ أنا أقوم لصلاة الفجر والحمد لله ولكنني لا أوقظ أهلي إلا بعد أن أعود من المسجد فما حكم فعلي هذا جزاكم الله خيرا

- ‌أحسن الله إليكم ما حكم أخذ راتب الولد والاستفادة منه لوالديه

- ‌بارك الله فيكم السائل م. د. أ. سوداني يقول نعلم أن ديننا الحنيف أمرنا بطاعة الوالدين في كل أمر يرضى الله عز وجل والسؤال هو هناك بعض من الآباء نجده قاسيا في معاملته لأبنائه معاملة نحس من خلالها بالخوف والفزع ومنهم من يضرب ويسب ويلعن وإذا تعدى الابن هذه المرحلة وكبر تغير الحال لأسوأ منها وجاءت المرحلة الثانية إذا ما تزوجتْ بنت فلان فإني غير راضٍ عليك وإذا ما أعطيتني كذا فإني غير راضٍ عليك وأشياء عدة في هذا المجال وكل ذلك بحجة (أنت ومالك لأبيك) فهل من نصيحة وتوجيه لهؤلاء الآباء فضيلة الشيخ

- ‌هذه رسالة وردتنا يقول لي مشكلة أضعها بين أيديكم راجياً من الله أن أجد لها حل أنا رجل في سن ثمانية وعشرين وكفيف النظر وطالب بمعهد النور بالصف الثاني متوسط ولي والد يعاملني معاملة سيئة ودائم الخلاف معي ومنذ أن التحقت بالمعهد وأنا أتقاضى مكافأة شهرية قدرها ثلاثمائة وخمسة وسبعين ريال أعطيها له كلها على أمل أن يعطيني منها ما أحتاج لها في حاجاتي ولكن عندما طلبت منه مبلغ لأشتري ما أحتاجه رفض وقال هذا المبلغ نظير أكلك وشربك فقط وليس لك الحق في طلب أي شيء مع العلم بان أكلي وشربي هو القوت الضروري الذي يعيشني فقط علماً بأن حالته المادية لا بأس بها وعندما وجدت منه ذلك حاولت الاحتفاظ بجزء منها ومن هنا بدأ الخلاف فطردني من المنزل وحاولت الرجوع إليه مستعيناً بأهل الخير ولكن لم أدم طويلاً وطردني ثانياً بدون سبب وتكررت هذه الحالة وأنا أعيش مشرد في شوارع البلد دون مأوى أو مكان يأويني مما تسبب في رسوبي بالمعهد ويقول علماً بأن زوجته هي غير أمي فهي امرأة أبي ولا أعتقد أن السبب منها حيث لم أجد منها ما يسيء إلي وأعتقد بأن السبب هو والدي فقط ما هو الطريق الصحيح أرجو الإفادة وفقكم الله

- ‌بارك الله فيكم فضيلة الشيخ هذا أبو موسى من الرياض يقول فضيلة الشيخ محمد العثيمين ما هي الأسس السليمة والصحيحة في تربية النشأ التربية الإسلامية الصحيحة

- ‌السائل أأ من الرياض يقول في هذا السؤال ما هو هدي المصطفي صلى الله عليه وسلم في تعامله مع الأطفال الصغار حيث نشاهد البعض من الآباء عندهم قسوة في تعاملهم مع أبنائهم وجهونا في ضوء ذلك

- ‌تقول السائلة هل علي أثم إذا ضربت ابني اليتيم عند أي خطأ بقصد عدم الرجوع للخطأ

- ‌أحسن الله إليكم هذه سائلة تقول يا فضيلة الشيخ هل يجوز ضرب الطفل إذا أخطأ وهو صغير وهل يؤثر هذا الضرب على نفسية الطفل وكيف يكون توجيه الطفل في مثل هذه المرحلة

- ‌هذا السائل يقول إذا كانوا أولادي يهتمون بالرياضة كثيراً هل أنهرهم وماذا يجب علي تجاههم

- ‌المستمعة من بغداد تقول لي زوج أنجبت منه سبع بنات وكان عند كل مولود يتمنى أن يرزق بولد وهو إنسان مؤمن ولطيف ويصلى إلا إنه تعتريه حالة من الضيق وأنا أقول له اصبر فهذا قسم الله لك وأنك تؤجر على ذلك فلعلكم فضيلة الشيخ تذكرون بعض الآباء بالأحاديث الواردة في فضل تربية البنات وبأنه يؤجر عليهن إذا رباهن التربية الإسلامية

- ‌يقول السائل أنا أب لستة أبناء وقد كنت أعمل في مهنة حرة أكسب منها القليل ولكن لأنه كسب حلال بارك الله لي فيه فكنت أصرف منه وقد سعيت على هؤلاء الأبناء أنا ووالدتهم بما يمليه علينا الواجب وتمليه الفطرة الأبوية إلى أن كبروا واستقلوا بأنفسهم فمنهم الموظف ومنهم صاحب العمل الحر ومنهم المدرس ولكنهم للأسف الشديد لم يوفقوا لبرنا والإحسان إلينا وليت الأمر كذلك فحسب ولكنه تعداه إلى العقوق فهم يشتمونا ويسبونا وقد يضربونا أيضاً دون خوف من الله أو حياء وقد قاطعونا من كل وسيلة اتصال حتى في أعياد المسلمين لا نراهم ولم أكن أنا بتلك الحالة مع والدي حتى أقول هذا جزائي في الدنيا بل على العكس كنت باراً بهما إلى آخر لحظة في حياتهما وتوفيا وهم راضيان عني أما أنا فإني أحمل على هؤلاء الأبناء العاقين كل كراهية وبغض إلى درجة أنني أضرع إلى الله بالدعاء عليهم بالهلاك فهل علي شيء في ذلك وهم ماذا عليهم في عقوقهم هذا

- ‌بارك الله فيكم فضيلة الشيخ هذا السائل علي محمد سوداني من الدمام يقول لي جار وهو لا يصلى ولا ينتفع بالكلام وعمره ما يقارب الخمسة وأربعين سنة ولا يزال لا يصلى ما الحكم في مجاورة هذا الجار هل أمنعه من المنزل وبماذا توجهونني مأجورين

- ‌يقول هذا السائل ما الواجب علي تجاه الجار الذي يتخلف عن صلاة الفجر دائماً

- ‌ما حكم الجار الذي لا يصلى وهل له حقوق

- ‌بارك الله فيكم السائل يقول فضيلة الشيخ إذا كان جاري في الحارة لا يشهد الصلاة فهل أسمح لأولادي بزيارة أهله

- ‌هذا السائل أخوكم ع. ع. م. الزلفي يقول أنا رجلٌ تأتي حمام جاري إلى بيتي وتدخل وكما تعلمون ما تضعه من أوساخٍ إلى غير ذلك وقد قلت لجاري بشأن هذه الحمام بأن يكفها عن منزلي فقال لي بأنها طيور ولا أستطيع أن أمنعها فقلت له عدة مرات ولم يفد أرجو إفتائي يا فضيلة الشيخ هل يجوز لي أن أقتل هذه الحمام إذا دخلت بيتي أم ماذا أفعل أفتوني مأجورين وجزاكم الله خيرا

- ‌يقول السائل لي جيرانٌ يسكنون معي ولا سبب بيني وبينهم يدعو للمخاصمة حتى ولو كان طفيفاً وأنا لم أخاصمهم أبداً فأنا أزورهم وأجلس معهم وأكرر الزيارة مرات ولم يتأثر هؤلاء ويتكرموا بالزيارة فهل بعد هذا كله أجاملهم وأسير على هذا المنوال أم أنقطع عنهم أم أرحل عنهم بعيداً وهو أقرب الحلول راحةً للضمير فهل هذا الحل إسلامياً أم لا

- ‌المستمع إلى البرنامج يقول إن جيراني لا يصلون وهمهم الكبير التحدث عن فلان وفلان غيباً ودائماً في شجار فيما بينهم ويشتمون بعضهم البعض بأسوأ الألفاظ سؤالي ماذا علي أن أفعله تجاههم هل أقاطعهم ولا أسلم عليهم حيث إن الرسول صلى الله عليه وسلم حثنا على الوقوف إلى جانب الجار في أحاديث كثيرة أفيدونا في ذلك جزاكم الله عنا خير الجزاء

- ‌بارك الله فيكم المستمعة تقول إذا ابتلي الإنسان بجار سوء سيئ الخلق ضعيف الدين فهل هناك إثم إذا أفهم هذا الجار بأننا نفضل أن لا يقوم بزيارتنا

- ‌بارك الله فيكم ما حكم الرجل الذي يسئ معاملة جيرانه ويتحدث عنهم بأشياء ويمنع أهلهم من زيارته وهل يجوز لزوجته أن تقوم بزيارتهم دون علمه

- ‌بارك الله فيكم هذا السائل من الدمام يقول جاري يسيء إلى ولأبنائي وأنا صابر ومتحمل فبماذا تنصحونني مأجورين

- ‌رسالة وردت من السائل المواطن ص ل ل يقول في رسالته تحية وتقدير لمقدم هذا البرنامج وللعلماء وفقهم الله لما يحبه ويرضاه السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد مشكلة لها عواقب وخيمة أطلب منكم وقفكم الله مناقشتها وتوضيح سلبياتها على الوطن والمواطنين فقد أخذت تفد إلى بلادنا وبكثرة وللأسف نساء غير مسلمات من هنا ومن هناك وفي بيوت المسلمين ويربين أولادنا وهؤلاء يا فضيلة الشيخ يشكلون بدورهم آثاراً لا تخفى على المسلمين ولا سيما أنهم يكرهون الإسلام ويبطنون الكراهية للمسلمين وحيث إن اختلاطهم معنا فيه خطر علينا وعلى أولادنا وشبابنا فنرجو النصح والتوضيح للمواطنين وتحذيرهم من عواقبها الوخيمة وفقكم الله

- ‌بارك الله فيكم السائلة أم عبد العزيز تقول فضيلة الشيخ كما تعملون أن الخادمات منتشرات فى كل مكان وهناك عدة أسباب لوجودهن وأنا لى وظيفة خارج مدينتي وكذلك إخوتي الكبار وأبي وأمي كبيران وقد جلبنا لهما خادمة للحاجة وهى بدون محرم ما الحكم فى ذلك مأجورين

- ‌حفظكم الله نريد توجيه كلمة للأخوة بالرفق بالخدم

- ‌السائل أبو عبد الله يقول نرجو من فضيلة الشيخ توجيه كلمة للذين يعاملون الخدم بقسوة ويكلفونهم ما لا يطيقون

- ‌السائل ع ص م من حفر الباطن له هذا السؤال يقول أنا ممن اضطرته الظروف وظروف الزوجة على جلب عاملة منزلية لرعاية الأطفال أثناء غيابنا وهذه العاملة مسلمة والحمد لله غير أنني كثيرا ما أراها كاشفة الوجه رغم محاولاتي أن أتجنبها بقدر الإمكان وذلك بسبب صغر المنزل علما بأنني مضطر لوجودها لرعاية الأطفال فهل علي إثم في ترك الأطفال مع هذه المرأة وهل علي إثم في رؤية هذه المرأة وهي كاشفة لوجهها أفيدوني مأجورين

- ‌جزاكم الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء هذه سائلة للبرنامج فضيلة الشيخ تقول هل للمرأة أن تفتش خادمتها إذا أرادت السفر دون علمها

- ‌أحد المتابعين للبرنامج يا فضيلة الشيخ يقول رجل عنده زوجة تعاني من مرض ملازم وأراد زوجها إحضار خادمة مسلمة فهل عليه من حرج في ذلك

- ‌أحسن الله إليكم وبارك فيكم السائلة عائشة من جمهورية مصر العربية بور سعيد تقول لدينا أخ شقيق تارك للصلاة ما حدود التعامل معه

- ‌سؤال من المستمع عابد من ليبيا بنغازي يقول لي جار غير مسلم يا فضيلة الشيخ وفي بعض المناسبات يرسل لي طعام وحلوى بين الفينة والأخرى فهل يجوز لي أن آكل من ذلك وأطعم أولادي

- ‌بارك الله فيك هذا مستمع للبرنامج رمز لاسمه أع ع يقول شخص مسلم تدين من شخص كافر وأكل حقه فهل يصح للمسلم أكل مال الكافر بغير حق أفيدونا في ذلك

- ‌فضيلة الشيخ مع هذه الأيام ونتيجة للاحتكاك مع الغرب والشرق وغالبهم من الكفار على اختلاف مللهم ونحلهم نراهم يردون تحية الإسلام علينا حينما نتقابل معهم فماذا يجب علينا تجاههم

- ‌الآداب - السلام - القيام للقادم - الطعام - النوم - التثاؤب - السفر

- ‌من مستمع للبرنامج من عمان يقول يقتصر البعض من الأخوة على لفظ السلام عند قول السلام عليكم والبعض من الإخوة يقولون السلام على من اتبع الهدى نرجو التوضيح في ذلك مأجورين

- ‌هذا سائل للبرنامج يقول نود أن تلقوا الضوء على أحكام السلام لأن كثيرا من الناس يتهاون في هذا الأمر العظيم جزاكم الله خيرا

- ‌بارك الله فيكم يا شيخ محمد تحية السلام شعيرة عظيمة الحقيقة يتهاون فيها كثير من الناس إذا مر بإخوانه تجده إما لا يرد أو يرد بصوت خافت لعل لكم توجيه في هذا اللقاء

- ‌أحسن الله إليكم فضيلة الشيخ يقول السائل إذا سلم علي الرجل وأنا أقرأ القرآن هل أقطع القراءة وأرد السلام وما هي الأحكام المتعلقة بالسلام مأجورين

- ‌جزاكم الله عنا كل خير هذا السائل يقول في سؤاله حضرت إلى المسجد ووجدت المؤذن يقرأ في كتاب الله بصوت عالي أيهما أفضل إلقاء السلام في مثل هذه الحالة أم أصلى تحية المسجد أو أتركه يقرأ في كتاب الله تعالى دون قطع القراءة

- ‌أحسن الله إليكم وبارك فيكم فضيلة الشيخ يلاحظ من بعض الناس أنه عندما يريد الانصراف من المسجد يقوم بالسلام على الإمام أو المأمومين وقد يكون ذلك قبل أن يتم قراءة الذكر الذي يقال عقب الصلاة ما حكم ذلك أرجو توضيح ذلك وفقكم الله لتعم الفائدة وهل فعله في بعض الأحيان طيب لتأليف القلوب

- ‌جزاكم الله خيراً هذا السائل يقول يا فضيلة الشيخ إذا دخلت المسجد وليس فيه أحد هل أسلم من أجل وجود الملائكة عليهم السلام

- ‌هذا السائل منصور من الطائف يقول شخص بدأ بالسلام ونحن في المسجد فرد البعض والبعض الآخر لم يرد جهراً فما حكم هؤلاء الذين ردوا السلام سراً جزاكم الله خيرا

- ‌المستمع مصري يقول فضيلة الشيخ عندما أكون في المسجد وأنا أقرأ القرآن ويدخل البعض من المصلىن ويلقون السلام فهل أرد عليهم السلام أم أستمر في القراءة أرجو الإفادة

- ‌يقول السائل ألاحظ أن أغالب أفراد المجتمع اليوم استبدلوا تحية الإسلام المشروعة على بعضهم بقولهم صباح الخير ومساء الخير فما رأيكم في هذه الظاهرة وهل تكفي عن السلام المشروع

- ‌يقول السائل البعض إذا قدم على الناس لا يؤدي تحية الإسلام فلا يقول السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ولكنه يستبدلها بتحية أخرى ثابتة عند بعض الناس مثل يا الله حيهم أو مثل ذلك

- ‌أحسن الله إليكم هذا السائل يا فضيلة الشيخ يقول إذا بدأ المسلم التحية بقوله مساء الخير أو صباح الخير هل هي تحية جاهلية

- ‌أحسن الله إليكم شيخ محمد قد يظن بعض الجهال يا فضيلة الشيخ أنه لا يسلم على أحد حتى يتحقق من دينه

- ‌يقول السائل سمعت من إحدى الإذاعات وهي تقول عن آداب السلام تقول يجب على كل مسلم أن يراعي السلام فإذا دخل على جماعة وهم مسلمون فيقول السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما إذا لم تكن تلك الجماعة من المسلمين فيقول فقط السلام عليكم وقد سمعت من برنامجكم هذا أنه لا يجب السلام على الكافر فما هو الرأي والجواب الصحيح

- ‌رسالة وصلت من العراق من مستمع للبرنامج رمز لاسمه بـ أ. أ. يقول أنا طالبٌ بالكلية وهناك البعض ممن يدرسون معنا من غير المسلمين هل يجوز البدء بالسلام عليهم

- ‌السائل س ح ع يقول فضيلة الشيخ ما رأيكم فيمن لا يسلم إلا بصوت منخفض أو لا يسمع منه إلا الصفير

- ‌بارك الله فيكم المستمعة خ. ي من ليبيا تقول فضيلة الشيخ إذا كنت أريد أن أعزي أحد أو أهنئه أو أسلم عليه وهو جالس هل أمد يدي له أو أنحني له لأسلم عليه

- ‌يقول السائل بعض الناس هداهم الله إذا مر على الناس وهم جالسون أو مر على شخص أومأ إليه برأسه يقصد السلام هل نرد عليه أم لا علما بأنه قريب

- ‌أحسن الله إليكم يقول السائل إذا سلم رجل على إنسان فسمعه رجل آخر فهل يجب عليه أن يرد السلام

- ‌السائل الذي رمز لاسمه بـ أبي محمد أأ يقول في هذا السؤال لدينا شخص مسؤول عنا في الشركة دائماً في حالة غضب لا يرد السلام علينا إلا نادرا وإذا سلمنا عليه لا يرد السلام فهل نؤجر على ذلك في صبرنا وما هو أجر من رد السلام

- ‌أحسن الله إليكم إذا كنت استمع على المذياع وسلم المتحدث الذي في الراديو أو في المذياع ما حكم الرد إذا قال السلام عليكم

- ‌السائلة تذكر بأنهم مجموعة من المعلمات نلتقي في المدرسة صباح كل يوم فهل يجب أن نتصافح مع بعضنا البعض كل صباح أم يكتفى بإلقاء السلام على المجموعة عامة عند الدخول إلى الإدارة أو غرفة المعلمات

- ‌أحسن الله إليكم السائل ج. الفريح تقول ما حكم رد السلام بصيغة وعليهم السلام

- ‌بارك الله فيكم تقول السائلة عندما نكون في مجلس وتدخل علينا امرأة نقف ونسلم عليها وذلك ليس تعظيماً لها ولكن احتراماً لها وهذه عادة منتشرة بين الناس فهل يجوز هذا العمل

- ‌المستمعة تقول في هذا السؤال أريد أن أعرف ما حكم الشرع في نظركم في الوقوف للشخص الداخل احتراماً له ولشأنه

- ‌إذا اجتمع الناس في مجلس ما وقدم عليهم أناس آخرون فهل يسن القيام للقادمين ولو كانوا على التوالي أم يسن الجلوس فقط وما هدي النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك

- ‌هذه رسالة وردتنا من مخيم البقعة في الأردن من المخيم الجديد بعث بها عبد الكريم على أحمد عبد الرحمن يقول في سؤاله الأول ما حكم الإسلام في القيام للقادم

- ‌ما حكم الشرب والإنسان واقف وهل ورد في ذلك أحاديث وعند الشرب من ماء زمزم هل لا بد من الجلوس

- ‌أحسن الله إليكم وبارك فيكم السائل من اليمن خالد صالح له هذا السؤال يقول فضيلة الشيخ كيف يمكن الجمع بين حديثي النبي صلى الله عليه وسلم الأول حديث (ما ملأ ابن آدم وعاءً شراً من بطنه) والثاني في قوله صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة (اشرب يا أبا هريرة فشرب فقال له اشرب يا أبا هريرة فشرب حتى قال أبو هريرة والذي بعثك بالحق لا أجد له مسلكاً) أو كما قال صلى الله عليه وسلم

- ‌تقول السائلة عندنا عادة عندما تكمل المرأة النفساء أربعين يوماً يصنع لها الطعام من البلح والفطائر ويسمى كرامة الأربعين ويدعى له الجيران والأهل أو يوزع على الجيران هل هذا العمل بدعة

- ‌أحسن الله إليكم يا شيخ إذا نزل الإنسان بيت جديد ثم أقام حفلة ودعى الأقارب بمناسبة نزول هذا المنزل فهل هذا جائز شرعاً

- ‌بارك الله فيكم تقول السائلة قرأت هذا الحديث في كتاب ولا أعرف هل هو صحيح أم ضعيف يقول الحديث (كان صلى الله عليه وسلم يلعق أصابعه بعد الطعام) وقال (إذا أكل أحدكم طعام فلا يمسح يده حتى يلعقها) وقال (من لحس الإناء استغفر له)

- ‌من الجمهورية العربية اليمنية وردتنا هذه الرسالة من المرسل أحمد علي يحيى الغفاري يقول فيها ما حكم ترك النعمة تنساب مع المجاري للبيارات بعد تنظيف الأواني الخاصة بالأكل نرجو التوجيه في ذلك وفقكم الله

- ‌المستمع عبد اللطيف يقول في هذا السؤال هل يجوز وضع غسيل الأواني بعد غسلها من الطعام في المجاري أعزكم الله وإخواني المسلمين أم ماذا نفعل

- ‌بعض الناس يجعل مغاسل اليدين على البيارة وكذلك مغاسل المطابخ وفي هذه الحال يذهب بعض الطعام إلى البيارة فهل يجوز ذلك ونحن سمعنا كلاماً ولا ندري ما صحته وهو أنهم يقولون إن الطعام الذي لا يشبع القطة يجوز أن يذهب إلى هذه البيارة أفيدونا جزاكم الله خيراً

- ‌بارك الله فيكم السائل قائد محمد من الدمام يقول أثناء تناول الطعام قد يتناول الإنسان البعض من الطعام باليد اليسرى فما الحكم في ذلك مأجورين

- ‌بارك الله فيكم رسالة وصلت من مستمع للبرنامج يقول في سؤاله نحن في البيت ننام على الأسِرَّة ونأكل على الموائد ونجلس على المقاعد فهل هذا جائز أم لا وهل يوجد حديث للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ينهى عن ذلك

- ‌هذه رسالة وصلتنا من محمد صالح من الرياض يقول في رسالته هناك البعض من الناس يستعملون الجرائد سفرة لأكلهم علماً بأن هذه الجرائد تحتوي على أسماء الله وبعض الأحاديث أرجو أن توضحوا ما حكم هذا بارك الله فيكم

- ‌جزاكم الله خيراً السائلة أم لجين تقول ما حكم النوم على البطن وما صحة هذا الحديث بأن الرسول صلى الله عليه وسلم مر برجلٍ في المسجد منبطحاً على وجهه فضربه برجله وقال له قم نومةٌ جهنمية وإذا نام الإنسان ناسياً فهل يأثم

- ‌أحسن الله إليكم يا شيخ السائل أخوكم حسن يقول هل يجوز لي أن أقرأ آية الكرسي والإخلاص والمعوذتين عند النوم وأن أذكر الله بأسمائه الحسنى دون وضوء

- ‌بارك الله فيكم المستمع ك م ل يقول فضيلة الشيخ سمعت من زميل لي بأن النوم بعد صلاة الفجر لا يجوز لأن الأرزاق تقسم بعد الفجر هل هذا صحيح وجزاكم الله خيرا

- ‌بارك الله فيكم المستمع يحي أبو خالد يقول ما صحة هذا الحديث المروي عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه (إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه ثم نفث فيها فقرأ قل هو الله أحد وقل أعوذ برب الناس وقل أعوذ برب الفلق ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده ويفعل ذلك ثلاث مرات) وما كيفية النفث أرجوا الإفادة والتوضيح بارك الله فيكم

- ‌سؤال من المستمع ياسين محمد العبد الحليم من الجمهورية العراقية يقول فيه هل الرسول صلى الله عليه وسلم كان عندما يتثاءب يضع يده اليمنى أم يده اليسرى أم يضعهما معاً على فمه الطاهر

- ‌يلاحظ على كثير من الناس أنهم يكثرون التثاؤب في المسجد أثناء جلوسهم وأثناء الصلاة ما أسباب ذلك حفظكم الله وما الحل أو العلاج لذلك

- ‌أحسن الله إليكم يقول بعض الناس بعد التثاؤب أعوذ بالله من الشيطان الرجيم هل ورد ذلك

- ‌أحسن الله إليكم السائل أ. أ. من الرياض يقول في الحديث (الراكب شيطان والراكبان شيطانان والثلاثة ركب) إذا لم يتيسر شخص في السفر معي وأنا صاحب أسفار كثيرة وأريد أن أطبق السنة ولا يتيسر لي أن يسافر معي أحد ماذا أفعل وهل أدخل في هذا الحديث إذا سافرت لوحدي

- ‌بارك الله فيكم هذا المستمع أحمد من الرياض يقول فضيلة الشيخ أسأل عن حكم سفر الإنسان لوحده بدون رفيق في سفر طويل وهل هناك أحاديث واردة تنهى عن السفر للشخص الواحد

- ‌بارك الله فيكم هذه الرسالة من المستمع ح. هـ. ن. من العراق يقول لي بعض الأصدقاء الذين كثيراً ما أجلس معهم وأقضي بعض الوقت معهم فيحدث أحياناً منهم بعض المخالفات الدينية في الطريق فأذكرهم بحقوق الطريق التي يجب الالتزام بها لمن جلس فيها ولكنهم يكابرون ويقولون إنها واجبة على من جلس في الطريق لا على من مشى فيها فما رأيكم في هذا وما هو الحديث الذي يتحدث عن هذا المعنى

- ‌أحسن الله إليكم يقول هذا السائل يا فضيلة الشيخ يوجد بعضٌ من الناس يقولون بأنه عند وجود الحذاء مقلوباً رأساً على عقب بأن الملائكة لا تدخل هذا البيت أو أن الله لا ينظر إلى هذا البيت فماذا تقولون في هذا الأمر

- ‌ما هي آداب زيارة المريض التي جاء بها الإسلام

- ‌بارك الله فيكم هذه السائلة التي رمزت لاسمها ب م م م تقول هل يجوز أن أجلس في مجلس مع نساء ومجمل حديثهن غيبة ونميمة

- ‌هل يجوز للرجل أن يزور الشخص الذي هجر وقطع رحمه

- ‌بارك الله فيكم ما حكم هجر المسلم من أجل أمور دنيوية شخصية وليس من أجل الدين

- ‌بارك الله فيكم هذا شاب يسأل ويقول بأنه كثير المزاح مع الأصدقاء والإخوان في الرحلات وفي المناسبات وهو يعرف بهذا العمل هل يلحقه إثم بهذا

- ‌المستمعة هـ. ع. م. من المملكة بعثت برسالة ضمنتها بعض الأسئلة ومنها ما يلي هل ورد حديثٌ يحرم أو ينهى عن الاتكاء على اليد عند الجلوس

- ‌الأخلاق المحمودة - الأخلاق المذمومة

- ‌بارك الله فيكم هذا السائل راشد بن محمد من اليمن يقول فضيلة الشيخ هل إذا رد الإنسان على شيء قبيح من قول أو فعل صادر من شخص آخر يكون آثماً وماذا يجب على الإنسان في هذا الموقف

- ‌هذه الرسالة وردتنا من جدة من القعقاع بن عمرو يقول إذا كان هناك إنسان يحب صفة من صفات الخير والفضيلة مثل الشجاعة أو الكرم وهذه الصفة ليست موجودة فيه الآن وهو يريد أن يغرسها في نفسه ويجعلها ملازمة له مدى حياته ويريدها بأي ثمن حتى لو كلف ذلك حياته فهل يستطيع ذلك أرجو منكم التكرم بالجواب لأنه يهمني كثيراً وجزاكم الله خيراً على ما تقدمونه من خدمة للمسلمين

- ‌هل حصل في تاريخ البشرية أن هناك إنساناً كان جباناً في بادئ الأمر ثم تحول شجاعاً ومن الذي ساعده على ذلك إن وجد

- ‌السائل من اليمن راشد محمد يقول فضيلة الشيخ نعلم أن الحياء من الإيمان وهي صفة حميدة لكن إذا زاد الحياء عن حده فإنه يسبب المتاعب الكثيرة لمن اتصف به فما هي نصيحتكم إلى في هذا يا فضيلة الشيخ

- ‌أحسن الله إليكم هذا السائل يقول يا فضيلة الشيخ ما هو الإحسان في الشريعة الإسلامية

- ‌المستمعة نوره أ. ت. من الرياض تقول في رسالتها في الحديث الذي ما معناه (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر) أريد الشرح لهذا الحديث وهل الكبر معناه التكبر على الناس فقط

- ‌بارك الله فيكم المستمع يحي يقول ما هو الكبر وكيف يكون الإنسان متكبراً

- ‌جزاكم الله خيراً يقول السائل إنسان سريع الغضب وربما تفوه بكلمات العقوق لأمه وهو لا يشعر فما هو العلاج الناجع من الغضب

- ‌السؤال: تقول السائلة بأنها امرأة عصبية المزاج تغضب على أقل سبب وتحلف يميناً ولكنها تستغفر بسرعة وتندم وأحيانا تقول أغضب من الأولاد الصغار وأحلف بأنني سأفعل كذا فأستغفر الله وسؤالها هل علي ذنب علما بأنني تصدقت بكيسين من الرز في العام الماضي عن الحلف والآن أصبحت أكثرمن الحلف فما حكم ذلك وما نصيحتكم

- ‌هذا السائل أع ق يقول يا فضيلة الشيخ أنني شاب أعاني من سوء الخلق سواء في المعاملة أو بالكلام رغم محاولاتي المستمرة لإصلاح ذلك مع أنني ولله الحمد ألتزم بأداء الفرائض في أوقاتها وأداء النوافل وتلاوة كتاب الله هل من علاج لهذا الأمر وجهوني جزاكم الله خيرا

- ‌أحسن الله إليكم أم مصعب من الرياض تقول ما علاج الكذب والرياء والحقد والحسد والغرور إذا ابتلي بها الإنسان

- ‌المستمعة ح. ع. من العراق محافظة بغداد تقول في رسالتها إنني فتاة في الخامسة والعشرين من العمر أعيش مع أخي بعد أن تزوج أبي بعد وفاة والدتي وقد كان عمري عشر سنوات وقد تركت الدراسة بسبب الظروف التي لم تسمح لي بالاستمرار ولي أب يملك ثروة كبيرة من المال وعندما أكون عصبية أشتم أبي وإخوتي فهل علي في هذا إثم وما الحكم جزاكم الله خيراً

- ‌عندما أغضب من شي أتلفظ بألفاظ غير سوية وعندما يهدأ الغضب أندم وأستغفر الله فهل يكون علي إثم في ذلك

- ‌هذا السائل خ. ج. س. الأحساء يقول والدي كثير السباب واللعن حتى أنها أصبحت عادة عنده لا يَشْعُرْ وهو يتلفظ بها وبالأخص إذا كان غضباناً هل في ذلك كفارة عما يبدر عنه عفا الله عنا وعنكم جزاكم الله خيرا

- ‌أحسن الله إليكم هذا السائل أبو عبد الله يقول بعض الناس يتكلم في الآخرين ويحسدهم على ما آتاهم الله من فضله فما توجيهكم لهؤلاء

- ‌السؤال: هل يجوز لأم الزوج أن تدخل غرفة الزوجة أي زوجة الولد في حال غيابها وأن تأخذ من هذه الغرفة ما تشاء بحجة أن هذا هو مال ابنها

- ‌اللسان وآفاته - الغيبة والبهتان- النميمة - الكذب - السب

- ‌السائل يقول إنني أريد أن أتجنب الغيبة والنميمة فأخبرونا عن صفة الغيبة وأخبرونا أيضاً عن صفة النميمة

- ‌المرسلة من الدمام تقول أنا أسأل فضيلتكم عن غيبة الصغير الذي لم يبلغ سن البلوغ هل يكتب علينا ذنب إن نحن اغتبناه خاصة أن الصغير دائما يسبب لنا الانفعال الشديد الذي يخرج الإنسان من طوره فيشتمه

- ‌بارك الله فيكم يقول ما الفرق بين الغيبة والبهتان وما حكمهما وماذا يفعل من عزم على التوبة منهما

- ‌بارك الله فيكم تقول السائلة فضيلة الشيخ أعلم بأن الغيبة والكذب محرم ولكن عندما يجلس الإنسان في مجلس يكثر فيه هذا الموضوع وينصح الجالسين يقولون بأن هذا الكلام يتداول دائماً وليس فيه شيء فنريد تبيين الحكم الشرعي بارك الله فيكم

- ‌هذه السائلة تقول لي صديقة متعلمة تزوجت من ابن عمتها وهي الآن تعيش معه في ذلك البيت ويحصل غيبة كثيرة فيومياً تأتي النسوة إليهم ويجتمعن بالحديث على الناس فلا يتركن أحداً من شرهن أما صديقتي فإنها إما أن تبقى جالسة تستمع لكلامهم دون أن تتحدث أو تتركهم وتذهب إلى غرفتها تجلس فيها فهل عملها صحيح أرشدوها على الخير جزاكم الله خيرا

- ‌ما معنى الغيبة والنميمة وهل النهي عن المنكر من الغيبة والنميمة مثل أن نقول للناس إن هذا الشخص فعل كذا ليحذره الناس وما جزاء من يقول مثل ذلك

- ‌هل يجوز التحدث عن أناسٍ يرتكبون المحرمات والفواحش في غيابهم بغرض التحذير منهم ومن شرهم

- ‌تقول هذه السائلة إن بعض الأخوات يقلن بأنه لا شيء في أن تذكر المرأة الأخرى في غيبتها بما تتصف به سواء كان ذلك من حسن في خلقها أو سوء في خلقها

- ‌هذا السائل يقول ما حكم غيبة تارك الصلاة

- ‌أحسن الله إليكم يا شيخ هل غيبة من يفعل المعاصي جهرا جائزة

- ‌بارك الله فيكم يقول المستمع خالد العثمان هل تجوز الغيبة بدون ذكر الاسم

- ‌هل يجوز الكذب مازحاً

- ‌المستمعة تقول في سؤالها في كلام الإنسان وحين مزحه مع أصدقائه وأحبابه يدخل شيء من الكذب للضحك هل هذا محظور في الإسلام

- ‌أحسن الله إليكم وبارك فيكم فضيلة الشيخ السائل م. م. أ. يقول الحالات التي يجوز فيها الكذب ثلاث دل عيها الحديث هل يقاس عليها غيرها إذا دعت إلى ذلك المصلحة

- ‌أحسن الله إليكم وبارك فيكم هذا السائل يقول هل يجوز الكذب من أجل صلة الرحم

- ‌المستمع يسأل في رسالته ويقول عندما يريد الرجل أن يصلح بين اثنين متخاصمين هل يحق له أن يكذب ويحلف بالله ولكن نيته أنه يريد الإصلاح فقط فهل هذا جائز

- ‌خ. س. م. من الرياض يقول في سؤاله الأول كنت متزوجا من امرأة وحسب الظروف العائلية طلقتها إلا أنني عند ذهابي إلى المحكمة الشرعية كان معي والدي واثنان من الشهود لكن والدي قال لي قل للقاضي طلقتها منذ ستة أشهر لئلا تكون ملزماً بالنفقة خلال الفترة الماضية عند مطالبتهم لك فيما بعد ولجهلي وعدم معرفتي نفذت ما قاله لي والدي فهل علي ذنب في ذلك وهل الطلاق صحيح علماً بأنني طلقتها بالثلاث وصدر بذلك صك شرعي أفيدونا جزاكم الله خيراً فأنا لست مرتاحاً نفسياً مما نصحني به والدي وعملت به

- ‌ما حكم لعنة الرجل لأبى الرجل الآخر أو لأمه وضحوا لنا هذا حيث أن هذه منتشرة بين الناس وفقكم الله

- ‌يقول السائل محمد حسن ما حكم من لعن الوالدين من باب الزعل أو عمداً وهل لذلك اللعن سواء عمدا أو غيره كفارة أو توبة

- ‌أحسن الله إليكم السائلة ف. أ. ع. من منطقة عسير تقول والدي يا فضيلة الشيخ كثير اللعنة لنا ولوالدتي عندما يغضب حتى أنه يلعن جميع أغراضه إذا سقطت منه حتى الكلام إذا لم يتمكن من النطق جيداً لعن وإذا نصحناه يثور ويزعل ويدعو علينا يقول تنصحونني وأنا والدكم وأعرف أكثر منكم أرجو من فضيلة الشيخ جزاه الله خيرا النصح والتوجيه لوالدنا

- ‌في لغتنا الدارجة في كل لسان بلوى وهي بلوى الشتيمة فمثالاً لذلك يقول الإنسان لعن الله والدي إبليس فما هو رد سماحتكم على هذا وشكراً

- ‌هذه السائلة تقول امرأة تدعو على أولادها بالموت وبالجن وهي لا تقصد الدعاء فما حكم عملها هذا

- ‌بارك الله فيكم في رسالة المستمعة ن. م. تقول هناك بعض الأهالي يسبون أبناءهم ماجزاء ذلك وما نصيحتكم لهم

- ‌بارك الله فيك فضيلة الشيخ يقول السائل البعض من الأصدقاء يقومون بسبي وشتمي فهل أرد عليهم بالمثل أم ماذا أفعل

- ‌بارك الله فيكم يقول إذا أغضبني شخص فإنني أحياناً أتكلم بيني وبين نفسي بما فيه من عيوب وذلك للترويح عن النفس فهل أنا آثم بذلك وهل تكون هذه غيبة

- ‌هل الإنسان إذا تكلم بينه وبين نفسه في عروض الناس عليه إثم أم لا

- ‌السائلة تقول هل آثم إذا ذكرت شخص بما يكره داخل نفسي أي بيني وبين نفسي دون أن أتحدث في ذلك مع الآخرين وهل يدخل هذا في باب الغيبة

- ‌السائلة تقول عندي بعض الصديقات عندما يكون معهن شيء جديد مثل قطعة قماش أو ثوب يأخذن رأيي فيه فأقول لهن بأن هذا جميل أو جيد أو أن هذا أعجبني مع أن البعض من هذه القطع لم تعجبني لكنني لا أحب أن أكسر بخاطرهن فهل على شيء بقولي هذا جيد وهذا طيب

- ‌أحسن الله إليكم السائلة س ص الرياض تقول فضيلة الشيخ ما حكم الشرع في نظركم في معاملة المجنون وهل يجوز ضربه والاستهزاء به وكيف تكون التوبة من تلك الأفعال وهو لا يعرف

- ‌أحسن الله إليكم السائلة تقول أطلب من الشيخ أن يسلط الضوء على كيفية المزاح وما حكمه بين الأصدقاء وبين الإخوة وبين الزوج وزوجته وهل عندما نقول على سبيل الإضحاك في مرة واحد عمل كذا وكذا لنضحك الجالسين مع أننا لا نذكر من هو هذا الشخص إنما هو واحد على سبيل المثال هل هذا حرام

- ‌بارك الله فيكم من ليبيا المستمع على أحمد يقول جرت العادة على المزاح بين الأصدقاء ومن بين المزاح التلفظ بالكلام البذئ فهل يعد ذلك حراماً

- ‌جزاكم الله خيرا السائل ع م م مقيم بالرياض يقول هل ذكر الأشخاص الموتى بما كانوا يعملون من أعمال سيئة من ربا وغيره وانتقام الله منهم وذلك بأن الله عز وجل يمهل للظالم ولا يهمل فهل ذكرهم بالاسم فيه من الغيبة أو من الحرام

- ‌أحسن الله إليكم وبارك فيكم تقول السائلة إذا اشتكيت من زوجي لأهلي أو عند أهلي هل يكون هذا غيبة أو نميمة

- ‌يقول السائل ناقل الكفر ليس بكافر هل هذا صحيح أم لا

- ‌بارك الله فيكم يقول المستمع إذا ذكر بعض الناس الحمام أو الحمار أو الكلب أو نحو ذلك قال أعزكم الله أو أكرمكم الله فما حكم ذلك

- ‌الأخت أ. س. م. ع. من الأردن تقول درج على ألسنة الكثير من الناس حينما يفعل أحد شيئاً لا يرضى عنه أو يحصل أمر غير مرغوب فيه أن يقولوا حرام هذا أن يحصل أو حرام أن تفعل هذا وإن لم يقترن هذا من القائل بنية تحريم شيء أحله الله ولكنه أمر اعتادوا قوله فهل عليهم في ذلك شيء أم هو من لغو القول الذي لا يؤاخذون عليه

- ‌من المرسل أ. ع. ح. من السعودية الرياض البطحاء وردتنا هذه الرسالة يقول فيها هل كلمة شكراً وأرجوك حرام

- ‌هذه رسالة وردت للبرنامج يقول مرسلها هل يجوز للإنسان أن يقول للآخر كلب أم لا وفقكم الله

- ‌هذه الرسالة وردتنا من الحاج آدم حسن محمد سوداني يقول لقد سمعت كثير من الناس يقول لبعض الناس إن بني آدم حيوان ناطق فهل هذا الكلام صحيح أقول ابن آدم حيوان ناطق أم أن هذا الكلام مجرد فلسفة أرجو الإفادة فيه وشكراً

- ‌ما حكم المرأة التي تسب أولادها ووالدهم غائب

- ‌أحسن الله إليكم هذه سائلة للبرنامج تقول فضيلة الشيخ ما حكم تتبع زلات بعض المعلمات دون غيرهن والبحث عن مخالفاتهن وسوء الظن بهن دون غيرهن من المعلمات وهل من العدل في العمل تتبع زلات وهفوات البعض دون البعض الآخر مع العلم بأن الإنسان غير معصوم من الزلل

- ‌فتاوى المعلمين والطلاب

- ‌السؤال: رسالة التدريس رسالة سامية إذا صاحبها الاخلاص فنرجو توجيه نصح وإرشاد للإخوة المدرسين

- ‌السؤال: معلم أسند إليه تدريس أحد المواد التي قد لا يجيدها ولكن لعدم وجود البديل وافق فهل يأثم أم لا أرجو الافادة

- ‌السؤال: بعض المدرسات قد تخرج أثناء الدوام المدرسي بدون ضرورة لزيارة مدرسة أخرى أو زيارة زميلة لها في مدرسة أخرى وليس لديها حصص وقد استأذنت من المديرة وأذنت لها فما حكم هذا العمل وأيضاً ما حكم استعمال هاتف المدرسة لضرورة أو لغير ضرورة

- ‌السؤال: هل في تناول المدرسين للإفطار في الفسحة الأولى جماعيا في المدرسة حرج حيث يكون عدد من المدرسين يراقب التلاميذ في تلك الفترة

- ‌السؤال: أعمل مدرسة لغة انجليزية ولا يكون عندي وقت لقراءة القرآن حيث إنني أعمل أثناء النهار في المدرسة حتى الساعة الثانية ظهراً وبعدها أقوم بإعداد الدروس في البيت إلى أن يغلبني النوم لأنني معي مواد كثيرة فهل عليّ إثم في ترك قراءة القرآن مأجورين

- ‌السؤال: فضيلة الشيخ حفظكم الله بالنسبة لخروج المدرس في المرحلة المتقدمة بعد الدرس الخامس أو السادس بعد أن يكون قد انتهي من جميع دروسه المقررة في ذلك اليوم رغم تبقي درس سادس أو سابع للدوام الدراسي

- ‌السؤال: السائل أبو عبد الله يقول معلم عرض على مديره أن يعطيه إجازة لمدة خمسة أيام قبل بدء الدراسة وليس هناك عمل وقرر المعلم أن يتنازل عن راتب هذه الأيام لفقراء الطلاب وجوائز للمتفوقين وما أشبه ذلك وجهونا في ضوء هذا السؤال

- ‌السؤال: شخص عمل في مدرسة ليليَّة وقد تخلف بعض الأيام عن التدريس وأخذ عليها مرتباً أو مكافأة وأحب أن يرجعها إلى أصلها فقال له البعض بأن العملية صعبة وقد تأخذ إجراءات قد تطول فقام وتصدق بها فهل عمله صحيح

- ‌السؤال: أبو عبد الله يذكر بأنه مدرس وحصل عنده تقصير في إحدى السنوات يقول فهل أخرج من مرتبي مبالغ وأتصدق بها أم ماذا أعمل مأجورين

- ‌السؤال: عند غيابي بدون عذر والحسم من راتبي هل يكفي ذلك لإبراء الذمة أم يلزم أمر آخر

- ‌السؤال: معلم كان مقصراً في أداء دروسه ثم تاب إلى الله كيف العمل وقد استلم رواتب كثيرة ويخشى أن يلحقه إثم وقد قال بعض الناس بأن هذا من بيت المال ولا يضره ذلك إن شاء الله

- ‌السؤال: فضيلة الشيخ معلم في مدرسة ليلية لم يقم بالواجب على أكمل وجه هل يتصدق بشيء من المرتب على فقراء المدرسة من طلاب ونحوهم

- ‌السؤال: مجموعة من المعلمات قمن بعمل حفلة تكريم للمديرة تقديراً لجهودها في المدرسة وقدمن الهدايا لها في آخر العام هل في ذلك بأس

- ‌السؤال: تقول بأنها معلمة يخالجها الشعور بالتقصير في نهاية العام الدراسي ماذا تعمل تجاه الطالبات لتسديد النقص وإبراء الذمة

- ‌السؤال: تقول بأنها معلمة في إحدى المدارس وهي المسؤولة عن المقصف المدرسي فتقوم في بداية العام بجمع الأسهم ثم وضعها في مكانٍ خاص حتى نهاية العام وتقوم التلميذات بالشراء من المقصف طيلة العام وعند نهاية العام تقوم بإعادة الأسهم لهن مع الأرباح التي تحصل من المقصف فهل في هذا شيء

- ‌السؤال: نحن مجموعة معلمات إذا جلسنا في غرفة المعلمات قلنا فلانة اليوم ضعيفة وفلانة من الطالبات اليوم جيدة هل هذا يعتبر من الغيبة

- ‌السؤال: السائلة ف. ع. تذكر بأنها فتاة تبلغ من العمر السابعة عشرة وتقول أنا فتاة ملتزمة والحمد لله وأحب النصح والإرشاد ولكن الوالد سامحه الله يكرهني ويمنعني من مواصلة تعليمي فأصبحت أكرهه وأصبت بانهيارٍ عصبي فنصحه الأقارب فأكملت تعليمي وأنا الآن أريد أن أدخل الجامعة علماً بأنني سوف أتخصص تربية إسلامية إن شاء الله وأكون داعية لله عز وجل وهو يرفض ذلك بحجة أنه يقول التعليم حرام أفيدوني مأجورين

- ‌السؤال: خالد عبد الرحمن يقول إنني أحب قراءة السور القرآنية وأحب الصلاة وأحب الرجل الذي يصلى واستمع إلى السور القرآنية دائماً وأنا لا أصلى علماً أن السبب الذي يجعلني لم أصل هو أنني في مدرسة مختلطة ما هو الواجب علي أن أعمله

- ‌السؤال: بارك الله فيكم ما حكم كتابة بسم الله الرحمن الرحيم على السبورة ثم القيام بمسحها

- ‌السؤال: أنا طالبة في كلية الطب منَّ الله علي بعد التحاقي بالكلية وهداني إلى صراطه المستقيم فغطيت وجهي والتزمت بكتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم فله الحمد سبحانه ولكن دراستي بالكلية تستلزم مني الوقوع في كثير من المنكرات أهمها الاختلاط بالجنس الآخر منذ خروجي من البيت وحتى عودتي إليه وذلك في الكلية حيث أنها مختلطة أو في وسائل المواصلات وأنا الآن أريد أن أقّر إنها في البيت وأترك الدراسة لا لذات الدراسة ولكن للمنكرات التي ألاقيها ووالدي ووالدتي يؤكدان عليَّ بمواصلة الدراسة وأنا الآن متحيرة هل أدخل بطاعتي لهما فيمن يعنيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله (من أرضى الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس) أم أن عدم طاعتي لهما في هذا الأمر تعتبر عقوقاً

- ‌السؤال: يقول جميع المدارس بمحافظتي وهي محافظة أدلب مدارسها مختلطة شباب وفتيات وهن سفور فوق العادة وخاصة في مدرستي ولا يمكن بل ولا يستطيع المرء إلا أن يتحدث معهن من خلال الدروس والمطلوب ما حكم الشرع في ذلك أفيدونا جزاكم الله ألف خير

- ‌السؤال: إني تلميذة في إعدادية للبنين ومعي عدد قليل من الطلبة وتعلمون أننا نختلط بهم ونتكلم معهم فهل هذا حرام أم حلال

- ‌السؤال: السائلة أسماء من جمهورية مصر العربية تقول بأنها طالبة في الكلية التي تبعد عن المنزل حوالي خمسة وعشرين كيلو أو ثلاثين كيلو تقول ولا أجد أحد من محارمي ليسافر معي وأخشى أن أكون عاصية لله بسفري هذا ولكنني أحرص على أن أتعلم وأحصل على شهادة جامعية تمكنني من نفع المسلمين وخدمتهم مثل أن أكون طبيبة أو معلمة فهل يجوز لي السفر خاصةً بأن وقت السفر يستغرق من ساعة ونصف إلى الساعتين أم أني أكون عاصية في مثل هذه الحالة

- ‌السؤال: كيف يتصرف المدرس الذي يدرس فتيات في سن البلوغ

- ‌السؤال: من دولة الإمارات العربية المتحدة محمد سعيد يقول ما نصائحكم فضيلة الشيخ للطلبة في أيام الامتحانات

- ‌السؤال: السائلة تقول بأنها طالبة في المرحلة الثانوية وفي أيام الامتحانات تقوم البعض من الطالبات بالغش فماذا تفعل هل تقوم بإخبار المعلمة وهل عليها شيء وإذا عرفت الطالبات بذلك قد يدعون عليها فهل هذه الدعوة تستجاب

- ‌السؤال: السائل أ. أ. من ليبيا يقول بأنه شاب متحصل على شهادة الدبلوم المتوسط والمشكلة بأنه في امتحان الشهادة قام بالغش في الامتحان يقول وكنت غير مقدر لعواقب الفعل هذا والسؤال هل المرتب الذي سأحصل عليه عندما أشتغل بهذه الشهادة حلال أم حرام أم أنه يكفيني أن أتوب إلى الله من فعلي هذا ولا إثم عليّ أرجو الإجابة على ذلك

- ‌السؤال: محمد من الرياض يقول بأنه طالب في إحدى الكليات الشرعية وله زميلٌ تخلف عن امتحان من الامتحانات بسبب النوم والنوم ليس بعذرٍ مقبول لدى الكلية فنصحته بأن يأتي بعذرٍ طبي لكي يختبر ولا يحمل هذه المادة علماً بأن حملها سيسبب هبوطاً في معدله التراكمي لا سيما ونحن على مشارف التخرج ولكن هذا الزميل رفض ذلك رفضاً قاطعاً على اعتبار أن ذلك غش وكذب ومخالفٌ للنظام وأنا أقنعته بأن يأتي بالعذر علماً بأن كثيراً من الطلاب يفعلون ذلك من باب أن النوم عذرٌ مقبول فما حكم الشرع في نظركم في ذلك

- ‌السؤال: أريد الحكم الشرعي في نظركم عن حكم الغش في الامتحانات

- ‌السؤال: ما حكم الشرع في نظركم فضيلة الشيخ في الغش في الامتحان بين الطلاب وهل الغش في المادة الإنجليزية حرام وهل هذا يدخل في قوله صلى الله عليه وسلم (من غشنا فليس منا)

- ‌السؤال: يقوم بعض الطلبة بالغش في أثناء الاختبارات فما الحكم

- ‌السؤال: هل يجوز للطالب أن يساعد زميله أثناء الامتحان حيث أن الطالب يعتبر هذا واجباً عليه وتفريجاً لكربة زميله فما حكم ذلك مأجورين

- ‌السؤال: هل الوقوف للمدرسة لا يجوز وإذا كان لا يجوز فماذا نفعل إذا كان هذا يضايق المدرسة حيث كانت عندنا طالبة فلم تقف للمدرسة فسألتها لماذا لم تقفي كبقية الطالبات فأخبرتها أن ذلك غير جائز فحصلت بينهما مناقشة فأرادت المدرسة إبعاد تلك الطالبة لمدة يومين ونحن لا نريد أن نفصل فماذا نفعل وفقكم الله

- ‌السؤال: بارك الله فيكم السؤال الثاني من أسئلة المستمعة لطيفة تقول أنا معلمة وعند دخولي الصف يقف التلميذات ما حكم وقوف التلميذات احتراماً للمعلمة

- ‌السؤال: مدرس يفرق بين تلاميذه حيث يكون حازما مع بعض الطلاب ورقيقا مع البعض الآخر فما الواجب عليه في مثل هذه الحال مأجورين

- ‌السؤال: نشتكي إليكم أستاذنا الذي يدخل علينا في الصف ويقول لنا السلام على القرود وإذا ثرنا عليه جاء لنا بقصة فرويد وقال هذا أصلكم وأصلى ولا مناصة لنا من هذا الأصل علماً أن أستاذنا تبدو عليه الغطرسة وطول الملابس وطول الشعر والأظافر الطويلة فما موقفنا من هذا الأستاذ وفقكم الله علماً أنه لم يشر إلى بلده أو قريته أو من هذا القبيل

- ‌المرسل محمد عمر سلطان من العراق محافظة نينوى يقول إنني الطالب محمد سلطان أحد طلاب الصف الثاني المتوسط لقد درست في العام الماضي أصل منشأ الإنسان في كتاب التاريخ ويؤكد الكتاب أن الإنسان أصله قرد وتحول بمرور الزمن إلى إنسان فهل هذا صحيح أم يتعارض مع ما جاء في القرآن الكريم عن أصل القرد اهدونا وفقكم الله إلى الطريق لكي نسلكه مشكورين

- ‌فتاوى الموظفين

- ‌السؤال: المستمعة سمية من مدرسة الكاملين الثانوية للبنات بالسودان تقول هل يجوز عمل المرأة في المكاتب إذا كان هذا العمل في مكتب الشؤون الدينية والأوقاف

- ‌المستمع رأفت غازي من جمهورية مصر العربية البحيرة يقول بأنه يعمل في مصنع ينتج مواد غذائية فهل إذا أكلت منه بالمعروف حرام أم حلال علماً بأن الرجل المسؤول يعلم بذلك وبإذن منه أفيدوني مأجورين

- ‌السؤال: أعمل في محكمة الرياض الكبرى وأحضر للدوام في الساعة الثامنة صباحاً وأخرج بعد الظهر وذلك حسب حضور القاضي وانصرافه الذي أعمل في مكتبه وسؤالي هل يجوز لي ذلك حيث أن الدوام من الساعة السابعة والنصف إلى الثانية والنصف كما أن عملي مرتبطٍ بموعد القاضي ولكم خالص تحياتي

- ‌عندنا مؤذن مسجد إلا أنه قليل الحضور ويقوم أخوه الأصغر بالأذان والإمامة نيابة عنه نظراً لبعد منزله وقد نصحنا هذا المؤذن فقال لقد أخذت الإذن من الأوقاف فوافقوا على ذلك فماذا تنصحوننا مأجورين

- ‌رجلٌ يعمل عند شخص براتبٍ شهري لو ذهب لأداء فريضة الحج هل يستحق الراتب الشهري أم لا

- ‌السؤال: أنا موظف أعمل في إحدى الشركات المساهمة ويحدث بعض الأحيان أن أطلب من المسؤول المباشر عني أن أترك مكان عملي وأغادر إلى البيت ويسمح لي بذلك ويقوم بتثبيت أجر ذلك اليوم مع العلم أنه موظف مثلي وليس مساهماً في الشركة التي نعمل بها كذلك يحدث لي أن أطلب منه أن يسمح لي بصنع أو عمل شيء من أموال الشركة مثل عمل طاولة خشب أو طاولة حديد أو غير ذلك من الأشياء القليلة القيمة علماً أنها من أموال الشركة المساهمة ما حكم ذلك وجزاكم الله خير الجزاء

- ‌لي قريب يعمل بوظيفة مؤذن وكانت تصرف له مكافأة شهرية وقد صرفت له هذه المكافأة قبل أن يكتمل بناء المسجد ببضعة شهور مع العلم بأنه يؤذن في مسجد آخر بعض الأوقات فما رأي فضيلتكم حول المكافأة التي صرفت له قبل أن يكتمل بناء هذا المسجد هل يعتبر هذا المال حراماً وإذا كان حراماً فماذا يفعل أفتونا مأجورين

- ‌المستمع خالد من حوطة بني تميم يقول إمام يصلى بالناس وهو إمام رسمي إلا أنه كثير الذهاب في الرحلات مع الزملاء والعمرة وهويتقاضى مرتباً عن إمامته ويوكل أحد الشباب بالصلاة عنه وهذا الشاب قد يأتي يوم ويغيب يوم فهل راتب الإمام حلال مع أنه موظف

- ‌أنا أعمل موظفاً حكومياً وأقوم بعملي الموكل لي وعندما أفرغ من العمل أقوم بقراءة القرآن وبعض الكتب الشرعية فهل يلحقني إثم في ذلك

- ‌يقول السائل الذي رمز لاسمه بـ ص م ص جدة بأنه يعمل في شركة ويذكر بأن المهمة التي يقوم بها هي مراقبة دوام الموظفين الذين يربو عددهم عن مئة موظف يقول وعند تأخر البعض أو الغياب عن العمل أقوم بخصم أجر ذلك الغياب والتغاضي عن البعض الآخر دون تمييز بينهم وذلك من باب المساعدة فقط دون علم الرؤساء بذلك وسؤالي هل علي أثم عند قيامي بخصم الأجر من البعض والتغاضي عن البعض الآخر

- ‌إنني أعمل في محل لبيع الملابس النسائية وهذا المحل حكومي وأحيانا يطلب الزبائن بعض البضائع التي هي غير متوفرة في المحل والجهة التابع لها المحل لا يتوفر فيها فهل يجوز لي أن أوفر هذه البضائع وأبيعها لحسابي

- ‌أنا أعمل في مجال المحاسبة ومراقبة دوام وعمل الموظفين وأقوم بإيضاح سير العمل لصاحب المؤسسة ومن ذلك مثلا أقول له بأن فلاناً قد غاب أو تأخر أو أنه أخطأ بكذا وعمل كذا وذلك لأبين لصاحب المؤسسة الخلل الموجود ليقوم هو بعلاجه فهل أنا آثم على ذلك على الرغم من نصحي للموظفين قبل أن أكلم صاحب المؤسسة ولكن دون جدوى منهم أفيدوني مأجورين

- ‌فضيلة الشيخ استخدام الأدوات المكتبية أو الهاتف في العمل لغرضٍ خاص عند الضرورة فقط هل يعد ذلك من المحرمات

- ‌كنت أقوم بإعطاء الدروس الخصوصية نظراً لأنني مدرسة وكنت لا أعتقد أنها حرام لأن معظم المدرسين يفعلون ذلك أما الآن فقد تأكدت بأنها لا تجوز وندمت على ذلك ولكن هل المال الذي جمع من هذه الدروس حرام أم لا وهل التوبة تكفي لتطهير المال وإن كان حراماً فكيف أتصرف فيه خاصة بأن هذا المال وضعت عليه راتبي من الرواتب السابقة طول المدة فكيف لي التخلص من ذلك مأجورين

- ‌أعمل سائقاً في إحدى الشركات بقيادة وايت ماء خاص يسقي موظفي هذه الشركة وأن المقدر لهم يومياً ردان ماء مع العلم أني أحضر أكثر من هذين الردين ولكن الزائد أبيعه من غير علم المسؤول في الشركة أفيدوني جزاكم الله خير الدنيا ونعيم الآخرة عن هذه الطريقة وكيف أعمل عما فات إذا كان هذا حراماً

- ‌فضيلة الشيخ استخدام هاتف العمل لأغراض خاصة ولكن دون تطويل فهل يجوز ذلك

- ‌أنا أعمل في أحد المحلات التجارية ولكن في بعض الأحيان أتأخر عن الدوام خمس أو عشر دقائق ولكنني أعوض ذلك في آخر الدوام هل عملي صحيح

- ‌سيد عبد الحليم مهنا يقول ما حكم العمل بالمحاماة هل هو حرام أفيدونا بارك الله فيكم

- ‌أخي يعمل محامياً ويكسب أموالا طائلة وأشار عليه بعض أهل العلم أن يترك هذا العمل فبماذا تنصحونه جزاكم الله خيرا

- ‌جمال علي يقول في رسالته إنني كنت أعمل عملاً شاقاً جداً ولم أستطع أن استمر فيه فبدأت أبحث عن عملٍ آخر أخف مشقة ولم أجد إلا عملاً في شركة لصنع الدخان أو السجائر وأنا الآن أعمل بها منذ بضعة شهور مع العلم بأنني لا أشرب السجائر ولا أي نوع من أنواع الدخان والسؤال هو ما حكم الأجر الذي أتقاضاه مقابل هذا العمل هل هو حلال أم حرام مع العلم أنني مخلص في عملي والحمد لله

- ‌يقول أنا شاب مسلم سافرت من بلدي إلى دولة العراق بحثاً عن الرزق لم أكن في ذلك الوقت مسلماً كما ينبغي بمعنى لم أكن أخشى الله حق خشيته فعملت في شركة تصنع البيرة وهذا طبعاً فيه معصية لله عز وجل ولكن بعد فترة من عملي فيها تقدر بشهر تعرفت على شاب مسلم حقاً فصادقني وعرفني أمور ديني جيداً وكان لزاماً علي أن أترك هذه الشركة فوراً لأن وجودي فيها فيه معصية لله سبحانه وتعالى فقدمت استقالتي منها ولكن المسؤول في هذه الشركة رفض قبول الاستقالة فحاولت أكثر من مرة دون جدوى علماً بأني لا أستطيع العمل في مكان آخر إلا بعد موافقة الشركة على الاستقالة ويعلم الله كم أنا أحاول بكل إخلاص أن أخرج من هذا المكان الذي يعصي الله ولكنهم يرفضون ويعلم الله كم أنا كاره لهذا العمل ولذا أريد أن أعرف هل عملي فيها الآن يعتبر مضطراً وهل أنا على وزر علماًَ بأنني أحاول الخروج منها بشتى الطرق فأريد أن أعرف هل أنا في هذا ما زلت عاصياً أم أنا ينطبق علي (فَمَنْ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ)

- ‌المستمع م. ع. م. العراق يقول في رسالته دخلت الحياة العملية منذ سنوات مع الجهد الكثير ولكن بدون جدوى وأخيراً فكرت أن أعمل بعمل أستفيد منه وهذا العمل يتطلب وثيقة لإثبات الكفاءة ولا توجد لدي وثيقة وبعد معاناة شديدة أخذت وثيقة لأخ لي وحولتها باسمي وتحصلت على هذا العمل أفيدوني بارك الله فيكم هل علي إثم في هذا العمل وما حكم الشرع في نظركم في عملي هذا

- ‌أنا أعمل في دار عرض للسينما وعملي هو تشغيل مكائن العرض ومراقبتها وأحياناً تعرض بعض الأفلام الخليعة والهابطة ولذلك فأنا لست راضياً عن هذا العمل ولكني لم أجد غيره مع أني أشعر أنني أتحمل أثماً كبيراً بسببه فماذا ترون أنه يجب على وبماذا تنصحونني وما حكم الكسب السابق من هذا العمل

- ‌خالد بن سعيد يقول أنا شاب أهوى الكتابة وأقدم على كتابة الروايات والمسرحيات والقصص عن مواضيع اجتماعية طيبة من نسج خيالي وتصوري وإني أسأل عن حكم كتابة هذه الروايات والقصص وتقاضي المال عنها كجوائز تقديرية في المسابقات أو ممارستها كمهنة لطلب الرزق

- ‌السائل أم ع ص عامل مقيم في المملكة يقول سماحة الشيخ أنا عامل وكفيلي لا يصلي الصلاة المفروضة وأنا والحمد لله ملتزم بصلاتي وصيامي وهذا من فضل الله علي هل يصح لي الأكل معه وما رأيكم في الراتب الذي أتقاضاه منه أفتوني مأجورين

- ‌هل يجوز لي أن أشتغل مع أناس لا يصلون أو يصلون أحيانا ويتركون الصلاة مرة أخرى أم لا يجوز الشغل مع هؤلاء وما حكم أن نأكل معهم جزاكم الله خيرا

- ‌الرشوة والمال الحرام

- ‌هذه رسالة وردتنا من مستمع ن م ع يقول ما مقدار الرشوة بالنقود السعودية وهل الهدايا التي تُعطى لبعض الأشخاص هي رشوة نرجو الإجابة بالتفصيل وفقكم الله

- ‌يقول إذا كان لي معاملة في إحدى الدوائر الحكومية ولا أستطيع انجازها إلا إذا دفعت مبلغاً من المال لأحد الموظفين هل يجوز لي ذلك أفيدوني مأجورين

- ‌(لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي والرائش) بماذا تنصحون هؤلاء الناس الذين يأخذون الرشوة من الناس وإن كانوا يصلون هل صلاتهم وصيامهم وزكاتهم تنفعهم أرجو منكم النصح والتوجيه حول هذا

- ‌ما حكم الشرع في نظركم في الرشوة

- ‌المستمع عبد الفتاح عبود مصري الجنسية ويعمل في العراق يقول في رسالته أنا شاب أعمل في مكان فيه رشوة ومرتبي لا يكفي سوى عشرة أيام من الشهر فهل آخذ قيمة معقولة من الرشوة لسد حاجات الأسرة أم لا وما حكم الشرع في نظركم في هذه المسألة

- ‌ما الحكم في الرشوة لرفع الظلم عن الراشي إذا لم يتم إلا بذلك

- ‌سمعت حديثاً عن الرسول صلى الله عليه وسلم يلعن فيه الراشي والمرتشي فهل يدخل في هذا من كان عنده حاجة في إحدى الدوائر الرسمية ويبذل بعض المال لقضائها فلو لم يفعل ذلك لتعطلت أو لم تنقض بتاتاً وليس في ذلك ظلمٌ لأحدٍ أم أن مثل هذا جائزٌ شرعاً

- ‌يوجد لدينا في بلادنا عادات وتقاليد يسمونها قبليّة وهي أن لكل قبيلة حدود من الأراضي تحدّ من الأربع جهات ويقع بين القبائل خلافات ومنازعات على هذه الحدود فيضطرون إلى المحاكمة في الدوائر الحكومية ولدى مشايخهم الذين نصبتهم الحكومة لمعرفتهم بحدود قبائلهم ثمّ يوجد لهؤلاء القبائل نوّاب وهؤلاء النوّاب يقومون بتكليف أفراد القبيلة بجمع مبلغ من المال مثلاً (30) ألفاً ويأخذها نائب القبيلة يأكل منها ويعطي شيخ القبيلة منها ما يعطيه بقصد الوقوف معه ضد خصمه وأنا غير مرتاح لهذه الأعمال لأنها تهلك القبائل، وأيضاً لاأدري ما حكمها في الشرع فأفتونا عنها وأرجو الردّ سريعاً

- ‌ما حكم من خان الأمانة من قولٍ أو غيره وما كفارته

- ‌اتفق رجل مع موظف في مستشفى على إخراج مريض بطريقة ما دون أن يدفع أهل المريض نفقات العلاج والإقامة في المستشفى ما حكم الإسلام في هذه القضية وهل الإثم يقع على المريض أم الموظف أو على المريض والموظف سواء كان المريض فقيراً أم غنياً

- ‌من المعلوم إذا كان الشيء محرماً فإن المال المكتسب منه يعتبر حراماً أيضاً فالخمر مثلاً حرام لذا المال الناتج عن بيعها حرام أيضاً وعليه فقد أقيم حفل فني كبير في أوروبا وفي كثير من بلدان المسلمين جمعت عن طريقه أموال لشراء أغذية لمنكوبي المجاعة في إفريقيا ولاشك أن هذا الحفل يشتمل على أشياء محرمة وبناء على ما ذكرناه فهل يعتبر هذا المال وهذه الأغذية حراماً وكذلك ما يتلقاه المسلمون المحتاجون من غيرهم من غير المسلمين من إعانات نقدية أو عينية هل هي حرام أم حلال

- ‌السائلة م خ ص سلطنة عمان تقول يا فضيلة الشيخ لي عمة وهي عرافة ودائما ما تخصنا بطعام أو تعطينا نقوداً علما بأن هذا مورد رزقها والنقود التي تقوم بإعطائنا إياها تدر عليها من هذا العمل فما الواجب تجاه ذلك وهل هذا المال حرام وماذا نفعل بالمال الذي تعطينا إياه أفيدونا جزاكم الله خيرا

- ‌إنّ زوج ابنتي يشتغل في أعمال متنوعة وإني أعرف ومتأكدة أنه يحصل على الفلوس عن طريق الحرام وإنني لا أذهب إلى بيتهم إلا في المناسبات عندما يكونون مرضى أو غير ذلك وأتناول معهم بعض الأطعمة خوفاً من زعل ابنتي هل في ذلك إثم عليّ

- ‌سالم عين القاسم غزواني يقول إنني في البادية وفي رؤوس الجبال، ولا يوجد لدينا رمل صالح للاسمنت وإننا نأخذ الرمل من بطون الأودية من ملك ناس بدون إذن منهم، لنصلح به خزاناتنا فهل علينا إثم في الرمل الذي نأخذه من ملك ناس بدون إذنهم

- ‌عما تفعله بعض النساء اليوم حيث أنها إذا رزقت إحدى صديقاتها بمولود تقوم بإعطائها بما يسمى بالحِفالة وهو عبارة عن مبلغ كبير من المال قد يثقل كاهل الزوج ويسبب بعض المشكلات هل له أصل في الشرع

- ‌فتاوى في الرؤى والأحلام

- ‌السائلة ح ج الزهراني تقول هل تفسير الأحلام والاعتقاد بذلك التفسير جائز أم لا

- ‌السائلة ن أالحربي تقول ما حكم تفسير الأحلام

- ‌أحسن الله إليكم هل صحيح أن تعبير الرؤى إلهامٌ من الله

- ‌بارك الله فيكم المستمع فازع الحريبي يقول ما هو الفرق بين الحلم والرؤيا

- ‌من الجمهورية اليمنية من المستمع عبد الله صالح يقول في رسالته فضيلة الشيخ ما الفرق بين الرؤيا والحلم وكيف نعرف الرؤيا من الحلم

- ‌بارك الله فيكم إذا كان الحلم يتكرر دائماً فهل معنى ذلك أنه سوف يتحقق

- ‌متى تكون الرؤيا التي يراها الإنسان في منامه صحيحةً أو واقعة ومن هم الذي تصدق رؤياهم

- ‌المستمع م. ج. ع من الأردن يقول بعد شكر الله عز وجل أشكركم على هذا البرنامج المفيد وأود أن أستفسر عما يأتي أولا أود الاستفسار عن مدى صحة كتب تفسير الأحلام مثل كتاب تفسير الأحلام لابن سيرين وخاصة بأنه يربط الأحلام بقضايا الأجل والرزق والخير والشر فما حكم التصديق والتعامل بهذه الكتب مع العلم بأنها تحتوي وتعتمد في تفسيرها في بعض الأحيان على آيات من القرآن وأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌تسأل الأخت عن تفسير الأحلام لابن سيرين وتقول ما رأيكم فيه

- ‌الأخت خويجة من العراق تقول هل يجوز قراءة كتاب تعطير الأنام للنابلسي وهو في تفسير الأحلام

- ‌جزاكم الله خيراً السائل م. ع. س. يقول في هذا السؤال فضيلة الشيخ هل كل رؤيا للميت تكون صحيحة عندما يراه الأهل

- ‌بارك الله فيكم هذه رسالة مستمعة للبرنامج طالبة في المرحلة الثانوية تقول فضيلة الشيخ كثيراً ما أرى والدي المتوفى يطلب مني أشياء في المنام ويتكرر هذا كثيراً معي ومع إخواني مع أنه مات ونحن صغار السن فما هو تفسير ذلك فضيلة الشيخ

- ‌بارك الله فيكم يقول السائل هل أحلام الموت ورؤية الأموات تدل على أن الشخص سوف يموت؟ وماذا يفعل الشخص كي تذهب عنه هذه الأحلام

- ‌المستمع من مكة المكرمة يسأل ويقول يا فضيلة الشيخ إذا نام الإنسان وله أقرباء ميتون ثم رأى فيما يرى النائم أن بعض أقاربه الميتين من والديه يأتونه في الليل يتحدثون معه أو ينامون عنده فترة قصيرة ما صحة هذه الرؤى بارك الله فيكم

- ‌ما تفسير رؤية المتوفى في الحلم دائماً

- ‌من رأى شخصاً غريباً في المنام مثال العم أو الجد أو الخال…الخ فهل يلزم التصدق عمن رآه في المنام

- ‌تقول السائلة حينما أنام بالليل دائما أرى في المنام أحلاما مخيفة وأشياء كثيرة تحدث من المعجزات والخوارق مما يجعلني دائما قلقة وخائفة فبماذا تنصحونني أن أفعل أو أقول عند النوم حتى تختفي عني هذه الأحلام المزعجة

- ‌المستمع سعد خميس من الرياض ضمن رسالته سؤال للمستمعة التي رمزت لاسمها بـ: ن. ف. ع. تسأل عن الحلم بالرز الأبيض وأنها تحلم كثيراً بهذا وكان عندها ذهب ليس بكثير في حدود اثني عشر ألف ريال وكانت تلبسه والآن لا يوجد عندها ذهب وهي الآن تقول إنني أخاف أن هذا الحلم بسبب الذهب حيث أنني كنت لا أزكي منه شيء فأرجو إجابة حول هذا

- ‌هذه رسالة وردتنا من المستمع عبد الله محمود محمد من العراق بعث بهذه الرسالة يقول فيها هل يرى المسلم أو المؤمن في الحلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أم لا يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحلم وإني سمعت من العالم الديني يقول المؤمن الإيمان القوي يراه

- ‌السائلة تقول يا فضيلة الشيخ ما حكم الكذب في الحلم للمصلحة العامة وخاصة على الزوج الذي لا يصلى كتخويفه من النار حتى يرجع عن إهماله في الصلاة

- ‌أحسن الله إليكم وبارك فيكم هذا سائل يقول فضيلة الشيخ قد يرى الإنسان وهو نائم بعض الأحلام المزعجة ويري بعض الناس الذين يعرفهم فهل هذا هو الشيطان يتمثل بصورة هؤلاء الأشخاص ثم ماذا يفعل من رأى في المنام أنه ارتكب معصية وكبيرة من كبائر الذنوب

- ‌السائل: هذه الرسالة من الأخ محمد الحسن من الرياض كلية أصول الدين يقول هناك رجل رأى في حلمه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وقال له ادع لي يا رسول الله فهل هذه رؤية حقيقية أم خيالية نرجو الإفادة وفقكم الله

- ‌بارك الله فيكم تقول السائلة رأى شخصٌ في المنام بأن آخر لا يعرفه يوصي بأن يتقدم لخطبة بنت فلان وهو كذلك لا يعرفه وذكر له اسمه ووظيفته ووصف له هيئته فهل هذه الرؤيا صحيحة أم أنها أضغاث أحلام

- ‌بارك الله فيكم سراج أحمد يقول في هذا السؤال في قريتنا بعض النسوة يجتمعن في فناء منزلٍ مهجور ويحيين الليل بالرقص والغناء لأن إحداهن رأت في منامها أحد الأولياء المتوفى وأمرها أن تجمع هؤلاء النسوة لإحياء ذكره والتغني به والمدح له ما حكم ذلك فضيلة الشيخ ونرجو النصح لهؤلاء مأجورين

- ‌بارك الله فيكم الرؤيا هل هي خاصة بأحدٍ من الناس أو هي دليل صلاحٍ للإنسان

- ‌فتاوى الشباب

- ‌يقول السائل إني في الثامنة عشرة من العمر وبدأت الصلاة في هذا العام إلا إني عندما أمشي في الطريق انظر إلى الفتيات اللاتي أراهن في الطريق فهل يحق لي ذلك أفيدوني أفادكم الله

- ‌المستمع أحمد من سوريا دير الزور يسأل يا فضيلة الشيخ في رسالة طويلة ملخصها إلى علمائنا الأفاضل أريد حلاً وطلباًً للمساعدة في مشكلتي هذه إنني قد تعلقت بفتاة غيابياً أي دون علم الطرف الثاني وقد أتت على كل أفكاري وأصبح ذكرها في أكثر أوقاتي ولقد اهتديت أخيراً إلى حلٍ وحيد وهو أن الله قد هداني ولله الحمد إلى الصلاة ودعوت الله سبحانه وتعالى أن يوفقني في محنتي هذه في صلاتي وأن أنسى هذه الفتاة لكن مازلت تخطر ببالي في أوقات الصلوات وفي غير الصلوات فهل صلاتي مقبولة وهل ذكرها في ذلك يتنافى مع ديانتي وهل أجد لديكم الحل المريح وبماذا تنصحونني مأجورين

- ‌بارك الله فيكم هذا طالب جامعي رمز لاسمه بـ ع. د. جده يقول في رسالته أرجو عرض رسالتي هذه على فضيلة العلماء وفقهم الله راجياً من الله التوفيق لكي أحصل على الإجابة التي تنير لي الطريق وتهديني إلى سواء السبيل أنا شاب أبلغ من العمر العشرين عاماً مطيع لله سبحانه وتعالى وموفق في دراستي الجامعية ولكن مشكلتي يا فضيلة الشيخ هي أنني أحس دائماً بثورة جنسية لا أستطيع مقاومتها حيث أنني أفقد التركيز أثناء الدراسة والمذاكرة ويحصل لي ضيق متكرر فبماذا تنصحونني بارك الله فيكم

- ‌بارك الله فيكم السائل إبراهيم أحمد من جيزان يقول لي أخ أكبر مني متزوج ويسكن معنا في بيت واحد علما بأن البيت صغير ولا يستطيع أخي أن يشتري بيتا آخر في أي مكان وأنا أتجنب المكان الذي تكون فيه زوجة أخي ولكن في بعض الأوقات أقابلها بدون قصد وأدير وجهي إلى مكان آخر كي أتجنبها وعلى هذا الحال تكون حياتنا في هذا البيت أفتونا مشكورين

- ‌يقول ما الحكم في الرجل يقبل المرأة ويعمل بها كل شيء ما عدا الزنى وما كفارة ذلك كما نرجو من فضيلتكم أن ترشدونا إلى كتبٍ تذكر ذلك حيث إن كثيراً من الشباب في قريتنا مبتلون بذلك وأريد أن أقوم بالنصح لهم أفيدونا جزاكم الله عنا خير الجزاء وأعانكم على نشر دعوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌بارك الله فيكم المستمعة من الخرج ح م س تقول ما رأيكم فيما يتداول بين أيدي الشباب من قصص أجنبية

- ‌بارك الله فيكم هذا المستمع سعد علي من متوسطة المخواة يذكر أنه شاب متدين ويحمد الله على ذلك يقول لكن مشكلتي بأنني رسبت في اختبار الدور الأول ولم أجزع والحمد لله بل صبرت مع العلم بأن من الشباب من لا يصلون إلا قليلا ولا يذكرون الله إلا يسيرا ويرتكبون المخالفات وقد نجحوا فهل الدراسة ترتبط بالدين أو لا ترتبط نرجو التوجيه بارك الله فيكم مع العلم بأنني لن أتراجع عن إيماني أبداً لكن بعض الناس يسبونني فما رأي الشرع في نظركم في حالتي

- ‌بارك الله فيكم هذه رسالة وصلت من مستمع للبرنامج أخوكم أ. ع. ص. يقول في هذا السؤال فضيلة الشيخ أنا شابٌ كنت في ضلالٍ كبير ولكن الحمد لله الذي هداني إلى الطريق المستقيم وأنار لي طريق الحق إنه على كل شيء قدير ولكنني عندما أكون أصلى يحاول الشيطان أن يذكرني بأيام الجاهلية وكذلك عندما أكون في مكانٍ خالٍ مع نفسي ماذا أصنع وبماذا تنصحونني مأجورين

- ‌هذه رسالة وردتنا من محافظة الأنبار يقول مرسلها في بداية شبابي بدأت المواظبة على الصلاة والصيام والذهاب إلى المسجد في كل وقت، وكنت أجد في صلاتي وصيامي منحة كبيرة كالخشوع وحب العبادة وكل ما يرضى الله سبحانه وتعالى كنت أبادر إليه باستمرار وعلى هذا المنوال مدة سنتين أو أقل أو أكثر، ولكن الذي حدث خلال هذه المدة هو أنني واجهت ضروباً من المشكلات والمصاعب من الناس، أو بالأحرى من الحاقدين على الإسلام بالإضافة إلى العاطفة الجنسية التي أثرت علي وأنا شاب، فكل هذه المؤثرات وغيرها أخذت تنخر في قلبي وتهدم ما بنى النور، نور الحق، فذهب عني جوهر العبادة من صلاة وصيام وخشوع وصدق مع الله والحب الذي كان متأصلاً في روحي، وفي الوقت ذاته بدأت ألوم نفسي لماذا أنا كذلك؟ ولماذا هذا التهاون عن الواجبات وأصبح جل اهتمامي ودعائي هو الثبات على دين الحق، وأن أبقى رجلاً صالحاً ولكن الصلاح وكما تعلمون هو بصلاح القلب، فأطلب منكم الحل لهذه المشكلة وأن ترشدوني للعمل الصواب وما هي الكتب التي ترشدونني إلى قراءتها والله يرعاكم ويحفظكم

- ‌الوسواس والأمرض النفسية

- ‌بارك الله فيكم، هذه مستمعة أم أحمد تقول بأنها امرأة متزوجة وعندها طفلان تحمد الله على ذلك ومواظبة على الصلوات الخمس في مواعيدها ومواظبة على قراءة القرآن، تقول ولكن مشكلتي عند الوضوء وعند الصلاة في كل فرض يصيبني وساوس أن وضوئي غير سليم وأن صلاتي فيها شك وتستمر معي المشكلة على هذا الحال فانصحوني ماذا أفعل جزاكم الله خيراً

- ‌المرسلة إيمان من بغداد وردتنا هذه الرسالة تقول بعد التحية والسلام إني فتاة في التاسعة عشرة من عمري من العراق أشكو من كثرة الوسواس ومن عدم قدرتي على السيطرة على نفسي من كثرة التفكير والوسواس الذي يصل في بعض الأحيان إلى حد الكفر حتى عند أدائي للصلاة وعند قراءتي للقرآن الكريم وإني دائمة الاستغفار ولكن لا جدوى منه فأنا أتعذب من هذا الوسواس فأرشدني أثابك الله

- ‌هذه سائلة م س القصيم البكيرية تقول فضيلة الشيخ حفظكم الله أنا مسلمة والحمد لله أصلى وأصوم ولكن المشكلة عندي في الوضوء ينتابني الوسواس الذي يجعلني أستمر في الغسل وطول الوقت أفكر في الآخرة والعذاب في نار جهنم وأنا الآن خائفة جداً لذلك أطلب من فضيلتكم أن توجهوا لي نصيحة حول هذا الموضوع

- ‌يقول السائل بأنه رجل يصوم ويصلى ويعبد الله ويحمد الله على ذلك ثم يقول ولكن أخشى من أشياء أجدها في قلبي وأكون دائماً قلقاً منها كثيراً ولكن لا أستطيع أن أتحكم بما في قلبي فهل يكفر الإنسان بهذه الأشياء والوسواس دون أن ينطق بها أفيدوني مشكورين

- ‌جزاكم الله خيرا السائل ع ر يقول في هذا السؤال أنا شاب أبلغ من العمر حوالي الثامنة عشرة وأحب الله وأحب الرسول وأبذل جهدي للابتعاد عن المعاصي قدر المستطاع وأحافظ على الفرائض التي فرضها تبارك وتعالى ولكن ينتابني وسواس يشككني في عقيدتي وأنا متيقن وهذه الوساوس سببت لي القلق الشديد كيف السبيل للخلاص من هذه الوساوس

- ‌بارك الله فيكم من جمهورية مصر العربية أحد الإخوة المستمعين يقول في رسالته بأنه شاب في الخامسة عشرة من العمر مقيم للصلاة بفروضها ولكن تقابلني مشكلة وهي وسواس النفس عن الخالق مع أنني مؤمن ومتحمس فهذه الوساوس تضايقني كثيراً فكيف أتخلص منها أثابكم الله

- ‌هذه رسالة من الحائرة من المملكة العربية السعودية الرياض هـ ع. تقول في سؤالها أنا صاحبة وسواس فإذا جاءتني العادة في رمضان وأفطرت سبعة أيام لازم أزيد يوم وتصير ثمانية وإذا كانت ثمانية أيام أجعلها تسعة، وإذا كنت صائمة وطار في حلقي شيء من الهواء أو غيره يخيل لي أن صيامي غير صحيح، فأعيد ذلك اليوم من شهر رمضان ثم تقول إن وساوسها تزيد دائماً فما الحل لها

- ‌كيف يمكن الخلاص من الوساوس في الطهارة في كل شيء والوسواس في الوضوء والصلاة

- ‌جزاكم الله خيرا السائل الذي رمز لاسمه أأ الرياض يقول كثر في الآونة الأخيرة من يشكون من مرض الوسواس فما هو العلاج الناجع في نظركم من الكتاب والسنة

- ‌بارك الله فيكم السائلة م. م. أبها تذكر بأنها فتاة من عائلة محافظة وتحمد الله تقول: مشكلتي بأنني كنت على درجة طيبة من التقوى والدين فكنت كثيرا ما أقرأ القرآن وأكثر من الصلاة والتهجد والصيام والعبادات وكم بكيت كثيرا من خشية الله عز وجل وكنت في سعادة كبيرة لإيماني بالله ولكن منذ فترة بسيطة تغيرت حالي تماماً أصبحت كثيرة القلق والاكتئاب أحاول قراءة القرآن ولكن دون جدوى حتى إذا قرأت لا أستطيع أن أكمل التلاوة وكذلك إذا قرأت أذكار الصباح والمساء أقول في نفسي لا فائدة منها ولم أعد أهتم بصلاة التهجد أو الصيام وأحس بأن كل ما أفعله من سيئات بأنه ليس بإرادتي وأصبحت أعيش حياة تعيسة جدا لدرجة أنني أحيانا أنكر البعث والحساب وأنكر عذاب القبر وأنكر الجنة والنار وأنا الآن إنسانة أخرى لا أعرف ما السبب وكثيرا ما أخاف من خاتمة السوء ماذا أعمل يا شيخ محمد مع العلم بأنني فشلت كثيرا في محاولاتي وجهوني وأرشدوني جزاكم الله خيرا

- ‌سؤال الأخت نوال المحمد من الرياض تقول أنا إنسانة أقوم الليل في الساعات الأخيرة منه حيث هو أفضل أوقات الصلاة كما تعلمون ولكن المشكلة هنا تكمن في أنه ينتابني بعد أو أثناء الصلاة بعض المخاوف وأستعيذ بالله من الشيطان الرجيم وأقرأ المعوذتين وبسبب هذه المخاوف ينصرف ذهني إليها وأصبح مشغولة تماماً عن صلاتي وكل شيء من حولي هادئ وساكن وبالتالي كل شيء يخيل إلي أرجو أن توصلوني من بعد الله عز وجل إلى طريقةٍ أتخلص بواسطتها من تلك المخاوف وفقكم الله

- ‌تقول السائلة إذا كانت المرأة شكاكة في أهلها وأقاربها ومن عندها وعندها سوء ظن فيمن عندها فهل تأثم على ذلك

- ‌يقول السائل أعاني من مرضٍ نفسي شديد وهو نوعٌ من الوسواس الخبيث ومن أمثلة ذلك إذا كان مثلاً أمامي شخصٌ ما وأنا أذكر الله فإن الشيطان يصرف قلبي إلى ذلك الشخص كأني أعنيه بالذكر أو إذا قلت أشهد أن محمداً رسول الله فإن قلبي ينصرف بسبب الشيطان إلى شخصٍ آخر مثلاً اسمه محمد وأنا في قلق ونكدٍ من العيش بسبب هذا المرض الخبيث وهو نتيجة تمادي الوسواس عندي وهل أكفر بذلك وهل أعيد الحج أفيدونا وفقكم الله

- ‌السائل يقول بعض الأحيان يطرأ علي شك في بعض الأمور الشرعية فهل من علاجٍ له في الكتاب والسنة مأجورين

- ‌أحسن الله إليكم وبارك فيكم السائلة س. ن. م. تقول فضيلة الشيخ أشعر بعض الأحيان بالضيق والاكتئاب فما سبب ذلك وما العلاج مأجورين

- ‌فضيلة الشيخ حفظكم الله يقول هل الوسواس في القلب يعتبر من النفاق أم يدل ذلك على ضعف الإيمان لهذا الشخص حيث أنه لا طاقة له في ذلك ويراوده الوسواس في فترات كثيرة خاصة عندما ينوي فعل عمل الصالحات

- ‌هل يؤاخذ الإنسان على الوساوس التي تحصل له ويضيق بها الصدر وما هو الوسواس القهري وما العلاج في ذلك

- ‌السائل ع. ف. م. من اليمن يقول بأنه شاب في الثانية والعشرين من العمر يصلى ويحمد الله على ذلك ولكن في الفترة الأخيرة أصبت بحالة نفسية وهي داء الغرور أي: الكبر ومن طبيعة المصاب بهذا المرض أن يكون فيه النفاق والرياء وكثير من هذه الأمور حاولت أن أعالج نفسي عند الدكتور وبالقرآن ولكن دون فائدة والسؤال هل تقبل صلاتي وصيامي وأنا بهذه الحالة مع العلم بأني أكره هذه الصفات المذمومة ولكن لم أستطع التخلص منها لأنها بدون إرادتي وجزاكم الله خيرا

- ‌بارك الله فيكم السائل الذي رمز لاسمه ب. ع. ف. م. يقول هل يؤاخذ الله عز وجل المصابين بالوسواس القهري

- ‌ع ش ي يقول أنا والحمد لله أصلى مع الجماعة في المسجد ولكن يأتيني في أكثر الأوقات شيء يقول لي بأنك تصلى رياء للناس ولكنني أتعوذ بالله من هذا وبعض الأوقات أيضاً يشككنني في الله سبحانه وتعالى حيث يقول لي إذا نصحت إخواني وأهلي وقرأت عليهم الكتب الطيبة يقول لي إنك لا تفعل هذا إلا لتكسب الشهرة حتى يقولوا بأنك رجل خير ودين وأنت ما تفعله إلا رياء فماذا تنصحونني بارك الله فيكم

- ‌بارك الله فيكم هذا المستمع م. ن الرياض يقول فضيلة الشيخ أفيدكم بأنني مبتلى بمرض نفسي فما هي الأدعية التي تكشف هذا المرض مع العلم بأنني لا أريد الذهاب إلى الأطباء والمرض قد دام معي أكثر من خمس سنوات مع الرجاء بالدعاء لي بالشفاء بارك الله فيكم

- ‌بارك الله فيكم هذه مستمعة للبرنامج تقول في هذه الرسالة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أتمنى أن تصلكم هذه الرسالة وأنتم بخير ثم تقول إنها تشعر بحالة نفسيه وعندما أجلس وحدي أتذكر الموت وسكراته وعذاب القبر وتكفين الميت فأخاف كثيراً ثم يدق قلبي كثيراً وأخاف وأقول الآن أنا سوف أموت والآن سوف يأتي ملك الموت ويأخذ روحي وأظل سهرانة حتى الساعة الثالثة صباحاً ولا أستيقظ لصلاة الفجر فماذا أفعل أرجو إعطائي بعض الأدعية لمنع ذلك

- ‌بارك الله فيكم هذا المستمع للبرنامج الذي أرسل بهذه الرسالة الطويلة رمز لاسمه بـ ع. ر. أ. من الدمام يقول في هذه الرسالة بأنه شاب يبلغ من العمر السابعة والعشرين نشأ في أسرة متمسكة بدينها ونشأ سليم العقل والبدن ويحمد الله على ذلك ولكن يقول يجب الإيمان بالقضاء والقدر حيث إنني أصبت بمرض نفسي ولا يوجد لهذا المرض أسباب إلا سبب واحد وهو أني كنت أرهق نفسي في أيام الامتحانات وأنا بالمرحلة الثانوية حيث كنت أسهر الليل ولا أنام إلا قسطاً قليلاً من الليل وبعد نهاية الامتحانات فوجئت برسوبي في مادة الرياضيات وأخيراً ضغطت على نفسي أيام العطلة الصيفية في الدراسة وأتممت الامتحان في الدور الثاني والحمد لله تم النجاح وبعد ذلك بفترة بسيطة جداً أصبت بمرض نفسي مثل الأرق فأحاول في الليل أن أقاوم هذا المرض فلم أفلح ولكن بدون جدوى ويقول أحس بضيق وهلوسة وبعد ذلك راجعت كثيراً من العيادات النفسية وكثيراً من الأطباء شخصوا هذا المرض بأنه وسواس قهري والبعض منهم قال لي إن هذا المرض ناتج عن مرض وراثي وأنا الآن ما زلت غير مقتنع بكلام الأطباء لأنهم لم يتوصلوا إلى نتيجة وسؤالي بماذا تنصحونني أثابكم الله يا فضيلة الشيخ ثانياً أحياناً يحصل لي عدم التركيز وأنا في الصلاة ثالثاً في بعض الأحيان يصدر مني كلام خارج عن إرادتي مثل سب أو شك هل يكتب عليّ شيء في ذلك أرجو النصح والتوجيه مأجورين

- ‌بارك الله فيكم المستمع محمد أبو بكر سوداني مقيم في جدة يقول مشكلتي التي أعاني منها هي كثرة الوسوسة في كل شيء حتى أصبحت أكره الحياة وأكره نفسي وأتضايق من كل شيء ولكني مازلت أعاني من هذا الوسواس منذ زمنٍ بعيد أرجو إرشادي إلى ما فيه راحة نفسي وتفكيري جزاكم الله خيرا

- ‌الأناشيد والشعر والتمثيل والألعاب ونحوها

- ‌بارك الله فيكم هذه رسالة وصلت من مستمع للبرنامج المستمع أبو حمزة من المدينة المنورة يقول فضيلة الشيخ ما حكم الشرع في نظركم في الأناشيد الإسلامية

- ‌المستمع أبو عبد الله يقول سمعت بعض الأناشيد الإسلامية وفيها لحون تشبه لحون الغناء ولكنها بدون موسيقا وهي بأصوات جميلة فما حكم ذلك علما بأن البعض من الإخوان يتحرج منها ويقول بأنها من أعمال الصوفية

- ‌ماحكم الاستماع إلى الأناشيد الإسلامية

- ‌هذه سائلة للبرنامج أم عبد الرحمن من المنطقة الجنوبية أبها تقول أرجو من فضيلة الشيخ محمد أن يجيبني على أسئلتي السؤال الأول ما حكم الاستماع إلى الأناشيد الإسلامية لكثرة ما نسأل عنها ولكثرة أيضاً ما وقع فيها من خلاف واختلاف من العامة مع العلم بأنها مجرد أشعار إسلامية منها شعر الحماسة والتذكير بنهاية الإنسان إلى غير ذلك من المواضيع الهادفة

- ‌هذا السائل ف. أ. ص. مكة المكرمة يقول أسأل عن حكم الاستماع إلى ما يسمى بالأناشيد الإسلامية بالنسبة للشاب المسلم

- ‌أحسن الله إليكم السائلة مريم م. ع. من المملكة العربية السعودية تسأل وتقول ما رأي فضيلتكم في الاستماع إلى الأناشيد التي تعرف بالأناشيد الإسلامية

- ‌ما هو السن المناسب في تحفيظ الأبناء للقرآن الكريم وما رأيكم أيضا في الأناشيد الإسلامية من أجل تحفيظها للأطفال وتعويدهم على ترديدها

- ‌ما حكم كتابة وقراءة الشعر وأيضاً الاستماع إلى الشعر

- ‌منال عبد الله من الأردن تقول حدثوني عن الشعر المباح

- ‌بارك الله فيكم هذا سائل يقول يا فضيلة الشيخ لي صديق يحب الشعر ويكتبه وسألني هل الشعر حرام في الإسلام حيث قرأ قول الله عز وجل (وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمْ الْغَاوُونَ) فما رأيكم في ذلك أفيدونا جزاكم الله خيرا

- ‌بارك الله فيكم هذا طالب جامعي رمز لاسمه بـ أ. أ. ب. يقول بأنه أحد الطلاب المتمسكين بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وموفق في دراستي والحمد لله ولكنني أنظم الشعر كثيراً وأقوله في المناسبات وغير المناسبات مما جعلني أقضي جل وقتي أقرأ كتب الشعر وأنظم الشعر فما حكم هذا العمل بارك الله فيكم

- ‌هل يجوز سماع قصائد البادية أم لا

- ‌هل يجوز حضور الحفلات التي تحضر فيها المطربة دون الطبول

- ‌يقول هذا السائل في صحيح مسلم هناك حديث فيما معناه بأن الرسول صلى الله عليه وسلم (كان يستمع إلى الدف أو الصفير أو الغناء) حسب التفسير للحديث وعندما دخل أبو بكر رضي الله عنه جرى بينهم حديث قال أبو بكر احذروا مزامير الشيطان عند رسول الله فقال الرسول صلى الله عليه وسلم لكل أمة عيد وهذا عيد المسلمين أو ما معناه أرجو أن توضحوا لنا المقصود بهذا الحديث وهل يجوز هذا في العيد أيضا

- ‌ما حكم التصفيق في الحفلات

- ‌أحسن الله إليكم هذه السائلة ع. ح. المالكي من المدينة النبوية تقول ما حكم إقامة الحفلات كحفلات التخرج مثلاً المصحوبة بالدفوف والأناشيد الإسلامية وما حكم الاستماع لها مأجورين

- ‌ما حكم التمثيل الفكاهي والهادف والديني في المسارح وكذلك في المدارس

- ‌يقول هذا السائل أبو عبد الله بعض الأدباء يؤلفون قصصاً ذات مغزى وبأسلوبٍ جذاب مما يكون له الأثر في نفوس القراء ولكنها من نسج الخيال فما حكم ذلك

- ‌يقول هذا الشاب بأنهم يلعبون الورق في غير أوقات الصلاة وذلك في أوقات الفراغ فما حكم الشرع في نظركم في لعب الورقة

- ‌فضيلة الشيخ هذه رسالة وردتنا من القصيم ومن بريدة المرسل محمد العبد العزيز التويجري يقول السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد، ما حكم لعب ما يسمى بالورقة إذا لم تكن بدراهم أو شيء من ذلك

- ‌يقول السائل هل تجوز المغامرة بالنفس أو المخاطرة كما نرى حالياً في بعض أنواع الرياضة العنيفة التي قد تؤدي بمن يمارسها إلى الهلاك

- ‌هل يجوز لعب الشطرنج تحت الشروط الآتية ليس باستمرار بل في بعض الأحيان مع عدم التلفظ بالكلمات البذيئة أثناء اللعب وعدم تضييع أوقات الصلوات المفروضة

- ‌الحيوانات

- ‌هذه رسالة من السائلة هـ م من الدمام تقول في سؤالها في أيامنا هذه شاع استعمال مصايد الحشرات وخاصة الذباب ومن هذه المصائد نوع كهربائي يستعمل في المنازل وفي المحلات التجارية وغيرها وهو عبارة عن نور أزرق يجذب الحشرات إليه يحيط به أسياخ حديدية ناقلة للكهرباء بحيث إذا وقعت عليها الحشرات قتلها التيار الكهربائي المار بها وقد سمعت من بعض الناس إنه لا يجوز استعمالها لأنه لا يعذب بالنار إلا الله وحده فهل يدخل هذا في ذلك وما الحكم فيه

- ‌أحسن الله إليكم يقول السائل ما حكم استعمال الآلة الكهربائية التي تقوم بصعق الحشرات

- ‌هذه رسالة وصلت من سائلة رمزت لاسمها ب م ص م تقول في السؤال الأول هل يجوز قتل الحشرات بالصعق الكهربائي حيث إنه يوجد الآن أجهزة كهربائية على شكل لمبات مضيئة بلون معين تجذب إليها الحشرات فإذا لامستها هذا الحشرات تصعق كهربائيا فتموت دون أن تحترق

- ‌جزاكم الله خيراً يقول هل يجوز حرق الذباب وسائر الحشرات الضارة في البيت بالآلة الكهربائية أم لا

- ‌بارك الله فيكم السائل من المدينة المنورة رمز لاسمه بـ م. ي. يقول أعمل في محل تجاري وأحيانا أجد بعض الهوام من جرذان أو فئران أو غيرها وقد حاولت القضاء عليها بالقتل مباشرة فلم أستطع لصعوبة ذلك فاشتريت مادة غراء لاصقة لإمساكها فتسبب ذلك بأضرار في البضاعة فاهتديت إلى مصيدة على شكل صندوق مخرم تدخل فيه تلك الحشرات والحيوانات فتنطبق عليها وهي حية ثم بعد ذلك أقوم بقتلها بواسطة سيخ أو آله حادة مع العلم بأن ذلك يحدث بعض العذاب لها أثناء القتل وإذا لم أقتلها أقوم برميها في إناء فيه ماء فلا تستطيع الخروج منه وتبقى كذلك حتى تموت فهل علي حرج في ذلك

- ‌نقوم بتربية بعض الدواجن داخل منازلنا وفي الآونة الأخيرة تعرضت لهجوم القطط الضالة وأكلت الكثير منها وسببت لنا ضرراً علماً بأن الحمام الذي أكلته نحفظه في برجٍ محكم وبعد صلاة المغرب نقفل ذلك الشباك وفي الصباح نفتح هذا الشباك لخروج الحمام إلى ساحة المنزل وقد حدث هجوم القطط أثناء النهار بعد خروجنا للعمل وحاولنا عدة مرات أن نطردها ولكن القطط استمرت في الهجوم وبعد ذلك اضطررنا إلى دس السم في أكل فضلات الطعام وفعلاً ماتت القطط فما حكم الشرع في نظركم في عملنا هذا

- ‌السائل رمز لاسمه ب ت عبد الله يقول أعرض على فضيلتكم هذا السؤال وهو أنني عندي حيوانات مثل الأغنام والدجاج وهناك بعض الحيوانات المفترسة تأكل الدجاج والأغنام وأضع لهذه الحيوانات السم وتأكله حيوانات بريئة فبماذا توجهونني في هذا هل علي ذنب في ذلك

- ‌المستمعة ن. م. ص. من الملكة العربية السعودية تقول في سؤالها الأول: ما حكم إزالة العنكبوت من زوايا البيوت

- ‌هذا السائل عدنان من سوريا يقول إنه يحرق ما تبقى من موسم القمح والشعير في كل سنة لكي يتخلص من بعض البذور والأعشاب والحشائش الضارة في محصول القمح ويقول لكنني أعرف أنه يوجد في الأرض نمل وفئران وحشرات فتحترق وأنا مجبور على ذلك فهل هذا حرام جزاكم الله خيرا

- ‌بارك الله فيكم يقول السائل أنا من البادية ويوجد حول منزلي نمل تخرج في الليل وتدخل منزلي وتقوم بنقل الذرة والقمح والشعير فتؤذيني عندما تنتشر فإذا قمت بتخريب بيوتها هل عليّ إثم في ذلك

- ‌لقد دعست بسيارتي قطا منذ فترة بدون قصد هل تجب علي الكفارة من هذا العمل

- ‌المستمعة رمزت لاسمها بـ ص. ب. م. المملكة العربية السعودية تقول أنا امرأة أبلغ من العمر الخامسة والستين وقبل عشرين عاماً قدر الله أني وضعت وعاء كبيراً على ثلاثة من أولاد الغنم الصغار وكان ذلك ليلاً في برد شديد وفي الصباح وجدنا هذه الغنم الصغيرة قد ماتت ويظهر أنها قد انقطع عنها الهواء مع العلم أنني عندما وضعت عليها ذلك الوعاء الكبير أريد أن أحفظها وأحميها من البرد سؤالي هل يلزمني دفع كفارة أو نحو ذلك وهل علي إثم في هذا

- ‌ماحكم تربية الطيور في الأقفاص

- ‌المستمعة أم عبد الله من بغداد العراق تقول في هذا السؤال إنني أم لعدة أولاد بعضهم متزوج والبعض الآخر ما يزال أعزب وهم يؤدون ما عليهم من فرائض وعبادات إلا أنهم يا فضيلة الشيخ يهتمون بتربية الطيور وينفقون وقتاً وأموالاً في تربيتها وكذلك في رؤية تحليقها في الجو وأخذت هذه الهواية شيء ضروري من حياتهم ولا يستطيعون مفارقة ذلك فما حكم الشرع في نظركم في ذلك

- ‌تقول السائلة والدي يكثر من ضرب الغنم فهل عليه إثمٌ في ذلك

- ‌يقول نحن نعيش في منطقة جبلية وعرة جداً ونستخدم في الغالب الحيوانات في جميع تنقلاتنا مثل الجمال والحمير والبغال وإذا ذهبنا إلى المدرسة التي تبعد عن القرية عشرة كيلو تقريباً نضربها ضرباً موجعاً لكي تمشي وتقطع المسافة إلى المدرسة بسرعة فما حكم ضرب الحيوان لكي يسرع علما أنني قرأت حديثاً عن الرسول صلى الله عليه وسلم أن الحيوانات تقتص من الإنسان يوم القيامة افيدونا جزاكم الله خيرا ً

- ‌أحسن الله إليكم السائل ف أع من الإحساء منطقة الهفوف يقول فضيلة الشيخ سؤالي عندما أردت أن أخرج من البيت وفي خروجي بالسيارة رأيت قطة وقد ماتت تحت سيارتي وأنا الآن متحير في أمري فما الجواب على هذا وهل يلزمني شيء

- ‌سائلة تقول يا فضيلة الشيخ خرجت إلى ساحة المنزل لتغيير الجو فأخرجت معي قفص به طيور وعندما دخلت إلى داخل المنزل نسيت أن أدخل الطيور معي فتركتها من المغرب حتى الصباح من اليوم التالي الساعة العاشرة فوجدتها قد ماتت فهل علي شيء في هذا وهل أنا آثمة

- ‌عمتي تسببت في قتل ثلاث قطط صغيرة بدون قصد وكان هذا في صبيحة يوم عرفة وقد قال الرسول (عذبت امرأة في هرة حبستها فلا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض) أو كما قال وهي خائفة من هذا الشيء حيث أنها إنسانة متدينة فهل عليها ذنب في ذلك وإذا كان عليها ذنب فهل تتصدق بشيء أم لا

- ‌بارك الله فيكم هذا السائل محمد عبد المحسن مصري مقيم بالمملكة يقول فضيلة الشيخ هل في أكل الدواجن للخبز إذا خلط مع طعامها للتسمين شيء وهذا الخبز نشتريه وهو متوفر وكثير والحمد لله ولا يؤثر على شيء فهل في ذلك شيء بارك الله فيكم

- ‌من خميس مشيط وردتنا هذه الرسالة يقول في مدينتنا يعيش كثير من القرود وأنا أحمل بندقية وذات يومٍ وأنا مع غنمي سولت لي نفسي فأطلقت بعض الطلقات وأرديت بعضها قتيلاً ما حكم ذلك وفقكم الله

- ‌بارك الله فيكم هذا السائل مبارك يقول ذات مرة قمت بقتل كلب هل علي كفارة

- ‌إذا كان عند الإنسان كلب للحراسة فما الحكم في ذلك

- ‌هل يجوز قتل الكلاب التي تخرب الزراعة وتبول في مجرى السيل الذي يروح إلى خزان الماء مع وقوع المطر حيث إنه يوجد لدينا خزانات ماء، لشربنا من مياه الأمطار ولا يوجد لدينا غيرها، وتجلس الكلاب في مجاري الماء أفيدونا أثابكم الله

- ‌ما الثواب المترتب على قتل الوزغ

- ‌بارك الله فيكم هذا السائل يقول عندنا بين القبائل كل قبيلة لها سمة معروفة تضعها على الشاة أو الناقة وهذه السمة تكون على الوجه حتى يعرف كل فرد غنمه بهذه السمة فما الحكم في ذلك يا فضيلة الشيخ بجعل هذه السمة على الآذان لأنه تختلط هذه الشياه مع الأغنام الأخرى وجهونا حول ذلك

- ‌يقول السائل إنه تسبب من غير قصد في قتل فرخي طائر فهل من كفارة لذلك

- ‌فتاوى متنوعة

- ‌سائلة للبرنامج تقول هل إذا بكى الإنسان نتيجة الضغوط النفسية هل يعتبر ذلك البكاء منافياً للصبر واعتراضاً على القضاء والقدر

- ‌السائل يقول يا فضيلة الشيخ بالنسبة للمصائب التي تصيب الإنسان في حياته في الدنيا هل يؤجر عليها

- ‌بارك الله فيكم هذه رسالة من أخوات يدرسن في كلية الطب جامعة القاهرة يقلن نحن زميلات وحينما تتضايق إحدانا من المذاكرة أو من أي أمرٍ آخر تقوم بالتحدث معنا عن مشكلاتها ونحاول التخفيف عنها فهل يعتبر هذا من الشكوى لغير الله

- ‌هذا المستمع مصري يقيم في الدوادمي يقول هل يؤجر المصاب بحالة نفسية تلازمه كثيراً

- ‌المعلمات من السودان أرسلن بهذه الأسئلة السؤال الأول يقلن في صعوبة سكرات الموت هل يخفف من الذنوب وكذلك المرض الذي يسبق الموت هل يخفف من الذنوب

- ‌تقول هذه السائلة عندما يصيب الله العبد بمصيبة موت الأحبة وهي أشد مصيبة على العبد فهل هذا غضب من الله على العبد أم رحمة

- ‌عبد الله يقول ما رأي الشرع في نظركم فيمن قال بتفضيل ليلة الإسراء على ليلة القدر

- ‌كثر في زماننا هذا السحر فما الأسباب وما العلاج

- ‌من يعرف أن به هذه الصفة الذميمة الحسد كيف العلاج منها

- ‌المستمعة م. م. أرسلت بمجموعة من الأسئلة تقول ما الفرق بين العين والحسد وكيف نحمي أنفسنا منهما مأجورين

- ‌كيف يعرف ولي المريض الساحر

- ‌السائلة تقول أرجو أن تعطونا فكرة عن الحسد وهل من الممكن أن يحسد الإنسان عزيزاً على نفسه

- ‌هذا السائل أبو عبد الله يقول إذا رأى الإنسان ما يعجبه فهل يقول ما شاء الله تبارك الله أو ما شاء الله تبارك الله لا قوة إلا بالله وهل كلها صحيحة

- ‌ما حكم الشرع في نظركم في شخص يصلى ويصوم ولكنه يحب الخير لنفسه ويكرهه للآخرين وفيه نوع من الحسد كيف أتعامل مع مثل هذا إذا كان جار لي أو زميل في العمل مأجورين

- ‌هذه رسالة وصلت من مستمع للبرنامج رمز لاسمه بـ م. أ. أ. يقول حصل نزاع بين رجل وبين ابن عمه بسبب أن الآخر قال لهذا الرجل (بالعامية) أنت نحتني والآن له أكثر من سنة وهما متهاجران علماً بأن الرجلين شارفا على الثمانين عاماً

- ‌مستمع من جمهورية مصر العربية يعمل بالعراق يقول كنت أعمل بأحد المطاعم وبعد مدة شهر طلب مني صاحب المطعم أن أذهب إلى الخمارة لأشتري له مشروباً مسكراً ولما رفضت هددني بأنه لن يعطيني أجري إلا إذا أحضرت له هذا الشراب المسكر ولذلك ذهبت واشتريت له مضطراً ما حكم الشرع في نظركم في هذه الحالة

- ‌رسالة وصلت من المستمع أ. ك. حسن من ليبيا يقول في سؤاله بأنه طالب في الجامعة يسكن في القسم الداخلي بغير صفة رسمية ويأكل من مطعم الجامعة فهل يحق له ذلك أم يعتبر هذا المطعم وقف للطلبة الرسميين فقط في القسم الداخلي

- ‌السائل يقول من العادات عندنا في السودان في حالات الزواج والختان أن يقوم الواحد منا بدفع مبلغ من المال للعريس أو لولي أمر المختون مساعدة له في الزواج وعندما يتزوج الشخص الآخر يقوم ذلك العريس بالدفع للعريس الجديد أي يرد ذلك وكأنه دين يرده زائداً على المبلغ الذي كان قد دفع له فإذا كان هذا الأمر من قبيل التعاون ويدخل في باب من صنع إليكم معروفاً فكافئوه فما الحكم في هذه الزيادة كأن أدفع له في زواجه مائة ريال فيعطيني في زواجي ثلاثمائة هل تعتبر هذه الزيادة ربا أم أنها حلال

- ‌السائل الحسن عثمان يقول لي صديق حميم يحسن علي إحساناً ويقدم لي الهدايا والمشكلة أن صديقي يذكر إحسانه علي للناس قائلا بأنني اشتريت له كذا وكذا فلما سمعت هذا الكلام تألمت أشد الألم وعزمت على أن لا أقبل منه إحسانا أبدا فهل يجوز لي أن أفعل ذلك أو ماذا أفعل وكيف أتعامل معه وهل يجوز أن أقص ما فعله للناس

- ‌السائل محجوب م م السودان يقول فقد حلفت على اليمين القسم كاذبا لاستخراج جواز جديد مع العلم بأن لدي جواز سابقاً ولكن لا يصلح للسفر فماذا أعمل أفيدوني وجزاكم الله خيرا

- ‌هذه سائلة للبرنامج تقول إحدى الفتيات طلبت منها الكليات التي قدمت فيها انتساباً كشفاً طبياً وقد حددت الكلية موعداً لحضور الكشف الطبي وإذا لم تأتِ به في الموعد المحدد يترتب عليه سقوط هذا القبول في الانتساب وبما أن هذه الفتاة مرتبطة بعمل في مدرسة في منطقتها وبعيدة جداً عن الكلية ولا تستطيع الكشف الطبي وإرساله للجامعة في الموعد المحدد فقد أوصت زميلة لها بالكشف باسمها والذهاب به للكلية فما حكم هذا العمل علماً بأن هذه الفتاة سليمة ولا يوجد بها مرض

- ‌الأخ من رأس تنورة يقول إذا سافرت من بلد إلى بلد وكان في أثناء الطريق مخفر شرطة يطلب التفتيش وكانت زوجتي معي وهي ليست مضافة في الجنسية ومعي أخي وزوجته مضافة وليست معه فهل يجوز لأخي أن يقول هذه زوجتي ريثما نتعدى هذا المخفر

- ‌جزاكم الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء السائلة المرسلة ح. أ. تقول أتيت مع أهلي للإقامة في المملكة وفي إقامتي مكتوبٌ لا يحق لها العمل حيث أنها مرافقة لوالدها وهو كفيلها فهل يجوز لي شرعاً أن أعمل أم إذا عملت أكون آثمة ويكون الكسب مال حرام وهل إن عملت في البيت في خياطة الملابس للجيران يعتبر هذا العمل حرام أريد أن يكون عملي خالصاً لوجهه ولا يشوبه شيء من الحرام

- ‌المستمع محمد الفازعي من القصيم في رسالته يقول ما حكم الإسراف في الغسل أو الوضوء أو اللباس

- ‌هل شراء وتجديد أثاث المنزل وأدواته الكهربائية المتوسطة الثمن يعتبر من الإسراف علماً أن الذي سوف يشتري ذلك بحاجة إليه وما أمثلة الإسراف وما حدوده

- ‌ما حكم وضع القبة في البيوت وهل صحيح ما ذكر بأن الرسول صلى الله عليه وسلم ترك السلام على من وضع القبة وما المقصود بالقبة في المنزل

- ‌هذا السائل أحمد أ. من الرياض يقول فضيلة الشيخ ما حكم الذي يصرف كثيراً من راتبه على دهن العود أو البخور وغير ذلك من الروائح الطيبة وهل قول النبي صلى الله عليه وسلم (حبب لي من دنياكم ثلاث وذكر من ذلك الطيب) هل هو دهن العود في زماننا هذا أرجو التوجيه مأجورين

- ‌هذه المستمعة أم عبد الرحمن تقول فضيلة الشيخ نقرأ كثيراً في القرآن النهي عن الإسراف وكذلك النهي عن البخل والبخل معروف ولكن كيف نعرف أن هذا إسراف وكيف نفرق بين الإسراف والكرم والسخاء

- ‌هذا السائل الذي رمز لاسمه ب م. م المدينة المنورة يقول أسأل عن إقامة الحفلات عند ختم القرآن أو عند المناسبات السارة كالنجاح والقدوم من السفر هل يعتبر هذا من الإسراف أرجو التفصيل في هذا جزاكم الله خيرا

- ‌إذا ارتكب الإنسان ذنباً في أول حياته وقد ستر الله عليه ولم يطلع عليه أحدٌ إلا الله عز وجل وبعد ذلك رزقه الله التوبة وتاب هل يجوز له أن يعلم الناس بذلك الذنب الذي ارتكبه في أول حياته أم لا مع العلم بأن بعض الناس يقول عليك الله أن تعلمني ماذا ارتكبت من ذنوبٍ في حياتك ويقول أيضاً هل صحيح أن من أخبر بذنبه غفر الله له

- ‌هل التفكير بالذنب أو المعصية دون عملها يعتبر ذنب أو محرم

- ‌إبراهيم أبو حامد من الرياض يقول فضيلة الشيخ هل للمعاصي آثار على الفرد والمجتمع وما هي مأجورين

- ‌هل تحول السيئات والمعاصي دون استجابة الله لعبده

- ‌هذا المستمع الذي رمز لاسمه بـ م. ع. يقول ما هي الكبائر من الذنوب وما هي الصغائر وما معنى اللمم

- ‌إنني والحمد لله أصلى وأعمل جميع شعائر الدين وموجود في السوق نساء سافرات وأنا أراهن فهل يمسني ذنب أم لا

- ‌هذا سائل من القصيم يقول قرأت في أحد الكتب لابن القيم رحمه الله قصةً عن شابٍ من طلاب العلم نظر إلى أمرد فقال له الشيخ والله لتجدن أثر ذلك ولو بعد حين وبعد عشرين سنة قام ذات ليلة من نومه وقد أنسي القرآن فما تعليقكم على ذلك يا فضيلة الشيخ وهل يمكن أن ينسى الحافظ القرآن دفعةً واحدة

- ‌المستمع من السودان يقول هل يصح الرجل أن يجلس مع بنات عمه أو عمته أو بنات خاله أو خالته

- ‌هذه رسالة وردتنا من المستمع الكريم م س ح ثانوية الفاروق بالرياض يقول في رسالته قرأت في كتاب الأذكار في باب مسائل تتفرع على السلام أنه يحرم التقبيل والمعانقة للشاب أو الرجل الجميل والأمرد وذكر أن المذهب الصحيح عنده تحريم النظر إلى الأمرد والحسن ولو كان بغير شهوة وقد أمن الفتنة فهو حرام كالمرأة لكونه في معناها ما رأي فضيلتكم في هذا القول نرجو أن يقرن قولكم بالدليل

- ‌السائلة ي ي من مكة المكرمة تقول ما هي أسباب الحياة السعيدة في الدنيا والآخرة

- ‌هذا أحمد مصري مقيم في الرياض يقول فضيلة الشيخ هل المال من النعم أم من البلوى

- ‌هل الإقبال على الدنيا من عوائق الفوز في الآخرة

- ‌المستمع من العراق يقول في رسالته سمعت حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما معناه أنه صلى الله عليه وسلم دخل على عائشة رضي الله عنها ووجدها قد وضعت ستراً على الجدار وهو ما يسمى بالستائر في عصرنا الحالي فقال لها نحن قوم لم نؤمر بتغطية الحوائط أو الجدران هل يفهم من هذا الحديث الشريف أنه يجب أن تكون مثل هذه الستائر على قدر فتحة النافذة أم يجوز أن تكون بعرض الحائط الذي توجد به النافذة أي أن تكون على جانبي النافذة أفيدونا بارك الله فيكم

- ‌هذه رسالة فيها هذا اللغز الشرعي نجيب عليه في هذه المرة ونرجو أن يكون هذا آخر شيء في الألغاز أو ما يشابهها يقول مر شخص بحديقة فوجد فيها شخصاً مع عشر من النساء فقال له ألم تستحِ علي ذلك فأجابه الرجل سامحك الله يا أخ إن هؤلاء جميعهن محارم لي فقال له كيف فأجاب الرجل ثلاث منهن خالاتي وثلاث منهن أخواتي وثلاث منهن بناتي والعاشرة هي أم الجميع وهي زوجتي وذلك بطريقة شرعية فالرجاء الإجابة على هذا السؤال وبيان ذلك شرعاً وشكراً لكم

- ‌هل يجوز أن يسلم أو يصافح الرجل المرأة الأجنبية علماً بأن الخاطر أو القلب ما فيه قصد

- ‌شيخ محمد هذه رسالة وردتنا من التاجر صالح بن عابد من الرياض بعثها لكم شخصياً وقد اختصرتها اختصاراً شديداً يقول المكرم الشيخ محمد العثيمين حفظه الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد تعلمون يا شيخ أن الغرب والشرق قد استهدفنا بما نراه شراً وبما نعتقد أنه خير ولا ندري وذلك أنهم أخذوا يقذفون في محيطنا كل إنتاجهم من وسائل نقل وترفيه وتدفئة وتبريد وملابس وأكل إلى آخره مما لا أستطيع عده الآن حتى أنني قد وجدت فرشة أسنان تعمل على البطارية يجعلها الإنسان على أسنانه وتتحرك حركة سريعة فتنظف الأسنان من غير جهد ولو قليل ولدي أسئلة منها أولاً ما قصد أصحاب هذه المخترعات

- ‌سؤاله الثاني يقول كيف يكون مصير الأمة الإسلامية لو تبدلت حياتهم المكانية والمعيشية فلو جد عليهم ظروف جديدة مثل الكوارث من سيول عارمة أخرجت الكثير منهم من منازلهم وما فيها من نعيم أو زلزال حرمهم مساكنهم وما فيها من وسائل الراحة وأخرجهم مع أطفالهم ونسائهم في العراء أو أعاصير لا قدرة للخلق بها فبالله عليكم ما السبيل لأنني أقول لكم هذا الكلام حينما عرفت موقعي من هذه الدنيا بما لدي من مال يفوق تصور الكثيرين من الناس وبما أنني قد عرفت أن هذا المال ليس ملكي وإنما هو وديعة عندي لصاحبه الحقيقي وهو الله وأخشى في يوم ما أن يسترجع عاريته ولا يبقى عندي إلا أثرها وهي نعومة ملمسي وحسن نضارتي وجودة ملبسي ورفاهية مركبي دلونا إلى الصواب معشر التجار فإنا في خطر

- ‌سؤاله الثالث يقول ما موقف المسلم من هذه النعم

- ‌هل الصلاة والأعمال الخيرة التي تقوم بها المرأة السافرة أي الغير المحجبة حرام ولا يثيبها الله سبحانه وتعالى عليها

- ‌كيف نجاوب من سألنا عن كروية الأرض في الدين

- ‌الأخ علوان منصور من العراق يقول قال الله سبحانه وتعالى (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ) والمقصود بالأمة هي الأمة المحمدية المسماة الأمة الإسلامية التي تدين بدين الإسلام والمتكونة من العرب روح الإسلام ومادته والأكراد والأتراك والفرس والأفغان وغيرهم فهل جائزٌ شرعاً أن يتحدوا ويصبحوا دولةً واحدة وأن يعملوا لهدف واحد وهو رفع راية الإسلام عالياً وينضموا تحت قيادة واحدة أم لا يمكن وحدتهم إدارياً ولماذا

- ‌هذه رسالة وردتنا من المستمع أخوكم أبو محمد يقول في رسالته هذه ما معنى فصل الدين عن السياسة وهل يجب على العالم الديني الاشتغال بالسياسة أم لا

- ‌من منطقة عسير السائلة ع أتقول فتاة متزوجة حدث وأن أقام والدي حفل زواج وفيه ضرب بالطبول والأشياء المحرمة فاتفقت أنا وزوجي على عدم الحضور للزواج والحمد لله لم نحضر ولكن بعد ذلك قام والدي بتحريض من عمي بحرماني من زوجي مدة طويلة وأخذ والدي وعمي يطلبان من زوجي الطلاق ولكن زوجي رفض الطلب وبعد أن يئسوا من الطلاق طلب والدي من زوجي مبلغا من المال وقدره خمسة عشر ألف ريال فقام زوجي بدفع ذلك المال مقابل أن يأخذني وأسأل يا فضيلة الشيخ ما حكم تصرف أبي وعمي وما حكم المال الذي أخذه والدي

- ‌ما حكم الشرع في قول الرجل متحدثا عن نفسه أنا عملت كذا وكذا

- ‌هذا السائل يقول من خاصم أخاً له فوق ثلاث ليال هل يكون آثما

- ‌أيهما أفضل إذا أراد الشخص أن يشارك في أعمال الخير هل يبني مدرسة تحفيظ قرآن أم يبني مسجداً

- ‌السائل إبراهيم علي يقول في هذا السؤال هل يجوز قراءة القرآن عند نزول المطر أم أنه يستحب الدعاء عند نزول المطر وهل هناك حديثٌ نبوي يدل على أنه يستحب الدعاء وحده بدون قراءة القرآن

- ‌هذا السائل يقول رجلٌ حافظٌ لكتاب الله عز وجل لكنه لا يعرف قيام الليل ويأتي إلى المسجد قرب الإقامة ولا يظهر عليه أثر حفظ القرآن الكريم ولا يختم إلا في الشهرين مرة واحدة هل يأثم في ذلك وهو حافظ

- ‌تقول السائلة في الحديث بأن الرجل تصلى عليه الملائكة إذا قعد يذكر الله في مصلاه ما لم يحدث كما في الحديث فإذا اضطر للقيام لفتح باب أو رده على هاتف أو غيره فهل يمكنه العودة إلى مقعده ومتابعة الذكر فتصلى عليه الملائكة

- ‌تقول هذه السائلة يا فضيلة الشيخ لدينا عادة في قريتنا وهي أن بعض النساء يقمن بزيارة بعضهن البعض ولا تذهب المرأة لجارتها أو قريبتها حتى تأخذ معها بعض المأكولات أو مبلغ من المال ثم تقوم بتقديمها لمن قامت بزيارتها فهل يعتبر هذا دين يجب قضاؤه

- ‌سائل من الجزائر يقول كيف يكون الاعتدال والتوازن في الإسلام

- ‌هذا السائل يقول ما هي الصفات التي يتحلى بها الإنسان المؤمن لكي ينجو في الدنيا والآخرة

- ‌السائل هذا يقول الحافظ للقرآن إذا كان لا يختم القرآن إلا في كل شهرين هل يكفي هذا

- ‌الأخت السائلة تقول فضيلة الشيخ هل هناك فرق بين الكبر والغرور والخيلاء والتفاخر والعجب فإن كان هناك فرق فنرجو توضيح المعنى وكيفية التخلص من كل آفة من هذه الآفات الخلقية جزاكم الله خيراً

- ‌تقول السائلة يا فضيلة الشيخ النفس أمارة بالسوء وقد حاولت أن أمنع نفسي وأن أعودها على القليل ولا أمنحها كل شيء ولكن سمعت بأن النفس تحاسب صاحبها يوم القيامة إذا حرمها من شيء في الدنيا فكيف أحافظ على نفسي

- ‌يا فضيلة الشيخ نومي كثير فهل هناك أسباب تعين على تخفيف النوم بحيث لا أنام إلا ساعات قليلة من أجل العبادة

- ‌السائلة تقول كثيرا ما أنوي أن أقوم الليل وأستعد لذلك وأقرأ الأوراد قبل أن أنام وأحضر منبها لكي أستيقظ لكن إذا جاء منتصف الليل ودق المنبه فإني سرعان ما أقوم بإطفائه بنية الاستيقاظ ولكن مع ذلك لا أستيقظ وهذا يحصل كثيرا لي وأدعو الله دائما أن يجعلني من المجتهدين في العبادة لكنني لم أصل إلى هذه المنزلة هل هذا بسبب ذنوبي أرجو أن توجهوني على الطريق المستقيم مأجورين

- ‌السائل مصري يعمل بالأردن يقول حصل بيني وبين شخص خلاف وشجار وبعد ذلك صالحنا شخص من الإخوة وبعد ذلك لم يحصل بيننا كلام وكان عندما يمر علي وأنا وحدي لا يسلم عليّ ولا يلقي علي السلام فبادلته بالمثل أنا فما حكم هذه المقاطعة مأجورين

- ‌السائل يقول هل هناك بأس في أن يكثر الإنسان إذا نسي شيئ أو ضاع منه شيئا من ذكر الله على وجه غير مخصوص كأن يقول لا إله إلا الله أستغفر الله لا إله إلا الله والله أكبر لا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله ثم يقول بعد ذلك عسى ربي أن يهديني لأقرب من هذا رشدا وذلك اتباعا لما ورد في سورة الكهف في قوله تعالى (وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَداً) أم أن هذا الأمر خاص بالآية السابقة

- ‌هذه السائلة من ليبيا رمزت لاسمها ب س. أتقول فضيلة الشيخ إذا كان في قلبك بغضاء على شخص ما بسبب شجار أو شيء من ذلك ولكن لا تريد أن تتكلم عليه وتتهرب من ذلك ولكن تظل تتكلم عليه في نفسك دون أن تخرج ذلك لأحد فهل يسجل عليك في ذلك إثم

- ‌أم إبراهيم تقول ما هو أجر المتكفل بالأرملة وأولادها وهل تدخل المرأة في أجر المتكفل

- ‌السائلة تقول أمي تعتبرني مقصرة في عدم حفظي للقرآن الكريم ولكنني دائما أقرأ والحمد لله ولكن لا يوجد من يقوم بتشجيعي على الحفظ فهل علي إثم في ذلك مع أنني والحمد لله ملتزمة بالحديث الذي ما معناه (إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحصنت فرجها وأطاعت زوجها قيل لها ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شيءت)

- ‌هذا السائل أبو أحمد أأ أمن الرياض يقول حدثونا عن خصائص البيت الحرام وهل دعا الرسول صلى الله عليه وسلم للمدينة والفقرة الثالثة ما هو أجر من صلى بالمدينة من الثواب

- ‌هذه السائلة تقول إذا سألني شخص عن شيء وأنا لا أرغب في التحدث فهل يجوز أن أقول الله أعلم

- ‌هذا السائل يقول ما مدى صواب هذه العبارة من عاشر قوما أربعين يوما صار منهم

- ‌السائل صالح سالم صالح يقول عندي أرض بناء بين مقبرتين مقبرة قديمة ومقبرة حديثة هل يجوز البناء فيها

- ‌السائلة تقول في هذا السؤال أريد أن أصلى في الليل لكن طول النهار أكون في خدمة البيت حتى الساعة العاشرة مساء مما يجعلني في حالة إرهاق شديد فهل أثاب على نيتي

- ‌أيهما أفضل يقول عشر ذي الحجة أم العشر الأواخر من رمضان

- ‌بارك الله فيكم ما حكم استخدام نوى البلح أو قشر بعض المكسرات في عمل لوحات فنية علما بأن مصير هذه اللوحات في النهاية بأن ترمى وتهان

- ‌هذه السائلة حفصه من المملكة العربية السعودية تقول عندما يموت قريب أو صديق عند جماعة من الناس ولشخص ما مظلمة عند هذا الميت يقول الله لا يبيحك أو الله لا يحللك فهل هذا القول يؤثر على الميت

- ‌السائل من الرياض يقول فضيلة الشيخ نحن نعلم أن دعوة المظلوم مستجابة بإذن الله فأنا رجلٌ متزوج ولي أولاد ولي أخ متزوج من ابنة عمي وقد اتهمني هو وزوجته باتهامٍ لا أعرفه فحاولت مرة ومرتين أن أعرف منه ماذا فعلت فلم يخبرني فأنا أتذكر أنني لم أفعل معه شيء أبداً والمشكلة أنهم يقولون نريد أن نعذبك مثلما عذبتنا وسنتركك تتألم من تأنيب الضمير ولن نسامحك أبداً فزوجته لا تكلم زوجتي وهو لا يكلمني ماذا أفعل جزيتم خيرا

- ‌السائل عبد الله الأمين سوداني مقيم بالرياض يقول فضيلة الشيخ لماذا سميت الكعبة ببيت الله الحرام

- ‌السائلة من أبها تقول توجد لدينا معلمة صالحة وأنا أفكر بأنه لابد أن أبث إليها بهمومي فهل يجوز لي أن أبث لها بهمومي

- ‌يقول السائل نحن مجموعة من الشباب نصلى ونصوم ونعمل ما في وسعنا من العبادات والحمد لله ولكن أثناء الراحة من العمل ينشأ بيننا مزاح كثير فما حكم ذلك مأجورين

- ‌السائلة تقول في هذا السؤال أرجو أن توضحوا لمن يحرص على العبادات في رمضان ويتركها بعد انقضاء رمضان المبارك هل عمله صحيح

- ‌هل الثأر حلال أم حرام

- ‌هذا السائل يقول يا فضيلة الشيخ هل يشترط في حصول الثواب من العمل أن يكون الإنسان عالماً بالثواب الذي وعد الله به فاعل هذا العمل فمثلاً إنسان يذهب إلى المسجد ويحضر صلاة الجماعة لكنه لا يعلم أن بكل خطوةٍ درجة ويكتب له بها حسنة وتحط عنه خطيئة كما في الحديث الصحيح فهل يثاب بالثواب الوارد في الحديث أولا يثاب

- ‌نرى بعض الناس يبتهج بالعيد ابتهاجاً زائداً ويلبس الملابس الفضفاضة والمشلح الفخم ويركب السيارة الفارهة ويسير في الشارع مصعراً خده نافخاً أوداجه بينما نرى بعض الناس لا يرفع بالعيد رأساً ويلتصق بالمسكنة ويلبس الملابس الرثة ويقول ليس العيد لبس الجديد وإنما العيد قبول العمل بينما نجد بين هاتين الطبقتين هوة سحيقة توحي بالتناقض في المجتمع الإسلامي فما هو الحل الأجدر وفقكم الله

- ‌السائل محمد عبد الله يقول أسمع بعض الحكايات من أناس كانوا في حالة سيئة من تركهم للصلوات وغير ذلك ثم يمن الله عليهم بالهداية والعمل الصالح ويكون ختام هذه القصص الوفاة وهذه القصص توجد في الكثير من كتب المتقدمين وحتى المتأخرين مما يجعلني أشك في صحتها أحيانا أرجو الإيضاح في ذلك

- ‌هذا المستمع أبو عبد الله يقول في هذا السؤال عن الابتلاء أنني أعيش ولله الحمد في راحة تامة ولا يوجد عندي ما يكدر صفوي ولكني سمعت كلاما لبعض أهل العلم عن الابتلاء وأن الأصل في المسلم أن يبتلى على قدر إيمانه وذكر أن من الابتلاء ألا يبتلى الإنسان فارجوا من سماحتكم شيئا من التعليق حول الابتلاء

- ‌شخص حافظ لكتاب الله عز وجل وحفظه قوي ولكنه لا يقوم من الليل شيئا ويوتر قبل أن ينام فهل يأثم بذلك

- ‌هذا المستمع فهد من القصيم يقول فضيلة الشيخ نرجو منكم التوجيه لمن يتنكر للمعروف الذي يصدر له من بعض الناس

- ‌ما حكم تكنية الرجل بولده قبل أن يولد له

- ‌بعثت المرسلة أم أحمد هذه الرسالة تشكو فيها عادة تفشت في الأوساط الإسلامية وهي أن العروس يدخل على عروسه في حفلٍ من النساء ويجلس معها لمدة من الزمن والحاضرات من النساء يتسترن ويغطين وجوههن فهل هذا جائز أو لا

- ‌المستمع أبو عبد الله يقول لوالدي صديق قديم ويطلق الوالد كلمة أم المؤمنين على زوجة هذا الصديق لأن اسمها موافق لإحدى أمهات المؤمنين كما أنه يسمي أحد أصدقائه القدامى نوحاً فهل له ذلك

- ‌المستمعة من جدة ف. ن. تقول بعض الناس يقول بأن الريحان فيه كلمة التوحيد لا إله إلا الله محمد رسول الله وبأنه لا يجوز رميه على الأرض فهل هذا صحيح

- ‌سوداني رمز لاسمه بـ ع. أ. يقول هل هناك آيات قرآنية وأحاديث نبوية شريفة توضح بأن الله إذا أحب عباده ابتلاهم أرجو أن توضحوا لي ذلك مأجورين

- ‌تقول واجهت في حياتي عدة مشكلات جعلتني أكره الحياة فكنت كلما تضجرت توجهت إلى الله تعالى بأن يأخذ عمري في أقرب وقت وهذه أمنيتي حتى الآن لأنني لم أر حلاً لمشكلاتي سوى الموت وحده حتى يخلصني من هذا العذاب فهل هذا حرام علي

- ‌عبد الرحيم فوزي من جمهورية مصر العربية ومقيم في العراق يقول في رسالته هل يجوز لي الإقامة مع والدتي مع أنها في عصمة رجل آخر وفي دار غير دار أبي وبعيدة عني مع أن زوجها قد تركها وهي في عصمته وهل يجوز أن أتزوج في دارها مع أن الدار ملك لها وهل أترك دار أبي الذي هو ملك لي مع أن والدي متوفى منذ عدة سنين وهي التي طلبت مني أنا وأخي الصغير أن نقبل طلبها فهل نرفض وما حكم ذلك بارك الله فيكم

- ‌المتحابون في الدنيا هل يلتقون في الآخرة مثل الدنيا

- ‌تجرى على ألسنه كثير من الناس عبارة هذه من تقاليدنا أو من عاداتنا لعل لكم توجيهاً في هذه العبارات

- ‌المستمع رمز لاسمه بـ أ. أ. يقول فضيلة الشيخ هل هناك فرق بين الحسنة والدرجة وبين السيئة والخطيئة

- ‌المستمع عامر عبد الحميد يقول رجل ظلم رجلاً آخر باختلاق أقاويل وإشاعات لا أساس لها من الصحة وذلك لتشويه صورته في العمل بين الزملاء وذلك لأنه ينافسه على منصب في العمل ويريد أن يضعف من قوته بين الزملاء فهل يحق له أن يعامله نفس المعاملة باختلاق أشياء ليس لها أساس من الصحة ويلصقها به أم يفوض أمره إلى الله تعالى لينتقم منه مع العلم بأن عامة الناس تحكم بالمظاهر ولا يهمها معدن الإنسان من الداخل هل هو صالح أم طالح وهل يجوز الدعاء عليه عقب كل صلاة أم لا

- ‌المستمع محمد حمود يقول إذا قيل على رجل بأنه يشرب الخمر أو ما شابه ذلك والقائل عنه لم يعرف أنه يتعاطى هذا الشيء المحرم بل يريد أن تشوه سمعته في المجتمع فقط فما الحكم في هذا

- ‌تراودني نفسي في عمل منكر أو قول سوء ولكنني في أحايين كثيرة لا أظهر القول أو الفعل هل آثم بذلك

- ‌الحقيقة أمامي تذكرة سفر مجانية يقول أرجو أن تعرضوها على فضيلة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين هذه الرسالة مكتوب فيها أولاً البطاقة الشخصية الاسم الإنسان ابن آدم والجنسية من تراب والعنوان كوكب الأرض وأما البيانات محطة المغادرة كوكب الأرض الدنيا وجهة السفر الدار الآخرة وموعد الرحلة وما تدري نفس ماذا تكسب غداً وما تدري نفس بأي أرض تموت وموعد الحضور لكل أجل كتاب ورقم التلفون الصلوات الخمس وشروط الرحلة على حضرات المسافرين الكرام اتباع التعليمات الواردة في كتاب الله وسنة نبيه مثل طاعة الله ومحبته وخشيته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم وطاعة ولي الأمر والتذكر الدائم للموت والانتباه إلى أنه ليس في الآخرة إلا جنة أو نار والعفش المسموح به متران من القماش أبيض والعمل الصالح والولد الصالح يدعو له والعلم الذي ينتفع به وما سوى ذلك لا يسمح باصطحابه في الرحلة ولمزيد من المعلومات يرجى الاتصال الفوري بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ملاحظة الاتصال مباشرة ومجاناً رحلة سعيدة ما رأيكم يا فضيلة الشيخ في هذه التذكرة

- ‌ما حكم زرع الورود من أجل رائحتها ومنظرها في البيت ولجمالها

- ‌مستمعة من بلاد الغربة تقول في رسالتها متزوجة من رجل مسلم تقول أمي تعارضني في فعل الخيرات كصلة الرحم ودفع الصدقات للفقراء فهل تكفيني موافقة زوجي فقط

- ‌المستمع مصطفى حامد مدرس سوداني يقول في رسالته إلى علمائنا الذين أعزهم الله بالتفقه في الدين سلام عليكم ورحمة الله وبركاته وحياكم الله تحية طيبة أرجو شاكراًً ومقدراً أن تفتوني في أسئلتي هذه يقول فيها نحن نعلم بأن الله سبحانه وتعالى قد أعد الحور العين لعباده المؤمنين يوم القيامة في الجنة فإذا كانت هنالك امرأة مؤمنة وأدخلها الله سبحانه وتعالى الجنة برحمته أما زوجها لسوء سعيه في الدنيا لم يدخل الجنة فمن يكون زوجها يومئذٍ أفيدونا مأجورين

- ‌رسالة وصلت من الدمام باعثها المستمع م. ي. م. م. يقول في رسالته الطويلة أنا رجل في الخامسة والثلاثين من العمر وقد تزوجت امرأة تبلغ من العمر الخامسة عشرة وقد تزوجتها وأنا في الثامنة والعشرين علماً بأن هذه المرأة قد سبق لها الزواج من شخص آخر ولم تبق معه سوى ثلاثة أشهر فقط ولم تنجب له أي ولد وقد تزوجتها من بعد طلاقها منه مباشرة وما تزال تعيش معي مدة سبع سنوات وقد أنجبت لي من الأطفال خمسة منهم ثلاث بنات وولدان علماً بأن حياتي معها سعيدة جداً وبعيدة عن المشكلات وعلماً بأن هذه المرأة دينة ولكن المشكلة بأن أقاربي وزملائي قد عابوا عليّ مثل هذا وسخروا بالكلام بقولهم بأنني تزوجت امرأة ثيب ويقولون لي بأن زواجي ما زال في ذمتي فأرجو من فضيلتكم نصحي بما ترونه بارك الله فيكم وهل يصح لي بأن أتزوج عليها امرأة أخرى أي امرأة شابة وأتركها أو أتزوج عليها وتبقى معي أفيدونا بارك الله فيكم

- ‌تقول أم عبد الله من المدينة المنورة إذا رأيت إنساناً في مصيبة أو بلاء أو في حزنٍ فأنا أحزن لحزنه وأتألم لألمه فهل لي أجرٌ في ذلك

- ‌المستمع م. ك. يقول ما حكم الإنسان الذي يجلس مع جماعةٍ ويأتي وقت الصلاة ولا يلاحظ فيهم حرصاً على أداء الصلاة مع الجماعة

- ‌يقول المستمع لي صديق يدفعني إلى الشر وهو صديقي منذ سبعة أعوام فماذا أفعل معه

الفصل: ‌السائلة أف ب من محافظة القريات تقول نرجو من فضيلة الشيخ أن يلقي كلمة موجزة يحث فيها الشباب على الزواج من فتيات بلدهم ولا يخرجون عن ذلك مأجورين

‌أحسن الله إليكم كيف يكون إخلاص العمل لله

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إخلاص العمل هو أن العبادة لا يراد بها إلا وجه الله والدار الآخرة لا يراد بها الدنيا يعني لا يصلى الإنسان لأجل أن يمدح ويقال ما أقومه للصلاة ما أكثر صلاته وما أشبه ذلك بحيث يجعل عمله خالصاً لله عز وجل يريد به الثواب من عنده وبعض الناس ربما يجتهد في العبادة ليقال إن فلاناً كثير الصلاة أو إن فلان كثير العمرة أو إن فلاناً كثير الحج أو إن فلاناً كثير الصدقات وهذا يخل بالإخلاص قال الله عز (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ) وقال تعالى (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) والله لو تأمل الإنسان هذه الآية لاتعظ كثيراً فأنت ما خلقت إلا للعبادة وليس وجودك في هذه الدنيا لتعمر الدنيا ولتبني القصور ولتركب السيارات الفخمة ولترفه جسدك وإنماخلقت للعبادة ومن خلق للعبادة ينبغي أن يجعل عمله كله عبادة ولهذا كان الموفقون الكيسون يجعلون عاداتهم عبادة والغافلون يجعلون عباداتهم عادة فأنت تجد الموفق وأسأل الله أن يجعلني ومن سمع منهم إن أكل يأكل امتثالاً لأمر الله لأن الله أمر به (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا) ويقصد بالأكل حفظ بدنه وهو مأمور بحفظ بدنه وإن أكل يريد الاستعانه به على طاعة الله فيكون طعامه الذي يتلذذ به أكلاً وشرباً يكون عبادة وإن لبس ينوي بذلك ستر عورته وسوأته عن الناس ثم يتذكر بهذا أنه كما يحب أن يستر عورته الحسية عن الناس فليستر عورته المعنوية بالتوبة إلى الله ولهذا لما قال الله عز وجل (يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ) وهذا اللباس الضروري (وَرِيشاً) وهذا لباس الجمال قال (وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ) لباس التقوى ذلك خير فإذا نوى واستحضر بقلبه عند اللباس هذا المعنى صار اللباس عبادة وهكذا العادات يستطيع المؤمن الموفق الكيس أن يجعل عاداته عبادات.

وأما الغافل فعباداته عادات اعتاد إنه إذا أذن في المسجد يصلى واعتاد أنه إذا جاء رمضان صام واعتاد أنه إذا جاء وقت الزكاة تصدق وهو في غفلة ولهذا فالنية لها مدخل عظيم في العبادات ففي الوضوء مثلاً أكثرنا إذا جاء وقت الصلاة أو أراد أن يصلى نافله قام وتوضأ وصلى لكن هل منا من يستحضر أنه إذا كان يصلى يمتثل أمر الله في قوله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) هل يستحضر أنه يطبق قول الله عز وجل (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) عند غسل وجهه فالذي ينبغي لنا أن نستحضر هذا ونخلص لله عز وجل فينوي المسلم في قلبه أغسل وجهي امتثالاً لأمر الله وأغسل يدي امتثالاً لأمر الله وأمسح رأسي امتثالاً لأمر الله وأغسل رجلي امتثالاً لأمر الله ثم يستحضر أيضاً معنىً آخر أنني أفعل هذا اتباعاً لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وكأني أشاهد الرسول عليه الصلاة والسلام يتوضأ على هذه الكيفية حينئذٍ نحقق في هذا الاستحضار الإخلاص لله والمتابعة لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم والحقيقة أن الإنسان إذا عرف قدره وقدر حياته استطاع بمعونة الله عز وجل أن يقلب عاداته عبادات وأن يكمل عباداته باستحضار هذه النيات ويكون حقق قول الله عز وجل (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) أسأل الله تعالى أن يمن علي وعليكم وعلى من سمع بهذه النية الطيبة.

***

ص: 2

‌هذه رسالة من أختكم في الله من حريملاء أج س تقول إذا قام الإنسان ببعض أعمال التطوع كصلاة الضحى أو قيام الليل أو غيرها من العبادات وحاول أن يراه أهل البيت ليس رياء ولكن رجاء التقليد له أو الاقتداء به فيكون قدوة لهم فهل يجوز هذا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الأصل في معاملة الإنسان ربه وتعبده له إن يكون ذلك سراً بينه وبين ربه لأنه إنما يتعبد لله رجاء ثواب الله عز وجل والنجاة من عقابه وهذا لا يحتاج إلى أن يراه أحد من البشر لأن البشر لا يحققون له شيئاً من ذلك إلا حسبما تقضيه الشريعة كالدعاء للإنسان مثلاً هذا هو الأصل في العبادات لكن قد يكون إظهار العبادة أمراً مشروعاً مرغباً فيه لما يترتب عليه من المصالح فانظر إلى الصلاة مثلاً وهي أجل العبادات البدنية يشرع أن تكون جماعة في المساجد معلنة ظاهرة لما في ذلك من الخير الكثير المترتب على إعلانها والاجتماع عليها في المساجد ولهذا إذا عورضت المصلحة هذه بما هو أصلح كان الأفضل عدم صلاتها في المساجد فالنساء مثلاً لا يشرع لهن أن يصلىن جماعة في المساجد وإن كان يباح لهنّ أن يحضرن جماعة الرجال في المساجد أما الرجال فوجوب الجماعة عليهم في المساجد ظاهر وذلك لأن مصلحة إظهار الجماعة في المساجد بالنسبة للرجال عارضها مشروعية القرار في البيوت وعدم البروز بالنسبة للنساء فكان بيوتهن خير لهن ولهذا نقول إن المشروع في حق المرأة ألا تشهد الجماعة مع الرجال إلا في صلاة العيد خاصة فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر النساء أن يخرجن حتى أنه (أمر العواتق وذوات الخدور أن يشهدن الخير ودعوة المسلمين ويعتزل الحيض المصلى) إذاً الأصل في العبادة أن تكون سراً بين الإنسان وبين ربه لأنه سبحانه وتعالى هو الذي يثيبه عليها ويعاقب الإنسان على معصيته لكن إذا كان فيها مصلحة فإنها تراعى هذه المصلحة وبناء على هذه القاعدة يتبين الجواب عن سؤال المرأة التي تسأل عن إخفاء التطوع في بيتها عن أهلها هل هو أفضل أو إظهار التطوع لا رياء ولا سمعة ولكن من أجل أن يقتدي بها أهل البيت؟ فنقول إن إظهار التطوع في هذه الحال بهذه النية أفضل من إخفاءه لأن الناس ينشط بعضهم بعضا فإذا رأت المرأة أن إظهار تطوعها في الصلاة أو قراءة القرآن أو الصدقة أو ما أشبه ذلك ينتج عنه خير باقتداء غيرها بها فإن إظهاره حينئذ يكون خيراً وهكذا الرجل ولهذا امتدح الله عز وجل الذين ينفقون سراً وعلانية ولم يجعل المدح خاصاً بالذين ينفقون سراً وذلك لأن السر قد يكون أولى والإعلان قد يكون أولى بحسب ما يترتب على ذلك من المصالح

وخلاصة الجواب أن المرأة إذا أظهرت التطوع بالصلاة أو القراءة أو الصيام أو الصدقة من أجل أن يقتدي بها أهل البيت فإن ذلك لا بأس به بل هو خير.

***

ص: 2

‌كيف يكون حال الإنسان عندما يريد أن يعمل شيئاً من الطاعات هل يكون في قلبه أنه يريد نيل رضا الله عز وجل أم الفوز بالجنة والنجاة من النار أم إبراء الذمة وهل عليه أن يتذكر الإخلاص عندما يريد فعل أي شيء أفتونا مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أما إرادة الإخلاص فلا بد منها أن يريد بعبادته وجه الله لا سواه وأما هل يريد إبراء الذمة أو النجاة من العذاب أو حصول الثواب أو رضا رب العباد فإنه ينوي كل هذا وهو إذا نوى هذه كلها فلا منافاة بينها يمكن أن ينويها كلها فينوي رضا الله وينوي فضل الله وينوي النجاة من عقاب الله وينوي إبراء الذمة ولقد قال الله تبارك وتعالى في وصف النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه (تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَاناً) فجمعوا بين الأمرين بين نية ابتغاء فضل الله تبارك وتعالى بثوابه والوصول إلى دار كرامته ونية رضوان الله سبحانه وتعالى.

***

ص: 2

‌ما أفضل وسيلة يرشد إليها فضيلتكم لتحصيل الإخلاص والبعد عن كل ما ينقص من ثواب الأعمال

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الوسيلة التي تنجي من هذا هو الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم والاستعانة به على طاعته وألا يلتفت الإنسان إلى هذه الوساوس التي يلقيها الشيطان في قلبه فإن الشيطان يلقيها ليفسد عليه عبادته وإرادته فلينبذها وراء ظهره ولا يلتفت إليها وربما يجد صعوبة في تصحيح النية ولكن إذا استمر وصبر فالعاقبة للمتقين ولقد قال بعض السلف (ماجاهدت نفسي على شيء مجاهدتها على الإخلاص) لكنه نجح فإذا استمر الإنسان في عمله واستعاذ بالله من الشيطان الرجيم واستعان به على طاعة الله وصبر وصابر فإن الله تعالى ينجيه قال الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) .

***

ص: 2

‌من ليبيا السائل محمد صالح يقول كيف السبيل لكي تكون أعمالنا خالصة لوجه تعالى دون كبرياء أو رياء أو مفاخرة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: السبيل إلى ذلك أن يكون الإنسان متعبداً لله يرجو ثواب الله لا يرجو أحداً من الناس أن يمدحه أو يعامله معاملةً طيبة.

ثانياً أن يعلم أن العباد لن ينفعوه إلا بشيء قد كتبه الله له ولن يضروه إلا بشيء قد كتبه الله عليه وحينئذٍ لا يبالي بهم سواءٌ علموا بعبادته أم لم يعلموا وسواءٌ أثنوا عليه أم لم يثنوا عليه ولكن قد يوسوس الشيطان للإنسان إذا أراد أن يفعل عبادة فيقول له إنك تفعلها رياءً فيتركها وهذا من تلاعب الشيطان به فالواجب إذا أحس بهذا أن يقول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ويستمر في عبادته وبانتهاج هذا المسلك يزول عنه ما يجد في النفس من خوف الرياء.

***

ص: 2

‌كيف يتقي المسلم عذاب القبر وعذاب النار

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: يتقي ذلك بالأعمال الصالحة التي تقرب إلى الله تعالى والعمل الصالح هو الذي جمع شرطين أولهما الإخلاص لله عز وجل بألا يقصد الإنسان بعبادته إلا وجه الله والدار الآخرة لا يقصد بذلك رياء ولا سمعة ولا مدحاً عند الناس ولا شيئاً من الدنيا ولا يأتي بشيء مبتدع من عنده في دين فإن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً له موافقاً لشريعته ودليل ذلك هو قوله تعالى في الحديث القدسي (أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه) ولقول النبي صلى الله عليه وسلم (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) ومن أسباب الوقاية من عذاب القبر أن يستنزه من البول ويتطهر منه طهارة كاملة لأنه ثبت في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم مر بقبرين فقال (إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير - أي في أمر شاق بل هو أمر سهل - فقال أما أحدهما فكان لا يستنزه من البول وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة) وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (استنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر منه) ومن أسباب الوقاية من عذاب القبر أن يكثر الإنسان من الاستعاذة بالله من عذاب القبر ولهذا أمرنا النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا تشهدنا في الصلاة أن نستعيذ بالله من أربع نقول (أعوذ بالله من عذاب جهنم وعذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال) .

***

ص: 2

‌مستمع رمز لاسمه بـ ع ح ط يقول ما هي الأمور التي تعين الشخص على أن يحظى بالقبول من الناس

.

فأجاب رحمه الله تعالى: أولا يجب أنه يكون هم الإنسان رضا الله عز وجل وأن يكون مقبولا عند الله ووجيها عند الله فإن هذا المقصد الأسمى بالدرجة الأولى والإنسان إذا كان عند الله بهذه المنزلة كان عند عباد الله بهذه المنزلة فإن (من التمس رضا الله عز وجل بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس وكفاه الله مؤنتهم) وفي الحديث (إن الله إذا أحب عبدا نادى جبريل أني أحب فلانا فأحبه فينادى جبريل في أهل السماء إن الله يحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في الأرض فيحبه أهل الأرض) .

فرضا الناس يكون تابعا لرضا الله عز وجل فإذا رضي الله عنك وجعلك وجيها عنده صرت مرضيا عنك عند الناس ووجيها نسأل الله تعالى أن يجعلنا وإخواننا من المقبولين عنده الوجهاء إنه جواد كريم

***

ص: 2

‌المستمعة هـ. م.هـ تقول ما هي حقيقة الزهد في نظر الإسلام وكيف يكون باستطاعتي أن أعيش حياة الزهد بحيث أكون بعيدة عن التنطع

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: قال أهل العلم إن الزهد هو ترك ما لا ينفع في الآخرة بحيث يترك الإنسان المباحات إذا لم تنفعه في الآخرة ومما يعين على الزهد أن يتأمل الإنسان في هذه الحياة الدنيا وأنها دار ممر وليست دار مقر وأنها لم تبق لأحد من قبلك وما لم يبق لأحد من قبلك لن يبقى لك قال الله تعالى (وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِيْنْ مِتَّ فَهُمْ الْخَالِدُونَ) يعني لن يخلد أحد في هذه الدنيا وكذلك يعلم أن هذه الدنيا دار تنغيص وكدر فما سر بها الإنسان يوماً إلا ساءه الأمر في اليوم الثاني فإذا علم حقيقة الدنيا فإنه بعقله وإيمانه سوف يزهد بها ولا يؤثرها على الآخرة قال الله تعالى (بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (16) وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (17) إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الأُولَى (18) صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى) .

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم المستمعة تقول حدثونا عن العباد والزهاد الذين أعرضوا عن الحياة الدينا وزينتها وأقبلوا على الله وكتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والحياة الحقيقية الدائمة التي فيها السعادة والطمأنينة في الدارين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أولاً يجب أن نعلم أن العباد والزهاد ليس كما يتصوره كثير من الناس بأنهم الذين أعرضوا عن الدنيا كلها وانزووا في زاوية بعيدين عن الناس لا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر لكن العباد هم الذين قاموا بعبادة الله على حسب ما تقتضيه الشريعة والزهاد هم الذين تركوا ما لا ينفعهم في الآخرة فما ينفعهم في الآخرة يفعلونه ولو كان في أمور الدنيا ولهذا لما اجتمع نفر من الصحابة فقال بعضهم أنا لا أتزوج النساء وقال الآخر أنا لا أكل اللحم وقال آخر أنا أقوم ولا أنام وقال رابع أنا أصوم ولا أفطر وبخهم النبي عليه الصلاة والسلام وقال عليه الصلاة والسلام (أما أنا فأقوم وأنام وأصوم وأفطر وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني) فالزهد حقيقته أن يدع الإنسان ما لا ينفعه في الآخرة لا أن يدع أمور الدنيا كلها والعبادة أن يتعبد الإنسان لله تعالى بما يوافق الشريعة التي جاء بها رسول الله صلى الله عليه وسلم. هؤلاء هم العباد وأما أولئك الذين ينزوون في أماكن ولا يعرفون الناس ولا يعرفهم الناس ولا ينالون شيئاً مما أباح الله لهم من الطيبات فإن هؤلاء إلى الذم أقرب منهم إلى المدح لأن الله تعالى يقول (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنْ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ) فالحاصل أن العباد والزهاد هم أولاً العباد الذين يقومون بعبادة الله على ما تقتضيه الشريعة الظاهرة والزهاد هم الذين يزهدون فيما لا ينفعهم في الآخرة لا في أمور الدنيا كلها وقد يكون من أمور الدنيا ما ينفع الإنسان في الآخرة كالمال مثلاً المال قد يكون ينفع الإنسان في الآخرة ونعم المال الصالح عند الرجل الصالح وما أكثر الذين نفعوا المسلمين بأموالهم واسوا الفقراء وأصلحوا الطرق وأعانوا في الجهاد وطبعوا الكتب النافعة وحصل في أموالهم خير كثير وهم يشتغلون بالمال.

***

ص: 2

‌كيف تكون محاسبة النفس للمسلم وما صفة المحاسبة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: محاسبة الإنسان نفسه هو أن يتأمل ماذا فعل وماذا ترك وماذا قال وماذا سكت عنه حتى يحاسب نفسه فيقول مثلاً لم تقولي الحق في موضع كذا وكذا ولم تفعلي المعروف في موطن كذا وكذا ويقول فعلت المنكر في موضع كذا قلت الزور في موضع كذا وكذا وهكذا يحاسب نفسه عما فعلت وعما تركت من أجل أن يقيم المعوج ويزيل ما فيه الشر هذا هو معنى المحاسبة.

***

ص: 2

‌هذا المستمع م. م من الرياض يقول فضيلة الشيخ ما هي الأسباب المعينة على المحافظة على الدين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: من الأسباب المعينة على قوة الإيمان كثرة الطاعات وأهمها الواجبات ثم النوافل لقول الله تعالى في الحديث القدسي (ما تقرب إلى عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه ولا يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه) وكلما ازداد الإنسان طاعة لله ازداد إيمانا وتقوى قال الله تبارك وتعالى (وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى) وقال تعالى (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ) فالحرص على كثرة القرآن والذكر والصلاة والصدقات وغيرها من القربات كل هذا يزيد الإنسان إيمانا وقوة وحبا للخير

وأما المعاصي فهي أسباب الشر والفساد كما قال تعالى (وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا) قال العلماء لا تفسدوها بالمعاصي والمعصية وكلما فعل الإنسان معصية نقص إيمانه وبعد من ربه عز وجل قال الله تبارك وتعالى (فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ) ومن أسباب زيادة الإيمان أن يطالع الإنسان في سيرة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأصحابه الكرام فإن فيها تربية للقلب والعقل والفكر وفيها زيادة الإيمان ومحبة للرسول عليه الصلاة والسلام وأصحابه وتربي الإنسان تربية تامة على غرار ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم.

***

ص: 2

‌ما هي التقوى وحدثونا عن مراتبها

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: التقوى أن يتخذ الإنسان الوقاية من عذاب الله وذلك بأن يقوم بأوامر الله عز وجل عن علمٍ وبصيرة وأن يترك ما نهى الله عنه عن علمٍ وبصيرة وأما مراتبها فإنها تختلف باختلاف ما فعل الإنسان من المأمورات وما ترك من المنهيات فكلما كان الإنسان أقوم في فعل الطاعة كان أتقى لله عز وجل وكلما كان أبعد عن محارم الله كان أتقى لله عز وجل ولهذا كان أتقى الخلق محمداً صلى الله عليه وسلم كما قال عليه الصلاة والسلام (إني لأخشاكم لله وأتقاكم له) لأنه صلى الله عليه سلم أقوم الناس بأمر الله وأبعدهم عن محارم الله.

***

ص: 2

‌ما هي الدوافع للتمسك بدين الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الدوافع هي الهداية من الله عز وجل فإن من يهده الله فلا مضل له وكذلك التأمل والنظر فيما يترتب على طاعة الله عز وجل من ثواب عاجل وآجل والنظر والتأمل فيما يترتب على مخالفة أمر الله ورسوله من عقاب عاجل أو آجل فكل هذا يحفز المرء إلى فعل المأمور وترك المحظور مع الاستعانة بالله عز وجل والبعد عن رفاق السوء فإن النبي صلى الله عليه وسلم حذر من مرافقة أهل السوء حيث مثل جليس السوء بنافخ الكير وقال إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه رائحة كريهة وكم من إنسان هم أن يستقيم ولكنه بقي مع الرفقة غير المستقيمة فعجز فإذا ابتعد عنهم كان ذلك من أسباب الهداية.

***

ص: 2

‌هذا السائل من السودان أبو أسامة يقول ما هي أسباب قسوة القلب والعلاج في ذلك

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أسباب قسوة القلب الإعراض عن الله عز وجل والبعد عن تلاوة القرآن واشتغال الإنسان بالدنيا وأن تكون الدنيا أكبر همه ولا يهتم بأمور دينه لأن طاعة الله تعالى توجب لين القلب ورقته ورجوعه إلى الله تبارك وتعالى ودواء ذلك بالإقبال على الله والإنابة إليه وكثرة ذكره وكثرة قراءة القرآن وكثرة الطاعات بحسب المستطاع نسأل الله لنا ولإخواننا أن يلين قلوبنا لذكره وأن يعمرها بطاعته إن الله على كل شيء قدير.

***

ص: 2

‌سائلة رمزت لاسمها ب ع س ل تقول مشكلتي يا فضيلة الشيخ هي أن قلبي قاسي حتى أنه من شدة القسوة إذا توفي شخص من أقاربي لا أبكي ولا تدمع عيناي إلا بعد المحاولات فهل هذه القسوة تمنع قبول صلاتي وصيامي وغير ذلك من الأعمال وهل هذا من نقص إيماني وهل إذا تصدقت على الفقراء تزيل هذه القسوة من قلبي

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم بعض الناس عندهم قسوة القلب وليس قلبه لينا فتجده لا يخشع وإن أصيب بأعظم المصائب نسأل الله العافية قلبه متحجر كالحجارة أو أشد قسوة ومن أسباب لين القلب قراءة القرآن الكريم فإنه يلين القلب إذا قرأه الإنسان بتدبر وتمعن بدليل قول الله تعالى (لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ) هذا وهو جبل حصى ويقول بن عبد القوي رحمه الله في داليته المشهورة

وحافظ على درس القرآن فإنه يلين قلبا قاسيا مثل جلمد

ومما يلين القلب قراءة السيرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والتسليم فإن قراءة السيرة لها تأثير عجيب على القلب لأنه يتذكر الإنسان وكأنه مع الصحابة فيلين قلبه ومن أسباب لين القلب رحمة الأطفال والتلطف معهم فإن ذلك يلين القلب وله تأثير عجيب ولهذا قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء) ومن أسباب لين القلب سماع المواعظ والقصائد التي تحي القلب ولذلك تجد الرجل إذا سمع قصيدة مؤثرة يخشع قلبه وتدمع عينه ومن أسباب لين القلب حضور القلب في الصلاة فإن ذلك من أسباب الخشوع ولين القلب نسأل الله تعالى أن يلين قلوبنا لذكره وأن يعيذنا من قسوة القلب.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم هذه المستمعة وفاء من تعز اليمن تقول ماذا يفعل المؤمن إذا كان قلبه لا يخشع عند ذكر الله أو في الصلاة

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا كان القلب لا يخشع عند ذكر الله أو في الصلاة فهذا دليلٌ على أن القلب فيه مرض فعلى الإنسان أن يعالج هذا المرض بكثرة الإنابة إلى الله عز وجل ودعائه سبحانه وتعالى وصدق النية في طلب الوصول إلى مرضاته والاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم إذا أراد الشيطان أن يحول بينه وبين عبادته وإذا رغب إلى الله عز وجل في أن يلين قلبه لذكره وما نزل من الحق ودعا الله عز وجل بصدق وإخلاص فإن الله سبحانه وتعالى قريبٌ مجيب يجيب دعوته ويحصل مطلوبه ومن أكبر الأسباب لاستقامة القلب وسلامته كثرة قراءة القرآن فإنه يلين القلوب ويزيدها ثباتاً خصوصاً إذا قرأه الإنسان بتدبر وقرأه وهو يشعر أنه يقرأ كلام الله عز وجل وقرأه وهو يصدق بأخباره وقرأه وهو يلتزم بفعل أوامره وترك نواهيه فإنه يرجى أن يحصل على خيرٍ كثير.

***

ص: 2

‌هذه المستمعة أختكم في الله هـ. م. غ. من حائل السعودية تقول أحب يا فضيلة الشيخ أن أستقيم على طريق الله والتقرب منه سبحانه وتعالى وأرجو من فضيلتكم إرشادي إلى بعض الطاعات المستحبة والتي تقربني من الله عز وجل وتزرع في قلبي محبته وتقواه

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: العبادات المستحبة كثيرة منها النوافل في الصلوات كالرواتب الاثنتي عشرة ركعة وهي ركعتان قبل الفجر وأربع ركعات قبل الظهر بسلامين وركعتان بعدها وركعتان بعد المغرب وركعتان بعد صلاة العشاء ومنها التهجد في الليل بصلاة الليل وهي مثنى مثنى كما قال النبي عليه الصلاة والسلام حين سأله رجل فقال ما تقول في صلاة الليل قال (مثنى مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح صلى واحدة فأوترت له ما صلى) ومنها صلاة الضحى يصلى الإنسان ركعتين في الضحى ويزيد ما شاء الله هذه أيضاً من النوافل ومن النوافل أيضاً النوافل في الصدقة كالإحسان إلى اليتيم والقريب وما أشبه ذلك وأما الصوم صوم النفل فهو كثير كصوم يومي الاثنين والخميس وستة أيام من شوال وعشر ذي الحجة واليوم التاسع والعاشر من شهر محرم وغير ذلك والحج أيضاً كذلك فيه نوافل كالطواف بالبيت في غير طواف النسك وكتكرار العمرة والحج بقدر المستطاع هذا كله من النوافل وقد ثبت في صحيح البخاري أن الله سبحانه وتعالى قال (وما يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه) .

***

ص: 2

‌يقول هذا السائل ما العلاج المناسب لانشراح الصدر حيث أنني أعيش في ضيق شديد وجهوني مأجورين

.

فأجاب رحمه الله تعالى: العلاج المناسب كثرة ذكر الله عز وجل قال الله تعالى (أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)(الرعد: من الآية28) ومن العلاج ألا يهتم الإنسان بأمور الدنيا وألا يكون له هم إلا الآخرة ومن العلاج أن يكون الإنسان باذلاً لمعروفه سواء ببذل المال أو ببذل المنافع وبذل البدن يساعد إخوانه أو ببذل الجاه فإن هذا يوجب انشراح الصدر وليكثر أيضاً من هذا الدعاء ربي اشرح لي صدري ويسر لي أمري.

***

ص: 2

‌السائلة غادة الغامدي تقول ما حكم الحب في الله وكيف يكون

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الحب في الله من أوثق عرى الإيمان فهو من الأمور المطلوبة التي يثاب عليها العبد حتى أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل المتحابين في الله تعالى ممن يظلهم الله تعالى في ظله يوم لا ظل إلا ظله فقال صلى الله عليه وسلم (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله إمام عادل وشاب نشأ في طاعة الله ورجل قلبه معلق بالمساجد ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه) فالحب في الله من أوثق عرى الإيمان وسببه أن الرجل يرى شخصا متعبدا لله تعالى قائما بطاعة الله مصلحا ما استطاع لعباد الله فيحبه على ذلك لأن أسباب المحبة كثيرة فمن أسباب المحبة القرابة والصداقة والغنى والفقر وربما يكون أيضا من أسباب المحبة المشاركة في العصيان والفسوق فيما يجري بين أهل الفسق والعصيان والمحبة في الله هي أعلاه وأفضله وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال (من أحب قوما فهو منهم) .

***

ص: 2

‌السؤال: المستمعة أم نزار تقول أحيانا أقرأ القران وأجد أن صوتي حسن وترتيلي جيد هل يعتبر هذا من العجب الذي يبطل العمل

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: ليس هذا من العجب الذي يبطل العمل بل إن هذا من نعم الله التي يفرح بها الإنسان أن الله تعالى يعطيه صوتا جميلا وأداء حسنا لأن بعض الناس قد يحرم هذا أو هذا أو الجميع وبعض الناس يكون صوته رديئا وأداؤه كذلك ومن الناس من يكون على جانب قوي من الأداء وحسن الصوت وهذا لا شك أنه من نعمة الله على العبد فليشكر الله سبحانه وتعالى على هذا ولا يكون هذا من باب العجب إذا رأى نفسه أنه على هذا المستوى الطيب.

***

ص: 2

‌كيف يضمن المسلم لنفسه النجاة من الخلود في النار

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا يمكن لأحد أن يضمن لنفسه ذلك لأن القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن يصرفها كيف يشاء لكن المؤمن يرجو الرحمة والنجاة من النار بما قام به من عبادة الله وحده لا شريك له وامتثال أمر الله واجتناب نهي الله كما قال الله تبارك وتعالي (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134) وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَاّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135) أُوْلَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ) فالإنسان إذا قام بما أوجب الله عليه وترك ما حرم الله عليه مخلصا لله في ذلك متبعا لرسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فإنه يرجو أن ينجيه الله بذلك من النار ويدخله الجنة وينبغي له في هذه الحال أن يحسن الظن بالله وألا يكون آيساً من رحمة الله عز وجل لكن مع ذلك كل إنسان يخاف ألا يكون قبل عمله لأن الإنسان بشر قد يكون في قلبه من الإعجاب بعمله ما يهدم عمله وقد يكون في قلبه شيء من الرياء وقد يكون في عمله شيء من البدعة فالضمان غير حاصل على سبيل التعيين لكن على سبيل العموم نقول قال الله تعالى (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) .

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم السائل من الإمارات أسامة خالد يقول فضيلة الشيخ ما هو الورع وما هو الزهد وكيف يكون المسلم ورعاً زاهداً كالسلف الصالح

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الزهد وصفٌ أعلى من الورع والفرق بينهما أن الورع ترك ما يضر في الآخرة والزهد ترك ما لا ينفع في الآخرة فالزاهد لا يفعل إلا ما هو نافعٌ له في آخرته والورع يفعل ما هو نافع وما ليس بنافع لكن لا يفعل ما هو ضار وذلك أن الأمور لها أحوالٌ ثلاثة إما أن تكون نافعة أو تكون ضارة أو لا نافعة ولا ضارة يتفق الزاهد والورع في تجنب الضار كلٌ منهما لا يفعل الضار ويختلفان فيما ليس فيه نفعٌ ولا ضرر فالزاهد يتجنبه والورع يأتي به الزاهد يتجنبه لأنه يريد أن يكون كل شيء يقوم به في هذه الدنيا له فيه خير فهو مغتنمٌ لوقته حريصٌ على ألا يفوت من الوقت ولو شيئاً يسيراً إلا وقد عمره بطاعة الله التي تنفعه يوم القيامة والورع لا دون ذلك يفعل المباحات ويذهب وقته بدون فائدة لكنه لا يفعل المحرم يجتنب المحرم ويقوم بالواجب وبناءً على ذلك يكون الزهد أعلى مرتبةً من الورع على أنه ربما يطلق أحدهما على الآخر ربما يقال فلان زاهد يعني ورعاً أو ورع يعني زاهداً لكن عندما نقول ورع وزهد فهذا هو الفرق بينهما.

***

ص: 2

‌نصائح وتوجيهات

ص: 2

‌السائل يقول لدي أخ لا يصلى وقد أمرته ونصحته بالصلاة وبينت له أن من ترك الصلاة يكون كافراً ولكن لم يقبل نصيحتي وهو معنا يأكل ويشرب ويسكن فما الحكم في هذه الحالة هل نكون مداهنين له أم لا أفيدونا وجهونا مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أوجهكم إلى النصيحة لمرة أخرى فإن هداه الله عز وجل وصلى فهذا هو المطلوب وهو من نعمة الله عليه وعليكم وإن تكن الأخرى وأبى أن يصلى فهو كافر مرتد يجب هجره والبعد عنه وإبعاده عن البيت إذا كان البيت ليس ملكا له فإن كان ملكه وجب الخروج عنه لأن تارك الصلاة كافر مرتد يجب هجره والبعد عنه وإبعاده فإن قال قائل نخشى إذا أبعدناه أن يزداد شره قلنا لا شر أعظم من الكفر فهو والعياذ بالله كافر وماذا يرجى منه إذا بقي على كفره في البيت أما إذا كان الإنسان يرجو رجاء حقيقيا بعلامات وقرائن تدل على أنه يميل إلى التوبة فهنا نقول ما دام فيه أمل ولو قليلا أن يهديه الله فإنه يبقى في البيت ويكرر له النصح.

***

ص: 2

‌من مصر السائلة ج م هـ تقول أعيش مع عائلة تتكون من ثلاثين شخصا ما بين رجال ونساء وأطفال جميعهم لا يصلون إلا الجمعة فبماذا تنصحونهم مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أنصحهم بأن يتقوا الله عز وجل وأن يعلموا أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة افترضها الله تعالى على رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ليلة المعراج وهو فوق السماوات فقبل صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأبلغ أمته بذلك وأحذرهم من التهاون بشيء منها لأن الله تعالى قال في كتابه (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً (59) إِلَاّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً) وأنصحهم إذا أدوا الصلاة أن يؤدوها بطمأنينة وألا ينقروها نقر الغراب (فإن رجلا دخل المسجد فصلى ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال له ارجع فصل فإنك لم تصل لأن الرجل كان لا يطمئن فعاد الرجل فصلى كما صلى ثم رجع فسلم على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال له ارجع فصل فإنك لم تصل حتى قال الرجل والذي بعثك بالحق لا أحسن غير هذا فعلمني فعلمه وقال له إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ثم استقبل القبلة فكبر ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن ثم اركع حتى تطمئن راكعا ثم ارفع حتى تطمئن قائما ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ثم ارفع حتى تطمئن قاعدا أو جالسا ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ثم افعل ذلك في صلاتك كلها) وأقول لهم إن الإسلام لا يتجزأ فهم إذا كانوا يصلون الجمعة ولا يصلون غيرها هل هم لا يقرون بوجوب غيرها إن كان الأمر كذلك فهم كفرة لأن جحد فريضة الصلوات الخمس كفر بالله عز وجل وإن قالوا غيرها واجب لكنهم يتهاونون بها فإنهم على خطر عظيم كما تفيده النصوص من كتاب الله ومن سنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

***

ص: 2

‌يقول هذا السائل في سؤاله الثاني والأخير لي مجموعة من الأصدقاء يتهاونون في أداء الصلاة وأيضاً يتحدثون فيما حرم الله من الكلام فهل يجوز لي أن أقاطعهم علماً بأنني عندما ألتقي بهم أقوم بتذكيرهم بالله عز وجل وأسعى لنصحهم فبماذا تنصحونني يا فضيلة الشيخ مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: ننصحك بأنه إذا كان يفيد بقاؤك في صحبتهم وتجد منهم إقبالاً على النصيحة وامتثالاً لما توجههم إليهم فلا حرج أن تبقى معهم لأن في ذلك انتفاعاً لك ولهم أما لهم فظاهر وأما لك فلأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال لعلي بن أبي طالب (لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خيرٌ لك من حمر النعم) وأما إذا كنت لا تجد فيهم إقبالاً ولا قبولاً للنصيحة فإياك وإياهم فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حذر من جليس السوء وأخبر أنه كنافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه رائحة كريهة أو خبيثة ثم إنه يروى عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال (المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل) .

***

ص: 2

‌المستمعة من العراق محافظة بابل أ. ف. ي. د. تقول في رسالتها الثانية يزورنا في البيت من الأقارب من لا يصلون ولا يؤدون الواجبات ويشركون بالله والعياذ بالله ومنهم من يقول لي إنا ندعو الأولياء والصالحين وعجزت عن نصحهم فهل يجوز مجالستهم وهم عندما أتحدث عن الدين يضحكون مني ويسخرون ويستهزؤون ويقولون لي هذه عابدة أتركوها وعندما يقولون هذا أتضايق كثيراً وأقول يسامحهم الله وعندما أقول لوالدتي يا أماه لا تشركي بالله لا تعرني أي اهتمام وإذا استمعت إلى برنامجكم نور على الدرب تقول أمي بأنك لن تدخلي الجنة على عملك هذا وإذا استمريت على سماع هذا البرنامج أو غيره من البرامج الدينية فسوف تصابين بالجنون وأقول لها أنني لست مجنونة ولكن الله هداني ماذا أفعل لكي أرضي الله سبحانه وتعالى ثم أرضي أمي والناس

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نصيحتنا أولاً نوجهها إلى هؤلاء الجماعة الذين وصفتهم بأنهم لا يصلون وبأنهم يشركون بالله ويسخرون من الدين ومن يتمسك به فإن نصيحتي لهؤلاء أن يتقوا الله عز وجل في أنفسهم وأن يعلموا أن دين الله حق وهو الذي بعث به محمد صلى الله عليه وسلم وأن أركانه شهادة أن لا إله ألا الله وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج بيت الله الحرام فعليهم أن يتوبوا إلى الله عز وجل من هذا الكفر والشرك البالغ غايته وعليك أيضاً أن تحرصي على مناصحتهم ما أمكن ولا تيئسي من صلاحهم فإن الله سبحانه وتعالى مقلب القلوب فربما مع كثرة البيان والنصح والإرشاد يهديهم الله عز وجل وإذا تعذر إصلاحهم فإن الواجب هجرهم والبعد عنهم وعدم الجلوس إليهم لأنهم حينئذ مرتدين عن دين الإسلام والعياذ بالله وأما قول بعضهم لك إنك إذا استمعت إلى برنامج نور على الدرب أو غيره من الكلمات النافعة تصابين بالجنون فإن هذا خطأ منهم خطأ عظيم وهو كقول المكذبين للرسل إنهم أي الرسل مجانين وكهان وشعراء وما أشبه ذلك من الكلمات المشوهة التي يقصد بها التنفير عن الحق وأهل الحق فاستمري أنت على هداية الله عز وجل وعلى الاستماع لكل ما ينفع وعلى القيام بطاعة الله سبحانه وتعالى واعلمي أن العاقبة للمتقين.

***

ص: 2

‌الرسالة التي نوهنا عن مرسلها رفعت علي محمد السيد من جمهورية مصر العربية يقول فيها نريد منكم وصية للوصول إلي الطريق الأصلح والأصوب في مجتمعنا الذي مُلِيء بالانحرافات حيث يوجد معنا في بلدنا مصر النصارى والصلىبين وتوجد المتبرجات وغير ذلك مما عَدَّده ولا نريد الإطالة به

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الإرشاد في ذلك هو أن يعيش الإنسان بين هؤلاء عيشة الحذر الخائف ويحرص بقدر ما يستطيع على أن يفعل هو ما شرعه الله ورسوله له من العبادات يحرص على السيرة الجميلة في مجتمعه ويدعو إلى سبيل الله تعالى بالحكمة الموعظة الحسنة ما استطاع فإذا رأى شُحاً مطاعاً وهوى متبعاً ودنيا مؤثرة وإعجاب كل ذي رأي برأيه فليحرص على نجاة نفسه وليدع عنه أمر العامة وهذا أعني تقوى الله عز وجل هو ما وصى به الله تعالى جميع الخلق (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنْ اتَّقُوا اللَّهَ) والمؤمن العاقل يعرف كيف يسير وكيف يتخلص مع هؤلاء القوم الذين أشار إلى سلوكهم السائل.

***

ص: 2

‌هذه الرسالة وصلتنا من مواطن مصري يقول أنا سائق مصري محتار في تصرف زوجة كفيلي حيث أنها تأخذ حاجات من المنزل وتأمرني أنا السائق أن أنزل بها إلى السوق ثم تدخل بعض الدكاكين ثم تدخل إلى المكاتب الداخلية وتتصل بالتلفونات ساعة ونصف أو أكثر أو تستخدم تلفون الشارع ويقول إنها تهدده بالطرد وبإلصاق التهم به فهل يخبر زوجها بذلك لأنه لا يرضى هذا التصرف منها وهو رجلٌ مسلم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: حقيقة الأمر أن هذا التصرف الذي أشرت إليه إذا كان حقاً فإنه تصرفٌ سيء ولا يرضاه أحدٌ من المسلمين ونحن نشكرك على هذه الغيرة على صاحبك الذي أنت عنده بل وعلى هذه الغيرة على زوجته أيضاً لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول (انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً قالوا يا رسول الله هذا الظالم فكيف نصر المظلوم فقال أن تمنعه من الظلم فذلك نصرك إياه) فأنت ناصحُ لكفيلك ولزوجته أيضاً وعليك في هذه الحال إذا لم يفد معها النصح أن تخبر زوجها بذلك لتخرج من المسئولية وأنت إذا أخبرته بذلك فلن يضيرك شيئاً إن شاء الله لأن الله تكفل بأن من اتقى الله تعالى جعل له مخرجاً ورزقه من حيث لا يحتسب.

***

ص: 2

‌ما حكم من يأمر أبناءه بالصلاة من سن التمييز حتى يبلغوا سن الخامسة عشرة وبعد ذلك لا يستجيب هؤلاء الأبناء لآبائهم فبماذا توجهون الآباء نحو هذه المسئولية في المحافظة على الصلاة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إني أظن أن من اتقى الله عز وجل واتبع هدي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وإرشاده في أمر أولاده من ذكور وإناث بالصلاة لسبع وضربهم عليها لعشر وسأل الله لهم الهداية لا أظن أن الله عز وجل يخيبه في أولاده وأنهم سيستقيمون لكن المشكل أن بعض الناس يهمل هذه الأمانة ولا يبالي بها صلى أولاده أم لم يصلوا صلحوا أم فسدوا استقاموا أم جاروا ثم إذا كبروا عوقب بعقوقهم إياه لأنه لم يتق الله فيهم فلم يتقوا الله فيه فلا أظن أن أحدا اتقى الله في أولاده وسلك سبيل الشريعة في توجيههم إلا أن الله سبحانه وتعالى يهدي أولاده.

***

ص: 2

‌السائلة من الجزائر بعثت بهذا السؤال تذكر بأنها عصبية وكثيرة القلق ولا تستطيع الصبر على أتفه الأمور بل تقول ربما لا أملك مثقال ذرة من الصبر وكثيرة الشكوى من المرض مع علمي بأن هذا ليس في مصلحتي وأعلم بأن الشكوى تكون لله عز وجل فما نصيحتكم لي يا فضيلة الشيخ

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نصيحتي لها ولأمثالها أن يكثروا من ذكر الله عز وجل فإن بذكر الله تطمئن القلوب وأن يبعدوا عن الأوهام والتخيلات وألا ييئسوا من روح الله ولا يقنطوا من رحمة الله وأن يحاولوا أن تكون صدورهم دائما منشرحة وأن يتناسوا ما يحصل لهم من نكبات فإن مثل هذه الأمور كلها سبب في زوال القلق ومن أهم ذلك أيضا أن يعلم أن ما أصابه فإنه بقضاء الله وقدره وأن لله تعالى أن يفعل في خلقه ما شاء لأنه عز وجل لا يفعل شيئا إلا لحكمة عظيمة.

***

ص: 2

‌عبد الله محمد من القصيم يقول بعض الناس يتصدون للفتوى وليس عندهم علم شرعي يؤهلهم لذلك فما نصيحتكم لمثل هؤلاء

.

فأجاب رحمه الله تعالى: نصيحتي لهؤلاء أن يقرؤا قول الله تعالى (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) وقول الله تعالى (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً) وقوله تعالى (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) فكل إنسان يفتي بغير علم فإنه ظالم لنفسه وظالم لإخوانه ولا يوفق للصواب لأن الله قال (إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) فعلى هؤلاء أن يتقوا الله في أنفسهم وأن يتقوا الله في إخوانهم وأن لا يتعجلو فإن كان الله أراد بهم خيرا ألهمهم رشدهم ورزقهم العلم وصاروا أئمة يقتدى بهم في الفتوى فلينتظروا وليصبروا أما بالنسبة للمستفتين فإننا نحذرهم من الاستفتاء لأمثال هؤلاء ونقول العلماء الموثوق بعلمهم وأماناتهم والحمد لله موجودون إما في البلاد نفسها وإما في بلد آخر يمكنهم الاتصال عليهم بالهاتف ويحصل المقصود إن شاء الله.

***

ص: 2

‌ما هي الأسباب المعينة على أداء الصلوات في أوقاتها

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أكبر الأسباب وأعظمها هو الإيمان بالله عز وجل والخوف من عقابه فمتى كان الإنسان مؤمنا بالله فإنه لا يمكن أن يضيع الصلاة ويؤخرها عن وقتها وإذا كان عند الإنسان تقوى من الله وخوف منه فإنه لا يمكن أن يؤخر الصلاة عن أوقاتها فأهم شيء العقيدة والإيمان وتقوى الله عز وجل وإذا كان إهمال الصلاة لأسباب معينة فإن مما يعين على إقامتها أن يدع هذه الأسباب مثل أن يكون سبب تركه لصلاة الفجر طول سهره فإنه يجب عليه أن يدع طول السهر حتى يتمكن من صلاة الفجر في وقتها مع الجماعة وإذا كان أسباب التهاون في الصلاة البيع والشراء وجب عليه الكف عن البيع والشراء إذا حان وقت الصلاة فيصلىها مع الجماعة وهلم جرا.

***

ص: 2

‌المستمعة تقول الكثير من الناس يشكون من الملل من كثرة الفراغ فبماذا تنصحون هؤلاء مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا شك أن الملل قاتل للنفس وإفساد للبدن وجلب للهموم والغموم، ومن أكبر أسبابه ما يتسابق الناس عليه اليوم من جلب الخادمات في البيوت حتى أصبحت الربات في بيوتهم ليس لها شغل في البيت فتجد المرأة دائماً في هم تجلس في إحدى زوايا البيت ليس لها إلا الهم أو أن تخرج إلى الأسواق أو إلى الجيران فتتعبهم ولو سلم الناس من هؤلاء الخدم وصارت المرأة هي التي تخدم في بيتها كما هو شأن نساء الصحابة في عهد الصحابة وكما هو شأن الناس إلى يومنا هذا لكان هذا خيراً وأولى وفيه حفاظ المرء على ماله وحفاظه أيضاً على عرضه وحفاظ أهله من الخواء الفكري والبدني وبهذه المناسبة أنصح إخواني المسلمين عن جلب الخدم إلا للضرورة القصوى التي لا يمكن دفعها إلا بذلك، أما إذا كان الحامل على هذا زيادة الترف والتنعم فإن هذا يجر بلاءً كثيراً وتحصل به المفاسد إلا أن يشاء الله ولا سيما إذا جاؤا بامرأة كافرة فإن ذلك أقبح لأن المرأة الكافرة ربما يكون هناك أطفالاً يغترون بها وربما يكون هناك أطفالاً بلغوا سن التمييز فيتساءلون لماذا هذه لا تصلى ولا تتوضأ ولا تصوم، ويحصل في نفوسهم تهوين الدين والعمل به ولا سيما إذا لم يكن معها محرم فإن الخطر يكون أعظم وأكبر والمهم أن هذه المشكلة في الواقع لا يمكن حلها إلا أن يتقلص الطلب على هؤلاء الخدم ويرجع الناس إلى حالهم الأولى إلا عند الضرورة القصوى التي لا بد من وجود الخادم فيها.

***

ص: 2

‌السائلة تقول في سؤالها الثاني بعض الأحيان يحس الفرد بقلة في إيمانه وبأنه بدأ بالابتعاد عن الطاعات بماذا يوجه مثل هذا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا شك أن الإنسان لا يمكن أن يكون على وتيرة واحدة في إيمانه وحضور قلبه بل الإنسان ساعة وساعة ولهذا أمرنا بالطاعات في أوقات مختلفة من صلاة الفجر ومن صلاة الظهر ومن صلاة العصر ومن صلاة المغرب ومن صلاة العشاء ثم التهجد كل هذا من أجل إحياء ذكر الله عز وجل في قلوبنا لأن الإنسان لا بد أن تصيبه فترة يكسل فيها عن طاعة الله عز وجل ولهذ قال النبي صلى الله عليه وسلم (ساعة وساعة) يعني ساعة للعبادة وساعة للأنس بالأهل والاجتماع إليهم والتحدث إليهم وما أشبه ذلك ولكن على الإنسان أن يلاحظ قلبه دائما وأن يحرص على تطهيره من الشك والشرك والغل والحقد على المسلمين وغير ذلك مما يضر القلب.

***

ص: 2

‌السائلة تذكر بأنها متزوجة من إنسان طيب جداً ويقدرني ولي منه ثلاثة أولاد ولكنه لا يصلى في المسجد ولكنه يواظب على الصلاة في البيت سواء كان مشغولاً أم لا وأُلِحُّ عليه أن يصلى في المسجد مع الجماعة فيوافق أحياناً ويرفض أكثر الأوقات ولكنه يواظب على الصلاة في البيت فماذا يجب علي أن أفعل تجاهه

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: ليس على هذه المرأة السائلة أكثر مما صنعت مع زوجها وهو النصيحة لكن ينبغي لها أن تكرر النصيحة له على وجه لا يحصل به ملل لأن مِنْ حقه عليها أن تناصحه.

***

ص: 2

‌المستمع محمد الحسن من جمهورية مصر العربية كفر أبو حماد الشرقية ومقيم بالطائف يقول يوجد عندنا عادة غير محمودة وهي يا فضيلة الشيخ إذا حدث خصامٌ بين الرجل وأخيه المسلم لا يكلمه لفترةٍ طويلة وإذا قابله في طريقٍ يرجع من طريقٍ آخر ولا يلقي عليه السلام وإذا ذهب إلى المسجد للصلاة فوجد الرجل الذي يخاصمه يصلى إماماً لا ينوي الصلاة خلفه بل يترك المسجد ويخرج فما نصيحتكم لمثل هؤلاء

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نصيحتنا لهؤلاء الذين تصل بهم الحال إثر الخصومات إلى ما ذكره السائل من الهجر والقطيعة والبغضاء والكراهية نصيحتنا لهم أن يتقوا الله عز وجل وأن يعلموا أن هذا من نزغات الشيطان (إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ) وكذلك في غيرهما فعلى العبد أن يتقي الله عز وجل وأن لا يهجر أخاه المؤمن لعداوةٍ شخصية لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (لا يحل لأحدٍ أن يهجر أخاه المؤمن يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام) نعم للإنسان أن يهجر أخاه ثلاثة أيامٍ فأقل من أجل إعطاء النفس شيئاً من الحرية في معاملة هذا الذي أساء إليه أما ما زاد على ثلاث فإنه لا يحل هجره إلا لسببٍ شرعي مثل أن يكون هذا الرجل معلناً بالمعاصي والفسوق فيهجر لعله يتوب إلى الله ويرجع إذا رأى أن المسلمين قد هجروه

والواجب على العبد أن يصبر على طاعة الله وأن يصبر عن محارم الله وأن يضغط على نفسه في إقامة شرع الله عز وجل حتى لو قالت له نفسه لا تصل خلف هذا ولا تلق السلام عليه ولا تكلمه وإذا وجدته في طريق فانصرف إلى طريقٍ آخر وما أشبه ذلك فليعص نفسه وليقم بما أوجب الله عليه وإذا علم الله منه حسن النية وقصد الحق فإن الله تعالى يعينه على ذلك ويخفف عليه الأمر.

***

ص: 2

‌السائلة أف ب من محافظة القريات تقول نرجو من فضيلة الشيخ أن يلقي كلمة موجزة يحث فيها الشباب على الزواج من فتيات بلدهم ولا يخرجون عن ذلك مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إنني أحث الشباب على الزواج لأن النبي صلى الله عليه وسلم حثهم على ذلك فقال صلى الله عليه وسلم (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء) وأحثهم على ما حثهم عليه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يتزوجوا ذات الدين والخلق لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (قال تنكح المرأة لأربع لمالها وحسبها وجمالها ودينها فاظفر بذات الدين تربت يداك) وقال عليه الصلاة السلام (تزوجوا الودود الولود) لأن الودود أي كثيرة التودد يحصل منها من المعاشرة الطيبة ما لا يحصل من غيرها والودود أيضا تحمل زوجها على مواقعتها فيكثر الأولاد وأحث أبناءنا على أن يتزوجوا من بنات أبناء جنسنا من البلد لأنهم أقرب إلى الانضباط وإلى معرفة مقصود الزوج وإلى معرفة العادات وإلى قلة المؤونة لست أريد بقلة المؤونة قلة المهر لأن الغالب أن نساء البلد أكثر مهراً من نساء البلاد الأخرى لكن ما يترتب على النكاح فيما بعد من نساء البلاد الأخرى يكون كثيرا ومثقلا تجدها تحتاج إلى السفر في السنة مرة على الأقل وتحتاج إلى مؤونة السفر وتحتاج إلى أن يسافر بها الإنسان بنفسه أو يستجلب لها محرما من بلدها وتحتاج إلى هدايا لأهلها وأقاربها فمؤنتها كثيرة ثم إنه إذا قدر الله تعالى انفصال بينها وبين زوجها حصل من المشاكل إذا كان بينهما أولاد ما لا يستطيع الإنسان التخلص منه ثم إن عاداتها وما كانت عليه في بلادها في الغالب تخالف ما كانت عليه العادات هنا فيحصل بذلك تعسف وتأسف لأنها إما أن تغلب الزوج في عاداتها وإما أن يغلبها في عاداتها وحينئذ يكون التعسف في الغالب أو التأسف مع المجاملة ومن تأمل ما حصل ويحصل عرف الواقع ثم إن لدينا في بلادنا نساءً كثيرات بقينا بلا تزوج فهل نجلب بنات الناس من الخارج وندع بناتنا للهم والغم والفتنة هذا غير لائق قد يقول الشاب المهور في نسائنا كثيرة فنقول نعم لكن ليس الحل أن نجلب بنات البلاد الأخرى إلى بلادنا الحل أن نحاول بقدر المستطاع القضاء على هذه الظاهرة وهي كثرة المهور وذلك باجتماع الشرفاء والوجهاء في البلاد على تحديد شيء معين للمصلحة ونقول هذا المهر المقرر للشابة البكر وهذا المهر مقرر للكبيرة الثيب ثم إذا تزوج الرجل فليعط امرأته ما شاء ولا أحد يمنعه أو تعطيه هي ما شاءت من مهرها إذا كانت رشيدة ولا أحد يمنعها وإذا لم يجد اجتماع الكبراء والشرفاء فلا مانع عندي من أن يتدخل ولاة الأمور في هذا ويحلوا المشكلة بأي حل يريدونه وهو لا يخرج عن نطاق الشرع لأن الواقع أن هذه مشكلة يحصل بها الشر والفساد فلذلك أدعو إخواننا المسلمين إلى الجدية في إيجاد حل لهذه المشكلة على المستوى القبلي أو البلدي أو المستوى الحكومي حتى تنحل هذه المشكلة ويتزوج شبابنا من شاباتنا ونكون أسرة واحدة.

***

ص: 2

‌هذه رسالة وردتنا من الأخ حمد البسام من الرياض يقول أنا دائماً أسرح وأفكر دائماً حتى في الصلاة وقراءة القرآن أحياناً وفي بعض المرات تمضي نصف خطبة الجمعة وأنا أفكر ولا أدري ماذا قال الإمام في الخطبة وأنا لا أدري ماذا أفعل هل علي إثم أم لا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نقول إن الواجب على من حضر الجمعة أن يستمع إلى خطبة الإمام ولا يجوز له أن يتشاغل عن استماعها بكلام ولا غيره وهذه الوسواس والهواجيس والتفكيرات التي تحدث لك في هذه الحال هي من الشيطان ليصدك عن ذكر الله فإن الله تعالى يقول (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ) والواجب عليك أن تحاول بقدر ما تستطيع التخلص من هذا الأمر حتى تُقبل على عبادتك وأنت مستريح غير مشوش وتستمع إلى الخطبة وتنتفع بها ولا تكن كالذين قال الله تعالى (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفاً) بل استمع وانتبه وتأمل وتفكر في معاني ما يقوله الخطيب حتى تنتفع من هذه الخطبة الأسبوعية التي أوجبها الله تعالى وأوجب السعي إليها.

***

ص: 2

‌هذه السائلة غادة الغامدي تذكر بأنها طالبة في المرحلة الثانوية وقد أعجبت بمدرسة تتصف بالالتزام والخلق ولكن المشكلة أن بعض الصديقات يسيئون إلى هذا المدرسة بقول أوفعل لأن هذه المعلمة تنصحهم وترشدهم وتمنعهم من اللبس المخالف للسنة في المدرسة فيقومون بالإساءة لها والضحك عليها ماذا أفعل فقد قمت ونصحت الطالبات ولكن لا فائدة فأرجو توجيه كلمة يا فضيلة الشيخ محمد للطالبات وللمعلمة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أما الطالبات فنصيحتي لهن أن يتقين الله تعالى وأن يحترمن حقوق المسلم وأن لا يسخرن بمن يلتزم بدين الله ويأمر بالالتزام بل إن من يلتزم بدين الله ويأمر بالالتزام جدير بأن يكرم ويحترم لأنه قام بطاعة الله وأما بالنسبة للمعلمة فعليها الصبر والاحتساب وأن تعلم أن كل من تمسك بدين الله فسيجد له أعداء قال الله تبارك وتعالى (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِنْ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً) والمتبعون للأنبياء لابد أن يكون لهم عدو من المجرمين فعليها أن تصبر وتحتسب وإذا وصل الأمر إلى حد لا يطاق فإن لها الحق أن ترفع الأمر إلى إدارة المدرسة وإدارة المدرسة يجب عليها أن تؤدب مثل هؤلاء الطالبات لظهور عدوانهن.

***

ص: 2

‌زوجتي تحلف أيماناً كاذبة وتسب أم الزوج وإخوانه ما نصيحتكم لهذه الزوجة

.

فأجاب رحمه الله تعالى: نصيحتي لهذه الزوجة أن تكون حسنة الآداب مع أم زوجها لأن ذلك مما يزيد زوجها رضاً عنها ومما يزيد الزوج إحساناً في عشرتها وهي مأجورة على ذلك وإذا ساءت العشرة بين الزوجة وأم الزوج أو أبي الزوج أو أقارب الزوج فالغالب أنها تسوء العشرة بين المرأة وزوجها أيضاً فتكون حياتهما نكداً وربما يحدث بين الزوجين أولاد فيسوؤهم أن يروا أمهم وأباهم على هذه الحال فنصيحتي للزوجة أن تصبر وتحتسب وتحسن إلى أم زوجها وأبيه ومن يعز عليه من الأقارب كما أني أنصح أيضاً بعض الأزواج الذين يريدون من زوجاتهم أن يكن خدماً لأمهاتهم فإن هذا غلط محض فالزوجة ليست خادمة لأم الزوج ولا لأبي الزوج وخدمتها لأم الزوج وأبي الزوج معروف منها وإحسان ليس مفروضاَ عليها أما خدمتها لزوجها فهذا يرجع إلى العرف فما جرى العرف بأنها تخدم زوجها فيه وجب عليها خدمته فيه وما لم يجرِ به العرف لم يجب عليها ولا يجوز للزوج أن يلزم زوجته بخدمة أمه أو أبيه أو أن يغضب عليها إذا لم تقم بذلك وعليه أن يتقي الله ولا يستعمل قوته فإن الله تعالى فوقه وهو العلي الكبير عز وجل قال الله تعالى (فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً) .

***

ص: 2

‌المستمعة فائزة محمد من ليبيا تقول البعض من الناس يعملون أشياء تخالف الشرع ويقومون بالنفاق أو الهمز أو اللمز وعندما أقول لهم بأن هذا حرام وأن الله سبحانه وتعالى سيحاسب على ذلك يقولون يوم الجحيم ربنا رحيم فماذا تقولون أنتم لمثل لهؤلاء

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نقول لمثل هؤلاء الذين يعملون السيئات ويتكلون على مغفرة الله ورحمته إنهم على خطر عظيم فإن الله تعالى يقول في كتابه (نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49) وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمُ) ويقول جل وعلا (اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)(وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)(مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَاّ الْبَلاغُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ) فهذا الاتكال الذي يحصل من بعض الناس المفرطين المهملين لاشك أنه من إيهام الشيطان ووحي الشيطان وما يدري هذا الرجل أتكون هذه المعاصي التي هي في نفسه سهلة بريداً لمعاصي أكبر منها ثم للكفر بالله عز وجل ولهذا قال أنس بن مالك رضي الله عنه (إنكم تعملون أعمالا هي في أعينكم أدق من الشعر وإنها يعني عند الصحابة لمن الموبقات) وقال أهل العلم الإصرار على الصغيرة كبيرة والكبائر لا تغفر إلا بتوبة مع أن الهمز واللمز إذا كان بالنسبة للمؤمنين فقد توعد الله عليه بالويل فقال (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ) فالواجب على المؤمن أن يتقي الله عز وجل وليعلم أن الله شديد العقاب وأنه غفور رحيم ففي جانب المعاصي يجب أن ينظر من زاوية العقاب حتى يرتدع عن المعصية وفي جانب الأوامر إذا قام بها وحصل شيء من التقصير ينظر من زاوية المغفرة والرحمة وبهذا السير على هذا النحو يتحقق أن يكون سيره على الوجه المطلوب أي بين الخوف والرجاء فإن الإنسان إذا سار إلى الله عز وجل مغلباً جانب الرجاء فقد يغلب عليه الأمن من مكر الله وإذا سار إلى الله مغلبا جانب الخوف فقد يغلب عليه القنوط من رحمة الله وإذا سار إلى الله بين الخوف والرجاء فقد سار بجناحين متساويين فيخاف عند الهم بالمعصية ويرجو عند فعل الطاعة قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله ينبغي أن يكون خوفه ورجاؤه واحدا فإن أيهما غلب هلك صاحبه وقال بعض أهل العلم الأولى أن يغلب جانب الرجاء لقوله تعالى في الحديث القدسي (أنا عند ظن عبدي بي) وقال آخرون ينبغي أن يغلب جانب الخوف حتى يعصمه ذلك من فعل الذنوب وقال بعض العلماء يغلب في حال المرض جانب الرجاء حتى يلقى الله عز وجل وهو يحسن الظن به وفي حال الصحة يغلب جانب الخوف حتى يحمله ذلك على ترك المحرمات وفعل الواجبات وقال آخرون يغلب عند فعل الطاعة جانب الرجاء وأن الله تعالى يقبلها منه كما يسر له فعلها وعند الهم بالمعصية يغلب جانب الخوف حتى يردعه خوفه عن فعل هذه المعصية وهذا الأخير هو أقرب الأقوال أن يكون الإنسان عند فعل الطاعة مغلبا لجانب الرجاء وأن الذي يسرها له سيمن عليها بقبولها وعند الهم بالمعصية يغلب جانب الخوف ليمنعه ذلك عن فعل هذه المعصية والإنسان في الحقيقة له أحوال أحيانا يجد نفسه منشرحا مقبلا على الله مغلبا جانب الرجاء وأحيانا بالعكس يكون خاملا ساكنا فيغلب جانب الخوف والإنسان كما يقول بعض الناس طبيب نفسه المهم أن لا يصل إلى درجة يقنط من رحمة الله ولا إلى درجة يأمن فيها مكر الله.

***

ص: 2

‌المستمع م. ج من الرياض يقول هناك أشخاص يعملون أشياء محرمة في الإسلام فماذا يترتب علي نحوهم هل أقوم بنصحهم وأكتفي بذلك أم ماذا علي مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الواجب عليك أن تقوم بنصحهم وإرشادهم وتخويفهم من الله عز وجل وإذا كنت تخشى أن لا يثقوا بقولك فاستعن على ذلك بأقوال أهل العلم الذين يثق بهم هؤلاء وأعطهم شيئاً من كتبهم إن كان لهم كتب أو أجوبتهم أو أشرطتهم حتى يقتنعوا بهذا فإن لم تتمكن من ذلك أو تمكنت وفعلت ولكن لم يستفيدوا شيئا فحينئذ يجب عليك أن ترفع أمرهم إلى من له السلطة عليهم بحيث يلزمهم بما يجب عليهم في حق الله سبحانه وتعالى وليعلم أن من أهم حقوق الجيران بعضهم على بعض الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإذا كان الرسول عليه الصلاة والسلام يقول (إذا طبخت مرقة فأكثر ماءها وتعاهد جيرانك) وإذا كان قد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه) فالواجب علينا أن نحرص على هداية جارنا لأن هدايته غذاء للروح وخير له في دينه ودنياه ولا يقول أحد أخشى إن نصحته أن يزعل علي أو يهجرني فإن هذا من تخويف الشيطان بل انصحه ومره بالمعروف وانهه عن المنكر لأن هذا هو الواجب عليك والواجب عليه قبول الحق من أي نفر كان فإن لم يقبل برئت ذمة الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر وصار الإثم على من خالف.

***

ص: 2

‌المستمع رمز لاسمه بـ ك ع يقول فضيلة الشيخ لي ولد متزوج وله طفل ويسكن معي في الدار إلا أنه يعاقر الخمر والعياذ بالله يوميا ويسبب المشاكل للعائلة إضافة إلى تلفظه بكلمات نابية وبالكفر والعياذ بالله وبالرغم من نصحي له بترك الخمر والسير مع العائلة السيرة الحسنة التي يرضاها الله عز وجل إلا أنه لم ينتصح فهل يحق لي أن أطرده من البيت لأنه ولد عاق وكيف أتصرف معه بحيث لا يغضب الله علي أو أتحمل الإثم لأنني رجل حاج إلى بيت الله الحرام وأخاف العقاب فأرجو نصحنا وتوجيهنا بذلك مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إنني أقدم النصيحة أولاً لهذا الابن الذي ابتلي بهذه البلية وهي معاقرة شرب الخمر وأقول له إن شرب الخمر من كبائر الذنوب وإن الخمر مفتاح كل شر وهي محرمة بالكتاب والسنة وإجماع المسلمين قال الله تعالي (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ) وثبت عن النبي صلى الله علية وسلم أنه (لعن شارب الخمر) وثبت عنه أنه قال (كل مسكر خمر وكل مسكر حرام) وجاء عنه صلى الله عليه وسلم (أن من شرب الخمر في الدنيا لم يشربها في الآخرة) والنصوص في ذلك كثيرة ومعلومة لكثير من الناس فالواجب على هذا الابن المبتلى بهذه البلية أن يتوب إلى الله عز وجل وأن يقلع عنها وأن يبتعد عن شاربيها وأن لا تكون له على بال حتى يمن الله عليه بالهداية والله عز وجل إذا علم من عبده صدق النية في التوبة الخالصة فإن الله سبحانه وتعالى يتوب عليه وييسر له التوبة ويسهلها عليه.

أما النصيحة الثانية فهي لك أنت أيها الأخ السائل ولأهل بيتك أن تشكروا الله سبحانه وتعالى على نعمته حيث عافاكم مما ابتلى به هذا الشخص وأن تحاولوا نصحه مهما أمكن فإن تيسر وهداه الله فهذا لكم وله وإن لم يفعل فلا حرج عليكم في إخراجه من البيت بل قد يكون من الواجب أن تخرجوه من البيت لئلا يسري خبثه إلى من في البيت ولئلا يحصل منه ما لا تحمد عقباه من العدوان على أمه أو على أخواته أو عليك أنت أيها السائل أو غير ذلك المهم أنه إذا لم ينته عما كان عليه من هذه الخبائث فإن الواجب عليكم أن تخرجوه من البيت ولعلكم بإخراجه تكونوا سببا لهدايته إذا رأى الأمر أنه قد ضاق عليه وأنه أصبح طريدا مبعدا عن أهله فربما يرجع إلى الله عز وجل ويتوب إلى الله ولا أرى أن تبقوه في البيت إطلاقاً.

***

ص: 2

‌هذه السائلة من ليبيا أرسلت في الحقيقة برسالة مطولة تقول إنها فتاة تبلغ من العمر الثالثة والعشرون ملتزمة وتحمد الله على ذلك ولكن المشكلة في أن أباها يتعاطى الخمر والمسكرات فترة طويلة وذلك سرا ولكن بحكم عملي في البيت تعرفت على ذلك فما الواجب علي علما بأنني لا أستطيع المواجهة والنصح في مثل هذه الأمور

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الواجب على هذه المرأة أن تزجي النصيحة لأبيها بأي وسيلة لأن من بر الوالد أن يسجي ولده له النصيحة ألم تر أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام حين قال لأبيه (يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً) وناصحه وكذلك نحن يجب علينا أن ننصح أمهاتنا وآبائنا بأي وسيلة فإذا كانت هذه السائلة لا تستطيع مواجهة أبيها فإن الواجب عليها أن تكتب له كتابا بدون توقيع تذكره بالله عز وجل وتبين له النصوص الدالة على تحريم الخمر والوعيد الشديد على شاربها فلعل الله سبحانه وتعالى أن ينقذه من ذلك ولا ينبغي لها أن تيأس من صلاح والدها فكم من إنسان كان فاسداً فأصلحه الله تعالى بأدنى سبب والله سبحانه وتعالى مقلب القلوب يقلبها كيف يشاء نسأل الله لأبيها الهداية ونسأل الله لها الإعانة.

***

ص: 2

‌هذه مستمعة للبرنامج تقول في هذا السؤال بأنها فتاة ملتزمة وتحمد الله على ذلك منذ ما يقارب من سنة ولكن قلبي في تغير مستمر وتقلب فأحيانا أشعر بقوة في إيماني وإقبال على الصلاة بخشوع وحب للخير وأحيانا تقل هذه القوة وأشعر بقسوة في قلبي فلا أبقى على حال واحدة لدرجة أني بدأت أشعر بالخوف على ديني وأخشى أن أعود كما كنت وأشعر بأن إيماني بدأ يقل تدرجيا وجهوني يا فضيلة الشيخ بما يقوي إيماني وادعو لي بالهداية والثبات على الحق

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نسأل الله لنا ولها الهداية والثبات على الحق والإنسان بشر يتغير بحسب ما يرد على قلبه وما ينظر إليه بعينه ويسمع به بأذنه ولكن على المؤمن أن يسأل الله تعالى الثبات دائما وأن يفعل الأسباب التي يثبت بها إيمانه من كثرة مراقبة الله عز وجل وذكره بالقلب واللسان والجوارح وقراءة القرآن بتدبر وتفكر فإن قراءة القرآن على هذا الوجه تلين القلب وتزيده إيمانا وكذلك يكثر من مخالطة أهل الخير والصلاح الذين يعينونه إذا ضعف ويذكروه إذا نسى والمهم أن يسأل الله تعالى الثبات دائما مثل أن يقول (اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك اللهم يا مصرف القلوب صرف قلبي إلى طاعتك) وما أشبه ذلك من الأدعية وسيجد الخير إن شاء الله تعالى ولكن لا يتقاعس ولا ييئس من رحمة الله ولا ينظر إلى ما وراءه مما كان عليه من معصية الله عز وجل بل ينظر إلى ما أمامه من الطاعة والخير والثواب الجزيل لمن أطاع الله.

***

ص: 2

‌هذا المستمع عيسى عبد اللطيف من بقيق يقول في سؤاله الكثير من الزوجات هداهن الله لا يردن من أزواجهن أن يتزوجوا عليهن فأريد بذلك نصيحة لهن من قبل الإذاعة في برنامج نور على الدرب جزاكم الله خيراً

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم النصيحة في ذلك أن نقول:

أولاً للأزواج لا ينبغي أن تتزوج بأكثر من واحدة إلا إذا كان الإنسان عنده قدرة في المال وقدرة في البدن وقدرة في العدل فإن لم يكن عنده قدرة في المال فإنه ربما يكون الزواج الثاني سبب لتكاثر الديون عليه وشغل الناس إياه بالمطالبة وإذا لم يكن عنده قدرة في البدن فإنه ربما لا يقوم بحق الزوجة الثانية أو الزوجتين جميعاً وإذا لم يكن عنده القدرة على العدل فقد قال الله تعالى (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَاّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً) فإذا كان عند الإنسان قدرة في المال والبدن والعدل فالأفضل في حقه التعدد بأن يتزوج أكثر من واحدة لما في ذلك من المصالح الكثيرة التي تترتب على هذا كتحصين فرج المرأة الثانية وتكثير النسل الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يحبه وإزالة ما في نفس الإنسان من الرغبة في التزوج بأخرى أما بالنسبة للمرأة السابقة فنصيحتي لها ألا تحول بين الإنسان وبين ما شرع الله له بل ينبغي لها إذا رأت من زوجها الرغبة في هذا وأنه قادر بماله وبدنه ومستطيع للعدل أن تكون مشجعة له على ذلك لما في هذا من المصالح التي أشرنا إليها وأن تعلم أن النبي عليه الصلاة والسلام كان معه عدة زوجات وأن تعلم أنه ربما يكون في ذلك خير لها فالمرأة الثانية قد تعينها على شؤونها وتقضي بعض الحقوق التي لزوجها مما تكون الأولى مقصرة فيه في بعض الأحيان والمهم إن نصيحتي للنساء ألا يغرن الغيرة العظيمة إذا تزوج الزوج عليهنّ بل يصبرن ويحتسبن الأجر من الله ولو تكلفن وهذه الكلفة أو التعب يكون في أول الزواج ثم بعد ذلك تكون المسألة طبيعية.

***

ص: 2

‌المستمع يقول إنه يعمل مع رجل يصر على ارتكاب بعض المخالفات ولا يعبأ بالنصيحة وقد أحضرت له بعض الكتب الشرعية عله يستنير بها ولكن دون جدوى فهل أترك العمل معه رغم ندرة العمل عندنا أم أن نصحي وإرشادي له قد يجعله يتراجع عن معاصيه نرجو النصيحة والإرشاد

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: النصيحة في هذا الشأن يمكن أن نوجهها إليك وإليه أما بالنسبة لك فالواجب عليك أن تتابع النصيحة ما دمت ترجو أن يكون لها أثر في إصلاح هذا الرجل ولا تمل ولا تسأم ولا تيأس فإن الباب قد لا ينفتح في أول محاولة وينفتح في المحاولة الثانية أو الثالثة أو الرابعة أو أكثر واسأل الله له الهداية فإن دعاءك لأخيك في ظهر الغيب حريٌ بالإجابة لأن الملك يقول آمين ولك بمثله واهده بالتي هي أحسن فإن أبى وأصر على ما هو عليه من المعصية فإن كان يفعل المعصية بحضورك لأن طبيعة العمل تقتضي أن تكون حاضراً وهو يعمل المعصية فلا يجوز لك أن تبقى في هذا العمل لأن الجلوس مع أهل المعاصي معصية ومشاركةٌ لهم في الإثم كما قال الله تعالى (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ) أي إن قعدتم معهم فأنتم إذاً مثلهم أما إذا كانت المعاصي التي يعملها خارج العمل التي أنت مشاركٌ له فيه فإنه لا يضيرك أن تبقى في عملك لأنك لم تشاهد المعاصي التي يفعلها ولم ترضَ بها هذا بالنسبة للنصيحة لك أما نصيحتى له فإنني أقول عليه أن يتقي الله في نفسه وأن يتوب إلى الله عز وجل لأن الله عز وجل أوجب التوبة على عباده من جميع الذنوب قال الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ) وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتوبة إلى الله فقال النبي عليه الصلاة والسلام (توبوا إلى الله فإني أتوب إلى الله تعالى في اليوم مائة مرة) فالواجب عليه أن يقلع من الذنب ويندم عليه ويعزم على أن لا يعود إليه في المستقبل حتى تكون توبته نصوحة لئلا يفجأه الموت وهو مقيمٌ على معصيته فلا تنفعه التوبة حينئذٍ لقول الله تعالى (وَلَيْسَتْ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمْ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ) فالإنسان لا يدري متى يفجأه الموت فنصيحتي له ولكل مذنب مشفقٍ على نفسه أن يتوب إلى الله ويقلع عن ذنبه قبل أن لا يكون له مناص منه.

***

ص: 2

‌في رمضان يكثر القراء لكتاب الله عز وجل وهذا طيب وأجره كبير وعظيم ولكن بعد رمضان قد يهجر القرآن حتى يأتي رمضان الآخر ويبقى على الرفوف فماذا تنصحوننا وتنصحون المسلمين في هذا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: ننصح إخواننا المسلمين ولا سيما حفظة القرآن أن يتعاهدوا القرآن بالتلاوة لينالوا الأجر ويكونوا على ارتباط بكلام الله عز وجل وأن لا يدعوا وقتاً من أوقاتهم إلا ولهم فيه خير من قولٍ أو عمل وأحث إخواني حفاظ القرآن على تعاهده لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بذلك فقال (تعاهدوا القرآن والذي نفسي بيده لهو أشد تفلتاً من الإبل في عقلها) فينبغي لحفظة القرآن أن لا يهملوه لأن إهماله والإعراض عنه حتى ينسى قد يكون فيه إثمٌ كبير وهنا مسألة أحب أن أنبه عليها وهي أن بعض الشباب يتهيب من حفظ القرآن ويقول أنا لا أحفظه أخشى أن أنساه فأكون على إثم وهذا لا شك من وساوس الشيطان وتثبيطه عن الخير فأنت يا أخي ما دمت في زمن الشباب فاحفظ القرآن وتعاهدوه واستعن بالله عليه واحرص على ثباته في قلبك وإذا نسيت آيةً مع الاجتهاد فلا إثم عليك إطلاقاً فقد ثبت (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلّى ذات ليلة وقرأ ونسي آيةً من القرآن فذكره بها أبي بن كعبٍ بعد الصلاة فقال هلا كنت ذكرتنيها)(ومر برجلٍ يقرأ القرآن فقال يرحم الله فلاناً فقد ذكرني آيةً كنت نسيتها) فالحاصل أن الإنسان إذا اجتهد وحفظ القرآن وتعاهده ثم نسي منه ما نسي فلا إثم عليه بلاشك فعليك أيها الشاب أن تتعوذ بالله من الشيطان الرجيم وأن تستعين بالله عز وجل على حفظ كتابه سبحانه وتعالى وأن تبدأ بحفظ القرآن وأن تحفظ أوقاتك من إضاعتها بلا فائدة وفي بلادنا ولله الحمد حلقات كثيرة من حلق تعليم القرآن حفظاً ونظراً فنسأل الله تعالى أن يعم بها جميع بلاد الإسلام وأن يحفظ بها عباده المؤمنين.

***

ص: 2

‌المستمعة أ. س. أم جويرية من دولة الكويت تقول بأنها فتاة منقبة تحمد الله على ذلك ولكن والدتي ترفض الخروج معي لزيارة الأهل والأقارب لأنها تعتقد بأنني مصدر إحراج لها وهي غير راضية عن تصرفاتي بلبس النقاب وعدم مصافحة الرجال وأمور الالتزام الأخرى فكيف أتصرف معها وبماذا ترشدونني مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الجواب على هذا من وجهين الوجه الأول بالنسبة لأمك فإنني أنصحها بأن تدع هذا الأمر وهو مضايقتك من أجل التزامك وأقول لها إن الواجب عليها أن تحرص على معونتك على البر والتقوى وأن تحمد الله عز وجل أن جعل من ذريتها ذريةً صالحة وكل إنسان بلا شك يفرح إذا كان أولاده صالحين من بنين أو بنات والولد الصالح ذكرٌ أو أنثى هو الذي ينتفع به والده بعد مماته لقول النبي عليه الصلاة والسلام (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة صدقة جارية أو علمٌ ينتفع به أو ولدٌ صالح يدعو له) ولا يحل لها أبداً أن تضايقك على فعل المعروف وترك المنكر.

أما الوجه الثاني فهو بالنسبة لك فأنت التزمي حدود الله ولا يهمك أحد لا أمك أو غيرها فأنت إذا فعلتي ما يرضي الله فلا يهمك أن يسخط عليك جميع الناس حتى أمك ومن سخط عليك بسبب طاعة الله فليسخط ولا تهتمي به أبداً وأما كونها تأبى أن تخرج معك وترى إن ذلك إحراجٌ لها فهذا من قلة بصيرتها فإنه ليس في النقاب ولا في الامتناع من مصافحة غير المحارم إحراجٌ أبداً بل هو من نعمة الله وينبغي للإنسان أن يفرح به وأن يحمد الله الذي أعانه على فعله لأن ذلك من طاعة الله عز وجل.

***

ص: 2

‌المستمع ع. ع. ص. من صنعاء باليمن يقول بأنه شابٌ مسلم ويحمد الله على هذه النعمة وعمري لا يتجاوز السابعة والعشرين أصبت منذ أحد عشر عاماً بمرض وذهبت إلى عدة مستشفيات في اليمن على أمل الشفاء ولكن دون جدوى وفوضت أمري إلى البارئ عز وجل فهو القادر على شفائي وتفريج كربتي وليس للمؤمن إلا ما كتب الله له ثم يقول والدي يلح علي بالزواج ولكنني أرفض خوفاً من تطور المرض خاصةً وله هذه المدة الطويلة فهل في رفضي هذا معصية لوالدي نرجو التوجيه مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إن كلام هذا السائل كلامٌ طيب في كونه أثنى على ربه لهدايته إلى الإسلام وفوض أمره إلى الله لما أصابه من المرض وهكذا ينبغي للمؤمن إذا من الله عليه بالهداية والاستقامة أن يحمد الله على ذلك ويسأله الثبات عليها حتى يلقى ربه عز وجل وهكذا ينبغي للمؤمن إذا أصيب بمصيبة أن يفوض أمره إلى الله ولكن لا يدع الأسباب التي جعلها الله تعالى سبباً في إزالة هذه المصيبة وأما إلحاح والده عليه بالزواج وامتناعه عن ذلك فالذي أرى أن لا يمتنع من الزواج ما دام مرضه لا يخشى منه أن يتعدى إلى الزوجة فإن الذي أرى أن يتزوج فلعله أن يكون في زواجه خير وشفاءٌ من هذا المرض فإن بعض الأشياء قد لا يخطر بالبال أنها مفيدة مجدية ومع ذلك تكون مفيدةً مجدية بإذن الله فنصيحتي له أن يتزوج امتثالاً لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج) وطاعةً لوالده الذي كان يلح عليه في الزواج إلا إذا كان فيه مرض يخشى منه أن ينتقل إلى الزوجة فيكون جانياً عليها فهذا له أن يمتنع ولكن ينبغي أن يبين لوالده السبب حتى يطمئن والده ويرضى.

***

ص: 2

‌السائلة تستفسر عن موانع الدعاء تقول لقد دعوت الله أن يرزقني بالزوج الصالح ولكن للأسف من يتقدم لي غير ذلك وقد تقدم لي أحد الأشخاص الذي يبدو عليهم الصلاح إلا أنه كان متزوجا فرفضته لأنني لا أقبل نفسيا أن أكون الزوجة الثانية وأن تكون سعادتي على حساب تعاسة الآخرين فهل آثم في رفضه كما أنها تقول يراودني شعور بأنني سأظل بلا زواج طول عمري ومهما دعوت فلن يستجاب لي هل هذا الشعور هو تحقيق لقول الرسول صلى الله عليه وسلم (قلب المؤمن دليله)

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أولاً نقول لها ولغيرها إن الله سبحانه وتعالى قد يمنع إجابة دعوة الشخص لخير يريده لهذا الشخص فلا يستعجل الإنسان بل يلح في الدعاء والإنسان إذا دعا ربه فلن يخيب لأمور أولا أن الدعاء عبادة يؤجر عليها ويثاب عليها.

ثانيا أن الله تعالى إما أن يجيب دعوته أو يدخرها له يوم القيامة أو يصرف عنه من السوء ما يقابل ما دعا به أو أكثر ومع ذلك نقول ألح بالدعاء فإنك إنما تدعو غنيا كريماً جوادا ولا تيأس ولهذا جاء في الحديث (يستجاب لأحدكم ما لم يعجل قالوا كيف يعجل يا رسول الله قال يدعو ويدعو ويدعو فيقول لم يجب لي أو كلمة نحوها فيستحسر عن الدعاء) فهذه المرأة نقول لا تيأسي من رحمة الله كرري الدعاء وأما كونها يتقدم لها رجل ذو دين ولكن معه زوجة أخرى فتمتنع من الإجابة من أجل الزوجة الأخرى فلا أرى لها ذلك ما دام الرجل صالحا ذا خلق ودين فلتجبه وقولها لا أحب أن تكون سعادتي بشقاء الآخرين هذا غلط فإن الآخرين لا ينبغي لهم أن يشقوا بذلك فلا ينبغي للمرأة أن تغلبها الغيرة بحيث تشقى إذا تزوج زوجها لأن تعدد الزوجات مما ينبغي أن يفعله العبد إذا كان ذا قدرة مالية وبدنية وآمنا من الجور والميل فإن في كثرة النساء كثرة الأولاد وكثرة الأمة وتحصين فروج كثير من النساء الباقيات في البيوت وهو من نعمة الله عز وجل

ولولا أن الحكمة في تعدد الزوجات ما شرعه الله عز وجل ولا أذن فيه نعم إذا كان الإنسان قليل المال أو ضعيف البدن أو خائفا ألا يعدل فهنا نقول الأفضل أن تقتصر على ما عندك وتسأل الله التوفيق.

***

ص: 2

‌هذه رسالة وصلت من إحدى الأخوات المستمعات تعمل في دولة الإمارات العربية المتحدة والرسالة طويلة وسأقوم إن شاء الله تعالى باختصارها تقول أريد أن أستشيركم في أمر يخصني وأفراد أسرتي من البنات ألا وهو أني وأخواتي البنات كتب علينا أن نظل بلا زواج لأننا قد تخطينا سن الزواج إلى ما بعده بكثير جداً جداً إن لم يكن اقتربنا من سن اليأس بالفعل هذا مع العلم ولله الحمد والله على ما أقول شهيد أننا على درجة من الأخلاق وقد حصلنا على شهادات جامعية جميعنا ولكن هذا هو نصيبنا والحمد لله نسأل الله سبحانه وتعالى الصبر والإيمان والتقوى ولكن الناحية المادية هي التي لا تشجع أحداً بأن يتزوجنا لأن ظروف الزواج وخاصة في بلدنا تقوم على المشاركة بين الزوجين باعتبار ما سيكون في المستقبل والآن وبعد أن تعديت سن الزواج وفقني الله عز وجل للعمل في الإمارات العربية المتحدة إلا أنني سمعت في برنامجكم المفضل نور على الدرب عن حرمانية هذا السفر اتباعاً لسنة رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم فقررت بمشيئة الله أن أقدم استقالتي للرجوع إلى بلدي مرة أخرى لأنه ليس هناك لدي من تسمح ظروفه بالسفر معي والآن أسألكم يا فضيلة الشيخ كيف نقي أنفسنا شر الألم الذي قدر لنا وكيف نحمي أنفسنا من كثرة الأسئلة التي توجه إلينا من الناس جميعاً عن السبب في عدم زواجنا فلقد أصبح اختلاطنا بالناس أمر محال بسبب هذا الأمر وأنا أعلم أن الصبر والصلاة والاستعانة بالله جل شأنه هو السبيل ولكن لاشك في أن في هذا الأمر مشقة على النفس أرجو نصيحتي وتوجيهي نيابة عن أخواتي وأسأل الله لي ولهنّ الخير بارك الله فيكم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: النصيحة التي أوجهها إلى مثل هؤلاء النساء اللاتي تأخرن عن الزواج هي كما أشارت إليه السائلة أن يلجأن إلى الله عز وجل بالدعاء والتضرع إليه بأن يهيئ لهنّ من يرضى دينه وخلقه وإذا صدق الإنسان العزيمة في التوجه إلى الله واللجوء إليه وأتى بآداب الدعاء وتخلى عن موانع الإجابة فإن الله تعالى يقول (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِي فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) وقال تعالى (وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) فرتب سبحانه وتعالى الإجابة على الدعاء بعد أن يستجيب المرء لله ويؤمن به فلا أرى شيئاً أقوى من اللجوء إلى الله عز وجل ودعائه والتضرع إليه وانتظار الفرج وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (واعلم أن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرا) وأسأل الله تعالى لهن ولأمثالهن أن ييسر لهن الأمر وأن يهيئ لهن الرجال الصالحين الذين يعينوهنّ على صلاح الدين والدنيا.

يافضيلة الشيخ المستمعة تقول هل عدم زواجنا هذا بما يسببه لنا من ألم فيه تكفير لذنوبنا وهل هذا الحرمان ينطبق على حالنا أم هو نصيب ومكتوب فقط؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا شك أن هذا الذي حصل نصيب ومكتوب فإن الله سبحانه وتعالى كتب في اللوح المحفوظ ما هو كائن إلى يوم القيامة وكتب على العبد أجله وعمله ورزقه وشقي أم سعيد وقد أشار الله تعالى إلى ذلك في قوله (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَاّ فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22) لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ) ومع كونه مكتوباً مقدراً من الله عز وجل فإن الله تعالى يثيب المرء عليه إذا صبر واحتسب فإذا صبر الإنسان واحتسب على المصيبة كان في ذلك تكفير لسيئاته ورفعة لدرجاته وتكثير لثوابه قال الله تعالى (وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُهْتَدُونَ) وقال تعالى (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ) .

يافضيلة الشيخ: تقول هل والدنا الفاضل يمكن أن يسأل عن ذلك الأمر يوم الدين؟

فأجاب رحمه الله تعالى: والدكم لا يسأل عن ذلك يوم الدين إلا إذا كان سبب التأخير منه مثل أن يأتي الخطاب الذين يرضى دينهم وخلقهم ثم يردهم نظراً لما يحصل منكم من مادة له بهذه الوظائف فإذا كان الأمر كذلك أي أنه يرد الخطاب من أجل مصلحة مادية تعود عليه فلا شك أنه آثم بذلك وأنه لم يقم بواجب الأمانة فعليه أن يتوب إلى الله ويستغفره من هذا العمل وأن يبادر بتزوجيكنّ من حين أن يأتي الخاطب الذي يرضى دينه وخلقه.

***

ص: 2

‌أنا شاب في السادسة والعشرين من العمر تزوجت فتاة مسلمة والحمد لله لكن مشكلتي هي أن والدي وأمي لم يوافقوا على ذلك الزواج أما أنا فقد تزوجتها بموافقة أهلها ورضاها وبعد مدة قصيرة من الزواج بدأت مشاكل بين زوجتي وأهلي أمي وأبي وإخواني فهم يريدون من زوجتي الشغل خارج البيت في المزرعة ومعهم كثير من إخواني وأنا غير موجود معهم فأنا موظف والمشكلة أن جميع من في البيت ما عدا أنا وزوجتي يحبون صوفية هذا الزمان الذين تكثر فيهم البدع والخرافات ومن هذه البدع أنهم يذهبون إلى السيد ويعملون أوراق على شكل مربعات ويكتبون فيها أشكالاً وألواناً لا نعرف ما هي هذه الكتابة وليست من القرآن ويحرقونها في النار والكثير من البدع وأنا أنصح لهم ولا يفيد ذلك وجوابهم في ذلك أنهم يقولون أنت البارحة صرت في الدنيا وأنت اليوم تعلمنا بديننا والحقيقة أنني لم أستطع أنا وزوجتي أن نعيش في هذا البيت من كثرة المشاكل وهم يلحون علي أن أطلق زوجتي وأنا لا أقبل بذلك مما جعلني أترك هذا البيت وأسكن في بيت ثاني مع العلم أنهم لن يقبلوا أن أعيش معهم أو أن أرجع إليهم أبداً وإذا رجعت فإنهم يهددوني فماذا أعمل أرجو من فضيلتكم تفصيل ذلك ونصيحتكم جزاكم الله خيرا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نصيحتنا أولاً لأهلك ننصحهم أن يكفوا عما هم عليه من هذه الخرافات البدعية التي ما أنزل بها من سلطان والتي لا تزيدهم من الله تعالى ألا بعداً لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) وحذر صلى الله عليه وسلم من البدع وقال (كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار) وإذا كانوا صادقين في إرادتهم لله عز وجل والدار الآخرة فليتبعوا نبي الله صلى الله عليه وسلم فإن بذلك السعادة في الدنيا والآخرة قال الله تبارك وتعالى (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) وهم إذا رجعوا إلى خالص السنة وصفائها عرفوا أن ما هم عليه ضلال وخطأ وانشرحت صدورهم للإسلام واطمأنت قلوبهم به وعرفوا قدر الحياة التي قال الله تعالى عنها (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) وأما بالنسبة لك فإنني أوصيك بتقوى الله عز وجل أنت وزوجتك وأن تستقيم على أمر الله سبحانه وتعالى وما صنعته من انفرادك عنهم في البيت أنت وزوجتك فإنه موافق للصواب فلتبق مع زوجتك في هذا البيت بعيداً عن البدع والخرافات ولتصل والديك وأقاربك بما يجب عليك ولتحرص على نصيحتهم دائماً وتبين لهم الحق ولا تيئس فإن القلوب بيد الله سبحانه وتعالى وكم من إنسان كان بعيداً عن الحق وبكثرة النصح والإرشاد والتوجيه بالأدلة المنقولة والمعقولة حصل له الخير والفلاح

***

ص: 2

‌السؤال: السائل يقول أنا أعمل بالمملكة العربية السعودية وأسكن مع أخوة لي مصريين وكلنا والحمد لله على خلق ونحافظ على جميع أنواع العبادات ولكن يا فضيلة الشيخ يوجد بيننا رجل لا يصلى الفرض إلا لوحده منفرداً ولا يصلى إلا يوم الجمعة مع الجماعة ولقد نصحناه كثيراً بالصلاة معنا في الجماعة لكنه لم يمتثل لأي نصيحة أو توعية من إخوانه وكذلك إذا دخل علينا المنزل لا يقول السلام عليكم ورحمة الله أو السلام عليكم ويقول لن أقول لأحد السلام عليكم أنا حر أقول ما أشاء بمزاجي فوجهونا في ضوء ذلك مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نوجه الأخ المسئول عنه بالتوبة إلى الله عز وجل والقيام بما أوجب الله عليه من صلاة الجماعة وكذلك ننصحه بأن يسلم على إخوانه إذا دخل عليهم لأن هذا من حقهم عليه قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (حق المسلم على المسلم ست وذكر منها إذا لقيته فسلم عليه) أما بالنسبة لهؤلاء فإن عليهم النصيحة لهذا الأخ الذي تخلف عن الجماعة ولا يصلى إلا يوم الجمعة وهو أيضا لا يسلم عليهم ويهددونه بأنه إذا لم يستقم طردوه من صحبتهم ولا حرج عليهم أن يطردوه من صحبتهم إذا أصر على ما هو عليه من المنكر اللهم إلا أن يخافوا أنه لو ذهب عنهم لارتكب إثماً أشد من الإثم الذي هو عليه فيما بينهم فهنا يتوجه أن يقال يبقى عندهم ويناصحونه لعل الله يهديه.

***

ص: 2

‌رسالة بعثت بها السائلة أم فيصل أختكم في الله من الرياض كتبت بأسلوبها الخاص وهي رسالة مطولة فهمت من هذه الرسالة شيخ محمد حفظكم الله بأن بينها وبين زوجها مشاكل حيث تذكر أنها تعاني من مرض نفسي وبأنها لا تستطيع أن تقوم برعاية زوجها الرعاية الكاملة الأسرية فما هو السبيل لبناء الحياة الأسرية السعيدة في مثل هذه الحالة وإذا كان التفاهم من جانب واحد وهو الزوج وأما والزوجة فمقصرة فبماذا تنصحونها وتطلب منكم أن تدعو لها

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أنصحها بأن تصبر وتحتسب وتحاول بقدر ما تستطيع أن تصلح العشرة بينها وبين زوجها وهي مع دعاء الله تعالى والاستعانة به وحسن النية ستنال مقصودها فإن الله تعالى لا يضيع أجر من أحسن عملاً ولا تتعجل بطلب الفراق وأما دعاؤنا لها فإني أسأل الله تعالى أن يصلح حالها مع زوجها ولكني أخبرها وأخبر غيرها أيضا أن دعاء الإنسان لنفسه أفضل من طلبه من غيره فكونه هو الذي يدعو الله تعالى خير له من أن يقول يا فلان ادع الله لي لأن الله تعالى يقول (وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) ومنة الله عليك خير من أن يمن عليك رجل مثلك أو امرأة مثل المرأة ولا شك أن من طلب السؤال من غيره سيناله شيء من الذل والتذلل لهذا المطلوب فكونك لا تطلب أحدا وتبقى عزيز النفس خير من أن تطلب شخصا يدعو لك فوصيتي لهذه المرأة ولغيرها أن يدعو ربهم عز وجل وألا يلتفتوا إلى غيرهم وأن يدعو الله وهم موقنون بالإجابة غير مستبعدين لها وليكرروا السؤال والدعاء فإن الله تعالى يحب الملحين بالدعاء وليعلموا أن الله تعالى قد يمنع عنهم ما دعوه به لمصلحتهم حتى يكرروا الدعاء ويخلصوا اللجوء إلى الله عز وجل والدعاء نفسه عبادة يقرب إلى الله وانتظار الفرج من الله تعالى عبادة يوجب تعلق قلب العبد بربه عز وجل وكم من إنسان ازداد إيمانا بتأخر إجابته وازداد لجوءا وافتقارا إلى الله حين تأخرت إجابة الطلب ولا ينبغي للسائل أن يستحسر ويتعجل فيقول: دعوت ودعوت فلم يستجب لي بل يلح ويلح مرارا وتكرارا فإنه ليس بخائب إطلاقا لأن الله تعالى إما أن يستجيب له وإما أن يصرف عنه من السوء ما هو أعظم مما هو فيه وإما أن يدخر ذلك له أجرا وثوابا يوم القيامة.

***

ص: 2

‌بعض الناس يجعل من يوم الجمعة موعدا لرحلاته ونزهاته هل لكم توجيه في ذلك

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إني أوجه النصيحة لهؤلاء القوم الذين يجعلون يوم الجمعة محلا أو وقتاً للرحلات والبعد عن صلاة الجمعة أن يتقوا الله عز وجل وأن يحمدوا الله تعالى على نعمه وعلى ما نحن فيه من رخاء ورغد وأمن وأن يشكروا الله عز وجل ثم الحكومة التي جعلت للناس متسعا في الإجازة الأسبوعية حيث أضافت إلى يوم الجمعة يوم الخميس وبالإمكان أن يجعل الإنسان يوم الخميس هو يوم رحلاته ويجعل يوم الجمعة هو يوم شراء حاجاته الأسبوعية لأن بعض الناس يقول إني في يوم الخميس أتفرغ لشراء الحاجات الأسبوعية فنقول اجعل يوم الجمعة هو يوم التفرغ لشراء الحاجات الأسبوعية واجعل يوم الخميس يوم رحلات أما أن تجعل ذلك يوم الجمعة وتواظب على هذا وكل جمعة تخرج من بلدك وتترك صلاة الجمعة فهذا يفوتك خيراً كثيراً وربما تقع في إثم.

***

ص: 2

‌المستمع ع ح ط يقول في هذا السؤال ما هو توجيه فضيلتكم لمن أصر على عدم قبول الحق لأن المتحدث يصغره بالسن أولأن السامع في قلبه شيء على نفس المتحدث أرجو النصح والتوجيه في هذا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نصيحتي في هذا إذا كان هذا المصر على المعصية سواء كانت فعل محرم أو ترك واجب وكان أخوه أو صاحبه يصغره في السن ويعلم أنه لن يقبل منه نصيحتي للمنصوح أن يقبل النصيحة من أي شخص كان فالحق هو مراد المؤمن وهو ضالة المؤمن أينما وجده أخذه أما بالنسبة للناصح فإذا كان يعلم أو يغلب على ظنه أن هذا سوف يحتقر النصيحة ولا يقبلها فيطلب ذلك ممن هو أكبر منه حتى يقوم بالنصيحة لهذا الرجل المصر على المعصية.

***

ص: 2

‌ما الطريقة المثلى لنصح الجار الذي يتخلف عن الصلاة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الطريقة المثلى لنصح الجار أن تذهب إليه في البيت أو تدعوه إلى بيتك أو ترافقه في السوق وتتلطف معه وتخاطبه بالتي هي أحسن وتقول له أنت جاري ولك حق علي وقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بالجار خيرا ولك حق علي أن أساعدك في كل ما فيه منفعتك في الدين والدنيا وتأتي له بالأسلوب الذي تراه مناسبا ثم تنتقل بعد ذلك وتقول إن من خير ما أهدي إليك أن أنصحك بالمحافظة على الصلوات لأن الصلاة عمود الدين وتذكر له من فضلها وتحذره من إضاعتها ثم تقول ومن إقامتها والمحافظة عليها أن تصلىها مع الجماعة ثم تذكر له فضل الجماعة وتحذره من التخلف عنها وفي ظني أن الإنسان إذا نصح بطريق طيب لين فإنه سيؤثر قوله بلا شك إذا كان مخلصا لله تعالى في نصيحته غير شامت ولا منتقد فإن كلمة الحق إذا خرجت من قلب ناصح أثرت تأثيرا بليغا إما في الحاضر وإما في المستقبل ألا ترى إلى موسى عليه الصلاة والسلام لما أحضر إليه السحرة في مجمع عظيم قال لهم موسى (وَيْلَكُمْ لا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنْ افْتَرَى) قال الله تعالى (فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ) يعني حل بينهم النزاع في الحال لأن الفاء في قوله (فَتَنَازَعُوا) تدل على الترتيب والتعقيب وعلى السببية أيضا إذا دخلت على الجمل فإنها تفيد السببية فانظر كيف أثرت هذه الكلمة في أولئك السحرة تنازعوا أمرهم بينهم وإذا حل التنازع في أمة أو طائفة فإن مآلها الفشل والخذلان قال الله تعالى (وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) هذا ما أراه في نصيحة جارك حول تهاونه بصلاة الجماعة فإن أفاد فيه ذلك فهذا هو المطلوب وإن لم يفد فإن عليك أن ترفع الأمر إلى الجهات المسئولة وبذلك تبرأ ذمتك.

***

ص: 2

‌أبو معاذ من الرياض كتب رسالة مضمونها عندما يتقدم شاب لخطبة فتاة يقوم أهل العروسة بالسؤال عن العريس وذلك عن طريق جيران العريس وزملائه في العمل عن دينه وأخلاق ذلك العريس فنجد البعض يخفون الحقيقة عن أهل العروسة فنجدهم يثنون على العريس ويصفونه بأوصاف ليست في الحقيقة موجودة فيه لدرجة أنهم يجعلونه من المحافظين على الصلوات في المسجد مع الجماعة وهو في الحقيقة قد لا يعرف طريق المسجد ولم يركع لله ركعة واحدة وغير ذلك من ارتكاب بعض الآثام وما خفي كان أعظم وكم من ضحية ذهبت في مثل هذه القضية يقول السائل وهذا ما حصل لإحدى الأخوات الملتزمات نحسبها كذلك ولا نزكي على الله أحداً ولكن بعد الزواج اكتشفت حقيقة هذا الزوج ومدى الغش والكذب الذي وقع لها من قبل هؤلاء الناس مما اضطرها إلى طلب الطلاق فأرجو توضيح حكم الشرع في نظركم في فعل هؤلاء وما نصيحتكم لهم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أولاً نبين حكم اللفظ الذي قال عريس وعروسة الواقع أنهما ليس عروسين ولكنهما خاطبٌ ومخطوبة فينبغي للإنسان إذا تلفظ بالكلمات أن تكون كلماته محررة منقحة

أما ما يتعلق بوصف بعض الناس للخطيب بأنه ذو خلق ودين وهو برئٌ من ذلك أو ناقصٌ في ذلك فهذا والله عين الغش وهو مخالفٌ للدين لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال (الدين النصيحة) كررها ثلاث مرات (الدين النصيحة الدين النصيحة الدين النصيحة) قالوا لمن يا رسول الله قال (لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم) وهؤلاء الذين يمدحون الخاطب وهم كاذبون والله ما نصحوا لعامة المسلمين بل غشوا وخدعوا ثم إن هؤلاء المساكين يظنون أنهم محسنون إلى الخطيب وهم أساؤا إليه حيث غشوا به الناس ثم هو سوف يتنكد فيما بعد إذا عرف أنه ليس ذا خلق ودين سوف يكون هناك نكد بينه وبين الزوجة وبين أهله وأهلها ويرجع الزواج جحيماً والعياذ بالله ونصيحتي لهؤلاء أن يتقوا الله عز وجل وأن يبينوا الحقيقة ولو كان ابنهم حتى لو كان ابنهم وخطب من أناس وهم يعرفون من ابنهم أنه ذو كسلٍ في العبادة وذو سوءٍ في الخلق فيجب أن يبينوا ويقولوا والله ولدنا قليل الصلاة مع الجماعة وسيئ الخلق قريب الغضب بطئ الإفاقة من الغضب فإن شيءتم زوجوه وإلا اتركوه هذا هو الواجب قال الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوْ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ) وهذا الذي ذكر السائل من وقوع بعض الملتزمات في مشاكل من أجل هذا الغش أمرٌ واقع وكثيراً ما نسأل عنه وفي هذه الحال ينبغي عند العقد أن يقال نشترط عليه أن يكون مستقيماً في دينه وخلقه فإن لم يكن مستقيماً فلنا الفسخ حتى يرتاحوا فإذا لم يكن مستقيماً فلهم الفسخ لأن استقامة الدين والخلق من الأمور المطلوبة كما في الحديث (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه) ومفهوم الحديث إذا لم نرضَ دينه وخلقه فلا نزوجه فأقول إذا خفنا أن نقع في مثل هذه الحال وهو كثير نقول بشرط أن يكون مستقيم الخلق والدين فإن لم يكن كذلك فللمرأة الفسخ ويكون هذا شرطاً صحيحاً مقصوداً قصداً شرعياً إذا لم يكن مستقيم الدين والخلق بسم الله فسخت نكاحي منه وتسلم منه.

***

ص: 2

‌التوبة

ص: 2

‌بارك الله فيكم، المستمع خالد سليمان الواصل يسأل ويقول ما هي شروط التوبة النصوح

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: التوبة النصوح من الذنوب واجبة فإن كان الذنب فعل محرم وجب الإقلاع عنه، وإن كان ترك واجب وجب تداركه بفعله إن كان مما يمكن فعله، أو بفعل بدله إن كان له بدل وإن لم يكن له بدل ولم يمكن فعله كفت التوبة، وللتوبة شروط خمسة:

الشرط الأول أن يكون الحامل لها الإخلاص لله عز وجل لا يقصد بها رياءً ولا سمعة ولا جاهاً ولا تزلفاً لمخلوق ولا غير ذلك من أمور الدنيا، بل لا يريد بها إلا وجه الله والدار الآخرة.

الشرط الثاني أن يكون عنده شيء من الندم على ما فعل بحيث لا يكون الفعل وعدمه سواء عنده بل يشعر بنفسه أنه متألم ونادم على ما وقع منه من الذنب، لأن هذا الندم والألم هو الذي يحمله على أن يتوب إلى الله ويرجع إليه وهو الذي يدل على صدق توبته.

الشرط الثالث أن يقلع عن الذنب في الحال بقدر استطاعته فإن كان الذنب ترك واجب وجب عليه فعله إن كان مما يمكن فعله أو فعل بدله إن كان له بدل وإلا كفى الندم على ما أهمل من الواجب، وإن كان فعل محرم وهو لا يزال متلبساً به وجب عليه الإقلاع عنه فوراً ومن ذلك إذا كان الذنب اعتداءً على غيره فإنه يجب عليه إن كان الاعتداء بأخذ مال أن يرد المال إلى صاحبه وإن كان بمظلمة أن يتحلله منها إلا أن بعض أهل العلم قال إذا كان العدوان بالغيبة وصاحبه لم يعلم أنه اغتابه فإنه يكفي أن يستغفر له وأن يثنى عليه ثناءً يقابل ما حصل منه من غيبة، ولكن لابد أن يكون هذا الثناء مطابقاً للواقع.

الشرط الرابع أن يعزم على ألا يعود في المستقبل إلى هذا الذنب الذي تاب منه، فأما إن تاب من الذنب ولكنه في نيته إذا سنحت له فرصة أن يعود إليه فهذه توبة عاجز وليست توبة نصوحاً بل لا بد أن يعقد العزم على ألا يعود إلى الذنب الذي تاب منه.

الشرط الخامس أن تكون التوبة في وقت قبولها، فإن كانت بعد وقت قبولها لم تنفع صاحبها، ووقت القبول هو أن تكون التوبة قبل طلوع الشمس من مغربها وقبل حضور أجل التائب فإن طلعت الشمس من مغربها قبل التوبة فإن التوبة لا تنفع لقول الله تعالى (يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً) وقال النبي عليه الصلاة والسلام (لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة ولا تنقطع التوبة حتى تخرج الشمس من مغربها) ، وإذا حضر الأجل فإنها لا تنفع التوبة ولا تقبل لقول الله تعالى (وَلَيْسَتْ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمْ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ) وعلى هذا فيجب على المؤمن أن يبادر بالتوبة لأنه لا يدري متى يفجأه الأجل وكم من إنسان خرج من بيته ولم يرجع إليه، وكم من إنسان نام على فراشه ولم يقم منه، وكم من إنسان جلس على الأكل ولم يتمه، فالموت ليس له وقت معلوم للبشر حتى يُمْهِلَ في التوبة فالواجب على كل مؤمن أن يبادر بالتوبة قبل أن يفوت وقت قبولها، قال الله تعالى (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) .

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم فضيلة الشيخ هذه السائلة من ليبيا تقول بأنها أخطأت مرة ثم تابت ودعت الله كثيرا أن يغفر لها ولكن لديها شعور دائما بالذنب فبماذا تنصحونها يا فضيلة الشيخ مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أقول إن هذه المرأة التائبة كونها تشعر دائما بذنبها يدل على أن توبتها صادقة لكثرة الندم معها على ما فعلت من معاصي ولكني أقول لها ابشري فإن حال الإنسان بعد التوبة قد تكون أكمل من حاله قبل فعل المعصية لأنه يحصل له بالتوبة الإنابة إلى الله والانطراح بين يديه والتبرأ من الحول والقوة والتبرأ من الإعجاب بالنفس واستصغار النفس واحتقارها أمام عظمة الله وكل هذه معان جليلة ترقى بالإنسان إلى درجة أكمل مما كان عليه قبل التوبة لأن مثل هذه الأمور مفقودة من قبل وعلى هذا فلتبشر بالخير ولتنتهي عما حصل من المعصية فإنها قد غفرت وزالت وانمحى أثرها ولتتذكر ما جرى لآدم عليه الصلاة والسلام حيث نهاه الله أن يأكل من الشجرة ولكنه خالف وعصى قال الله تعالى (وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى) فلم يحصل الاجتباء إلا بعد أن تاب من المعصية فاجتباه الله وتاب عليه وهداه هداية علم وهداية توفيق وهذا يدل على ما أسلفنا وهو أن الإنسان بعد التوبة النصوح قد تكون حاله أكمل مما كانت عليه قبل فعل المعصية وإنني بهذه المناسبة أود أن أقول إن للتوبة شروطا لابد منها وهي خمسة

الأول الإخلاص لله عز وجل بالتوبة بحيث لا يحمله على التوبة رجاء شيء من الدنيا أو خوف شيء في الدنيا بل يكون الحامل له على التوبة رجاء ما عند الله من الثواب للتائبين والتخلص من أوضار هذا الذنب الذي قام به.

الشرط الثاني أن يندم على ما حصل من الذنب ويتحسر ويود أنه لم يفعله.

الشرط الثالث أن يقلع عن المعصية فإن كان الذنب ترك واجب استدركه وفعله إن كان ممكناً وإن كان الذنب فعل معصية أقلع عنها في الحال ومن ذلك ما إذا كانت المعصية حقا لآدمي فإن الواجب عليه أن يبادر بالتخلص من هذا الحق إن كان مالاً يرده إلى صاحبه إن كان حيا معلوما عنده وإن كان ميتا رده إلى ورثته وإن جهله أو نسيه تصدق به عنه

والشرط الرابع أن يعزم على ألا يعود في المستقبل يعني يكون لديه عزم على ألا يعود إلى هذه المعصية في المستقبل وليس الشرط ألا يعود إلى المعصية في المستقبل الشرط أن يعزم ألا يعود ثم إن سولت له نفسه فعاد فإن توبته الأولى تبقى على صحتها ويحتاج إلى توبة جديدة للذنب الجديد

الشرط الخامس أن تكون التوبة في الوقت الذي تقبل فيه التوبة بأن تكون قبل حضور الأجل وقبل طلوع الشمس من مغربها فإن كانت بعد حضور الأجل فإنها لا تقبل لقول الله تعالى (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ) وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال (لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة ولا تنقطع التوبة حتى تخرج الشمس من مغربها) ويشهد لذلك قوله تعالى (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً) وإنني أحث إخواني الذين لا يزالون على الذنب أن يبادروا بالتوبة قبل فوات الأوان وأن يعلموا أن عظم الذنب لا يمنع التوبة فقد قال الله تعالى (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَاّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً (69) إِلَاّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (70) وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَاباً) .

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم هذا المستمع إلى البرنامج عبد الواسع اليماني يقول في هذا السؤال بأنه إنسان متزوج وقبل وفاة والدي كنت لا أصلى الصلوات الخمسة وكنت أيضا أعمل المعاصي ثم بعد وفاة والدي هداني الله إلى الطريق المستقيم وأصبحت أصلى وأعمل الخير وأحافظ على الواجبات فما الواجب علي لأكفر عن ذنوبي الماضية وأريح ضميري

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الإنسان إذا تاب إلى الله توبة نصوحا فإن الله تعالى يقبل توبته ويعفو عن سيئاته مهما عظمت قال الله تعالى (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ) وقال الله تعالى (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) فإذا تاب الإنسان من ذنبه مهما عظم فإن الله يتوب عليه ولكن ليعلم أن للتوبة شروطا لا بد من تحققها وهي

أولا الإخلاص لله عز وجل بأن ينوي بتوبته الرجوع إلى ربه من معصيته إلى طاعته ولا ينوي التزلف إلى البشر أو التقرب إليهم أو الجاه أو المال أو ما أشبه ذلك بل تكون توبته خالصة لله وحده طلبا للنجاة من عقابه والوصول إلى ثوابه

الثاني الندم على ما مضى منه من التقصير في واجب أو انتهاك محرم وقد يشكل هذا الشرط على بعض الناس لأن الندم انفعال نفسي فكيف يمكن للإنسان أن يتصف به والجواب على ذلك أن نقول المراد بالندم أثره أي أن يظهر عليه الأسى والحزن على ما مضى من ذنبه فهذا هو الندم

الثالث أن يقلع عنه في الحال أي عن الذنب في الحال فلا تصح التوبة من ذنب مع الإصرار عليه لأن التوبة من ذنب مع الإصرار عليه من الاستهزاء بالله عز وجل ومثال ذلك لو قال أنا أتوب إلى الله عز وجل من غيبة الناس ولكنه ما يزال يغتابهم فكيف نقول أن هذا توبته صحيحة لو قال أنا أتوب إلى الله من أكل الربا ولكنه لا يزال يأكل الربا فهذا لم يتب لو قال أتوب إلى الله من ظلم الناس وهو لا يزال مستوليا على أموالهم بغير حق وما أشبه ذلك فإن توبته لا تصح مهما فعل لأنه لم يقلع عن الذنب

الشرط الرابع أن يعزم على ألا يعود إلى الذنب في المستقبل يعني بأن تكون توبته قاطعة للذنب لن يعود إليه فإن قال أتوب إلى الله وأقلع عن الذنب وندم عليه ولكن في نيته أن يعود إليه في وقت ما أو في حال ما فإن توبته لا تصح لابد أن يعزم ألا يعود فإن قال قائل عزم ألا يعود لكن غلبته نفسه فعاد هل تبطل توبته الأولى فالجواب لا تبطل توبته الأولى لأنها تحققت التوبة بعزمه ألا يعود وهذا هو الشرط وليس الشرط ألا يعود بل العزم على أن لا يعود وبينهما فرق ظاهر فإذا تاب إلى الله من ذنب توبة نصوحاً ثم عاد إليه فإن توبته الأولى لا تبطل لكن يجب عليه أن يجدد توبته من فعل الذنب مرة أخرى

الشرط الخامس لقبول التوبة أن تكون في وقت قبولها لأنها يأتي على الإنسان نفسه زمان لا تقبل فيه التوبة فإذا طلعت الشمس من مغربها لم تقبل التوبة لقول الله تعالى (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيراْ) وذلك وقت طلوع الشمس من مغربها فإن الشمس إذا طلعت من مغربها آمن الناس كلهم ولكن لا ينفع نفس إيمانها إن لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً وكذلك التوبة فإنها لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة ولا تنقطع التوبة حتى تخرج الشمس من مغربها وإذا حضر الأجل لم تقبل التوبة لقول الله تعالى (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ) فإذا عاين الإنسان ملك الموت فإنها لا تقبل توبته لأن هذه توبة ليست عن رغبة بل توبة المضطر فلا ينفع ولهذا لما أدرك فرعون الغرق (قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرائيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ) فقيل له (أَالآنَ) يعني أالآن تتوب (وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَة) فأنجاه الله ببدنه وأظهره من أجل أن يكون آية على موته وهلاكه لبني إسرائيل الذين أرعبهم حتى يتيقنوا أنه مات فالمهم أنك مهما عملت من ذنب إذا تبت إلى الله تعالى توبة نصوحاً فإن الله يتوب عليك بل إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين.

***

ص: 2

‌أبو سعد من الجمهورية العراقية محافظة واسط يقول في رسالته لقد كنت في شبابي أعمل أعمالاً لا يرضاها الله والآن أنا تبت فماذا أفعل لأكسب رضا الله وما هي شروط التوبة الخالصة أفيدوني بارك الله فيكم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: ما دمت ذكرت أنك تبت من هذه الأعمال التي كنت تعملها في حال صغرك وهي لا ترضي الله ورسوله فأبشرفإن (التوبة تجب ما قبلها) قال الله تعالى (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) وقال النبي صلى الله عليه وسلم (التوبة تهدم ما قبلها) والتوبة النصوح هي التي جمعت شروطاً خمسة

الشرط الأول أن تكون خالصة لله بأن لا يحمل الإنسان عليها رياء ولا سمعة ولا مدارة لأحد ولا مداهنة في دين الله وإنما يتوب إلى الله تعالى وحده خالصاً من قلبه فإن فقد هذا الشرط لم تقبل التوبة لأن جميع الأعمال الصالحة من شروطها الأساسية أن تكون خالصة لله سبحانه وتعالى.

الشرط الثاني أن يندم على ما مضى من فعله بحيث يتأسف ويحزن لما حصل منه لأن هذا دليل على صحة توبته وانكسار قلبه أمام الله عز وجل وأنه حقيقة راجع إلى الله.

الشرط الثالث أن يقلع عن ذنبه إن كان متلبساً به فإذا كانت توبته من حق آدمي فلا بد أن يؤدي هذا الحق إلى صاحبه كما لو كان قد ظلم أحداً من الناس بأخذ ماله بسرقة أو غش أو غير ذلك فإنه لا تصح التوبة حتى يؤدي ذلك الحق إلى صاحبه وكذلك لو كان قد ظلمه بغيبة وتكلم في عرضه أمام الناس فإنها لا تصح توبته حتى يستحله من تلك الغيبة إلا أنه إذا كان لم يعلم أنه قد اغتابه فإن من أهل العلم من يقول في هذه الحال لا يحتاج إلى أن يستحله بل يثني عليه في الأماكن التي كان يغتابه فيها بما هو موصوف به من صفات المدح ويستغفر الله له ويغني ذلك عن استحلاله وإذا كانت التوبة من حق من حقوق الله مثل أن يكون عليه واجب لله تعالى كزكاة أو كفارة فإن التوبة من ذلك أن يبادر بفعل هذا الشيء الذي وجب عليه لله.

الشرط الرابع أن يعزم على ألا يعود في المستقبل فإن تاب ولكن من نيته أنه إذا حصلت له الفرصة عاد إلى الذنب فإن التوبة هنا ليست بصحيحة لأنها ليست رجوعاً حقاً إلى الله سبحانه وتعالى.

الشرط الخامس أن تكون التوبة في أوانها أي في الوقت الذي تقبل فيه فإن لم تكن في أوانها فإنها لا تقبل والوقت الذي تنقطع به التوبة ولا تقبل نوعان وقت عام ووقت خاص فالوقت العام هو طلوع الشمس من مغربها فإن الشمس إذا طلعت من مغربها لم تقبل توبة تائب لقول الله تعالى (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً) والمراد ببعض الآيات هنا طلوع الشمس من مغربها فإنه لا توبة بعده وأما الخاص فهو حضور الأجل فمن حضر أجله فإن توبته لا تقبل لقول الله تعالى (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً) فمن لم يتب إلا بعد معاينة الموت وغرغرته بروحه فإنها لا تقبل توبته فإذا تحققت هذه الشروط الخمسة صارت التوبة نصوحاًَ مقبولة وإذا قبلها الله عز وجل فإنها تعم كل ذنب تاب منه واختلف أهل العلم رحمهم الله هل تصح التوبة من ذنب مع الإصرار على غيره فقال بعضهم إن التوبة لا تصح من ذنب مع الإصرار على غيره مثل أن يتوب الإنسان من شرب الدخان مثلاً لكنه مصر على حلق لحيته فقال بعض أهل العلم إن توبته من شرب الدخان لا تقبل لأنه مصر على معصية الله في حلق لحيته وقال بعض أهل العلم إنها تصح التوبة من ذنب مع الإصرار على غيره وهذا القول هو الراجح ولكن من تاب من ذنب مع الإصرار على غيره لا يستحق الوصف المطلق للتائب فلا يدخل في التوابين توبة مطلقة ولا يستحق المدح الذي يمدح به التوابون وإنما يمدح مدحاً خاصاً مقيداً بتوبته من هذا الذنب المعين.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم فضيلة الشيخ المستمع ع. ن. ف. ح من قطر بعث برسالة يقول فيها بأنه يقترب الآن من الثلاثين من العمر يقول وقد عشت في مطلع شبابي وحتى قبيل الزواج ارتكب الكثير من المخالفات وأنا الآن قد تبت إلى الله توبة نصوحا ونادم على ما صدر مني من أفعال وأقوال لا ترضي الله جل وعلا فهل علي كفارة يا فضيلة الشيخ على ما مضى أم أن التوبة النصوح تكفي

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: التوبة النصوح تكفي وتهدم ما كان قبلها من المعاصي بل من الكفر أيضاً لقول الله تعالى (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ) ولقوله تعالى (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَاّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً (69) إِلَاّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) فقد ذكر الله تعالى في هذه الآية أعلى أنواع المعاصي في حقه تعالى وفي حق بني آدم في النفوس وفي حق بني آدم في الأعراض فذكر الشرك وذكر قتل النفس بغير حق وذكر الزنا فالشرك جرم في حق الله وقتل النفس جرم في أنفس الخلق والزنا جرم في أعراضهم ومع ذلك قال (وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً (69) إِلَاّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) فأبشر أيها السائل ما دمت تبت إلى الله توبة نصوحاً فإن الله تعالى سيغفر لك ما سبق من ذنبك مهما عظم، ولكن التوبة لابد فيها من شروط خمسة

الشرط الأول أن تكون خالصة لله بألا يحمله عليها شيء من أمور الدنيا لا يبتغي بها الإنسان تقرباً إلى أحد من الناس ولا رياء ولا سمعة وإنما يحمله عليها خوف الله ورجاؤه، خوف الله تعالى من معصيته ورجاؤه بتوبته.

الشرط الثاني أن يندم على ما وقع منه من المعصية بمعنى أنه يتأثر ويحزن مما حصل ويتمنى أن لم يكن،

والشرط الثالث أن يقلع عن المعصية التي تاب منها فلو قال بلسانه إنه تائب ولكنه باق ومصر على المعصية كانت توبته هباء منثوراً بل هي إلى الهزء بالله أقرب منها إلى الجد فلو قال أنا تبت إلى الله من الغيبة ولم يزل يغتاب الناس فأين التوبة؟ لو قال تبت إلى الله من أكل المال بالباطل وهو لا يزال مصراً عليه فأين التوبة؟ لو قال تبت إلى الله من النظر إلى المحرم وهو مصراً عليه فأين التوبة؟ لابد أن يقلع عن المعصية ومن ذلك رد الحقوق إلى أهلها فلو قال أنا تائب من ظلم الناس ولكن حقوق الناس في ذمته فإنه لم يتب.

الشرط الرابع أن يعزم على ألا يعود إلى المعصية في المستقبل، فلو قال أنا تائب وندم على ما مضى وأقلع عن الذنب لكن في قلبه أنه لو حصلت له الفرصة لعاد إلى الذنب لم يكن تائب حقيقة بل لابد أن يعزم على ألا يعود ويجب أن نتفطن لكلمة يعزم على ألا يعود فإنه لا يشترط ألا يعود فلو كان حين التوبة عازم على ألا يعود ولكن سولت له نفسه أن يعود فإن التوبة الأولى لا تبطل لكنه يحتاج إلى توبة جديدة لعوده إلى الذنب.

الشرط الخامس أن تكون التوبة في الوقت الذي تقبل فيه وذلك بأن تكون قبل حضور الأجل وقبل طلوع الشمس من مغربها فإن وقعت التوبة بعد حلول الأجل لم تقبل وإن وقعت التوبة بعد طلوع الشمس من مغربها لم تقبل أيضاً، ودليل ذلك قوله تعالى (وَلَيْسَتْ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمْ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ) ولهذا لم يقبل الله توبة فرعون حين أدركه الغرق وقال (آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَاّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ) فقيل له (أَالآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنْ الْمُفْسِدِينَ) وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم (أن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر) يعني بروحه وذلك بحضور أجله، وإن وقعت التوبة بعد طلوع الشمس من مغربها لم تقبل أيضاً لقوله تعالى (هَلْ يَنظُرُونَ إِلَاّ أَنْ تَأْتِيَهُمْ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً) ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن التوبة تنقطع إذا طلعت الشمس من مغربها، والشمس الآن تشرق من المشرق وتغرب من المغرب فإذا إذن الله لها أن ترجع من حيث جاءت رجعت فخرجت من المغرب وهذا في آخر الزمان فإذا رآها الناس آمنوا أجمعون ولكن (لا يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً) وخلاصة شروط التوبة أنها خمسة الإخلاص لله والندم على ما حصل من الذنب والإقلاع عنه والعزم على ألا يعود وأن تكون التوبة في الوقت الذي تقبل فيه نسأل الله أن يتوب علينا جميعاً.

***

ص: 2

‌المستمع حسن سعيد سوداني ومقيم بالعراق يقول في رسالته ما حكم الشرع في نظركم في رجل سب الدين بحالة غضب هل عليه كفارة وما شرط التوبة من هذا العمل حيث أنني سمعت أهل العلم يقولون بأنك خرجت عن الإسلام بقولك هذا وأيضاً يقولون بأن زوجتك حرمت عليك أفيدونا بهذا الموضوع

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الحكم فيمن سب الدين الدين الإسلامي أنه يكفر فإن سب الدين والاستهزاء به ردة عن الإسلام وكفر بالله عز وجل وبدينه وقد حكى الله تعالى عن قوم استهزؤا بدين الإسلام حكى الله عنهم أنهم كانوا يقولون إنما كنا نخوض ونلعب فبين الله عز وجل أن خوضهم هذا ولعبهم استهزاء بالله وآياته ورسوله وأنهم كفروا به فقال تعالى (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ) فالاستهزاء بدين الله أو سب دين الله أو سب الله ورسوله أو الاستهزاء بهما كفر مخرج عن الملة ومع ذلك فإن هناك مجالاً للتوبة منه لقول الله تعالى (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) فإذا تاب الإنسان من أي ردة توبة نصوحاً استوفت شروط التوبة الخمسة فإن الله تعالى يقبل توبته وشروط التوبة الخمسة هي:

أولاً الإخلاص لله بتوبته بأن لا يكون الحامل له على التوبة رياء أو سمعة أو خوفاً من المخلوق أو رجاء لأمر يناله من الدنيا فإذا أخلص توبته لله وصار الحامل له عليها تقوى الله عز وجل والخوف من عقابه ورجاء ثوابه فقد أخلص لله تعالى فيها.

والشرط الثاني أن يندم على ما فعل من الذنب بحيث يجد في نفسه حسرة وحزناً على ما مضى ويراه أمراً كبيراً يوجب عليه أن يتخلص منه.

الشرط الثالث أن يقلع عن الذنب وعن الإصرار عليه فإن كان ذنبه ترك واجب قام بفعله وتداركه إن أمكن وإن كان ذنبه بفعل محرم أقلع عنه وابتعد عنه ومن ذلك إذا كان الذنب يتعلق بمخلوقين فإنه يؤدي إليهم حقوقهم أو يستحلهم منها.

الشرط الرابع العزم على ألا يعود في المستقبل بأن يكون في قلبه عزم مؤكد ألا يعود إلى هذه المعصية التي تاب منها.

والشرط الخامس أن تكون التوبة في وقت القبول فإن كانت بعد فوات وقت القبول لم تقبل وفوات وقت القبول عام وخاص أما العام فإنه طلوع الشمس من مغربها فالتوبة بعد طلوع الشمس من مغربها لا تقبل لقول الله تعالى (يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً) وأما الخاص فهو حضور الأجل فإذا حضر الأجل فإن التوبة لا تنفع لقول الله تعالى (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ) أقول إن الإنسان إذا تاب من أي ذنب ولو كان ذلك سب الدين فإن توبته تقبل إذا استوفت الشروط التي ذكرناها ولكن ليعلم أن الكلمة قد تكون كفراً وردة ولكن المتكلم بها قد لا يكفر بها لوجود مانع يمنع من الحكم بكفره فهذا الرجل الذي ذكر عن نفسه أنه سب الدين في حال غضب نقول له إن كان غضبك شديداً بحيث لا تدري ما تقول ولا تدري حينئذ أنت في سماء أم في أرض وتكلمت بكلام لا تستحضره ولا تعرفه فإن هذا الكلام لا حكم له ولا يحكم عليك بالردة لأنه كلام حصل عن غير إرادة وقصد وكل كلام حصل عن غير إرادة وقصد فإن الله سبحانه وتعالى لا يؤاخذ به يقول الله تعالى في الأيمان (لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ) ويقول تعالى في آية أخرى (لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ) فإذا كان هذا المتكلم بكلمة الكفر في غضب شديد لا يدري ما يقول ولا يعلم ماذا خرج منه فإنه لا حكم لكلامه ولا يحكم بردته حينئذ وإذا لم يحكم بالردة فإن الزوجة لا ينفسخ نكاحها منه بل هي باقية في عصمته ولكن ينبغي للإنسان إذا أحس بالغضب أن يحرص على مداواة هذا الغضب بما أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم حين سأله رجل فقال يا رسول الله أوصني فقال لا تغضب فردد مراراً قال لا تغضب فليحكم الضبط على نفسه وليستعذ بالله من الشيطان الرجيم وإذا كان قائماً فليجلس وإذا كان جالساً فليضطجع وإذا اشتد به الغضب فليتوضأ فإن هذه الأمور تذهب عنه غضبه وما أكثر الذين ندموا ندماً عظمياً على تنفيذ ما اقتضاه غضبهم ولكن بعد فوات الأوان.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم فضيلة الشيخ هذا الشاب من مصر يقول بأنه ارتكب بعض المعاصي فتاب إلى الله توبةً نصوحاً فهل لي من توبة من ذلك مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أروي قصة (رواها لنا نبينا صلى الله عليه وسلم عن رجلٍ كان فيمن سبق قتل تسعة وتسعين نفساً بغير حق ثم ذهب إلى راهب يعني عابد من العباد فقال له إنه قتل تسعة وتسعين نفساً بغير حق فهل لي من توبة قال الراهب ليس لك توبة لأن الراهب استعظم الأمر أن يكون قتل تسعة وتسعين نفساً ثم يتوب قال ليس لك من توبة فلم يعجبه هذا الجواب فقتل الراهب فأتم به المائة فصار مائة نفس قتلهم بغير حق ثم دل على عالم فسأله وقال إني قتلت مائة نفس فهل لي من توبة قال له ومن يحول بينك وبين التوبة باب التوبة مفتوح ولكن أنت في دارٍ يعني في بلدٍ أهلها أهل سوء لكن اذهب إلى القرية الفلانية أو قال البلد الفلاني يعني فإن فيها قوماً صالحين فذهب وفي أثناء الطريق جاءه الموت فنزلت إليه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب واختصموا أيهم يقبض روحه نسأل الله تعالى أن يتولى قبض أرواحنا ملائكة الرحمة تنازعوا فبعث الله إليهم من يحكم بينهم وقال قيسوا ما بين القريتين فإلى أيهما كان أقرب فهو من أهلها فقاسوا ما بينهما فكان أقرب إلى قرية أهل الصلاح فقبضته ملائكة الرحمة) هذا وهو ممن كان قبلنا ممن كانت عليهم الآصار والأغلال وهذه الأمة ولله الحمد رفع عنها بنبيها صلى الله عليه وسلم الآصار والأغلال وقال تعالى في كتابه (قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) وقال تعالى (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَاّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً (69) إِلَاّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) فهؤلاء قومٌ أشركوا وقتلوا النفس بغير حق وزنوا فانتهكوا حق الله الذي هو أعظم الحقوق وانتهكوا دماء النفوس المحرمة وانتهكوا الأعراض ومع ذلك يقول الله عز وجل فيهم (إِلَاّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) حتى المنافقون إذا تابوا تاب الله عليهم لقوله تعالى (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنْ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً (145) إِلَاّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً) فنقول لهذا الأخ السائل إذا تبت إلى الله من أي ذنب فإن الله يتوب عليك مهما عظم الذنب وربما تكون بعد التوبة أحسن حالاً منك قبل التوبة ولكن إذا كان الذنب يتعلق بآدمي فابرأ منه فإذا كان مالاً فرده إليه وإن كان مظلمة عرض كما لو اغتبته في المجالس فاستحله إن كان علم أنك اغتبته أو خشيت أن يعلم وإن لم يعلم بالغيبة ولا تخشى أن يعلم فاستغفر له وأثني عليه بما هو فيه من الخير والخصال الحميدة في المواطن التي كنت اغتبته فيها ونسأل الله لنا ولكم التوبة.

***

ص: 2

‌رجلٌ ترك الصلاة لعدة سنوات أثناء دراسته في الخارج وترك الصيام لمدة ثلاث سنوات وعندما عاد إلى بلده تاب فهل يقضي الصلاة والصيام

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا يجب عليه قضاء الصلاة والصيام فيما مضى ولكن عليه أن يتوب إلى الله سبحانه وتعالى وأن يكثر من الطاعات كالصلاة والذكر والصدقات والصيام والحج والعمرة فإن الحسنات يذهبن السيئات وهذه قاعدة ينبغي على الإنسان أن يعتبرها كل عبادة مؤقتة بوقت إذا أخرجها الإنسان عن وقتها بدون عذر شرعي فإنه لا يقضيها لأنه لو قضاها لم تصح منه لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) أي مردودٌ عليه ومن المعلوم أنه من أخر العبادة المؤقتة عن وقتها ثم فعلها بعد خروج وقتها فقد عمل عملاً ليس عليه أمر الله ورسوله فيكون مردوداً وحينئذٍ لا فائدة له من فعل العبادة بل عليه أن يتوب إلى الله عز وجل ويرجع إليه ويتوب الله على من تاب.

***

ص: 2

‌أحسن الله إليكم السائل من جدة ع ع د يقول شخص نوى أن يفعل معصية ونوى في نفس الوقت بأنه إذا انتهى من فعل هذه المعصية أن يتوب إلى الله هل تقبل هذه التوبة أم لا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا فعل المعصية بهذه النية فإن هذه النية لا تنفعه ولا تخفف عنه من عقوبة المعصية لكن إذا فعل المعصية ثم تاب توبة نصوحاً قبلها الله عز وجل لقول الله تعالى (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) .

***

ص: 2

‌هذا السائل بدر من المجمعة يقول بأنه فتى يبلغ من العمر الثالثة والعشرين يقول كنت لا أصلى ولكن الآن أحرص على الصلاة في مواقيتها والحمد لله والتزمت في كل شيء وأحافظ على السنن الرواتب ولكنني أشرب الدخان وحاولت كثيرا أن أقطع هذه العادة فلم أستطع بماذا توجهونني جزاكم الله خيرا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أقول الحمد لله الذي هداه حتى صار يصلى فهو في الحقيقة أسلم بعد رده فعليه أن يشكر الله تعالى على هذه النعمة، أما ما يتعلق بشرب الدخان فهناك وسائل تعينه على ترك الدخان:

منها أن يترك الدخان شيئا فشيئا فيقلل من شربه أولا حتى يزول ما في جسمه من آثار هذا الدخان.

ثانيا أن يستعمل بعض العقاقير بمشورة الطبيب التي تحجبه عن الرغبة في شرب الدخان.

ثالثا أن يبتعد عن مجالسة أهل الدخان لأن الإنسان إذا جالسهم فإنه قد يشتاق إلى شرب الدخان مع زملائه الذين جلس إليهم.

رابعا أن يحرص على صحبة الرفقة الطيبة لأنه إذا صحبهم فسوف يمتنع عن الدخان ما دام معهم وهذا مما يعينه على تركه.

خامسا وهو من أقواها أن يكون لديه عزيمة قوية يدع بها الدخان ولقد كان رجلاً مسافرا مع أحد الطيبين وكان هذا يشرب الدخان فلما أخرج البكت من أجل أن يشرب الدخان قال له الرجل الطيب يا فلان نحن ما سافرنا لنكتسب إثما ونحن إذا شاركناك في الجلوس وأنت تشرب الدخان صرنا آثمين كإثمك فإما أن تدع هذا الدخان وإما أن نترك السفر فما كان من هذا الشارب للدخان إلا أن انفعل ثم أخذ علبة البكت وقطعها ومزقها ورمى بها يقول شارب الدخان فما عدت إليه بعد ذلك لأنه عزم وصمم وقال ما هذا الشراب الذي يمنعني أن يصاحبني الطيبون فانتقد نفسه وصار ذلك من أسباب ترك الدخان هذا مع معونة الله عز وجل وتوفيقه.

***

ص: 2

‌السائل خالد أأ يقول في هذا السؤال تخرجت من الثانوية ولكنني قد غشيت في بعض المواد الإنجليزية وأنا الآن علي مشارف الجامعة ماذا يلزمني في ذلك هل يلزم التوبة في مثل هذه الحالة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: يلزم عليك التوبة إلى الله عز وجل وألا تعود لمثل هذا وذلك لأن الغش في الامتحان في أي مادة يعتبر غشا كما هو لفظه وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال (مَنْ غش فليس منا) فعليك أن تتوب إلى الله وادخل الجامعة الآن مع التوبة واستمر في مجانبة الغش وإذا قدر لك شهادة جامعية بدون غش فإن الله سبحانه وتعالى يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات.

***

ص: 2

‌أفيدكم أنني في بداية شبابي كنت على الطريق غير الإسلامي حيث كنت لا أبالي بالعبادات أحيانا أصلى وأصوم وأحيانا لا أصلى ولا أصوم وكنت لا أكترث للمحرمات ولمدة خمسة عشر عاما تقريبا إلا أنني الآن استقمت وحافظت على العبادات وقد تبت إلى الله توبة نصوحاً لله عز وجل عمّا كنت عليه وأنا نادم أشد الندم وأرجو من الله أن يتقبل توبتي وسؤالي يا فضيلة الشيخ ماذا علي من ناحية الصلاة والصوم التي لم أقم بتأديتها في أوقاتها علما بأنني لا أحصي تلك الأيام لطول المدة وهل التوبة تكفي تكفيرا لذنبي

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أولا أهنئك بتوبة الله عليك وتوفيقك للتوبة وأسأل الله تعالى أن يثبتك على ذلك وأن يمن علينا جميعا بالتوبة النصوح التي يمحو الله بها ما سلف من ذنوبنا وأن يعصمنا في مستقبل عمرنا ثانيا أبشرك بأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال (التوبة تهدم ما قبلها والإسلام يهدم ما قبله) وتوبتك هدمت ما سلف من ذنوبك وليس عليك قضاء ما فات ولكن اسأل الله الثبات على طاعته إلى أن تلقاه واحرص بقدر ما تستطيع أن تدعو إخوانك الذين كانوا مثلك إلى ما من الله به عليك من التوبة والتزام الصراط المستقيم (فلأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم) وهذا من شكر نعمة الله عليك أن تدعو إخوانك الذين أسرفوا على أنفسهم إلى التوبة النصوح والاستقامة على دين الله.

***

ص: 2

‌هذا السائل الذي رمز لاسمه بـ م م يقول في هذا السؤال سمعنا بأن تارك الصلاة جميع ما يقوم به لا يؤجر عليه ولكن إذا هداه الله عز وجل للصلاة هل يحتسب له ما كان يقوم به من عمل طيب في الوقت الذي كان لا يصلى فيه أم يبدأ ثواب الأعمال من تاريخ التزامه بالصلاة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا تاب الإنسان من كفره سواء كان كفره بترك الصلاة أو بالاستهزاء بدين الله أو بسب الله أو بسب رسوله صلى الله عليه وسلم أو بسب شريعة من شرائع الله فإنه يغفر له ما قد سلف لقول الله تبارك وتعالى (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ) ولأن الردة تهدم ما قبلها والتوبة تهدم ما قبلها يقول الله تعالى (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) ويقول تبارك وتعالى (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) فإذا تاب غفر الله له ما سبق من ذنبه وعاد إليه ما عمل من الأعمال الصالحة قبل ردته لأن الله تعالى اشترط في حبوط العمل فيمن ارتد أن يموت على الردة فقال (وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) بل إنما عمله من خير حال ردته يكتب له لقول النبي صلى الله عليه وسلم (أسلمت على ما أسلفت من خير) .

***

ص: 2

‌هذا السائل يقول يعتريني أحيانا شعور بالذنب وتأنيب الضمير والإحساس بالنقص وأستحضر الأخطاء التي وقعت فيها ولو لم تكن برغبتي والأشياء الصغيرة التي مضى عليها سنوات كثيرة فهل هذا من وساوس الشيطان وما الحل والعلاج

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الحل والعلاج هو التوبة إلى الله عز وجل فكلما تذكر الإنسان الذنب أحدث لنفسه توبة ولكن لا يجوز له أن يسيء الظن بالله فيظن أن الله لا يتوب عليه لأن من تاب توبة نصوحا تتم فيها الشروط تاب الله عليه ولا بد قال الله تعالى (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ) ولكن التوبة لها شروط:

الشرط الأول أن تكون خالصة لله.

الشرط الثاني أن يندم الإنسان على ما فعل من الذنب.

الشرط الثالث أن يقلع عن الذنب في الحال.

الشرط الرابع أن يعزم على ألا يعود.

الشرط الخامس أن تكون في زمن تقبل فيه التوبة أما الإخلاص فضده الشرك فإذا تاب الإنسان للخلق لا لله فتوبته غير مقبولة لقول الله تعالى في الحديث القدسي (أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه) وأما الندم فلأن الإنسان إذا لم يكن منه ندم صارت السيئة وعدمها سواء عنده وهذا يعني أنه غير مبال ولا مكترث فلا بد أن يكون هناك ندم وجزع في النفس على ما فعل من الذنب إما ترك واجب أو فعل محرم وأما الإقلاع فمعلوم أنه لا توبة مع الإصرار يقول أتوب إلى الله من الربا وهو يتعامل بالربا كيف يكون هذا ويقول أتوب إلى الله من الغيبة وهو يغتاب الناس فالتوبة الرجوع من معصية الله إلى طاعته فمن لم يقلع عن الذنب فليس بتائب ولهذا يجب على من عنده مظالم للناس إذا تاب إلى الله أن يرد المظالم إلى أهلها فلو سرق إنسان من شخص سرقة وتاب إلى الله فلا بد أن يرد السرقة إلى صاحبها وإلا لم تصح توبته ولعل قائلا يقول مشكلة إن رددتها إلى صاحبها أفتضح وربما يقول صاحبها أن السرقة أكثر من ذلك فيقال يستطيع أن يتحيل على هذا بأن يكتب مثلا كتاب ولا يذكر اسمه ويرسله إلى صاحب السرقة مع المسروق أو قيمته إن تعذر ويقول في الكتاب هذه لك من شخص اعتدى فيها وتاب إلى الله ومن يتقِ الله يجعل له مخرجا وأما أن يقول أخاف أن أفتضح أو أخاف أن يدعي صاحب المال أن المال أكثر فهذا لا يعفيهم من رده.

***

ص: 2

‌رسالة من سوريا بعث بها أمجد أ. أ. يقول توفي والدي وهو غير راضٍ عني وأنا في الخامسة عشرة من عمري لأنني كنت في طريق الشيطان والمخالفات والمعصية وعندما بلغت العشرين عدت إلى الله وإلى ديني وإلى صلواتي وتغيرت حالتي وأخذ الندم مني ما أخذ بسبب عدم رضا والدي عني والآن أنا شاب عدت إلى الله وأعيش مع والدتي التي لم يبقَ لي في الدنيا سواها لم يمر يومٌ إلا وأبكي بحرقة على تفريطي عندما أقرأ عن بر الوالدين ولكن ما يطمأنني أنني عشت مع كتاب الله رفيقي الوحيد في هذه الدنيا استأنس بتلاوته تعبداً لله عز وجل فيهدأ قلبي وتسكن جوارحي ويذهب عني الحزن والغم وأتذكر والدي الذي توفي وهو غير راضٍ عني لكن عزائي الوحيد في هذه الدنيا بأنني كرست جهدي في محبة والدتي والمشاركة في أعمال الخير والدعوة إلى الله عسى ربي أن يتوب علي فهل من نصيحة يا فضيلة الشيخ تطمئنني بارك الله فيكم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: يقال إن التمر لا يستبضع إلى هجر وحال الرجل الذي التي سمعناها حالٌ طيبة لا يستطيع الناصح مهما بلغ من النصح أن يوصل المنصوح إلى مثل هذه الحال التي ذكرها عن نفسه وأبشره بأنها حالٌ طيبة أرجو الله سبحانه وتعالى أن يمحو بها ما سلف من ذنوبه وآثامه وتقصيره في حق والده وأقول له إنك قد قرأت قول الله عز وجل (قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمْ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ (54) وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمْ العَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ) وأرجو أن يكون هذا الوصف منطبقاً عليه أنه أناب إلى الله وأسلم له وأسأل الله لي وله الثبات على دينه إلى الممات أقول هنيئاً له بما من الله عليه من هذا الرجوع إلى ربه عز وجل والاستقامة على دينه وبره بوالدته وحبه للخير وأسأل الله أن يزيده من فضله ويحقق لي وله ولإخواني السامعين والمسلمين جميعاً ما نرجوه من نصرٍ وعزٍ في الدنيا ومن كرامةٍ في الآخرة إنه على كل شيء قدير.

***

ص: 2

‌المستمع رمز لاسمه بـ ن. م. ع. يقول إذا تاب الإنسان ورجع إلى ربه حيث كان لا يصلى هل يلزمه النطق بالشهادتين والاغتسال

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا تاب الإنسان الذي كان لا يصلى إلى الله عز وجل وعاد إلى صلاته فإنه يكون مسلماً بصلاته لأن من كفر بالشيء صار مسلماً بفعله وهو سوف يقول في نفس الصلاة أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وأما الاغتسال فهو مبنيٌ على وجوب الاغتسال إذا أسلم الكافر فمن قال إن الكافر إذا أسلم وجب عليه الغسل قال إن هذا إذا عاد إلى صلاته وجب عليه الغسل ومن قال بعدم وجوب الغسل على من أسلم قال إنه لا يجب على هذا أن يغتسل ولكن لا شك أن الأفضل له أن يغتسل خروجاً من الخلاف وإبراءً للذمة.

***

ص: 2

‌هذه المستمعة أم نزار تقول في هذا السؤال فضيلة الشيخ بالنسبة للتائب هل يلزمه التشهد والاغتسال للدخول في دين الله من جديد

فأجاب رحمه الله تعالى: أما التائب من الكفر فإنه يغتسل إما وجوبا على رأي كثير من العلماء وإما استحبابا على رأي آخرين وأما التائب من المعصية التي دون الكفر فلا يشرع له أن يغتسل لأنه لم يخرج من الإسلام بل العاصي مسلم ولو عظمت معصيته إذا لم توصله معصيته إلى حد الكفر هذا هو مذهب أهل السنة والجماعة أن كبائر الذنوب مهما عظمت إذا لم تصل إلى حد يخرج الإنسان من الملة فإنه لا يكفر بها الإنسان ثم إن مات وقد تاب منها فإن الله يتوب على من تاب كما قال تعالى (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) وإن مات قبل التوبة فهو داخل في قوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ) فهو تحت المشيئة إن شاء الله عذبه وإن شاء غفر له

***

ص: 2

‌هذا مستمع رمز لاسمه بـ ج. ع. م. يقول بأنه شاب في الثانوية ولم أكن أصلى وإذا أمرت بالصلاة من الأهل فأنا أصلى بغير وضوء لوجود غشاوة على قلبي والحمد لله لقد اهتديت لله سبحانه وتعالى وأصبحت من أصحاب المساجد بحمد من الله وإن شاء الله لن أغير منهجي هذا إلى اليوم المكتوب وحقيقة سبب هدايتي لله سبحانه وتعالى عندما سمعت خبر موت في حادث حصل لأحد الأقارب الأعزاء فاهتديت إلى الله فكانت عبرة لي بحمد من الله والحقيقة إنني خائف إن كان الله سبحانه وتعالى سوف يقبل عودتي للهداية لهذا السبب أو العبرة التي مرت عليّ أم لا وما الواجب عليّ في هذه الحالة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: التوبة إلى الله سبحانه وتعالى مقبولة بأي سبب كانت فمن تاب تاب الله عليه والحوادث والمصائب تكون أحياناً خيراً يتعظ بها الإنسان ويتوجه إلى الله عز وجل ويلين قلبه والله سبحانه وتعالى قد جعل لكل شيء سببا وعليه فإن توبة السائل مقبولة إن شاء الله تعالى وما تركه من العبادات في أيام سفهه فلا قضاء عليه فيها ولكن ندعوه إلى أن يكثر من التطوع والأعمال الصالحة والاستغفار والذكر ونسأل الله لنا ولهم الثبات وحسن الخاتمة والعاقبة.

***

ص: 2

‌كيف تمحو الحسنةُ السيئةَ هل تذهب السيئة وتبقى الحسنة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم هكذا قال الله عز وجل (إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ) فعلى هذا إذا فعل الإنسان حسنة بعد سيئة فإنها تذهبها وتمحوها محواً ولا سيما إذا كانت الحسنة هي التوبة من ذلك الذنب فإن التوبة تجب ما قبلها قال الله تبارك وتعالى (قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) .

***

ص: 2

‌ما حكم من تاب من إحدى الكبائر وعاهد الله على كتابه وأمام بيته الكعبة المشرفة أن لا يعود إلى تلك المعصية ثم خانته نفسه وضحك عليه إبليس اللعين وعاد إلى تلك المعصية ثم تذكر وندم وتأسف فما حكمه وهل عليه كفارة وهل له توبة أفيدونا جزاكم الله عنا خير الجزاء

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا كانت نفسه خانته ثم تذكر وندم فإنه يتوب إلى الله سبحانه وتعالى ويستغفر من هذا الذنب ويكفر كفارة يمين لأنه لم يف بالنذر الذي عاهد الله عليه فعليه كفارة يمين مع التوبة والاستغفار.

***

ص: 2

‌هذه رسالة وردتنا من المرسل ح خ ق ن من الظهران يقول في رسالته أولاً من عمل عملاً لا يرضي وجه الله ثم تاب ثم عاد إلى هذا العمل مراراً وتكراراً فهل له من توبة أم لا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم له توبة لعموم قوله تعالى (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) فهذا الرجل إذا تاب من هذا الذنب توبة نصوحاً تاب الله عليه ثم إن دعته نفسه فيما بعد ذلك إلى مقارفة هذا الذنب ففعله ثم تاب منه توبة نصوحاً مخلصاً فإن الله يتوب عليه وهكذا كلما فعل ذنباً ثم تاب منه توبة نصوحاً صادقة ثم غلبته نفسه فيما بعد على فعله ثم أعاد التوبة فإنه يكون على آخر أحواله إن كان آخر أحواله التوبة النصوح فإنه كمن لا ذنب له وإن كان آخر أحواله أنه مصر على هذا الذنب فإن له حكم المصرين عليه.

***

ص: 2

‌المستمع أ. ب. ع. مصري يقول في رسالته لقد ارتكبت ذنباًَ ثم توجهت بالتوبة إلى الله عن هذا الذنب وقضيت عنه كفارة ثم ارتكبت الذنب مرة أخرى وقضيت الكفارة عن هذا الذنب مرة أخرى وحتى الآن وأنا تائب عن هذا الذنب ما حكم الشرع في نظركم في عملي هذا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا أذنب الإنسان ذنباً ثم تاب إلى الله توبةً نصوحاً مستوفية لشروط التوبة الخمسة وهي أن تكون توبته خالصة لله عز وجل وأن يندم على ما حصل منه من الذنب وأن يقلع عنه في الحال وأن يعزم على ألا يعود في المستقبل وأن تكون التوبة في وقت تقبل فيه بأن تكون قبل حلول الأجل وقبل طلوع الشمس من مغربها فإذا تاب هذه التوبة فإن الله تعالى يتوب عليه ثم إن عاد إلى الذنب مرة أخرى وتاب فإن الله تعالى يتوب عليه وهكذا كلما تاب تاب الله عليه وما دامت حاله الآن على الاستقامة والتوبة فإنه يرجى له الخير في المستقبل ونسأل الله تعالى أن يمن علينا وعليه بالتوبة النصوح.

***

ص: 2

‌أغضبت والدتي عدة مرات حتى إنني تطاولت عليها بالسب والشتم والكلام غير اللائق لأسباب تافهة ظناً مني بأنها تحب أخي الأكبر أكثر مني بمعاملتها السيئة لي وأنا أعلم بأن غضبها من غضب الله ورضاها من رضا الله والآن هي تكلمني وراضية عني فماذا أفعل لأكفر عما فعلت أرشدوني بارك الله فيكم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إن إغضابك لوالدتك وكلامك عليها ذلك الكلام السيئ محرم ولا يجوز لأن الله تعالى يقول (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً) وقال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم (من أحق الناس بحسن صحبتي يا رسول الله قال أمك قال ثم من قال أمك قال ثم من قال أمك قال ثم من قال أبوك) وهذا دليل على أن إحسان الصحبة للأم أوجب وأوكد من الأب ومع ذلك فإن كلاً من الأم والأب له حق يجب على الإنسان أن يقوم به وإذا حصلت من أحد إساءة لأبويه أو أحدهما فإن طريق الخلاص من مثل ذلك أن يستحلهما وإذا استحلهما وعفوا عنه ورضيا فإن التوبة تجب ما قبلها ولا يعاقب على ما صدر منه إذا علم الله تعالى من نيته صدق التوبة والإخلاص فيها.

***

ص: 2

‌المستمع أبو محمد من القطيف يقول لقد نويت أن أصوم لله شهرين متتابعين تكفيراً عما ارتكبته في حياتي وحينما علم بذلك بعض زملائي سألوني إن كنت قد ارتكبت عملاً يوجب كفارة صيام شهرين متتابعين فقلت لهم لا فقالوا ليس عليك شيء لو لم تكمل الصيام بل لا يجوز لك ذلك فامتثلت كلامهم وقطعت الصيام فهل كلامهم هذا صحيح وماذا يجب علي أن أفعل

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: كلامهم صحيح والإنسان لا يمكن أن يفعل من العبادات إلا ما أذن الله فيه ولم يأمر الله تعالى عباده أن يصوموا شهرين متتابعين احتياطاً عما قد يكون وقع منهم من الذنوب ولكن الإنسان مأمور بأن يكثر من التوبة والاستغفار فإن النبي عليه الصلاة والسلام حث على ذلك حيث قال (يا أيها الناس توبوا إلي ربكم فإني أتوب إلى الله في اليوم مائة مرة) هذا وهو النبي صلى الله عليه وسلم وأما قطعك الصيام حين أخبروك فهذا حق وهو من كمال الإيمان أن يقف الإنسان عند الحق متى تبين له فقد أحسن من انتهى إلى ما سمع والذي أنصحك وسائر إخواني المسلمين ألا يتعبدوا لله تعالى بشيء حتى يعلموا أنه من شريعة الله ليعبدوا الله تعالى على بصيرة فالشرع ليس إلينا وإنما هو إلى الله ورسوله ولهذا عاب الله تعالى وأنكر على من اتخذوا شركاء معه يشرعون للعباد فقال (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنْ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ) .

***

ص: 2

‌سؤال الأخ من الجمهورية العراقية من مدينة كركوك عما يعانيه المسلمون الآن من الذل والهوان فهل يمكن أن نقول المسلم الذليل تطلب منه التوبة عن ذلته وهل تعتبر الذلة أيضاً معصية

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الذل أثر من آثار المعاصي وعقوبة وليست هي المعصية بل المعاصي من فعل العبد والذلة من قضاء الله وقدره عليه بسبب معاصيه ويمكن أن يتوبوا من المعاصي فتعود إليهم العزة لأن الله يقول سبحانه وتعالى (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) والإيمان وصف فوق وصف مطلق الإسلام (قَالَتْ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا) فالآن هذه الآية التي كانت في الأعراب في عهد الرسول الله صلى الله عليه وسلم تنطبق اليوم على كثير من المسلمين حاضرتهم وباديتهم يقولون آمنا ولكن في الحقيقة نقول لهم قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم وذلك لكثرة المعاصي والمخالفات التي تنقص من إيمانهم فنحن نقول يمكن أن تعود العزة إلى المسلمين اليوم إذا كانوا مؤمنين ورجعوا إلى دينهم حقاً فإن الله سبحانه وتعالى أحكم الحاكمين وأعدل العادلين.

***

ص: 2

‌أحسن الله إليك هل صحيح بأن دعاء سيد الاستغفار ينوب عن الاستغفار سائر اليوم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: سيد الاستغفار أن تقول (اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت) هذا سيد الاستغفار وهو أفضله ولكن ينبغي للإنسان أن يكثر من ذكر الله ومن استغفار الله فإن هذا دأب الصالحين ودأب عباد الرحمن قال الله عز وجل (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ) .

***

ص: 2

‌ورد حديث فيه (من قال أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه غفر الله له ذنبه ولو كان فاراً من الزحف) هل معنى ذلك أنه يدخل في الحديث الكبائر

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الفرار من الزحف من كبائر الذنوب قال الله تبارك وتعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ *ومَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) وعده النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من الموبقات أي من المهلكات وذلك لما يترتب عليه من إذلال المؤمنين وإعزاز الكافرين أما إذلال المؤمنين فمن المعلوم أنه إذا ذهب واحد من الصف انكسرت قلوبهم وصار فيهم ذل وأما إعزاز الكافرين فإن الكافرين يقولون هذا أول الهزيمة شدوا عليهم فيبقون على مجابهة المسلمين ولهذا كان من كبائر الذنوب.

***

ص: 2

‌يقول السائل إبراهيم أبو حامد ما هي فوائد الاستغفار الدينية والدنيوية وهل هناك كتاب مؤلف في ذلك

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: فوائد الاستغفار أن الإنسان إذا استغفر ربه بصدق وإخلاص وحسن ظن بالله عز وجل فإن الله تعالى يغفر ذنبه كما قال الله تبارك وتعالى (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) وإذا غفر الله له ذنبه واتقى الله سبحانه وتعالى كان من فوائد ذلك أن الله تعالى يجعل له من أمره يسرا ويرزقه من حيث لا يحتسب كما قال الله تبارك وتعالى (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ من أمره يسرا) وقال (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) .

***

ص: 2

‌هل صحيح بأن كل شخص يقول كلمة استغفر الله يغفر له

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا قال الإنسان استغفر الله بنية خالصة وصدق في طلب المغفرة وتمت شروط التوبة في حقه فإن الله سبحانه وتعالى يتوب عليه بل يحب ذلك منه كما قال الله تعالى (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم (أن فرح الله بتوبة عبده كفرح الإنسان بوجود ناقته التي ضلت عنه وعليها طعامه وشرابه فالتمسها فلم يجدها فاضطجع تحت شجرة ينتظر الموت فإذا بخطام ناقته متعلقاً بالشجرة فأخذ بخطام الناقة وقال اللهم أنت عبدي وأنا ربك أخطأ من شدة الفرح) ولا أحد يقدر قدر هذا الفرح إلا من أصيب بمثل هذه المصيبة فالله تعالى يحب من عبده أن يتوب ويحب من عبده أن يستغفر وقد أمر الله تعالى بالاستغفار في كتابه في عدة آيات والاستغفار هو طلب والمغفرة والمغفرة هي ستر الذنب والتجاوز عنه لأنها مأخوذة من المغفر الذي يغطي به الإنسان رأسه في القتال يتقي به السهام ففيه ستر ووقاية وهكذا المغفرة فيها ستر للذنوب ووقاية من عقوباتها فإذا استغفر الإنسان ربه بصدق وإخلاص مع مراعاة شروط التوبة فإن الله سبحانه وتعالى يتوب عليه ويتوب الله على من تاب.

***

ص: 2

‌أحسن الله إليكم السائل الذي رمز لاسمه خ. ف. م. ع يقول إذا اغتاب شخص ما بعض الناس وذمهم وقام بعمل صدقة لهم جارية عمّا تحدث عنهم من ذكر سيئ هل يكفي هذا؟ وهل يوفي هذا من حقوقهم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الحقوق التي تجب على الإنسان لغيره نوعان حقوق مالية وحقوق عرضية أما الحقوق المالية فلا بد أن نردها إلى أصحابها مهما كان الأمر فلو أن شخصاً جحد حقاً لآخر وليس به بينة للمدعي ثم تاب إلى الله وجب عليه أن يرد الحق إلى صاحبه على أي حال كان وأما الحقوق العرضية من سب وقدح ونحوه فلابد أيضا من استحلال صاحبها إذا علم أن هذا صدر منه لأنه إن لم يفعل بقي في نفس صاحبه شيء فلابد أن يستحله ويتخذ واسطة بينه وبينه إذا خاف أنه إذا ذهب إليه يستحله لم يفعل وتكون الواسطة واسطة خير وأما إذا كان لم يعلم بما انتهكه من عرضه يعني لم يعلم أنه اغتابه أو أنه ذمه في شيء فإنه لا يحتاج إلى أن يخبره ولكن يثني عليه في المجالس التي كان اغتابه فيها ويستغفر الله له وهذا يكفي إن شاء الله.

***

ص: 2

‌أحسن الله إليكم ما رأيكم يا فضيلة الشيخ بالشخص الذي تصدق عن كل من اغتابه بعد أن تاب إلى الله من ذلك

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا تاب الإنسان من الغيبة توبة نصوحاً فإن من تمام توبته أن يستحل الشخص الذي وقعت منه الغيبة عليه إن كان يعلم أنه قد بلغه أنه قد اغتابه أما إذا كان لم يعلم فيكفي أن يستغفر له وأن يذكر محاسنه في المكان الذي كان يغتابه فيه لأن الرجل إذا أحسن إلى من اغتابه بالثناء عليه بما هو أهله فالحسنات يذهبن السيئات.

***

ص: 2

‌إذا اغتاب شخص شخصاً آخر ولم يستطع التحلل منه فهل يكفي الاستغفار والدعاء له

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الصحيح فيمن اغتاب أحداً من الناس أنه لا يمكن أن يكون منه في حل حتى يستحله شخصياً إذا كان هذا الذي أغتيب قد علم بالغيبة فإن كان لم يعلم بذلك فإنه يكفي أن يستغفر له ويذكره بالخير في المجالس التي اغتابه فيها وذلك لأن الغيبة من كبائر الذنوب وهي ذكرك أخاك بما يكره لقول النبي صلى الله عليه وسلم حين سئل عن الغيبة (الغيبة ذكرك أخاك بما يكره) وقد نص الإمام أحمد رحمه الله على أن الغيبة من كبائر الذنوب التي لا تغفر إلا بتوبة فلا تكفرها الصلاة ولا الصدقة ولا الصيام ولا الحج بل لا بد فيها من توبة وليعلم أن الغيبة من كبائر الذنوب لعامة المسلمين فإذا كانت لخاصتهم كاغتياب العلماء أو ولاة الأمور كانت أشد وأشد إثماً وذلك لأن اغتياب العلماء ليس اغتياباً لهم شخصياً ولكنه اغتياب لهم شخصياً وتقليل لقيمتهم العلمية وهم هداة الأمة فإذا قلّت قيمتهم العلمية قلّ اهتداء الناس بهم وكان ذلك إضعاف لمصدر من مصادر الشريعة وهم العلماء وأقول لمصدر من مصادر الشريعة لأننا لا نعلم الشريعة إلا عن طريق أهل العلم فإنهم هم ورثة الأنبياء فإذا قلنا قولاً يقلل من شأنهم ثم قلت قيمتهم بين الناس قل قبول الناس لقولهم وانجرحت الشريعة بسبب ذلك وأما اغتياب ولاة الأمور ففيه أيضاً تقليل لهيبتهم وإضعاف لامتثال الناس أمرهم وسبب للتمرد عليهم فكانت غيبتهم أعظم من غيبة عامة الناس وأشد خطراً وأكبر إثماً فلذلك أحذر إخواني المسلمين من غيبة العلماء وغيرهم من ولاة الأمور ولست بذلك أقول كفوا عن مساويهم ولا أن هؤلاء العلماء أو الأمراء معصومون بل هم يخطئون كغيرهم ولكن الطريق السليم أن نتصل بالعلماء الذين بلغنا أو رأينا منهم ما يجب التنبيه عليه فنذكر لهم ما أخطئوا فيه وهم بخطئهم قد يكونوا معذورين إما بتأويل أو بجهل في الواقع أو لغير ذلك من الأعذار فإذا اتصلنا بهم وبينا لهم ما نرى إنه خطأ وناقشناهم فيه فقد يكون الصواب معهم ونكون نحن مخطئين وقد يكون الصواب معنا وحينئذٍ يلزمهم أن يرجعوا إلى الصواب والخلاصة أن الغيبة من كبائر الذنوب لأي واحد من المسلمين وأنها تتعاظم ويكبر إثمها فيما إذا كانت للعلماء أو ولاة الأمور فنسأل الله تعالى أن يحمي ألسنتنا مما يغضبه ونسأل الله تعالى أن يكفنا عن مساوئ غيرنا ويكف غيرنا عن مساوينا وإن يجعلنا ممن رأى الحق حقاً واتبعه ورأى الباطل باطلاً واجتنبه.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم هذا المستمع سعود من بريده يقول فضيلة الشيخ اغتبت أحد الأشخاص في مجلس من المجالس نظرا لأنه أساء إليّ ثم ذهبت إليه لأستسمحه عن هذه الغيبة فقدمت له عذري وقلت له أعتذر منك فقد اغتبتك وأرجو أن تسامحني ولكنه قال أذهب الله لا يحلك فما حكم الشرع في عملي هذا مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نقول إن الواجب على الإنسان إذا تاب من مظلمة لأخيه عليه أن يؤدي إليه مظلمته في الدنيا قبل أن تأخذ من أعماله الصالحة في يوم القيامة إن كانت مالا فليؤده إليه وإن كانت عرضا فليستحل منه وإذا بذل ما يستطيع من طلب إحلاله منه فأبى من له حق فإنه مع التوبة الصادقة النصوح يقضي الله عز وجل عنه ما تحمله لأخيه والذي أشير به على إخواني المسلمين أن الإنسان إذا جاءهم معتذرا من عدوان اعتدى عليهم به فليقبلوا عذره ليقبل الله أعذارهم منهم يوم القيامة فإن من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته فالله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه وكيف يتحمل الإنسان أن يأتيه أخوه معتذرا نادما يطلب منه أن يحلله ثم يقول لا حللك الله هذا شيء ينبغي أن لا يوجد في مجتمع مسلم يود لأخيه ما يود لنفسه فها هنا أمران الأمر الأول نصيحة هذا الذي اغتاب غيره بأن يحرص غاية الحرص على أن يحلله في الدنيا فإن بذل كلما يستطيع ولم يحصل هذا فإننا نرجو من الله عز وجل أن يتحمل عنه وأما بالنسبة للذي جاء إليه أخوه يعتذر منه فإننا نحثه على قبول عذره فإن ذلك مما يزيل العداوة والبغضاء ويصفي القلوب ويدني بعضها من بعض وإذا عفا عن عباد الله عفا الله عنه.

***

ص: 2

‌المستمع عوض عبد الوهاب يقول في رسالته كيف يتخلص الشخص من حقوق العباد سواء كان مالاً أو غير ذلك ولم يستطع الوفاء به

.

فأجاب رحمه الله تعالى: حقوق العباد إما مالية وإما بدنية فإن كانت تتعلق ببدن الشخص فالتخلص منها ألا يمانع الإنسان من له الحق في أخذها فإذا وجب عليه قصاص في جرح أو في عضو من الأعضاء فالتخلص من ذلك أن يمكن من له الحق من الأخذ بالقصاص وأما إذا كانت مالية فإن التخلص من ذلك أن يؤدي الحق إلى صاحبه فيؤدي المال إليه إن كان موجوداً أو إلى ورثته إن كان معدوماً فإن لم يكن له ورثه أدى ذلك إلى بيت المال وبهذا يتخلص منه أما إذا عجز عن أداء الحقوق إلى أهلها فإنه قد ثبت في الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال (من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله) فإذا كان هذا الإنسان حريصاً على الأداء ساعياً فيه ما أمكن ولكنه عجز وكان من نيته أن يؤدي فإن الله تعالى يؤدي عنه الحق لمن له الحق بمنه وكرمه وتبقى ذمة هذا العاجز بريئة وأما من أخذ أموال الناس لا يريد أداءها وإنما يريد إتلافها عليهم وأكلها بالباطل فإن الله تعالى يتلفه بالنقوص في أمواله وربما يتلفه أيضاً بالأخذ من حسناته كما جاء في الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال (من تعدون المفلس فيكم قالوا من لا درهم عنده ولا متاع قال المفلس من يأتي يوم القيامة بحسنات أمثال الجبال ثم يأتي وقد ظلم هذا وشتم هذا وضرب هذا وأخذ مال هذا فيأخذ هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن بقي من حسناته شيء وإلا أخذ من سيئاتهم فطرح عليه ثم طرح في النار) وعلى المرء أن يتخلص من حقوق العباد ما دام في زمن المهلة وأن يؤديها إليهم وألا يماطل بها لقول النبي صلى الله عليه وسلم (مطل الغني ظلم) .

***

ص: 2

‌المستمع من السودان يقول في سؤاله الثاني نسي عندي أحد الأخوة من السعوديين مبلغاً من المال قدره خمسمائة ريال نتيجة خطأ حسابي ولا أعرف مكانه وهو لا يعرف هذا الخطأ وأريد أن أتخلص من هذا المبلغ إبراءً لذمتي هل يجوز لي أن أتصدق بهذا المبلغ بالريال السعودي أم بالعملة السودانية على بعض الفقراء والمحتاجين من أقاربي وجيراني أم أن هناك طريقة أخرى

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الواجب عليك أن تبحث عن هذا الرجل فإذا يئست منه فلك أن تتصدق بالخمسمائة ريال على الفقراء هنا أو في السودان وسواءٌ تصدقت بها بالنقد السعودي أو تصدقت بها بالجنيه السوداني المهم أنه يجب عليك أولاً أن تبحث عنه فإذا يئست فتصدق به وهكذا نقول في كل مالٍ مجهولٍ صاحبه إذا بقي عندك ويئست منه فلك أن تتصدق به عنه ثم إن قدم يوماً من الدهر فخيره قل له إن المال الذي لك تصدقت به بناءً على أني لا أتمكن من الاتصال بك والآن أنت بالخيار إن شيءت أجزت ما فعلته ويكون الأجر لك وإن شيءت أعطيتك مالك ويكون الأجر لي.

***

ص: 2

‌هذا المستمع رمز لاسمه بـ س. س. أبو عبد الله السعودية جدة يقول فضيلة الشيخ كيف يتحلل الإنسان من مظالم الناس سواءٌ كانت أموال أو غيبة أو نميمة وإذا كانت أموالاً ولا يعرف كيف يردها فماذا يفعل

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: يتحلل الإنسان من حقوق الناس بأحد أمرين إما بالوفاء وإما بالإبراء أما الوفاء فإذا كانت أموالاً يردها إلى أصحابها إن كان يعلمهم وإن كان قد نسيهم فليتذكر وإن كان يجهل محلهم فليبحث فإذا تعذر العثور عليهم فليتصدق بها عنهم يكون لهم أجرها وله هو أجر التوبة وإن كان أصحابها قد ماتوا وخلفوا ورثة فإنه يبحث عن ورثتهم ويسلم إليهم المال لأن المال انتقل إلى الورثة بعد موت المورث فإن جهل الورثة ولم يعلم عنهم شيئاً ولم يتمكن من العثور عليهم فعل ما سبق يتصدق به عنهم لأنه انتقل إليهم وإذا كان الحق عرضاً بأن يكون قد تكلم في عرضه وسبه فإنه يتحلل منه بأن يطلب منه العفو فيقول إني أرجو أن تعفو عما قلت فيك فقد قلت كذا وكذا وينبغي من المظلوم الذي طلب منه العفو أن يعفو لأن هذا أخاه جاء يعتذر إليه فينبغي أن يقبل عذره (فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ) وكما قال الله تعالى (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ) وقال تعالى (وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) وإن كان هذا المظلوم في عرضه لم يعلم بأنك قد اغتبته فمن أهل العلم من يقول اذهب إليه وأخبره واطلب منه العفو ومنهم من يقول لا تخبره ما دام لم يعلم ولكن استغفر له وأثني عليه بالصفات التي هو متصفٌ بها وهي حميدة في الأماكن التي اغتبته فيها فإن الحسنات يذهبن السيئات وإن كان حقوقاً أخرى فعلى هذا الباب تذهب إليه وتستحله وإذا حللك فإن هذا من تمام توبتك فإن قدر أنك قد اغتبت شخصاً قد مات ولا تتمكن من الاستحلال من الغيبة فإن الله إذا علم من قلبك صدق النية فهو سبحانه وتعالى أكرم الأكرمين ربما يتحمل عنك هذه المظلمة ويأجر صاحبها ويثيبه عليها.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم هذا المستمع أ. أ. ف. مقيم بالمدينة المنورة بعث بهذا السؤال يقول كنت أعمل موظفا في إحدى الشركات وكانت توكل إلي أحيانا مهمة الصرف للعمال رواتبهم ولكني كنت لا أقوم بها على الوجه الأكمل وذلك لأنني كنت آخذ جزءاً يسيرا من راتب كل واحد منهم بحجة أنه لا يوجد لدي صرف وسرت على هذه الطريقة لمدة عام وقد تركت العمل بها منذ أربعة أعوام وندمت ندما شديدا على ما فعلت خصوصا لما علمت أن حق العباد لا تكفي فيه التوبة بل لابد من إرجاعه إلى أصحابه وأصحابه يتعذر علي معرفتهم الآن خصوصا وأن عهدي بهم قد طال وكذلك يتعذر علي معرفة نصيب كل واحد منهم على وجه التحديد فماذا أفعل أفيدوني أثابكم الله

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: ما قاله السائل بأن التوبة لا تتم فيما يتعلق بحق العباد إلا بأداء الحق إليهم أو استحلالهم منه هذا صحيح والطريق إلى التخلص من حق هؤلاء الذين ظلمتهم به أن ترجع إلى السجلات في الوقت الذي كنت تعمل هنالك فإذا رجعت عرفت الموظفين الذين تصرف لهم ثم تتصل بهم وتستحلهم مما صنعت فإن أحلوك فذاك وإن لم يحلوك فإنك تتفق معهم على مصالحه وأي مصالحة تتفقون عليها فإن ذلك جائز فإن تعذر عليك هذا الأمر وصار أمرا غير ممكن فإنك تتصدق بما يغلب على ظنك أنك أخذته منهم تنوي بذلك الخلاص منه لا التقرب به إلى الله لأن التقرب إلى الله سبحانه وتعالى بما لا يحل لا يكون قربة للفاعل لقول النبي صلى الله عليه وسلم (إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً) .

***

ص: 2

‌هذه الرسالة وردتنا من مكة يقول مرسلها م ب ش أني حصلت على ثوب شخص في بيته وأخذت منه فلوس عدة مرات كثيرة ولا أدري والله ما عدد الفلوس التي أخذتها ويوم كبرت تبت إلى الله وسمعت حديث يشدد فيمن أخذ مثل هذه النقود أفيدونا والله يحفظكم ويرعاكم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الواجب عليك أن تتوب إلى الله سبحانه وتعالى مما فعلت وأن تتصل بصاحب هذه النقود وتصطلح معه على ما تتفقان عليه مما تدفعه له عما أخذت فأنت ابحث عن الرجل هذا واتفق معه على أي شيء تتفقان قليلاً كان أم كثيراً يحصل به المقصود وبراءة الذمة.

***

ص: 2

‌السائل م م ح من المنطقة الشرقية يقول الذنوب التي بين العبد وبين خالقه يغفرها الله ولكن الذنب الذي علي لشخص آخر يجب أن أذهب إليه وأن أطلب منه العفو والسماح ولكنني لا أستطيع أن أتوجه إليه ولا أستطيع أن أواجه هذا الشخص مهما كانت الأسباب لأنني أنا في منتهى الإحراج منه وسمعتي عنده طيبة وقد ظلمته وسببت إليه بعض الإشكال ماذا أفعل أفيدوني أفادكم الله

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الواجب عليك أن تستحل من ظلمته في عرضه أو ماله أو بدنه في الدنيا قبل الآخرة لأنك إن لم تستحله في الدنيا فسوف يأخذ من حسناتك يوم القيامة بقدر مظلمتك إياه إن كانت المظلمة كبيرة أخذ من حسناتك الكثيرة وإن كانت صغيرة بقدرها فلابد أن تستحله لكن إذا كنت لا تستطيع مواجهته فإنه يمكنك أن تكتب إليه رسالة بغير قلمك بل بالمطبعة وتقول رجل نادم حزين على ما صنع إليك من الإساءة في عرضك أو مالك أو ما أشبه ذلك يطلبك العذر ولك من الله الأجر وهو بنفسه إذا ورد إليه مثل هذا الخطاب فالذي ينبغي له أن يعفو ويعذر لقول الله تبارك وتعالى (وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) ولقوله تعالى (فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ) وهذا الرجل النادم لاشك أن العفو عنه إصلاح فإذا عفى عنه فإن أجره على الله وكون أجره على الله أعظم من كونه أجره يؤخذ من حسنات الظالم ثم يَرِدُ سؤال هل يجب أن أعين ما ظلمته فيه أم يكفى أن يحللني عن المظالم مطلقا الذي يظهر لي إذا كانت المظلمة قد بلغته فلابد أن يعين وأما إذا لم تكن بلغته فإنه لا حرج أن يطلب منه العفو على سبيل الإطلاق.

***

ص: 2

‌إنسان سرق من إنسان آخر حاجة بسيطة أيام جهله وعدم معرفته بالأمور وعواقبها وهذا الشيء قد لا يساوي عشرين ريال، وضاع هذا الشيء الذي سرق، فلما كبر وعقل وأرشد هذا السائل ندم على فعله هذا وهو يعرف صاحبه، ولكن يستحي منه أن يصرح له بالأمر فماذا يفعل هل يتصدق بقيمتها بعد أن يقومها ويعرف كم تساوى أو ماذا يفعل افتنا أثابكم الله تعالى

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا كان يعلم صاحبها فالواجب عليه أن يستحله بأي طريقة لأن هذا حق معصوم معين فيجب إيصاله إليه، وأما الحياء فلا ينبغي أن يستحي الإنسان من الحق، فإن الحياء من الحق خور وجبن وضعف في النفس، فالواجب عليه أن يخبر صاحبه إن طلب رد عوض ما سرق فليعطه، أو طلب مثله وأمكن أن يوجد له مثل فليرسل له مثله، وليس في ذلك شيء إطلاقاً، وأنا سمعت قبل أيام عن شخص محترم كان قد أخذ شيئاًَ زهيداً من آخر وقت صباه، فجمع الله بينهما على غير ميعاد فقال له إنني أطلب منك أن تحللني عن شيء أخذته منك في زمن الصبا وسمى له الذي أخذ، فضحك صاحبه، وقال هذا شيء أنت مسامح فيه، فلعل صاحبنا هذا يكون مثله.

***

ص: 2

‌هذه الرسالة وردتنا من تبوك يقول سؤالي هو أني سرقت حوالي خمسة كفرات سيارة وبعد الصلاة ندمت على ما فعلت ولأني ما ينفعني الندم تمنيت أن يدي تقطعت أرشدوني والله يجيركم ويثيبكم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذه الكفرات التي سرقتها إن كنت تعلم صاحبها وجب عليك ردها إليه بأي وسيلة وإذا كان صاحبها قد مات وجب عليك أن تردها إلى ورثته وإذا لم يكن له ورثة فإنك تردها إلي بيت المال أو تصرفها في المصالح العامة إذا لم يكن هناك من يتقبلها من جهة الدولة وإذا كنت لا تعلم صاحبها سرقتها من سيارة لا تدري من هي له فإنه يجب عليك أن تصدق بقيمتها لأن المجهول كالمعدوم فلما تعذر علم هذا الشخص الذي سرقت منه هذه الكفرات فإنك تتصدق بها عنه أي بقيمتها والله تبارك وتعالى يعلمه ويصل إليه ذلك وأنت تبرأ بها من ذمتك.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم السائل ع. ح. ب. من السودان يقول إذا جمع شخص أموالاً كثيرة من تجارة في أشياء محرمة ثم تاب إلى الله فهل يجوز له أن يحج من ذلك من المال أو يتصدق منه أو يتزوج منه أو يبني منه مسجداً لله

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: كل من اكتسب كسباً على وجه محرم فإن هذا الكسب لا يحل له ويجب عليه التخلص منه وذلك بأن يرده إلى أصحابه إن كان ظلماً محضاً لم يأخذ عنه عوضاً وإلا فإنه يتصدق به تخلصاً منه أو يبني به مسجداً أو ما أشبه ذلك من طرق الخير ولكن لا بنية التقرب إلى الله لأن ذلك لا يفيده فإن من تقرب إلى الله بكسب محرم لم يقبله الله منه لأن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيباً ولا تبرأ ذمته منه أيضاً لأنه لم يرد الخلاص بهذه الصدقة منه ولكن على من اكتسب مالاً محرماً وتاب إلى الله أن يبذله فيما يرضي الله سبحانه وتعالى تخلصاً منه لا تقرب به وبهذا تبرأ ذمته.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم هذا مستمع للبرنامج لم يذكر الاسم هنا يقول في سؤاله الأول هناك شخص كان عليه دين وبعد مدة ليست بالقصيرة نسي هذا الشخص هل سدد هذا الدين لمستحقيه أم لا فماذا يفعل هذا الشخص

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا كان على الإنسان دين وشك في تسديده فالأصل بقاؤه حتى يتيقن أنه قد سدده ولكن الوصول إلى اليقين في هذه المسألة سهل يتصل بأصحاب الدين الذين لهم الحق ويسألهم هل قضاهم أم لا وحينئذٍ يعمل بما يجيبونه به ولكن ربما يتيقن أن عليه ديناً لشخص ولكن نسي هذا الشخص ونسي أن يكون قضاه ففي هذه الحالة يُخرج هذا الدين صدقة للفقراء أو مساهمة في بناء مسجد أو في غير ذلك من وجوه الخير ثم إن قدر أن صاحب الدين أتى إليه يخبره فيقول له إن الدين الذي لك علي قد صرفته في كذا وكذا لأني أيست من العثور عليك فإن شيءت فهو ماضٍ والأجر لك وإن لم تشأ فأنا أعطيك هذا الدين ويكون الأجر لي.

***

ص: 2

‌هذا المستمع رمز لاسمه بـ م. ص. س يقول فضيلة الشيخ بأنه متزوج ومعه عدد من الأطفال وكان غير مهتدي إلى الطريق المستقيم فقد لعبت الميسر وشربت الخمر وأسرفت علي نفسي وعلي أولادي وبعد ذلك هداني الله إلى الطريق المستقيم وقراءة القران والصلاة والصوم بعد أن كنت لا أصوم رمضان أفيدوني جزاكم الله خيرا هل من كفارة عما بدر مني في الأيام السالفة أرجو الإفادة من فضيلة الشيخ مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا شك أن هذا سؤال عظيم مهم وفيه ما ذكره السائل من المنكرات العظيمة كالخمر والميسر وما أشار السائل إلى عظمه من الذنوب ولكني أقول إن باب التوبة لم يزل مفتوحاً ولله الحمد فقد فتح الله بابه للتائبين في كل وقت يبسط جل وعلا يده في الليل ليتوب مسيء النهار وبالنهار ليتوب مسيء الليل وقد بين الله سبحانه وتعالى في كتابة أنه يغفر الذنوب جميعا لمن تاب فقال الله تعالى وتبارك (قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) وقال الله تعالي (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَاّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً (69) إِلَاّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) فذكر الله في هذه الآية الشرك وقتل النفس بغير الحق والزنا فالشرك عدوان على الله وقتل النفس عدوان على النفوس والزنا عدوان على الأعراض ومع ذلك بين أن من تاب من هذه الذنوب العظيمة فإن الله سبحانه وتعالى يبدل سيئاته حسنات وقال تعالى (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ) وإذا كان الكافر إذا انتهى عن كفره وتاب إلى الله منه غفر الله له ما سلف فكذلك العاصي إذا انتهى عن معصيته وتاب منها غفر الله له ما قد سلف ولكن الحقوق المتعلقة بالعباد كغصب الأموال وأخذها بغير حق يجب على التائب أن يردها إلى أصحابها فإن كانوا قد ماتوا ردها إلى ورثتهم فإن جهلهم فإنه يتصدق بها عنهم وتصل إليهم وتبرأ بها ذمته هذا إن لم يكن أخذ هذه الأموال بمعاوضة وعقد بمعاملة مع أصحابها فإذا كان أخذ هذه الأموال بعقد ومعاملة ومعاوضة مع أصحابها فإنه لا يردها إليهم مثل الميسر الذي ذكره السائل إنه كان يأخذه فإن هذا بعقد صادر عن رضا من الآخر فلا يلزمه إن يعيد إليه ما أخذه منه ولكن يتصدق به تخلصا منه ولا يرده إلي صاحبه لأنه لو رده إلى صاحبه لجمع له بين العوض والمعوض أو لو رده إلى صاحبه لرده إليه وهو راض بخروجه منه على وجه محرم نعم لو فرض أن صاحبه جاهل بأن الميسر حرام فهنا نقول رده على صاحبه لأنه أعطاه إياك معذورا وخلاصة القول إن من تاب من أي ذنب فإن الله يتوب عليه لكن إذا كان الذنب متعلق بحقوق الآدميين التي يجب ردها إليهم فإنه لا تتم التوبة إلا برد هذه الحقوق إلى أهلها.

***

ص: 2

‌هذا السائل يقول بأنه سرق من بيت أحد الأصدقاء قميصاً ولكنني أستحي جداً أن أرده علماً بأنني نادم أشد الندم على فعلتي فماذا أفعل

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الواجب عليك أن ترد القميص إلى صاحبه فإن كان قد تلف وجب عليك رد مثله فإن لم يكن له مثل بأن كان مثله قد هجر وتركه الناس وجب عليك رد قيمته ولكن يقع الإنسان في حرج في مثل هذا كيف يرد ما سرقه على صاحبه إن قال هذا مالٌ قد سرقته منك وقع في إشكال فربما يأخذه إلى الجهات المسئولة وربما يدعي أن ماله أكثر من ذلك وما أشبه هذا فماذا يصنع فالجواب يعطي من يثق به هذا المسروق سواءٌ كان مالاً أو دراهم ويقول يا فلان اذهب بها إلى فلان يعني صاحبها وقل له هذه من شخص أعطانيها لك وكفى وإن كانت دراهم يمكن أن يجعلها الإنسان في ظرف ويرسلها في البريد وما أشبه ذلك فإذا وصلت إلى صاحبها بنية أنها أداءٌ لما في ذمته لهذا الرجل فإنها تجزئ.

***

ص: 2

‌إذا كان الإنسان لصاً وعاش على اللصوصية ثم تاب هل يجب عليه رد كل شيء فعله وثانياً إذا اكتسب إنسان مالاً غير حلال ثم تاب فما حكم هذا المال

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إن الإنسان إذا تاب من اللصوصية فإن من تمام توبته أن يرد الأموال إلى أهلها إن كانوا أحياءً أو إلى ورثتهم إن كانوا أمواتاً ولا تتم توبته إلا بذلك وإن كان يجهلهم مثل أن يكون قد نسيهم أو تغيرت محلاتهم ولا يدري أين ذهبوا فإنه يتصدق بذلك لا تقرباً إلى الله لأنها لا تقربه إلى الله فإن الله طيبٌ لا يقبل إلا طيباً ولكن يتصدق به للتخلص منه وإبراء ذمته من تبعته فيتصدق به بنية أنه لصاحبه الذي أخذه منه والله سبحانه وتعالى عليم بذلك يعلم صاحبه وينفعه به وأما ما أخذه من أهله من أهل الأموال بطريق محرم فهذا ينقسم إلى قسمين أحدهما أن يكون برضا الدافع والثاني أن يكون بغير رضاه فما أخذه برضا الدافع فإنه إن تقاضى الدافع عوضاً عنه فلا يرده إليه لأنه إذا رده إليه جمع له بين العوض والمعوض وإن لم يأخذ الدافع عوضاً عنه رده عليه مثال الأول رجل استعمل كاهناً في كهانة فتكهن له والكهانة حرام (من أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ولهذا كان كسبه خبيثاً حراماً لكن لنفرض أن الأمر وقع فتكهن له وأعطاه حلوانه يعني أجرته ثم تاب هذا الكاهن فإنه لا يرد هذا الحلوان إلى الذي أعطاه إياه لأن الذي أعطاه إياه قد أخذ عوضه حيث تكهن له الكاهن ولكنه أي الكاهن يتصدق بهذا العوض الذي أخذه على وجهٍ محرم ولا يرده إلى صاحبه وأما إذا كان أخذه برضى صاحبه ولم يعوضه عنه فإنه يرده إليه مثل أن يتوسط لشخص بأمرٍ واجبٍ عليه أن يتوسط فيه كدفع ظلمٍ عنه فهذا واجبٌ على كل مسلم أن يعين أخاه بدفع الظلم عنه فإذا لم يفعل إلا بعوضٍ يأخذه كان هذا العوض حراماً عليه فإذا تاب وجب عليه أن يرد العوض إلى صاحبه الذي سلمه له وذلك لأنه في مقابلة أمرٍ واجبٍ على الفاعل وما كان واجباً عليه فإنه لا يجوز أن يأخذ عنه عوضاً هذا إذا كان برضى الدافع وهو يعلمه ففيه هذا التقسيم إن كان قد أخذ عوضاً عنه فلا يرده عليه وإلا رده عليه أما إذا كان المكتسب بغير رضاً من الدافع مثل أن يدعي على شخصٍ ما ليس له ثم يأتي ببينة كاذبة ويحكم له على هذا المدعى عليه فيأخذه فهذا يجب عليه إذا تاب إلى الله أن يرده إلى صاحبه بكل حال وكذلك إذا غصب من أحدٍ شيئاً والغصب غير السرقة لأن السرقة يأخذ من حرزه خفية والغصب يأخذه عياناً جهراً بالقوة كذلك لو غصب من أحدٍ شيئاً وتاب إلى الله فعليه أن يرد هذا المغصوب إلى صاحبه لأنه بغير رضاً منه.

***

ص: 2

‌السائلة تقول بأنني كنت أقوم بإعطاء الدروس الخصوصية نظراً لأنني مدرسة وكنت لا أعتقد أنها حرام لأن معظم المدرسين يفعلون ذلك أما الآن فقد تأكدت بأنها لا تجوز وندمت على ذلك ولكن هل المال الذي جمع من هذه الدروس حرام أم لا وما السبيل إلى التوبة وهل تكفي لتطهير المال وإن كان حراماً فكيف أتصرف فيه خاصة بأن هذا المال وضعت عليه راتبي من الرواتب السابقة طول المدة فكيف لي التخلص من ذلك مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: من المعلوم أن هذا العمل المحرم ليس محرماً شرعاً في حد ذاته لكنه محرم لنهي ولاة الأمور عنه وهذا العوض الذي أخذته السائلة قد أدت مقابله إلى المتعلمين فهي أعطت عوضاً وأخذت عوضاً وإذا تبين لها الأمر ثم تابت فما اكتسبته حلال ولا يلزمها أن تتصدق به لقول الله تبارك وتعالى في المعاملين بالربا (فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ) فلتهنأ بهذا المال الذي اكتسبته ولتعلم أنه لا شبهة فيه ولا إثم عليها فيه.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم هذا السائل سوداني رمز لاسمه بـ أ. أ. م. يقول فضيلة الشيخ إذا أخذ الإنسان من أخيه حق بغير علمه وأراد أن يرده له وخاف من الفتنة ماذا يعمل مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: السائل يقول إذا أخذ من أخيه حقاً ولعله أراد إذا أخذ من أخيه شيئاً ثم منّ الله عليه فتاب فإن الواجب عليه أن يرده إليه بأي وسيلة وليسلك الوسيلة التي ليس فيها ضرر مثال ذلك لو سرق منه مائة درهم مثلاً ثم تاب وأراد أن يردها إليه من المعلوم إنه لو قال إني سرقت منك هذه الدراهم وإني تبت إلى الله وأردها عليك إنه ربما يحصل في هذا شر وربما يقول المسروق منه إنك سرقت أكثر من ذلك فيحصل خصومة ونزاع فحينئذٍ يمكن أن يجعلها في ظرف ويرسلها مع صديقٍ مأمون ويقول لهذا الصديق أعطها فلان وقل له إن هذه من شخص كان أخذها منك سابقاً ومن الله عليه فتاب وهذه هي وحينئذٍ لو قال له صاحب المال أخبرني من هذا الشخص فإنه لا يلزمه أن يخبره به وله أن يتأول إذا ألجأه إلى أن يخبره به فيقول والله لا أعرفه وينوي بقوله والله لا أعرفه يعني والله لا أعرفه على حالٍ معينة غير الحال التي هو عليها فبذلك تبرأ ذمة الآخذ ويحصل لهذا الواسطة خيرٌ وأجرٌ كثير.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم السائل من السودان يقول عندما كان شاباً كانوا يخرجون مع بعض الشباب إلى البر ويسرقون ما يجدون من ماعز أو بقر ويقومون بذبح هذا الذي سرقوه ويأكلونه والحمد لله تبنا إلى الله وهدانا إلى الطريق المستقيم مع العلم بأن أصحاب هذه المواشي موجودون الآن وإذا صارحناهم قد تحصل مشاكل لا حد لها وبعضهم قد مات ماذا نفعل يا فضيلة الشيخ أفتونا مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الواجب عليكم وأنتم تعرفون من هي له هذه البقر والغنم أن تؤدوا المظالم إلى أهلها فإن لم تفعلوا فسوف يأخذون هذه المظالم من أعمالكم يوم القيامة وبذلك تكونون مفلسين فقد حدث النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ذات يوم أصحابه قال (من تعدون المفلس فيكم قالوا من لا درهم عنده ولا متاع قال إن المفلس من يأتي يوم القيامة بحسنات كالجبال فيأتي وقد ظلم هذا وشتم هذا وأخذ مال هذا فيأخذ هذا من حسناته وهذا من حسناته وهذا من حسناته فإن لم يبق من حسناته شيء أخذ من سيئاتهم وطرح عليه ثم طرح في النار) والمشاكل التي قد تحدث فيما لو صارحتموهم بأنكم سرقتم يمكن تلافيها بأن تعطوا قيمة هذا المسروق من تثقون به من الناس فيسلمها لهم فإن هذا الذي تثقون به إذا كان من معارفهم فلن يتهموه بأنه هو الذي سرق وفي هذه الحال أقول إنكم تعطونهم القيمة لأن الرجوع إلى القيمة هنا قد يكون من الضرورة وإلا فإن الواجب على من أتلف حيوانا لشخص أن يرد عليه مثل هذا الحيوان لأن الحيوان من الأشياء المثلية على القول الراجح من أقوال أهل العلم وإذا لم تجدون من تثقون به من معارفهم الذين يؤدون إليهم حقهم فبإمكانكم أن ترسلوا هذا بالشيك أو بجنيه سوداني في البريد فإن خفتم أن يطلعوا على ذلك بواسطة اسمكم على الشيك تعين أن ترسلوه بالجنيه السوداني أما إذا كان صاحب البقر أو الغنم غير معلوم عندكم فإنكم تتصدقون بقيمة ذلك تخلصا مما في ذممكم ليكون أجره لصاحب البقر والغنم.

***

ص: 2

‌البائع الذي يخطئ في الحساب قد يعطي للزبون بالزيادة وبالأقل وبدون قصد هل يدفع الخسارة ويأخذ الزيادة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم يجب على البائع إذا علم أن المشتري أعطاه أكثر مما له يجب عليه أن يرده إليه إن علمه فإن كان قد مات رده إلى ورثته فإن لم يعلمه وأيس من رجوعه فإنه يتصدق به عنه وأما إذا تبين أن المشتري أعطاه أنقص مما له فله أن يبحث عن هذا المشتري ويطالبه بالناقص لكن هل يقبل أو لا يقبل هذا أمر يرجع على المحكمة.

***

ص: 2

‌هذه السائلة امرأة تقول مرضت ثم نامت في المستشفي لعدة أيام وعند خروجها أخذت معها ما يقارب من أربعين كوبا زجاجيا وأشياء أخرى معها ولم تكن تعلم بحكم عملها هذا وانتقلت من منطقتها إلى منطقة أخرى ماذا يجب عليها هل تقوم بإرجاع ذلك أم تتصدق بثمنها مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أرجو ألا يكون على هذه المرأة إثم فيما أخذت من الأكواب الزجاجية حيث ظنت أن أخذها لا بأس به لكن يجب عليها أن تردها إلى المستشفى سواء انتقلت عن البلد الذي كانت فيه أم بقيت فيه لأن هذا حق لآدمي وحق الآدمي لابد من إيصاله إليه أو استئذانه منه وعلى هذا فيجب عليها أن ترد هذه الكؤوس التي أخذتها إلى المستشفى الذي أخذتها منه.

***

ص: 2

‌هذا السائل يقول في إحدى الحلقات كانت لكم إجابة على أحد السائلين بأن الرجل الذي أكل مال غيره بغير وجه حق إذا تاب توبة نصوحاً عليه أن يرد المال لصاحبه ولكن إذا كان هذا المال من المال العام فكيف يفعل أفيدونا مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا كان هذا المال الذي أخذه على غير وجه شرعي من المال العام فليرده إلى من أخذه منه مثلا أخذه من وزارة يرده للوزارة أخذه من مدرسة يرده إلى مدير المدرسة أو قائدها أو ما أشبه ذلك لكن لو أخذ مالا من شخص ثم تاب وكان هذا الرجل المأخوذ منه مجهولا لا يدري أين مكانه ولا يعلم عن أصله ولا نسبه فهنا يتصدق به عنه ثم إذا قدر أنه جاء يوماً من الدهر فليخبره بأنه تصدق به عنه فإن أجاز الصدقة به فثوابه له وإن قال لا أعطني مالي فليعطه ماله وتكون الصدقة للتائب الذي أخذه من قبل.

***

ص: 2

‌هل التوبة تكفر الربا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: التوبة تكفر كل شيء وتهدم ما قبلها من الربا وغيره لكن الربا يقول الله تعالى فيه (وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ) يعني إذا تاب الإنسان من معاملة ربوية والمطلوب لم يوفه بعد فإنه ليس له إلا رأس ماله فقط مثال ذلك رجل أعطى شخصاً ألف ريال على أن يكون ألفاً ومائتين بعد سنة فهذا ربا فإذا منّ الله عليه وتاب فلا يأخذ من صاحبه إلا ألف ريال فقط لقوله تعالى (وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ) .

***

ص: 2

‌هذا سائل من جمهورية مصر العربية ممدوح يقول تبت إلى الله وعندي مال اكتسبته من الحرام ويستحيل عليّ أن أرده لأهله فماذا أفعل به وإذا تصدقت به فما هو موقف المتصدق عليه إذا كان يعلم إن هذا المال حرام جزاكم الله خيرا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا المال الذي اكتسبه من حرام إذا كان مأخوذا من صاحبه قهرا كالمسروق والمغصوب والمنهوب وما أشبه ذلك وهو يعلم صاحبه فلا بد أن يوصله إلى صاحبه بأي حال من الأحوال مهما كانت النتيجة لأن هذا حق مسلم خاص معلوم صاحبه فعليه أن يوصله إليه بأي وسيلة إما عن طريق شخص موثوق وإما عن طريق البريد وإما بأي وسيلة ولابد من هذا وأما إذا كان صاحبه غير معلوم بأن يكون هذا الرجل أخذ أموالا من أناس كثيرين لكن لا يدري من هم فحينئذٍ يتصدق به تخلصا منه عن أصحابه وهم عند الله تعالى معلومون أما بالنسبة للمتصدق عليه فهو حلال له ولا حرج عليه فيه لأنه كصاحبه الذي تصدق به عليه لا يعلم مالكه فهو له حلال هذا إذا كان أخذه بغير رضا صاحبه أما لو أخذه برضا صاحبه كما لو كانت معاملات ربويه أو ما أشبه ذلك من الأشياء التي تعقد بإذن صاحبها وهي حرام شرعا فإنه لا يردها على صاحبها ولكن يتصدق بها تخلصا منها ولا ينويها عن صاحبها أيضا بل ينوي التخلص فقط وهي حلال لمن تصدق بها عليه.

فضيلة الشيخ: يقول هل يجوز أن أتصدق من هذا المال على أهلي؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا يجوز أن يتصدق به على أهله لأنه إذا تصدق به على أهله فكأنه ملكه.

***

ص: 2

‌الدعاء

ص: 2

‌السائل يقول حدثونا عن فضل الدعاء

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الدعاء هو سؤال الله عز وجل وهو من العبادة لقول الله تعالى (وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) وهو في الحقيقة من أسباب معرفة الإنسان قدر نفسه وقدر ربه لأنه لا يسأل ربه إلا وهو يعتقد أنه بحاجةٍ إلى الله وأن الله تعالى عالمٌ بحاله وأنه غني وأنه كريم وقد يتأكد الدعاء في مواطن منها آخر الليل لأنه (ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن الله ينزل إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له) وكذلك بين الأذان والإقامة وكذلك في حال السجود فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال (وأما السجود فأكثروا فيه من الدعاء فقمنٌ أن يستجاب لكم) وقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد) وكذلك عند دخول الإمام يوم الجمعة ما بين مجيئه إلى أن تقضى الصلاة فإن هذا موطن إجابة فيدعو الإنسان بعد فراغ المؤذن من الأذان وإذا شرع الخطيب في الخطبة سكت ويدعو بين الخطبتين ويدعو في صلاة الجمعة كل هذه مواطن إجابة وكذلك يدعو إذا فرغ المؤذن من الأذان وصلى على النبي صلى الله عليه على آله وسلم ودعا لنفسه فإنه حريٌ بالإجابة بل هذا أوسع فإن كل ما بين الأذان والإقامة وقت إجابة للدعاء.

***

ص: 2

‌هذا مستمع يسأل عن موانع الإجابة في الدعاء وعن أوقات إجابة الدعاء

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أولاً يجب أن نعلم أن الدعاء نفسه عبادة وأنه يحصل به القربى إلى الله عز وجل لقول الله تعالى (وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) ولأن الإنسان إذا دعا ربه فإنه معترف لنفسه بالقصور ولربه بالكمال ولهذا توجه إليه سبحانه وتعالى بالدعاء وهذا تعظيم لله عز وجل وتعظيم الله تعالى عبادة، وقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الدعاء عبادة وإذا كان كذلك فإن الإنسان يحصل له التقرب إلى الله تعالى بمجرد دعائه، ثم إنه إذا دعا حصل له مع العبادة إما ما دعا به يعني يحصل له مقصوده الذي دعا الله أن يحصله، وإما أن يصرف عنه من الشر ما هو أعظم من النفع الحاصل بمطلوبه، ومن ذلك أن يكون هذا المطلوب لو حصل للإنسان لكان له به فتنة، وإما أن يدخر الله له أجره عنده يوم القيامة فكل من دعا الله سبحانه وتعالى فإنه لا يخيب أبداً ولكن الدعاء له شروط بل له آداب منها أن يعتقد الإنسان حين الدعاء أنه في ضرورة إلى ربه وفي افتقار إليه وأنه لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله، ومنها أن يعتقد كمال ربه عز وجل وكمال رحمته وإحسانه وفضله وقدرته ومنها أن يكون مؤمِّلاً وراجياً للإجابة، لا يدعو وهو شاك هل يحصل هذا الشيء أو لا يحصل بل يدعو وهو موقن بالإجابة ومنها ألا يعتدي في دعائه وذلك بأن يسأل الله سبحانه وتعالى ما لا يمكنه شرعاً أو قدراً فإن سأل الله ما لا يمكن قدراً فهذا لا يجوز وهو نوع من السخرية بالله عز وجل، وكذلك لو سأل الله ما لا يمكن شرعاً فإنه طعن في الدعاء ونوع من السخرية بالله عز وجل، ومن الآداب ألا يدعو بما لا يحل شرعاً فلا يدعو بإثم ولا بقطيعة رحم، ومن الآداب أيضاً ألا يكون مطعمه وملبسه من الحرام أي أن يكون مطعمه وملبسه ومسكنه حلالاً فإن الحرام يمنع إجابة الدعاء كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) وقال تعالى (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً) ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام وملبسه حرام وغذي بحرام فأنى يستجاب لذلك) فاستبعد النبي صلى الله عليه وسلم أن يستجيب الله لهذا الرجل الذي كان مطعمه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام وهذه المسألة الأخيرة أعني اجتناب الحرام قد تكون عزيزة نادرة في كثير من الناس فمن الذي يسلم من أكل الحرام كثير من الناس يأكل أموال الناس بالباطل بالكذب بالغش بالتمويه والتزوير أو ينقص من واجب وظيفته أو غير ذلك من الأسباب الكثيرة التي توقع الإنسان في الحرام، هذه الستة كلها من آداب الدعاء ينبغي للإنسان أن يراعيها وأن يحرص عليها، أما أوقات الإجابة والأحوال التي ترجى فيها الإجابة فمنها الثلث الأخير من الليل فقد تواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى (ينزل إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له) ومنها ما بين الأذان والإقامة فإن الدعاء بين الأذان والإقامة لا يرد ومن الدعاء بين الآذان والإقامة أن تدعو الله في السنة التي تكون قبل الصلاة فإن السنة التي تكون قبل الصلاة فيها دعاء في السجود وفيها دعاء بين السجدتين وفيها دعاء في التشهد ومن الأحوال التي ترجى فيها الإجابة أن يكون الإنسان ساجداً فإن الدعاء في السجود أقرب ما يكون للإجابة قال النبي صلى الله عليه وسلم (ألا وإني نهيت أن أقرأ القرآن راكعاً أو ساجداً فأما الركوع فعظموا فيه الرب وأما السجود فأكثروا من الدعاء فقمن أن يستجاب لكم) أي حري أن يستجاب لكم، وقال النبي عليه الصلاة والسلام (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد) فينبغي للإنسان بعد أن يؤدي الذكر الواجب في السجود وهو قوله (سبحان ربي الأعلى) ويكمل ذلك بما ورد مثل (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي)(وسبوح قدوس رب الملائكة والروح) أن يكثر من الدعاء في حال سجوده لأنه أقرب إلى الإجابة، لكن إذا كان إمام فلا ينبغي له أن يطيل إطالة تشق على المؤمنين وتخرج عن السنة التي كان الرسول صلى الله عليه وسلم يفعلها وكذلك إذا كان مأموماً لا يتأخر عن الإمام في حال السجود من أجل أن يطيل الدعاء.

يافضيلة الشيخ: وماذا عن ليلة القدر ويوم عرفة؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذه أيضاً من أوقات الإجابة عشية عرفة وليلة القدر وهي خير من ألف شهر وهي كغيرها من الليالي بالنسبة للإجابة أي أن آخر الليل فيها وقت إجابة وهي خير من ألف شهر بالدعاء فيها وفي بالبركة التي تحصل بها كما قال تعالى (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ) .

***

ص: 2

‌ما هي أوقات إجابة الدعاء

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أوقات الإجابة وأحوال الإجابة وأمكنة الإجابة كل هذه ينبغي للإنسان أن يتحراها فمن أوقات الإجابة الثلث الأخير من الليل لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (ينزل ربنا إلى السماء الدنيا حين يبقي ثلث الليل الآخر فيقول من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له حتى يطلع الفجر) وكذلك الدعاء بين الأذان والإقامة فإن الدعاء بين الأذان والإقامة لا يُردُّ، وأما الأحوال فمن الأحوال التي ترجى بها الإجابة حال المضطر فإن المضطر إذا دعا الله استجاب له لقول الله تعالى (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ) ومن ذلك أيضاً إذا كان مظلوماً فإن المظلوم مستجاب الدعوة لقول النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ ابن جبل حين بعثه إلى اليمن (إياك وكرائم أموالهم يعني أخذها في الزكاة واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب) ومن الأحوال التي ترجى فيها الإجابة إذا كان الإنسان ساجداً فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال (ألا وإني نهيت أن أقرأ القرآن راكعاً أو ساجداً فأما الركوع فعظموا فيه الرب وأما السجود فأكثروا فيه من الدعاء فقمن يستجاب لكم) وقال النبي صلى الله عليه وسلم (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد) وأما الأمكنة فإن المساجد ترجى فيها الإجابة أكثر مما ترجى في الأماكن الأخرى، ومن الأماكن التي ترجى فيها الإجابة الطواف بالبيت وقد كان من دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم في طوافه بين الركن اليماني والحجر الأسود (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) .

***

ص: 2

‌ما هي موانع إجابة الدعاء

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: موانع إجابة الدعاء لا يمكن حصرها في الحقيقة لأن هناك موانع خفية وهي ما يقوم بالقلب من استبعاد الإجابة وما أشبه ذلك ولكن من الموانع الحسية أن يكون الدعاء مشتملاً على ظلم مثل أن يدعو على شخص وهو غير ظالم له أو يدعو بقطيعة رحم أو يكون ممن يأكل الحرام فإن أكل الحرام من أقوى موانع الإجابة قال النبي عليه الصلاة والسلام (إن الله طيب لا يقبل إلا طيب وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين وقال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) وقال تعالى (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) ثم ذكر النبي صلى الله عليه وسلم (الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك) فاستبعد النبي صلى الله عليه وسلم أن يستجيب الله دعاء آكل الحرام المتغذي به اللابس له مع أنه قد أتى بأسباب إجابة الدعاء فأكل الحرام من أقوى موانع الاجابة سواء كان هذا الحرام حصل بالغش أو الكذب أو الربا أو الظلم أو غير ذلك.

***

ص: 2

‌في سؤاله الثاني يقول المواضع التي يستجاب فيها الدعاء ما هي وما هي الأماكن كذلك وما هي آداب الدعاء

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: من الأوقات التي يستجاب فيها الدعاء آخر الليل وفي الجمعة ساعة لا يوفقها عبد مسلم يسأل الله شيئاً وهو قائم يصلى إلا أعطاه الله إياه وفي عشية يوم عرفة أي في آخر النهار وفيما بين الأذان والاقامة ومن الأماكن التي يستجاب فيها الدعاء أن يكون الإنسان ساجداً فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال (ألا وإني نهيت أن أقرأ القرآن راكعاً أو ساجداً فأما الركوع فعظموا فيه الرب وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم) ومع ذلك ينبغي للإنسان أن يكون ملحاً على الله عز وجل في كل وقت في الدعاء لعله يصادف نفحة من نفحات الله سبحانه وتعالى يسعد بها في الدنيا والآخرة وأما آداب الدعاء فكثيرة من أهمها بل هو أهمها الإخلاص لله عز وجل بأن يوقن الإنسان في قلبه حال الدعاء أنه يدعو إلهاً قريباً مجيباً ومنها اجتناب الحرام في الأكل لأن أكل الحرام والتغذي به من الأسباب التي تمنع إجابة الدعاء كما جاء ذلك في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال (إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً)(وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين) فقال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) وقال تعالى (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) ثم ذكر النبي صلى الله عليه وسلم (الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يارب ومطعمه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك) فاستبعد النبي صلى الله عليه وسلم أن يستجاب لهذا الرجل الذي مطعمه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام ومن آداب الدعاء أن يرفع الإنسان يديه إلا في المواضع التي دلت السنة على أنه لا رفع ومن آداب الدعاء أن يدعو الإنسان ربه وهو على جانب كبير من الأمل بأن الله سبحانه وتعالى يستجيب دعاءه نسأل الله أن يوفقنا وإخواننا والمسلمين لما فيه الخير وأن يستجيب دعاءنا بما ينفعنا.

***

ص: 2

‌تقول السائلة سمعت مرة من أستاذ التربية الدينية أن من أكل لقمة واحدة من حرام فإن الله لا يستجيب لدعائه أربعين نهاراً فهل هذا صحيح أرجو إفادتنا مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا أعلم صحة هذا الحديث ولكن له أصل وهو أن النبي عليه الصلاة والسلام قال (إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) وقال تعالى (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) ثم ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام قال النبي صلى الله عليه وسلم (فأنى يستجاب لذلك) فبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أن من كان مطعمه حرام وملبسه حرام وغذاؤه حرام فإنه يبعد أن الله يستجيب دعاءه وهذا يدل على أنه يجب الحذر من أكل الطعام الحرام والتغذي به ولباسه لأنه حري أن تمنع بسببه إجابة الدعاء.

***

ص: 2

‌المستمع يحي قاسم يقول ما هي الأعمال التي إذا عملها الإنسان قبل أو بعد الدعاء كانت الإجابة مؤكدة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أهم شيء لتحقيق إجابة الدعاء الإخلاص لله عز وجل يعني يدعو الإنسان ربه ويشعر بأنه مفتقر إليه سبحانه وتعالى ومن المهم اجتناب أكل الحرام لأن أكل الحرام مانع من موانع إجابة الدعاء لما ثبت في الحديث الصحيح (إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيباً) وذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم (الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يارب يا رب وملبسه حرام ومطعمه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك) فإذا صدق الإنسان في اللجوء لله عز وجل والافتقار إليه وأخلص لله واجتنب أكل الحرام فإنه حري أن يجاب وليعلم أن الله عز وجل إذا لم يجب العبد في دعائه فإن الله تعالى يدخر ذلك له يوم القيامة أو يصرف عنه من السوء ما هو أعظم من ذلك والداعي لربه على خير على كل تقدير فليدعو ربه وليؤمل الإجابة ولا ييئس من رحمة الله.

***

ص: 2

‌السائلة منى إبراهيم تقول ما الحكمة في أن دعاء المسافر مستجاب وهل هذا حديث

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: السفر من أسباب إجابة الدعاء لأن النبي صلى الله عليه وسلم (ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك) هكذا قال النبي عليه الصلاة والسلام (فأنى يستجاب لذلك) يعني بعيدٌ أن الله تعالى يستجيب لهذا الداعي لكونه متغذياً بالحرام مطعمه أو ملبسه وكذلك تغذيته بالحرام فإنه بعيدٌ أن يستجيب الله دعاءه فقوله يطيل السفر يدل على أن إطالة السفر من أسباب إجابة الدعاء والحكمة في ذلك أن المسافر يكون متفرغ القلب ليس عنده ما يشغله كما يشغله في المدن والقرى ثم إن المسافر في الغالب يدعو دعاء مضطر ملتجئ إلى الله عز وجل لأنه في سفر ولا سيما إذا كان السفر سفر خوفٍ وقلق فإن الداعي سوف يكون إلحاحه بالدعاء وإقباله على الله أكبر مما لو كان على خلاف ذلك وهذا من أسباب إجابة الدعاء.

***

ص: 2

‌ما هي الأوقات التي يستجاب فيها الدعاء

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الدعاء له أوقاتٌ وأحوال تكون أقرب إلى الإجابة أما الأوقات فمنها ثلث الليل الآخر لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (ينزل ربنا إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له) ومنها ما بين الأذان والإقامة فإن ما بين الآذان والإقامة لا يرد الدعاء ومنها ساعة الجمعة وهي ما بين دخول الإمام إلى أن تقضى الصلاة أو آخر ساعةٍ بعد العصر فإن هذه الساعة لا يوافقها عبدٌ مسلم وهو قائمٌ يصلى يسأل الله شيئاً إلا أعطاه إياه أما الأحوال التي ترجى فيها الإجابة فهي أحوال السجود فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال (وأما السجود فأكثروا فيه من الدعاء فقمن أن يستجاب لكم) وقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد) ومنها حال الضرورة فإن الله سبحانه وتعالى يجيب المضطر إذا دعاه ومعلومٌ أن المضطر يدعو بإخلاص وافتقار واعتقاد أن الله قادرٌ على رفع هذه الضرورة ولهذا يستجيب للمضطر ولو كان كافرا كما قال الله تعالى (فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوْا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) الآية ومنها إذا كان الإنسان مظلوماً فإن دعوة المظلوم لا ترد لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لمعاذٍ حين بعثه إلى اليمن (واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب) هذه مواضع وأحوال مما ترجى فيه إجابة الدعوة.

***

ص: 2

‌ما شروط الدعاء المستجاب وحدثونا عن آدابه وما رأي فضيلة الشيخ لمن ينشرح صدره ويبتسم أثناء الدعاء إيماناً بالله ويقيناً بالإجابة واستحضاراً لعظمة الاتصال برب العالمين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: من أهم شروط الدعاء الإخلاص لله عز وجل بأن يكون الإنسان بدعائه لله عز وجل مستشعراً فقره إلى ربه وغنى ربه عنه مستشعراً قرب الله تبارك وتعالى عند الدعاء وإجابة الله تعالى للدعاء قال الله تعالى (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ) ومن آداب الدعاء أن يرفع يديه عند الدعاء لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال (إن الله حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع إليه يديه أن يردهما صفراً) وذكر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الرجل (يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يقول يا رب يا رب) ومن آداب الدعاء أن يلح الإنسان في الدعاء ويكرر حتى وإن تخلفت الإجابة في أول مرة أو ثاني مرة فليكرر فإن الله تعالى قد يمنع الإجابة عن العبد في أول مرة من أجل أن يزداد في دعاء ربه وافتقاره إليه وأيضاً يكون امتحاناً للعبد هل يستمر في دعائه لله أو يستحسر فيمتنع فألح أيها الأخ المسلم على ربك في الدعاء فإن الله يحب الملحين في الدعاء ولا يحل لإنسان أن يدعو بإثم أو قطيعة رحم لأن هذا من الاعتداء في الدعاء والاعتداء في الدعاء محرم فلو دعا على شخص بشيء لا يستحقه هذا الشخص فقد اعتدى في دعائه فلا يحل له وللدعاء آداب كثيرة معروفة ويرجع في ذلك إلى الكتب المؤلفة في هذا الباب.

***

ص: 2

‌السائلة إلهام أختكم في الله من الأحساء لها مجموعة من الأسئلة تقول في السؤال الأول من أسباب إجابة الدعاء أن يفتتح بالحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله فهل الأفضل القيام بذلك عند الدعاء بعد التشهد في الصلاة وفي السجود أيضاً

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الصلاة كلها حمد وثناء فالإنسان من حين أن يدخل فيها يقول (سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك) ثم يقرأ الفاتحة أو يقول (اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد) ودعاء الله ثناء عليه لأنه اعتراف من العبد بالقصور واعتراف منه بكمال الله عز وجل ورحمته وعلمه فالصلاة كلها ثناء في التشهد الأخير الذي هو محل الدعاء فيه ثناء على الله وصلاة على رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فهو يبتدئ التشهد بالتحيات لله والصلوات والطيبات وهذا ثناء على الله ثم يسلم على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ثم على نفسه وعلى عباد الله الصالحين ثم يصلى على النبي صلى الله عليه وسلم فلا يحتاج بعد ذلك إلى صيغة معينة في الحمد والثناء على الله أو في الصلاة على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بل إذا فرغ من قوله (أعوذ بالله من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال) دعا بما أراد.

***

ص: 2

‌السائلة ص م من الكويت تقول سمعت بأن الدعاء بعد صلاة العصر من يوم الجمعة مستجاب إن شاء الله فكيف يكون الدعاء وما هي الآيات المفضلة وهل يكون الدعاء والقراءة صلاة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: (في يوم الجمعة ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلى يسأل الله تعالى شيئاً إلا أعطاه الله إياه) وقد اختلف العلماء في هذه الساعة على أقوال كثيرة وأرجاها ساعتان الساعة الأولى إذا خرج الإمام لصلاة الجمعة يعني إذا دخل المسجد وجلس على المنبر إلى أن تقضى الصلاة فهذه أرجى ساعة في إجابة الدعاء وذلك لأن الناس في هذه الساعة مجتمعون على صلاة وانتظار صلاة ويمكن للإنسان أن يدعو في صلاة الجمعة في السجود وبعد التشهد الأخير ويدعو بما يشاء والساعة الثانية التي ترجى فيها إجابة الدعاء ما بعد صلاة العصر إلى أن تغرب الشمس لكن هذا يشكل عليه إن الحديث فيه قيد وهو أن الداعي قائم يصلى وأجاب العلماء رحمهم الله عن ذلك بأن الإنسان إذا كان في انتظار صلاة المغرب فهو في صلاة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم للرجل يتوضأ من بيته يسبغ الوضوء ثم يخرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة لم يخطو خطوة إلا رفع الله له بها درجة وحط عنه بها خطيئة فإذا أتى المسجد وصلى وجلس ينتظر الصلاة فإنه لا يزال في صلاة ما انتظر الصلاة وعلى هذا فإذا ارتقب الإنسان غروب الشمس وهو جالس ينتظر صلاة المغرب ودعا فإنه يرجى أن يستجاب له وليدعو الله تعالى بما شاء وبما أحب من أمور الدين والدنيا سواء كان على سبيل العموم مثل أن يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار أو على سبيل الخصوص مثل أن يقول اللهم ارزقني بيتا واسعا وارزقني مالا كثيرا طيبا وارزقني كذا وكذا لأن دعاء الله تعالى عبادة على كل حال قال الله تعالى (وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) حتى لو دعوت الله عز وجل بشي من أمور الدنيا الطفيفة فإن ذلك عبادة لذلك نحث إخواننا على كثرة دعاء الله عز وجل لأنه يحصل له بذلك واحد من أمور ثلاثة إما إن يستجيب الله له دعاءه وإما أن يدخره عنده إلى يوم القيامة وإما إن يصرف عنه من السوء ما هو أنفع له.

***

ص: 2

‌هل صحيح بأن الدعاء لا يصعد للسماء للقبول إلا إذا كان قبله وبعده صلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وما الدليل على ذلك أفيدونا مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم قبل الدعاء والبداءة بحمد الله والثناء عليه قبل الدعاء هذا هو الأفضل وهو المشروع فإذا أراد أحد أن يدعو الله عز وجل فليبدأ بحمد الله والثناء عليه ثم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يدعو بما شاء ولو دعا بدون ذلك فلا حرج عليه فيه وليس تركه للحمد والثناء على الله تعالى والصلاة على رسوله صلى الله عليه وسلم بمانع من قبول دعوته بل قد يقبل دعاؤه وإن لم يفعل وأما الحديث الذي أشار إليه فإنه ما يذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله (الدعاء موقوف بين السماء والأرض حتى تصلى على نبيك) ولكنه لا يحضرني الآن مدى صحة هذا الحديث.

***

ص: 2

‌ما حكم الدعاء أثناء الأذان

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: متابعة المؤذن وإجابته أفضل من الدعاء فإذا قال الله أكبر فقل الله أكبر وإذا قال أشهد أن لا اله إلا الله فقل أشهد أن لا اله إلا الله وإذا قال أشهد أن محمدا رسول فقل أشهد أن محمداً رسول الله وإذا قال حي على الصلاة فقل لا حول ولا قوة إلا بالله وإذا قال حي على الفلاح قل لا حول ولا قوة إلا بالله وإذا قال الصلاة خير من النوم في الأذان لصلاة الفجر فقل الصلاة خير من النوم وإذا قال الله أكبر فقل الله أكبر وإذا قال لا اله إلا الله فقل لا اله إلا الله وهذا أفضل من الدعاء وأفضل من قراءة القرآن لأنه ذكر خاص يفوت بفوات وقته ولكن إذا فرغ المؤذن فقل (اللهم صلِّ على محمد)(اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمد الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد) ثم ادع الله تعالى بما شيءت فإن الدعاء بين الأذان والإقامة لا يرد

***

ص: 2

‌رسالة وصلت من المستمع عزت يوسف طه يقول فيها يقول الله تبارك وتعالى (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) ونحن ندعو كثيراً ولم يستجب لدعائنا ترى ما الأسباب في ذلك

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أسأل الله تعالى لي ولإخواني المسلمين التوفيق للصواب عقيدة وقولاً وعملاً يقول الله عز وجل (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) ويقول السائل إنه دعا الله عز وجل ولم يستجب الله له فيستشكل هذا الواقع مع هذه الآية الكريمة التي وعد الله تعالى فيها من دعاه أن يستجيب له والله سبحانه وتعالى لا يخلف الميعاد والجواب على ذلك أن للإجابة شروطاً لا بد أن تتحقق وهي:

الشرط الأول الإخلاص لله عز وجل بأن يخلص الإنسان في دعائه فيتجه إلى الله سبحانه وتعالى بقلب حاضرٍ صادقٍ في اللجوء إليه عالم بأنه عز وجل قادر على إجابة الدعوة مؤملاً الإجابة من الله سبحانه وتعالى.

الشرط الثاني أن يشعر الإنسان حال دعائه بأنه في أمس الحاجة بل في أمس الضرورة إلى الله سبحانه وتعالى وأن الله تعالى وحده هو الذي يجيب دعوة المضطر ويكشف السوء أما أن يدعو الله عز وجل وهو يشعر بأنه مستغن عن الله سبحانه وتعالى وليس في ضرورة إليه وإنما يسأل هكذا عادة فقط فإن هذا ليس بحري بالإجابة.

الشرط الثالث أن يكون متجنباً لأكل الحرام فإن أكل الحرام حائل بين الإنسان والإجابة كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً وإن الله أمر به المؤمنين بما أمر المرسلين ثم قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) وقال الله تعالى (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً) ثم ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الرجل يطيل السفر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام وملبسة حرام وغذي بالحرام قال النبي صلى الله عليه وسلم فأنى يستجاب لذلك) فاستبعد النبي صلى الله عليه وسلم أن يستجاب لهذا الرجل الذي قام بالأسباب الظاهرة التي بها تستجلب الإجابة وهي رفع اليدين إلى السماء يعني إلى الله لأنه تعالى في السماء فوق العرش ورفع اليد إلى الله عز وجل من أسباب الإجابة كما جاء في الحديث الذي رواه أحمد في المسند (إن الله حي كريم يستحي من عبده إذا رفع إليه يديه أن يردهما صفراً) .

ثانياً هذا الرجل دعا وتوسل إلى الله تعالى يا رب يا رب والتوسل إلى الله تعالى بهذا الاسم من أسباب الإجابة لأن الرب هو الخالق المالك المدبر لجميع الأمور وبيده مقاليد السموات والأرض ولهذا تجد أكثر الدعاء الوارد في القرآن بهذا لاسم (رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأَبْرَارِ (193) رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ (194) فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ) فالتوسل إلى الله تعالى بهذا الاسم من أسباب الإجابة.

ثالثاً هذا الرجل كان مسافراً والسفر غالباً من أسباب الإجابة لأن الإنسان في السفر يشعر بالحاجة إلى الله عز وجل والضرورة إليه أكثر مما إذا كان مقيماً في أهله وأشعث أغبر كأنه غير معني بنفسه كأن أهم شيء عنده أن يلتجيء إلى الله ويدعوه على أي حال كان هو سواء كان أشعث أغبر أم مترفاً والشعث والغبر له أثر في الإجابة كما في الحديث الذي روى عن النبي عليه الصلاة والسلام (أن الله تعالى يتجلى إلى السماء الدنيا عشية عرفة يباهي الملائكة بالواقفين فيها يقول أتوني شعثاً غبراً ضاحين من كل فج عميق) هذه الأسباب الثلاثة لإجابة الدعاء لم تجد شيئاً لكون مطعمه حراماً وملبسه حراماً وغذي بالحرام قال النبي عليه الصلاة والسلام (فأنى يستجاب لذلك) هذه الشروط في إجابة الدعاء إذا لم تتوفر فإن الإجابة تبدوا بعيدة فإذا توفرت ولم يستجب الله تعالى للداعي فإنما ذلك لحكمة يعلمها الله عز وجل ولا يعلمها هذا الداعي (وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ) وإذا تمت هذه الشروط ولم يستجب الله عز وجل فإنه إما أن يدفع عنه من السوء ما هو أعظم وإما أن يدخرها له يوم القيامة فيوفيه الأجر أكثر وأكثر لأن هذا الداعي الذي دعا بتوفر الشروط ولم يستجب له ولم يصرف عنه من السوء ما هو أعظم يكون قد فعل الأسباب ومنع الجواب لحكمة فيعطى الأجر مرتين مرة على دعائه ومرة على مصيبته بعدم الإجابة فيدخر له عند الله عز وجل ما هو أعظم وأكمل ثم إن من المهم أيضاً ألا يستبطىء الإنسان الإجابة فإن هذا من أسباب منع إجابته أيضاً كما جاء في الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام (يستجاب لأحدكم ما لم يعجل قالوا كيف يعجل يا رسول قال يقول دعوت ودعوت فلم يستجب لي) فلا ينبغي للإنسان أن يستبطىء الإجابة ويستحسر عن الدعاء ويدع الدعاء بل يلح في الدعاء فإن كل دعوة تدعو بها الله عز وجل فإنها عبادة تقربك إلى الله سبحانه وتعالى وتزيدك أجراً فعليك يا أخي بدعاء الله سبحانه وتعالى في كل أمورك العامة والخاصة والشديدة واليسيرة ولو لم يكن من الدعاء ألا أنه عبادة لله سبحانه وتعالى كان جديراً بالمرء أن يحرص عليه

***

ص: 2

‌السائلة من الأردن تقول أرجو من فضيلة الشيخ أن يعلمني الطريقة المناسبة للدعاء وهل هو في يوم الجمعة فقط وهل في يوم الجمعة ساعة مستجابة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الدعاء عبادة من العبادات لقول الله تبارك وتعالى (وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) ومن دعا الله عز وجل فهو غانم على كل حال لأن مجرد الدعاء عبادة ثم إن الدعاء لا يشترط لإجابته ساعة معينة بل الله تعالى أطلق فقال (وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) وقال تعالى (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِي) لكن هناك حالات تكون أقرب إلى الإجابة وأوقات تكون أقرب إلى الإجابة وربما أمكنة تكون أقرب إلى الإجابة أما الحالات التي تكون أقرب إلى الإجابة فهي حال المضطر فإن الله تعالى يجيب دعوة المضطر ولو كان كافراً لقول الله تعالى (فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوْا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ) وقوله تعالى (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ) ومنها حال الظلم فإن المظلوم تجاب دعوته لقول النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ ابن جبل رضي الله عنه حين بعثه إلى اليمن بما أوصاه به من شرائع الدين فقال له (واتقِ دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب) ومنها كون الإنسان ساجدا في صلاته فإن أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد وهناك أزمنة ترجى فيها الإجابة كآخر الليل فإن الله تعالى ينزل إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول (من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له) وكذلك (في يوم الجمعة ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلى يسأل الله شيئا إلا أعطاه إياه) وأقرب ما تكون هذه الساعة هي ما بين أن يخرج الإمام إلى أن تقضى الصلاة ثم ما بعد العصر ومنها أي من الأزمنة التي ترجى فيها الإجابة ما بين الأذان والإقامة فإن الدعاء ما بين الأذان والإقامة لا يرد وأما الأمكنة فالظاهر أن الدعاء في المساجد أقرب إلى الإجابة من الدعاء في غير المساجد لا سيما في المساجد الثلاثة المسجد الحرام والمسجد النبوي والمسجد الأقصى لكن للدعاء شروط منها أكل الحلال فإن أكل الحرام مظنة رد الدعاء (لقول النبي صلى الله عليه وسلم حين ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك) فاستبعد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يستجاب لهذا الرجل لأنه كان يأكل ويشرب الحرام ويتغذى به ومن الشروط أن يخلص في الدعاء فيدعو الله عز وجل بعزم وثبات وإيقان بالإجابة إلا لسبب وأما أن يدعو دعاء المستغني الذي لا يبالي أُجيب أم لم يجب فإن إجابته بعيدة ثم إن للدعاء آداب فمن آداب الدعاء أن يرفع يديه إلا في المواضع التي لم يرد فيها رفع اليدين إما صريحا وإما ظاهرا فالأفضل ألا يرفع يديه فمثلا الدعاء في التشهد لا ترفع فيه الأيدي والدعاء في خطبة الجمعة لا ترفع فيه الأيدي إلا في الاستسقاء أو في الاستصحاء ودعاء الاستفتاح اللهم باعد بيني وبين خطاياي لا ترفع فيه الأيدي والاستغفار بعد الصلاة لا ترفع فيه الأيدي والمهم أن من آداب الدعاء أن يرفع الإنسان يديه إلا إذا وردت السنة صريحا أو ظاهرا بعدم الرفع فلا ترفع الأيدي ومن آداب الدعاء أن يبدأه بالحمد لله والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويختمه بالصلاة على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وليعلم أن الله لا يقبل الدعاء بإثم ولا بقطيعة رحم ولا بظلم فلو دعا الإنسان دعاء يأثم به فلن يستجيب الله عز وجل له ولو دعا الله تعالى بقطيعة رحم فلن يستجيب الله عز وجل له ولو دعا الله بظلم بأن دعا على شخص بغير سبب يبيح له الدعاء عليه فإن الله لا يستجيب له لأن الدعاء حينئذٍ ظلم وقد قال الله تعالى (إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) .

***

ص: 2

‌السائل ر. م. ك يقول فضيلة الشيخ ما هي مواضع إجابة الدعوة وأوقاتها وهل بقول يا رب ثلاث مرات وقول يا أرحم الراحمين ثلاث مرات يكون الدعاء مستجاب

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: من أهم وسائل إجابة الدعوة الإخلاص لله عز وجل قال الله تعالى (فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) ولهذا إذا أخلص اٌلإنسان الدعاء ولا سيما في حال الشدة استجاب الله دعاءه ولو كان كافرا" كما قال الله تبارك وتعالى (فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوْا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ) فهذا أعني الإخلاص وظهور الافتقار إلى الله عز وجل من أكبر أسباب الإجابة.

ثانيا أن الإنسان إذا دعا ربه فلا يدعوه تجربة فيقول في قلبه سأنظر هل يستجيب الله دعائي أو لا بل إذا دعا الله يدعو ربه وهو موقن بالإجابة إلا أن يكون هناك مانع يمنع بسبب فعل العبد.

ثالثاً ألا يعتدي في الدعاء بأن يسأل ما لا يمكن أو ما هو بعيد أن يستجاب وأريد ببعيد أي من حيث الشرع فمثلا لو سأل الله تعالى أن يجمع له بين النقيضين هذا محرم ولا يجوز لأن هذا غير ممكن عقلاً أو سأل الله تعالى أن يرزقه نكاح هند وأختها فهو أيضا محرم لأنه ممتنع شرعا وما أشبه ذلك فلا بد أن يكون الدعاء لا عدوان فيه ومن أسباب إجابة الدعاء أن يفعل الأسباب التي تستجلب الإجابة مثل رفع اليدين والتوسل إلى الله تعالى بربوبيته والتوسل إلى الله بالإيمان والعمل الصالح وما أشبه ذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم حين ذكر الرجل يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب وهو قد أطال السفر أشعث أغبر.

ومن أسباب الإجابة أن يكون الإنسان في وقت ترجى فيه الإجابة وذلك مثل آخر الليل فإن الله تبارك وتعالى ينزل إلى السماء الدنيا فيقول (من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له) .

ومنها أن يكون الإنسان ساجدا فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال (أما السجود فأكثروا فيه من الدعاء فقمن أن يستجاب لكم) وقال (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد) لكن هنا شيء مهم وهو أن أكل الحرام مانع من موانع الإجابة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك فاستبعد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يستجاب للرجل إذا كان يتغذى بالحرام طعاما وشرابا وكسوة وهذا يوجب للمؤمن أن يحذر حذرا عظيما من أكل المحرم والحرام كل ما أخذ بغير حق سواء كان سرقة أم غصبا أم زيادة الثمن بالغش أم زيادة الثمن بالربا المهم كل مال أخذه الإنسان بغير حق فإنه من الحرام وإذا تغذى به والعياذ بالله فإنه بعيد أن يستجاب دعاؤه ولو كان قد اتصف بالأوصاف الجالبة للقبول.

***

ص: 2

‌حدثونا عن آداب الدعاء وما هي أوقات الاستجابة وما موانع الدعاء

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: من آداب الدعاء وهو أهمها

أن يخلص الإنسان في دعائه لله عز وجل وأن يعلم أن الله على كل شيء قدير وأن الأمر بيده وأنه إذا أراد شيئا قال له كن فيكون.

ثانيا أن يحسن الظن بالله تبارك وتعالى وأن الله سيجيب دعاءه ولا يستحسر فيقول دعوت ودعوت فلم يستجب لي

ثالثا أن يحرص على الأدعية الواردة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فإنها خير الدعاء وأجمعه وأنفعه

رابعا أن يرفع يديه إلى الله عز وجل في غير المواضع التي وردت السنة بعدم الرفع فيها فإنه لا يرفع يديه فيها

خامسا أن يبدأ بالثناء على الله عز وجل والصلاة على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأن هذا من أسباب إجابة الدعاء.

أما موانع إجابة الدعاء:

فمنها أن يدعو الإنسان ربه وهو شاك متردد.

ومنها أن يكون معتديا في دعائه فإن الله تعالى لا يحب المعتدين ولا يجيب دعاءهم.

ثالثا أن يكون آكلا للحرام لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا) وأن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) وقال تعالى (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً) ثم ذكر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك أما مواطن إجابة الدعاء فمنها السجود فقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (أما السجود فأكثروا فيه من الدعاء فقمن أن يستجاب لكم) وقال (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد) ومنها الدعاء بعد التشهد الأخير لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما ذكر التشهد قال (ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه) ومنها الدعاء في آخر الليل (فإن الله تعالى ينزل إلى السماء الدنيا فيقول من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له) ومنها الدعاء بين الأذان والإقامة فإنه لا يرد ومنها الاضطرار فإن الله تبارك وتعالى لا يرد دعوة المضطر كما قال تعالى (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ) ومنها الظلم فإن المظلوم لا ترد دعوته لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لمعاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن وأمره أن يأخذ الزكاة قال (إياك وكرائم أموالهم واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب) .

***

ص: 2

‌هذه رسالة وردت من المرسل محمد جميل حسين مصطفي من الجمهورية العراقية يقول إن من أحد شروط الدعاء هو التكرير ثلاثاً وقد قرأ الخطيب في يوم الجمعة وذكر الدعاء مرة واحدة بعد خطبة المسجد هل يجوز هذا أرجو توضيح ذلك

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: ليس الأمر كما فهم هذا الأخ بأنه من شروط الدعاء أن يكرر ثلاثاً بل هذا من الآداب التي ليست بشرط ويجوز للإنسان أن يدعو الله تعالى مرةً واحدة بدون أن يكرر الجملة التي دعا بها فتكرارها من باب الأدب لا من باب الشروط.

***

ص: 2

‌ما أحسن الدعاء الذي يستحب أن يردد

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أفضل الدعاء وأجمعه قوله تعالى (وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) فهذا أجمع ما يكون من الدعاء لأنه جمع بين خيري الدنيا والآخرة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو به كثيرا فيدعو الإنسان بهذا الدعاء وكذلك بالأدعية الواردة حتى يكون عاملاً بالسنة من جميع الوجوه.

***

ص: 2

‌ما حكم الاستثناء في الدعاء بقولنا إن شاء الله

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الاستثناء في الدعاء نوعان أحدهما جائز والثاني ممنوع أما الجائز فمثل دعاء الاستخارة اللهم إن كنت تعلم أن هذا خير لي في ديني ودنياي وعاقبة أمري وآجله فاقدره لي ويسره لي هذا دعاء معلق كذلك في آية اللعان في سورة النور إذا رمى الرجل زوجته بالزنا والعياذ بالله قيل له أقم البينة وإلا فحد في ظهرك أو ملاعنة فإذا اختار الملاعنة فسيشهد على زوجته بأنها زنت أربع مرات ويقول في الخامسة (أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ) وتقول هي إنه كاذب وتشهد أربع شهادات بالله (إِنَّهُ لَمِنْ الْكَاذِبِينَ (8) وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنْ الصَّادِقِينَ) فهذا استثناء جائز لا بأس به ومن ذلك ما ذكره ابن القيم رحمه الله عن شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية أنه كان يقدم إلى الناس جنائز من أهل البدع فيشكل عليه أهم كفار أم مسلمون يقول إنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فسأله عن هذه المسألة فقال له عليك بالشرط يا أحمد وأحمد اسم شيخ الإسلام ابن تيميه وعليك بالشرط يعني اشترط وكيفية الاشتراط أن يقول اللهم إن كان هذا الميت مسلما فاغفر له وارحمه والله يعلم إن كان مسلما فقد دعوت بحق وإن كان غير مسلم فقد فوضت الأمر إلى الله فهذا الاستثناء في الدعاء جائز.

النوع الثاني استثناء لا يجوز لما يوهمه من معنى لا يليق بالله عز وجل مثل أن يقول القائل اللهم اغفر لي إن شيءت اللهم ارحمني إن شيءت اللهم أجرني من النار إن شيءت اللهم أدخلني الجنة إن شيءت هذا لا يجوز لأن هذا الاستثناء يوهم معنيين فاسدين.

المعنى الأول أن هذا أمر عظيم يشق على الله عز وجل فتقول إن شيءت كما تأمر غيرك بأمر وتشك في قدرته عليه فتقول إن شيءت حتى لا ترهقه.

المعنى الثاني أن هذا يوهم أن الله تعالى يجيب السائل مكرها فيقول الرجل إن شيءت فكأن وراء الله من يستطيع أن يمنعه ومعلوم أن الله لا مكره له ولا يعجزه شيء ولا يتعاظمه شيء أعطاه فلهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا فقال (لا يقولن أحدكم اللهم اغفر لي إن شيءت اللهم ارحمني إن شيءت وليعزم المسألة فإن الله لا مكره له) ثم إن فيه محظوراً آخر أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله وليعزم المسألة وهو أنه إذا قال إن شيءت فكأن هذا الداعي مستغني عن الله فكأنه يقول إن شيءت فافعل وإن شيءت فلا تفعل فأنا لا يهمني فلذلك ينهى عن الاستثناء على هذا الوجه أما قول إن شاء الله فهذا ينظر إن قصد الإنسان بقوله إن شاء الله أن هذا الأمر يقع بمشيئة الله فهذا لا ينهى عنه وأما إذا كان بمعني إن شيءت فهذا ينهى عنه ولم نجزم بأنه بمعنى إن شيءت لأن الإنسان لم يخاطب الله به بل قال إن شاء الله على سبيل تعظيم الله عز وجل لكن مع هذا نرى أن الأفضل ألا يقول غفر الله لك إن شاء الله ردك الله سالما إن شاء الله وما أشبه ذلك بل نقول اجزم.

فإن قال قائل أليس من دعاء عيادة المريض أن يقول العائد للمريض (لا بأس طهور إن شاء الله) فالجواب بلى لكن هذا من باب الخبر ليس من باب الدعاء يعني أرجو الله أن يكون طهورا لك إن شاء الله فهو من باب الرجاء لأن المرض قد يكون طهورا للإنسان وقد لا يكون فالإنسان إذا صبر صار طهوراً له كما قال النبي عليه الصلاة والسلام (ما من شيء يصيب المسلم هم أو غم أو أذى إلا كفر الله به عنه حتى الشوك يشاكها) هذا الحديث أو معناه.

***

ص: 2

‌صلاح عبد الله من السودان بعث برسالة يقول فيها كيف أدعو بالأسماء الحسنى هل أدعو بالتسعة والتسعين اسماً جميعاً

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: يقول الله عز وجل (وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا) وليس المعنى أن ندعوه بجميع هذه الأسماء لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو الله بأسمائه من غير أن يجمعها كلها وكيفية الدعاء بالأسماء أن تقدمها بين يدي دعائك متوسلاً بها إلى الله أو أن تختم بها دعاءك مثال الأول أن تقول اللهم يا غفور اغفر لي يا رحيم ارحمني وما أشبه ذلك ومثال الثاني أن تقول رب اغفر لي وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم وقد طلب أبو بكر الصديق من النبي صلى الله عليه وسلم أن يعلمه دعاء يدعو به في صلاته فقال له النبي صلى الله عليه وسلم قل (اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم) وكما يجوز التوسل إلى الله تعالى بأسمائه عند الدعاء فإنه يجوز أن يتوسل الإنسان بصفات الله عند الدعاء كما في الحديث الصحيح (اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق أحيني ما علمت الحياة خيراً لي) فهذا توسل إلى الله تعالى بعلمه وقدرته وكذلك قول القائل في دعاء الاستخارة (اللهم إني استخيرك بعلمك واستقدرك بقدرتك فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب) فالتوسل إلى الله تعالى في الدعاء بأسمائه أو بصفاته سواء كان ذلك على سبيل العموم أو على سبيل الخصوص هو من الأمور المطلوبة وقد عرفت الأمثلة في ذلك ومن التوسل بأسماء الله على سبيل العموم ما جاء في حديث ابن مسعود رضي الله عنه في دعاء الهم والغم (اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل في قضاؤك أسألك اللهم بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي وغمي فإنه ما دعا به داعٍ مهموم أو مغموم إلا فرج الله به عنه) ففيه التوسل بأسماء الله عامة اسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك لكنه لم يعددها.

***

ص: 2

‌يقول السائل نشاهد بعض الناس يضعون الوريقات على سياراتهم وعلى أبوابهم فيها دعاء الخروج ودعاء كفارة المجلس ودعاء الركوب فما حكم هذا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا لا أظن فيه بأساًَ لأنه تذكير للناس وكثير من الناس لا يحفظون هذه الأدعية فإذا كتبت أمامهم سهل عليهم تلاوتها وقراءتها ولا حرج في هذا مثل أن يكتب الإنسان في مجلسه دعاء كفارة المجلس حتى ينبه الجالسين إذا قاموا أن يدعو الله سبحانه وتعالى بذلك وكذلك ما يكون في الملصقات الصغيرة أمام الراكب في السيارات من دعاء الركوب والسفر فإن هذا لا بأس به.

***

ص: 2

‌هذا أخوكم مجدي مقيم بدولة العراق وهو من جمهورية مصر العربية يقول في سؤاله فضيلة الشيخ نريد القول الفصل في رفع اليدين في حال الدعاء وعند القنوط

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: القول الفصل في هذا أن الأصل أن من آداب الدعاء أن يمد الإنسان يديه إلى ربه كالفقير المستجدي ويدل لذلك قوله صلى الله عليه وسلم (إن الله حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع إليه يديه أن يردهما صفراً) وقول النبي صلى الله عليه وسلم في الرجل أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب، إلا إذا دلت السنة على عدم الرفع، وهذه المسألة لها أقسام:

القسم الأول ما وردت السنة بتركه، مثل رفع اليدين في الدعاء حال خطبة الجمعة فإن الصحابة رضى الله عنهم أنكروا على بشر بن مروان رفع يديه في خطبة الجمعة حين الدعاء إلا في شيء واحد وهو الدعاء بالاستسقاء أو الاستصحاء فإنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رفع يديه في خطبة الجمعة فقد دخل رجل يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب الناس فقال يا رسول الله (هلكت الأموال وانقطعت السبل فادع الله أن يغيثنا، فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه وقال (اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، ورفع الناس أيديهم معه، فأنشأ الله سحابة مثل الترس ثم لما توسطت السماء انتشرت ورعدت وبرقت ونزل المطر قبل أن ينزل النبي صلى الله عليه وسلم من المنبر، ما نزل إلا والمطر يتحدر من لحيته، وبقي المطر أسبوعاً كاملاً، وفي الجمعة الثانية دخل رجل أو الرجل الأول وقال يا رسول الله غرق المال وتهدم البناء فادع لله يمسكها عنا، فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه وقال اللهم حوالينا ولا علينا وجعل يشير إلى النواحي فما يشير إلى ناحية إلا انفرجت وخرج الناس يمشون في الشمس، ففي حال الاستسقاء يرفع الإنسان يديه إلى ربه عز وجل ولو في خطبة الجمعة.

القسم الثاني ما ظاهر السنة فيه عدم الرفع وذلك في الدعاء في الصلاة، فإن الظاهر أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان لا يرفع يديه فهو يجلس بين السجدتين ويقول رب اغفر لي وارحمني، ولم ينقل عنه أنه رفع يديه مع حرص الصحابة على تتبع أقواله وأفعاله في صلاته ونقلها.

القسم الثالث أن تكون السنة قد وردت بالرفع فيه، كما ثبت ذلك في الدعاء على الصفا وعلى المروة، وفي الدعاء في عرفة، وغير ذلك حتى أوصلها بعض العلماء إلى أكثر من ثلاثين موضعاً مما جاءت السنة فيه صريحة بالرفع، والأمر في هذا ظاهر أن الإنسان يرفع يديه.

القسم الرابع ما لم ترد السنة به لا بهذا ولا بهذا فالأصل الرفع، وإن لم يرفع فلا بأس، ولا شك أن الرفع فيه زيادة ابتهال إلى الله عز وجل وطمعاً في رحمته ولهذا كان من آداب الدعاء إلا ما وردت السنة بخلافه.

***

ص: 2

‌ماحكم رفع اليدين في الدعاء بعد كل صلاة هل يعتبر بدعة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: رفع اليدين بالدعاء من أسباب إجابة الدعاء ومن آداب الدعاء كقول النبي عليه الصلاة والسلام (إن الله حيي كريم يستحي من عبده إ ذا رفع يديه أن يردهما صفرا ً) ولأن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى الله يا رب يا رب وهذا يدل على أن رفع اليدين في الدعاء من آداب الدعاء ومن أسباب الإجابة، وعلى هذا فالأصل أنه يسن لكل من دعا الله عز وجل أن يرفع يديه إلا ما دل الدليل على خلافه، فمما دل الدليل على خلافه وأنه لا يرفع يديه في الدعاء، الدعاء في خطبة الجمعة فإن الدعاء في خطبة الجمعة لا ترفع فيه الأيدي لا من الإمام ولا من المستمعين للخطبة إلا في حال الاستسقاء فإنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رفع يديه وهو يخطب يقول (اللهم أغثنا، اللهم أغثنا) اللهم أغثنا، ورفع الصحابة أيديهم معه، وكذلك في الاستصحاء فإنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم حين جاءه الرجل يشكو إليه أن المطر هدم البناء وأغرق المال رفع يديه صلى الله عليه وسلم وهو يخطب الناس يوم الجمعة فقال (اللهم حوالينا ولا علينا اللهم على الآكام والضراب وبطون الأودية ومنابت الشجر) أما إذا دعا في خطبة الجمعة بغير ذلك فإنه لا يرفع يديه ولهذا أنكر الصحابة رضي الله عنهم على بشر بن مروان حين دعا في خطبة الجمعة ورفع يديه وقالوا قبح الله هاتين اليدين فنهوه عن ذلك، ومن المواضع التي لم يرد رفع اليدين فيها بل الظاهر فيها عدم الرفع الدعاء في الصلاة بين السجدتين والدعاء في الصلاة في آخر التشهد وأما دعاء القنوت فإنه ترفع فيه الأيدي لأن ذلك جاء عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه، وأما الدعاء بعد الصلاة فإننا نقول الأصل أنه لا دعاء بعد الصلاة وأن الدعاء إنما يكون قبل السلام، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر التشهد في حديث ابن مسعود رضى الله عنه قال (ثم ليتخير من الدعاء ما شاء وليدع به) فالدعاء إنما يكون قبل أن تسلم ما دمت بين يدي الله عز وجل تناجي ربك فهذا أقرب إلى الإجابة مما لو دعوت بعد الانصراف من الصلاة، لأنه إذا انصرف الإنسان من صلاته انقطعت المناجاة بينه وبين ربه ولا شك أن دعاءه حال المناجاة لربه عز وجل أقرب إلى الإجابة من الدعاء بعد انقطاع المناجاة، حتى إن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله قال إنما أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل حين قال له (لا تدعنَّ أن تقول دبر كل صلاة مكتوبة اللهم أعني على ذكرك وعلى شكرك وعلى حسن عبادتك) قال إن هذا يكون قبل السلام في آخر الصلاة وقال إن المراد بدبر الصلاة آخرها، لأن دبر كل شيء منه ولهذا يقال دبر الحيوان لمؤخره منه، وما ذهب إليه شيخ الإسلام رحمه الله من أن الدعاء إنما يكون قبل السلام في آخر الصلاة هو الأقرب، وبناء على ذلك نقول ما قيد بدبر الصلاة فإن كان ذكراً فمحله بعد السلام، وإن كان دعاء فمحله قبل السلام، فيكون حديث معاذ بن جبل رضى الله عنه قبل السلام في آخر الصلاة لأنه دعاء، ويكون التسبيح والتحميد والتكبير المقيد بدبر الصلاة يكون بعد السلام لأنه ذكر، وقد قال الله تعالى (فَإِذَا قَضَيْتُمْ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِكُمْ) فمحل الذكر بعد السلام فإذا ورد ذكر مقيد بدبر الصلاة فإنه يكون بعد السلام، ومحل الدعاء قبل السلام في آخر التشهد لحديث ابن عباس الذي ذكرناه آنفاً فيكون ما قيد بدبر الصلاة من الدعاء قبل السلام، أما ما يعتاده بعض الناس من كونهم إذا سلموا من صلاة الفريضة أو النافلة رفعوا أيديهم بصفة مستمرة فهذا بلا شك ليس من السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم واتخاذه قربة يتقرب بها الإنسان إلى ربه ويجعل هذا المكان موضعاً له على سبيل التقييد لا شك أنه بدعة وأنه ينبغي للإنسان أن يتجنبه، لكن لو دعا أحياناً ورفع يديه بعد النافلة أو بعد الفريضة فأرجو ألا يكون في ذلك بأس لأنه فرق بين الأمور الراتبة التي يجعلها الإنسان سنة يستمر فيها وبين الأمور العارضة، فالأمور العارضة قد يتسامح فيها بخلاف الأمور المستمرة الدائمة فلابد من ثبوت أنها سنة.

***

ص: 2

‌هل ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يرفع يديه بالدعاء بعد صلاة الفريضة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يرفع يديه للدعاء بعد الفريضة ولا بعد النافلة أيضاً بل إن النبي صلى الله عليه وسلم أرشد أمته إلى أن يكون دعاؤهم قبل السلام ففي حديث عبد الله بن مسعود (حين علمه النبي صلى الله عليه وسلم التشهد قال ثم ليتخير من الدعاء ما شاء) فمن أراد أن يدعو الله عز وجل فليدع الله قبل أن يسلم لأنه في حال مناجاة الله عز وجل ولأنه يصيب الموضع الذي أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم ولهذا كان تأخير الدعاء إلى ما بعد السلام مخالف لما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم ولما يقتضيه النظرالصحيح لأن النظر الصحيح يقتضي أن يكون الدعاء حين مناجاة الله عز وجل قبل أن يسلم الإنسان من صلاته وينصرف منها وهذا أولى من أن يؤخر الدعاء إلى ما بعد مناجاته لله وانصرافه من صلاته.

***

ص: 2

‌ما حكم السجود عند الدعاء في غير الصلاة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا أعلم ذلك مشروعا عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم وليس من هيئة الدعاء المستحبة أن يسجد الإنسان عند الدعاء لأن السجود عبادة معينة خاصة لا بد أن يكون لها سبب شرعي دلت عليه السنة لكن من آداب الدعاء أن يرفع الإنسان يديه إلى الله عز وجل (فإن الله تعالى حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع يديه أن يردهما صفراً) وقد أشار (النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم إلى أن رفع اليدين من أسباب إجابة الدعاء في قوله حين ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام قال فأنَّى يستجاب لذلك) وهذا يدل على أن رفع اليدين عند الدعاء من أسباب الإجابة.

***

ص: 2

‌يقول السائل نحن نقرأ القرآن والحمد لله في كل يوم نقرأ جزء فما حكم الدعاء الذي نفعله بعد الانتهاء من الجزء هل هذا جائز في الشرع أم لا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: يقول الله عز وجل (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً) وليس من هدى النبي صلى الله وعليه وسلم أنه كان إذا فرغ من القراءة دعا بل قد ثبت عنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قرأ عنده عبد الله بن مسعود من سورة النساء فلما بلغ قوله تعالى (فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيداً) قال النبي صلى الله عليه وسلم حسبك قال فنظرت إلى النبي صلى الله وعليه وسلم فإذا عيناه تذرفان ولم يدع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذا ولا دعا عبد الله بن مسعود أيضا لكن لو قال الإنسان دعاء يسيرا سهلا مثل أن يقول الحمد لله اللهم تقبل مني لا على أنه سنة ولا على أنه قول راتب كلما قرأ فأرجو أن لا يكون به بأس.

***

ص: 2

‌هل يجوز قراءة الأدعية والأذكار من كتب الأدعية

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا كانت هذه الكتب لا يذكر فيها إلا الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو الحسن فلا بأس أن يأخذ الإنسان كتابا منها ويذكر الله عز وجل بما فيها من الأذكار لأن كثيراً من الأذكار لا يمكن للإنسان أن يحفظها عن ظهر قلب وبالمناسبة أود أن أنبه على ما يحمله بعض الطائفيين أو بعض الساعين في حج أو عمرة فتجد كل واحد يحمل كُتيباً فيه دعاء الشوط الأول ودعاء الشوط الثاني ودعاء الشوط الثالث إلى آخره فإن هذا بدعة نص أهل العلم على ذلك ولا ينبغي للإنسان أن يحمل هذه الكتيبات لأن الأذكار الواردة فيها إن كانت صحيحة فهي ليست في هذا المحل بل في محل آخر وتخصيصها بهذا المحل يعتبر بدعة وإن لم تكن صحيحة فهي أبعد وأبعد من السنة ولهذا ننصح إخواننا المعتمرين والحجاج والمتطوعين بالطواف أن لا يعتمدوا على هذه الكتيبات وأن يعتمد الإنسان على ما في نفسه فيدعو الله تعالى بما يشاء من خيري الدنيا والآخرة ولو أن يكرر اللهم اغفر لي اللهم اغفر لي اللهم ارحمني اللهم ارزقني أو يكرر لا إله إلا الله وحده لا شريك له الحمد له الملك وهو على كل شي قدير أو يقرأ ما شاء من القرآن.

***

ص: 2

‌تقول السائلة عندما أدعو ببعض الأدعية ينتابني الشك فأقوم بتكرارها مرارا في نفس الوقت فأخاف بأنني لا أحسن الظن بربي أو لا أدعوه وأنا مؤمنة بالإجابة فيصيبني القلق بسبب ذلك فماذا تسمون مثل هذه الحالة جزاكم الله خيرا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أقول إن تكرار الدعاء أمر مطلوب كلما كرر الإنسان الدعاء كان ذلك أفضل وقد كان من هدي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه إذا دعا. دعا ثلاثا هذا في غالب الأحيان وعلى هذا فتكرار الدعاء لا بأس به لأن الدعاء عبادة لله عز وجل وليعلم أن الداعي بصدق وإخلاص لابد أن يغنم إما أن يستجيب الله تعالى له ما أراد وإما أن يدفع عنه من السوء ما هو أعظم وإما أن يدخر له الأجر يوم القيامة لأن الدعاء عبادة فلابد فيه من خير وأما قولها أنها تخشى أن تكون قد أيست من الإجابة أو ما أشبه ذلك فهذا غلط منها والواجب على الإنسان أن يحسن الظن بالله تعالى والله سبحانه وتعالى عند ظن عبده به فإذا أحسنت الظن بربك وهو جل وعلا محل إحسان الظن ومحل الثناء فإن ذلك أقرب إلى الإجابة ولا تقنطوا من رحمة الله فإنه لا يقنط من رحمة ربه إلا الضالون عليكِ بالرجاء وإن تأخرت الإجابة.

***

ص: 2

‌السائل سعد العتيبي يقول في سؤاله الدعاء بين الأذان والإقامة مستجاب هل أستطيع أن أرفع يدي بالدعاء أم لا أستطيع

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: التعبير بهذا هل أستطيع أو لا غير سليم لأنه يستطيع أن يرفع يديه لكن لو قال هل يستحب أن أرفع يدي فجوابه نعم يستحب أن الإنسان إذا دعا بين الأذان والإقامة أن يرفع اليدين لأن الأصل إن رفع اليدين في الدعاء مشروع ومن آداب الدعاء ومن أسباب الإجابة لكن ما لم ترد السنة برفع الأيدي فيه فلا ترفع فيه الأيدي وهذه المسألة النصوص فيها على ثلاثة أقسام:

القسم الأول ما علمنا أنه لا رفع فيه وذلك مثل الدعاء أثناء خطبة الجمعة فإنه لا ترفع فيه الأيدي لا من الإمام الخطيب ولا من المستمعين إلا في حال واحدة إذا دعا في الاستسقاء يعني دعا الله تعالى أن يغيث الخلق فهنا يرفع يديه ويرفع الناس أيديهم أيضا وكذلك إذا دعا بالاستصحاء فإنه يرفع يديه ودليل ذلك (حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن رجلا دخل يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب فقال يا رسول الله هلكت الأموال وانقطعت السبل فادع الله يغيثنا فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه وقال اللهم أغثنا اللهم أغثنا اللهم أغثنا ورفع الناس أيديهم معه فما نزل من منبره إلا والمطر يتحادر من لحيته عليه الصلاة والسلام بقي المطر على المدينة أسبوعا كاملاً لم يروا الشمس وسالت الأودية فدخل رجل يوم الجمعة الثانية أو الرجل الأول وقال يا رسول الله غرق المال وتهدم البناء فادعوا الله يمسكها عنا فرفع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يديه وقال اللهم حوالينا ولا علينا اللهم على الآكام والضراب وبطون الأودية ومنابت الشجر فانفرج السحاب عن المدينة وصار المطر حولها وخرج الناس يمشون في الشمس) ما عدا ذلك فإن الخطيب لا يرفع يديه أثناء الدعاء في الخطبة وعلمنا ذلك من أن الصحابة رضي الله عنهم أنكروا على بشر بن مروان حينما رفع يديه في الدعاء حال الخطبة كذلك نعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان لا يرفع يديه في الدعاء في التشهد ولا في الجلوس بين السجدتين بل يداه موضوعتان على فخذيه عليه الصلاة والسلام.

القسم الثاني أن لا نعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم رفع يديه ولا يكون هو ظاهر الحديث فحينئذٍ لا نرفع الأيدي وذلك مثل الدعاء عند القبر فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال (استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل) ولم يرد في ذلك رفع يدين فالظاهر عدم الرفع.

القسم الثالث ما عدا ذلك فالأصل في الدعاء الرفع لأن رفع اليدين من آداب الدعاء وأسباب الإجابة هذه هي خلاصة رفع اليدين في الدعاء وعلى هذا نقول إن الدعاء بين الأذان والإقامة من هذا النوع أن الإنسان يرفع يديه ويدعو الله تعالى بما أحب من خير الدنيا والآخرة.

***

ص: 2

‌يقول السائل إذا نسي الرجل البسملة عند دخول الحمام فذكر البسملة أثناء وضوءه في الحمام فهل يجوز له أن يسمي الله وهل الدعاء عند دخول الحمام يقوم مقام البسملة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الدعاء عند دخول الحمام لا يقوم مقام البسملة لكن ينبغي إذا أراد أن يدخل الخلاء الذي يتخلى فيه أن يقول (بسم الله أعوذ بالله من الخبث والخبائث) وإن اقتصر على قوله أعوذ بالله من الخبث والخبائث كفى وأما في داخل الحمام إذا أراد أن يتوضأ فليسم الله ولو كان داخل الحمام ولا حرج عليه في ذلك لأن البسملة ليست قرآناً بل هي من أنواع الذكر وإن سمى بقلبه دون لسانه فحسن وإن ترك التسمية بلسانه وقلبه فلا حرج عليه.

***

ص: 2

‌أحسن الله إليكم في رسالة السائلة ن أالحربي تقول ما حكم الدعاء للمعلمة التي تؤدي واجبها على أكمل وجه وصورة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الدعاء لها طيب لأن هذه من المحسنات والدعاء للمحسنين من الأمور المطلوبة لكن الدعاء لها مقابلة إن خشي منه فتنة بأن تزهو المعلمة بنفسها أو تحابي هذه التي دعت لها فلا تدعو أمامها بل تدعو لها وهي لا تسمع.

***

ص: 2

‌السائل م. ش. ب. من الإحساء يقول هل يجوز في الدعاء ما بين الأذان والإقامة أن نصلى على النبي صلى الله عليه وسلم وإن جاز ذلك فما صفة هذه الصلاة مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: كل دعاءٍ ينبغي فيه شيئان أولهما الحمد والثناء على الله عز وجل وثانيهما الصلاة على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم سواءٌ كان فيما بين الأذان والإقامة أم في غير ذلك إلا أن الدعاء الذي في الصلاة يتبع فيه ما جاءت به السنة فمثلاً إذا جلس الإنسان بين السجدتين يدعو فيقول ربّ اغفر لي وارحمني

الخ ولا يحتاج إلى البدء بالحمد ولا إلى الختم بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لأن الصلاة شيء واحد والإنسان إذا جلس للتشهد الأخير يصلى على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

***

ص: 2

‌يقول السائل إذا انتهيت من دعاء الله عز وجل والتضرع بين يديه والبكاء من خشية الله أظن ظناً جازماً بأن الله عز وجل سيستجيب لي وأظن أن الله أحبني سبحانه وتعالى فهل ظني جائز

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الظن جائز بل هو مطلوب أن يحسن الإنسان الظن بربه إذا وفقه للعمل أن يرجو القبول إذا دعاه وأن يرجو الإجابة وهلم جرا فإن الله سبحانه وتعالى يقول في الحديث القدسي (أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني) وإحسان الظن بالله من أسباب القبول والإجابة ولكن لا يعجب الإنسان بعمله هذا ويقول في نفسه أنا الذي فعلت وأنا الذي فعلت لا يقول هكذا لأنه مهما فعل فإنما يفعل لنفسه والله تبارك وتعالى غنيٌ عنه كما قال الله وتعالى (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلْ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ) فإن قال قائل وهل يفرح الإنسان إذا وفقه الله للدعاء أو للعبادة الجواب نعم يفرح ويسر ويؤمل خيراً وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (من سرته حسنته وساءته سيئته فذلك المؤمن) .

***

ص: 2

‌ما رأي فضيلتكم في استخدام هذه الصيغة عند الدعاء اللهم إني أسألك باسمك الطيب الطاهر المقدس المكنون المخزون

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا بدعة ولا يدعى به بل يقال يا حي يا قيوم يا منان يا بديع السماوات والأرض يا عالم الغيب والشهادة وما أشبه ذلك مما جاءت به السنة وأما هذه الصيغ المحدثة فالحذر الحذر منها.

***

ص: 2

‌ما هو اسم الله الأعظم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: اسم الله الأعظم هو الحي القيوم تقول يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام وقد ذكر هذان الاسمان الحي القيوم في ثلاثة مواضع من كتاب الله ذكر ذلك في آيه الكرسي (اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) وذكر في أول سورة آل عمران (اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) وذكر في سورة طه من قوله تعالى (وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ) .

***

ص: 2

‌هذا سائل يقول ما صحة حديث الذي يقول أسألوا لأخيكم التثبيت فإنه الآن يسأل وهل يكون هذا الدعاء جماعي مثلاً يدعو شخص ويؤمن الآخرون أم يكون على انفراد

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الحديث صحيح أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (كان إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل) اللهم ثبتنا يا رب العالمين يقول استغفروا لأخيكم أي اسألوا الله له المغفرة قولوا اللهم اغفر له اللهم اغفر له اللهم اغفر له واسألوا له التثبيت قولوا اللهم ثبته اللهم ثبته اللهم ثبته وإن شيءت فقل اللهم ثبته بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة وقوله فإنه الآن يسأل يعني بعد انتهاء دفنه يسأل أي يسأله ملكان عن ربه ودينه ونبيه فأما المؤمن الموقن جعلنا الله وإياكم منهم فيقول ربي الله وديني الإسلام ونبيي محمد فينادي منادٍ من السماء أن صدق عبدي فأفرشوه من الجنة وألبسوه من الجنة وافتحوا له باباً إلى الجنة فيفتح له بابٌ إلى الجنة ويأتيه من روحها ونعيمها ويفسح له في قبره مد البصر ويرى أنه انتقل من الدنيا إلى ما هو خيرٌ منها وأما المرتاب أعاذنا الله وإياكم من ذلك فيقول هاه هاه لا أدري فيضرب بمرزبة من حديد فيصيح صيحة يسمعها كل شيء إلا الإنسان ولو سمعها الإنسان لصعق فحينئذٍ يجدر بنا أن نسأل الله لهذا الميت المغفرة والتثبيت ولكن الدعاء لا يكون جماعياً بل كل إنسان يدعو بنفسه ولهذا كان الحديث كما سمعتم يقف النبي صلى الله عليه وسلم ويقول استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل ولم يكن يدعو بهم عليه الصلاة والسلام.

***

ص: 2

‌هل يجوز للابن الدعاء لأبيه الذي مات تاركاً للصلاة

.

فأجاب رحمه الله تعالى: لا يجوز لهذا السائل أن يدعو لأبيه الذي مات تاركاً للصلاة وذلك لأن تارك الصلاة كافر كفراً مخرجاً عن الملة على القول الراجح والكافر لا يجوز لأحد أن يدعو له بالمغفرة والرحمة لقوله تعالى (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ)

***

ص: 2

‌هل يجوز الدعاء للشخص الفاسق والذي لا يؤدي واجبات الدين الإسلامي

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الدعاء للشخص الفاسق بالهداية بأن يهديه الله عز وجل ويصلح أمره هذا أمرٌ مشروعٌ مطلوب وأما الدعاء له دعاءً قد يكون معيناً له على فسقه وتماديه في الباطل فهذا لا يجوز وأما الدعاء له بعد موته بالمغفرة والرحمة فهذا جائزٌ بل مشروعٌ لعل الله تعالى أن يستجيب الدعاء وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم (ما من مسلمٍ يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلاً لا يشركون بالله شيئاً إلا شفعهم الله فيه) .

***

ص: 2

‌هل يجوز أن يدعو الإنسان لنفسه بالتوفيق للزواج من فتاة ويذكر اسمها بقلبه

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم يجوز للإنسان أن يسأل الله تعالى أن ييسر له التزوج بفتاة معينه ولا حرج عليه في ذلك ولكني أنصح هذا وأمثاله من أن يتعلق قلبه بها تعلقا تخشى منه الفتنة.

***

ص: 2

‌أحسن الله إليكم العامة قد يقولون لا نحفظ الأدعية المأثورة في العمرة فبماذا يدعون

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نقول ادعوا بما شيءتم ويروى عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن أعرابياً قال له يا محمد أنا لا أحسن دندنتك ولا دندنة معاذ ولكني أسأل الله الجنة وأستعيذ به من النار فقال (حولهما ندندن) فكل مسلم يعرف أن يقول اللهم اغفر لي ولو كرر اللهم اغفر لي في الطواف كله كفى فالمسلم يدعو لحاجاته المختلفة يقول اللهم اغفر لي اللهم ارحمني اللهم اغنني من الفقر اللهم اقض ديني اللهم هيئ لي زوجة صالحة اللهم أصلح لي في ذريتي كلنا نعرف هذا لكن مع الأسف أن الناس ابتلوا بأشياء ما أنزل الله بها من سلطان ومن ذلك الأدعية التي تقال في الطواف في كل شوط تجد غالب الطائفين - وإن كانوا والحمد لله الآن صاروا يقلون - معهم كتيب فيه دعاء الشوط الأول ودعاء الشوط الثاني والثالث والرابع إلى آخره حتى أنهم يقولون هذا مقام العائذ بك من النار يريدون مقام إبراهيم وهم بالجهة الغربية ومقام إبراهيم بعيد عنهم لكن لأنه شيء محفوظ وتجد بعضهم يحرف الدعاء سمعناه يقول اللهم أغننا بجلالك عن جرامك يريد بحلالك عن حرامك لكن يمكن فيها نقطة مصحَّفة فالحاصل أن كل إنسان له حاجة يدعو ربه بها والحاجات مختلفة وكل الناس يريدون هذين الشيئين أن الله يقيهم عذاب النار ويدخلهم الجنة نسأل الله لنا ولكم ذلك.

***

ص: 2

‌يقول في السؤال الثاني عندنا في شهر رمضان المبارك قبيل صلاة الظهر والعصر يرفع الجالسون في المسجد أصواتهم بدعاء جماعي هو أشهد أن لا إله إلا الله واستغفر الله نسألك الجنة ونعوذ بك من النار ثلاثاً وبعد هذا الدعاء اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا ثلاثاً ثم تقام الصلاة فما رأيكم بهذا الدعاء

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: رأينا في هذا الدعاء أنه دعاء بدعي فإن ذلك لم يكن معروفاً في عهد النبي عليه الصلاة والسلام أن الناس يقومون يدعون الله دعاء جماعياً قبل الإقامة أو بعد الصلوات أيضاً وما كان محدثاً فإنه ضلالة كما قال النبي عليه الصلاة والسلام (كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار) فنصيحتي لهؤلاء الإخوة أن يرجعوا إلى سنة الرسول الله صلى الله عليه وسلم وأن ينظروا ماذا كان يفعل فيتبعوه في فعله وماذا كان يترك فيتبعوه في تركه فإن سنة الرسول صلى الله عليه وسلم فعل وترك فما وجد سببه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يفعله علم أن تركه هو السنة وهم إذا رجعوا إلى ما جاء في السنة في هذا المسألة علموا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يفعل ذلك ولا فعله خلفاؤه الراشدون فيما نعلم والمؤمن حقاً هو الذي إذا قضى الله ورسوله أمراً لم يكن له الخيرة من أمره.

***

ص: 2

‌هذه المستمعة ن. م. تقول ما حكم الدعاء على النفس بالموت وما جزاء ذلك وماذا يفعل الإنسان إذا أحس بضيق في نفسه

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا يحل لأحد أن يدعو على نفسه بالموت لقول النبي صلى الله عليه وسلم (لا يتمنينّ أحدكم الموت لضر نزل به فإن كان لا بد فاعلاً فليقل اللهم أحييني ما علمت الحياة خيراً لي وتوفني إذا علمت الوفاة خيراً لي) وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يتمنى الإنسان الموت فكيف بالذي يدعو على نفسه بالموت والواجب على من أصيب بأمر يضيق به صدره ويزداد به غمه أن يصبر ويحتسب الأجر من الله عز وجل وينتظر الفرج فهذه ثلاثة أمور الصبر واحتساب الأجر وانتظار الفرج من الله عز وجل وذلك أن الإنسان إذا أصيب بمصيبة من غم أو غيره فإنه يكفر الله بها عنه سيئاته وخطيئاته وما أكثر السيئات والخطيئات من بني آدم (فكل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون) وإذا صبر واحتسب الأجر من الله أثيب على ذلك أي حصل له أمران التكفير والثواب وإذا انتظر الفرج من الله عز وجل أثيب على ذلك مرة ثالثة لأن انتظار الفرج حسن ظنٍ بالله عز وجل وحسن الظن بالله سبحانه وتعالى عمل صالح يثاب عليه الإنسان وإذا استعمل الإنسان في حال الغم والهم ما يزيل ذلك من الأذكار مثل قوله تعالى (لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) فإنه ينتفع بذلك كما قال الله تبارك وتعالى في ذي النون (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ)(فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ) أي مثل هذا الإنجاء بهذا السبب ننجي المؤمنين ثم ليعلم أن من أصيب بمثل هذا ثم أكثر من ذكر الله بلسانه وقلبه فإنه لا بد أن تتغير حاله ويطمئن قلبه كقول الله تعالى (أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) ولم تكثر الإصابة بهذه الأمور في العصر الحاضر إلا بسبب تكالب الناس على الدنيا والتماسهم ترفيه أبدانهم دون تنقية قلوبهم ولهذا تجد مع كثير من الناس غفلة عن ذكر الله عز وجل وإعراضاً عنه وتكالب على الدنيا وزهرتها فلهذا كثرت الإصابات جداً في هذا العصر في هذه الأمور أعني الأمراض النفسية والهموم والغموم ولو أن الناس كثر تعلقهم بالله سبحانه وتعالى وبذكره لزالت عنهم هذه الأمور قال الله عز وجل (وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً) وهذا هو حال كثير من الناس اليوم مع الأسف أن الله أغفل قلوبهم عن ذكره واتبعوا أهواءهم وكانت أمورهم فرطاً تمضي عليهم الساعات بل الأيام وهم لم ينتجوا شيئاً.

***

ص: 2

‌هذه المستمعة أم أسامة إبراهيم تقول فضيلة الشيخ ما حكم دعاء الأم على أولادها وتقول بأن ذلك ليس من قلبي

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: دعاء الأم على أولادها يخشى أن يستجاب ولا ينبغي لها أن تعود نفسها على الدعاء على أولادها بل الذي ينبغي لها أن تعود نفسها على الدعاء لهم فتقول يا بني الله يهديك لما فعلت كذا وما أشبه ذلك من الكلام الذي ينفع الولد ولا يضرها والإنسان إذا عود نفسه حسن الكلام وطيب الكلام اعتاد عليه وسهل عليه وأما إذا أطلق للسانه العنان عند الغضب فإنه يقول أشياء يندم عليها بعد ذلك فنصيحتي لهذه الأم أن تحرص غاية الحرص على ضبط لسانها ومقالها وأن لا تتعود مثل هذا الدعاء.

***

ص: 2

‌يقول هذا السائل هناك بعض الناس بعد صلاة الفريضة يدعو وفي نهاية الدعاء يقول الفاتحة إلى روح سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ويمسح وجهه ويقرأ الفاتحة وكذلك يقرأ الفاتحة لأمواته وأموات المسلمين فما توجيه فضيلتكم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: توجيهنا لهؤلاء أن يلتزموا بالسنة والسنة بعد صلاة الفريضة التسبيح والتكبير والتهليل كما كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يفعل وكما أمر بذلك وأما الدعاء جماعة ثم قراءة الفاتحة فهذا بدعة.

فهذه سنة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهدي أصحابه ليس فيها ذلك أبدا وهم أعلم منا بشريعة الله وهم أعمق منا إيمانا وهم أقوى منا محبة لله ورسوله وهم قدوتنا كما قال عز وجل (وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ) فعلينا أن نرجع إلى ما سلف من عمل الصحابة رضي الله عنهم في عهد نبينا صلى الله عليه وعلى آله وسلم وبعده فإنهم خير القرون وأفضل الأمة وليس لنا أن نبتدع في دين الله تعالى ما ليس منه بل إن بدعتنا لا تزيدنا من الله إلا بعدا والعياذ بالله لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (كل بدعة ضلالة) وماذا بعد الحق إلا الضلال.

***

ص: 2

‌السؤل: ما حكم الدعاء على الأقارب أو غيرهم إذا كانوا أعداء لي فهل يجوز لي أن أدعو عليهم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: دعاء الإنسان على غيره إن كان لمظلمة ظلمها إياه فلا بأس لقول الله تبارك وتعالى (لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنْ الْقَوْلِ إِلَاّ مَنْ ظُلِمَ) ولقول النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن (اِتقِ دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب) وأما العداوة فليست مبيحة للدعاء على العدو بل الواجب على الإنسان أن يسعى لإزالتها بقدر الإمكان ولا سيما إذا كان من الأقارب وعليه أن يسأل الله تعالى أن يؤلف بين قلبه وقلب من عاداه لأن الله تعالى قال في كتابه (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) ولا يجوز للإنسان أن يسترسل مع الشيطان في بقاء العداوة بينه وبين أخيه المسلم لا سيما إذا كان من القرابة فإن بقاء العداوة بين الأقارب يؤدي إلى قطع صلة الرحم التي هي من كبائر الذنوب وقال فيها النبي صلى الله وعليه وسلم (لا يدخل الجنة قاطع) يعنى قاطع رحم فهذا هو الجواب على سؤال المرأة وحاصله أنه إذا كانت العداوة بينهما فإن الواجب السعي في إزالتها وإذا كان ذلك عن ظلم فللمظلوم أن يدعو على قدر مظلمته فيه.

***

ص: 2

‌من ليبيا السائل سليمان جمال الدين يقول هل يجوز قراءة سورة الفاتحة في الدعاء أو آخر الدعاء وهل ذلك من البدع أم لا جزاكم الله خيرا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إن قراءة الفاتحة بين يدي الدعاء أو في خاتمة الدعاء من البدع لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه كان يفتتح دعاءه بالفاتحة أو يختم دعاءه بالفاتحة وكل أمر تعبدي لم يرد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فإن إحداثه بدعه نعم ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن الفاتحة رقية أي يقرأ بها على المرضى يستشفى بها وهذا شيء واقع مجرب فإن قراءة الفاتحة على المريض من أقرب العلاج للشفاء.

***

ص: 2

‌أحسن الله إليكم وبارك فيكم هذه رسالة وصلت من المستمعة ف. أ. من عسير تقول فضيلة الشيخ أمٌ دعت على أبنائها أن يجعلهم الله في الدرك الأسفل من النار فطلبوا منها بعد فترة السماح فسامحتهم فهل سيكونون فعلاً في النار وماذا يجب عليها أن تفعله

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا يحل للمرأة ولا لغير المرأة أن تدعو على مسلم أن يكون في الدرك الأسفل من النار لأن هذه دعوة عظيمة ثم لا يدري الداعي لعله يكون ظالماً للمدعو عليه فيعود الدعاء عليه.

ثانياً أطمئن هؤلاء الأولاد من بنين وبنات لهذه المرأة أطمئنهم على أن دعاءها لن يستجاب إذا كان بغير حق لأنه إذا كان بغير حق كان ظلماً والله سبحانه وتعالى لا يعين الظالم على ظلمه بل قد أخبر عز وجل (إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) ولا ينالون مقصودهم فليبشروا أن أمهم إذا دعت عليهم بهذا الدعاء أو غيره من غير حق أن ذلك لن يصيبهم أبداً فليطمئنوا أما مسامحة أمهم لهم بعد ذلك فهذا يسقط حقها إن كانوا لم يبروا بها فسامحتهم عن ذلك فإنه يزول إثمهم لأن أمهم سامحتهم.

***

ص: 2

‌أحسن الله إليكم من السودان السائل عبد الناصر يقول أسأل عن الدعاء الجماعي بعد الصلاة مثل الإمام يدعو والبقية يقولون آمين. آمين هل الدعاء يستجاب في مثل هذه الحالة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أما استجابة الدعاء فإلى الله عز وجل وأما هذا العمل فبدعة فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يكن يدعو بأصحابه بعد الصلاة بل كان يستغفر ثلاثاً ويقول اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام وأما بعد الصلاة ليس فيه دعاء إلا ما وردت به السنة فقط وذلك لأن الله تعالى أمر بعد انتهاء الصلاة بذكره فقال جل وعلا (فَإِذَا قَضَيْتُمْ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِكُمْ) ولم يأمر بالدعاء والأمر بالدعاء يكون بعد التشهد الأخير فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما ذكر التشهد قال (ثم ليتخير من الدعاء ما شاء) فمحل الدعاء قبل السلام هذا هو ما تقتضيه الأدلة الشرعية وما بعد السلام فمحل ذكر ولقد كان بعض الناس يجعل الدعاء بعد السلام وهذا لا ينبغي الذي ينبغي أن يكون دعاؤك إن كان لك دعاء قبل السلام أما ما بعد السلام فإن كان محل ذكر فاذكر الله وإن كان نافلةً فلا أعلم أنه ورد بعد النافلة ذكرٌ لله عز وجل.

***

ص: 2

‌هل يسن مسح الوجه باليدين بعد الدعاء أم أن هذا بدعة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: اختلف أهل العلم في هذا فمنهم من قال إنه ينبغي إذا فرغ من الدعاء وهو رافعٌ يديه أن يمسح بهما وجهه واستدلوا بحديث ضعيف لكن قال ابن حجر رحمه الله له طرقٌ يقوي بعضها بعضاً ومجموعها يقضي بأنه حديثٌ حسن ومن العلماء من قال إنه لا يمسح وجهه بيديه والأحاديث في هذا ضعيفة فيكون مسحه بيديه بدعة وإلى هذا ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وأرى أنه لا ينكر على من مسح ولا يؤمر بمسح من لم يمسح.

***

ص: 2

‌ما حكم مسح اليدين على الوجه بعد الدعاء

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الصحيح أنه لا يسن مسح الوجه بهما لأن الأحاديث الواردة في ذلك ضعيفة جدا لا تقوم بها حجة ولا يلتئم بعضها ببعض فالصواب أن مسح الوجه باليدين بعد الدعاء ليس بسنة ولكن الإنسان لا يفعله ولا ينكر على من فعله لأن بعض العلماء استحبه.

***

ص: 2

‌هذا سائل يستفسر عن دعاء الكرب وهل هو وارد اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا وأنت تجعل الحزن إذا شيءت سهلا يقول ما هو الحزن في هذا الدعاء

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الدعاء المذكور لا أعلمه واردا في إزالة الكرب وأما الحزن فمعناه الصعب.

***

ص: 2

‌ما معنى قول الرسول صلى الله عليه وسلم (اللهم أعوذ بك من علمٍ لا ينفع)

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الدعاء اللهم إني أعوذ بك من علمٍ لا ينفع علم مقيد بهذا أن لا يكون نافعاً وذلك لأن العلم إما نافعٌ وإما ضار لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (القرآن حجةٌ لك أو عليك) فالعلم بالشريعة لا يمكن أن يخرج عن أحد هذين الأمرين إما نافعٌ لصاحبه إذا عمل به عملاً وتعليماً ودعوة وإما ضارٌ له إذا لم يقم بواحدٍ من هذه الأمور الثلاثة فقولك اللهم إني أعوذ بك من علمٍ لا ينفع كقولك اللهم إني أعوذ بك من علمٍ يضر.

***

ص: 2

‌ما معنى قولنا في الدعاء لا نحصي ثناء عليك

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: معناه أن الله عز وجل لكمال صفاته الذي لا منتهى له لا يمكننا أن نحصي الثناء عليه وذلك لأن الله سبحانه وتعالى موصوف بصفات الكمال التي هي أكمل شيء وهو سبحانه وتعالى ذو نعم لا تحصى وكل نعمة ينعم بها فإنه يستحق عليها الثناء ومن المعلوم أننا لا نحصي كمالات صفاته ولا نحصي إنعامه أيضاً فنحن لا نحصي ثناء عليه ولكن هو كما أثنى على نفسه وهذا ثناء مجمل معناه أنك يا ربنا كما أثنيت على نفسك من الثناء الذي لا نبلغه نحن.

***

ص: 2

‌يقول المستمع سمعت أحد الأئمة وهو يدعو في قنوت النازلة يقول إلهنا هتكت الأعراض وشرد الأطفال فقال أحد العوام هذا لا يصح لأنه غير دعاء

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا من باب التوسل لله عز وجل بذكر حال الداعي أو المدعو له وهو مما يستجلب به رحمة الله عز وجل وفضله وإحسانه وهو من جملة التوسل المشروع في الدعاء كما قال موسى عليه الصلاة والسلام (رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ) وقال زكريا (رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيّاً) .

***

ص: 2

‌تقول السائلة عندما يأتي شخص لعمل خير وأنا خائفة منه أدعو بهذا الدعاء أقول اللهم اجعل كيده في نحره فهل هذا يعتبر من التعدي في الدعاء

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم من التعدي في الدعاء ومن إساءة الظن بالمسلم والأصل في المسلم عدم إساءة الظن ولكن ممكن أن يقول الإنسان إذا خاف خوفا مبنياً على حقيقة أن يقول اللهم إن كان هذا قد أراد بي كيدا فاجعل كيده في نحره فيشترط.

***

ص: 2

‌هذا سائل يسأل ويقول عندما يدعو العبد ربه بقوله اللهم وفقني إلى ما أسموا إليه ولا تجعلني من القانطين فهل هناك خطأ في هذا الدعاء في قوله أسمو

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: ليس فيه خطأ إذا كان يسمو إلى خير من علم نافع وعمل صالح وخلق حسن وما أشبه ذلك لكن الأولى أن يُعَيِّن يقول اللهم وفقني لما تحب وترضى اللهم وفقني للإخلاص لك اللهم وفقني للمتابعة لرسولك اللهم وفقني لأحسن الأخلاق والأعمال وما أشبه ذلك.

***

ص: 2

‌أحسن الله إليكم من أسئلة هذه السائلة تقول عبارة اللهم لا شماتة هل هي دعاء وهل يجوز أن نقول ذلك إذا تيقنا بأنه ليس من الأحاديث

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا بأس أن يقول اللهم لا شماتة فهي كقول لا تشمت بي الأعداء.

***

ص: 2

‌تقول في كتاب حصن المسلم دعاء للنبي صلى الله عليه وسلم عند لقاء العدو وهو قوله عليه السلام اللهم أنت عضدي وأنت نصيري بك أحول وبك أصول وبك أقاتل فأنا أستعمل هذا الدعاء وما يشابهه عند الاختبار فهل علي شيءٌ

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الأحسن أن تقولي اللهم لا حول ولا قوة إلا بك اللهم أعني على هذا وما أشبهها لأن هذا ليس مقابلة عدو هذا امتحان واختبار ليس مقابلة عدو.

***

ص: 2

‌أحسن الله إليكم يا شيخ يقول السائل بأن عليه ديون حوالي خمسين ألف ريال يقول ما هو الدعاء الذي يقال لقضاء الدين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أن يلجأ الإنسان إلى ربه ويسأله بأن يقضي عنه الدين ويغنيه من الفقر.

***

ص: 2

‌هل ورد أدعية مخصصة عن الرسول صلى الله عليه وسلم عند الإفطار وعند السحور

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أما عند السحور فلا أعلم في ذلك أدعية خاصة لكن هناك أدعية عامة عند الأكل والشرب في جميع الأحوال مثل التسمية عند الأكل أو الشرب ومثل الحمد إذا فرغ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال لابن أبي سلمة وهو ربيبه قال له (يا غلام سمِّ الله وكل بيمينك وكل مما يليك) وأخبر عليه الصلاة والسلام (أن الله تعالى يرضى عن العبد يأكل الأكلة فيحمده عليها ويشرب الشربة فيحمده عليها) وأما ما يفعله بعض العامة عند انتهائه من السحور فيقول اللهم إني نويت الصيام إلى الليل فإن هذا من البدع لأن التكلم بالنية في جميع العبادات بدعة لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول عند فعل العبادة نويت أن أفعل كذا وكذا فلم يكن يقول عند الوضوء نويت أن أتوضأ ولا عند الصلاة نويت أن أصلى ولا عند الصوم نويت أن أصوم وذلك لأن النية محلها القلب لأنها قصد الشيء عازماًَ عليه والله عز وجل عالم بما يكون في قلب العبد كما قال الله تعالى (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16) إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنْ الْيَمِينِ وَعَنْ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17) مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَاّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) وأما الدعاء عند الفطر فقد وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك أحاديث منها (ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله) وإن دعا الإنسان بشيء آخر عند فطره بما يحب من سؤال المغفرة والرحمة والقبول وغير ذلك فهو حسن لأن دعوة الصائم عند فطره حرية بالإجابة إن شاء الله.

***

ص: 2

‌الأذكار

ص: 2

‌ما المراد بذكر الله هل المراد تلاوة القرآن وحده أم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وكل الأدعية المأثورة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: ذكر الله عند الإطلاق يشمل كلما يقرب إلى الله عز وجل سواء كان ذلك في القلب أو في اللسان أو في الجوارح وأما عند التقييد مثل قوله تعالى (فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِكُمْ) فإن ما يراد به ما جاءت فيه السنة من الذكر المعروف من التهليل والتكبير والتسبيح والتحميد والاستغفار والثناء على الله سبحانه وتعالى بقول اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام والمهم أن الذكر الذي يحمد عليه العبد أعم من الذكر الخاص فالذكر يكون بالقلب ويكون باللسان ويكون بالجوارح فذكر الله بالقلب مثل التفكر بآياته الشرعية والكونية وكذلك التوكل عليه والرغبة إليه والإنابة إليه والمحبة وما أشبه ذلك وأما ذكر الله باللسان فواضح وهو كل قول يقرب إلى الله تعالى من الأذكار الخاصة وقراءة القرآن والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتعليم العلم وغير ذلك وأما بالجوارح فكل فعل يقرب إلى الله تعالى مثل الصلاة كقيامها وقعودها وركوعها وسجودها والصدقات والنفقات وما أشبهها فالمهم أنه ينبغي أن نعرف الفرق بين الذكر المطلق العام وبين الذكر الخاص.

***

ص: 2

‌المستمعة ف. ح. ع. من الحبشة تسأل عن الذكر

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الذكر يعني ذكر الله عز وجل يكون باللسان ويكون بالقلب ويكون بالجوارح، أما الذكر باللسان فواضح مثل التسبيح والتكبير والتهليل والتحميد وغير ذلك، وضابطه العام أن كل قول يقرب إلى الله عز وجل فهو من ذكر الله فيكون بذلك قراءة القرآن والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتعليم العلم وكل قول يقرب إلى الله هذا الضابط العام، وأما بالمعنى الأخص فذكر الله هو التسبيح والتكبير والتهليل والتحميد وما أشبه ذلك مما يثنى به على الله عز وجل، وأما الذكر بالقلب فهو استحضار اللسان لعظمة الله عز وجل وأن يكون قلبه دائماً مرتبطاً بالله سبحانه وتعالى خوفاً ورجاءً وتوكلاً وقصداً وغير ذلك، وهذا النوع من الذكر هو الذي تنبني عليه الأذكار كلها في الحقيقة لأن الأذكار بدونه جوفاء ليس لها روح، وأما الذكر بالجوارح فضابطه كل عمل يتقرب به الإنسان إلى الله كالركوع والسجود والحج والصوم وغيرها، هذه الأنواع العامة من الذكر، هناك أنواع خاصة في ذكر اللسان مقيدة بأوقات أو مقيدة بأسباب فمن أمثلة المقيدة بالأوقات الأذان مثلاً فإن الأذان مقيد بوقت معين وهو حضور الصلاة لقول النبي صلى الله عليه وسلم (إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم) فلو تعبد الإنسان لله بالأذان في غير وقت الصلاة لم يكن ذلك الفعل عبادة بل يكون من البدع فالذكر المخصوص في وقت لا يشرع إلا في ذلك الوقت الذي خص به، وهناك أذكار مقيدة بأسباب كالحمد عند الأكل والشرب والتشهد عن الفراغ من الوضوء والتسمية على الأكل والشرب وعلى الوضوء وما أشبه ذلك هذه لها أسباب تتقيد بأسبابها، ومما يتقيد بالأسباب الذكر الوارد بعد الصلاة كالاستغفار والتهليل ونحوها فإن الإنسان إذا سلم من الصلاة يسن له أن يستغفر الله فيقول استغفر الله، استغفر الله، استغفر الله، ويقول اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام، ويقول لا إله إلا الله وحد لا شريك له له الملك وهو الحمد وهو على كل شيء قدير ثلاثاً بعد صلاة الظهر والعصر والعشاء، ويقول لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحي ويميت وهو على كل شيء قدير عشر مرات بعد صلاة المغرب والفجر، ويقول لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون لا حول ولا قوة إلا بالله اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع الجد منك الجد، وأما التسبيح ففيه أربع صفات إما أن يقول سبحان الله والحمد لله والله أكبر ثلاث وثلاثين مرة وهذه تسعة وتسعون ويقول تمام المائة لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، أو يقول سبحان الله ثلاثاً وثلاثين مرة، والحمد لله ثلاثاً وثلاثين مرة، والله أكبر أربعاً وثلاثين مرة فهذه مائة، أو يقول سبحان الله عشراً والحمد لله عشراً والله أكبر عشراً فهذه ثلاثون، أو يقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر خمساً وعشرين مرة فهذه مائة، فيقول هذا مرة وهذه مرة يعني ينوع كما جاءت به السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومن أنواع الذكر المقيدة في اليوم والليلة أن يقول لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير مائة مرة ويقول سبحان الله وبحمده مائة مرة وليعلم أن ذكر الله تعالى مشروع في كل وقت وفي كل حال لقول الله تعالى (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ) ولحديث عائشة رضى الله عنها قالت (كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه) ولكن لا يقيد شيء من الذكر بعدد معين ولا بوقت معين ولا بسبب معين إلا بدليل من الشرع، فلو قال الإنسان أنا سأتعبد لله بأن أذكر الله خمساً وخمسين مرة قلنا هذا ليس بمشروع لماذا تعين العدد بخمس وخمسين مرة بدون دليل هذا لا يمكن، ولو قال قائل أنا أريد أن أذكر الله تعالى عشر مرات عند زوال الشمس قلنا هذا أيضاً غير مشروع لأنك عينت عدداً وزمناً لم يقم الدليل على تعيينه، فالقاعدة العامة الآن أن ذكر الله تعالى المشروع مشروع كل وقت ولكن تقييد الذكر بعدد معين أو بوقت معين أو بسبب معين يحتاج إلى دليل من الشرع، ومن ذلك أيضاً أن يقيد بصفة معينة مثل أن يجتمع عليه الناس فيذكرون الله ذكراً جماعياً بصوت واحد فإن هذا يحتاج إلى دليل فإن لم يقم عليه دليل لم يكن مشروعاً.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم ما سبب انصراف الناس وإحجامهم عن التحصين بالذكر

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: له أسباب:

منها الجهل فإن كثيراً من الناس يجهل هذه الأذكار والأوراد ويجهل فوائدها ولهذا ينبغي أن يكون رب البيت حريصاً على تعليم أبنائه وبناته وأهله لهذه الأذكار والكتيبات والحمد لله موجودة بكثرة في هذا الموضوع.

ثانياً ضعف الإيمان فإن بعض الناس يقرأ هذه الأوراد ولكن ليس بقلبه والمسلم إذا قرأها بقلب حاضر فقد أحاط نفسه بجدار حصين من شر الشياطين بل بعض الناس يقرأها على سبيل التبرك وهي لا تنفع إلا من قرأها مؤمناً بها غاية الإيمان لا شاكاً ولا مجرباً فإن قرأها وهو شاك أو قرأها على سبيل التجربة ويقول سأجرب هل تنفع أو لا فإنها لن تنفعه.

ثالثاً اعتماد الناس على الأمور المادية وغفلوا عن الأمور المعنوية القلبية ولهذا تجد المرء إذا أصابه مرض هرع إلى الطبيب ولم ينظر في الأدعية الواردة في الشفاء من المرض فمن ذلك مثلاً أن الإنسان إذا أصيب بأدنى وجع في أحد مفاصله أو أعضائه ذهب مباشرة وبسرعة إلى الطبيب مع أن السنة جاءت بأن الرجل إذا وضع يده على موضع الألم وقال (أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر سبع مرات) فإنه يزول عنه الألم لكن إذا قال ذلك مؤمناً به وكذلك إذا قرأ الفاتحة على لديغ أي على من لدغته حية أو لسعته عقرب فإنه يبرأ بإذن الله كما في قصة الصحابة الذين بعثهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم فنزلوا على قوم فلم يضيفوهم فتنحوا ناحية ثم لدغ سيدهم فبحثوا عن قارئ فقالوا لعل هؤلاء القوم معهم من يقرأ فجاؤوا إلى الصحابة رضي الله عنهم يسألوهم قارئاً فقالوا لن نقرأ عليه إلا بجعل فجعلوا لهم قطيعاً من الغنم ثم ذهب القارئ يقرأ على هذا اللديغ بسورة الفاتحة فقط فقام اللديغ كأنما نشط من عقال ولما قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم وأخبروه قال للقارئ (وما يدريك إنها رقية) فالفاتحة لها تأثير عجيب في قراءتها على المرضى عموماً وعلى اللدغاء خصوصاً لكن الناس كما قلت في غلفة عن هذا اعتمدوا الآن على المادة فقط وهذا هو الذي جعل كثيراً من الناس الآن يصابون بهذا الفزع وربما يصابون بتسلط الجن عليهم وتسلط السحرة وغير ذلك مما كثر أخيراً نسأل الله لنا ولكم السلامة.

***

ص: 2

‌ما هو الدعاء الذي يقوله الإنسان إذا أراد أن يسافر لأنني أسمع كلام الناس لكنهم لا يرفعون أصواتهم ورغم أني حريص على التصنت عليهم إلا أنني لم أعرفه أرجو إن كان يحضركم أن تقولوه لنا وفقكم الله

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نقول أولاً المسافر إذا ركب دابته واستوى على ظهرها فليذكر نعمة الله سبحانه وتعالى بقلبه ويستحضر هذه النعمة الكبيرة على ما يسر له من هذه المخلوقات التي توصله إلى بلد لا يكون بالغه إلا بشق الأنفس ثم يقول (سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون) ويكبر ثلاثاً ويحمد الله سبحانه وتعالى ويقول اللهم إني ظلمت نفسي فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ويدعو أيضاً بما تيسر من الدعاء الوارد اللهم هون علينا سفرنا هذا واطوِ عنا بعده اللهم زودنا في سفرنا هذا البر والتقوى ومن العمل ما ترضى اللهم أنت الخليفة في الأهل والمال ويدعو بما جاء به الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

***

ص: 2

‌هل يجوز للمرأة الغير متطهرة أن تقوم بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم يجوز للمرأة الحائض أن تصلى على النبي صلى الله عليه وسلم وأن تقول جميع الأذكار الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم وأن تقرأ الأوراد من كتاب الله عز وجل وذلك لأنها غير ممنوعة من الذكر، وإنما اختلف العلماء رحمهم الله في منعها من قراءة القرآن. والصحيح أنه يجوز لها أن تقرأ القرآن للحاجة كما لو كانت تريد أن تعلم أو تتعلم أو تقرأ الأوراد الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل آية الكرسي فإن آية الكرسي (من قرأها في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ ولا يقربه شيطان حتى يصبح) .

***

ص: 2

‌هل يصح الذكر من تكبير وتهليل وتحميد وصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم من غير وضوء حتى يكون اللسان رطب بذكر الله

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: يجوز للإنسان أن يذكر الله سبحانه وتعالى على غير طهارة لما ثبت في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها قالت (كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه) ولا يشترط للذكر أن يكون الإنسان طاهراً لكن الأفضل ألا يذكر الله إلا على طهارة يعني أن الأفضل أن يتطهر الإنسان إذا أراد أن يذكر الله ولكن هذا ليس بواجب حتى وإن كان الإنسان على جنابة فإن له أن يذكر الله إلا القرآن فإنه لا يقرأ القرآن على جنابة حتى يغتسل (لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُقرئ أصحابه القرآن ما لم يكن جنباً) .

***

ص: 2

‌المستمع عبد المعروف أحمد سوداني مقيم بالدمام يسأل عن دعاء دخول المنزل هل يجب ذكره في كل مرة عند دخول المنزل مثلاً عند ذهابي لأداء فريضة الصلاة في المسجد وعند عودتي ثانياً إلى المنزل هل يجب عند دخولي ثانياً ذكر الدعاء أم لا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: ذكر دخول المنزل مشروع كلما دخل الإنسان إلى منزله. اللهم إلا إذا كان فارقه بنية أنه سيعود عن قرب كما لو خرج من البيت إلى دكان قريب من البيت ليأخذ منه حاجة ثم يعود أو خرج من البيت ليكلم صديقاً له عند البيت بنية أن يعود عن قرب كما لو كان عند عتبة الباب ونحو ذلك فإنه لا يحتاج إلى ذكر دخول المنزل وليعلم السائل أن ذكر دخول المنزل ليس واجباً كما يفهم من عبارة سؤاله بل هو من الأمور المستحبة على أن بعض أهل العلم ذكر كلاماً في الحديث الوارد في هذا الباب.

***

ص: 2

‌ما هو الدعاء المستحب ذكره عند النوم وما هي فائدته

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الدعاء المستحب عند النوم منه قراءة آية الكرسي (اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ) ومنه قراءة (قل هو الله أحد وقل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس) ومنه باسمك اللهم أحيا وأموت اللهم بك وضعت جنبي وبك أرفعه فإن أمسكت روحي فاغفر لها وارحمها وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين ومنها أن يسبح الله ثلاثاً وثلاثين ويحمد الله ثلاثاً وثلاثين ويكبر الله أربعاً وثلاثين وعلى كل حال فهناك أيضاً أذكار معروفة وننصح الأخ أن يرجع إلى الكلم الطيب لشيخ الإسلام ابن تيمية وتصحيحه للشيخ ناصر الدين الألباني وكذلك كتاب الأذكار للنووي وإلى الوابل الصيب للإمام القيم والكتب في هذا معروفة فليرجع إليها ولكن ينبغي أن يعتمد على ما كتبه العلماء الموثوقون لأن الأذكار كثر بين أيدي الناس تداول الكتب فيها وهذه الكتب التي يتداولها الناس منها ما هو كذب موضوع على الرسول صلى الله عليه وسلم يجب الحذر منه.

والمهم أنني أنصح هذا الأخ السائل وغيره أن لا يتورطوا فيما كتب من الأذكار فإنه كتب فيها أشياء لا حقيقة لها بل أشياء موضوعة مكذوبة على الرسول صلى الله عليه وسلم وأن يعتمدوا في ذلك على ما كتبه العلماء الموثوقون في علمهم ودينهم.

يافضيلة الشيخ: هل هناك فؤائد مصرح بها في بعض الأحاديث لأذكار النوم؟

فأجاب رحمه الله تعالى: من الفوائد أن هذا ذكر لله عز وجل وأن الإنسان إذا نام على ذكر الله كان ذلك أطيب لنومه وأهدى وأبعد أن يرى في منامه ما يكره مما يعرضه الشيطان عليه ومنها أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بأن من قرأ آية الكرسي في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ ولا يقربه شيطان حتى يصبح ومنها أن التسبيح والتحميد والتكبير سبب لنشاط الإنسان وقوته والسيطرة على عمله ولهذا لما سألا علي بن أبي طالب رضي الله عنه وفاطمة النبي صلى الله عليه وسلم خادماً فقال (ألا أدلكما على خير من ذلك ثم أمرهما بأن يسبحا ويحمدا ويكبرا ثلاثاً وثلاثين) .

***

ص: 2

‌السائل أبو شاهين من مصر يقول هل يجب أن يقول الإنسان الأذكار بصوت مسموع أم يكفي أن يتلفظ بها في لسانه

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: يكفي أن يتلفظ بها في لسانه ما دام أخرج الحروف وأما إمراره على القلب فلا يكفي لكن هنا مسألة وهي أن الجهر بالذكر بعد الصلوات المفروضة سنة كما قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما (كان رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة على عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم) وكثير من الناس الآن أهملوا هذه السنة فلا تجدهم يجهرون بذلك ولكن الحق أحق أن يتبع فالجهر هو الأفضل إلا إذا كان إلى جنبك رجل يقضي ما فاته وتخشى إن رفعت صوتك أن تشوش عليه فهنا لا ترفع الصوت.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم هذا السائل أبو أسامة يقول فضيلة الشيخ أفيدكم بأنني ولله الحمد منذ صغري قد نشأت على طاعة الله عز وجل حتى كبرت وهذا من فضل الله علي ولكن يا فضيلة الشيخ سؤالي بأنني أذكر الله واستغفر بصوتٍ مرتفع وهذا خارج عن إرادتي ودائماً يدخل علي الشيطان ويوسوس علي ويقول أنت ترائي وهذا رياء ويعلم الله أنني تعودت على ذلك منذ الصغر وأخشى من زملائي في العمل فهل أترك ذلك وجهوني مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إن نصيحتي لك أن تستمر على التزامك وأن تحمد الله سبحانه وتعالى على هذا وأن لا تعجب بعملك واحرص على أن يكون عملك سراً اللهم إلا إذا ذكرته من أجل تشجيع غيرك فالأعمال بالنيات وأما بالنسبة لرفع الصوت فلا ترفع الصوت على وجهٍ يؤذي من حولك فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم خرج على أصحابه وهم يصلون ويرفعون أصواتهم بالقراءة فقال صلى الله عليه وسلم (لا يؤذين بعضكم بعضاً بالقراءة) وإن كان لا يؤذي وخشيت على نفسك من الرياء وهو من الأذكار التي لا يسن رفع الصوت بها فلا ترفع صوتك وحاول أن تمرن نفسك على ذكرٍ واستغفارٍ ليس فيه رفع صوت وإنما قلت الأ?ذكار التي لا يسن رفع الصوت بها احترازٌ من الأذكار التي يسن رفع الصوت بها كالأذكار عقب الصلاة فإن المشروع في الأذكار عقب الصلاة المفروضة أن يرفع الإنسان صوته بها لقول ابن عباسٍ رضي الله عنهما كان رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة على عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم واحترازٌ أيضاً من التلبية فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمر أصحابه أن يرفعوا صوتهم بالإهلال يعني بالتلبية وكانوا يرفعون أصواتهم بذلك حتى تبح أصواتهم وكانوا يصرخون بذلك صراخاً فالمهم أن الأفضل في الذكر أن يكون خفيةً وسراً فإن آذى الجهر به كان الجهر به حراماً وإن لم يؤذِ الجهر به فلا بأس به إلا أن يخشى الإنسان على نفسه الرياء كما أفاده سؤال السائل فليسر به هذا ما لم يكن الذكر فيما يشرع فيه الجهر فليجهر به.

***

ص: 2

‌المستمع من الجزائر يقول في هذا السؤال فضيلة الشيخ يقول بعض الناس الذكر أفضل من الصلاة المكتوبة بدليل قوله تعالى (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ) فهل الذكر أفضل من الصلاة كما يقولون

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إن الصلاة من ذكر الله سبحانه وتعالى بل هي أكبر أنواع الذكر وهي آكد أركان الإسلام بعد الشهادتين لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم (بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج بيت الله الحرام) فهي روضة من رياض الذكر فيها قراءة القرآن وفيها التكبير وفيها الثناء على الله عز وجل وفيها أنواع التعظيم لله سبحانه وتعالى وفيها الدعاء فهي روضة فيها من كل زوج بهيج.

ولا شك أنها أي الصلاة فريضة ونافلة فالفريضة ركن من أركان الإسلام وهي أفضل أنواع الذكر كما قلنا بعد الشهادتين شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وليس الذكر المجرد أفضل منها بل هي أفضل منه فلو قال لنا شخص هل الأفضل أن أتضرع بذكر الله من التسبيح والتكبير والتهليل أو ما أشبه ذلك أو أن نتضرع بالصلاة قلنا تضرعك بالصلاة أفضل لأنها تجمع بين أنواع متعددة من الذكر وأما قوله تعالى (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ) فإن الآية تدل على أن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولكن ما فيها من ذكر الله أكبر من ذلك كما يتضح عند تلاوة الآية الكريمة (اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ) أي ما فيها من ذكر الله أكبر من النهي عن الفحشاء والمنكر ولكن هنا تنبيه وهو أن الذكر المقيد في موضعه أفضل من مطلق الصلاة يعني مثلا لو أن شخصا قال هل الأفضل إذا انتهيت من صلاة الفريضة أنه أبادر وأقوم وأصلى تطوعا أو الأفضل أن آتي بالأذكار المشروعة بعد الصلاة قلنا له الأفضل أن تأتي بالأذكار المشروعة بعد الصلاة لأنه ذكر مقيد في حال معينة فالذكر في موضعه إذا كان مقيدا أفضل من مطلق الصلاة ولهذا لو قال لنا قائل أنا أقرأ القرآن فسمعت المؤذن فهل الأفضل أن أستمر في قراءة القرآن ولا أتابع المؤذن أو الأفضل أن أتابع المؤذن؟ الأفضل أن تتابع المؤذن لأنه ذكر مقيد بحال معينة فكان أفضل من قراءة القرآن الذي ليس له وقت محدد وبإمكانك أن تقرأ القرآن في وقت آخر.

***

ص: 2

‌يقول السائل يا فضيلة الشيخ بأنه يذكر الله مائة مرة هل هذا الذكر وارد أم لا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم الذكر مائة مرة وارد وفيه خير كثير تقول لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير مائة مرة تقوله في الصباح وكذلك تقول سبحان الله وبحمده مائة مرة في المساء لأن من قال سبحان الله وبحمده مائة مرة غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر قال العلماء والأفضل أن يجعلها في آخر النهار يعني عند النوم لتغفر ذنوبه إلى وقت نومه.

***

ص: 2

‌يقول ما معنى لا حول ولا قوة إلا بالله

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: معنى لا حول ولا قوة إلا بالله لا تحول من حال إلى حال فحول بمعنى التحول يعني لا أحد يملك أن يتحول من حال إلى حال ولا أحد يقوى على ذلك إلا بالله عز وجل يعني إلا بتقدير الله والاستعانة به ولهذا نجد الإنسان يريد الشيء ثم يحاول أن يحصل عليه ولا يحصل لأن الله لم يرد ذلك ونرى أيضاً كثيراً من الناس إذا أرادوا الشيء واستعانوا بالله وفوضوا الأمر إليه فإن الله تعالى يعينيهم وييسر لهم الأمر ومن ثم كان ينبغي للإنسان إذا أجاب المؤذن أن يقول عند قول المؤذن حي على الصلاة حي على الفلاح لا حول ولا قوة إلا بالله يعني لا أستطيع أن أتحول من حالي التي أنا عليها إلى الصلاة ولا أقوى على ذلك إلا بالله عز وجل فهي كلمة استعانة يستعين بها الإنسان على مراده.

***

ص: 2

‌المستمع الشريف حسين من الأردن يقول في رسالته ما هو الوقت المحدد لأذكار الصباح والمساء الواردة في السنة المطهرة فمثلاً هل وقت أذكار المساء ما بين المغرب والعشاء أو ما بين العصر والمغرب

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الذي يظهر أن الوقتين كلاهما من المساء ما بين العصر إلى المغرب وما بين المغرب إلى العشاء وقد أمر الله سبحانه وتعالى أن نسبحه قبل طلوع الشمس وقبل الغروب فأفضل ما تكون الأذكار في الصباح ما بين صلاة الفجر وطلوع الشمس وفي المساء ما بين صلاة العصر وغروب الشمس ولكن الوقت يمتد إلى أكثر من ذلك فوقت الصباح قد يمتد إلى إشراق الشمس وكذلك وقت المساء قد يمتد إلى طائفة من أول الليل والأمر في ذلك واسع لكن ما ورد تخصيصه بالليل فإنه لا يفعل في النهار كما في قوله صلى الله عليه وسلم في آية الكرسي (من قرأها في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ ولا يقربه شيطان حتى يصبح) فمثل هذا النص واضح في تخصيص ذلك بالليل.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم يقول هذا السائل من السودان هل أذكار الصباح لها وقت معين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أذكار الصباح أذكارٌ مضافة إلى الصباح وهذه إضافة بمعنى في فإذا قلنا أذكار الصباح فهو بمنزلة قولنا أذكارٌ في الصباح فيكون محلها من حين طلوع الفجر إلى أن تشرق الشمس ويكون الضحى فإذا كان الضحى انتهى الإصباح وكذلك في المساء أذكار المساء يعني أذكارٌ تكون في المساء والمساء من صلاة العصر إلى هزيعٍ من الليل كل ذلك يسمى مساءً لكن ما قيد في الليل فهو في الليل كآية الكرسي مثلاً ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم (أن من قرأها في ليلة فإنه لا يزال عليه من الله حافظ ولا يقربه شيطانٌ حتى يصبح) وكذلك الآيتان آخر سورة البقرة (آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون) إلى آخر السورة أخبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن من قرأهما في ليلةٍ كفتاه فأقول ما قيد في الليل فهو في الليل وما قيد في المساء فهو أوسع وأشمل يكون من صلاة العصر إلى هزيع من الليل والله أعلم.

***

ص: 2

‌من الأردن السائلة ن س ر تقول متى تذكر أذكار الصباح والمساء على وجه التحديد هل نذكرها في الصباح قبل طلوع الشمس وهل يجوز ذكرها بعد طلوعها وبالنسبة لأذكار المساء هل نذكرها قبل الغروب وهل يجوز ذكرها بعد غروبها

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الأمر في هذا واسع فأذكار الصباح من حين يطلع الفجر إلى أن ترتفع الشمس ضحى وأذكار المساء من حين أن تصفر الشمس إلى منتصف الليل أو قريباً منه لكن أحياناً تأتي أذكار معينة محددة مثل (من قرأ آية الكرسي في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ ولا يقربه الشيطان حتى يصبح) فما قيد بالليل فهو في الليل.

***

ص: 2

‌أم عبد الله من القصيم تقول ما حكم تأخير أذكار الصباح إلى الساعة الحادية عشرة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا كان لعذر كما لو كان الإنسان نائما ولم يستيقظ إلا في هذا الوقت فأرجو ألا يكون فيه بأس وإن كان لغير عذر فأذكار الصباح في الصباح.

***

ص: 2

‌يقول السائل أنا عامل وأمي لا أقرا ولا أكتب واسمع أن هناك ورد بالليل وورد بالنهار فكيف احفظ الأذكار وإذا اقتصرت على بعض الأوراد فهل يكفي

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الاقتصار على بعض الأوراد إن دلت السنة على كفايته كما في قوله صلى الله عليه وسلم عن الآيتين الأخيرتين من سورة البقرة (من قرأهما في ليلة كفتاه) وقوله في آية الكرسي (من قرأها في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ ولا يقربه شيطان حتى يصبح) فالأمر واضح ويكفي وأما إذا كان لا بد من اقتران الورد بشيء آخر فإنه لا بد من هذا الشيء الآخر ومرجع السائل في هذه الأمور إلى الكتب المؤلفة في ذلك مثل كتاب الأذكار للنووي وكتاب الوابل الصيب لابن القيم وكتاب الكلم الطيب لشيخ الإسلام ابن تيمية وغيرها مما ألف في ذلك مما كتب في هذا الباب فليرجع إليه السائل ليتبين له ما يريد

***

ص: 2

‌ما صحة قول اللهم صل على محمد وعلى آل محمد في يوم الجمعة ألف مرة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا صحة لتحديدها بعدد معين وأما الإكثار منها في يوم الجمعة فإنه مشروع فينبغي للإنسان أن يكثر من الصلاة على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كل وقت ولا سيما في يوم الجمعة فإن من صلى عليه صلى الله عليه وسلم مرة واحدة صلى الله عليه بها عشراً.

***

ص: 2

‌يقول السائل في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أحياناً ونحن نستمع إلى قولٍ أو فعلٍ للرسول صلى الله عليه وسلم نكون معجبين مسرورين فنقول صدقت يا سيدي يا رسول الله أو عليك الصلاة والسلام يا سيدي يا رسول الله هل يجوز ذلك أقصد بالتحديد ياء النداء أو كاف المخاطب ثم هل يجوز في دعائنا أن نقول اللهم شفع فينا محمد أفيدونا مأجورين ونسأل الله لنا ولكم التوفيق

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا شك أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عند ذكره من القيام بحقه صلوات الله وسلامه عليه وحق رسول الله صلى الله عليه وسلم علينا أعظم من أي حقٍ لمخلوق ولهذا يجب على الإنسان أن يفديه بنفسه فإذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم عندك فصل عليه وسلم عليه ولا حرج أن تقول عليك السلام يا رسول الله فنحن نقول في صلاتنا السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ومن المعلوم أن أيها النبي منادى حذفت منها ياء النداء وأصلها يا أيها النبي وأيضاً يجوز أن تقول صلى الله عليه يا رسول الله أو أيها النبي وما أشبه ذلك وأما صدقت فالأولى أن تقول صدق رسول الله أو صدق الله ورسوله أو ما أشبه ذلك حتى تبتعد عن تصور المخاطبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم مخاطبة الحاضر إلا فيما ورد به النص.

***

ص: 2

‌هذا السائل ر. م. ك العسيري يقول هل آثم إذا سمعت ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم ولم أصلِ عليه

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذه المسألة اختلف فيها أهل العلم فمن العلماء من يقول إنه يجب على من سمع ذكر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يصلى عليه للحديث المشهور (إن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال رغم أنف امرئ ذكرت عنده فلم يصل عليك قل آمين فقال آمين) فهذا يدل على أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم واجبة على من ذكر اسم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عنده ولا شك أن الذي يذكر عنده الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولم يصل عليه لا شك أنه فوت نفسه خيرا كثيرا وعرض نفسه لهذه العقوبة.

***

ص: 2

‌السائل من حضرموت يقول أنا استمع إلى إذاعة القرآن الكريم لبعض المحدثين وأثناء حديثهم يقومون بذكر الرسول صلى الله عليه وسلم فهل أصلى على الرسول أثناء ذكرهم له صلى الله عليه وسلم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا سمع الإنسان ذكر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فليصل عليه فإن جبريل قال للنبي صلى الله عليه وسلم (رغم أنف امرئ ذكرت عنده فلم يصل عليك قل آمين فقال النبي صلى الله عليه وسلم آمين) ولهذا قال بعض أهل العلم إنه يجب على من سمع ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلى عليه وعلى هذا إذا سمعت في برنامج نور على الدرب ذكر النبي صلى الله عليه وسلم فصل عليه وأنت يا أخي إذا فعلت ذلك نجوت من هذا الوعيد ثم حصل لك أجر لأن من صلى على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم مرة واحدة صلى الله عليه بها عشر فأنت إذا صلىت على النبي عليه الصلاة والسلام حصلت على ثلاث فوائد:

الفائدة الأولى امتثال أمر الله تبارك وتعالى فإن الله يقول (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) .

الفائدة الثانية أن ذلك من حق الرسول عليه الصلاة والسلام أن تصلى عليه لأن الله أنقذك به من الضلالة ودلك إلى الرشد عن طريقه عليه الصلاة والسلام فلا طريق يوصل إلى رضوان الله تعالى وجنته إلا طريق محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم والإنسان لو دله شخص على طريق بلد من البلاد التي يقصدها لرأى له معروفاً عليه فكيف بالنبي صلى الله عليه وسلم الذي دلك على الطريق الموصل إلى الجنة فمن حقه عليك أن تصلى عليه، عليه الصلاة والسلام.

الفائدة الثالثة أنك إذا صلىت عليه مرة واحدة صلى الله عليك بها عشراً ومعنى الصلاة على النبي أن يثني الله على نبيه صلى الله عليه وسلم في الملأ الأعلى هكذا قاله أبو العالية رحمه الله فإذا كان هذا معنى الصلاة من الله على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فكذلك أنت يرفع الله تعالى لك الذكر ويصلى عليك ويثني عليك عند الملائكة المقربين وهذه نعمة والحسنة بعشر أمثالها ولله الحمد ولهذا ينبغي للإنسان أن يكثر من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في كل وقت وحين.

***

ص: 2

‌هل يصح أن نقول صلى الله عليه وسلم مع اسم كل نبي أو رسول يذكر اسمه أم أنها خاصة بمحمد ابن عبد الله صلى الله عليه وسلم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الصلاة والسلام على الأنبياء غير رسول الله صلى الله عليه وسلم جائزة بلا شك فإن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أفضل طبقات الخلق الذين أنعم الله عليهم قال الله عز وجل (وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ) وأفضل الأنبياء الرسل وأفضل الرسل أولي العزم منهم وهم خمسة نوح وإبراهيم وموسى وعيسى بن مريم ومحمد صلى الله عليه وسلم وهو أفضلهم فتجوز الصلاة والسلام على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام عند ذكرهم أما نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فيختص بتأكد الصلاة عليه عند ذكره بل قد قال بعض أهل العلم إن على من ذكر عنده اسم النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلى عليه لحديث أبي هريرة (أن جبريل قال للنبي صلى الله عليه وسلم رغم أنف امرئ ذكرت عنده فلم يصل عليك قل آمين فقال آمين) .

***

ص: 2

‌هل ورد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة الجمعة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يكثر المسلم من الصلاة على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يوم الجمعة مع أن الإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وعلى آله سلم في كل وقت أمر مشروع.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم السائل م. م. بريدة يقول هل يجوز قراءة الأذكار في الصباح والمساء وأنا محدث وما حكم الدعاء للوالدين والمسلمين بعد الفراغ من الأذكار

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم لا حرج أن يذكر الإنسان ربه عز وجل وهو محدث سواء كان حدثه أصغر أم أكبر ولقول عائشة رضي الله عنها (كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يذكر الله على كل أحيانه) لكن لا يقرأ القرآن إذا كان جنبا حتى يغتسل وأما الدعاء للوالدين ولمن شاء من المسلمين بعد الفراغ من الذكر فلا يتخذه سنة ولكن لا بأس أن يدعو بما شاء.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم المستمعة للبرنامج عائشة إبراهيم تسأل وتقول في سؤالها هل التسبيح بالمسبحة بدعة وكما يقولون بأنها بدعة حسنة وهل في الإسلام بدعة حسنة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: التسبيح بالمسبحة لا نقول إنه بدعة لأن التسبيح بالمسبحة لا يقصد به التعبد إنما يقصد به ضبط العدد فهو وسيلةٌ وليس بغاية فعلى هذا لا نقول إنه بدعة ولكننا نقول إن التسبيح بالأصابع أفضل لأن هذا هو الذي أرشد إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله (اعقدن بالأنامل فإنهن مستنطقات) وهذا يدل على أن الأفضل العقد بالأنامل لأنها سوف تشهد يوم القيامة بالعمل الذي حركت فيه والتسبيح بالمسبحة فيه شيء.

أولاً أنه خلاف ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم.

وثانياً أنه قد يجر إلى الرياء كما يشاهد بعض الناس الذين يتقلدون مسابح في أعناقهم في المسبحة ألف خرزة كأنما يقول للناس انظروا فإننا نسبح ألف مرة فهو يحمل على الرياء.

ثالثاً أن من يسبح بالمسبحة تجد قلبه غافلاً يفرغ هذا الخرز وعيناه تدوران يميناً وشمالاً أويتجول يميناً وشمالاً فاستعمال المسبحة أقرب للغفلة من استعمال الأصابع ولهذا ينبغي للإنسان أن يعقد التسبيح بأصابعه والأفضل أن يكون ذلك باليد اليمنى وإن عقد باليدين جميعاً فلا بأس.

***

ص: 2

‌ما حكم استخدام السبحة في التسبيح

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الأفضل أن يسبح الإنسان بأصابعه لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لنساء كن يسبحن بالحصا قال (اعقدن بالأنامل فإنهن مستنطقات) فلا ينبغي للإنسان أن يسبح بالمسبحة لا في أذكار الصلوات ولا في الأذكار المطلقة بل يسبح بأصابعه.

***

ص: 2

‌يقول السائل ما حكم السبحة في الإسلام مع ذكر الأدلة الصحيحة في اخراج الاحاديث وجزاكم الله عنا كل خير

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: السبحة يريد بها السائل الخرز التي تنظم في سلك بعدد معين يحسب به الإنسان ما يقوله من ذكر وتسبيح واستغفار وغير ذلك وهذه جائزة لا بأس بها لكن بشروط:

أولاً: ألا تحمل الفاعل على الرياء أي على مراءاة الناس كما يفعله بعض الناس الذين يجعلون لهم مسابح تبلغ ألف خرزة ثم يضعونها قلادة في أعناقهم كأنما يقولوا للناس انظروا إلينا نسبح بمقدار هذة السبحة أو ما أشبه ذلك.

الشرط الثاني ألا يتخذها على وجه مماثل لأهل البدع الذين ابتدعوا في دين الله مالم يشرعه من الأذكار القولية أو الاهتزازات الفعلية لأن (من تشبه بقوم فهو منهم) ومع ذلك فإننا نقول إن التسبيح بالأصابع أفضل لأن النبي صلى الله علية وسلم أرشد إلى ذلك فقال (اعقدن بالأنامل فإنهن مستنطقات) أي سوف يشهدن يوم القيامة بما حصل فالأفضل للإنسان أن يسبح بالأصابع لوجوه ثلاث:

الأول أن هذا هو الذي أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم.

الثاني أنه أقرب إلى حضور القلب لأن الإنسان لا بد أن يستحضر العدد الذي يعقده بأصابعه بخلاف من كان يسبح بالسبحة فإنه قد يمرر يده على هذه الخرزات وقلبه ساه غافل.

الثالث أنه أبعد عن الرياء كما أشرنا إليه آنفا.

***

ص: 2

‌الدعوة إلى الله - الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

ص: 2

‌فضيلة الشيخ لا شك أن الداعي إلى الله يشترط فيه شروطاً حبذا إذا بينتموها للدعاة إلى الله

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: من شروط الداعي إلى الله عز وجل أن يكون مخلصا لله في دعوته بأن يكون قصده في دعوته إقامة دين الله وإصلاح عباد الله لا أن ينتصر لنفسه وأن يظهر قوله على قول الناس لأنه إذا كان قصده أن ينتصر لنفسه وأن يظهر قوله على قول الناس صار داعية لنفسه لا إلى سبيل الله عز وجل فلا بد من الإخلاص والمخلص في دعوته إلى الله إذا تبين له أن الحق في خلاف قوله رجع إليه وانقاد له واستغفر الله تعالى من الخطأ الذي وقع فيه وإن كان مأجوراً عليه إذا كان قد صدر منه باجتهاد لأنه قد يكون فرط في اجتهاده ولم يستقص.

ثانياً أن يقصد في ذلك إصلاح عباد الله وهو داخل في الإخلاص في الدعوة وإذا كان قصده إصلاح عباد الله فإنه لا بد أن يسلك الطريق الأمثل لحصول هذا المقصود الأعظم بحيث يدعوهم إلى الله عز وجل على وجه الرفق واللين والمداراة دون المداهنة لأن المداراة شيء والمداهنة شيء آخر المداهنة ترك الحق للغير أي من أجل الغير وأما المداراة فهي إيصال الحق إلى الغير بالطريق الأسهل فالأسهل وإن هذا الشرط قد يختل عند بعض الناس فيقصد بدعوته إلى الله انتقاد ما هم عليه وحينئذٍ تفسد دعوته وتنزع البركة منها لأن الذي يقصد انتقاد غيره ليس داعيا له في الواقع ولكنه معيّر له وعائب عليه صنيعه وفرق بين شخص يدعو الغير لإصلاحه وبين شخص يصب جام اللوم والعتاب على غيره بحجة أنه يريد إصلاحه

الثالث من الآداب الواجبة أن يكون عند الداعية علم بشريعة الله فلا يدعو على جهل لقول الله تعالى لنبيه صلى الله علية وسلم (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنْ اتَّبَعَنِي) فلا بد من أن يكون عند الإنسان علم يدعو به لأن العلم هو السلاح والداعي إلى الله بغير علم قد يفسد أكثر مما يصلح والداعي إلى الله بغير علم ربما يجعل الشيء حلالاً وهو حرام وربما يجعل الشيء حراما وهو حلال وربما يوجب على عباد الله ما لم يوجبه الله عليهم فلا بد من العلم المتلقى من كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم إن كان الداعي قادرا على ذلك بنفسه وإلا فبتقليد من يثق به من أهل العلم وفي هذه الحال أي فيما إذا كان مقلداً لغيره في الدعوة إلى الله إذا ذكر حكماً من الأحكام فإنه ينسبه إلى من قلده فيقول قال فلان كذا وقال فلان كذا إذا كان قد سمعه من فمه أو قرأه من كتاب بيده أما إذا سمعه من شريط فإنه لا يقول قال فلان بل يقول سمعت شريطا منسوبا لفلان لأن هذا أدق في التعبير.

ومن آداب الداعية أن يكون على بصيرة فيمن يدعوه لينزله منزلته ودليل ذلك أن رسول الله لما بعث معاذاً إلى اليمن قال له (أنك تأتي قوماً أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله) وذكر تمام الحديث والشاهد أن النبي صلى الله علية وسلم أخبره بحالهم ليكون على استعداد لمواجهتهم ولينزلهم منزلتهم اللائقة بما عندهم من العلم وهكذا الداعية إلى الله فينبغي للداعية إلى الله أن يكون على بصيرة بحال من يدعوهم حتى يكون مستعدا للحال التي هم عليها.

ومن آداب الداعية أن يكون أول من يمتثل دعوته فيقوم بما يأمر به ويدع ما ينهى عنه لأن هذا مقتضى العقل ومقتضى الشرع كما قال الله عز وجل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ) وقال الله تعالى موبخاً بني إسرائيل (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ) فلابد للداعية أن يكون متأدبا بهذا الأدب العظيم أن يكون فاعلا لما يأمر به وتاركا لما ينهى عنه ومع أن هذا مقتضى الشرع ومقتضى العقل فإنه أقرب إلى قبول الناس لدعوته لأن الناس إذا رأوه يسبق غيره فيما دعا إليه فعلا أو تركا وثقوا به وقالوا إن هذا صادق فيما دعا إليه وإنه أمين فتابعوه على ذلك وانقادوا له وإذا رأوه بالعكس سقط من عيونهم ولم يتابعوه وشكوا في دعوته فكان من أهم آداب الداعية أن يكون أول سابق لما يدعوا إليه فعلا لما دعا إلى فعله وتركاً لما دعا إلى تركه.

***

ص: 2

‌السائلة أختكم في الله ل ع أتقول أمنيتي أن أصبح داعية إسلامية أدعو الناس إلى الهداية وإلى هذا الدين القيم فماذا أفعل كي تتحقق هذه الأمنية وهذا لاشك أنه أمنية لكل فتاة مسلمة في هذا المجتمع المسلم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: على من أراد أن يصبح داعية إلى الله عز وجل أن يتعلم

أولا: إلى ماذا يدعو لأن الإنسان قد يدعو إلى الله تعالى عن جهل فيكون إفساده أكثر من إصلاحه يفعل ذلك لا عن عمد وإرادة سوء لكن لجهله يظن أنه عالم فيتفوه بما لا يعلم وحينئذ يقع في الإثم أولا ثم في إضلال الناس ثانيا أما وقوعه في الإثم فلقوله تعالى (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) ولقوله تعالى (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً) وأما إضلال الناس فلأنه قد يدعوهم إلى محرم وهو لا يدري أنه محرم فقد يبيح لهم ما حرم الله وقد يوجب عليهم ما لم يوجبه الله فلابد لكل داعية إلى الله عز وجل من أن يكون عالما بما يدعو إليه

ثانيا لابد أن يكون مخلصا في دعوته إلى الله بأن يقصد بدعوته إصلاح الخلق وامتثال أمر الله تعالى بقوله (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى) وحصول الدين الحقيقي لقول النبي صلى الله عليه وسلم (الدين النصيحة الدين النصيحة الدين النصيحة قلنا لمن يا رسول الله قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم) دون أن يقصد بالدعوة إلى الله الانتصار لنفسه أو إطفاء لهيب الغيرة الذي في قلبه لأن هذا قد يقع من بعض الناس لكن لاشك أن نية الإصلاح والنصيحة لعباد الله هي الطريق الأسلم والأوفر ولابد للداعية أيضا من أن يكون حكيما في دعوته بحيث ينزل كل إنسان منزلته ولهذا قال الله عز وجل (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) فذكر الله تعالى ثلاثة أشياء الحكمة وهي بيان الحق وإيضاحه والاطلاع على محاسن الدين الإسلامي ثم بالموعظة إذا لم ير قبولا ممن دعاه يعظه الموعظة الحسنة التي تلين قلبه وترققه وتوجب الانصياع لما دعوته إليه والثالث المجادلة بالتي هي أحسن وذلك فيما إذا كان المدعو معانداً مجادلا فلابد أن يجادل بالتي هي أحسن. أحسن في عدة أمور أولا من حيث العرض فيكون المجادلة بالأدلة النقلية من كتاب الله وسنة رسوله أو الأدلة العقلية التي تؤيد ما جاء في الكتاب والسنة وكذلك يكون من حيث الإقناع بمعنى أن يأتي بالأدلة الواضحة التي لا تحتمل المعارضة دون الأدلة التي قد يعارض فيها المجادل ولهذا لما حاج الرجل الكافر إبراهيم عليه الصلاة والسلام فقال له إبراهيم (رَبِّي الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ) فعدل إبراهيم عليه الصلاة والسلام عن مناقشته في هذا الأمر وقال له (فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنْ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنْ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ) وعجز عن الرد فلا ينبغي للمجادل أن يسلك طريقا يحتمل الأخذ والرد بل يسلك الطريق الذي يكون قاصم الظهر لا مكان للمحاجة فيه وثالثا أن تكون مجادلته بالتي هي أحسن إذا كان المقام يقتضي ذلك فإن كان لا يقتضي ذلك فليجادل بوجه آخر ولهذا قال الله تعالى (وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَاّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَاّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ) فجعل للذين ظلموا مرتبة فوق مرتبة الذين يجادلون بدون ظلم والمهم أن الداعية إلى الله لابد أن يكون عنده علم بهذه الأمور التي أشرنا إليها ثم إذا كان الأمر يتوقف على مراجعة المسؤولين في هذا حتى لا ينفرط السلك وتحصل الفوضى فليكن ذلك بعد مراجعة المسؤولين لئلا يقع الإنسان في محظور فيندم على ذلك.

***

ص: 2

‌هذه رسالة وصلت من المستمع صالح سلمان من السودان يقول أرجو منكم عرض هذه الرسالة على فضيلة الشيخ محمد وهي ما هي الآداب التي ينبغي أن يتحلى بها الداعي إلى الله جل وعلا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا السؤال سؤال مهم وهي الآداب التي ينبغي أن يكون عليها الداعي إلى الله عز وجل

فمن الآداب المهمة إخلاص النية لله عز وجل بأن يكون الداعي قاصدا بدعوته رضا الرب وإصلاح الخلق لا أن يكون له جاه وإمامه ورياسة بين الخلق وذلك لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كان هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كان هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه) .

ثانيا أن يكون على بصيرة فيما دعا إليه وهو شريعة الله عز وجل بأن يكون لديه علم بالشرع فيما يدعو إليه فإذا كان يدعو للتوحيد وجب أن يكون لديه علم بالتوحيد في مسائله طردا وعكسا إيجابا ونفيا حتى يتمكن من المحاجة إذا حاجه أحد في ذلك لأن من دعا بغير علم فكمن نزل إلى ميدان القتال بغير سلاح ويدل لهذا الأدب قوله تعالى (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنْ اتَّبَعَنِي) ولأن الجاهل يحتاج هو إلى أن يعلم فكيف يكون معلما لغيره بجهله ولأن الذي يدعو بجهل قد يدعو إلى باطل وهو لا يشعر به فيضل ويضل لأن الذي يدعو بجهل يقف حيران حينما يورد عليه المبطل حجة باطلة ليدحض بها الحق الذي قاله هذا.

الثالث أن يكون على علم بحال المدعو حتى ينزله منزلته ودليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعث معاذ إلى اليمن فقال له حين بعثه (إنك تأتي قوماً أهل كتاب) أخبره بحالهم ليكون مستعدا لهم وليقابلهم بما تقتضيه حالهم وهكذا الداعي يجب أن يكون عالما بحال من يدعو لينزله منزلته لأن هناك فرقا بين شخص معاند تدعوه إلى الله وشخص جاهل غافل لا يدري عن شي فالأول يحتاج إلى حجة قوية يدحض بها عناده واستكباره عن الحق والثاني يكفي فيه أدنى حجة وأدنى الكلام لأنه جاهل غافل ليس عنده ما يجادل به وعلى هذا يتنزل قوله تعالى (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) فإن الناس منهم من يحتاج إلى الموعظة وتكفيه ومنهم من لا تكفيه الموعظة بل يجادل فأمر الله سبحانه وتعالى أن تكون الدعوة بالحكمة وبالموعظة أحياناً وبالمجادلة أحياناً حسب ما تقتضيه حال المدعو.

ومن آداب الداعي أن يكون بليغا في منطقه قويا في حجته بحيث يستطيع إقناع المستمع المدعو إقناعا تطمئن إليه نفسه وينقاد إلى الدعوة بيسر وسهولة لأن من الناس من يكون لديه علم لكن ليس لديه بيان بالقول فيفوته شيء كثير فإذا كان لدى الإنسان علم وبيان بالقول فبإمكانه أن يقنع غيره إقناعا تاما يستجيب به المدعو.

ومن آداب الداعية أن يكون عاملا بما يدعو إليه من الحق ليكون داعية بمقاله وفعاله ولا شك بأن عمل الداعية بما يدعو إليه له تأثير كبير في قبول ما يدعو إليه فإن الناس إذا رأوا من هذا الداعية أنه عاملا بما يدعوا إليه وثقوا به وعرفوا أنه صادق في دعوته وإذا كان لا يعمل بما يدعو إليه شكوا في أمره ولم يجعل الله تعالى في دعوته بركه أرأيت لو أن شخصاً قام يدعو الناس إلى صلاة الجماعة ويحث الناس عليها ولكنه لا يصلى مع الجماعة فماذا تكون نظرة الناس إلى دعوته ستكون نظرة الناس إلى دعوته هزيلة ولا ينظرون إليه نظر المتقبل لأنه لم يكن يقوم بما يدعو الناس إليه

ومن آداب الداعية أن يكون حليماً صبوراً على ما يصيبه من الأذية القوليه أو الفعلية لأن الداعية قائم مقام الرسل والرسل ينالهم من الأذى القولي والفعلي ما يصبرون عليه حتى ينالوا درجة الصابرين قال الله تبارك وتعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم (وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا) فلا بد للداعية من أن يتحلى بالصبر والحلم لينال درجة الصابرين ويلتحق بطريق المرسلين عليهم الصلاة والسلام

ومن آداب الداعية أن يكون بشوشا دائم البشر طليق الوجه حتى يحبه الناس قبل أن يدعوهم لأن قبول الناس للإنسان شخصيا يؤدي إلى قبوله معنويا وإلى الالتفاف حوله وعلى هذا يتنزل قوله تعالى (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنْ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) .

ومن آداب الداعية أن ينزل الناس منازلهم وأن يتحين الوقت المناسب والمكان المناسب للدعوة فلا يدعو الناس في مكان لم يتهيئوا ويستعدوا لدعوته لأن ذلك يلحقهم الملل والسآمة والكراهية لما يدعوا إليه ولو كان حقا ولهذا كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يتخول أصحابه بالموعظة مخافة السآمة والداعية إذا كثر عليهم الموعظة.... فإنهم يملون ولا يكون عندهم التقبل الذي يكون فيما لو راوح بين المواعظ والدروس هذا ما حضرني الآن من آداب الداعية ونسأل الله تعالى أن يجعلنا وإخواننا هداة مهتدين دعاة إلى الحق صالحين.

***

ص: 2

‌هذا المستمع للبرنامج رمز لاسمه بـ وليد ع. س. يقول ما الصفات والشروط التي يجب أن تتوفر في الداعية

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الداعية إلى الله سبحانه وتعالى عمل عملاً من أحسن الأعمال الطيبة قال الله تعالى (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنْ الْمُسْلِمِينَ) ولكن لا بد للداعية من أمور

الأمر الأول أن يكون عالماً بما يدعو إليه أي عالماً بشرع الله حتى لا يدعو الناس إلى ضلال وهو لا يشعر ولا يعلم فلا بد أن يتعلم أولاً ما هي السبيل التي يدعو إليها وما هي الأعمال التي يدعو إليها وما هي الأقوال التي يدعو إليها وما هي الأعمال التي ينهى عنها وهكذا.

ثانياً أن يكون عالماً بأحوال من يدعوهم لأن المدعويين تختلف أحوالهم فمنهم ذو العلم الذي يحتاج إلى قوة في الجدل والمناظرة ومنهم من دون ذلك ومنهم المعاند ومنهم من ليس كذلك فتختلف الأحوال بل تختلف الأحكام باختلاف الأحوال ولهذا لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذاً إلى اليمن قال له إنك تأتي قوماً أهل كتاب فبين له حالهم من أجل أن يكون مستعداً لهم لينزلهم منزلتهم

ثالثاً أن يستعمل الحكمة في دعوته فينزل كل إنسان منزلته وينزل كل شأن منزلته فيبدأ بالأهم فالأهم لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذ إلى اليمن قال له (وليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله فإن هم أجابوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة فإن هم أجابوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم) فرتب النبي عليه الصلاة والسلام الدعوة بحسب أهمية ما يدعو إليه وليس من الحكمة أن ترى رجلاً كافراً يشرب الدخان فتنهاه عن شرب الدخان قبل أن تأمره بالإسلام وهذا أمر مهم يخفى على كثير من الدعاة حيث تجده يتعلق بالأمور الجزئية دون الأمور الكلية العامة

رابعاً ينبغي للداعية أن يكون على جانب من الخلق القولي والفعلي والهيئي بمعنى أن تكون هيئته لائقة بالداعية وأن يكون فعله لائقاً بالداعية وأن يكون قوله لائقاً بالداعية حيث يكون متأنياً مطمئناً ذا نظر بعيد حتى لا يتجشم الصعاب مع إمكان تلافيها وحتى لا يرتكب عنفاً مع إمكان الدعوة باللين وهكذا يجب أن يكون الإنسان على حال يدعو الناس إلى دين الله باعتبار هذه الحال لأن كثيراً من الناس ربما يدعو الناس إلى الله عز وجل ولكن أعماله وأقواله لا توجب قبول ما يقول لكونه مخالفاً لما يدعو الناس إليه ومن الناس من يكون داعياً إلى الناس بحاله قبل أن يكون داعياً بمقاله بمعنى أن الناس إذا رأوه ذكروا الله عز وجل واطمأنوا ولانوا إلى الحق فلا بد للداعية أن يراعي مثل هذه الأمور ليكون قبول الناس لدعوته أكثر وأتم.

***

ص: 2

‌فضيلة الشيخ محمد العلماء والدعاة والمصلحون عليهم مسؤولية عظيمة في بيان أقسام التوحيد وتوجيه الضالين هل من كلمة لهم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الكلمة هي أن الداعي يجب عليه أن يراعي أحوال المدعوين فإذا كانوا مقصرين في الصلاة مثلاً فليركز على الحث على الصلاة وعدم التهاون بها وبيان عقوبة من تركها وحكمه في الدنيا والآخرة وإذا كان عندهم شيء من الشرك فليركز على التوحيد والإخلاص وما أشبه ذلك وإذا كان عندهم تهاون بالزكاة فليركز على الزكاة المهم أن الداعية من الحكمة أن يراعي أحوال المدعوين وكذلك يراعي أحوالهم بالنسبة للشدة واللين فإذا رأى منهم انقياداً وسهولة قابلهم باللين والسهولة وإذا رأى منهم عتواً ونفوراً فليقابلهم بما تقتضيه الحال وتحصل به المصلحة ثم إن من أهم ما يكون في الداعية أن يكون هو أول من يتلبس بما أمر به ويبتعد عما نهى عنه فليس من اللائق شرعاً ولا عقلاً أن يأمر بشيء ولا يفعله أو أن ينهى عن شيء ويفعله فإن الإنسان إذا كان على هذا الحال لم يقبل منه الناس اللهم إلا من لا يعرف حاله وأما من عرف حاله فإنه يقول إن هذا الرجل كاذب لو كان صادقاً فيما أمر به لكان هو أول من يمتثل له ولو كان صادقاً فيما نهى عنه لكان أول من يجتنبه وعلى الداعية أن يلاحظ الزمان والمكان في الدعوة إلى الله عز وجل فيدعو في المكان الذي تكون فيه الإجابة أقرب وكذلك في الزمان لأن مراعاة هذه الأمور من الحكمة التي قال الله تعالى فيها (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَاّ أُوْلُوا الأَلْبَابِ) .

***

ص: 2

‌السائل محمد العنزي من القصيم يقول إن شيخ الإسلام رحمه الله يقول في الدعاة المبتدعة الذين يدعون إلى الإسلام مثل الأشاعرة والمعتزلة إن عملهم محمود لأنهم ينقلون هؤلاء من الكفر الذي يخلد صاحبه في النار إلى الإسلام وإن كان صاحبه مبتدعا وفي هذا العصر وجد من هم على هذا النمط من الدعاة المنحرفين عن منهج أهل السنة والجماعة فما رأي فضيلة الشيخ

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: رأينا بقطع النظر عن صحة هذا الكلام عن شيخ الإسلام أولاً لأنني لم أعثر عليه ولكني لم أكن أحطت بما كتبه شيخ الإسلام رحمه الله لكن أقول إن الدعوة إلى الخير خير من أي أحد جاءت وقبول الحق واجب من أي أحد كان حتى إن الله عز وجل أقر الحق الذي قاله المشركون في قوله تعالى (وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ) فأنكر قولهم (واللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا) وسكت عن قولهم (وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا) لأنه حق ولما قال الشيطان لأبي هريرة ألا أدلك على آية في كتاب الله إذا قرأتها في ليلة لم يزل عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح فأخبر أبا هريرة بذلك النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال صدقك وهو كذوب ولما جاء حبر من اليهود أي عالم من علمائهم إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقال إنا نجد أن الله تعالى يجعل السماوات على إصبع والأرضين على إصبع الحديث ضحك النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم تصديقاُ لقول الحبر وقرأ (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ) فالحق مقبول لكن أنا أخشى أن هذا الداعي الذي لديه بدع أن ينقل الناس إلى بدعته لا سيما إذا كان عنده فصاحة وبيان وحينئذ يعيش الناس على بدعة وهذه هي المشكلة ولا شك أن نقل الناس من الكفر إلى البدعة التي لا تكفر أحسن لكني أخشى أن تبقى هذه البدعة في قلوبهم ويعتقدون أنها هي السنة.

***

ص: 2

‌ما الأسرار من وراء دعوة الرسول السرية لمدة ثلاث سنوات في مكة المكرمة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الرسول صلى الله عليه وسلم بعث في مكة وكان أهلها ليسوا على دين وقل منهم من يعرف شيئاً عن الأديان في ذلك الوقت ولهذا وصفوا بأهل الجاهلية ومن المعلوم أنه إذا ظهر رجل كهذا لمجتمع عارم بالجهل والشرك والكفر فإنه إن لم تكن دعوته على سبيل الحكمة والسداد لم يتوصل إلى الفلاح والرشاد ولا ريب أن من الحكمة أن تكون دعوة الرسول عليه الصلاة والسلام في ذلك الوقت سرا يأتي إلى الرجل يتوسم فيه الخير ويدعوه إلى الله سبحانه وتعالى وتقع هذه الدعوة من قلبه كل موقع فيدخل في الإسلام ويأتي إلى الثاني وإلى الثالث ثم الذين دُعوا إلى الإسلام وأسلموا كذلك يتصلون بمن يتوسمون فيهم الخير والقبول فيدعونهم إلى الله سبحانه وتعالى وهكذا حتى يكون حوله المجتمع وحينئذ يكون من المناسب أن يجهر بالدعوة ويعلنها لأن لديه أعواناً فهذا هو السر في أن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يؤمر بإعلان الدعوة من أول وهلة وإنما أخر الأمر حتى يكون حوله أناس فهذه هي الحكمة في أن أول الدعوة كانت سراً وهكذا ينبغي للداعية إلى لله سبحانه وتعالى أن تكون دعوته في مجتمع عارم بالجهل والضلال على هذا النحو يدعو فلاناً وفلاناً وفلاناً حتى يتكون حوله أناس وتقوى جبهته وحينئذٍ يعلن ما دعا إليه لأنه لو أعلن ما دعا إليه من أول الأمر لحصلت فتنة ومشادات ومنازعات ولم يتمكن من الوصول إلى مقصوده.

***

ص: 2

‌المسلم مطلوب منه أن يتفقه في دينه وأن يتحقق من العقيدة كيف توجهون المسلمين في ذلك وفي معرفة دينهم

.

فأجاب رحمه الله تعالى: أولا كلمة إلى علمائهم فإنه يجب على علماء المسلمين أن يبصروا عامتهم لأن العلماء بمنزلة النجوم في الأرض يهتدى بهم في ظلمات الجهل فعلى العلماء أن يتقوا الله عز وجل وأن يستمدوا علمهم من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ومنهج السلف الصالح رضي الله عنهم ثم يرشدوا الناس إلى هذا والناس إذا صلح علماؤهم صلحوا وإذا انحرف علماؤهم صاروا سببا لانحرافهم فعلى العلماء أن يتقوا الله تعالى في تبصير الأمة ثم على العامة أن يأخذوا بقول علمائهم المعروفين بالعلم والأمانة دون أن يأخذوا من علماء جهال أو من علماء ليسوا أمناء على دين الله ولا على عباد الله والكتب المبنية على كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرة وذلك مثل كتب شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله وتلميذه ابن القيم وغيرهما من العلماء المتقدمين والمتأخرين.

***

ص: 2

‌السائل أبو شاهين من مصر يقول أحكي للأطفال قصص غير حقيقية وذلك لتحبيبهم في الصلاة والصدق وأمور الخير فهل يعد هذا من الكذب فهم صغار لا يدركون ولا يعقلون وهذه القصص قصص الأنبياء والصالحين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا كانت القصص واقعية فلا بأس أما إن كانت غير واقعية بأن ينسب إلى شخص من الناس أنه صلى الفجر وحصل له كذا وكذا وهو ليس بحقيقة فلا يجوز لأن هذا كذب.

***

ص: 2

‌السائل أبو عبد الله يقول يقوم بعض محبي الخير بنشر بعض الورقات التي قد تحمل في طياتها أحاديث ضعيفة أو موضوعة وقد يذكر بعض الاجتهادات التي لا دليل عليها هل من توجيهٍ لهؤلاء

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: التوجيه لهؤلاء أن أذكرهم بآيةٍ من كتاب الله وهي قول الله تبارك وتعالى (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً) وما ينشره هؤلاء أحياناً منامات وأحياناً أحاديث موضوعة مكذوبة على عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأحياناً أذكار مبتدعة ما أنزل الله بها من سلطان ولكن العوام يقبلون كل شيء خصوصاً إذا كان فيها ترغيب وترهيب والواجب على من أراد أن ينشر شيئاً أن يسأل أولاً أهل العلم الذين هم أهل العلم ما ترون في هذا ثم ما ترون في نشره فإذا قالوا هذا صحيح وأذنوا بنشره نشره وإذا كان هناك جهات مسئولة عن توزيع هذه المنشورات فلا يوزعها حتى يتصل بالجهة المسئولة كي لا تصبح الأمور فوضى كلٌ ينشر ما شاء.

***

ص: 2

‌السائل يقول في بعض المساجد وخاصة بعد صلاة العصر يقرأ الشخص أو أحد الإخوان عدة أحاديث من رياض الصالحين في كل يوم فهل هذا العمل من البدع

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: ليس هذا من البدع بل هذا من الأمور التي فيها نشر العلم فإذا اعتاد الناس قراءة شيء من الأحاديث أو من تفسير القرآن الكريم كل يوم بعد العصر أو بعد العشاء أو بعد المغرب فهذا خير وليس من البدع والناس لا يفعلون هذا على أنه مقدمة للصلاة ومن توابع الصلاة لكن يفعلون هذا على أن فيه تذكرة للناس واعتاد الناس أن تكون التذكرة في هذا الوقت كما اعتاد الناس أيضا في كل زمان ومكان أن يكون دراسة العلم بعد صلاة الفجر على المشايخ واعتاد الناس أن تكون الدراسة في المدارس النظامية في وقت محدد كل هذا ليس فيه بأس ولا يعد من البدع الدينية

***

ص: 2

‌هذه السائلة من مكة المكرمة (نورة ح ص هـ) تقول ما حكم من عمل من أجل الله عز وجل ولكن يخبر به من يرى لكي يقوم بمثل هذا العمل لكي يعم الخير

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا لا بأس به لأنه من باب التعاون على البر والتقوى مثال ذلك رجل صائم قدم له شراب من شاي أو قهوة أو ماء فقال إني صائم من أجل أن يشجع الآخرين على الصيام فهذا طيب أو يقوم في الليل ويخبر إخوانه أنه قام في الليل ليشجعهم على هذا أو يتصدق بصدقة ويخبر عنها من أجل أن يقوي إخوانه على البذل فهذا لا بأس به والأعمال بالنيات أما إذا أراد أن يمدحه الناس فلا شك أن هذه نية غير صحيحة لأن الذي يبتغي وجه الله لا يهمه اطلع الناس عليه أم لم يطلعوا.

***

ص: 2

‌هذا سائل للبرنامج يقول في هذا السؤال أنا طالب أدرس في كلية الشريعة وأعاني من مشكلة وهي أنني عندما يطلب مني المدرس القراءة أمام الزملاء لا أستطيع القراءة ويصيبني خوف واضطراب شديد وإذا كنت إماما في الصلاة الجهرية فإني لا أستطيع أن أقرأ أيضا وأنا شديد الخجل وسؤالي يا فضيلة الشيخ ما هو الحل لهذه المشكلة وما العلاج وبماذا تنصحونني

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إن هذا الخجل الذي يعتري السائل خجل زائد فوق ما ينبغي أن يكون الإنسان عليه ودواء ذلك أن يشعر بأن الذين حوله من الناس إنما هم من جنسه لا يختلفون عنه وأن يشعر نفسه أنه إذا تكلم وإن أخطأ فكل الناس يخطئون ليس الخطأ مقصوراً على طائفة دون أخرى ومن دواء ذلك أن يمرن نفسه في أمكنة خاصة مثل أن يقوم يتحدث مع زملائه اثنين أو ثلاثة أو نحو ذلك وإن لم يستطع فليتحدث إلى نفسه فقط في حجرته يقوم ويتكلم كأنما يتكلم على أناس حتى يزول عنه الخجل شيئا فشيئا لأنه إن بقي على هذه الحال فإن الناس سوف يفقدون الانتفاع بعلمه اللهم إلا عن طريق الكتابة لذلك أنصح أخانا بأن يكون شجاعا وأن يمرن نفسه شيئا فشيئا حتى يقوى على مواجهة الناس بالكلام.

والعجب أنه ذكر أن هذا يعتريه حتى في قراءة الصلاة مع أنه إذا كان إماما فالناس وراءه وهو يقرأ كتاب الله عز وجل لا يأتي بكلام من عنده والخطأ في القرآن في مستوى كمستوى هذا السائل سيكون قليلا فنصيحتي له أن يمرن نفسه حتى ينفع الله به وبعلمه والله الموفق.

***

ص: 2

‌السائل حامد عبد الرزاق من الأردن يقول فضيلة الشيخ ما رأيكم بالداعية الذي إذا غضب من شخص رفع صوته عليه وذكره بأخطائه الماضية وهذا الداعي إلى الله يخطب بالمسجد ويرفع صوته على والديه كذلك

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الذي نرى أن الداعي إلى الله عز وجل يجب أن يكون هو أول من يفعل ما يدعو إليه وأول من يترك ما ينهى عنه لأنه يدعو إلى الله وإذا كان صادقا في ذلك فليتجنب ما ينهى الله عنه ورسوله وليفعل ما أمر الله به ورسوله، وكونه يتكلم على الناس عند الدعوة إلى الله وينتهرهم فيزجرهم يكون بهذا الأسلوب مخطئا لقول الله تبارك وتعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنْ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ) ولأن الله تعالى يعطي بالرفق ما لا يعطيه على العنف ولأن الله تعالى يحب الرفق في الأمر كله ألم يبلغ هذا الداعية ما جاء في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن أعرابياً دخل المسجد النبوي مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم فتنحى إلى طائفة من المسجد وجعل يبول فزجره الناس وصاحوا به كيف يبول بمسجد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولكن النبي صلى الله عليه وسلم الذي آتاه الله الحكمة نهاهم عن ذلك وقال لا تزرموه يعني لا تقطعوا عليه البول دعوه يكمل ولما انتهى أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يصب على البول ذنوب من ماء أي دلو أو شبهه ودعا الأعرابي وقال له إن هذه المساجد لا يصلح فيها شيء من الأذى والقذر إنما هي للصلاة والتكبير وقراءة القرآن أو كما قال صلى الله عليه وسلم فقال الأعرابي اللهم ارحمني ومحمداً ولا ترحم معنا أحدا فهو سر بقول الرسول عليه الصلاة والسلام لأنه كلمه بلطف ولين وعلمه بالحكمة إن هذه المساجد لا يصلح فيها شيء من الأذى والقذر إنما هي للصلاة والتكبير وقراءة القرآن أو كما قال صلى الله عليه وسلم.

فنصيحتي لكل داعية أن يكون رفيقا في الدعوة إلى الله وأن يبين الشريعة على وجه يطمئن الناس إليها ويفرحون بها لأنه يدعو إلى الله ليس يدعو إلى نفسه وليس يريد بدعوته أن يطفئ حرارة غيرته بل إنما يريد إصلاح الخلق فليتبع أقرب الطرق وأيسر الطرق إلى إقناع الخلق وهدايتهم.

***

ص: 2

‌السائل يقول أسكن في حي ويوجد لدي جيران لا يؤدون الصلاة معنا في المسجد مع العلم بأنه لا يوجد أي شيء يمنعهم من الصلاة في المسجد وقد قمت بزيارتهم في منازلهم وقمت بحثهم على الصلاة وقالوا سوف نصلى ولم نراهم معنا في المسجد هل علي ذنب في ذلك وهل تكون ذمتي برئت من ذلك أرجو التوجيه

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا كان للإنسان جيران لا يصلون مع الجماعة فقام بنصحهم وإرشادهم وتوجيههم وتحذيرهم من المخالفة فقد برأت ذمته سواء صلوا أو لم يصلوا لأن الإنسان إذا أدى ما أوجب الله عليه من النصيحه فقد برأت ذمته وليس على الإنسان إلا البلاغ أما الهداية فهي بيد الله عز وجل وقد قال الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ) وقال تعالى (فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ)(لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصيْطِرٍ) وقال تعالى (إِنْ عَلَيْكَ إِلَاّ الْبَلاغُ) فالحاصل إن الإنسان إذا أدى النصيحة الواجبة فإن اهتدى المنصوح فهذا المطلوب وهو من نعمة الله عليه وعلى الناصح وإن كانت الأخرى فالآثم المنصوح لأنه قامت عليه الحجة وأما الناصح فلا شيء عليه من إثمه.

***

ص: 2

‌كيف يبلغ المسلم الدعوة إلى الله وما هي السبل والطرق المثلى في الدعوة إلى الله مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: يبلغ المسلم الدعوة إلى الله بأن يتجول في بلاد الله عز وجل ويتكلم على الناس ويعظهم وأما الدعوة العامة فتكون في المساجد وفي المدارس وفي المجامع وأحسن ما يدعى به عباد الله كلام الله عز وجل ثم كلام رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لقوله عليه الصلاة والسلام (إن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم .

***

ص: 2

‌آخر سؤال للمستمعة أم جويرية من الكويت تقول إنني ممن تحب النصيحة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما أمر الشرع بذلك في قضايا كثيرة خاصةً التبرج وترك الحجاب وخاصةً السلوك الغير مستحب ولكنني أخشى العاقبة وردة الفعل خاصةً إذا كنت نصيحتي لأناسٍ لا أعرفهم فبماذا تنصحونني يا فضيلة الشيخ مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: ننصحك بأن تستمري على الدعوة ِإلى الله عز وجل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والنتائج ليست إليك أنت مأمورة بالدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأما النتيجة فهي إلى الله كما قال الله تعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم (إِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ) وقال سبحانه وتعالى (فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ (21) لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمصيْطِرٍ) وقال تعالى (فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) وقال تعالى (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ) فأنت استمري في الدعوة إلى الله والنصح لعباده والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بحكمة ومع النية الصادقة يحصل خيرٌ إن شاء الله تعالى.

***

ص: 2

‌تقول السائلة إذا وجدت معي بحكم العمل فتاة غير مسلمة فهل من الواجب علي أن أدعوها للإسلام وإن لم أفعل فسوف أسأل عنها يوم القيامة أم أن الدعوة لأناس معينين قادرين على ذلك وجزاكم الله خيرا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الواجب على من كان معه شريك في العمل من غير المسلمين أن يدعوه للإسلام لكن برفق وطمأنينة وعرضاً للإسلام الحق الذي يرغب فيه كل من عرض عليه وليس مقياس الإسلام عمل المسلمين لأن من المسلمين من يعمل أعمالاً لا تمت إلى الإسلام بصلة من الكذب والخيانة والمماطلة فيظن أن أخلاق هذا هي ما جاء به الدين الإسلامي والدين الإسلامي جاء بالصدق وأداء الأمانة والوفاء بالعهد قال الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) وقال تعالى (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولاً) بل قد قال الله تعالى (لا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) فبين الله تعالى أنه لا ينهانا أن نعامل هؤلاء الذين لم يقاتلونا في الدين ولم يخرجونا من ديارنا لا ينهانا عن أن نعاملهم بالإحسان أو بالعدل على الأقل أن تبروهم وتقسطوا إليهم وأما من أساء إلى عماله من مسلمين أو غير مسلمين فهو في الحقيقة قد أساء إليهم شخصياً وإلى الإسلام معنوياً لأن هؤلاء يظنون أن هذا خلق الإسلام وهذا ليس من الإسلام في شيء وخلاصة ما أجيب به على هذه المرأة أن أقول لها ادعي إلى سبيل الله ادعي إلى دين الله بيني لهؤلاء الذين يشاركونك في العمل من غير المسلمين محاسن الإسلام ومقاصد الإسلام وأخلاق الإسلام وفي ظني أن أي عاقل يدرك ما يعرض عليه سوف لا يختار ديناً سوى الإسلام.

***

ص: 2

‌السائل من الدمام يقول فضيلة الشيخ كما هو معروف عندنا في بعض المساجد وبعد صلاة الفريضة يقرأ الإمام برياض الصالحين أو بالترغيب والترهيب أو بكتاب موجود ولكن عرفنا أنه بعد السلام يشرع التسبيح والتهليل المشروع عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد قال لي أحد الأخوة أليس من الأفضل أن يترك مجال للناس للتسبيح والتهليل والتكبير بدل القراءة عليهم فما رأي الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين في ذلك حيث أن بعض الناس فور انتهاء الإمام من الحديث بعد العصر يخرجون أرجو الإفادة مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هو لا شك أن الصلاة يشرع بعد انتهائها أن يستغفر الإنسان ثلاثاً ويقول اللهم أنت السلام منك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام ثم يذكر الله سبحانه وتعالى بما جاءت به السنة هذا هو الأصل لكن الذين يتكلمون بعد الصلاة بما يتكلمون به من أحاديث مكتوبة في كتبٍ سابقة أو من ورقةٍ مكتوب بها أحاديث نافعة أو ارتجالاً إنما يبادرون بالكلام لأنهم يخشون أن يخرج الناس لو انتظر حتى يسبح الناس ثم إنه يشفع لبعض الناس أن طلب العلم أفضل من الأذكار التي تقال بعد الصلاة لأن طلب العلم لا يعدله شيء كما قال الإمام أحمد رحمه الله العلم لا يعدله شيء فهم يقولون نحن نتكلم بالعلم النافع ومن أراد أن يسبح فليسبح وإن كنا نقرأ أو نتكلم ومن أراد أن يستمع لنا ثم يسبح بعد ذلك فله ذلك ومن لم يتمكن من الجمع بينهما ثم استمع إلى الحديث النافع والعلم ثم خرج إلى شغله فلا حرج

نعم لو الناس اعتادوا على أن تكون الموعظة بعد انتهائهم من التسبيح بحيث يكون لدى الناس علم بأنه ستلقى كلمة أو موعظة أو حديث بعد التسبيح فهنا أفضل أن يدع الناس يسبحون ثم يتكلم لكن الناس لم يعتادوا هذا وأكثرهم لا يصبر ولذلك رأى الأئمة الذين يتكلمون ويحدثون على الناس أن يكون الحديث أو الكلام بعد الاستغفار ثلاثاً وبعد قول اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام وقد كان النبي عليه الصلاة والسلام إذا أراد أن يكلم أصحابه بعد الصلاة إذا سلم انصرف إليهم ثم كلمهم.

***

ص: 2

‌هذا المستمع أبو عبد الله يقول أرجو عرض هذا السؤال على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين يقول السلام عليكم ورحمة الله فضيلة الشيخ في إحدى المناسبات في الزواج كنا من الحاضرين أنا ووالدي وعندما حضر أقارب الزوج إلى مكان الحفل واكتمل العدد قام أحد الاخوة وجزاه الله خيراً وارتجل كلمة طويلة أقصد أنها كانت نصيحة في الترهيب والحقيقة لو أن الكلمة كانت قصيرة لكانت أبلغ في التأثير ولكن لطولها واستشهاده بالأحاديث أطالت الكلمة فقام أحد الحاضرين وقاطعة وقال يكفي يكفي ما قدمت جزاك الله خيراً فغضب المتحدث وقال كأنك لا تحب الذكر فهل على الذي قال يكفي أو كفى إثم نريد من فضيلة الشيخ توجيه في هذا مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أقول وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أيها السائل وما ذكرته من فعل بعض الاخوة أنهم يقومون ليلة الزفاف يتحدثون ويوعظون الناس فلا ريب أن الذين فعلوا هذا إنما قصدوا الخير وتذكير الناس وموعظتهم ولكن ينبغي للإنسان للواعظ للناس أن يكون حكيماً في موعظته فيتخير الوقت المناسب والمكان المناسب والحالة المناسبة بل والأشخاص لأن الإنسان قد يكون في بعض الأوقات متهيئاً لقبول النصيحة والموعظة والتذكير وفي بعضها لا يكون مستعداً لذلك فتراعى حاله وكذلك أيضاً قد يكون في بعض الأماكن لا ينبغي التحدث لأن الناس في شغل آخر وقد قال ابن مسعود رضي الله عنه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخولنا بالموعظة مخافة السآمة عليهم وهذه هي الحكمة ولا شك أن ليالي الزفاف ليالي أنس وفرح وسرور ولهذا رخص للغناء والدف في تلك الليلة على وجه الفرح والسرور لكن بشرط أن يكون ذلك بالدف لا بالطبل وإن يكون الغناء غناء المديح المجرد عن الفتنة فإذا كان الناس على هذا الاستعداد والنفوس متهيئة للفرح والسرور ولملاقاة بعضهم بعض وربما يكون بعضهم قد لاقى أخاه ولم يلقه من زمان بعيد فيفرح بلقائه ويتحدث إليه بأحواله وأحوال أهله فإذا كانت هذه الموعظة سئموها وملوها فالإنسان ينبغي له أن يتحرى الوقت المناسب والمكان المناسب والحالة المناسبة لأن المقصود هو قبول الناس واتجاههم وتهيئهم لسماع ما ينقل إليهم وانتفاعهم به ولو أن هذا الأخ المذكر جزاه الله خيراً اختصر واقتصر على الأهم لأن الوقت لا يناسب التطويل لكان خيراً له

وأرى في هذه المناسبة ألا يتكلم أحد إلا إذا رأى الناس متهيئون لهذا بأن طلبوا منه أن يتكلم أو طلب منه صاحب البيت أن يتكلم أو طلب منه السائل أن يتكلم بصوت مرتفع لينتفع الناس فهذا طيب ويكون الناس للقبول أقرب منهم للإعراض وكذلك لو رأى منكراً فقام وتكلم فوعظ ونصح هذا أيضاً مناسب فلكل حال مقال ونسأل الله أن يجعلنا جميعاً من الهداة المهتدين الموفقين للحكمة والرحمة والخوف.

***

ص: 2

‌المستمعة نور تقول بعض الطالبات يلحن في القرآن الكريم وأحياناً يزدن أو ينقصن في أحرف الآيات فإذا أرشدناهن إلى الصواب يغضبن ويقلن ليس قصدكنَّ تصحيح القراءة بل الاستهزاء بنا فهل نتركهن على الخطأ أم نبين لهن الصواب وهل علينا إثم إذا تركنا هذا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الواجب على من سمع أخاً له يلحن في كتاب الله أن ينبهه عليه لأن هذا من باب التعاون على البر والتقوى ولايجوز لأحد أن يتعمد تغيير كتاب الله عز وجل باللحن لأن الله تكلم بالقرآن بلسان عربي مبين على الوجه الموافق للغة العربية وإذا حصل اللحن كان تحريفاً للكلم عن مواضعه وتعمده حرام وإذا كان تعمده حراماً كان التنبيه عليه واجباً فيجب على المعلمة أو على غير المعلمة إذا سمعت من يلحن في القرآن أن تنبهه عليه سواء غضب أم رضي وكون المخطئ الذي لحن في القرآن ينحى هذا المنحى المشارإليه في السؤال وهو إساءة الظن بأخيه الذي أعانه على البر والتقوى من الخطأ بل الواجب على من قدم له أخوه نصيحة أن يحملها على الظن الحسن وأن يشكر له هذه النصيحة لأن الناصح يكون معيناً له على طاعة الله وتجنب محارمه ولو أننا تركنا التعاون على البر والتقوى والتناهي عن المنكر من أجل غضب من وجه له ذلك ما استقام أمر ولا نهي.

***

ص: 2

‌نلاحظ في الطرق الطويلة لوحات كتب عليها عبارة مثل اذكروا الله أو صلوا على النبي أو سبحوا الله أو لا تنسوا ذكر الله فهل هذا العمل بدعة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الذي أرى أن مثل هذا العمل جائز لما فيه من التذكير بأمر مشروع وهو ذكر الله عز وجل وذكر الله عز وجل مشروع في كل وقت قال الله تبارك وتعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً)(وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً) وذكر الله كثيرا من الأوصاف الحميدة الموجبة للمغفرة والأجر العظيم (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً) وبناء على ذلك فإن التذكير بهذا الأمرالمشروع ليس ببدعة لأنه وسيلة لأمر مشروع ووسيلة الأمر المشروع مشروعة ويجب علينا أن نعرف الفرق بين الغايات والوسائل فإذا كانت الغايات مشروعة كانت الوسائل الموصلة إليها مشروعة ولا تعد من البدع.

***

ص: 2

‌تقول السائلة مشكلتي إني عندما أشاهد ما يغضب الله أصرخ وأثور وأغضب غضباً شديداً وأبين أن هذا حرام ولكن بصراخ خاصة إذا كان الذي أمامي لم يقتنع ولا يريد أن يقتنع وحينها أقدم الأدلة فيفسرونها على غير تفسيرها فأغضب أكثر وقرأت أن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أخبر شخصاً سأله فقال لا تغضب ثلاث مرات وقرأت حديثاً آخر بما معناه أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان لا يغضب لنفسه ولكن يغضب إذا انتهكت محارم الله أرجو توضيح كيف كان غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انتهكت محارم الله وما دورنا نحن وكيف يجب أن يكون غضبنا وما هو الغضب المنهي عنه في الحديث الأول

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا شك أن الإنسان إذا كان عنده غيرة على محارم الله لا شك أنه سيغضب ويثور ولكن ينبغي للإنسان أن يطمئن نفسه وأن يعلم أن الهداية بيد الله عز وجل كما قال الله تعالى لنبيه محمدٍ صلى الله عليه وسلم (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ) وعليه أن يعالج الأشياء بحكمة كما قال الله تعالى (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) والغضب الذي أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بتركه هو الغضب الذي يتمكن الإنسان من التحكم فيه وأما ما جاء غيرةً لله ولدينه ولرسوله صلى الله عليه وسلم من غير أن يتمكن الإنسان من كظمه فإن الإنسان لا يؤاخذ عليه وقد كان النبي عليه الصلاة والسلام يغضب أحياناً في خطبه إذا وعظ الناس بانتهاكهم شيئاً من محارم الله عز وجل كما قام غضبان حين ذكر له أن رجلاً طلق زوجته ثلاثاً وكما ذكر جابر رضي الله عنه في صفة خطبه قال (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب احمرت عيناه وعلا صوته واشتد غضبه حتى كأنه منذر جيشٍ يقول صبحكم ومساكم) ولكن يجب على الإنسان إذا غضب أن يحرص غاية الحرص على الاتزان وأن لا تخرج منه كلمات نابية منفرة كما يكون من بعض الوعاظ تجده يتكلم بكلامٍ نابٍ وربما يكون منفراً للناس عن قبول موعظته فعلى الإنسان أن يكون حاكماً لنفسه متمكناً منها حتى يتصرف باتزان

***

ص: 2

‌المستمع للبرنامج سعد الدوسري من وادي الدواسر يقول في هذا السؤال هل يجوز لإمام المسجد أن يسمع الجماعة في المسجد أشرطة مسجلة مسجل عليها ندوات ومحاضرات وخطب لبعض المشايخ والخطباء إذا كان الجماعة لا يتأثرون بالأحاديث أو المواعظ التي يلقيها عليهم لأنهم ألفوا ذلك

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الجواب على هذا أن نقول إن من نعمة الله سبحانه وتعالى علينا في هذا العصر أن يسر لنا هذه الوسائل العظيمة لحفظ العلم ونشره بين الأمة من آلات الطباعة والنسخ وأشرطة التسجيل التي نفع الله بها خلقاً كثيراً وهذا من آيات الله سبحانه وتعالى الدالة على رحمته بعباده وإن هذا التسجيل الذي يحدث ليدلنا على كمال قدرة الله سبحانه وتعالى حيث أنعم على عباده وعلمهم هذه الصناعة العجيبة الغريبة المفيدة فعلينا أن نشكر الله سبحانه وتعالى على هذه النعمة ليزيدنا من فضله لأن الله يقول (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) ومن نعم الله تعالى علينا في هذه الأشرطة أن الإنسان يستطيع أن يسمع صوت العالم الذي يحب أن يسمع صوته ولو كان بينه وبينه مسافات بعيدة بل ولو كان هذا العالم قد مات وقد قالوا:

الخط يبقى زماناً بعد كاتبه وكاتب الخط تحت الأرض مدفون

ونحن نقول:

الصوت يبقى زماناً بعد قائله وصاحب الصوت تحت الأرض مدفون

فهذا الإمام الذي يأتي بهذه الأشرطة ليسمعها جماعته نقول لا بأس بذلك لأن الذي يقال في المساجد مباشرة يجوز أن يلقى في المساجد بواسطة ما دام هذا القول مفيداً ونافعاً ولكن الأفضل والأولى بلا شك أن يكون هو الذي يتكلم بما يرى أن فيه مصلحةً للجماعة لأن كلامه هو بنفسه أشد تأثيراً على الجماعة من أن يسمعوا صوتاً في مسجل ولأن الجماعة ربما يتفرقون إذا سمعوا هذا بناءً على أن هذا الشريط موجودٌ في أماكن بيعه فيقول الإنسان أنا أشتريه وأستمع إليه ولو كنت على سيارتي وما أشبه ذلك فإن هذا الإمام لم يأتِ بجديد فالأولى أن يكون هو الذي يعطي الدروس بما فتح الله عليه إن كان ذا علم أو بكتب أهل العلم الموثوق بعلمهم وأمانتهم يقرؤها على الجماعة هذا هو الأولى والأحسن.

***

ص: 2

‌المستمع من جمهورية مصر العربية يقول بأنه يقوم بتحفيظ القرآن ودروس دينية لبعض البنات وأعمارهن الثالثة عشر في منزله فهل في ذلك شيء يقول مع العلم بأنني بمثابة مدرس لهن حيث أقوم بتدريسهن في هذا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الذي أرجو من هذا الشخص أن يلقي دروساً على زوجته أو على أخته أو من عنده في البيت من محارمه ثم تلقي هذه المرأة الدروس التي ألقاها عليها على هؤلاء النساء اللاتي يأتين إلى بيته وأما أن يتولى هو تدريسهن وهم في هذه السن فإني أخشى عليه من الفتنة لأن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم وبإمكانه إذا كان يخاف أن لا تقوم أخته أو زوجته أو من عنده في البيت من محارمه بالواجب فبإمكانه أن يلقى الدرس عن طريق التسجيل ثم تباشر هذه المرأة من محارمه تقديمه لهؤلاء الطالبات ففي هذا حصول الفائدة والابتعاد عن المحظور والفتنة وإذا حصل منهن سؤال فليكن عندهن آلة تسجيل تسجل هذا السؤال من الطالبات ثم يجيب عنه الرجل في مكانٍ آخر ويعاد إليهم.

***

ص: 2

‌يقول المستمع من السودان بعض العلماء عندنا عندما يريد أن يلقي كلمة أو موعظة من حين لآخر يقف ويقول صلوا على رسول الله ثم يتحدث قليلاً ثم يقول لهم بعد ذلك صلوا على رسول الله هل هذا وارد عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم في الخطب والمواعظ أنه يبدأ بحمد الله والثناء عليه ولا حرج أن يصلى الإنسان على النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك فيتشهد ويقول أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ويصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يقول أما بعد ويبدأ في موضوع الخطبة لكن بعض الخطباء إذا رأى من الناس غفلة فمنهم من يقول قولوا لا إله إلا الله أو اذكروا الله ومنهم من يقول صلوا على النبي صلى الله عليه وسلم وينوي بذلك أن ينبه الناس ومنهم من يقول انتبه استمع وما أشبه ذلك فالذي يظهر لي أن هؤلاء الذين يقولونها في أثناء الخطبة هم لا يريدون بهذا التعبد لله تعالى بذلك وإنما يريدون بذلك تنبيه الموعوظين والمخطوب فيهم ومثل هذا لا أرى فيه بأساً إن شاء الله

***

ص: 2

‌المرأة إذا كان لديها علم وحماس وتريد أن تدعو إلى الله فما هي الطريقة التي تتبعها وما هي المجالات التي تستطيع أن تدعو إلى الله فيها

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الطريقة التي تتبعها هي ما أمر الله به في قوله (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) وأما المجالات فهي مجامع النساء كالمدارس وغيرها تحضر إليهن وتدعوهن إلى الله عز وجل ولكل مقام مقال وبإمكانها أن تعرف هل المقام يقتضي الترغيب أو الترهيب أو الجمع بينهما بحسب الحال فمجالات عملها إنما هو مجامع النساء فقط أما مجامع الرجال فإنه للرجال.

***

ص: 2

‌هذا المستمع من جمهورية مصر العربية كفر الدوار يقول في رسالته إنني المرسل أتابع برنامجكم برنامج نور على الدرب واسمي ج ع ع وسؤالي بالنسبة للدعوة الإسلامية على أيام الرسول عليه الصلاة والسلام هل وصلت إلى الدول الأوروبية وخلافها وما موقفهم منها وكيف كانت تنقل إليهم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: جوابنا على هذا السؤال أن الدعوة دعوة النبي صلى الله عليه وسلم في عهده لم تصل إلى الدول الأوروبية وإنما كانت في جزيرة العرب وما حولها فقط ولكنها انتشرت إلى الدول الغربية بعد ذلك وسوف تصل إلى جميع أقطار الدنيا لأن هذه الرسالة عامة فستقوم الحجة على جميع أهل الأرض في هذه الرسالة ومن مات منهم قبل أن تبلغه رسالة النبي صلى الله عليه وسلم فإنه يحكم له في الدنيا بحكم الكفار وأما في الآخرة فأمره إلى الله عز وجل وأرجح الأقوال عندي في هذا وأمثاله أنهم يمتحنون يوم القيامة بما يشاء الله عز وجل.

***

ص: 2

‌إبراهيم أبو حامد من الرياض يقول ما هي رسالة المسجد في المجتمع حدثونا عن ذلك مأجورين

.

فأجاب رحمه الله تعالى: المسجد ليس له رسالة المسجد جماد لا يرسل لكن لو قال ما هي المصالح والمنافع التي تترتب على الدروس في المساجد وعلى الدروس والمواعظ بعد الصلوات وما أشبه ذلك لكان خيراً أما رسالة المسجد فلم أسمع بها إلا أخيراً والذي ينبغي لنا أن نتبع ألفاظ السلف الصالح ما استطعنا فأقول لا شك أن المسجد موضع الذكر والقراءة والصلاة وأن الناس ينتفع بعضهم ببعض في الحضور إلى المسجد من التآلف والمحبة ومعرفة أحوال إخوانهم في هذا الحي ولهذا كان الموفق هو الذي إذا فقد أخاه في الصلوات سأل عنه أين فلان فقد يكون مريضاً يحتاج إلى عيادة وقد يكون معسراً مختبئاً عن أهل الدين فيحتاج إلى مساعدة وما أشبه ذلك والذي ينبغي لإمام المسجد أو غيره ممن يتكلم في موعظة الناس أن لا يملهم بالطول أي في طول الحديث أو بالتكرار مثل أن يعظهم كلما انتهت الصلاة فإن هذا يملهم ويسأمون من المواعظ بل يتحين الفرص فإن كانت الكلمة مجرد وعظ فلتكن حين توجد المناسبة وإن كانت الكلمة دراسة علم يقرأ كتاب ثم يشرح ويبين للناس معناه فهذه تكون في إحدى الصلوات الخمس ويختار الصلاة المناسبة للناس.

***

ص: 2

‌ما هي ضوابط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومتى يجوز الإنكار علانية والإنكار سرا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض كفاية وإذا لم يكن إلا واحد تعين عليه لكن يشترط ألا يتغير المنكر إلى ما هو أعظم فإن تغير المنكر إلى ما هو أعظم وجب الكف لقول الله تبارك وتعالى (وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) فإذا قدرنا أن شخصا يشرب الدخان فلو أنكرنا عليه لترك الدخان ولكن يذهب إلى شرب الخمر فهنا لا ننكر لأن شرب الدخان أهون من شرب الخمر وكذلك لو رأينا أحدا مغرما بالنظر إلى النساء وملاحقتهن ولو نهيناه لافتتن بالصبيان فهنا لا ننهاه ولكن مع ذلك نراقب ونحاول كل فرصة أن ننهاه عن المنكر.

***

ص: 2

‌إذا حضرت حفلة لأقربائي وكان فيها منكرات كثيرة وحضوري لهذه الحفلة كان بسبب الدعوة وخوفا من زعلهم هل أنكر هذه المنكرات أو أخرج من الحفلة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا دعي الإنسان إلى دعوة فيها منكر فإن كان يقدر على إزالته وجب عليه الحضور لسببين

أولا لإجابة الدعوة إذا كانت مما تجب إجابته.

والثاني لإزالة المنكر وإذا كان لا يقدر الإنسان على إزالة المنكر فلا يجيب لأن الإنسان إذا حضر مجلسا فيه منكر شاركهم في الإثم وإن لم يشاركهم في الفعل لقول الله تعالى (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ) وأما قول بعض الناس إنه يحضر المنكر وينكر بقلبه فهذا غير صحيح لأنه لو كان صادقا في إنكاره بالقلب ما بقي ولفارق. وإذا حضر إلى الوليمة يعتقد أنه ليس بها منكر ثم صار المنكر فالواجب عليه أن ينكر فإن حصل مقصوده فذاك وإن لم يحصل وجب عليه أن يغادر.

***

ص: 2

‌هذا السائل خليل ح رمز لاسمه بهذا الرمز يقول فضيلة الشيخ أشتكي إلى الله ثم لكم من أبي سامحه الله وهداه إلى طريق الصواب فللأسف الشديد هو سيء الخلق عاق لوالديه وتارك للصلاة ولا يصوم وكثير المشاكل مع الأهل والأقارب ويقوم بتصرفات سيئة لدرجة أنه يخرج إلى السطوح للنظر إلى نساء الناس وغير ذلك من التصرفات السيئة فوجهوني ماذا أعمل معه

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إن الواجب عليك أن تنصح أباك عما يفعله وعما ترك من واجبات دينه لأن هذا من بره وليكن ذلك بالرفق واللين والحكمة فإن هداه الله للحق فهذا هو المطلوب وإن لم يهتد فإن الواجب عليك رفعه إلى الجهات المسؤولة لأن إنسانا حاله كما وصفت كافر مرتد عن الإسلام معتد على عباد الله بكشف عوراتهم من على سطح البيت ومثل هذا يجب أن يستتاب فإن تاب وإلا وجب قتله كافرا مرتدا لا حرمة له فلا يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه ولا يدفن مع المسلمين ولا يدعى له بالرحمة لأنه إن مات على ذلك فهو من أصحاب النار نسأل الله لنا وله الهداية ولا يجوز لك أبدا أن تقره على هذه الحال لما في ذلك من الإقرار على الردة والإقرار على العدوان على عباد الله بكشف عوراتهم.

***

ص: 2

‌تقول هذه السائلة امرأة كثيراً ما تجلس في مجالس النساء وكثيراً ما يحصل في هذه المجالس من الغيبة والاحتقار وأنا أتضايق من هذا الشيء ولا أريده ولكنني لا أستطيع أن أغير هذا المنكر ولا حتى القيام من المجلس الذي أنا فيه فهل أعتبر في مثل هذه الحالة شريكة لهم في الإثم مع أنني أكره ذلك في داخلي وأتضايق منه لكنني لا أستطيع عمل شيء سوى ذلك ما العمل في مثل هذه الحالة أرجو نصحي وتوجيهي

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: العمل في هذه الحالة أن تقوم من المجلس ولا يحل لها أن تبقى حتى ولو كانت كارهةً ذلك بقلبها فالواجب عليها أن تخرج من المجلس لأنه لا مكره لها أما لو أنها هددت وقيل لها إذا قمت من المجلس فسنضربك والمهدد يقدر أن يفعل ذلك فحينئذٍ تكون مرغمةً على البقاء فلا حرج عليها.

***

ص: 2

‌من الجزائر أخوكم عبد الله يقول في هذا السؤال فضيلة الشيخ هل وجود الشخص في مكانٍ توجد به منكرات شرعية يعتبر من المحظورات

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم لا يحل لإنسان أن يجلس مجلساً فيه منكرات إلا إذا كان قادراً على إزالتها فالواجب عليه أن يبقى حتى تزول وأما إذا كان غير قادر فالواجب عليه مغادرة المكان لقول الله تبارك وتعالى (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ) يعني إنكم إن قعدتم مثلهم أي في الإثم والواجب على المرء إنكار المنكر بقدر ما يستطيع لقول النبي صلى الله عليه وسلم (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان) والإنكار بالقلب لا يمكن مع بقاء الإنسان في محل المنكر أبداً لأن الإنكار بالقلب هو كراهة المنكر ومغادرة المكان إذا لم يستطع أن يغير المنكر.

***

ص: 2

‌تقول الأخت السائلة عندما أرى منكراً لا أعلم الحكم الشرعي له تماماً فإنني لا أنهى صاحب هذا المنكر فهل أنا على صواب أم لا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم على صواب إذا كان الإنسان لا يعلم أن هذا الفعل الواقع من شخصٍ ما منكر فإنه لا يجوز أن ينكره لأنه لو أنكره وهو غير منكر في دين الله لكان قد قال على الله بلا علم والقول على الله بلا علم محرم تحريماً شديداً حتى إن الله تعالى قرنه بالشرك به فقال جل وعلا (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) لكن لو فرض أن الإنسان قد قيل له إن هذا منكر فهنا لا بأس أن يقول لفاعله يا فلان أنت فعلت كذا وكذا وقد قيل لي إنه منكر فلو سألت عنه حتى يكون عملك على بصيرة فهذا لا بأس به أما شيءٌ ليس عند الإنسان فيه علم لا من قبل نفسه ولا من قبل غيره فلا يجوز أن ينهى عنه.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم السائل عبد الله من الرياض يقول أقيم في المملكة وأعمل في إحدى المؤسسات الأهلية وبحكم عملي لاحظت أن المحاسب لدينا يختلس بعضا من الأموال وذلك ببيعه مواد وعدم كتابة فواتير بثمن هذه المواد فما واجبي هل أن أنبهه وأنصحه ليقلع عن هذا العمل أم أبلغ صاحب المؤسسة وجهوني بهذا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الذي أرى أن تبلغ صاحب المؤسسة بدون أن تذكر اسمك له أو إذا كان صاحب المؤسسة أميناً تذكر اسمك له وتقول لا يطلع عليه المحاسب لأني أخشى إن نصحت المحاسب ولم يوفق لقبول النصيحة واستمر على ما هو عليه من الاختلاس ثم اضطررت بعد ذلك إلى إخبار صاحب الشركة أن يتهمك بأنك أنت الذي بلغت ثم يكيد لك كيدا.

***

ص: 2

‌هذه رسالة لطبيبة مقيمة بالمملكة تقول هل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يكون للمسلمين وغير المسلمين أم هو للمسلمين فقط جزاكم الله خيراً

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عام يشمل المسلمين وغير المسلمين لكنه يختلف في الكيفية أما المسلم فيؤمر بكل معروف وينهى عن كل منكر وأما الكافر فإنه يدعى إلى الإسلام أولاً كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله في بعث الدعاة إلى الله قال لمعاذ بن جبل رضي الله عنه وقد بعثه إلى اليمن (إنك تأتي قوماً أهل كتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله فإن هم أجابوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة فإن هم أجابوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم فإن هم أجابوك لذلك فإياك وكرائم أموالهم واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب) وأما الكفار المقيمون في بلادنا الذين دخلوا بلادنا إما بعهد أو أمان فإنهم ينهون عن إظهار المنكر أو إظهار شيء من شعائرهم لأن ذلك إهانة للمسلمين ولأنه من الشروط الذي أخذها عمر رضي الله عنه على أهل الذمة والمعاهد والمستأمن من باب أولى فينهون عن إظهار الصلىب سواء على بيوتهم أو سياراتهم أو فيما يتقلدونه ولكن يتولى ذلك من يمكن أن يحصل بنهيه فائدة وأما من لا يحصل بنهيه فائدة فإنه قد لا يكون نهيه إلا زيادة في بقائهم على ما هم عليهم وإصرارهم على ذلك.

***

ص: 2

‌يقول السائل بعض الناس هداهم الله إذا أمرته بواجب ديني قال لكم دينكم ولي ديني فما موقف المسلم من ذلك

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هو صادق في قوله لكم دينكم ولي دين ولكن هذا لا يمنع من أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر ولا سيما إلزامه بالشريعة إذا كان ملتزماً لها فإن المسلم ملتزم بالشريعة وما أسلم إلا وهو ملتزم بشرائع الإسلام فإذا فرط فيها وأضاعها الزُم بها ولذلك يقهُر على شرائع الإسلام أن يقوم بها فيقهر مثلاً على الصوم وعلى الزكاة وعلى الصلاة وعلى الحج ويجبر على ذلك ثم إن لم يفعله إلا لدفع الإكراه لم يقبل منه وإن فعله لله سبحانه وتعالى قُبل.

والمهم أن من دين الإنسان أن يأمر غيره بالمعروف وينهاه عن المنكر فهو إذا قال لي لكم دينكم ولي دين أقول نعم لك دينك ولي ديني لكن ديني يأمرني بأن آمرك بالمعروف وأنهاك عن المنكر فهو من ديني.

***

ص: 2

‌كثير من أصحاب السوق أصحاب البيع والشراء إذا نادى منادي الصلاة إما أغلق الباب وبقي خارج الدكان أو أغلقه على نفسه حتى ينتهي وقت الصلاة والعبرة بالصلاة لا بإغلاق المحل ما حكم عمل هؤلاء وما هو واجب الهيئة نحو ذلك اللهم إني بلغت فاشهد

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: فعل هؤلاء في الحقيقة محرم لأنهم تركوا ما يجب عليهم من إقامة الجماعة في المساجد والواجب على المسلم أن يقيم الصلاة جماعةً في مساجد المسلمين لأن هذا هو فعل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أن يقيموا صلاة الجماعة في المساجد فهذا هو الواجب على كل مسلم (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ) وهكذا أيضاً إذا نودي لها في غير يوم الجمعة فإنه يجب على المسلمين أن يأتوا إلى هذه المساجد التي بنيت لإقامة الجماعة وقد هم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحرق المتخلفين عن الجماعة بالنار أما بالنسبة لعمل الهيئة نحوهم فإن الهيئة يجب عليها أن تلزمهم بالصلاة مع الجماعة في المساجد فمن رأته واقفاً عند دكانه ألزمته بأن يصلى مع الجماعة ومن علمت أنه يغلق الدكان على نفسه كذلك أرغمته على أن يخرج من دكانه ويحضر الجماعة وأما من أغلق دكانه على نفسه والناس لا يعلمون به فهذا أمره إلى الله وبالنسبة للهيئة وغيرهم لا يلزم عليهم أن يدقوا الدكاكين وينظروا هل فيها أحد ولكن إذا تبين وعلم أن هذا الرجل يختفي في دكانه وجب عليهم أن يفتحوا الدكان وأن يخرجوه وأن يلزموه بالجماعة ومن خفي على الهيئة أو على غيرهم من المسلمين فإن أمره لله سبحانه وتعالى وتخصيص الأخ الهيئة في هذا الأمر هو أيضاً فيه نظر فإن تغيير المنكر ليس خاصاً بالهيئة فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه) ومن رأى منكم اسم شرط وأسماء الشرط كلها دالة على العموم فكل من رأى منكراً وجب عليه أن يغيره بهذه المراتب الثلاثة بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه لكن يجب على الهيئة ما لا يجب على غيرهم يعني يتأكد وجوب عمل الهيئة أكثر من غيرهم لأنه معهم سلطة من الدولة فهم يتمكنون من تغيير المنكر أكثر مما يتمكن غيرهم

***

ص: 2

‌يقول بعض الناس إن علينا بأنفسنا فقط وليس لنا بالناس الآخرين شيء أي أننا نصوم ونصلى ونؤدي ما فرضه الله علينا ولا علاقة لنا بالآخرين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا القول ليس بصحيح لقول النبي صلى الله عليه وسلم (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه) ولقوله تعالى (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ) ، (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) وفي قوله ولا تفرقوا بعد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر دليل على أن ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يوجب تفرق الأمة وتشتتها وكون كل واحد منهم له منحى ينحو إليه ويذهب إليه ويصير عليه ولأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو سياج هذه الأمة وقيام عزها وكرامتها ولأن ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سببٌ للخسران لقوله تعالى (وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَاّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) نعم لو فسد الزمان وفسدت الأمة ولا يمكن الإصلاح بحال فحينذٍ نقول للإنسان (وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ) وعليك بخاصة نفسك والله المستعان.

***

ص: 2

‌التاريخ والسير

ص: 2

‌بارك الله فيكم المستمع عبد الله يقول في سؤاله الثاني يقول متى بنيت الكعبة ومن الذي رفع قواعدها ولماذا سميت بهذا الاسم

.

فأجاب رحمه الله تعالى: قال الله تبارك وتعالى (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنْ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ) فإبراهيم عليه الصلاة والسلام هو الذي بنى الكعبة ورفع قواعدها بمشاركة ابنه إسماعيل عليهما الصلاة والتسليم وقد جاء في بعض الآثار أن الكعبة بنيت في عهد آدم عليه الصلاة والسلام ولكنها اندثرت وتهدمت ثم جدد إبراهيم بناءها فالله أعلم وأما لماذا سميت كعبة فلأنها بناءٌ مربع وكل بناءٍ مربع له أركان أربع يسمى كعبة وقد أضاف الله تعالى هذا البيت إلى نفسه فقال جل وعلا (وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَطَهِّرْ بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) وفرض الله سبحانه وتعالى على عباده أن يتوجهوا إليه في صلواتهم وفرض عليهم أن يحجوا إليه مرةً في العمر.

***

ص: 2

‌أين كان يسكن قوم ثمود وما هي قصة عقرهم الناقة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: ثمود كانوا يسكنون بلاد الحجر وهي معروفة مر بها النبي عليه الصلاة والسلام في طريقه إلى تبوك وهذه الديار ديار قوم أهلكهم الله عز وجل بالصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين وهم أعني ثمود قوم صالح أعطاهم الله تعالى آية عظيمة وهي الناقة التي لها شرب ولهم شرب يوم معلوم يشربون من لبنها وتشرب الماء هي في اليوم الثاني ولكنهم والعياذ بالله كفروا هذه النعمة وعقروا الناقة وعتوا عن أمر ربهم وتحدوا نبيهم صالحاً بقولهم (ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنتَ مِنْ الْمُرْسَلِينَ (77) فَأَخَذَتْهُمْ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ) وهذه البلاد لا يجوز لأحد دخولها إلا معتبراً خائفاً ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام (لا تدخلوا ديار هؤلاء إلا أن تكونوا باكين فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوها) والمعنى أنه لا يحل للإنسان أن يدخلها إلا معتبراً خائفاً وجلاً أما أن يذهب إليها على سبيل الفرجة والتنزه فإن هذا قد نهى عنه النبي عليه الصلاة والسلام قال (إن لم تكونوا باكين فلا تدخلوها) .

***

ص: 2

‌المستمع عبد الله فهمي عبد الرحيم من جمهورية مصر العربية يعمل بالمدينة المنورة يسأل عن مريم العذراء هل عندما حملت كان حملها كالحمل العادي تسعة أشهر أم ماذا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: قبل الإجابة على هذا السؤال أود أن أقول إن مثل هذه الأسئلة التي قد يكون الجواب عليها عديم الفائدة لا ينبغي للإنسان أن يشغل نفسه بها فالإنسان لديه مسؤوليات لله عز وجل ولعباد الله لديه مسؤوليات لله تعالى عقيدة وقولاً وعملاً فعليه أن يهتم بذلك دون مثل هذه الأمور التي من فضول العلم فلا ينبغي للإنسان أن يتشاغل بما ليس له فيه فائدة ويدع ما له فيه فائدة لا ينبغي أن يسأل عن لون كلب أصحاب الكهف ولا ينبغي أن يسأل عن اسم الذي أماته الله مائة عام ثم بعثه ولا ينبغي أن يسأل عن قومية الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف ولا ينبغي أن يسأل عن البعض الذي أمر الله سبحانه وتعالى أن يضرب به القتيل من بني إسرائيل وما أشبه ذلك من الأمور التي الجهل بها لا يضر ولو كان العلم بها نافعاً لبينه الله عز وجل لعباده ومن ضمن ذلك هذا السؤال الذي أورده السائل هل كان حمل مريم رضي الله عنها الحمل المعتاد عند النساء أم كان له صفة أخرى نقول من المعلوم أن الذي يهمنا من ذلك أن حملها رضي الله عنها لم يكن بواسطة رجل كغيرها من النساء وإنما بين الله تعالى ذلك مفصلاً في سورة مريم فقال (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَاناً شَرْقِيّاً)(فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَاباً فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً)(قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيّاً)(قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيّاً)(قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيّاً)(قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْراً مَقْضِيّاً فَحَمَلَتْهُ) وقد بين الله عز وجل في آية أخرى أن ذلك بواسطة نفخه من روحه فقال عز وجل (وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا) وحملت الولد وذكر الله تعالى آخر القصة فالذي يهمنا كيف نشأ هذا الحمل أما كم بقي في بطنها وهل كانت مدة كثيرة أو قليلة فإن هذا لا يعنينا ولذلك لم يبينه الله تعالى لنا في كتابه لنا.

***

ص: 2

‌المستمع علي إبراهيم صومالي مقيم بجمهورية تنزانيا يقول نعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد تزوج تسع نساء معاً فما هي الحكمة في ذلك مع أن شرعه صلى الله عليه وسلم لا يبيح لغيره جمع أكثر من أربع نساء وكيف أن ابنه إبراهيم من مارية القبطية مع أنها ليست من زوجاته أي أنها أمةً كان يملكها صلى الله عليه وسلم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: من المعلوم أن الرسول عليه الصلاة والسلام توفي عن تسع نساء وكان عليه الصلاة والسلام قد تزوج خديجة أم المؤمنين وهي أول امرأة تزوج بها ورزق منها أولاده سوى إبراهيم وتزوج أيضاً زينب بنت خزيمة ولكن هاتين المرأتين توفيتا قبله صلى الله عليه وسلم أما اللاتي توفي عنهن فهن تسع وهذا من خصائصه صلى الله عليه وسلم في النكاح والحكمة من إباحة أكثر من أربع للنبي عليه الصلاة والسلام لأنه صلى الله عليه وسلم باتصاله بهن يكون فيه شرف لهن ولقبائلهن ولأنه باتصاله بهن يكثر العلم لأن كل واحدة منهن عندها من العلم ما لا يكون عندها لو لم تكن زوجة له ولله عز وجل أن يخص من شاء من خلقه بحكم من الأحكام لسبب من الأسباب وكما خصه الله عز وجل بالزواج زيادة على أربع فقد خصه بجواز التزوج بالهبة بأن تأتي امرأة وتقول إني قد وهبت نفسي لك يا رسول الله فتكون زوجة له بذلك كما قال الله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَاّتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاتِكَ اللَاّتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) فبين الله عز وجل أن ذلك خاص به دون المؤمنين والحكمة من ذلك والله أعلم هو ما أشرنا إليه من قبل من أجل أن يتيسر النكاح للنبي صلى الله عليه وسلم حتى يتزوج بدون مهر وبدون عناء إذا شاء وذلك للمصالح التي أشرنا إلى شيء منها وأما كون ولده يأتيه من سريته فإن هذا أمر لا يسأل عنه لأن هذا بقضاء الله وقدره فكما أنه عليه الصلاة والسلام لم يولد له من زوجته عائشة وقد تزوجها بكراً ولا من زوجاته الأخر سوى خديجة وقد تزوجهن ثيبات فإننا لا نقول لماذا لم يولد له من تلك النساء وولد له من خديجة ومن مارية ولله تعالى الحكمة فيما شاء (يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (49) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيماً) ولعل من الحكمة أن الله عز وجل جعل له أولاداً من صنفين من المحللات له صنف الزوجات الأحرار وصنف المملوكات الإماء.

***

ص: 2

‌لماذا سميت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم بأمهات المؤمنين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: سميت بأمهات المؤمنين من باب الاحترام والتعظيم وليس يترتب على هذه الأمية شيءٌ من تحريمٍ أو تحليل سوى الاحترام فإنه يجب على المسلمين احترامهن لأنهن أمهاتهم وأما تحريم نكاحهن بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فذلك من باب تعظيم حرمة النبي صلى الله عليه وسلم حيث لا تحل أزواجه لمن بعده أبداً ولهذا جعل الشارع أربعة أشهرٍ وعشرة أيام لمن توفي عنها زوجها احتراماً لحق الزوج الميت فإن ذلك من باب حقوق الميت ويدل على هذا أن المرأة تتربص أربعة أشهر وعشراً سواءٌ كانت من ذوات الحيض أم من الآيسات ولا يرد على هذا أن الحامل تنتهي عدتها إذا مات زوجها بوضع الحمل ولو في أقل من أربعة أشهر لأننا نقول لما انقضت العدة انفصلت من الزوج وبانت منه فلم يبقَ للزوج تعلقٌ بها فلهذا تنقضي العدة بوضع الحمل.

***

ص: 2

‌ما الأسرار من وراء دعوة الرسول السرية لمدة ثلاث سنوات في مكة المكرمة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الرسول صلى الله عليه وسلم بعث في مكة وكان أهلها ليسوا على دين وقل منهم من يعرف شيئاً عن الأديان في ذلك الوقت ولهذا وصفوا بأهل الجاهلية ومن المعلوم أنه إذا ظهر رجل كهذا لمجتمع عارم بالجهل والشرك والكفر فإنه إن لم تكن دعوته على سبيل الحكمة والسداد لم يتوصل إلى الفلاح والرشاد ولا ريب أن من الحكمة أن تكون دعوة الرسول عليه الصلاة والسلام في ذلك الوقت سرا يأتي إلى الرجل يتوسم فيه الخير ويدعوه إلى الله سبحانه وتعالى وتقع هذه الدعوة من قلبه كل موقع فيدخل في الإسلام ويأتي إلى الثاني وإلى الثالث والذين دُعوا إلي الإسلام وأسلموا كذلك يتصلون بمن يتوسمون فيهم الخير والقبول فيدعونهم إلى الله سبحانه وتعالى وهكذا حتى يكون حوله المجتمع وحينئذ يكون من المناسب أن يجهر بالدعوة ويعلنها لأن لديه أعواناً فهذا هو السر في أن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يؤمر بإعلان الدعوة من أول وهلة وإنما أرجأ الأمر حتى يكون حوله أناس فهذه هي الحكمة في أن أول الدعوة كانت سراً وهكذا ينبغي للداعية إلى لله سبحانه وتعالى أن تكون دعوته في مجتمع عارم بالجهل والضلال على هذا النحو يدعو فلاناً وفلاناً وفلاناً حتى يتكون حوله أناس وتقوى جبهته وحينئذٍ يعلن ما دعا إليه لأنه لو أعلن ما دعا إليه من أول الأمر لحصلت فتنة ومشادات ومنازعات ولم يتمكن من الوصول إلى مقصوده.

***

ص: 2

‌ما قصة الجذع الذي كان يخطب عليه الرسول صلى الله عليه وسلم فلما تركه الرسول صلى الله عليه وسلم لفترة صار له صوت أو حنين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: قصته كما روى السائل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخطب إلى جذع نخلة فلما صنع له المنبر وهو أعواد من خشبٍ لها درج صنع من أثل الغابة تركه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وخطب على المنبر فجعل هذا الجذع يحن كحنين العشار على أولادها فنزل النبي صلى الله عليه وسلم من المنبر وجعل يسكته فسكت وهذه آية من آيات الرسول صلى الله عليه وسلم وليست هذه أكبر آية ولا آخر آية ولا أول آية.

***

ص: 2

‌أحمد حسين العراق محافظة نينوى يقول في رسالته كيف كان الاستقبال للرسول صلى الله عليه وسلم عندما هاجر من مكة إلى المدينة المنورة ومن هم الذين كانوا بصحبة الرسول صلى الله عليه وسلم أفيدونا في ذلك بارك الله فيكم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: كان استقبال النبي صلى الله عليه وسلم حين قدم إلى المدينة مهاجراً من مكة استقبالاً عظيماًَ يدل على فرح الصحابة رضي الله عنهم بمقدمه وحبهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم فإنهم لما علموا بخروجه من مكة كانوا يخرجون إلى الحرة ينتظرون النبي صلى الله عليه وسلم وفي يوم من الأيام خرجوا ينتظرونه حتى ضربهم حر الشمس ثم رجعوا وإذا رجل من اليهود على أطم من آطام المدينة ينظر إلى حاجة له فأبصر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فنادى بأعلى صوته أيها العرب هذا جدكم الذي تنتظرون أي هذا حظكم فخرج المسلمون يستقبلون النبي صلى الله عليه وسلم فلما دخل المدينة فرحوا به فرحاً عظيماً وأما أصحابه فكان الذي معه صاحبه أبو بكر الصديق رضي الله عنه الذي أشار الله تعالى إلى صحبته في كتابه حيث قال (إِلَاّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا) وكان معهما رجل يقال له عبد الله بن أريقط يدلهما الطريق.

***

ص: 2

‌ما هي صفات الرسول صلى الله عليه وسلم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: صفات الرسول التي نستفيد منها أنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم على خلق عظيم وأنه أكرم الناس جوداً بالنفس والمال وأنه أشجع الناس عليه الصلاة والسلام وأنه أرق الناس قلباً وألطف بالضعيف حتى كان عليه الصلاة والسلام يلاطف الصبيان ويمازحهم ويعطيهم ما يشتهون ففي يوم من الأيام كان ساجداً وهو يصلى فجاءه ابنه الحسن رضي الله عنه ابن علي ابن أبي طالب وهو ساجد فركبه الحسن ركب جده محمداً صلى الله عليه وعلى آله وسلم فأطال السجود وقال صلى الله عليه وسلم للناس (إن ابني ارتحلني فأردت أن يقضي نهمته) وكان صلى الله عليه وعلى آله وسلم يحمل ابنة بنته وهي أمامة بنت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم -وهو جدها من أمها- يحملها وهو يصلى بالناس إذا قام حملها وإذا سجد وضعها وكان صبي صغير معه طير صغير يسمى النغير يلعب به الصبي ويفرح به كما جرت به عادة الصبيان فمات هذا الطائر فحزن الصبي فكان الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يمازحه يقول يا أبا عمير ما فعل النغير يعني ماذا صنع وأين راح فهذا خلق النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ومن خلق النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم مراعاة أصحابه فلا يشق عليهم وما خير بين شيئين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً واسمع إلى قصة عجيبة كان أبو برزة الأسلمي رضي الله عنه في إحدى جبهات القتال وكان معه فرس قد أمسك بزمامها والفرس جعلت تنازعه تريد أن تنطلق وهو في صلاته يمشي معها يغلبها تارة وتارة تغلبه فرأى خارجي من الخوارج أبا برزة يفعل هذا الفعل وهو يصلى فجعل يقول انظروا إلى هذا الشيخ ماذا يفعل فعل الله فيه كذا وكذا يسبه فلما سلم أبو برزة رضي الله عنه قال لقد سمعت ما قلت ولقد غزوت مع النبي صلى الله عليه وسلم ست غزوات أو سبع غزوات أو ثمان غزوات فرأيت من تيسيره عليه الصلاة والسلام وإني خفت أن تنطلق هذه الفرس إلى مكانها الذي تألف سواء في المرعى أو في الرباط ولو فعلت لشق علي أن أصل إلى أهلي يعني فعملي هذا أهون من تعبي فيما بعد والشاهد من هذا الحديث قوله فرأيت من تيسيره وله عليه الصلاة والسلام مواقف كثيرة في هذا الأمر أي في التيسير حتى كان ينهى أصحابه عن الوصال بالصوم يعني أن لا يفطر بين اليومين درءاً للمشقة عليهم فقالوا إنك تواصل قال نعم لكن أنا لست كهيئتكم فنهيه عن الوصال تيسيراً على الأمة عليه الصلاة والسلام فهذا أبرز ما نتحدث عنه من خلقه صلى الله عليه وسلم أما في الشجاعة فمضرب المثل لا يساويه أحد في ليلة من الليالي سمعوا صيحة في المدينة فظنوا أنه عدو فخرجوا وإذا برسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يلاقيهم راجعاً من مكان الصوت قد استبرأه عليه الصلاة والسلام فقال ارجعوا لن تراعوا فهذه شجاعة عجيبة وفي غزوة حنين حين انهزم الناس كان يركب بغلته نحو العدو ويقول أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب فهو المثل في الشجاعة والكرم واللطف وغير ذلك من الأخلاق الحميدة وهذا هو الذي يهمنا من خلق النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أما في العبادة فحدث ولا حرج كان الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقوم في الليل حتى تتورم قدماه تتورم القدم من طول القيام وفي ليلة من الليالي قام معه في البيت حذيفة بن اليمان رضي الله عنه فشرع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقرأ في البقرة فقال حذيفة يمضي إلى مائة آية فوصل مائة آية واستمر إلى آخر البقرة إلى سورة النساء كاملة إلى آل عمران كاملة ثلاث سور قدرها خمسة أجزاء وربع جزء في وقفة واحدة وفي ليلة أخرى كان معه عبد الله بن مسعود وهو شاب فقام النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يصلى فقام معه عبد الله بن مسعود فأطال القيام قال عبد الله بن مسعود حتى هممت بأمر سوء قالوا بماذا هممت يا أبا عبد الرحمن قال هممت أن أقعد وأدعه هذا في العبادة ولكنه صلى الله عليه وسلم كان يراعي الأفضل فالأفضل وربما ترك الفاضل إلى المفضول لما يترتب عليه من المنفعة والمصلحة ها هو حث على اتباع الجنائز مثلاً وأحياناً تمر به الجنازة وهو في أصحابه ولا يتبعها لأنه مشتغل بالتعليم والتوجيه وهو أفضل من اتباع الجنائز وهلم جرا فعليك أخي السائل والمستمع أن تبحث عن أخلاق النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وشمائله من الطرق الصحيحة لأنه ليس كل ما نقل عن الرسول عليه اللصلاة والسلام صحيحاً لكن ابحث عن الصحيح وتأسى به فهو خير لك قال الله تعالى (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً) .

***

ص: 2

‌ما الفرق بين ابن العربي وبين ابن عربي

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: على كل حال يجب أن يفرق لأن ابن عربي معروف بأن له شطحات تصل إلى حد الكفر والعياذ بالله وابن العربي من علماء المالكية ومن أهل السنة فيما نعلم ففرق بين الرجلين الفرق بينهما كما بين المشرق والمغرب أو بين السماء والأرض.

***

ص: 2

‌يقول هذا السائل يا فضيلة الشيخ ما هي الدروس المستفادة من قول عمر رضي الله عنه (يا سارية الجبل يا سارية الجبل)

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: يستفاد منها ظهور كرامة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه فإن عمر بن الخطاب على ما ذكر في الرواية كان يخطب الناس يوم الجمعة على المنبر فكشف له عن سارية وهو في العراق يقود سريةً معه والعدو قد حاصرهم فقال في أثناء الخطبة يا سارية الجبل يعني اصعد الجبل لينجو به عن عدوه فاستغرب الناس هذا القول من أمير المؤمنين عمر في أثناء الخطبة فأخبرهم أن القضية كذا وكذا فيستفاد من ذلك ثبوت كرامات الأولياء وكرامات الأولياء كل أمرٍ خارقٍ للعادة يجريه الله تبارك وتعالى على يد وليٍ من أوليائه تكريماً له وتصحيحاً لمنهجه الذي يسير عليه وعلى هذا فتكون كل كرامة ولي آيةً ومعجزةً للرسول الذي اتبعه ولكن من هو الولي: الولي هو المؤمن التقي قال الله تعالى (أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ) والكرامة قد تكون لتخليص الولي من شدة وقد تكون إعزازاً لما يدعو إليه من دين الله من جهةٍ أخرى ويستفاد من قصة سارية أن الإنسان قائد الجيش يجب عليه أن يفعل ما يرى أنه أسلم وأصلح للجيش فإذا حاصره العدو وليس له به طاقة فليلجأ إلى معاذ إلى مغارات أو جبال رفيعة يسيطر منها على عدوه ويتقي شر عدوه ويستفاد من ذلك أيضاً أن الخليفة هو القائد الأعلى للجيش لأنه وجه أمره إلى قائد الجيش ويستفاد من هذا أيضاً أن الخبر إذا وصل إلى المخبر بأي طريق ثبت حكمه وفي وقتنا الحالي قد لا تتأتى هذه الكرامة لكل إنسان لكن الله أبدل عباده بشيءٍ مشابه وهو الاتصال الهاتفي وكاميرات الفيديو والفواكس فإنها ترسل الأخبار إلى المقصود بكل سهولة والحمد لله.

***

ص: 2

‌ما حكم الشرع فيما يروى أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه رأى سارية وهو يخطب على المنبر في المعركة في موقف حرج مع الأعداء فقال له يا سارية الجبل هل هذه القصة حقيقة حدثت أم من الخيال

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذه القصة مشهورة عن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه أنه كان يخطب الناس يوم الجمعة على منبر النبي صلى الله عليه وسلم وكان سارية رضي الله تعالى عنه قائداً لأحد السرايا في العراق فحصر الرجل فأطلع الله تعالى أمير المؤمنين عمر على ما أصابه فخاطبه عمر من المنبر وقال له يا سارية الجبل يعني اصعد الجبل أو لذ بالجبل أو ما أشبه ذلك من التقديرات فسمعه سارية فاعتصم بالجبل فسلم ومثل هذه الحادثة تعد من كرامات الأولياء فإن للأولياء كرامات يجريها الله تعالى على أيديهم تثبيتاً لهم ونصرة للحق وهي موجودة فيما سلف من الأمم وفي هذه الأمة ولا تزال باقية إلى يوم القيامة وهي أمر خارق للعادة يظهره الله تعالى على يد الولي تثبيتاً له وتأييداً للحق ولكن يجب علينا الحذر من أن يلتبس علينا ذلك بالأحوال الشيطانية من السحر والشعوذة وما أشبهها لأن هذه الكرامات لا تكون إلا على يد أولياء الله وأولياء الله عز وجل هم المؤمنون المتقون قال الله عز وجل (أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ) قال شيخ الإسلام رحمه الله أخذاً من هذه الآية (من كان مؤمناً تقياً كان لله ولياً) وليست الولاية بتطويل المسبحة وتوسيع الكم وتكبير العمامة والنمنمة والهمهمة وإنما الولاية بالإيمان والتقوى فيقاس المرء بإيمانه وتقواه لا بهمهمته ودعواه بل إني أقول إن من ادعى الولاية فقد خالف الولاية لأن دعوى الولاية معناه تزكية النفس وتزكية النفس معصية لله عز وجل والمعصية تنافي التقوى قال الله تعالى (هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُم ْمِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى) ولا نعلم أحداً من أولياء الله المؤمنين المتقين قال للناس إني أنا ولي فاجتمعوا إلي وخذوا من بركاتي ودعواتي وما أشبه ذلك لا نعلم هذا إلا عن الدجالين الكذابين الذين يموهون على عباد الله ويستخدمون شياطين الجن للوصول إلى مآربهم وإن نصيحتي لأمثال هؤلاء أن يتقوا الله عز وجل في أنفسهم وفي عباد الله ونصيحتي لعباد الله أن لا يغتروا بهؤلاء وأمثالهم.

***

ص: 2

‌المستمع محمد عبد الحميد عبد الرحمن مصري مقيم في الدمام يقول في رسالته أرجو الإجابة على سؤالي هذا مأجورين في غزوة مؤتة هل كان استشهاد القادة الثلاثة زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب وعبد الله بن أبي رواحة السبب الأساسي وراء هزيمة المسلمين أم السبب الكثرة العددية للروم وحلفائها من القبائل هو السبب

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: السبب هو كثرة أعداء المسلمين في هذه الغزوة ولهذا لما أخذ الراية خالد بن الوليد رضي الله عنه وانحاز بهم في مكان آمن قال النبي صلى الله عليه وسلم ثم أخذها خالد ففتح الله عليه أو قال فتح الله على يديه فجعل النبي صلى الله عليه وسلم السلامة من الهزيمة فتحاً لأن بها خلاصاً للمؤمنين من عدوهم.

***

ص: 2

‌من هم أصحاب الصفة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أما أصحاب الصفة فهم الذين يهاجرون من مكة إلى المدينة وهم فقراء لا يجدون مأوى فيأتون إلى هذه الصفة التي في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ويعيشون فيها على ما تجود به أيدي الناس وهم غير معينين بأشخاصهم ولا محصورين بعدد بل يزيدون وينقصون ويخرج واحد منهم ويرجع آخر وهكذا.

***

ص: 2

‌رسالة وردتنا من محافظة الحسكة بسوريا يقول مرسلها ممتاز سليمان لماذا سميت السيدة أسماء رضى الله عنها بذات النطاقين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أولاً كلمة السيدة أصبحت عرفاً عاماً عند الناس الآن، كل امرأة يسمونها سيدة إذا كانت كبيرة أو متزوجة وما دونها يسمونها فتاة فإن قصد بالسيادة المعنى الحقيقي لها فهذا لا ينبغي لأن النساء مَسُودَات ولسنا سيدات وإن قصد أنه اسم جامد لا يراد به إلا مجرد أن يكون علماً للمرأة فهذا لا بأس به ولكني أخشى أن يكون هذا متلقى من الغرب الذين يُسوِّدُون النساء ويجعلون السيادة لهن، على كل حال هذا بحث عارض، لكن سميت أسماء بنت أبي بكر رضى الله عنها وعنه بذات الناطقين لأنها حين أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يهاجر أعطته نطاقيها لأجل أن يشد بها رحله أو شيء من متاعه الذي معه، فهذا هو السبب في تلقيبها بهذا اللقب.

***

ص: 2

‌بر الوالدين

ص: 2

‌رسالة وصلت من الدوحة من الأخ أبي بكر محمد يقول فضيلة الشيخ أرجو من السادة العلماء الإفادة بحقوق الوالد على أبنائه

فأجاب رحمه الله تعالى: أشكر الله عز وجل على هذه النعمة العظيمة الجليلة في هذا البرنامج نور على الدرب حيث كان يصل إلى بلاد أخرى غير بلادنا وينتفع به المسلمون وهذا من توفيق الله سبحانه وتعالى للقائمين بهذا البرنامج وعلى هذا البرنامج وعلى من ينتفع به من المسلمين في كل مكان فنسأل الله تعالى أن يزيد الجميع من فضله ويرزقنا جميعا العلم النافع والعمل الصالح أما الإجابة على هذا السؤال حقوق الوالد على أولاده فحقوق الوالد الأم والأب على أولادهما حقوق كبيرة عظيمة جعلها الله عز وجل بعد حقه فقال سبحانه وتعالى (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً) وقال تعالى (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً) وقال تعالى (وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنا)(وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانا) والآيات في هذا المعنى كثيرة وكذلك الأحاديث الواردة عن النبي صلى الله عيه وآله وسلم في بيان فضل بر الوالدين بالحث عليه كثيرة معلومة لكثير من الناس وقد أشار الله عز وجل في سورة الإسراء إلى حال يصل بها الوالدان إلى سآمة الولد منهما وملله وتعبه وينهى سبحانه تعالى الولد أن يتضجر منهما إذا وصلا إلى هذه الحال فقال الله تعالى (إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً) وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه جعل عقوق الوالدين من أكبر الكبائر فقال في حديث أبي بكر رضي الله عنه (أكبر الكبائر الإشراك بالله وعقوق الوالدين) فالواجب على الولد من ذكر أو أنثى أن يقوم بحق والديه على الوجه الذي يرضى به الله عز وجل وأن لا يفرط في حقهما وليعلم أن البر كما يقول العامة أسلاف وأن من بر بوالديه بر به أولاده ومن عق والديه عوقب بعقوق أولاده إلا أن يتوب إلى الله مما صنع فإنه من تاب تاب الله عليه.

***

ص: 2

‌السائلة رمزت لاسمها بـ م. ص. تقول أكرمنا الله عز وجل بدخول دين الإسلام أنا وبعض أخواني وسؤالي ما هي حقوق الوالدين الكافرين على الأبناء المسلمين وكذلك الأشقاء والأقارب من حيث الزيارات والنفقة والصلة ومتى تكون النفقة واجبة ومتى تكون مستحبة بارك الله فيكم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الواجب على الولد المسلم تجاه والديه أن يبرهما فيما يتعلق بأمور الدنيا لقول الله تبارك وتعالى (وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنْ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14) وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً) فأمر الله تعالى أن نصاحب الوالدين الكافرين في الدنيا معروفا فننفق عليهما ونكسوهما ونهدي إليهما ومع ذلك ندعوهما إلى الإسلام فلعل الله أن يدخل في قلوبهم الإسلام حتى يسلموا وكذلك يقال في الأرحام أي الأقارب أي الذين ليسوا بمسلمين يقال إن لهم رحماً لا بد من صلتها فتوصل ويدعى هذا القريب الموصول إلى الإسلام لعل الله أن يفتح عليه.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم المستمع حمادي له سؤال يقول توفي والدنا وعليه ديون كثيرة وله مجموعة من الأبناء البعض ميسور الحال والبعض غني فهل على الأولاد الأغنياء أن يسددوا عن والدهم وهل تسقط عن الأولاد الفقراء

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا هلك هالك وعليه ديون للناس فإن خلف تركة وجب قضاء الديون من التركة وإن لم يخلف تركة لم يجب على أحد قضاء دينه عنه لكن ينبغي لأولاده الأغنياء إذا كان له أولاد أغنياء أن يقضوا دينه لأن هذا من البر وإن لم يقضوا دينه فلا إثم عليهم لقول الله تعالى (وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) .

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم المستمع ق. ح. من بلاد زهران يقول في هذا السؤال يا فضيلة الشيخ توفي والدي قبل ثلاثين سنة وكان عليه حقوق للناس كثيرة حيث إنه مات ولم يسدد هذا الدين الذي في ذمته وكان ذلك للأسباب التالية أولاً إنه معسر ولم يوجد لديه شيء ثانياً يقول إنه لم يعرف أصحاب هذه الديون وأنا الآن محتار تجاه والدي ماذا أفعل لكي نسدد ما بذمته وأنا كذلك لا أعرف أصحاب الديون فهل يجزئ أن أتصدق بشيء من مالي ونية الثواب لأهل الديون أم ماذا أصنع أفيدونا جزاكم الله خيراً

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا كان أبوك حين توفي وهو معسر قد أخذ أموال الناس يريد أداءها فإن الله تعالى يؤدي عنه يوم القيامة لكن الوالد رحمه الله فرط في كونه لم يقيد هذه الديون التي عليه فإن الجدير بالمرء الحازم المؤمن الذي له شيء يريد أن يوصي به ألا يبيت ليلتين إلا وصيته عنده كما صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال النبي صلى الله عليه وسلم (ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده) فالوالد رحمه الله فرط في عدم كتابة ما عليه وهذا إن كان لم يكتب وقد يجوز أنه كتب ما عليه ولكن ضاعت الورقة مثلاً وعلى كل حال الوالد مات وما أنه دام لم يخلف شيئاً من المال فليس عليكم أن تقضوا ما عليه لأن القضاء إنما يجب من تركته أما أنتم فمتبرعون فإن تيسر لك أن تعرف أصحاب الديون وتوفِيهم فهذا خير لك ولأبيك وإن لم يتيسر فلا حرج عليك في عدم ذلك فأكثر من الدعاء والاستغفار والترحم على الوالد ونسأل الله أن يعفو عنا وعنه وعنكم وعن جميع المسلمين.

***

ص: 2

‌ع. ب. أ. الخرطوم يقول في رسالته كيف يكون البر للوالدين بعد مماتهما وما هي الأعمال الصالحة التي تجب على الولد تجاه والديه بعد ممات والديه أفيدونا بارك الله فيكم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إن بر الوالدين هو كثرة الإحسان إليهما بالمال والبدن قولاً وفعلاً والبر الواجب جعل الله تعالى منزلته بعد منزلة حقه وحق رسوله صلى الله عليه وسلم (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً)(وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً)(وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ ُ) فالبر في الحياة يكون ببذل المال وبخدمة البدن وبلين القول وبالدفاع عنهما وعن عرضهما وعن مالهما وعن أنفسهما وهو منوط بكل ما يسميه الناس براً وأما برهما بعد وفاتهما فمنه الدعاء لهما والاستغفار لهما وصلة القرابة التي لا صلة لك بها إلا بهما وإكرام صديقهما كل هذا من البر بهما بعد وفاتهما فأما إهداء القرب لهما فهو من البر ولكن غيره من الدعاء أفضل وأكمل جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن أمي افتلتت نفسها وأظنها لو تكلمت لتصدقت أفتصدق عنها قال نعم واستفتاه سعد بن عبادة رضي الله عنه أن يجعل مخرافه وهو بستان يخرف من الثمر أن يجعله صدقة لأمه فإذن له النبي صلى الله عليه وسلم وإذا أردت أن تبر والديك بعد موتهما فأكثر من الدعاء لهما وصل الرحم التي هم سبب اتصالك بها وأكرم صديقهما.

***

ص: 2

‌ما أفضل شي يفعله الولد تجاه والديه المتوفين حيث كان مقصرا في حقهما كثيرا حيث كان خارج البلاد أثناء موتهما أرجو عرض رسالتي هذه على سماحة الشيخ محمد حفظه الله وأريد إجابة ليطمئن قلبي مع أنني عدت إلى بلدي وتمسكت بعقيدتي وصلاتي ولزمت المسجد كثيرا فهل يكفي الدعاء فقط أرجو الإجابة مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: ليس عليك شيئا بالنسبة لأبويك ما دمت قائما بما تستطيع من برهما في حياتهما ولك أن تبرهما بعد موتهما بالدعاء لهما والاستغفار والصدقة وإكرام صديقهما وصلة الرحم التي ليس لك صلة بها إلا بهما فأنت والحمد لله حسب ما فهمت من سؤالك مستقيم حريص على بر والديك فأكثر من الدعاء لهما وبذلك يحصل لك تمام البر في الحياة وبعد الممات.

***

ص: 2

‌السائل خالد حمد من المنطقة الشرقية يقول ما هو أفضل شيء يعمله المسلم تجاه والديه في حياتهما

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أفضل شيء يعمله الإنسان لوالديه في حياتهما هو البر الذي أمر الله به وقال الله جل وعلا (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَاّ تَعْبُدُوا إِلَاّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً) والإحسان يختلف قد يكون بالقول وقد يكون بالفعل وقد يكون بالمال المهم أن تفعل بوالديك كل ما يعد إحساناً بحسب ما تقتضيه الحال.

***

ص: 2

‌ما الأعمال التي أبر بها والدي بعد وفاته غير الدعاء

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الصدقة والاستغفار وصلة الرحم وإكرام صديقهم كل هذه مما يبر به بعد موته لكن الدعاء والاستغفار لهما أفضل شيء فعليك أخي المسلم بالدعاء لأمواتك واجعل الأعمال الصالحة لنفسك فأنت محتاجٌ للأعمال الصالحة وسيأتيك اليوم الذي تتمنى أن في صفحة حسناتك حسنة واحدة.

***

ص: 2

‌تقول السائلة أرشدوني مأجورين إلى أعمال الخير التي أقوم بها كي أصل والدي

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أعمال الخير التي يمكن أن تصل إلى والدها أفضلها وأحسنها وأفيدها ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حيث قال (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة إلا من صدقةٍ جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له) فالدعاء أفضل ما أهداه الإنسان إلى ميته من أبٍ أو أمٍ أو قريب أو صاحب ولهذا أرشد إليه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولم يذكر العمل يعني لم يذكر أن يعمل الإنسان شيء إلى الميت بل قال أو ولد صالح يدعو له فالذي ينبغي لنا أن نكثر الدعاء لأمواتنا وأن نجعل أعمالنا الصالحة لنا فإننا سوف نحتاج إلى هذه الأعمال كما يحتاج إليها هؤلاء الأموات.

***

ص: 2

‌يقول السائل والدي متوفى منذ فترة طويلة وهو بعيدٌ عني ولا أستطيع أن أقوم بزيارته إلا بعد السنتين أو الثلاثة فهل باستطاعتي أن أبره بشيء وأنا بعيدٌ عنه

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: المقصود بزيارة الموتى هو الدعاء لهم والدعاء لهم واصلٌ في أي مكانٍ كان الداعي لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علمٌ ينتفع به أو ولدٌ صالحٌ يدعو له) فأنت ادع الله لوالدك في أي مكانٍ كنت بعيداً كنت أم قريباً ولا حاجة إلى زيارة قبره نعم لو كنت في نفس البلد جئت لحاجة وذهبت تزور أباك فلا بأس به أما أن تشد الرحل إلى قبره لتزوره فهذا منهيٌ عنه.

***

ص: 2

‌توفي والدي ونحن صغار وقد ربتنا الوالدة جزاه الله خيرا ولكن هناك مشكلة ترتبط بالوالدة فهي تؤمن بالأولياء وتطلب منهم الحاجات وفي حال مواجهة أي مشكلة لها تنطلق إليهم وقد نصحناها كثيراً وكانت تحتفظ بكثير من الأوراق التي تأخذها من الأماكن التي تذهب إليها عند هؤلاء الأولياء وفي الأخير قمت بجمع الأوراق والأشياء التي أراها محرمة وأتلفتها فغضبت علي وقاطعتني وجهوني ماذا أعمل وهل أكون قاطعاً للصلة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إن من أبر البر بالوالدين أن يدعوهما إلى توحيد الله عز وجل وإلى طاعته فإن في ذلك إنقاذاً لهما من النار وهو أبلغ من برهما بإعطاء المال والنفقات والخدمة البدنية وغير ذلك فالواجب عليكم أن تناصحوا هذه الأم وأن تخوفوها بالله عز وجل وأن تبينوا لها أنَّ الذهاب إلى الأولياء إن كان إلى قبورهم والاستغاثة بهم والاستنجاد بهم وطلب الحوائج منهم فإن هذا شرك أكبر مخرج من الملة وهو أظلم الظلم وأعظم الآثام وقد قال الله تبارك وتعالى (إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ) وإن كان من يزعمونهم أولياء أحياءً فإنه لا يحل لها أن تعلق قلبها بهؤلاء الأولياء وأن تجعلهم الملجأ عند حلول الحوادث والنكبات والشدائد وأن تعلق قلبها برب العالمين الذي خلقها وأوجدها من العدم وأمدها بالنعم ثم إن هؤلاء الأولياء الذين يزعمون أنهم أولياء لله قد يكونون من أعداء الله عز وجل قد يدعون الناس إلى أن يرفعوهم فوق منزلتهم التي أنزلهم الله وربما لو فتشت ما فتشت لرأيت منهم قصوراً فيما أمرهم الله به أو انتهاكاً لما حرم الله عليهم فما كل من يدعي الولاية يكون ولياً حتى وإن ظهر بمظهر الناسك العابد الزاهد في الدنيا فقد يكون ظاهره هكذا ولكن باطنه يحترق احتراقاً على الدنيا والجاه وتعظيم الناس له

والخلاصة أن الواجب عليكم بر هذه الوالدة وأن تناصحوها وترشدوها وتأتوا لها بالأشرطة المفيدة والكتب النافعة أما إحراقك ما رأيت عندها من الأدعية والأوردة الباطلة المحرمة فهذا من برك بها ولا يضرك لو غضبت عليك بل هذا من تمام أجرك أن تؤذى في الله وبالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولقد دعا إبراهيم أباه لعبادة الله عز وجل فقال له أبوه (لَئِنْ لَمْ تَنتَهِ لأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيّاً) .

***

ص: 2

‌هذه رسالة وصلت من مستمعة للبرنامج تقول إن والدي قد توفي منذ سنوات قليلة وقد كان لا يداوم على الصلاة بسبب المرض الشديد (الغرغرينة) وكان ينطق بالشهادتين دائما وقد نطق بها قبل وفاته وكان موحداً لله تبارك وتعالى والسؤال هل يجب علي موالاة أبي في هذه الحالة وأن أبره بالدعاء له بالمغفرة والرحمة والصدقة وهل هذه الحالة لا ينطبق عليها الحديث الشريف (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث وذكر من ذلك الولد الصالح يدعو له) وذلك لأنني أحبه حباً كثيرا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الوالد الذي سألت عنه المرأة الذي يصلى أحياناً من العلماء من يرى أنه كافر وإذا كان كافراً فإنه لا يجوز أن يدعى له بالمغفرة ولا بالرحمة ولا يتصدق عنه بأي شيء والقول الراجح أنه لا يكفر إذا كان يصلى ويخلي هذا الراجح عندي أنه لا يكفر وإنما يكفر من ترك الصلاة تركاً مطلقاً وحال الرجل الذي سألت عنه المرأة تقتضي على القول الراجح ألا يكون كافراً فإذا دعت له بالمغفرة والرحمة وأكثرت من ذلك فإنه يرجى بأن الله ينفعه بهذا.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم المستمع يقول أردت بيع بيتي ولكن الوالد رفض ذلك رفضا قاطعا فكرهت البيع وهو غير راغب فهل يجوز لي البيع والحال ما ذكر

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا كره والدك أن تبيع بيتك فلا تبعه اتباعا لما يرضى والدك اللهم إلا في حال الضرورة والحاجة كما لو كان البيت رفيع الثمن وأنت محتاج إلى الدراهم وتريد أن تبيعه وتشتري دونه فلا حرج عليك في هذه الحال أن تبيعه ولو كره أبوك ذلك ولكن ينبغي لك أن تداري والدك في هذه الحال وأن تحاول إقناعه بكل ما تستطيع أما إذا لم يكن حاجة فإن اتباع رضا والدك خير لك وربما يكون خيراً لك أيضا في الدنيا ربما يكون عدم بيعه خيرا لك في المستقبل

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم يقول المستمع أنا غير عاق لوالدي ولله الحمد وهذا من فضله على ولم يجدا مني إلا كل خير ولكنني ليس عندي الاحتفاء الكامل بهما والجلوس الطويل معهما وهما راضين عني تمام الرضى فهل على شيء في هذا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الجواب على هذا أن نقول معاملة الإنسان لوالديه على ثلاث مراتب:

المرتبة الأولى العقوق والعياذ بالله بأن يقطعهما حقهما ولا يفيه لهما بما أوجب الله لهما فهذا عليه إثم العاق وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن العقوق من أكبر الكبائر كما في حديث أبي بكرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (ألا أنبئكم بأكبر الكبائر الإشراك بالله وعقوق الوالدين)

المرتبة الثانية البر بهما ببذل المعروف المالي والبدني والجاهى والانطلاق معهما والسرور برؤيتهما والانبساط إليهما وما أشبه ذلك من أنواع البر فهذا في الدرجة العليا وله أجر البار

المرتبة الثالثة بين بين لا يكون بارا ولا يكون عاقا فهذا لا يقال إنه بار فلا يناله ثواب البر ولا يقال إنه قاطع فلا يناله إثم القطيعة لكنها حالة رديئة ومثل هذا السائل نرى أنه فوق المرتبة الوسطى وهو إلى البر أقرب ولكن نحثه إلى أن يكون بره أعلى وأكمل مما ذكر عن نفسه ثم رضى والديه عنه نعمة من نعم الله عليه أنهما سامحاه في هذا البر الذي يعتبر براً ناقصا ونسأل الله تعالى أن يعينه على تمام البر وأن يجزي والديه عنه خيراً حيث قبلا منه ما تيسر ومن هنا نذكر أنه ينبغي أن لكل إنسان عاشر شخصا وصاحبه أن يأخذ منه ما تيسر وأن يعفوا عما تعثر امتثالا لقول الله تعالى (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ) فأمر الله تعالى الإنسان أن يأخذ بما عفا من أخلاق الناس ومعاملاتهم وأن يأمر بالعرف حيثما هو معروف من الخير والإحسان وأن يعرض عن الجاهلين الذين يجهلون عليه ويعتدون عليه والإنسان إذا أخذ هذه الطريقة وأخذ من أخلاق الناس ومعاملتهم ما عفا وتغاضى عما صعب نال رضى الجميع واستراح قلبه وانشرح صدره وجرب تجد.

***

ص: 2

‌هذا المستمع ط. ك. من العراق بغداد يقول في رسالته أنا شاب أبلغ من العمر ثمانية عشر عاماً والحمد لله أؤدي الصلاة وأعمل لنيل رضى والدي وطاعته ولكن منذ ولادتي حتى الآن لم أر والدتي ولكني أعلم أين تقيم الآن وهي بعيدة عني والحقيقة بيّنها لي والدي حيث أنه طلقها وأنا أريد رؤيتها لأنها أمي وسيحاسبني الله عليها إن لم أزرها مع العلم أنني لم أذكر لأبي بأنني أريد أن أراها لأني أخاف أن أبين له هذا فيغضب علي وخاصة وهو متزوج من امرأة ثانية ولديه له منها عدة أطفال فما حكم الشرع في نظركم في حالتي هذه

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الذي نرى أنه يجب عليك أن تزور أمك وأن تصحبها بالمعروف وأن تبرها بما يجب عليك برها به لأن النبي صلى الله عليه وسلم سئل من أحق الناس بحسن صحابتي (قال أمك قيل ثم أي قال أمك قيل ثم أي قال أمك قيل ثم أي قال ثم أبوك) فلا يحل لك أن تقاطع أمك هذه المقاطعة بل صلها وزرها ولك في هذه الحال أن تداري والدك حيث لا يعلم بزيارتك لأمك ومواصلتك إياها وبرك بها فتكون بذلك قائماً بحق الأم متلافياً غضب والدك.

***

ص: 2

‌المستمع يقول أحياناً يطلب مني والدي شراء دخانٍ له هل علي إثمٌ في هذا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: شرب الدخان محرم لعمومات الأدلة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فإن الله تعالى يقول (وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً) ويقول جل وعلا (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) ويقول سبحانه وتعالى (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا) وإذا كان الله تعالى نهى عن الإسراف في الأكل والشرب المباح فما بالك بالشرب المحرم وقال النبي عليه الصلاة والسلام (لا ضرر ولا ضرار) وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه (نهى عن إضاعة المال) ولا يشك عاقل أن صرف المال في شرب الدخان من إضاعة المال وعلى هذا فيكون الكتاب والسنة قد دل كلٌ منهما على تحريم شرب الدخان والنظر يدل على ذلك أيضاً فإنه قد ثبت عند الأطباء الآن بما لا يدع مجالاً للشك أن الدخان مضر على البدن والعاقل لا يمكن أن يتناول ما يضره فضلاً عن المؤمن الكيس الحازم فإذا تبين تحريم الدخان صار المعين عليه معيناً على محرم واقعاً فيما نهى الله عنه في قوله (وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) فإذا أمرك أبوك بأن تشتري له الدخان فلا تطعه لأنه لا طاعة لمخلوقٍ في معصية الخالق ولكن لا تقابله بالعنف والجفاء اعتذر منه اعتذاراً رقيقاً وقل له إن هذا شيء محرم وأنا أنصحك عن شربه لما فيه من الضرر والمعصية وبين له الأدلة التي توجب تحريمه ثم قل له مثلاً وأنا أرجو منك أن تعذرني في عدم إحضاره إليك لأنني أرى أنه حرام وأن المعونة على الحرام حرام المهم أن تقول له قولاً ليناً بدون عنف ولا جفاء وأن تكرر عليه النصيحة دائماً وأبداً لعل الله يهديه على يديك.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم يا فضيلة الشيخ هذه رسالة وصلت من محمد الطيب من السودان بعث برسالة يقول فيها إذا غضب الوالد غير الملتزم بأمورٍ دينية من صلاةٍ وصيامٍ وزكاة من ابنه عندما ينصحه ويحاول معه بأن يلتزم بأمور الشرع هل يأثم الابن من هذا الغضب وهل يدخل في باب العقوق

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نصيحة الابن لأبيه أو لأمه أو لأقاربه ليست عقوقاً للوالدين ولا قطيعةً للأقارب بل هذا من بر الوالدين وصلة الأقارب فالواجب على الإنسان أن يبر بوالديه بنصيحتهما وأن يصل أقاربه بنصيحتهم كما قال الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم (وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ) وإذا غضب الوالدان أو الأقارب من هذه النصيحة فغضبهم عليهم وليس عليك منهم شيء ولا يعد إغضابهم بالنصيحة قطيعةً ولا عقوقاً ولكن يجب عليك أن تكون حكيماً في النصيحة بأن تتحرى الأحوال التي يكونون بها أقرب إلى الإجابة والقبول وأن لا تعنف وتسب وتشتم لأن هذا قد ينفر من توجه إليهم النصيحة فإذا أتيت بالتي هي أحسن مخلصاً لله عز وجل ممتثلاً لأمره ناصحاً لعباده كان في هذا خيرٌ كثير ولا يضرك غضب من غضب ألم تر إلى هذه القصة التي جرت بين إبراهيم الخليل وأبيه في سورة مريم حيث قال عليه الصلاة والسلام لأبيه (يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً) فتأمل هذا التلطف في الخطاب يقول له (يَا أَبَتِ) وهو يعلم أنه مشرك (لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً (42) يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنْ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِيّاً) ولم يقل يا أبتِ إني عالم وأنت جاهل بل قال إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فلم يشأ أن يصف أباه بالجهل مع أن أباه لا شك أنه جاهلٌ بما عند إبراهيم من علم (يَا أَبَتِ لا تَعْبُدْ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيّاً (44) يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنْ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيّاً) فماذا قال له الأب (قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْراهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنتَهِ لأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيّاً) فهل تجد غضباً أشد من هذا الغضب يقول لابنه (لَئِنْ لَمْ تَنتَهِ لأَرْجُمَنَّكَ) ويقول (وَاهْجُرْنِي مَلِيّاً) طويلاً ماذا قال له (قَالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيّاً) فاتخذ من هذه القصة عبرة فإن إبراهيم عليه الصلاة والسلام أفضل الأنبياء بعد محمد عليه الصلاة والسلام وهو الذي قال الله لنبيه (ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنْ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ) ومع هذا يخاطب أباه المشرك بهذا الخطاب وهذه المحاورة ثم يقول في الأخير (قَالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيّاً (47) وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَاّ أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيّاً) المهم أن الواجب عليك أن تنصح والدك على ما هو عليه من المعاصي لعل الله أن يمن عليه بالتوبة والهداية ولو غضب فلا يهمنك غضبه فإنما غضبه على نفسه.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم هذا أخ مستمع يعمل في التسجيلات الإسلامية يقول فضيلة الشيخ محمد إني أحبك في الله ولي أخت شقيقة وأبي وليها ولا يزوجها إلا لموظف أو من لم يكن لديه زوجة فإذا أتيت له بشاب صالح له زوجة وكذبت عليه وقلت إنه رجل عزوبي فهل يجوز الكذب في مثل هذه الحالة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أقول للسائل وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وأحبك الله الذي أحببتنا فيه وأقول له إن أباك أخطأ في كونه لا يزوج ابنته إلا من عنده مال أو لا يزوج ابنته من معه زوجة فإن هذا ليس هو مناط الحكم والتزويج بل المدار كله على الدين والخلق كما جاء ذلك في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه إلا تفعلوه تكن فتنة وفساد كبير أو قال عريض) ولا يحل لأبيك أن يمنع ابنته إذا رضيت بالكفء من أن يزوجه منها فإن فعل سقطت ولايته ولك أن تتولى أنت عقد نكاحها إذا أتاها من يُرضى في دينه وخلقه ورضيت به أما أن تكذب عليه إذا خطبها كفء له زوجة وتقول له إنه لا زوجة له فإن هذا لا يجوز لأن أباك سوف يعلم بذلك عن قريب أو بعيد فيقع بينك وبينه من المشاكل بل ربما يقع بينه وبين الزوج من المشاكل ما يكدر الصفو ويجعل العداوة بينكم وبينه فأنت أخبر بالصدق وأنصحه وأرشده أنه يجب عليه أن يزوجها إذا رضيت بهذا الكفء الذي خطبها.

***

ص: 2

‌أنا شاب في السادسة عشرة من عمري أبي يمنعني من أداء الصلاة في المسجد ويمنعني من أداء صلاة الجمعة وإنه لو استطاع لمنعني من الصلاة ولكنه يعرف الشرع في هذا المضمار لكنه في نفس الوقت يحاول أن يشدني من التيارالذي أنا فيه إلى تيار الفسق والفجور فهل أطيعه أفيدوني أفادكم الله

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا شك أن طاعة الوالد واجبة والذي أوجب طاعة الوالد هو الله سبحانه وتعالى ولكنها لا تجب طاعة الوالد في كل شيء إنما تجب فيما لا يكون فيه معصيةٌ لله ورسوله أما إذا كانت في طاعته معصيةٌ لله ورسوله فإنه لا يجوز للولد طاعة والده في ذلك وعلى هذا فلا يجوز لك ترك الجماعة ولا الجمعة بسبب منع والدك وعليك أن تسعى إلى الجماعة وإلى الجمعة بكل طريقٍ ممكن ثم إن لأبيك عليك حقاً وهو أن تمنعه وأن ترشده وتهدي له من الكتب النافعة التي يقرؤها لعل الله أن يهديه ويرده إلى الاستقامة والثبات على الحق لأن هذا من أعظم البر بالوالد.

***

ص: 2

‌السائل يقول شاب يعمل ويعطي حصيلة عمله لوالده حيث إن والده يقوم بشتمه وسبه دائما ويتهمه بالتقصير بأنه يخبئ بعض الشيء من راتبه ويعطيه لزوجته فهل الراتب يعطى للأب بالكامل وجهونا حول هذا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الراتب ملك لمستحقه ففي هذا المثال يكون الراتب ملكا للابن ليس لأحد عليه سلطان إلا الأب فله أن يأخذ من مال ولده ما شاء ما لم يضره لكني أنصح الأب وأقول إذا لم يكن فيك حاجة فدع ابنك وماله يتوسع به على نفسه وعلى أهله لأن ذلك من صلة الرحم أما كونك تضيق عليه وتقول لابد أن تعطيني راتبك ثم تتصرف فيه أنت كما شيءت فهذا يوجب قطيعة الرحم ويوجب أن يبغضك الابن وألا يقوم ببرك فهنا نخاطب الابن ونخاطب الأب أما الابن فنخبره بأنه هو وماله لأبيه وأن لأبيه أن يأخذ من ماله ما شاء ما لم يضره وأما الأب فإننا ننصحه ألا يتعرض لمال ابنه إلا إذا كان محتاجا فإن على الابن أن يزيل حاجة أبيه سواء أخذ بنفسه أم أعطاه الابن.

***

ص: 2

‌هذه سائلة للبرنامج تذكر بأنها معلمة تحب فعل الخيرات وتحب مساعدة المحتاجين تقول وعندما أريد أن أتصدق من مالي على ذوي أرحامي وصديقاتي المحتاجات تقف والدتي ضد هذه الأعمال بحجة أنني أبدد مالي فيما لا يفيد وأنني بحاجة إلى أن أدخر هذا المال فيما ينفعني فيما بعد فهل لوالدتي الحق في التدخل في راتبي وهل يصح أن أتصدق وأعطي دون أن أخبرها بذلك أم ماذا أفعل

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الوالدة ينبغي لها أن تشجع أولادها من ذكور وإناث على الصدقة إذا كانت لا تضر بهم لأن الصدقة خير والمعونة عليها خير قال الله تبارك وتعالى (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) وإذا كانت الوالدة تغضب إذا تصدقت ابنتها بشيء من مالها أو أهدت إلى صديقاتها فلا حرج على البنت أن تتصدق وتهدي سراً لا تتطلع عليه الوالدة لأن المال مالها ولها أن تتصرف فيه كما شاءت في حدود ما أنزل الله عز وجل لكن لا ينبغي للإنسان أن يتصدق بأكثر من ثلث المال لأن أبا لبابة لما أراد أن يتصدق بماله شكراً لله تعالى على توبته قال له النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (أمسك عليك بعض مالك) وأمره أن لا يتصدق بجميع ماله.

***

ص: 2

‌تقول السائلة بأنها فتاة لها صديقة لم ترها منذ سنوات وتريد أن تزور هذه الصديقة هل يجوز لها أن تذهب إليها دون علم والدها علماً بأن أمي تأذن لي في الذهاب والذي يذهب بي ويرجع هو أخي ولكن إذا علم أبي سوف يغضب هل من الأفضل أن استأذن الوالد أو أذهب بغير علمه أفتونا مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الذي أرى أن تستأذن من أبيها لأن أباها أعلم بمصالحها ولولا أنه يرى أن ذهابها إلى هذه الصديقة فيه مضرة على ابنته ما غضب إذا ذهبت فلهذا أقول من بر الوالد أن لا تذهب هذه المرأة إلى صديقتها إلا بإذن والدها.

***

ص: 2

‌نحن ثلاثة أخوة نعمل بالمملكة وكل واحد منا له رزقه وظروفه وقد اتفقنا بين أنفسنا على أن نساهم في نفقات الحج لوالدتنا وذات يوم أرسلت أمي برسالة تطلب فيها أن نشتري لها جنيه ذهب فأرسلت إليها بالرد أنني أفضل شراء قطعة ذهب مكتوب عليها لفظ الجلالة سبحانه وتعالى بدلاً من الجنيه لأنه مرسوم عليه صورة جورج فأرسلت لي بأنها ترغب الجنيه الذهب وكذلك سلسلة ذهب فأرسلت إليها بأنه بدلاً من هذا وذاك سوف أدفع لك مبلغاً كي تؤدي فريضة الحج مساهمة مع أشقائي ورفضت مبدأ شراء الذهب علماًَ بأن قيمة تكلفة مساهمتي في الحج أكثر من شراء الذهب ولم يأت الرد منها ومضى على ذلك حوالي شهرين وأشعر الآن بضيق نفسي شديد لعدم إرسالها لي أي خطاب وسؤالي هل بتصرفي معها أصبحت عاقاً لأمي وماذا أفعل

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الجواب أن فعلك هذا فعل حسن وهو خير لأمك ولكن مع ذلك لو أنك اشتريت لها ذهباً ليس عليه رسم إنسان ولا كتب عليه اسم الله عز وجل لكان ذلك أحسن لأن الذهب الذي كتب عليه اسم الله قد يكون ممتهناً من لابسه وهذا أمر لا يليق بما كتب عليه اسم الله عز وجل والذي رسم عليه الصورة لا يحل لبسه لأن لبس ما فيه الصورة سواء كان حُلياً أم ثياباً محرم لا يجوز لما فيه من استصحاب الصورة التي قال فيها رسول الله صلى عليه وسلم إن الملائكة (لا تدخل بيتاً فيه صورة) وأنت لا تقلق على تأخر الجواب ولكن تابع المسألة واكتب إليها مرة أخرى وخذ رأيها بعد ذلك لكن إن اختارت شيئاً ممنوعاً فلا تطعها وأقنعها بأن هذا ممنوع وأن في المباح ما يغني عنه ويسلم به الفاعل من الإثم.

***

ص: 2

‌المستمع عبد الرحيم من المملكة المغربية يقول هل يجوز للأب أن يرغم ابنه الشاب على الجلوس في المنزل وعدم البحث عن عمل شريف يكسب منه حلالَا وماذا يفعل الابن في هذه الحالة هل تلزمه طاعة أبيه أم يجوز له أن يخالف أمره فالإسلام يحث على العمل والاكتساب الحلال

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا كان هذا الشاب بالغاً عاقلاً محسناً للتصرف فإنه لا يجوز لوالده أن يمنعه من الكسب الحلال وذلك لأنه في هذه الحال ليس عليه حجر وليس عليه منع من التكسب مادام يريد أن يكتسب اكتساباً حلالاً فإن الإنسان محتاج إلى أن يعف نفسه بالزواج وإلى أن يكف نفسه عن المسألة ولا طريق إلى ذلك إلا بالسعي في طلب الرزق الحلال ثم إنه لو فرض أن الأب عنده مال يستطيع به أن يكمل لهذا الشخص ما يحتاجه من نفقة وزواج فإن بقاء الإنسان بدون عمل قد يضره نفسياً وبدنياً لأن الإنسان كما جاء في الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام (حارث وهمام كلكم حارث وهمام) لابد أن يكون له شيء يحرك همته وشيء يحرك بدنه حتى يكون قد فرج عن نفسه ما يكمن في داخلها وعلى هذا فالذي أشير به وأنصح به هذا الوالد ألا يحجر على ولده وأن يدعه يتكسب بما هو حلال مادام بالغاً عاقلاً رشيداً وأما الولد فإني أنصحه ألا يعصي والده معصية ظاهرة ويبادره بالعصيان وإن كان الوالد ليس له حق في أن يمنعه من التكسب ولكن يصانع والده ويداريه ويترجى منه بإلحاح أن يرخص له في طلب العمل لعل الله أن يهديه فإن لم يفعل والده فإن كان محتاجاً إلى هذا الكسب فليس عليه أن يطيع أباه بتركه وإن كان غير محتاج فإنه ينظر في هذا الأمر وأيهما أنفع وأصلح في أن يوافق والده أو يخالفه وهذا ما لم يكن الأب في ضرورة إلى بقاء ابنه في البيت فإن كان في ضرورة إلى بقائه في البيت بحيث يكون مريضاً أو به عاهة تمنعه من القيام بمصالح بيته ففي هذا الحال يجب على الابن أن يوافق أباه لأن ذلك من البر والبر واجب.

***

ص: 2

‌يقول السائل أفيدكم أنني شاب بلغت سن الرشد ولم أوفق في دارستي لظروفي الخاصة وطلبت من والدي مساعدتي بالزواج لي وأن أقوم بمساعدته حيث لديه مال ومزارع ومع ذلك فهو طاعن في السن ولكنه رفض ما طلبته ولم يسمح لي بالسفر للبحث عن العمل آمل من فضيلتكم التكرم بإرشادي إلى الطريقة التي أعمل بها لأنني لا أريد عصيان والدي أملي فيكم كبير بعد الله وفقكم الله

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أولاً نوجه الكلام إلى والدك فوالدك يجب عليه أن يزوجك مادام قد أغناه الله وليس عندك ما يمكنك أن تتزوج به من المال فواجب عليه شرعاً وهو محاسب عليه أمام الله أن يزوجك وإذا لم يقم بهذا الواجب عليه فلا حرج عليك في أن تسافر لطلب الرزق والعفاف ولو منعك والدك من هذا لأنه منعك بغير حق وهو ظالم لك من وجهين الوجه الأول أنه لم يقم بما أوجب الله عليه لك من التزويج والأمر الثاني أنه منعك مما هو حق لك في طلب الرزق لتتوصل به إلى العفاف فإذا كان الأمر كما قلت بأنه لم يزوجك ومنعك من السفر فلا حرج عليك أن تسافر في طلب الرزق لتحصل على العفاف ولو كان في ذلك معصية له لأن هذه المعصية لا تضرك إذ أنه لا حق له في منعك.

***

ص: 2

‌هذه رسالة وردتنا من الجمهورية السودانية الديمقراطية بعث بها الأخ في الله الحسين فتح الرحمن محجوب يقول في رسالته رجل يحب والديه وأراد أن يتأسى بسنة الرسول عليه الصلاة والسلام وأعفى لحيته ووجد مضايقة من أبيه وأمه حتى غضبا عليه فما حكم الإسلام في ذلك هل يُغضب الوالدين ويعفي لحيته

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا شك أن رضا الله عز وجل مقدمٌ على رضا غيره وطاعة الله سبحانه وتعالى مقدمةٌ على طاعة غيره ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ولهذا قال الله تعالى في حق الوالدين مخاطباً الولد (وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً) ففي هذه الآية دليل على أنه لا يجوز للمرء أن يطيع والديه في معصية الله سبحانه وتعالى فأنت حين هداك الله -وأسأل الله لي ولك التثبيت على هدايته- إلى سنة الرسول صلى الله عليه وسلم بإعفاء اللحية ووجدت من والديك مضايقة فإني أنصحك أن تصبر وتحتسب على هذه المضايقة وتستمر في اتباع شريعة النبي صلى الله عليه وسلم وهديه ولو غضب لذلك والداك وإني أنصح والديك أمك وأباك بأن يتقيا الله عز وجل وأن يكونا عوناً لابنهما على طاعة الله لا أن يكونا منفرين له عن طاعة الله سبحانه وتعالى بهذه المضايقة وأقول لهما إن منة الله على ابنكما بالتزام الشريعة هو من حظكما ومن توفيقكما فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول (إذا مات العبد انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به من بعده أو ولد صالح يدعو له) فنصيحتي لكما أيها الأبوان أن تتقيا الله عز وجل وأن تشجعا ابنكما وكذلك سائر أولادكما على طاعة الله عز وجل وأن تريا أن هذا من نعمة الله عليكما فتحمدا الله على هذه النعمة وتستمرا في تنشيط أولادكم على طاعة الله سبحانه وتعالى.

***

ص: 2

‌المستمع سعيد السيد محمد يقول لقد مضت فترة حوالي سنتين وأنا كنت أغلط على والدي ووالدتي وأتعدى عليهم لفظياً وذلك لحالات عصبية ولكن ليس من كل قلبي ولا أقصد ذلك ولكن مع ذلك أرجع وأحاسب ضميري وأندم على ما فعلت ولكنني لم أقصر على حاجات البيت فكل شيء موجود والحالة المادية بشكل عام كانت جيدة أما سبب عصبيتي فكانت بسبب زواجي من امرأة كانت تخلق المشاكل بينها وبين الوالدة والوالد وبسبب ذلك تؤثر على أعصابي وعصبيتي وغلطاتي الكبيرة تجاه والدي ووالدتي أما الآن فأنا أحس بالندم لما فعلت بالوالد والوالدة على حد سواء وقد عزمت على الطلاق وفعلاً طلقت وارتحت من مشاكلي مع الوالد والوالدة فهل أحمل ذنب ما فعلت سواء مع الوالد والوالدة أو مع الزوجة التي طلقتها علماً بأنها لم تنجب أطفالاً

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الجواب على هذا السؤال أن تلفظ هذا السائل على أمه وأبيه بالألفاظ الدالة على التضجر والألفاظ النابية التي لا تليق من الولد بوالديه وقوع في الإثم وفيما نهى الله عنه فإن الله عز وجل يقول (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً) وقال تعالى (إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً)(وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً) فإذا كان الله سبحانه وتعالى نهى أن يقول الولد لوالديه أفٍ وهي كلمة تدل على التضجر في حال كبرهما التي تستدعي غالباً الإثقال على الولد والإشقاق عليه فما بالك بما سوى هذه الحال وما تشعر به من الندم على ما فعلت إذا كان مقروناً بالعزم على أن لا تعود إليه مع الإقلاع عما فعلت فإن هذه توبة والله سبحانه وتعالى يحب التوابين ويحب المتطهرين ومن تاب إلى الله توبة نصوحاً تاب الله عليه وأما ما فعلته مع الزوجة حيث طلقتها لأنها هي سبب المشاكل بينك وبين والديك فإنه لا إثم عليك ولا حرج لأن الطلاق والحمد لله مباح عند الحاجة إليه وهذه حاجة من أهم الحاجات وأشدها إلحاحاً لأن من يحاول أن يفرق بينك وبين والديك أو يفسد الود بينك وبينهما فإن الأولى البعد عنه وقد قال الله تعالى (وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلّاً مِنْ سَعَتِهِ) فعسى الله أن يوفقها لرجلٍ تعيش معه عيشة حميدة ويكون طلاقك لها تأديباً لها في المستقبل وعسى الله تعالى أن يوفقك لامرأة تعيش معها عيشة حميدة أنت ووالداك.

***

ص: 2

‌نبدأ هذه الحلقة برسالة وصلت من المستمع م. ج. ج. سامراء العراق يقول في هذا السؤال إنني منذ سنوات وبعد وفاة والدي أوذي أمي بكلامي أو بأسلوبي الغليظ ولكنني بعد فترة وجيزة أندم وأتألم على هذا وأعزم على أن أتوب إلى الله توبةً نصوحاً ولكنني بانفعالي وحالتي العصبية لا تجعلني أغير من معاملتي لأمي أرشدوني يا فضيلة الشيخ مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إنه لا يخفى على أحد عظم حق الوالدين وأنه يجب على الإنسان أن يبرهما بقوله وفعله وجاهه وماله وبكل ما أمكن من البر وقد جعل الله تعالى حق الوالدين بعد حقه وحق رسوله فقال تعالى (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً) وقال تعالى (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَاّ تَعْبُدُوا إِلَاّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً) وأوصى الله سبحانه وتعالى بالوالدين إحساناً فقال تعالى (وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً) وأمر الله سبحانه وتعالى أن ندعو لهما فقال (وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً) وأمرنا عز وجل أن نخفض لهما جناح الذل من الرحمة وأمرنا سبحانه وتعالى أن نقول لهما قولاً كريما والأحاديث الواردة في بر الوالدين كثيرة حتى جعلها النبي صلى الله عليه وسلم في المرتبة الثانية بعد الصلاة على وقتها ففي حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال سألت النبي صلى الله عليه وسلم (أي العمل أحب إلى الله قال الصلاة على وقتها قلت ثم أيٌ قال بر الوالدين قلت ثم أيٌ قال الجهاد في سبيل الله) وسأل النبي صلى الله عليه وسلم رجل (أي الناس أحق بحسن صحبتي قال أمك قلت ثم من قال أمك قلت ثم من قال أمك وفي الرابعة قال ثم أبوك) فالواجب على المرء أن يبر والديه وأن يحسن صحبتهما سواءٌ كانا مسلمين أو كافرين ولهذا قال الله تعالى (وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً) وإنني أنصح هذا الأخ السائل أن يتقي الله عز وجل في أمه وأن يحسن صحبتها وإذا رأى من نفسه الغضب أن يقول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم وأن يضطجع إن كان قاعدا وأن يقعد إن كان قائماً يضطجع إن كان قاعداً كما أمر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم وإن كان صادقاً في نيته محباً لبرها فإن الله سبحانه وتعالى يعينه على ذلك وعليه في تحقيق توبته أن يستحلها فيما صنع معها لأن هذا حق آدمي وحق الآدمي لا تتم التوبة منه إلا بالتحلل منه بإبراءٍ أو أداء وليعلم أن البر كما قال الناس أسلاف أي أنك إذا أسلفت بر والديك فإن أولادك سوف يبرون بك وإن كان الأمر بالعكس فانتظر عقوق أولادك.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم هذا سوداني يعمل بالخليج يقول والدي كثيرا ما يتلفظ بألفاظ الطلاق على والدتي ومتساهل في أداء الصلوات ووالدتي بعكسه امرأة مصلىة عابدة وهذا من فضل الله عليها وكثيرا ما نصحت والدي بعدم التساهل بألفاظ الطلاق فلم يبالي وأنا الآن على وشك العمل وأريد أن أرسل لوالدتي مصروف دون أبي مع أن حالته ضعيفة جدا جداً هل يجوز لي هذا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: سأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم رجل فقال: (من أحق الناس بحسن صحابتي قال أمك قيل ثم من قال أمك قيل ثم من قال أمك قيل ثم من قال ثم أبوك) وعلى هذا فإذا كانت الأم محتاجة وكان الأب محتاجا فالمقدم حاجة الأم فإذا كنت إذا أرسلت إلى أبيك شيئا استأثر به ولم يصل إلى أمك منه شيء فأرسل إلى أمك ولا حرج وإذا كان لديك سعة في المال فأرسل إليهما جميعا فإن ذلك من البر ولكن خيرا من ذلك أن ترسل إلى أبيك هدية النصيحة وتخويفه من الله عز وجل وأمره بتقوى الله سبحانه وتعالى لأن ذلك خير ما تهديه إلى أبيك وأبوك في الحقيقة على خطر في تهاونه بالصلاة فإن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر وهي عمود الدين وإذا أخل بها الإنسان فقد أخل بعمود الدين وإذا أخل بها الإنسان لم يكن لديه ناه عن الفحشاء المنكر ثم إن تساهله بألفاظ الطلاق من المشاكل الكبرى لأنه إذا طلق بنية فإن امرأته تطلق إذا لم يوجد مانع من وقوع الطلاق وإذا طلقت مرتين فإنها في الثالثة لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره فعليك أن تكرر النصيحة عليه في هذه المسألة حتى لا يطأ فرجا حراما عليه وهو لا يدري وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.

***

ص: 2

‌هذا المستمع أ. ب. س. يقول بأنه شاب متغرب عن والده ويعمل في هذا البلد المبارك وقبل مجيئي هنا أسرفت على نفسي بل ارتكبت أكبر الكبائر ولكنني بعد فترة تبت إلى الله ولكني شكيت في توبتي لأني سمعت حديثاً يقول ثلاثة لا ينفع معهن العمل وعدّ منها عقوق الوالدين فهل لي مخرج وهل لي أن أحج قبل الرجوع إليهما مع أني لو سافرت هناك قبل أن أحج محال عليّ الرجوع إلى هنا لصعوبة الطريق علي وهل تقبل مني الأعمال الصالحة أرجو النصح والتوجيه

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أقول إن الأعمال الصالحة تقبل من هذا الرجل الذي تاب إلى الله سبحانه وتعالى من عقوق والديه ولكن نظراً إلى كون العقوق من حقوق الآدميين فإنه لا بد من استرضاء الوالدين واستسماحهما ولا حرج عليه لو حج قبل ذلك أو عمل عملاً صالحاً قبل ذلك لأن العقوق ليس ردة تبطل الأعمال ولكنها من كبائر الذنوب فمن تحقيق توبته إلى الله سبحانه وتعالى أن يسترضي والديه ويستسمحهما عما جرى منه من العقوق.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم يقول ع. ع. أ. مقيم بالرياض هل مناداة الوالدة باسمها يعد عقوقاً لها وإذا كنت متعوداً على ندائها باسمها وهي ترضى بذلك فهل هذا جائز

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: يجوز للإنسان أن ينادي أبويه أو أحدهما باسمه لكنه ليس من الأدب أن يفعل ذلك بل يقول يا أمي يا والدي يا أبي وإذا أضاف الاسم إلى هذا لا بأس مثل أن يقول يا والدي فلان يا والدتي فلانة أما أن يذكر اسميهما بدون أن يذكر وصف الأبوة أو الأمومة فإن هذا يعتبر خلاف الأدب.

يافضيلة الشيخ: إذا قال يا أم فلان؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا كان كل الناس لا يعدون هذا مخالف للأدب فيجوز.

وهناك ملاحظة عما سبق وهو أن الجواب السابق عما إذا ناداهما باسمهما أي في النداء أما فيما لو أخبر عن أبيه وعن أمه فلا حرج أن يقول قال فلان كما وقع ذلك لبعض الصحابة رضي الله عنهم فمثلاً إذا كان أبوه اسمه عبد الله قال عبد الله بن فلان كذا وكذا قالت فلانة كذا وكذا لكن النداء شيء والخبر شيء آخر فالنداء يعد الناس هذا من سوء الأدب أن يناديه باسمه العَلَم دون أن يقرنه وصف الأبوة أو الأمومة وأما الخبر فلا يعدون ذلك سوء أدب ولا بأس به.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم المستمع من جده له سؤال يقول شخص توفي والداه وهما غاضبان عليه لأنه كان عاقاً لهما فقيل له إن من عق والديه لا يجد رائحة الجنة وبذلك فقد فقد الأمل في دخول الجنة ولكي لا يصاب بيأس من رحمة الله قال له شخص آخر إنك تستطيع برهما بعد الموت وذلك بالدعاء لهما والاستغفار لهما والصدقة عنهما وإن الله سبحانه وتعالى سيجمع بينكم يوم القيامة ويخبر والديك بأنك فعلت كذا وكذا من أجلهما فإن رضيا عنك فإن الله سيعفو عنك والسؤال هو هل هناك أصل لما قاله هذا الشخص بارك الله فيكم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذه القضية عبرة لمن اعتبر تفيد أن الإنسان العاقل ينتهز الفرصة في القيام بما أوجب الله عليه لئلا تفوته الفرصة فبإمكان هذا السائل أن يكون باراً بوالديه قبل موتهما ولكنه سوّف وأهمل وفرّط حتى فات الأوان وانتقلا من الدنيا إلى الآخرة ولكني أقول له إن باب التوبة مفتوح فإذا علم الله من عبده أنه قد ندم على ما صنع واستغفر ربه فإن الله تعالى يغفر له ولا يترتب على فعله السابق شيء مما يكون في تركه وتضييعه فلا إثم عليه ولا عقوبة وأرجو من الأخ السائل أن يستمع إلى هذه الآية الكريمة (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً)(يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً)(إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) فهذه الجرائم العظيمة الشرك وهو أعظم الذنب وقتل النفس وهو أعظم العدوان على البدن والزنا وهو أعظم العدوان على العرض إذا تاب الإنسان منها وآمن وعمل عملاً صالحاً فإن الله يبدل سيئاته حسنات ويغفر له ومن المعلوم أن الشرك لا يغفره الله (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً) ومع هذا إذا تاب الإنسان منه غفر الله له ورحمه وإذا اتصف بالأوصاف الثلاثة تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً بدل الله سيئاته حسنات فليبشر هذا السائل إذا كان قد تاب إلى الله وندم على ما جرى منه من تقصير في حق والديه فليبشر بمغفرة الله له وليسأل الله الثبات وليكثر مما أرشده إليه أخوه من الاستغفار لوالديه والدعاء لهما وإكرام صديقهما وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما فإذا فعل ذلك عفا الله عنه وغفر له.

***

ص: 2

‌السائلة فتاة تقول إنني حينما أكون أشتغل أو يأتي وقت ضيق أو يأتي والدي لطلب شيء قد رفعته أو قد وضعته أرفع صوتي عليهم فهل هذا حرام مع أنني أكره هذا الفعل

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا لا شك أن مثاره الغضب وضيق النفس والذي ينبغي للإنسان أن يملك نفسه عند الغضب لأن النبي صلى الله عليه وسلم سأله رجل فقال أوصني قال (لا تغضب فردد مراراً قال لا تغضب) فالذي ينبغي للإنسان أن يملك نفسه عند الغضب ويستعيذ بالله من الشيطان الرجيم إذا أحس به حتى يهدأ وإذا كانت تملك نفسها حينئذٍ عن رفع صوتها فإنه لا يجوز لها أن ترفع صوتها عليهم لقوله تعالى (إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً) ومن المعلوم أن الوالدين إذا بلغا الكبر يحصل منهما دائماً ما يضيق به المرء ويحرج المرء وما يغضبه ومع هذا قال الله تعالى (فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً) فالواجب عليها أن تتأدب مع والديها وأن تملك نفسها عند الغضب وأن لا تفعل ما فيه زجرٌ ونهرٌ لهما

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم السائل أبو بكر حميد من جدة يقول بأنه شاب ويحمد الله على ذلك ولكنني أشكو إلى الله أولاً ثم إليكم ذنباً كلما تبت منه رجعت إليه وهو عقوق الوالدين حيث أنني أرفع صوتي فوق صوتهما أحياناً وأفعل أشياء تؤذيهما فما حكم ذلك مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: عقوق الوالدين من كبائر الذنوب لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (ألا أنبأكم بأكبر الكبائر ثلاثاً قالوا بلى يا رسول قال الإشراك بالله وعقوق الوالدين وشهادة الزور وكان متكئاً فجلس عند ذكر شهادة الزور) ومازال يكررها قال أبو بكرة راوي الحديث حتى قلنا ليته سكت، فلا يحل لإنسان أن يعق والديه بل عليه أن يحسن إليهما وإذا علم الإنسان أن قاطع الرحم لا يدخل الجنة كما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (لا يدخل الجنة قاطع) يعني قاطع رحم فإنه في هذه الحال يخاف وينزجر عن عقوق الوالدين وقطيعة الرحم وليمرن نفسه على ذلك وإذا خاف أن يشتد القول مع والديه فليخرج من البيت حتى يبعد غضبه ويحاسب نفسه.

***

ص: 2

‌تقول السائلة عندي والدة حفظها الله كلما طلبت مني أمراً لبيت طلبها بسرعة ولا أتأفف أمامها ولا أظهر لها التضجر ولكن عندما أذهب إلى بعض أخواتي في الله أشكو لهن من والدتي بأن ما تطلبه والدتي كثير جداً فهل يعتبر هذا من عقوق الوالدين أفيدوني بارك الله فيكم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أرى أن هذا من عقوق الوالدين لأنه غيبة للوالدة وإذا كانت هذه المرأة ترضي والدتها بما تطلب ابتغاء وجه الله فإنه لا يجوز أن تمن بذلك أو أن تؤذي أمها بذلك بسبها عند صاحباتها قال الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى) فعلى هذه المرأة أن تتوب إلى الله عز وجل مما صنعت وأن تقلع عنه في المستقبل وأن ترجو بإرضاء والدتها بما تطلب منها وجه الله عز وجل وأن تسأل لها الهداية.

***

ص: 2

‌هذا السائل للبرنامج يقول بالنسبة من رفع صوته على والديه في حالة غضب هل يأثم في ذلك وهل يطلب رضاهم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا يحل للولد أن يرفع صوته على أبويه لقول الله تبارك وتعالى (إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً) والغالب أن الأبوين إذا بلغا الكبر حصل منهما إيذاء لأولادهما وإشقاق عليهم ومع ذلك نهى الله سبحانه وتعالى الولد أن يتضجر منهما أو ينهرهما وأمرهم أن يقول لهم قولا كريما فمن رفع صوته على أبيه أو أمه فليستغفر الله عز وجل وليتحلل من أبيه وأمه وليعلم أن البر أسلاف كما يقول العامة وقد جاء في الحديث (بروا آباءكم تبركم أبناؤكم) .

***

ص: 2

‌السائل جمال أحمد يقول ما حكم من يتشاجر مع والده كلما رآه ينتهك حدود الله أو يستهزئ بأمور الدين ولكنه بار به ويكفيه جميع ما يعنيه

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أقول إن كونه يعتب على أبيه ما يحصل منه من المعاصي التي ربما تؤدي إلى الكفر كسب الدين فإنه من بره بوالده لأنه أمر بمعروف ونهي عن منكر وأحق الناس أن تأمره بالمعروف وتنهاه عن المنكر هو أبوك وأمك لأنهم أقرب الناس إليك ولأنك بضعة منهم وقد كان الرسل عليهم الصلاة والسلام يتكلمون مع آبائهم في ترك المنكر وفعل المعروف لكن ينبغي أن يكون بالأسلوب الحسن الذي لا ينجرح به قلب واحد منهم واستمع إلى المحاورة التي جرت بين إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام وبين والده في سورة مريم حيث قال (إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً)(يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِيّاً)(يَا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيّاً)(يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيّاً) إلى آخر القصة تجد كلاما لينا من إبراهيم عليه الصلاة والسلام لأبيه فأنت بالنسبة لأبيك إذا أردت أن تنصحه عما كان عليه من المعاصي فليكن ذلك باحترام ورفق ولين لأن الأب يرى أن له حق عليك وأنه أكبر منك وهو فعلا أكبر منك وله حق عليك حتى إن الله تعالى قال (وَإِنْ جَاهَدَاكَ على أن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا) يعني إن بذل جهداً على أن تشرك بالله (فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً) وقال تعالى (إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً) فأنت لا تلام إذا نصحت والدك لكن ليكن ذلك بالرفق واللين حتى يحصل المقصود وليس هذا من العقوق بل هذا من البر فإن أعظم هدية يهديها الإنسان إلى أبيه وأمه أن يأمرهما بالمعروف وينهاهم عن المنكر ولكن بأدب واحترام.

***

ص: 2

‌هل الشخص الذي يرفع صوته على والديه في وقت الغضب الشديد ثم بعد الهدوء من ذلك الغضب يندم على ذلك الفعل أشد الندم هل يعتبر هذا من عقوق الوالدين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا كان الإنسان لا يملك نفسه حال الغضب حتى رفع صوته على أبيه أو أمه فإنه لا يؤاخذ بهذا لكن عليه إذا زال الغضب أن يتحلل من والديه وعلى والديه أن يقدرا هذه الحال وأن يحللاه لا سيما إذا جاء معتذراً.

ولكني أنصح هذا وغيره من أولئك القوم العصبيين أن يتداووا بما وصفه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو:

أولاً أن لا يغضبوا يعني أن يحاولوا منع الغضب فيفرجوا على أنفسهم لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم جاء إليه رجل وقال له يا رسول الله أوصني قال (لا تغضب فردد مراراً فقال لا تغضب) لعلمه صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن هذا الرجل كان غضوباً وإلا لأوصاه بتقوى الله عز وجل التي أوصى الله بها الأولين والآخرين هذا واحد فأولاً يمنع الغضب أصلاً يحاول أن لا يغضب وأن يكون بارد الطبع.

ثانياً وإن غضب فليستعذ بالله من الشيطان الرجيم فإن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً غاضباً فقال (إني لأعلم كلمةٌ لو قالها لذهب عنه ما يجد لو قال أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) وذلك لأن الغضب جمرة يلقيها الشيطان في قلب الإنسان فتنتفخ أوداجه وتحمر عيناه ويفور.

ثالثاً إذا كان قائماً فليقعد وإذا كان قاعداً فليضطجع لأنه بتغيير حاله يبرد الغضب عنه.

رابعاً أن يتوضأ وضوءه للصلاة الوضوء المعتاد يعني يغسل وجهه ويتمضمض ويستنشق ويغسل يديه إلى المرفقين وما أشبه ذلك وبهذا يسلم من الغضب.

***

ص: 2

‌رسالة وصلت من المملكة العربية السعودية من المستمع ج ع ش ملخصها يقول بأنه شاب يبلغ من العمر الثالثة والعشرين متزوج على سنة الله ورسوله من فتاة وهي بنت عمه شقيق والده ويقول بعد فترة من الزواج ما يقارب من أربعة أشهر وكان يسكن هو وزوجته في بيت أبيه وفي ذات يوم حصل سوء تفاهم بين زوجته وبين أهله فذهبت زوجتي إلى بيت أبيها وبعد ذلك طلبت مني زوجتي أن استأجر شقة على قدر الحال لنسكن أنا وهي وحدنا ونبعد عن المشاكل أو أن نسكن في بيت أبيها بشرط أن لا تنقطع صلتي بأهلي أبداً وأن أكون سائلاً عنهم دوماً فوافقت على ذلك الأمر وعرضت ذلك على أهلي ولكنهم رفضوا ذلك وأصروا على أن أسكن عندهم هل علي ذنب يا فضيلة الشيخ إذا خالفتهم على إصرارهم وسكنت أنا وزوجتي في شقة أو في بيت أبيها أفيدونا أفادكم الله

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم هذه المشكلة التي حكاها السائل تقع كثيراً بين أهل الرجل وزوجته والذي ينبغي في مثل هذه الحال أن يحاول الرجل الالتئام بين وزوجته وأهله والائتلاف بقدر الإمكان في هذا المجال بقدر الإمكان وأن يؤنب من كان منهم ظالماً معتدياً على حق الآخر على وجه لبق ولين حتى تحصل الإلفة والاجتماع فإن الاجتماع والإلفة كلها خير فإذا لم يمكن الإصلاح والالتئام فلا حرج عليه أن ينعزل في مسكن لوحده بل قد يكون ذلك أصلح وأنفع للجميع حتى يزول ما في قلوب بعضهم على بعض وفي هذه الحال لا يقاطع أهله بل يتصل بهم كل يوم ويحسن أن يكون البيت الذي ينفرد به هو وزوجته قريباً من بيت أهله حتى تسهل مراجعتهم ومواصلتهم فإذا قام بما يجب عليه نحو أهله ونحو زوجته مع انفراده مع زوجته في مسكن واحد حيث تعذر أن يسكن الجميع في محل واحد فإن هذا خير وأولى.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم المستمع أ. س. س. من الأردن بعث برسالة يقول فيها لقد اخترت فتاةً على خلقٍ ودين لتكون زوجةً لي ولكن عندما أخبرت والدي بذلك رفض وحاولت إقناعه ولكنه أصر فأردت أن أعرف السبب فقال ليس هناك من سبب وأنا حائر بين طاعته أو صرف النظر عن هذه الفتاة التي اخترتها رغم ما يسببه لي ولأسرتها من آلامٍ نفسية فأرجو النصيحة إلى الطريق الصحيح جزاكم الله خيرا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا السؤال يقتضي أن نوجه نصيحتين:

النصيحة الأولى لوالدك حيث أصر على منعك من التزوج بهذه المرأة التي وصفتها بأنها ذات خلقٍ ودين فإن الواجب عليه أن يأذن لك في تزوجها إلا أن يكون لديه سببٌ شرعي يعلمه فليبينه حتى تقتنع أنت وتطمئن نفسك وعليه أن يقدر هذا الأمر في نفسه لو كان أبوه منعه من أن يتزوج امرأة أعجبته في دينها وخلقها أفلا يرى أن ذلك فيه شيء من الغضاضة عليه وكبت حريته فإذا كان هو لا يرضى أن يقع من والده عليه مثل هذا فكيف يرضى أن يقع منه على ولده مثل هذا وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) فلا يحل لأبيك أن يمنعك من التزوج بهذه المرأة بدون سببٍ شرعي وإذا كان هناك سببٌ شرعي فليبينه لك حتى تكون على بصيرة

أما النصيحة التي أوجهها إليك أيها السائل فأنا أقول إذا كان يمكنك أن تعدل عن هذه المرأة إلى امرأةٍ أخرى إرضاءً إلى أبيك وحرصاً على لمَّ الشعث وعدم الفرقة فافعل وإذا كان لا يمكنك بحيث يكون قلبك متعلقاً بها وتخشى أيضاً أنك إن خطبت امرأةً أخرى أن يمنعك أبوك عن الزواج بها أيضاً لأن بعض الناس قد يكون في قلبه غيرة أو حسد ولو لأبنائه فيمنعهم مما يريدون فإذا كنت تخشى هذا ولا تتمكن من الصبر عن هذا المرأة التي تعلق بها قلبك فلا حرج عليك أن تتزوجها ولو كره والدك ولعله بعد الزواج يقتنع بما حصل ويزول ما في قلبه ونسأل الله أن يقدر لك خير الأمرين.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم من مصر بعث المستمع توفيق محمد خليفة مصري الجنسية بهذه الرسالة يقول فيها إنني متزوج من بنت خالتي وبعد زواجي منها بسنة غادرت إلى العراق للكسب وعندما وصلت إلى العراق قام والدي ووالدتي بطرد زوجتي علماً بأنني أنجبت منها طفلة وأريد السفر من العراق إلى مصر حيث أنها موطني بعد غربة استمرت ثلاث سنوات وأنا في حيرة من أمري هل عند وصولي البلد أذهب أولاً إلى والدي ووالدتي أم أذهب إلى زوجتي وابنتي علماً بأن والدي ووالدتي يرغبون في طلاقها أرجو منكم الإفادة بارك الله فيكم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نقول إن كلاً من والديك وزوجتك وابنتك له حق عليك ولكن الأفضل أن تبدأ بوالديك فتذهب إليهما وتسلم عليهما وتجلس معهما ما شاء الله ثم تنصرف إلى زوجتك وابنتك ومعلوم أن إقامتك الأكثر سوف تكون عند زوجتك وابنتك وسوف تأتي إلى والديك على سبيل الزيارة.

***

ص: 2

‌يقول فضيلة الشيخ محمد لقد تركت والدي ووالدتي منذ زمن وذلك للأسباب التالية أولا وهو المهم لأن أخواني جميعهم شباب بالغين ولكنهم لا يصلون وكل أمور اللهو والفساد عندهم موجودة وقد نصحهم أبي وأمي ونصحت لهم أنا ولكن لا فائدة من ذلك ثانيا إنني أريد أن أتزوج إن شاء الله قريبا والبيت صغير جدا وكما تعلمون لا يجوز أن تكشف زوجتي لإخواني هل أنا آثم حين تركت والدي ووالدتي وإذا كنت آثماً ماذا علي أن أفعل جزاكم الله خيرا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: قبل الإجابة على هذا السؤال أوجه نصيحة إلى إخوان السائل الذين وصفهم بأنهم لا يصلون وأن جميع آلات اللهو الفاسدة عندهم أقول لهم هداهم الله إنكم لم تخلقوا في هذه الدنيا عبثا تتمتعون كما تتمتع الأنعام وإنما خلقتم لعبادة الله سبحانه وتعالى وأجل العبادات بعد التوحيد والشهادة بالرسالة الصلاة فإنها عمود الإسلام ومن أقامها وحفظها حفظ الله عليه دينه وكانت سببا في حفظه من الفحشاء والمنكر لقول الله تبارك وتعالى (وَأَقِمْ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ) وإضاعتها من أسباب الغي والهلاك والشقاء وإضاعتها كفر مخرج من الملة على القول الراجح من أقوال أهل العلم لدلالة الكتاب والسنة وأقوال الصحابة رضي الله عنهم على ذلك وإضاعتها سبب لضيق النفس وضيق الصدر وضيق الرزق ولهذا قال الله تعالى (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى) وإضاعتها سبب لإضاعة غيرها من العبادات لأن من أضاع صلاته مع أهميتها وخفتها وقلتها فهو لما سواها أضيع وإضاعتها بتركها بالكلية سبب لرد الأعمال الصالحة سواها وذلك أن الكافر لا يقبل له عمل صالح حتى يؤمن فلو قدر أن هذا الرجل التارك للصلاة صام أو تصدق أو حج أو اعتمر فإن صيامه وصدقته وحجه وعمرته لا تقبل منه لقول الله تعالى (وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ) فأقول لهؤلاء الذين ذكر عنهم أخوهم ما ذكر اتقوا الله في أنفسكم واتقوا الله في أمكم وأبيكم وأخيكم اتقوا الله في مجتمعكم لأن معاصيكم قد تكون شؤما على المجتمع كله لقول الله تعالى (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) ثم بعد ذلك أقول للسائل إذا كان لا يمكنك تغيير المنكر في البيت ولا التخلص منه بحيث يكون البيت صغيرا ولا يمكنك أن تنفرد بحجرة أو غرفة فإن الواجب عليك أن تخرج من البيت سواء تزوجت أم لم تتزوج وأما إذا كان بقاؤك في البيت يمكنك أن تتخلص من المنكر ويكون بقاؤك تخفيفا وتوسعة لصدر أبيك وأمك فابق في البيت وخفف المنكر ما استطعت وربما يكون في مداومة نصيحتك لإخوانك ما يزول به المنكر.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم يقول هذا السائل أعيش أنا ووالدي ووالدتي وامرأتي وإخوتي في بيت واحد أحيانا أحضر لزوجتي شيء من الأكل دون علم والدي ووالدتي ونأكل دون أن يرانا أحد فما حكم ذلك

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا حرج عليك أن تخص زوجتك بشيء من الطعام بشرط أن تكون قائما بما يجب عليك نحو عائلتك أي نحو أبيك وأمك وأخواتك لكن في هذه الحال ينبغي أن يكون ذلك سرا لا يعلمون به لئلا يؤزهم الشيطان فيلقي بينك وبينهم العداوة.

***

ص: 2

‌رسالة طويلة وصلت من السائل حسين أ. من مكة المكرمة يقول في هذا السؤال أعرض عليكم فضيلة الشيخ مشكلتي مع زوجتي فقد تزوجت بعد وفاة الوالد رحمه الله بسنتين وترك الوالد أمانةً في عنقي وهم أمي وإخوتي الصغار القصر وأنا المعيل الوحيد بعد الله عز وجل لهم وتقدمت لخطبة زوجتي بشرط أن لا أستقل ببيتٍ مستقلٍ لها لظروفي الخاصة كما ذكرت ووافق أهل زوجتي على شرطي وتم الزواج وبعد ستة أشهر من الزواج بدأت زوجتي تخلق المشاكل لأجل بيتٍ مستقلٍ لها وهي تعلم جيداً أني لا أستطيع لظروفي ولدخلي المحدود حيث أنني أعمل براتب قدره ألف ريال شهرياً وخيرتني بين أمي وبينها وذهبت إلى بيت أهلها دون أي اعتبارٍ بمشاعري ورزقني الله منها بولد وحرموني من زيارته وأنا أحاول أن أعيدها إلى بيتي بشتى الطرق ولكن دون جدوى والآن أنا محتار يا فضيلة الشيخ هل أختار أمي التي ربتني أم هذه الزوجة أم ولدي أفيدوني مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: ما دام بينكما الشرط عند العقد أن لا تجعل لها بيتاً مستقلاً فأمركم إلى القاضي والقاضي هو الذي يحكم بينكما أسأل الله الهداية للجميع وينبغي لك أن تعرف ما هي المشاكل التي حصلت بين أمك وزوجتك وتحاول حلها بقدر الاستطاعة لأنها قد تكون مسألة سهلة يسيرة ولكن الشيطان ينزغ بين الناس فأرى قبل الوصول إلى التحاكم أرى أن تنظر في المشكلة إذا أمكن حلها فهذا أحسن وإذا لم يمكن فليس هناك إلا التحاكم إلى القاضي ونسأل الله للجميع التوفيق.

***

ص: 2

‌هذه الرسالة من أحد المستمعين يقول فيها أرجو أن ترشدوني إلي ما فيه الخير إني متزوج من خمسة أعوام ودائماً يحصل بين الأسرة مشاجرة ولي والدة وأخوان صغار ما معاهم سوى وجه الله وأنا الذي أعمل وأصرف عليهم ودائماً تحصل مشاجرة بين زوجتي ووالدتي نتيجة الإخوان فهم يأتون بالمشاكل ولم أدر ماذا أفعل ولي بيت يبعد ثلاثة أمتار من بيت إخواني بنيته بخمسين ألف ريال يمني ولا أدري هل أبقى مع والدتي وإخواني أم انتقل إلى هذا البيت المجاور لهم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أقول إنه إذا لم يمكن العيش بسلام بين الأسرة فإنه لا حرج عليك أن تنقل زوجتك إلى محل آخر تسكن معها وتستطيع أن ترضي والدتك بما تطيب بها نفسها وهذا أهون من بقاء الجميع في نكد لا يتمتعون بحياة سعيدة لا أنت ولا هم وكونك تنفرد بأهلك في مكان آخر ليس هذا من العقوق بل هذا من الإصلاح والله تبارك وتعالى لا يضيع أجر المصلحين فالذي نرى لك أن تنفرد وزوجتك في مكان وتكون مع أمك بقلبك وقالبك وتأتي إليها بين ساعة وأخرى.

***

ص: 2

‌المستمع رشدي من مصر يقول كيف يوفق المسلم بين إرضاء الوالدين الأم والأب وبين الزوجة حيث إن والديّ لا يرتاحان إلى زوجتي كثيراً وكذا زوجتي لا ترتاح لهم فأنا سعيد مع زوجتي وأبنائي فبماذا تنصحونني

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: ننصحك بأن تحرص غاية الحرص على التوفيق بين زوجتك وبين أبيك وأمك فإن حصل التوفيق فهذا من نعمة الله على الجميع وإن لم يحصل فاستأذن والديك أن تخرج في بيت وحدك أنت وزوجتك وأولادك ويحسن أن يكون قريباً من بيت الوالدين حتى تسهل الزيارة لهما وأنت إذا انفردت عن والديك من أجل هذا الغرض فإن انفرادك صحيح وليس عليك فيه حرج لأن هذا خير من بقاء الحياة الزوجية في نكد وعيش والديك في نكد أو أن تفارق زوجتك وأولادك.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم هذا المستمع س. ع. و. من سكاكا الجوف بعث برسالة يقول فيها تزوجت من دولةٍ عربية مجاورة وزوجتي راضٍ عنها ديناً وخلقاً فهي محافظة على الصلوات والصيام ومطيعة إلى أبعد الحدود لكن المشكلة تكمن في أهلها فهم لا يصلون ولا يصومون ولا يقيمون وزناً للدين فهل يجوز أن نزورهم ونتصل بهم أم أن لي الحق في أن أمنع أهلي وأولادي من زيارتهم خوفاً من الفتنة خاصةً وأن أولادي سيرافقون زوجتي في هذه الزيارة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: من المعلوم أن الذي سيعاشر الزوج زوجته فقط فإذا كانت مستقيمةً في دينها وخلقها فإنه لا يضره أن يكون أهلها منحرفين عن دين الله عز وجل وله في هذه الحال أن يمنعها من الذهاب إليهم إذا خاف عليها من الفتنة في دينها أو خاف على أولاده من الفتنة في دينهم ولكن لو كان يرجو بالذهاب إليهم أن يستقيموا ويهديهم الله عز وجل وصار يذهب إليهم ليعرض عليهم الحق ويحذرهم من المخالفة فإن هذا من باب الدعوة إلى الله عز وجل ولا بأس به لكن إذا لم يجد تقبلاً ولم يجد إلا استهزاءً وسخرية فإن له الحق في أن يهجرهم ولا يذهب إليهم وأن يمنع زوجته وأولادها منهم إذا خاف عليهم الفتنة.

***

ص: 2

‌هذا المستمع عطية من جمهورية مصر العربية يقول فضيلة الشيخ هل يجوز لي أن أمنع زوجتي من زيارة والديها حيث إنهم يعملون أعمالاً تخل بالشريعة الإسلامية من طواف حول الأضرحة والاستغاثة بهم والتبرك بالأولياء وهذا خوفاً مني على زوجتي أن تقع بهذه الأمور الشركية

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: زيارة زوجتك لأهلها ولا سيما إذا كان والداها من البر والصلة ولقد قال الله تعالى (وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ)(وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً) فأمر الله بمصاحبة الوالدين بالمعروف في الدنيا مع إنهما مشركان ويجاهدان ولدهما على الشرك فدل هذا على أن المعاصي لا توجب قطيعة الرحم ولا عقوق الوالدين بل صل رحمك وبر بوالديك وإذا احتجت إلى شيء من أمور الدنيا فلا حرج عليك أن تستنجد بهما لأنهما أبواك وينبغي لك إذا أذنت لزوجتك أن تزور أهلها وهم في هذه الحال أن تحثها على نصيحتهم وعلى بيان الحق لهم فإنه ربما تكون هدايتهم على يدك وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعلي بن أبي طالب (انفذ على رسلك فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم) .

***

ص: 2

‌المستمع ح هـ ن من العراق يقول والدتي على قيد الحياة وقد تزوج والدي غيرها ولكنها سيئة المعاملة لنا ولوالدنا وقد أثارت الكثير من الفتن والمشاكل بيننا وبين والدنا حتى تسببت في الفرقة بيننا إلى أن انتقل هو وزوجته الأخرى وأبناؤه منها إلى منزل آخر وهجرونا من كل شيء حتى أنها تسب والدي وتشتمه وقد جعلتني أكرهها كثيرا وأدعو عليها وعلي بالموت فهل علي إثم في ذلك وهي ماذا عليها في فعلها ذلك

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا شك أن العدوان على المسلم ولا سيما من بينك وبينه صلة أنه محرم ولا يجوز لأحد أن يعتدي على أخيه المسلم بالأذى بقول أو فعل لقول الله تعالى (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً) والواجب عليها وعليكم أيضاً التواد والتآلف وعدم النزاع والخصومة وأن تزيلوا ما في نفوسكم من الأحقاد والأضغان والكراهية وإن الإنسان ليأخذه العجب أن يقع هذا من والدة لأولادها ومن زوجة لزوجها ولكن الهداية بيد الله عز وجل وعليكم أن تبدؤا الحياة من جديد وأن تناصحوا أمكم بما فيه الخير والصلاح حتى لا تلجئ الوالد إلى الخروج بزوجته الجديدة وأبنائها وإذا أمكن إعادة الأمور إلى مجاريها وأن يرجع الوالد إلى بيته الأول وتسكنوا جميعاً عيشة واحدة وبيتا سعيداً فإن هذا هو الأولى وأما ما ذكرت من أنك تدعو على نفسك وعليها بالموت فهذا حرام ولا يجوز لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال (لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به) فعليك أن تصبر وأن تحتسب وأن تسأل الله الهداية لوالدتك والله سبحانه وتعالى مقلب القلوب إذا شاء واقتضت حكمته أن تعود الأم إلى ما يجب عليها فإن هذا ممكن وليس على الله بعزيز وعليك يا أخي بالصبر وكثرة الدعاء بأن الله سبحانه وتعالى يهدي والدتك بما فيه الخير والالتئام والائتلاف.

***

ص: 2

‌أم محمد المملكة العربية السعودية تقول في رسالتها لي ولد في الثانية والعشرين من عمره يقاطعني من عشرين سنة تقريباً وأنا قلبي دائماً يدعو له بالتوفيق والهداية ولم أعمل له أي عمل يجعله يقاطعني هذه المدة الطويلة عدا أنه حصل طلاق بيني وبين والده وحتى الآن لم يَلِنْ قلبه أو يأتي إلي ليعتذر فضيلة الشيخ هل يجب علي أن أدعو له أم لا لأن قلبي لا يتحمل أن أدعو عليه وما حكم عمله هذا بارك الله فيكم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الولد الذي انفصل عنك مع أبيه منذ عشرين سنة وكان لا يهتم بك ولا يزورك ولا يصلك قد أتى أمراً عظمياً من المنكر وذلك لأنه أخل بالبر الذي أمر الله به في قوله (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً) وقوله (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً) وقوله تعالى (وَوَصَّيْنَا الإنسان بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ) فعلى هذا الولد أن يتوب إلى الله عز وجل من هذه القطعية ومن هذا العقوق وأن يرجع إلى رشده ويقوم بواجب الإحسان وواجب البر وإلا فإنه على خطر عظيم والعياذ بالله أما بالنسبة لك أنت فأنت مشكورة على ما تقومين به من الدعاء له وأنت على خير وأنت بهذا العمل تكونين قد وصلت الرحم وقد التزم الله عز وجل للرحم أن يصل من وصلها وأن يقطع من قطعها فأنت استمري في الدعاء له ولعل الله أن يهديه بدعائك له أما نصيحتي لهذا الابن بأن يقلع عن عقوقه وقطيعته وأن يتجه إلى البر والإحسان إليك والشكر لك على ما قدمت له وإذا تاب تاب الله عليه.

***

ص: 2

‌المستمع ص. ي. ن. من الأردن بعث برسالة يقول فيها بأنه شاب يبلغ الخامسة والعشرين من العمر والدي ووالدتي في خصام مستمر طول أيامهما إن بررت الأول غضب ونفر الثاني وإن بررت الثاني غضب الأول واتهمني بالعقوق ماذا أفعل يا فضيلة الشيخ لكي أبرهما وهل أعتبر عاقاً بالنسبة لأمي بمجرد أنني بررت بأبي أو العكس نرجو من فضيلة الشيخ إجابة مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الإجابة على هذا أن نقول إن بر الوالدين من أوجب الواجبات التي تجب للبشر على البشر لقول الله تعالى (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً) وقوله (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَاّ تَعْبُدُوا إِلَاّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً) وقوله تعالى (أَنْ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ)، والأحاديث في هذا كثيرة جداً فالواجب على المرء أن يبر والديه كليهما الأم والأب يبرهما بالمال والبدن والجاه وبكل ما يستطيع من البر حتى إن الله تعالى قال في سورة لقمان (وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنْ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14) وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً) فأمر بمصاحبة هذين الوالدين المشركين الذين يبذلان الجهد في أمر ولدهما بالشرك أمر ولدهما وهم أعداء الله أن يصاحبهما في الدنيا معروفا وإذا كان كذلك فالواجب عليك نحو والديك الذين ذكرت أنهما في خصام دائم وأن كل واحد منهما يغضب عليك إذا بررت الآخر أمران:

الأمر الأول بالنسبة للخصام الواقع بينهما أن تحاول الإصلاح بينهما ما استطعت حتى يزول ما بينهما من الخصام والعداوة والبغضاء لأن كل واحد من الزوجين يجب عليه للآخر حقوق لابد أن يقوم بها ومن بر والديك أن تحاول إزالة هذه الخصومات حتى يبقى الجو صافياً وتكون الحياة سعيدة.

الأمر الثاني الواجب عليك نحوهما أن تقوم ببر كل واحد منهما وبإمكانك أن تتلافى غضب الآخر إذا بررت صاحبه بإخفاء البر عنه فتبر أمك بأمر لا يطلع عليه والدك وتبر والدك بأمر لا تطلع عليه أمك وبهذا يحصل المطلوب ويزول المرهوب، ولا ينبغي أن ترضى ببقاء والديك على هذا النزاع وهذه الخصومة ولا على هذا الغضب إذا بررت الآخر والواجب عليك أن تبين لكل واحد منهما أن بر صاحبه لا يعني قطيعة الآخر بل كل واحد منهما له من البر ما أمر الله به ورسوله.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم تقول السائلة بإني أريد أن أقوم بزيارة لوالدي وإخواني وأخواتي كل عام في اليمن برضى من زوجي فإذا وجد المحرم وتسهلت الظروف فهل أعتبر مبذرة لأموال زوجي بسبب هذه الزيارات كل عام علماً بأنني لا أكلفه إلا في حدود طاقته وأنا لا أستطيع أن أقطع الصلة عن والدتي وأهلي أكثر من عام فهل علي حرج في هذا السفر

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: ليس عليك حرج في هذا السفر لأن هذا السفر سفر طاعة يقصد به بر الوالدين وزوجك جزاه الله خيراً على مساعدته إياك وهو مثاب ومأجور ونرجو الله سبحانه وتعالى أن يخلف عليه ما أنفقه على هذا السفر ولا شك أن من أعان على خير فله مثل أجر فاعله.

***

ص: 2

‌السائلة التي رمزت لاسمها بـ هـ. م. ش كتبت هذا السؤال بأسلوبها الخاص تذكر بأنها فتاة تعاني من معاملة والدها القاسية ومن ظلمه وقهره وجبروته لدرجة أنها أحياناً تشك في أبوته مما أراه منه وأسمعه من كلامه الجارح ولا أخفي عليكم أنني أكرهه كثيراً ولكن في نفس الوقت أدعو له بالهداية دائماً وكثيراً ما أقع في سبه والكلام في غيبته وأتدارك فعلي هذا بالاستغفار له وبالدعاء له ولا أحب أن أواجهه بل أتهرب منه وهو أيضا لا يسأل عني ولا يهتم بأمري ولكنني أحاول بقدر الإمكان أن أقوم بطاعته إذا أمرني حاولت مرارا تقديم النصيحة له لكنني لم أجد الجرأة الكافية وهو أيضا لا يعطي لأحدنا فرصة لمواجهته ولا يستجيب لا لأهله ولا لغيرهم بل يفعل ما يمليه عليه رفقاء السوء دون أن يفكر هل ما يفعله صحيح أم خطأ دون النظر لعواقب الأمور وأفيدكم علما بأنه مثقف ودائما يردد بعض الأحاديث والعجيب إن تلك الأحاديث تناقض فعله وسؤالي يا فضيلة الشيخ محمد هل علي إثم في عدم محادثته والتهرب منه حيث أن ذلك رغم إرادتي وجهوني في ضوء ذلك وهل يعتبر ذلك من العقوق

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: من المعلوم أن للوالدين حقا على أولادهم من ذكور وإناث وللأولاد حق على آبائهم وأمهاتهم ولكن حق الوالدين على الأولاد أعظم من حق الأولاد على الوالدين لهذا أنصحك أولا بالصبر على ما يحصل من أبيك من الأذية والجور والظلم وأرجو لك بالصبر والاحتساب الثواب من عند الله عز وجل ولا تقاطعيه إذا حصل منه هذا الشيء بل صلىه وبري به وأنت الرابحة أما بالنسبة للأب فإني أنصحه بأن يكون عوناً لأولاده من ذكور وإناث على بره وأن يتلطف إليهم وأن يكون رفيقا بهم وليعلم أن التعسف والجور والظلم على البنات من أعمال الجاهلية فإن أهل الجاهلية هم الذين يكرهون الإناث ويكرهون وجودهن حتى إن أحدهم إذا بشر بالأنثى (ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ (58) يَتَوَارَى مِنْ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ) كانوا في الجاهلية من كراهتهم للنساء إذا ولد للإنسان مولودة ذهب يحفر لها ويدفنها وهي حية والعياذ بالله حتى ذكروا أن بعضهم كان يدع البنت إلى أن تميز أو تكون قريبة من التمييز ثم يخرج بها إلى البر ويحفر لها الحفرة فإذا أصاب لحيته شيء من التراب جعلت تنفض لحيته تنقيها من التراب وهو يحفر لها الحفرة ليدفنها والعياذ بالله ثم يدفنها وأنَّ بعضهم تستغيث به ابنته إذا رأته ألقاها في الحفرة تستغيث به يا أبتي يا أبتي ولكنه لا يرق لها بل يرمسها والعياذ بالله وهذه القلوب أقسى من قلوب الذئاب فكل إنسان يكره النساء ويعاملهن المعاملة السيئة ففيه شبه من أهل الجاهلية فنصيحتي لهذا الأب أن يتقي الله عز وجل فيما رزقه من الإناث وأن يعلم أنه إذا صبر عليهن وأدبهن كن له حجابا من النار كما جاءت بذلك السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم فليرفق بهن لعل الله أن يرفق به إذا لاقاه يوم القيامة.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم أمامي رسالة وصلت بالفاكس وهي طويلة من ثلاث ورقات من السائل ر. ش. الدمام يذكر في هذه الرسالة بأنه شاب يبلغ من العمر الخامسة والثلاثين ولديّ والدتي وهي كبيرة في السن وأعيش معها في البيت وكانت حياتي مع والدتي منذ الطفولة جميلة مملوءة بالسعادة حتى أتى عام 1401هـ تقريبا وبدأت معاملتها لي تختلف فأصبح الحب كراهية وصارت يا فضيلة الشيخ حياتي معها صعبة جدا وصارت تكثر علي الأسئلة عن ذهابي وإيابي فهذا العذاب الذي عشته مدة أربعة عشر سنة تقريبا لخصته لفضيلتكم آملا أن أجد الإجابة الشافية الواضحة التي هي مستمدة من شريعتنا السمحة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أرى أن الواجب عليك أن تصبر على هذه الأسئلة التي توردها أمك عليك لأنه لا يضرك أن تقول لها ذهبت إلى كذا وذهبت إلى كذا وفي ظني أنها لا تسأل هذه الأسئلة إلا لما في قلبها من محبتها لحالك وكيف تقضي حياتك وهل يضرك شيئا إذا قلت فعلت كذا وفعلت كذا ولكن الشيطان يوحي إليك أنك إذا سألتك هذه الأسئلة كأنها نزلت من قيمتك وكأنها جعلتك في منزلة الصبي وهذا من وحي الشيطان ولو فكرت لرأيت أن سؤالها هذا يعني الشفقة الشديدة عليك.

يافضيلة الشيخ: في النقطة الثانية يذكر بأنها تغتابه عند الجيران والمعارف والأقارب؟

فأجاب رحمه الله تعالى: وأما النقطة الثانية وهي كونها تغتابه عند الجيران والمعارف والأقارب فإني أوجه إليها النصيحة وأقول لها إن اغتيابها لولدها من كبائر الذنوب ويزداد كبيرة إذا كانت الغيبة لولدها لأن ولدها من أقاربها بل هو أقرب الناس إليها وفي غيبته قطع للرحم وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (لا يدخل الجنة قاطع) يعني قاطع رحم وقال الله تعالى في كتابه (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ) فنصيحتي لهذه الأم أن تكف عن غيبة ابنها أما بالنسبة للابن فعليه أن يصبر ويحتسب ويقابل ذلك بالعفو والسماح عن أمه حتى لا يأتي اليوم الذي يكون خصيما لها عند الله عز وجل.

يافضيلة الشيخ: يقول بعد إيضاحي للنقاط يقول إنها كثيرة التهديد إن تركتها في البيت لوحدها فستذهب للشرطة والمحاكم وتبلغ عني بحكم أني أنا من أعولها شرعاً؟

فأجاب رحمه الله تعالى: وهذا أيضا نقطة مهمة لأن كونك تجعلها في البيت وحدها ربما يضيق صدرها ويرد على قلبها تخيلات فاسدة وأوهام لا صحة لها فلا تصبر هي على ذلك وربما يكون غيبتها لك عند الأقارب والجيران سببه هذا أنك تضيق صدرها إذا خرجت عنها وتركتها في البيت وحدها وأنت تعرف أن الكبيرة ليست كالشابة فنصيحتي لك أن تتزوج وأن تجعل امرأتك عند أمك حتى تعيش في حياة سعيدة.

يافضيلة الشيخ: يقول بعد إيضاحي للنقاط أقول في هذا السؤال بعد ما رأيت منها منذ أربعة عشر سنة الماضية لا أريد أن أكون مسؤولا عنها مع أنني أنا من أعولها شرعا فهذا الإلزام الشرعي هل بالإمكان أن يعفيني منه الشرع؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا يعفيك الشرع من بر والدتك بل عليك أن تبر والدتك بكل ما تستطيع قال الله تبارك وتعالى (إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً) وتذكر أنه إن طال بك زمان فإنك سوف تكون على مثل ما كانت عليه من سوء التصرف وقصر النظر وربما يعاقبك الله في الدنيا قبل الآخرة فيقيض لك من الأولاد من لا يبر بك.

يافضيلة الشيخ: نقطة أخيرة في هذه الرسالة فضيلة الشيخ محمد يقول هل أكون آثما إذا استأجرت منزلا لوحدي بدلا من بقائي معها؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الذي يظهر لي أنك تكون آثماً بذلك لأنها إذا كانت في حال تأخرك عن المجيء إليها تضجر وتتألم وتتأذى فإنك لو استأجرت بيتا سيكون هذا أشد عليها وأثقل وبذلك تكون جررت على نفسك إثماً وبعدت عن أمك نسأل الله أن يهديك لها وأن يهديها لك وأن يعيننا وإياك على بر والدينا أحياء وأمواتاً.

***

ص: 2

‌هذه السائلة تقول فضيلة الشيخ من المسلم به بأن الحب هو شيء خارج عن إرادة الإنسان وليس بيده فهل يأثم الشخص إذا كان يحب أحد الوالدين دون الآخر وإذا كان أحدهما متوفى فهل هذا يوجب أنه يستحق الدعاء أكثر فوالدي رحمه الله وأسكنه الجنة كان له الفضل بعد الله في نجاحي في حياتي وهو الذي منحني الثقة التي كنت أفتقدها فما هي أعمال الخير التي يجب أنه أعملها تجاهه مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم الأمر كما قالت السائلة أن الإنسان لا يملك الحب أو البغض فهو أمر يضعه الله تعالى في القلب لكن الإنسان يجب عليه ألا يتأثر بهذا الحب إلا بمقدار الحكم الشرعي فمثلا إذا كان الرجل يحب أحد أبنائه أكثر من الآخر وهذا أمر وارد فإنه لا يجوز أن يفضل هذا المحبوب على إخوانه بما لا يلزمه القيام به فمثلا لا يعطيه سيارة ولا يمنحه أرضا ولا يعطيه مالا دون إخوانه لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما منح بشير بن سعد ابنه النعمان عطية فذهب إلى النبي عليه الصلاة والسلام ليشهده على هذا قال له (ألك بنون قال نعم يا رسول الله قال هل نحلتهم مثل هذا يعني أعطيتهم مثل هذا قال لا فقال اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم) ما قال أيهما أحب إليك ومن أحببت فانحله دون الآخرين فالمهم أن الحب بيد الله كما قالت السائلة ولا يمكن للإنسان دفعه ولا زيادته ولا نقصه لكن لا يجوز أن يكون لهذا الحب أثر في مخالفة أمر الله ورسوله أما ثناؤها على أبيها فأبوها غفر الله له وجزاه خيرا على ما صنع إليها من معروف وأحسن شيء تهدي إليه أن تدعو له لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له) فلتكثر من الاستغفار له والدعاء ولتكرم صديقه إذا كان له صديق ولتصل الرحم التي هو الصلة بينها وبينهم.

***

ص: 2

‌هذا السائل أحمد من القاهرة يقول السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فضيلة الشيخ أنا طالبٌ في السنة النهائية بكلية الطب البشري ولكنني لم أحضر الامتحانات لمدة عامين وذلك لأنني في الأصل التحقت بهذه الكلية بناءً على رغبة والديّ فهما يريدان مني أن أصبح طبيباً ولكنني لا أحب هذه المهنة وكنت أجد صعوبة بالغة في الدراسة والحفظ وكنت دائماً مكتئباً وحزيناً وأنا أرى المرضى والموتى ولكنني كنت أجاهد نفسي وأغصبها على الدراسة إرضاءً لوالدي وبراً بهما مستعيناً بالله عز وجل في ذلك إلى أن وصل الأمر إلى نهايته في السنة الخامسة فأصبت بحالة اكتئابٍ شديد ويأسٍ من الحياة ولم أعد أستطيع المواصلة ولم أعد قادراً على المذاكرة والنظر في الكتب والمذكرات ولكنني كنت أخفي على والديّ ذلك ولم أستطع دخول الامتحانات ولكنني لم أستطع كذلك أن أخبرهم بأنني لم أدخل الامتحانات وذلك خوفاً على صحتهما ولكي لا أكون سبباً في حزنهما اضطررت إلى الكذب عليهما وأخبرتهما بأنني دخلت الامتحانات ونجحت فيها وأنا الآن أقضي سنة التدريب السؤال يا فضيلة الشيخ أنا أعيش في حالة حزنٍ واكتئاب وغير راضٍ عن نفسي في هذا الكذب الذي أردت به أن أبر والدي وأدخل السرور عليهما فهل أخبرهم بالحقيقة مع ما يترتب عليه من ضررٍ لهما وحزن وفجيعة وهل من كلمة إلى أولياء الأمور بأن يتفهموا قدرات أبنائهم وأن لا يجبروهم على دراسةٍ بعينها

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أقول بارك الله تعالى في هذا الولد وجعله باراً بوالديه وهو نيته طيبة لكن عمله سيئ أما نيته فإنه كذب على والديه درءاً لما قد يحصل لهما من المرض أو الاكتئاب أو نحو ذلك ولإدخال السرور عليهما وهذا حسن لكن كذبه سيئ بلا شك فعليه أن يتوب إلى الله تعالى من هذه الكذبة ولا يعود ولا حاجة لأن يخبر بوالديه بالواقع ما دام الأمر قد فات فليجعله على ما هو عليه وليحاول بقدر الاستطاعة أن يتم دراسته فلعل الله تعالى يجعل فيها بركة حيث قام بها إرضاءً لوالديه ومن فعل شيئاً لله أعانه الله عليه أما نصيحتي للأولياء فنصيحتي لهم أن يدعوا أبناءهم وبناتهم على ما يحبون أن يتجهوا إليه فالولد ذكراً كان أم أنثى أعلم بنفسه وأعلم بما يستريح له من العلوم إلا إذا اختار الولد ذكراً أو أنثى علوماً ضارة في دينه أو دنياه فحينئذٍ لا بأس أن يعارضوه وأن يشيروا عليه بتركه وأن يضغطوا عليه حتى يتركه لأن في ذلك نهياً عن المنكر ودرءاً للمفسدة.

***

ص: 2

‌تقول هذه السائلة من عسير لنا جدٌ كبير في السن سيئ الخلق فنحن نخاف الله إذا تركناه يجلس لوحده وإذا جلسنا معه يتكلم بكلام بذئ جداً لا يتناسب مع من هو في سنه وإذا أردنا السلام عليه فإنه يفعل ما لا يليق به ودائم الشك فهل نأثم في فعلنا معه وامتناعنا عن التحدث درءاً للمفاسد

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أما الجلوس إليه وإدخال السرور عليه فهذا من الأمور المحمودة ومن بره وأما التحدث معه فإذا كان التحدث معه يفضي إلى أن يتكلم بكلامٍ بذئ محرم فلا تتكلموا معه واكتفوا بالسلام وكيف أنت يا والدنا وما أشبه ذلك وإن شيءتم فاستمروا معه في الكلام ثم إن تكلم بكلام لا يليق انصحوه.

***

ص: 2

‌يقول هذا السائل رجلٌ عنده أولادٌ كبار موظفين وهو كبيرٌ في السن ويسكن في البر هل يصح لأحد الأبناء أن يأخذ والدته عن أبيه ويتركه وحيداً

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا والله لا يحل لا يحل له أن يفرق بين الرجل وزوجه فإن فعل فهو عاق لأمه ولأبيه والواجب أن يدع الأمور على ما هي عليه ما دامت الأم راضية لما هي عليه لكونها مع زوجها في البر فليتعادهما حيناً بعد آخر وينظر ماذا عليهما من القاصر فيتممه لأن الواجب على الرجل أو الأنثى أن يقوم ببر والديه سواء كانا عنده أم في بلدٍ آخر أم في البر.

***

ص: 2

‌أحسن الله إليكم وبارك فيكم فضيلة الشيخ الحقيقة هذه رسالة كتبتها فتاة رمزت لاسمها بـ خ م د من الرياض كتبت بأسلوبها الخاص ولكن سأقرأ منها ما يتيسر تذكر بأنها فتاة تدرس بالجامعة وتشكو من قسوة والدتها عليها ثم تقول لا أعرف كيف أرضيها إذ أنني أقوم بواجباتي نحو ربي من صلاة وصوم وعبادات ونوافل ولكن قرأت بأن الله عز وجل لا يقبل أعمالي طالما أن أحد الوالدين أو كلاهما غير راضٍ عني

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إن هذه الفتاة السائلة إذا كانت محافظة على دينها على الوجه الذي يرضي الله عز وجل وكانت أمها صعبة عليها ولا ترضى عنها فإن ذلك لا يضرها ما دامت مطيعة لله قائمة بأمر الله ولكن عليها أن تداري الأم وإذا غضبت الأم فلتبتسم بوجهها وإذا تكلمت عليها ورفعت صوتها فلتخفض الصوت أعني البنت وبهذه المداراة وسؤال الله تبارك وتعالى أن يلين قلب أمها وأن يجعل فيه الرحمة يكون الخير إن شاء الله.

***

ص: 2

‌صلة الأرحام

ص: 2

‌تقول السائلة لي أختان متزوجتان من ابني عمي وقد حصلت بين أسرتنا وأبناء عمي خلافات أوجبت القطيعة بين أخوتي وأهلي وبينهم إلي درجة أن أخي لا يزور أخواتي اللاتي تزوجن عندهم ولا في أي مناسبة ولا يعلم عن أحوالهن شيئاً وكذلك والدتي قاطعت بناتها مجاملة لأخي حتى لا يغضب منها فهل عليهم في ذلك شيء أم لا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم عليهم في ذلك شيء وذلك أن قطيعة الرحم محرمة وهي من كبائر الذنوب والمراد بالرحم القرابة وكلما قربت القرابة كانت صلتها أوجب وأوكد ولا يجوز لأحد أن يقطع رحمه مجاملة لأحد من الناس بل عليه أن يصل الرحم وأن يقوم بما أوجب الله عليه ثم إن رضي أحد بذلك فقد رضي بما أوجب الله وهو خير له وإن لم يرض فإنه لا عبرة بسخطه والمهم إن صلة الرحم واجبة ولا يجوز أن تترك مراعاة لأحد من الناس أو محاباة لهم.

***

ص: 2

‌المستمعة تقول يتفشى في المجتمع القروي لدينا صفتان ذميمتان هما عدم صلة الرحم والغيبة كيف نستطيع أن نقاوم ذلك وما هي نصيحتكم جزاكم الله خيراً

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أما الأول وهو عدم صلة الرحم فيكم مقاومته بأن يعلم الإنسان أن صلة الرحم من أوجب الواجبات التي تجب للإنسان على الإنسان وفيها من الخير والفضل ما جاءت به النصوص من الثواب العظيم حتى أن الله سبحانه وتعالى تكفل للرحم أن يصل من وصلها ويقطع من قطعها وفي قطيعة الرحم من العقوبة والآثام ما ينزجر به ذوي الألباب فإنه لا يدخل الجنة قاطع أي قاطع رحم قال الله تعالى (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ) فإذا رأى الإنسان في النصوص التي فيها وعد من وصل رحمه بالخير رغب في ذلك وأقدم عليه وإذا رأى النصوص التي فيها الوعيد على من قطع رحمه هجر قطع الرحم وبعد عنه وفي صلة الرحم من المصالح الدنيوية التآزر والتلاحم بين العائلات وشعور كل واحد منهم أنه كالجزء من الآخر وهذا وإن كان عاماً لجميع المؤمنين (فإن المؤمن للمؤمن كالبنيان ومثل المسلمين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد) لكن في القرابات أخص ويسأل كثير من الناس كيف تكون الصلة فنقول الصلة جاءت في القرآن الكريم مطلقة وكذلك في السنة وما جاء مطلقاً في الكتاب والسنة ليس له مدلول شرعي يرجع إليه فالرجوع فيه إلى العرف كما قيل:

وكل ما أتى ولم يحدد بالشرع كالحرز فبالعرف احدد

فالذي ليس له حد شرعي يرجع فيه إلى العرف فصلة الأرحام ليس لها حد شرعي فيرجع في ذلك إلى العرف فما جرى العرف بأنه صلة فهو صلة وما جرى العرف بأنه قطيعه فهو قطيعة وعلى هذا فالصلة تختلف باختلاف الزمان واختلاف الأحوال واختلاف القرب فقد تكون القطيعة في زمن صلةٌ في زمن آخر وقد تكون القطيعة في حال صلةٌ في حال أخرى وقد تكون القطيعة من شخص صلةٌ في حق شخص آخر فإذا كان الناس مثلاً في شدة وضيق وقلة ذات يد فالصلة تكون بالقول الكريم الحسن وببذل ما يستطاع من المال بمواساة الأقارب من إطعام وكسوة وغير ذلك وإذا كان الناس في غنى وكل إنسان لا يحتاج إلى الآخر فالصلة تكون بالقول الكريم الحسن وبالهدايا عند المناسبات وليس بكثرة الإنفاق على القريب وما أشبه ذلك فالمهم أن الصلة جاءت في الكتاب والسنة مطلقة وليس لها حد شرعي يعينها ويبينها فيرجع في ذلك إلى العرف فما سماه الناس صلة فهو صلة وما سماه الناس قطيعة فهو قطعية والصلة في عهدنا الحاضر ولله الحمد متيسرة فإنه من الممكن أن ترفع سماعة الهاتف وتكلم قريبك سواء كان قريباً منك في المكان أم بعيداً وتسأله عن حاله وحال أولاده وهل يحتاج شيئاً وما أشبه ذلك وتحقيقاً لما أشرت إليه من أن الصلة تختلف باختلاف الأحوال لو كان قريبك مريضاً أو عنده مريض لكانت الحاجة تتطلب أن تتصل به كل يوم وربما تتطلب أن تتصل به في الصباح والمساء وإذا كان الأمر عادياً طبيعياً فإنه قد يكفي أن تتصل به كل أسبوع مثلاً أو كل نصف شهر على حسب الحال من قربه منك وبعده منك لأن صلة القريب أيضاً أوكد وأكثر من صلة من هو أبعد منك.

وأما بالنسبة للشق الثاني من السؤال وهو الغيبة فإن الغيبة مع الأسف كثيرة في المجتمع الإسلامي وهو أن يذكر الإنسان أخاه بما يكره فذكر الإنسان أخاه بما يكره هذه الغيبة هكذا حددها أعلم الخلق وأنصح الخلق محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد سئل عن الغيبة ما هي فقال (ذكرك أخاك بما يكره) سواء أكان الذي يكرهه وصفاً خلقياً كسرعة الغضب والحمق والكبرياء وما أشبه ذلك أو صفة خلقية كالطول والقصر والسواد والبياض وما أشبه ذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام في الغيبة ذكرك أخاك بما يكره قالوا يا رسول الله أرأيت إن كان في أخي ما أقول قال (إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه فقد بهته) أي كذبت عليه فكنت جامعاً بين البهتان والغيبة وليعلم أن الغيبة من كبائر الذنوب وليست من الصغائر بل هي من الكبائر كما نص على ذلك الإمام أحمد رحمه الله وقد ضرب الله مثلاً للغيبة بأبشع صورة فقال الله تعالى (وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ) فأنت لو قدم لك لحم ميتة غير إنسان فإنك لا يمكنك أن تأكلها لخبثها ونتنها وضررها فكيف إذا قدمت لك جيفة إنسان فكيف إذا قدمت جيفة أخ لك (أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ) أن هذه الصورة من أبشع الصور التي تنفر منها كل نفس سليمة وهنا شبهها بأكل لحم الميت لأن الإنسان الذي اغتبته ليس حاضراً يدافع عن نفسه فهو كالميت الذي يؤكل ولا يستطيع أن يدافع عن نفسه وتأمل قوله تعالى (لَحْمَ أَخِيهِ) فإن الأخوة تقتضي أن يدافع الإنسان عن أخيه لا أن يجلس على جيفته لا كما يجلس على ألذ لحم وأطيبه.

والحال التي عليها الناس اليوم مع الأسف هي أنهم يتفكهون في أكل لحوم الناس حتى كأن الواحد منهم يأكل أطيب ما يكون من اللحم وإن الواجب على المسلم أن يكون درعاً حصيناً لعرض أخيه المسلم يدافع عنه ويذب عنه لقول النبي عليه الصلاة والسلام (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) فإذا كنت أنت لا تحب أن أحداً يغتابك فكيف ترضى أن تغتاب أخاك المسلم وليعلم كل من جنى على إخوانه في أعراضهم أو أموالهم أو دمائهم ليعلم أن هذا سوف يكون يوم القيامة على حساب حسناته لأنه يقتص لهؤلاء المظلومين من الظالم بالأخذ من حسناته فإن لم يبق شيء من حسناته أخذ من سيئاتهم فطرحت عليه ثم طرح في النار.

***

ص: 2

‌ماذا على من يتسبب في قطيعة الرحم من إثم مثل أن يمنع الزوج زوجته من مواصلة أهلها وأقاربها أو يمنع والد ابنه أو ابنته من مواصلة أقربائه أو أقربائها لأمها أو لأمه كأجداده وأخواله

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الذي يأمر بقطيعة الرحم مضاد لله ورسوله فإن الله تعالى أمر بصلة الأرحام وأخبر وحث النبي عليه الصلاة والسلام على صلة الرحم وأخبر الله تعالى في القرآن أن قطيعة الرحم من أسباب اللعنة كما قال تعالى (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمْ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ) فالآمر بقطيعة الرحم مضاد لله ورسوله عليه أن يتوب من ذلك وأن يرجع إلى الله عز وجل وأن يأمر بما أمر الله به أن يوصل وأما بالنسبة للمأمور بقطيعة الرحم فإنه لا يحل له أن يمتثل أمْرَ من أَمَرَهُ بذلك لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق فلو أمر الرجل زوجته أن تقطع صلة رحمها أو أن تقطع رحمها فلا يلزمها أن توافقه على ذلك اللهم إلا إذا كان هذا يضره في عيشها معه مثل أن يكون اتصالها بأرحامها أو بأقاربها يكون سبباً في إلقاء العداوة بينها وبين زوجها أو إلقاء الوحشة بينها وبين زوجها أو يكون ذهابها إليهم يستوجب أن تقع في أمر محرم مما يكون في بعض البيوت فإن له الحق في منعها من ذلك لكن لا بقصد قطيعة الرحم بل بقصد توقي ما يحصل من المفاسد بذهابها إليهم وبهذه النية يكون غير آمر بقطيعة الرحم التي أمر الله بها أن توصل وكذلك نقول بالنسبة للأولاد الذين يمنعهم أبوهم من الذهاب إلى أقاربهم من أخوال وأعمام إذا كان الغرض بذلك ألا يصلوا هؤلاء فلا شك أن هذا محرم وأنه مضاد لله ورسوله وأما إذا كان قصده توقي ما عسى أن يكون من مخالطة هؤلاء فإنه لا حرج عليه في ذلك لأنه إنما قصد بذلك الإصلاح.

***

ص: 2

‌هذا السائل يقول قاطعت أخي عن الكلام لمدة سنوات وذلك تجنبا للمشاكل وهو أكبر مني سنا فما الحكم وهل عملي هذا صحيح

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا يحل للإنسان أن يقطع قريبه لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (لا يدخل الجنة قاطع) يعني قاطع رحم والواجب على المؤمن أن يصل رحمه ولو قطعوه لقول النبي صلى الله عليه وسلم (ليس الواصل بالمكافئ وإنما الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها) ولا يحل له أن يقابل قطيعة رحمه إياه بقطيعته هو بل يصله ويصله واليد العليا خير من اليد السفلي وإذا وصله في هذه الحال نصره الله عليه.

***

ص: 2

‌تقول السائلة إن لي أرحام أصلهم ويقطعونني وبعد ذلك انقطعت عن مواصلتهم إلا عن طريق الهاتف فقط فهل علي ذنبٌ إذا استمررت في المقاطعة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم عليها ذنب الواجب صلة الرحم سواءٌ وصلوا أم لم يصلوا ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم (ليس الواصل بالمكافئ) وهو الذي لا يصل رحمه إلا إذا وصله قال عليه الصلاة والسلام (إنما الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها) فالواجب صلة الرحم سواء وصلوا أم لم يصلوا.

***

ص: 2

‌أحسن الله إليكم وبارك فيكم السائل أبو أحمد يقول هل علي ذنبٌ في قطيعة رحمي لكونهم بعيدون عني ولظروف عملي فيصعب علي زيارتهم إلا في السنة مرة ولمدة خمسة عشرة يوماً وأنا في حيرة من أمري

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: صلة الرحم من الواجبات ولكن الله عز وجل لم يبين كيف ذلك لا في القرآن ولا في السنة فما جرى عند الناس أنه صلة فهو صلة وهذا يختلف باختلاف القرابة وباختلاف حاجة القريب وباختلاف الزمان وباختلاف المكان والمرجع في ذلك إلى العرف ومعلومٌ أن من كان بينه وبين رحمه والمراد بالرحم الأقارب مسافة بعيدة أنه لن يتمكن من أن يزورهم كل أسبوع بل ربما ولا كل شهر لكن في وقتنا الحاضر والحمد لله وسائل الصلة كثيرة يرفع السماعة ويتصل بهم لو شاء كل يوم فالمهم أن الصلة ليست محددةً شرعاً بل هي راجعة إلى العرف.

***

ص: 2

‌السائل س. م. يقول أعمامي يؤذونني بالكلام عند الناس ماذا أفعل معهم هل أقطع صلتهم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا تقطع صلتهم بل صلهم وكلما كانت الصلة مع قطيعة الجانب الآخر فإنها أفضل فقم بالواجب من صلتهم وكِلْ أمر قطيعتهم إلى الله عز وجل وأنت مأجورٌ إذا آذوك وتكلموا بك عند الناس لا تزداد بهذا إلا أجراً وثواباً وسوف تأخذ يوم القيامة من حسناتهم إذا لم تحللهم لأن النبي صلى الله عليه وسلم سأل ذات يومٍ أصحابه قال (ما تعدون المفلس فيكم) قالوا من ليس عنده درهمٌ ولا دينار قال (المفلس من يأتي يوم القيامة بحسناتٍ أمثال الجبال فيأتي وقد ضرب هذا وشتم هذا وأخذ مال هذا فيأخذ هذا من حسناته وهذا من حسناته وهذا من حسناته فإن بقي من حسناته شيء وإلا أخذ من سيئاتهم فطرح عليه ثم طرح في النار) فليحذر المؤمن من ظلم إخوانه لا بالقول ولا بالفعل فإنه سوف يُنْتَصَرُ لهم إما في الدنيا وإما في الآخرة.

***

ص: 2

‌ما رأي فضيلتكم في المرأة التي تعامل أم الزوج بالقسوة وتحاول اختلاق المشاكل لكي تبعد الزوج عن أمه

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: رأينا أن هذا عملٌ محرم وأنه من النميمة والعياذ بالله وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (لا يدخل الجنة قتات) يعني نمام ومر ذات يومٍ بقبرين يعذبان فقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم (إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير أما أحدهما فكان لا يستبرئ من البول وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة) وهذا دليل أن من أسباب عذاب القبر النميمة والعياذ بالله فعلى هذه المرأة أن تتقي الله عز وجل وأن لا تفرق بين الزوج وأمه أو بين الزوج وأبيه وأن لا تختلق الكلام المحرم من أجل التفريق بينهم وإذا وقع إشكال بينها وبين أم الزوج أو بينها وبين أبيه فالحمد لله حل المشاكل يكون بدون الفراق.

***

ص: 2

‌فضيلة الشيخ أنا وإخوتي نعيش في عزلة فوالدي لا يريد أن نذهب إلى أخوالي وخالاتي إلا في المناسبات العامة مثل الأعياد فقط وأما أخوال أمي فلا أعرفهم ولا أعرف البنات ولا الزوجات وهم لا يحضرون إلينا فهل الإثم يلحقنا أم أن الذنب على والدي سامحه الله وماذا نفعل من أجل صلة الرحم مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إن الله سبحانه وتعالى أوجب على العبد أن يصل رحمه أي قرابتهم ووعد من وصل رحمه أن يصله الله عز وجل فإن الله تبارك وتعالى تكفل للرحم أن يصل من وصلها ويقطع من قطعها وقد أثنى الله عز وجل على الذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل أما قطيعة الرحم فإنها من كبائر الذنوب قال الله تبارك وتعالى (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ) وقال النبي صلى الله عليه وسلم (لا يدخل الجنة قاطع) يعني قاطع رحم ولا يحل لأحد أن يحول بين الرجل وبين صلة رحمه لأن ذلك من باب محادة الله تعالى ورسوله حيث يمنع صلة من أمر الله بصلتهم وعلى الأب أن يتقي الله عز وجل وأن لا يمنع أحداً من أهله أن يصلوا أرحامهم وإذا كان يخشى من ضرر وفساد فعليه أن يدرأ هذا الفساد والضرر بالذهاب معهم إلى أقاربهم ثم يرجع بهم قبل أن يحدث ما يحدث مما يخشاه فمثلاً إذا كان يخشى إذا ذهبت ابنته إلى أخوالها أن تشاركهم في الإثم إن كانوا وقعوا في إثم فليذهب معها بعد المغرب مثلاً أو في الضحى أو في أي وقت كان ويجلس معهم ما شاء الله أن يجلس ثم يرجع بابنته أما أن يمنعها من صلتهم فإن ذلك حرام عليه وفي هذه الحال لا حرج على البنت أن تصل رحمها ولو كان أبوها قد منعها لكن اتقاءً للشر والفتنة وتأزم الأمور تصل الرحم دون أن يشعر بذلك والدها حتى يحصل المقصود بلا ضرر.

***

ص: 2

‌السائل م م من الرياض يقول: حصل خلاف بيني وبين أقرباء لي وكنت أنا المخطيء فقاطعوني لمدة سنتين وبعدها حصلت مسامحة إلا أنني لاحظت بأنهم لا يقومون بزيارتي في بيتي ولا زال في نفوسهم بعض الشيء فبماذا تنصحونني علما بأنني نادم على ما حصل مني

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الذي ننصحك أن تحاول إزالة ما في قلوبهم من الشره عليك وذلك بكثرة زياراتهم أو دعواتهم من البيت وإكرامهم في البيت أو الهدايا التي تذهب بها السخيمة أو غير ذلك من أسباب المودة وإزالة الجفوة وهذا أمر يسير على من يسره الله عليه ولكن لا تنبش ما مضى ولا تبحث فيه واجعل نفسك من أبناء اليوم لأن البحث فيما مضى يؤدي إلى النزاع وإعادة التشويش كما هو مجرب ومشاهد لكن إذا نسي ما مضى وابتدأ الإنسان حياته من جديد بالنسبة لمعاملة هؤلاء فإنه يزول بالكلية إن شاء الله تعالى.

***

ص: 2

‌السائل أحمد س من الدمام يقول لدي خال وخالة يحصل بينهم مشاكل مع والدتي التي تحب الخير لهما وهما كثيراً ما يتكلمون على والدتي ويسبونها ولأن والدتي لا تحب قطيعة الرحم فهي ترغب في صلتهم إلا أنهم لا يريدون مقابلتها والتحدث معها علماً بأن خالي قاطع لوالدي أكثر من سبع سنوات فماذا تعمل والدتي جزاكم الله خيرا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الواجب على والدتك أن تصل هؤلاء الأقارب القاطعين لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال (ليس الواصل بالمكافئ) يعني ليس الواصل الذي يصل من وصله وإنما الواصل الذي إذا انقطعت رحمه وصلها فهي إذا واصلتهم وهم يقاطعونها فلها الأجر على صلتها ولها الأجر على الصبر على مقاطعتهم ولها الأجر على الصبر على ما يتفوهون به عليها من السب وغيره فلتمضِ في صلتها ولتحتسب الأجر من الله تعالى على ما يحصل من هؤلاء الأقارب من أذية

***

ص: 2

‌يقول السائل أخو زوجتي يسكن في نفس المدينة التي أسكن فيها ولكن زوجتي امتنعت أن تزورهم وذلك بسبب المعاملة من زوجة أخيها لها وعدم الاستقبال المناسب أما أنا فأقوم بزيارتهم بين فترةٍ وأخرى وهو كذلك يزورنا بدون زوجته فهل على زوجتي إثمٌ في ذلك

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الواجب على الإنسان أن يصل رحمه حسبما يقتضيه العرف لأن صلة الرحم من أفضل الأعمال المقربة إلى الله وقد تعهد الله سبحانه وتعالى للرحم أن يصل من وصلها ويقطع من قطعها فعلى زوجتك أن تصل أخاها حسبما يقتضيه العرف والعادة وأن تصبر على ما يحصل من أذى زوجته لأن في الصبر على ذلك صبراً على طاعة الله وصبراً على أقدار الله المؤلمة ثم إن وجدت منها ما لا يحتمل فلتعتذر من أخيها عن الحضور إلى البيت وأخوها بلا شك سوف يحل المشكلة إما بالمصالحة بينها وبين زوجته وإما بعذرها عن الحضور إلى بيته وما دام هو جزاه الله خيراً يأتي إلى بيت أخته ويصلها ويزورها فإنه يحصل بذلك أكثر المقصود.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم السؤال الثالث من مستمعة للبرنامج لم تذكر الاسم تقول امرأة زارت قريبه لها فأفهمتها بأنها أصابت أحد أولادها بالعين كما نسميها النحاتة فبدأت تقلل من زيارتها لقريبتها ليس قطعا للرحم لكن حتى لا تتورط مرة أخرى بالتهمة التي هي منها بريئة فهل تأثم مع العلم أنها تحادثها بالهاتف

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: يقول الله عز وجل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ) وكم من إنسان يظن ظناً ويتبين الأمر بخلافه ولا يجوز لها أن تظن أن هذه المرأة أصابت ابنها بعين بدون قرينة نعم لو كان هناك قرينة بأن سمعت منها كلاما أو كانت مشهورة بعينها فحينئذ لا حرج من التحرز منها وإما مجرد الظن فإن بعض الظن إثم فنصيحتي لهذه المرأة أن تعتمد على الله عز وجل وأن تتوكل عليه وأن لا تتبع أوهامها فإن من اتبع الأوهام هام نسأل الله لها ولنا السلامة

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم هذه المستمعة من مدرسة تحفيظ القرآن بالمدينة المنورة تقول فضيلة الشيخ هل صلة الأقارب من الرضاع يكون أجرها كأجر صلة الأقارب من غير الرضاع

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الرضاع ليس يوجب القرابة بين الناس فلا يثبت بالرضاع من أحكام القرابة إلا ما يتعلق بالنكاح فقط فالرضاع تثبت به المحرمية وحل النظر وتحريم النكاح ولكن لا يثبت به الإرث ولا وجوب النفقة ولا تحمل الديات ولا الصلة التي تجب للأقارب للنسب وأكثر أحكام النسب منتفية عن الرضاعة وعلى هذا فلا يجب على الابن من الرضاع أن يصل أمه من الرضاع كما يصل أمه من النسب ولكن الرضاع في الحقيقة يوجب التقارب بعض الشيء وأما أن يكون كالنسب فلا.

***

ص: 2

‌تقول السائلة لي أخت أكبر مني ولها أخ من الرضاعة ولم تره منذ أكثر من عشرين سنة وهي الآن متزوجة هل يجب على زوجها أن يذهب بها إليه لتصله وتسأل عن أحواله وهو يعيش في مدينة أخرى غير المدينة التي نعيش بها وهل يجب على أبي أن يفعل شيئاً إذا رفض الزوج أن تذهب إليه

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أبداً لا يجب على الزوج أن يذهب بها إلى أخيها من الرضاعة ولا يجب عليها هي أيضاً أن تذهب ولا يجوز لأبيها أن يحرك ساكناً بينها وبين زوجها من أجل هذا الأخ من الرضاعة

***

ص: 2

‌السائلة تقول أرجو من فضيلة الشيخ أن يوضح للناس حقوق الأقارب من الرضاعة وهل لهم نفس حقوق الأقارب من النسب

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: تعبير هذه السائلة بقولها الأقارب من الرضاعة خطأ لأن الرضاعة ليست قرابة القرابة إنما هي في النسب أي ما كان سبب الاتصال فيه الولادة كالآباء والأمهات والأبناء والبنات والأخوة والأخوات والأعمام والعمات والأخوال والخالات وأما الرضاع فهو نوع صلة لا شك لكن لا يعد قرابة وليس فيه من الحقوق ما في القرابات ولهذا لا تجب فيه النفقة ولا تحمل الدية ولا الصلة ولا غير ذلك لكن فيه تحريم النكاح فقط لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب) أو قال (الرضاعة تحرم ما تحرمه الولادة) لكن ينبغي للإنسان أن يصل الأم التي أرضعته وخالته من الرضاعة وبنت أخته وابن أخته من الرضاعة وما أشبه ذلك لأن لهم شيئاً من الحق لكنه ليس حق النسب.

***

ص: 2

‌ماذا على من يتسبب في قطيعة الرحم من إثم بأن يمنع زوجته من مواصلة أهلها وأقاربها أو يمنع الوالد ابنه أو ابنته من مواصلة أقربائه أو أقربائها لأمها أو لأمه كأجداده وأخواله

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الذي يأمر بقطيعة الرحم مضاد لله ورسوله فإن الله تعالى أمر بصلة الأرحام وأخبر وحث النبي عليه الصلاة والسلام على صلة الرحم وأخبر الله تعالى في القرآن أن قطيعة الرحم من أسباب اللعنة كما قال تعالى (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمْ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ) فالآمر بقطيعة الرحم مضاد لله ورسوله عليه أن يتوب من ذلك وأن يرجع إلى الله عز وجل وأن يأمر بما أمر الله به أن يوصل وأما بالنسبة للمأمور بقطيعة الرحم فإنه لا يحل له أن يمتثل أمر من أمره بذلك لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق فلو أمر الرجل زوجته أن تقطع رحمها فلا يلزمها أن توافقه على ذلك اللهم إلا إذا كان هذا يضره في عيشها معه مثل أن يكون اتصالها بأرحامها أو بأقاربها يكون سبباً في إلقاء العداوة بينها وبين زوجها أو إلقاء الوحشة بينها وبين زوجها أو يكون ذهابها إليهم يستوجب أن تقع في أمر محرم مما يكون في بعض البيوت فإن له الحق في منعها من ذلك لكن لا بقصد قطيعة الرحم بل بقصد توقي ما يحصل من المفاسد بذهابها إليهم وبهذه النية يكون غير آمر بقطيعة الرحم التي أمر الله بها أن توصل وكذلك نقول بالنسبة للأولاد الذين يمنعهم أبوهم من الذهاب إلى أقاربهم من أخوال وأعمام إذا كان الغرض بذلك ألا يصلوا هؤلاء فلا شك أن هذا محرم وأنه مضاد لله ورسوله وأما إذا كان قصده توقي ما عسى أن يكون من مخالطة هؤلاء فإنه لا حرج عليه في ذلك لأنه إنما قصد بذلك الإصلاح.

***

ص: 2

‌يقول هذا السائل أهل زوجتي يكدرون علي وعلى زوجتي فما حكم هجرهم وترك زيارتهم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لك أن تهجرهم وأن لا تزورهم إذا كان في زيارتهم مفسدة عليك أو إفسادٌ لزوجتك فلك أن تمتنع من زيارتهم ولك أن تمنع زوجتك من زيارتهم أيضاً وإني لأنصح بعض الناس الذين يفسدون بين المرء وزوجه وأقول إن فعلهم هذا كفعل السحرة والعياذ بالله فالواجب الكف عما يكون بين الزوجين

***

ص: 2

‌من السودان رمز لاسمه بـ أ. هـ. ع. يقول في سؤاله الأول لقد أمر الله سبحانه وتعالى بصلة الرحم في مواضع كثيرة من القرآن الكريم ولكن كيف تتفق هذه الآيات مع قوله تعالى (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ) الآية وبما أن الكفر والشرك محادة لله ولرسوله فكذلك قاطع الصلاة مثلاً أو الذين لهم اعتقادات فاسدة كالتوسل بالأولياء وغير ذلك وكممارستهم للباطل في أفراحهم ومآتمهم فكيف نعاملهم أفيدونا جزاكم الله خير

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا معارضة بين أمر الله تعالى بصلة الرحم وبين قوله تعالى (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) وذلك لأن الصلة لا يلزم منها الموادة فالموادة معناها تبادل المودة والمودة هي خالص المحبة وعلى هذا فإنه من الممكن أن تصل هؤلاء الأقارب وأنت لا تحبهم بل تكرههم على ما هم عليه من الباطل من الشرك فما دونه ولهذا قال الله عز وجل في (وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ)(وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيّ) فأمر الله سبحانه وتعالى أن نصاحب الوالدين في الدنيا معروفاً وإن كانا كافرين مشركين بل وإن كان قد بذلا جهدهما في أن يكون ولدهما من ذكر أو أنثى مشركاً بالله عز وجل ومن الممكن عقلاًً وشرعاً أن تصل شخصاً وقلبك يكرهه تصله بما بينك وبينه من القرابة أو من الجوار إذا كان جاراً لك ولكنك تكرهه بقلبك على ما عنده من محادة الله ورسوله.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم وعظّم الله مثوبتكم ما حكم الشرع في نظركم في ترك أهلي ومقاطعتهم بسبب معاصيهم وتركهم للصلاة وللواجبات

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا شك أن الأهل والأقارب لهم حق على الإنسان حتى وإن كانوا كافرين لقول الله تعالى (وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنْ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14) وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً) ولكن هؤلاء الأهل الذين لا يصلون يعتبرون مرتدين عن الإسلام لأن من لا يصلى كافر كما دل على ذلك كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأقوال الصحابة رضي الله عنهم بل حكاه بعض العلماء إجماعاً فإذا كانوا تاركين للصلاة فهم مرتدون عن دين الإسلام ولا يجوز للإنسان أن يخالطهم اللهم إلا على سبيل النصيحة أن يذهب إليهم وينصحهم ويبين لهم ما في هذه الردة من الخزي والعار في الدنيا والآخرة لعلهم يرجعون فإن أصروا على ذلك فلا حق لهم ويجب هجرهم ومقاطعتهم ولكن أسأل الله عز وجل أن يرد هؤلاء وغيرهم ممن ابتلوا بهذه البلية العظيمة إلى الإسلام حتى يقوموا بما أوجب الله عليهم من الصلوات وغيرها.

***

ص: 2

‌السائلة تقول هل صلة الرحم تشمل أبناء الخالات الرجال أم النساء فقط لأنني منقبة لا أجالس الرجال إلا محارمي ماذا أفعل تجاه من مات وكنت لا أصله هل تكفي التوبة والاستغفار والتصدق عنه وأداء العمرة له وجزاكم الله خيرا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الرحم التي تجب صلتها هي القرابة من قبل الأم أو من قبل الأب فالأعمام والأخوال كلهم يجب على الإنسان أن يصلهم ولكن إذا كانت الأنثى ليست محرما لهم فلا يحل لها أن تذهب وتسلم عليهم بالمصافحة وكشف الوجه لأن ذلك حرام عليها مع غير محارمها لكن تسأل أهل البيت من النساء كيف أنتم كيف الرجال كيف النساء كيف الأولاد وما أشبه ذلك وأما من ماتوا وهي لم تصلهم فإنها تتوب إلى الله عز وجل من القطيعة التي حصلت منها وتستغفر لهؤلاء الذين ماتوا فإن هذا من صلتهم بلا شك.

***

ص: 2

‌هل أهل الزوجة من الرحم الواجب على الزوج أن يصلهم ويقوم بزيارتهم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: ليسوا من الرحم الذين تجب صلتهم صلة الأرحام لكنهم من الأصهار الذين جعلهم الله تعالى قسيماً للرحم فقال تعالى (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً) فجعل الله الصلة بين الناس إما بالنسب وهي القرابة وإما بالمصاهرة ولا شك أن الأصهار لهم حق ليس لأحد سواهم ممن ليس بصهر والأصهار هم أقارب الزوج وأقارب الزوجة والناس يسمون الأصهار أرحاماً وهذه تسمية لا أصل لها لا لغة ولا شرعاً ولهذا يظن بعض الناس أن النصوص الواردة في صلة الرحم تعني صلة الأصهار بناءً على هذه الكلمة المتداولة بينهم وهو أن الصهر هو الرحم ولهذا يقولون فلان رحيم فلان، فلان راحم الناس الفلانيين وهذا خطأ بل الصواب أن يقال فلان صهر فلان، فلان صاهر الناس الفلانيين.

***

ص: 2

‌يقول السائل من هم الأرحام الذين يجب علي أن أقوم بصلتهم ويحرم علي أن أقطعهم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الأرحام الذين تجب صلتهم هم الأقارب من جهة الأب أو من جهة الأم وهم الذين يجتمع الإنسان فيهم في الجد الرابع وكل من كان أقرب كانت صلته أوجب فصلة الأخ أوجب من صلة العم إلا أن يكون هناك سببٌ يقتضي أن يوصل العم بأكثر من صلة الأخ كما لو كان العم أشد فقراً مثلاً أو كان مريضاً يحتاج إلى التردد عليه لعيادته أو نحو ذلك والذي ينبغي لواصل الرحم أن ينتبه لأمرٍ مهم وهو أن يقصد بصلة رحمه التقرب إلى الله تعالى بثوابه الذي جعله عز وجل لمن وصل الرحم فإن الله تعالى تكفل لمن وصل رحمه أن يصله الله وحذر من قطعها بأن من قطع رحمه قطعه الله.

فإن قال قائل إذا كان الأرحام هم الذين قطعوني فالجواب أن تصلهم وإن قطعوك لأن حقيقة الواصل هو الذي يصل رحمه إذا قطعوها كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال (ليس الواصل بالمكافئ وإنما الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها) وصدق رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وعلى هذا فصل رحمك وإن قطعوك حتى وإن وجدت منهم تكرهاً لمجيئك فلا تهتم بهذا زرهم ولا تثقل عليهم حتى تكون من الواصلىن ويكونوا هم من القاطعين.

***

ص: 2

‌ظافر سلمان الشهري يقول أرجو الإجابة على سؤالي وهو أنني رجل لي أخت من الرضاعة ولها أب وأم موجودين على قيد الحياة ويوجد بيني وبين أهلها كراهية لأسباب بسيطة فهل يجب علي أن أعامل أختي من الرضاعة مثل معاملتي لإخواني من أمي وأبي

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لاشك أن الرضاعة صلة بين المرتضع وبين من أرضعته ومحارمها ولكن هذه الصلة ليست كصلة القرابة بالنسب فصلتها أي صلة جهة الرضاع ليست كصلة جهة القرابة ولكن لاشك أن من المعروف والحسن أن يقوم الإنسان لمن له حق عليه وصلة بما يجب له من صلة هذا الذي له الحق بحسب حقه فإن ذلك من العدل الذي أمر به في قوله (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى) ولكنها ليست كصلة أختك من النسب أي من القرابة أو أمك أو أبيك أو ما أشبه ذلك.

***

ص: 2

‌لي أب من الرضاعة ولكنني لا أقابله فهل علي إثم في ذلك وجزاكم الله خيرا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا أدري ماذا تريد بكلمة لا أقابله هل المعنى أنها لا تكشف وجهها له أو المعنى أنها لا تزوره مثلا فإن كان الأول فإننا نخبرها بأنه يجوز لها أن تكشف وجهها لأبيها من الرضاعة لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب) .

وإن كان الثاني فإنه لا إثم عليها لأن الأب من الرضاع ليس من ذوي الرحم الذين تجب صلتهم لكن ينبغي ألا ينسى الإنسان من لهم عليه رضاعة بالبر والإحسان والصدقة وغير ذلك وأما أن يكون لهم حق كحق القرابة فلا.

***

ص: 2

‌المستمعة من المدينة المنورة تذكر في هذا السؤال الطويل وتقول فضيلة الشيخ إن لي أقارب في مكة المكرمة يجبرونني على مقابلة أخو زوجي فأنا كنت عندما أذهب إليهم في السنوات الماضية أتحجب ولكن لا أغطي وجهي مع أنني أعلم بأن ذلك لا يجوز ولكن خوفاً من قطيعة الرحم لإنني أعلم بأنني لو رفضت مقابلة أخو الزوج لأدى ذلك إلى نزاع وبالتالي فيه قطيعة للرحم مع العلم بأن أقاربي هؤلاء لا يستمعون إلى النصيحة وقد نويت الذهاب إلى مكة المكرمة لأداء العمرة في هذه السنة ولكن قيل لي عند الذهاب إلى مكة لا بد من زيارة هؤلاء الأقارب حتى لا يقطع الرحم فرفضت الذهاب إلى العمرة ابتغاء لوجه الله عز وجل حتى لا أقابل أخو زوجي هل رفضي صحيح أم لا؟ وبماذا تنصحونني بارك الله فيكم في عمرتي الثانية

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: قال الله تبارك وتعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) فجعل طاعة أولياء الأمور تابعة لطاعة الله ورسوله فإذا تعارضت طاعة الله ورسوله مع طاعة ولي الأمر فالمقدم طاعة الله ورسوله ولهذا لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ولا يحل لك كشف الوجه أمام أخي زوجك وأنت تعلمين أنه حرام فالواجب عليك ستره حتى لو أدى إلى قطيعة بينك وبين أقاربك لأنهم هم الذين قطعوا وهم ليس لهم طاعة في معصية الله عز وجل فعليك أن تؤدي ما أوجب الله عليك واعلمي أنك منصورة عليهم إذا قاطعوك من أجل إقامتك لحدود الله عز وجل والواجب عليهم أن يقولوا في أحكام الله سمعنا وأطعنا وألا يغلبوا العادات على شريعة الله لأن الشريعة هي الحاكمة وليست محكوماً عليها والعادات محكوم عليها وليست حاكمة وليعلم أن من أخطر الأشياء على المرأة أقارب الزوج بل قد يكونون أخطر عليها من الأجانب لقول النبي عليه الصلاة والسلام حين نهى عن الدخول على النساء وحذر منه فقال (إياكم والدخول على النساء قالوا يا رسول الله أرأيت الحمو قال الحمو الموت) يعني أنه هو الشر الذي يجب الفرار منه أي من الخلوة به وذلك لأن الحمو وهو قريب الزوج يدخل على بيت قريبه دون أن ينكر عليه أحد لكونه قريباً فيدخل وهو يعتقد أن البيت بيته ولا يبالي فيجري الشيطان منه مجرى الدم ويوسوس له في الفتنة حتى تحصل الفتنة وكم من قتيل للشيطان في هذه المسألة لهذا يجب الحذر غاية الحذر من التعرض للفتنة في أقارب الزوج وخلاصة الجواب أنه يجب على هذه المرأة السائلة أن تحجب وجهها عن أخي زوجها ولو أدى ذلك إلى غضبهم وإلى هجرهم لكن هي عليها أن تقوم بالواجب من صلة الرحم وإذا قصروا فالإثم عليهم.

***

ص: 2

‌سؤال في رسالة المستمعة أم أسامة من دولة الكويت تقول حينما أذهب إلى خالاتي لزياراتهن ليس عندهن إلا الكلام عن فلانة وعلانة وأنا شخصيتي ضعيفة لا أقول لهم هذا حرام اسكتن وأشعر بأنني آثمة حين أستمع إلى غيبتهن وكلامهن في الآخرين فانقطعت عن الذهاب إليهن ماذا أفعل يا فضيلة الشيخ أرشدونا مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الواجب عليك أن تصلى رحمك وأن تذهبي إليهم على الوجه المعروف ومن صلتك لهم أن تنصحيهم إذا وقعوا في الغيبة فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال (الدين النصيحة الدين النصيحة الدين النصيحة قلنا لمن يا رسول الله قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم) ولا يحل لك أن تتركي صلتهم فإن ترك صلتهم في هذه الحال تتضمن محظورين:

المحظور الأول قطيعة الرحم ولا يخفى ما فيه من العقوبة فإن الله سبحانه وتعالى تكفل للرحم أن يصل من وصلها ويقطع من قطعها قال الله تعالى (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمْ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ) .

المحظور الثاني أنك لا تسعين للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والواجب على المرء أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر بقدر ما يستطيع قال النبي صلى الله عليه وسلم (لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يد السفيه ولتأطرنه على الحق أطراً) وهذا يدل على أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أمرٌ واجب مؤكد الوجوب فعليكِ أن تصلى رحمك وعليك أن تنصحيهم بترك هذا المحظور الذي هو الغيبة فإن الغيبة من كبائر الذنوب وقد قال الله تعالى مقبحاً لها ومكرهاً لها (وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ) ثم إن الغيبة ظلم لأخيك المسلم والظلم ظلمات يوم القيامة وهذا المظلوم يأخذ يوم القيامة من حسنات الظالم كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (من تعدون المفلس فيكم قالوا من لا درهم عنده ولا متاع أو ولا دينار فقال بل المفلس من يأتي يوم القيامة بحسناتٍ كأمثال الجبال فيأتي وقد شتم هذا وضرب هذا وأخذ مال هذا فيأخذ هذا من حسناته وهذا من حسناته وهذا من حسناته فإن بقي من حسناته شيء وإلا أخذ من سيئاته فطرح عليه ثم طرح في النار) وإذا وقعت الغيبة من شخص لأخيه فالواجب عليه الكف والإعراض عن هذا ثم إن كان أخوه قد علم بأنه اغتابه فليذهب ويتحلل منه في الدنيا قبل أن يموت وإن كان أخوه لم يعلم بأنه اغتابه فليثن عليه بما يستحقه من الثناء في المجالس التي اغتابه فيها وليدعو الله له.

***

ص: 2

‌السائلة تقول هل زيارة الخال القاطع للرحم وغير البار بوالديه لأن والديه ماتوا متبرئين منه بالرغم من أن هذا الخال ميسور الحال ماديا ولكن لم يزر والديه ولم يحضر جنازتهم فهل زيارته حلال أم حرام مع العلم بأنه لا يصلى ولم يؤد فريضة الحج وهو الآن مريض ولا يستطع الذهاب والإياب

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا كان لا يصلى فهذه من الطوام الكبرى لأن ترك الصلاة ردة عن الإسلام وكفر بالله كفر أكبر مخرج عن الملة كما دلت على ذلك نصوص الكتاب والسنة قال الله تبارك وتعالى في المشركين (فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ)(التوبة: 11) فاشترط الله تعالى للأخوة في الدين ثلاثة شروط:

الشرط الأول أن يتوبوا من الشرك.

الشرط الثاني أن يقيموا الصلاة.

الشرط الثالث أن يؤتوا الزكاة أي يعطوها إلى مستحقيها

فإذا اختل شرط من هذه الشروط لم تتحقق الأخوة في الدين ولا تنتفي الأخوة في الدين بمجرد المعاصي وإن عظمت ما لم تكن كفراً ودليل ذلك أن قتال المسلم من أعظم الذنوب حتى أطلق عليه النبي صلى الله عليه وسلم الكفر فقال (سباب المسلم فسوق وقتاله كفر) ومع ذلك فهذه المعصية لا يخرج بها الإنسان من الإيمان ولا تنف الأخوة الإيمانية لقول الله تعالى (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) فبين الله تعالى بهذه الآية أن الطائفتين المقتتلتين إخوة للطائفة المصلحة بينهما وهو دليل على أن الأخوة الإيمانية لا تنتفي بالمعاصي ولا تنتفي إلا بالكفر

فإن قال قائل إذا قلتم كذلك فقولوا إن مانع الزكاة كافر فالجواب أن نقول قد قال به بعض العلماء أي أن مانع الزكاة كافر وهو رواية عن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله ولكن يمنع بذلك ما ثبت في الصحيح من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال (ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار وأحمي عليها في نار جهنم فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره كلما بردت أعيدت في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار) فقوله ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار يدل على أنه لم يكفر بمنع الزكاة وهذا يمنعنا من القول بتكفير تارك الزكاة أما الصلاة فقد ورد في السنة ما يؤكد أن تاركها كافر في قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فيما رواه عنه جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة) وفي السنن من حديث بريدة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (العهد الذين بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر) ويؤيد ذلك أنه قول جمهور الصحابة بل حكاه بعضهم إجماع الصحابة رضي الله عنهم أي أن تارك الصلاة كسلاً وتهاوناً يكون كافراً ونحن إذا دلت النصوص على حكم من الأحكام على كفر أو فسق أو على إيجاب أو تحريم وجب علينا الأخذ بذلك والقول به لأن الأمر ليس إلينا ولا إلى أذواقنا ولا إلى آرائنا بل الأمر إلى الله ورسوله وهذه مسألة نزاع بين العلماء وقد قال الله تعالى (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً)(النساء: من الآية59) وقال تعالى (وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ)(الشورى: من الآية10) فإذا رددنا هذا إلى الله ورسوله أي إلى كتاب الله وإلى رسوله في حياته أو إلى سنته بعد وفاته وجدنا أن الكتاب والسنة يدلان على كفر تارك الصلاة كفراً أكبر مخرجاً عن الملة فيكون التارك مرتداً والعياذ بالله وما احتج به من لا يرى كفر تارك الصلاة فإنه ليس بحجة لأن هذا الذي احتجوا به إما أن يكون لا دلالة فيه أصلاً على ما ذهبوا إليه وإما أن يكون ضعيفاً وإما أن يكون عاماً خصص بأدلة كفر تارك الصلاة وإما مقيداً بما لا يمكن معه ترك الصلاة وهذا بَيِّنٌ لمن تأمله وعلى هذا فإذا كان هذا المريض عاقاً بوالديه وتاركا لما فرض الله عليه وتاركاً للصلاة فإنه كافر ليس له حق الصلة لكن إذا رأيتم من المصلحة عيادته في مرضه لأن آثار التوبة عليه ورأيتم أنه قريب القبول فعودوه واعرضوا عليه التوبة فإن النبي صلى الله عليه وسلم عاد يهوديا في مرضه ووجده في سياق الموت فعرض النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الإسلام عليه فنظر إلى أبيه كأنه يستشيره فقال له أبوه أطع أبا القاسم فأطاع النبي صلى الله عليه وسلم وأسلم فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول الحمد لله الذي أنقذه بي من النار.

***

ص: 2

‌حقوق الأبناء - حقوق الجار - حقوق الخدم

ص: 2

‌السائل ش م م من العراق يقول أنا أعلم أن للأب والأم دوراً كبيراً في بناء الأسرة السعيدة وعليهما يقع تهذيب وتأديب الأبناء وتعليمهم الأخلاق الفاضلة والحميدة ولكني لا أجد ذلك في مجتمعي فأولياء الأمور لا يفقهوا أولادهم في أمور الدين وما يجب فعله للدنيا والآخرة وإنما يتركوهم على أهوائهم وتلك خطيئة عظمى عظوني زادكم الله موعظة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إننا لا نجد موعظة أعظم من موعظة القرآن كما قال الله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ) وقال تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً) فموعظة القرآن أعظم موعظة يتعظ بها المؤمن والله سبحانه وتعالى يقول في القرآن في هذه المسألة التي سألت عنها وهي مسؤولية الوالدين عن أولادهما يقول سبحانه وتعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) فوجه الله الخطاب إلى المؤمنين باسم الإيمان مما يدل على أن مقتضى إيمانهم أن يقوموا بهذه المسؤولية العظيمة وأن عدم قيامهم بها نقص في إيمانهم فتوجيه الخطاب بوصف الإيمان يقتضي مع ذلك الحث والإغراء على القيام بما وجه إليه المرء ولهذا يذكر عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال (إذا سمعت الله يقول يا أيها الذين آمنوا فأرعها سمعك فإنها إما خير تؤمر به وإما شر تنهى عنه) ثم يبين الله تعالى أن هذا الخطاب الموجه إلى المؤمنين يتضمن مسؤولية كبيرة وهي أن يقوا أنفسهم وأهليهم ناراً ومعنى ذلك أن مسؤولية الأهل كمسؤولية النفس في هذا الأمر وهذه النار بين الله عظمها في قوله (وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) فأنت كما أن عليك مسؤولية لنفسك فعليك مسؤولية لأولادك عليك أن تقوم بها وسوف تسأل عنها يوم القيامة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الرجل راعٍ في أهله ومسؤول عن رعيته) ثم إن ضرر إهمال الأولاد لا يقتصر على هذا البيت الذي أهمله أهله بل هو يسري سريان السم في الأجساد إلى جميع المجتمع لأن أولادك سوف يتصلون بأولاد غيرك فإذا كانوا على درجة من سوء الأخلاق فإنهم يعدون بذلك غيرهم ويحدث فساد المجتمع رويداً رويداً حتى يسلم الآباء إلى التاريخ في المستقبل أجيالاً فاسدة.

فموعظتي لك أيها السائل ولغيرك ممن يستمعون إلى هذا أن يتقي المرء ربه في نفسه وفي أهله حتى يخلّف من بعده ذرية صالحة تنفعه بعد موته كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (إذا مات العبد انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به من بعده أو ولد صالح يدعو له) .

***

ص: 2

‌أحسن الله إليكم وبارك فيكم ما هو واجب الآباء نحو أبنائهم وهم صغار دون سن البلوغ وما هو واجبهم بعد بلوغهم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الواجب على الآباء نحو أبنائهم وبناتهم وزوجاتهم ومن لهم عليهم ولاية أن يتقوا الله تعالى في حسن الرعاية وأن يؤدبوهم ويعلموهم ويأمروهم بالمعروف وينهوهم عن المنكر كما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (مروا أبناءكم بالصلاة لسبعٍ واضربوهم عليها لعشر) ولا يحل لأحد أن يضيع هذه الأمانة محاباةً أو مراعاةً فإن القيام بتأديبهم ورعايتهم من مصالحهم وإهمالهم وترك الحبل لهم على الغارب صلحوا أم فسدوا من الخيانة في الأمانة وما أكثر الذين يولون العناية في غنمهم وإبلهم وبقرهم حتى لو ضاعت شاةٌ من الغنم لبقي كل الليلة يبحث عنها لا ينام حتى يجدها ولكنه تجده في أولاده وأهله مهملاً غاية الإهمال يعاملهم وكأنه لا ولاية له عليهم وهو مسؤولٌ عنهم يوم القيامة لأن الله قال في كتابه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً) فأمرنا أن نتجنب ما يكون سبباً لدخولنا النار وأن نجنب أهلينا ما يكون سبباً لدخول النار وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (الرجل راعٍ في أهله ومسئولٌ عن رعيته) تجد بعض الأولياء يجاري السفهاء من أولاده البنين أو البنات أو زوجاته فيحضر لهم ما كان حراماً من المزامير والموسيقى وغيرها بحجة أنه يتألفهم فيترقوا إلى أشد منها ولو منعهم من الأصل عن المعاصي ليسَّر الله له تربيتهم على الوجه المطلوب وكم من إنسان أهمل أهله وترك الحبل لهم على الغارب فأصبحوا نقمةً عليه وتمردوا عن طاعته ولم يقوموا بواجب بره لأنه أضاع حق الله فيهم فأضاع الله حقه فيهم فليتق الله امرؤ جعل الله له الرعاية على أهله وليعلم أن القوة في ذات الله أنفع له من التخاذل أمام المعاصي.

***

ص: 2

‌تقول الأخت السائلة أم عبد الرحمن ما الأسباب المعينة على صلاح الأولاد

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الأسباب المعينة أن يتقي الإنسان ربه فيهم وأن يوجههم توجيهاً دينياً وأن يربيهم تربيةً صالحة مع سؤال الله تعالى أن يصلحهم ويجعلهم قرة عينٍ له.

***

ص: 2

‌المستمعة رمزت لاسمها بالمؤمنة ح. م. أ. من الرياض أرسلت برسالة طويلة ألخصها بما يلي تقول وفقني الله بشاب ملتزم وهذا من فضل الله سبحانه وتعالى علي مقيم للصلوات بأوقاتها صائم قائم نسكن أنا ووالدته في بيت واحد إلا أنه لا يتمكن من الجلوس مع أولاده إلا نادراً رحلاته كثيراً داخلياً مع زملائه وفي المكتبة نصحته بأن يعطينا من وقته ولكن دون جدوى ما نصيحتكم لهؤلاء يا فضيلة الشيخ بارك الله فيكم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نصيحتي لهذا الأخ الذي وصفتيه بما وصفتيه به من الاستقامة والحرص على طاعة الله أن يعلم أن من طاعة الله عز وجل القيام بحق أهله وأولاده كما قال النبي عليه الصلاة والسلام لعبد الله بن عمرو بن العاص (إن لربك عليك حقا وإن لنفسك عليك حقا وإن لأهلك عليك حقا فأعط كل ذي حق حقه) وقيامه بحق أهله وأولاده من طاعة الله بلا شك وقد يكون أفضل من كثير من العبادات التي يتعبد بها لأن العبادات التي يتعبد بها إذا كانت تطوعاً فإن قيامه بحق أهله وأولاده واجب والواجب أفضل من التطوع وهو أحب إلى الله كما في الحديث الصحيح أن الله عز وجل يقول (ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه) وعلى هذا فإن نصيحتي لهذا الأخ أن يقوم بما يجب لك من المعاشرة بالمعروف وأن يقوم بما يجب لأولادك من التربية الحسنة والتوجيه وغير ذلك وهو بهذا مثاب عند الله عز وجل ولا يحل له أن يضيع واجب أهله ليبقى مع إخوانه وأصحابه لأن هذا إجحاف وجور وإهدار للحقوق.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم فضيلة الشيخ هذا أبو عبد الله من القصيم يقول تقدم أحد الشباب المستقيمين لخطبة فتاة ولكن الأب رفض بحجة أن هذا المتقدم في مرحلة الدراسة الأخيرة ويخشى أن يعين في قرية بعيدة عنهم فتكون البنت وحيدة في بيتها فهل تصرفه هذا صحيح نرجو الإفادة والتوجيه مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا خطب الرجل امرأة وكان ذا دين وخلق مرضي فإن المشروع أن يجاب ويزوج والعذر الذي قاله أبو المخطوبة في السؤال عذر لا يمنع من تزويجها ولا يحل لأبيها إذا كانت راغبة في هذا الخاطب أن يمنعها من أجل هذا العذر لأنه ليس عذراً شرعياً وهو آثم بمنعه هذا الخاطب لأن ولي المرأة أمين يجب عليه أن يتصرف فيما هو مصلحة لها وأما احتمال أن يعين في بلدة تكون البنت فيها وحيدة فهذا من الممكن أن يندفع بأن يشترط على الزوج أن لا يسكنها في مكان نائي تنفرد به وإذا اشترط على الزوج هذا الشرط والتزم به كان التزاماً صحيحاً ويجب على الزوج أن يوفي به لقول النبي صلى الله عليه وسلم (إن حق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج) ومع ذلك فإني أرى ألا يشترط هذا الشرط ولو كان خائفاً منه لأن المرأة إذا تزوجت كان أولى الناس بها زوجها وإذا كانت العلاقة حسنة فإنه سوف يفعل كل ما فيه مصلحتها وأنسها وسرورها.

***

ص: 2

‌المستمع محمد عوض الزهراني من الرياض أرسل بهذه الرسالة يقول فيها فضيلة الشيخ حفظه الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته إنني أبعث إليكم هذه الرسالة طالباً من فضيلتكم التكرم بإلقاء نصيحة لبعض الآباء هداهم الله والذين يطلبون على بناتهم مهراً لا يقدر عليه الشباب وإنني واثق أن كثيراً من الشباب والشابات قد حرموا من الزواج والسبب هو أهل البنت وطمعهم عندما يتقدم أحد لطلب بناتهم أرجو منكم نصح هؤلاء بارك الله فيكم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: وعلى السائل السلام ورحمة الله وبركاته إن نصيحة هؤلاء الآباء الذين يجعلون بناتهم سلعاًَ يتجرون بها متوفرة ولله الحمد في خطباء المساجد وفي كلمات الوعاظ فيما أظن ولكن لا مانع من أن أضم صوتي إلى أصواتهم فأقول إن الله سبحانه وتعالى جعل الولاية للرجال على النساء وجعل الرجال قوامين عليهم لما في الرجال من القوة العقلية والبدنية والنظر البعيد ومعرفة الأمور وغير ذلك مما فضل الله به الرجال كما قال الله تعالى (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ) وقال سبحانه وتعالى (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ) ومن ثم جعل الله للرجال الولاية على النساء في عقد النكاح فلا يصح نكاح إلا بولي ولكن هذا الولي يجب عليه أن يتقي الله عز وجل وأن يؤدي الأمانة فيمن ولاه الله عليها من النساء سواء كانت ابنته أو أخته أو أي امرأة كانت ممن له ولاية عليها ولا يحل له أن يخون هذه الأمانة فيجبرها على الزواج بمن لا تريد ولا أن يخون هذه الأمانة فيمنعها من الزواج ممن تريد وهو كفء في دينه وخلقه ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد عريض) ويجب على الولي أن يكون أول مراعاة له مصلحة المرأة لأنه إذا كان الله عز وجل يقول (وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَاّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) فكيف بنفس الشخص فلا يجوز لنا أن نتصرف إلا بما هو أحسن له ومنع النساء من الزواج من بعض الأولياء أهل الجشع والطمع الذين فقدت فيهم كمال الرحمة والشفقة هذا المنع منع محرم لأنه خلاف أمر النبي صلى الله عليه وسلم في قوله (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه) ولأنه جناية وعدوان على المرأة إذا خطبها من هو كفء لها فمنعها منه وهي تريده.

وما أدري لو أن أحداً من هؤلاء الأولياء منع النكاح بمن يريد وهو في حاجة إليه أفلا يرى أن ذلك جناية عليه وإذا كان يرون ذلك جناية عليهم فلماذا لا يرونه جناية على النساء اللاتي ولاهم الله عليهنّ فعليهم أن يتقوا الله عز وجل.

وإنني أقول لا يحل للرجل سواء كان أباً أو غير أب أن يشترط لنفسه شيئاً من المهر لا قليلاً ولا كثيراً فالمهر كله للزوجة قال الله تعالى (وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً) فأضاف الصداق إلى النساء وجعل التصرف فيه إليهن (وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً) فإذا كان الصداق للمرأة وهي صاحبة التصرف فيه فإنه لا يحل للرجل أعني لوليها سواء كان أباً أم غير أب أن يشترط منه شيئاً لنفسه لكن إذا تم العقد وملكت الزوجة الصداق فلأبيها أن يتملك منه ما شاء بشروط جواز التملك التي ذكرها أهل العلم ومنها أن لا يلحقها ضرر بذلك وأما غير الأب فليس له أن يتملك من مهرها شيئاً إلا ما رضيت به بشرط أن تكون رشيدة أي بالغة عاقلة تحسن التصرف في مالها وتأذن له بأخذ شيء منه وأقول ذلك حتى ينتهي هؤلاء الجشعون الطامعون عن أخذ شيء من مهور النساء وفي ظني والعلم عند الله أنه إذا علم الولي أنه لا حق له في المهر وأنه إذا أخذ منه قرشاً واحداً على غير الوجه الشرعي فهو آثم وأكله إياه حرام فإذا علم ذلك الولي فسوف يسهل عليه أن يجيب الخاطب إذا كان كفاءاً ورضيته المرأة وأما ما يقع لبعض هؤلاء الأولياء أهل الجشع والطمع الذين نزع من قلوبهم كمال الرحمة والشفقة من اشتراطهم جزءاً كبيراً من المهر لأنفسهم فإن ذلك حرام عليهم ولا يحل لهم ونرجو الله سبحانه وتعالى أن ييسر حلاً لهذه المشكلة المعضلة والذي أرى في توجيه العامة أنه ينبغي أن يبدأ وجهاء البلدان وأعيانهم وأشرافهم بالنكاح بمهور قليلة ويعلنوا ذلك ومن المعلوم أن العامة تبع لرؤسائهم ووجهائهم وأعيانهم وإذا بدأ به الأعيان ونشر وقيل أن فلاناً تزوج فلانة من أهل الشرف والحسبة وأن مهرها كان كذا وكذا مهراً قليلاً مستطاعاً لأكثر الناس فإن هذا يكون من أسباب حلها.

***

ص: 2

‌ما حكم الأب الذي يعامل أبناءه بجفاء ودائماً نجده متذمراً عابساً في وجه أولاده مع أنه مع الآخرين تجده ضاحكاً مستبشراً ونتيجة لبعض المشاكل العادية التي تحدث في جميع البيوت يترك الأولاد بالأسبايع وينعزل عنهم في مدينة أخرى فما نصيحتكم لأمثاله ممن لا يراعون المسؤولية وهل يؤجر على أفعال الخير والانشراح للناس مع تنكيده وعبوسه على أولاده علما بأنه لم يقصروا في حقه بشيء وهل يؤجر الرجل على جلوسه مع أولاده وانبساطه معهم مع الدليل بارك الله فيكم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الحكم والدليل هو قول النبي صلى الله عليه وسلم (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي) فنصيحتي لهذا الأب إذا كان ما ذكر عنه صحيحاً أن يحرص على إحسان العشرة لأهله من زوجة وأبناء وبنات وغيرهم ممن يكون من عائلته وأن يعلم أن هذا العمل مما يزيده قربة عند الله سبحانه وتعالى وأنه بهذا العمل يكون خير الناس يعني خير الناس الذين هو مثلهم لأن الرسول عليه الصلاة والسلام يقول (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي) وأما كونه يؤجر على انبساطه إلى الناس وانشراحه لهم فهو يؤجر على ذلك لأن هذا من الأخلاق الحسنة التي حث عليها النبي صلى الله عليه وسلم والإنسان لا يمكن أن يسع الناس برزقه ويقسم عليهم ماله ولو قسم عليهم من المال ما قسم لم يُجْدِ شيئاً بالنسبة إلى حسن الخلق لكنه يمكن أن يسع الناس بأخلاقه الفاضلة التي يدعو الناس فيها إلى الخير وإلى الإلفة والمحبة لهم لهذا أقول إنه ينبغي لهذا الأب أنه كما أحسن أخلاقه إلى الناس أن يحسن أخلاقه إلى أهله وذويه وإحسانه الأخلاق لأهله وذويه أفضل من إحسان الأخلاق إلى غيرهم من الأجانب أما بالنسبة لأهله فإن عليهم أن يصبروا ويحتسبوا الأمر لله وينتظروا الفرج ويناصحونه إن أمكنهم ذلك أو يوعزوا إلى أحد من أصحابه وأصدقائه بالنصيحة ولعل الله سبحانه وتعالى أن يغير قلبه

***

ص: 2

‌السائل إبراهيم أحمد من جيزان يقول فضيلة الشيخ أنا أقوم لصلاة الفجر والحمد لله ولكنني لا أوقظ أهلي إلا بعد أن أعود من المسجد فما حكم فعلي هذا جزاكم الله خيرا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: فعلك هذا جائز إذا كنت توقظهم في وقت يتمكنون به من الطهارة والصلاة قبل أن تطلع الشمس لكن الأفضل لك أن توقظهم من حين الأذان حتى يؤدوا الصلاة مبكرين لأن الصلاة في أول وقتها أفضل أعني صلاة الفجر لكن لو كنت يلحقك مشقه من إيقاظهم بحيث تخشى أن تفوتك صلاة الجماعة فحينئذ اذهب وصل مع الجماعة ثم ارجع إليهم لكن الذي ينبغي أن تحتاط لنفسك وأن توقظهم ولو قبل الأذان حتى يؤدوا الصلاة في أول وقتها.

***

ص: 2

‌أحسن الله إليكم ما حكم أخذ راتب الولد والاستفادة منه لوالديه

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أما الأب فله أن يأخذ من مال ولده ما شاء بشرط أن لا يتضرر الولد بهذا فللوالد أن يأخذ من راتب ولده ما لا يتضرر به الابن وأما الوالدة فليس لها أن تأخذ من مال ولدها إلا ما أعطاها والذي ينبغي للوالدين أن يدعوا الأولاد ورواتبهم إلا عند الحاجة أو إذا رأوا من تصرفات الابن ما ينبغي أن يؤخذ منه المال وفي هذه الحال يكتب المال المأخوذ على أنه لصاحبه لا للأب أو الأم ويكون محفوظاً له إذا رشد وعرف قدر المال.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم السائل م. د. أ. سوداني يقول نعلم أن ديننا الحنيف أمرنا بطاعة الوالدين في كل أمر يرضى الله عز وجل والسؤال هو هناك بعض من الآباء نجده قاسيا في معاملته لأبنائه معاملة نحس من خلالها بالخوف والفزع ومنهم من يضرب ويسب ويلعن وإذا تعدى الابن هذه المرحلة وكبر تغير الحال لأسوأ منها وجاءت المرحلة الثانية إذا ما تزوجتْ بنت فلان فإني غير راضٍ عليك وإذا ما أعطيتني كذا فإني غير راضٍ عليك وأشياء عدة في هذا المجال وكل ذلك بحجة (أنت ومالك لأبيك) فهل من نصيحة وتوجيه لهؤلاء الآباء فضيلة الشيخ

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نصيحتي للآباء والأمهات أن يتقوا الله عز وجل في تربية أولادهم من بنين وبنات وأن يعينوهم على برهم وذلك باللطف والتوجيه السليم وعدم العنف وليعلموا أنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال (إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله وإنه تعالى يعطي على الرفق ما لا يعطيه على العنف) وأُبِلِّغُهُمْ بأن العنف يؤدي إلى القطيعة والعقوق لأن النفوس مجبولة على كراهة من يسيء إليها وعلى محبة من يحسن إليها أما بالنسبة للأولاد فإني أنصحهم بأن يصبروا ويحتسبوا الأجر من الله عز وجل ويسألوا الله تعالى ألا يسلط عليهم آباءهم وأمهاتهم وليعلموا أن لكل أزمة فرجاً وأن الله تعالى يجزي الصابرين أجرهم بغير حساب ثم إذا أمرهم آباءهم أو أمهاتهم بأمر فيه مشقة عليهم وليس فيه مصلحة للأبوين أو أمروهم بأمر فيه ضرر في دينهم أو دنياهم فإنه لا يجب عليهم طاعة الوالدين في ذلك لأن طاعة الوالدين إنما تجب فيما إذا كان الأمر ينفع الوالدين ولا يضر الأولاد وليفضلوا دائماً جانب الصبر والاحتساب وانتظار الفرج وليدعوا الله تعالى بذلك فإن الله تعالى يقول (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِي فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) .

***

ص: 2

‌هذه رسالة وردتنا يقول لي مشكلة أضعها بين أيديكم راجياً من الله أن أجد لها حل أنا رجل في سن ثمانية وعشرين وكفيف النظر وطالب بمعهد النور بالصف الثاني متوسط ولي والد يعاملني معاملة سيئة ودائم الخلاف معي ومنذ أن التحقت بالمعهد وأنا أتقاضى مكافأة شهرية قدرها ثلاثمائة وخمسة وسبعين ريال أعطيها له كلها على أمل أن يعطيني منها ما أحتاج لها في حاجاتي ولكن عندما طلبت منه مبلغ لأشتري ما أحتاجه رفض وقال هذا المبلغ نظير أكلك وشربك فقط وليس لك الحق في طلب أي شيء مع العلم بان أكلي وشربي هو القوت الضروري الذي يعيشني فقط علماً بأن حالته المادية لا بأس بها وعندما وجدت منه ذلك حاولت الاحتفاظ بجزء منها ومن هنا بدأ الخلاف فطردني من المنزل وحاولت الرجوع إليه مستعيناً بأهل الخير ولكن لم أدم طويلاً وطردني ثانياً بدون سبب وتكررت هذه الحالة وأنا أعيش مشرد في شوارع البلد دون مأوى أو مكان يأويني مما تسبب في رسوبي بالمعهد ويقول علماً بأن زوجته هي غير أمي فهي امرأة أبي ولا أعتقد أن السبب منها حيث لم أجد منها ما يسيء إلي وأعتقد بأن السبب هو والدي فقط ما هو الطريق الصحيح أرجو الإفادة وفقكم الله

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أقول إن هذه الحال من أبيك لا تنبغي بل الواجب عليه أن يقوم بكفايتك إذا كان قادراً من ماله فإن لم يكن قادراً فمن الراتب الذي تتسلمه من معهد النور ولا يحل له أن ينقصك كفايتك سواء أخذ منك الراتب أم لم يأخذ لأن إنفاق الأب على ولده واجب لقوله تعالى (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) يعني المرضعات لأنه هو الذي ينفق على ولده والذي أنصح به والدك أن يتقي الله تعالى في معاملتك إذا صح ما نسبته إليه وأن يقوم بكفايتك على الوجه المطلوب لينال بذلك الأجر من الله وليكون ذلك عوناً لك على بره في حياته وبعد مماته.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم فضيلة الشيخ هذا أبو موسى من الرياض يقول فضيلة الشيخ محمد العثيمين ما هي الأسس السليمة والصحيحة في تربية النشأ التربية الإسلامية الصحيحة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: التربية لها طريقان طريق نظري وطريق عملي فالطريق النظري أن تربي الأولاد على الأخلاق الفاضلة وعلى العبادات عن طريق الرسائل والكتب والأشرطة وكم من بيوت اهتدت بواسطة الأشرطة واتجهت اتجاهاً سليماً بواسطتها وأما الطريق العملي فأن تكون أنت بنفسك مطبقاً للعبادات والأخلاق الفاضلة تعاملهم بما هو أحسن حتى يتعودوا منك ما أنت عليه من العبادات والأخلاق ولهذا حث الشارع على الجليس الصالح وحذر من جليس السوء فأخبر (أن الجليس الصالح كحامل المسك إما أن يبيعك وإما أن يحذيك يعني يهب لك وإما أن تجد منه رائحة طيبة وأما جليس السوء فهوكنافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه رائحة كريهة) ثم إن من المهم في تربية الأولاد أن تعدل بينهم فيما يجب فيه العدل حتى لا يحمل أحد منهم عليك محامل السوء وكثيراً ما حصل من الذين يجورون في معاملة أولادهم أن الذين يحابونهم ينقلبون عليهم فيعقونهم إذا كبروا وأنه لا ينفعهم إلا الآخرون الذين كانوا يؤثرون إخوانهم عليهم وهذه قد تكون عقوبة دنيوية معجلة فيجب على الإنسان أن يكون عادلاً بين أولاده لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال (اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم) حتى كان السلف يعدلون بين أولادهم في التقبيل أي إنهم إذا قبلوا واحداً منهم قبلوا الآخر مثله.

***

ص: 2

‌السائل أأ من الرياض يقول في هذا السؤال ما هو هدي المصطفي صلى الله عليه وسلم في تعامله مع الأطفال الصغار حيث نشاهد البعض من الآباء عندهم قسوة في تعاملهم مع أبنائهم وجهونا في ضوء ذلك

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: تعامل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم مع الأطفال الصغار تعامل مبني على الرأفة والرحمة واللين والمراعاة لأحوالهم ولنضرب لذلك مثلاً بقصة الحسن حين جاء والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ساجد يصلى بالناس فارتحله أي ركب على ظهره فأطال النبي صلى الله عليه وسلم السجود وقال بعد انتهائهم من الصلاة (إن ابني ارتحلني يعني وإني أحببت أن يقضي نهمته من ذلك) والمثال الثاني (كان صلى الله عليه وعلى آله وسلم يصلى بالناس وهو حامل أمامة بنت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم) أي أنه هو صلى الله عليه وسلم جدها مِنْ قِبَلِ أمِّها فكان صلى الله عليه وسلم إذا قام حملها وإذا سجد وضعها مثال ثالث (كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب الناس فأقبل الحسن والحسين يعثران في أثواب لهما فنزل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وحملهما بين يديه وقال صدق الله (أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ) أي اختبار.

ورآه الأقرع بن حابس يقبل صبيا فقال له الأقرع إن لي عشرة من الولد لم أقبلهم أو كما قال فقال النبي صلى الله عليه وسلم (الراحمون يرحمهم الرحمن وقال ارحموا مَنْ في الأرض يرحمكم مَنْ في السماء) وما يفعله بعض الناس من معاملة الأطفال الصغار من بنين وبنات حيث يعاملهم بالقسوة والشدة وإذا دخلوا المجلس انتهرهم وقال اذهبوا وربما قام فزعا من المجلس كأنما لدغ من أجل أن يحملهم ويبعدهم عن المجلس فهذه معاملة قاسية لا تنبغي إطلاقاً وإذا قال أخشى أن يحدثوا ضوضاء أو ضجة أو ما أشبه ذلك قلنا انتظر حتى يحصل هذا وربما يروق لبعض الحاضرين أن يسمعوا الضجة والكلام الذي يُحتمل من مثل هؤلاء الأطفال فالمهم أن هدي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في المعاملة للأطفال هدي رحمة ورأفة ورقة صلوات الله وسلامه عليه.

***

ص: 2

‌تقول السائلة هل علي أثم إذا ضربت ابني اليتيم عند أي خطأ بقصد عدم الرجوع للخطأ

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: ليس عليك إثم إذا ضربت ابنك اليتيم من أجل تربيته بل ذلك من الإحسان إليه ومما تثابين عليه وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (مروا أبناءكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر) وهذا يشمل اليتامى وغيرهم.

***

ص: 2

‌أحسن الله إليكم هذه سائلة تقول يا فضيلة الشيخ هل يجوز ضرب الطفل إذا أخطأ وهو صغير وهل يؤثر هذا الضرب على نفسية الطفل وكيف يكون توجيه الطفل في مثل هذه المرحلة

.

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا كان الطفل يتأدب بالضرب ولم يكن بد منه فلا بأس به وقد جرت عادة الناس على هذا وإذا كان لا يتأدب كطفل في المهد جعل يصيح فتضربه أمه مثلاً فهذا لا يجوز لأن فيه إيلاماً بلا فائدة والمدار كله على هل هذا الضرب يتأدب به الطفل أو لا يتأدب وإذا كان يتأدب به فلا يضرب ضرباً مبرحاً ولا يضرب على الوجه مثلاً ولا على المحل القاتل وإنما يضرب على الظهر أو الكتف أو ما أشبه ذلك مما لا يكون سبباً في هلاكه والضرب على الوجه له خطره لأن الوجه أعلى ما يكون للإنسان وأكرم ما يكون على الإنسان وإذا ضرب عليه أصابه من الذل والهوان أكثر مما لو ضرب على ظهره ولهذا نهي عن الضرب على الوجه.

***

ص: 2

‌هذا السائل يقول إذا كانوا أولادي يهتمون بالرياضة كثيراً هل أنهرهم وماذا يجب علي تجاههم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الذي يجب العاقل ألا يفني أوقاته وشبابه في مثل هذه الأمور لكن إذا فعل الرياضة أحياناً تنشيطاً لعضلاته وترويحاً عن نفسه لا بأس.

***

ص: 2

‌المستمعة من بغداد تقول لي زوج أنجبت منه سبع بنات وكان عند كل مولود يتمنى أن يرزق بولد وهو إنسان مؤمن ولطيف ويصلى إلا إنه تعتريه حالة من الضيق وأنا أقول له اصبر فهذا قسم الله لك وأنك تؤجر على ذلك فلعلكم فضيلة الشيخ تذكرون بعض الآباء بالأحاديث الواردة في فضل تربية البنات وبأنه يؤجر عليهن إذا رباهن التربية الإسلامية

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: قال الله سبحانه وتعالي في كتاب (لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (49) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيماً) فبين الله سبحانه وتعالى في هذه الآية أن الناس أربعة أصناف من يرزقون الذكور الخلص أو الإناث الخلص أو من الصنفين أو الذي يكون عقيما والله سبحانه وتعالى عليم حكيم وعليم قدير وهو الذي بيده كل شيء وكون الإنسان يحب أن يرزقه الله أبناءً لا حرج عليه في ذلك ولا يعتبر هذا رداً لقضاء الله ولا تسخطا منه كما يتمنى الإنسان مثلا أن يرزقه الله رزقا كثيرا فإن هذا جائز إذا كان ذلك عونا له على طاعة الله.

أما بالنسبة لمن وهبه الله البنات ولم يهبه الذكور فلا ييأس فربما يرزقه الله الذكر في المستقبل ولكن مع هذا ننصحه بأن يصبر على البنات ويسأل الله لهن الرزق الواسع ويحرص أيضا على تربيتهن تربية إسلامية وعلى أن يختار لهن من الأزواج من هم أصلح وأوفق وأنفع وقد ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام أحاديث تدل على فضل من ربى البنات وأنهن يكن له ستراً من النار.

***

ص: 2

‌يقول السائل أنا أب لستة أبناء وقد كنت أعمل في مهنة حرة أكسب منها القليل ولكن لأنه كسب حلال بارك الله لي فيه فكنت أصرف منه وقد سعيت على هؤلاء الأبناء أنا ووالدتهم بما يمليه علينا الواجب وتمليه الفطرة الأبوية إلى أن كبروا واستقلوا بأنفسهم فمنهم الموظف ومنهم صاحب العمل الحر ومنهم المدرس ولكنهم للأسف الشديد لم يوفقوا لبرنا والإحسان إلينا وليت الأمر كذلك فحسب ولكنه تعداه إلى العقوق فهم يشتمونا ويسبونا وقد يضربونا أيضاً دون خوف من الله أو حياء وقد قاطعونا من كل وسيلة اتصال حتى في أعياد المسلمين لا نراهم ولم أكن أنا بتلك الحالة مع والدي حتى أقول هذا جزائي في الدنيا بل على العكس كنت باراً بهما إلى آخر لحظة في حياتهما وتوفيا وهم راضيان عني أما أنا فإني أحمل على هؤلاء الأبناء العاقين كل كراهية وبغض إلى درجة أنني أضرع إلى الله بالدعاء عليهم بالهلاك فهل علي شيء في ذلك وهم ماذا عليهم في عقوقهم هذا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لاشك أن عقوق الوالدين من أكبر الكبائر والعياذ بالله وأن هؤلاء الأولاد وقعوا في شر كبير عليهم أن يتوبوا إلى الله سبحانه وتعالى وأن يرجعوا إليه وأن يقوموا ببر والديهما وقد أعظم الله حق الوالدين حتى جعله بعد حقه وحق رسوله قال الله تعالى (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً) أما بالنسبة لك فإن ما أصابك من عقوقهم أمر يجب عليك فيه الصبر واحتساب الأجر من الله وأنت إذا صبرت واحتسبت الأجر من الله نلت بذلك حسنات كما ينالها الصابرون (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ) ولا ينبغي أن تدعو عليهم بما يضرهم بل ادع الله بما ينفعهم وينفعك فادع الله لهم بالرجوع إلى برك وعدم العقوق حتى تكون بذلك محسناً إليهم وبالتالي محسناً إلى نفسك أيضاً والإنسان قد يصاب بالمصائب وإن لم يكن يظن أنه هو السبب قد يكون هناك أسباب لا تعلمها وقد يبتلي الله الإنسان بمصيبة لا جزاءً له على عمل سيء وقع منه ولكن من أجل أن ترتفع بذلك درجته وينال مقام الصابرين لأن الصبر مرتبة عالية لا تنال إلا بوجود الأسباب التي يصبر عليها حتى يتحقق الإنسان من الاتصاف بها.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم فضيلة الشيخ هذا السائل علي محمد سوداني من الدمام يقول لي جار وهو لا يصلى ولا ينتفع بالكلام وعمره ما يقارب الخمسة وأربعين سنة ولا يزال لا يصلى ما الحكم في مجاورة هذا الجار هل أمنعه من المنزل وبماذا توجهونني مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أولا أوجه النصيحة إلى هذا الجار إن كان كما قلت فيه فأقول له اتق الله في نفسك تب إلى ربك عز وجل فما دمت في زمن الإمكان فإن التوبة تهدم ما قبلها وإنك إذا أصررت على هذا العمل فربما يختم لك بسوء الخاتمة فتخسر نفسك في الدنيا والآخرة وتخسر أهليك فتب إلى الله عز وجل قبل فوات الأوان

ثانيا أقول لهذا السائل لا يلزمك أن ترتحل من بيتك من أجل سوء المجاورة وأنت إذا أديت النصيحة ونصحته عدة مرات فإن اهتدى فلنفسه وإن ضل فعليها.

وعلى سائر الناس إذا كان حولهم من هذه حاله في ترك الصلاة وعدم المبالاة بها بذل النصيحة لأن (الدين النصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم) فإن حصل المقصود فهذا هو المطلوب وإن لم يحصل فالواجب أن يرفع بهم إلى هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وحينئذ يسلم من المسئولية وتكون المسئولية على هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

***

ص: 2

‌يقول هذا السائل ما الواجب علي تجاه الجار الذي يتخلف عن صلاة الفجر دائماً

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الواجب عليكم أن تنصحوه لأنه جاركم وله حقٌ عليكم ولكن انصحوه لا على سبيل التوبيخ والزجر بل على سبيل الحكمة مثل أن تدعوه إلى البيت وتؤنسوه أو تذهبون إلى بيته وتؤنسوه ثم تتحدثون حديثاً رقيقاً رفيقاً وتدعوه إلى أن يصلى مع الجماعة وتبين له الفضل في صلاة الجماعة وتحذروه من التخلف عنها وتبينوا له الوعيد.

يافضيلة الشيخ: بارك الله فيكم شيخ محمد الحقيقية ونحن نتحدث عن الجار أقول في بعض الحارات الحقيقةلا يعرف الجيران بعضهم البعض وأيضا نجدهم يتخلفون كثيرا عن الصلاة في المساجد فما الواجب على إمام المسجد تجاه الحاره يا شيخ محمد

فأجاب رحمه الله تعالى: إمام المسجد عليه مسئولية أكبر من غيره وإلا فالواجب على جميع أهل الحي أن يكونوا متعارفين متآلفين وإذا حصل أن يجعلوا لهم ليلة في كل أسبوع يجتمعون فيها أو في كل أسبوعين أو على الأقل في كل شهر يتدارسون ما يحصل لهم من المشاكل ويعين بعضهم بعضا لكان هذا خيراً وينبغي للإمام أن يحثهم على هذا دائما وأن يحرص على قراءة الكتب التي تتضمن بيان حقوق الجار وما يجب له وما يحرم من التعدي عليه وما أشبه ذلك

***

ص: 2

‌ما حكم الجار الذي لا يصلى وهل له حقوق

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الجار الذي لا يصلى له حقوق وأعظم الحقوق له أن تنصحه ما استطعت وأن تحاول إقناعه بكل وسيلة إما بإرسال من ينصحه ويشير عليه ويخوفه بالله عز وجل وإما بإهداء الكتيبات والرسائل والأشرطة التي يكون فيها موعظة ومنفعة له هذا أعظم حقوق جارك عليك.

إما الحقوق المالية والدنيوية فإن له حقوق عليك أيضا لأن الجار إن كان مسلما قريبا فله ثلاثة حقوق حق القرابة وحق الإسلام وحق الجوار وإن كان مسلما غير قريب فله حقان حق الإسلام وحق الجوار وان كان غير مسلم ولا قريب فله حق واحد وهو حق الجوار ولكن احرص غاية الحرص على أداء حقه الأول وهو نصيحته ومحاولة إقناعه وموعظته وتخويفه من الله عز وجل

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم السائل يقول فضيلة الشيخ إذا كان جاري في الحارة لا يشهد الصلاة فهل أسمح لأولادي بزيارة أهله

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا كان لك جارٌ لا يشهد الصلاة فالواجب عليك أن تهدي له هدية وهي النصحية فتذهب إليه أو تدعوه إلى بيتك وتنصحه وترغبه في الخير وتبين له فضل صلاة الجماعة وأنها أفضل من صلاة الفذ بسبعٍ وعشرين درجة وتحذره من المخالفة وترك الجماعة وتبين له أن ثقل الصلاة إنما يكون على أهل النفاق كما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (أثقل الصلوات على المنافقين صلاة العشاء والفجر ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبواً) وتحذره من مغبة المعاصي وآثارها السيئة على القلب والأخلاق والعبادة والرزق وغير ذلك لأن المعاصي لها آثار سيئة في كل شيء ولهذا قال الله تعالى (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) وقال تعالى (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً) فإذا أردت الرزق وإذا أردت التيسير فعليك بتقوى الله عز وجل فإنها السبب في هذا ثم إن هداه الله فهو من نعمة الله عليك وعليه وإن كانت الأخرى فقد باء بالإثم وسلمت من المسئولية أما بالنسبة لأهلك وأولادك فإذا كان أهله مستقيمين ولا يخشى على أهلك وأولادك منهم فإن العصيان الواقع من أبي هؤلاء الجيران لا يؤثر عليهم فاجعل أهلك وأولادك يزورونهم لأن إكرام الجار من الإيمان أما إذا كان أهله غير مستقيمين ويخشى على أهلك وأولادك منهم فامنع أهلك وأولادك من زيارتهم لئلا يتأثروا بهم ودرء المفاسد أولى من جلب المصالح.

***

ص: 2

‌هذا السائل أخوكم ع. ع. م. الزلفي يقول أنا رجلٌ تأتي حمام جاري إلى بيتي وتدخل وكما تعلمون ما تضعه من أوساخٍ إلى غير ذلك وقد قلت لجاري بشأن هذه الحمام بأن يكفها عن منزلي فقال لي بأنها طيور ولا أستطيع أن أمنعها فقلت له عدة مرات ولم يفد أرجو إفتائي يا فضيلة الشيخ هل يجوز لي أن أقتل هذه الحمام إذا دخلت بيتي أم ماذا أفعل أفتوني مأجورين وجزاكم الله خيرا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أرى أن تصطلح مع جارك بما فيه الخير للجميع تشتريها منه وتجعل لها مكاناً في بيتك وتستفيد منها بأولادها أو تستفيد منها ببيعها لأنك لو قتلتها صار بينك وبين جارك مشاكل وعداوة وبغضاء ورسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أوصى بالجار خيراً بل قال عليه الصلاة والسلام (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره) وقال (لا يؤمن من لا يأمن جاره بوائقه) فالذي أرى أن تصطلح مع جارك وأن ينتزع كلٌ منكما ما في قلبه على الآخر من غلٍ وحقد ومن طلب الحق يسر الله له الوصول إليه.

***

ص: 2

‌يقول السائل لي جيرانٌ يسكنون معي ولا سبب بيني وبينهم يدعو للمخاصمة حتى ولو كان طفيفاً وأنا لم أخاصمهم أبداً فأنا أزورهم وأجلس معهم وأكرر الزيارة مرات ولم يتأثر هؤلاء ويتكرموا بالزيارة فهل بعد هذا كله أجاملهم وأسير على هذا المنوال أم أنقطع عنهم أم أرحل عنهم بعيداً وهو أقرب الحلول راحةً للضمير فهل هذا الحل إسلامياً أم لا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: ثبت في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره) وإكرام الجار بحسب ما يعد عرفاً إكراماً ليس فيه حدٌ شرعي فإكرامك لجيرانك بالزيارة والهدية ونحو هذا من تمام إيمانك حتى وإن لم يقابلوك بالمثل بل وإن قابلوك بالإساءة فإن الواجب عليك الصبر وعدم التخلي عن إكرامهم لأن تعليقك إكرامهم بإكرامهم لك ليس هذا من باب الإكرام الذي يدعو إليه الإيمان ولكن هذا من باب المكافأة فإن الإنسان إذا أكرم من يكرمه فهو مكافئ له لذلك أنصحك بأن تبقى في بيتك ولا تزعزع نفسك وأولادك وأن تستمر في إكرام هؤلاء الجيران وإن لم يكرموك إلا إذا رأيت منهم أذيةً لا تطاق فحينئذٍ لا بد من الرحيل.

***

ص: 2

‌المستمع إلى البرنامج يقول إن جيراني لا يصلون وهمهم الكبير التحدث عن فلان وفلان غيباً ودائماً في شجار فيما بينهم ويشتمون بعضهم البعض بأسوأ الألفاظ سؤالي ماذا علي أن أفعله تجاههم هل أقاطعهم ولا أسلم عليهم حيث إن الرسول صلى الله عليه وسلم حثنا على الوقوف إلى جانب الجار في أحاديث كثيرة أفيدونا في ذلك جزاكم الله عنا خير الجزاء

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا شك أن للجار حقاً على جاره أوجبه الله عز وجل في قوله تعالى (وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ) وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره) وثبت عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال (والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن قالوا من يا رسول الله قال من لم يأمن جاره بوائقه) أي من لا يأمن جاره غشمه وظلمه فالجار له حق فإن كان جاراً مسلماً قريباً فله ثلاثة حقوق حق القرابة وحق الإسلام وحق الجوار وإن كان الجار مسلماً فقط فله حقان حق الإسلام وحق الجوار وإن كان جاراً غير مسلم فله حق واحد وهو حق الجوار وإذا كان جيرانك بهذه المثابة التي قلت فلا حرج عليك أن تذهب إليهم بل قد يكون من الأولى بك أن تذهب إليهم وأن تنصحهم وأن تعينهم على ترك هذه الأمور والمشاكل حتى يستقيموا على ما ينبغي أن يكونوا عليه من الصفاء والمودة.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم المستمعة تقول إذا ابتلي الإنسان بجار سوء سيئ الخلق ضعيف الدين فهل هناك إثم إذا أفهم هذا الجار بأننا نفضل أن لا يقوم بزيارتنا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا لا ينبغي إذا كان الجار مبتلى بالمعاصي أن نقاطعه بل حقه علينا أن نواصله بالنصيحة وأن نتألفه بالدعوة فندعوه إلينا ونذهب إليه حتى يهديه الله عز وجل وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام (لأن يهدي الله بك رجلاً واحد خير لك من حمر النعم) فكوننا ندع هذا الجار وذنوبه ومعاصيه هذا خطأ عظيم بل الواجب علينا نصيحته ونحن إذا ذهبنا إليه في البيت وتكلمنا بما هو عليه من الإثم والمعصية فربما يخجل وربما يفتح الله عليه فتكون هدايته على أيدينا أما إذا تركناه وشأنه فلا شك أن هذا خطأ منا وتقصير وإذا كان الواجب علينا أن نحسن إلى جارنا في الأمور المادية فإن حقاً علينا أن نحسن إليه فيما ينفعه في دينه من النصح والإرشاد وتبادل الزيارات ويا حبذا لو أننا أهدينا إليه شيئاً من الرسائل الصغيرة التي يقرأها بسرعة وسهولة أو شيئاً من الأشرطة المفيدة فإن الله سبحانه وتعالى قد ينفعه بذلك.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم ما حكم الرجل الذي يسئ معاملة جيرانه ويتحدث عنهم بأشياء ويمنع أهلهم من زيارته وهل يجوز لزوجته أن تقوم بزيارتهم دون علمه

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الإساءة إلى الجار محرمة ونقصٌ في الإيمان لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره) ولقوله صلى الله عليه وسلم (والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن قالوا من يا رسول الله قال من لا يأمن جاره بوائقه) يعني ظلمه وغشمه وهذا دليلٌ على نقص الإيمان نقصاً كبيراً لعدم إكرام الجار أو بالإساءة إليه بالقول أو بالفعل وفي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال (ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه) فيجب على الجار إكرام جاره والكف عن أذيته حتى لو فرض أن الجار يؤذيه فليصبر وليحتسب وليقم بواجبه فيكون أفضل الرجلين حيث قام بالواجب وصبر على أذية جاره.

وأما كونه يمنع زوجته من من زيارة جيرانه فهذا يرجع إليه فإذا كان يخشى على زوجته إذا خرجت إلى الجيران أن يفسدوها عليه أو كان عند الجيران شبابٌ يخشى على زوجته أن تفتتن بهم أو يفتتنوا بها فحينئذٍ يمنعها وله الحق في ذلك ولا يحل لها بعد منعه أن تخرج إليهم إلا بإذنه لأن الزوج هو راعي البيت.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم هذا السائل من الدمام يقول جاري يسيء إلى ولأبنائي وأنا صابر ومتحمل فبماذا تنصحونني مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الواقع أنك لست ممن ينصح بل أنت ممن يهنأ بصبرك على أذى جارك فإنك مأجور ومثاب على هذا وجارك هو الآثم وإنني أنصح هذا الجار وغيره من الجيران أن يتقوا الله سبحانه وتعالى وأن يكرموا جيرانهم فإن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره) وقال عليه الصلاة والسلام (والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن من لا يأمن جاره بوائقه)(وقال ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه) فعلى الجيران أن يتقوا الله تعالى في أنفسهم وفي إخوانهم وألا يسيئوا إلى جيرانهم هذا وقد قال العلماء إن الجار قد يكون له ثلاثة حقوق أو حقان أو حق واحد فإذا كان الجار مسلما قريبا فله ثلاثة حقوق حق الجوار وحق الإسلام وحق القرابة وإذا كان الجار كافرا قريبا فله حق الجوار والقرابة وإذا كان الجار كافرا غير قريب فله حق الجوار فالمهم أن للجار حقا حتى وإن كان كافرا فليتق الله امرؤ في نفسه وليكرم جيرانه وليحسن إليهم بقدر ما يستطيع حتى أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال (إذا طبخت مرقة فأكثر ماءها وتعاهد جيرانك) .

***

ص: 2

‌رسالة وردت من السائل المواطن ص ل ل يقول في رسالته تحية وتقدير لمقدم هذا البرنامج وللعلماء وفقهم الله لما يحبه ويرضاه السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد مشكلة لها عواقب وخيمة أطلب منكم وقفكم الله مناقشتها وتوضيح سلبياتها على الوطن والمواطنين فقد أخذت تفد إلى بلادنا وبكثرة وللأسف نساء غير مسلمات من هنا ومن هناك وفي بيوت المسلمين ويربين أولادنا وهؤلاء يا فضيلة الشيخ يشكلون بدورهم آثاراً لا تخفى على المسلمين ولا سيما أنهم يكرهون الإسلام ويبطنون الكراهية للمسلمين وحيث إن اختلاطهم معنا فيه خطر علينا وعلى أولادنا وشبابنا فنرجو النصح والتوضيح للمواطنين وتحذيرهم من عواقبها الوخيمة وفقكم الله

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا السؤال الذي ذكره الأخ هو من الأمور التي وقع فيها كثير من الناس بجلب الخدم من ذكور وإناث وفي الحقيقة أن جلب كلا الصنفين فيه خطر من ناحيتين النواحي الاجتماعية والنواحي الأخلاقية أما النواحي الاجتماعية فإن اعتياد الإنسان على الترف وعدم العمل وعدم المهنة بالبيت والتكاسل والاتكال على الغير كل هذا عليه خطره النفسي على سلوك الإنسان ونفسيته وفكره لأنه يعتاد الترف والنعيم والتواكل على الغير وهذا يؤثر فيه ويبقي في نفسه فراغاً عظيماً لا يتمتع في حياته بسببه ولهذا ترى المرأة التي جلبت لها الخادمة تراها فارغة الذهن فارغة الفكر ليست تعمل ولا تتحرك دمها ساكن وطعامها غير هاضم وذلك لأنها تبقى كأنها ندمانة في طرف من بيتها تضع يدها كما يقولون على خدها لا تتحرك ولا تصنع شيئاً وهذا يؤثر عليها نفسياً ويؤثر عليها جسمياُ هذا من الناحية الاجتماعية ومن الناحية الخلقية أن هؤلاء الخدم إذا كنا إناثاً فإنهن خطر على الشباب الذين في البيت بل وحتى على رب البيت لأن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم وربما يغريه بامرأة قد لا تكون ذات حسب وجمال ولكن من أجل أنه منع منها شرعاً فيزينها الشيطان في قلبه فيكون ممن زين له سوء عمله فرآه حسناً نسأل الله السلامة وقد يقول الإنسان إننا ولله الحمد على دين متين ونأمن على أنفسنا ولكن هذا حديث نفس والإنسان إذا تعرض إلى الفتن فإنه يقع فيها ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم الإنسان من سمع بالدجال أن ينأى عنه لأن الرجل قد يأتي ويقول أنا مؤمن وأنا لا أصدق بالدجال فلا يزال به يوقعه في الفتن حتى يضله عن سبيل الله وهكذا أيضاً بالنسبة للخدم الوافدين من الذكور فإنه بسببهم يكون الإنسان متكلاً على غيره مفض بأموره إلى غيره غير مهتم بها مباشرة وهذا ضرر اجتماعي وبالنسبة للعائلات من بنات وأخوات وزوجات هو أيضاً خطر عليهن لأنه مع الأسف الشديد نسمع أن بعض الناس يرسل ابنته أو أخته أو زوجته مع هذا السائق وحده يمشي بها في السيارة يتسكع بها في أسواق البلد الداخلية أو المتطرفة وربما يخرج بها عن البلد ثم لو أراد أن يخرج بها من الذي يمنعه ولهذا لا يحل لإنسان أن يمكن زوجته أو ابنته من أن تركب مع السائق وحدها لأن هذا من أعظم الخلوة التي نهى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله في حديث ابن عباس الثابت في الصحيحين (لا يخلون رجل بامرأة) ولا يقال إن هذا ليس بخلوة لأنهم يمشون في السوق صحيح إنهم يمشون في السوق لكنهم في خلوة لأن هذه السيارة بمنزلة غرفة أو حجرة انفرد بها هذا الرجل بهذه المرأة فهو يستطيع أن يتكلم معها بما يشاء وأن يضحك إليها وتضحك إليه ويستطيع أن يتفق معها بكل سهولة على أن يخرجا إلى خارج البلد ويصنعا ما أراد فالمسألة خطيرة جداً سواء قلنا إنها خلوة كما هو الذي يتضح لنا أو قلنا أنها ليست بخلوة فإنها تعرض للفتن بلا ريب ثم إن بعض الناس يقول إن زوجتي والحمد لله مأمونه تخاف الله أو إن ابنتي كذلك مأمونه تخاف الله وتخشى العواقب في الدنيا والآخرة نقول مهما كان الأمر فإن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم وليس هذا القرن الذي نحن فيه بأفضل من القرن الذي فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد ثبت في الصحيحين (أن رجلاً استأجر رجلاً ليعمل عنده فزنا هذا الرجل بامرأته أي بامرأة من استأجره فأُخبر والد الرجل أن على ابنه الرجم فافتدى منه بمائة شاة ووليدة ثم إنه سأل أهل العلم فأخبروه بأنه بأن على ابنه جلد مائة وتغريب عام لأن هذا الابن لم يكن قد تزوج ثم ترافع الرجل وزوج المرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقضى بينهما بكتاب الله تبارك وتعالى فرد الغنم والوليدة على والد الابن وأخبره بأن على ابنه جلد مائة وتغريب عام وقال لأنيس رجل من الأنصار اغد يا أنيس لامرأة هذا فإن اعترفت فارجمها فذهب إليها فاعترفت فأمر النبي صلى الله عليه وسلم برجمها) والحاصل أن هذه القصة وقعت بين الأجير وبين زوجة من استأجره في عهد النبي عليه الصلاة والسلام وهو خير القرون وأسلمها من الفتن وأبعدها عن الفساد ومع ذلك حصلت هذه القصة أفلا يمكن أن تحصل في عهدنا هذا إنه يمكن بل أقرب وأقرب وأقرب بكثير من وقوعها في عهد النبي عليها الصلاة والسلام ولهذا نقول إن هذه المسألة فيها خطر عظيم وأن الواجب على الإنسان أن لا يستجلب خادماً إلا عند الحاجة ثم إذا استجلب خادماً ذكراً فإنه يجعله في بيت خارج بيته وكذلك بالنسبة لمن استخدم خادماً في البيت امرأة فليحرص غاية الحرص أن لا تنفرد بأحد من الرجال فيقع المحظور.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم السائلة أم عبد العزيز تقول فضيلة الشيخ كما تعملون أن الخادمات منتشرات فى كل مكان وهناك عدة أسباب لوجودهن وأنا لى وظيفة خارج مدينتي وكذلك إخوتي الكبار وأبي وأمي كبيران وقد جلبنا لهما خادمة للحاجة وهى بدون محرم ما الحكم فى ذلك مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا يجوز أن يستقدم الإنسان خادمة بلا محرم لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال (لا تسافر إمرأة إلا مع ذي محرم) والخادمة امرأة ولا دليل على إخراجها من هذا العموم ويستصعب بعض الناس أن يجلب محرمها معها ويقول إنه ليس له عمل عندي فنقول له وإن لم يكن له عمل عندك لا بدّ أن يكون مع امرأته أو أخته أو عمته أو خالته ويمكن أن تجد له عملا بقضاء حوائجك السوقية التى تحتاجها من السوق وإذا كان صالحا لقيادة السيارة صار قائدا لسيارتك المهم أنه إن وجدت له عملا فهذا هو المطلوب وإن لم تجد فعمله عمل امرأته التى جاء محرما معها.

***

ص: 2

‌حفظكم الله نريد توجيه كلمة للأخوة بالرفق بالخدم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الواجب على المسلم أن يتحلى بالأخلاق الفاضلة وأن يرحم هؤلاء الخدم الذين ربما تركوا أهليهم ربما تكون المرأة جاءت ولها أولاد في بلدها أو جاءت ولها أمهات لطلب الرزق فالواجب أن يرحموهم وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء) وما يدري هذا الإنسان ربما يأتي يومٌ من الأيام أن تنقلب الأحوال فيكون هو خادماً أو أحدٌ من ذريته خادماً ثم إن هؤلاء مسلمون كيف تهينهم وهم إخوانكم وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) لكن ما جرت العادة بأنهم لا يشاركون فيه هذا يمشى على العادة وإنني بهذه المناسبة أحذر إخواني المسلمين من أن يستقدموا من ليسوا بمسلمين وأقول احرصوا غاية الحرص على أن يكون الخدم من المسلمين وإذا كانت امرأة فلا بد من محرمٍ معها لا سيما إذا كان البيت فيه شباب وكانت الخادمة شابة فالخطر خطرٌ عظيم وإذا كان معها محرمها فإنه يصون المرأة وأيضاً يكون محرمها ملجئاً لها.

***

ص: 2

‌السائل أبو عبد الله يقول نرجو من فضيلة الشيخ توجيه كلمة للذين يعاملون الخدم بقسوة ويكلفونهم ما لا يطيقون

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الكلمة التي أوجهها لمن يعاملون الخدم أو غيرهم من مكفوليهم بقسوة هي أن أذكرهم بأن الله تبارك وتعالى فوق الجميع وأذكرهم بقول الله تبارك وتعالى في قصة النساء الناشزات على أزواجهن (فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً) وأذكرهم بأنه لا يدرى فلعل الأيام تنقلب ويكون هؤلاء السادة خدماً لغيرهم أو يكون أحد من ذريتهم خدماً لغيرهم فيعاملون بما يعامل به هؤلاء لهؤلاء الخدم فليتقوا الله تعالى وليخافوه وليرحموا إخوانهم فإن الراحمين يرحمهم الله.

***

ص: 2

‌السائل ع ص م من حفر الباطن له هذا السؤال يقول أنا ممن اضطرته الظروف وظروف الزوجة على جلب عاملة منزلية لرعاية الأطفال أثناء غيابنا وهذه العاملة مسلمة والحمد لله غير أنني كثيرا ما أراها كاشفة الوجه رغم محاولاتي أن أتجنبها بقدر الإمكان وذلك بسبب صغر المنزل علما بأنني مضطر لوجودها لرعاية الأطفال فهل علي إثم في ترك الأطفال مع هذه المرأة وهل علي إثم في رؤية هذه المرأة وهي كاشفة لوجهها أفيدوني مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أولا أشير على إخواني المواطنين ألا يجلبوا الخدم إلى البلاد لأن هذا يؤدي إلى مفاسد في بعض الأحيان ويؤدي إلى أن المرأة ربة البيت لا تشتغل بالبيت تبقى يدها على خدها ويستولي عليها الهواجس والهموم ولا يتحرك البدن تحركا يوجب النشاط فتجد ربة البيت نائمة ليلا ونهارا والخادمة تشتغل وكون المرأة تشتغل بنفسها وتحرك دمها وأعصابها أولى بكثير.

ثانيا إنه حصل مفاسد عظيمة من هؤلاء الخدم فكم سمعنا من رجل مستقيم كبير السن أغواه الشيطان فحصل ما حصل من الفاحشة بينه وبين الخادمة

ثالثا بعض الخدم حصل منهن اعتداء بوضع السحر إما في المأكول أو في المشروب أو نحو ذلك وهذا خطر لأن هؤلاء الخدم إذا أغضبها رب البيت فقد تكيد له ولو في آخر لحظة لذلك بالدرجة الأولى أنصح إخواننا المواطنين من جلب الخادمات لا يجلبوهن فإذا دعت الضرورة إلى هذا فلابد من المحرم لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال (لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم) هذه امرأة لابد من محرم زوج أو قريب أما أن تأتي بلا محرم فهي على خطر وأهل البيت على خطر لا سيما إذا كان في البيت شباب وكان الأبوان عندهما غفلة فالمسألة خطيرة ثم إذا جاء الزوج وامرأته ذهبت لتعلم وتدرس وليس في البيت إلا هذه الخادمة سيكون قد خلا بها (وما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما) لذلك نرى ألا تستجلب الخادمة إلا بشرطين

الشرط الأول الضرورة.

والشرط الثاني وجود المحرم.

أما نظر الإنسان إلى وجهها فهي مثل غيرها لا يحل له أن ينظر إليها وهي غير محرم له وله النظرة الأولى إذا دخل البيت وهي كاشفة الوجه ولم تعلم به فهنا يصرف بصره وتتغطى المرأة وينتهي الإشكال وأما أن تبقى كاشفة وجهها تأتي له بالشاي والفطور والعشاء والغداء وهي كاشفة لا سيما إن كانت شابة وجميلة فالشيطان لابد أن يحرك الساكن.

***

ص: 2

‌جزاكم الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء هذه سائلة للبرنامج فضيلة الشيخ تقول هل للمرأة أن تفتش خادمتها إذا أرادت السفر دون علمها

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: ليس لها أن تفتش أغراضها لأن هذا خيانة والخادمة لها الحق وهي مصونة والذين يقدمون على هذا عندهم وساوس يظنون أنها وضعت سحراً أو ما أشبه ذلك والأصل إحسان الظن أرأيت لو أن إنسان يريد أن يفتش عن أشياء من هذه المرأة التي تفتش حوائج خادمتها هل ترضى الجواب لا ترضى بلا شك وإذا كانت لا ترضى أن يفعل بها ذلك فكيف ترضى أن تفعل ذلك بالناس.

***

ص: 2

‌أحد المتابعين للبرنامج يا فضيلة الشيخ يقول رجل عنده زوجة تعاني من مرض ملازم وأراد زوجها إحضار خادمة مسلمة فهل عليه من حرج في ذلك

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أولاً أرى أن الإنسان ينبغي له أن يصبر على التعب دون أن يلجأ إلى إحضار الخادمة وذلك لأن إحضار الخادمة يتطلب نفقات وربما يحدث مشاكل وربما يحدث فتنة في الدين وإذا دعت الحاجة أو الضرورة إلى إحضارها فلا بأس ولكن يحضرها بمحرم يكون معها يحميها ويحرسها ويحفظها وهذا المحرم إذا قدم يمكن أن يهيأ له عمل إذا لم يكن أهل البيت يحتاجونه لأعمالهم وليحرص على أن تكون الخادمة إذا دعت الحاجة إلى إحضارها مسلمة لأن الكافرة يخشى على الأطفال منها أن تغير عقيدتهم من حيث لا تشعر ولأنه لا ينبغي للإنسان أن يكون في بيته كافر لا يؤمن بالله ولأنه ينبغي أن نعلم بأن جميع الكفار أعداء للمسلمين لقول الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ) ولهذا قال الله عز وجل (وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ) وقال أيضاً (وَلأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ) .

***

ص: 2

‌أحسن الله إليكم وبارك فيكم السائلة عائشة من جمهورية مصر العربية بور سعيد تقول لدينا أخ شقيق تارك للصلاة ما حدود التعامل معه

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: التعامل معه يكون بالمعروف بمعنى أن تذهبوا إليه وتدعوه إلى الحق إلى أن يقيم الصلاة ويقوم بشعائر الإسلام فإن اهتدى فهذا المطلوب وإن أصر وأبى إلا أن يترك الصلاة فاهجروه ودعوه لأنه مرتدٌ عن دين الله والعياذ بالله والكافر المرتد أشد قبحاً من الكافر الأصلى لأن هذا رجع عن الحق بعد اعتناقه أعني المرتد بخلاف الكافر الأصلى ولهذا يجب قتل المرتد بكل حال إذا لم يتب بخلاف الكافر الأصلى فإنه يبقى على دينه ولا نقتله ما دام بيننا وبينه عهد وخلاصة الجواب أن هذا الأخ إن كان يرجى أن يستقيم على دينه ويرجع إلى رشده ويصلى فواصلوه وادعوه إلى الله وإذا كان الأمر بالعكس فاهجروه وقاطعوه.

***

ص: 2

‌سؤال من المستمع عابد من ليبيا بنغازي يقول لي جار غير مسلم يا فضيلة الشيخ وفي بعض المناسبات يرسل لي طعام وحلوى بين الفينة والأخرى فهل يجوز لي أن آكل من ذلك وأطعم أولادي

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم يجوز لك أن تأكل من هدية الكافر إذا أمنته لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قبل هدية المرأة اليهودية التي أهدت إليه الشاة وقبل دعوة اليهودي الذي دعاه إلى بيته فأكل منه عليه الصلاة والسلام.

فلا حرج في قبول هدية الكفار ولا في الأكل من بيوتهم لكن بشرط أن يكونوا مأمونين فإن خيف منهم فإنها لا تجاب دعوتهم وكذلك أيضا يشترط أن لا تكون المناسبة مناسبة دينيه كعيد الميلاد ونحوه فإنه بهذه حال لا يقبل منهم الهدايا التي تكون بهذه المناسبة.

***

ص: 2

‌بارك الله فيك هذا مستمع للبرنامج رمز لاسمه أع ع يقول شخص مسلم تدين من شخص كافر وأكل حقه فهل يصح للمسلم أكل مال الكافر بغير حق أفيدونا في ذلك

.

فأجاب رحمه الله تعالى: لا يحل للمسلم أن يأكل مال الكافر بغير حق فإذا كان قد استدان منه فإنه لا ينبغي له أن يكافئ المعروف بالإساءة ويماطل في حقه أو يجحد حقه (فإن النبي عليه الصلاة والسلام اشترى شعيرا لأهله من يهودي ورهنه درعه ومات عليه الصلاة والسلام ودرعه مرهون عند هذا اليهودي وقضي دينه بلا شك وليعلم أن المعاملات الدنيوية ليست كالمعاملة الدينية فالكافر يعامل في المعاملات الدينية بما تقتضيه حاله فيكره ويبغض ويعتقد فيه أنه عدو لله ولرسوله وللمؤمنين ولكن هذا لا يسوِّغ أن نخونه في ماله وأن نأكل ماله وأن نجحده بل نعامله بما تقتضيه الشريعة الإسلامية من العدل في المعاملات.

***

ص: 2

‌فضيلة الشيخ مع هذه الأيام ونتيجة للاحتكاك مع الغرب والشرق وغالبهم من الكفار على اختلاف مللهم ونحلهم نراهم يردون تحية الإسلام علينا حينما نتقابل معهم فماذا يجب علينا تجاههم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إن هؤلاء الذين يأتوننا من الشرق ومن الغرب والذين ليسوا بمسلمين لا يحل لنا أن نبدأهم بالسلام لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال (لا تبدؤا اليهود ولا النصارى بالسلام) ولكن إذا سلموا علينا فإننا نرد عليهم بمثل ما سلموا علينا به لقوله تعالى (وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا) وسلامهم علينا بالصيغة الإسلامية السلام عليكم لا يخلو من حالين إما أن يفصحوا باللام فيقولوا السلام عليكم فلنا أن نقول عليكم السلام ولنا أن نقول وعليكم أما إذا لم يفصحوا باللام وهو الحال الثانية مثل أن يقول السام عليكم فإن علينا أن نقول وعليكم فقط وذلك لأن اليهود كانوا يأتون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ويسلمون عليه يقولون السام عليكم غير مفصحين باللام والسام هو الموت يريدون الدعاء على النبي صلى الله عليه وسلم بالموت فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن نقول لهم وعليكم فإذا كانوا قالوا السام عليكم فإننا نقول لهم وعليكم السام هذا هو ما دلت عليه السنة وأما أن نبدأهم نحن بالسلام فإن هذا قد نهانا عنه نبينا صلى الله عليه وسلم.

***

ص: 2

‌الآداب - السلام - القيام للقادم - الطعام - النوم - التثاؤب - السفر

ص: 2

‌من مستمع للبرنامج من عمان يقول يقتصر البعض من الأخوة على لفظ السلام عند قول السلام عليكم والبعض من الإخوة يقولون السلام على من اتبع الهدى نرجو التوضيح في ذلك مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا السؤال سؤالٌ مهم وينبغي أن نلم بشيء من أحكام السلام فالسلام تحية المسلمين وصيغته أن يقول السلام عليك إن كان يسلم على واحد أو السلام عليكم إن كان يسلم على جماعة ويكون بلفظ التعريف السلام عليكم أو السلام عليك ويجوز أن يكون بلفظ سلامٌ عليكم وإن اقتصر على قوله السلام فلا بأس فإن إبراهيم عليه الصلاة والسلام لما رد السلام على الملائكة حين قالوا سلاماً قال سلامٌ أي عليكم سلام وكذلك الابتداء يقول المسلم سلام يعني سلامٌ عليكم أو السلام يعني السلام عليكم ولا بأس في هذا ورد السلام فرض عين على من قصد بالسلام فيجب على المسلَّم عليه أن يرد ويكون رده أحسن من الابتداء أو مثله لقول الله تعالى (وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا) فإذا قال المسلم السلام عليك قل وعليك السلام وإذا قالها بصوت واضح بين فأجبه بصوتٍ واضحٍ بين ويوجد بعض الناس لا يرد بأحسن مما سلم عليه به ولا بمثله فتجده يقول في الرد أهلاً ومرحباً دون أن يقول عليك السلام وهذا لا يحصل به براءة الذمة ولا يسقط به الواجب لأن الرجل دعا له بالسلام قال السلام عليك وهذا لم يرد عليه إلا أنه رحب به فقط ولم يدعو له بسلامٍ كما دعا له هو به ومن الناس من يرد بمثل ما سلم به عليه لكن الكيفية تختلف فتجد المسلم يسلم بسلامٍ واضح بين ثم يرد هو بأنفه يعني يرد رداً ضعيفاً يُسْمَع أو لا يُسْمَع وهذا الرد ليس مثل التحية ولا أحسن منها ومن الناس من يسلم عليه المسلِّم وهو ملقي إليه وجهه باش به فيرد عليه وهو مصعرٌ وجهه وبكبرياء وغطرسة وهذا لم يرد بأحسن من التحية ولا بمثلها وقد أوجب الله عز وجل أن نرد بأحسن أو بمثلها (فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا) ومما يتعلق بالسلام أنه يسلم الصغير على الكبير والقليل على الكثير والراكب على الماشي والماشي على القاعد هذا هو الأفضل والأحسن فإن لم يكن فليسلم الآخر يعني مثلاً لو لاقاك صغير ولم يبدأك بالسلام فابدأ به أنت وكان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يسلم على الصبيان إذا مر بهم فابدأ به أنت وكن متواضعاً ويكون في ذلك تربية لهذا الصبي حيث يشعر بأن هذا تحية المسلمين ومما يتعلق بالسلام أنه لا يجوز السلام ابتداءً على غير المسلمين سواءٌ كان من اليهود أو النصارى أو غيرهم لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام وإذا لقيتموهم في طريقٍ فاضطروهم إلى أضيقه) وتأمل كلام النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حيث قال (لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام) يعني فإن سلموا فردوا عليهم لأن الله قال (وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا) وهذا عام من حياك فحيه بمثل ما حياك به أو أحسن لكن قد نقول إنك لا تحيي بأحسن إذا كان المسلم غير مسلم نقول رد بالمثل لأنك لو سلمت بأحسن زدته إكراماً فإن سلم علينا أهل الكتاب من اليهود والنصارى أو غيرهم من المشركين فإننا نرد عليهم بمثل ما حيونا به (وكان اليهود يمرون بالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في المدينة يقولون السام عليك يعني الموت فيدعون بالموت على الرسول عليه الصلاة والسلام فأخبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنهم إذا سلموا علينا وقالوا السام عليكم أن نقول وعليكم) ولا نذكر شيئاً فإن كانوا قد قالوا السام عليكم فإننا رددنا عليهم بمثل ما قالوا يعني دعونا عليهم بالموت كما دعوا علينا وإن كانوا قد قالوا السلام عليكم فقد رددنا عليهم بمثل ما حيونا به يعني قلنا وعليكم السلام ومن ثم قال بعض العلماء إننا إذا علمنا أن غير المسلم سلم على المسلم بلفظٍ صريح فقال السلام عليك فإنه لا حرج أن نقول عليك السلام لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بين العلة في كوننا نقول في الرد وعليكم بأنهم كانوا يقولون السام عليكم.

ومما يتعلق بالسلام أنه ينبغي إفشاؤه وإظهاره مهما كثر وذلك لأن في إفشائه وإظهاره امتثالاً لأمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حيث قال (أفشوا السلام بينكم) وقياماً بحق أخيك المسلم لأن من حق أخيك السلام عليه إذا لاقيته ولأن في إفشاء السلام جلباً للمحبة بين المسلمين كما قال النبي عليه الصلاة والسلام (والله لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أفلا أخبركم بشيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم) أي فأظهروه وأعلنوه حتى يكون فاشياً ظاهراً إذاً إفشاء السلام فيه هذه المصالح العظيمة التواد وأنه سببٌ لدخول الجنة وإن من المؤسف أن الناس الآن أكثرهم لا يفشي السلام يمر بك فيضرب كتفه كتفك ولا يسلم إلا ما شاء الله وأن كثيراً من الناس لا يسلمون إلا على من يعرفون ومن لا يعرفون لا يسلمون عليه وهذا خلاف السنة. السنة أن تفشي السلام على من عرفت ومن لم تعرف وأنت إذا سلمت حصل لك الفوائد التي سمعت وحصل لك ثوابٌ آخر وهو أن كل تسليمة فيها عشر حسنات أفلا تغتنم هذه الفرصة لو سلمت في مرورك من بيتك إلى المسجد على ثلاثين نفراً لحصل لك ثلاثمائة حسنة. تجدها يوم القيامة أحوج ما تكون إليها ولو تركت السلام على من لاقيت فاتك هذا الأجر وحصل في قلب أخيك الذي لاقاك ولم تسلم عليه ما يحصل من الكراهة والعداوة والبغضاء وفاتك خيرٌ كثير وانظر لو أن أحداً من الأغنياء قال كل إنسانٍ يمر بهذا السوق ويسلم على من فيه وهم مائة سأعطيه لكل مرةٍ ريالاً واحداً أفتجده يهمل السلام لا يهمل السلام يسلم وربما يسلم مرتين لعله يحصل على ريالين وهذا من قلة الوعي ولو أن طلاب العلم كانوا هم القدوة في ذلك وأفشوا السلام بينهم وبينهم وبين الناس ودعوا الناس إلى هذا لفشا السلام في الأمة ولكن الكل مفرطٌ متهاون نسأل الله تعالى أن يعاملنا بعفوه.

***

ص: 2

‌هذا سائل للبرنامج يقول نود أن تلقوا الضوء على أحكام السلام لأن كثيرا من الناس يتهاون في هذا الأمر العظيم جزاكم الله خيرا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: السلام من الأمور المشروعة ومن حقوق المسلم على أخيه فإن من حق المسلم عليك أن تسلم عليه إذا لقيته ولهذا حرم النبي صلى الله عليه وسلم هجر المسلم فوق ثلاث فقال عليه الصلاة والسلام (لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام) وكان من هدي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه يبدأ من لقيه بالسلام يعني هو عليه الصلاة والسلام يبدأ من لقيه بالسلام فيسلم عليه والسلام شعار الإسلام وموجب للمحبة وكمال الإيمان وكمال الإيمان يحصل دخول الجنة قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أفلا أخبركم بشيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم) أي أظهروه وأعلنوه وصيغة السلام المشروعة أن يقول السلام عليك إن كان واحدا أو السلام عليكم إن كانوا جماعة وإن قال السلام عليكم للواحد فلا بأس هذا في الابتداء وفي الرد يقول عليك السلام أو عليكم السلام أو وعليك السلام أو وعليكم السلام كل هذا جائز ولا تحصل السنة بقول مرحبا وأهلا لا في الابتداء ولا في الرد.

ولهذا يعتبر مقصرا من إذا لاقى أخاه قال مرحبا بأبي فلان أهلا أبو فلان أو صبحك الله بالخير أو مساك الله بالخير بل يقول أولاً السلام عليك وفي الرد يقول بعض الناس أهلا أو مرحبا أو حياك الله وما أشبه ذلك وهذا ليس كافيا في رد السلام بل لابد أن يقول إذا سلم عليه عليك السلام أو كما قلنا وعليك أو وعليكم أما لو قال في رد السلام أهلا وسهلا ألف مرة ما أجزأه ولا أدى الواجب عليه قال العلماء يرحمهم الله ابتداء السلام سنة ورده واجب لقول الله تعالى (وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا) فأمر الله تعالى أولاً بالأحسن فإن لم يكن فبردها بمثلها والحسن في الرد يكون بالصيغة ويكون بالصوت ويكون بالوجه فمثلا إذا قال السلام عليك ورحمة الله فالأحسن أن تقول عليك السلام ورحمة الله وبركاته أو عليك السلام ورحمة الله حياك الله أو وعليك السلام ورحمة الله أهلا وسهلا هذا في الصيغة وأما في الصوت فإذا قال السلام عليك بصوت واضح جهرا فالرد عليه بأن يكون ردك أوضح من سلامه وأبين أو على الأقل يكون مثله أما أن يسلم عليك بصوت مسموع بين واضح ثم ترد عليه بأنفك أو بصوت قد يسمعه وقد لا يسمعه فإنك لم تأت بالواجب لأن الله قال (بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا) كذلك في البشاشة إذا سلم عليك بوجه بشوش منطلق لا ترد عليه بوجه عبوس مكفهر لأنك ما حييته بما حياك به ولا بأحسن وهذه مسائل يغفل عنها كثير من الناس فينبغي للمؤمن أن يعرفها وأن يطبقها عمليا وأقبح من ذلك ما يفعله بعض السفهاء الذين انبهروا بقوة الغرب المادية حتى ظنوا أن الرقي والتقدم بتقليدهم حتى في الشعائر الدينية حيث كان بعضهم يقول باي باي يعني السلام عليك وربما علموها صبيانهم كما سمعنا ذلك فعلا من بعض الصبيان إذا انصرف أو انصرفت عنه قال باي باي من أين جاء هذا إلا من تعليم الآباء ضعفاء النفوس ضعفاء الشخصيات فالمسلم يجب أن يكون عزيزا بإسلامه ودينه وأن يفخر إذا طبق شريعة الله في نفسه وفي عباد الله.

ثم اعلم أن المشروع أن يسلم الصغير على الكبير والقليل على الكثير والراكب على الماشي والماشي على القاعد فإن حصل تطبيق هذه السنة فهو الأفضل وإلا فليسلم الكبير على الصغير ولا يضره إلا عزاً ورفعة ولا تتركوا السلام بينكم من أجل أن الصغير لم يبتدئ السلام على الكبير وكذلك القليل على الكثير ربما تكونوا مع جماعة ويلاقيكم واحد ويكاد يتجاوز وهو لم يسلم فسلموا أنتم ولا تدعوه يمر بدون سلام لا منه ولا منكم فيذهب عنكم شعار الإسلام الذي به المودة والمحبة وثقوا أنكم إذا سلمتم عليه وأنتم جماعة وهو واحد أنه سيخجل وينتبه ويكون هذا أشد مما لو قلت يا فلان لماذا ما سلمت لأن كل إنسان بشر يخجل إذا وجد منه ما يُخَجِّل ثم إن السلام على المشغول لا ينبغي خصوصا إذا علمنا أنه يكره فمثلا لو وجدت إنسانا مشتغلا بقراءة القرآن وتعرف أنك لو سلمت عليه قطعت عليه قراءته وهو يقرأ عن ظهر قلب فلا تسلم عليه إلا إذا خفت أن يحمل ترك السلام على شيء آخر فسلم عليه درءا للمفسدة كذلك أيضا مما يلاحظ أن بعض الناس إذا سلم من الصلاة سلم على الذي على يمينه أو على يساره مع أنه قد سلم عليه وهذا لا حاجة إليه إلا إذا كنت تخشى إن يحمل ترك السلام على الكبر أو ما أشبه ذلك فدرء المفاسد أولى من جلب المصالح ودرءاً أن يكون هناك بدعة يمكن أن تمد يدك إليه وتصافحه وتقول مرحبا بأبي فلان كيف حالك كيف أنت دون أن تلقي السلام لأنك قد ألقيته من قبل وتشاهد بعض الأحيان رجلين جاءا جميعا فصلىا تحية المسجد أو الراتبة ثم إذا انتهيا من الصلاة سلم أحدهما على الآخر مما يخشى أن يعتقد الجميع بأن من السنة إلقاء السلام بعد انتهاء الصلاة وهذا ليس بسنة.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم يا شيخ محمد تحية السلام شعيرة عظيمة الحقيقة يتهاون فيها كثير من الناس إذا مر بإخوانه تجده إما لا يرد أو يرد بصوت خافت لعل لكم توجيه في هذا اللقاء

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: توجيهنا في هذا أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال (والله لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أفلا أخبركم بشيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم) وأخبر صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن من حق المسلم على أخيه إذا لقيه أن يسلم عليه فالسلام سنة مؤكدة من سنن الدين الإسلامي ولذلك لا ينبغي للمسلمين أن يدعوا هذه السنة وهذه الشعيرة العظيمة التي هي من أجل خصائص الإسلام ثم إن المُسلِّم إذا سلَّم أدى حق أخيه وأتى بما يوجب المحبة الذي بها كمال الإيمان وبالإيمان الكامل يحصل دخول الجنة ثم إنه يؤجر على السلام. إذا قال السلام عليك فله عشر حسنات وإذا قال ورحمة الله عشرون وإذا قال وبركاته ثلاثون فكيف يحرم نفسه هذا الأجر العظيم مع أنه لو قيل له إذا سلمت أعطيناك درهما واحدا لرأيته يسلم على كل من لقيه بل ربما يتردد عليه ويردد السلام من أجل أن يحصل على زيادة دراهم فكيف بالحسنات التي يكون الإنسان محتاجا إليها أحوج ما يكون في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم وإذا سلم الإنسان فليكن السلام بالطريقة الشرعية يعني بمعنى أن يقول السلام عليكم لا أن يقول مرحبا أهلا حياكم الله صبحكم الله بالخير بل يقول السلام عليكم ثم يزيد ما شاء الله من ألفاظ التحية والراد عليه يجب أن يقول عليكم السلام ولا يكفي أن يقول أهلا ومرحبا أو حياكم الله أو ما أشبه ذلك وإذا قال حياكم الله كيف أصبحتم وكيف أنتم لو قالها ألف مرة لا يجزئ بل عليه أن يقول عليكم السلام أو وعليكم السلام ومهما لقيت من المسلمين فسلم عليهم حتى لو كان على معصية لو فرض أنك لاقيت شخصا حالق للحيته وحلق اللحية حرام أو مسبل ثوبه وإسبال الثوب حرام فسلم عليه لأنه مؤمن لم يخرج من الإيمان وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام) ثم إن الهجر لهؤلاء هل يخفف من المعصية بمعنى أن المهجور هل سينتقد نفسه ويدع ما هو عليه من المعصية أو أنه في الغالب لا يزيد الأمر إلا شدة وكراهية فنكون هنا تحملنا إثما إلى إثم الهجر ولذلك نقول إن الهجر دواء أعني هجر أهل المعاصي دواء إن نفع فافعله وإن لم ينفع فلا تفعله ولعل قائلاً يقول إن كعب بن مالك رضي الله عنه وعن صاحبيه أمر النبي صلى الله عليه وسلم بهجرهم وعدم كلامهم لأنهم تخلفوا بلا عذر عن غزوة تبوك فيقال هذا الهجر حصل به خير كثير ونفع عظيم فإنهم رضي الله عنهم ندموا أشد الندم ورجعوا عما هم عليه وتابوا بنص القرآن فإذا حصل أن الهجر ينفع ويوجب أن يتوب المهجور فنعم الهجر هو وإلا فإنه لا يهجر الإنسان ولو كان مجاهرا بالمعصية لكن يسلم عليه وينصح ومع السلام عليه والنصيحة ربما يلين قلبه ويألف من نصحه ويأخذ بنصيحته هذا بالنسبة للمسلم العاصي أما الكافر فإنه لا يجوز ابتداؤه بالسلام مهما كان فلا تبدأه بالسلام حتى لو كان رئيسا للجهة التي أنت تعمل فيها فلا تسلم عليه ابتداءاً لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال (لا تبدؤا اليهود والنصارى بالسلام وإذا لقيتموهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقه) لكن قد يبتلى الإنسان بكافر نصراني أو غير نصراني يكون رئيسا على الجهة التي هو فيها فماذا يصنع إذا دخل عليه وهو يريد منه حاجة؟ إن دخل ولم يتكلم إلا بحاجته عرف ذاك أنه يكيد له وإن سلم وقع فيما نهى عنه الرسول عليه الصلاة والسلام فنقول إذا اضطر إلى أن يتحدث معه بالتحية فليقل صباح الخير يا فلان أو مرحبا أو ما أشبه ذلك من الكلمات التي ليست دعاء له بالسلامة أو يقول السلام ويحذف البقية وينوي بقوله السلام يعني علينا وعلى عباد الله الصالحين حتى لا يقع فيما نهى عنه الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

***

ص: 2

‌أحسن الله إليكم فضيلة الشيخ يقول السائل إذا سلم علي الرجل وأنا أقرأ القرآن هل أقطع القراءة وأرد السلام وما هي الأحكام المتعلقة بالسلام مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا سلم عليك أحد وأنت تقرأ القرآن فأنت بالخيار إن شيءت فرد عليه السلام وهو الأفضل بلا شك والأبعد عن الحساسية وإن شيءت فلا ترد خصوصاً إذا كان ردك يقطع عليك القراءة كما لو كان الإنسان يقرأ عن ظهر قلب فإن بعض الناس إذا رد السلام على المسلم وهو يقرأ عن ظهر قلب ضاعت عليه قراءته وخلاصة الجواب إن الأفضل أن ترد السلام عليه لكن إن شيءت رد باللفظ وإن شيءت رد بالإشارة ولكنه باللفظ أولى بلا شك وأما الأحكام المتعلقة بالسلام فكثيرة منها

أولاً أن السلام سنةٌ مؤكدة ولا يحل لأحدٍ أن يهجر أخاه فوق ثلاث يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام.

ثانياً السلام دعاء للمسلم عليه لأن قولك السلام عليك يعني أنك تدعو له بالسلامة

ثالثاً السلام الشرعي هو السلام عليك أو سلامٌ عليك وليس كما يفعله بعض الجهال حياك الله أهلاً وسهلاً مرحبا أبو فلان هذا تحية وليس سلاماً.

ومن أحكام السلام أنه يجب على المسلم عليه أن يرد لقوله تعالى (وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا) فيرد ويقول عليكم السلام ويكون رده كسلام المسلم عليه من حيث الجملة ومن حيث الصوت ومن حيث البشاشة فإذا قال المسلم السلام عليك ورحمة الله فالواجب أن تقول السلام عليك ورحمة الله وإذا سلم عليك بصوتٍ واضح رد عليه بصوتٍ واضح لا ترد عليه بأنفك كما يفعله بعض المتكبرين يرد عليك بأنفه فلا تدري أرد أم لا فهذا من الكبرياء والذي يرد على هذا الوجه وصاحبه قد أدى سلاماً صريحاً يكون آثماً لأنه لم يقم بواجب الرد.

ومن أحكام السلام أن القليل يسلم على الكثير والصغير يسلم على الكبير والماشي على القاعد هذا هو الأفضل تنزيلاً لكل إنسانٍ منزلته فإن لم يسلم القليل على الكثير أو الصغير على الكبير أو الماشي على القاعد فليسلم الآخر ولا تترك السنة بينهما فمثلاً إذا لقيك شخصٌ دونك ولم يسلم فسلم عليه بل أنت ابدأ السلام لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال (خيرهما الذي يبدأ بالسلام) وكان يسلم على الصبيان إذا مر بهم عليه الصلاة والسلام ومن أحكام السلام أنه ينبغي إذا قرع الباب على شخص أن يقول (السلام عليكم أأدخل) إن كان الباب مغلقاً وإن لم يكن مغلقاً قال السلام عليكم ولا حاجة أن يقول أأدخل لأنه إذا كان قد دعاك وأتيت والباب مفتوح فهذا يعني الإذن في الدخول

ومن أحكام السلام أن لا تسلم حال خطبة الإمام يوم الجمعة لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال (إذا قلت لصاحبك أنصت يوم الجمعة فقد لغوت ومن لغا فلا جمعة له) هذا رغم أنك أمرته بمعروف والأمر بالمعروف واجب فلا تسلم على أحدٍ والإمام يخطب أما بين الخطبة والصلاة أو بين الخطبة والأذان فلا بأس ومن أحكام السلام أن لا يحصل منه فتنة فلا يسلم الرجل على المرأة ولا المرأة على الرجل اللهم إلا أن تكون المرأة من محارمه أو معارفه كامرأة الجيران وامرأة العم وما أشبه ذلك فله أن يسلم بدون خلوة وهذا يقع كثيراً يدخل الرجل على بيته فيجد فيه امرأة الجيران أو امرأة أحدٍ من أقاربه فيسلم فلا حرج فيه أما أن تقابل امرأة في السوق فتسلم عليها أو تسلم عليك فلا لأن هذا يجر إلى الفتنة.

***

ص: 2

‌جزاكم الله عنا كل خير هذا السائل يقول في سؤاله حضرت إلى المسجد ووجدت المؤذن يقرأ في كتاب الله بصوت عالي أيهما أفضل إلقاء السلام في مثل هذه الحالة أم أصلى تحية المسجد أو أتركه يقرأ في كتاب الله تعالى دون قطع القراءة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: في هذه الحال لا تسلم عليه لئلا تقطعه من قراءته إلا إذا خفت أن يترتب على ذلك شر فلا حرج أن تسلم عليه ولكن هذا السائل ذكر أن المؤذن يجهر بالقراءة فإن كان يجهر بالقراءة جهراً يشوش على من صلى فإنه لا يحل له ذلك لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال لأصحابه وهم يصلون ويجهرون (كلكم يناجي ربه فلا يجهرن بعضكم على بعض في القراءة) وفي حديث آخر (فلا يؤذين بعضكم بعضاً في القراءة) فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن هذا إيذاء ومن المعلوم أنه يحرم على الإنسان أن يؤذي إخوانه المؤمنين قال الله تعالى (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً) وكان الرجل يأتي إلى المسجد قد أكل بصلاً أو ثوماً أو كراثاً مما له رائحة كريهة فيخرج من المسجد لئلا يتأذى الناس برائحته.

***

ص: 2

‌أحسن الله إليكم وبارك فيكم فضيلة الشيخ يلاحظ من بعض الناس أنه عندما يريد الانصراف من المسجد يقوم بالسلام على الإمام أو المأمومين وقد يكون ذلك قبل أن يتم قراءة الذكر الذي يقال عقب الصلاة ما حكم ذلك أرجو توضيح ذلك وفقكم الله لتعم الفائدة وهل فعله في بعض الأحيان طيب لتأليف القلوب

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أما إذا سلم عند الانصراف من المسجد فلا أرى في هذا بأسا وإن كنت لا أعلم أن في ذلك سنة عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لكن عموم الأدلة في مشروعية السلام عند الانصراف قد تدخل فيه هذه المسألة وأما ما يفعله بعض الناس من أنهم إذا سلموا من الصلاة جعلوا يسلمون على الإمام وهم جلوس من غير انصراف فهذا بدعة وليس بمشروع لأنه ليس له سبب والسلام من الصلاة كاف عن هذا.

***

ص: 2

‌جزاكم الله خيراً هذا السائل يقول يا فضيلة الشيخ إذا دخلت المسجد وليس فيه أحد هل أسلم من أجل وجود الملائكة عليهم السلام

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: سلم على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وكفى قل بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله اللهم افتح لي أبوب رحمتك أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وبسلطانه القديم من الشيطان الرجيم.

***

ص: 2

‌هذا السائل منصور من الطائف يقول شخص بدأ بالسلام ونحن في المسجد فرد البعض والبعض الآخر لم يرد جهراً فما حكم هؤلاء الذين ردوا السلام سراً جزاكم الله خيرا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لم يبلغني سنة خاصة في أن من دخل المسجد يسلم سلاماً عاماً لكن وردت السنة بأن من حضر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسلم عليه كما في حديث الرجل الذي دخل إلى المسجد فصلى صلاة لا يطمئن فيها ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فرد عليه السلام وقال (ارجع فصل فإنك لم تصل) والحديث مشهور ويسمى عند العلماء حديث المسيء في صلاته لكن لو سلم حين دخل المسجد وانتهى إلى الجالسين فهذا قد يقال إنه مشروع بناء على العمومات وفي هذه الحال يجب أن يرد عليه أحد الحاضرين رداً يسمعه لقول الله تعالى (وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا) والرد الذي لا يُسمع لا يفيد ولا تحصل به الكفاية وعلى هذا فالذين ردوا عليه حصلت بهم الكفاية فلا حاجة إلى أن يرد الجميع بل قد نقول إن رد الجميع غير محبوب لأنه قد يكون بعض الناس يصلى فيشوش عليه الرد من الجميع.

***

ص: 2

‌المستمع مصري يقول فضيلة الشيخ عندما أكون في المسجد وأنا أقرأ القرآن ويدخل البعض من المصلىن ويلقون السلام فهل أرد عليهم السلام أم أستمر في القراءة أرجو الإفادة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: يقول العلماء إن السلام على قارئ القرآن أوعلى غيره ممن هو مشتغل بقراءة كتاب أو نحو ذلك لا تنبغي لأن هذا يشغله وكثير من الناس الذين يقرؤون القرآن ولا سيما الذين يقرؤون عن ظهر قلب إذا سلم عليهم أحد ارتبكوا ثم نسوا أين وقفوا عليه لأن الأمر يأتيهم بغتة فربما يكررون الآيات عدة مرات إذا كثر المسلمون عليهم لهذا لا ينبغي أن تسلم على من كان مشغولا إلا إذا انتهى شغله فبإمكانك أن تسلم هذا ما لم يكن هذا المشغول من ذوي الإحساس والشعور المرهف الذي يظن أنك لم تسلم احتقارا له أو هجرا له فحينئذ سلم درءا لهذه المفسدة أما المصلى فقد ورد السلام عليه إذا دخلت على شخص يصلى وسلمت عليه فلا بأس ولكن لا يرد عليك باللفظ فيقول عليك السلام لأنه إذا رد عليك باللفظ قاصدا عالما أن الكلام يبطل الصلاة فإن صلاته تبطل ولكنه يرد بالإشارة يرفع يده مشيرا إلى أنه أحس بك ورد عليك السلام ولكن لا يرفعها كما يرفعها كثير من الناس حتى تكون حذو أذنيه إنما يرفعها رفعا يسيرا يعرف به المسلم أنه أحس به ورد عليه السلام ثم إن بقي هذا المسلم حتى سلمت من الصلاة رد عليه السلام لفظا وتحدث إليه إذا شيءت أما إذا انصرف فتكفي الإشارة الأولى.

***

ص: 2

‌يقول السائل ألاحظ أن أغالب أفراد المجتمع اليوم استبدلوا تحية الإسلام المشروعة على بعضهم بقولهم صباح الخير ومساء الخير فما رأيكم في هذه الظاهرة وهل تكفي عن السلام المشروع

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذه الظاهرة ظاهرة لا ينبغي أن يكون عليها المجتمع الإسلامي لأنه استبدال التحية الإسلامية بمجرد الترحيب فقول المسلّم السلام عليكم ورحمة الله السلام عليكم هذا دعاء للمسلم عليه بالسلامة من الآفات الدنيوية والدينية مع ما يتضمنه من التحية فلا ينبغي أن يبدل السلام بشيء لا يتضمن هذا الدعاء وإذا كان الإنسان يريد أن يسلم السلام المشروع فإنه يقول السلام عليكم ثم إن شاء قال صباح الخير أو مساء الخير أو كيف أصبحت أو كيف أمسيت أو ما أشبه ذلك وأشد من ذلك من إذا سُلِّمَ عليه وقيل السلام عليكم رد بقوله أهلا وسهلا أو بقوله مرحبا أو بقوله حياك الله وما أشبهه دون أن يرد الرد الواجب وهو أن يقول وعليكم السلام لأن الله يقول سبحانه وتعالى (وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا) فمن دعا لك بالسلام ولم ترد عليه مثل هذا الدعاء فأنك ما حييته بأحسن ولا رددت عليه تحيته فيجب على من سلم عليه السلام المشروع السلام عليكم أن يقول عليكم السلام.

يافضيلة الشيخ: ما حكم البدء بالسلام والرد؟

فأجاب رحمه الله تعالى: البدء بالسلام سنة مؤكدة وخير الناس من يبدأ بالسلام لأن الرد فرض على من سلم عليه أن يرد لكن إذا سلم على جماعة فإنه يكفي عن الرد منهم واحد يعني الرد عند أهل العلم فرض كفاية وليس فرض عين.

***

ص: 2

‌يقول السائل البعض إذا قدم على الناس لا يؤدي تحية الإسلام فلا يقول السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ولكنه يستبدلها بتحية أخرى ثابتة عند بعض الناس مثل يا الله حيهم أو مثل ذلك

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا من الجهل أو التهاون فالذي يحدث من بعض الناس في مثل هذا إما لجهل منهم في الأمر المشروع وأما تهاون وعدم مبالاة وكلاهما مذموم لكن الجهل أهون من التهاون ولهذا ننصح إخواننا الذي اعتادوا على مثل هذا أن يدعوا هذا وأن يبدؤوا بالتحية المشروعة أولاً ثم يحيوا ثانياً فيقول مثلاً إذا دخل على الناس أو أقبل عليهم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ثم يحييهم بما يناسب من التحيات غير الممنوعة وكذلك أيضاً إذا دخل أحد على شخص وسلم عليه السلام المشروع فإنه لا يكتفي بقوله أهلاً ومرحباً أو حياك الله أو ما أشبه هذا فإن ذلك لا يجزئه بل هو آثم به إذا اقتصر عليه يعني إذا قال لك قائل السلام عليكم فالواجب أن ترد عليه بقولك عليك السلام أو وعليك السلام أو عليكم بالجمع أو وعليكم فإن اقتصرت على قولك مرحباً وأهلاً أو ما أشبه ذلك فإنك لم تأت بالواجب عليك من رد السلام كما في قوله تعالى (وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا) والذي يجيب المسلم القائل السلام عليكم بقوله مرحباً أهلاً حياك الله لم يكن حيا بأحسن مما حيي به ولا رد ووجه ذلك أن قول المسلم السلام عليكم دعاء بأن يسلمه الله تعالى من جميع الآفات آفات الدنيا وآفات الآخرة وهو أيضاً سلام وأمن فهو دعاء وإخبار بالسلام والأمن وأنت إذا قلت حياك الله أو أهلاً ومرحباً لم تأت بمثله في الدعاء وغاية ما هناك أنك حييته بهذه التحية وهو قد حياك ودعا لك وأمّنك ففي قوله السلام عليكم تحية ودعاء وتأمين وفي قولك مرحباً وأهلاً مجرد تحية فقط لهذا يجب التنبه لمثل هذه المسألة وأن يرد الإنسان السلام بمثله أولاً ثم بالتحية المباحة ثانياً.

***

ص: 2

‌أحسن الله إليكم هذا السائل يا فضيلة الشيخ يقول إذا بدأ المسلم التحية بقوله مساء الخير أو صباح الخير هل هي تحية جاهلية

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: التحية الإسلامية الشرعية أن يقول السلام عليكم هذه التحية سواءٌ كان ذلك بالمخاطبة كما لو لقيه في السوق أو دخل عليه في المجلس أو كلمه في الهاتف أو كان بالكتابة وأما أهلاً وسهلاً ومرحباً وما أشبه هذا فإن هذه تأتي بعد السلام ولهذا جاء في حديث المعراج أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (كلما لقي أحداً ممن لقيهم سلم عليهم فردوا السلام وقالوا مرحباً) فدل ذلك على أن كلمات الترحيب إنما تكون بعد السلام المشروع.

***

ص: 2

‌أحسن الله إليكم شيخ محمد قد يظن بعض الجهال يا فضيلة الشيخ أنه لا يسلم على أحد حتى يتحقق من دينه

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا كان البلد أكثر مَنْ فيها غير مسلمين فهنا لا يسلم اعتبارا بالأكثر حتى يعرف أنه من المسلمين وأما إذا كان الأمر بالعكس أكثر مَنْ في البلد مسلمون فإنه يسلم لأنه لم يتعمد مخالفة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وإذا تساوى الأمران تجاذب هنا حق المسلم وعدم حق الكافر فيكون في هذا الحال مخيرا إن شاء سلم وإن شاء لم يسلم ولهذا كان في عهد الصحابة والخلفاء الراشدين الكافر يتميز عن المسلم باللباس وبركوب الدابة فكانوا يجبرون على هذا أعني أهل الذمة لا بد أن يتميزوا عن المسلمين لكن الآن كما ترى اختلط الحابل بالنابل وصار الناس سواء.

***

ص: 2

‌يقول السائل سمعت من إحدى الإذاعات وهي تقول عن آداب السلام تقول يجب على كل مسلم أن يراعي السلام فإذا دخل على جماعة وهم مسلمون فيقول السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما إذا لم تكن تلك الجماعة من المسلمين فيقول فقط السلام عليكم وقد سمعت من برنامجكم هذا أنه لا يجب السلام على الكافر فما هو الرأي والجواب الصحيح

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الجواب الصحيح أن السلام سنة مؤكدة إذا مر الإنسان على مسلم أو أتى إليه فإنه يسلم والسنة أن يسلم القليل على الكثير والصغير على الكبير والماشي على القاعد والراكب على السائر على قدميه ولكن إذا لم يتأتى ذلك ولم يسلم القليل على الكثير فليسلم الكثير ولا تترك السنة لكون البعض لم يأت بها وأما السلام على غير المسلمين فإنه لا يجوز الإبتداء بالسلام لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول (لا تبدؤوا اليهود ولا النصارى بالسلام) فإذا كان هذا في اليهود والنصارى فغيرهم من باب أولى فلا يجوز أن نبتدأ غير المسلم بالسلام ولكن إذا سلم عليه غير المسلم فإنه يرد عليه ويقول وعليكم.

***

ص: 2

‌رسالة وصلت من العراق من مستمع للبرنامج رمز لاسمه بـ أ. أ. يقول أنا طالبٌ بالكلية وهناك البعض ممن يدرسون معنا من غير المسلمين هل يجوز البدء بالسلام عليهم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: البدء بالسلام على غير المسلمين محرم ولا يجوز لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال (لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام وإذا لقيتموهم في طريقٍ فاضطروهم إلى أضيقه) ولكنهم إذا سلموا وجب علينا أن نرد عليهم لعموم قوله تعالى (وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا) وكان اليهود يسلمون على النبي صلى الله عليه وسلم فيقولون السام عليك يا محمد والسام بمعنى الموت يدعون على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالموت فقال النبي عليه الصلاة والسلام (إن اليهود يقولون السام عليكم فإذا سلموا عليكم فقولوا وعليكم) فإذا سلم غير المسلم على المسلم فقال السام عليكم فإننا نقول وعليكم وفي قوله صلى الله عليه وسلم (قولوا وعليكم) دليلٌ على أنهم إذا كانوا قد قالوا السلام عليكم فإن عليهم السلام فما قالوا نقوله لهم ولهذا قال بعض أهل العلم إن اليهودي أو النصراني أو غير المسلمين إذا قالوا بلفظٍ صريح السلام عليكم جاز أن نقول عليكم السلام ولا يجوز كذلك أن يبدؤوا بالتحية كأهلاً وسهلاً وما أشبهها لأن في ذلك إكراماً لهم وتعظيماً لهم ولكن إذا قالوا لنا مثل هذا فإننا نقول لهم كما يقولون لأن الإسلام جاء بالعدل وإعطاء كل ذي حقٍ حقه ومن المعلوم أن المسلمين أعلى مكاناً ومرتبةً عند الله عز وجل فلا ينبغي أن يذلوا أنفسهم لغير المسلمين فيبدؤوهم بالسلام.

إذاً خلاصة الجواب لا يجوز أن يبدأ غير المسلمين بالسلام لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك ولأن في هذا إذلالاً للمسلم حيث يبدأ بتعظيم غير المسلم والمسلم أعلى مرتبةً عند الله عز وجل فلا ينبغي أن يذل نفسه في هذا أما إذا سلموا علينا فإننا نرد عليهم بمثل ما سلموا وكذلك أيضاً لا يجوز أن نبدأهم بالتحية مثل أهلاً وسهلاً ومرحباً وما أشبه ذلك لما في ذلك من تعظيمهم فهو كابتداء السلام عليهم.

***

ص: 2

‌السائل س ح ع يقول فضيلة الشيخ ما رأيكم فيمن لا يسلم إلا بصوت منخفض أو لا يسمع منه إلا الصفير

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال (والله لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أفلا أخبركم بشيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم) وإفشاء السلام إظهاره وإعلانه ولا شك أن من سلم على وجه لا يسمع منه إلا الصفير لم يفش الإفشاء الذي ينبغي أن يكون عليه السلام بل الذي ينبغي أن تسلم سلاما ظاهرا يسمعه صاحبك ويأنس به ويطمئن إليك به ويكون بصدر منشرح ووجهه طليق ويرد عليك مثلما سلّمت عليه أو أحسن لقول الله تعالى (وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا) وإنني بهذه المناسبة أود أن أنبه على شيء آخر يفعله بعض المجيبين للسلام تجد الرجل يسلم على أخيه بسلام بين واضح بملء فيه فيرد عليه الثاني بأنفه ولا يسمع منه إلا الصفير فنقول إن هذا لم يرد عليه السلام الواجب لأن الله تعالى قال (فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا) ومن المعلوم أنه إذا سلم عليك بسلام بين فصيح واضح ثم رددت عليه هذا الرد أنك لم ترد عليه تحيته ولم ترد عليه بأحسن فتكون آثما وكذلك يوجد بعض الناس إن سلموا عليه قال أهلا وسهلا أهلا ومرحبا وهذا الرد ليس بكافٍ ولا تبرأ به الذمة وليس مثل الذي سلم عليك ولا أحسن منه فهو سلم عليك السلام عليكم وتلفظ بالدعاء لك بالسلامة وأنت رددت هذا الرد أهلا وسهلا فهو ألقى الدعاء وأنت لم ترد عليه دعاءه بل غاية ما فيه أنه يدل على أنك رحبت به فقط لذلك يجب على من سلم عليه أخوه فقال السلام عليكم أن يرد فيقول عليكم السلام ثم إذا شاء بعد ذلك أردفها بأهلا وسهلا ومرحبا وكيف أنت وكيف حالك وما أشبهه.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم المستمعة خ. ي من ليبيا تقول فضيلة الشيخ إذا كنت أريد أن أعزي أحد أو أهنئه أو أسلم عليه وهو جالس هل أمد يدي له أو أنحني له لأسلم عليه

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا يحل للمرأة أن تصافح الرجل إذا كان من غير محارمها سواء صافحته مباشرة أو من وراء حائل لأن ذلك فتنة ووسيلة إلى الفاحشة وما كان وسيلة للشر كان ممنوعا فلا يحل لها أن تصافح أحدا من غير محارمها أما محارمها فيجوز لها أن تصافحهم ولكنها لا تنحني لهم لأن الانحاء حين الملاقاة والمصافحة منهي عنه وعلى هذا نقول في خلاصة الجواب لا بأس أن تصافح المرأة من كان من محارمها ولا يحل لها أن تصافح من ليس من محارمها لأي سبب كان.

***

ص: 2

‌يقول السائل بعض الناس هداهم الله إذا مر على الناس وهم جالسون أو مر على شخص أومأ إليه برأسه يقصد السلام هل نرد عليه أم لا علما بأنه قريب

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا يجب الرد على مثل هذا لأن الرد إنما يجب على من سلم السلام المشروع وهو قوله السلام عليكم هذا هو الذي يجب أن يرد عليه فأما الذي أومأ برأسه فقط أو بيده فقط فهذا لا يستحق الرد عليه لأنه خروجٌ عن المشروع ولكن ينبغي في هذه الحال أن تبين له أن السلام المشروع هو أن يقول السلام عليكم حتى لا يكون في نفسه عليك حرج أو عداوة وحتى يستفيد أيضاً من كلامك له بأن هذا هو السلام المشروع وهذا أيضاً مثل قول الإنسان أهلاً وسهلاً ومرحباً فهذا ليس هو السلام المشروع بل السلام المشروع السلام عليكم ويرد المسلم عليه ويقول وعليكم السلام.

***

ص: 2

‌أحسن الله إليكم يقول السائل إذا سلم رجل على إنسان فسمعه رجل آخر فهل يجب عليه أن يرد السلام

.

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا سلم شخص على رجل فإنه لا يلزم الآخر أن يرد عليه لأنه غير مقصود بهذا السلام أما إذا سلم على الجماعة عموماً فإنّ رد واحدٌ منهم كافٍ لأن رد السلام فرض كفاية وليس فرض عين قال أهل العلم وإذا دخل على جماعة وسلم وهو يريد واحداً منهم لكونه كبيراً فيهم فإنه يجب على هذا الذي قصد بالسلام أن يرد وإن رد غيره لأن الظاهر إن المُسلِّم إنما أراد هذا الشخص الكبير.

***

ص: 2

‌السائل الذي رمز لاسمه بـ أبي محمد أأ يقول في هذا السؤال لدينا شخص مسؤول عنا في الشركة دائماً في حالة غضب لا يرد السلام علينا إلا نادرا وإذا سلمنا عليه لا يرد السلام فهل نؤجر على ذلك في صبرنا وما هو أجر من رد السلام

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا شك أن الإنسان إذا صبر على أذى إخوانه وعدم قيامهم بحقه واحتسب الأجر على الله عز وجل فإنه مأجور بذلك ولكن ينبغي أن يكون الأخوة ولا سيما المشتركون في عمل من الأعمال أن يكونوا متآلفين متحابين يسلم بعضهم على بعض ويرد بعضهم على بعض ولا يكون في قلوب أحد منهم على الآخر حقدا ولا غضبا وهم إذا سلموا عليه ولم يرد السلام حصل لهم الأجر أعني أجر السلام على أخيهم وحصل عليه الوزر أعني وزر عدم رد السلام وقد ذكر أهل العلم رحمهم الله أن ابتداء السلام سنة ورده فرض فيكون هؤلاء مأجورين على فعل السنة وذلك الذي لم يرد السلام مأزورا على عدم القيام بالواجب.

***

ص: 2

‌أحسن الله إليكم إذا كنت استمع على المذياع وسلم المتحدث الذي في الراديو أو في المذياع ما حكم الرد إذا قال السلام عليكم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أتوقف في هذا تارة أقول يجب الرد لأن المذيع يسلم على كل المستمعين وتارة أقول لا يجب الرد لأنه لو رد ماذا يستفيد لن يسمعه المذيع فأنا أتوقف فيها ولكن لو رد وقال عليكم السلام فهذا لا بأس به إن شاء الله.

***

ص: 2

‌السائلة تذكر بأنهم مجموعة من المعلمات نلتقي في المدرسة صباح كل يوم فهل يجب أن نتصافح مع بعضنا البعض كل صباح أم يكتفى بإلقاء السلام على المجموعة عامة عند الدخول إلى الإدارة أو غرفة المعلمات

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا دخل الإنسان إلى مجلس قوم فإنه يسلم عليهم عموما ولا يصافحهم لأنني إلى ساعتي هذه لم أعلم أنه جاء في السنة أن الرجل إذا دخل مجلساً بدأ من أول من يصادفه عند دخوله وجعل يصافحه حتى يدور على أهل المجلس كلهم وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتى إلى مجلس قوم جلس حيث ينتهي به المجلس ولم يذكر أنه يدور على القوم فيصافحهم ولم أعلم هذه العادة إلا من قريب فقد كان علماؤنا ومشايخنا إذا دخلوا إلى المجلس إن كان قد تركوا لهم مجلسا معينا ذهبوا إليه وإلا جلسوا حيث يكرمهم أهل المجلس في المكان الذي يليق بهم بدون أن يمروا على الناس ويصافحوهم فالذي أرى أن يكتفي الإنسان بالسلام العام ثم يجلس حيث ينتهي به المجلس.

***

ص: 2

‌أحسن الله إليكم السائل ج. الفريح تقول ما حكم رد السلام بصيغة وعليهم السلام

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا يصح الرد بهذه الصيغة لأنه لم يرد على المسلِّم فإن الهاء ضمير للغائب لا للمخاطب والمسلِّم يخاطب المسلَّم عليه يقول السلام عليكم فيجب أن يكون الرد بصيغة المخاطب عليكم السلام فإن قال عليهم لم يجزئه ثم إن قال وعليهم السلام فقد يقع في قلب المسلِّم شيء حيث قال عليهم السلام ولم يقل عليكم ولا يجوز للإنسان أن يتعاطى ما يوجب الحقد والبغضاء.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم تقول السائلة عندما نكون في مجلس وتدخل علينا امرأة نقف ونسلم عليها وذلك ليس تعظيماً لها ولكن احتراماً لها وهذه عادة منتشرة بين الناس فهل يجوز هذا العمل

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا حرج على الإنسان أن يقوم للداخل إذا كان الداخل أهلاً للإكرام والاحترام وقد جرت عادة الناس بذلك وترك القيام في هذه الحال قد يؤدي إلى تهمة الجالس بأنه مستكبر وقد يجعل في قلب القادم شيئاً من الضغينة حيث يعتقد كثير من الناس أنه إذا لم يقم له صاحب البيت فإن هذا إشارة إلى كراهيته لقدومه وعلى كل حال متى اعتاد الناس أن يقوموا بعضهم لبعض وعدوا ترك القيام من الإهانة فإنه لا حرج في هذه الحال أن يقوم الإنسان للداخل وقد فصّل بعض أهل العلم هذه المسألة إلى ثلاثة أقسام:

القسم الأول القيام إلى الرجل بتلقيه والاحتفاء به.

والثاني القيام للرجل احتراماً له وتعظيماً له.

والثالث القيام على الرجل.

فأما الأول فهو القيام إلى الرجل لتلقيه وبذل التحية له فإن ذلك لا بأس به وربما يستدل عليه بقول النبي صلى الله عليه وسلم للأنصار (قوموا إلى سيدكم) يعني سعد بن معاذ حينما أقبل إلى النبي صلى الله عليه وسلم راكباً على حمار وكذلك في قصة أبي طلحة حينما قام ليتلقى كعب بن مالك رضي الله عنه عند دخوله إلى المسجد بعد توبة الله عليه وكان ذلك بحضور النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينكر عليه.

وأما القيام للرجل إذا دخل احتراماً وتعظيماً له فإنه لا شك أن الأولى أن لا يعتاد الناس هذا الأمر وإن يكونوا كما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم لا يقومون للنبي صلى الله عليه وسلم مع أنه أحق الناس بالإكرام لكنه صلى الله عليه وسلم يكره أن يقوم الناس له فلو ترك الناس هذه العادة أعني عادة القيام للداخل لكان خيراً وأحسن وأقرب إلى عمل الصحابة رضي الله عنهم والسلف الصالح وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل المجلس لا يقومون له ولكنه يجلس حيث ينتهي به المجلس ويكون مكان جلوسه هو صدر المجلس وإن كان في آخر المجلس والعبرة بالداخل لا بمكان الداخل فإن الرجل الذي له احترام وتعظيم إذا جلس في أي مكان من المجلس في أسفله أو في أعلاه أو في جوانبه سوف يكون محل الصدارة للجالسين أما القيام على الرجل فإنه منهي عنه نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك وقال (لا تقوموا كما تقوم الأعاجم على ملوكها) حتى إنه صلى الله عليه وسلم لما صلى قاعداً وقام الصحابة خلفه أشار إليهم أن اجلسوا فجلسوا وقال لهم (إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه فإذا كبر فكبروا وإذا ركع فاركعوا وإذا سجد فاسجدوا وإذا صلى قائماً فصلوا قياماً وإذا صلى قاعداً فصلوا قعوداً) إلا أن يكون في القيام على الرجل مصلحة دينية فإنه لا حرج فيه بل هو مطلوب لتحقيق هذه المصلحة ودليل ذلك ما فعله الصحابة رضي الله عنهم مع النبي صلى الله عليه وسلم حين كانت المراسلة بينه وبين قريش في صلح الحديبية فإن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه كان قائماً على النبي صلى الله عليه وسلم ومعه السيف ليري رسل المشركين عزة المسلمين وتعظيمهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم فهذا خير ومطلوب وألحق بذلك بعض أهل العلم ما إذا كان الرجل يخاف عليه فقام أحد على رأسه حماية له من الاعتداء عليه.

***

ص: 2

‌المستمعة تقول في هذا السؤال أريد أن أعرف ما حكم الشرع في نظركم في الوقوف للشخص الداخل احتراماً له ولشأنه

فأجاب رحمه الله تعالى: الوقوف للشخص الداخل احتراماً له ولشأنه جائز بشرط أن يكون هذا الداخل أهلاً للإكرام والاحترام أما إذا لم يكن أهلا فلا يجوز أن يقام له ثم إننا إذا قلنا بالجواز لا نريد بذلك أن القيام وعدمه سواء بل عدم القيام أولى وسير الناس على عدم القيام أفضل لأن هذا من المعروف في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فإن أعظم الخلق أن يحترم رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع ذلك فإنه إذا دخل على أصحابه لا يقومون له لما يعلمون من كراهته لذلك وقد قام النبي صلى الله عليه وسلم لوفد ثقيف حين قدموا عليه وهذا يدل على أن القيام في موضعه لا بأس به وأما بدون سبب فالأولى تركه فلو اعتاد الناس عدم القيام فهو أفضل لكن لما ابتلي الناس الآن بالقيام وصار الداخل إذا لم يقوموا له وهو أهل لأن يقام له قد يقول في نفسه إن هؤلاء انتقصوا حقه فلا بأس في القيام حينئذ وأما القيام على الشخص وهذا ليس هو القيام له القيام عليه بأن يكون جالساً ويقوم عليه أحد من الناس تعظيماً له فهذا مما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم قال (لا تقوموا كما تقوم الأعاجم على عظمائها) إلا إذا كان هناك مصلحة أو حاجة فمن المصلحة أن يكون في ذلك إغاظة للكفار كما فعل الصحابة رضي الله عنهم حين قاموا على النبي صلى الله عليه وسلم في حال المراسلة بينه وبين قريش في عمرة الحديبية فإن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه كان قائماً على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبيده السيف أو كان في القيام خوفاً من حدوث فتنة أو شر فهذا أيضاً لا بأس به وأما إذا كان الأمر أمناً ولم يكن هناك مصلحة لإغاظة الكفار فإن النبي صلى الله عليه وسلم (نهى عن القيام على الرجل) وأما القيام إلى الشخص بمعنى استقباله إذا دخل فهذا أمر قد يكون مأمور به إذا كان الداخل أهلاً لذلك فإذا تقدم الإنسان خطوات استقبالاً للداخل فهذا قيام إليه وليس به بأس وقد وقع ذلك في حياة النبي عليه الصلاة والسلام ولم ينكره هذا بالنسبة للقائم أما من يقام له فلا ينبغي أبداً أن يحب المرء أن يقوم الناس له بل ينبغي أن يكون الإنسان متواضعاً يرى نفسه مثل إخوانه ليس له حق عليهم وكان أفضل الخلق محمد صلى الله عليه وسلم إذا دخل جلس حيث ينتهي به المجلس فلا ينبغي للإنسان أن يشعر نفسه بأنه أهل لأن يقام له أو يكون في قلبه شيء إذا لم يقم الناس له أما من أحب أن يتمثل الناس له قياماً وأن يقوم عليه فقد ورد فيه وعيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (من أحب أن يتمثل الناس له قياماً فليتبوأ مقعده من النار) .

***

ص: 2

‌إذا اجتمع الناس في مجلس ما وقدم عليهم أناس آخرون فهل يسن القيام للقادمين ولو كانوا على التوالي أم يسن الجلوس فقط وما هدي النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك

.

فأجاب رحمه الله تعالى: هدي النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك أنه لا يقوم لأحد وهو يكره أن يقوم الناس له عليه الصلاة والسلام ولكنه ورد في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم إليه وفد ثقيف قام فإما يكون هذا القيام لاستقبالهم وإما أن يكون هذا القيام لأجل الكلام الذي أراد أن يتكلم به وعلى كل حال فلو أن الناس اعتادوا عدم القيام للقادم لكان هذا أفضل وأولى وأحسن ولكن ماداموا قد اعتادوا ذلك وصار من لم يقم يعتبره القادم مهيناً له فإنه لا ينبغي أن يفعل الإنسان ما فيه إلقاء العداوة بين الناس ولكن الأفضل كما قلت أن يعتاد الناس وأن يبين لهم أن السنة عدم القيام ولكن يجب أن يفرق بين القيام للشخص والقيام إليه والقيام عليه لأن هذه الأشياء الثلاثة يختلف حكمها

فأما القيام إلى الشخص لاستقباله فهذا لا بأس به بل هو سنة فيمن يستحق ذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم للأوس حين أقبل سعد بن معاذ رضي الله عنه لتحكيمه في بني قريضة قال النبي صلى الله عليه وسلم قوموا إلى سيدكم.

وأما القيام للشخص فهو الذي ذكرناه قريباً وأن الأفضل تركه ولكن إذا اعتاده الناس وكان في تركه مفسدة فإنه لا ينبغي تركه درءاً لهذه المفسدة.

وأما القيام على الشخص فهذا منهي عنه بأن يقف الإنسان على الشخص وهو قاعد فهذا منهي عنه إلا لمصلحة أو حاجة فمن المصلحة أن يكون في القيام عليه إغاظة للأعداء من الكفار كما فعل المغيرة ابن شعبة رضي الله عنه في قيامه على النبي صلى الله عليه وسلم حين كانت رسل قريش تأتي إلى النبي صلى الله عليه وسلم للمفاوضة فقد كان المغيرة رضي الله عنه قائماً على رأس النبي صلى الله عليه وسلم بالسيف فهذا فيه مصلحة وهو إغاظة الكفار وبيان عظمة النبي صلى الله عليه وسلم في نفوسهم وكذلك أيضاً إذا كان هناك حاجة مثل أن يقام على رأس الشخص خوفاً عليه فإنه لا بأس به حينئذ لأجل الحاجة إليه وإلا فهو منهي عنه حتى إن الرسول عليه الصلاة والسلام قال (إذا صلى الإمام قاعداً فصلوا قعوداً) تحقيقاً للمتابعة متابعة الإمام في قعوده إذا صلى قاعداً وإبعاداً عن مشابهة الأعاجم الذين يقفون على رؤوس ملوكهم فهذه ثلاثة أشياء يجب أن يعرف الفرق بينها القيام للشخص وإليه وعليه وهذا بالنسبة للقائم أما بالنسبة لمن يقام له فإنه من أحب أن يتمثل له الناس قياماً فليتبوأ مقعده من النار.

***

ص: 2

‌هذه رسالة وردتنا من مخيم البقعة في الأردن من المخيم الجديد بعث بها عبد الكريم على أحمد عبد الرحمن يقول في سؤاله الأول ما حكم الإسلام في القيام للقادم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: القيام للقادم لا بأس به لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن وفد ثقيف لما جاؤوا إليه قام عليه الصلاة والسلام وهذا يدل على أنه لا بأس بالقيام للقادم ولا سيما إذا كان في تركه مفسدة بحيث يظن القادم أنه لم يكرمه بعدم قيامه لأن الناس قد اعتادوا أنه يُكرم المرء إذا قَدِمْ بالقيام له وأما القيام إليه فإنه أيضاً لا بأس به بحيث يقوم الإنسان ويخطو خطوات مستقبلاً للقادم فقد قال النبي عليه الصلاة والسلام للأنصار (قوموا إلى سيدكم) يعني سعد بن معاذ حينما جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم من أجل التحكيم في بني قريظة وأما القيام على الرجل فإنه منهي عنه حتى في الصلاة قال النبي عليه الصلاة والسلام (إذا صلى قاعداً فصلوا قعوداً) لئلا يشبه وقوف المأمومين خلف الإمام صنيع الأعاجم الذين يقومون على ملوكهم فلا يُقام على الرجل إلا إذا كان في ذلك مصلحة للإسلام أو خوفاً على من يقام عليه فإذا كان في ذلك مصلحة للإسلام فلا حرج فيه لأن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه كان قائماً على رأس النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة الحديبية حينما كانت رسل قريش تأتي إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فكان المغيرة قائماً على رأسه بالسيف إجلالاً للرسول صلى الله عليه وسلم وإعزازاً للإسلام والمسلمين وإذا كان المقوم عليه يخاف عليه فلا حرج في ذلك أيضاً لوجود السبب المانع من خوف التشبه بالأعاجم ثم إن فيه درءاً لمفسدة كبيرة يُخشى منها فهذه ثلاثة أمور وهي القيام للرجل والقيام إليه والقيام عليه فالقيام إليه لا بأس به وإن كان لا ينبغي أن يكون هذا عادة الناس ولكن مادام اعتادوه فإنه لا بأس به حيث لم يرد النهي عنه والقيام عليه منهي عنه إلا لمصلحة أو خوف مفسدة وأما القيام إليه فإنه مشروع لمن كان أهلاً لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الأنصار أن يقوموا إلى سعد بن معاذ رضي الله عنه.

***

ص: 2

‌ما حكم الشرب والإنسان واقف وهل ورد في ذلك أحاديث وعند الشرب من ماء زمزم هل لا بد من الجلوس

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الشرب قاعداً أفضل بلا شك بل يكره الشرب قائماً إلا لحاجة دليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (نهى أن يشرب الرجل قائما) أما إذا كان هناك حاجة مثل أن يكون الماء الذي يشرب منه رفيعاً كما يوجد في بعض البرادات تكون رفيعة لا يستطيع الإنسان أن يشرب منها وهو قاعد فهنا تكون هذه للضرورة لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (أنه شرب من شنٍ معلق) أي من قربةً قديمة معلقة وليس عنده إناء وكذلك أيضاً إذا كان المكان ضيقاً لا يمكن أن يجلس فليشرب قائماً لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (شرب من زمزم وهو قائم) أما في حالة السعة فليشرب وهو قاعد وهنا مسألة: إنسان دخل المسجد وفيه ماء وهو عطشان يريد أن يشرب فهل يجلس ويشرب أو نقول صلّ التحية ثم اشرب.

الجواب الثاني نقول صل التحية ثم اشرب هذا هو الأفضل فإن خفت إذا صلىت التحية أن يكثر الناس على الماء وتتأخر فاشرب قائماً ولا حرج لأن هذا حاجة.

***

ص: 2

‌أحسن الله إليكم وبارك فيكم السائل من اليمن خالد صالح له هذا السؤال يقول فضيلة الشيخ كيف يمكن الجمع بين حديثي النبي صلى الله عليه وسلم الأول حديث (ما ملأ ابن آدم وعاءً شراً من بطنه) والثاني في قوله صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة (اشرب يا أبا هريرة فشرب فقال له اشرب يا أبا هريرة فشرب حتى قال أبو هريرة والذي بعثك بالحق لا أجد له مسلكاً) أو كما قال صلى الله عليه وسلم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الجمع بينهما هو أن ما حصل لأبي هريرة أمرٌ نادر ولا بأس بالشبع أحياناً لكن الذي قال النبي صلى الله عليه وسلم فيه (ما ملأ ابن آدم وعاءً شر من البطن) يريد إذا كان في جميع أكلاته يملأ بطنه وأما إذا شبع أحياناً وملأ بطنه أحياناً فلا بأس وعليه يحمل حديث أبي هريرة ثم إن حديث أبي هريرة في شرب اللبن واللبن خفيف حتى لو شرب الإنسان منه وملأ بطنه زال بسرعة بخلاف الطعام فإنه إذا ملأ بطنه منه صعب على المعدة هضمه وبقي متخماً ومتعباً.

***

ص: 2

‌تقول السائلة عندنا عادة عندما تكمل المرأة النفساء أربعين يوماً يصنع لها الطعام من البلح والفطائر ويسمى كرامة الأربعين ويدعى له الجيران والأهل أو يوزع على الجيران هل هذا العمل بدعة

فأجاب رحمه الله تعالى: ليس ببدعة وهذا عمل فرح يتبع العادة لكن لا ينبغي أن يخرج فيه إلى الإسراف والبذخ والزيادة في الإنفاق.

لكن لو سأل سائل هل يجوز أن نجعل العقيقة على هذا الوجه بمعنى أن نذبح العقيقة في اليوم السابع وندعو إليها الجيران والأقارب أو نذبح العقيقة ونتصدق بها الجواب الجمع بين الصدقة وجمع الأقارب أحسن لأن الصدقة فيها نفع الفقراء ولا بد من أن ينتفع الفقراء مما ذبح تقرباً لله عز وجل واجتماع الجيران والأقارب فيه خير وصلة وتعارف وتآلف وإظهار لهذه الشعيرة التي هي العقيقة.

***

ص: 2

‌أحسن الله إليكم يا شيخ إذا نزل الإنسان بيت جديد ثم أقام حفلة ودعى الأقارب بمناسبة نزول هذا المنزل فهل هذا جائز شرعاً

.

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم هو جائز لأنه مما جرت به العادة وليس من الأمور المحظورة وعلى هذا نقول الولائم ثلاثة أقسام قسم منهي عنه قسم مأمور به وقسم مباح

فالمنهي عنه ولائم العزاء التي يصنع الإنسان فيها طعاماً ويدعو الناس إليه للحضور في عزاء الميت فهذا منهي عنه بل قال جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه (كنا نعد صنع الطعام والاجتماع إليه في بيت الميت من النياحة) .

وقسم مندوب إليه وهي وليمة العرس لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال لعبد الرحمن بن عوف (أولم ولو بشاة) ولأن وليمة العرس فيها إظهار للعرس وإعلام له وهذا من الأمور المطلوبة

والقسم الثالث ما سوى ذلك فهو مباح يتبع فيه ما جرى به العرف وإذا أدى إلى الإسراف وبذل الأموال والبسط في الطعام فإنه يكون حراماً فيكون هذا القسم المباح مقيداً بما قيدت النصوص به جميع المباحات وهو عدم الإسراف.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم تقول السائلة قرأت هذا الحديث في كتاب ولا أعرف هل هو صحيح أم ضعيف يقول الحديث (كان صلى الله عليه وسلم يلعق أصابعه بعد الطعام) وقال (إذا أكل أحدكم طعام فلا يمسح يده حتى يلعقها) وقال (من لحس الإناء استغفر له)

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لعق الأصابع بعد الطعام مما جاءت به السنة وقد أمر بذلك النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقد ذكر لي بعض الناس أن الأطباء ذكروا أن في رؤوس الأصابع إفرازات خفية لا يعلم بها وأنها تعين على هضم الطعام وعلى هذا فيكون في لعقها بعد الطعام فائدة كبيرة وهي الإعانة على هضم الطعام وسهولة هضمه وسواء ثبت ذلك أم لم يثبت المهم أن السنة جاءت بلعق الأصابع وكذلك أيضاً بمسح الإناء بعد الأكل وقد غفل عن ذلك كثيرٌ من الناس فكان بعض الناس لا يلعق أصابعه وكان بعض الناس يلعق أصابعه ولكن لا يمسح الإناء أي لا يلحسه وهذا قد يكون جهلاً بالسنة وقد يكون استحياءً من بعض الناس في المجامع على الطعام أو ما أشبه ذلك لكن الذي ينبغي للشخص أن يحرص على اتباع السنة حتى في هذا وحتى لو كان الناس يزدرونه أو لا يرونه شيئاً أو يستهجنون ذلك فافعل السنة فربما إذا فعلتها أنت اقتدى بك زيد وعمرو ثم تتابع الناس على هذه السنة وتكون أنت السبب في إحيائها.

***

ص: 2

‌من الجمهورية العربية اليمنية وردتنا هذه الرسالة من المرسل أحمد علي يحيى الغفاري يقول فيها ما حكم ترك النعمة تنساب مع المجاري للبيارات بعد تنظيف الأواني الخاصة بالأكل نرجو التوجيه في ذلك وفقكم الله

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا نظفت الأواني من بقايا الطعام فإنه لا بأس أن تغسل بمكانٍ ينساب إلى المجاري ونحوها لأن ذلك ليس فيه شيء من اختلاط النعمة بهذه القاذورات فإذا لم يكن فيه شيء من هذا الاختلاط فإنه لا بأس به

***

ص: 2

‌المستمع عبد اللطيف يقول في هذا السؤال هل يجوز وضع غسيل الأواني بعد غسلها من الطعام في المجاري أعزكم الله وإخواني المسلمين أم ماذا نفعل

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا حصل أن يجعل الإنسان مجرى يعرف خاص لغسيل الطعام في بيته فلا شك أن هذا أحسن وأسلم وأيسر أيضاً وأما إذا لم يمكن لصغر البيت أو منع الجهات المسؤولة أو غير ذلك من الأسباب فإنه لا بأس أن يسلط ماء الغسيل على الماء الذي يندمج في المجاري لكن بشرط أن لا يبقى شيء من الطعام في هذه الأواني بل ننظفها أولاً بمنديل أو خرقة ثم يغسلها وفي هذه الحال ليس عليه حرج لأن آخر الطعام يكون مغموراً بالماء الكثير الذي ينطلق من بيته ومن غيره.

***

ص: 2

‌بعض الناس يجعل مغاسل اليدين على البيارة وكذلك مغاسل المطابخ وفي هذه الحال يذهب بعض الطعام إلى البيارة فهل يجوز ذلك ونحن سمعنا كلاماً ولا ندري ما صحته وهو أنهم يقولون إن الطعام الذي لا يشبع القطة يجوز أن يذهب إلى هذه البيارة أفيدونا جزاكم الله خيراً

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا مما لا ينبغي أن يجعل غسيل اليدين وغسيل الأواني من الطعام مع القاذورات والنجاسات لأن هذا الغسيل يجتمع ويتكون منه شيء كثيف هذا إذا كان يحصل من هذا الغسل شيء ذو جرم كحبةٍ وقطعة خبزٍ وما أشبه ذلك أما إذا كان لا يحصل منه جرم فلا حرج وأما ما سمعه من أن الذي لا يشبع القطة لا بأس به فهذا لا أصل له وما سمعته إلا من هذا السؤال والطريق إلى الخلاص من ذلك أن يقسم الحفرة التي يتجمع فيها الماء إلى قسمين ويضع بينهما جداراً منيعاً يصبه صباً أو يبنيه ببلوك مختوم ويليسه تلييساً قوياً ويصرف غسيل الطعام واليدين إلى جهة ومحل الخلاء إلى جهةٍ أخرى وبهذا يحصل المقصود إن شاء الله.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم السائل قائد محمد من الدمام يقول أثناء تناول الطعام قد يتناول الإنسان البعض من الطعام باليد اليسرى فما الحكم في ذلك مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الأكل باليد اليسرى والشرب باليد اليسرى والأخذ باليد اليسرى والإعطاء باليد اليسرى كل هذه الأربعة خلاف السنة فالأكل يكون باليمين والشرب يكون باليمين والأخذ من الغير يكون باليمين وإعطاء الغير يكون باليمين هذه هي السنة لكن الأكل بالشمال والشرب بالشمال محرم لقول النبي صلى الله عليه وسلم (لا يأكل أحدكم بشماله ولا يشرب بشماله فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله) فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الأكل بالشمال والشرب بالشمال وعلل هذا النهي بأنه من فعل الشيطان وهذا يؤكد اجتناب الأكل بالشمال والشرب بالشمال وما أدري لأخي المسلم إذا خير بين أن يكون متبعا للشيطان في خطواته في أكله وشربه ومتشبها به في أكله وشربه أو متبعا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهديه وإرشاده لا أدري إذا خير بين ذلك أيهما يختار فمن المعلوم أن كل مؤمن سوف يختار اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم والأخذ بتوجيهاته صلوات الله وسلامه عليه وعلى هذا فنقول يحرم على الإنسان أن يأكل بشماله أو يشرب بشماله وإذا كان حراماً فالحرام على القاعدة الشرعية لا يحل إلا للضرورة والضرورة مثل أن تكون اليد اليمنى مشلولة أو تكون اليد اليمنى مكسورة أو تكون اليد اليمنى محترقة أو ما أشبه ذلك من الأمور التي يتعذر معها الأكل باليمين أو الشرب باليمين وأما ما يفعله بعض الناس عند الأكل من الشرب بشماله تنزها وخوفا من تلويث الإناء فإن هذا لا يبرر للإنسان أن يشرب بشماله لأن تلويث الإناء قد يكون وقد لا يكون فمن الممكن أن يمسك الإنسان الإناء إذا كان كأسا من أسفله بين إبهامه وسبابته ومن الممكن أن يضعه على راحته حتى يوصله إلى فمه ثم يسنده باليد اليسرى حتى لا ينكفئ وإذا قلنا أن هذا لا يمكن وتلوث فبماذا يتلوث هل يتلوث بنجاسة؟ الجواب لا بل يتلوث بطعام طاهر طيب يمكن غسله فيما بعد.

ثم إن الناس في الوقت الحاضر حيث أنعم الله عليهم تجد عند كل واحد منهم كأسا خاصاً به إما من الورق أو من غير الورق ومع ذلك يتهاون بعض الناس فيأخذ الكأس ويشرب بالشمال ولا أظن أحداً يتهاون هذا التهاون وهو يعلم أن الأكل بالشمال حرام والشرب بالشمال حرام لأن المؤمن لا يريد أن يوقع نفسه فيما حرم الله عليه ولأن العالم يعلم أن الحرام لا يجوز إلا للضرورة لذلك أنصح إخواننا المسلمين عموما من التورط في هذا الأمر والتساهل فيه وهو الأكل بالشمال أو الشرب بالشمال أقول لهم احتسبوا الأجر عند الله واقتدوا بالنبي عليه الصلاة والسلام خذوا بتوجيهاته إذا كنتم تحبون أن تردوا حوضه يوم القيامة وتشربوا منه نسأل الله تعالى أن يوردنا جميعا حوضه ويسقينا منه شربة لا نظمأ بعدها أبدا.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم رسالة وصلت من مستمع للبرنامج يقول في سؤاله نحن في البيت ننام على الأسِرَّة ونأكل على الموائد ونجلس على المقاعد فهل هذا جائز أم لا وهل يوجد حديث للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ينهى عن ذلك

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: النوم على الأسرة والأكل على الموائد والجلوس على المقاعد لا بأس به ما دام لا يخرج عن حد الإسراف وذلك لأن الأصل في غير العبادات الحل حتى يقوم دليل على المنع وقد ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه يرتفع على المخدة وأنه ينام على السرير وكذلك الصحابة كانوا يأكلون على الموائد وهذا أمر لا أعلم فيه مُنْكراً اللهم إلا إذا خرج إلى حد الإسراف فإن الإسراف يقول الله تعالى فيه (وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) .

***

ص: 2

‌هذه رسالة وصلتنا من محمد صالح من الرياض يقول في رسالته هناك البعض من الناس يستعملون الجرائد سفرة لأكلهم علماً بأن هذه الجرائد تحتوي على أسماء الله وبعض الأحاديث أرجو أن توضحوا ما حكم هذا بارك الله فيكم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا علم أن في هذه الجرائد آيات من القرآن أو أسماء من أسماء الله عز وجل أو أحاديث من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم فإنه لا يجوز استخدامها في الأكل أو للجلوس عليها أو ما أشبه ذلك لما في هذا من ابتذال كلام الله وأسمائه وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وامتهانها وإنك لتعجب من قوم يستعملون هذا مع أن في الإمكان أن يستعملوا بدل ذلك السُّفَر المعروفة أو الأوراق التي تباع وتجعل سفراً وهي رخيصة قليلة الكلفة ولكن بعض الناس نسأل الله السلامة يزين له سوء عمله فيختار هذه الجرائد مع تيسر غيرها تيسراً ظاهراً ثم يبتلى بوضعها كما ذكر السائل سفراً للأكل وربما يضعها بعض الناس فيجلس عليها أيضاً إذا كانت الأرض ترابية وكل هذا من الأمور الذي يجب على المسلم أن يتنبه لها وأن يعظم كلام الله عز وجل وأسماء الله وكلام نبيه صلى الله عليه وسلم حتى يكون بذلك معظماً للرب عز وجل تمام التعظيم.

***

ص: 2

‌جزاكم الله خيراً السائلة أم لجين تقول ما حكم النوم على البطن وما صحة هذا الحديث بأن الرسول صلى الله عليه وسلم مر برجلٍ في المسجد منبطحاً على وجهه فضربه برجله وقال له قم نومةٌ جهنمية وإذا نام الإنسان ناسياً فهل يأثم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أما الحديث فلا أدري عنه وأما النوم على البطن فلا بأس به لا سيما إذا كان هناك حاجة لأنه أحياناً يحتاج الإنسان أن ينام على بطنه لمرض فيه أو قرقرة وما أشبه ذلك وأما بدون حاجة فالأفضل أن ينام الإنسان على جنبه الأيمن كما أمر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم في حديث البراء بن عازب رضي الله عنه.

***

ص: 2

‌أحسن الله إليكم يا شيخ السائل أخوكم حسن يقول هل يجوز لي أن أقرأ آية الكرسي والإخلاص والمعوذتين عند النوم وأن أذكر الله بأسمائه الحسنى دون وضوء

.

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم يجوز هذا إذا كان عن ظهر قلب لأن القرآن لا يحرم على المحدث إلا من عليه جنابة فإنه لا يقرأ القرآن حتى يغتسل وأما قراءة القرآن على غير وضوء فلا بأس بذلك إذا لم يمس المصحف لأن مس المصحف وهو محدث منهي عنه ففي حديث عمرو بن حزم أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كتب (أن لا يمس القرآن إلا طاهر) .

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم المستمع ك م ل يقول فضيلة الشيخ سمعت من زميل لي بأن النوم بعد صلاة الفجر لا يجوز لأن الأرزاق تقسم بعد الفجر هل هذا صحيح وجزاكم الله خيرا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الأفضل للإنسان بعد صلاة الفجر أن ينشغل بالذكر من قراءة أو تسبيح أو تهليل أو تحميد أو غير ذلك مما يقرب إلى لله سبحانه وتعالى لقول الله تعالى (فسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ) ولكن لو غلبه النوم ونام فإنه لا حرج عليه في ذلك والذي ينبغي للإنسان أن ينام حيث يحتاج إلى النوم لأن لنفسه عليه حقا ما لم يكن النوم مانعا له من أداء واجب عليه فلا وكذلك يقال في نوم العصر الأفضل أن لا تنام وأن تشتغل قبل غروب الشمس بالتسبيح والتهليل وما يقرب إلى الله عز وجل من قول ولكن إذا غلبك النوم ولم يكن لك وقت تعطي جسمك حظا من النوم إلا في هذا الوقت فلا حرج ولا عبرة لقول القائل:

ألا إن نومات الضحى تورث الفتي خبالا ونومات العصير جنون

فإن هذا لا يصدق وما أكثر الذين ينامون بعد العصر بل وفي العصير عند غروب الشمس وهم من أعقل الناس.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم المستمع يحي أبو خالد يقول ما صحة هذا الحديث المروي عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه (إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه ثم نفث فيها فقرأ قل هو الله أحد وقل أعوذ برب الناس وقل أعوذ برب الفلق ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده ويفعل ذلك ثلاث مرات) وما كيفية النفث أرجوا الإفادة والتوضيح بارك الله فيكم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الحديث صحيح أنه كان عليه الصلاة والسلام إذا آوى إلى فراشه فعل ما ذكره السائل لكن السائل بدأ بقل أعوذ برب الناس قبل أعوذ برب الفلق والترتيب الصحيح أن يقول قل أعوذ برب الفلق قبل قل أعوذ برب الناس والنفث: نفخ مع ريق خفيف والحكمة من ذلك أن هذا الريق تأثر بقراءة هذه السورالكريمة فإذا كان متأثراً به ومسحه على وجهه ورأسه وما استطاع من جسده كان في ذلك خيراً وبركة وحماية ووقاية للإنسان في منامه.

***

ص: 2

‌سؤال من المستمع ياسين محمد العبد الحليم من الجمهورية العراقية يقول فيه هل الرسول صلى الله عليه وسلم كان عندما يتثاءب يضع يده اليمنى أم يده اليسرى أم يضعهما معاً على فمه الطاهر

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا أعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضع يده على فمه إذا تثاءب وإنما ورد ذلك من قوله حيث أمر صلى الله عليه وسلم الرجل عند التثاؤب يعني أو المرأة أن يكظم يعني يمنع فتح فمه ما استطاع فإن لم يستطع فليضع يده على فمه ويضع اليد اليمنى أو اليسرى المهم أن لا يبقي فمه مفتوحاً عند التثاؤب.

***

ص: 2

‌يلاحظ على كثير من الناس أنهم يكثرون التثاؤب في المسجد أثناء جلوسهم وأثناء الصلاة ما أسباب ذلك حفظكم الله وما الحل أو العلاج لذلك

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: (التثاؤب كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشيطان) وهو دليل على الكسل والخمول والنوم ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يكظم الإنسان ما استطاع بمعنى أن يمنعه ما استطاع فإن لم يستطع فليضع يده على فيه وإذا كان من الشيطان فإنه ينبغي للإنسان أن يحضر قلبه وأن يتجه إلى ما كان بصدده من عبادة أو قراءة أو استماع لذكر أو لخطبة أو غير ذلك وبهذا يكون زواله والقضاء عليه.

***

ص: 2

‌أحسن الله إليكم يقول بعض الناس بعد التثاؤب أعوذ بالله من الشيطان الرجيم هل ورد ذلك

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لم يرد أن الإنسان إذا تثاءب يقول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم وإنما الوارد أن يكتم الإنسان التثاؤب ما استطاع وإذا لم يستطع فليضع يده على فيه والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أرشد إلى هذا عند التثاؤب ولم يقل وليستعذ بالله من الشيطان الرجيم فإن قال قائل أليس الله يقول (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنْ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) وقد أخبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن التثاؤب من الشيطان فالجواب كل ذلك صحيح قال الله هذا وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه من الشيطان لكن المراد بالنزغ في الآية الكريمة هو هم الإنسان بالسيئة إما بترك واجب وإما بفعل محرم فإذا أحس الإنسان بأنه أهم بذلك فليقل أعوذ بالله من الشيطان الرجيم وأما التثاؤب فقد أخبر الرسول عليه الصلاة والسلام ما يسن أن يقوم به الإنسان عند وجود التثاؤب.

***

ص: 2

‌أحسن الله إليكم السائل أ. أ. من الرياض يقول في الحديث (الراكب شيطان والراكبان شيطانان والثلاثة ركب) إذا لم يتيسر شخص في السفر معي وأنا صاحب أسفار كثيرة وأريد أن أطبق السنة ولا يتيسر لي أن يسافر معي أحد ماذا أفعل وهل أدخل في هذا الحديث إذا سافرت لوحدي

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أما في الطرق المأهولة التي يكثر فيها المار فلا يدخل في هذا الحديث فمثلاً هنا في السعودية طريق القصيم الرياض لو سافر الإنسان وحده فليس وحده في الواقع لأن الطريق كأنه في الشارع وفي البلد ولا تخلو لحظة من سيارة تمر بك أو تمر بها لكن المراد في الحديث ما كان في الزمن الأول يذهب الرجل وحده على بعيره في الفلوات ليس معه أحد فهذا غلط وحذر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم منه في قوله إنه شيطان لأن هذا الإنسان قد ينام وتأتيه الشمس ويتعب وقد يمرض وقد يموت لكن الحمد لله الطرق المأهولة عندنا التي يكون الخط فيها معموراً دائماً لا يعتبر الإنسان مسافراً وحده إذا سافر في سيارته وحده.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم هذا المستمع أحمد من الرياض يقول فضيلة الشيخ أسأل عن حكم سفر الإنسان لوحده بدون رفيق في سفر طويل وهل هناك أحاديث واردة تنهى عن السفر للشخص الواحد

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم يذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (الراكب شيطان والراكبان شيطانان والثلاثة ركب) وهذا يدل على الحذر من سفر الإنسان وحده ولكن هذا في الأسفار الذي لا يكون طريقها مسلوكاً بكثرة وأما الأسفار الذي يكون طريقها مسلوكاً بكثرة وكأنك في وسط البلد مثل طريق القصيم الرياض أو الرياض الدمام وما أشبه ذلك من الطرق التي يكثر فيها السالكون ومثل طريق الحجاز في أيام المواسم فإن هذا لا يعد انفراداً في الحقيقة لأن الناس يمرون به كثيراً فهو منفرد في سيارته وليس منفرداً في السفر بل الناس حوله ووراءه وأمامه في كل لحظة.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم هذه الرسالة من المستمع ح. هـ. ن. من العراق يقول لي بعض الأصدقاء الذين كثيراً ما أجلس معهم وأقضي بعض الوقت معهم فيحدث أحياناً منهم بعض المخالفات الدينية في الطريق فأذكرهم بحقوق الطريق التي يجب الالتزام بها لمن جلس فيها ولكنهم يكابرون ويقولون إنها واجبة على من جلس في الطريق لا على من مشى فيها فما رأيكم في هذا وما هو الحديث الذي يتحدث عن هذا المعنى

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: رأينا في هذا أن ما ذكروه من أن هذه الحقوق إنما جاءت فيمن يجلس على الطريق لا فيمن يمر به صحيح فهي جاءت فيمن يجلس على الطريق حيث قال النبي عليه الصلاة والسلام (إياكم والجلوس في الطرقات قالوا يا رسول الله هذه مجالسنا ما لنا منها بد نتحدث فيها قال فإن أبيتم فاعطوا الطريق حقه قالوا وما حقه يا رسول الله قال غض البصر وكف الأذى ورد السلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) وهذه الحقوق الخمسة وإن كانت جاءت في الحديث فيمن جلس في الطريق فإنها واجبة حتى على من مر بالطريق فإن غض البصر وكف الأذى ورد السلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبة على كل أحد كل أحد واجب عليه أن يكف أذاه وأن يغض بصره عما لا يجوز النظر إليه وأن يرد السلام وأن يأمر بالمعروف وأن ينهى عن المنكر فهؤلاء الأصحاب إن امتثلوا ما نهيتهم عنه وتركوه فهذا خير لك ولهم وتستمر على صحبتهم إذا كانوا يأتمرون بالمعروف وينتهون عن المنكر وأما إذا أصروا على ما هم عليه ولم يقلعوا عما حرم الله عليهم من هذه الأشياء وأمثالها وما هو أعظم منها فإنه لا يجوز لك أن تصاحبهم لأن مصاحب فاعل السوء له حكم فاعله لقوله تعالى (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ) وبهذه المناسبة أود أن أذكر ما يفهمه بعض الناس من قول النبي صلى الله عليه وسلم (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه) حيث إن بعض الناس فهم من هذا الحديث أن من جلس مع من يفعل المنكر وهو كاره لهذا المنكر بقلبه فإنه قد سلم منه وهذا فهم خاطئ لأن من كره بقلبه لا يمكن أن يبقى في مكان أو في حال يكرهها ولو صدق لفارقهم فمفارقة الإنسان لفاعل المنكر هو الإنكار بالقلب لأنه علامته وأما أن تجلس معهم وتقول أنا أكره ما يفعلون فهذا يخالفه الواقع وهو جلوسك مع أهل المنكر فلا يمكن الإنكار بالقلب إلا بمفارقة مكان المعصية ومن يمارس هذه المعصية.

***

ص: 2

‌أحسن الله إليكم يقول هذا السائل يا فضيلة الشيخ يوجد بعضٌ من الناس يقولون بأنه عند وجود الحذاء مقلوباً رأساً على عقب بأن الملائكة لا تدخل هذا البيت أو أن الله لا ينظر إلى هذا البيت فماذا تقولون في هذا الأمر

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نقول هذا لا صحة له ولا أعلم في كون النعل مقلوبة بأساً لكن هذا أمرٌ شديدٌ عند الناس وقد يكون الأمر شديداً عند الناس ولا أصل له هذا مثالٌ من الأمثلة ومثالٌ آخر البول قائماً بعض العوام يشدد فيه جداً حتى إنه ليخرج الإنسان من الإسلام إذا بال قائماً وهذا غلط فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (أنه بال قائماً) وقال أهل العلم لا بأس بالبول قائماً بشرط أن يأمن التلويث من البول وأن يأمن الناظر يعني إذا لم يكن حوله أحد ولا يخشى أن يتلوث بالبول فلا بأس أن يبول قائماً ولا كراهة في ذلك لا سيما إذا احتاج إلى هذا مثل أن يكون معه وجع ركب يشق عليه الجلوس فلا إشكال في جوازه.

***

ص: 2

‌ما هي آداب زيارة المريض التي جاء بها الإسلام

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: زيارة المرضى من أفضل العبادات التي يقوم بها الشخص تجاه إخوانه المسلمين ولهذا ذهب بعض أهل العلم إلى أن عيادة المرضى فرض كفاية وأنه لا يمكن للمسلم أن يبقى مريضا بين إخوانه لا يعوده أحد والذي ينبغي لمن عاد المريض أن يسأله عن حاله وعن كيفية وضوئه وصلاته وأن يذكره بالتوبة من المعاصي وأداء الحقوق إلى أهلها وأن ينفس له في أجله بمعنى ألا يقول له إن مرضك هذا خطير وإن مرضك هذا مات منه فلان وفلان بل يقول أنت على خير وأنت اليوم خير من أمس وينوي بهذه الكلمة أنه خير من أمس باعتبار أنه ازداد أجرا على الأمس لأنه صبر مدة أربعة وعشرين ساعة وينبغي ألا يطيل الجلوس عنده.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم هذه السائلة التي رمزت لاسمها ب م م م تقول هل يجوز أن أجلس في مجلس مع نساء ومجمل حديثهن غيبة ونميمة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا يجوز للإنسان أن يجلس في مجلس يكون فيه غيبة ونميمة إلا إذا كان يريد أن يمنعهم من ذلك ويتمكن منه فحينئذ يحضر وينهاهم عن هذا المنكر لعل الله يهديهم على يده إما إذا كان لا يستطيع تغيير المنكر فإنه لا يحل له أن يجلس إلى أهله لقول الله تبارك وتعالى (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ) .

***

ص: 2

‌هل يجوز للرجل أن يزور الشخص الذي هجر وقطع رحمه

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم يزوره وينصحه ويرغبه في صلة الرحم ويحذره من قطيعتها لعل الله يهديه على يده وبهذه المناسبة أود أن أنبه إلى أمر مهم وهو هجر أهل المعاصي فهجر أهل المعاصي جائز إذا كان فيه مصلحة بحيث يدع العاصي المعصية إذا رأى الناس قد هجروه وأما إذا لم يكن فيه مصلحة بل ربما يزيد شر العاصي فإنه لا يجوز الهجر فوق ثلاثة أيام لقول النبي صلى الله عليه وسلم (لا يحل للمؤمن أن يهجر أخاه فوق ثلاث يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام) وإنما قلنا ذلك لأن العاصي أخ لأخيه المستقيم ودليل ذلك قوله تبارك وتعالى في آية القصاص (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ) فجعل الله تعالى القاتل أخا للمقتول وقوله تعالى في آية القتال (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) فسمى الله تعالى الطائفة المصلحة أخوة للطائفتين المقتتلتين مع أن قتال المؤمنين بعضهم بعضا من أعظم الكبائر حتى أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم سماه كفرا فقال (لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض) وخلاصة الكلام أن هجر أهل المعاصي إن كان فيه مصلحة وفائدة فهو مشروع وإلا فليس بمشروع.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم ما حكم هجر المسلم من أجل أمور دنيوية شخصية وليس من أجل الدين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هجر المسلم من أجل أمور دينيه جائز بشرط أن يكون لهذا الهجر فائدة مثل أن يؤدي إلى إصلاح حال المهجور واستقامته وأما إذا لم يؤدي إلى هذه المصلحة وإنما أدى إلى شر أكبر وتمادى في الطغيان فإنه لا يهجر لأن العاصي مهما عظمة معصيته مؤمن وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (لا يحل لأحد أن يهجر أخاه المؤمن فوق ثلاث يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام) إلا إذا كان في الهجر مصلحة وارتداع عن المعصية وإنابة إلى الله وتوبة إليه كما حصل للثلاثة الذين خلفوا حين أمر النبي صلى الله عليه وآله سلم بهجرهم فما زادهم ذلك إلا صلاحا.

ولكن لو تهجر في وقتنا هذا أهل المعصية ربما لا يزدادون إلا طغياننا وعتوا وكراهة لك ولما تجيء به من الحق فالهجر دواء إن أفاد فافعله وإن لم يفد فلا تفعله مادامت المسألة بينك وبين أخيك المسلم أما الهجر على الأمور الدنيوية فإنه لا يجوز إلا في ثلاثة أيام فأقل لقول النبي صلى الله عليه وآله سلم (لا يحل لمؤمن أن يهجر أخاه المؤمن فوق ثلاث يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام)

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم هذا شاب يسأل ويقول بأنه كثير المزاح مع الأصدقاء والإخوان في الرحلات وفي المناسبات وهو يعرف بهذا العمل هل يلحقه إثم بهذا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا كان هذا المزاح حقاً بحيث لا يتضمن كذباً ولا يتضمن سخرية بأحد وإنما هو مرح من أجل شرح صدور إخوانه وأصحابه فإنه لا بأس به بل قد يكون مأجوراً عليه بالنية الطيبة إذا قصد بذلك دفع السآمة عن إخوانه وإدخال السرور عليهم أما إذا تضمن كذباً أو سخرية بأحد فإنه لا يجوز لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال (ويل لمن حدث وكذب ليضحك به القوم ويل له ثم ويل له) وأما السخرية فهي حرام أيضاً لأن (المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه) والسخرية به من أكبر خدش عرض أخيه.

***

ص: 2

‌المستمعة هـ. ع. م. من المملكة بعثت برسالة ضمنتها بعض الأسئلة ومنها ما يلي هل ورد حديثٌ يحرم أو ينهى عن الاتكاء على اليد عند الجلوس

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: يروى عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه رأى رجلاً متكئاً على يده اليسرى على بطن الكف فقال (إن هذه جلسة المغضوب عليهم) ولكنني لم أحرر هذا الحديث تحريراً أصل إلى درجة الحكم عليه ولكن من المعلوم أنه إذا صح هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم فإنه يدل على الحذر من هذه الجلسة وتجنبها لأنه لا يليق بمسلم يطلب رضا الله عز وجل أن يتشبه بالمغضوب عليهم فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال (من تشبه بقومٍ فهو منهم) والتشبه بالقوم هو أن يصنع الإنسان ما يختص بهم من الهيئات واللباس وغير ذلك

***

ص: 2

‌الأخلاق المحمودة - الأخلاق المذمومة

ص: 2

‌بارك الله فيكم هذا السائل راشد بن محمد من اليمن يقول فضيلة الشيخ هل إذا رد الإنسان على شيء قبيح من قول أو فعل صادر من شخص آخر يكون آثماً وماذا يجب على الإنسان في هذا الموقف

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا رد الإنسان على من ظلمه بمثل مظلمته فإنه لا يكون آثما بل هو عادل قال الله تبارك وتعالى (وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا) وقال تعالى (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ) وقال تعالى (فَمَنْ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ) ولكن الأفضل العفو والصفح إذا كان صاحبه أهلا لذلك لقول الله تبارك وتعالى (فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ) أما إذا لم يكن صاحبه أهلا لذلك بأن كان شريرا معتديا على الخلق لو أنه عفا عنه لذهب يظلم آخر فإن الأفضل ألا يعفو عنه بل له أن يأخذ بحقه بل أخذه بحقه أفضل لأن الله تعالى شرط في العفو أن يكون إصلاحا فقال (فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ) وحينئذ لا يكون العفو مطلقا أفضل من المؤاخذة بل هو مشروط بهذا الشرط الذي ذكره الله عز وجل وهو الإصلاح وبهذه المناسبة أود أن أبين أن كثيرا من الناس إذا حصل من شخص حادث سيارة على قريب له ذهب يتعجل ويعفو عن هذا الذي وقع منه الحادث وهذا فيه نظر فالأفضل أن يتأنى وينظر هل هذا الذي وقع منه الحادث رجل متهور لا يبالي بالناس ولا يهتم بهم وكأن البشر عنده قطيع غنم فإن هذا ليس أهلا لأن يعفى عنه بل يؤاخذ بما يقتضيه جرمه أو إن هذا الرجل الذي حصل منه الحادث رجل هادئ خير طيب لكن حصل منه الحادث مجرد قضاء وقدر ليس له به أي شيء من العدوان المتعمد فحينئذ يكون العفو عن هذا أفضل ولكل مقام مقال المهم ألا يتسرع الإنسان في العفو والصفح حتى يتبين الأمر.

***

ص: 2

‌هذه الرسالة وردتنا من جدة من القعقاع بن عمرو يقول إذا كان هناك إنسان يحب صفة من صفات الخير والفضيلة مثل الشجاعة أو الكرم وهذه الصفة ليست موجودة فيه الآن وهو يريد أن يغرسها في نفسه ويجعلها ملازمة له مدى حياته ويريدها بأي ثمن حتى لو كلف ذلك حياته فهل يستطيع ذلك أرجو منكم التكرم بالجواب لأنه يهمني كثيراً وجزاكم الله خيراً على ما تقدمونه من خدمة للمسلمين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الأخلاق الفاضلة من الكرم والشجاعة وسعة البال وغيرها تنقسم إلي قسمين

أحدهما غريزي جبل الله العبد عليه.

والثاني اكتسابي يكتسبه العبد بالتمرن فأنت أيها الأخ السائل يبدو من كلامك أنك تحب الشجاعة والكرم ولكنك لست متصفاً بهما الآن فقد فاتتك الغريزة ولكن القسم الثاني وهو الاكتساب لم يفتك فإنه بإمكانك أن تمرن نفسك على الشجاعة والإقدام في الأمور النافعة شيئاً فشيئاً حتى ترتقي إلى الكمال وكذلك بالنسبة للكرم عود نفسك البذل فيما فيه خير ومنفعة حتى تصل بذلك إلى الكمال وليس الكرم وليست الشجاعة التهور في بذل المال أو في بذل النفس وتعريضها للخطر بل إن الكرم هو بذل المال في محله والشجاعة أيضاً بذل النفس في محلها وقد قال المتني

الرأي قبل شجاعة الشجعان هو أول وهي المحل الثاني

فعندما تريد أن تتعود الكرم لا تسرف في الإنفاق وتبذر ولكن أنفق حيث يكون الإنفاق خيراً من الإمساك وأمسك حيث يكون الإمساك خيراً من الإنفاق كذلك أيضاً في الشجاعة عندما تريد أن تكون جريئاً لا تأخذك في الله لومة لائم ولا تبالي من أحد أقدم حيث يكون الإقدام خيرا من الإحجام وأحجم حيث يكون الإحجام خيراً من الإقدام وعلى كل حال لابد من اتزان في هذين الأمرين.

***

ص: 2

‌هل حصل في تاريخ البشرية أن هناك إنساناً كان جباناً في بادئ الأمر ثم تحول شجاعاً ومن الذي ساعده على ذلك إن وجد

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لاشك أن هذا موجود فإن كثيراً من المؤمنين الذين جاهدوا في سبيل الله واكتسبوا الشجاعة التي اشتهروا بها لاشك أن هذه الشجاعة في بعضهم لم تكن طبيعية والذين كانت فيهم طبيعية أو جبلة لاشك أنها ازدادت بالممارسة والاكتساب حتى أصبحوا مضرب المثل في الشجاعة ولا يحضرني الآن ذكر شخص معين من هؤلاء.

***

ص: 2

‌السائل من اليمن راشد محمد يقول فضيلة الشيخ نعلم أن الحياء من الإيمان وهي صفة حميدة لكن إذا زاد الحياء عن حده فإنه يسبب المتاعب الكثيرة لمن اتصف به فما هي نصيحتكم إلى في هذا يا فضيلة الشيخ

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نصيحتي لمثل هذا أن يمرن نفسه على مواجهة الناس والتحدث إليهم والكلام معهم على وجه لا يخل بالمروءة حتى يزول عنه هذا الحياء.

***

ص: 2

‌أحسن الله إليكم هذا السائل يقول يا فضيلة الشيخ ما هو الإحسان في الشريعة الإسلامية

.

فأجاب رحمه الله تعالى: الإحسان مضموماً إلى الإسلام والإيمان فسره النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال (أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك) وأما الإحسان بالمعنى العام فهو كف الأذى عن الناس وبذل الجود لهم بالمال والنفس والجاه وهو أعني الإحسان باب واسع شامل.

***

ص: 2

‌المستمعة نوره أ. ت. من الرياض تقول في رسالتها في الحديث الذي ما معناه (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر) أريد الشرح لهذا الحديث وهل الكبر معناه التكبر على الناس فقط

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الجواب معنى الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبر أنه لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر وهذا النفي لدخول الجنة على نوعين فإن كان هذا الكبر مقتضياً لكفره وخروجه عن الإسلام كما لو تكبر عن شريعة الله وردها أو رد بعضها فإن هذا النفي نفي للدخول بالكلية لأن الكافر لا يدخل الجنة أبداً ومأواه النار خالداً فيها مخلداً أما إذا كان الكبر تكبراً على الخلق وعدم الخضوع على ما يجب عليه نحوهم بدون رد لشريعة الله ولكن طغياناً وإثماً فإن نفي الدخول هنا نفي للدخول الكامل أي أنه لا يدخل الجنة دخول كاملاً حتى يعاقب على ما أضاع من حقوق الناس ويحاسب عليه لأن حقوق الناس لا بد أن تستوفى كاملة وبهذا يتبين الجواب عن الفقرة الثانية في سؤالها وهو أن الكبر ليس هو احتقار الناس فقط بل الكبر كما فسره النبي عليه الصلاة والسلام (بطر الحق أي رده وعدم الاكتراث به وغمط الناس أي احتقارهم وازدراؤهم) .

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم المستمع يحي يقول ما هو الكبر وكيف يكون الإنسان متكبراً

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الكبر فسره النبي صلى الله عليه وسلم بقوله (بطر الحق وغمط الناس) فمعنى بطر الحق يعني رده أن يرد الإنسان الحق مثل أن يقول قولاً ثم يقال له إن النبي صلى الله عليه وسلم قال كذا وكذا أعني خلاف قول هذا الرجل ولكنه يرد ما قاله الرسول ويبقى على قوله هذا كبر وهذا من أعظم أنواع الكبر لأنه رد لقول الرسول صلى الله عليه وسلم وكذلك لو قيل له قال الله كذا وكذا خلاف ما يقول هو وأصر على قوله فهذا كبر وهو أعظم أنواع الكبر لأنه رد لقول الله تبارك وتعالى هذا قسم من أقسام الكبر رد الحق وكذلك لو كان الإنسان مجتهداً في حكم من الأحكام فنوقش فيه وتبين أن الحق في خلاف قوله وإن لم يكن نصاً في المخالفة ولكنه أصر على ما يقول فهذا أيضاً من الكبر.

الثاني غمط الناس يعني احتقارهم وازدراؤهم بحيث لا يرى الناس شيئاً ويرى أنه فوق الناس فإن هذا من الكبر وعلامته أن يصعر خده للناس وأن يمشي في الأرض مرحا وأن يتخيل أنه فوق رؤوس الجبال وأن الناس في قعر الآبار هذا من الكبر ولما قال الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسناً ونعله حسناً قال النبي صلى الله عليه وسلم (إن الله جميل يحب الجمال الكبر بطر الحق وغمط الناس) وعلى هذا فتجمل الإنسان في ثيابه التي على الجسد أو التي يركبها وهي النعال ليس من الكبر في شيء إلا أن يصحبه ما أشار إليه النبي عليه الصلاة والسلام بكونه يغمط الناس أو يحتقرهم فيحتقر من لم يلبس مثل لباسه ويحتقر الفقراء وما أشبه ذلك فهذا كبر.

***

ص: 2

‌جزاكم الله خيراً يقول السائل إنسان سريع الغضب وربما تفوه بكلمات العقوق لأمه وهو لا يشعر فما هو العلاج الناجع من الغضب

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: العلاج الناجع من الغضب ما ذكره النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم فإذا أحس من نفسه الغضب يقول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم لأن الغضب جمرة يلقيها الشيطان في قلب ابن آدم فيفور دمه ويتكلم بما لا يعرف وإذا أصابه الغضب وهو قائم جلس فإن أصابه وهو جالس اضطجع وكذلك ينبغي أن يتوضأ ليطفئ حرارة الغضب وكذلك أوصى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم رجلاً قال يا رسول الله أوصني قال (لا تغضب قال أوصني قال لا تغضب فردد مراراً قال لا تغضب) فليضبط الإنسان نفسه وليكن ثقيلاً رزيناً.

إذاً الدواء الآن الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم وإذا كان قائماً فليقعد وإن كان قاعداً فليضطجع ثم يتوضأ أيضاً وهناك شيء آخر أيضاً يسلم به الإنسان من آثار الغضب وهو أن يغادر المكان كما لو غاضبته امرأته مثلاً فليخرج ويترك البيت حتى ينطفئ غضبه وهذا من أجل أن يحفظ نفسه من ترتب آثار الغضب أما ما ذكره النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فهو يمنع الغضب أصلاً.

***

ص: 2

‌السؤال: تقول السائلة بأنها امرأة عصبية المزاج تغضب على أقل سبب وتحلف يميناً ولكنها تستغفر بسرعة وتندم وأحيانا تقول أغضب من الأولاد الصغار وأحلف بأنني سأفعل كذا فأستغفر الله وسؤالها هل علي ذنب علما بأنني تصدقت بكيسين من الرز في العام الماضي عن الحلف والآن أصبحت أكثرمن الحلف فما حكم ذلك وما نصيحتكم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أوصيها ألا تغضب وأن تضبط نفسها فقد قال رجل يا رسول الله (أوصني قال لا تغضب قال أوصني قال لا تغضب قال أوصني قال لا تغضب) والغضب جمرة يلقيها الشيطان في قلب ابن آدم حتى تنتفخ أوداجه ويحمر وجهه ويتصرف تصرفا طائشا يندم عليه فيما بعد فأوصي هذه المرأة ألا تغضب وإذا أحست بالغضب وهي قائمة فلتقعد وإن كانت قاعدة فلتضطجع ولتستعذ بالله من الشيطان الرجيم حتى يذهب عنها ما تجد ثم إن حصل نتيجة لهذا الغضب يمين على أولادها وهي لا تقصد اليمين لكن من شدة الغضب فإنه لا شيء عليها لقول الله تبارك وتعالى (لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ) أي بما نويتم عقده أما شيء يجري على اللسان بلا قصد ولكنه نتيجة الغضب ونحوه فإن هذا لا ينعقد وليس فيه شيء لكنني أكرر وصيتي لهذه المرأة ألا تغضب.

***

ص: 2

‌هذا السائل أع ق يقول يا فضيلة الشيخ أنني شاب أعاني من سوء الخلق سواء في المعاملة أو بالكلام رغم محاولاتي المستمرة لإصلاح ذلك مع أنني ولله الحمد ألتزم بأداء الفرائض في أوقاتها وأداء النوافل وتلاوة كتاب الله هل من علاج لهذا الأمر وجهوني جزاكم الله خيرا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الذي يظهر أن علاج هذا الأمر سهل ما دام هذا السائل على الوصف الذي ذكره فإنه ينبغي له إذا غضب أن يحبس الغضب وأن يكظمه لأن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال أوصني قال (لا تغضب ردد مرارا قال لا تغضب) فليعالج نفسه بتهدئة أعصابه وإذا غضب استعاذ بالله من الشيطان الرجيم ثم إن كان قائما جلس وإن كان جالسا اضطجع ولا يلزم أن تأتي الأمور دفعة واحدة وتصح الحال ربما يكون ذلك بعد معالجة طويلة لكن لا يترك نفسه من العلاج ثم إنه يجب أن يتوجه إلى الله تعالى بالدعاء في أن يعصمه من هذا الخلق الذميم والله سبحانه وتعالى إذا علم من عبده صدق التوجه إليه والافتقار إليه فإنه يعينه ويثيبه.

***

ص: 2

‌أحسن الله إليكم أم مصعب من الرياض تقول ما علاج الكذب والرياء والحقد والحسد والغرور إذا ابتلي بها الإنسان

.

فأجاب رحمه الله تعالى: علاجها سهل أن يترك الكذب وأن يترك الحقد والبغضاء للمسلمين وأن يترك الرياء ويشتغل بالإخلاص لله عز وجل في عباداته وهذا وإن كان يشق على من كان ذلك عادة له لكن إذا استعان الإنسان بالله سبحانه وتعالى وصمم وعزم سهل عليه الأمر، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير احرص على ما ينفعك واستعن بالله) فأمر بالحرص والاستعانة لأن الحرص وحده لا يكفي والاستعانة بدون حرص لا تنفع لأن الاستعانة بدون حرص ليست استعانة حقيقية إذ أن المستعين بالله لابد أن يفعل الأسباب ويستعين بالرب عز وجل (احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز أي لا تكسل وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كذا لكان كذا فإن لو تفتح عمل الشيطان) فليحرص الإنسان على تجنب الأخلاق الرذيلة ومما يعين على ذلك أن يعرف الإنسان ما في الكذب من الشؤم والعاقبة السيئة قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (إياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً) .

***

ص: 2

‌المستمعة ح. ع. من العراق محافظة بغداد تقول في رسالتها إنني فتاة في الخامسة والعشرين من العمر أعيش مع أخي بعد أن تزوج أبي بعد وفاة والدتي وقد كان عمري عشر سنوات وقد تركت الدراسة بسبب الظروف التي لم تسمح لي بالاستمرار ولي أب يملك ثروة كبيرة من المال وعندما أكون عصبية أشتم أبي وإخوتي فهل علي في هذا إثم وما الحكم جزاكم الله خيراً

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الحكم في هذا أنه لا يجوز للإنسان أن يسب أحداً من المسلمين أو يشتمه فضلاً عن أقاربه فضلاً عن أبيه وإخوته فعليك أن تتوبي إلى الله وأن تستغفري من هذا العمل وأن تملكي نفسك عند الغضب فإن النبي صلى الله عليه وسلم جاءه رجل فقال أوصني فقال (لا تغضب فردد مراراً قال لا تغضب) وقال صلى الله عليه وسلم (إنما الشديد يعني القوي الذي يملك نفسه عند الغضب) فإذا غضبت فاستعيذي بالله من الشيطان الرجيم وإن استمر معك الغضب فتوضئي وإذا كانت قائمة فاجلسي وإذا كنت جالسة فاضطجعي حتى يذهب عنك الغضب والإنسان بشر قد يلقي الشيطان في قلبه جمرة فيستشيط غضباً حتى لا يدري ما يقول نسأل الله لنا ولكم السلامة.

***

ص: 2

‌عندما أغضب من شي أتلفظ بألفاظ غير سوية وعندما يهدأ الغضب أندم وأستغفر الله فهل يكون علي إثم في ذلك

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: ينبغي أن نذكر هذا السائل بما ثبت في صحيح البخاري (أن رجلا أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أوصني قال لا تغضب فردد مرارا قال لا تغضب) فنوصي هذا السائل أن لا يغضب وأن يضغط على نفسه ويتحلى بالصبر حتى يكون هاديء البال بعيدا عن الغضب الذي قد يحدث من جرائه ما لا تحمد عقباه وليمرن نفسه على ذلك فرُبّ إنسان غضوب صار إنساناً راضيا وأما أن يهمل لنفسه ويطلق العنان لها فيغضب عند أقل شيء ويحصل منه من الكلام أو الأفعال مالا تحمد عقباه فهذا خلاف الحزم وخلاف الشهامة والرجولة فإن قال قائل ما دواء ذلك يعني إذا ثار به الغضب فما دواؤه نقول أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا بعدة أدوية منها الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم بأن يقول الإنسان أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ومنها أنه إذا كان قائما فليجلس فإن كان جالسا فليضطجع لأن تنقل الإنسان من أعلى إلى أدنى تنكسر به حدة النفس وحدة العلو فيزول الغضب ومنها أي من أسباب زوال الغضب أن يتوضأ لأن الوضوء عمل تلهو به النفس ولأن الوضوء يبرد حرارة الدم فيهبط الغضب ومن ذلك أيضا أن يبعد عن المكان فإذا أغضبته زوجته في البيت مثلا ولم يتمكن من الوضوء وما ذكرناه آنفا فليخرج عن البيت حتى لا يقع المحذور.

***

ص: 2

‌هذا السائل خ. ج. س. الأحساء يقول والدي كثير السباب واللعن حتى أنها أصبحت عادة عنده لا يَشْعُرْ وهو يتلفظ بها وبالأخص إذا كان غضباناً هل في ذلك كفارة عما يبدر عنه عفا الله عنا وعنكم جزاكم الله خيرا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أقول لأبيك عليه أن يكون حسن الأخلاق وعليه ألا يغضب لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال له رجل أوصني يا رسول الله قال له (لا تغضب فردد مرارا قال لا تغضب) أخرجه البخاري وأقول له إن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال لمعاذ بن جبل (ألا أخبرك بملاك ذلك كله قال بلى يا رسول الله فأخذ بلسان نفسه وقال كف عليك هذا قال يا رسول الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به فقال ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو قال على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم) فوصيتي ونصيحتي لأبيك أن لا يغضب وأن يتحلى بالصبر والتحمل وليعلم أن دوام الحال من المحال وأن مع العسر يسرا كما قال الله عز وجل (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) وإذا أصابه الغضب فليستعذ بالله من الشيطان الرجيم وليجلس إن كان قائماً وليضطجع إن كان قاعداً وليتوضأ حتى يذهب ما فيه وليعلم أن كثيراً من الذين يغضبون إذا زال عنهم الغضب وبردت عروقهم يندمون ندماً عظيماً ثم إن اللعن والسباب والشتام قد لا يزيد الإنسان إلا إثما أما بالنسبة لكم فعليكم بمناصحة أبيكم وأكثروا من مناصحته حتى يستمر على الخلق الحسن.

***

ص: 2

‌أحسن الله إليكم هذا السائل أبو عبد الله يقول بعض الناس يتكلم في الآخرين ويحسدهم على ما آتاهم الله من فضله فما توجيهكم لهؤلاء

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: توجيهنا لهؤلاء أن يتقوا الله عز وجل وأن يحذروا الحسد فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب والحسد لا يفيد الحاسد إلا هما وغما لأنه كلما تجددت نعمة الله على المحسود اشتعلت نار الحسد في قلبه واستحسر وعجز عن أن يحاول أن يكون مثل هذا المحسود ثم إن الحسد اعتراض على قضاء الله وقدره لأنه كره ما أنعم الله به على غيره ثم إن الحسد عدوان على المحسودين لأن الغالب أن الحاسد يسعى لكتم النعمة عن المحسود وإخفائها وغيبة المحسود والنيل من عرضه ثم إن الحسد من أخلاق اليهود قال الله تعالى (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنفُسِهِمْ) وقال الله تعالى (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكاً عَظِيماً) وقال الله تعالى (وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ) وقال النبي صلى الله عليه وسلم (لا تحاسدوا) أي لا يحسد بعضكم بعضا فالحسد خلق ذميم رذيل لا يحصل إلا من ضعف نفس وسوء ظن بالله عز وجل وحقد على المسلمين.

***

ص: 2

‌السؤال: هل يجوز لأم الزوج أن تدخل غرفة الزوجة أي زوجة الولد في حال غيابها وأن تأخذ من هذه الغرفة ما تشاء بحجة أن هذا هو مال ابنها

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا يحل لأم الزوج أن تدخل الغرفة الخاصة بزوجته لأن هذه من الأسرار التي لا يحب للإنسان الإطلاع عليها وإنني أنصح أم هذا الزوج أن تتقي الله تعالى في نفسها وأن لا تتسلط على هذه المسكينة الأسيرة لأن الزوجة مع الزوج كالأسير مع آسره كما قال النبي عليه الصلاة والسلام (اتقوا الله في النساء فإنهن عوان عندكم) فعلى هذه الأم أن تتقي الله عز وجل في نفسها وأن لا تؤذي هذه المرأة فإن الله تعالى قال في كتابه العزيز (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً) وربما تكون أذيتها لهذه المرأة سبباً لفراق الزوج لها فتكون بمنزلة السحرة الذين يتعلمون من السحر ما يفرقون به بين المرء وزوجه ثم إنها في حال تسلطها على زوجة ابنها بلا حق تكون ظالمة وللزوجة أن تدعو عليها لقول النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل حين أرسله إلى اليمن قال: (اتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب) ولتعلم هذه الأم أنها إذا ظلمت ودعت المظلومة عليها فسيجيب الله دعوتها ولو بعد حين ربما لا يكون الدعاء مستجاباً بسرعة لكن لابد من نصر المظلوم الذي لجأ إلى الله ولو بعد حين.

***

ص: 2

‌اللسان وآفاته - الغيبة والبهتان- النميمة - الكذب - السب

ص: 2

‌السائل يقول إنني أريد أن أتجنب الغيبة والنميمة فأخبرونا عن صفة الغيبة وأخبرونا أيضاً عن صفة النميمة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الغيبة فسرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بأوضح تفسير حيث قال الغيبة ذكرك أخاك بما يكره يعني أن تذكر أخاك بما يكره أن يذكر به من وصفٍ خُلقي أو وصفٍ خلقي أو وصفٍ عملي فإذا قلت مثلاً فلانٌ أعور فلانٌ أعمى فلانٌ قصير فلانٌ فيه كذا وكذا تعيره بذلك فهذه غيبة وكذلك أيضاً إذا قلت فلان أحمق سيء الخلق فيه كذا وكذا تعيره بذلك أيضاً فهو غيبة وكذلك إذا قلت فلانٌ فاسق فلانٌ فيه كذا وكذا من الأعمال السيئة تعيره بذلك فإنه من الغيبة فالغيبة ذكرك أخاك بما يكره أي بما يكره أن يذكر به من صفةً خِلقية أو خلقية أو عمليه وأما النميمة فهي السعي بين الناس بما يفرق بينهم بأن تأتي مثلاً إلى فلان وتقول يذكرك فلان بكذا وكذا يسبك يشتمك يقول فيك ويقول فيك لأجل أن تفرق بينهما فالنميمة هي السعي بين الناس بما يفرق بينهم وكلا العملين عمل ذميم ومن كبائر الذنوب فالغيبة ضرب الله لها مثلاً تنفر منه كل نفس فقال سبحانه وتعالى (وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ) فجعل الله تبارك وتعالى غيبة المرء كمثل أكل لحمه وهو ميت وإنما وصف ذلك بأكل لحمه وهو ميت لأن الغائب لا يستطيع الدفاع عن نفسه فهو كالميت الذي يؤكل لحمه لا يستطيع أن يدفع عن نفسه وقد ذكر بعض العلماء أن المغتاب للناس يعرضون عليه يوم القيامة أمواتاً ويكلف بأكل لحومهم وهذه بلا شك نوعٌ من العقوبة العظيمة وأما النميمة فقد ثبت في الصحيحين من حديث ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (مر بقبرين فقال إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير أما أحدهما فكان لا يستبرئ من البول وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة) وبهذا علم أن النميمة من أسباب عذاب القبر نسأل الله السلامة والعافية.

***

ص: 2

‌المرسلة من الدمام تقول أنا أسأل فضيلتكم عن غيبة الصغير الذي لم يبلغ سن البلوغ هل يكتب علينا ذنب إن نحن اغتبناه خاصة أن الصغير دائما يسبب لنا الانفعال الشديد الذي يخرج الإنسان من طوره فيشتمه

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الغيبة هي ذكر الإنسان بما يكره في غيبته هذه هي الغيبة لأنها فعلة من الغيب أما إذا كان حاضراً فإن ذكره بما يكره لا يسمى غيبة وإنما يسمى سباً وشتماً ولا ينبغي أن يسب الصغير أو يشتم بل الواجب على المرء أن يمنع نفسه مما لا يجوز له فعله سواء كان قولاً أم فعلاً ومن الآداب العالية الفاضلة أن يكتم غيظه ويحبس غضبه لا سيما في معاملة الصغار لأن الصغار إذا رأوا من يعاملهم بمثل هذا من الغضب والسب والشتم تعودوا عليه ورأوه أمراً لا بأس به ولهذا سب الصغير كسب الكبير بل ربما يكون أشد لأن كونك تربي الصغير على ما يقال أو يفعل عنده أشد من أن تربي الكبير على ذلك.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم يقول ما الفرق بين الغيبة والبهتان وما حكمهما وماذا يفعل من عزم على التوبة منهما

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الغيبة فسرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله (ذكرك أخاك بما يكره) مما يتصف به من العيوب الخلقية أو الخلقية فهذه هي الغيبة أن تذكر أخاك بما يكره في غيبته ولهذا قيل لها غيبة وأما إذا ذكرته بما يكره في مقابلته فإنه يسمى سباً وشتماً وهذا إذا كان المذكور متصفاً بما قلت فيه أما إذا كان غير متصف فإنه يكون بهتاناً أي كذباً ولهذا قيل للرسول عليه الصلاة والسلام أرأيت إن كان في أخي ما أقول قال (إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته) إذاً فالفرق بين الغيبة والبهتان أن الغيبة أن يكون الرجل الذي وقعت عليه الغيبة متصفاً بما ذكر فيه وأما البهتان بأن يكون غير متصف بما فيه بل يبهت به ويكذب عليه فيه فتكون إذاً مركبة من غيبة وبهتان.

يافضيلة الشيخ: ماذا يعمل من أراد التوبة منهما؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أما من أراد التوبة منهما فإنه يستغفر لأخيه الذي اغتابه ويكثر من الثناء عليه بما يستحق في الأماكن التي اغتابه فيها لأن الحسنات يذهبن السيئات وهل يجب عليه أن يتحلله فيذهب إليه ويخبره بما جرى منه في حقه أو لا قال بعض أهل العلم إنه يجب عليه أن يذهب إليه ويتحلله لأنه يخشى أن يصل إليه العلم فيما بعد فعليه أن يطلب منه السماح وقال بعض أهل العلم إنه إن كان أخاه قد علم باغتيابه فإنه يجب عليه أن يذهب إليه ويتحلله أي يطلب منه السماح وإن كان لم يعلم فإن الأولى أن لا يخبره لأنه ربما لو أخبره لركب رأسه ولم يسمح له وحصل بينهما عداوة وبغضاء فيكون هو السبب في إثارة هذه العداوة والبغضاء وهذا القول هو الراجح أنه لا يخبره بل يستغفر له ويثنى عليه بما يستحق في المجالس التي اغتابه فيها اللهم إلا إذا كان يخشى أن يصل إليه العلم أو نحو ذلك من الأمور التي تحتاج إلى استحلال فإنه لابد أن يستحله.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم تقول السائلة فضيلة الشيخ أعلم بأن الغيبة والكذب محرم ولكن عندما يجلس الإنسان في مجلس يكثر فيه هذا الموضوع وينصح الجالسين يقولون بأن هذا الكلام يتداول دائماً وليس فيه شيء فنريد تبيين الحكم الشرعي بارك الله فيكم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أولاً الحكم الشرعي في الغيبة أنها محرمة بل هي من كبائر الذنوب كما نص على ذلك الإمام أحمد رحمه الله وقد بينها النبي صلى الله عليه وسلم في قوله (الغيبة ذكرك أخاك بما يكره) سواء كان ذلك في عيب خَلقي أو خُلقي أو ديني فكلما ذكرت أخاك بما يكره فإنك قد اغتبته حتى وإن كان فيه ما تقول ولهذا قال الصحابة أرأيت يا رسول الله إن كان فيه ما أقول قال (إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته) وقد حذر الله منها في قوله (وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ) وتأمل هذا المثل حيث جعل الله المغتاب الذي اغتاب إخوانه بمنزلة الرجل الذي يأكل لحم أخيه ميتاً ومعلوم أنه لا يمكن لأحد أن يأكل لحم أخيه ميتاً ولهذا قال فكرهتموه وإنما شبه الله الغيبة بهذا لأن المغتاب الذي اغتيب غائب لا يستطيع أن يدافع عن نفسه فهو بمنزلة الميت الذي يؤكل لحمه لا يستطيع أن يدافع عن نفسه وأن يمنع الناس من أكل لحمه وإذا وقعت الغيبة من شخص لآخر فإن الواجب على الذي اغتاب أخاه أن يستحله ويطلب منه أن يحله في الدنيا قبل أن يؤخذ ذلك من أعماله الصالحة في يوم القيامة هذا إذا كان قد علم بأنه قد اغتاب أما إذا لم يعلم فإن بعض أهل العلم يقولون لا ينبغي أن يعلمه بأنه اغتابه لأنه ربما يصر على أن لا يسمح عنه ويكفي أن يستغفر له وأن يثني عليه في الأماكن والجماعات التي كان يغتابه فيها والحسنات يذهبن السيئات.

أما بالنسبة للكذب فإن الكذب ليس من خلق المؤمن بل هو من آيات المنافقين وعلاماتهم كما قال الله تبارك وتعالى (إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ) فالكذب من صفات المنافقين وعلاماتهم وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (آية المنافق ثلاثة إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان) فلا يجوز لأحد أن يكذب على أحد سواء كان ذلك في أمور الدين أو في أمور الدنيا وهو في أمور الدين أشد كما يفعله بعض الناس ينسب إلى العلماء أقوال ما قالوها وفتاوى ما أفتوا بها كذباً وزوراً لكنه يريد أن يبرر قوله ليسنده بما ينسب إلى العالم من قول أو فتوى وهذا ضرره عظيم وخطره جسيم فإذا تبين حكم الغيبة والكذب فإننا نقول لا يجوز لأحد أن يبقى في مجلس فيه الغيبة أو فيه الكذب بل يجب عليه أن يناصح أهل المجلس فإن امتثلوا وقبلوا النصيحة فهذا خير للجميع وإن لم يفعلوا فالواجب عليه أن يقوم وأن لا يجلس معهم لأن الجالس مع أهل المعصية بمنزلتهم كما قال الله تعالى (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ) يقول بعض الناس مفتياً نفسه إنه يجلس مع أهل المعصية وهو كاره لذلك فهو منكر بقلبه فنقول له لو كان كارهاً لذلك لقام ولم يجلس لأن من المعلوم أن من كره شيئاً لم يطق أن يبقى عليه ولكن هذا من باب التمني وهو من العجز فإن العاجز من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني.

***

ص: 2

‌هذه السائلة تقول لي صديقة متعلمة تزوجت من ابن عمتها وهي الآن تعيش معه في ذلك البيت ويحصل غيبة كثيرة فيومياً تأتي النسوة إليهم ويجتمعن بالحديث على الناس فلا يتركن أحداً من شرهن أما صديقتي فإنها إما أن تبقى جالسة تستمع لكلامهم دون أن تتحدث أو تتركهم وتذهب إلى غرفتها تجلس فيها فهل عملها صحيح أرشدوها على الخير جزاكم الله خيرا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا كانت هذه الصديقة هي ربة البيت التي تملك المنع والإذن للداخلين فإنه يجب عليها أن تمنع الإذن لهؤلاء النسوة اللاتي لا يجلسن إلا على لحوم الناس وأما إذا كانت لا تملك ذلك وليست ربة البيت فإنه يجب عليها إذا سمعت غيبة هؤلاء النساء أن تنصحهن أولاً فإن لم يكففن عن الغيبة وجب عليها أن تقوم عن المكان إلى حجرتها أو غرفتها حتى يغادر هؤلاء البيت ولكني أنصح قبل كل شيء هؤلاء النساء من الغيبة لأن الغيبة من كبائر الذنوب وقد مثلها الله تعالى بأقبح مثال فقال تعالى (وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ) ومن المعلوم أنه لا أحد يحب أن يأكل لحم أخيه حياً فضلاً عن كونه ميتاً والمغتاب كالذي يأكل لحم الميت لأنه يغتاب هذا الرجل بغيبته بحيث لا يستطيع أن يدافع عن نفسه أي أن الذي أغتيب كالميت يؤكل لحمه ولا يستطيع أن يدافع عن نفسه ثم لتعلم هؤلاء النساء أنهن ما تكلمن بكلمة في شخص من ذكر أو أنثى إلا إذا كان يوم القيامة (أخذ من حسناتهن وحملت على حسناته فإن بقي من حسناتهن شيء وإلا أخذ من سيئاته فطرحت عليهن ثم طرحن في النار) ويروى بسند فيه نظر (أن امرأتين كانتا صائمتين في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فعطشتا عطشاً شديداً حتى كادتا تموتان من العطش فدعا بهما النبي صلى الله عليه وسلم وأمرهما أن يتقيأ فتقيأتا قيحاً وصديداً ولحماً عبيطاً ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم إن هاتين صامتا عما أحل الله لهم وأفطرتا على ما حرم الله عليهما جلست إحداهما إلى الأخرى فجعلتا تأكلان لحوم الناس)(ورأى النبي صلى الله عليه وسلم أقواماً لهم أظفار من نحاس يخمشون بها وجوههم وصدورهم فقال من هؤلاء يا جبريل قال هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم) فليحذر هؤلاء النسوة من الغيبة وليتقين الله عز وجل وإذا كانت الغيبة في الأقارب صارت غيبة وقطيعة والعياذ بالله وقطيعة الرحم من كبائر الذنوب العظيمة قال الله تبارك وتعالى (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمْ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ) وقال النبي صلى الله عليه وسلم (لا يدخل الجنة قاطع) أي قاطع رحم فالغيبة إذا كانت في الأقارب صارت أشد وأعظم وإذا كانت في عامة الناس كانت من كبائر الذنوب فلا يمكن أن يسلم المغتاب من إثم أبدا ولكن مع ذلك إذا تاب الإنسان ورجع إلى الله واستحل ممن اغتابه إن كانت الغيبة قد بلغته فإنه الله تعالى يمحو بذلك سيئاته.

***

ص: 2

‌ما معنى الغيبة والنميمة وهل النهي عن المنكر من الغيبة والنميمة مثل أن نقول للناس إن هذا الشخص فعل كذا ليحذره الناس وما جزاء من يقول مثل ذلك

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الغيبة ذكرك أخاك بما يكره في غيبته بأن تقول في غيبته إنه فاسق إنه متهاون بدين الله أو إن فيه كذا وكذا من العيوب الخِلْقية التي تتعلق بالبدن أو إن فيه كذا وكذا من العيوب الخلقية التي تتعلق بالخلق فإذا ذكرت أخاك في غيبته بما يكره في دينه أو بدنه أو خُلقه فتكون هي الغيبة إن كان فيه ماتقول أما إن لم يكن فيه ما تقول فإن ذلك غيبة وبهتان كما قال النبي عليه الصلاة والسلام حين سئل أرأيت يا رسول الله إن كان في أخي ما أقول قال (إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته) أي بهته بالإضافة إلى غيبته هذه هي الغيبة والغيبة إذا حصلت في حضور المغتاب صارت سباً وشتماً.

وأما النميمة فليست هي الغيبة النميمة نقل كلام الغير إلى من تكلم فيه بقصد الإفساد بينهما مثل أن تذهب لشخص فتقول قال فيك فلان كذا وكذا لتفسد بينهما والنميمة من كبائر الذنوب كما إن الغيبة أيضاً من كبائر الذنوب على القول الراجح سواء كان الذي نممت فيه قد قال ما قال أو لم يقل فلا يحل لأحد أن ينقل كلام أحد إلى من تكلم فيه فيلقي العداوة بينهما بل إذا تكلم أحدهما في شخص فانصحه وحذره من النميمة وقل له لا تنقل إليّ كلام الناس فيّ واتق الله حتى يدع النميمة واعلم أن من نمّ إليك نمّ عنك فاحذره ولهذا قال الله تعالى (وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَاّفٍ مَهِينٍ (10) هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (11) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (12) عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ) وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (لا يدخل الجنة قتات) أي نمام وثبت عنه أنه (مر برجلين يعذبان في قبورهما فقال لأحدهما إنه يمشي بالنميمة) وأعظم النميمة أن ينم الإنسان بين علماء الشرع فينقل عن هذا العالم إلى هذا العالم الكلام بينهما ليفسد بينهما ولاسيما إن كان كذباً فإنه يجمع بين النميمة والكذب يذهب إلى العالم ويقول إن فلاناً من أهل العلم يقول فيك كذا وكذا فإن هذا من كبائر الذنوب وفيه مفسدة عظيمة وإيقاع للعداوة بين العلماء فيحصل في ذلك تفكك في المجتمع تبعاً لتفكك علمائهم هذا هو الفرق بين الغيبة والنميمة.

أما قول السائل هل من الغيبة أن يتكلم بأوصاف يعرف الناس المتصف بها بعينه من غير أن يسميه المتكلم فالجواب أن نقول نعم إذا تكلم الإنسان بأوصاف لا تنطبق إلا على شخص معين معلوم بين الناس فإن هذا من الغيبة لأن الناس قد يعلمونه بوصفه الذي لا يتصف به إلا هو ولكن إذا كان هذا الوصف الذي ذكره من الأمور التي يجب تغييرها لكونها منكراً فإنه لا حرج أن يتكلم على من اتصف بها وإن كان قد تُعلم عنه وقد كان من عادة النبي عليه الصلاة والسلام إذا خالف أحد من الناس شريعة الله أن يتحدث فيهم فيقول (ما بال أقوام أو ما بال رجال) أو ما أشبه ذلك مع إنه ربما يعرف الناس من هؤلاء ويتفرع من ذلك أن الإنسان لو اغتاب شخصاً داعية سوء وعينه باسمه ليحذر الناس منه فإن هذا لا بأس به بل قد يكون واجباً عليه لما في ذلك من إزالة الخطر عن المسلمين الذين لا يعلمون عن حاله شيئاً.

***

ص: 2

‌هل يجوز التحدث عن أناسٍ يرتكبون المحرمات والفواحش في غيابهم بغرض التحذير منهم ومن شرهم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم يجوز لك أن تتحدث عن أفعالٍ يقوم بها أناس للتحذير منها والتحذير من مجالستهم لأن الأعمال بالنيات وما دامت نيتك تحذير الناس من شرهم فإنك قد صنعت خيراً ولا حرج عليك في هذا.

***

ص: 2

‌تقول هذه السائلة إن بعض الأخوات يقلن بأنه لا شيء في أن تذكر المرأة الأخرى في غيبتها بما تتصف به سواء كان ذلك من حسن في خلقها أو سوء في خلقها

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أما الثناء على المرء بما هو متصف به في غيبته فهذا طيب وحسن وأما القدح فيه بما يتصف به فهذا حرام لأنه من الغيبة، والغيبة من كبائر الذنوب وقد نهى الله تعالى عنها في كتابه ومثلها بأبشع صورة فقال جل وعلا (وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ) وسئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الغيبة فقال (هي ذكرك أخاك بما يكره) فلا يجوز وصف المرء بما يكره في غيبته إلا إذا كان ذلك على سبيل النصح للمخاطب فلا بأس بذكر ما يكرهه من صفاته لنصح الآخر ومثال ذلك أن فاطمة بنت قيس رضي الله عنها استشارت النبي صلى الله عليه وسلم في ثلاثة من المسلمين خطبوها وهم أبو جهم ومعاوية وأسامة بن زيد فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (أما أبو جهم فضرَّاب للنساء وفي رواية فلا يضع العصا عن عاتقه إشارة إلى كثرة ضربه للنساء وأنه يضربهن بالعصا أو إشارة إلى أنه كان كثير الأسفار لأن المسافر غالبا ولا سيما فيما سبق حيث السفر على الإبل يحمل العصا وأما معاوية فصعلوك لا مال له انكحي أسامة بن زيد) فوصف النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أبا جهم ومعاوية بما يكرهان أن يوصفا به لكن هذا من باب النصيحة وعلى ذلك يحمل ما يوجد في تاريخ الأمم وكتب رجال الحديث من القدح في الشخص لأن ذلك من باب النصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم.

***

ص: 2

‌هذا السائل يقول ما حكم غيبة تارك الصلاة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: تارك الصلاة بالكلية أي الذي لا يصلىها لا في المسجد ولا في بيته كافر خارج عن دين الإسلام والكافر لا غيبة له إلا أن يكون له أقارب مسلمون تسوؤهم غيبته فحينئذ لا يغتابه مراعاة لأقاربه المسلمين.

***

ص: 2

‌أحسن الله إليكم يا شيخ هل غيبة من يفعل المعاصي جهرا جائزة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الأصل في الغيبة أنها حرام فلا تجوز إلا إذا كان هناك مصلحة فإذا كانت غيبة من يجاهر بالمعاصي مفيدة له أو لغيره فلا بأس والرجل أو المرأة إذا جاهرت بالمعصية لا تخرج من الإسلام كما هو مذهب أهل السنة والجماعة أنه لا تكفير بالمعاصي التي دون الكفر وعلى هذا فتكون غيبة هؤلاء المجاهرين بالمعصية حراما إلا إذا كان في ذلك فائدة.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم يقول المستمع خالد العثمان هل تجوز الغيبة بدون ذكر الاسم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الغيبة التي يعبر بها عن شخص مجهول مثل أن يقول من الناس من يقول كذا أو من الناس من يفعل كذا لا بأس بها بشرط ألا يفهم السامع بأنه فلان فإن فهم السامع أنه فلان فلا فائدة من الإتيان بصفة عامة ولهذا كان من هدي الرسول عليه الصلاة والسلام إذا أراد إنكار شيء على قوم قال (ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا) فإذا قلت بعض الناس يقول كذا أو يفعل كذا أو ما أشبه ذلك فلا بأس أما إذا قلت قال فلان كذا وفعل فلان كذا مما يعاب عليه فهذه غيبة وأما وصف الإنسان بأوصافه الخلقية كالأعور والأعرج والأعمش وما أشبه ذلك فإن كان لا يهتم بذلك ولا يغضب بذلك ولا يكره ذلك فلا بأس وهذا هو الغالب في الألقاب التي لا يعرف الإنسان إلا بها فإنه لا بأس أن يلقب ولهذا تجد في كلام العلماء الأعمش والأعرج وما أشبهه فإذا أريد بذلك تعيين المسمى دون القدح فيه فلا حرج في هذا إلا إذا علمنا علما خاصا بأنه يكره أن يلقب بهذا فإننا لا نلقبه به لعموم قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (الغيبة ذكرك أخاك بما يكره) والخلاصة أنه إذا جاء ذكر الإنسان على وجه لا يعرف به ولكن ذكرت أخلاقه التي يتخلق بها من غير أن تشير إليه بالتعيين فلا بأس بذلك لتنفير الأمة عن هذه الأخلاق وأما إذا كان عن أشياء خَلْقِيّة فهذه إن كان لا يعرف إلا بها فلا بأس ما لم نعلم علما خاصا أنه يكره ذلك وإن كان لا يكره ذلك ويعرف بدونها فلا بأس أيضا لأن العلماء يستعملون هذا كثيرا.

***

ص: 2

‌هل يجوز الكذب مازحاً

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الكذب لا يجوز مازحاً ولا جاداً لأنه من الأخلاق الذميمة التي لا يتصف بها إلا أهل النفاق ومن المؤسف أننا نسمع كثيراً من بعض الناس أنهم يقسمون الكذب إلى قسمين كذبٍ أبيض وكذبٍ أسود فإذا ترتب على الكذب ضررٌ بأكل مالٍ أو اعتداءٍ أو ما أشبه ذلك فهو عندهم كذبٌ أسود وإذا لم يتضمن ذلك فهو عندهم كذبٌ أبيض وهذا تقسيمٌ باطل فالكذب كله أسود ولكن يزداد سواداً كلما ترتب عليه ضرر أعظم.

وبهذه المناسبة أحذر إخواني المسلمين مما يصنعه بعض السفهاء من كذبة إبريل هذه الكذبة التي تلقوها عن اليهود والنصارى والمجوس وأصحاب الكفر فهي مع كونها كذبٌ والكذب محرم شرعاً ففيها تشبه بغير المسلمين والتشبه بغير المسلمين محرم وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (من تشبه بقومٍ فهو منهم) قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إسناده جيد وأقل أحواله التحريم وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم وهي مع تضمنها لهذين المحظورين فيها إذلالٌ للمسلم أمام عدوه لأن من المعلوم بطبيعة البشر أن المقلد يفخر على من قلده ويرى أنه أقدر منه ولذلك ضعف مقلده حتى قلده فهي فيها إذلالٌ للمؤمن بكونه ذليلاً وتبعاً للكفار.

المحظور الرابع أن غالب هذه الكذبة الخبيثة تتضمن أكلاً للمال بالباطل أو ترويعاً للمسلم فإنه ربما يكذب فيكلم أهل البيت ويقول إن فلاناً يقول: ترى عندنا جماعة اليوم فيطبخون غداءً كثيراً ولحماً وما أشبه ذلك أو ربما يخبرهم بأمرٍ يروعهم كأن يقول قيّمكم دعسته سيارة وما أشبه ذلك من الأمور التي لا تجوز بدون أن تكون بهذه الحال فعلى المسلم أن يتقي الله سبحانه وتعالى وأن يكون عزيزاً بدينه فخوراً به معجباً به لأجل أن يهابه أعداء المسلمين ويحترموه وأنا ضامن لكل من اعتز بدين الله أن يكون عزيزاً أمام الناس ولكل من ذل أمام أعدائه أن يكون أذل وأذل عند الله وعند أعدائه فلا تظن أيها المسلم أن متابعتك للكفار وأخذك أخلاقهم يعزك في نفوسهم بل إنه يذلك غاية الذل وأنت تعلم ذلك فأنت الآن لو أن أحداً اقتدى بك في أفعالك لرأيت لنفسك فخراً عليه ورأيت أنه ذل أمامك حيث كان مقلداً لك وهذا أمرٌ معلوم معروف بطبيعة البشر وكلما رأى أعداؤنا أننا أقوياء وأعزاء بديننا وأننا لا نبالي بهم ولا نعاملهم إلا بما يقتضيه شريعة الله التي هي شريعة كل العالم بعد بعثة الرسول عليه الصلاة والسلام (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً) وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (والذي نفسي بيده لا يسمع بي يهوديٌ ولا نصرانيٌ ثم لا يؤمن بما جئت به إلا كان من أهل النار) فإذا كان هذا في أهل الكتاب وهم أهل كتاب فما بالك بغيرهم من الكفار كل من سمع بمحمدٍ صلى الله عليه وسلم ولم يتبعه فإنه من أهل النار فإذا كان كذلك فما بالنا نحن المسلمين نذل أنفسنا ونتبع غيرنا وكلنا يعلم ما جرى في محاورة هرقل عظيم الروم مع أبي سفيان وهو كافر حينما تحرز أبو سفيان أن يكذب في حق النبي صلى الله عليه وسلم خوفاً من أن تؤخذ عليه هذه الكذبة مع أنه يود أن يكذب في ضد صالح الرسول صلى الله عليه وسلم فإذا كان هذا كافر فما بالك أيها المؤمن تكذب والله الموفق.

***

ص: 2

‌المستمعة تقول في سؤالها في كلام الإنسان وحين مزحه مع أصدقائه وأحبابه يدخل شيء من الكذب للضحك هل هذا محظور في الإسلام

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم هو محظور في الإسلام لأن الكذب كله محظور ويجب الحذر منه قال النبي عليه الصلاة والسلام (عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي الى الجنة ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباًَ) وورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال (ويل لمن كذب ليضحك به القوم ويل له ثم ويل له) وعلى هذا فيجب الحذر من الكذب كله لا لأجل أن يضحك به القوم ولا مازحاً ولا جاداً وإذا عود الإنسان نفسه على الصدق وتحري الصدق صار صادقاًَ في ظاهره وفي باطنه ولهذا قال الرسول عليه الصلاة والسلام (ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً) ولا يخفى علينا جميعاً ما يحصل من نتائج الصدق فها هو كعب بن مالك وصاحباه هلال بن أمية ومرارة بن الربيع رضي الله عنهم صدقوا رسول الله صلى الله وسلم حين تخلفوا عن غزوة تبوك وأخبروه بأنه لا عذر لهم فماذا كان في حقهم كان أن نزلت آيات من كتاب الله فيها الثناء عليهم والأمر بالاقتداء بهم قال الله تعالى (لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (117) وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا) فأفرد ذكر التوبة على هؤلاء مع أن القصة واحدة لما حصل منهم من الصدق العظيم (وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمْ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنْ اللَّهِ إِلَاّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (118) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) فحصل لهؤلاء الثلاثة النفر الذين صدقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نزلت فيهم هذه الآيات والآية الوسطى من هذه الآيات الثلاث نزلت فيهم خاصة في أن الله تعالى تاب عليهم ونوه بذكرهم في كتاب يتلى حتى في الصلوات والخطب إلى يوم القيامة فيا أخي المسلم عليك بالصدق وتحري الصدق فيما بينك وبين الله وفيما بينك وبين عباد الله وإياك والكذب فإن الكذب كما أخبر به النبي عليه السلام (يهدي إلى الفجور والفجور يهدي إلى النار ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً) ولا تقل إنني أدخل السرور على الناس فيما آتي به من القصص الكاذبة ليضحكوا بذلك فإن مضرة هذا عظيمة عليك وعليهم أدخل عليهم السرور بما تعرف من القصص النافعة والواقعة التي تنفعهم بزيادة إيمانهم ورغبتهم في الخير مثل أن تذكر لهم ما تعرفه من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين ومن غير ذلك مما هو معلوم في الكتب المؤلفة في ذلك.

***

ص: 2

‌أحسن الله إليكم وبارك فيكم فضيلة الشيخ السائل م. م. أ. يقول الحالات التي يجوز فيها الكذب ثلاث دل عيها الحديث هل يقاس عليها غيرها إذا دعت إلى ذلك المصلحة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أولاً الحديث الوارد في هذا حمله بعض أهل العلم على التأويل لا على حقيقة الكذب وقال إن الكذب لا يجوز بأي حالٍ من الأحوال والمراد بالكذب في الحديث التورية

ثانياً إذا قدرنا أن المراد بالحديث. الكذب الحقيقي فإنه لا يقاس عليه غيره ولسنا بحاجة إلى القياس لأنه ما دام عندنا قدرة على التأويل ففي التأويل مندوحةٌ عن الكذب مثال ذلك لو أن أحد استأذن يعني دق عليك الباب وأنت في البيت ولا تحب أن تفتح له فقل لأهلك قولوا إنه ليس موجود وكيف يصح أن يقولوا إنك لست موجود وأنت في البيت؟ يصح بأن ينووا بقولهم إنه ليس موجود أي في مكانٍ آخر غير مكانه الذي هو فيه فمثلاً إذا قدر أنه في المجلس يقولون ليس موجوداً يعني ليس في الغرفة وبذلك يحصل المقصود من غير كذب ففي التأويل مندوحةٌ عن الكذب ولا حاجة أن يكذب

والإنسان إذا أخلص النية لله وتحرى الصدق يسر الله له الصدق وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم (لا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا) .

***

ص: 2

‌أحسن الله إليكم وبارك فيكم هذا السائل يقول هل يجوز الكذب من أجل صلة الرحم

.

فأجاب رحمه الله تعالى: لا يجوز الكذب إلا في الإصلاح بين الناس فإذا كان شخص يعرف أن بين قريبين تقاطعاً وكذب للإصلاح بينهما فهذا جائز على أن بعض أهل العلم يقول إن الكذب الذي جاء في الإصلاح بين الناس هو التورية بمعنى أن الإنسان يقول قولاً وينوي خلافه حتى لا يقع في الكذب الصريح مثل أن يقول لهذين المتقاطعين إن قريبك يجلك ويحترمك ويرى لك فضلاً ويريد بهذا الكلام أنه يجلك ويحترمك ويرى لك فضلاً لو لم تقاطعه فيسلم بذلك من الكذب الصريح وهو أمام المتقاطعين يدل على أن صاحبه يحترمه ويعظمه ويثني عليه.

***

ص: 2

‌المستمع يسأل في رسالته ويقول عندما يريد الرجل أن يصلح بين اثنين متخاصمين هل يحق له أن يكذب ويحلف بالله ولكن نيته أنه يريد الإصلاح فقط فهل هذا جائز

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أما الكذب في الإصلاح بين الناس فإنه جائز لما فيه من المصلحة التي تربو على مفسدة الكذب ومع ذلك فإن الأولى للمصلح أن يسلك طريق التورية بأنه يريد في كلامه ما يخالف ظاهره فإذا أراد أن يقول لأحد الخصمين والله ما قال فلان فيك شيئاً وهو يعلم أنه قد قال فيه شيئاً فلينو بهذا الشيء شيئاً آخر غير الذي قاله فيه ليكون بذلك صادقاً وهو أمام المخاطب إنما أراد ما اتهم المخاطب به صاحبه فحينئذ يكون سالماً من الكذب مصلحاً بين المتخاصمين وأما الحلف على ذلك وهو يعلم أنه كذب فأنا أتوقف فيه إلا إذا أراد التورية فإن إرادته التورية وحلفه على ما يريد جائز.

***

ص: 2

‌خ. س. م. من الرياض يقول في سؤاله الأول كنت متزوجا من امرأة وحسب الظروف العائلية طلقتها إلا أنني عند ذهابي إلى المحكمة الشرعية كان معي والدي واثنان من الشهود لكن والدي قال لي قل للقاضي طلقتها منذ ستة أشهر لئلا تكون ملزماً بالنفقة خلال الفترة الماضية عند مطالبتهم لك فيما بعد ولجهلي وعدم معرفتي نفذت ما قاله لي والدي فهل علي ذنب في ذلك وهل الطلاق صحيح علماً بأنني طلقتها بالثلاث وصدر بذلك صك شرعي أفيدونا جزاكم الله خيراً فأنا لست مرتاحاً نفسياً مما نصحني به والدي وعملت به

.

فأجاب رحمه الله تعالى: لاشك أن ما أمرك به والدك محرم لأنه تضمن الكذب وإسقاط حق المرأة بالإنفاق عليها مدة العدة وعليه أن يتوب إلى الله ويرجع إليه لعل الله أن يتوب عليه أما بالنسبة لحق الزوجة فإن عليك أن تؤدي إليها نفقتها في العدة منذ كتبت طلاقها وأما طلاقك إياها وإقرارك بأنك طلقتها منذ ستة أشهر فإن كنت قد نويت وقوعه في الحال فإن الطلاق يقع ويلغو قولك قبل ستة أشهر وإن لم تنو وقوعه في الحال فلابد من مراجعة القاضي حتى يحكم لك بمقتضى قولك بما يراه في هذه المسألة وإني أنصح والدك وكل من يستمع إلى هذا البرنامج بأن يتقوا الله عز وجل وأن يعلموا أن كل كسب يكسبونه أو كل غرامة تندفع عنهم بسبب الكذب فإنه لا خير لهم في ذلك وأن يعلموا أن الدنيا دار ممر ومتاعها قليل ولكن الأعمال الصالحة أغلى وأنفس فإن تسبيحة أو تكبيرة أو تحميدة خير من الدنيا وما فيها وهذه الحقوق التي تنتهك بسبب الكذب سوف يأخذها أصحابها يوم القيامة من أعمالهم الصالحة.

***

ص: 2

‌ما حكم لعنة الرجل لأبى الرجل الآخر أو لأمه وضحوا لنا هذا حيث أن هذه منتشرة بين الناس وفقكم الله

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا حرام وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام (لعن الله من لعن والديه، قالوا يا رسول الله كيف يلعن الرجل والديه قال يسب أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه) فيسب أمه، فلا يجوز للرجل أن يلعن والدي شخص لاسيما وأن هذا جناية على غير معتد فما ذنب الوالدين حتى ينصب عليهما اللعن من هذا الرجل.

***

ص: 2

‌يقول السائل محمد حسن ما حكم من لعن الوالدين من باب الزعل أو عمداً وهل لذلك اللعن سواء عمدا أو غيره كفارة أو توبة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لعن الوالدين من كبائر الذنوب فإنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أنه لعن من لعن والديه وسواء كان ذلك اللعن مباشراً أو سبباً لأن النبي صلى الله عليه وسلم قيل له وهل يلعن الرجل والديه؟ قال: نعم يسب أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه) فلعن الوالدين سواء كان مباشرة أو تسبباً من كبائر الذنوب ولا فرق بين أن يحدث ذلك بدون سبب أو بسبب الزعل إلا أنه في مسألة الزعل إذا وصل الإنسان من الغضب إلى حال لا يشعر ما يقول فإنه في تلك الحال لا جناح عليه لأنه لا يعقل ما يقول والله يجازي العبد بما يعقل لا بما لا يعقل إلا أنه ينبغي للإنسان عندما يكون شديد الغضب أو سريع الغضب ينبغي له أن يستعمل الأسباب التي تزيل ذلك أو تخففه لأن رجلاً سأل الرسول صلى الله عليه وسلم أن يوصيه بوصية فقال (لا تغضب فردد مراراً فقال لا تغضب) فإذا شعر بالغضب فإنه يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ويتوضأ فإن ذلك من أسباب زوال الغضب ومن أسباب إبعاد نتائج الغضب أن ينصرف الإنسان عن المكان وينسحب عن خصمه حتى لا يقع في المحذور.

وأما بالنسبة للتوبة فله توبة وما من ذنب إلا له توبة لقوله تبارك وتعالى: (قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) لكن لما كان هذا الذنب متعلقاً بمخلوق فلا بد في تصلىح التوبة من طلب العفو ممن جني عليه حتى تتم التوبة.

***

ص: 2

‌أحسن الله إليكم السائلة ف. أ. ع. من منطقة عسير تقول والدي يا فضيلة الشيخ كثير اللعنة لنا ولوالدتي عندما يغضب حتى أنه يلعن جميع أغراضه إذا سقطت منه حتى الكلام إذا لم يتمكن من النطق جيداً لعن وإذا نصحناه يثور ويزعل ويدعو علينا يقول تنصحونني وأنا والدكم وأعرف أكثر منكم أرجو من فضيلة الشيخ جزاه الله خيرا النصح والتوجيه لوالدنا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إن المؤمن ليس بالطعان ولا باللعان واللعانون لا يكونون شفعاء ولا شهداء يوم القيامة وإن نصيحتي لهذا الأب أن يتقي الله عز وجل وأن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم إذا أحس بالغضب حتى يزول عنه وليعلم أنه إذا لعن من ليس أهلاً للعنة عادت اللعنة عليه والعياذ بالله وليعلم أن معنى اللعن هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله تعالى فليتق الله في نفسه أما بالنسبة لكم فإذا رأيتم أنه لا يزداد بالنصيحة إلا تمادياً فيما هو عليه فلا فائدة في النصيحة لكن اسألوا الله له الهداية وإذا رأيتموه في يومٍ من الأيام هادئاً مستأنساً منشرح الصدر فتكلموا معه على وجهٍ لا يؤدي إلى ثورته.

***

ص: 2

‌في لغتنا الدارجة في كل لسان بلوى وهي بلوى الشتيمة فمثالاً لذلك يقول الإنسان لعن الله والدي إبليس فما هو رد سماحتكم على هذا وشكراً

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: ينبغي للإنسان أن يمرن لسانه على الكلمات الطيبة المثمرة النافعة وأن يتجنب جميع السباب والشتائم حتى فيما يجوز له أن يفعله من السباب والشتائم فإنه لا ينبغي إطلاق لسانه فيها فكيف في الأمور التي لا خير له فيها مثل لعن إبليس أو والدي إبليس أو ما أشبه ذلك فإن هذا لا ينبغي بل إن الذي ينبغي أن يتعوذ الإنسان بالله من شر الشيطان فيقول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم وأما لعنه وسبه فقد ذكر ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد أن ذلك مما لا ينبغي لأننا أمرنا عندما ينزغ الشيطان الإنسان بالاستعاذة بالله منه وأما إذا دعونا عليه فإنه قد يربو بنفسه ويزداد وأما الاستعاذة بالله منه فهي إهانة وإذلال له فهذا هو المشروع أن يستعيذ الإنسان بالله من الشطان الرجيم ولا يلعن الشيطان وأبوي الشيطان.

***

ص: 2

‌هذه السائلة تقول امرأة تدعو على أولادها بالموت وبالجن وهي لا تقصد الدعاء فما حكم عملها هذا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: حكم عملها أننا ننصحها بأن تطهر لسانها من هذه الأشياء لأنه يخشى أن تصادف ساعة الإجابة فيقبل منها وهي بدلاً من أن تدعو عليهم تدعو لهم تقول مثلاً افعل هذا أعانك الله اترك هذا عصمك الله من السوء أو ما أشبه ذلك بدلاً من التشتيم والتلعين.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم في رسالة المستمعة ن. م. تقول هناك بعض الأهالي يسبون أبناءهم ماجزاء ذلك وما نصيحتكم لهم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: سب الأبناء يقع على وجهين

الوجه الأول أن يكون مقصوداً قد عقد عليه القلب فهذا لا يجوز لقول النبي صلى الله عليه وسلم (سباب المسلم فسوق وقتاله كفر) إلا إذا كان هناك ضرورة أو حاجة تدعو إليه فإنه يجوز منه ما تدعو الحاجة أو الضرورة إليه فقط

والثاني أن يقع على وجه غير مقصود ولا مراد ولكنه يجري على اللسان بغير قصد فهذا يعتبر لغواً لا يؤاخذ عليه العبد ولكن ينبغي أن يطهر لسانه منه كما يقع كثيراً من النساء يدعون على أولادهن بالموت وبالعذاب وبالكسر وبالمرض وما أشبه ذلك لكن بغير قصد لأننا نعلم علم اليقين أنها تكره أشد الكراهة أن يقع ما تدعو به على ابنها ولكن يحدث هذا بلا قصد فهذه لا يعاقب عليها الإنسان ولكن ينبغي له أن يطهر لسانه من ذلك.

***

ص: 2

‌بارك الله فيك فضيلة الشيخ يقول السائل البعض من الأصدقاء يقومون بسبي وشتمي فهل أرد عليهم بالمثل أم ماذا أفعل

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: انظر إلى المصلحة في ذلك فإن كانت المصلحة تقتضي تركهم وهجرهم وعدم مقابلتهم بمثل ما قالوا فافعل وإن كانت المصلحة تقتضي خلاف ذلك فلك الحق أن تقابلهم بمثل ما قابلوك لقول الله تعالى (وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا) وقوله (وَلَمَنْ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (41) إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) إلا إذا كنت صائماً فإن الأفضل ألا ترد عليهم لقول النبي عليه الصلاة والسلام (إن امرؤ شاتمه أو قاتله فليقل إني صائم) فهذه تستثنى مما ذكرنا أولاً ويستثنى أيضاً إذا ما سب أباك فإنك لا تسب أباه لأن ذلك عدواناً على أبيه فإنه لم يسبك.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم يقول إذا أغضبني شخص فإنني أحياناً أتكلم بيني وبين نفسي بما فيه من عيوب وذلك للترويح عن النفس فهل أنا آثم بذلك وهل تكون هذه غيبة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: ليست هذه من الغيبة أعني كونك تحدث نفسك بما في أخيك من المعايب ولكن الأولى أن تعرض عن هذا وأن تتجنبها وأن تحاول نسيان عيوب أخيك التي أساء إليك بها لكن لو أن الإنسان تذكر عيوب أخيه من أجل أن يقوم بنصحه عنها فهذا طيب ولا بأس به أما أن يذكر عيوب أخيه من أجل أن تبقى العداوة والضغائن بينه وبين أخيه فهذا خطأ ولا ينبغي للإنسان ولكنه ليس من الغيبة التي هي من كبائر الذنوب.

***

ص: 2

‌هل الإنسان إذا تكلم بينه وبين نفسه في عروض الناس عليه إثم أم لا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: ليس عليه إثم في ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول (إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم) ولكن إذا كان هذا يؤدي إلى إساءة الظن بالمسلمين الذين ظاهرهم العدالة فإنه حرام لأن ظن السوء بالمسلم الذي ظاهره العدالة محرم كما ذكره أهل العلم وقد قال الله تبارك وتعالى (إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ) .

***

ص: 2

‌السائلة تقول هل آثم إذا ذكرت شخص بما يكره داخل نفسي أي بيني وبين نفسي دون أن أتحدث في ذلك مع الآخرين وهل يدخل هذا في باب الغيبة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا يدخل هذا في الغيبة ولكن إذا حدثت النفس عن أخ مسلم فإن الأفضل كفها عن هذا الحديث لئلا يتطور هذا الحديث القلبي إلى حديث باللسان ولئلا يكون هذا من باب إساءة الظن بالمسلم والأصل في المسلم العدالة وألا يظن به ظن السوء.

***

ص: 2

‌السائلة تقول عندي بعض الصديقات عندما يكون معهن شيء جديد مثل قطعة قماش أو ثوب يأخذن رأيي فيه فأقول لهن بأن هذا جميل أو جيد أو أن هذا أعجبني مع أن البعض من هذه القطع لم تعجبني لكنني لا أحب أن أكسر بخاطرهن فهل على شيء بقولي هذا جيد وهذا طيب

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا كان هذا الشيء جيدا وطيبا عند من اشترته وعرضته فلا حرج أن تقولي هذا جيد هذا طيب بنية أنه جيد وطيب عند التي عرضته لكن في هذه الحال إذا كان رأيك فيه أنه ليس بجيد ولا طيب تنصحينها في وقت آخر وتقولين لا تشتري مثل هذا إذا كان هذا الثوب ليس محرما وأما إذا كان محرما فلا يجوز أن تقول إنه طيب ولو بالتورية مثل أن يكون ثوبا فيه صور فيحرم عليها أن تقول إنه جيد أو إذا كان الثوب ضيقاً يصف محاجم المرأة أي حجم بدنها فلا يجوز أن تقول إنه طيب أو ثوبا شفافا لا يستر العورة فلا يجوز أن تقول إنه طيب ولو كان طيباً عندها أو ثوبا فيه غلو وإسراف فلا يجوز أن تقول إنه طيب ولو كان عند الذي اشترته وعرضته طيباً المهم إذا لم يكن وصفه بالطيب والجيد وصفا لمحرم فلا حرج لكن إن كان طيبا وجيداً عندهما فلا تحتاج إلى تأويل وإلا فإنها تتأول تقول إنه جيد وطيب ثم بعد ذلك يحصل التباحث معها وبيان أن الأفضل أو الأجود والأحسن خلافه.

***

ص: 2

‌أحسن الله إليكم السائلة س ص الرياض تقول فضيلة الشيخ ما حكم الشرع في نظركم في معاملة المجنون وهل يجوز ضربه والاستهزاء به وكيف تكون التوبة من تلك الأفعال وهو لا يعرف

.

فأجاب رحمه الله تعالى: المجنون ليس له عقل وضربه لا يفيد شيئاً هذا هو الغالب أن ضربه لا يفيد وربما يفيد فإذا كان ضربه للتأديب مفيداً فلا بأس بضربه كما في الصغير وإذا كان غير مفيد فلا يجوز لأنه إيلام بلا فائدة وأما السخرية به والاستهزاء به فأخشى أن يعاقب الساخر به والمستهزئ به بمثل ما حصل لهذا المجنون فأخشى أن يسلب عقله أو يسلب عقل أبنائه أو بناته فليتق الله امرؤ في نفسه وليحمد الله الذي عافاه مما ابتلى به هذا المجنون ومعلوم أن الإنسان لا يحب أن يكون مجنوناً وليس الجنون باختياره لكنه ابتلاء من الله وامتحان فكيف تسخر بأمر لا قبل للمتصف به فيه وليس باختياره وإن المستهزئ بالمجنون كالمستهزئ بمن وجهه ليس بجميل أو قامته ليست مستقيمة أو ما أشبه ذلك فعلى المرء أن يحمد الله سبحانه وتعالى أن عافاه مما ابتلى به هؤلاء المبتلين وليسأل الله لهم العافية.

***

ص: 2

‌أحسن الله إليكم السائلة تقول أطلب من الشيخ أن يسلط الضوء على كيفية المزاح وما حكمه بين الأصدقاء وبين الإخوة وبين الزوج وزوجته وهل عندما نقول على سبيل الإضحاك في مرة واحد عمل كذا وكذا لنضحك الجالسين مع أننا لا نذكر من هو هذا الشخص إنما هو واحد على سبيل المثال هل هذا حرام

.

فأجاب رحمه الله تعالى: المزاح لا شك أنه يشرح الصدر ويوجب الأنس ويدخل السرور وكان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يمزح ولا يقول إلا حقاً فإذا كان المزاح حقاً فهو مطلوب لاسيما إذا شعر الإنسان من جليسه بالملل والسآمة وأتى بما يروح عن نفسه فإن هذا من الأمور المحمودة وأما المزاح الكذب الذي يكذب به الإنسان من أجل أن يضحك القوم فقط فقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (ويل لمن حدث وكذب ليضحك به القوم ويل له ثم ويل له) وهذا يدل على تحريمه أما لو ذكر قصة وقعت لشخص وهي حقيقة وهي مضحكة ولم يذكر اسمه فلا حرج في هذا لأنه ليس فيه محظور.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم من ليبيا المستمع على أحمد يقول جرت العادة على المزاح بين الأصدقاء ومن بين المزاح التلفظ بالكلام البذئ فهل يعد ذلك حراماً

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم الكلام البذئ الذي فيه القذف أو اللعن أو ما أشبه ذلك حرام حتى وإن كان على سبيل المزاح لأن للمسلم حرمة لا يجوز انتهاكها وأما الكلام الذي لا يتضمن مثل هذا فهو لغو إن كان فيه خير بأن كان وسيلة للتآلف والتحاب فهو خير وإلا فتركه أولى لقول الله تعالى (وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً ً) .

***

ص: 2

‌جزاكم الله خيرا السائل ع م م مقيم بالرياض يقول هل ذكر الأشخاص الموتى بما كانوا يعملون من أعمال سيئة من ربا وغيره وانتقام الله منهم وذلك بأن الله عز وجل يمهل للظالم ولا يهمل فهل ذكرهم بالاسم فيه من الغيبة أو من الحرام

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم ذكر الموتى بسوء أعمالهم قد نهى عنه الرسول عليه الصلاة والسلام فقال (لا تسبوا الأموات فإنهم أفضوا إلى ما قدموا) ولكن يسأل الله لهم العفو والمغفرة فربما يستجاب دعاؤه لهم فيغفر الله لهم ويعفو عنهم وأما ذكر مساوئهم فتذكر لا على سبيل التعيين فيقال مثلاً في التحذير عن الربا ألم تروا إلى قوم انتهكوا محارم الله وصاروا يتعاملون في الربا ثم قد فارقوا الدنيا ولم يدفن معهم شيء من أموالهم بل تركوها لغيرهم فلغيرهم الغنم وعليهم الغرم وما أشبه ذلك مما يتعظ به الأحياء وأما ذكر الإنسان بعينه فهذا لا يجوز.

***

ص: 2

‌أحسن الله إليكم وبارك فيكم تقول السائلة إذا اشتكيت من زوجي لأهلي أو عند أهلي هل يكون هذا غيبة أو نميمة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: ليس هذا بغيبة ولا نميمة لأن الله تعالى يقول (لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنْ الْقَوْلِ إِلَاّ مَنْ ظُلِمَ) فمن ظلم فله أن يبدي مظلمته لمن يفرج عنه من هذه المظلمة.

***

ص: 2

‌يقول السائل ناقل الكفر ليس بكافر هل هذا صحيح أم لا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هو إن قصد أنه حديث فليس بحديث وإن قصد أنه كلام لأهل العلم فهذا صحيح أن ناقل الكفر ليس بكافر بمعنى أن الإنسان الذي يحكي قول الكفار لا يكفر وهذا أمرٌ معلوم لأهل العلم فإنك إذا قلت قال فلانٌ إن الله ثالث ثلاثة أو ما أشبه ذلك فإنه لا يعد ذلك كفراً منك لأنك إنما تحكي قول غيرك.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم يقول المستمع إذا ذكر بعض الناس الحمام أو الحمار أو الكلب أو نحو ذلك قال أعزكم الله أو أكرمكم الله فما حكم ذلك

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا بأس به لأنه من العادات المألوفة التي تنم عن تأدب من المتكلم ولكن لوتركها لكان أحسن فيما أرى وذلك لأن السلف الصالح يذكرون مثل هذه الأشياء ولا يقولون للمخاطب أعزك الله وأكرمك الله ولكن الشيء الذي ينتقد أن بعض الناس إذا تحدث عن المرأة قال أكرمك الله وما أشبه ذلك فإن هذا ينهى عنه لأن المرأة من بني آدم والله عز وجل يقول (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً) فإذا كان بنو آدم مكرمين عند الله عز وجل فكيف يقول المتكلم لمن خاطبه أكرمك الله إذا ذكر المرأة هذا شيء يُنكر ولا ينبغي للإنسان أن يتفوه به.

***

ص: 2

‌الأخت أ. س. م. ع. من الأردن تقول درج على ألسنة الكثير من الناس حينما يفعل أحد شيئاً لا يرضى عنه أو يحصل أمر غير مرغوب فيه أن يقولوا حرام هذا أن يحصل أو حرام أن تفعل هذا وإن لم يقترن هذا من القائل بنية تحريم شيء أحله الله ولكنه أمر اعتادوا قوله فهل عليهم في ذلك شيء أم هو من لغو القول الذي لا يؤاخذون عليه

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الذي وصفوه بالتحريم إما أن يكون مما حرمه الله كما لو قالوا حرام أن يقع الزنى من هذا الرجل وحرام أن يسرق الإنسان وما أشبه ذلك فإن وصف هذا الشيء بالحرام صحيح مطابق لما جاء به الشرع وأما إذا كان الشيء غير محرم فإنه لا يجوز أن يوصف بالتحريم ولو لفظاً لأن ذلك قد يوهم تحريم ما أحل الله عز وجل أو يوهم الحجر على الله عز وجل في قضائه وقدره بحيث يقصدون بالتحريم التحريم القدري لأن التحريم يكون قدرياً ويكون شرعياً فإذا تعلق بفعل الله عز وجل فإنه يكون تحريماً قدرياً وما يتعلق بشرعه فإنه يكون تحريماً شرعياً وعلى هذا فينهى هؤلاء عن إطلاق مثل هذه الكلمة ولو كانوا لا يريدون بها التحريم الشرعي لأن التحريم القدري ليس إليهم أيضاً بل هو إلى الله عز وجل هو الذي يفعل ما يشاء فيحدث ما يشاء أن يحدثه ويمنع ما شاء أن يمنعه والمهم أن الذي أرى أن يتنزهوا عن هذه الكلمة وأن يبتعدوا عنها وإن كان قصدهم في ذلك شيئاً صحيحاً حيث يقصدون فيما أظن أن هذا الشيء بعيد أن يقع أو بعيد ألا يقع ولكن مع ذلك أرى أن يتنزهوا عن هذه الكلمة.

يافضيلة الشيخ: بالنسبة لكلمة المعذب هذه تأتينا كثيراً في الأسئلة بشكل لا يتُصور من كثرته هل يجوز الإنسان أن يطلقها على نفسه؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم لأن العذاب معناه التأذي بالشيء ولهذا قال الرسول عليه الصلاة والسلام (السفر قطعة من العذاب) وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن (الميت يعذب ببكاء أهله عليه) فالتأذي بالشيء والتألم منه والضجر هذا نوع من العذاب ولا يريدون بالعذاب هنا العقوبة التي في الآخرة.

***

ص: 2

‌من المرسل أ. ع. ح. من السعودية الرياض البطحاء وردتنا هذه الرسالة يقول فيها هل كلمة شكراً وأرجوك حرام

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الذي ينبغي لمن صُنِعَ إليه معروف أن لا يقتصر على قوله شكراً وإنما يقول جزاك الله خيراً وإذا كانت المكافأة بالمال غير مناسبة في مثل تلك الحال فإنه يدعو له فيقول جزاك الله خيراً أعانك الله حفظك الله وما أشبه ذلك وأما الاقتصار على الشكر فإن فيه قصور عن المكافأة ولكن مع هذا لا بأس أن يشكر الإنسان غير الله على ما فعله معه من إحسان وقد قال الله تبارك وتعالى (وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنْ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ) فقال (أَنْ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ) فدل هذا على أن الشكر يجوز أن يكون لله تعالى ولغيره أيضاً ممن له نعمةٌ عليك وكما أن النعمة تكون من غير الله فالشكر عليها يكون لغير الله أيضاً قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ) وأما قول أرجوك فهو أيضاً لا بأس به إذا رجاه في أمرٍ يمكنه تحقيقه مثل أن يرجوه لحل مشكلة أو لمساعدةٍ في أمر أولأي غرضٍ من الأمور التي يمكنه أن يقوم بها فإن هذا لا بأس به أيضاً لأنه من باب الاستعانة به.

***

ص: 2

‌هذه رسالة وردت للبرنامج يقول مرسلها هل يجوز للإنسان أن يقول للآخر كلب أم لا وفقكم الله

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا يجوز للإنسان أن يصف أخاه المسلم بالكلب لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال (ليس لنا مثل السوء العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه) لكن لك أن تشبه حامل القرآن الذي لا يعمل به بالحمار فتقول مثلاً من لم يعمل بالقرآن فهو كمثل الحمار يحمل أسفاراً كذلك أيضاً تقول للإنسان الذي آتاه الله العلم فأراد به غير الله وأراد به الدنيا (إن مثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث) أما أن تنادي شخصاً بعينه فتقول يا كلب يا حمار فهذا لا يجوز لأن الله تعالى يقول (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً) وقد ذكر أهل العلم بأنه يجوز لمن قيل له هذا أن يطالب القائل وأن القائل يعزر إذا لم يحلله المقول له.

***

ص: 2

‌هذه الرسالة وردتنا من الحاج آدم حسن محمد سوداني يقول لقد سمعت كثير من الناس يقول لبعض الناس إن بني آدم حيوان ناطق فهل هذا الكلام صحيح أقول ابن آدم حيوان ناطق أم أن هذا الكلام مجرد فلسفة أرجو الإفادة فيه وشكراً

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الكلام أن الإنسان حيوان ناطق هو من مصطلحات الفلاسفة لأن الحيوان عندهم ما كان فيه حياة وروح ونفس والفصل في هذا الحد للإنسان هو كلمة ناطق فيقولون إن الإنسان حيوان ناطق وهو من بني آدم ولكن هذه الكلمة أصبحت الآن في عرف الناس كلمة سب وشتم ولهذا لا يجوز للإنسان أن يقولها لأخيه لا سيما في مقام المغاضبة والمخاصمة لأنها حينئذ تكون سباً.

***

ص: 2

‌ما حكم المرأة التي تسب أولادها ووالدهم غائب

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: سب الأولاد من الوالد أو الأم إن كان على وجهٍ غير محرم كما لو قالت يا بليد يا أخرق وما أشبه ذلك من الكلمات التي لا تصل إلى درجة التحريم فهذا لا بأس به مع وجود سببه وإن كان السب على وجهٍ محرم كما لو لعنته أو قذفته فهذا حرامٌ عليها سواءٌ كان أبوهم حاضراً أم غائباً وكذلك النسبة للوالد لا يجوز أن يسب أولاده بلفظٍ محرم كأن يقول لعنكم الله أو يا أولاد الزنى وما أشبه ذلك لأن هذا حرام فلا يجوز.

***

ص: 2

‌أحسن الله إليكم هذه سائلة للبرنامج تقول فضيلة الشيخ ما حكم تتبع زلات بعض المعلمات دون غيرهن والبحث عن مخالفاتهن وسوء الظن بهن دون غيرهن من المعلمات وهل من العدل في العمل تتبع زلات وهفوات البعض دون البعض الآخر مع العلم بأن الإنسان غير معصوم من الزلل

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: تتبع عورات المسلمين محرم حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يذكر عنه حذر من ذلك أشد التحذير فقال (يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه لا تؤذوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم فإن من تتبع عورة أخيه تتبع الله عورته ومن تتبع الله عورته فضحه ولو في جحر بيته) والواجب على المسلم نحو أخيه أن يستر عوراته فإن من ستر عورة أخيه ستر الله عورته وأن يعلم أنه لا يخلو أحد من نقص ولا يخلو أحد من تقصير ولا يخلو أحد من عورة فالواجب ستر العورات ثم نصيحة من وجدت منه هذه العورة فإن الدين النصيحة كما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (الدين النصيحة الدين النصيحة الدين النصيحة قالوا لمن يا رسول الله قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم) .

***

ص: 2

‌فتاوى المعلمين والطلاب

ص: 2

‌السؤال: رسالة التدريس رسالة سامية إذا صاحبها الاخلاص فنرجو توجيه نصح وإرشاد للإخوة المدرسين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إن نصيحتي لإخوتي المدرسين أن يتقوا الله عز وجل في عملهم وذلك بالاخلاص لله تعالى بأن يكون قصدهم بتعليمهم إحياء شريعة الله ونفع عباد الله وأن يكون قصدهم إصلاح الخلق وحينئذٍ لا بد أن يضمن تعليمهم شيئاً من التربية الشرعية بالتوجيه والنصح للطلبة وأن يظهر أمامهم مظهر الرجل المربي المعلم وألا يريهم شيئاً من التقصير في واجبه لأن التلميذ يقتدي بأستاذه أكثر مما يقتدي بأبيه وأمه ويجب على المعلم أن يقوم بالتدريس على الوجه الذي يطلب منه بأن يكون حين لقاء الدرس متأهباً لما يلقى إليه من الأسئلة هاضماً للدرس الذي يدرسه حتى يؤديه على الوجه المطلوب.

***

ص: 2

‌السؤال: معلم أسند إليه تدريس أحد المواد التي قد لا يجيدها ولكن لعدم وجود البديل وافق فهل يأثم أم لا أرجو الافادة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا يأثم إذا وافق ولكنه يأثم إذا قال بما لا يعلم لقول الله تعالى (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً) وربما يكون الرجل لا يجيد هذا العلم الذي أسند إليه ولكنه إذا أسند إليه حرص عليه وتابع وتعلم ثم ألقى ما علم على التلاميذ فالمهم أن قبوله لتدريس هذا العلم لا يأثم به لكنه يأثم إذا درس أو إذا تكلم بما لا يعلم.

***

ص: 2

‌السؤال: بعض المدرسات قد تخرج أثناء الدوام المدرسي بدون ضرورة لزيارة مدرسة أخرى أو زيارة زميلة لها في مدرسة أخرى وليس لديها حصص وقد استأذنت من المديرة وأذنت لها فما حكم هذا العمل وأيضاً ما حكم استعمال هاتف المدرسة لضرورة أو لغير ضرورة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أما الشق الأول من السؤال وهو أن تخرج لحاجاتها إذا لم يكن لها شغل واستأذنت من المديرة فالظاهر أنه لا بأس به مادام النظام يسمح به.

وأما الشق الثاني وهو استعمال هاتف المدرسة فلا بأس به أيضاً فيما رخص فيه وهو أن تكون مكالمة داخل المنطقة فإن هذا لا يكلف الجهة شيئاً من المال وأما إذا كان خارج المنطقة كالذي يحتاج إلى الصفر فهذا لا يجوز إلا إذا كان هذا الذي يستعمل الهاتف سوف يؤدي أجرة المكالمة ولا يلحق الجهة ضرر في كثرة إشغاله إياه لأن بعض الموظفين ربما يستعمل الهاتف في مكالمة خارجية تحتاج إلى الصفر لكن تقيد عليه وتؤخذ منه فهذا لا بأس به إذا وافقت الجهة المسؤولة المباشرة بشرط أن لا يشغل الهاتف لأنه أحياناً يستعمل بعض الناس الهاتف استعمالاً طويلاً فيعطل مصلحة الجهة إما بهاتف يرد عليها وإما بهاتف يخرج منها فهذا لا يجوز لأن مصلحة الجهة مقدمة مثال ذلك إنسان في مدرسة يريد أن يتصل إلى أهله يقول افعلوا كذا وكذا وأهله في البلد فهذا لا بأس به لأنه مأذون فيه ولهذا فيما أعلم نزع الصفر من كثير من الدوائر لهذا الغرض والثاني أن يكون استعماله للهاتف إلى جهة أخرى خارج المنطقة تحتاج إلى استعمال الصفر فهذا لا يجوز إلا بعد موافقة المسؤول في المدرسة وبشرط أن لا يشغله كثيراً لأن انشغاله كثيراً ربما يؤدي إلى فوات مصلحة المدرسة لكونها يرد عليها هواتف فيجدون الخط مشغولاً أو يحتاج أحد من المدرسة الاتصال إلى أمر هام يتعلق بالمدرسة فيجد الخط مشغولاً فهذا لا يجوز.

***

ص: 2

‌السؤال: هل في تناول المدرسين للإفطار في الفسحة الأولى جماعيا في المدرسة حرج حيث يكون عدد من المدرسين يراقب التلاميذ في تلك الفترة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا كانوا يخلون بالواجب الذي يوجبه العقد بينهم وبين الدولة فإن ذلك حرام عليهم لقول الله تبارك وتعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) وهذا يشمل الوفاء بالعقد أصلا ووصفا وأما إذا كان هذا لا يؤثر فلا حرج وهذه الأمور ترجع إلى إدارة المدرسة فيجب على المدير إذا أخل أحد ممن تحت سلطته بما يجب عليه أن يذكره بالله وأن يلزمه به وأن لا يحابي في ذلك أحدا فالناس في الحكم بينهم على حد سواء من استحق شيئا فله ومن أخل بواجب فعليه لا فرق بين الشريف والوضيع والصديق وغير الصديق.

***

ص: 2

‌السؤال: أعمل مدرسة لغة انجليزية ولا يكون عندي وقت لقراءة القرآن حيث إنني أعمل أثناء النهار في المدرسة حتى الساعة الثانية ظهراً وبعدها أقوم بإعداد الدروس في البيت إلى أن يغلبني النوم لأنني معي مواد كثيرة فهل عليّ إثم في ترك قراءة القرآن مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا حصل الجمع بين قراءة القرآن والقيام بواجب التدريس فهذا هو الأفضل فإن لم يمكن فالقيام بالتدريس أولى لأن القيام بالتدريس قيام بواجب مفروض على العبد وقراءة القرآن من السنة ولا شك أن هذه المرأة سوف تقرأ من كتاب الله تعالى ما تقرأه في صلاتها من الفاتحة أو غيرها فلا تكون بذلك هاجرة للقرآن.

***

ص: 2

‌السؤال: فضيلة الشيخ حفظكم الله بالنسبة لخروج المدرس في المرحلة المتقدمة بعد الدرس الخامس أو السادس بعد أن يكون قد انتهي من جميع دروسه المقررة في ذلك اليوم رغم تبقي درس سادس أو سابع للدوام الدراسي

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا على حسب النظام إذا كان النظام يمنعه أن يخرج إلا بانتهاء الدوام فإنه يجب أن يبقى وإن لم يكن له عمل وإن كان النظام يبيح له إذا انتهت حصصه أن يخرج فليخرج.

***

ص: 2

‌السؤال: السائل أبو عبد الله يقول معلم عرض على مديره أن يعطيه إجازة لمدة خمسة أيام قبل بدء الدراسة وليس هناك عمل وقرر المعلم أن يتنازل عن راتب هذه الأيام لفقراء الطلاب وجوائز للمتفوقين وما أشبه ذلك وجهونا في ضوء هذا السؤال

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا يحل للإنسان أن يطلب إجازة إلا حيث يجيز ذلك النظام فإن أجاز النظام هذا فلا بأس وحينئذٍ يحل له الراتب الذي يكون له على هذه الأيام أما إذا كان لا يجيزه النظام فإنه لا يحل لمديره أن يوافقه على ذلك وإن قدر أنه وافقه فإن الراتب المقابل لهذه الأيام لا يحل له حتى وإن صرفه لفقراء الطلاب أو لمصالح المدرسة وإنني بهذه المناسبة أحب أن أنصح إخواني الموظفين أن يتقوا الله عز وجل في أنفسهم وفي حكومتهم وفي شعبهم فإن أخذ ما لا يستحقون ظلم لأنفسهم لأنهم يستبيحون لأنفسهم أكل مال بالباطل بدون حق وهذا من ظلم النفس فعليهم أن يتقوا الله وليحذر أولئك الذين يقصرون في أداء الواجب عليهم في النظام ليحذروا مما حدث به النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حيث قال (إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُون) وقال تعالى (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) ، ثم ذكر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك) ليحذروا أن يكونوا مثل هؤلاء ولهذا ذكر الفقهاء رحمهم الله من شروط الدعاء الإخلاص واجتناب أكل الحرام فليحذر المؤمن من التهاون في أداء ما يجب عليه أداؤه من العمل سواء كان في الحكومة أو في القطاع الخاص.

***

ص: 2

‌السؤال: شخص عمل في مدرسة ليليَّة وقد تخلف بعض الأيام عن التدريس وأخذ عليها مرتباً أو مكافأة وأحب أن يرجعها إلى أصلها فقال له البعض بأن العملية صعبة وقد تأخذ إجراءات قد تطول فقام وتصدق بها فهل عمله صحيح

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا العمل ليس بصحيح لكن الواجب عليه أن يردها إلى الدولة لا إلى الجهة المسؤولة لأن ردها إلى الجهة المسؤولة قد يترتب عليه أشياء صعبة وكيف يردها إلى الدولة يردها إلى بيت المال لأن بيت المال يدخل في خزانة الدولة وحينئذ يكون قد أبرأ ذمته إن شاء الله تعالى.

***

ص: 2

‌السؤال: أبو عبد الله يذكر بأنه مدرس وحصل عنده تقصير في إحدى السنوات يقول فهل أخرج من مرتبي مبالغ وأتصدق بها أم ماذا أعمل مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الذي أرى أنه يجب عليه أن يخرج من مرتبه بمقدار ما حصل منه من تقصير وأن يجعل ذلك في صندوق المدرسة فإن لم يمكن فليتصدق به ويفضل أن تكون الصدقة على الفقراء من الطلاب لأن هذا التقصير كان من حقوق الطلاب الذين قصر في حقهم فصرف عوضه إلى طلاب ينتفعون به أولى من صرفه إلى أجانب عن المدرسة.

***

ص: 2

‌السؤال: عند غيابي بدون عذر والحسم من راتبي هل يكفي ذلك لإبراء الذمة أم يلزم أمر آخر

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم يلزم التوبة إلى الله عز وجل بأن تتوب إلى الله وتصلح حالها وتحافظ على أداء الوظيفة كما ينبغي.

***

ص: 2

‌السؤال: معلم كان مقصراً في أداء دروسه ثم تاب إلى الله كيف العمل وقد استلم رواتب كثيرة ويخشى أن يلحقه إثم وقد قال بعض الناس بأن هذا من بيت المال ولا يضره ذلك إن شاء الله

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أما قول بعض الناس إن هذا من بيت المال ولا يضرك فهذا غلط كبير بل ابتزاز أموال بيت المال بغير حق قد يكون أشد من ابتزاز مال الشخص المعين لأن ابتزاز الأموال من بيت المال ظلم لجميع من يستحقون من هذا المال.

***

ص: 2

‌السؤال: فضيلة الشيخ معلم في مدرسة ليلية لم يقم بالواجب على أكمل وجه هل يتصدق بشيء من المرتب على فقراء المدرسة من طلاب ونحوهم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: يجب على من قصر في واجب وظيفته أن يتوب إلى الله وأن يقوم بواجب الوظيفة وألا يتخلف عنها تأخرا في الحضور أو تعجلا في الخروج وألا يهمل الواجب أثناء القيام به هذا أمر لابد منه فإن لم يفعل صار من المطففين الذين توعدهم الله تعالى بالويل فقال (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ * أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ) والتسويف الذي يحصل من بعض الموظفين في التأخر عن الحضور أو التعجل في الخروج من غرور الشيطان والعياذ بالله لأنهم يعللون أنفسهم بأن العمل سهل أو ربما يكون العمل قليل لا يستوعب الوقت أو يقول بعضهم أيضا أنا مستحق لهذا الراتب وإن لم أعمل لأنه من بيت المال وما أشبه ذلك من التعليلات العليلات فالموظف مؤتمن على وظيفته والموظف يأخذ على وظيفته أجرا فكيف يخون وكيف يأخذ ما لا يستحق وحينئذ يدخل في الخيانة في الأمانة وفي أكل المال بالباطل فعلى الموظف المعلم وغير المعلم أن يتقي الله أولا بأداء الوظيفة على الوجه المطلوب وإذا قدر أن نفسه سولت له وفرط في الواجب ثم هداه الله عز وجل فعليه أن يرد مقابل تفريطه إلى المسؤول في تلك الإدارة أو الوزارة أو الرئاسة بحيث يرد إلى بيت المال فإن تعذر ذلك فليصرفه في مصلحة الجهة التي يعمل فيها فإن كان معلما ففي المدرسة وإن كان في عمل آخر ففي نفس الجهة التي يعمل فيها فإن تعذر ذلك تصدق به على الفقراء لأن الفقراء لهم حق في بيت المال ولكن يجب أولا أن يحذر من التفريط ليقوم بالأمانة على الوجه المطلوب.

***

ص: 2

‌السؤال: مجموعة من المعلمات قمن بعمل حفلة تكريم للمديرة تقديراً لجهودها في المدرسة وقدمن الهدايا لها في آخر العام هل في ذلك بأس

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أما الدعوة فلا بأس -الدعوة العادية- وأما تقديم الهدايا فلا يجوز لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنكر على الرجل الذي بعثه عاملاً على الصدقة فلما رجع قال هذا لكم وهذا أهدي إلي وقال (هلا جلس في بيت أبيه وأمه فينظر أيهدى له أم لا) وفي مسند الإمام أحمد أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال (هدايا العمال غلول) ولأن الهدية إلى العامل توجب أن يحابي هذا العامل من أهدى إليه فيتغاضى عن تقصيره أو يمنحه ما لا يستحق والحاصل أنه لا يجوز للمديرة أن تقبل هدايا المعلمات أما الدعوة فلا بأس بها.

***

ص: 2

‌السؤال: تقول بأنها معلمة يخالجها الشعور بالتقصير في نهاية العام الدراسي ماذا تعمل تجاه الطالبات لتسديد النقص وإبراء الذمة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا تفعل شيئاً لأنه فات الأوان لكن لعل هذا الشك الذي يعتريها من باب الوسواس والإنسان ما دام حين عمله يعتقد أنه أدى العمل على ما ينبغي لا يهمه مهما حصل من الشك والوسواس بعد ذلك.

***

ص: 2

‌السؤال: تقول بأنها معلمة في إحدى المدارس وهي المسؤولة عن المقصف المدرسي فتقوم في بداية العام بجمع الأسهم ثم وضعها في مكانٍ خاص حتى نهاية العام وتقوم التلميذات بالشراء من المقصف طيلة العام وعند نهاية العام تقوم بإعادة الأسهم لهن مع الأرباح التي تحصل من المقصف فهل في هذا شيء

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الظاهر أنه ليس فيه شيء لأن هذا من المصلحة وإذا كانت تعيد على الطالبات رأس المال والربح فليس على الطالبات المساهمات نقص.

***

ص: 2

‌السؤال: نحن مجموعة معلمات إذا جلسنا في غرفة المعلمات قلنا فلانة اليوم ضعيفة وفلانة من الطالبات اليوم جيدة هل هذا يعتبر من الغيبة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: ليس هذا من الغيبة لأنه ليس المقصود بذلك الشماتة بالطالبة ولكن المقصود بذلك بيان حال الطالبة حتى إذا كانت ضعيفة اهتمت بها المدرسات وإذا كانت نشيطة وقوية أكرمتها المعلمات فبيان حال الإنسان لمصلحة لا بأس به.

***

ص: 2

‌السؤال: السائلة ف. ع. تذكر بأنها فتاة تبلغ من العمر السابعة عشرة وتقول أنا فتاة ملتزمة والحمد لله وأحب النصح والإرشاد ولكن الوالد سامحه الله يكرهني ويمنعني من مواصلة تعليمي فأصبحت أكرهه وأصبت بانهيارٍ عصبي فنصحه الأقارب فأكملت تعليمي وأنا الآن أريد أن أدخل الجامعة علماً بأنني سوف أتخصص تربية إسلامية إن شاء الله وأكون داعية لله عز وجل وهو يرفض ذلك بحجة أنه يقول التعليم حرام أفيدوني مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إن قول الوالد إن التعليم حرام أمرٌ يستغرب منه فمن الذي حرم التعليم من الذي حرم تعلم الشرع من الذي حرم تعلم الوسائل التي يستعين بها على معرفة كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فتعلم المرأة في المدارس أو في الكليات الجامعية والمنفردة لا بأس به إذا لم يكن فيه محذور بل هو مما يطلب فإن النساء شقائق الرجال فكما أن الرجال يجب عليهم أن يتعلموا من شريعة الله ما يقوم به دينهم فكذلك النساء عليهن أن يتعلمن من شريعة الله ما يقوم به الدين لأن الرجل والمرأة سواء في وجوب تعلم ما يحتاجون إليه في دينهم نعم لو تضمن هذا التعلم شيئاً محرماً مثل أن تذهب المرأة إلى المدرسة مع السائق وحده وليس محرماً لها فحينئذٍ نقول يجب أن تمنع هذه من الذهاب وحدها مع السائق الذي ليس بمحرمٍ لها ولكن مع ذلك لا نقول إنه يحرم عليها أن تتعلم إذا اتخذت وسيلةً مباحة أما بالنسبة لك فنقول اصبري على ما حصل من الوالد وقد يفرج الله تعالى الأمر من وجهٍ آخر بحيث يتبصر الوالد في أمره ويستشير ذوي الرأي والدين فيغير الله الحال إلى حالٍ أخرى والإنسان إذا صبر واحتسب وانتظر الفرج من الله عز وجل يسر الله له ذلك كما قال النبي عليه الصلاة والسلام (واعلم أن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرا) فلا تنهر أعصابك ولا يلحقك القلق بل استعيني بالله واصبري إن الله مع الصابرين.

***

ص: 2

‌السؤال: خالد عبد الرحمن يقول إنني أحب قراءة السور القرآنية وأحب الصلاة وأحب الرجل الذي يصلى واستمع إلى السور القرآنية دائماً وأنا لا أصلى علماً أن السبب الذي يجعلني لم أصل هو أنني في مدرسة مختلطة ما هو الواجب علي أن أعمله

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا السؤال سؤال غريب شاهد من الواقع على فساد المدارس المختلطة وأنها شر وفتنة ودليل من الواقع على أنه يجب على هؤلاء الذين جعلوا مدارسهم مختلطة أن يميزوا مدارس النساء عن مدارس الرجال حتى يسلموا من هذه الفتنة العظيمة التي أوجبت لمثل هذا الشاب أن يضل هذا الضلال في دينه فلا يصلى وبهذه القصة الغريبة يتبين الخطر الكامن في المدارس التي يختلط فيها الرجال والنساء ويتبين حكمة الشرع في وجوب الفصل بين الرجال والنساء في الدراسة وكذلك في العمل ولقد ثبت في صحيح البخاري أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم تشكو إليه أن الرجال غلبوهنّ على النبي صلى الله عليه وسلم حيث يختلطون به كثيراً ويأخذون من علمه وطلبت من النبي صلى الله عليه وسلم أن يأتيهنّ ليعلمهنّ مما علمه الله ووعدهن النبي صلى الله عليه وسلم موعداً في بيت إحداهنّ وجاء إليهنّ فعلمهنّ لم يقل النبي صلى الله عليه وسلم احضرنّ مع الرجال ليتعلموا ما يتعلمه الرجال ولكنه صلى الله عليه وسلم وعدهنّ يوماً في مكان متحد يعلمهنّ مما علمه الله ولما كان النساء يحضرنَ الصلاة مع النبي صلى الله عليه وسلم وكان لا بد من حضورهنّ المسجد إذا أردن الجماعة قال الرسول صلى الله عليه وسلم (خير صفوف النساء آخرها وشرها أولها) كل هذا حثاً منه صلوات الله وسلامه عليه على أن تبتعد المرأة من الرجل وفيه بيان أن قرب المرأة من الرجل شر لقوله (وشرها أولها) فالواجب على المسلمين أن يأخذوا مثل هذا الهدي العظيم الذي به رحمة الخلق وصلاحهم وسعادتهم وفلاحهم كما قال الله تعالى مبيناً الحكمة في إرسال النبي صلى الله عليه وسلم (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَاّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) فإذا كانت شريعة النبي صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين كانت سبباًَ مقتضياً للرحمة إذا تمسك بها المسلمون فنصيحتي لهؤلاء الذين جعلوا مدارسهم مختلطة بين الرجال والنساء أن يتوبوا إلى الله عز وجل من ذلك وأن يميزوا بين مدراس الرجال والنساء ويفصلوا بينهم وتكون المدرسة التي تدرس المختلطين خاصة بالنساء والمدرس الذي يدرس المختلطين خاصاً بالرجال نسأل الله تعالى أن يمن على المسلمين بما تقتضيه شريعة نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم من الآداب والأخلاق والعبادات والمعاملات والعقائد السليمة.

***

ص: 2

‌السؤال: بارك الله فيكم ما حكم كتابة بسم الله الرحمن الرحيم على السبورة ثم القيام بمسحها

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا بأس أن يكتب الإنسان البسملة أو آية من كتاب الله ثم بعد هذا يمحوها إذا فات الغرض منها.

***

ص: 2

‌السؤال: أنا طالبة في كلية الطب منَّ الله علي بعد التحاقي بالكلية وهداني إلى صراطه المستقيم فغطيت وجهي والتزمت بكتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم فله الحمد سبحانه ولكن دراستي بالكلية تستلزم مني الوقوع في كثير من المنكرات أهمها الاختلاط بالجنس الآخر منذ خروجي من البيت وحتى عودتي إليه وذلك في الكلية حيث أنها مختلطة أو في وسائل المواصلات وأنا الآن أريد أن أقّر إنها في البيت وأترك الدراسة لا لذات الدراسة ولكن للمنكرات التي ألاقيها ووالدي ووالدتي يؤكدان عليَّ بمواصلة الدراسة وأنا الآن متحيرة هل أدخل بطاعتي لهما فيمن يعنيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله (من أرضى الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس) أم أن عدم طاعتي لهما في هذا الأمر تعتبر عقوقاً

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا كان الحال على حسب ما وصفت هذه المرأة بالنسبة لدراستها فإنه لا يجوز لها أن تواصل الدراسة مع هذا المنكر الذي وصفته لنا في رسالتها ولا يلزمها أن تُطيع والديها في الاستمرار بهذه الدراسة وذلك لأنّ طاعة الوالدين تبع لطاعة الله عز وجل وطاعة الله هي العليا وهي المقدمة والله تبارك وتعالى ينهى المرأة أن تكشف وجهها للرجال وأن تختلط بهم هذا الاختلاط على الوجه الذي وصفت هذه المرأة في كتابها وإذا تيسر لها أن تِّحول دراستها إلي جامعات أخرى في حقل آخر لا يحصل به هذا الاختلاط فهو أولى وأحسن وإذا لم يحصل فإنها تبقى في بيتها ورزق الله تعالى واسع.

***

ص: 2

‌السؤال: يقول جميع المدارس بمحافظتي وهي محافظة أدلب مدارسها مختلطة شباب وفتيات وهن سفور فوق العادة وخاصة في مدرستي ولا يمكن بل ولا يستطيع المرء إلا أن يتحدث معهن من خلال الدروس والمطلوب ما حكم الشرع في ذلك أفيدونا جزاكم الله ألف خير

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الذي يجب عليك أيها الأخ أن تطلب مدرسةً ليس فيها هذا الاختلاط الذي وصفت حال أهله لأن ذلك فتنة عظيمة ولا يجوز للإنسان أن يعرض نفسه للفتن فإن الرجل قد يثق من نفسه قبل أن يقع في الفتنة قد يقول أنا حافظٌ نفسي وأنا لا أميل إلى هذا الشيء وأنا أكرهه ولكن إذا وقع في الحبائل أمسكته ولهذا (أمر النبي صلى الله عليه وسلم من سمع بالدجال أن ينأى عنه أي يبعد عنه وقال إن الرجل يأتي وهو يرى أنه مؤمن ولكنه يضل بما يقذف به من الشبهات) فعلى كل حال نقول أيها الأخ يجب عليك أن تتطلب مدرسةً ليس هذا وضعها فإن لم تجد مدرسةً إلا بهذا الوضع وأنت محتاجٌ إلى الدراسة فإنك تدرس وتحرص بقدر ما تستطيع على البعد عن الفاحشة والفتنة بحيث تغض بصرك وتحفظ لسانك ولا تتكلم مع النساء ولا تمر إليهن.

***

ص: 2

‌السؤال: إني تلميذة في إعدادية للبنين ومعي عدد قليل من الطلبة وتعلمون أننا نختلط بهم ونتكلم معهم فهل هذا حرام أم حلال

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لاشك أن هذا له خطره العظيم ويقع غالباً بدون حجاب ولا يجوز للمرأة أن تكشف وجهها ويديها للأجانب منها أي غير المحارم لا في المدرسة ولا في غيرها ولهذا يجب على وزراء التعليم في الممالك الإسلامية أن يجعلوا للبنين مدارس وللبنات مدارس حتى يحصل التمييز بين الجنسين ويبتعدوا عن الشبهات وعن الفتن لأن هذا من الفتن العظيمة وكم من مفاسد حصلت بسبب هذا الاختلاط فعليك أيها الأخت أن تحتشمي الاحتشام المشروع بالاحتجاب الكامل عن هؤلاء وألا تجلسي إلي جنب الولد وأن تكوني أنت وزميلاتك في جانب من الغرفة محتشمات فبهذا يخف الضرر وتخف الفتنة وإن كان الواجب على ولاة الأمور كما قلنا أن يجعلوا للذكور محلاً وللإناث محلاً.

***

ص: 2

‌السؤال: السائلة أسماء من جمهورية مصر العربية تقول بأنها طالبة في الكلية التي تبعد عن المنزل حوالي خمسة وعشرين كيلو أو ثلاثين كيلو تقول ولا أجد أحد من محارمي ليسافر معي وأخشى أن أكون عاصية لله بسفري هذا ولكنني أحرص على أن أتعلم وأحصل على شهادة جامعية تمكنني من نفع المسلمين وخدمتهم مثل أن أكون طبيبة أو معلمة فهل يجوز لي السفر خاصةً بأن وقت السفر يستغرق من ساعة ونصف إلى الساعتين أم أني أكون عاصية في مثل هذه الحالة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إنها تكون عاصية إذا سافرت بلا محرم لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (لا تسافر امرأةٌ إلا مع محرم) قال ذلك وهو يخطب الناس ويعلمهم فقام رجلٌ وقال يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجة وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا فقال له النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (انطلق فحج مع امرأتك) ومعلومٌ أن تعلم المرأة لما ينفعها في دينها ودنياها أمرٌ مطلوب لكن ما لم تكن الوسيلة إليه محرمة وعلى هذا فإما أن يذهب بها زوجها إن كانت متزوجة وإما أن تتزوج شخصاً ويكون محرماً لها وإما أن تكتفي بما تسمعه من المسجلات من هذه الدروس وتطلب أن يكون اختبارها اختبار منازل أي بانتساب.

***

ص: 2

‌السؤال: كيف يتصرف المدرس الذي يدرس فتيات في سن البلوغ

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: يتصرف باتقاء هذا ولا يعمل لأن الفتيات اللاتي في سن البلوغ فتنة لا سيما إذا كان يشاهدهن ويشاهدنه فليترك المجال للنساء تدرس في حقل النساء وليكن هو في حقل الرجال.

***

ص: 2

‌السؤال: من دولة الإمارات العربية المتحدة محمد سعيد يقول ما نصائحكم فضيلة الشيخ للطلبة في أيام الامتحانات

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نصيحتي للطلبة في أيام الامتحانات وفي غير أيام الامتحانات وفي الإجازة أن يتقوا الله عز وجل وأن يخلصوا النية له في طلب العلم وأن يؤدوا الأمانة في الامتحانات بحيث لا يحاول أحد منهم الغش لا لنفسه ولا لغيره لأنه مؤتمن ولأن من نجح بالغش فليس بناجح في الحقيقة ثم إنه يترتب على غشه أنه سينال بشهادته مرتبة لا تحل إلا بالشهادة الحقيقية المبنية على الصدق والإنسان إذا لم ينجح إلا بالغش فإنه لم ينجح في الحقيقة ثم إنه سيكون فاشلاً إذا تولى منصباً يتولاه من حصل على الشهادة التي غش فيها إذ أنه ليس عنده علم فيبقى فاشلاً في أداء مهمته ولا فرق في ذلك بين مادة وأخرى فجميع المواد لا يجوز فيها الغش وما اشتهر عند بعضهم من أنه يجوز الغش في بعض المواد فإنه لا وجه له ولا علم عنده وأما في الإجازة فإني أرى للطلاب أن يستغلوها بما ينفع أنفسهم وينفع غيرهم بالانكباب على طلب العلم الذي يهوونه ويستريحون إليه وإذا كان لابد لهم من أن يرفهوا أنفسهم بعد التعب والكلال فإن من أحسن شيء يرفهون به أنفسهم أن يسافروا إلى مكة والمدينة ليعملوا عمرة وزيارة للمسجد النبوي.

***

ص: 2

‌السؤال: السائلة تقول بأنها طالبة في المرحلة الثانوية وفي أيام الامتحانات تقوم البعض من الطالبات بالغش فماذا تفعل هل تقوم بإخبار المعلمة وهل عليها شيء وإذا عرفت الطالبات بذلك قد يدعون عليها فهل هذه الدعوة تستجاب

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا رأى الطالب أو الطالبة من يغش في صالة الامتحان فالواجب أن يرفع أمره إلى المراقبة أو المراقب وإذا لم يجد ذلك شيئا فليرفعه إلى المدير أو المديرة ولا يحل له السكوت على ذلك لأن الغش من كبائر الذنوب قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (من غش فليس منا) وإذا كان من كبائر الذنوب فهو منكر والنهي عن المنكر واجب وإذا رفع الطالب الأمر إلى مَنْ يمكنه أن يعاقب على ذلك ثم عوقب هذا الغاش فإن ذلك الغاش ليس مظلوما بهذا بل هو منصور لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما قال (انصر أخاك ظالما أو مظلوما) قالوا يا رسول الله هذا المظلوم فكيف نصر الظالم قال (تمنعه من الظلم فذاك نصره) وإذا دعا الغاش على من أخبر عنه فإن دعوته لا تقبل لأنه آثم فيها وظالم والله تعالى (لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) وأخبر سبحانه وتعالى أنه (لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) فدعاؤه لن يستجاب.

***

ص: 2

‌السؤال: السائل أ. أ. من ليبيا يقول بأنه شاب متحصل على شهادة الدبلوم المتوسط والمشكلة بأنه في امتحان الشهادة قام بالغش في الامتحان يقول وكنت غير مقدر لعواقب الفعل هذا والسؤال هل المرتب الذي سأحصل عليه عندما أشتغل بهذه الشهادة حلال أم حرام أم أنه يكفيني أن أتوب إلى الله من فعلي هذا ولا إثم عليّ أرجو الإجابة على ذلك

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: جوابي على هذا أني متوقفٌ في هذه المسألة وذلك لأنه إنما استحق الراتب على قدر الشهادة والحقيقة أن هذه الشهادة مزيفة لكن هنا طريق وهو أن يطلب إعادة الامتحان فيما غش فيه فإذا نجح فيه زال الإشكال.

***

ص: 2

‌السؤال: محمد من الرياض يقول بأنه طالب في إحدى الكليات الشرعية وله زميلٌ تخلف عن امتحان من الامتحانات بسبب النوم والنوم ليس بعذرٍ مقبول لدى الكلية فنصحته بأن يأتي بعذرٍ طبي لكي يختبر ولا يحمل هذه المادة علماً بأن حملها سيسبب هبوطاً في معدله التراكمي لا سيما ونحن على مشارف التخرج ولكن هذا الزميل رفض ذلك رفضاً قاطعاً على اعتبار أن ذلك غش وكذب ومخالفٌ للنظام وأنا أقنعته بأن يأتي بالعذر علماً بأن كثيراً من الطلاب يفعلون ذلك من باب أن النوم عذرٌ مقبول فما حكم الشرع في نظركم في ذلك

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الاقتراح منك اقتراحٌ محرم ولقد غششت صاحبك وأوقعته في المهالك ولكن بفضل الله إنه لم يقبل منك وهنيئاً له برفض هذا الاقتراح المحرم والواجب على الإنسان أن يكون صدوقاً واضحاً صريحاً حتى يبارك له في عمله قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (البيعان بالخيار فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما أي أن البائع والمشتري بالخيار ما داما في المجلس فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما) فالواجب على الطلاب أن يكونوا صرحاء يقولون الحق سواءٌ كان عليهم أو لهم لقول الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوْ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ) وإياك أيها الأخ أن تفعل مثل هذا بل كان من واجبك أن تنهى عنه من أراد أن يفعل ذلك لئلا يقع في الغش والكذب والدجل.

ص: 2

‌السؤال: أريد الحكم الشرعي في نظركم عن حكم الغش في الامتحانات

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الظاهر أن هذا لا يحتاج إلى جواب لأنه ما دام أقر أنه غش فكيف يسأل عن حكمه وقد علم واشتهر عند أكثر الناس أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال (من غش فليس منا) وحينئذٍ يكون الغش في الامتحانات محرماً بل من كبائر الذنوب لأنه إذا تبرأ النبي صلى الله عليه وسلم من فعل فيعني هذا أنه من كبائر الذنوب لا سيما وأن هذا الغش يترتب عليه أشياء في المستقبل يترتب عليه الراتب والمرتبة وغير ذلك مما هو مقرونٌ بالنجاح.

ص: 2

‌السؤال: ما حكم الشرع في نظركم فضيلة الشيخ في الغش في الامتحان بين الطلاب وهل الغش في المادة الإنجليزية حرام وهل هذا يدخل في قوله صلى الله عليه وسلم (من غشنا فليس منا)

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الغش حرام بل من كبائر الذنوب لقول النبي صلى الله عليه وسلم (من غش فليس منا) وهذه الجملة عامة تشمل كل ما صدق عليه غش في أي نوعٍ من أنواع المعاملة أو العمل والغش في الامتحان داخلٌ في هذا العموم فلا يجوز للطالب أن يقوم بالغش في الامتحان لا مع نفسه ولا مع غيره فلا يجوز له أن يطلب من يساعده على الحل ولا أن يعين غيره في الحل لأن تبرؤ النبي عليه الصلاة والسلام من الغاش يدل على أن الغش من كبائر الذنوب وليس من سمات المسلمين ولا فرق بين المواد في الامتحان فكما أن الغش في القرآن وتفسيره والحديث وشروحه والفقه وأصوله والنحو وفروعه محرم فكذلك الغش في مادة الإنجليزي والعلوم وغيرها لأن الكل سواء فيه يعني في مواجهة الحكومة فيما يتعلق بالراتب والمراتب بعد التخرج والحكومة وفقها الله جعلت مواد معينة لهذا الطالب إذا نجح فيها صار أهلاً لما تقتضيه هذه الشهادة فإذا نجح فيها بالغش فإنه لم يكن ناجحاً فيها في الواقع فلا يستحق المرتبة ولا الراتب الذي جعل على هذه الشهادة والغش في الامتحان كما أنه سلوكٌ سيئ ففيه خداعٌ للمسؤولين في المدرسة أو المعهد أو الجامعة وفيه غشٌ للدولة وفيه غشٌ للمجتمع كله وفيه غش للإنسان نفسه وفيه أنه يستلزم أن تبقى الدولة محتاجةً للمدرسين الأجانب الذين ليسوا من هذه الدولة لأن هؤلاء الذين ينجحون بالغش يهربون من التعليم هروبهم من الأسد لأنه ليس عندهم حصيلة يستطيعون بها مواجهة الطلاب والشرح لهم وتقبل أسئلتهم فتجد الواحد منهم يهرب من التعليم إلى وظائف أخرى لأنه ليس أهلاً للتعليم في الواقع وحينئذٍ تبقى وظائف التعليم شاغرة فنحتاج إلى من يسد هذه الثغور.

وخلاصة الجواب أنه لا يجوز للطالب أن يغش في أي مادةٍ من المواد لا في الإنجليزي ولا في غيره من المواد التي وكلت إليه وعلقت الشهادة التي يمنحها على فهم هذه المواد.

***

ص: 2

‌السؤال: يقوم بعض الطلبة بالغش في أثناء الاختبارات فما الحكم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا يحل للطالب أن يغش في أثناء الامتحانات لأن الغش من كبائر الذنوب لقول النبي صلى الله عليه وسلم (من غش فليس منا) ولأنه يترتب على غشه أن ينجح أو أن يعطى ورقة النجاح وهو غير جدير بذلك ثم يتولى مناصب في الدولة لا تصلح إلا لمن يحمل الشهادة وإذا كانت هذه الشهادة مبنية على غش فإنه يخشى أن يكون ما يأخذه من الرواتب حرام عليه لأنه يأخذه وهو غير مستحق له حيث إنه لم يصل في الحقيقة إلى الدرجة التي تؤهله لهذا المنصب فيكون أخذه للراتب من أكل المال بالباطل فليحذر إخوتنا وأبناؤنا من الغش في الامتحان في أي مادة كانت لأن الحكومة لما وضعت المناهج على هذا الوجه ودخل الطالب لهذه المدرسة أو المعهد أو الجامعة على أساس أنه ملتزم بجميع مواده ومناهجه فإنه يجب عليه أن يوفي بهذا وألا يخون في أي مادة من المواد وأما ظن بعضهم إنه لا بأس بالغش في مادة اللغة الإنجليزية والفرنسية أو مادة الرياضيات فإن هذا ظن لا أساس له من الصحة لأن جميع المواد التي في المنهج مطالب بها الدارس ويعطى الشهادة على أنه أتقنها جميعها فإذا غش في بعضها ونقل من غيره أو لقنه غيره كان ذلك خيانة لأمانته وأدى إلى أن يكون غير ناجح في الحقيقة.

ص: 2

‌السؤال: هل يجوز للطالب أن يساعد زميله أثناء الامتحان حيث أن الطالب يعتبر هذا واجباً عليه وتفريجاً لكربة زميله فما حكم ذلك مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا يجوز للطالب أن يساعد زميله في الامتحان أبداً لأن ذلك من خيانة الأمانة فالجهات المسؤولة لا ترضى بذلك وهو في الحقيقة ظلمٌ للطالب المعان وظلمٌ للطالب المعين وجنايةٌ على الجهة المسؤولة التي هو تحت رعايتها وجنايةٌ على الأمة جمعاء أما كونه ظلمٌاً للطالب المعان فلأننا أعناه على أمرٍ محرمٍ عليه وهو الغش وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (من غش فليس منا) وأما كونه ظلماً للمعين فلأنه ظلم نفسه بالمعصية حيث أعان على معصية والمعين على معصية كالفاعل لها ولهذا (لعن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه وقال هم سواء) فدل ذلك على أن المعين على المعصية كفاعلها وأما كونه خيانة للجهات المسؤولة التي هو تحت رعايتها فلأن الجهات المسؤولة لا ترضى بهذا إطلاقاً ولهذا تضع المراقبين والملاحظين على الطلاب في وقت الامتحان وأما كونه خيانة للأمة كلها فلأن الأمة إذا كان مستوى متعلميها على الغش والجهل كان في ذلك دمار للأمة وبقيت الأمة محتاجةٌ إلى غيرها دائماً وأبداً لأن هؤلاء المتخرجين عن طريق الغش لا يعلمون بل هم جهالٌ في الواقع فتبقى الأمة شكلها شكل المتعلمة وحقيقتها أنها جاهلة فيكون في ذلك خيانة للأمة كلها ودمارٌ للمجتمع فنصيحتي لأخواني الطلبة أن يتقوا الله عز وجل في هذا الأمر وأن لا يعين بعضهم بعضاً في الامتحان وإذا كان يريد أن يبلغ أخاه شيئاً من العلم حول هذه المسألة فإذا سلم الورق فليعلمه لأنه لا يفوت الوقت وكذلك أنصح إخواني الملاحظين الذين يراقبون الطلبة أن يتقوا الله عز وجل وأن لا تأخذهم في الله لومة لائم وأن لا يحابوا غنياً لغناه ولا فقيراً لفقره ولا ضعيفاً لضعفه ولا قوياً لقوته فعليهم أن يلاحظوا أتم ملاحظة وأن يكرسوا جهودهم سمعاً وبصراً وفكراً وأن لا يتشاغل بعضهم بالحديث إلى بعض في حال المراقبة والملاحظة لأنهم مسؤولون عن ذلك أمام الله عز وجل ثم أمام الدولة ثم أمام الأمة فلا يفرطوا في هذه الأمانة التي حملوها.

***

ص: 2

‌السؤال: هل الوقوف للمدرسة لا يجوز وإذا كان لا يجوز فماذا نفعل إذا كان هذا يضايق المدرسة حيث كانت عندنا طالبة فلم تقف للمدرسة فسألتها لماذا لم تقفي كبقية الطالبات فأخبرتها أن ذلك غير جائز فحصلت بينهما مناقشة فأرادت المدرسة إبعاد تلك الطالبة لمدة يومين ونحن لا نريد أن نفصل فماذا نفعل وفقكم الله

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إلزام الطالبات أو الطلبة بالقيام للمدرس أو المدرسة هذا من الأمور المنكرة وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم (من أحب أن يتمثل له الناس قياماً فليتبوأ مقعده من النار) وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أشرف الخلق عند الله جاهاً وعند المؤمنين يكره أن يقوم الناس له ولا يحب ذلك فحسبنا أن نكون مثل رسول الله صلى الله عليه وسلم في عمله هذا وأن نكره ما كرهه الرسول صلى الله عليه وسلم وأن نكره أن يقوم لنا الناس فكيف أن يليق بنا أن نلزم الناس بالقيام لنا ولهذا ينبغي لمديري المدارس من رجالٍ ونساء أن يمنعوا المدرسات أو المدرسين من عمل مثل هذه الأمور ثم على من فوقهم من الوزارة أو الرئاسة أن تلاحظ ذلك وأن تعمم بالمنع منه لأن هذا كما أنه خلاف المشروع ففيه نوعٌ من الاستعباد للطلبة والطالبات والإذلال لهم وكفى بالطالب وقاراً وكفى به أدباً أن يكون منتبهاً للمدرس متابعاً له فيما يقول مناقشاً له فيما يشكل عليه وأما هذه الأمور الشكلية التي تخالف الشريعة فإنه لا يجوز لأحدٍ أن يلزم بها فإنه ليس من الشرع أن يقوم الناس للمعلم إذا دخل والرسول عليه الصلاة والسلام كان أصحابه لا يقومون له إذا دخل.

ص: 2

‌السؤال: بارك الله فيكم السؤال الثاني من أسئلة المستمعة لطيفة تقول أنا معلمة وعند دخولي الصف يقف التلميذات ما حكم وقوف التلميذات احتراماً للمعلمة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: حكم وقوف الطالبات احتراماً للمعلمة أمر لا ينبغي بل الذي ينبغي إذا دخلت المعلمة أن تسلم السلام المشروع وأن ترد الطالبات عليها الرد المشروع وأما القيام فإنه أمر لا ينبغي ذلك لأن الصحابة رضي الله عنهم لم يكونوا يفعلونه مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو أحق الناس أن يعظم لأنه عليه الصلاة والسلام كان لا يحب ذلك فينبغي للمعلمة إذا رأت من الطالبات هذا الفعل أن ترشدهنّ إلى أن الأولى والأفضل أن لا يفعلنه.

***

ص: 2

‌السؤال: مدرس يفرق بين تلاميذه حيث يكون حازما مع بعض الطلاب ورقيقا مع البعض الآخر فما الواجب عليه في مثل هذه الحال مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الواجب على المدرس أن يقوم بالعدل بين الطلاب فلا يحابي قريبا لقرابته ولا صديقا لصداقته ولا غنيا لغناه ولا شريفا لشرفه ولا فقيرا لفقره ولا وضيعا لضعته عليه أن يقوم بالعدل بين الطلاب بحيث يقرأ الأجوبة إذا كانت أجوبة متجردا عن أي هوى وكأنها أجوبة من لا يعرفهم لأنه مسؤول أمام الله عز وجل عن العدل في ولايته فيمن ولاهم الله عليه فليستعد للجواب الصواب وإني أقول لهذا المدرس أرأيت لو كان لك ولد وكان مدرسه يهضمه حقه أو يفضل غيره بغير سبب أتراك تعتب عليه والجواب نعم ستعتب عليه بلا شك وإذا كان كذلك فعلى المدرس أن يتقي الله عز وجل وأن يعامل أولاد الناس بما يحب أن يعامل به أولاده حتى يتحقق له الإيمان بالله فقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) .

ص: 2

‌السؤال: نشتكي إليكم أستاذنا الذي يدخل علينا في الصف ويقول لنا السلام على القرود وإذا ثرنا عليه جاء لنا بقصة فرويد وقال هذا أصلكم وأصلى ولا مناصة لنا من هذا الأصل علماً أن أستاذنا تبدو عليه الغطرسة وطول الملابس وطول الشعر والأظافر الطويلة فما موقفنا من هذا الأستاذ وفقكم الله علماً أنه لم يشر إلى بلده أو قريته أو من هذا القبيل

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نقول إقرار هذا الرجل على نفسه بأنه من القرود مقبول وأما دعواه على غيره أنهم قرود فهي مرفوضة وأما اعتقاد أن أصل كون الآدمي قرداً فهوكفر بالله عز وجل لأنه تكذيب للقرآن الكريم ولما أجمع عليه المسلمون بل ولِما أجمع عليه الناس اليوم فإنه قد تبين أن هذه النظرية نظرية فاسدة باطلة وأنه لا حقيقة لها وأما كون هذا الأستاذ يبقى أستاذاً في هذه المدرسة فإنه لا يجوز إقراره أستاذاً ويجب على مدير المدرسة أن يرفع به إلى من فوقه حتى يُبعد ويُنحى عن حقل التدريس ويجب مراقبته أيضاً في خارج المدرسة حتى لا يُضِل الناس وإذا استقام على الحق فهذا هو المطلوب وهو من رحمة الله به وبالناس وإلا وجب أن يُجرى عليه ما يمنع إفساده ولو بالقتل.

يافضيلة الشيخ: إذاً يجوز قتله في هذه الحالة؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذالم يندفع إلا بهذا وصار هذا الرجل داعية إلى هذا الإلحاد والكفر فإنه يجب قتله لأنه مرتد والمرتد يجب قتله.

ص: 2

‌المرسل محمد عمر سلطان من العراق محافظة نينوى يقول إنني الطالب محمد سلطان أحد طلاب الصف الثاني المتوسط لقد درست في العام الماضي أصل منشأ الإنسان في كتاب التاريخ ويؤكد الكتاب أن الإنسان أصله قرد وتحول بمرور الزمن إلى إنسان فهل هذا صحيح أم يتعارض مع ما جاء في القرآن الكريم عن أصل القرد اهدونا وفقكم الله إلى الطريق لكي نسلكه مشكورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا القول ليس بصحيح أعني القول بأن أصل الإنسان قرد ولكن القائل به هو في الحقيقة قرد ممسوخ العقل وممسوخ البصيرة فجديرٌ أن نسميه هو قرداً وليس بإنسان حتى وهو على صورة إنسان.

يافضيلة الشيخ: لكن ألا يمكن أن نقول هو قرد ممسوخ حقيقة لأنه يهودي؟

فأجاب رحمه الله تعالى: على كل حال ما قلته أولى وفيه كفاية فهذا القول ليس بصحيح أن أصل الإنسان قرد واعتقاده كفر لأنه تكذيب للقرآن فإن الله تعالى بين أن خلق الإنسان أصله من طين بخلق آدم عليه الصلاة والسلام وهو أبو البشر ثم جعل الله تعالى نسله من سلالة من ماء مهين والقرود المعروفة هي من جملة فصائل المخلوقات الأخرى فهي مخلوقات نشأت هكذا لطبيعتها أنشأها الله تبارك وتعالى على هذه الصفة كالحمير والكلاب والبغال والخيل والإبل والبقر والغنم والظباء والدجاج وغيرها ولا يجوز لأحد بل لا يجوز لدولة مسلمة تنتمي إلى الإسلام أن تقرر هذا في مدارسها بل يجب عليها أن ترفع ذلك من المدارس لأن الطالب إذا نشأ على هذا من صغره يصعب جداً أن يُخَلصَ منه بل ولا أرى من الجائز أن يقرر هذا في المدارس لأن وضع الشيء ثم محاولة اقتلاعه مفسدة لكن عدم وضعه بالكلية أولى من أن يوضع ثم يحاول اقتلاعه وإبطاله والواجب على الدول الإسلامية عموماً أن تعيد النظر في مناهجها ومقرراتها وأن تجعلها مستخلصة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم حتى يعيد الله تعالى إلى الأمة الإسلامية مجدها وعزها وكرامتها ويزول عنها كابوس الذل الذي أصابها اليوم حتى أصبحت في حال يرثى لها بل قد أقول في حال يرحمها عدوها لما بينها من التشتت والتفرق والذل والهوان بين دول العالم والواقع شاهد بذلك وما سببه إلا إعراض كثير منهم عن كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنهاج السلف الصالح الذي قال فيه الإمام مالك رحمه الله لن يُصلِح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها.

والله أسأل بمنه وكرمه أن يعيدنا جميعاً إلى الإسلام الحقيقي عقيدة وقولاً وفعلاً منهاجاً وشريعة حتى نعود إلى العز والمكانة التي نصل إليها بتمسكنا بديننا.

***

ص: 2

‌فتاوى الموظفين

ص: 2

‌السؤال: المستمعة سمية من مدرسة الكاملين الثانوية للبنات بالسودان تقول هل يجوز عمل المرأة في المكاتب إذا كان هذا العمل في مكتب الشؤون الدينية والأوقاف

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: عمل المرأة في المكاتب لا يخلو من حالين الحال الأولى أن تكون المكاتب خاصة بالنساء مثل أن يكون للنساء مكتب في توجيه مدارس البنات أو ما أشبه ذلك ولا يحضره إلا النساء فإن عملها في هذا المكتب لا بأس به أما إذا كان المكتب يختلط فيه الرجال وهي الحال الثانية فإنه لا يجوز للمرأة أن تعمل عملاً يكون الرجل شريكاً لها فيه وهما في مكان واحد وذلك لما يحصل من الفتنة باختلاط النساء بالرجال وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم أمته من فتنة النساء وأخبر أنه ما ترك بعده فتنة أضر على الرجال منها حتى في أماكن العبادة فرغب النبي صلى الله عليه وسلم في بعد المرأة عن الرجل كما في قوله صلى الله عليه وسلم (خير صفوف النساء آخرها وشرها أولها) لأن أولها قريب من الرجال فكان شرها وآخرها بعيد من الرجال فكان خيرها وهذا دليل واضح على أن للشارع نظراً في بعد المرأة عن الاختلاط بالرجل ومن تدبر أحوال الأمم تبين له أن في اختلاط النساء بالرجال فتنة عظيمة لا يزالون يئنون منها ولكن لا يمكنهم الخلاص الآن وقد اتسع الخرق على الراقع.

ص: 2

‌المستمع رأفت غازي من جمهورية مصر العربية البحيرة يقول بأنه يعمل في مصنع ينتج مواد غذائية فهل إذا أكلت منه بالمعروف حرام أم حلال علماً بأن الرجل المسؤول يعلم بذلك وبإذن منه أفيدوني مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا لا إشكال فيه لأن المصنع إذا كان لشخص واحد وأذن للعاملين فيه أن يأكلوا منه بالمعروف فهو ملكه له أن يتصرف فيه بما شاء أما إذا كان المصنع مشتركاً بين جماعة فإنه لا بد أن يصدر الأذن من الجماعة جميعاً أو ممن فوضوا إليه الأمر بذلك لأن الأصل في أموال الغير أنها محترمة لا يجوز أخذ شيء منها ولا أكل شيء منها إلا بعد موافقتهم.

***

ص: 2

‌السؤال: أعمل في محكمة الرياض الكبرى وأحضر للدوام في الساعة الثامنة صباحاً وأخرج بعد الظهر وذلك حسب حضور القاضي وانصرافه الذي أعمل في مكتبه وسؤالي هل يجوز لي ذلك حيث أن الدوام من الساعة السابعة والنصف إلى الثانية والنصف كما أن عملي مرتبطٍ بموعد القاضي ولكم خالص تحياتي

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الواجب على المسلم إذا التزم بعقد مع الحكومة أو غيرها أن يفي به لقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) ولقوله تعالى (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئؤولاً) فإذا كان كذلك وكان من المعلوم بين الموظف والدولة أن الدوام يبتدئ من الساعة السابعة وينتهي في الساعة الثانية والنصف فإن الواجب على الموظف أن يستوعب هذا الوقت كله في مقر عمله سواءٌ كان عنده من ارتبط به أم لم يكن ولا فرق في هذا بين موظفي المحاكم وغيرهم بل إن الواجب علي موظفي المحاكم أن يكونوا قدوة في تطبيق ما وجب عليهم مما عاقدوا الحكومة عليه لأن كثيراً من الناس الذين ليس لهم صلة بالمحاكم الشرعية إذا رأوا تفريط المسؤولين بالمحاكم الشرعية وتهاونهم فإنهم يتخذون منهم سبيلاً للجدل عند من ينصحون في القيام بالواجب وإن كان هذا السبيل لا ينفعهم أمام الله عز وجل فإن المرء لا يعتبر تفريط غيره حجة له عند الله إنما قد يكون في مقام الجدل باهتاً للمجادل الذي ينصحه ويوبخه على تفريطه في إضاعة وقت الدولة الذي التزم به بمقتضى سلم الوظائف فنصيحتي لإخواني في المحاكم وغيرها أن يتقوا الله عز وجل وأن يقوموا بما أوجب الله عليهم من الوفاء بالعقود والوفاء بالعهد حتى يستقيم الأمر وتقوم الأمانة ولا يبقى لأحدٍ حجة وما أكثر ما نسمع أن الصكوك الشرعية وحوائج الناس تتعطل كثيراً في المحاكم مدةً طويلة وقد يكون من أسبابها ما أشار إليه هذا السائل من تأخر بعض القضاة عن الحضور المبكر أو انصرافهم قبل انتهاء الدوام وفي ظني أن هذا أمرٌ لا يجهله لأن هذا معلومٌ لدى الجميع أنه يجب على كل مسلم أن يفي بالعقد الذي عاقد عليه سواءٌ عاقد عليه الدولة أم عاقد عليه عقداً خاصاً والله الموفق.

يافضيلة الشيخ: الموظف الذي يرتبط عمله القاضي والقاضي يخرج بعد صلاة الظهر أي قبل الساعة الثانية والنصف هل هذا الموظف يتحمل إثم هذا الخروج وحده أم أن للقاضي أيضاً دخل في خروج الموظف؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هو على كل حال القاضي عليه المسؤولية العظمى في هذا الأمر لأنه متبوعٌ لا تابع ولكن هذا التابع لو أنه بقي ثم نصح القاضي على خروجه قبل انتهاء الوقت أو تأخره عن ابتدائه لخجل القاضي من ذلك على أقل تقدير ثم استقام على ما يجب عليه من الحضور في أول الدوام والتأخر إلى انتهاء الدوام ولا أظن أن ذلك عذرٌ للتابع للقاضي لأنه كما أسلفنا أولاً أن تفريط الإنسان فيما يجب عليه ليس حجةٌ لغيره في ذلك نعم لو فرض أن القاضي طرأ عليه طارئٌ يوجب الخروج وكان هذا الطارئ عذراً شرعياً فهذا لا بأس للتابع حينئذٍ أن يخرج لأن بقاءه ليس فيه فائدة ولكن هذا القاضي الذي يخرج بدون عذر إذا رأى أن تابعه يبقى وهو أقل رتبة منه في العلم وإن كان أعلى رتبة في العمل إن كان يلازم على ما يجب عليه سوف يخجل ويستحي ويقوم بالواجب والخلاصة أنه في بقاء هذا الموظف التابع مصلحتان أولاً إبراء ذمته وثانياً أنه وسيلةٌ إلى إصلاح هذا القاضي الذي يخرج قبل انتهاء الدوام.

يافضيلة الشيخ: ما تعليقكم على الدخل الذي سيتقاضاه من الدولة ولم يوفِ بالعقد بينه وبين الدولة؟

فأجاب رحمه الله تعالى: في الحقيقة لو قلنا إن هذا الدخل بمنزلة الإجارة لقلنا إنه لا يستحق شيئاً من دخله لماذا لأن الأجير إذا ترك شيئاً من مدة العمل بدون عذرٍ شرعيٍ فلا أجرة له لكن المعروف أن ما يأخذه القاضي والمدرس والإمام والمؤذن ليس له حكم الإجارة بل هو رَزقٌ من بيت المال وعلى هذا فيكون استحقاقه من هذا المرتب بالنسبة فإذا حضر ثلاثة أرباع الوقت مثلاً استحق ثلاثة أرباع الرزق ولا يستحق الربع الذي ترك العمل فيه بمعنى أنه يستحق من مرتبه بقدر ما أدى من العمل فقط.

يافضيلة الشيخ: أليس ينبغي للقضاة أن يكونوا قدوة أو مثالاً يحتذى لبقية الموظفين عندهم وللموظفين في الدولة عموماً؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الذي يجب على القضاة هو التزام مقتضيات العقود ونظام الدولة في الموظفين فيتمشون عليه ويطبقونه فإذا تمشوا عليه وطبقوه فإن الناس تبعٌ لهم.

***

ص: 2

‌عندنا مؤذن مسجد إلا أنه قليل الحضور ويقوم أخوه الأصغر بالأذان والإمامة نيابة عنه نظراً لبعد منزله وقد نصحنا هذا المؤذن فقال لقد أخذت الإذن من الأوقاف فوافقوا على ذلك فماذا تنصحوننا مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نقول إذا كانت الأوقاف قد أذنت بذلك وكان أخوه يحصل به المقصود في مواظبته وقيامه بما يجب فلا حرج عليه في هذا.

***

ص: 2

‌رجلٌ يعمل عند شخص براتبٍ شهري لو ذهب لأداء فريضة الحج هل يستحق الراتب الشهري أم لا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا حسب العرف أو الشرط الذي بينهما فإن كان العرف أنه يستحق وجب إعطاؤه أو كان الشرط بينه وبين المستأجرين أنه إذا حج أجرته ماضية فعلى ما اشترط.

***

ص: 2

‌السؤال: أنا موظف أعمل في إحدى الشركات المساهمة ويحدث بعض الأحيان أن أطلب من المسؤول المباشر عني أن أترك مكان عملي وأغادر إلى البيت ويسمح لي بذلك ويقوم بتثبيت أجر ذلك اليوم مع العلم أنه موظف مثلي وليس مساهماً في الشركة التي نعمل بها كذلك يحدث لي أن أطلب منه أن يسمح لي بصنع أو عمل شيء من أموال الشركة مثل عمل طاولة خشب أو طاولة حديد أو غير ذلك من الأشياء القليلة القيمة علماً أنها من أموال الشركة المساهمة ما حكم ذلك وجزاكم الله خير الجزاء

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا كانت الشركة تعلم بذلك وتقر عليه فلا حرج لأن هذا مالها فإذا رضيت بما يصنع به فلا حرج وكذلك بالنسبة للعمل وتغيبه لمدة يسيرة هذا أيضاً لا بأس به إذا كانت الشركة تعلم بذلك وتقره أما إذا كانت الشركة لا تعلم بذلك ولا تقره فإنه لا يجوز لرئيسه أن يأذن له في ذلك إلا إن كان قد جعل إليه أو كان فيما جرت العادة به من الأمور البسيطة فهذا لا بأس به.

***

ص: 2

‌لي قريب يعمل بوظيفة مؤذن وكانت تصرف له مكافأة شهرية وقد صرفت له هذه المكافأة قبل أن يكتمل بناء المسجد ببضعة شهور مع العلم بأنه يؤذن في مسجد آخر بعض الأوقات فما رأي فضيلتكم حول المكافأة التي صرفت له قبل أن يكتمل بناء هذا المسجد هل يعتبر هذا المال حراماً وإذا كان حراماً فماذا يفعل أفتونا مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أما إذا كان هذا المسجد الذي لم تتم عمارته بعد موجوداً قبل هذه العمارة وكان هذا السائل هو الذي يؤذن فيه فلا حرج أن يأخذ المكافأة وإن كان لم يتم إعادة بنائه وأما إذا كان هذا المسجد الذي لم يتم يعمر ابتداءاً فهنا لا يأخذ المكافأة وإن كان قد يؤذن في مسجد آخر لكني أنصح المسؤولين عن دفع المكافآت للمؤذنين أو للأئمة أو غيرهم أن يتابعوا من تولوا هذه الأمور وأن لا يعطوا أحداً مكافأة إلا وقد باشر العمل لأنهم مسؤولون عن هذه الأموال التي تؤخذ من بيت المال لغير من يستحقها وإذا كانوا مسؤولين فليعلموا أنهم إذا خالفوا ما تقتضيه الشريعة فسيستحقون ما يترتب على ذلك من العقاب إما في الدنيا أو في الآخرة وخلاصة الجواب أن نقول للأخ إن كان هذا المسجد يبنى إنشاء أو ابتداء فلا تأخذ مكافأة حتى تباشر الأذان بعد انتهائه وإن كان يبنى إعادة فلا بأس أن تأخذ المكافأة لأن تركك الأذان ليس لأمر يتعلق بك بل لأمر يتعلق بالجهة التي أنت تعمل فيها.

***

ص: 2

‌المستمع خالد من حوطة بني تميم يقول إمام يصلى بالناس وهو إمام رسمي إلا أنه كثير الذهاب في الرحلات مع الزملاء والعمرة وهويتقاضى مرتباً عن إمامته ويوكل أحد الشباب بالصلاة عنه وهذا الشاب قد يأتي يوم ويغيب يوم فهل راتب الإمام حلال مع أنه موظف

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا العمل الذي يعمله هذا الإمام خلاف الأمانة والإنسان مؤتمن على وظيفته ولا يحل له أن يفرط فيها وأن يذهب إلى هنا وهناك وليس له الحق في أن يذهب مع زملائه ذهاباً مشروعاً ويدع أمراً واجباً عليه لأن الله يقول (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) ويقول (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً) والإنسان الذي أخذ إمامة هذا المسجد أو أخذ أذان هذا المسجد قد عقد بينه وبين المسؤولين عن المساجد عهداً يلزمه أن يوفي به وهذا التصرف فيه شيء من قصور العقل أعني بالعقل عقل الرشد والتصرف إذ كيف يقدم شيئاً مستحباً على شيء واجب وإذا كان لا يتمكن من الحياة إلا على هذا الوجه فليدع المسجد ليكون لغيره ممن يحافظ عليه.

***

ص: 2

‌أنا أعمل موظفاً حكومياً وأقوم بعملي الموكل لي وعندما أفرغ من العمل أقوم بقراءة القرآن وبعض الكتب الشرعية فهل يلحقني إثم في ذلك

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا يلحقك إثم إذا أدى الإنسان عمله المطلوب منه سواء كان زمنيا أم ميدانيا فهو حر في ما بقي لكنه حر حسب النظام بمعنى لو كان هذا الموظف ممنوعاً من الاشتغال بالتجارة وانتهى عمله الوظيفي وبقى آخر النهار لا عمل له فإنه لا يتعامل بالتجارة ما دام النظام يقتضي المنع وذلك لأنه دخل مع الحكومة في هذا العقد الذي من جملة شروطه أن لا يتعامل بالتجارة وعليه فيجب الوفاء بذلك لقول الله تبارك وتعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) وقول الله تعالى (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤولاً) أما إذا كان عملا لا ينافي ما يقتضيه النظام فهو حر فيه لا أحد يمنعه من ذلك وقلت سواء كان زمنيا أم ميدانيا لأنه أحيانا يكون العمل ميدانيا كرجل مراقبة طاف على الجهات المسؤولة التي يريد الرقابة عليها وانتهى عمله فيها فهو حر فيما بقي من الزمن وأما الموظف المقدر عمله بالزمن فهو من يكتب الحضور والخروج.

***

ص: 2

‌يقول السائل الذي رمز لاسمه بـ ص م ص جدة بأنه يعمل في شركة ويذكر بأن المهمة التي يقوم بها هي مراقبة دوام الموظفين الذين يربو عددهم عن مئة موظف يقول وعند تأخر البعض أو الغياب عن العمل أقوم بخصم أجر ذلك الغياب والتغاضي عن البعض الآخر دون تمييز بينهم وذلك من باب المساعدة فقط دون علم الرؤساء بذلك وسؤالي هل علي أثم عند قيامي بخصم الأجر من البعض والتغاضي عن البعض الآخر

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أما خصمك على من تأخر أو تغيب فهو حق ولا إثم عليك فيه بل لك أجر وإن أصابك كلام بذيء ممن خصمت عليه فهو زيادة خير لك وأجر وأما كونك لا تخصم على من تغيب أو تأخر في الحضور فإنك آثم غير مؤدي للأمانة والواجب عليك أن تخصم على من تأخر أو تغيب أيا كان سواء كان قريبا أو بعيدا وسواء كان غنيا أو فقيرا وسواء كان شريفا أو وضيعا يجب عليك أن تعدل بين الناس وأن تخصم على كل من تأخر أو تغيب ولو أبحنا لأنفسنا أن نتغاضى في هذه الأمور لتلاعب كثير من الناس بأداء واجبهم الوظيفي كما هو معلوم ومشاهد والواجب على من اؤتمن على عمل أن يؤدي الأمانة بحيث يقوم بالعدل فيما يجب للموظف وفيما يجب عليه فعليك أن تتوب إلى الله مما صنعت وأن تستقبل حياة جديدة بالخصم على كل من تغيب أو تأخر إلا أن يقدم عذرا شرعيا ثابتا ببينة فيجرى عليه ما يقتضيه ذلك العذر.

ص: 2

‌إنني أعمل في محل لبيع الملابس النسائية وهذا المحل حكومي وأحيانا يطلب الزبائن بعض البضائع التي هي غير متوفرة في المحل والجهة التابع لها المحل لا يتوفر فيها فهل يجوز لي أن أوفر هذه البضائع وأبيعها لحسابي

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا يحل لها أن تطلب البضائع التي يطلبها الزبائن لتبيعها في محل غيرها إلا بإذن صاحب المحل فإذا أذن فلا بأس وإن أذن لها بشرط أن يكون الربح بينها وبينه فلا بأس أيضا أما بدون إذن فإنه لا حق لها في ذلك لأن هذا المحل ليس محلها.

***

ص: 2

‌أنا أعمل في مجال المحاسبة ومراقبة دوام وعمل الموظفين وأقوم بإيضاح سير العمل لصاحب المؤسسة ومن ذلك مثلا أقول له بأن فلاناً قد غاب أو تأخر أو أنه أخطأ بكذا وعمل كذا وذلك لأبين لصاحب المؤسسة الخلل الموجود ليقوم هو بعلاجه فهل أنا آثم على ذلك على الرغم من نصحي للموظفين قبل أن أكلم صاحب المؤسسة ولكن دون جدوى منهم أفيدوني مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إن عمل هذا السائل عمل طيب مشكور عليه مثاب عليه وهذا مقتضى الأمانة ألا يحابي أحدا والرجل جزاه الله خيرا ينصح العمال أولا فإن استقاموا تركهم وإن لم يستقيموا أخبر بهم وهذا واجب عليه فأسأل الله أن يثبته ويعينه وأن يكثر من أمثاله لأن أمثاله في وقتنا عزيز قليل جدا وسبب ذلك الحياء أو الخجل أو يقول الإنسان أنا لاأريد أن ينفصل أحد من الوظيفة على يدي أو ما أشبه ذلك وكل هذا من الغلط إن الله لا يستحيي من الحق وإذا فصل من هذه الوظيفة بسبب ترك القيام بما يجب عليه فهو الذي جنى على نفسه.

***

ص: 2

‌فضيلة الشيخ استخدام الأدوات المكتبية أو الهاتف في العمل لغرضٍ خاص عند الضرورة فقط هل يعد ذلك من المحرمات

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا كانت الأدوات المكتبية هذه لغيرك سواءٌ كانت للحكومة أو لشركة أو لشريكٍ أيضاً فإنه لا يجوز استخدامها واستعمالها وحتى عند الضرورة نعم لو وجدت ضرورة لا بد منها فقد يقال بالجواز إن كان الإنسان قد نوى أن يرد مثلها أو خيراً منها أما أن يستخدمها على وجهٍ تتلف فيه ولا يرد بدلها فهذا لا يجوز بأي حالٍ من الأحوال وقد بلغني أن بعض الناس يتساهل في هذا الأمر في المكاتب الحكومية فيستعمل الأبواك الرسمية ويستعمل آلات التصوير الرسمية لحاجته الخاصة وهذا لا يجوز والواجب على المرء الذي يتقي الله عز وجل أن لا يستعمل هذه الأشياء إلا بإذنٍ ممن له الإذن في ذلك وقولي ممن له الإذن في ذلك لئلا يقول إن رئيسي المباشر أذن لي في هذا فإن إذن الرئيس المباشر إذا كان النظام العام منع هذا الشيء لا يعتبر يعني إذا أذن الرئيس المباشر لك أن تفعل شيئاً والنظام العام يقتضي أن لا تفعله فإنه لا حق لك أن تفعله ولو أذن الرئيس المباشر لأن الرئيس المباشر نفسه لا يحق له أن يستعملها لنفسه ولا أن يأذن بذلك لغيره وهو مؤتمن فلا يحل له أن يأذن في شيء يقتضي النظام العام منعه وهذه مشكلة يقع فيها كثيرٌ من الناس أعني أن بعض الرؤساء المباشرين يأذن لمن تحت يده في أمرٍ يمنع منه النظام العام يريد بذلك التسهيل والتيسير والإحسان وهذا في غير محله اللهم إلا إذا أوكل إليه ذلك بأن قال المسؤول الأول في الدولة أو من ينوب منابه لا بأس أن ترخص في هذا أحياناً جلباً للمودة وتأليفاً للموظفين لأنه ربما يكون التشديد التام على الموظفين سبباً في نفرتهم من هذا العمل والانتقال إلى وظيفةٍ أخرى.

***

ص: 2

‌كنت أقوم بإعطاء الدروس الخصوصية نظراً لأنني مدرسة وكنت لا أعتقد أنها حرام لأن معظم المدرسين يفعلون ذلك أما الآن فقد تأكدت بأنها لا تجوز وندمت على ذلك ولكن هل المال الذي جمع من هذه الدروس حرام أم لا وهل التوبة تكفي لتطهير المال وإن كان حراماً فكيف أتصرف فيه خاصة بأن هذا المال وضعت عليه راتبي من الرواتب السابقة طول المدة فكيف لي التخلص من ذلك مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: من المعلوم أن هذا العمل المحرم ليس محرماً شرعاً في حد ذاته لكنه محرم لنهي ولاة الأمور عنه وهذا العوض الذي أخذته السائلة قد أدت مقابله إلى المتعلمين فهي أعطت عوضاً وأخذت عوضاً وإذا تابت لما تبين لها الأمر فما اكتسبته حلال ولا يلزمها أن تتصدق به لقول الله تبارك وتعالى في المتعاملين بالربا (فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ) فلتهنأ بهذا المال الذي اكتسبته ولتعلم أنه لا شبهة فيه ولا إثم عليها فيه.

***

ص: 2

‌أعمل سائقاً في إحدى الشركات بقيادة وايت ماء خاص يسقي موظفي هذه الشركة وأن المقدر لهم يومياً ردان ماء مع العلم أني أحضر أكثر من هذين الردين ولكن الزائد أبيعه من غير علم المسؤول في الشركة أفيدوني جزاكم الله خير الدنيا ونعيم الآخرة عن هذه الطريقة وكيف أعمل عما فات إذا كان هذا حراماً

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا كانت السيارة للشركة والمقاولة بين هؤلاء وبين الشركة فإنه لا يجوز لك أن تستعمل السيارة في غير ما وقع العقد عليه بين الشركة وبين هؤلاء أما إذا كانت السيارة لك وأنت لا يحصل بشغلك إياها في غير مصلحتهم ضرر يخل بما جرى الاتفاق عليه فهذا لا بأس به لأنك حر في مالك وحر في وقتك وليس عليك لهم إلا ما جرى عليه الاتفاق.

***

ص: 2

‌فضيلة الشيخ استخدام هاتف العمل لأغراض خاصة ولكن دون تطويل فهل يجوز ذلك

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا كان لا يحتاج في استعماله إلى الصفر فالظاهر أنه جائز لأن الذي نسمع أن الحكومة تسمح بذلك ثم هو لا يضر الحكومة في شيء فيما أعلم لأن ما لا يحتاج إلى صفر لا يحسب على الإنسان أما ما يحتاج إلى الصفر فإنه لا يجوز حينئذٍ استعمال هاتف العمل إلا في مصلحة العمل الخاصة فلو أراد الإنسان أن يستعمل التلفون وهو في مكة ليخاطب إنساناً في المدينة فإنه لا يجوز إلا إذا كان ذلك في مصلحة العمل.

***

ص: 2

‌أنا أعمل في أحد المحلات التجارية ولكن في بعض الأحيان أتأخر عن الدوام خمس أو عشر دقائق ولكنني أعوض ذلك في آخر الدوام هل عملي صحيح

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الواجب على الموظف أن يلتزم النظام فيأتي في أول الدوام في الوقت المحدد ويخرج في آخر الدوام في الوقت المحدد لأن الوظيفة مقدرة بالزمن لا بالعمل ولا يحل له أن يبخس أول الزمن ويضيف مثله في آخر الزمن اللهم إلا إذا رأى القائم على هذه المصلحة أن في ذلك مصلحة فلا بأس وإلا فالواجب التقيد بالنظام بأن يأتي في أول الوقت في الوقت المحدد وفي آخره لا يخرج إلا في الوقت المحدد.

***

ص: 2

‌سيد عبد الحليم مهنا يقول ما حكم العمل بالمحاماة هل هو حرام أفيدونا بارك الله فيكم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: العمل بالمحاماة يتبين حكمه بنوع تلك المحاماة فإن كان المقصود بالمحاماة الدفاع عن الحق ومهاجمة أهل الباطل فإن هذا لا بأس به بل قد يكون واجباً لأن الدفاع عن الحق واجب وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب وأما إذا كان العمل بالمحاماة من أجل انتصار الإنسان لقوله وأكله ما يأكله على هذا العمل من الأموال دون النظر الى كونه موافقاً للحق أو مخالفاً له فإن هذا حرام ولا يجوز وعلى الإنسان أن ينظر في أمره هل هو يريد أن يدافع عن الحق وأن يحمي حوزة الحق فليعمل في ذلك أما إذا كان لا يريد إلا أن يأخذ ما يأخذه من المال من أجل محاماته ويحرص على أن يكون قوله هو القاطع الفاصل وإن كان باطلاً فإن ذلك حرام.

***

ص: 2

‌أخي يعمل محامياً ويكسب أموالا طائلة وأشار عليه بعض أهل العلم أن يترك هذا العمل فبماذا تنصحونه جزاكم الله خيرا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: المحاماة معناها حماية الحقوق والمحامي إذا كان يريد إثبات الحق وإبطال الباطل فإنه مثاب على ذلك ومأجور عليه أما إذا كان يريد أن ينجح في محاماته بالحق أو بالباطل فإن هذه المهنة تكون حراما عليه ولا يحل له أن يمارسها فالأعمال بالنيات قد يقوم محام يحامي عن هذا الرجل الضعيف الذي لا يستطيع أن يدافع عن نفسه فيحامي عنه حفظاً لحقه أو استردادا له فهذا مأجور لما فيه من دفع الظلم عن الغير وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (انصر أخاك ظالما أو مظلوما قالوا يا رسول الله هذا المظلوم فكيف نصر الظالم قال أن تمنعه من الظلم) فانظر إلى حال أخيك كيف محاماته فإن كانت من القسم الأول أي من يحامي لإثبات الحق وإبطال الباطل فهو على خير وما كسبه من الأجر على هذه المحاماة فهو حلال لا إشكال فيه وإن كان الثاني الذي يحامي لينتصر لنفسه ويغلب بحجته بالحق أو الباطل فإنك تنظر للمصلحة إن رأيت من المصلحة أن تتجنب الأكل من ماله وأن ترد هديته فأفعل وإن لم تر مصلحة في ذلك فلا حرج عليك أن تأكل من ماله وأن تقبل هديته.

***

ص: 2

‌جمال علي يقول في رسالته إنني كنت أعمل عملاً شاقاً جداً ولم أستطع أن استمر فيه فبدأت أبحث عن عملٍ آخر أخف مشقة ولم أجد إلا عملاً في شركة لصنع الدخان أو السجائر وأنا الآن أعمل بها منذ بضعة شهور مع العلم بأنني لا أشرب السجائر ولا أي نوع من أنواع الدخان والسؤال هو ما حكم الأجر الذي أتقاضاه مقابل هذا العمل هل هو حلال أم حرام مع العلم أنني مخلص في عملي والحمد لله

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا يحل لك أن تعمل في هذه الشركة التي تصنع السجائر وذلك لأن صنع السجائر والاتجار بها بيعاً وشراء محرم والعمل في الشركة التي تصنعه إعانة على هذا المحرم وقد قال الله تعالى في كتابه (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) فبقاؤك في هذه الشركة محرم والأجرة التي تكتسبها بعملك محرمة أيضاً وعليك أن تتوب إلى الله وأن تدع العمل في هذه الشركة والأجرة اليسيرة الحلال خير من الأجرة الكثيرة الحرام لأن الرجل إذا اكتسب مالاً حراماً لم يبارك الله له فيه وإن تصدق به لم يقبله الله منه وإن خلفه بعده كان عليه غرمه ولورثته من بعده غنمه واعلم أنه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال تعالى (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) وقال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) وذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يقول يا رب يا رب ومطعمه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام قال النبي صلى الله عليه وسلم فأنى يستجاب لذلك) فاستبعد النبي صلى الله عليه وسلم أن يستجاب للرجل الذي قام بأسباب إجابة الدعاء وذلك لأن مطعمه حرام وملبسه حرام ومشربه حرام وغذي بالحرام فإذا كان هذا الداعي مع وجود أسباب إجابة الدعوة يبعد أن يستجيب الله له لكون هذه الأمور حراماً في حقه فإنه يوجب للإنسان العاقل الحذر من أكل الحرام (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً) فنصيحتي لك أيها الأخ أن تتقي الله عز وجل وأن تخرج من هذه الشركة وأن تطلب رزقاً حلالاًَ ليبارك الله لك فيه.

***

ص: 2

‌يقول أنا شاب مسلم سافرت من بلدي إلى دولة العراق بحثاً عن الرزق لم أكن في ذلك الوقت مسلماً كما ينبغي بمعنى لم أكن أخشى الله حق خشيته فعملت في شركة تصنع البيرة وهذا طبعاً فيه معصية لله عز وجل ولكن بعد فترة من عملي فيها تقدر بشهر تعرفت على شاب مسلم حقاً فصادقني وعرفني أمور ديني جيداً وكان لزاماً علي أن أترك هذه الشركة فوراً لأن وجودي فيها فيه معصية لله سبحانه وتعالى فقدمت استقالتي منها ولكن المسؤول في هذه الشركة رفض قبول الاستقالة فحاولت أكثر من مرة دون جدوى علماً بأني لا أستطيع العمل في مكان آخر إلا بعد موافقة الشركة على الاستقالة ويعلم الله كم أنا أحاول بكل إخلاص أن أخرج من هذا المكان الذي يعصي الله ولكنهم يرفضون ويعلم الله كم أنا كاره لهذا العمل ولذا أريد أن أعرف هل عملي فيها الآن يعتبر مضطراً وهل أنا على وزر علماًَ بأنني أحاول الخروج منها بشتى الطرق فأريد أن أعرف هل أنا في هذا ما زلت عاصياً أم أنا ينطبق علي (فَمَنْ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ)

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الذي أشير به عليك أن تبقى في هذه الشركة إذا كان في بقائك خير بحيث تؤثر على من فيها فيقلعون عما هم عليه من بيع هذه الأمور المحرمة فإن لم يمكن ذلك فإن الواجب عليك تركهم والخروج منهم وذلك لأن بقاءك عندهم إقرار لما هم عليه من الباطل وقد قال الله تعالى (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ) فلا يحل لك أن تبقى عند قوم يعصون الله عز وجل أمامك وأنت لا تستطيع أن تعدِّلهم ولا تستطيع أن تنصحهم وإذا تركت هذا العمل لله فإن الله سبحانه وتعالى يقول (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) وأما قولك إن هذا من باب الضرورة وقد قال الله تعالى (فَمَنْ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ) فإن هذا ليس من الضرورة لأن الضرورة معناها أن الإنسان إذا لم يتناول المحرم هلك ومات وما أنت عليه لا يقتضي ذلك ولكن لا شك أنك محتاج إلى البقاء والحاجة لا تبيح البقاء على المحرم.

***

ص: 2

‌المستمع م. ع. م. العراق يقول في رسالته دخلت الحياة العملية منذ سنوات مع الجهد الكثير ولكن بدون جدوى وأخيراً فكرت أن أعمل بعمل أستفيد منه وهذا العمل يتطلب وثيقة لإثبات الكفاءة ولا توجد لدي وثيقة وبعد معاناة شديدة أخذت وثيقة لأخ لي وحولتها باسمي وتحصلت على هذا العمل أفيدوني بارك الله فيكم هل علي إثم في هذا العمل وما حكم الشرع في نظركم في عملي هذا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الجواب أن هذا عمل محرم لأنه جامع بين الكذب وأكل المال بالباطل بل الكذب والخيانة وأكل المال بالباطل أما كونه كذباً فلأنك زورت ذلك الاسم باسمك وهو لغيرك وأما كونه خيانة فلأنك خنت صاحب هذا العمل الذي لا يسوغ العمل فيه إلا بالشهادة التي زورتها وأما كونه أكلاً للمال بالباطل فلأنك توصلت بهذا العمل إلى أكل مال لا يحل لك باعتبار حقيقة حالك لأن حقيقة حالك أنك لا تستحق هذا المال لعدم بلوغك المرتبة التي تؤهلك إليه والواجب عليك حينئذ أن تتوب إلى الله عز وجل وأن تدع هذا العمل وأن تبحث عن عمل يكون مناسباً لحالك ولمرتبتك التي أنت عليها وإلا فثق أنك ستأكل ما تأكله من هذا العمل سحتاً حراماً تكون به آثماً ولا تستهن بأكل الحرام فإن أكل الحرام قد يحول بين المرء وبين إجابة الدعاء كما ثبت في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال تعالى (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) وقال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) ثم ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه للسماء يا رب يا رب وملبسه حرام ومطعمه حرام وغذي بالحرام قال النبي صلى الله عليه وسلم فأنى يستجاب لذلك) فاستبعد النبي صلى الله عليه وسلم أن يستجاب لهذا الرجل مع أنه فعل الأمور التي تكون سبباً في إجابة الدعاء وهذا وعيد شديد وتحذير عظيم من أكل المال بالباطل نسأل الله لنا ولكم السلامة.

***

ص: 2

‌أنا أعمل في دار عرض للسينما وعملي هو تشغيل مكائن العرض ومراقبتها وأحياناً تعرض بعض الأفلام الخليعة والهابطة ولذلك فأنا لست راضياً عن هذا العمل ولكني لم أجد غيره مع أني أشعر أنني أتحمل أثماً كبيراً بسببه فماذا ترون أنه يجب على وبماذا تنصحونني وما حكم الكسب السابق من هذا العمل

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: يجب عليك ألا تعمل في هذا العمل لتحريمه وفساده وإفساده والواجب عليك أن تنفصل منه وأن تطلب الرزق من سواه والله عز وجل يقول (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً) ويقول سبحانه وتعالى (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً) ويقول تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ) ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه ورزق الله تعالى لا يستجلب من معاصيه فعليك أن تنفصل من هذا العمل فوراً وأن تطلب الرزق فيما سواه وأبواب الرزق والحمد لله كثيرة أما ما كسبته من هذا المال المحرم فإن كنت جاهلاً حين دخلت فيه ولم تعلم أن ذلك حرام عليك فإنه لا شيء عليك لأنك اكتسبته عن جهل وليس فيه أكل مال لأحد ولكن إن تصدقت بما يقابل القيام على تشغيل الأفلام المحرمة فهو أولى وأحسن والله أعلم.

***

ص: 2

‌خالد بن سعيد يقول أنا شاب أهوى الكتابة وأقدم على كتابة الروايات والمسرحيات والقصص عن مواضيع اجتماعية طيبة من نسج خيالي وتصوري وإني أسأل عن حكم كتابة هذه الروايات والقصص وتقاضي المال عنها كجوائز تقديرية في المسابقات أو ممارستها كمهنة لطلب الرزق

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذه الأمور التي تتصورها في ذهنك ثم تكتب عنها لا يخلو إما أن تكون لمعالجة داء وقع فيه الناس حتى ينقذهم الله منه بمثل هذه التصويرات التي تصورها وإما أن يكون تصويرا لأمور غير جائزة في الشرع فإن كان تصويرا لأمور غير جائزة في الشرع فإن هذا محرم ولا يجوز بأي حال من الأحوال لما في ذلك من التعاون على الإثم والعدوان وقد قال الله سبحانه وتعالى (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) أما إذا كانت لمعالجة داء وقع فيه الناس لعل الله ينقذهم منه بها فإن هذا لا بأس به بشرط أن تعرضه عرضا يفيد أنه غير واقعي مثل أن تجعله أمثالا تضربها حتى يأخذ الناس من هذه الأمثال عبراً أما أن تحكيها على أنها أمر واقع وقصة واقعة وهى إنما هي خيال فإن هذا لا يجوز لما فيه من الكذب والكذب محرم ولكن من الممكن أن تحكيه على أنه ضرب مثل يتضح به المآل والعاقبة لمن حصل له مثل هذا الداء.

واتخاذ ذلك سببا ووسيلة لطلب الرزق ليس فيه بأس إذا كان في معالجة أمور دنيوية لأن الأمور الدنيوية لا بأس أن تتطلب بعلم دنيوي أما إذا كان في أمور دينية فإن الأمور الدينية لا يجوز أن تجعل سببا للكسب وطلب المال لأن الأمور الدينية يجب أن تكون خالصة لله سبحانه وتعالى لقوله تعالى (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ (15) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلَاّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) والحاصل أن هذه التصورات التي تصورها بصورة القصص إن كان فيها إعانة على إثم وعدوان فإنها محرمة بكل حال وإن كان فيها إعانة على الخير ومصلحة الناس فإنها جائزة بشرط أن تصورها بصورة التمثيل لا صورة الأمر الواقع لأنها لم تقع وأنت إذا صورتها بصورة الأمر الواقع وهي لم تقع كان ذلك كذبا أما اتخاذها وسيلة للكسب المادي فإن كان ما تريده إصلاحا دنيويا ومنفعة دنيوية فلا حرج لأن الدنيا لا بأس أن تكتسب للدنيا وأما إذا كان ما تريده إصلاحا دينيا فإن الأمور الدينية لا يجوز للإنسان أن يجعلها وسيلة للدنيا لأن الدين أعظم وأشرف من أن يكون وسيلة لما هو دونه.

***

ص: 2

‌السائل أم ع ص عامل مقيم في المملكة يقول سماحة الشيخ أنا عامل وكفيلي لا يصلي الصلاة المفروضة وأنا والحمد لله ملتزم بصلاتي وصيامي وهذا من فضل الله علي هل يصح لي الأكل معه وما رأيكم في الراتب الذي أتقاضاه منه أفتوني مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: قبل أن نفتي هذا السائل نوجه نصيحة إلى كفيله حيث ادعى هذا السائل أنه لا يصلى فإن كان الأمر كذلك فإننا نقول لهذا الكفيل اتق الله في نفسك واحمد الله سبحانه وتعالى على هذه النعمة وقم بواجب الشكر لله رب العالمين فإن معصية المنعم سيئة وقبيحة عقلا وفطرة وشرعا فنقول لهذا الذي لا يصلى اتق الله وصل فإن الصلاة شأنها عظيم وثوابها جليل وتركها خطر عظيم فإن أصح أقوال أهل العلم إن من ترك الصلاة فهو كافر كفرا مخرجاً عن الملة لأن الله تعالى قال في كتابه عن المشركين (فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ) وهذا يدل على أنهم إذا لم يقيموا الصلاة فليسوا إخوة لنا في دين الله ولا تنتفي الأخوة في الدين إلا إذا انتفى الإيمان وصار الإنسان كافرا لأن المؤمن وإن كان ضعيف الإيمان ما دام لم يصل إلى حد الكفر هو أخ لنا ونحبه على ما معه من الإيمان وإن كنا نكره ما يقوم به من المعاصي والنبي صلى الله عليه وآله وسلم قال في تارك الصلاة (بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة) أخرجه مسلم من حديث جابر رضي الله عنه وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر) وقد نقل إجماع الصحابة على كفر تارك الصلاة عبد الله بن شقيق التابعي المعروف حيث قال كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة وممن نقل الإجماع إسحاق بن راهوية الإمام المشهور.

يقتضي أن من ترك الصلاة فهو كافر ووجهه أن كل مؤمن يؤمن بما للصلاة من المكانة العظيمة عند الله عز وجل وعند رسوله وعند المؤمنين لا يمكن أن يدعها ويحافظ على تركها فالله سبحانه وتعالى رفع شأن هذه الصلوات فَرَضها على رسوله صلى الله عليه وسلم من غير واسطة وفرضها عليه في أعلى مكان يصل إليه البشر وفرضها عليه في أفضل ليلة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فإن الله فرضها على رسوله صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج حين عَرَج به إلى السماوات السبع وهذا يدل على محبة الله لها وعنايته بها ومما يدل على عنايته بها أنه فرضها أول ما فرضها خمسين صلاة ورضي النبي صلى الله عليه وآله وسلم بذلك واطمأن إليه لكنه سبحانه وتعالى خفف على عباده فجعلها خمساً بالفعل وخمسين في الميزان فالنظر مع الأدلة السابقة يقتضي أن من ترك الصلاة تركاً مطلقا لا يصلى أبداً فإنه كافر كفرا مخرجا عن الملة ومن المعلوم أن هذا الكفيل لو خاطبه شخص فقال يا كافر أنه لا يرضى بذلك أبدا وأنه سوف يقوم بينه وبين من ناداه بهذا الوصف خصومة قد تصل إلى حد المحاكمة عند القضاة فإذا كان لا يرضى أن يلقب بالكافر من أطراف الناس وعامة الناس فكيف يرضى لنفسه أن ينطبق عليه لقب النبي صلى الله عليه وسلم الذي لقبه به حيث قال (بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة) فالواجب على هذا الكفيل وعلى غيره ممن يتهاونون بالصلاة أن يتقوا الله عز وجل في أنفسهم وأن يقوموا بالصلاة إخلاصا لله واتباعاً لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وليجربوا فإنهم إذا صلوا مرة ومرتين وثلاثا فإنهم يرغبون الصلاة وتكون الصلاة قرة عين لهم ويأنسون بها أما إذا استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله وأنساهم الصلاة فإنهم سوف يرونها ثقيلة والعياذ بالله ويستمرون على ما هم عليه من تركها المؤدي إلى الكفر أما بالنسبة للعامل وبقائه عند هذا الكفيل فإنه لا حرج أن يبقى عنده ولكن يجب عليه أن يناصحه دائما وأن لا يحقر نفسه عن النصيحة.

ربما يقول العامل أنا عامل كيف أنصح كفيلي وهو في نظر الناس أعلى مني قدرا وأكبر مني جاها فكيف أناصحه نقول لا حرج أن تناصحه وإن كنت أقل قدراً في أعين الناس فإنك إذا نصحته لله صرت عند الله أكبر منه قدرا وهناك بعض العلماء يرى أن تارك الصلاة ليس بكافر ويحمل النصوص الواردة في تكفيره على أن المراد بذلك من جحد وجوبها وتركها جحداً لوجوبها والحقيقة أن هذا تحريف للكلم عن مواضعه لأنه إذا حمل النصوص الواردة في الترك على الجحد فقد حملها على غير ما يقتضيه ظاهر اللفظ فجنى عليها من وجهين الوجه الأول أنه صرفها عن ظاهرها والوجه الثاني أنه استحدث لها معنى لا يراد بها ثم نقول أن الجاحد لفرضية الصلاة إذا كان قد عاش بين المسلمين يكون كافراً سواء صلاها أو لم يصلها حتى ولو فرض أنه يحافظ على صلاتها ولكنه يقول إنها نافلة وليست واجبة فإنه كافر واستدل بعض الذين ذهبوا هذا المذهب بأدلة ولكني تتبعت هذه الأدلة واستقرأتها فوجدتها أنها لا تخرج عن أحد خمسة أوجه إما أنه ليس فيها دلالة أصلاً وإما إنها مقيدة بوصف يستحيل معه ترك الصلاة وإما أنها أحادية ضعيفة لا تقوم بها الحجة وإما إنها في قوم يُعذرون بالجهل يكون الإسلام قد درس عندهم ولم يعرفوا شيئاً وإما أنها عامة تخصص بأدلة كفر تارك الصلاة كما هو معروف عند أهل العلم إنه إذا ورد النص العام والخاص فإن العام يخصص بالخاص ثم إن الله سبحانه وتعالى يعلم أننا لم نذهب هذا المذهب من أجل التضييق على عباد الله وإخراج عباد الله من الإسلام ولكننا ذهبنا هذا المذهب لأننا نرى أنه هو الذي دل عليه كلام ربنا وكلام نبينا صلى الله عليه وآله وسلم ونعلم أن التكفير والتفسيق والتبديع والتضليل والترشيد والقول بالإسلام أو الإيمان كله ليس راجع إلينا وإنما هو راجع إلى الله الذي له الحكم وبيده ملكوت كل شيء فإذا حكم على شخص ما أنه كافر فهو كافر ونقول أنه كافر ولا نبالي وإذا حكم على شخص أنه مسلم فإنه مسلم فنقول أنه مسلم ولا نبالي وهكذا كما أن التحليل والتحريم والإيجاب كله إلى الله عز وجل فكذلك الوصف الإسلام والإيمان والكفر والعصيان كله إلى الله عز وجل وإذا قمنا بما يقتضيه الدليل فنحن معذورون بل مشكورون على ذلك ومأجورون عليه ولسنا نريد أن نضيق على الناس أو نخرجهم من دينهم إلا ببرهان يتبين لنا وننصح الكفلاء بالذات أن يتقوا الله عز وجل في مكفوليهم وأن يؤدوا إليهم حقهم فإن كثيراً من الكفلاء نسأل الله لنا ولهم الهداية يضيعون من يأتون بهم من هؤلاء الفقراء الذين جاؤوا لتحصيل لقمة العيش لهم ولعوائلهم فتجده يماطل بحق هذا العامل يمضي الشهران والثلاثة والأربعة وهو لم يوفه حقه وإذا أراد أن يرفعه إلى الجهات المسؤولة هدده بأن يلغي عقده ويرده إلى بلاده بل تجده يجعل عليه ضريبة كل شهر ويقول لا بد أن تأتي بمائتي ريال بثلاثمائة ريال ثم يسيبه في البلد فهذا لا شك أنه حرام ولا يجوز فإن هذا أولاً ينافي نظام الحكومة وثانيا ظلم لهذا العامل المسكين الذي قد لا يجد ما فرضه عليه هذه الكفيل ثم إني أذكِّر هؤلاء الكفلاء بأنه ربما يأتي يوم من الأيام يكونون هم بمنزلة هؤلاء الفقراء فيحتاجون إلى الناس ويذهبون إلى بلادهم ويفعل بهم ما فعلوا بهؤلاء ثم إذا قدر أنهم سلموا من عقوبة الدنيا فإنهم لن يسلموا من عقوبة الآخرة حيث يهضمون هؤلاء حقهم ويظلمونهم ولقد قيل لي إن بعض الناس يتفق معهم على أجر في بلادهم ثم إذا وصلوا إلى البلد أي بلادنا قالوا لا نعطيك إلا كذا أو ارجع فمثلا يتفقون على أن الشهر بخمسمائة ريال فإذا وصل إلى البلد قالوا لا نعطيك إلا ثلاثمائة تريد هذا وإلا ارجع إلى إهلك وهذا لا شك أنه حرام وإخلاف للوعد ونقض للعهد وقد قال الله سبحانه وتعالى (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً) وقال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) وقال الله عز وجل (وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثاً) فعلى المؤمن أن يتقي الله عز وجل وأن لا ينظر إلى الدنيا هو الآن قد يكون منعما في دنياه صحيح البدن كثير المال كثير الأهل كثير الأصحاب لكنه سيأتي يوم من الأيام يكون منفردا في قبره بعمله فليذكر الإنسان هذه الحال وليذكر الحالة التي وراءها يوم القيامة حيث يقتص الإنسان ممن ظلمه حتى أن الرجل ليأتي بحسنات أمثال الجبال فيأتي وقد ظلم هذا وضرب هذا وأخذ مال هذا فيأخذ هذا من حسناته وهذا من حسناته وهذا من حسناته فإن بقي من حسناته شيء وإلا أخذ من سيئاتهم فطرح عليه ثم طرح في النار فعلى المؤمن أن يتقي الله عز وجل في هؤلاء الفقراء الذين ما جاؤوا إلا لحاجة نسأل الله للجميع السلامة.

***

ص: 2

‌هل يجوز لي أن أشتغل مع أناس لا يصلون أو يصلون أحيانا ويتركون الصلاة مرة أخرى أم لا يجوز الشغل مع هؤلاء وما حكم أن نأكل معهم جزاكم الله خيرا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الشغل مع هؤلاء لا بأس به لكن على الإنسان أن يناصحهم ويخوفهم بالله ويعطيهم الأشرطة التي فيها المواعظ والكتيبات التي فيها المواعظ ولعل الله أن يهديهم أو يهدي بعضهم فكله خير قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لعلي بن أبي طالب حين بعثه إلى خيبر قال (انفذ على رسلك فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحداً خير لك من حمر النعم) أي من الإبل الحمراء وهذا يضرب مثلا في الكثرة والغنيمة لأن أفضل الإبل عند العرب هي الحمر فإذا تيسر أن يهتدي هؤلاء فهذا هو المطلوب وإن لم يتيسر فليطلب عملا آخر يبعد به عن هؤلاء إما في نفس الشركة وإما في شركة أخرى.

***

ص: 2

‌الرشوة والمال الحرام

ص: 2

‌هذه رسالة وردتنا من مستمع ن م ع يقول ما مقدار الرشوة بالنقود السعودية وهل الهدايا التي تُعطى لبعض الأشخاص هي رشوة نرجو الإجابة بالتفصيل وفقكم الله

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الرشوة هي كل ما يتوصل به الإنسان إلى غرضه مشتقة من الرشاء وهو الحبل الذي يدلى به الدلو ليُستقى به من البئر وهي في الحقيقة تنقسم إلى قسمين رشوة يتوصل بها الإنسان إلى باطل لدفع حق واجب عليه أو الحصول على ما ليس له فهذه محرمة على الآخذ وعلى المعطي أيضاً وقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم (أنه لعن الراشي والمرتشي) واللعن هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله وهذا يدل على أنها من كبائر الذنوب حيث رتُبت عليها هذه العقوبة العظيمة.

والقسم الثاني رشوة يتوصل بها الإنسان إلى حقه المشروع أو دفع باطل عنه وهذه محرمة في حق الآخذ وجائزة في حق المأخوذ منه لأنه يريد أن يتخلص من الظلم أو يتوصل إلى حقه وهو غير ملوم على هذا ولكن إذا حصل مثل هذا في مسؤولين من الدولة فإنه يجب على المواطنين أن يساعدوا الدولة في القضاء على هذه المشكلة بإبلاغ الدولة بما حصل من هذا الجاني الذي جنى على الدولة وعلى المواطنين حيث منعهم حقوقهم المشروعة أو حاول أن يُحملهم ما يلزمهم بسلطة النظام الذي هو مسؤول فيه أو بسلطة العمل الذي هو مسؤول فيه والدولة لا ترضى بهذا ولا سيما هنا في المملكة العربية السعودية فإن الدولة كما بلغني تحارب هذا محاربة بالغة عظيمة وحق لها أن تفعل لما فيه من اختلال النظام والظلم وإضاعة الحقوق فالدولة في هذا مشكورة ولكن التقصير منا نحن المواطنين فإن كثيراً من الناس تغلبهم العاطفة بالنسبة لهذا المسؤول ولا يحبون أن يوقعوه تحت يدي العدالة التي تنكل به وتمنع هذا الغشم والظلم منه ثم إن بعض الناس يقول إن هذا أمر يطول فكوني أرفع الأمر إلى الدولة سيكون فيه سؤال وجواب وتطويل وأنا لست بمسؤول عن هذا وفي الحقيقة أنه مسؤول عن هذا لأن الدولة إذا بلغها هذا الخبر من هذا الشخص وثبت عندها فإنها سوف تجعله نكالاً لمن قبله ولمن بعده ولمن وراءه من المسؤولين وبهذا تحصل الفائدة العظيمة للدولة وللمسؤولين أنفسهم حيث يتورعون عن هذا العمل المشين المحرم.

وخلاصة الأمر أن الرشوة قسمان رشوة محرمة على الآخذ والمعطي وهي التي يتوصل بها إلى إثبات باطل أو دفع حق ورشوة محرمة على الآخذ دون المعطي وهي التي يتوصل بها المعطي إلى حقه أو دفع الظلم عنه ولكن مع ذلك إذا كان هذا موجوداً فإنه يجب أن يُرفع للمسؤولين في الدولة حتى يلقى هذا المجرم جزاءه وأما سؤال السائل عن الهدايا فنقول له إن الهدايا للمسؤولين في قضية من القضايا التي لك فيها حظ نفس هي في الحقيقة من الرشوة وقد ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل رجلاً يقال له عبد الله بن اللتبية عاملاً على الصدقة فلما رجع قال هذا لكم وهذا أهدى إلي فغضب النبي صلى الله عليه وسلم لذلك وقال (إنا نستعمل الرجل منكم على العمل فيأتي ويقول هذا لكم وهذا أهدي إلي فهلا جلس في بيت أبيه وأمه فيُنظر هل يُهدى له أم لا) وروى الإمام أحمد وأهل السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (هدايا العمال غلول) وهذا وإن كان في سنده ما فيه ولكنه يؤيده حديث عبد الله بن اللتبية الذي أشرنا إليه فالهدايا للعمال والموظفين في قضية تتعلق بك لأجل أن يسهلوها لك هي من الرشوة في الحقيقة فلا يجوز للإنسان أن يستعملها لأنه يرشوهم إلا على الوجه الذي ذكرناه قبل وهو إذا كان يريد أن يتوصل إلى حقه ولم يصل إليه إلا بذلك فإنه يكون مباحاً له حراماً على الآخذ ومع ذلك فإننا لا نشجعه على هذا العمل بل نرى أنه من الواجب عليه أنه يرفع هذا وأمثاله إلى المسؤولين.

يافضيلة الشيخ: إذن هو غير جائز من المُْهِدي والمُهَدى إليه؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا اضُطَر المُهْدي إلى هذا ولم يتمكن من الوصول إلى حقه إلا بذلك فهو في ضرورة لا يمكن أن يضيع حقه ويكون الإثم على الآخذ ولكن إذا أمكن أن يرفع الأمر إلى السلطات فتُعاقب هذا الرجل وتعطي صاحب الحق حقه فهو الواجب عليه.

***

ص: 2

‌يقول إذا كان لي معاملة في إحدى الدوائر الحكومية ولا أستطيع انجازها إلا إذا دفعت مبلغاً من المال لأحد الموظفين هل يجوز لي ذلك أفيدوني مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الواجب على الموظفين أن يتقوا الله عز وجل وأن يؤدوا وظيفتهم على الوجه المطلوب وألا يحابوا في وظائفهم شريفاً ولا قريباً ولا غنياً ولا صديقاً بل يكون الناس عندهم على حد سواء كل من سبق فهو أحق ولا يحل لهم أن يؤخروا معاملات الناس من أجل التنكيل بالناس أو إرهاق الناس أو من أجل أن يضطر الناس إلى بذل العوض لهم فإن فعلوا هذا فهم آثمون بل وخائنون أيضاً والواجب على من له ولاية عليهم أن ينكل بهم ويؤدبهم ويستبدل بهم خيراً منهم ولكن هؤلاء الذين أخذوا منهم شيئاً هم أكالون للسحت أكالون للمال بالباطل آثمون من وجهين الوجه الأول الخيانة في وظيفتهم والوجه الثاني أكل هذا المال بالباطل وعلى من وفق من هؤلاء الموظفين وتاب أن يرد ما أخذه إلى أصحابه.

***

ص: 2

(لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي والرائش) بماذا تنصحون هؤلاء الناس الذين يأخذون الرشوة من الناس وإن كانوا يصلون هل صلاتهم وصيامهم وزكاتهم تنفعهم أرجو منكم النصح والتوجيه حول هذا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الرشوة من السحت وهي أخذ المال على ما يجب بذله على المرتشي وتكون في القضاء وتكون في الإمارة وتكون في الوزارة وتكون في الإدراة وتكون في كل عمل فكل إنسان يأخذ على ما يجب عليه شيئاً من المال فإنه مرتشٍ وآكل السحت مشابه لليهود فإنهم (سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ) وقد روي عن النبي عليه الصلاة والسلام (أنه لعن الراشي والمرتشي) والواجب على الأمة الإسلامية أن يقوموا لله تعالى بالقسط وألا يقدموا من أعطاهم الرشوة ولنا هنا نظران النظر الأول المرتشي أي آخذ الرشوة وهذا حرام عليه أخذ الرشوة على كل حال والنظر الثاني الراشي الباذل للرشوة فهذا إن بذل الرشوة ليتوصل إلى باطل أو يعتدي على أحد هو أحق منه بما يطلبه فإنه داخل في اللعنة وحرام عليه أن يفعل، وإن بذل هذه الرشوة ليتوصل إلى حقه الذي هو مظلوم فيه فإنه لا حرج عليه في هذا ويكون الإثم على آخذ الرشوة الذي هو المرتشي وإذا دخلت الرشوة في مصالح الأمة فسدت الأمة واختلت وانتثر نظامها وآلت إلى الهلاك والدمار نسأل الله العافية.

ص: 2

‌ما حكم الشرع في نظركم في الرشوة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الرشوة محرمة بل هي من كبائر الذنوب لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (لعن الراشي والمرتشي) ولكن ما هي الرشوة أولاً حتى يتبين لنا عظمها وعظم جرمها وكون صاحبها مستحقاً للعن الرشوة أن يبذل مالاً للحاكم ليتوصل به إلى إبطال حق أو إثبات باطل هذه الرشوة فإذا كان لأحد حكومة عند أحد القضاة وذهب إليه بهدية فهذه رشوة وكذلك لو اشترط على الناس أن يعطوه كذا وكذا ليقضي حاجته فهذه أيضاً من الرشوة وأما لو كانت الرشوة لدفع مظلمة كشخصٍ أراد أن يظلمه ظالم فدفع إليه مالاً ليسلم به من شره فإن هذا ليس برشوة بل هو دفاعٌ عن النفس.

***

ص: 2

‌المستمع عبد الفتاح عبود مصري الجنسية ويعمل في العراق يقول في رسالته أنا شاب أعمل في مكان فيه رشوة ومرتبي لا يكفي سوى عشرة أيام من الشهر فهل آخذ قيمة معقولة من الرشوة لسد حاجات الأسرة أم لا وما حكم الشرع في نظركم في هذه المسألة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الجواب أخذ الرشوة من السحت وأكل المال بالباطل وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم فيها من الوعيد ما يستلزم لكل مؤمن أن يبتعد عنها ولا يحل لك أن تأخذ الرشوة من أجل حاجتك بل الواجب عليك أن تقوم بالوظيفة على التمام وتعطي كل ذي حق حقه وقد جعل لك مقابل عملك هذا ذلك الراتب الذي تُعطى وإذا كان لا يكفيك الراتب إلا لمدة عشرة أيام من الشهر فلعلك تجد لك مهنة أخرى تستغني بها كل وقتك ومن اتقى الله جعل له مخرجاً كما قال الله سبحانه وتعالى (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) وقال تعالى (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً) .

***

ص: 2

‌ما الحكم في الرشوة لرفع الظلم عن الراشي إذا لم يتم إلا بذلك

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذه المسألة مسألةٌ عظيمة يقع فيها كثيرٌ من الناس وذلك أن بعض المسؤولين نسأل الله السلامة يماطلون في تنفيذ أعمال الخلق إلا إذا أعطوا رشوة والرشوة مأخوذة من الرشاء الذي يتوصل به الإنسان إلى الماء في البئر فهي عبارة عن الشيء الذي يبذله الإنسان ليتوصل إلى مقصوده وهذا المقصود إما أن يكون حراماً وإما أن يكون حلالاً فإذا كان المقصود حراماً مثل أن يبذل الرشوة ليتوصل إلى باطلٍ يدعيه وليس له أو يتوصل إلى إسقاط حقٍ عليه وهو ملزمٌ به فهذه الرشوة حرامٌ بلا ريب من وجهين الوجه الأول إنها إعانة على أكل المال بالباطل حيث يأكل المرتشي مالاً بالباطل بغير حق والثاني أنه يتوصل بها إلى إبطال حقٍ أو إلى إثبات باطل ولا ريب في تحريم هذه وأنها والعياذ بالله من أفسد ما يكون إذا وقعت في المجتمع أما القسم الثاني في الرشوة فهي التي يتوصل بها الإنسان إلى حقٍ له ثابت لكنه يماطل به حتى يسلم هذه الرشوة وهذه جائزةٌ للدافع إذا لم يتوصل إلى حقه إلا بها ولكنها حرامٌ على المدفوع إليه لأنه يكون بذلك خائناً لأمانته التي ولي عليها وآكلاً للمال بالباطل لأنه ليس له حقٌ في هذا المال الذي بذل له المسؤول فيجب عليه إقامة العدل ويجب عليه القيام بوظيفته سواءٌ أعطي أم لم يعط هذا مقتضى الأمانة ولكن في مثل هذه الحال ينبغي للناس أن يرفعوا إلى ولاة الأمور هذا الرجل وأمثاله لأجل أن يقيموا فيه العدل ويؤدبوه ويفعلوا ما يجب عليهم فعله من تعزير هذا تعزيراً يردعه وأمثاله عن مثل هذا العمل المشين والعياذ بالله.

ص: 2

‌سمعت حديثاً عن الرسول صلى الله عليه وسلم يلعن فيه الراشي والمرتشي فهل يدخل في هذا من كان عنده حاجة في إحدى الدوائر الرسمية ويبذل بعض المال لقضائها فلو لم يفعل ذلك لتعطلت أو لم تنقض بتاتاً وليس في ذلك ظلمٌ لأحدٍ أم أن مثل هذا جائزٌ شرعاً

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذه العملية التي ذكرها السائل وهي أنه يكون له حاجة في إحدى الدوائر الحكومية ولا يمكنه أن يصل إليها إلا بدفع شيء للموظف هذه العملية لها جانبان الجانب الأول جانب الدافع والجانب الثاني جانب المدفوع إليه أما المدفوع إليه هذا الأمر فإنه يكون آثماً والمال حرامٌ عليه لا يحل له أكله لإنه أخذه بالباطل فإن الواجب على كل موظف أن يقوم بوظيفته التي وكلت إليه بدون أن يستجدي الناس أو يضطرهم إلى أن يبذلوا له مالاً لقضاء حاجته المنوطة به وعليه أن يتوب إلى الله من هذا العمل وأن يؤدي الأموال التي أخذها إلى أصحابها إن كان يمكنه العلم بهم فإن لم يمكنه العلم بهم فالواجب عليه أن يتخلص منها إما بالصدقة على الفقراء وإما ببذلها في مشاريع نافعة وينوي بذلك التخلص منها لا التقرب بها إلى الله لأنه لو نوى بهذه الأموال التقرب إلى الله لم يقبلها الله منه فإن الله تعالى طيبٌ لا يقبل إلا طيباً ولم تبرأ ذمته منها لأنه تصرف بها على أنها لنفسه فيكون قد أتلفها على غيره ولم تنفعه في الآخرة ولكن يتصدق بها تخلصاً منها أو يصرفها في مشاريع أخرى نافعة وحينئذٍ لا يكون له أجرها كصدقة ولكن يكون له أجر التوبة منها والله تعالى يقول في سورة الفرقان لما ذكر شيئاً من المحرمات الكبيرة والصغيرة قال سبحانه وتعالى (إِلَاّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) أما الجانب الثاني جانب الدافع فإن الدافع ليس عليه شيء إذا كان دفعه هذا من أجل تخليص حقه ولم يتضمن ضرراً على غيره فإن تضمن ضرراً على غيره حرم عليه ذلك وعليه أن يصبر ويحتسب حتى يأتيه الدور.

***

ص: 2

‌يوجد لدينا في بلادنا عادات وتقاليد يسمونها قبليّة وهي أن لكل قبيلة حدود من الأراضي تحدّ من الأربع جهات ويقع بين القبائل خلافات ومنازعات على هذه الحدود فيضطرون إلى المحاكمة في الدوائر الحكومية ولدى مشايخهم الذين نصبتهم الحكومة لمعرفتهم بحدود قبائلهم ثمّ يوجد لهؤلاء القبائل نوّاب وهؤلاء النوّاب يقومون بتكليف أفراد القبيلة بجمع مبلغ من المال مثلاً (30) ألفاً ويأخذها نائب القبيلة يأكل منها ويعطي شيخ القبيلة منها ما يعطيه بقصد الوقوف معه ضد خصمه وأنا غير مرتاح لهذه الأعمال لأنها تهلك القبائل، وأيضاً لاأدري ما حكمها في الشرع فأفتونا عنها وأرجو الردّ سريعاً

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لاشك أن الإنسان إذا توصّل إلى الباطل بمال فإن هذا المال يكون حراماً عليه، وهو شبيه بالرشوة الملعون فاعلها فلا يجوز لهذا النائب أن يأخذ شيئاً من أفراد الناس لأجل أن يدافع عن حقوقهم على وجهٍ ليس له فيه حجةٌ شرعيّة أما إذا كان هناك حجةٌ شرعية في هذه الحقوق وأخذ النائب أجراً من أجل التوكّل في الخصومة فهذا لابأس به.

***

ص: 2

‌ما حكم من خان الأمانة من قولٍ أو غيره وما كفارته

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: خيانة الأمانة من علامات النفاق فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال (آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان) ولا يحل لأحد أن يخون الأمانة سواءٌ كانت قولية أو فعلية لأنه إن فعل ذلك كانت فيه علامةٌ من علامات النفاق وربما تسري هذه حتى تصل إلى النفاق الأكبر والعياذ بالله فإذا حدثك إنسان بحديث وقال إنه أمانة حرم عليك أن تفشيه لأي أحد وإذا عاملك معاملة وقال إنها أمانة حرم عليك أن تفشيها لأي أحد فإن فعلت فقد خنت الأمانة لكن لو فرض أنك أخطأت فخنت الأمانة فالواجب عيك أن تتحلل ممن ائتمنك لأنك ظلمته حيث خنته لعل الله يهديه فيحللك والذي ينبغي لمن جاءه أخوه معتذراً أن يعذره ويحلله حتى يكون أجره على الله عز وجل كما قال تعالى (فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ) ولا شك أن الأمانات تختلف في آثارها قد يكون إفشاء السر في هذه الأمانة عظيماً يترتب عليه مفاسد كثيرة وقد يكون متوسطاً وقد يكون سهلاً.

***

ص: 2

‌اتفق رجل مع موظف في مستشفى على إخراج مريض بطريقة ما دون أن يدفع أهل المريض نفقات العلاج والإقامة في المستشفى ما حكم الإسلام في هذه القضية وهل الإثم يقع على المريض أم الموظف أو على المريض والموظف سواء كان المريض فقيراً أم غنياً

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا العمل محرم لما فيه من أكل مال الناس بالباطل فالمريض الذي دخل في هذا المستشفى على أساس أنه يدفع النفقات وأجرة الإقامة لا يجوز أن يُخرج منه إلا بوجه بين حتى يُمكن استيفاء العوض منه وأما إخراجه على وجه الاختفاء لئلا يلزمه ما التزم به فإن هذا محرم وليس التحريم خاصاً بالمريض بل عام للمريض ولمن سعى في إخراج المريض من موظف وولي فهذا حرام على الجميع لأنه تعاون على الإثم والعدوان وقد قال الله تعالى (وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) وهذه الطريقة في الحقيقة هي التي ضرت المسلمين وأفسدت سمعتهم بين العالمين وهي ما يحصل من بعض المسلمين من مثل هذه الأمور التي تتضمن الخداع والمكر وأكل أموال الناس بالباطل وهو محرم غير جائز فعلى المريض إذا كان الأمر قد وقع أن يتوب إلى الله وكذلك على الموظف ومن تمام التوبة ولا تسقط التوبة إلا به أن يذهب إلى المسؤولين في المستشفى وأن يسلمهم ما التزم به من عوض.

***

ص: 2

‌من المعلوم إذا كان الشيء محرماً فإن المال المكتسب منه يعتبر حراماً أيضاً فالخمر مثلاً حرام لذا المال الناتج عن بيعها حرام أيضاً وعليه فقد أقيم حفل فني كبير في أوروبا وفي كثير من بلدان المسلمين جمعت عن طريقه أموال لشراء أغذية لمنكوبي المجاعة في إفريقيا ولاشك أن هذا الحفل يشتمل على أشياء محرمة وبناء على ما ذكرناه فهل يعتبر هذا المال وهذه الأغذية حراماً وكذلك ما يتلقاه المسلمون المحتاجون من غيرهم من غير المسلمين من إعانات نقدية أو عينية هل هي حرام أم حلال

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الأمر كما ذكر السائل أن كل شيء اكتسب بالحرام فإنه يكون حراماً ولا ينفع صاحبه الذي اكتسبه إن أنفقه لم يبارك له فيه وإن تصدق به لم يقبل منه وإن خلفه كان زاداً له إلى النار أما بالنسبة لمن بذل له ذلك الشيء فإنه لا يكون حراماً عليه وذلك لأن التحريم كان للكسب لا للعين فكل شيء محرم لكسبه يكون حراماً على الكاسب فقط وأما من أخذه من هذا الكاسب بطريق حلال فإنه ليس حراماً عليه أما ما كان حراماً بعينه فإنه حرام على الكاسب وعلى غيره كما لو علمت أن هذا السارق سرق هذا الشيء من فلان فإنه لا يحل لك أن تأخذ هذا المسروق (لأنه عامل) اللهم إلا أن تأخذه استنقاذاً لترده إلى صاحبه فإنه حينئذٍ يكون واجباً عليك إذا قدرت عليه بدون ضرر عليك وكذلك ما يحصل من إعانات من غير المسلمين للمسلمين يجوز قبولها بشرط ألا يكون في ذلك إذلالٌ للمسلمين فإذا كان هؤلاء الكفار يتبرعون بهذه الأموال لإذلال المسلمين وإخضاعهم وكونهم تحت رحمتهم فإن ذلك لا يجوز لأنه لا يجوز للمسلم أن يذل نفسه لا سيما أمام أعداء الله الكفار.

***

ص: 2

‌السائلة م خ ص سلطنة عمان تقول يا فضيلة الشيخ لي عمة وهي عرافة ودائما ما تخصنا بطعام أو تعطينا نقوداً علما بأن هذا مورد رزقها والنقود التي تقوم بإعطائنا إياها تدر عليها من هذا العمل فما الواجب تجاه ذلك وهل هذا المال حرام وماذا نفعل بالمال الذي تعطينا إياه أفيدونا جزاكم الله خيرا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الواجب عليكم نحو هذه المرأة أن تناصحوها وأن تخوفوها بالله عز وجل وأن تقولوا (إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن حلوان الكاهن) وأن كل كسب يحصل عليه المرء من عمل محرم فإنه يكون حراما فإذا انتهت فهذا هو المطلوب وإن لم تنته فقد برئت الذمة من تبعاتها وإذا أهدت لكم شيئا مما اكتسبته فإن كان في رده مصلحة بحيث تخجل وترتدع عن هذا العمل فردوه وإن لم يكن في ذلك مصلحة فلا بأس أن تقبلوه لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قبل الهدية من اليهود وهم معروفون بأخذ الربا وأكلهم السحت.

***

ص: 2

‌إنّ زوج ابنتي يشتغل في أعمال متنوعة وإني أعرف ومتأكدة أنه يحصل على الفلوس عن طريق الحرام وإنني لا أذهب إلى بيتهم إلا في المناسبات عندما يكونون مرضى أو غير ذلك وأتناول معهم بعض الأطعمة خوفاً من زعل ابنتي هل في ذلك إثم عليّ

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا إثم عليك في هذه الحال لأن زوج ابنتك له مورد حلال ومورد حرام وإذا كان للإنسان مورد حلال ومورد حرام فلا حرج على غيره أن يأكل من طعامه أو يشرب من شرابه وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أكل من الشاة التي أهدتها له اليهودية وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه مات ودرعه مرهونة عند يهودي في شعير اشتراه لأهله وهذا يدل على أن من كان ماله فيه حلال وفيه حرام فإنه لا يحرم على الإنسان أن يتناول شيئاً منه.

***

ص: 2

‌سالم عين القاسم غزواني يقول إنني في البادية وفي رؤوس الجبال، ولا يوجد لدينا رمل صالح للاسمنت وإننا نأخذ الرمل من بطون الأودية من ملك ناس بدون إذن منهم، لنصلح به خزاناتنا فهل علينا إثم في الرمل الذي نأخذه من ملك ناس بدون إذنهم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الملاك الذين يملكون الأراضي، يملكون الأراضي وما يتصل بها، فلا يجوز لك أن تأخذ من أراضيهم شيئاً إلا بإذنهم، لاسيما إذا كان هذا الأخذ يضر بالأرض مثل أن تكون الأرض للزراعة وأنت إذا أخذت منها فسوف يظهر فيها المنخفض والمرتفع ويضر ذلك بأهلها، ولا شيء عليك فيما لو استأذنت منهم، وطلبت منهم الإذن وهم إذا استأذنت منهم وليس عليهم ضرر فإنه لا ينبغي أن يمنعوك، لأن هذا قد يكون شبيهاً بالكلأ والماء الذي لا يجوز للإنسان أن يمنع فضله عن غيره.

***

ص: 2

‌عما تفعله بعض النساء اليوم حيث أنها إذا رزقت إحدى صديقاتها بمولود تقوم بإعطائها بما يسمى بالحِفالة وهو عبارة عن مبلغ كبير من المال قد يثقل كاهل الزوج ويسبب بعض المشكلات هل له أصل في الشرع

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الهدية للمولود عند ولادته لا بأس بها في الأصل لأن الأصل في الهدية بل وفي جميع المعاملات الحل والصحة إلا ما قام الدليل على تحريمه فإذا جرت العادة بأن الناس إذا ولد لهم الولد أهدى إليه أقاربه شيئاً من المال فلا بأس أن يفعل ذلك الإنسان تبعاً للعادة والعرف لا تعبداً بذلك لله عز وجل لكنها عادة معروفة عند الناس اليوم ومألوفة إلا أن هذه العادة إذا تضمنت ضرراً على أحد فإن الضرر ممنوع فلو كانت هذه العادة تثقل كاهل الزوج بحيث تلح الزوجة على زوجها أن يعطيها هذا المال الذي يثقل كاهله لتؤديه لمن ولد لها الولد فإن ذلك ينهى عنه لما فيه من أذية الزوج وإحراجه أما ما جرت به العادة من التهادي بالشيء اليسير الذي يجلب المودة والمحبة فلا بأس به.

***

ص: 2

‌فتاوى في الرؤى والأحلام

ص: 2

‌السائلة ح ج الزهراني تقول هل تفسير الأحلام والاعتقاد بذلك التفسير جائز أم لا

.

فأجاب رحمه الله تعالى: قبل أن أجيب على هذا السؤال أحب أن لا يهتم الناس بالأحلام كثيراً لأن الشيطان يمثل للنائم في منامه أشياء كثيرة غريبة مزعجة مؤلمة لأن الشيطان عدو للإنسان فهو يحدث كل شيء يزعج الإنسان قال الله تبارك وتعالى (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً)(فاطر: من الآية6) وقال تعالى (إِنَّمَا النَّجْوَى مِنْ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئاً إِلَاّ بِإِذْنِ اللَّهِ)(المجادلة: من الآية10) فالشيطان يُري الإنسان في منامه أشياء مزعجة في نفسه أو في أهله أو في مجتمعه ودواء هذا أن يتفل الإنسان عن يساره ثلاث مرات ويقل أعوذ بالله من شر الشيطان ومن شر ما رأيت ولا يحدث بذلك أحداً وإذا كان على فراشه وأراد الاستمرار في النوم فلينقلب على الجانب الآخر وحينئذ لا يضره هذا الحلم شيئاً ولا يتعب في طلب من يعبره له وينتهي عند هذا الحد الذي أرشد إليه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أما إذا رأى ما يسره فليستبشر بالخير وليعبره على ما يطرأ في باله وقلبه ويرجى أن الله سبحانه وتعالى يجعله واقعاً على حسب ما رأى في منامه وعبره في كلامه

ولا ينبغي للإنسان أن ينساق وراء الأحلام فإنه إن فعل ذلك سلط عليه الشيطان ومن هذا أن بعض الناس يرى أمواتاً له ماتوا قديماً أو قريباً يراهم في حال مزعجة مؤلمة فيتألم وهذا أيضاً من الشيطان فليتفل عن يساره ثلاث مرات ويقول اللهم إني أعوذ بك من شر الشيطان ومن شر ما رأيت ولا يخبر أحداً أو يرى أحياناً أباه أو أمه يقول يا ابني تصدق لي حج لي اعتمر لي فهذا أيضاً لا عبرة به إطلاقاً ولا تلتفت إليه لأن الإنسان أحياناً يفكر دائماً في أبيه أو أمه الميتة ومع كثرة التفكير يتصور الشيطان بصورتها أو صورة الأب ويقول افعل كذا افعل كذا والأحكام الشرعية لا تثبت بالمرائى أبداً نعم إن رأى إنسان رؤيا وقامت القرينة على صدقها فحينئذ يعمل بها من أجل القرينة.

***

ص: 2

‌السائلة ن أالحربي تقول ما حكم تفسير الأحلام

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أولاً ينبغي للإنسان أن لا يتعلق بالأحلام ولا يهتم بها وليعرض عنها لأنه إذا اهتم بها واغتم عند المكروه منها لعب به الشيطان وصار يريه في منامه أشياء تزعجه وتشوش عليه فالأولى للإنسان أن يتناسى الأحلام وأن لا يبالي بها وأن لا يتذكرها إذا استيقظ وإني أقول ما يراه النائم في منامه ثلاثة أقسام:

قسم من الشيطان وهو أن يرى الإنسان ما يغمه أو ما لا يمكن وقوعه فهذا من الشيطان أما كون ما يغمه من الشيطان فلأن الشيطان حريص على إدخال الحزن والهم والغم على بني آدم كما قال الله تعالى (إِنَّمَا النَّجْوَى مِنْ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا)(المجادلة: من الآية10) فالشيطان حريص على أن يبقى المؤمن حزيناً مغموماً مهموماً فهذا من الشيطان ومن الأصل يجب أن يعرض عنه ولا يبحث عنه وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم (من رأى في منامه ما يكره أن يتفل عن يساره ثلاث مرات وأن يقول أعوذ بالله من الشيطان ومن شر ما رأيت وأن ينقلب على الجنب الآخر وأن لا يحدث بذلك أحداً فإذا فعله فإن ذلك لا يضره) مهما كان وكذلك إذا رأى الإنسان ما لا يمكن وقوعه فإنه من الشيطان وقد استفتى رجل النبي صلى الله عليه وسلم في حلم فقال يا رسول الله رأيت كأن رأسي قطع وهرب الرأس فذهبت اشتد وراءه سعياً ذهب يركض وراء رأسه فقال النبي صلى الله عليه وسلم (لا تحدث الناس بتلاعب الشيطان بك في منامك) فجعل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم هذا من تلاعب الشيطان.

القسم الثاني مما يراه النائم ما يحدث به نفسه دائماً فإن الإنسان إذا اهتم بشيء وصار يحدث نفسه قد يتعرض لرؤيته في المنام ولهذا يقال أحلام الناس من حديث قلوبهم يعني إن الإنسان إذا كان مهتماً بالشيء فإنه لقوة ما في قلبه من الهم فيه والتفكير فيه قد يراه في المنام وهذا واضح.

الثالث مما يراه النائم الرؤيا وهذه الرؤيا جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة وتكون رؤيا لها أصل وتكون هادئة وليس فيها إفزاع فهذه رؤيا لكن إن رأى الإنسان ما يكره فليستعذ بالله من شر الشيطان ومن شر ما رأى ولا يحدث أحداً بذلك ولا تضره وإن رأى ما يحب فليحدث بها لكن لا يحدث بها شخصاً يخشى أن يحسده عليها ولهذا لما قال يوسف لأبيه (يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ (4) قَالَ يَا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ) فبدأ أولاً بتحذير ابنه أن يحدث بها اخوته خوفاً من أن يكيدوا له كيدا فإذا رأى الإنسان ما يحب ويستبشر به فليحمد الله على ذلك ولكن لا يحدث إلا شخصاً يحب له ما يحب لنفسه لأن كثيراً من الناس أشرار فربما إذا حدثهم بها كادوا له كيداً حتى لا تتحقق هذه الرؤيا.

***

ص: 2

‌أحسن الله إليكم هل صحيح أن تعبير الرؤى إلهامٌ من الله

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: تعبير الرؤى ليس عن كون الإنسان عالماً أو ذكياً لكنه فراسة وممارسة للأشياء وربط الأشياء بعضها ببعض والعابرون للرؤيا قد يخطئون وقد يصيبون كغيرهم من الناس وبهذه المناسبة أود ألا يهتم الناس كثيراً بما يرون في منامهم فتجد الإنسان إذا رأى شيئاً يسيراً يبحث عن من يعبره والمرائي ثلاثة أقسام قسمٌ يكرهه الإنسان وقسمٌ يحبه ويرى أن فيه تفاؤلاً كبيراً وقسمٌ لا هذا ولا هذا فالذي يحبه ويرى فيه تفاؤلاً كبيراً يخبر به من يحب فقط ولا يخبر به أحداً يبغضه لأنه قد يحسده على هذا وأما الذي يكره يعني بأن يرى رؤيا مزعجة فدواؤها أن يستعيذ بالله من شر الشيطان ومن شر ما رأى ولا يخبر بها أحداً فإنها لا تضره وأما الأحلام الأخرى التي لا يكرهها ولا يحبها فهي أضغاث أحلام لكن لا ينبغي للإنسان أن يبحث وراء المرائي المنامية.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم المستمع فازع الحريبي يقول ما هو الفرق بين الحلم والرؤيا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الفرق بين الحلم والرؤيا أن الحلم من الشيطان ويكون في أمرين الأمر الأول فيما يكرهه الإنسان فإن الشيطان يمثل للنائم ما يكره من أجل أن يحزنه ويغمه والأمر الثاني في أمر لا يكون له أساس ولا أصل بل ولا وجه له ومن ذلك أن رجلاً حدث النبي صلى الله عليه وسلم بأنه رأى في المنام أن رأسه قد قطع وهرب وذهب الرجل يشتد وراء رأسه سعياً فقال النبي صلى الله عليه وسلم (لا تحدث الناس بتلاعب الشيطان بك في منامك) فهذا الحلم والحلم من الشيطان ويدور على أمرين إما مكروه للإنسان وإما شيء لا أصل له ولا أساس وليس معقولاً أما الرؤيا فإنها من الله عز وجل وتكون الرؤيا مركزة ومستقيمة فليست مثل أضغاث الأحلام.

***

ص: 2

‌من الجمهورية اليمنية من المستمع عبد الله صالح يقول في رسالته فضيلة الشيخ ما الفرق بين الرؤيا والحلم وكيف نعرف الرؤيا من الحلم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: ما يراه الإنسان في منامه ينقسم إلى ثلاثة أقسام قسم رؤيا وهذه من الله عز وجل يضرب الملك مثلاً للإنسان الرائي في منامه يكون هذا المثل معبراً عن شيء يقع لهذا الرائي أو عن شيء وقع منه فيتبين له صحته أو فساده وعلامتها أن يقع الأمر مصدقاً لها.

الثاني حلم من الشيطان يخيل للنائم أشياء تزعجه وتقلقه لأن الشيطان حريص على ما يزعج بني آدم ويقلقهم ويحزنهم كما قال الله تعالى (إِنَّمَا النَّجْوَى مِنْ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئاً إِلَاّ بِإِذْنِ اللَّهِ) ومثل هذه الأحلام إذا رآها الإنسان فإن دواءها أن يستعيذ بالله من شر الشيطان ومن شر ما رأى ويتفل على يساره ثلاث مرات ثم ينقلب إلى الجنب الثاني ولا يحدث بذلك أحداً فإنها لا تضره.

والقسم الثالث مراء يراها النائم مما يقع له من الأمور في حال يقظته وقد تكون هذه الأمور التي مرت به في حال اليقظة تعقلت بها نفسه فيراها في منامه أو ما يقاربها وهذه الأخيرة لا حكم لها لأنها من جنس حديث النفس.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم إذا كان الحلم يتكرر دائماً فهل معنى ذلك أنه سوف يتحقق

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا كثرت رؤيا الإنسان في شيء معين وتكررت فلا يعني ذلك أنه يتحقق ولكن أنصح السائل أن لا يلتفت إلى المرائي المروعة المكروهة بل إذا رأى أحد ما يكرهه في منامه فليفعل ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم ولا يضره بعد ذلك (يتفل عن يساره ثلاث مرات ويقول اللهم إني أعوذ بك من شر الشيطان ومن شر ما رأيت ويتحول إلى الجنب الثاني ولا يحدث بذلك أحداً) فإذا فعل هذا فإن هذه الرؤيا المكروهة التي أفزعته لا تضره هكذا جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وبهذا يستريح الإنسان من المرائي الكثيرة التي يعرضها الشيطان له في منامه ليحزنه ويقلق راحته لأن الشيطان عدو للإنسان فهو يحب أن يحزنه ويقلق راحته ألم تر إلى قول الله تعالى (إِنَّمَا النَّجْوَى مِنْ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئاً إِلَاّ بِإِذْنِ اللَّهِ) .

***

ص: 2

‌متى تكون الرؤيا التي يراها الإنسان في منامه صحيحةً أو واقعة ومن هم الذي تصدق رؤياهم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الغالب أن الرجل المؤمن الصدوق هو الذي تكون رؤياه صحيحة والنبي عليه الصلاة والسلام أخبر بأن (الرؤيا الصالحة جزءٌ من ستة وأربعين جزء من النبوة) فإذا كان الإنسان صدوق الحديث في يقظته وعنده إيمان وتقوى فإن الغالب أن الرؤيا تكون صادقة ولكن ليعلم أن ما يراه الإنسان في منامه ثلاثة أقسام رؤيا وحلم وإفزاع من الشيطان فالرؤيا هي التي أخبر عنها النبي عليه الصلاة والسلام أنها (جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة) وغالباً تقع ولكنها أحياناً يكون وقوعها على صفة ما رآه الإنسان في منامه تماماً وأحياناً يكون وقوعها على صفة ضرب الأمثال في المنام يضرب له المثل ثم يكون الواقع على نحو هذا المثل وليس مطابقاً له تماماً مثل ما رأى النبي عليه الصلاة والسلام قبيل غزوة أحد أن في سيفه ثلمة ورأى بقرا تنحر فكانت الثلمة التي في سيفه استشهاد عمه حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه لأن قبيلة الإنسان بمنزلة سيفه في دفاعهم عنه ومعاضدته ومناصرته والبقر التي تنحر كانت استشهاد من استشهد من الصحابة رضي الله عنهم لأن في البقر خيراً كثيراً وكذلك الصحابة رضي الله عنهم كانوا أهل علم ونفع للخلق وأعمال صالحة أما الذي يكون حلماً فهو ما يراه الإنسان في منامه مما يقع له في مجريات حياته فإن كثيراً من الناس يرى في المنام ما تحدثه به نفسه في اليقظة وما جرى عليه في اليقظة وهذا لا حكم له وأما الثالث الحلم الذي فيه الإفزاع فهو من الشيطان فإن الشيطان يصور للإنسان في منامه ما يفزعه من شيءٍ في نفسه أو في ماله أو في أهله أو في مجتمعه لأن الشيطان يحب إحزان المؤمنين كما قال الله تعالى (إِنَّمَا النَّجْوَى مِنْ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئاً إِلَاّ بِإِذْنِ اللَّهِ) فكل شيء ينكد على الإنسان حياته ويعكر صفوه عليه فإن الشيطان حريصٌ عليه سواءٌ ذلك في اليقظة أو في المنام لأن الشيطان عدو كما قال الله تعالى (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً) وهذا النوع الأخير أرشدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتحرز منه فأمر (من رأى في منامه ما يكره أن يستعيذ بالله من الشيطان ومن شر ما رأى وأن يتفل عن يساره ثلاث مرات وأن ينقلب على جنبه الآخر وأن لا يحدث أحداً بما رأى فإذا فعل هذه الأمور فإن ما رآه مما يكرهه في منامه فإنه لا يضره شيئا) وهذا يقع كثيراً في الناس ويكثر السؤال عنه لكن الدواء له ما بينه النبي صلى الله عليه وسلم تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ومن شر ما رأيت ولا تحدث بذلك أحداً ثم إن كان ذلك في منامك الخاص فإنك تنقلب إلى الجنب الآخر وتتفل على يسارك ثلاث مرات.

***

ص: 2

‌المستمع م. ج. ع من الأردن يقول بعد شكر الله عز وجل أشكركم على هذا البرنامج المفيد وأود أن أستفسر عما يأتي أولا أود الاستفسار عن مدى صحة كتب تفسير الأحلام مثل كتاب تفسير الأحلام لابن سيرين وخاصة بأنه يربط الأحلام بقضايا الأجل والرزق والخير والشر فما حكم التصديق والتعامل بهذه الكتب مع العلم بأنها تحتوي وتعتمد في تفسيرها في بعض الأحيان على آيات من القرآن وأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الجواب على هذا أني أنصح إخواني المسلمين عن هذه الكتب أن لا يقتنوها ولا يطالعوا فيها لأنها ليست وحياً منزلا وإنما هي رأي قد يكون صحيحاً وقد يكون غير صحيح ثم إن الرؤيا قد تتفق في صورتها وتختلف في حقيقتها بحسب من رآها وبحسب الزمن وبحسب المكان فإذا رأينا رؤيا على صورة معينة فليس معنى ذلك أننا كلما رأينا رؤيا على هذه الصورة يكون تأويلها كتأويل الرؤيا الأولى بل تختلف فقد نعبر الرؤيا لشخص بكذا ونعبر نفس الرؤيا لشخص آخر بما يخالف ذلك، وإذا كان هذا فإني أنصح إخواني المسلمين عن اقتناء هذه الكتب والمطالعة فيها، وأقول إذا جرى لإنسان رؤيا فليهتد بما دله النبي صلى الله عليه وسلم إن رأى رؤيا خير يحبها وتأوّلها على خير فليخبر بها من يحب مثل أن يرى رؤيا أن رجلا يقول له أبشر بالجنة أو ما أشبه ذلك، فليحدث بها مَنْ يحب وإذا رأى رؤيا يكرهها فليقل أعوذ بالله من شر الشيطان ومن شر ما رأيت، ولا يحدث بها أحداً لا عابراً ولا غير عابر ولينقلب على الجنب الآخر إن استيقظ وإذا فعل ما أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم عند رؤيا ما يكره فإنها لن تضره أبدا ولهذا كان الصحابة رضي الله عنهم يرون الرؤيا يكرهونها ويمرضون منها حتى حدثهم النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث صلى الله عليه وسلم وجزاه عن أمته خيرا فكانوا يعملون بما أرشدهم إليه الرسول عليه الصلاة والسلام ويسلمون من شرها.

***

ص: 2

‌تسأل الأخت عن تفسير الأحلام لابن سيرين وتقول ما رأيكم فيه

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: رأينا فيه أن لا يطالعه الإنسان وألا يعتمد عليه وذلك لأن المرائي تختلف بحسب الرائي فقد يرى الرجلان رؤيا صورتها واحدة ولكنها تختلف فتفسر لهذا الرائي بشيء وتفسر للرائي الآخر بشيءٍ آخر ولهذا لا نشير بقراءة تفاسير الأحلام سواء كانت لابن سيرين أو غيره لأن الإنسان لا يعرف الفرق في تعبير الرؤيا بين أن تكون من شخصٍ وآخر فربما يعبر رؤيا من رآها وهي على خلاف ما عبر وتقع كما عبر كما جاء بذلك الحديث أن الإنسان إذا عبر الرؤيا وقعت على تعبيره ولو كان مكروهاً لهذا نحذر من التعلق بهذه التفاسير للأحلام لأنها تختلف من شخص لآخر

***

ص: 2

‌الأخت خويجة من العراق تقول هل يجوز قراءة كتاب تعطير الأنام للنابلسي وهو في تفسير الأحلام

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: تفسير الأحلام سواء كان بتعطير الأنام كما ذكرت، وإن كنت لم أر هذا الكتاب أم بغيره، لا ينبغي للإنسان أن يتعب نفسه فيها، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطانا فيها حكماً فاصلاً مريحاً وذلك أن الإنسان إذا رأى ما يكره يتقي شره بالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، ومن شر ما رأى، وبالتفل عن يساره ثلاث مرات، وأن لا يخبر بذلك أحداً، وأن ينقلب من الجنب الذي كان عليه حين رأى ما يكره إلى الجنب الثاني، وأن يقوم ويتوضأ ويصلى، فبهذه الأسباب يتقي شر هذه الرؤيا التي روعته، وهذا الذي أخبرنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي يريح المرء عندما يرى ما يكره، أما إذا رأى ما يحب واستبشر بها خيراً فإنه لا بأس أن يخبر بها من يحب ولا يحدث بها من لا يحب، لأنه إذا حدث بها من لا يحب فقد يكيدون له كيداً.

فضيلة الشيخ: الأخت خويجة لديها رؤيا تقول إني رأيت في المنام أن لي ثلاثة ألسن في فمي وهذه الألسن في بدايتها دائرة تجمع الألسن الثلاثة، وإني خائفة من هذا الحلم فما تفسيره، أرجوكم أن تجيبوني على الحل الشافي؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا أدرى عن هذا الحلم فلعلها تجيد ثلاث لغات لأن اللسان في اللغة بمعنى اللغة، ولكن ليس هذا تفسيراً مني لأني لست ممن يفسرون الأحلام، إنما ثبت في الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام أن رجلاً جاءه فقال إني رأيت البارحة أن رأسي قد قطع وأنني خرجت اشتد في أثره، يعني يركض وراء رأسه وهو مقطوع فقال له النبي صلى الله عليه وسلم (لا تحدث الناس بتلاعب الشيطان بك في منامك) فهذه الأحلام التي ترى قد يضربها الشيطان مثلاً للمرء وليست بحقيقة ولا لها أصل، لهذا أرى أن المرأة التي ارتاعت من هذه الرؤيا أن لا تخبر بها أحداً ثم لا تضرها إن شاء الله.

***

ص: 2

‌جزاكم الله خيراً السائل م. ع. س. يقول في هذا السؤال فضيلة الشيخ هل كل رؤيا للميت تكون صحيحة عندما يراه الأهل

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: ليس كل رؤيا يراها الإنسان في الميت تكون صحيحة فقد تكون صحيحة وقد تكون غير صحيحة وذلك لأن الشيطان يستطيع أن يضرب مثلاً بالميت فيراه النائم وكأنه صاحبه وليس إياه لأن كل واحدٍ من بني آدم يمكن أن يتمثل به الشيطان إلا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم هذه رسالة مستمعة للبرنامج طالبة في المرحلة الثانوية تقول فضيلة الشيخ كثيراً ما أرى والدي المتوفى يطلب مني أشياء في المنام ويتكرر هذا كثيراً معي ومع إخواني مع أنه مات ونحن صغار السن فما هو تفسير ذلك فضيلة الشيخ

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الرؤيا ليس عليها عمل ولا يترتب عليها شيء لكن قد تكون الرؤيا أحياناً إنذاراً للشخص حسب ما تقتضيه الحال ولكن القاعدة أن الشيطان قد يعرض للإنسان في منامه ويصور له أشياء مزعجة وأشياء توجب قلقه وتوجب حزنه ومثل هذه الرؤيا دواؤها أن يتفل الإنسان عن يساره ثلاث مرات ويقول أعوذ بالله من شر الشيطان ومن شر ما رأيت وأن ينقلب إلى الجنب الآخر وألا يحدث الناس بما رأى فإنه إذا استعمل هذه الأمور لا تضره هذه الرؤية كما قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم يقول السائل هل أحلام الموت ورؤية الأموات تدل على أن الشخص سوف يموت؟ وماذا يفعل الشخص كي تذهب عنه هذه الأحلام

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذه الأحلام التي يراها الإنسان في منامه مما يروعه ويحزنه من الشيطان، لأن الشيطان حريص على إدخال الحزن والترويع لكل مسلم، قال الله تعالى (إِنَّمَا النَّجْوَى مِنْ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئاً إِلَاّ بِإِذْنِ اللَّهِ) وهكذا الأحلام الرديئة التي تحزن المرء وتروعه إنما هي من الشيطان ولهذا أمر النبي عليه الصلاة والسلام من رأى ما يكره أن يتفل عن يساره ثلاث مرات ويقول أعوذ بالله من شر الشيطان ومن شر ما رأيت، ثم ينام على الجنب الآخر ولا يحدث أحداً بما رأى فإذا رأيت ما تكره من الموت أو غير الموت، فاعمل كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم اتفل على يسارك ثلاث مرات وقل أعوذ بالله من شر الشيطان ومن شر ما رأيت ونم على الجنب الثاني وإذا قمت فلا تحدث أحداً بما رأيت فإن ذلك لا يضرك، وعلى هذا فإذا رأى الإنسان في المنام ما يكره من أمر الموت فإن هذا ليس دليلاً على أنه سيموت قريباً بل هذا من الشيطان من أجل إدخال الحزن عليه والخوف فليستعذ بالله منه ولا يحدث به أحداً فإنه لا يضره.

***

ص: 2

‌المستمع من مكة المكرمة يسأل ويقول يا فضيلة الشيخ إذا نام الإنسان وله أقرباء ميتون ثم رأى فيما يرى النائم أن بعض أقاربه الميتين من والديه يأتونه في الليل يتحدثون معه أو ينامون عنده فترة قصيرة ما صحة هذه الرؤى بارك الله فيكم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الرؤى قد تكون صحيحة وقد تكون من حديث النفس فإن الإنسان ربما يكون يحدث نفسه بأمواته وكأنه يخاطبهم ويكلمهم ثم يرى ذلك في النوم، وكثيراً ما يرى الإنسان في منامه ما كان يفكر فيه في حال اليقظة، وقد تكون الرؤيا صحيحة، فإن الإنسان قد يرى الميت في المنام ويحدثه بأحاديث، ومن ذلك ما حدث لثابت بن قيس بن شماس رضى الله عنه حين استشهد في اليمامة وكان عليه درع فمر به رجل من الجند وأخذ درعه ووضعه في رحله تحت برمة، والبرمة شيء يشبه القدر لكنه يكون من الطين أو الحجارة المهم أنه وضع هذا الدرع تحت هذه البرمة وكان حوله فرس يستن، فرأى رجل من أصحاب ثابت بن قيس رآه في المنام وأخبره بالخبر وقال إنه مر بي رجل وأخذ الدرع ووضعه تحت برمة في جانب العسكر وحوله فرس تستن فلما أصبح ذهب إلى المكان ووجد الأمر كما قال ثابت بن قيس، وهناك قضايا تذكر لنا تتلاقى فيها أرواح الأحياء والأموات ويتحدث الأموات بشيء يكون حقيقة، ولكن لو تحدث الميت إلى الشخص بأمر لا يحل شرعاً أو بأمر لا يمكن أن يكون أو بأمر من أمور الغيب المستقبلة مثل أن يقول سيحدث كذا وسيحدث كذا فإن هذا ليس بشيء ولا يركن إليه ولا يقبل.

***

ص: 2

‌ما تفسير رؤية المتوفى في الحلم دائماً

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: رؤية المتوفى في المنام ٍإن كانت على وجه طيب فإنه يرجى له الخير وإن كانت على غير ذلك فقد يكون هذا من ضرب الأمثال من الشياطين لأن الشيطان قد يضرب المثل بشخص على وجه مكروه ليحزن الحي وذلك أن الشيطان حريص على كل ما يدخل الحزن والهم والغم على المؤمنين لقول الله تعالى (إِنَّمَا النَّجْوَى مِنْ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئاً إِلَاّ بِإِذْنِ اللَّهِ) وعلى هذا فالإنسان إن رأى ما يكره في منامه بالنسبة للميت فإنه ينبغي له أن يتعوذ بالله من شر الشيطان ومن شر ما رأى وأن لا يحدث أحداً بما رآه في هذا الميت وحينئذ لا يضر الميت شيئاً وهكذا كل من رأى في منامه ما يكره فإن المشروع له أن يتعوذ بالله من شر الشيطان ومن شر ما رأى وأن يتفل عن يساره ثلاث مرات وأن ينقلب من الجنب الذي كان نائماً عليه إلى الجنب الآخر وإن توضأ وصلى فهو أطيب وأفضل ولا يحدث أحداً بما رأى وحينئذ لا يضره ما رآه.

***

ص: 2

‌من رأى شخصاً غريباً في المنام مثال العم أو الجد أو الخال

الخ فهل يلزم التصدق عمن رآه في المنام

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا يلزم أن يتصدق عن الميت إذا رآه في المنام على أي حالٍ كان وإنما إذا رأى الميت على حالٍ تسره فإن هذا خيرٌ له ويحدث به الإنسان من يحب وإذا رآه على حالٍ مكروهة فإن المشروع فيمن رأى ما يكره أن يستعيذ بالله من الشيطان ومن شر ما رأى وأن يتفل على يساره ثلاث مرات وأن ينقلب عن جنبه الذي كان عليه إلى الجنب الآخر وألا يحدث بذلك أحداً فإن عاد إليه مرةً ثانية في منامه فليقم ويتفل عن يساره ثلاث مرات ويستعيذ بالله من شرها ومن شر ما رأى ومن شر الشيطان ويذكر الله ويتوضأ ويصلى حتى يزول عنه هذا الحلم الذي رأى فيه ما يكره لأن الشيطان يتمثل بالأشياء التي تُحزن المرء وتدخل عليه الهم والغم وقد أشار الله تبارك وتعالى إلى محبة الشيطان لما يحزن المرء فقال (إِنَّمَا النَّجْوَى مِنْ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئاً إِلَاّ بِإِذْنِ اللَّهِ) فدل هذا على أن الشيطان حريصٌ على ما يحزن المرء ويضيق صدره ويدخل عليه الهم والغم.

***

ص: 2

‌تقول السائلة حينما أنام بالليل دائما أرى في المنام أحلاما مخيفة وأشياء كثيرة تحدث من المعجزات والخوارق مما يجعلني دائما قلقة وخائفة فبماذا تنصحونني أن أفعل أو أقول عند النوم حتى تختفي عني هذه الأحلام المزعجة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: اقرئي عند النوم آية الكرسي وهو قوله تعالى (اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَاّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَاّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَاّ بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ) هذه الآية في أول الجزء الثالث في سورة البقرة فإن (من قرأها في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ ولا يقربه شيطان حتى يصبح) واقرئي كذلك سورة (قل هو الله أحد) وسورة (قل أعوذ برب الفلق) وسورة (قل أعوذ برب الناس) وهذه الأحلام المزعجة المخيفة التي ترينها دواؤها ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم وهو أن تستعيذي بالله من شر الشيطان ومن شر ما رأيت وألا تحدثي بذلك أحداً فإن ذلك لا يضرك ثم إن استيقظت في أثناء النوم من هذه الأحلام فانفثي عن يسارك ثلاثا واستعيذي بالله من شر الشيطان ومن شر ما رأيت ثم انقلبي على الجنب الآخر إن كنت نائمة على الجنب الأيمن فكوني على الجنب الأيسر والعكس بالعكس وكذلك من أسباب كف هذه الأحلام المكروهة تقومين وتذكرين الله وتتوضئين وتصلىن ما شاء الله فهذا كله مما يدفع هذه الأحلام ثم إنه ينبغي لمن رأى حلماً يكرهه أن يستعيذ بالله من شر الشيطان ومن شر ما رأى وألا يحدث بذلك أحداً وأن يعرض عنه بقلبه وفكره ولا يذكره فإن ذلك لا يضره كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم.

***

ص: 2

‌المستمع سعد خميس من الرياض ضمن رسالته سؤال للمستمعة التي رمزت لاسمها بـ: ن. ف. ع. تسأل عن الحلم بالرز الأبيض وأنها تحلم كثيراً بهذا وكان عندها ذهب ليس بكثير في حدود اثني عشر ألف ريال وكانت تلبسه والآن لا يوجد عندها ذهب وهي الآن تقول إنني أخاف أن هذا الحلم بسبب الذهب حيث أنني كنت لا أزكي منه شيء فأرجو إجابة حول هذا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أنا لا أعرف تفسير الرؤيا ولكني وبسبب كثرة السؤال عن المرائي أقول لإخواني المستمعين إن النبي صلى الله عليه وسلم أرشد أمته إذا رأى الإنسان في منامه ما يكره أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم يتفل عن يساره ثلاثاً ويقول أعوذ بالله من شر الشيطان ومن شر ما رأيت ولا يحدث بها أحد وينقلب عن جنبه الذي كان نائماً عليه إلى الجنب الآخر وإن قام وتوضأ وصلى ركعتين فحسن وحينئذ لاتضره تلك الرؤيا مهما عظمت فداحتها والإنسان إذا استعمل هذا فإنه يسلم من هموم كثيرة تصيبه في هذه المرائي المزعجة وأما بالنسبة للذهب الذي كانت لا تؤدي زكاته فمن المعلوم أن أهل العلم اختلفوا في وجوب زكاة الذهب وعند الاختلاف يجب الرجوع إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى (وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ) وقوله (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) وإذا رددنا هذا الاختلاف والتنازع بين أهل العلم في وجوب زكاة الذهب إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فإن الذي يتبين لي من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وجوب زكاة حلي الذهب والفضة بشرط أن يبلغ النصاب وهو خمسة وثمانون جراماً من الذهب فإذا بلغ هذا المقدار وجب على المرأة أن تزكيه كل عام بأن تقومه عند تمام الحول بما يساوي ثم تخرج ربع عشر القيمة التي يساويها وقت وجوب الزكاة وبما أن العلماء مختلفون في هذا فإن الإنسان الذي لم يخرج الزكاة فيما سبق ولكن لما علم رجحان القول بالوجوب أخرجها فلا إثم عليه فيما مضى ولكنه إذا تبين له رجحان القول بالوجوب فإنه يجب عليه أن يزكيه ولا أظن أن هذه السائلة تركت زكاة حليها وهي تعتقد الوجوب.

***

ص: 2

‌هذه رسالة وردتنا من المستمع عبد الله محمود محمد من العراق بعث بهذه الرسالة يقول فيها هل يرى المسلم أو المؤمن في الحلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أم لا يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحلم وإني سمعت من العالم الديني يقول المؤمن الإيمان القوي يراه

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الإنسان قد يرى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام وليس من شرط الإيمان أن يرى النبي صلى الله عليه وسلم ولا من مقتضيات الإيمان أن يرى النبي صلى الله عليه وسلم بل قد يراه الإنسان المؤمن وقد لا يراه وكونه يرى النبي صلى الله عليه وسلم لا يدل على أنه أكمل الناس إيماناً وكونه لا يراه لا يدل على ضعف إيمانه ولكن المهم أننا لا نحكم بأنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم حتى يراه على صفته التي هو عليها صلى الله عليه وسلم فأما إن رأى شخصاً ووقع في نفسه أنه النبي صلى الله عليه وسلم أو سمع من يقول إنه النبي صلى الله عليه وسلم فإن ذلك لا يدل على أنه هو النبي صلى الله عليه وسلم إذا لم يكن على الأوصاف التي كان عليها صلى الله عليه وسلم وهذا شرط لا بد منه وهو أن يكون المرئي الذي رآه الإنسان أوصافه تنطبق تماماً على أوصاف النبي صلى الله عليه وسلم فإن بعض الناس يرى شخصاً يقع في نفسه أو يسمع قائلاً يقول إن هذا رسول الله وليس هو رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن أوصافه لا تنطبق على أوصاف الرسول صلى الله عليه وسلم.

***

ص: 2

‌السائلة تقول يا فضيلة الشيخ ما حكم الكذب في الحلم للمصلحة العامة وخاصة على الزوج الذي لا يصلى كتخويفه من النار حتى يرجع عن إهماله في الصلاة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الكذب في الحلم حرام بل من كبائر الذنوب لأن الإنسان إذا كذب في الحلم أي قال إني رأيت في المنام كذا وكذا وهو لم يره فإنه يعذب يوم القيامة يكلف بأن يعقد بين شعيرتين وليس بعاقد ولا يقال إنه إذا كان هناك مصلحة جاز الكذب لأنه لا يمكن أن يدعى إلى الله بمعصية الله أبداً ولكن يكفينا ما في القرآن والسنة من المواعظ فإذا وعظ هذا الرجل المفرط في الصلاة أو في غيرها من الواجبات بما في القرآن والسنة كفى ذلك فإن اتعظ فهذا هو المطلوب وإن لم يتعظ فقد قامت عليه الحجة وحسابه على الله عز وجل ولهذا قال الله تعالى لنبيه محمدٍ صلى الله عليه وعلى آله وسلم (فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ (21) لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصيْطِرٍ (22) إِلَاّ مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ (23) فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الأَكْبَرَ (24) إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ (25) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ) فحساب الخلق على الله من كان عنده علم فإنه لا يكلف إلا بإبلاغ علمه إلى من لم يعلمه وليس عليه هدى الناس (لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ) .

***

ص: 2

‌أحسن الله إليكم وبارك فيكم هذا سائل يقول فضيلة الشيخ قد يرى الإنسان وهو نائم بعض الأحلام المزعجة ويري بعض الناس الذين يعرفهم فهل هذا هو الشيطان يتمثل بصورة هؤلاء الأشخاص ثم ماذا يفعل من رأى في المنام أنه ارتكب معصية وكبيرة من كبائر الذنوب

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: المرائى ثلاثة أقسام قسم من الله عز وجل وقسم من الشيطان وقسم من حديث النفس

أما التي من الله عز وجل فهي الرؤيا المرتبة التي لها معنى ولها شيء ترمي إليه هذه من الله عز وجل وقد تكون تنبيها للمرء على شيء يفعله وهو محرم أو إثارة لنفسه وحزمه وقوته إذا كان مفرطا في واجب وأما التي من الشيطان فهي التي لا تكون مناسبة ولا يمكن أن تقع أو تكون مزعجة مروعة مثال الأول ما قصه أحد الصحابة على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حيث قال يا رسول الله رأيت في المنام أن رأسي قد قطع وذهب يشتد فذهبت اشتد وراءه فهل هذا معقول فقال النبي صلى الله عليه وسلم (لا تحدث الناس بتلاعب الشيطان بك في منامك) ومن ذلك أيضا أن يرى أشياء مروعة جدا لا أساس لها فهذا أيضا من الشيطان لأن الشيطان يحب أن يدخل الحزن والهم والغم على بني آدم قال الله عز وجل (إِنَّمَا النَّجْوَى مِنْ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئاً إِلَاّ بِإِذْنِ اللَّهِ) وأما الذي من حديث النفس فهذا يقع كثيرا فكثيرا ما يحدث الإنسان نفسه بشيء أو يتعامل بشيء ثم يرى في المنام أنه فعل ذلك فهذا من حديث النفس ولا حكم له وفي القسم الأول: الرؤيا التي من الله يعمل الإنسان بمقتضاها يسر بها إن كانت سارة وينتبه إن كانت منبهة وفي الثاني إذا رأى ما يكره فليقل أعوذ بالله من شر الشيطان ومن شر ما رأيت ولا يحدث بهذا أحداً ولا يعرضها على أحد يعبرها أو يفسرها بل يتناساها وأما الثالث اللغو فهذا لا حكم له وهو الذي يراه الإنسان في منامه مما يمر به في يومه أو في ليلته.

***

ص: 2

‌السائل: هذه الرسالة من الأخ محمد الحسن من الرياض كلية أصول الدين يقول هناك رجل رأى في حلمه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وقال له ادع لي يا رسول الله فهل هذه رؤية حقيقية أم خيالية نرجو الإفادة وفقكم الله

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: رؤية النبي صلى الله عليه وسلم حق فإن الشيطان لا يتمثل به ولكن يجب أن تنزل أوصاف المرئي على ما جاءت به الأحاديث من أوصافه صلى الله عليه وسلم فإن طابقت الأوصاف أوصاف النبي صلى الله عليه وسلم فإنه حق وإن خالفت فإن من رآه ليس هو النبي صلى الله عليه وسلم وهذه المسألة كثيرا ما يقع فيها بعض الناس يرون خيالاً فيعتقدونه النبي صلى الله عليه وسلم أو يقال لهم إنه النبي صلى الله عليه وسلم ثم إذا وصفوا ما رأوا فإذا أوصافه تخالف أوصاف النبي صلى الله عليه وسلم وبهذا يتبين أن ما رأوه ليس بصحيح، وعلى كل حال لابد أن يعرف أن أوصاف الذي رآه في المنام مطابقةً لأوصاف النبي صلى الله عليه وسلم فإن لم تكن مطابقة فإن من رآه ليس هو النبي صلى الله عليه وسلم.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم تقول السائلة رأى شخصٌ في المنام بأن آخر لا يعرفه يوصي بأن يتقدم لخطبة بنت فلان وهو كذلك لا يعرفه وذكر له اسمه ووظيفته ووصف له هيئته فهل هذه الرؤيا صحيحة أم أنها أضغاث أحلام

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا بد أن ينظر فإذا كان الواقع يوافق هذه الرؤيا فهي رؤيا حق وإذا كان يخالف هذه الرؤيا فإنها أضغاث أحلام وربما يضرب الملك في النوم مثلاً لشخص في تزوجه بابنة فلان ويذكر له في أوصافها ما يجعله يقدم عليها ومع هذا لا يعتمد على ما رأى في المنام بل يبحث عنها بحثاً دقيقاً في اليقظة فإذا رأى أنها ذات خلقٍ ودين فليقدم لقول الرسول صلى الله عليه وسلم (تنكح المرأة لأربع لمالها وحسبها وجمالها ودينها فاظفر بذات الدين تربت يداك) وإنني بهذه المناسبة أحب أن أوجه كلمة نصح لأولياء النساء الذين يتخذون النساء سلعاً لا يزوجونهن إلا من يكثر العطاء لهم ولا يهتمون بخلق الخاطب ولا بدين الخاطب وإنما ينظرون إلى ما يأخذون من يده وإذا كان الخاطب أكثر عطاءً لهم من خاطبٍ آخر زوجوا هذا الأكثر عطاءً وإن كان الثاني أقوم في خلقه ودينه ولا شك أن هذا من الخيانة وأنه لا يحل للإنسان أن يمنع ابنته أو أخته أو من له ولايةٌ عليها من تزوجها بمن هو كفؤٌ في خلقه ودينه من أجل المال ولا يحل له أيضاً أن يزوج ابنته أو أخته أو موليته من شخصٍ ليس كفئاً في خلقه أو دينه من أجل المال فإنه مسؤولٌ عن ذلك يوم القيامة وقد قال الله عز وجل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (27) وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ) وإذا قدر أن المرأة خطبها كفؤٌ في دينه وخلقه ووافقت وامتنع الأب أو الأخ فإنه لا حق له في ذلك وتنتقل الولاية إلى من بعدهم لأنهم لم يقوموا بواجب الأمانة التي حملهم الله إياها فإذا قدر أن بنتاً خطبت من أبيها ورفض أن يزوجها والخاطب كفؤ فلها أن تعدل من أبيها إلى أخيها إن كان صالحاً للولاية أو إلى عمها أو إلى أحدٍ من عصبتها فإن لم يقوموا بالواجب في تزويجها فلها أن ترفع الأمر إلى المحكمة من أجل أن تتولى المحكمة ذلك.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم سراج أحمد يقول في هذا السؤال في قريتنا بعض النسوة يجتمعن في فناء منزلٍ مهجور ويحيين الليل بالرقص والغناء لأن إحداهن رأت في منامها أحد الأولياء المتوفى وأمرها أن تجمع هؤلاء النسوة لإحياء ذكره والتغني به والمدح له ما حكم ذلك فضيلة الشيخ ونرجو النصح لهؤلاء مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا العمل الذي يفعله هؤلاء النسوة عملٌ منكر يجب إنكاره ويجب عليهن أن يتبن إلى الله سبحانه وتعالى منه لأن هذا لا يتعبد لله بمثله بل هو سفهٌ ولهوٌ ولعب وهذا الولي الذي تدعي إحداهن أنها رأته وأنه أمر بذلك إحياءً لذكره إنما هو شيطانٌ تمثل لها بهذا الرجل وأمرها بذلك لأن هذا من الأمر المنكر الذي لا يأمر به أحدٌ من أولياء الله عز وجل ثم إن هذا الذي تظنه أو تدعي أنه ولي يحتاج إلى تثبت في أمره فقد يظن أنه من أولياء الرحمن وهو من أولياء الشيطان فليس كل من ادعى الولاية يكون صادقاً في دعواه لأن الله عز وجل أعطانا ميزاناً قسطاً عدلاً في بيان من هو الولي فقال جل وعلا (أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ) فمن ادعى الولاية نظرنا في حاله إذا كان متصفاً بهذين الوصفين الإيمان بالله عز وجل والتقوى له ولا يتم ذلك إلا بالاستقامة على أمر الله فإنه يكون ولياً فإذا كان ولياً لا يمكن أن يدعي لنفسه أنه ولي لأن من جملة الولاية أن يكون الإنسان لا يزكي نفسه فإن تزكية النفس محرمة لقوله تعالى (فَلا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ اتَّقَى) والولي الصادق يحب أن تكون عقيدته وأن يكون قوله وأن يكون فعله مع الله وحده بحيث لا ينشره أمام الناس مرائياً به عباد الله لأنه متقٍ لله ومعاملته خالصة لله وهي بينه وبين ربه ثم إن المرائي التي ترى في المنام إن لم يشهد لها الشرع بالصحة فإنها رؤيا باطلة لا عمل عليها فإن شهد لها الشرع بالصحة فالعمل على ما اقتضاه الشرع لا على هذه الرؤيا نعم يعمل بالمرائي في غير إثبات شيء من الدين لأن إثبات شيء من الدين يقتضي أن يكون الدين ناقصاً إلا بهذه الرؤيا التي ادعاها من رآها أما في الأمور غير الدينية مثل أن يرى الإنسان شخصاً في المنام وينبهه على أمرٍ في البيت أو على شيء آخر من أمور الدنيا فهذا ربما يقع ومع ذلك فإننا نتوقف في أمره حتى يتبين لنا ذلك بوقوعه فإن كثيراً من المرائي تصدق وتقع إما في وقتٍ مبكر وإما في وقتٍ متأخر.

والخلاصة أن المرائي لا يعمل بها في إثبات شيء من الدين أو من شرائع الدين لأن الدين كاملٌ بدونها والحمد لله وأما في أمور الدنيا فقد تكون الرؤيا صحيحة ويعمل بها لا سيما إذا دلت القرائن على صدقها وعلى هذا فنقول إن هذه المرأة التي ادعت أنها رأت من تقول إنه ولي وأمرها بذلك إن رؤياك لهذا الرجل إن كان ولياً حقاً لله فهذا الشيطان تمثل به وأوقع في نفس هذه الرائية أنه فلانٌ الرجل الصالح الولي وإن كان هذا الرجل يدعي الولاية وليس أهلاً لها فقد تكون رأته في المنام وأمرها بهذه الفحشاء وعلى كل حال مثل هذه الرؤيا لا يعمل بها إطلاقاً لأنها رؤيا فيها ما يخالف الشرع وكما أسلفنا أولاً أنه لا يعمل بالرؤيا في الأمور الدينية إلا ما شهد له الشرع بالصحة.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم الرؤيا هل هي خاصة بأحدٍ من الناس أو هي دليل صلاحٍ للإنسان

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا ليس كذلك بل هي أمر يقدره الله تعالى على المؤمنين وعلى الفساق ولربما يرى الكافر أيضاً رؤيا ويقع الأمر كما رأى.

فضيلة الشيخ: هل يجوز التحريف في الرؤيا في روايتها؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا يجوز التحريف في روايتها ولا يجوز الكذب في الرؤيا فإن الكذب في الرؤيا من كبائر الذنوب لأن الإنسان يحاسب عليه وكذلك أيضاً لا يجوز لأحدٍ أن يؤولها وليس من أهل التأويل بمعنى أن يعبرها ويفسرها وهو ليس من أهل التأويل والتفسير والمعرفة لأنه قد يؤولها على خلاف ما هي له ويقع الأمر على حسب ما أول ويكون في هذا ضرر عظيم.

***

ص: 2

‌فتاوى الشباب

ص: 2

‌يقول السائل إني في الثامنة عشرة من العمر وبدأت الصلاة في هذا العام إلا إني عندما أمشي في الطريق انظر إلى الفتيات اللاتي أراهن في الطريق فهل يحق لي ذلك أفيدوني أفادكم الله

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أولاً لا يحق لك أن تؤخر الصلاة إلى الثامنة عشرة بل الواجب عليك أن تصلى منذ بلغت هذه واحدة ولكن القول الراجح عندنا أنه لا يلزمك الآن قضاء ما فات بل أصلح عملك وتب إلى ربك واستغفر لذنبك.

وأما نظرك للفتيات فإن هذا لا يجوز بل الواجب عليك أن تغض من بصرك قال الله تعالى (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ) واعلم أنك متى اتبعت نفسك هواها بالنظر إلى النساء فإنه لن يقر لك قرار ولن يهدأ لك بال فستكون دائماً حبيس الشيطان ومصاباً بسهم مسموم من سهامه وربما يدركك هذا السهم فتقع في المحظور الكبير كما جاء في الحديث (أن العينين تزنيان وزناهما النظر والفرج يصدق ذلك أو يكذبه) فربما تقع في الزنى الأعظم وحينئذ تبوء بالعقوبة.

***

ص: 2

‌المستمع أحمد من سوريا دير الزور يسأل يا فضيلة الشيخ في رسالة طويلة ملخصها إلى علمائنا الأفاضل أريد حلاً وطلباًً للمساعدة في مشكلتي هذه إنني قد تعلقت بفتاة غيابياً أي دون علم الطرف الثاني وقد أتت على كل أفكاري وأصبح ذكرها في أكثر أوقاتي ولقد اهتديت أخيراً إلى حلٍ وحيد وهو أن الله قد هداني ولله الحمد إلى الصلاة ودعوت الله سبحانه وتعالى أن يوفقني في محنتي هذه في صلاتي وأن أنسى هذه الفتاة لكن مازلت تخطر ببالي في أوقات الصلوات وفي غير الصلوات فهل صلاتي مقبولة وهل ذكرها في ذلك يتنافى مع ديانتي وهل أجد لديكم الحل المريح وبماذا تنصحونني مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أقول إن تعلقك بهذه الفتاة أمر قد يرد على الإنسان فإذا حمى الإنسان نفسه عما حرم الله عليه من النظر إلى هذه الفتاة التي تعلق بها أو التحدث إليها أو التعرض لها فإن مجرد التفكير وحديث النفس لا يأثم به العبد لاسيما وأنت تحاول بكل جهدك أن تتخلى عن ذكرها قال النبي صلى الله عليه وسلم (إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم) ونصيحتي لك أن تحاول التزوج بها حتى يزول عنك ما في نفسك ويطمئن قلبك وترتاح وتتفرغ لعبادة الله عز وجل فكرياً وجسمياً وتتفرغ كذلك لمصالح دنياك فكرياً وجسمياً وهذه الأفكار التي ترد عليك بالنسبة لهذه المرأة مع محاولتك الابتعاد عنها لا تؤثر عليك في عبادتك على وجه يبطل العبادة فصلاتك لا تبطل وإن جرى ذكر هذه المرأة على قلبك وكذلك الصيام والحج ولكن حاول بقدر ما تستطيع أن تعرض عنها وأن تنتهي عن التفكير بها وعلم نفسك وقل لها إن التفكير في هذه المرأة لا يزيد الأمر إلا بلاء وشدة هذا إذا تعذر عليك الوصول إلى التزويج بها فإن تيسر ذلك فهو الحل الوحيد.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم هذا طالب جامعي رمز لاسمه بـ ع. د. جده يقول في رسالته أرجو عرض رسالتي هذه على فضيلة العلماء وفقهم الله راجياً من الله التوفيق لكي أحصل على الإجابة التي تنير لي الطريق وتهديني إلى سواء السبيل أنا شاب أبلغ من العمر العشرين عاماً مطيع لله سبحانه وتعالى وموفق في دراستي الجامعية ولكن مشكلتي يا فضيلة الشيخ هي أنني أحس دائماً بثورة جنسية لا أستطيع مقاومتها حيث أنني أفقد التركيز أثناء الدراسة والمذاكرة ويحصل لي ضيق متكرر فبماذا تنصحونني بارك الله فيكم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: ننصحك بما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء) فإذا أمكنك أن تتزوج فافعل حتى يحصل لك فوائد النكاح التي منها ما أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله (فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج) وإذا لم يمكنك ذلك فعليك بالصوم فإن الصوم عبادة لله عز وجل وهو مخِففٌ من شدة الشهوة ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام (فإنه له وجاء) فإن لم يمكنك الصوم فاستعفف وتصبر وتحمل كما أمر الله تعالى به في قوله (وَلْيَسْتَعْفِفْ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ) وتله عن هذا الأمر حتى يجعل الله لك فرجاً ومخرجاً.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم السائل إبراهيم أحمد من جيزان يقول لي أخ أكبر مني متزوج ويسكن معنا في بيت واحد علما بأن البيت صغير ولا يستطيع أخي أن يشتري بيتا آخر في أي مكان وأنا أتجنب المكان الذي تكون فيه زوجة أخي ولكن في بعض الأوقات أقابلها بدون قصد وأدير وجهي إلى مكان آخر كي أتجنبها وعلى هذا الحال تكون حياتنا في هذا البيت أفتونا مشكورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا حرج عليك في هذا ولكن لا يحل لك بأي حال من الأحوال أن تنفرد بها في البيت بل إذا خرج أخوك فاخرج إلا أن يخرج بزوجته معه وذلك لأن الخلوة بالمرأة الأجنبية محرمة نهى عنها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقال (لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم) وأخبر أن (من خلا بامرأة كان الشيطان ثالثهما) وقال (إياكم والدخول على النساء قالوا يا رسول الله أرأيت الحمو قال الحمو الموت) والحمو هو قريب الزوج كأخيه وعمه وخاله وما أشبه ذلك وبهذه المناسبة أحذر بعض الناس الذين يتهاونون بهذا الأمر حيث يخرجون من البيت وليس في البيت إلا زوجاتهم وإخوانهم فينفرد الأخ بزوجة أخيه وحينئذ تحصل الفتنة الكبرى وربما الفاحشة العظمى

وفي هذه الحال إذا كان البيت واحداً ولا بد فليكن الأخ في مجلس الرجال ويكون بينه وبين المرأة باب مغلق مقفل ومفتاحه مع الزوج حتى يأمن الإنسان على أهله من خلوهم بأخيه.

***

ص: 2

‌يقول ما الحكم في الرجل يقبل المرأة ويعمل بها كل شيء ما عدا الزنى وما كفارة ذلك كما نرجو من فضيلتكم أن ترشدونا إلى كتبٍ تذكر ذلك حيث إن كثيراً من الشباب في قريتنا مبتلون بذلك وأريد أن أقوم بالنصح لهم أفيدونا جزاكم الله عنا خير الجزاء وأعانكم على نشر دعوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا العمل الذي ذكرته أيها السائل حرامٌ عليهم لأن الله تعالى يقول (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (29) إِلَاّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (30) فَمَنْ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْعَادُونَ) ويقول سبحانه وتعالى (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً) فتأمل قوله (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى) ولم يقل ولا تزنوا لأجل أن يتناول ذلك كل ما كان سبباً ووسيلةً إلى الزنى وهذا الذي عملوه هو من زنى اليد باللمس ومن زنى العين بالنظر ومن زنى الرجل بالمشي فهذا حرامٌ عليهم فعليهم أن يتوبوا منه ويجب على ولاة الأمور تعزير هؤلاء وتأديبهم بما يردعهم وأمثالهم ويحول بينهم وبين هذه المعصية ولم يحرم الرسول عليه الصلاة والسلام الخلوة بالمرأة الأجنبية إلا خوفاً من هذا وأمثاله فأنت وفقك الله انصحهم بما يجب عليك وحذرهم من هذا وأما الكتب التي تذكر ذلك فهي كتب التفسير وكتب الأحاديث وكتب الفقه وكلها ولله الحمد مصرحةٌ بتحريم هذا الشيء وأنه لا يجوز ولا يحل.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم المستمعة من الخرج ح م س تقول ما رأيكم فيما يتداول بين أيدي الشباب من قصص أجنبية

فأجاب رحمه الله تعالى: رأيي في القصص الأجنبية على سبيل العموم أنه ينبغي لنا إن لم أقل يجب علينا أن نتجنبها لأن فيما ذكر من قصص سلف هذه الأمة كفاية ودراية وهداية أما ما يذكر من قصص الأجانب فإن غالبها سم أو دسم أكثره سم وفيها من الشر والفساد وتعلق القلب بهؤلاء الأجانب ما يوجب صرف الإنسان عن دينه وعن سلفه الصالح.

فنصيحتي لكل إخواني المسلمين الذين يريدون أن يحققوا إيمانهم أن يتجنبوا مثل هذه القصص وأن يستغنوا بقصص أسلافنا ذات المجد والعزة والكرامة والإيمان الصادق وأن يستغنوا بها عما سواها وليعلم هؤلاء أن أعداءنا من الأجانب إذا رأوا أن قصصهم متداولة بين أيدينا فإنهم يكتسبون بذلك عزاً ورفعة ويعرفون أننا أتباع لهم ومقلدون لهم وأننا نتتبع سيرهم وأخلاقهم وآدابهم فيزدادون بذلك عزة علينا وعلواً وفخراً لكن إذا علموا أننا قد هجرناها ونبذناها واستغنينا بما ينفع من قصص أسلافنا وخيرة أمتنا عرفوا قدر منزلتهم في أعيننا ولست أعني بذلك أن نعرض عن كل ما يرد من الأجانب من المنافع والمصالح كدراسة ما يشتمل على علم الطب أو علم الصناعة أو غير ذلك من العلوم النافعة فإن هذا مما جاء به الشرع ولا حرج أن نستعين بخبرة الكافر ولو كان كافراً وها هو النبي صلى الله عليه وسلم (لما هاجر من مكة إلى المدينة استأجر رجلاً يقال له عبد الله بن أريقط من بني الديل يهديه الطريق من مكة إلى المدينة) فاستعان بخبرة الكافر لكنها استعانة نافعة لنا وليست ضارة لنا في ديننا فإذا استعان الإنسان بخبرة الكافرين فيما ينفع فإن هذا لا بأس به فقد يكون عند الكفار من الخبرة في مثل هذه الأمور ما ليس عندنا لتفرغهم لها وتخصصهم بها، لكني أحذر عندما ننتفع بخبراتهم ومعلوماتهم أن يقع في نفوسنا محبة لهم ومودة لهم بل ننتفع بعلومهم وخبراتهم على وجه مجرد من المحبة والموالاة والمودة لأن موالاة أعداء الله مخالفة لدين الله عز وجل قال الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) وقال تعالى (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمْ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمْ الْمُفْلِحُونَ) وقال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنْ الْحَقِّ) .

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم هذا المستمع سعد علي من متوسطة المخواة يذكر أنه شاب متدين ويحمد الله على ذلك يقول لكن مشكلتي بأنني رسبت في اختبار الدور الأول ولم أجزع والحمد لله بل صبرت مع العلم بأن من الشباب من لا يصلون إلا قليلا ولا يذكرون الله إلا يسيرا ويرتكبون المخالفات وقد نجحوا فهل الدراسة ترتبط بالدين أو لا ترتبط نرجو التوجيه بارك الله فيكم مع العلم بأنني لن أتراجع عن إيماني أبداً لكن بعض الناس يسبونني فما رأي الشرع في نظركم في حالتي

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الذي نرى في حالتك أنه لا أثر للدين في تخلفك عن الدراسة وعدم نجاحك فيها بل إن الدين قد يكون سبباً في نجاحك لأن الدين من تقوى الله وقد قال الله تعالى (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً) . (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) فلا تغرنك الأماني الكاذبة والوساوس الخادعة فتظن أن نشاطك في العبادة سببٌ في تخلفك في الدراسة وربما لو لم تكن على جانبٍ كبير من العبادة لكان التخلف أكثر وأكثر فأنت لا تدري ثم إن الدراسة وتحصيل العلم من فضل الله عز وجل والله يعطي فضله من يشاء فعليك أن تتجه إلى ربك بالدعاء والاستغفار وأن لا تمن بعملك على ربك ثم اجتهد ما استطعت في الدروس تحفظاً وتفهماً وبحثاً فلعل الله سبحانه وتعالى أن يوفقك بعد هذا بالنجاح ولا تيأس فإنك إذا لم تنجح في هذه السنة نجحت في السنة الثانية وكم من أناس تعبوا ولم ينجحوا وفشلوا أول سنة ونجحوا في السنة الثانية أو الثالثة المهم أن لا تدع الدراسة من أجل فشلك سنة أو سنتين بل استمر وأيضاً لا تدع الديانة ظناً منك أن لها تأثيراً في نجاحك فإن هذا من وساوس الشيطان وإيهامه ليصدك عن ذكر الله.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم هذه رسالة وصلت من مستمع للبرنامج أخوكم أ. ع. ص. يقول في هذا السؤال فضيلة الشيخ أنا شابٌ كنت في ضلالٍ كبير ولكن الحمد لله الذي هداني إلى الطريق المستقيم وأنار لي طريق الحق إنه على كل شيء قدير ولكنني عندما أكون أصلى يحاول الشيطان أن يذكرني بأيام الجاهلية وكذلك عندما أكون في مكانٍ خالٍ مع نفسي ماذا أصنع وبماذا تنصحونني مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: يقول الله تعالى (وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنْ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) فنقول لهذا الأخ كلما أصابك شيء من هذه الأمور التي تخاف على نفسك أن تضل وتنحرف بسببها فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم أما إذا كان تذكرك لما حدث منك في الجاهلية لتذكر نعمة الله عليك بالاستقامة التي من بها الله عليك فإن هذا لا بأس به لأن النبي صلى الله عليه وسلم (ذكر أصحابه أنهم كانوا ضلالاً فهداهم الله به وكانوا متفرقين فجمعهم الله تعالى به وكانوا عالةً فأغناهم الله به) فتذكر الإنسان ما كان عليه من الفسوق ومخالفة الشرع على سبيل تذكر نعمة الله سبحانه وتعالى بالهداية لا بأس به ولا حرج أما إذا كان يتذكره ويخشى أن ينحرف بهذا التذكر ويرى من نفسه دافعاً إلى العودة إليه فلا يتذكره لما يخشى فيه من الشر والفتنة.

***

ص: 2

‌هذه رسالة وردتنا من محافظة الأنبار يقول مرسلها في بداية شبابي بدأت المواظبة على الصلاة والصيام والذهاب إلى المسجد في كل وقت، وكنت أجد في صلاتي وصيامي منحة كبيرة كالخشوع وحب العبادة وكل ما يرضى الله سبحانه وتعالى كنت أبادر إليه باستمرار وعلى هذا المنوال مدة سنتين أو أقل أو أكثر، ولكن الذي حدث خلال هذه المدة هو أنني واجهت ضروباً من المشكلات والمصاعب من الناس، أو بالأحرى من الحاقدين على الإسلام بالإضافة إلى العاطفة الجنسية التي أثرت علي وأنا شاب، فكل هذه المؤثرات وغيرها أخذت تنخر في قلبي وتهدم ما بنى النور، نور الحق، فذهب عني جوهر العبادة من صلاة وصيام وخشوع وصدق مع الله والحب الذي كان متأصلاً في روحي، وفي الوقت ذاته بدأت ألوم نفسي لماذا أنا كذلك؟ ولماذا هذا التهاون عن الواجبات وأصبح جل اهتمامي ودعائي هو الثبات على دين الحق، وأن أبقى رجلاً صالحاً ولكن الصلاح وكما تعلمون هو بصلاح القلب، فأطلب منكم الحل لهذه المشكلة وأن ترشدوني للعمل الصواب وما هي الكتب التي ترشدونني إلى قراءتها والله يرعاكم ويحفظكم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الرجل الذي أصيب بهذه النكسة ننصحه بأن يصبر ويصابر على ما كان عليه في أول عمره من الاستقامة والخشوع في الصلاة، والإقبال على الله عز وجل ومحبته فإنه كما قال الله تعالى (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ) فبالصبر واليقين تنال إمامة الدين، والإنسان يعرض له مثل هذه العوارض، ولكنه إذا صبر وصابر، واستعاذ بالله من الشيطان الرجيم امتثالاً لقوله تعالى (وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنْ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) فإنه سوف تكون العاقبة له، فالذي ننصحه:

أولاً بالمصابرة على الأعمال الصالحة والحرص على الخشوع وحضور القلب،

ثانياً الإكثار من تلاوة كتاب الله سبحانه وتعالى وتدبر معانيه ومطالعة التفاسير الموثوق بها لتفسير معاني الآيات الكريمة.

ثالثاً الإكثار من ذكر الله عز وجل فإن الله تعالى يقول (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) .

رابعاً مطالعة كتب الحديث الموثوق بها أيضاً وتفهم ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من السنة الصحيحة والحرص على تطبيقها.

خامساً أن يختار له من الأصحاب من يعينونه على هذا الأمر من أهل العلم والبصيرة والكفاءة وبفعل الأسباب يهيئ الله له الأمر مع الاستعانة بالله تعالى وشدة الإقبال إليه.

***

ص: 2

‌الوسواس والأمرض النفسية

ص: 2

‌بارك الله فيكم، هذه مستمعة أم أحمد تقول بأنها امرأة متزوجة وعندها طفلان تحمد الله على ذلك ومواظبة على الصلوات الخمس في مواعيدها ومواظبة على قراءة القرآن، تقول ولكن مشكلتي عند الوضوء وعند الصلاة في كل فرض يصيبني وساوس أن وضوئي غير سليم وأن صلاتي فيها شك وتستمر معي المشكلة على هذا الحال فانصحوني ماذا أفعل جزاكم الله خيراً

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذه الوساوس من الشيطان، وقد قال الله تعالى (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً) ، والشيطان يوسوس لابن آدم في عبادته وفي معاملاته وفي جميع أحواله حتى يدعه غير مستقر على أمر من الأمور وربما يفسد عليه العبادة من وجوه شتى ودواء ذلك أن يستعيذ الإنسان بالله من الشيطان الرجيم وينتهي عما وسوس به ويعرض عنه، ففي الطهارة مثلاً يأتي للإنسان ويقول ما غسلت يدك، ما أكملت الغسل، ما استوعبت اليد كلها التي يجب غسلها وما أشبه ذلك وربما تحدث له هذه الوساوس بعد فراغه من الوضوء ودواء ذلك كله أن تقول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم وأن تعرض حتى لو قال لك الشيطان إنك لم تكمل الغسل أو أنك أسقطت عضواً من أعضائك فلا يهمنك مادام الأمر فيك على سبيل الوسواس الدائم، ويأتي في الصلاة أيضاً يوسوس للإنسان بأنه لم يصل صلاة كاملة بأنه نقص ركوعاً أو نقص سجوداً وما أشبه ذلك، فليعرض عنه وليستعذ بالله من الشيطان الرجيم ولا يضره، وربما يأتي بعض الناس فيما بينه وبين أهله فيقول إنك طلقت زوجتك أو قلت لها إن فعلت كذا فأنت طالق أو ما أشبه ذلك وهو لم يقع، لكن وسواس حتى إن بعض الناس يصل به الأمر إلى إفساد العبادة من أجل الوسوسة فيأتيه مثلاً ويقول انتقض وضوؤك وهو لم ينتقض لكن لقوة الوسواس يذهب فيحدث ثم بعد أن يتوضأ من هذا الحدث يأتيه الشيطان ويقول أنت محدث ومن قوة هذا الوسواس يذهب ويحدث ثم يذهب ويتوضأ وهكذا، وهكذا في الصلاة يأتيه الشيطان بعد أن صلى ركعة أو أكثر يقول ما كبرت للإحرام، ما نويت الصلاة، فيقطع صلاته ويبتدئ من جديد فإذا شرع فيها جاءه مرة ثانية وقال ما نويت ما كبرت فيعيد وهكذا حتى يخرج الوقت والإنسان يبدأ الصلاة ثم يقطعها ويستأنف وهكذا، وليس الأمر يقتصر على الفعل لكن يكون في الإنسان قلق نفسي وتعب وكذلك بالنسبة للطلاق يقول للشخص أنت طلقت زوجتك وهو لم يطلقها لكن وساوس ثم يقول إذن استريح فيطلق، وربما تكون هذه الطلقة آخر طلقة فيقع في حرج شديد، ودواء ذلك كله أن يستعيذ الإنسان من الشيطان الرجيم وينتهي كما أرشد إلى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فيمن يأتيه الشيطان ويقول (من خلق كذا ومن خلق كذا حتى يقول من خلق الله فليستعذ بالله من الشيطان الرجيم ولينته) وليعرض عن هذا، وهذه البلوى تحدث لبعض الناس حتى إنهم يسألون أحياناً يقول إن الشيطان يقول لي إنك تصلى للصنم مع أنه في بيته وليس عنده صنم وربما لا يعرف الصنم ولا يدري ما هو لكن الشيطان يخدعه ويغره وربما يقول له إنك تصلى لله ولكن أين الله فيؤدي به إلى الجحود نسأل الله العافية، لكن دواء ذلك أن يقول طيب أنا توضأت الآن وصلىت فلمن أصلى أليس لله هذا هو الإيمان ولا أحد يتوضأ ويأتي ويصلى سواء في مصلاه إن كان ممن لا تجب عليه الجماعة أو في المسجد إلا وهو مؤمن بالله عز وجل لأنه لا يصلي ولا يتطهر إلا لله وهذا هو الإيمان، فما يلقيه الشيطان في قلب الإنسان من هذه الوساوس العظيمة يجب أن يطردها الإنسان بهذين الأمرين بالاستعاذة بالله من الشيطان العظيم والانتهاء عنها والإعراض عنها ثم بعد هذا تزول.

***

ص: 2

‌المرسلة إيمان من بغداد وردتنا هذه الرسالة تقول بعد التحية والسلام إني فتاة في التاسعة عشرة من عمري من العراق أشكو من كثرة الوسواس ومن عدم قدرتي على السيطرة على نفسي من كثرة التفكير والوسواس الذي يصل في بعض الأحيان إلى حد الكفر حتى عند أدائي للصلاة وعند قراءتي للقرآن الكريم وإني دائمة الاستغفار ولكن لا جدوى منه فأنا أتعذب من هذا الوسواس فأرشدني أثابك الله

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الوسواس في الغالب يحدث من الفراغ النفسي والفكري بل والجسمي لأن الإنسان إذا انشغل اهتم بما يشتغل به فبعد عن الأفكار والوساوس الرديئة ولكن مع ذلك قد يحدث الوسواس حتى مع وجود ما يشغل الفكر والجسم والنفس والطريق إلى التخلص منه:

أولاً عدم الالتفات إليه والاهتمام به فلا يلتفت إليه المرء ولا يهتم به ولا يجعل له شأناً في نفسه حتى لو وسوس فليوطن نفسه على أن هذا الأمر ليس بحقيقة ثم يدع التفكير فيه وهذه طريقة التخلي أن يخلي نفسه منه وألا يهتم به ولا يلتفت إليه.

الطريق الثاني للتخلص أن يستعمل الأسباب المنجية منه وذلك بكثرة التعوذ بالله تعالى من الشيطان الرجيم ومن الوساوس ويكون حين التعوذ مستشعراً بأمرين أحدهما الافتقار إلى الله تبارك وتعالى الافتقار الكامل من جميع الوجوه بحيث يتبرأ الإنسان في هذه الحال من حوله وقوته ويفوض الأمر إلى الله سبحانه وتعالى الثاني أن يشعر بأن الله تعالى قادر على إزالة ذلك لأنه جلّ وعلا (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) وينبني على هذا الأمر الثاني قوة الرجاء لله سبحانه وتعالى وحسن الظن به حتى يتخلص من هذا الداء الذي أصابه في نفسه.

الطريق الثالث للتخلص من هذا الأمر أن يكون حين اشتغاله بأمور دينه ودنياه جاداً فيها بمعنى أن يحضر قلبه عند العمل للعمل وحينئذ إذا انصرف القلب عن الوسواس والخمول الفكري إلى الجد في العمل والنظر إلى الأمور بعين الجدية فإن القلب يتحرك وينصرف ويتجه إلى هذه الأعمال وبذلك ينسى وتزول عنه تلك الوساوس والأفكار الرديئة.

الطريق الرابع للتخلص أن يعلم بأن هذا الأمر ولا سيما الوساوس في العقيدة وفيما يتعلق بالله تبارك الله وبأسمائه وصفاته قد ورد على من هم أكمل منا إيماناً وأرقى منا حالاً وهم الصحابة رضي الله عنهم وقد شكوا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم (فأمرهم أن يستعيذوا بالله تعالى من ذلك وأن ينتهوا عنه) وبهذه الطرق الأربعة التي تحضرني الآن يمكنك أن تتخلصي من هذه الوساوس التي أصابتك وأسأل الله أن يعافيك منها ويعافي جميع المسلمين.

***

ص: 2

‌هذه سائلة م س القصيم البكيرية تقول فضيلة الشيخ حفظكم الله أنا مسلمة والحمد لله أصلى وأصوم ولكن المشكلة عندي في الوضوء ينتابني الوسواس الذي يجعلني أستمر في الغسل وطول الوقت أفكر في الآخرة والعذاب في نار جهنم وأنا الآن خائفة جداً لذلك أطلب من فضيلتكم أن توجهوا لي نصيحة حول هذا الموضوع

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نصيحتي لهذه السائلة ولغيرها ممن ابتلوا بالوسواس وهم كثير أن يعرضوا عن هذا الذي يقع في نفوسهم إعراضا تاما بعد أن يستعيذوا بالله من الشيطان الرجيم لأن الوساوس التي تكون في القلب من الشيطان فمثلا الإنسان إذا توضأ وغسل وجهه وغسل يديه ومسح رأسه وأذنيه وغسل رجليه لا حاجة إلى أن يقول لعلي ما فعلت لعلي ما فعلت بل الغسل مرة واحدة يكفي ومرتين أفضل وثلاث مرات أفضل والزيادة على ثلاث إساءة ولهذا جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه توضأ مرة مرة ومرتين مرتين وثلاثا ثلاثا وقال (من زاد على ذلك فقد أساء وتعدى وظلم) وقد قال الله تعالى (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً) ولم يزد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في الوضوء على ثلاث فأعلى ما يسمح به للمرء في التكرار هي الثلاث ولا يزيد عليها وربما يعمل الإنسان هذا العمل لكن لكونه موسوسا يكون قلبه يعصَّر ويمتقع لونه ويقول ما أتممت ما أتممت أنا لا أزال على حدث أقول له نعم صل ولو كنت تعتقد هذا وصل ولو كنت تعتقد أنك لم تتوضأ لأنك إذا أهنت الشيطان بهذا الفعل الحازم الجازم خنس مع ذكر الله عز وجل فهذا من أهم ما يطرد به الوسواس العزيمة الصادقة مع الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم والاستعانة به على الحزم وألا يلتفت الإنسان لهذه الوساوس لا في الوضوء ولا في الصلاة ولا في الطواف ولا في السعي ولا في غيرها ويذكر أن أحد العلماء رحمهم الله وهو ابن عقيل من فقهاء الحنابلة أتاه رجل يستفتيه فقال له إني أكون على جنابة فأذهب إلى الفرات أنغمس فيه للغسل من الجنابة ثم أخرج وأقول إن الجنابة لم ترتفع فماذا ترى أيها الشيخ فقال له أرى ألا تصلى فقال الرجل كيف ألا أصلى قال الشيخ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال (رفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتى يستيقظ وعن الصغير حتى يبلغ وعن المجنون حتى يفيق) وأنت مجنون كيف يكون عليك الجنابة وتذهب إلى النهر وتنغمس فيه لترفع الجنابة عن نفسك ثم تقول ما ارتفعت الجنابة هذا جنون فأرى ألا تصلى فتفطن الرجل لنفسه لهذه الكلمة من هذا العالم الجليل رحمه الله.

***

ص: 2

‌يقول السائل بأنه رجل يصوم ويصلى ويعبد الله ويحمد الله على ذلك ثم يقول ولكن أخشى من أشياء أجدها في قلبي وأكون دائماً قلقاً منها كثيراً ولكن لا أستطيع أن أتحكم بما في قلبي فهل يكفر الإنسان بهذه الأشياء والوسواس دون أن ينطق بها أفيدوني مشكورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا يكفر الإنسان بما يجد في قلبه من الوساوس التي قد توصل إلى الكفر فإن الصحابة رضي الله عنهم شكوا مثل هذا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (فأمرهم أن يستعيذوا بالله وينتهوا عن ذلك) فهكذا ينبغي للإنسان إذا حس بهذه الوساوس أن يعرض عنها ويتغافل ويستعيذ بالله من الشيطان الرجيم وستذهب ومن المعلوم أن الشيطان عدو للإنسان فإذا رأى من الإنسان قوة في الدين وقوة في الإيمان أخذ يدخل عليه هذه الوساوس يشككه في إيمانه وربما تصل هذه الوساوس إلى أن يقولها بلسانه فيكفر فإن بعض الناس المبتلين بهذا الأمر نسأل الله العافية قد تصل به الحال إلى أن يتكلم بلسانه ويقول بلسانه يزعم إنه إذا قال بلسانه فرج عن نفسه ثم تاب وهذا خطر عظيم فالدواء الناجع أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ويتغافل عن هذا ويعرض عنه إعراضاً كاملاً ثم لا يضره.

***

ص: 2

‌جزاكم الله خيرا السائل ع ر يقول في هذا السؤال أنا شاب أبلغ من العمر حوالي الثامنة عشرة وأحب الله وأحب الرسول وأبذل جهدي للابتعاد عن المعاصي قدر المستطاع وأحافظ على الفرائض التي فرضها تبارك وتعالى ولكن ينتابني وسواس يشككني في عقيدتي وأنا متيقن وهذه الوساوس سببت لي القلق الشديد كيف السبيل للخلاص من هذه الوساوس

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الوساوس التي تعتري الإنسان من الشيطان دليل على قوة إيمانه وعلى أن إيمانه خالص وذلك لأن الشيطان إنما يأتي إلى القلب العامر ليدمره وإلى القلب المتيقن يشككه وهذه الوساوس لا تضر الإنسان شيئا ودواؤها بما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (أن تستعيذ بالله وأن تنتهي عنها) تعرض عنها وتتلهى عنها ولا تهمك وسرعان ما تخبو وتزول والذي أصاب هذا الشاب قد أصاب الصحابة رضي الله عنهم وشكوا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك فأمرهم أن يستعيذوا بالله من الشيطان الرجيم وأن ينتهوا عن هذا فإذا استعمل من وقعت فيه هذه الوساوس ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم فهذا هو الدواء الناجع ولا دواء أنفع مما ذكره النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فنقول لهذا الشاب أبشر فإنك بخير مادام قلبك متيقنا وأما هذه الطوارئ التي تطرأ عليه فإنها من الشيطان ولا تضره شيئا.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم من جمهورية مصر العربية أحد الإخوة المستمعين يقول في رسالته بأنه شاب في الخامسة عشرة من العمر مقيم للصلاة بفروضها ولكن تقابلني مشكلة وهي وسواس النفس عن الخالق مع أنني مؤمن ومتحمس فهذه الوساوس تضايقني كثيراً فكيف أتخلص منها أثابكم الله

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذه الوساوس التي تعتري الإنسان المؤمن ليست بغريبة وليست بدعاً من الأمر بل هي قديمة شكا منها الصحابة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلما دخل الإيمان في القلب واستقر به حدثت مثل هذه الوساوس لأن الشيطان يريد أن يفسد على المرء إيمانه فتدخل عليه هذه الوساوس لكن المؤمن لا يركن إليها حتى وإن وردت على قلبه فإنه يرفضها ولا يقبلها ولهذا لو سئل مصارحة هل تعتقد في الله عز وجل ما كنت توسوس به الآن لقال (لا) قطعاً وهذا يدل على أن قلبه قد رفض هذه الوساوس التي يلقيها الشيطان لكن الشيطان يجعل هذه الوساوس ظلمة على القلب بقدر ما يستطيع ولكن المؤمن يرفضها رفضاً باتاً.

ودواء ذلك أن تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم وأن تنتهي عنها وتعرض إعراضاً كلياً فالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم استعاذة بالخالق الذي بيده ملكوت كل شيء والانتهاء عنها قطع لوساوس الشيطان التي يلقيها في قلبك وقد ذكر لعبد الله بن عباس أن اليهود كانوا يقولون إننا لانوسوس في صلاتنا فقال نعم صدقوا وما يسكن الشيطان في قلب خراب يعني لأن اليهود قد خربت قلوبهم فسواء حضرت قلوبهم في صلاتهم أم لم تحضر فصلاتهم فاسدة غير مقبولة لأنهم كفار وحضور قلوبهم لا ينفعهم فالمؤمن الخالص الإيمان هو الذي يأتيه الشيطان بمثل هذه الوساوس ليلبس عليه ويشككه ولكن إذا استعاذ بالله من الشيطان الرجيم وانتهى عن ذلك وأعرض فإنه لا يضره وكما أسلفت قريباً علامة أن هذا الوسواس لا يضرك أنه لو قال لك قائل أتعتقد هذا في الله عز وجل أتعتقد هذا في دين الله أتعتقد هذا في رسول الله صلى الله عليه وسلم لكان جوابك بالرفض التام وهذا يدل على أنها وساوس لا أساس لها ولا ثبوت لها.

***

ص: 2

‌هذه رسالة من الحائرة من المملكة العربية السعودية الرياض هـ ع. تقول في سؤالها أنا صاحبة وسواس فإذا جاءتني العادة في رمضان وأفطرت سبعة أيام لازم أزيد يوم وتصير ثمانية وإذا كانت ثمانية أيام أجعلها تسعة، وإذا كنت صائمة وطار في حلقي شيء من الهواء أو غيره يخيل لي أن صيامي غير صحيح، فأعيد ذلك اليوم من شهر رمضان ثم تقول إن وساوسها تزيد دائماً فما الحل لها

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الحل لهذه المرأة المبتلاة بهذا الوسواس أن تكثر من ذكر الله عز وجل ومن دعائه سبحانه وتعالى أن يزيل عنها ما نزل بها، وأن تكثر الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، وأن تصمم وتعزم على ارغام الشيطان بترك الخضوع لوساوسه ومع الاستعانة بالله وبذل المجهود في إزالة ذلك سوف يزيل الله عنها ما حصل من هذه الوساوس، ولتعلم أن المرأة إذا طهرت من الحيض بسبعة أيام، لا يجوز أن تترك اليوم الثامن فلا تصومه إذا كان ذلك في رمضان، فإن تركها لليوم الثامن وهي طاهر من كبائر الذنوب لأنه ترك لفريضة من فرائض الإسلام إذ أن صوم أيام رمضان فريضة، فإذا أخلت بيوم كان ذلك ضرراً كبيراً عليها، والشيطان لا يريد منها إلا أن تقع في هذا المحظور فتدع صيام يومٍ أوجب الله عليها صيامه.

***

ص: 2

‌كيف يمكن الخلاص من الوساوس في الطهارة في كل شيء والوسواس في الوضوء والصلاة

فأجاب رحمه الله تعالى: التخلص من ذلك يكون بأمرين الأمر الأول الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم فإن الشيطان يوسوس في صدور الناس ويشكك في أمور دينهم بل حتى في غير أمور الدين يتسلط على الإنسان حتى يبقى الإنسان دائماً ليس على يقين من أمره فيستعيذ بالله من الشيطان الرجيم الأمر الثاني أن يعرض عن هذا بقلبه ولا يلتفت إليه وكأنه لم يكن وبذلك يزول عنه هذا الوسواس الذي يصيب كثيراً من الناس وعليه فليستعذ بالله من الشيطان الرجيم ولينته وليعرض عن هذا نهائياً حتى لو فرض أن الرجل في صلاته قلق وقال لعلي نقصت ركعة أو لعلي لم أكبر تكبيرة الإحرام أو لم أقرأ الفاتحة وما أشبه هذا فلا يلتفت لهذا إطلاقاً وكأن شيئاً لم يكن وحينئذٍ يزول عنه بإذن الله.

***

ص: 2

‌جزاكم الله خيرا السائل الذي رمز لاسمه أأ الرياض يقول كثر في الآونة الأخيرة من يشكون من مرض الوسواس فما هو العلاج الناجع في نظركم من الكتاب والسنة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: العلاج الناجع للوساوس سواء كانت في العقيدة أو في الأعمال هو إن يستعيذ الإنسان بالله من الشيطان الرجيم وأن ينتهي عن ذلك انتهاءً كاملا لأن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن ما يجده الإنسان في نفسه فيما يتعلق بالله تبارك وتعالي فأمر بأمرين:

الأول الانتهاء والإعراض وعدم المبالاة وأن يغفل عن ذلك غفلة تامة.

والثاني أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم فإذا فعل ذلك فإنه يرتفع عنه هذا الوسواس بمشيئة الله تعالى ثم إنه يجب أن نعلم أن ما شك فيه فالأصل عدمه فإذا شك الإنسان هل أحدث بعد الوضوء فالأصل أن الوضوء باقٍ وإذا شك هل طلق زوجته فالأصل أن النكاح باقٍ وهلم جرّا.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم السائلة م. م. أبها تذكر بأنها فتاة من عائلة محافظة وتحمد الله تقول: مشكلتي بأنني كنت على درجة طيبة من التقوى والدين فكنت كثيرا ما أقرأ القرآن وأكثر من الصلاة والتهجد والصيام والعبادات وكم بكيت كثيرا من خشية الله عز وجل وكنت في سعادة كبيرة لإيماني بالله ولكن منذ فترة بسيطة تغيرت حالي تماماً أصبحت كثيرة القلق والاكتئاب أحاول قراءة القرآن ولكن دون جدوى حتى إذا قرأت لا أستطيع أن أكمل التلاوة وكذلك إذا قرأت أذكار الصباح والمساء أقول في نفسي لا فائدة منها ولم أعد أهتم بصلاة التهجد أو الصيام وأحس بأن كل ما أفعله من سيئات بأنه ليس بإرادتي وأصبحت أعيش حياة تعيسة جدا لدرجة أنني أحيانا أنكر البعث والحساب وأنكر عذاب القبر وأنكر الجنة والنار وأنا الآن إنسانة أخرى لا أعرف ما السبب وكثيرا ما أخاف من خاتمة السوء ماذا أعمل يا شيخ محمد مع العلم بأنني فشلت كثيرا في محاولاتي وجهوني وأرشدوني جزاكم الله خيرا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أسأل الله تعالى لها العافية وأن يعيدها إلى رشدها السابق وأبشرها بأن هذا وساوس من الشيطان يدخلها في قلب المرء المؤمن ليعكر عليه حياته ويفسد عليه دينه ودواء ذلك بأمرين:

أحدهما الإعراض عن هذا الشيء وتناسي هذا الشيء والتغافل عنه والاستمرار في العمل الصالح.

والثاني وهو حقيقة الأول الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم بأن تقول كلما أحست بمثل ذلك أعوذ بالله من الشيطان الرجيم هكذا أرشد النبي صلى الله عليه وسلم من يقع في قلبه وساوس من الشيطان، ثم إن قولها إنها أحيانا تنكر البعث وتنكر الجنة والنار هذا أيضا من الوساوس لأنها لو سئلت أتنكرين البعث قالت أعوذ بالله أنا أنكر البعث لو سئلت أتنكرين الجنة والنار قالت أعوذ بالله أنا أنكر الجنة والنار وبناء على هذا يكون ما يقع في قلبها من مثل تلك الوساوس لا أثر لها ولا ضرر عليها فيه فلتبشر بالخير ولتستعذ بالله من الشيطان الرجيم ولتستعن بالله عز وجل على الإيمان الراسخ والعمل الصالح.

***

ص: 2

‌سؤال الأخت نوال المحمد من الرياض تقول أنا إنسانة أقوم الليل في الساعات الأخيرة منه حيث هو أفضل أوقات الصلاة كما تعلمون ولكن المشكلة هنا تكمن في أنه ينتابني بعد أو أثناء الصلاة بعض المخاوف وأستعيذ بالله من الشيطان الرجيم وأقرأ المعوذتين وبسبب هذه المخاوف ينصرف ذهني إليها وأصبح مشغولة تماماً عن صلاتي وكل شيء من حولي هادئ وساكن وبالتالي كل شيء يخيل إلي أرجو أن توصلوني من بعد الله عز وجل إلى طريقةٍ أتخلص بواسطتها من تلك المخاوف وفقكم الله

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذه المخاوف إذا كانت أسبابها ظاهرة حسية فالتخلص منها بدفاعها والبعد عنها وإذا كانت أسبابها خفية معنوية فالتخلص منها بكثرة الذكر والتعوذ بالله من الشيطان الرجيم وقراءة آية الكرسي فإنها إذا قرأها الإنسان في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ ولا يقربه شيطانٌ حتى يصبح وإذا لم يلتفت الإنسان إلى هذه الوساوس وهذه المخاوف فإنها تزول عنه بإذن الله.

***

ص: 2

‌تقول السائلة إذا كانت المرأة شكاكة في أهلها وأقاربها ومن عندها وعندها سوء ظن فيمن عندها فهل تأثم على ذلك

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم تأثم لأن الواجب إحسان الظن بالمسلم الذي ظاهره العدالة ولا يحل لأحد أن يظن سوءاً بأخيه بدون قرينه أو بينة والإنسان إذا أغواه الشيطان سواء كان رجل أو امرأة بمثل هذه الأوهام والشكوك تعب وأتعب وأحب وأبغض فالواجب الكف عن ذلك إلا إذ وجد شيء بين ظاهر فلكل شيء حال ومقال.

***

ص: 2

‌يقول السائل أعاني من مرضٍ نفسي شديد وهو نوعٌ من الوسواس الخبيث ومن أمثلة ذلك إذا كان مثلاً أمامي شخصٌ ما وأنا أذكر الله فإن الشيطان يصرف قلبي إلى ذلك الشخص كأني أعنيه بالذكر أو إذا قلت أشهد أن محمداً رسول الله فإن قلبي ينصرف بسبب الشيطان إلى شخصٍ آخر مثلاً اسمه محمد وأنا في قلق ونكدٍ من العيش بسبب هذا المرض الخبيث وهو نتيجة تمادي الوسواس عندي وهل أكفر بذلك وهل أعيد الحج أفيدونا وفقكم الله

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نحن نبشر الأخ بأن ما ذكره من هذا الوسواس هو صريح الإيمان وهو علامةٌ على أن إيمانه جيدٌ وخالص لأن الشيطان إنما يحاول هدم القائم وأما المنهدم فلا يتعرض له فهذا دليلٌ على أن عند الأخ من الإيمان القوي ما يحاول الشيطان أن يهدمه وأن يسلخه منه فنقول له هذه وساوس لا تعبأ بها ولا تلتفت إليها ولا يهمك أمرها وإذا أحسست بها فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم فإنه (إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (99) إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ) فأنت يا أخي الزم ما أنت عليه من الإيمان ولا تلتفت إلى هذه الوساوس وحدث نفسك بأنك لا تستطيع أبداً أن تقف أمام هذا الرجل وتقول له أنت محمدٌ رسول الله فإذا كنت لا تستطيع ذلك فمعنى هذا أن ما حدثتك به نفسك ليس بشيء وما هو إلا مجرد وسواسٌ لا تلتفت إليه وهكذا ما تجده بالنسبة لأفعال الله تبارك وتعالى أو لصفاته فإن ذلك من الشيطان فاستعذ بالله منه ولا تلتفت إليه وسيزول عنك إن شاء الله.

***

ص: 2

‌السائل يقول بعض الأحيان يطرأ علي شك في بعض الأمور الشرعية فهل من علاجٍ له في الكتاب والسنة مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: ما أدري ما معنى الشك هل هو يشك في وجوده أو يشك في فعله إن كان الأول فالواجب عليه أن يسأل لقول الله تعالى (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) وإن كان الثاني فليبن على اليقين ولا يلتفت للشك فإذا شرع في الوضوء وفي أثناء الوضوء شك في النية هل نوى أو لا نقول استمر في الوضوء ولا تلتفت وإذا شرع يصلى وفي أثناء الصلاة شك هل نوى أم لا نقول استمر ولا تلتفت للشك وإذا كان عليه صلاة فائتة وشك هل قضاها أم لا نقول صلها واطرح الشك والأمثلة على هذا كثيرة فالمهم أن نقول لهذا السائل إن كان الشك شكاً في الحكم الشرعي فاسأل أهل العلم وإن كان شكاً في عملك فعليك باليقين إلا ما يكفي فيه غلبة الظن فاعمل بغلبة الظن.

***

ص: 2

‌أحسن الله إليكم وبارك فيكم السائلة س. ن. م. تقول فضيلة الشيخ أشعر بعض الأحيان بالضيق والاكتئاب فما سبب ذلك وما العلاج مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: السبب لا أستطيع أن أعرفه لأن أسباب الاكتئاب والضيق متنوعة ولكن هناك شيء ينتفع به المرء وهو أن يقول ما جاءت به السنة (لا إِلَهَ إِلَاّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنْ الظَّالِمِينَ) هذه واحدة

الثانية: أن يقرأ حديث ابن مسعود رضي الله عنه (اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك ناصيتي بيدك ماضٍ في حكمك عدلٌ في قضاؤك أسألك اللهم بكل اسمٍ هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي وغمي) فإن هذا من الأدوية الناجعة المفيدة وكلما أكثر الإنسان من ذكر الله ارتفعت عنه الهموم والغموم لقول الله تعالى (أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) وينبغي للإنسان أن يكثر من الأوراد الثابتة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في الصباح والمساء وأكثر ما يضر الناس في هذه الأمور الغفلة عن ذكر الله وعن الأوراد الشرعية.

***

ص: 2

‌فضيلة الشيخ حفظكم الله يقول هل الوسواس في القلب يعتبر من النفاق أم يدل ذلك على ضعف الإيمان لهذا الشخص حيث أنه لا طاقة له في ذلك ويراوده الوسواس في فترات كثيرة خاصة عندما ينوي فعل عمل الصالحات

.

فأجاب رحمه الله تعالى: الوسواس في القلب ليس نفاقاً ولا دليلاً على ضعف الإيمان بل هو دليل على قوة الإيمان إلا أنه يجب على الإنسان أن يقاومه فقد شكا الصحابة رضي الله عنهم هذه الوساوس إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال (أوجدتم ذلك) قالوا نعم قال (ذاك صريح الإيمان) يعني خالص الإيمان ثم (أمر عليه الصلاة والسلام من وجد ذلك أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم وينتهي) فإذا أحس المؤمن بهذه الوساوس التي يلقيها الشيطان فعليه أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم وينتهي ويعرض وستزول بإذن الله تعالى فهي إذاً ليست دليلاً على النفاق ولا على ضعف الإيمان ووجه كونها صريح الإيمان أن الشيطان لا يأتي إلى قلب خراب يفسده لأنه فاسد وإنما يأتي إلى القلوب السليمة الخالصة ليفسد عليها دينها ويقينها وذكر لابن عباس أن اليهود يقولون نحن لا نوسوس في صلاتنا يفتخرون بذلك فقال صدقوا وما يصنع الشيطان بقلب خراب فالشيطان لن يأتي إلى القلب الخراب يخربه لأنه خربان ولكن على من ابتلي بهذه الوساوس أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ولا يلتفت إليها ويمضي في عمله إن دنيوياً كان أو أخروياً.

***

ص: 2

‌هل يؤاخذ الإنسان على الوساوس التي تحصل له ويضيق بها الصدر وما هو الوسواس القهري وما العلاج في ذلك

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا يؤاخذ الإنسان على وسوسة الصدر بل وسوسة الصدر تدل على كمال الإيمان وعلى أن الإيمان خالص وذلك أن الشيطان عجز أن يصد هذا الرجل عن دين الله بالتهاون والتفريط فلجأ إلى الوسوسة مما يدل على أن القلب عامر وأن الشيطان يريد أن يدمره وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم عند حدوث هذه الوسوسة بأمرين الأمر الأول الاستعاذة بالله من ذلك يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم لأن هذا من وساوس الشيطان والثاني الإعراض عنه والانتهاء عنه وعدم ترديده في النفس وإذا فعل هذا زال عنه وليحرص الإنسان غاية الحرص على أن يتلهى تلهياً كاملاً ولا يلتفت إليه لأنه لا يضره بل هو كما قلت صريح الإيمان للحديث الصحيح في ذلك.

***

ص: 2

‌السائل ع. ف. م. من اليمن يقول بأنه شاب في الثانية والعشرين من العمر يصلى ويحمد الله على ذلك ولكن في الفترة الأخيرة أصبت بحالة نفسية وهي داء الغرور أي: الكبر ومن طبيعة المصاب بهذا المرض أن يكون فيه النفاق والرياء وكثير من هذه الأمور حاولت أن أعالج نفسي عند الدكتور وبالقرآن ولكن دون فائدة والسؤال هل تقبل صلاتي وصيامي وأنا بهذه الحالة مع العلم بأني أكره هذه الصفات المذمومة ولكن لم أستطع التخلص منها لأنها بدون إرادتي وجزاكم الله خيرا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الواجب على من ابتلي بمرض نفسي من وساوس وغيرها أن يلجأ إلى ربه عز وجل ويكثر السؤال بإلحاح وطمع في الإجابة وحسن ظن بالله عز وجل وإذا غلب هذا الأمر على نفسه ولم يستطع مدافعته فإنه لا شيء عليه في ذلك لقول الله تبارك وتعالى (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا) ولقوله تبارك وتعالى (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) ولأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم سئل عن مثل هذه الأمور فقال: (ذلك صريح الإيمان) وأمر النبي صلى الله عليه وسلم من أصيب بوساوس فيما هو أعظم مما ذكره السائل (أن يستعيذ بالله وينتهي) أي يستعيذ ويعتصم به جل وعلا وينتهي أي يعرض ويتغافل عما يقع في نفسه من مثل هذه الوساوس فليستعمل هذا الرجل السائل الاستعاذة بالله عز وجل من الشيطان الرجيم وينتهي عما يصيبه من هذه الوساوس ويعرض ويتلهى فإنها بإذن الله تزول ولئن تأخر زوالها فلا ييأس لأن اليأس من رحمة الله تعالى من كبائر الذنوب ولا ييأس أحدٌ من رحمة الله وهو يحسن الظن به أبدا بل اليأس من رحمة الله سوء ظن بالله عز وجل وأسأل الله لهذا السائل أن يعصمه من الفتن ويعيذه من الشيطان الرجيم.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم السائل الذي رمز لاسمه ب. ع. ف. م. يقول هل يؤاخذ الله عز وجل المصابين بالوسواس القهري

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا يؤاخذ الله من ابتلي بالوسواس القهري لقول الله تعالى (رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ) ولقوله تعالى (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَاّ وُسْعَهَا) لكن على من ابتلي بالوسواس أن يكثر الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم وأن يتلهى عن ذلك ويعرض عنه فإنه متى فعل هذا زال عنه بإذن الله.

***

ص: 2

‌ع ش ي يقول أنا والحمد لله أصلى مع الجماعة في المسجد ولكن يأتيني في أكثر الأوقات شيء يقول لي بأنك تصلى رياء للناس ولكنني أتعوذ بالله من هذا وبعض الأوقات أيضاً يشككنني في الله سبحانه وتعالى حيث يقول لي إذا نصحت إخواني وأهلي وقرأت عليهم الكتب الطيبة يقول لي إنك لا تفعل هذا إلا لتكسب الشهرة حتى يقولوا بأنك رجل خير ودين وأنت ما تفعله إلا رياء فماذا تنصحونني بارك الله فيكم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الذي ننصحك به أن تعلم أن هذه الوساوس من الشيطان يلقيها في قلبك ليحول بينك وبين هذا الفعل بل ليحول بينك وبين العمل الصالح الذي تريد أن تقوم به وأنت تعلم من نفسك أنك ما ذهبت إلى المسجد تصلى مع الجماعة رياء ولا سمعة وإنما ذهبت امتثالاً لأمر الله ورسوله وتعلم كذلك أنك ما قمت بالنصيحة لأهلك وأصحابك ومن يتصل بك إلا لترشدهم إلى دين الله عز وجل رجاء أن يحييهم الله على يديك فتنال الخير الكثير الذي قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم (لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم) كل هذا هو ثابت في قرارة نفسك وأنت عالم به ولا تفعله إلا وأنت مطمئن إلى هذا القصد والنية فما يرد عليك من الخواطر والأوهام فإنما هي وساوس من الشيطان ليحول بينك وبين الخير والدعوة إليه وقد كان هذا يصيب الصحابة رضي الله عنهم ويصيبهم ما هو أعظم من ذلك يصيبهم من الهواجس والخواطر ما لو سقطوا من السماء لكان أحب إليهم مما كان في نفوسهم أو لو احترقوا واحترقوا لكان أهون عليهم والرسول عليه الصلاة والسلام أمرهم بأن يستعيذوا بالله من الشيطان الرجيم وينتهوا عن هذه الوساوس ويعرضوا عنها وبذلك يشفون منها وتزول بإذن الله عز وجل فاصبر على طاعة الله واصبر على الذهاب إلى المساجد وعلى الدعوة إلى الله عز وجل وهذه الأوهام التي تصيبك والخطرات التي يلقيها الشيطان في قلبك لا تنظر إليها إطلاقاً وإذا مارست الإعراض عنها وعدم الالتفات إليها واستعنت بالله تعالى في ذلك وسألته أن يزيلها من قلبك فأبشر بالخير وأن الله تعالى سيزيلها.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم هذا المستمع م. ن الرياض يقول فضيلة الشيخ أفيدكم بأنني مبتلى بمرض نفسي فما هي الأدعية التي تكشف هذا المرض مع العلم بأنني لا أريد الذهاب إلى الأطباء والمرض قد دام معي أكثر من خمس سنوات مع الرجاء بالدعاء لي بالشفاء بارك الله فيكم

.

فأجاب رحمه الله تعالى: نسأل الله أن يشفيه ويعافيه وأحسن ما يكون أن يقرأ الإنسان المعوذتين قل أعوذ برب الفلق قل أعوذ برب الناس وأن يقرأ سورة الإخلاص قل هو الله أحد ويقرأ آيه الكرسي والآيتين في آخر سورة البقرة وما جاء عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من التعوذات المعروفة في كتب أهل العلم مثل كتاب الكلم الطيب والوابل الصيب والأذكار ويراجع في هذا العلماء الذين عنده ليروه الأحاديث المناسبة للمرض الذي حل به نسأل الله لنا وله الشفاء.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم هذه مستمعة للبرنامج تقول في هذه الرسالة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أتمنى أن تصلكم هذه الرسالة وأنتم بخير ثم تقول إنها تشعر بحالة نفسيه وعندما أجلس وحدي أتذكر الموت وسكراته وعذاب القبر وتكفين الميت فأخاف كثيراً ثم يدق قلبي كثيراً وأخاف وأقول الآن أنا سوف أموت والآن سوف يأتي ملك الموت ويأخذ روحي وأظل سهرانة حتى الساعة الثالثة صباحاً ولا أستيقظ لصلاة الفجر فماذا أفعل أرجو إعطائي بعض الأدعية لمنع ذلك

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذه الوحشة التي تصيب المرأة أحياناً تقع لكثير من الناس يأتيه الشيطان ويروعه ويقل له أنت تموت هذه الليلة أو غداً أو بعد أسبوع وما أشبه ذلك وربما يريه رؤى كاذبة في هذا الأمر فيقلق ويلحقه الأرق ويتعب نفسياً ويتأخر في نومه كما جاء في هذا السؤال ودواء ذلك أن يستعيذ الإنسان بالله من الشيطان الرجيم وأن يقرأ آية الكرسي فإن (من قرأها في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ ولا يقربه شيطان حتى يصبح) وليقرأ قل هو الله أحد قل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس وليقل أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق وليحاسب نفسه ويقول لها ألم يكن بالأمس قد أوحى إليه الشيطان أنه يموت غداً أو يموت في ليلته فهل مات حتى يتبين له أن هذا أوهام وخيالات لا حقيقة لها وإذا شغل نفسه عندما تحصل له هذه الهموم بذكر الله عز وجل والتسبيح والتحميد والتكبير زال عنه ذلك وأسرع إليه النوم لأن ذكر الله يطرد الشيطان وبذكر الله تطمئن القلوب.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم هذا المستمع للبرنامج الذي أرسل بهذه الرسالة الطويلة رمز لاسمه بـ ع. ر. أ. من الدمام يقول في هذه الرسالة بأنه شاب يبلغ من العمر السابعة والعشرين نشأ في أسرة متمسكة بدينها ونشأ سليم العقل والبدن ويحمد الله على ذلك ولكن يقول يجب الإيمان بالقضاء والقدر حيث إنني أصبت بمرض نفسي ولا يوجد لهذا المرض أسباب إلا سبب واحد وهو أني كنت أرهق نفسي في أيام الامتحانات وأنا بالمرحلة الثانوية حيث كنت أسهر الليل ولا أنام إلا قسطاً قليلاً من الليل وبعد نهاية الامتحانات فوجئت برسوبي في مادة الرياضيات وأخيراً ضغطت على نفسي أيام العطلة الصيفية في الدراسة وأتممت الامتحان في الدور الثاني والحمد لله تم النجاح وبعد ذلك بفترة بسيطة جداً أصبت بمرض نفسي مثل الأرق فأحاول في الليل أن أقاوم هذا المرض فلم أفلح ولكن بدون جدوى ويقول أحس بضيق وهلوسة وبعد ذلك راجعت كثيراً من العيادات النفسية وكثيراً من الأطباء شخصوا هذا المرض بأنه وسواس قهري والبعض منهم قال لي إن هذا المرض ناتج عن مرض وراثي وأنا الآن ما زلت غير مقتنع بكلام الأطباء لأنهم لم يتوصلوا إلى نتيجة وسؤالي بماذا تنصحونني أثابكم الله يا فضيلة الشيخ ثانياً أحياناً يحصل لي عدم التركيز وأنا في الصلاة ثالثاً في بعض الأحيان يصدر مني كلام خارج عن إرادتي مثل سب أو شك هل يكتب عليّ شيء في ذلك أرجو النصح والتوجيه مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إن هذه الحال التي قصها هذا السائل قد تعرض لكثير من الشباب بسبب الإرهاق الفكري أو البدني والدواء لذلك أن يعطي الإنسان نفسه من الراحة ما تستريح به وأن يكثر من ذكر الله وقراءة القرآن وأن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم دائماً وأن يلزم الاستغفار لأن الاستغفار من أسباب حصول الخير واندفاع الشر وأن يحرص على مصاحبة الأخيار من بني جنسه فإن الجليس الصالح كحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن يبيعك وإما أن تجد منه رائحة طيبة وليعرض عن تذكر هذه الحال لأن تذكر الشيء ينتقل به المتذكر من الخيال إلى الحقيقة فإذا أعرض عنه وتناساه فإنه بإذن الله يزول عنه وأما مسألة الصلاة فإنه ينبغي له إذا أحس بما يشغله عن صلاته من الهواجس أن يتفل عن يساره ثلاث مرات مستعيذاً بالله من الشيطان الرجيم ثم بعد ذلك يزول بإذن الله أما الشك فلا يكتب على الإنسان إثم مادام لم يقتنع به ولم يمل إليه ولم يقرره في نفسه بل هذا الشك يكون من الشيطان يلقيه في قلب الإنسان الموقن لعله يزول إيقانه وينتقل من اليقين إلى الشك ولهذا يجب إذا أحسست به أن تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم وأن تنتهي عنه وتعرض عنه.

وأما السب والشتم فإن الإنسان يؤاخذ به لأن الذي ينبغي للإنسان إذا غضب أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم وأن لا يستأسر لغضبه فإن الغضب جمرة يلقيها الشيطان في قلب الإنسان حتى تنتفخ أوداجه ويحمر وجهه ويقول ما لا ينبغي فإذا أحس بذلك فليستعذ بالله من الشيطان الرجيم وإن كان قائماً فليقعد وإن كان قاعداً فليضطجع وليتوضأ أيضاً فإن ذلك كله مما يزيل الغضب عنه وأما استئسار الإنسان للغضب وكونه ينخدع له فإن هذا خلاف الحزم وقد استوصى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال له (لا تغضب فردد مراراً قال لا تغضب) .

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم المستمع محمد أبو بكر سوداني مقيم في جدة يقول مشكلتي التي أعاني منها هي كثرة الوسوسة في كل شيء حتى أصبحت أكره الحياة وأكره نفسي وأتضايق من كل شيء ولكني مازلت أعاني من هذا الوسواس منذ زمنٍ بعيد أرجو إرشادي إلى ما فيه راحة نفسي وتفكيري جزاكم الله خيرا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الذي أرى أن الدواء الناجع لهذا الوسواس ما أرشد إليه الرسول صلى الله عليه وسلم وهو (الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم والانتهاء) والإعراض عن هذه الوساوس فيشتغل الإنسان بعمله ويعرض عن هذه الوساوس فمثلاً لو قدر أن الوساوس تعتريه في حال طهارته فليتطهر وليمض في طهارته وإذا فرغ فلا يفكر مرةً أخرى حتى لو قالت له نفسه إنه لم يتم الطهارة فليمض ولا يهتم بذلك وكذلك في الصلاة لو صار يشك في صلاته هل كبر الإحرام هل قرأ الفاتحة هل صلى ركعة أو ركعتين أو نحو ذلك من الشكوك الكثيرة التي تعتريه عند كل صلاة فلا يلتفت إلى هذا ولا يهتم به لأنه إذا التفت إلى هذا واهتم به ازداد عليه وتنكدت حياته وكذلك من ابتلي بالوسواس في أهله وصار يظن أنه طلق وارتبك في حياته الزوجية فإنه لا يلتفت إلى هذا وليستعذ بالله من الشيطان الرجيم ويعرض عن هذا حتى يزول بإذن الله عز وجل حتى إن بعض الناس من شدة الأمر عليهم إذا قال له الشيطان إنك قد طلقت زوجتك يقول إذاً أطلقها وأرتاح ويمضي الطلاق وهذا خطأٌ عظيم وليس من الأمور المشروعة بل إنه لو فرض أنه حدث له هذا الأمر وطلق من أجل الضغط النفسي الداخلي فإن امرأته لا تطلق في هذا الحال لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال (لا طلاق في إغلاق) وهذا الرجل الذي عنده هذا الوسواس والضغط النفسي هو في الواقع قد طلق في إغلاق المهم أن هذه الوساوس التي تحصل للإنسان في طهارته وفي عبادته عموماً وفي معاملته مع الناس ومع أهله دواؤها أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم وأن يعرض عنها ولا يلتفت إليها.

***

ص: 2

‌الأناشيد والشعر والتمثيل والألعاب ونحوها

ص: 2

‌بارك الله فيكم هذه رسالة وصلت من مستمع للبرنامج المستمع أبو حمزة من المدينة المنورة يقول فضيلة الشيخ ما حكم الشرع في نظركم في الأناشيد الإسلامية

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الأناشيد الإسلامية لا يمكن الحكم عليها حتى تسمع وينظر ما موضوع الأنشودة وهل أنشدت على وجه التلحين الغنائي الهابط أو أنشدت على وجه الحداء البعيد عن نغمات الغناء الماجن وتلحينه وهل أنشدت بأصوات جميلة جذابة تثير الفتنة وتحرك الساكن أم أنشدت بأصوات عادية لا يحصل بها الفتنة فإذا كان موضوع الأنشودة جيداً لا محذور فيه ولم تلحن تلحين الأغاني السافلة الهابطة ولم يكن فيها أصوات مؤدية إلى الفتنة فإنه لا بأس بها ولكن بشرط ألا تكون ديدن الإنسان بحيث يكب عليها كثيراً وألا يتخذها الواعظ الوحيد لقلبه دون أن يرجع إلى وعظ الكتاب والسنة فهذه ثلاثة شروط

الشرط الأول أن يكون موضوع الأناشيد موضوعاً جيداً غير محظور ويلتحق بهذا الشرط أن لا تلحن تلحين الأغاني الماجنة السافلة وألا تكون بأصوات فاتنة

الشرط الثاني ألا يكب عليها كثيراً

الشرط الثالث أن لا يجعلها هي الواعظ الوحيد لقلبه بحيث يعرض عن موعظة القرآن والسنة فإذا تمت هذه الشروط الثلاثة وإن شيءت فاجعلها خمسة فأرى أنه لا بأس بها أما إذا اختل شرط واحد منها فليُعدل عنها.

***

ص: 2

‌المستمع أبو عبد الله يقول سمعت بعض الأناشيد الإسلامية وفيها لحون تشبه لحون الغناء ولكنها بدون موسيقا وهي بأصوات جميلة فما حكم ذلك علما بأن البعض من الإخوان يتحرج منها ويقول بأنها من أعمال الصوفية

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذه الأناشيد التي سأل عنها السائل وتسمى بالأناشيد الإسلامية دخل فيها بعض ما نحذر منها أنها تغنى كغناء المطربين الذين يغنون بالأغاني الهابطة ومنها أنها تكون بأصوات جميلة جذابة ومنها أنها أحيانا تكون مصحوبة بالتصفيق أو بالدق على طشت أو شبهه والذي جاء في السؤال خال عن التصفيق وخال من الضرب على الطشت وشبهه لكن يقول السائل إنه بألحان كألحان الغناء الهابط وأنه بأصوات جميلة جذابة وحينئذ نرى أن لا يستمع لمثل هذا لما فيه من الفتنة والتشبه بألحان الغناء الماجن وخير من ذلك أن يستمع الإنسان إلى مواعظ نافعة مأخوذة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأقوال الصحابة والأئمة من أهل العلم والدين فإن في ذلك غنى وكفاية عما سواه والإنسان إذا اعتاد أن لا يتعظ إلا بشيء معين كألحان الغناء فإنه ربما لا ينتفع بالمواعظ الأخرى لأن نفسه ألفت ألا يتعظ إلا بهذا الشكل من المواعظ وهذا خطير يؤدي إلى الزهد من موعظة القرآن الكريم والسنة النبوية وأقوال أهل العلم والأئمة فالذي أنصح به أن يتجه الإنسان إلى استماع ما ذكرته من المواعظ التي تشتمل على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأقوال الصحابة وأئمة المسلمين من بعدهم.

***

ص: 2

‌ماحكم الاستماع إلى الأناشيد الإسلامية

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أولاً ينبغي للإنسان أن لا يستمع إلا إلى شيء يجد فيه منفعة بدون مضرة كالقرآن والأحاديث والأحكام الفقهية وغيرها مما ينتفع به السامع أما الأناشيد فالأناشيد الإسلامية كما يقولون ينظر فيها ما موضوع القصيدة وكيفية أدائها وهل يحصل بها فتنة وهل تصد عن الاتعاظ بالقرآن والسنة فإذا كان موضوع هذه الأناشيد موضوعاً باطلاً كأناشيد الصوفية مثلاً أو نحوها فلا يستمع لها وإذا كان أداؤها على نحو أداء المغنين أصحاب الفن أو على نحو أداء الصوفيين فلا يستمع لها ومن ذلك إذا كان فيها طبل أو ضرب على الأرض وما أشبه ذلك وإذا كانت بأصوات مغرية كأصوات المردان التي قد تثير الشهوة فلا يستمع لها وإذا خشي أن لا يتعظ قلبه إلا بها وصارت هي ديدنه فلا يستمع لها المهم أن لها شروطاً لابد من مراعاتها.

***

ص: 2

‌هذه سائلة للبرنامج أم عبد الرحمن من المنطقة الجنوبية أبها تقول أرجو من فضيلة الشيخ محمد أن يجيبني على أسئلتي السؤال الأول ما حكم الاستماع إلى الأناشيد الإسلامية لكثرة ما نسأل عنها ولكثرة أيضاً ما وقع فيها من خلاف واختلاف من العامة مع العلم بأنها مجرد أشعار إسلامية منها شعر الحماسة والتذكير بنهاية الإنسان إلى غير ذلك من المواضيع الهادفة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الأناشيد التي هي مواعظ يذكر فيها حال الإنسان عند الموت وحال الإنسان بعد الدفن وحال الإنسان يوم القيامة الاستماع إليها مطلوب وقد كان السلف الصالح يستمعون إليها لأنها ترقق القلب وتدمع العين وتخشع الجوارح وفيها فائدة وكذلك الأناشيد الحماسية التي تلقى بأصوات ليس فيها فتنة وليست مصحوبة بآلات لهو من دف أو غيره لا بأس بها أيضاً لكن بشرط أن لا تشتمل على إثارة الشعوب على أولياء الأمور فإن اشتملت على ذلك فلا يجوز الاستماع إليها

القسم الثالث من هذه الأناشيد الإسلامية ما يلقى على صفة الأغاني الهزيلة السافلة أو يلقى مصحوباً بالدف أو يلقى بأصوات جميلة فاتنة فهذه لا يجوز الاستماع إليها هذه ثلاثة أقسام من الأناشيد التي يقال عنها إنها أناشيد إسلامية.

***

ص: 2

‌هذا السائل ف. أ. ص. مكة المكرمة يقول أسأل عن حكم الاستماع إلى ما يسمى بالأناشيد الإسلامية بالنسبة للشاب المسلم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أجيب على هذا السؤال بجوابٍ عام فالأناشيد الخالية من آلات اللهو أي من الموسيقا والمزمار وما أشبه ذلك إذا كان موضوعها موضوعاً مفيداً وأنشدت على الوجه المعروف عند العرب ولم يكن فيها أصواتٌ فاتنة تثير الشهوة فلا بأس بها فقد (كان حسان بن ثابت رضي الله عنه ينشد الشعر في مسجد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فمر به عمر بن الخطاب ذات يوم وهو ينشد الشعر فلحظه كأنه يستغرب ما فعل فقال له حسان قد كنت أنشد هذا وفيه من هو خيرٌ منك) يعني رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أما إذا كانت الأناشيد مصحوبة بآلات اللهو كالمزامير والموسيقا والطبول أو كان موضوعها موضوع غرام وفتنة أو كانت الأصوات فيها مغرية مثيرة للفتنة أو أنشدت على تلحين الأغاني الماجنة فإنها لا تجوز.

***

ص: 2

‌أحسن الله إليكم السائلة مريم م. ع. من المملكة العربية السعودية تسأل وتقول ما رأي فضيلتكم في الاستماع إلى الأناشيد التي تعرف بالأناشيد الإسلامية

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا أستطيع أن أحكم عليها حكماً عاماً لأنها تختلف فإذا أخرجت مخرج الأغاني الهابطة السافلة كانت حراماً وإذا كانت من ذوي أصواتٍ جميلة تفتن السامع كانت حراماً وإذا تضمنت معاني باطلة كانت حراماً وإذا صحبها طبولٌ أو موسيقا صارت حراماً ولهذا لا أستطيع أن أحكم عليها على وجهٍ عام بالحل أو بالتحريم حتى انظر ماذا يتضمنه هذا الشريط على أن في الاستماع إلى كتاب الله عز وجل والأحاديث النبوية والمواعظ والأحكام الفقهية ما هو خيرٌ منها.

***

ص: 2

‌ما هو السن المناسب في تحفيظ الأبناء للقرآن الكريم وما رأيكم أيضا في الأناشيد الإسلامية من أجل تحفيظها للأطفال وتعويدهم على ترديدها

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أما الفقرة الأولى من السؤال وهي السن التي ينبغي أن يبتدأ فيها تحفيظ الطفل كتاب الله عز وجل فإن الغالب أن سن السابعة يكون فيها الطفل مستعدا لحفظ ما يلقى إليه ولهذا كانت السابعة عند أكثر العلماء هي سن التمييز ويوجد بعض الأطفال يكون عنده تمييز قبل سن السابعة ويوجد بعض الأطفال لا يكون عنده تمييز إلا في الثامنة فما فوق فالمهم أن هذا يرجع إلى استعداد الطفل لحفظ القرآن وغالب ذلك سبع سنوات أما الأناشيد الإسلامية فتحتاج إلى أن نسمعها لأن بعض الأناشيد الإسلامية تسمى إسلامية لكن فيها بعض الأخطاء هذا إذا كانت مجردة عن الموسيقى والطبول والدفوف أما إذا صحبها شيء من آلات المعازف فهي حرام لما صحبها من آلات العزف فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال (ليكونن أقوام من أمتي يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف) وهذا نص صريح في أن المعازف حرام ولم يرخص في المعازف إلا في الدف ليالي الزفاف فقط.

***

ص: 2

‌ما حكم كتابة وقراءة الشعر وأيضاً الاستماع إلى الشعر

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: قراءة الشعر وكتابته والاستماع إليه حسب ما فيه إن كان فيه خير فهو خير وإن كان فيه شر فهو شر وإن لم يكن فيه لا هذا ولا هذا فإنه من اللغو الذي ينبغي أن ينزه الإنسان نفسه عنه وكان عباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً إذا مروا باللغو مروا كراما فأرى ألا يستمع إليه ولا يهتم به ما دام ليس فيه نفع له لأنه من لغو القول وإضاعة الوقت بلا فائدة.

***

ص: 2

‌منال عبد الله من الأردن تقول حدثوني عن الشعر المباح

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا يرجع إلى اختيار القصيدة التي تريدها هذه المرأة ومن أحسن القصائد التي سمعتها الميمية لابن القيم فإن فيها مواعظ وحكماً ترقق قلب الإنسان والقصائد في المواعظ والحكم كثيرة ومعروفة يمكنها أن تطالع كتب الأدب وتأخذ منها ما شاءت.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم هذا سائل يقول يا فضيلة الشيخ لي صديق يحب الشعر ويكتبه وسألني هل الشعر حرام في الإسلام حيث قرأ قول الله عز وجل (وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمْ الْغَاوُونَ) فما رأيكم في ذلك أفيدونا جزاكم الله خيرا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الشعر (حسنه حسن وقبيحه قبيح) ولا بأس أن يكون الإنسان شاعراً إذا كان ينظم المسائل المفيدة كنظم العلوم الشرعية وما يساندها من العلوم العربية وكذلك حتى علم التوحيد فهاهي الكافية الشافية في اعتقاد الفرقة الناجية وها هي النونية لابن القيم كلها نظم وهي في التوحيد وها هو ابن عبد القوي رحمه الله كان له نظمٌ طويل على قافية الدال في الفقة يبلغ حوالي أربعة عشر ألفاً وما زال العلماء يفعلون ذلك فأما كراهة الأخ للشعر استدلالاً بقوله تعالى (وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمْ الْغَاوُونَ) فنقول اقرأ الآيات حتى تكملها فيتبين لك الأمر (إِلَاّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيراً وَانتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ) فاستثنى الله عز وجل من الشعراء الذين آمنوا وعملوا الصالحات وبين أن الشعراء المذمومين هم الذين يتبعهم الغاوون والذين في كل وادٍ يهيمون فإذا لم يكن الإنسان على هذا الوصف فإنه لا بأس به وها هو حسان بن ثابت رضي الله عنه ينشد الشعر في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم بحضرة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم هذا طالب جامعي رمز لاسمه بـ أ. أ. ب. يقول بأنه أحد الطلاب المتمسكين بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وموفق في دراستي والحمد لله ولكنني أنظم الشعر كثيراً وأقوله في المناسبات وغير المناسبات مما جعلني أقضي جل وقتي أقرأ كتب الشعر وأنظم الشعر فما حكم هذا العمل بارك الله فيكم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا كنت تقول الشعر المباح أو الشعر الذي فيه الخير للناس وتوجيههم إلى ما ينفعهم في دينهم ودنياهم فلا حرج عليك في ذلك أما إذا كنت تقول شعراً محرماً ساقطاً سافلاً فإن هذا حرام عليك ومع هذا فنقول أن الأولى بك وأنت طالب علم أن تدع هذا العمل وأن تقبل على طلب العلم من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأقوال الصحابة والأئمة من بعدهم حتى ينفعك الله بذلك لأن ما أنت عليه الآن إما أن تكون فيه سالماً أو مأجوراً بأجر لا يساوي طلب العلم الشرعي المبني على كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقول الصحابة والأئمة وإما أن تكون مأزوراًُ إذا كان ما تقوله من الشعر شعراً ساقطاً سافلاً يدعو إلى الفجور والفحشاء فنصيحتي لك أن تدع ما أنت عليه الآن من الشعر ومراجعة الدواوين وأن تقبل على العلم الشرعي لعل الله أن ينفعك بذلك.

***

ص: 2

‌هل يجوز سماع قصائد البادية أم لا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الغناء المجرد عن الموسيقا وآلات العزف الأخرى مثل الربابة وشبهها يجوز استماعه بشرط أن لا يكون مشتملاً على أشياء توجب الفتنة وبشرط أن لا يصد الإنسان عما يجب عليه من إقامة الصلاة مع الجماعة أو غير ذلك فأما إذا اقترن به عزف من الموسيقا أو آلات اللهو الأخرى فإنه يكون محرماً من أجل ما صحبه من هذه الآلات لأن النبي صلى الله عليه وسلم بين تحريم المعازف حتى إنه قرنها بالزنى والخمر ففي حديث أبي مالك الأشعري الذي رواه البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف) يستحلون الحر يعني به الفرج يعني الزنى والحرير معروف والخمر معروف والمعازف قال العلماء كل آلة لهو يعزف بها ولم يستثن من ذلك شيئاً فالخلاصة أن هذا الغناء الذي للبادية إذا لم يكن مشتملاً على معازف فإن استماعه جائز بالشرطين السابقين.

***

ص: 2

‌هل يجوز حضور الحفلات التي تحضر فيها المطربة دون الطبول

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: المطربة غالباً تكون أغانيها مصحوبة بالموسيقى وإذا كانت مصحوبة بالموسيقى صارت محرمة لأن الموسيقى من المعازف وقد حرم الرسول صلى الله عليه وسلم المعازف كما في صحيح البخاري عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ليكونن أقواماً من أمتي يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف) وهذا صريح بأن المعازف بجميع أنواعها محرمة وأما إذا كانت تغني بدون عزف وبصوت غير ظاهر فإن هذا لا بأس به ولا حرج فيه ولا حرج أيضاً في حضوره لأن حضور المباح مباح أما القسم الأول فإنه لا يجوز حضوره لأن حضور المحرم محرم.

***

ص: 2

‌يقول هذا السائل في صحيح مسلم هناك حديث فيما معناه بأن الرسول صلى الله عليه وسلم (كان يستمع إلى الدف أو الصفير أو الغناء) حسب التفسير للحديث وعندما دخل أبو بكر رضي الله عنه جرى بينهم حديث قال أبو بكر احذروا مزامير الشيطان عند رسول الله فقال الرسول صلى الله عليه وسلم لكل أمة عيد وهذا عيد المسلمين أو ما معناه أرجو أن توضحوا لنا المقصود بهذا الحديث وهل يجوز هذا في العيد أيضا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: اللفظ الذي قاله السائل ليس هو الحديث الوارد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إنما دف وغناء وأبو بكر رضي الله عنه أنكر ذلك لكن النبي صلى الله عليه وسلم قال هذا عيدنا فدل هذا على أنه لا بأس بالدف والغناء في أيام الأعياد لكن بشرط أن يكون الغناء نزيها ليس فيه مدح مشين ولا ذم مقذع ولا كلمات ساقطة سافلة إنما هو غناء يؤذن بالفرح والسرور وما أشبه ذلك وهذا لا بأس به في أيام الأعياد أي لا بأس باستعمال الدف والغناء على الوجه الذي ذكرنا وشرط آخر ألا يمنع من أداء صلاة الجماعة مثلا لأن المباح إذا أدى إلى إسقاط واجب كان حراما.

***

ص: 2

‌ما حكم التصفيق في الحفلات

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: التصفيق في الحفلات ليس من عادة السلف الصالح وإنما كانوا إذا أعجبهم شيء سبحوا أحيانا أو كبروا أحيانا لكنهم لا يكبرون تكبيرا جماعيا ولا يسبحون تسبيحا جماعيا بل كل واحد يكبر لنفسه أو يسبح لنفسه بدون أن يكون هناك رفع صوت بحيث يسمعه من بقربه فالأولى الكف عن التصفيق ولكننا لا نقول بأنه حرام لأنه قد شاع بين المسلمين اليوم والناس لا يتخذونه عبادة ولهذا لا يصح الاستدلال على تحريمه بقوله تعالي عن المشركين (وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَاّ مُكَاءً وَتَصْدِيَةً) فإن المشركين يتخذون التصفيق عند البيت عبادة وهؤلاء الذين يصفقون عند سماع ما يعجبهم أو رؤية ما يعجبهم لا يريدون بذلك العبادة وخلاصة القول أن ترك هذا التصفيق أولى وأحسن ولكنه ليس بحرام.

***

ص: 2

‌أحسن الله إليكم هذه السائلة ع. ح. المالكي من المدينة النبوية تقول ما حكم إقامة الحفلات كحفلات التخرج مثلاً المصحوبة بالدفوف والأناشيد الإسلامية وما حكم الاستماع لها مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أما الحفل الذي يشتمل على الخطب الموجهة والمهنئة للمتخرجين لا بأس به وأما الدفوف والغناء وما أشبه ذلك ففي نفسي من ذلك شيء فإن قال إنسان هذا من الأعياد فالجواب ليس هذا من الأعياد بل قد يكون هذا من إظهار الفرح عند وجود السبب كصنع الوليمة للقادم من سفر وما أشبه ذلك وينبغي لنا أن نتأنى في الحكم على الأشياء وأن لا نتسرع لأننا نحن لسنا مشرعين بل نحن متبعون للشرع فيجب أن نتأنى حتى نعرف أن الشرع منع هذا أم لم يمنعه ثم ليعلم أن الأصل في غير العبادات الحل والإباحة إلا ما ورد النهي عنه.

***

ص: 2

‌ما حكم التمثيل الفكاهي والهادف والديني في المسارح وكذلك في المدارس

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: كثير من إخواننا يمنع من التمثيل مطلقا ويقول إنه لا يجوز لأنه يتضمن الكذب وربما يتضمن استهزاء بالشعائر الدينية كما لو تقمص الممثل شخص رجل كبير السن ووضع عليه لحية من الصوف وما أشبه ذلك ومن الناس من يقول إذا كان التمثيل هادفاً ولم يتضمن محظورا بكذب على أحد ولا بقيام الرجل بدور المرأة أو المرأة بدور الرجل ولم يكن فيه تقليد للحيوانات فإنه لا بأس به فيجيز التمثيل بشروط وليعلم أن الأصل في غير العبادات الحل والإباحة وهذا من فضل الله عز وجل أن يسر على العباد ما لم يحرمه عليهم فإذا كان الأصل الحل فإنه لا بد من إقامة الدليل على التحريم وإذا قلنا إن هذا حرام وقال الآخرون هذا حلال فالقول مع المحلل إلا إذا كان هناك دليل يدل على التحريم فيجب اتباع الدليل وهذا في غير العبادات أما العبادات وهي ما يقصد به التقرب إلى الله فإن الأصل فيها المنع والتحريم لأن العبادات طريق إلى الله عز وجل وهي صراط الله ولا يمكن أن نفتري على الله ما لم يجعله طريقا موصلا إليه فلهذا كانت هذه القاعدة المشهورة عند العلماء قاعدة سليمة دل عليها الكتاب والسنة والنظر الصحيح أن الأصل في العبادات المنع والحظر حتى يقوم دليل على أنها مشروعة والأصل في غير العبادات من الأفعال والأقوال والمنافع الأصل فيها الحل حتى يقوم دليل على المنع ولنضرب مثلا إنسان عامل بمعاملة بيع أو رهن أو تأجير فاختلف الناس فيها فقال بعضهم إنها حرام وقال آخرون إنها حلال نقول الأصل مع من قال إنها حلال حتى يقوم دليل على أن هذا ممنوع

***

ص: 2

‌يقول هذا السائل أبو عبد الله بعض الأدباء يؤلفون قصصاً ذات مغزى وبأسلوبٍ جذاب مما يكون له الأثر في نفوس القراء ولكنها من نسج الخيال فما حكم ذلك

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا بأس بذلك إذا كان يعالج مشكلات دينية أو خلقية أو اجتماعية لأن ضرب الأمثال بقصصٍ مفروضة غير واقعة لا بأس به حتى إن بعض العلماء ذكر ذلك في بعض أمثلة القرآن الكريم أنها ليست واقعة لكن الله ضربها مثلاً مثل قوله تعالى (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) فلا أرى في هذا بأساً لأن المقصود هو التحذير ولكن إن حصل أن يكون عند الإنسان علمٌ من الكتاب والسنة ثم يعرض آيات فيها معالجة مشكلات ويشرحها ويفسرها ويضرب المثل عليها فهو خير وكذلك يذكر أحاديث فيفسرها ويضرب المثل عليها فهذا أحسن بلا شك.

***

ص: 2

‌يقول هذا الشاب بأنهم يلعبون الورق في غير أوقات الصلاة وذلك في أوقات الفراغ فما حكم الشرع في نظركم في لعب الورقة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لعب الورقة مُلهٍ كثيرا ولهذا تجد اللاعبين بها يمضي عليهم الوقت الطويل وكأنه عشر الوقت الذي مضى من شدة التلهي بها ولهذا جزم بعض مشايخنا بتحريمها وممن جزم بذلك شيخنا عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله فإنه كان يرى تحريم لعب الورق سواء كان بعوض أو بغير عوض.

***

ص: 2

‌فضيلة الشيخ هذه رسالة وردتنا من القصيم ومن بريدة المرسل محمد العبد العزيز التويجري يقول السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد، ما حكم لعب ما يسمى بالورقة إذا لم تكن بدراهم أو شيء من ذلك

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذه اللعبة لا شك أنها مما يلهي كثيراً ويستغرق وقتاً طويلاً على لاعبيه تمضي الساعات وهم لا يشعرون بها فيفوتون بذلك مصالح كثيرة ومن ثم قال شيخنا عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله إن هذه اللعبة محرمة ولعله أخذه من قاعدةٍ لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بأن ما ألهى كثيراً وشغل عن الواجب فإنه من اللهو الباطل المحرم وأيضاً فإنه يحدث بها من الضغائن بين اللاعبين إذا غبن أحدهم ما هو معلوم وربما يحصل بها نزاع ومخاصمة أثناء اللعب وشتمٌ وسباب وربما يحدث بها عوض ليس دراهم ولكن من نوعٍ آخر وعلى كل حال فالإنسان العاقل المؤمن المقدر لثمن الوقت لا ينزل بنفسه إلى اللعب بها والتلهي بها

***

ص: 2

‌يقول السائل هل تجوز المغامرة بالنفس أو المخاطرة كما نرى حالياً في بعض أنواع الرياضة العنيفة التي قد تؤدي بمن يمارسها إلى الهلاك

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا محرم ولا يجوز للإنسان أن يغرر بنفسه فيما يخشى منه التلف أو الضرر لأن الله تعالى يقول (وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً) وإذا كان الله تعالى قد نهى عن ذلك فقال (وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ) فإن كل شيء يؤدي إلى الموت أو يؤدي إلى الضرر فإنه أيضاً محرم قال النبي صلى الله عليه وسلم (إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام) فكما أن الإنسان لا يحل له أن يعتدي على غيره فلا يحل له أن يعتدي على نفسه بتعريضها لما فيه التلف أو الضرر.

***

ص: 2

‌هل يجوز لعب الشطرنج تحت الشروط الآتية ليس باستمرار بل في بعض الأحيان مع عدم التلفظ بالكلمات البذيئة أثناء اللعب وعدم تضييع أوقات الصلوات المفروضة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: القول الراجح أن اللعب بالشطرنج محرم.

أولاً لأنه لا يخلو غالباً من صورة تمثاليه مجسمة ومعلوم أن اصطحاب الصور محرم لقول النبي صلى الله عليه وسلم (لا تدخل الملائكة بيتاًَ فيه صورة) .

وثانياً لأنه غالباً يلهي كثيراً عن ذكر الله عز وجل وما ألهى كثيراً عن ذكر الله عز وجل فإنه يكون حراماً لقول الله تعالى في بيان حكمة تحريم الخمر والميسر والأنصاب والأزلام في قوله (إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ) ولأن الغالب في اللاعبين بهذه اللعبة التنازع والتنافر والكلمات النابية التي لا ينبغي أن تقع من مسلم لأخيه ولأن حصر الذهن على هذا النوع من الذكاء يستلزم أن ينحصر تفكير الإنسان وذكاؤه في هذا النوع من الأنواع ويكون فيما عداه بليداً كما حدثني بذلك من أثق به قال إن المنهمكين في لعب الشطرنج نجدهم إذا خرجوا عن ميادينه مما يتطلب ذكاء وفطنة أبله الناس وأغفلهم فلهذه الأسباب كان لعبة الشطرنج حراماً هذا إذا سلمت مما ذكره السائل وسلمت من الميسر وهو جعل عوض على المغلوب فإن اقترنت بما ذكره السائل أو جعل فيها ميسر وهو العوض على المغلوب صارت أخبث وأشر.

***

ص: 2

‌الحيوانات

ص: 2

‌هذه رسالة من السائلة هـ م من الدمام تقول في سؤالها في أيامنا هذه شاع استعمال مصايد الحشرات وخاصة الذباب ومن هذه المصائد نوع كهربائي يستعمل في المنازل وفي المحلات التجارية وغيرها وهو عبارة عن نور أزرق يجذب الحشرات إليه يحيط به أسياخ حديدية ناقلة للكهرباء بحيث إذا وقعت عليها الحشرات قتلها التيار الكهربائي المار بها وقد سمعت من بعض الناس إنه لا يجوز استعمالها لأنه لا يعذب بالنار إلا الله وحده فهل يدخل هذا في ذلك وما الحكم فيه

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذه المصايد لا ينبغي استعمالها إلا إذا دعت الحاجة إلى ذلك مثل أن يكثر الذباب حتى يؤذي أو يكثر البعوض أو غيرهما من الحشرات المؤذية فإذا كثرت فإنه لا بأس باستعمال هذا الشيء وليس هذا من باب التعذيب بالنار لأن موت الحشرة بهذه المصيدة إنما يكون بطريق الصعق وليس بطريق الاحتراق بدليل أنك لو أدخلت إلى هذه الأشرطة خرقة أو قرطاسة فإنها لا تعلق ولا تحترق ولكنها صدمة كهربائية تؤدي إلى قتلها فليس هذا من باب التعذيب بالنار ثم إنه ينبغي أن نعرف أنه ليس استعمال النار محرماً في كل حال بل إنما يكون إذا قصد به التعذيب يعني أن يعذب الإنسان الحيوان بالنار هذا هو المحرم وأما إذا قصد إتلاف المؤذي ولا طريق إلى إتلافه إلا بالإحراق فإن هذا لا يعد تعذيباً بالنار بل إنما هو قتل بالنار ففرق بين التعذيب الذي يقصد به إيلام الحيوان والعنت عليه والمشقة وبين إتلاف الحيوان بطريق لا نتوصل إليه إلا بالنار ولهذا في قصة نبي من الأنبياء أنه لسعته نملة فأمر أن تحرق قرية النمل كلها فأوحى الله إليه هلا نملة واحدة يعني هلا أحرقت نملة واحدة وهذا دليل على أنه إذا لم نتوصل إلى الخلاص من أذية بعض الحيوان إلا بالنار فإن ذلك لا بأس به وها هو الجراد يؤخذ ويشوى بالنار ويؤكل كما جاء ذلك عن السلف ولا ريب أن شيه بالنار هو إتلاف له عن طريق النار والذي لا يحرق بالنار أي لا يشوى بها يغمس في الماء الذي يغلي حتى ينضج ويؤكل فالمهم أنه يجب علينا أن نعرف الفرق بين كوننا لا نتوصل إلى دفع أذية الحشرة أو الحيوان إلا بالنار أو لا نتوصل إلى الانتفاع به إلا عن طريق النار كما في الجراد وغمسه بالماء الحار وبين أن نتخذ النار وسيلة تعذيب لهذا الحيوان والمحرم إنما هو تعذيب الحيوان بالنار لا الوصول إلى الغاية منه أو التخلص منه عن طريق النار إذا كان لا يمكن التوصل إلا بها.

***

ص: 2

‌أحسن الله إليكم يقول السائل ما حكم استعمال الآلة الكهربائية التي تقوم بصعق الحشرات

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لابأس بها لوجوه:

الوجه الأول أن صعقها ليس فيه إحراق ولكنه صعق يمتص الحياة بدليل أنك لو وضعت قرطاسة على هذه الآلة لم تحترق

ثانياً أن الواضع لهذا الجهاز لم يقصد تعذيب البعوض والحشرات بالنار وإنما قصد دفع أذاها والحديث (نهى أن يعذب بالنار) وهذا ما عذب هذه إلا لدفع أذاها.

الثالث أنه لا يمكن في الغالب القضاء على هذه الحشرات إلا بهذه الآلة أو بالأدوية التي تفوح منها الرائحة الكريهة وربما يتضرر الجسم منها ولقد أحرق النبي صلى الله عليه وعلى وسلم نخل بني النضير والنخل عادةً لا يخلو من طير أو حشرة أو ما أشبه ذلك.

***

ص: 2

‌هذه رسالة وصلت من سائلة رمزت لاسمها ب م ص م تقول في السؤال الأول هل يجوز قتل الحشرات بالصعق الكهربائي حيث إنه يوجد الآن أجهزة كهربائية على شكل لمبات مضيئة بلون معين تجذب إليها الحشرات فإذا لامستها هذا الحشرات تصعق كهربائيا فتموت دون أن تحترق

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا بأس بذلك من أجل قتل البعوض ونحوه من الحشرات لأن هذا لا يدخل في التعذيب بالنار إذ أن هذه الحشرة تصعق صعقا لا احتراقا ثم إنه ربما لا يمكن دفع أذاها إلا بهذا فإذا لم يمكن دفع أذاها إلا بالإحراق فلا بأس وذلك لأن المقصود من النهي (أنه لا يعذب برب النار إلا الله عز وجل هو أن الإنسان يريد أن يعذب بالنار لا أن يدفع الأذى بالنار فدفع الأذى غير التعذيب.

***

ص: 2

‌جزاكم الله خيراً يقول هل يجوز حرق الذباب وسائر الحشرات الضارة في البيت بالآلة الكهربائية أم لا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: كأنه يريد ما يستعمله الناس الآن يعلقونه كالنجفة تصطاد البعوض والذباب وما أشبه ذلك وجوابنا على هذا أنه لا بأس أن نضع هذه الأشياء لأن موت هذه الحشرات بها عن صعقٍ لا عن إحراق وإذا كان عن صعقٍ لا عن إحراق فلا بأس بل لو فرض أنه عن إحراق وأنه لا يندفع شرها إلا بهذا فلا بأس بدليل ما حدث به النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن نبيٍ من الأنبياء أنه لسعته نملة فأمر بإحراق قرية النمل كلها فقال الله تعالى (هلا نملةً واحدة) فهذا يدل على أنه إذا لم يمكن دفع هذه المؤذيات إلا بالإحراق فلا بأس به لأن الإنسان لم يقصد تعذيبها إنما قصد إهلاكها ولا سبيل له إلا ذلك.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم السائل من المدينة المنورة رمز لاسمه بـ م. ي. يقول أعمل في محل تجاري وأحيانا أجد بعض الهوام من جرذان أو فئران أو غيرها وقد حاولت القضاء عليها بالقتل مباشرة فلم أستطع لصعوبة ذلك فاشتريت مادة غراء لاصقة لإمساكها فتسبب ذلك بأضرار في البضاعة فاهتديت إلى مصيدة على شكل صندوق مخرم تدخل فيه تلك الحشرات والحيوانات فتنطبق عليها وهي حية ثم بعد ذلك أقوم بقتلها بواسطة سيخ أو آله حادة مع العلم بأن ذلك يحدث بعض العذاب لها أثناء القتل وإذا لم أقتلها أقوم برميها في إناء فيه ماء فلا تستطيع الخروج منه وتبقى كذلك حتى تموت فهل علي حرج في ذلك

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أولا السائل يقول بأنه من المدينة المنورة وهذه كلمة شائعة بين الناس أن يسموا المدينة بأنها المدينة المنورة وحقيقة أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة أضاء منها كل شيء لكن لما توفي أظلم منها كل شيء هكذا جاء الحديث عن أنس بن مالك رضي الله عنه وهي مدينة منورة بلا شك بالعلم والإيمان وكذلك كل مدينة دخلها الإسلام فإنها منورة بالعلم والإيمان والذي ينبغي أن تسمى المدينة. المدينة النبوية كما كان سلفنا المؤرخون يسمونها بذلك أي بالمدينة النبوية وهذه الخصيصة أعني كونها نبوية خاصة بالمدينة لأنها البلد التي هاجر إليها رسول صلى الله عليه وسلم واختارها موطنا له ومات فيها فوصف المدينة بأنها نبوية أولى من وصفها بأنها المنورة وأما ما يتعلق بسؤاله عن هذه الحشرات والجرذان فإن له أن يقتلها بأهون وسيلة سواء أن كان ذلك باللاصق لكن إذا كان باللاصق فلابد أن يلاحظها ويكرر ملاحظتها لئلا تموت جوعا أو عطشا فيقتلها من حين أن يراها أو كان ذلك بما ذكره من وضع فخ تدخل فيه ثم يقضي عليها بالقتل أو كان ذلك بإلقائها بالماء حتى تموت لكن يجب أن يسلك أسهل طريق يحصل به الموت لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة) .

***

ص: 2

‌نقوم بتربية بعض الدواجن داخل منازلنا وفي الآونة الأخيرة تعرضت لهجوم القطط الضالة وأكلت الكثير منها وسببت لنا ضرراً علماً بأن الحمام الذي أكلته نحفظه في برجٍ محكم وبعد صلاة المغرب نقفل ذلك الشباك وفي الصباح نفتح هذا الشباك لخروج الحمام إلى ساحة المنزل وقد حدث هجوم القطط أثناء النهار بعد خروجنا للعمل وحاولنا عدة مرات أن نطردها ولكن القطط استمرت في الهجوم وبعد ذلك اضطررنا إلى دس السم في أكل فضلات الطعام وفعلاً ماتت القطط فما حكم الشرع في نظركم في عملنا هذا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا العمل الذي عملتموه لا بأس به فإذا صال على الإنسان أو على ماله أحد فله أن يدافع عنه ولو أدى ذلك إلى قتل الصائل وهذه القطط التي كانت تهاجم الحمام ولم تندفع بمدافعتها لكم أن تقتلوها إما بالبندق وإما بالسم ولكن احترزوا في مسألة السم أن لا يأكله حيوانٌ آخر يتأذى به وهو لم يؤذكم بحيث تجعلون هذا السم في مكانٍ لا يصل إليه إلا هذه القطط العادية وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد أذن للإنسان إذا هاجمه شخص من البشر ولم يندفع إلا بالقتل أن يقتله فما بالك بالحيوان الذي لا تصل حرمته إلى حرمة الآدمي.

***

ص: 2

‌السائل رمز لاسمه ب ت عبد الله يقول أعرض على فضيلتكم هذا السؤال وهو أنني عندي حيوانات مثل الأغنام والدجاج وهناك بعض الحيوانات المفترسة تأكل الدجاج والأغنام وأضع لهذه الحيوانات السم وتأكله حيوانات بريئة فبماذا توجهونني في هذا هل علي ذنب في ذلك

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نوجهك أن تضع شيئا لا يلحق ضرره إلى شيء بريء من هذه الحيوانات بأن تضع فخاً لا يقتل ما أمسكه فإذا أمسك شيئا تعلم أنه لا يعتدي على ما عندك فأطلقه وإلا فاقتله أما إذا عرفت أنه ليس حولك من الحيوانات المفترسة إلا ما كان عاديا فلا بأس أن تضع شيئا يقتل الجميع لأن الحيوانات المفترسة يسن قتلها سواء اعتدت على الإنسان أم لم تعتدي.

***

ص: 2

‌المستمعة ن. م. ص. من الملكة العربية السعودية تقول في سؤالها الأول: ما حكم إزالة العنكبوت من زوايا البيوت

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إزالة العنكبوت من زوايا البيوت لا بأس بها وذلك لأن العنكبوت تؤذي وتلوث الحيطان وربما تعشش على الكتب وعلى الملابس فهي من الحشرات المؤذية وإن كانت أذيتها خفيفة بالنسبة لغيرها فإذا حصل منها أذية فإنه لا بأس بإزالة ما بنته من العش وإذا لم يندفع أذاها إلا بقتلها فلا بأس بقتلها أيضاً والقاعدة الشرعية أن هذه الحشرات إما أن تكون مؤذية بطبيعتها فهذه يسن قتلها كالعقرب والفأرة والحية ونحوها وإما أن تكون مؤذية لسبب عارض فهذه لا يسن قتلها مطلقاً ولكن تقتل في حال أذيتها ولا تقتل إذا كانت في حال لا تؤذي فيها لأن قتلها في حال لا تؤذي فيها قد يكون سبباً لتعود النفس على العدوان على مخلوقات الله ولكن ليس هذا على سبيل التحريم أو الكراهة إنما على سبيل التورع والأولى لأن الحشرات وشبهها جاءت السنة بها على ثلاثة وجوه:

الوجه الأول: الأمر بقتلها وهذا في المؤذيات بطبيعتها فقد قال النبي عليه الصلاة والسلام (خمس من الدواب كلهن فاسق يقتلن في الحل والحرم الغراب والحدأة والعقرب والفأرة والكلب العقور) فهذه الخمسة وما كان مثلها أو أشد أذية يشرع قتلها بكل حال سواء حصلت منها الأذية فعلاً أو لم تحصل لأنها إن حصلت منها أذية فقد قتلت بتلبسها بالأذية وإن لم تحصل فهي مهيأة للأذية.

القسم الثاني: ما نهى الشرع عن قتله فقد (نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتل أربع من الدواب النملة والنحلة والهدهد والصرد) فهذه لا تقتل.

والقسم الثالث: ما سكت الشارع عنه فالأولى ألا تقتل وإن قتلت فلا حرج فيها.

***

ص: 2

‌هذا السائل عدنان من سوريا يقول إنه يحرق ما تبقى من موسم القمح والشعير في كل سنة لكي يتخلص من بعض البذور والأعشاب والحشائش الضارة في محصول القمح ويقول لكنني أعرف أنه يوجد في الأرض نمل وفئران وحشرات فتحترق وأنا مجبور على ذلك فهل هذا حرام جزاكم الله خيرا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إنني قبل أن أجيب على هذا السؤال أسأل السائل هل هو يحرق الأرض بعد الزرع ليموت ما فيها من النمل وغيره إن كان هذا قصده فإنه حرام أو مكروه على حسب آراء العلماء في ذلك وإن كان لا يريد هذا وإنما يريد تطهير الأرض من النوابت والحشائش المضرة بالزرع فهذا لا حرج عليه فيه لأن ما يحترق من الحشرات وغيرها احترق من غير قصد وأعتقد أنه بوده ألا يكون في الأرض شيء من ذلك ولقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه أحرق نخيل بني النضير في المدينة والنخيل لا تخلو غالباً من أفراخ الطيور أو الطيور نفسها التي تأوي إليها في الليل ولا تخلو أيضاً أرض هذه النخيل من حشرات صغيرة ومع هذا أحرقها النبي صلى الله عليه وسلم ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة فيفرق بين من قصد بذلك أن يتلف هذه الحشرات فهو فاعل لمكروه أو محرم على حسب آراء العلماء في ذلك وبين من قصد تطهير أرضه من النوابت والحشائش الضارة بالزرع فلا شيء عليه ولو مات بذلك النمل والحشرات الصغيرة الزاحفة أو الطائرة.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم يقول السائل أنا من البادية ويوجد حول منزلي نمل تخرج في الليل وتدخل منزلي وتقوم بنقل الذرة والقمح والشعير فتؤذيني عندما تنتشر فإذا قمت بتخريب بيوتها هل عليّ إثم في ذلك

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا كانت النملة على ما وصفها السائل من كونها تؤذي وتسرق الحب فلا حرج عليه أن يفعل كل شيء يبعدها عنه من تخريب البيوت أو صب الزيت حول هذه البيوت أو ما أشبه ذلك مما يبعدها عنه وذلك لأن الأشياء المؤذية لبني آدم لا حرج عليه في مدافعتها بل إن النبي عليه الصلاة والسلام أمر بقتل الدواب التي من طبيعتها الأذى أمراً مطلقاً عاماً فقال عليه الصلاة والسلام (خمس يقتلن في الحل والحرم الغراب والحدأة والعقرب والفأرة والكلب العقور) لكن النمل وما أشبهه من الحشرات التي الأصل فيها عدم الأذية إذا حصلت منها أذية فلا حرج على الإنسان أن يفعل كل ما يتجنب به هذه الأذية.

***

ص: 2

‌لقد دعست بسيارتي قطا منذ فترة بدون قصد هل تجب علي الكفارة من هذا العمل

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: ليس عليك بدعس القط شيء لا كفارة ولا إثم ولا أظن أحدا يدعس قطا أو غيره من هذه الحيوانات الوديعة التي ليس فيها ضرر ولا أذى عمدا فإذا وقع سهواً فلا شيء فيه لكن لو دعست بهيمة لغيرك فعليك ضمانها مثل إن دعست شاة أو عنزاً أو ما أشبه ذلك لشخص آخر فإن عليك أن تضمنها له وليس في ذلك الكفارة إلا أن يضعها في مكان يعتبر متعديا بوضعها فيه ولا تشعر أنت بها إلا في حال لا تتمكن من التصرف في سيارتك فإنه في هذه الحال ليس عليك ضمان لأنه هو الذي عرض بهيمته للخطر.

***

ص: 2

‌المستمعة رمزت لاسمها بـ ص. ب. م. المملكة العربية السعودية تقول أنا امرأة أبلغ من العمر الخامسة والستين وقبل عشرين عاماً قدر الله أني وضعت وعاء كبيراً على ثلاثة من أولاد الغنم الصغار وكان ذلك ليلاً في برد شديد وفي الصباح وجدنا هذه الغنم الصغيرة قد ماتت ويظهر أنها قد انقطع عنها الهواء مع العلم أنني عندما وضعت عليها ذلك الوعاء الكبير أريد أن أحفظها وأحميها من البرد سؤالي هل يلزمني دفع كفارة أو نحو ذلك وهل علي إثم في هذا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا يلزمك دفع كفارة لهذه الغنيمات التي ماتت وليس عليك إثم أيضاً في فعلك هذا لأنك إنما فعلتيه تريدين الإحسان وقد قال الله تعالى (مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ) ولو علمت أن ذلك يخنقهن حتى يمتن لعملت سبباً آخر ولكن هذا هو أعلى ما تقدرينه في ذلك الوقت فلا إثم عليك وأنت محسنة والله سبحانه وتعالى يحب المحسنين.

***

ص: 2

‌ماحكم تربية الطيور في الأقفاص

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا بأس أن يربي الطيور بالأقفاص إذا وفر لها ما تحتاج إليه من طعام وشراب وتدفئة في أيام البرد لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم (دخلت النار امرأة في هرة حبستها لا هي أطعمتها حين حبستها ولا هي أرسلتها تأكل من خشاش الأرض) فدل هذا على أن من حبس حيوانا ولم يقصر فيما يحتاجه فإنه لاحرج عليه.

***

ص: 2

‌المستمعة أم عبد الله من بغداد العراق تقول في هذا السؤال إنني أم لعدة أولاد بعضهم متزوج والبعض الآخر ما يزال أعزب وهم يؤدون ما عليهم من فرائض وعبادات إلا أنهم يا فضيلة الشيخ يهتمون بتربية الطيور وينفقون وقتاً وأموالاً في تربيتها وكذلك في رؤية تحليقها في الجو وأخذت هذه الهواية شيء ضروري من حياتهم ولا يستطيعون مفارقة ذلك فما حكم الشرع في نظركم في ذلك

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إنه ينبغي للعاقل أن لا ينفق وقته الثمين في مثل هذا اللهو الذي لا يغنيهم شيئاً ولا ينتفعون به في أمور دينهم ودنياهم فإن العمر أثمن من المال وأثمن من كل شيء كما قال الله عز وجل (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمْ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ) وفي الحديث (ما من عبد يموت إلا ندم إن كان محسناً ندم أن لا يكون ازداد وإن كان مسيئاً ندم أن لا يكون استعتب) وإضاعة العمر في هذا اللهو خسارة عظيمة فنصيحتي لهؤلاء الأولاد بارك الله فيهم ووفقهم أن يكفوا عن هذا اللهو وأن لا يجعلوا هذا أكبر همهم ومبلغ علمهم ومعظم شأنهم ولا حرج عليهم أن يقتنوا مثل هذه الطيور من أجل الاتجار بها والبيع والشراء لأن البيع والشراء فيما أحله الله من الأمور التي أباحها الله سبحانه تعالى كما قال (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا) أما أن يقتنوها ليضيعوا أوقاتهم لمشاهدة تحليقها ورجوعها فإنني أنصحهم وأحذرهم من إضاعة أوقاتهم في مثل هذا وأما الجزم بالتحريم فلا أجزم به ولكنني أراه مضيعةً للوقت وخسارة للحياة.

***

ص: 2

‌تقول السائلة والدي يكثر من ضرب الغنم فهل عليه إثمٌ في ذلك

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الواجب على من ملكه الله تعالى شيئاً من هذه الحيوانات أن يرفق بها وأن يسعى إلى ما فيه خيرها ومصلحتها لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت) ولأنه ثبت عنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم (أن امرأةً دخلت النار في هرةٍ حبستها لا هي أطعمتها حين حبستها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض) وإذا كان يجب على مالك البهائم مراعاة مصالحها فإنه يجب عليه أن يتجنب ما يضرها ومن ذلك أن يضربها ضرباً مبرحاً لغير حاجة لأن هذه الحيوانات تتألم ويلحقها وجع فلا يجوز أن يضربها الإنسان إلا لحاجة وبقدر الحاجة فقط فأبلغ الوالد بذلك إذا كان لا يسمع هذا البرنامج وقل له أن يتقي الله عز وجل فإني أخشى أن يعذب على هذا ولقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إنه إذا كان يوم القيامة يقتص للشاة الجلحاء من الشاة القرناء هذا وهو في البهائم فكيف في الآدميين.

***

ص: 2

‌يقول نحن نعيش في منطقة جبلية وعرة جداً ونستخدم في الغالب الحيوانات في جميع تنقلاتنا مثل الجمال والحمير والبغال وإذا ذهبنا إلى المدرسة التي تبعد عن القرية عشرة كيلو تقريباً نضربها ضرباً موجعاً لكي تمشي وتقطع المسافة إلى المدرسة بسرعة فما حكم ضرب الحيوان لكي يسرع علما أنني قرأت حديثاً عن الرسول صلى الله عليه وسلم أن الحيوانات تقتص من الإنسان يوم القيامة افيدونا جزاكم الله خيرا ً

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا شك أن الحيوان له روح وإحساس يتألم مما يؤلمه ويشق عليه ما يزيد على طاقته فلا يجوز للمسلم أن يحمل الحيوان ما لا يطيق سواء كان ذلك من محمول على ظهره أو كان ذلك من طريق يقطعها ولا يستطيعها أو غير ذلك مما يشق عليه وأما بالنسبة لضربه فإنه جائز عند الحاجة بشرط ألا يكون مبرحاً فقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث جابر في قصة جمله (أن الرسول صلى الله عليه وسلم لحقه وفيه أنه ضرب الجمل) فالأصل في ضرب الحيوان إذا كان لحاجة ولم يكن مبرحاً الجواز ودليله من السنة حديث جابر. أما إذا كان لغير حاجة أو كان ضرباً مبرحاً أو كان ضرباً لكي يصل بالحيوان لأمر شاق عليه فإن ذلك لا يجوز.

***

ص: 2

‌أحسن الله إليكم السائل ف أع من الإحساء منطقة الهفوف يقول فضيلة الشيخ سؤالي عندما أردت أن أخرج من البيت وفي خروجي بالسيارة رأيت قطة وقد ماتت تحت سيارتي وأنا الآن متحير في أمري فما الجواب على هذا وهل يلزمني شيء

.

فأجاب رحمه الله تعالى: الجواب على هذا أنه لا حيرة في هذا ما دمت وطئتها بالسيارة بغير قصد فلا شيء عليك إطلاقاً وإن كان بقصد فإن كان لإيذاء هذه الهرة وفعلت ذلك دفعاً لأذاها فلا حرج عليك أيضاً وإن كان لغير أذاها فلا ينبغي للإنسان أن يكون من طبعه الاعتداء على مخلوقات الله إلا ما أمر الشرع بقتله فإن قتله قربة إلى الله مثل الوزغ وهو الأبرص السام فإن قتله سنة فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل الأوزاغ ومثل العقرب والحية إلا أن الحية في البيوت لا تقتل لأول مرة بل يستعاذ منها وتحرّج ثلاث مرات فإن عادت في الرابعة قتلت.

***

ص: 2

‌سائلة تقول يا فضيلة الشيخ خرجت إلى ساحة المنزل لتغيير الجو فأخرجت معي قفص به طيور وعندما دخلت إلى داخل المنزل نسيت أن أدخل الطيور معي فتركتها من المغرب حتى الصباح من اليوم التالي الساعة العاشرة فوجدتها قد ماتت فهل علي شيء في هذا وهل أنا آثمة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: ليس عليك شيء في هذا لأنك ناسية وقد قال الله تبارك وتعالى (رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) ولكني أنصحك وأنصح غيرك ممن يتخذون هذه الطيور أن يتقوا الله تعالى فيها وأن يقوموا بواجب الإطعام والسقي والرعاية من حيث البرد ومن حيث الحر لأن هذه أمانةٌ بين يدي الإنسان وقد أخبر النبي عليه الصلاة والسلام (أنه وجد في النار امرأةً تعذب في هرةً حبستها لا هي أطعمتها ولا هي أرسلتها تأكل من خشاش الأرض) لكن ما حصل بسبب النسيان أو الجهل فإنه لا شيء على الإنسان فيه لقوله تعالى (رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) .

***

ص: 2

‌عمتي تسببت في قتل ثلاث قطط صغيرة بدون قصد وكان هذا في صبيحة يوم عرفة وقد قال الرسول (عذبت امرأة في هرة حبستها فلا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض) أو كما قال وهي خائفة من هذا الشيء حيث أنها إنسانة متدينة فهل عليها ذنب في ذلك وإذا كان عليها ذنب فهل تتصدق بشيء أم لا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: ليس عليها ذنب في هذا لأنها كما قلت في سؤالك بغير قصد وقد قال الله تبارك وتعالى (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ) فليس عليها شيء وليس عليها صدقة أيضاً وليس عليها ضمان لأن هذه القطط ليست ملكاً لأحد حتى تضمن إلى مالكها وليس فيها جزاء حتى يتصدق عنها ثم هي أيضاً كما قلت ليس عليها ذنب لأنها بغير قصد منها وأما الحديث الذي ذكرت في سؤالك فإن هذه المرأة دخلت النار لأنها عذبت الهرة حيث حبستها حتى ماتت جوعاً فلا هي أطعمتها ولا هي أرسلتها تأكل من خشاش الأرض.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم هذا السائل محمد عبد المحسن مصري مقيم بالمملكة يقول فضيلة الشيخ هل في أكل الدواجن للخبز إذا خلط مع طعامها للتسمين شيء وهذا الخبز نشتريه وهو متوفر وكثير والحمد لله ولا يؤثر على شيء فهل في ذلك شيء بارك الله فيكم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: رأينا في هذا أنه لا بأس أن تطعم الدواجن خبزا أو رزا أو غيرهما من الأطعمة لكن بشرط أن لا يكون في ذلك إضرار عليها أو إقتار على الأهل فلو أن الإنسان أخذ هذا الخبز الذي يأكله أهله وأعطاه الدواجن وأبقى أهله جائعين فإن ذلك لا يحل له ولا يجوز لكن إذا كان عنده وفرة وأطعم الدواجن شيئا من أطعمة بني آدم فإن ذلك لا بأس به بشرط أن لا يلحق هذه الدواجن ضرر.

***

ص: 2

‌من خميس مشيط وردتنا هذه الرسالة يقول في مدينتنا يعيش كثير من القرود وأنا أحمل بندقية وذات يومٍ وأنا مع غنمي سولت لي نفسي فأطلقت بعض الطلقات وأرديت بعضها قتيلاً ما حكم ذلك وفقكم الله

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: ليس عليك في هذا كفارة وإذا كانت هذه القرود مؤذية فإنها يسن قتلها لأن كل مؤذٍ لبني آدم فإن المشروع قتله أما إذا كانت غير مؤذية فإنه لا يتعرض لها فليدعها.

يافضيلة الشيخ: لكن لو تعرض لها وهي غير مؤذية هل عليه شيءٌ في ذلك؟

فأجاب رحمه الله تعالى: ليس عليه كفارة وأما الإثم فلا أعلم في ذلك شيئاً.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم هذا السائل مبارك يقول ذات مرة قمت بقتل كلب هل علي كفارة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الكلاب نوعان نوع يسن قتله ونوع لا يقتل فأما الذي يسن قتله فالكلب الأسود لأنه شيطان والكلب العقور لأنه مؤذ وأما سائر الكلاب فإنها لا تقتل ولكن لو قتلها الإنسان فعليه أن يتوب إلى الله عز وجل وليس عليه في ذلك كفارة.

***

ص: 2

‌إذا كان عند الإنسان كلب للحراسة فما الحكم في ذلك

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: اقتناء الكلاب محرم لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال (من اقتنى كلباً إلا كلب صيد أو حرث أو ماشية انتقص من أجره كل يوم قيراط) وهذا يدل على تحريم اقتناء الكلاب من غير الحاجات المذكورة في الحديث وذلك لأن العقوبة المرتبة على الفعل إما أن تكون فوات محبوب أو حصول مكروه وهذه العقوبة التي ذكرها النبي عليه الصلاة والسلام فوات محبوب لأن النقص من الأجر يقتضي فوات محبوب للشخص ولكن النبي عليه الصلاة والسلام استثنى هذه الثلاثة الصيد والحرث والماشية وذلك لأن الإنسان محتاج إلى كلب الصيد يصطاد عليه ومحتاج إلى كلب الماشية يحميها من الذئاب والكلاب ومحتاج إلى كلب الحرث يحمي الحرث من البهائم التي ترتع فيه وما شابه هذه الحاجات فإنه مثلها لأن الشريعة لا تفرق بين المتماثلين فإذا قدر أن شخصاً في بيت بعيد عن البلد وهو محتاج إلى كلب يحرس البيت لينبه أهل البيت فيما لو أقبل عدو أو سارق أو ما أشبه ذلك فإنه مثل صاحب الحرث والماشية والصيد لا حرج عليه إن اقتناه لهذا الغرض وأما الذين يقتنونه لمجرد الهواية كما يفعله بعض السفهاء الذين يقلدون الكفار من غربيين أو شرقيين فإنهم خسروا ديناً ودنيا أما خسران الدين فإنه ينتقص من أجرهم كل يوم قيراط وأما خسران الدنيا فإن هذه الكلاب التي يقتنونها تكون بأثمان باهظة في الغالب ثم إنهم يعتنون بها اعتناء بالغاً أشد من اعتنائهم بأنفسهم وأولادهم وذكر لي أنهم ينظفونها كل يوم بالصابون ويطيبونها ويشترون لها أطيب المأكولات وهذا من السفه العظيم لأن هذا الكلب لو صببت عليه مياه البحار وجميع ما في الدنيا من الصابون وغيره من المطهرات لم يطهر أبداً لأن نجاسته عينية والنجاسة العينية لا تزول ما دامت العين باقية ولهذا أنصح إخواني المسلمين أن يتقوا الله في أنفسهم وأن يتجنبوا مثل هذه الترهات التي لا يكتسبون من ورائها إلا الإثم والخسران في الدنيا والآخرة.

***

ص: 2

‌هل يجوز قتل الكلاب التي تخرب الزراعة وتبول في مجرى السيل الذي يروح إلى خزان الماء مع وقوع المطر حيث إنه يوجد لدينا خزانات ماء، لشربنا من مياه الأمطار ولا يوجد لدينا غيرها، وتجلس الكلاب في مجاري الماء أفيدونا أثابكم الله

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الكلاب المؤذية يجوز قتلها وذلك لأن الحيوانات نوعان: نوع طبيعته الأذى وإذا سالم فإنما هو صفة عارضة، فالذي طبيعته الأذى يؤمر الإنسان بقتله، كما في الحديث الصحيح (خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم الغراب والحدأة والعقرب والفأرة والكلب العقور) فهذه يشرع قتلها لكون طبيعتها الأذى حتى لو فرض أن بعضها سالم لعارض فإن ذلك لا يمنع من استحباب قتلها، وقسم آخر من الحيوانات ليس فيه أذى من حيث طبيعته ولكنه يحصل الأذى منه عرضاً، كالكلاب التي يحصل منها الأذية عرضاً كأكل الزهور وفتق البيوت وما أشبهها فهذه يجوز قتلها لأنها حصل منها الأذى بالفعل وهي تشبه الكلب العقور الذي أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتله، فإذا كانت هذه الكلاب تؤذي إلى هذا الحد فإنها تكون متسلطة على أملاككم فيجوز قتلها، وأما بولها في مجاري السيول واتخاذ هذه المجاري مقراً لها تبقى فيه وتتولد فيه وما أشبه ذلك، فهذا ليس لكم حق في أن تقتلوها من أجله وإنما أنتم احفظوا هذه الأشياء بحمايتها بشبك أو جدران أو شبهها فإذا تطلعت بعد أن تضعوا ما يحميها فحينئذ يجوز قتلها وذلك لأن البر لكم ولها، وهي من عادتها أن تعيش في البراري وتربض فيها وتتولد فيها إلى غير ذلك، فأنتم احموا أنفسكم منها لأنها في مكانها هي.

***

ص: 2

‌ما الثواب المترتب على قتل الوزغ

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الوزغ أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتله وأخبر أنه كان ينفخ النار على إبراهيم وقتله بأول مرة ثوابه مائة حسنة وفي الثانية أظنها سبعين ووجه ذلك أنه إذا قتله في أول مرة دل ذلك على صدق بغضه له ومحبة هلاكه وإذا تأخر صار ضربه إياه سهلاً.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم هذا السائل يقول عندنا بين القبائل كل قبيلة لها سمة معروفة تضعها على الشاة أو الناقة وهذه السمة تكون على الوجه حتى يعرف كل فرد غنمه بهذه السمة فما الحكم في ذلك يا فضيلة الشيخ بجعل هذه السمة على الآذان لأنه تختلط هذه الشياه مع الأغنام الأخرى وجهونا حول ذلك

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذه السمة أو الوسم يستعملها الناس من قديم الزمان ليميز الإنسان به ماشيته من ماشية غيره وهو جائز ثابت بالسنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لكن لا يجوز أن يكون الوسم في الوجه وأما الوسم في الأذن فلا بأس به لأن الأذن ليست من الوجه وإنما هي من الرأس وكذلك إذا كان في الرقبة أو في العضد أو في الفخذ أو في أي جزء من أجزاء بدن الماشية لكن يستثنى كما قلنا الوجه فإنه لا يجوز الوسم فيه.

***

ص: 2

‌يقول السائل إنه تسبب من غير قصد في قتل فرخي طائر فهل من كفارة لذلك

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: ليس عليه شيء في هذا إطلاقا لا إثم ولا كفارة لأنه لم يتعمد ولم يتقصد.

***

ص: 2

‌فتاوى متنوعة

ص: 2

‌سائلة للبرنامج تقول هل إذا بكى الإنسان نتيجة الضغوط النفسية هل يعتبر ذلك البكاء منافياً للصبر واعتراضاً على القضاء والقدر

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا يعتبر اعتراضاً على القضاء والقدر ولا تسخطاً من القضاء والقدر لأن هذا أمر تمليه الطبيعة وليس باختيار الإنسان ولهذا تجد الرجل يمر بالآية من كتاب الله في وقت فيبكي من خشية الله عز وجل ويقرأ نفس الآية في وقتٍ آخر لا تحرك له ساكناً وهذا ليس باختيار الإنسان وتجد الإنسان صبوراً حازماً قوياً وإذا نابته نائبة من الدهر جعل يبكي كأنه صبي مع أنه لا يحب هذا.

فإذا بكى الإنسان لضائقةٍ أصابته فلا لوم عليه في هذا وليس ذلك اعتراضاً على القدر وإنما هو أمرٌ طبيعيٌ لا يملك الإنسان منعه ولا جلبه.

***

ص: 2

‌السائل يقول يا فضيلة الشيخ بالنسبة للمصائب التي تصيب الإنسان في حياته في الدنيا هل يؤجر عليها

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: المصائب التي تصيب الإنسان في الدنيا يكفر الله بها سيئاته والإنسان لا يخلو من ذنوب ومن سيئات ومن خطأ فتقع هذه المصائب مكفرة ثم إن احتسب الأجر على الله صار له في ذلك ثواب على صبره واحتسابه فيرفع الله بها درجته ويثيبه على ذلك.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم هذه رسالة من أخوات يدرسن في كلية الطب جامعة القاهرة يقلن نحن زميلات وحينما تتضايق إحدانا من المذاكرة أو من أي أمرٍ آخر تقوم بالتحدث معنا عن مشكلاتها ونحاول التخفيف عنها فهل يعتبر هذا من الشكوى لغير الله

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: ليس هذا من الشكوى لغير الله ولكنه من الإخبار بالشيء من أجل إجراء المشاورة وتبادل الرأي وهو أمرٌ فطري قد فطر الناس عليه وأما الشكوى إلى المخلوق فهي أن يقصد الإنسان بكلامه أو بإخباره الشكوى إلى المخلوق أما مجرد الإخبار لاستطلاع الرأي وتبادل الرأي فإن هذا لا بأس به وليس من الشكوى.

***

ص: 2

‌هذا المستمع مصري يقيم في الدوادمي يقول هل يؤجر المصاب بحالة نفسية تلازمه كثيراً

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: المصائب التي تصيب الإنسان في بدنه أو في أهله أو في ماله أو في مجتمعه تكون مكفرات للذنوب يكفر الله بها ذنوب العبد فإذا صبر واحتسب الأجر من الله فإنه يؤجر عليها فأحوال الناس بالنسبة للمصائب ثلاث:

الحال الأولى: من لم يصبر بل تسخط واعتقد أن هذا شيء من الظلم له فهذا يأثم بالإضافة إلى ما أصابه من المصيبة.

والحال الثانية: أن يصبر ولا يتضجر ولا يتسخط من قضاء الله فهذا يكفر الله بهذه المصيبة ما شاء من ذنوبه.

والحال الثالثة: أن يصبر وهو يحتسب الأجر على الله عز وجل ففي هذه الحال تكون المصيبة كفارة للذنب ويثاب على احتسابه الأجر من الله عز وجل.

***

ص: 2

‌المعلمات من السودان أرسلن بهذه الأسئلة السؤال الأول يقلن في صعوبة سكرات الموت هل يخفف من الذنوب وكذلك المرض الذي يسبق الموت هل يخفف من الذنوب

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: كل ما يصيب الإنسان من مرض أو شدة أو هم أو غم حتى الشوكة تصيبه فإنها كفارة لذنوبه ثم إن صبر واحتسب كان له مع التكفير أجر ذلك الصبر الذي قابل به هذه المصيبة التي لحقت به ولا فرق في ذلك بين ما يكون في الموت وما يكون قبله فالمصائب كفارات للذنوب بالنسبة للمؤمن ويدل لهذا قوله تعالى (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) فإذا كان ذلك بما كسبت أيدينا دل هذا على أنها مكفرة لما عملناه منها وما كسبناه وكذلك أخبر النبي عليه الصلاة والسلام بأنه (لا يصيب المؤمن هم ولا غم ولا أذى حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها عنه)

***

ص: 2

‌تقول هذه السائلة عندما يصيب الله العبد بمصيبة موت الأحبة وهي أشد مصيبة على العبد فهل هذا غضب من الله على العبد أم رحمة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إن الله سبحانه وتعالى يفعل ما يشاء (لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ) والله سبحانه وتعالى يبتلي العبد بالمصائب الكبيرة العظيمة والصغيرة ليبتليه هل يصبر أو يجزع ويسخط فمن صبر ورضي فله الرضا والأجر والثواب ومن سخط فإن له السخط ولا يلزم من ابتلاء الله العبد بهذه المصائب أن يكون الله قد سخط عليه فهاهو النبي عليه الصلاة والسلام يحصل له المرض ويحصل له فقد الأحبة ويحصل له الآلام كما جرح في غزوة أحد وكسرت رباعيته ونحن نعلم أن هذا ليس من غضب الله عليه بل هو ابتلاء من الله عز وجل من أجل أن ينال نبيه محمد صلى الله عليه وسلم درجة الصابرين فإن الصبر درجته عالية ومنزلته رفيعة ولا يمكن أن يحصل إلا بابتلاء وامتحان ليتبين هل العبد صابر أم ليس بصابر

وعليه فينبغي لمن أصيب بمثل هذه المصيبة التي ذكرت في السؤال وهي موت الأحبة أن يحسن الظن بالله وأن لا يظن أن ذلك غضب واعلم أن من أصيب بمصيبة أي مصيبة كانت فإن الله تعالى يكفر بذلك عنه كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه (ما من مسلم يصاب بالمصيبة إلا كفر الله بها عنه حتى الشوكة إذا أصابته) ثم إن احتسب الأجر على الله وهو أجر الصابرين وأمّل أن الله يثيبه على ذلك نال بهذا أجراً زائداً على تكفير السيئات.

***

ص: 2

‌عبد الله يقول ما رأي الشرع في نظركم فيمن قال بتفضيل ليلة الإسراء على ليلة القدر

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الذي نرى في هذه المسألة أن ليلة القدر أفضل من ليلة الإسراء بالنسبة للأمة وأما بالنسبة للرسول صلى الله عليه وسلم فقد تكون ليلة الإسراء التي هي ليلة المعراج في حقه أفضل لأنها خاصة به ونال فيها من الفضائل ما لم ينله في غيرها فلا نفضل ليلة القدر مطلقاً ولا نفضل ليلة الإسراء التي هي ليلة المعراج مطلقاً وكأن السائل يريد أن يشير إلى ما يفعله بعض الناس ليلة سبع وعشرين من رجب من الاحتفال بهذه الليلة يظنون أنها ليلة الإسراء والمعراج والواقع أن ذلك لم يثبت من الناحية التاريخية فلم يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أسري به في تلك الليلة بل إن الذي يظهر أن المعراج كان في ربيع الأول ثم على فرض أنه ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم عرج به في ليلة السابع والعشرين من رجب فإن ذلك لا يقتضي أن يكون لتلك الليلة احتفال واختصاص بشيء من الطاعات وعلى هذا فالاحتفال بليلة سبع وعشرين من رجب لا أصل له من الناحية التاريخية ولا أصل له من الناحية الشرعية وإذا لم يكن كذلك كان من العبث ومن البدعة أن يحتفل بتلك الليلة.

***

ص: 2

‌كثر في زماننا هذا السحر فما الأسباب وما العلاج

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الأسباب قلة خوف الله عز وجل وضعف الإيمان في النفوس وحب العدوان على الغير ولهذا كان يجب على كل ساحر أن يتوب إلى الله ويقلع قبل أن يأتيه الموت وهو على ما هو عليه من هذا الذنب العظيم فيندم أشد الندم ومن أسبابه انفتاح الناس علينا وانفتاحنا على الناس لأن كثيرا من هذا النوع إنما أخذه الناس من الخارج ذهبوا إلى الناس وجاء الناس إليهم وحصل الشر والفساد فالواجب على من ابتلي بالسحر أن يتوب إلى الله عز وجل وأن يقلع عنه وأن يفك السحر عمن سحرهم ويبادر بذلك وإذا كان قد ترتب على سحره شيء من الضرر فليقم بضمانه أو استحلال صاحبه لأن الناس سوف يبعثون وليس الناس ليس لهم دار إلا هذه الدنيا بل سيبعثون ويجازون فالواجب الحذر من تعاطي السحر والواجب على من ابتلي به أن يتوب إلى الله منه وأن يضمن كل ما ترتب على سحره من ضرر على الآخرين أو يستحلهم.

***

ص: 2

‌من يعرف أن به هذه الصفة الذميمة الحسد كيف العلاج منها

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: العلاج منها أن يبرك على كل من رأى منه ما يعجبه فيقول بارك الله عليك أو تبارك الله وما أشبه ذلك هذا بالنسبة لما ينطق به أما بالنسبة لقلبه فيجب عليه أن يعترف بأن كل نعمةٍ فمن الله عز وجل هو الذي من بها على من شاء من عباده فليسأل الله هذه النعمة وليعرض عن عباد الله.

***

ص: 2

‌المستمعة م. م. أرسلت بمجموعة من الأسئلة تقول ما الفرق بين العين والحسد وكيف نحمي أنفسنا منهما مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: العين والحسد ليس بينهما فرقٌ مؤثر ولكن أصل العين من الحسد وهو أن العائن والعياذ بالله يكون في قلبه حسدٌ لعباد الله لا يحب الخير لأحد فإذا رأى من الإنسان ما يعجبه وهو حاسد والعياذ بالله ولا يحب الخير لأحد انطلق من نفسه هذا الزخم الخبيث فأصاب المحسود ولهذا قال الله عز وجل (وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ) أما التوقي من شرور الحاسد والعائن فإنه.

أولاً: بالتوكل على الله عز وجل وأن لا يلتفت الإنسان لهذه الأمور ولا يقدرها وليعرض عنها.

ثانياً: باستعمال الأوراد النافعة التي جاء بها الكتاب والسنة فإنها خير حامٍ للإنسان مثل ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في آية الكرسي أن (من قرأها في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ ولم يقربه شيطانٌ حتى يصبح) وإنني بهذه المناسبة أقول كثر في هذه الآونة الأخيرة أوهام الناس وتخيلاتهم بأن ما يصيبهم فهو عينٌ أو سحرٌ أو جنٌ حتى لو يصاب بعضهم بالزكام قال إنه عين أو سحر أو جن وهذا غلط أعرض أيها الأخ المسلم عن هذا كله وتوكل على الله واعتمد عليه ولا توسوس حتى يزول عنك لأن الإنسان متى جعل على باله شيئاً شغل به وإذا تغافل عنه وتركه لم يصب بأذى وانظر إلى الجرح يصيب الإنسان إذا تشاغل عنه في أموره نسيه ولم يحس بالألم وإن ركز عليه أحس بألمه وأضرب مثلاً لذلك بالحمالين تجد الحمالين يحملون العفش والصناديق تقع على أرجلهم فتجرحها وهو ما دام يحمل ومشتغلاً في عمله لا يحس بالألم فإذا انتهى وتفرغ أحس بالألم وهذه قاعدة خذها في كل شيء في كل مرض عضوي أو نفسي أعرض عنه وتغافل عنه فإنه يزول عنك بإذن الله ومن ذلك ما يصيب بعض الناس من الوساوس في الطهارة تجده يشك هل أحدث أم لم يحدث وقد قطع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم هذه الوساوس بقوله فيمن أشكل عليه هل خرج منه شيء أم لا بقوله (لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً) .

***

ص: 2

‌كيف يعرف ولي المريض الساحر

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الاطلاع على الساحر يكون بأسباب أولا لقاء الساحر فإن الساحر ربما يسحر ثم يتوب الله عليه ويهديه ويتوب إلى ربه فيخبر بسحره وربما يكون الساحر قد أقر عند أصدقائه وأصفيائه بأنه سحر فلانا وربما يرى المسحور في المنام أن فلانا سحره وربما يرى أحد من أقارب المسحور أن فلانا سحر قريبه فالمهم أن الأسباب التي توصل إلى معرفة الساحر متعددة ولا تنحصر في جهة واحدة بل لها عدة جهات.

***

ص: 2

‌السائلة تقول أرجو أن تعطونا فكرة عن الحسد وهل من الممكن أن يحسد الإنسان عزيزاً على نفسه

.

فأجاب رحمه الله تعالى: الحسد قيل إنه تمني زوال نعمة الله على الغير وقيل الحسد كراهة ما أنعم الله به على غيره فالأول هو المشهور عند أهل العلم والثاني هو الذي قرره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فمجرد كراهة ما أنعم الله به على الناس يعتبر حسداً والحسد محرم لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى عنه وهو من خصال اليهود الذين يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله والحسد مضاره كثيرة:

منها أنه اعتراضٌ على قضاء الله وقدره وعدم رضاً بما قدره الله عز وجل لأن الحاسد يكره هذه النعمة التي أنعم الله بها على المحسود.

ومنها أن الحاسد يبقى دائماً في قلق وفي حرقة وفي نكد لأن نعم الله على العباد لا تحصى فإذا كان كلما رأى نعمة على غيره حسده وكره أن تكون هذه النعمة فلا بد أن يبقى في قلقٍ دائم وهذا هو شأن الحاسد والعياذ بالله.

ومنها أن الغالب أن الحاسد يبغي على المحسود فيحاول أن يكتم نعمة الله على هذا المحسود أو أن يزيل نعمة الله على هذا المحسود فيجمع بين الحسد وبين العدوان.

ومنها أن الحاسد فيه شبهٌ من اليهود الذين يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله

ومنها أن الحاسد يحتقر نعمة الله عليه لأنه يرى أن المحسود أكمل منه وأفضل فيزدري نعمة الله عليه ولا يشكره سبحانه وتعالى عليها.

ومنها أن الحسد يدل على دناءة الحاسد وأنه شخصٌ لا يحب الخير للغير بل هو سافل لا ينظر إلا إلى الدنيا ولو نظر إلى الآخرة لأعرض عن هذا ولكن إذا قال قائل إذا وقع الحسد في قلبي بغير اختيار فما هو الدواء. الدواء يكون بأمرين:

الأمر الأول: الإعراض عن هذا بالكلية وأن يتناسى هذا الشيء وأن يشتغل بما يهمه في نفسه.

والثاني: أن يتأمل ويتفكر في مضار الحسد فإن التفكر في مضار العمل يوجب النفور منه ثم يجرب إذا أحب الخير لغيره واطمأن لما أعطاه الله هل يكون هذا خيراً أم الخير أن يتتبع نعم الله على الغير ثم تبقى حرقة في نفسه وتسخطاً لقضاء الله وقدره وليختر أي الطريقين شاء.

***

ص: 2

‌هذا السائل أبو عبد الله يقول إذا رأى الإنسان ما يعجبه فهل يقول ما شاء الله تبارك الله أو ما شاء الله تبارك الله لا قوة إلا بالله وهل كلها صحيحة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا رأى الإنسان ما يعجبه في ماله فليقل ما شاء الله لا قوة إلا بالله كما في قصة صاحب الجنتين حين قال له صاحبه (وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلَاّ بِاللَّهِ) هذا إذا رأى الشيء في ماله وإن رآه في غيره فليقل بارك الله عليه أو كلمة نحوها وإذا رأى ما يعجبه من أمور الدنيا فليقل (لبيك إن العيش عيش الآخرة) كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوله فيقول لبيك أي إجابة لك ثم يقول إن العيش عيش الآخرة من أجل أن يوطن نفسه على أن الدنيا مهما كانت فهي زائلة ولا عيش فيها وإنما العيش حقيقة في الآخرة.

***

ص: 2

‌ما حكم الشرع في نظركم في شخص يصلى ويصوم ولكنه يحب الخير لنفسه ويكرهه للآخرين وفيه نوع من الحسد كيف أتعامل مع مثل هذا إذا كان جار لي أو زميل في العمل مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: تتعامل معه بما كنت تتعامل مع غيره ولكن عليك أن تنصحه وتبين له أن الحسد من كبائر الذنوب ومن أخلاق اليهود كما قال الله تعالى عنهم (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ) وقال تعالى (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ الْحَقُّ) فالحسد من أخلاق اليهود ومن كبائر الذنوب ولا يغير شيئاً من قدر الله عز وجل بل هو حسرة على الحاسد رفعة للمحسود ولا سيما إذا بغى عليه الحاسد فإن الله تعالى ينتقم من الظالم ثم إن في الحسد نوعاً من الاعتراض على قدر الله عز وجل وقضائه وحكمته وفيه أيضاً أن الإنسان كلما رأى نعمة الله متجددة على هذا المحسود ازداد غماً وفي الحسد دليل على أن الحاسد ضعيف الإيمان لأنه لو كان مؤمناً حقاً لأحب لأخيه ما يحب لنفسه وإذا أراد الإنسان أن يعالج هذا الداء الخبيث فليفكر ملياً وليعلم أن الفضل فضل الله يؤتيه من يشاء وأن الذي أعطاه هذا الفضل قادر على أن يعطي الحاسد مثله ولهذا قال تعالى (وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ) فإذا حاول أن يكف نفسه بصدق وإخلاص وتفكر وتأمل فإن الله تعالى يعينه على هذا فيستريح من نار الحسد.

***

ص: 2

‌هذه رسالة وصلت من مستمع للبرنامج رمز لاسمه بـ م. أ. أ. يقول حصل نزاع بين رجل وبين ابن عمه بسبب أن الآخر قال لهذا الرجل (بالعامية) أنت نحتني والآن له أكثر من سنة وهما متهاجران علماً بأن الرجلين شارفا على الثمانين عاماً

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الواجب على المسلم أن لا يهجر أخاه فوق ثلاث لقول النبي صلى الله عليه وسلم (لا يحل لرجل أن يهجر أخاه فوق ثلاث يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام) والدعوى أنه أصابه بالعين أي نحته قد تكون باطلة ومن الأوهام التي يلقيها الشيطان في قلبه وإذا قدر أن الاحتمال وارد فإنه ينبغي لأخيه الثاني أن يفعل ما تطيب به نفس الأول بحيث يتوضأ ويغسل مغابنه ويتلقى الماء الذي يتناثر منه من أجل أن يستعمله مدعي الإصابة بالعين وهذا لا يضر من اتهم بأنه قد عانه أن يفعله فقد يجعل الله في ذلك خيراً وفكاكاً.

على أنني أنصح هذا وغيره من اتباع الأوهام التي يلقيها الشيطان في قلب الإنسان فإن كثيراً من الناس إذا أحس بنفسه أدنى مرض قال هذه عين هذا سحر وما أشبه ذلك فتتولد هذه الأوهام حتى تكون عقداً في نفسه ثم تكون مرضاً حقيقياً وما أكثر ما يمرض الإنسان بسبب أوهام تتولد في قلبه حتى تتطور وتكون حقيقة فإذا غفل الإنسان عن الشيء وأعرض عنه وتلهى عنه فإنه يزول بإذن الله ولهذا أمر النبي عليه الصلاة والسلام من أحس في نفسه بأفكارسيئة قد تخرج الإنسان من الملة أمره (أن يستعيذ بالله وينتهي عن هذا) فإن الصحابة شكوا إليه أنهم يجدون في أنفسهم ما يحب الواحد أن يخر من السماء أو يكون حممة أي فحمة محترقة أحب إليه من أن ينطق به فقال النبي عليه الصلاة والسلام (ذاك صريح الإيمان) وفي حديث آخر قال (الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة) ثم أمر بأن يستعيذ الإنسان بالله وينتهي عما حصل في قلبه من هذه الأوهام.

***

ص: 2

‌مستمع من جمهورية مصر العربية يعمل بالعراق يقول كنت أعمل بأحد المطاعم وبعد مدة شهر طلب مني صاحب المطعم أن أذهب إلى الخمارة لأشتري له مشروباً مسكراً ولما رفضت هددني بأنه لن يعطيني أجري إلا إذا أحضرت له هذا الشراب المسكر ولذلك ذهبت واشتريت له مضطراً ما حكم الشرع في نظركم في هذه الحالة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا يجوز للعامل أن يطيع صاحب العمل في فعل المحرم فالواجب عليك في مثل هذه الحال أن تمتنع وتمانع ولا تذهب فتشتري له خمراً مهما كان حتى وإن فصلك من العمل فرزق الله واسع (ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه)(وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً) فكل شيء يأمرك به المخلوق وهو معصية للخالق فإنه لا يحل لك تنفيذه لأنه لا طاعة للمخلوق في معصية الخالق ولو تأملت قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ) لوجدت أن الله تعالى جعل طاعة ولي الأمر تابعة لطاعة الله ورسوله ولهذا لم يعد الفعل يعني لم يقل يا أيها الذين أمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأطيعوا أولي الأمر بل قال (أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ) فجعل طاعة ولاة الأمور تابعة لطاعة الله ورسوله وإذا كان ولي الأمر الذي تجب طاعته يشترط في طاعته أن تكون تابعة لطاعة الله ورسوله فكيف بمثل هذا الرجل الذي لا يلزمك أن تطيعه إلا فيما يقتضيه العمل فقط وخلاصة الجواب أن نقول إنه لا يجوز لك إذا قال لك صاحب العمل اذهب فاشترى لي خمراً أن تطيعه حتى وإن فصلك من العمل.

***

ص: 2

‌رسالة وصلت من المستمع أ. ك. حسن من ليبيا يقول في سؤاله بأنه طالب في الجامعة يسكن في القسم الداخلي بغير صفة رسمية ويأكل من مطعم الجامعة فهل يحق له ذلك أم يعتبر هذا المطعم وقف للطلبة الرسميين فقط في القسم الداخلي

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا السائل يقول إنه يسكن في سكن الجامعة وهو من طلاب الجامعة لكن سكناه كانت بغير صفة رسمية فهل يحل له ذلك يعني هل يحل له أن يسكن ويطعم من مطعم الجامعة وجوابنا على هذا أنه لا يحل له أن يسكن ولا أن يأكل ويطعم من مطعم الجامعة لأنه لا حق له في ذلك إذا لم يكن بصفة رسمية ويجب عليه الخروج من سكن الجامعة ولكن إذا كان مضطراً إلى السكن في سكن الجامعة فليقدم مرة أخرى للجهات المسؤولة لتمنحه السكنى فيكون سكناه في ذلك بصفة رسمية يستبيح بها السكن والأكل والشرب من الجامعة، وإنني بهذه المناسبة أود أن أنصح إخواني المسلمين أن الاستخفاف في مثل هذه الأمور أو الالتواء في الطلب بالحيل المحرمة التي يموهون بها على ولي الأمر ويكذبون عليه أحياناً يعتبر ذلك من الخيانة ولا بركة لهم فيما يحصلون عن طريق الخيانة، كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (البيعان بالخيار فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما) والمؤمن أمين صدوق لا يكذب ولا يخون ولا يغدر بأحد فنصيحتي لكل من يتعامل مع ولاة الأمور أن يتعامل معهم بالحق والصدق والبيان.

***

ص: 2

‌السائل يقول من العادات عندنا في السودان في حالات الزواج والختان أن يقوم الواحد منا بدفع مبلغ من المال للعريس أو لولي أمر المختون مساعدة له في الزواج وعندما يتزوج الشخص الآخر يقوم ذلك العريس بالدفع للعريس الجديد أي يرد ذلك وكأنه دين يرده زائداً على المبلغ الذي كان قد دفع له فإذا كان هذا الأمر من قبيل التعاون ويدخل في باب من صنع إليكم معروفاً فكافئوه فما الحكم في هذه الزيادة كأن أدفع له في زواجه مائة ريال فيعطيني في زواجي ثلاثمائة هل تعتبر هذه الزيادة ربا أم أنها حلال

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: السؤال هنا يشتمل على مسألتين المسألة الأولى ما يعطى عند الختان مساعدة لولي أمر المختون والثانية ما يعطى المتزوج مساعدة له على زواجه فأما في الختان فما يعطاه ولي الأمر لا بأس به إذا كان يتحمل مالاً كثيراً فيعطى مساعدة له وأما إذا كان لا يتحمل مالاً كثيراً كما هو معروف فإنه لا حاجة إلى أن يعطى إعانة على ذلك أما في مسألة المتزوج فإنه أيضاً لا بأس من إعانته والإعانة لا تعتبر قرضاً ولذلك لو مات المتزوج الذي أعين لم تبق هذه الإعانة ديناً في ذمته ولم تؤخذ من تركته فدل هذا على أنها ليست قرضاً ولا في حكم القرض وإنما هي مجرد مساعدة والزوج إذا أعان المتزوج الآخر بعد ذلك بمال أكثر مما أعين به فإنه لا حرج فيه لأن هذا من باب المعروف والإحسان والمكافأة والإنسان لا حرج عليه أن يكافئ من أسدى إليه معروفاً بأكثر من معروفه فإن ذلك غاية الكرم ولهذا لما استقرض النبي صلى الله عليه وسلم بكراً ولم يجدوا لوفائه إلا خياراً رباعياً قال النبي عليه الصلاة والسلام (أعطوه أي أعطوا المقرض فإن خياركم أحسنكم قضاء) .

***

ص: 2

‌السائل الحسن عثمان يقول لي صديق حميم يحسن علي إحساناً ويقدم لي الهدايا والمشكلة أن صديقي يذكر إحسانه علي للناس قائلا بأنني اشتريت له كذا وكذا فلما سمعت هذا الكلام تألمت أشد الألم وعزمت على أن لا أقبل منه إحسانا أبدا فهل يجوز لي أن أفعل ذلك أو ماذا أفعل وكيف أتعامل معه وهل يجوز أن أقص ما فعله للناس

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الجواب على هذا يوجه إلى الرجل المحسن والرجل المحسن إليه أما الرجل المحسن فإنه يحرم عليه أن يمن بصدقته وإحسانه لقول الله تبارك وتعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذَى) ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في ما رواه أبو ذر وأخرجه مسلم قال عليه الصلاة والسلام (ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم قال أبو ذر من هم يا رسول الله خابوا وخسروا قال المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب) المسبل يعني الذي يسبل ثوبه من الرجال والمنان الذي يمن بما أعطى والمنفق سلعته بالحلف الكاذب الذي يحلف على سلعته أنها من النوع الجيد وهو كاذب أو يحلف أنه أعطي فيها الثمن الفلاني وهو كاذب أو ما أشبه ذلك والشاهد من هذا الحديث (المنان) فهذا الرجل المحسن آثم بذكر إحسانه على غيره ومبطل لأجره وثوابه أما بالنسبة للمحسن إليه فأرى أن لا يقبل هدية من هذا الرجل وأن يرفضها رفضا تاما لأن هذا الرجل أصبح غير ناصح له بل هو فاضح له والعياذ بالله يظهر للناس أنه من على فلان بكذا ومن على فلان بكذا فمثل هذا ترد هديته.

***

ص: 2

‌السائل محجوب م م السودان يقول فقد حلفت على اليمين القسم كاذبا لاستخراج جواز جديد مع العلم بأن لدي جواز سابقاً ولكن لا يصلح للسفر فماذا أعمل أفيدوني وجزاكم الله خيرا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: قبل الإجابة على هذا السؤال أود أن أنبه على هذه المسألة الخطيرة وهي تحيل المواطنين على النظام بالكذب والخداع فإن هذا محرم ولا يحل للإنسان أن يكذب على ولاة الأمور أو يخدعهم بالتحيل على الأنظمة التي سنوها اللهم إلا أن تكون أنظمة فيها معصية الله عز وجل فإن كل نظام فيه معصية الله ورسوله فإنه لا يجب علينا أن نطيع ولاة الأمور فيه يعني لو أمرونا بمعصية أو نهونا عن طاعة فإننا لا نوافقهم في ذلك لأن الله تعالى يقول (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ) فجعل طاعة ولاة الأمور تابعة لطاعة الله ورسوله ولهذا لم يعد الفعل عندها بل قال (وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ) ولم يقل أطيعوا أولي الأمر لأن طاعتهم تابعة لطاعة الله ورسوله وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (إنما الطاعة في المعروف) أما في المنكر فلا طاعة وقد فهم بعض الناس إن طاعة ولاة الأمور إنما تجب في طاعة الله يعني إذا أمروا بطاعة وجب علينا طاعتهم وإذا نهوا عن معصية وجب علينا طاعتهم وهذا غلط لأن طاعة الله لو أمرك بها أي واحد من الناس لكان عليك أن تقوم بهذه الطاعة إما وجوبا فيما يجب أو استحبابا فيما يستحب ولو كان هذا هو المراد لم يكن بين ولاة الأمور وغيرهم فرق لكن ولاة الأمور إذا أمروا بشيء فلا يخلو من ثلاث حالات إما أن يكون الله ورسوله قد أمر به فهذا يطاع طاعة لله ورسوله قبل كل شيء ثم طاعة لولي الأمر كما لو أمروا بصلاة الاستسقاء عند الجدب وقحوط المطر فإن صلاة الاستسقاء تكون هنا متأكدة لأنها من شريعة الله من وجه ولأن ولاة الأمور أمروا بها الحال الثانية أن يأمروا بمعصية أي بشيء يتضمن ترك الواجب أو فعل المحرم فهذا لا طاعة فيه لمخلوق لا ولي أمر ولا أم ولا أب ولا غيرهم لا يحل لأحد أن يعصي الله بطاعة مخلوق من المخلوقين فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق وبطاعة ولاة الأمور في غير المعصية يتحقق النظام والأمن وتنسجم الأمور لأن الناس لو تركوا فوضى وصار كل واحد يأخذ بما يرى لتشتتت الأمة وتفرقت قلوبها وتفرق دينها واختل نظامها وأمنها ولكن من رحمة الله ونعمته أن أوجب علينا طاعة ولاة أمورنا في غير معصيته حتى يستتب الأمن ويستمر النظام ويحصل الالتئام ومن ذلك تنظيم بعض الأمور كالتنظيمات المرورية مثلا وغيرها من تنظيمات أمور السفر فإن امتثال أمر ولي الأمر في ذلك من طاعة الله عز وجل لأن الله تعالى قال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ) هذه كلمة أوجهها لهذا السائل وغيره أما الأمر الثاني فهو الجواب على سؤال هذا الرجل فأقول له إنه أخطأ خطأً عظيما حيث خدع ولاة الأمر والمسؤولين بتزويره فعليه أن يتوب إلى الله من هذا الخطأ ثم إنه حلف على ذلك فتكون يمينه هذه يميناً محرمة يزداد بها إثماً بل قال بعض العلماء إنها من اليمين الغموس التي تغمس صاحبها في الإثم ثم في النار فإنه حلف على أمر هو فيه كاذب وهو يعلم أنه كاذب فعليه التوبة إلى الله من أمرين الأمر الأول الحلف على الكذب وهو يعلم والثاني خداع ولاة الأمور.

***

ص: 2

‌هذه سائلة للبرنامج تقول إحدى الفتيات طلبت منها الكليات التي قدمت فيها انتساباً كشفاً طبياً وقد حددت الكلية موعداً لحضور الكشف الطبي وإذا لم تأتِ به في الموعد المحدد يترتب عليه سقوط هذا القبول في الانتساب وبما أن هذه الفتاة مرتبطة بعمل في مدرسة في منطقتها وبعيدة جداً عن الكلية ولا تستطيع الكشف الطبي وإرساله للجامعة في الموعد المحدد فقد أوصت زميلة لها بالكشف باسمها والذهاب به للكلية فما حكم هذا العمل علماً بأن هذه الفتاة سليمة ولا يوجد بها مرض

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا عمل محرم من وجهين

الوجه الأول أنه كذب فالمرأة المكشوف عنها ليست هي المرأة المطالبة

الوجه الثاني أنه خيانة للجامعة ومِنْ ورائها الوزارة ومن ورائها الدولة ومن ورائها الأمة فهي خيانة لكل هذه الجهات ويترتب على ذلك أن هذه المنتسبة سوف تأخذ الشهادة وترتقي بها إلى عمل لا يُنال إلا بها ويترتب على ذلك الراتب ويكون هذا الراتب مبنيا على باطل والمبني على باطل باطل ولهذا نحذر هذه المرأة أن تقوم بهذا العمل نقول لا تقومي به ونحذر غيرها أيضاً من ممارسة هذه الطريق السيئة ونقول اقرؤوا قول الله تعالى (وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوا بِمَفَازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمْ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) واتقوا الله تعالى عن مثل هذه المعاملة التي تشتمل على ما ذكرنا من الإثم ونقول اذكروا قصة كعب بن مالك وهلال بن أمية ومرارة بن الربيع الذين صَدَقُوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في تخلفهم عن غزوة تبوك وأنهم لم يتخلفوا من عذر فأنجاهم الله بل أنزل في قصتهم قرآنا يتلى إلى يوم القيامة قرآنا يتلى في الصلاة نفلها وفرضها قرآنا يتعبد الإنسان به لله عز وجل إذا قرأ هذه القصة قرآنا لكل قارئ يقرؤه في كل حرف عشر حسنات أي فضيلة تحصل مثل هذه الفضيلة لهذا يجب على المؤمن أن يكون صادقاً في مقاله وفعاله امتثالاً لأمر الله تعالى في قوله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) وكذلك امتثالاً لأمر النبي صلى الله عليه وسلم في قوله (عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا) واجتناباً لما حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله (إياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا) ومن المؤسف أن مَنْ قَدَّم عرضاً لجهات مسؤولة على هذا النحو المشتمل على الكذب والخيانة من المؤسف أن يتساهل بعض المسؤولين في هذه الجهة معه ويوافق على ذلك ويمشي المعاملة وهو يعلم الواقع وأنه على خلاف ما قدم فيكون بذلك ظالماً لمن قدم هذه المعاملة وظالماً لنفسه وظالماً لمن فوقه من ولي الأمر فالواجب على المسؤولين أن لا يحابوا أحداً في أمر يخالف النظام (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوْ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا) وخلاصة الجواب أن نقول لهذه المرأة التي تريد الانتساب إلى الجامعة وهي بعيدة إن تيسر لك أن تقومي بما يجب مما طلبته الجامعة منك فهذا هو المطلوب وإن لم يتيسر فلا خير لك في الانتساب إليها على وجه الحيلة.

***

ص: 2

‌الأخ من رأس تنورة يقول إذا سافرت من بلد إلى بلد وكان في أثناء الطريق مخفر شرطة يطلب التفتيش وكانت زوجتي معي وهي ليست مضافة في الجنسية ومعي أخي وزوجته مضافة وليست معه فهل يجوز لأخي أن يقول هذه زوجتي ريثما نتعدى هذا المخفر

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أريد أن أسأل السائل هل إذا قال هذه زوجة أخي يكون صادقاً في ذلك طبعاً سيقول لا لست بصادق إذاً فهو كاذب والكذب محرم ثم أسأله مرة ثانية هل يجوز لمن تحت ولي الأمر أن يُلَبس على ولي الأمر ويخدعه ويخبره بخلاف الواقع مع أن ولي الأمر إنما سن ما سن من القوانين التي لا تخالف الشرع لاعتقاده أن في ذلك مصلحة الشعب فهل يجوز لواحد من هذا الشعب أن يخدع ولي الأمر ويُلَبس عليه ويخبره بخلاف الواقع من أجل نيل مآربه طبعاً سيكون الجواب لا إذاً هاتان المفسدتان الكذب وخداع ولي الأمر الذي هو الدولة فلذلك نقول لا يجوز بل يجب عليه أن يضم زوجته معه في هويته ثم يسافر بها.

***

ص: 2

‌جزاكم الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء السائلة المرسلة ح. أ. تقول أتيت مع أهلي للإقامة في المملكة وفي إقامتي مكتوبٌ لا يحق لها العمل حيث أنها مرافقة لوالدها وهو كفيلها فهل يجوز لي شرعاً أن أعمل أم إذا عملت أكون آثمة ويكون الكسب مال حرام وهل إن عملت في البيت في خياطة الملابس للجيران يعتبر هذا العمل حرام أريد أن يكون عملي خالصاً لوجهه ولا يشوبه شيء من الحرام

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: يحرم عليها أن تتعدى الشروط التي كتبت عليها عند منحها الإقامة فإذا كان من الشروط أن لا تعمل وجب عليها أن لا تعمل لقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) ولقوله تعالى (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤولاً) وأما العمل اليسير كترقيع ثوبها وثوب أبيها وثياب جيرانها فلا بأس به لأن هذا لا يدخل في المنع فيما يظهر لنا.

***

ص: 2

‌المستمع محمد الفازعي من القصيم في رسالته يقول ما حكم الإسراف في الغسل أو الوضوء أو اللباس

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الإسراف هو مجاوزة الحد في كل شيء وقد قال الله تعالى (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا) فأمر بالأكل والشرب ونهى عن الإسراف ثم ختم النهي بقوله (إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) ونفي الله تعالى المحبة عن المسرفين تدل على كراهته للإسراف وعلى هذا فيكون الإسراف محرماً في المآكل والمشارب والملابس والمساكن وغيرها وكذلك أيضاً بالنسبة للغسل وبالنسبة للوضوء لا يتجاوز الإنسان ما حده الشرع في ذلك والنبي عليه الصلاة والسلام توضأ مرة مرة ومرتين مرتين وثلاثاً ثلاثاً وتوضأ وضوءاً متفاوتاً بعض الأعضاء ثلاثاً وبعضها مرتين وبعضها مرة فلا ينبغي للمرء المؤمن أن يتجاوز ما شرعه النبي صلى الله عليه وسلم في الوضوء ولا في الغسل.

***

ص: 2

‌هل شراء وتجديد أثاث المنزل وأدواته الكهربائية المتوسطة الثمن يعتبر من الإسراف علماً أن الذي سوف يشتري ذلك بحاجة إليه وما أمثلة الإسراف وما حدوده

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: التجديد نوعان تجديد ما فسد فهذا أمر لا بد منه فلو احترقت اللمبة سآتي ببدلها ولو انكسر المفتاح سآتي ببدله هذا ما فيه إسراف قطعاً إلا إذا أتى بشيء لا يقتنيه مثله بأن أتى بمقبض الباب مثلاً من المقابض الفخمة التي لا يستعملها إلا كبار الناس وهو من سطة الناس فإنه مسرف وضابط الإسراف تجاوز الحد هذا الضابط فمتوسط الحال لا يأتي بما يأتي به الغني الكبير أو ما أشبه ذلك فإذا أخذت هذا الضابط أن الإسراف تجاوز الحد في المآكل والمشارب والملابس والمساكن والمراكب فمثلاً لو قدرنا امرأة تريد أن تجعل على ذراعها أكثر من سوار ومثلها لا يلبس إلا سواراً واحداً فهذه إذا زادت على الواحد قلنا إنها مسرفة لكن لو أن امرأةً أخرى غنية لبست سوارين أو ثلاثة مما يلبسه مثلها قلنا هذا ليس بإسراف وما يفعله بعض الشباب المساكين تجده لا أقول متوسط الحال بل هو ضعيف ما عنده مال ويذهب يشتري سيارة من أفخم السيارات ويجعل ثمنها ديناً عليه وهو لا بد أن يكون مضاعفاً أكثر مما لو اشتراها نقداً فيكون مسرفاً ويكون ظالماً لنفسه بإلزام الدين على نفسه وكل شيء يؤدي إلى الدين فإنه لا ينبغي إلا للضرورة وانظر في قصة الرجل التي ذكرها سهل بن سعد رضي الله عنه وأخرجها البخاري في صحيحه وغيره أتت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقالت يا رسول الله إني وهبت نفسي لك وهذا جائز أن تهب المرأة نفسها للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فكأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرغب فيها فجلست فقام رجلٌ فقال يا رسول الله إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها فسأله النبي صلى الله عليه وسلم ماذا يصدقها قال أصدقها إزاري ولم يكن عليه رداء ما عليه إلا إزار فقال كيف تصدقها إزارك إن أعطيته إياها بقيت بلا إزار وإن بقي عليك بقيت بلا صداق هذا معناه وقال له اذهب وابحث هل تجد لها مهراً قال ليس عندي شيء قال التمس ولو خاتماً من حديد لكن لم يجد الرجل شيء فقال هل معك شيء من القرآن قال نعم قال زوجتكها بما معك من القرآن يعني علمها ما معك من القرآن ولم يقل الرسول عليه الصلاة والسلام استقرض من أصحابك اسأل من الزكاة ما قال هكذا فدل ذلك على أنه لا ينبغي للإنسان أن يستقرض حتى في مثل هذه المسألة حتى للزواج فكيف بهؤلاء المساكين يستقرضون لمجرد أن يحصلوا على سيارةٍ أفخم من السيارة التي يعتادها مثلهم فنصيحتي لهؤلاء سواءٌ كانوا شباباً أو أكبر من الشباب أن لا يتساهلوا في الدين وأن يعلموا خطر الدين فإن الدين خطره عظيم حتى إن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم سئل عن الشهادة هل تكفر يعني الذنوب قال نعم تكفر الذنوب فلما ولى الرجل دعاه وقال له النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (إلا الدين يعني فإنها لا تكفره أخبرني بذلك جبريل آنفاً) فتأمل أن الشهادة أن يقتل الإنسان في سبيل الله لا تكفر الدين وكان صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا قدم إليه رجل ليصلى عليه سأل هل عليه دين أم لا فإن قالوا لا دين عليه تقدم وصلى وإن قالوا عليه دين لم يصلِ عليه وذات مرة قدم إليه رجلٌ من الأنصار فلما خطا خطواتٍ ليصلى عليه قال هل عليه دين قالوا نعم عليه ديناران فقال صلوا على صاحبكم فتغيرت وجوه القوم فقام رجل وهو أبو قتادة رضي الله عنه قال يا رسول الله الديناران علي قال حق الغريم وبرئ منه الميت قال نعم فتقدم وصلى فلما فتح الله عليه. عليه الصلاة والسلام صار يلتزم بالدين على من مات وعليه الدين ويصلى عليه

والخلاصة من هذا أن يعرف الناس قدر الدين وأنه أمرٌ ليس بالهين فلا يتدين الإنسان إلا للضرورة حتى لو استقرض من شخص قرضاً فإنه دين فلا يستقرض إلا عند الحاجة لكن إذا كان هناك حاجة فلا بأس أن يستقرض لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستقرض وكان يشتري أيضاً بدون قبض الثمن لكن لحاجة.

***

ص: 2

‌ما حكم وضع القبة في البيوت وهل صحيح ما ذكر بأن الرسول صلى الله عليه وسلم ترك السلام على من وضع القبة وما المقصود بالقبة في المنزل

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: القبة على المنازل فنٌ من فنون البناء والأصل في غير العبادات الحل الإباحة حتى يقوم دليلٌ على المنع ولا أعلم دليلاً على المنع اللهم إلا أن تبنى القبة على هيئة كنيسة أو ما أشبه ذلك فمن هنا يأتي المنع وأما ما ذكره عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهجره صاحب البيت الذي فيه القبة فلا أعلمه ولا أظنه يصح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولا تعرف القباب في ذلك الوقت.

***

ص: 2

‌هذا السائل أحمد أ. من الرياض يقول فضيلة الشيخ ما حكم الذي يصرف كثيراً من راتبه على دهن العود أو البخور وغير ذلك من الروائح الطيبة وهل قول النبي صلى الله عليه وسلم (حبب لي من دنياكم ثلاث وذكر من ذلك الطيب) هل هو دهن العود في زماننا هذا أرجو التوجيه مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا شك أن الطيب واستعمال الطيب خيرٌ وفضيلة:

أولاً لأنه مما حبب إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

وثانياً لأنه مما يشرح النفس ويطيب القلب.

وثالثاً أنه مما يجعل الإنسان بين الناس خفيف الروح محبوباً إليهم ولذلك تجد الرجل الذي يكون له رائحة كريهة يتمنى الإنسان أن لا يجلس معه طرفة عين فالطيب كله خير ولكن الإسراف في الإنفاق فيه داخلٌ في قول الله تبارك وتعالى (وَلا تُسْرِفُوا) وربما يسرف بعض الناس في الأطياب ويقصر فيما هو واجبٌ عليه فتجده يقصر في المأكل والمشرب وفي الملبس على من تجب عليه نفقته ويصرف غالب أمواله في الطيب وهذا لا شك أنه خطأ والله عز وجل مدح الذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواماً وأما ما أشار إليه السائل من قوله عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (حبب إلي من دنياكم ثلاث النساء والطيب والصلاة) فهذا لا صحة له فإن الحديث الذي ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام (حبب إلي من دنياكم النساء والطيب وجعلت قرة عيني في الصلاة) ولم يقل حبب إلي ثلاث ولا يستقيم الكلام أن يقول قائل حبب إلي ثلاث من الدنيا النساء والطيب والصلاة لأن الصلاة ليست من أعمال الدنيا بل من أعمال الآخرة بل لو أراد الإنسان بصلاته الدنيا فإن صلاته تكون مردودةً عليه لأنه لم يخلص فيها لله فيجب أن يتنبه الأخ السائل لهذه المسألة لأن الحديث ليس على هذا اللفظ الذي قاله السائل (حبب إلى من دنياكم ثلاث) بل إن صوابه (حبب إلي من دنياكم النساء والطيب وجعلت قرة عيني في الصلاة) وبهذه المناسبة أحذر إخواني المسلمين من نقل الأحاديث الموضوعة المكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أو الضعيفة إلا إذا أراد الإنسان أن يذكرها للناس ليبين وضعها أو ضعفها فهذا حسنٌ وجيد أما أن يذكرها على أن لها أصلاً وأنها أحاديث صحيحة فإن هذا لا يجوز وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال (من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار) وقال (من حدث عني بحديثٍ يرى أنه كذب أو يُرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين) أي فله إثم الكاذب والعياذ بالله فلا يجوز لأحد أن ينسب حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلا إذا كان صحيحاً أو كان حسناً مقبولاً عند أهل العلم أما الضعاف أو الموضوعات فلا يجوز لأحدٍ نقلها ونحن نرى بين الحين والحين نشراتٌ تنشر فيها أحاديث موضوعة مكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يعلم أهل العلم بالحديث أنها ليس لها أصل وأنها كذب ومع ذلك يتداولها الناس حتى إن بعضهم يقف عند الإشارات إشارات المرور وإذا وقفت السيارات بدأ يوزع عليهم ويظن أنه يحسن صنعاً وهو في الحقيقة يسيء صنعاً إلى نفسه وإلى غيره فإنه يضل الناس بغير هدى كما أننا نرى بين الحين والحين نشراتٌ أخرى تنسب إلى الرسول عليه الصلاة والسلام بمراء كاذبة فالحذر الحذر من هذه الأشياء التي تنسب إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم سواء كانت نسبة يقظة أو نسبة منام والواجب على العامي إذا وقع في يده مثل هذا أن يعرضه على من عنده من أهل العلم حتى يتبين الحق وأحث إخواني طلبة العلم الذين يعلمون كذب مثل هذه الأشياء إذا عرض عليهم مثل ذلك أن يكتب أحدهم ما شاء الله على هذه الورقة ثم يصورها وتوزع حتى يرد الباطل بهذا الحق.

وأما الطيب فهوكل ما طابت رائحته سواء ريحان أو ورد أو دهن عود أو غير ذلك.

***

ص: 2

‌هذه المستمعة أم عبد الرحمن تقول فضيلة الشيخ نقرأ كثيراً في القرآن النهي عن الإسراف وكذلك النهي عن البخل والبخل معروف ولكن كيف نعرف أن هذا إسراف وكيف نفرق بين الإسراف والكرم والسخاء

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الإسراف هو مجاوزة الحد في الإنفاق من مأكل ومشرب ومسكن وملبس فمثلاً إذا كان هذا الرجل رجلاً وسط الحال ثم صنع وليمةً لا يصنعها إلا الأغنياء كان هذا إسرافاً ولو صنعها الغني لم يكن هذا إسرافاً لأن الإسراف أمرٌ يتحدد بحسب حال الفاعل وأما السخاء والكرم فهو أن يكون الإنسان سخياً فيبذل ما ينبغي بذله على الوجه الذي أمر به لكن بدون إسراف كما قال تعالى (وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً) وهذا مدحٌ لهم وقال تعالى (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً) أما البخل فهو منع ما يجب بذله من المال أو من الجاه أو من العمل فإذا منع الإنسان ما يجب بذله فهذا هو البخيل فلو منع حق الضيافة مثلاً كان بخيلاً ولو منع واجب النفقة على أهله كان بخيلاً ولو منع الزكاة كان أشد بخلاً وكذلك البخل بالجاه إذا وجب عليه أن يتوجه لشخص بخل بجاهه فإن هذا بخل حتى أنه ورد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (أن البخيل من ذكر عنده فلم يصلِ عليه) وهذا بخلٌ بالعمل حيث بخل الإنسان بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مع أنه ذكر عنده.

***

ص: 2

‌هذا السائل الذي رمز لاسمه ب م. م المدينة المنورة يقول أسأل عن إقامة الحفلات عند ختم القرآن أو عند المناسبات السارة كالنجاح والقدوم من السفر هل يعتبر هذا من الإسراف أرجو التفصيل في هذا جزاكم الله خيرا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إقامة الحفلات عند قدوم الغائب أو عند النجاح أو ما أشبه ذلك لا بأس ولا حرج فيه لأن الناس يفعلون هذا لا بقصد العبادة ولم يطرأ على بالهم أنهم يفعلون هذا تقربا إلى الله ولكنهم يفعلون ذلك فرحا وسرورا بما أنعم الله به عليهم من حصول مطلوبهم ولا بأس بهذه الحفلات لكن الذي يخشى منه أن يسرف في هذه الحفلات إما بكثرة الطعام الذي يزيد على الحاجة كثيرا وإما بكثرة المدعوين بحيث يدعى المئات من الناس من أجل هذا الاحتفال وإلا فالأصل أن الاحتفال بمناسبة الفرح لا تعبداً لله أو تقرباً إليه وإنما إظهارا للفرح والسرور لا بأس به والله أعلم.

***

ص: 2

‌إذا ارتكب الإنسان ذنباً في أول حياته وقد ستر الله عليه ولم يطلع عليه أحدٌ إلا الله عز وجل وبعد ذلك رزقه الله التوبة وتاب هل يجوز له أن يعلم الناس بذلك الذنب الذي ارتكبه في أول حياته أم لا مع العلم بأن بعض الناس يقول عليك الله أن تعلمني ماذا ارتكبت من ذنوبٍ في حياتك ويقول أيضاً هل صحيح أن من أخبر بذنبه غفر الله له

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا السؤال تضمن ثلاثة أسئلة في الحقيقة

السؤال الأول هل يجوز لمن ارتكب ذنباً وستر الله عليه أن يخبر به غيره الجواب لا. لا يجوز لمن ارتكب ذنباً وتاب منه أن يخبر به غيره لأن هذا من كشف ستر الله عز وجل وهو من خلاف العافية وجاء في الحديث (كل أمتي معافى إلا المجاهرين) وهم الذين يذنبون فيحدثون بما فعلوه نعم لو كان الذنب له حد وعقوبة وأراد الإنسان أن يخبر به ولي الأمر ليطهره من هذا الذنب وهذه العقوبة فهذا لا حرج فيه وإن كان الأولى أن يتستر بستر الله أما لو كان الذنب ليس هكذا فلا يجوز للإنسان أن يتحدث به أمام الناس لما في ذلك من ظلم نفسه وفتح باب التهاون به عند غيره

وأما السؤال الثاني فهو سؤال غيره إياه أن يخبره بما فعل من الذنب ويقول له عليك الله أن تخبرني بما فعلت فهذا لا يجوز للإنسان أن يحرج أحداً بمثل هذا السؤال وأن يقول عليك الله أن تخبرني بكذا فإن هذا من خلاف حسن الإسلام وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام (من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه) وفي هذه الحال لا يجب عليك أن تجيبه حتى وإن سألك بالله عز وجل فلا يجب عليك أن تجيبه في هذا لما فيه من ضرر عليك ولما فيه أيضاً من ظلمه إياك والله سبحانه وتعالى لا يحب الظالمين ولا يحب الظلم فهو لا يجوز له أن يسألك هذا السؤال.

وأما السؤال الثالث الذي يقول فيه إنه من أخبر الناس بما عمل من المعاصي فإن الله سبحانه وتعالى يغفر له يوم القيامة؟ فهذا أيضاً ليس بصحيح وقد سبق أن قلنا إنه لا يجوز للإنسان أن يخبر غيره بما فعله من المعاصي وإنما يغفر الله للإنسان إذا تاب إليه ورجع إليه من ذنبه وندم وعزم أن لا يعود في المستقبل وكانت التوبة في وقتها أي قبل أن يشاهد الإنسان الموت وقبل أن تطلع الشمس من مغربها.

***

ص: 2

‌هل التفكير بالذنب أو المعصية دون عملها يعتبر ذنب أو محرم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: التفكير في المعصية لا يعتبر ذنبا ولا محرما لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال (إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم) لكن إذا هم به وعزم على أن يفعل ثم راجع نفسه وخاف الله عز وجل وترك المعصية التي هم بها فإنه يكتب له بذلك حسنة كاملة كما ثبت هذا عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (أن الله تعالى يكتبها حسنة كاملة ويقول إنما تركها من جرائي) أي من أجلي ولكن ينبغي للإنسان من حين أن يفكر في المعصية ينبغي له أن يحبس نفسه عن هذا التفكير لأن هذا التفكير ربما نما وزاد حتى صار هما ثم عزما ثم فعلا إلا من عصم الله عز وجل.

***

ص: 2

‌إبراهيم أبو حامد من الرياض يقول فضيلة الشيخ هل للمعاصي آثار على الفرد والمجتمع وما هي مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: المعاصي لها آثار على الفرد والمجتمع أما آثارها على الفرد فإنها تضعف الهمة في فعل الطاعات لأن المعاصي يجر بعضها بعضا والمعاصي تقسي القلب وتضعف همة الإنسان في طلب الخير قال الله تعالى (فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) والمعاصي أيضا لها أضرار على المجتمع لقول الله تعالى (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) ولقول الله تبارك وتعالى (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (96) أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَائِمُونَ (97) أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ (98) أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَاّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ) فالعقوبات تعم وتشمل الصالح وغير الصالح ويوم القيامة يبعثون على نياتهم كما أن المعصية تفسد المجتمع فيكون عاصيا لأن الناس إذا رأوا هذا الرجل يفعل المعصية سهل عليهم أن يفعلوها فتنتشر المعاصي من شخص إلى شخص حتى تعم المجتمع كله ولهذا وجب على الناس أن يأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر لإصلاح الأحوال وإزالة أسباب الشر والفساد فالواجب على الأمة الإسلامية أن تتآمر بالمعروف وتتناهى عن المنكر لئلا يعمهم الله بعقابه قال الله تبارك وتعالى (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (104) وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) فأسأل الله تعالى أن يصلح أمتنا رعاة ورعية وأن يبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعة الله ويذل فيه أهل معصيته ويؤمر فيه بالمعروف وينهى عن المنكر.

***

ص: 2

‌هل تحول السيئات والمعاصي دون استجابة الله لعبده

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: آثار المعاصي سيئة قد تحول بين الإنسان وبين قبوله ما جاء به الرسول وتحول بينه وبين التوبة كما قال تعالى (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِنْ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ) والسيئات يجر بعضها بعضاً كما أن الحسنات يدعو بعضها بعضاً فالواجب على العبد إذا عمل السيئة أن يبادر بالتوبة حتى ترتفع عنه آثارها السيئة وإلا فربما تجره السيئة إلى أخرى ثم إلى أخرى ثم إلى أخرى حتى يطبع على قلبه والعياذ بالله كما جاء في الحديث (من ترك ثلاث جُمَعٍ تهاوناً طبع الله على قلبه) وإذا طبع الله على قلبه فإنه يرى الباطل حقاً والحق باطلاً كما قال الله تبارك وتعالى (وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَاّ كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (12) إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ (13) كَلَاّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) يعني كلا ليس أساطير الأولين ولكن لما كان هذا الإنسان قد كسب معاصي وآثاماً أظلم بها قلبه اجتمعت هذه الآثام على القلب وصار لا يرى القرآن العظيم إلا كسواليف الأولين لم يذق له طعماً ولم يستنر به قلبه والعياذ بالله فالمهم أن للمعاصي آثاراً سلبية والعياذ بالله كما يقولون على القلب والعمل فانتشل نفسك أيها المسلم من المعصية بالتوبة إلى الله تعالى منها وإذا صحت توبتك تاب الله عليك.

***

ص: 2

‌هذا المستمع الذي رمز لاسمه بـ م. ع. يقول ما هي الكبائر من الذنوب وما هي الصغائر وما معنى اللمم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الكبائر هي ما رتب عليه عقوبة خاصة بمعنى أنها ليست مقتصرة على مجرد النهي أو التحريم بل لا بد من عقوبة خاصة مثل أن يقال من فعل هذا فليس بمؤمن أو فليس منا أو ما أشبه ذلك هذه هي الكبائر والصغائر هي المحرمات التي ليس عليها عقوبة وأما اللمم في قوله تعالى (الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَاّ اللَّمَمَ) فقيل معناه إلا الصغائر وعلى هذا يكون الاستثناء منقطعاً وقيل إلا اللمم يعني إلا الشيء القليل من الكبائر وعلى كل حال فعلى الإنسان أن يتوب إلى الله من كل ذنبٍ فعله سواءٌ كان صغيراً أو كبيراً لأن الإنسان لا يدري متى يفجؤه الموت فيجب عليه أن يبادر بالتوبة إلى الله عز وجل من كل ذنب.

***

ص: 2

‌إنني والحمد لله أصلى وأعمل جميع شعائر الدين وموجود في السوق نساء سافرات وأنا أراهن فهل يمسني ذنب أم لا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا ريب أن خروج النساء سافرات في الأسواق من المنكر الذي يجب على (من رآه أن يغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه) وأنه يجب على ولاة أمور المسلمين أن يمنعوا النساء من الخروج إلى الأسواق سافرات لمِا في ذلك من الفتنة وجلب الشرور عليهن وأنت إذا مررت بالسوق وأنت لا تستطيع أن تُغير هذا المنكر فإنه لا حرج عليك إذا قمت بما يجب عليك من هذه المراتب فتغير بيدك فإن لم تستطع فبلسانك فإن لم تستطع فبقلبك ولكن لا تتعمد النظر إلى هؤلاء النساء السافرات فإن (النظر سهم مسموم من سهام إبليس من تركه رغبة فيما عند الله وخوفاً منه أورثه الله تبارك وتعالى حلاوة يجدها في قلبه) قال الله تعالى (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ) .

***

ص: 2

‌هذا سائل من القصيم يقول قرأت في أحد الكتب لابن القيم رحمه الله قصةً عن شابٍ من طلاب العلم نظر إلى أمرد فقال له الشيخ والله لتجدن أثر ذلك ولو بعد حين وبعد عشرين سنة قام ذات ليلة من نومه وقد أنسي القرآن فما تعليقكم على ذلك يا فضيلة الشيخ وهل يمكن أن ينسى الحافظ القرآن دفعةً واحدة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إن مثل هذه القصص التي تذكر في الكتب تحتاج إلى سندٍ صحيح عمن نقلت عنه لأن كل خبر فلا بد له من سند فالخبر الذي يأتي بلا سند لا يقبل وابن القيم هل قال في كتابه الذي نقل منه السائل هذه القصة إنه باشر ذلك بنفسه وعلم ذلك بنفسه أو قال يحكى أو ما أشبه ذلك

وعلى كل حال فإذا صحت القضية فالظاهر أن السؤال فيه خطأ لأنه يقول نظر إلى أمرٍ ولعله يقول نظر إلى امرد لأن النظر إلى النساء يورث البلاء وكم من إنسان نظر نظرةً واحدة فأوقعت في قلبه ما لا يستطيع دفعه وأما كون الله تعالى ينسيه القرآن جملةً واحدة فإن الله على كل شيء قدير قد يمحو الله تعالى من حفيظته هذا القرآن وغيره مما حفظه وقد ورد في بعض الآثار أن القرآن يرفع من الأرض فيمحى من المصاحف وينسى من الصدور ولا تستغرب أيها الإنسان ما يجري من قضاء الله وقدره فإن الله سبحانه وتعالى على كل شيء قدير فالذي ينسي الجزء قادر على أن ينسي الكل وإن نصيحتي بهذه المناسبة أن يلتزم الإنسان طاعة الله سبحانه وتعالى في السر والعلن وأن يقوم بما أوجب الله عليه من حقوق الله وحقوق عباده فإن ذلك من أسباب قوة الحافظة وقلة النسيان كما قال الله تبارك وتعالى (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ) ويروى عن الشافعي أنه قال

شكوت إلى وكيعٍ سوء حفظي فأرشدني إلى ترك المعاصي

وقال اعلم بأن العلم نورٌ ونور الله لا يؤتاه عاصي

***

ص: 2

‌المستمع من السودان يقول هل يصح الرجل أن يجلس مع بنات عمه أو عمته أو بنات خاله أو خالته

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا كان ليس هناك محظور فلا بأس ولكنه لا يتحدث إليهن ويتحدثن إليه لأن هذا الحديث قد يفضي إلى فتنة لكن لو فرض أنه زار بيت أقاربه ولم يحصل خلوة ومعه أهله وكذلك أهل البيت معهم محارمهم وجلسوا في مجلس واحد فلا حرج في ذلك أما التحدث إلى نساء لسن محارم له فإن ذلك بلا شك يوجب الفتنة وكلما بعد الإنسان عن الفتنة كان أسلم لدينه وعرضه.

***

ص: 2

‌هذه رسالة وردتنا من المستمع الكريم م س ح ثانوية الفاروق بالرياض يقول في رسالته قرأت في كتاب الأذكار في باب مسائل تتفرع على السلام أنه يحرم التقبيل والمعانقة للشاب أو الرجل الجميل والأمرد وذكر أن المذهب الصحيح عنده تحريم النظر إلى الأمرد والحسن ولو كان بغير شهوة وقد أمن الفتنة فهو حرام كالمرأة لكونه في معناها ما رأي فضيلتكم في هذا القول نرجو أن يقرن قولكم بالدليل

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الذي رآه النووي رحمه الله في كتاب الأذكار من تحريم النظر إلى الأمرد مطلقاً هو ما اختاره سداً للذريعة لأن من الناس من يكون سافل الهمة والإرادة فينزل بنفسه إلى أن ينظر إلى المردان نظره إلى النسوان وهذا شيء موجود ويكثر ويقل بحسب الأماكن والأزمان وحيث إن هذا الأمر خطير جداً وأن مسألة التعلق بالمردان لها عواقب وخيمة منها أنها قد تؤدي إلى اللواط والعياذ بالله وهو الفاحشة النكراء التي عقوبة من فعلها ولو مرة واحدة وهو بالغ عاقل غير مكره عقوبته أن يُعدم بكل حال ولو كان غير محصن لقول النبي صلى الله عليه وسلم (من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به) وهذا وإن كان بعض العلماء ضعفه لكن يؤيده إجماع الصحابة رضي الله عنهم على قتل الفاعل والمفعول به وإن كانوا قد اختلفوا في كيفية قتله ويؤيده من النظر أن هذه الفعلة الخبيثة فعلة منكرة وصفها الله تعالى على لسان لوط عليه الصلاة والسلام بوصف أبلغ من وصف الزنى قال الله تعالى في الزنى (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً) أي فاحشة من الفواحش ولكن لوطاً قال لقومه (أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ) و (أل) هذا يدل على عظم مدخولها أي مدخول ال وهو الفاحشة فهي الفاحشة النكراء التي لا يقرها شرع ولا طبع سليم ولهذا كان القول الراجح الذي رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره من المحققين أن جريمة اللواط حدها الإعدام بكل حال مادام الفاعل والمفعول به بالغاً عاقلاً غير مكره وبناءً على هذه النتائج التي قد يكون سببها المثير لها هو النظر رأى بعض أهل العلم ما رآه النووي رحمه الله في تحريم النظر إلى الأمرد والشاب الحسن خوفاً من الوقوع في هذه الفتنة العظيمة ولكن هذا القول مرجوح ما لم يتحقق أنه وسيلة فإن تُحِقق أنه وسيلة وصار الإنسان إذا نظر تحركت شهوته فإنه حينئذ يجب الكف عن النظر وغض البصر ويدل على ضعف هذا القول وأنه ليس على إطلاقه أنه مازال في الرجال منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم من يكون شاباً حسناً كما في الفضل بن عباس رضي الله عنهما أنه كان شاباً جميلاً وسيماً ومع ذلك لم يحرم النبي صلى الله عليه وسلم النظر إليه ويؤيده أيضاً أنه لو كان النظر إلى المردان والشباب من الذكور محرم كما هو في المرأة لكان يجب على هؤلاء أن يحتجبوا كما يجب على النساء أن يحتجبن ولا قائل من أهل العلم أنه يجب على المردان أن يحتجبوا وأن يغطوا وجوههم في الأسواق وعند غير المحارم فهذا القول ضعيف ودليله ما سمعت من أن هذا لم يزل موجوداً في الناس منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا ولم يأمر النبي عليه الصلاة والسلام بغض البصر عن النظر إلى هؤلاء وأيضاً لو كان النظر إليهم محرماً لوجب عليهم أن يحتجبوا كما يحتجب النساء ولكن إذا كان الإنسان يخشى على نفسه فهذه قضية عين نقول له هو بنفسه لا تنظر إلى المردان مادمت تخشى على نفسك أن تتحرك شهوتك بالنظر إليهم.

***

ص: 2

‌السائلة ي ي من مكة المكرمة تقول ما هي أسباب الحياة السعيدة في الدنيا والآخرة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أسبابها اثنان ذكرهما الله تعالى في كتابه فقال جل وعلا (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)(النحل: 97) جعلنا الله وإياكم من المؤمنين العاملين الصالحات فتجد المؤمن العامل للصالحات من أطيب الناس قلباً وأشرحهم صدراً يسير بقضاء الله وقدره ويقوم بطاعة الله ورسوله لا يفرح بما أوتي فرح بطر ولا يحزن على ما فات من غير تقصير فهو دائماً في سرور ودائماً في خير قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير وليس ذلك إلا للمؤمن إن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له وإن أصابته ضراء شكر فكان خيراً له) .

***

ص: 2

‌هذا أحمد مصري مقيم في الرياض يقول فضيلة الشيخ هل المال من النعم أم من البلوى

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: المال لا شك أنه من نعم الله عز وجل ولكن كل نعمة من الله فإنها ابتلاء من الله سبحانه وتعالى قال الله عز وجل (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ) وقال الله عز وجل عن سليمان عليه الصلاة والسلام حين أحضر عنده عرش بلقيس (قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ) فالمال نعمة من النعم يبتلي الله بها العبد هل يشكر الله عز وجل على هذه النعمة ويستعملها في طاعة الله أم يكفر هذه النعمة ويستعملها في معاصي الله فإن كان الأول فإنه شاكر والله سبحانه وتعالى يجزي الشاكرين يجزيهم فضلاً في الدنيا وفي الآخرة كما قال سبحانه وتعالى (وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم) وإن كان الثاني وهو الذي كفر النعمة واستعملها في معصية الله فإنه كفور بها والله عز وجل يقول (وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) وليعلم من أنعم الله عليه بالمال ثم كفر هذه النعمة وبقي متنعماً بها أن هذا لا يدل على رضا الله عنه بل إن هذا استدراج من الله تعالى له والله سبحانه وتعالى له حكمة قد يمهل الظالم ويستدرجه بالنعم حتى إذا أخذه لم يفلته كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته) وتلا قوله تعالى (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) فليحذر الذي أنعم الله عليه بالمال أن يستعمله في معصية الله عز وجل وليكن شاكراً لربه قائماً بما أوجب الله عليه في هذا المال من زكاة ونفقات واجبة وغير ذلك مما تقتضيه الأدلة الشرعية.

***

ص: 2

‌هل الإقبال على الدنيا من عوائق الفوز في الآخرة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا لا شك أنه من العوائق، الإقبال على الدنيا والإنصراف إليها كليةً وكون الرجل يجعلها أكبر همه ومبلغ علمه، لا شك أن هذا من الصوارف وما ضر الناس اليوم أعني غالبهم إلا هذا الأمر، حيث أكبوا على الدنيا، منهم من أكب على حب الرئاسة، والجاه، ومنهم من أكب على اللهو واللعب وإضاعة الأوقات في غير فائدة لا دينية ولا دنيوية، ومنهم من أكب على مبايعات وصفقات، ومنهم من أكب على أمور أخرى لا يتأتى شرحها هنا، فعلى كل حال نحن نقول لو أن الناس اقتصدوا في طلب الدنيا واجتهدوا في طلب الآخرة لنالوا خيراً كثيراً، ولكن أعتقد أنهم اجتهدوا في طلب الدنيا واقتصدوا في طلب الآخرة إن صح أن نقول اقتصدوا، إن لم نقل أضاعوا أمر الآخرة إلامن عصم الله سبحانه وتعالى.

***

ص: 2

‌المستمع من العراق يقول في رسالته سمعت حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما معناه أنه صلى الله عليه وسلم دخل على عائشة رضي الله عنها ووجدها قد وضعت ستراً على الجدار وهو ما يسمى بالستائر في عصرنا الحالي فقال لها نحن قوم لم نؤمر بتغطية الحوائط أو الجدران هل يفهم من هذا الحديث الشريف أنه يجب أن تكون مثل هذه الستائر على قدر فتحة النافذة أم يجوز أن تكون بعرض الحائط الذي توجد به النافذة أي أن تكون على جانبي النافذة أفيدونا بارك الله فيكم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الحديث الذي أشار إليه السائل في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم (رأى هذا الستر على الباب فظهر ذلك في وجهه ثم قال صلى الله عليه وسلم إن الله لم يأمرنا أن نكسو الحجارة والطين) ثم هتكه أي قطعه ففي هذا الحديث دليل على أنه لا ينبغي للإنسان أن تصل به الحال إلى أن يكسو جدران بيته بهذه الأكسية التي كرهها النبي صلى الله عليه وسلم وبان ذلك في وجهه وأخبر بأن الله لم يأمرنا بذلك وأما الستائر التي توضع الآن فإن كانت لغرض صحيح سوى الستر كما لو أراد الإنسان بها أن يستر وجه النافذة عن الشمس أو نحو ذلك فإن هذا لا بأس به لأنه ليس كسوة للحجارة والطين ولكنه للتوقي من أذى يترقبه أو لمصلحة يرجوها بهذه الكسوة فأما مجرد تزيين الجدار بهذه الكسوة فإن هذا داخل في الحديث ولا ينبغي أن نفعله.

***

ص: 2

‌هذه رسالة فيها هذا اللغز الشرعي نجيب عليه في هذه المرة ونرجو أن يكون هذا آخر شيء في الألغاز أو ما يشابهها يقول مر شخص بحديقة فوجد فيها شخصاً مع عشر من النساء فقال له ألم تستحِ علي ذلك فأجابه الرجل سامحك الله يا أخ إن هؤلاء جميعهن محارم لي فقال له كيف فأجاب الرجل ثلاث منهن خالاتي وثلاث منهن أخواتي وثلاث منهن بناتي والعاشرة هي أم الجميع وهي زوجتي وذلك بطريقة شرعية فالرجاء الإجابة على هذا السؤال وبيان ذلك شرعاً وشكراً لكم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أرجو أن يكون هذا آخر سؤال موجه إلى هذا البرنامج فيه ألغاز وألا يعاد مثله إلى هذا البرنامج لأن هذا البرنامج في الواقع إنما هو لإفادة السامعين بأمور واقعية ينتفعون بحلِّها أو أمور كثيرة الوقوع ينتفعون حينما يهم أحد بالإقدام عليها أما الألغاز فإنها صعب فهمها وتفهيمها ولا يؤتى بها إلا للطلبة لشحذ أذهانهم ولكن مع هذا ما دمت أوردت علينا هذا السؤال فإننا نستعين الله تعالى على الإجابة عليه ونود أن ينتبه السامعون إلى صورة المسألة وإن كانت الفائدة منها قليلة صورتها أننا نفرض أن امرأة تسمى فاطمة لها بنتان تزوج إحدى الابنتين أبو رجل يقال له أي يقال لهذا الرجل محمد تزوج أبوه إحدى ابنتي فاطمة وتزوج جده من قبل أمه إحدى البنتين أي بنتي فاطمة فأبوه أتاه من امرأته ثلاث بنات فصرن أخواتٍ لمحمد وجده من قبل أمه أتاه من زوجته أيضاً ثلاث بنات صرن خالات لمحمد ثم إن محمداً تزوج فاطمة فأتت منه بثلاث بنات صرن بنات لمحمد إذاً ثلاث نساء خالات له وثلاث نساء أخوات له وثلاث نساء بنات له وفاطمة هذه أم مباشرة لبناته وجدة لخالاته وأخواته وعلى هذا فإنها تكون أماً مباشرة لثلاث من هذه النساء وأم أمٍ ليست من هؤلاء النساء وهي أيضاً زوجة لمحمد انتهى حل هذا اللغز ولو زاد الملغز ثلاثاً ليكن عمات لمحمد وذلك بأن يكون لفاطمة بنت ثالثة يتزوجها جده من قبل أبيه فتأتي بثلاث بنات أيضاً فيكون عنده ثلاث عشرة امرأة يقول لثلاث منهن بناتي ولثلاث خالاتي ولثلاث عماتي ولثلاث أخواتي وللثالثة عشرة زوجتي وهي أم الجميع.

***

ص: 2

‌هل يجوز أن يسلم أو يصافح الرجل المرأة الأجنبية علماً بأن الخاطر أو القلب ما فيه قصد

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا يجوز للرجل أن يصافح امرأة أجنبية والمراد بالأجنبية من ليست من محارمه ولا فرق بين أن يصافحها مباشرة أو من وراء حائل ولا فرق بين القريب الذي ليس بمحرم وبين البعيد وما يفعله بعض الناس من العادات القبيحة التي تجري بينهم من مصافحة الرجل لبنت عمه أو بنت خاله أو ما أشبه ذلك فإنه منكر يجب النهي عنه والحذر منه والفتنة في المصافحة قد تكون أشد من الفتنة في النظر فالواجب الحذر من هذه العادة القبيحة والنهي عنها.

***

ص: 2

‌شيخ محمد هذه رسالة وردتنا من التاجر صالح بن عابد من الرياض بعثها لكم شخصياً وقد اختصرتها اختصاراً شديداً يقول المكرم الشيخ محمد العثيمين حفظه الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد تعلمون يا شيخ أن الغرب والشرق قد استهدفنا بما نراه شراً وبما نعتقد أنه خير ولا ندري وذلك أنهم أخذوا يقذفون في محيطنا كل إنتاجهم من وسائل نقل وترفيه وتدفئة وتبريد وملابس وأكل إلى آخره مما لا أستطيع عده الآن حتى أنني قد وجدت فرشة أسنان تعمل على البطارية يجعلها الإنسان على أسنانه وتتحرك حركة سريعة فتنظف الأسنان من غير جهد ولو قليل ولدي أسئلة منها أولاً ما قصد أصحاب هذه المخترعات

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وبعد فإن قول الأخ السائل إن الشرق والغرب قد استهدفونا فإن هذا حق فإننا نرى أن الشرق والغرب كلاهما ليس على دين الإسلام وكل من كان على غير دين الإسلام فإنه عدو للإسلام يقول الله سبحانه وتعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ) وهم يستهدفوننا لغرض القضاء على ديننا أولاً وقبل كل شيء ثم لإضعاف قوتنا المادية والخُلُقية حتى يسيطروا على عقولنا وأفكارنا وأموالنا وبلادنا وهذا شيء معلوم بالتتبع من أزمنة قديمة وأما ما أغرقونا به من مواد الترفيه والتنعم فإن هذا بلا شك من نعمة الله تبارك وتعالى على العبد أن سخر له من يعملون له ما يكون فيه الرخاء والهناء والمساعدة على الأمور الشاقة ولا ريب أن هذا من نعمة الله سبحانه وتعالى فإذا استعمل الإنسان هذه النعم على وجه مباح وفي الحدود الشرعية من غير إسراف ولا مغالاة واستعان بها على طاعة ربه كان في ذلك خير له في دينه ودنياه وإن جاوز الحدود فيها وأسرف أو استعان بها على معصية الله كانت شراً عليه وعاقبتها وخيمة وأما ما يهدف هؤلاء من إغراقنا بمثل هذه الأمور التي ذكرها السائل في كتابه فإن في اعتقادي أنهم لا يريدون بذلك إلا أمراً مادياً فقط وهو جباية المال والحصول عليه وأنهم لا يقصدون بذلك أمراً دينياً أو أمراً سياسياً فيما يبدو لنا وذلك لأن مندوبي الشركات يتسابقون من كل وجهة لأجل أن يروجوا سلعهم بقطع النظر من كون هذه السلعة لهذا الغرض أو لهذا الغرض مما يدل على أن قصدهم شيء مالي فقط والله أعلم بالسرائر.

***

ص: 2

‌سؤاله الثاني يقول كيف يكون مصير الأمة الإسلامية لو تبدلت حياتهم المكانية والمعيشية فلو جد عليهم ظروف جديدة مثل الكوارث من سيول عارمة أخرجت الكثير منهم من منازلهم وما فيها من نعيم أو زلزال حرمهم مساكنهم وما فيها من وسائل الراحة وأخرجهم مع أطفالهم ونسائهم في العراء أو أعاصير لا قدرة للخلق بها فبالله عليكم ما السبيل لأنني أقول لكم هذا الكلام حينما عرفت موقعي من هذه الدنيا بما لدي من مال يفوق تصور الكثيرين من الناس وبما أنني قد عرفت أن هذا المال ليس ملكي وإنما هو وديعة عندي لصاحبه الحقيقي وهو الله وأخشى في يوم ما أن يسترجع عاريته ولا يبقى عندي إلا أثرها وهي نعومة ملمسي وحسن نضارتي وجودة ملبسي ورفاهية مركبي دلونا إلى الصواب معشر التجار فإنا في خطر

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أنا أشكر الأخ على هذا الكلام الجيد الرصين الذي يدل على إيمان هذا الرجل وعلى عقله وتخوفه من المستقبل ودلالتي لهؤلاء التجار أولاً أن يأخذوا الأموال من وجهها على وجه مباح ليس فيه تحريم من غش أو خداع أو مكر للمسؤولين أو غير المسؤولين وألا يتجرؤوا على أخذه من طريق الربا فإن الربا من أعظم الذنوب وأشدها خطراً على المجتمع وقد قال الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ) ورسول الله صلى الله عليه وسلم صح عنه أنه (لعن في الربا خمسة لعن آكله وموكله وشاهديه وكاتبه وقال هم سواء) فنصيحتي لهؤلاء التجاربأمور:

الأول أن يكون اكتسابهم من المال على وجه حلال.

ثانياً أن يخرجوا ما يجب في هذا المال من زكاة ونفقات.

وثالثاً ألا يسرفوا في استهلاك هذا المال في أمور التنعم بفضول الطعام والشراب واللباس والنكاح والمساكن والمراكب وغيرها وأن يقتصدوا فإنه من الدعاء المأثور (وأسألك القصد في الفقر والغنى) وليس يعقب السرف إلا التلف فإذا هم استقاموا على هذه الأمور الثلاثة اكتساب المال من حله وصرف ما يجب فيه من زكاة ونفقات وعدم الإسراف في إنفاقه فإنه يُرجَى لهم خير كثير ونعم المال الصالح عند الرجل الصالح.

***

ص: 2

‌سؤاله الثالث يقول ما موقف المسلم من هذه النعم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: موقف المسلم من هذه النعم هو ما أشرنا إليه قبل قليل أن يستعين بها على طاعة الله وأن يشكر الله سبحانه وتعالى على تسخيره وتيسيره وألا يتجاوز بها الحد في الإسراف بالتنعم فإن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن كثرة الإرفاه لأن كثرة الإرفاه توجب انشغال النفس بالاهتمام بتنعيم البدن دون القيام بما خُلِقَ له العبد من عبادة الله سبحانه وتعالى.

فضيلة الشيخ: يقول ما خطر هذا الترفيه على مستقبل المسلمين؟

فأجاب رحمه الله تعالى: خطر هذا الترفيه ولا سيما إذا تجاوز الحد في رأيي أنه شديد وذلك أنه إذا انقطعت أسبابه فستكون النتيجة رد فعل عظيما بالغا لأن الناس اعتادوا على هذا الترفه وهذا التنعم فإذا فقد منهم نسأل الله السلامة فإنه يحصل عليهم بذلك مشقة شديدة لأن من اعتاد على شيء ثم فقده صار له أثر بالغ في نفسه بخلاف من لم يعتده من قبل وزوال هذا الترفه وهذا التنعم ليس ببعيد إذا استعان الناس بهذا على معصية الله تعالى والغفلة عن طاعته لأن الله يقول (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) ويقول سبحانه وتعالى (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ) ويقول سبحانه وتعالى (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ) فهذه النعم إذا شكرها العبد واستعان بها على طاعة الله سبحانه وتعالى وعرف بها نعمة ربه وآلاءه ورحمته ازدادت بوعد الله سبحانه وتعالى وإن كفرها فإنها تنتزع منه وتنتزع بركتها كما ذكرنا ما يدل عليه من الآيات الثلاث وعلى هذا فإنه يخشى إذا زالت هذه النعم بعد الانغماس في الترف والتنعم بها أن يكون لها أثر بالغ في المشقة والنكد والحزن والأسى نسأل الله السلامة.

***

ص: 2

‌هل الصلاة والأعمال الخيرة التي تقوم بها المرأة السافرة أي الغير المحجبة حرام ولا يثيبها الله سبحانه وتعالى عليها

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الأعمال الصالحة عرفنا أنها صالحة ولا يمكن أن تكون حراماً إذا كانت واردة على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ولا يمكن أن تكون صالحة إلا إذا كانت على المنهج السليم المبني على الأخلاق والمتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وكأن السائلة تقول هل هذه الأعمال الصالحة تنفع مع عدم الحجاب هذا هو الظاهر الذي تريد فنقول لها نعم إن الأعمال الصالحة تنفع مع الأعمال المحرمة وعلى هذا تكون المحاسبة والموازنة بين الأعمال يوم القيامة فيعمل الإنسان عملاً صالحاً ويعمل عملاً سيئاً (وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) فهي تؤجر على الأعمال الصالحة وتنتفع بها ولكنه لا يجوز لها الإصرار على المعصية بل يجب عليها أن تتخلص منها حتى تكون بذلك كاملة تدع المحرمات وتقوم بما تيسر من المأمورات.

***

ص: 2

‌كيف نجاوب من سألنا عن كروية الأرض في الدين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الأرض كروية بدلالة القرآن والواقع وكلام أهل العلم أما دلالة القرآن فإن الله تعالى يقول (يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ) والتكوير جعل الشيء كالكور مثل كور العمامة ومن المعلوم أن الليل والنهار يتعاقبان على الأرض وهذا يقتضي أن تكون الأرض كروية لأنك إذا كورت شيئاً على شيء وكانت الأرض هي التي يتكور عليها هذا الأمر لزم أن تكون الأرض التي يتكور عليها هذا الشيء كروية وأما دلالة الواقع فإن هذا قد ثبت فإن الرجل إذا طار من جدة مثلاً متجهاً إلي الغرب خرج إلى جدة من الناحية الشرقية إذا كان على خط مستقيم وهذا شيء لا يختلف فيه اثنان وأما كلام أهل العلم فإنهم ذكروا أنه لو مات رجل بالمشرق عند غروب الشمس ومات آخر بالمغرب عند غروب الشمس وبينهما مسافة فإن من مات بالمغرب عند غروب الشمس يرث من مات بالمشرق عند غروب الشمس إذا كان من ورثته فدل هذا على أن الأرض كروية لأنها لو كانت الأرض سطحية لزم أن يكون غروب الشمس عنها من جميع الجهات في آن واحد وإذا تقرر ذلك فإنه لا يمكن لأحد إنكاره ولا يشكل على هذا قوله تعالى (أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (17) وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (18) وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (19) وَإِلَى الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ) لأن الأرض كبيرة الحجم وظهور كرويتها لا يكون في المسافات القريبة فهي بحسب النظر مسطحة سطحاً لا تجد فيها شيئاً يوجب القلق على السكون عليها ولا ينافي ذلك أن تكون كروية لأن جسمها كبير جداً ولكن مع هذا ذكروا أنها ليست كروية متساوية الأطراف بل إنها منبعجة نحو الشمال والجنوب فهم يقولون إنها بيضاوية أي على شكل البيضة في انبعاجها شمالاً وجنوباً.

***

ص: 2

‌الأخ علوان منصور من العراق يقول قال الله سبحانه وتعالى (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ) والمقصود بالأمة هي الأمة المحمدية المسماة الأمة الإسلامية التي تدين بدين الإسلام والمتكونة من العرب روح الإسلام ومادته والأكراد والأتراك والفرس والأفغان وغيرهم فهل جائزٌ شرعاً أن يتحدوا ويصبحوا دولةً واحدة وأن يعملوا لهدف واحد وهو رفع راية الإسلام عالياً وينضموا تحت قيادة واحدة أم لا يمكن وحدتهم إدارياً ولماذا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: قوله هل جائزٌ أن يتحدوا هذا التعبير فيه نظر والصواب أن يقال فهل من الواجب أن يتحدوا فنقول نعم الواجب على المسلمين أن يتحدوا ويكونوا أمة واحدة ويكون خليفتهم واحداً ثم هذا الخليفة ينصب له نواباً وأمراء على البلدان الأخرى لأنه ليس من الممكن أن شخصاً واحداً يدير هذه الممالك العظيمة الإسلامية فالواجب عليهم أن يتحدوا ويكونوا يداً واحدة على من سواهم وتحت رايةٍ واحدة وهي راية الإسلام وفي ظلٍ واحد وهو ظل الإسلام هذا هو الواجب على المسلمين في جميع أقطار الدنيا وما ضر المسلمين اليوم إلا تفرقهم وتناحرهم ومعاداة بعضهم بعضاً وكونهم يذهبون إلى غير ما أرشدهم النبي صلى الله عليه وسلم إليه من الشعارات التي لا يمكن أن تجمعهم بل هي إلى تفريقهم أقرب فشعار المسلمين الذي يمكن أن يجمعهم هو شعار الإسلام (وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ) أن ينادى بالمسلمين الذين يعبدون الله من عربٍ وعجمٍ وغيرهم حتى يكونوا يداً واحدة على من سواهم وأما المناداة بغير هذه الشعارات الإسلامية الإيمانية فإنها في الحقيقة ضائعةٌ سدىً ولهذا منذ نشأت هذه الشعارات إلى يومنا هذا ما وجدناها خدمت مصالح المسلمين بل حتى مصالح من ينادون بها بهذه الأوصاف وإنما هي شعارٌ أثار النزاع وأثار العداء والبغضاء بين المسلمين وتشتتوا فرقاً والواقع يشهد بما قلنا ولكننا نؤمل أن الله سبحانه وتعالى يرد المسلمين إلى رشدهم ويرجعوا جميعاً إلى تحكيم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأن يكونوا أمةً واحدة ويداً واحدة على من سواهم.

***

ص: 2

‌هذه رسالة وردتنا من المستمع أخوكم أبو محمد يقول في رسالته هذه ما معنى فصل الدين عن السياسة وهل يجب على العالم الديني الاشتغال بالسياسة أم لا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: فصل الدين عن السياسة يراد به أن ولي الأمر يفعل ما شاء مما يظن قيام الدولة به سواء وافق الشرع أم لم يوافقه حتى ولو كان ذلك على حساب الدين لأن الفصل معناه التمييز بين الشيئين والحد بينهما وعلى هذا فولي الأمر ينظر بما يراه مُصْلِحاً وإن خالف الشرع ولا ريب أن هذا قول باطل وقول خاطئ وأن الدين هو السياسة والسياسة من الدين ولكننا نريد بالسياسة السياسة العادلة دون السياسة الجائرة وأستدل لما أقول بأن الدين الإسلامي جاء لإصلاح الناس في معاملاتهم فيما بينهم وبين ربهم وفيما بينهم وبين العباد وجعل لله حقوقاً وللعباد حقوقاً للوالدين والأقربين والزوجات والمسلمين عموماً وحتى غير المسلمين جعل لهم الإسلام حقاً معلوماً عند أهل العلم وجعل للحرب أسباباً وشروطاً وللسلم أسباباً وشروطاً وجعل للجرائم عقوبات بعضها محدد وبعضها موكول إلى رأي الإمام إلى غير ذلك مما يدل دلالة واضحة على أن الإسلام كله سياسة وأصل السياسة مأخوذة من السائس الذي يتولى أمر الحيوان ويقوم بما يصلحه ويدفع ما يضره هذه هي السياسة والدين إذا تأملناه وجدناه بهذا المعنى وأن الله تعالى يشرع لعباده من الأمور المطلوبة مالا تستقيم حياتهم بدونه وينهاهم عن الأمور التي تفسد بها أحوالهم العامة أو الخاصة إذا فالحقيقة أن الدين كله سياسة ونحن نجزم أن كل من فصل السياسة عن الدين وبنى سياسته على ما يراه هو وما تهواه نفسه فإن سياسته فاسدة وتفسد أكثر مما تصلح وهي إن أصلحت جانباً حسب ما يراه نظره القاصر فإنها تفسد جوانب كبيرة ويدل على ذلك التأمل في أحوال هؤلاء العالم الذين بنوا سياساتهم على أهوائهم وآرائهم وصاروا مبتعدين عن الدين الإسلامي يجد المتأمل أن هذه السياسات كلها فساد أو غالبها فساد وأنها إذا أصلحت جانباً أفسدت جوانب فعلى هذا نقول إن فصل السياسة عن الدين أمر خاطئ وأن الواجب لمن أراد أن يصلح نفسه ويصلح غيره ألا يسوس أحداً إلا بمقتضى الدين الإسلامي.

***

ص: 2

‌من منطقة عسير السائلة ع أتقول فتاة متزوجة حدث وأن أقام والدي حفل زواج وفيه ضرب بالطبول والأشياء المحرمة فاتفقت أنا وزوجي على عدم الحضور للزواج والحمد لله لم نحضر ولكن بعد ذلك قام والدي بتحريض من عمي بحرماني من زوجي مدة طويلة وأخذ والدي وعمي يطلبان من زوجي الطلاق ولكن زوجي رفض الطلب وبعد أن يئسوا من الطلاق طلب والدي من زوجي مبلغا من المال وقدره خمسة عشر ألف ريال فقام زوجي بدفع ذلك المال مقابل أن يأخذني وأسأل يا فضيلة الشيخ ما حكم تصرف أبي وعمي وما حكم المال الذي أخذه والدي

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذه ثلاث مسائل:

المسألة الأولى: أن هذه السائلة وزوجها هجرا الحفل المشتمل على المحرم وهذا شيء طيب وعمل صالح أسأل الله أن يثيبهما على ذلك وهذا هو الواجب على كل مؤمن أن يقدم طاعة الله عز وجل على كل طاعة ورضا الله على كل رضا وأن يهجر المعاصي وأهلها حتى وإن كانت من أقرب قريب هذه واحدة.

ثانيا: حرمان أبيها إياها من زوجها بتحريض من عمها محرم وهو من أعمال السحرة والعياذ بالله قال الله تعالى (فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ) فمن حاول التفريق بين المرء وزوجه ففيه شبه من السحرة وعمله يشبه عمل الساحر وهذا حرام عليهما وإذا كانت النميمة وهي نقل الكلام من شخص إلى آخر للتفريق بينهما من كبائر الذنوب فالتفريق بالفعل أعظم وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (لا يدخل الجنة نمام) فعلى أبيها وعلى عمها أن يتوبا إلى الله عز وجل من هذا الذنب العظيم وعليهما أيضا أن يستسمحا من البنت ويطلبا الحل منها فإن لم يفعلا فستكون خصما لهما يوم القيامة وتأخذ من حسناتهما

المسألة الثالثة: أخذ الدراهم الخمسة عشر ألف من الزوج حرام وأكل للمال بالباطل والزوج لم يعط أباها خمسة عشر ألفا لسواد عينيه ولا عن رضا لكنه ألجأه إلى ذلك ليفك أسر زوجته فما أخذه الأب حرام ويجب على الأب فوراً أن يرد الدراهم الخمسة عشر ألفا إلى الزوج فإن قال الأب إن الزوج أعطاني إياها قلنا نعم أعطاك إياها مكرها ليفك أسر زوجته ولولا هذا ما أعطاك إياها وإنني في النهاية أنصح العم وغيره من أولئك الذين يقيمون الولائم على شكل محرم وأقول أهذا جزاء النعمة أن يسر الله الزواج لبنتكما أن تأتي بالأشياء المحرمة من الموسيقا أو الطبول أو أقبح من ذلك مثل أن يصور الحفل ويعرض على الناس كسلعة من السلع وأقبح من ذلك أن يصور بالفيديو الذي يظهر الصورة حية ليتداوله الناس فيروا هذه المرأة وجمالها وهذه المرأة ودمامتها وهذه المرأة وطولها وهذه المرأة وقصرها سبحان الله أيكون هذا في مجتمع مسلم مؤمن بالله واليوم الآخر إنني أحذر هذا وأمثاله من هذه الأشياء المحرمة وأقول أقيموا الوليمة على حسب ما جاءت به الشريعة دف للنساء بغناء نزيه بعيد عن الفتنة هذا رخص به الشرع وإن كان فيه نوع لهو لكنه مرخص فيه من أجل المناسبة.

***

ص: 2

‌ما حكم الشرع في قول الرجل متحدثا عن نفسه أنا عملت كذا وكذا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا حرج في هذا فقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (أنا ابن عبد المطلب) وقال في عمه أبي طالب (لولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار) لكن النبي صلى الله عليه وسلم أنكر على من استأذن على الإنسان في بيته فقال له صاحب البيت من هذا قال أنا فأنكر النبي صلى الله عليه وسلم قول المستأذن أنا لأنه إذا قال أنا لا يدرى من هو وبقي مجهولا لكن المستأذن يقول أنا فلان بن فلان حتى يعرف بنفسه قبل أن يؤذن له.

***

ص: 2

‌هذا السائل يقول من خاصم أخاً له فوق ثلاث ليال هل يكون آثما

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا غلط وصواب السؤال أن يقال من هجر، فأقول (لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث) كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام) لكن من كان على معصية وصار في هجره مصلحة فنهجره حتى يقلع عن هذه المعصية أما إذا لم يكن في هجره مصلحة فليسلم عليه ولو كان عاصيا لأن المعاصي لا تخرج من الإيمان فتدخل في النهي عن هجر المؤمن فوق ثلاث.

***

ص: 2

يقول السائل يقول البعض في ختام المجلس وبعد دعاء الختام يقول (سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون َ (180) وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (181) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) وكذلك سورة العصر فهل هذا سنة أم بدعة؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا ليس بسنة والسنة في ختام المجلس أن يقول (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك أشهد ألا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك) وأما ما ورد عن بعض الصحابة أنهم لا يتفرقون حتى يقرأ بعضهم على بعض سورة العصر فهذا لعله وقع من بعضهم ولكني لا أعلمه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

***

ص: 2

‌أيهما أفضل إذا أراد الشخص أن يشارك في أعمال الخير هل يبني مدرسة تحفيظ قرآن أم يبني مسجداً

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: حسب الحاجة إذا كانت البلد تحتاج إلى مسجد أكثر من حاجتها إلى مدرسة تحفيظ قرآن بنى المسجد وإن كان بالعكس بنى المدرسة والإنسان يتأمل وينظر ولا يتعجل.

***

ص: 2

‌السائل إبراهيم علي يقول في هذا السؤال هل يجوز قراءة القرآن عند نزول المطر أم أنه يستحب الدعاء عند نزول المطر وهل هناك حديثٌ نبوي يدل على أنه يستحب الدعاء وحده بدون قراءة القرآن

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: قراءة القرآن ليست مشروعة عند المطر بل هي مشروعة في كل وقت لكن الذي يشرع عند نزول المطر أن يقول (اللهم صيباً نافعاً) يعني اللهم اجعله صيباً نافعاً وذلك لأن المطر قد يكون نافعاً وقد يكون غير نافع فيكون ضاراً إذا حصل به تهدم البيوت وغرق الزروع وهلاك المواشي فهذا ضرر وقد أرسل الله تعالى الطوفان على قوم نوح وأرسله على أهل سبأ انتقاماً وقد يكون المطر ولا تنبت الأرض شيئاً وقد ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال (ليس السنة أن لا تمطروا إنما السنة أن تمطروا ولا تنبت الأرض شيئاً) يعني قد تنزل أمطار كثيرة ولكن لا تنبت الأرض شيئاً فهنا المطر لم يكن نافعاً لأن الجدب ما زال باقياً فلذلك ينبغي للإنسان إذا نزل المطر أن يقول (اللهم صيباً نافعاً) يعني اللهم اجعله صيباً نافعاً وأما قراءة القرآن عند نزول المطر فليست بسنة.

***

ص: 2

‌هذا السائل يقول رجلٌ حافظٌ لكتاب الله عز وجل لكنه لا يعرف قيام الليل ويأتي إلى المسجد قرب الإقامة ولا يظهر عليه أثر حفظ القرآن الكريم ولا يختم إلا في الشهرين مرة واحدة هل يأثم في ذلك وهو حافظ

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا يأثم بهذا لأن الإنسان متى أتى بواجبات الإسلام وأركان الإسلام فلا إثم عليه لكن ينبغي ما دام الله مَنَّ عليه بحفظ القرآن أن يحرص على تلاوة القرآن لأن تلاوة القرآن فيها ثوابٌ عظيم الحرف الواحد بحسنة والحسنة بعشرة أمثالها فمن يحصي الحروف في القرآن فلا ينبغي أن يحرم نفسه من كثرة قراءة القرآن من أجل احتساب الأجر على الله عز وجل ومن أجل إمساك القرآن لأن الإنسان إذا لم يتعاهد القرآن نسيه ولهذا أوصى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بتعاهد القرآن وقال (فوالذي نفسي بيده لهو أشد تفلتاً من الإبل في عقلها) وهذا من حكمة الله عز وجل أن يكون القرآن ينسى سريعاً لأجل أن يحرص الإنسان على تعاهده وكثرة تلاوته فيحصل له الأجر ويزداد أجراً وليكون هذا امتحانٌ واختبارٌ من الله عز وجل فيمن هو حريصٌ على كتاب الله أو ليس بحريص فأوصي إخواني الذين من الله عليهم بحفظ القرآن أن يكثروا من قراءته لما في ذلك من إكثار الأجر والثواب على الله عز وجل أسأل الله أن يرزقنا جميعاً تلاوة كتابه حق تلاوته حفظاً وعلماً وعملاً.

***

ص: 2

‌تقول السائلة في الحديث بأن الرجل تصلى عليه الملائكة إذا قعد يذكر الله في مصلاه ما لم يحدث كما في الحديث فإذا اضطر للقيام لفتح باب أو رده على هاتف أو غيره فهل يمكنه العودة إلى مقعده ومتابعة الذكر فتصلى عليه الملائكة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: المراد بالحديث فيما أشارت إليه في الرجل (يتوضأ في بيته ويسبغ الوضوء ويخرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة فإنه لا يخطو خطوة إلا رفع الله له بها درجة وحط عنه بها خطيئة فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلى عليه ما دام في مصلاه تقول (اللهم صلّ عليه اللهم اغفر له اللهم ارحمه) وليس كل إنسان صلى وجلس في مصلاه ولو في البيت يحصل له هذا الثواب وعلى هذا فلا يرد ما ذكرته المرأة السائلة من فتح الباب ومكالمة الهاتف وما أشبهها.

***

ص: 2

‌تقول هذه السائلة يا فضيلة الشيخ لدينا عادة في قريتنا وهي أن بعض النساء يقمن بزيارة بعضهن البعض ولا تذهب المرأة لجارتها أو قريبتها حتى تأخذ معها بعض المأكولات أو مبلغ من المال ثم تقوم بتقديمها لمن قامت بزيارتها فهل يعتبر هذا دين يجب قضاؤه

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا كان هذا مما جرى به العرف فلا بأس به لكنه ليس ديناً يجب قضاؤه بل حسب التيسر إن تيسر فهذا المطلوب وإن لم يتيسر فلا حرج في تركه.

***

ص: 2

‌سائل من الجزائر يقول كيف يكون الاعتدال والتوازن في الإسلام

.

فأجاب رحمه الله تعالى: الاعتدال والتوازن في الإسلام أن يقوم الإنسان بطاعة الله غير مقصر فيها ولا زائد لأن دين الله بين الغالي فيه والجافي عنه فالتكلف والتنطع غير مشروع في الإسلام والتقصير والتهاون غير مشروع فليكن الإنسان وسطاً ولهذا حذر النبي صلى الله عليه وسلم أولئك النفر الذين قال بعضهم أنا أصوم ولا أفطر وقال الثاني أقوم ولا أنام وقال الثالث لا أتزوج النساء فأنكر عليهم النبي صلى الله عليه وسلم ذلك وقال (أنا أصوم وأفطر وأقوم وأنام وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني) لأن هؤلاء تنطعوا وزادوا والمقصر أيضاً يقصر على نفسه ويفرط في دين الله عز وجل فيجب عليه الاستقامة والقيام بما يجب.

***

ص: 2

‌هذا السائل يقول ما هي الصفات التي يتحلى بها الإنسان المؤمن لكي ينجو في الدنيا والآخرة

.

فأجاب رحمه الله تعالى: الصفات هي ما أشار الله إليه في قوله (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) فبالإيمان والعمل الصالح يصل الإنسان إلى جنات النعيم كما قال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً (107) خَالِدِينَ فِيهَا لا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً) .

***

ص: 2

‌السائل هذا يقول الحافظ للقرآن إذا كان لا يختم القرآن إلا في كل شهرين هل يكفي هذا

.

فأجاب رحمه الله تعالى: يكفي أن لا يختمه إلا في شهرين وإذا كان حافظا للقرآن عن ظهر قلب فالأفضل أن يتعهده أكثر من هذا لئلا يضيع عليه فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال (تعاهدوا القرآن فو الذي نفسي بيده لهو أشد تفلتاً من الإبل في عقلها) .

***

ص: 2

‌الأخت السائلة تقول فضيلة الشيخ هل هناك فرق بين الكبر والغرور والخيلاء والتفاخر والعجب فإن كان هناك فرق فنرجو توضيح المعنى وكيفية التخلص من كل آفة من هذه الآفات الخلقية جزاكم الله خيراً

.

فأجاب رحمه الله تعالى: من أحسن ما رأيت في التفريق بين معاني هذه الكلمات وهي فروق لطيفة ما كتبه الحافظ بن القيم رحمه الله في آخر كتاب الروح فأحيل السائلة على ما ذكره ابن القيم رحمه الله.

***

ص: 2

‌تقول السائلة يا فضيلة الشيخ النفس أمارة بالسوء وقد حاولت أن أمنع نفسي وأن أعودها على القليل ولا أمنحها كل شيء ولكن سمعت بأن النفس تحاسب صاحبها يوم القيامة إذا حرمها من شيء في الدنيا فكيف أحافظ على نفسي

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال لعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما (إن لنفسك عليك حقاً) فلا يجوز الإنسان أن يجفي نفسه ولا في عبادة الله عز وجل لأن سبب الحديث أن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال لأصومن الدهر ولأقومن الليل ما عشت فقال له النبي صلى الله عليه وسلم (أنت قلت هذا) قال نعم فقال له (إن لنفسك عليك حقاً) وأمره أن يصوم ويفطر وأن يقوم وينام ولا يجوز للإنسان أن يتعبد لله بترك ما أحل الله له فإن هذا من التنطع في الدين والتعمق فيه بل ما أباح الله لك فكله امتثالاً لقول الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) .

***

ص: 2

‌يا فضيلة الشيخ نومي كثير فهل هناك أسباب تعين على تخفيف النوم بحيث لا أنام إلا ساعات قليلة من أجل العبادة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لعل هناك أسبابا لأن البدن إذا خرج عن اعتداله الطبيعي فإنه لن يخرج إلا لمرض فحينئذ أشير على السائلة أن تراجع المستشفى حتى يتبين ما سبب هذا النوم الكثير.

***

ص: 2

‌السائلة تقول كثيرا ما أنوي أن أقوم الليل وأستعد لذلك وأقرأ الأوراد قبل أن أنام وأحضر منبها لكي أستيقظ لكن إذا جاء منتصف الليل ودق المنبه فإني سرعان ما أقوم بإطفائه بنية الاستيقاظ ولكن مع ذلك لا أستيقظ وهذا يحصل كثيرا لي وأدعو الله دائما أن يجعلني من المجتهدين في العبادة لكنني لم أصل إلى هذه المنزلة هل هذا بسبب ذنوبي أرجو أن توجهوني على الطريق المستقيم مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا شك أن الإنسان إذا حرم الخير فإن لذلك أسباب لأنه ثبت بالحديث الصحيح (أن الله تعالى قال من تقرب إلى شبرا تقربت إليه ذراعا ومن تقرب مني ذراعا تقربت منه باعا ومن أتاني يمشي أتيته هرولة) فالعوائق عن فعل الطاعة كثيرة ولعل من أسبابها المعاصي أما المسألة الخاصة التي سألت عنها وهي أنها تجعل المنبه على وقت معين للإيقاظ ثم تستيقظ به وتطفئه وتبقى في نومها فسبب ذلك أنه ليس عندها العزيمة الصادقة في الاستيقاظ عند دق الساعة لأنه لو كان عندها العزيمة الصادقة لقامت والإنسان لو كان له موعد مع شخص في وقت معين وضبط الساعة على هذا الوقت ودقت فسيقوم سريعا لأن عنده عزيمة ومن الأسباب في هذه القضية المعينة أنه ربما كانت تتأخر في النوم والتأخر في النوم يوجب أن يأتي وقت الاستيقاظ وهو مستغرق في نومه فلا يقوم ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يكره الحديث بعد صلاة العشاء يعني بالحديث التحدث للناس والانشغال بهم إلا لسبب شرعي كالتحدث مع الأهل ومع الضيف وأكثر الناس اليوم يسهرون أول الليل ولا تكاد تجد أحدا ينام قبل منتصف الليل إلا القليل وهذا من الأسباب التي تمنعهم من قيام الليل ولو أنهم ناموا مبكرين كما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لكانوا أصح أجساما وكان استيقاظهم أسهل فأقول لهذه السائلة ليكن عندك العزيمة الصادقة على القيام إذا دق المنبه وأقول لها عليك بالنوم مبكراً فإن النوم مبكراً من أسباب سهولة القيام في آخر الليل.

***

ص: 2

‌السائل مصري يعمل بالأردن يقول حصل بيني وبين شخص خلاف وشجار وبعد ذلك صالحنا شخص من الإخوة وبعد ذلك لم يحصل بيننا كلام وكان عندما يمر علي وأنا وحدي لا يسلم عليّ ولا يلقي علي السلام فبادلته بالمثل أنا فما حكم هذه المقاطعة مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: المقاطعة بين المسلمين حرام وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه نهى عن المهاجرة وأمر أن نكون عباد الله إخوانا وقال عليه الصلاة والسلام (لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث يلتقيان فيعرض ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام) فالواجب على السائل وعلى صاحبه أن يزيلا ما بينهما من التهاجر والتباغض والتعادي وأن يتوبا إلى الله تعالى من ذلك وخيرهما الذي يبدأ بالسلام وإذا قدر أن أحدهما استمر على هجره فإن خيرهما الذي يبدأ بالسلام فليبدأ أخاه بالسلام وليسلم عليه فإن رد عليه السلام فذلك المطلوب وهو من نعمة الله عليهما جميعاً وإذا لم يرد السلام فقد باء بالإثم وربح المسلِّم كما قال عليه الصلاة والسلام خيرهما الذي يبدأ بالسلام.

***

ص: 2

‌السائل يقول هل هناك بأس في أن يكثر الإنسان إذا نسي شيئ أو ضاع منه شيئا من ذكر الله على وجه غير مخصوص كأن يقول لا إله إلا الله أستغفر الله لا إله إلا الله والله أكبر لا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله ثم يقول بعد ذلك عسى ربي أن يهديني لأقرب من هذا رشدا وذلك اتباعا لما ورد في سورة الكهف في قوله تعالى (وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَداً) أم أن هذا الأمر خاص بالآية السابقة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا نسي الإنسان حاجة فإنه يسأل الله تعالى أن يذكره بها فيقول اللهم ذكرني ما نسيت وعلمني ما جهلت أو ما أشبه ذلك من الأشياء وأما كون الذكر عند النسيان يوجب التذكر فهذا لا أدري عنه والآية يحتمل معناها اذكر ربك إذا نسيت لأن الله قال له (وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً (23) إِلَاّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ) يعني استثن بقولك إلا أن يشاء الله إذا نسيت أن تقولها عند قولك إني فاعل ذلك غدا.

***

ص: 2

‌هذه السائلة من ليبيا رمزت لاسمها ب س. أتقول فضيلة الشيخ إذا كان في قلبك بغضاء على شخص ما بسبب شجار أو شيء من ذلك ولكن لا تريد أن تتكلم عليه وتتهرب من ذلك ولكن تظل تتكلم عليه في نفسك دون أن تخرج ذلك لأحد فهل يسجل عليك في ذلك إثم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: ليس على الإنسان إثم فيما حدث به نفسه ولم يعمل أو يتكلم لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنْفُسَهَا ما لم تعمل أو تتكلم) وعلى هذا فإذا حدث الإنسان نفسه عن أخيه بشيء فإنه لا يؤاخذ به وإذا حدث الإنسان نفسه أن يطلق زوجته ولم يكتب ذلك أو ينطق به فإن امرأته لا تطلق فحديث النفس لا يضر إلا إذا حصل منه عمل أو كلام ولكني أشير على هذه السائلة وعلى غيرها أن تزيل ما في نفسها من عداوة وأحقاد وبغضاء للمسلمين وأن تصبر وتحتسب حتى وإن أوذيت أو اعتدي عليها لأن الله تبارك وتعالى قال (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَاّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَاّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) فأنت إذا دفعت بالتي هي أحسن رقق الله قلب صاحبك لك وأبدله بالعداوة صداقة وبالبغضاء محبة وهذا شيء مجرب قد يكون الإنسان في صراع مع نفسه في إزالة الأحقاد والبغضاء عمن أساء إليه ولكننا نقول أغلب نفسك وكن الصارع لا المصروع وتذكر هذه الآيات الكريمة (وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَاّ الَّذِينَ صَبَرُوا) أي ما يوفق لها إلا الصابرون (وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَاّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) واذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم (ما زاد الله عبداً بعفو إلا عزا) فالنفس قد تحدثك بأنك إذا عفوت فهذا يعني الانهزامية والذل والحقيقة أن الأمر بالعكس فجاهد نفسك أخي المسلم في إزالة الأحقاد والعداوة والبغضاء عن إخوانك المسلمين.

***

ص: 2

‌أم إبراهيم تقول ما هو أجر المتكفل بالأرملة وأولادها وهل تدخل المرأة في أجر المتكفل

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا شك أن الإنسان إذا قام بكفالة الفقراء بالإنفاق عليهم ومراعاة أحوالهم وسداد حاجتهم وتقويم أخلاقهم له أجر عظيم لا سيما إذا كان فيهم اليتامى فإن الله تعالى أوصى باليتامى خيراً والأجر هذا ليس معلوم لنا لأنه لم يرد في الكتاب والسنة أجر مخصوص على مثل هذا العمل لكنه داخل في عموم ثواب المحسنين والله سبحانه تعالى قال (وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) أما اليتامى فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين وأشار بإصبعه السبابة والتي تليها) أي أنه مقترن برسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كاقتران السبابة بالوسطى وهذا لا شك أنه ثواب عظيم.

***

ص: 2

‌السائلة تقول أمي تعتبرني مقصرة في عدم حفظي للقرآن الكريم ولكنني دائما أقرأ والحمد لله ولكن لا يوجد من يقوم بتشجيعي على الحفظ فهل علي إثم في ذلك مع أنني والحمد لله ملتزمة بالحديث الذي ما معناه (إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحصنت فرجها وأطاعت زوجها قيل لها ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شيءت)

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا كانت المرأة لم تقصر في تعهد القرآن حفظا عن ظهر قلب أو قراءة بالنظر فلا إثم عليها ويقال للأم ما دامت الزوجة مطيعة لله عز وجل ولرسوله قائمة بما يجب عليها من حقوق الأقربين وحقوق الزوج فلا لوم عليها ولا ينبغي أن تلومها في عدم حفظها للقرآن وحفظ القرآن قد يكون صعبا على بعض الناس لا سيما المرأة المتزوجة التي تكون مشغولة بزوجها وشؤون بيتها.

***

ص: 2

‌هذا السائل أبو أحمد أأ أمن الرياض يقول حدثونا عن خصائص البيت الحرام وهل دعا الرسول صلى الله عليه وسلم للمدينة والفقرة الثالثة ما هو أجر من صلى بالمدينة من الثواب

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: من خصائصه التي لا يشركه فيها غيره أنه يجب على كل مسلم أن يحج إليه ويعتمر إن استطاع إلى ذلك سبيلا ولا يوجد في الأرض مكانٌ يجب على المسلم أن يقصده بحج أو عمرة إلا البيت الحرام ومن خصائص هذا البيت تضعيف الصلوات فيه فالصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة ومن خصائصه تحريم قطع أشجاره وحش حشيشه وقتل صيده وله خصائص كثيرة لا يتسع المقام لذكرها لكن في ذلك كتب معروفة يمكن للسائل أن يرجع إليها وأما المسجد النبوي فمن خصائصه أن الصلاة فيه خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام وله نوع من التحريم في حرمه لكنه دون حرم مكة.

***

ص: 2

‌هذه السائلة تقول إذا سألني شخص عن شيء وأنا لا أرغب في التحدث فهل يجوز أن أقول الله أعلم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا بأس إذا سألك سائل عن شيء لا تحبين أن تخبريه به أن تقولي الله أعلم ولكن بهذه المناسبة أنصح بعض الناس الذين يحرجون غيرهم بالسؤال عن أمور خاصة لا يحبون أن يطلع عليها الناس وأقول ليذكر هؤلاء قول رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم (من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه) فالواجب ألا يحرج الناس في سؤالهم عن أحوالهم الخاصة وللمسؤول أن يقول الله أعلم وله أن يقول لهذا السائل اتق الله يا أخي لا تسأل عما لا يعنيك فإن من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه.

***

ص: 2

‌هذا السائل يقول ما مدى صواب هذه العبارة من عاشر قوما أربعين يوما صار منهم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: ليست صحيحة هذه العبارة وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (من أحب قوما فهو منهم) فمن أحب قوما فهو منهم ولو عاشرهم يوما واحدا ومن ليس بينه وبينهم صله في المحبة فهو لو بقي عندهم أربعين شهرا فليس منهم فهذه العبارة ليست صحيحة.

***

ص: 2

‌السائل صالح سالم صالح يقول عندي أرض بناء بين مقبرتين مقبرة قديمة ومقبرة حديثة هل يجوز البناء فيها

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: ما دامت الأرض ملكا لك فإنه يجوز لك أن تبني فيها ولكن إذا لم تكن الأرض كبيرة وكان يمكن أن تقدر قيمتها لك وتدخل في المقبرتين ففي رأيي أن هذا أحسن حتى تتصل المقبرتان جميعا وحتى لا يحصل بناء بين المقابر فلا ندري عن ساكني هذا البناء فلعلهم يلقون القمامة على القبور أو على الأقل يقسو القلب فلا يتعظ لأنه مع كثرة المساس يقل الإحساس وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام (كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تذكر الآخرة وفي لفظ فإنها تذكر الموت) فأخشى مع الممارسة وكون الإنسان يدخل ويخرج والمقابر على يمينه وعلى يساره أن يقسوَ قلبه ولا يهتم بهذا الأمر فلذلك أكرر للأخ السائل أنه إذا كانت أرضه ليست واسعة بحيث يمكن أن تدخل في المقبرتين فإني أرى أن يسعى في ذلك ليكون له أجر عند الله عز وجل ويسلم مما يخشى أن يقع من الوزر في البناء بين المقبرتين.

***

ص: 2

‌السائلة تقول في هذا السؤال أريد أن أصلى في الليل لكن طول النهار أكون في خدمة البيت حتى الساعة العاشرة مساء مما يجعلني في حالة إرهاق شديد فهل أثاب على نيتي

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم يثاب المرء على نيته إذا اشتغل بما هو أفضل مما ترك وهذه المرأة قامت بواجب من واجبات حياتها وهو خدمة زوجها في البيت وهو أفضل من أن تتهجد فإذا علم الله من نيتها أنه لولا قيامها بهذا الواجب الذي تخشى أن يكون في إضاعته إثم فإنه يرجى أن يكتب الله لها الأجر كاملا.

***

ص: 2

‌أيهما أفضل يقول عشر ذي الحجة أم العشر الأواخر من رمضان

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: العشر الأواخر من رمضان في لياليه ليلة القدر وليلة القدر خير من ألف شهر والعشر الأول من ذي الحجة قال فيه النبي عليه الصلاة والسلام (ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر قالوا ولا الجهاد في سبيل الله قال ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشيء) .

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم ما حكم استخدام نوى البلح أو قشر بعض المكسرات في عمل لوحات فنية علما بأن مصير هذه اللوحات في النهاية بأن ترمى وتهان

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا حرج في استعمال نوى التمر على وجه تشكيلي لأن النوى في وقتنا الحاضر لا قيمة له وأكثر الناس يلقونه مع الزبل الذي يرمى في خارج البلد.

***

ص: 2

‌هذه السائلة حفصه من المملكة العربية السعودية تقول عندما يموت قريب أو صديق عند جماعة من الناس ولشخص ما مظلمة عند هذا الميت يقول الله لا يبيحك أو الله لا يحللك فهل هذا القول يؤثر على الميت

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا كان الميت معتديا على عباد الله وعليه حقوق لعباد الله مالية أو في العرض أو في الدم فإنه سوف يطالب بذلك يوم القيامة لأن حق العباد لا يضيع أبدا ولكن الذي ينبغي لمن له حق على ميت أن يتسامح عنه وأن يعفو عنه لأن الميت الآن في دار الجزاء والمعاقبة على حقوق عباد الله اللهم إلا أن يكون حقاً ماليا كبيرا وصاحبه محتاج فهنا قد يكون استيفاؤه من تركته إن خلف تركة أولى لدفع حاجة صاحب الحق.

***

ص: 2

‌السائل من الرياض يقول فضيلة الشيخ نحن نعلم أن دعوة المظلوم مستجابة بإذن الله فأنا رجلٌ متزوج ولي أولاد ولي أخ متزوج من ابنة عمي وقد اتهمني هو وزوجته باتهامٍ لا أعرفه فحاولت مرة ومرتين أن أعرف منه ماذا فعلت فلم يخبرني فأنا أتذكر أنني لم أفعل معه شيء أبداً والمشكلة أنهم يقولون نريد أن نعذبك مثلما عذبتنا وسنتركك تتألم من تأنيب الضمير ولن نسامحك أبداً فزوجته لا تكلم زوجتي وهو لا يكلمني ماذا أفعل جزيتم خيرا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: ما دمت لا تذكر شيئاً فعلته بالنسبة لهما فلا شيء عليك لأننا لو قلنا إن عليك شيئاً لأمكن كل إنسانٍ يريد أن يعذب شخصاً في ضميره يتهمه باتهامات لا حقيقة لها فأنت اطمئن ولا تعذب نفسك ما دام هذا الرجل وزوجته لم يذكرا شيئاً يدينانك به فلا تهتم بهذا الأمر وليس عليك شيء.

***

ص: 2

‌السائل عبد الله الأمين سوداني مقيم بالرياض يقول فضيلة الشيخ لماذا سميت الكعبة ببيت الله الحرام

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: سميت الكعبة بيت الله لأنها محل تعظيم الله عز وجل فإن الناس يقصدونها من كل مكان ليؤدوا الفريضة التي فرضها الله عليهم وهي الحج إلى بيته ولأن الناس يستقبلونها في صلواتهم في كل مكان ليؤدوا شرطاًَ من شروط صحة الصلاة كما قال الله تعالى (وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ) وأضافها الله إليه تشريفاً وتعظيماً وتكريماً لها فإن المضاف إلى الله سبحانه وتعالى ينقسم إلى قسمين إما أن يكون صفة من صفاته وإما أن يكون خلقاً من مخلوقاته فإن كانت صفة من صفاته فإنما أضيف إليه لأنه قائم به والله عز وجل متصف به كسمع الله وبصره وعلمه وقدرته وكلامه وغير ذلك من صفات الله عز وجل وإن كان مخلوقاً من مخلوقاته فإنما يضاف إلى الله عز وجل من باب التكريم والتشريف والتعظيم وقد أضاف الله تعالى الكعبة إلى نفسه في قوله تعالى (وَطَهِّرْ بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ) وأضاف المساجد إليه في قوله (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ) وقد يضيف الله تعالى الشيء إلى نفسه من مخلوقاته لبيان عموم ملكه كما في قوله تعالى (وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ) وخلاصة الجواب أن نقول إن الله أضاف الكعبة إلى نفسه تشريفاً وتعظيماً وتكريماً لها ولا يظن ظان أن الله أضاف الكعبة إلى نفسه لأنها محله الذي هو فيه فإن هذا ممتنع عن الله عز وجل فهو سبحانه وتعالى محيط بكل شيء ولا يحيط به شيء من مخلوقاته بل قد (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ)(وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ) وهو سبحانه وتعالى فوق سماواته مستوٍ على عرشه ولا يمكن أن يكون حالاً في شيء من مخلوقاته أبداً.

***

ص: 2

‌السائلة من أبها تقول توجد لدينا معلمة صالحة وأنا أفكر بأنه لابد أن أبث إليها بهمومي فهل يجوز لي أن أبث لها بهمومي

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا كان هذا البث ليس فيه غيبة لأحد فلا بأس لكن بشرط أن تكون هذه المعلمة أمينة تُؤْمَنُ عاقبتها لذلك نحذر إخواننا أن يفضوا إلى أحد بسر إلا إذا علموا أنه أمين من حيث السر لأنه قد يكون الإنسان عابداً تقياً صالحاً لا غبار على صلاحه لكنه من حيث السر يكون شخصا ثرثاراً لا يبالي بالكلام فيخشى أن يفضي بهذا السر إلى أحد

***

ص: 2

‌يقول السائل نحن مجموعة من الشباب نصلى ونصوم ونعمل ما في وسعنا من العبادات والحمد لله ولكن أثناء الراحة من العمل ينشأ بيننا مزاح كثير فما حكم ذلك مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أولا نسأل الله سبحانه وتعالى لهؤلاء الاخوة الثبات على ما يقومون به من عبادات وأن يجعل ذلك على الوجه الذي يرضيه بأن يكون موافقا لهدي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من غير غلو ولا تقصير ونقول على عباداتكم المشروعة فاثبتوا وأما المزاح بعد ذلك فكثرة المزاح لا خير فيه وقد قيل المزح في الكلام كالملح في الطعام لا يصلح الطعام بدونه ولا يصلح الطعام إذا زاد الملح ثم إن من الناس من يتجاوز في المزح فيذكر من الألفاظ النابية في حق إخوانه ما لا يليق وربما يصل ذلك إلى أبعد من هذا فقد يكون منه سخرية بشيء من العبادات أو بشيء من الدين وهذا خطير جداً جداً قد يؤدي إلى الكفر والعياذ بالله فعليهم أن يمزحوا المزح المعتدل من دون مغالاة ولا نقصان.

***

ص: 2

‌السائلة تقول في هذا السؤال أرجو أن توضحوا لمن يحرص على العبادات في رمضان ويتركها بعد انقضاء رمضان المبارك هل عمله صحيح

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أما إذا كان يترك كل الأعمال ومن بينها الصلاة فإن من ترك الصلاة فقد كفر وأما إذا كان يترك بعض العبادات التي ليست بواجبة فإنه يعتبر محروما من هذه الأعمال الصالحة التي تركها ولكنه لا يأثم بذلك ما دام العبادات التي تركها غير واجبة.

***

ص: 2

‌هل الثأر حلال أم حرام

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الأخذ بالثأر بدون تعد لا بأس به يعني معناه أن تجازي من أساء إليك بمثل إساءته لقوله تعالى (وَلَمَنْ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ) وقوله (فَمَنْ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ) ولكن إن كان في العفو صلاح فإنه أفضل لقوله تعالى (وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) وقوله (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ) ولكن بشرط أن يكون في العفو صلاح وإصلاح فإن لم يكن فيه صلاح وإصلاح مثل أن يكون المعتدي إنساناً معروفاً بالشر والظلم فإن العفو عنه هنا لا ينبغي بل أخذه بعقوبته أفضل لأن ذلك يردعه ويردع أمثاله إن لم يكن في هذا الحال معاقبة المعتدي بمثل ما اعتدى واجبة لما في ذلك من استمراره في التطاول والعدوان على الناس إذا عفي عنه.

***

ص: 2

‌هذا السائل يقول يا فضيلة الشيخ هل يشترط في حصول الثواب من العمل أن يكون الإنسان عالماً بالثواب الذي وعد الله به فاعل هذا العمل فمثلاً إنسان يذهب إلى المسجد ويحضر صلاة الجماعة لكنه لا يعلم أن بكل خطوةٍ درجة ويكتب له بها حسنة وتحط عنه خطيئة كما في الحديث الصحيح فهل يثاب بالثواب الوارد في الحديث أولا يثاب

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا يشترط لحصول الثواب أن يكون الإنسان عالماً به بل يحصل لمن عمل ذلك العمل سواءٌ نوى به ذلك الثواب أو لم ينوِ به ذلك الثواب لكنه لا شك أنه إذا احتسب الأجر على الله بما رتبه الله على هذه العبادة من الثواب كان أفضل وأحسن ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) ولا شك أن الإنسان إذا احتسب العمل الصالح أي احتسب ما رتب عليه من الثواب لا شك أنه أقوى إيماناً وأشد رغبة ممن غفل عن ذلك ولم يحتسبه لكن ظاهر النصوص أن الثواب المرتب على هذا العمل يحصل وإن لم يكن في بال الإنسان ذلك الثواب المعين أو لم يكن عالماً به أصلاً كما أن المحرم الذي رتبت عليه العقوبة تحصل العقوبة وإن كان الإنسان لم يعلمها مثال ذلك لو أن رجلاً والعياذ بالله زنى بامرأة وهو ثيب يعني قد تزوج وجامع زوجته في نكاح صحيح ويعلم أن الزنى حرام لكن لا يدري أن عليه الرجم فهنا يرجم وإن لم يعلم أن عليه الرجم إذا تمت الشروط ربما يقول لنا أنا لو علمت أن حدي الرجم ما زنيت نقول ليس من الشرط أن تعلم وكذلك لو أن رجلاً جامع زوجته في نهار رمضان في حالٍ يلزمه فيها الصوم فجاء يقول هل علي كفارة نقول نعم عليك كفارة فإذا قال أنا لم أعلم أن علي كفارة ولو علمت أن علي كفارة ما جامعت قلنا هذا ليس بشرط ما دام عرفت أنه حرام وانتهكت الحرمة فعليك الكفارة والدليل لذلك قصة الرجل الذي جامع زوجته في نهار رمضان ثم أتى إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقال يا رسول الله (هلكت قال ما أهلكك قال وقعت على امرأتي في رمضان وأنا صائم فأمره النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالكفارة) مع أن الرجل كان لا يدري ماذا عليه فدل هذا على أن فاعل المحرم يؤاخذ به وإن كان لا يدري ما يترتب عليه.

***

ص: 2

‌نرى بعض الناس يبتهج بالعيد ابتهاجاً زائداً ويلبس الملابس الفضفاضة والمشلح الفخم ويركب السيارة الفارهة ويسير في الشارع مصعراً خده نافخاً أوداجه بينما نرى بعض الناس لا يرفع بالعيد رأساً ويلتصق بالمسكنة ويلبس الملابس الرثة ويقول ليس العيد لبس الجديد وإنما العيد قبول العمل بينما نجد بين هاتين الطبقتين هوة سحيقة توحي بالتناقض في المجتمع الإسلامي فما هو الحل الأجدر وفقكم الله

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الحل الأجدر الوسط فلا يكون الإنسان متكبراً متعاظماً في ملبوسه ومركوبه وهيئته ولا يكون متبذلاً مستكيناً بل ينبغي أن يُظهر الفرح والسرور ويلبس أحسن ثيابه ويتجمل للعيد ويُشعر نفسه بأنه في يوم سرور وفرح ولهذا رخص في أيام العيد من اللعب ما لم يُرخص في غيره لأجل أن تنال النفس حظها من الفرح بهذا اليوم المبارك ودائماً يكون الحق بين طرفين متطرفين إفراط وتفريط.

***

ص: 2

‌السائل محمد عبد الله يقول أسمع بعض الحكايات من أناس كانوا في حالة سيئة من تركهم للصلوات وغير ذلك ثم يمن الله عليهم بالهداية والعمل الصالح ويكون ختام هذه القصص الوفاة وهذه القصص توجد في الكثير من كتب المتقدمين وحتى المتأخرين مما يجعلني أشك في صحتها أحيانا أرجو الإيضاح في ذلك

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا تشك في صحتها لأن القلوب بيد الله عز وجل وكم من إنسان على غاية من الفسوق والفجور والشرك والإلحاد يهديه الله عز وجل بكلمة واحدة يسمعها إما من واعظ أو من داعية أو ما أشبه ذلك وكم من إنسان على العكس يكون ظاهر حاله الاستقامة وأنه ثابت على الحق ثم يختم له بسوء العاقبة نسأل الله العافية وفي صحيح البخاري (أن رجلا كان مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض غزواته وكان رجلا مقداما شجاعا لا يدع شاذة ولا فاذة إلا أدركها وكان الناس يتعجبون من شجاعته فقال النبي صلى الله عليه وسلم هذا من أهل النار فعظم ذلك على بعض الصحابة وقال كيف يكون من أهل النار وهو بهذه الحال من الجهاد والإقدام والفروسية فقام رجل وقال والله لألزمن هذا الرجل فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل هذا عن رجم بالغيب بل هو يوحى إليه فلزمه حتى أصاب هذا الرجل الشجاع سهم من العدو فجزع جزعا شديداً فسل سيفه واتكأ عليه منحنيا عليه حتى خرج السيف من ظهره والعياذ بالله ومات قاتلا نفسه فلما أصبح الرجل جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال أشهد أنك رسول الله قال وبم قال إن الرجل الذي قلت عنه إنه من أهل النار فعل كيت وكيت فقال أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ثم قال إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار) فهذا الرجل الذي قتل نفسه كان يعمل جاهدا ويقاتل ويسطو على العدو ويغنم أموالهم ولا يدع لهم شاذة ولا فاذة وهذا كله من عمل أهل الجنة لكنه فيما يظهر للناس وهو من أهل النار والعياذ بالله وفي هذا إشارة إلى أن الإنسان يجب عليه أن يطهر قلبه قبل أن يطهر جوارحه لأن المدار على القلب فربما يكون في قلب الإنسان سريرة خبيثة من عجب أو كبرياء أو ما أشبه ذلك لا تظهر للناس لكنه عند حاجته إليها عند الموت تظهر والعياذ بالله فهذه الأخلاق الذميمة لا تظهر للناس إنما عند الموت تظهر للملائكة وتبين فيختم له بسوء الخاتمة والعياذ بالله.

***

ص: 2

‌هذا المستمع أبو عبد الله يقول في هذا السؤال عن الابتلاء أنني أعيش ولله الحمد في راحة تامة ولا يوجد عندي ما يكدر صفوي ولكني سمعت كلاما لبعض أهل العلم عن الابتلاء وأن الأصل في المسلم أن يبتلى على قدر إيمانه وذكر أن من الابتلاء ألا يبتلى الإنسان فارجوا من سماحتكم شيئا من التعليق حول الابتلاء

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الابتلاء هو الاختبار وقد قال الله تبارك وتعالى (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ) فأما الخير فالابتلاء فيه أن الله يبلو الإنسان هل يشكر أم يكفر كما قال سليمان عليه الصلاة والسلام حين رأى عرش ملكة سبأ مستقرا عنده (قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ) وأما الابتلاء بالشر فإن الله سبحانه وتعالى يبلو الإنسان بالشر ليعلم هل يصبر أو يتسخط فإن صبر واحتسب الأجر من الله كان هذا البلاء كفارة له ورفعة لدرجاته وإن لم يفعل كان هذا الابتلاء محنة عليه في دنياه وآخرته والإنسان الذي أنعم الله عليه بالنعم المالية والبدنية والعقلية والأهلية وتمت له نعمة الدنيا يجب عليه أن يشكر الله على هذه النعمة وأن ينظر إلى من هو دونه حتى يتبين له فضل الله عز وجل عليه وإذا قام بشكر هذه النعمة فقد أدى ما عليه وحصل على الأجر بل وعلى زيادة النعم كما قال الله تعالى (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم (إن الله ليرضى عن العبد يأكل الأكلة فيحمده عليها ويشرب الشربة فيحمده عليها) ولا تسخط ولا تهتم ولا تغتم إذا لم يبتلك الله عز وجل بالمصائب فإن الأمر كما قلت لك يكون الابتلاء بالخير ويكون الابتلاء بالشر.

***

ص: 2

‌شخص حافظ لكتاب الله عز وجل وحفظه قوي ولكنه لا يقوم من الليل شيئا ويوتر قبل أن ينام فهل يأثم بذلك

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا يأثم بذلك فإن الإنسان مخيرا بين الإيتار في أول الليل أو آخره ولكن أن طمع أن يقوم من آخر الليل فإن صلاة آخر الليل مشهودة وهي أفضل ومن خاف أن لا يقوم فليوتر أول الليل وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن أوصى أبا هريرة رضي الله عنه أن يوتر قبل أن ينام لأنه كان يشتغل في أول الليل بحفظ أحاديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأرشده النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى الإيتار قبل النوم.

***

ص: 2

‌هذا المستمع فهد من القصيم يقول فضيلة الشيخ نرجو منكم التوجيه لمن يتنكر للمعروف الذي يصدر له من بعض الناس

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا كان هذا هو المراد بالسؤال فإن المشروع لمن صنع إليه المعروف أن يكافئ الذي صنع إليه المعروف بما تقتضيه الحالة والناس يختلفون في المكافأة منهم من يمكن أن تكافئه بالدراهم ومنهم من أن يمكن أن تكافئه بالثياب ومنهم من يمكن أن تكافئه بالطعام ومنهم من يمكن أن تكافئه بهديتك كتاب أو ما أشبه ذلك المهم أن تكافئه بما تقتضيه حالك لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم (من صنع إليكم معروفا فكافئوه فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه) وأما كون الإنسان يتنكر لمن صنع إليه المعروف ويرى أن هذا ذل للباذل أي باذل المعروف لأن المبذول له أعلى منه رتبة أو ما أشبه ذلك فهذا ليس من الآداب الإسلامية.

***

ص: 2

‌ما حكم تكنية الرجل بولده قبل أن يولد له

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا بأس أن يتكنى الإنسان بكنية لولد مرتقب أو بكنية بغير ولد لأن الكنية أحد أنواع العلم. فالعلم يكون اسماً ويكون كنية ويكون لقباً وإذا كان كذلك فتكني شخص بكنية ولو كان صغيراً أولم يأته أولاد لا حرج عليه في هذا ثم إذا ولد له ولد فإن شاء سماه بما يكنى به وإن شاء سماه باسم آخر والكنية لا تلزمه بأن يسمي ولده بما كنّى به نفسه.

***

ص: 2

‌بعثت المرسلة أم أحمد هذه الرسالة تشكو فيها عادة تفشت في الأوساط الإسلامية وهي أن العروس يدخل على عروسه في حفلٍ من النساء ويجلس معها لمدة من الزمن والحاضرات من النساء يتسترن ويغطين وجوههن فهل هذا جائز أو لا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذه العادة عادة قبيحة ونظراً لما تفضي إليه من ثوران الشهوة وحصول الفتنة فإننا نرى أنها تمنع وأنه لا يجوز فعلها لأن الشريعة تسد الذرائع الموصلة إلى الأمور المحرمة لا سيما إذا قويت الذريعة ولا شك أن النساء في ليلة الزفاف إذا حضر الرجل المتزوج وجلس مع زوجته على المنصة في هذه الحال والناس في نشوة الطرب والفرح وفي حركة زواجية فإنه لا شك أن الشهوة ستثور لا سيما إن جرى من الزوج لزوجته تقبيل أو لمس أو مناولة طعام أو ما أشبه ذلك فإن هذا فيه من الفتنة ما يوجب أن يحكم الإنسان عليه بالتحريم فالذي نرى أن ذلك مما يجتنب ويترك وأن يبقى الناس على عادتهم القديمة التي فيها كمال الستر والحياء والبعد عن مظاهر الفتنة.

***

ص: 2

‌المستمع أبو عبد الله يقول لوالدي صديق قديم ويطلق الوالد كلمة أم المؤمنين على زوجة هذا الصديق لأن اسمها موافق لإحدى أمهات المؤمنين كما أنه يسمي أحد أصدقائه القدامى نوحاً فهل له ذلك

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أما الأول وهو إطلاق أم المؤمنين على المرأة فهو حرام لأنه كذب فليست أم المؤمنين وأمهات المؤمنين هن زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم فقط ولأن هذا الذي قال هذه الكلمة الكذب يريد أن يلحق هذه المرأة بزوجات أشرف الخلق النبي محمد صلى الله عليه وسلم وهي بلا شك زوجة لشخص لا يساوي رسول الله صلى الله عليه وسلم في المرتبة وأما المسألة الثانية وهي تسمية الرجل بنوح فلا بأس أن يسمى الرجل نوحاً أو إسماعيل أو إسحاق أو يعقوب أو هوداً أو غيرها من أسماء الأنبياء.

وأما أن يكنى به واسمه الحقيقي غيره فإن هذا ينظر فيه فقد نقول بمنعه لأنه كذب وقد نقول بجوازه من باب التشبيه لكون هذا الرجل له عائلة كبيرة فكأنه يشبه نوحاً في كثرة الأولاد لأن نوحاً عليه الصلاة والسلام هو الأب الثاني للبشرية كما قال الله تعالى (وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمْ الْبَاقِينَ) .

***

ص: 2

‌المستمعة من جدة ف. ن. تقول بعض الناس يقول بأن الريحان فيه كلمة التوحيد لا إله إلا الله محمد رسول الله وبأنه لا يجوز رميه على الأرض فهل هذا صحيح

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا ليس بصحيح فليس في ورق الريحان هذه الكتابة ولكن بعض الناس يتخيل من شكل معين أن فيه اسم الله أو أن فيه آيات من القرآن أو أن فيه الذكر وما أشبه ذلك فيبني على هذا التخيل بناء يجعله حقيقة وهذا خطأ وكثيراً ما يعرض علينا ألبسه يقول عارضوها إنه مكتوب فيها لا إله إلا الله أو مكتوب فيها اسم الله وإذا تأملت وجدت إنه لا صحة لذلك وأن هذه نقوش لكنهم يتوهمون أنه اسم من أسماء الله أو أنه ذكر من ذكر الله فيبنون على هذا الوهم ما يصير حقيقة وهذا خطأ وأنت أحياناً تنظر إلى شكل معين من النقوش فتظن إنه صورة حمام أو صورة قط أو صورة أسد أو ما أشبه ذلك ثم إذا فكرت بدون أن تتوهم بوهم وجدت أنه لا أساس لهذا من الصحة.

***

ص: 2

‌سوداني رمز لاسمه بـ ع. أ. يقول هل هناك آيات قرآنية وأحاديث نبوية شريفة توضح بأن الله إذا أحب عباده ابتلاهم أرجو أن توضحوا لي ذلك مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: وردت أحاديث في ذلك أنه (إذا أحب الله قوماً ابتلاهم فمن رضي فله الرضا ومن سخط فعليه السخط) ويدل لذلك الأمر الواقع فإن الله ابتلى أنبياءه ورسله ببلايا عظيمة حتى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوعك يعني تصيبه الحمى كما يوعك الرجلان منا وحتى إنه عليه الصلاة والسلام أوذي من قومه ومن غيرهم إيذاء شديداً ولهذا قال الله تعالى (وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ) وابتلى الله تعالى أيوب حتى قال (وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِي الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ) وقصص القرآن في هذا كثير وأهل الله وأحبابه إذا ابتلاهم الله عز وجل بشيء قاموا بوظيفة هذا الابتلاء فصبروا وانتظروا الفرج من الله واحتسبوا الأجر على الله عز وجل فحصل لهم بذلك رفعة المقامات ومن المعلوم أن البلاء يحتاج إلى صبر وأن الصبر منزلة عالية لا تنال إلا بوجود الأسباب التي يصبر عليها فلهذا كان الله عز وجل يبتلي الرسل والأنبياء والصالحين من أجل أن ينالوا مرتبة الصبر ويوفقهم للصبر من أجل أن ينالوا مرتبة الصابرين.

***

ص: 2

‌تقول واجهت في حياتي عدة مشكلات جعلتني أكره الحياة فكنت كلما تضجرت توجهت إلى الله تعالى بأن يأخذ عمري في أقرب وقت وهذه أمنيتي حتى الآن لأنني لم أر حلاً لمشكلاتي سوى الموت وحده حتى يخلصني من هذا العذاب فهل هذا حرام علي

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إن تمني الإنسان الموت لضر نزل به وقوع فيما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال عليه الصلاة والسلام (لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به فإن كان لا بد متمنياً فليقل اللهم أحيني ما علمت الحياة خيراً لي وتوفني إذا علمت الوفاة خيراً لي) فلا يحل لأحد نزل به ضر أو ضائقة أو مشكلة أن يتمنى الموت بل عليه أن يصبر ويحتسب الأجر من الله سبحانه وتعالى وينتظر الفرج منه لقول النبي صلى الله عليه وسلم (واعلم أن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرا) وليعلم المصاب بأي مصيبة أن هذه المصائب كفارة لما حصل له من الذنوب فإنه (لا يصيب المرء المؤمن هم ولاغم ولا أذى إلا كفر الله به عنه حتى الشوكة يشاكها) ومع الصبر والاحتساب ينال منزلة الصابرين تلك المنزلة العالية التي قال الله تعالى في أهلها (وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ) وكون هذه المرأة لا ترى حلاً لمشكلاتها إلا بالموت أعتقد أن ذلك نظر خاطئ فإن الموت لا تنحل به المشكلات بل ربما تزداد به المصائب فكم من إنسان مات وهو مصاب بالمشكلات والأذى ولكنه كان مسرفاً على نفسه لم يستعتب من ذنبه ولم يتب إلى الله عز وجل فكان في موته إسراع لعقوبته ولو أنه بقي على الحياة ووفقه الله تعالى للتوبة والاستغفار والصبر وتحمل المشاق وانتظار الفرج لكان في ذلك خيرٌ كثير له فعليك أيتها السائلة أن تصبري وتحتسبي وتنتظري الفرج من الله عز وجل فإن الله سبحانه وتعالى يقول في كتابه (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) والنبي صلى الله عليه وسلم يقول فيما صح عنه (واعلم أن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرا) والله المستعان.

***

ص: 2

‌عبد الرحيم فوزي من جمهورية مصر العربية ومقيم في العراق يقول في رسالته هل يجوز لي الإقامة مع والدتي مع أنها في عصمة رجل آخر وفي دار غير دار أبي وبعيدة عني مع أن زوجها قد تركها وهي في عصمته وهل يجوز أن أتزوج في دارها مع أن الدار ملك لها وهل أترك دار أبي الذي هو ملك لي مع أن والدي متوفى منذ عدة سنين وهي التي طلبت مني أنا وأخي الصغير أن نقبل طلبها فهل نرفض وما حكم ذلك بارك الله فيكم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا حرج عليك أنت وأخوك أن تسكنا عند أمك ما دام البيت بيتها لأنها مالكة لها ومالك العين مالك لمنفعته فإذا كانت طلبت منكما أن تسكنا عندها بعد الزواج فلا حرج عليكما أن تسكنا عندها وأما البيت الذي خلفه والدكما وصار من ملككما فيمكن أن تستغلاه بالتأجير وتستعينا بأجرته على نوائب الدهر.

***

ص: 2

‌المتحابون في الدنيا هل يلتقون في الآخرة مثل الدنيا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا كانوا من أهل الجنة ومن المتقين فإنهم يتلاقون في الآخرة ولا تزول المودة بينهم لقول الله تعالى (الأَخِلَاّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَاّ الْمُتَّقِينَ) أما إذا كانوا من الأشقياء والعياذ بالله فإن الأخلاء في الدنيا يكونون في الآخرة أعداء كما تدل عليه هذه الآية (الأَخِلَاّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَاّ الْمُتَّقِينَ) وإني بهذه المناسبة أنصح إخواني المسلمين أن ينتقوا أخلاءهم وأصحابهم وأصدقاءهم وألا يصطحبوا إلا من هو معروف بالخير والبعد عن الشر معروف بالصلاح والاستقامة والبعد عن المزالق فإن المرء على دين خليله وإن الإنسان إذا صحب شخصاً مستقيماً في دينه وخلقه اكتسب منه ديناً وخلقاً وإذا صحب شخصاً على خلاف ذلك اكتسب منه ما كان عليه وقد ضرب النبي صلى الله عليه مثلاً للجليس الصالح وجليس السوء فقال (مثل الجليس الصالح كحامل المسك إما أن يبيعك وإما أن يحذيك وإما أن تجد منه رائحة طيبة ومثل الجليس السوء كنافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه رائحة كريهة) وكثير من الناس يعبدون الله على حرف أي أنهم ليسوا مستقيمين كما ينبغي فإذا وفقوا بأصحاب ذوي خلق ودين هداهم الله واستقاموا وكم من أناس على جانب من الخير والعمل الصالح فإذا خُذلوا وصاحبوا أحداً غير مستقيم فإنهم يكتسبون منه عدم الاستقامة ويحصل لهم من الانحراف شيء كثير.

***

ص: 2

‌تجرى على ألسنه كثير من الناس عبارة هذه من تقاليدنا أو من عاداتنا لعل لكم توجيهاً في هذه العبارات

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إن كثيراً من الناس لا يميز بين العبادة والتقليد، والتقليد يريدون به العبادة وهذا نقص في العلم والواجب أن نفرق بين ما كان من ديننا فأنه لا خيار لنا فيه وبين ما يكون من عاداتنا التي تكون قابلة للتغيير إلى ما هو أنفع منها وأصلح ومن ذلك أن بعض الناس يظنون أن حجاب المرأة وستر وجهها عن الرجال الأجانب من العادات لا من العبادات ولهذا يحاولون أن يجعلوا هذا تبعاً للزمن والتطور ويقولون إن الحجاب في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام كان مناسباً للحالة التي هم عليها، أما الآن فإن المناسب لحال النساء غير هذا الحكم، ولا شك أن هذا قول خاطئ جداً فإن الحجاب ليس من العادات وإنما هو من العبادات التي أمر الله بها، قال الله تعالى في نساء رسوله صلى الله عليه وسلم (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ) وقال النبي صلى الله عليه وسلم (إنما جعل الاستئذان من أجل النظر) لئلا ينظر الإنسان إلى المرأة وهي في بيتها وقد أغلقت الباب عليها، فالمهم أن الكتاب والسنة قد دلا على أن احتجاب المرأة عن الرجال الأجانب ليس من العادات وإنما هو من العبادات التي يفعلها الإنسان تعبداً لله عز وجل واحتساباً للأجر وبعداً عن الجريمة.

***

ص: 2

‌المستمع رمز لاسمه بـ أ. أ. يقول فضيلة الشيخ هل هناك فرق بين الحسنة والدرجة وبين السيئة والخطيئة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الحسنة والدرجة بينهما فرق فالحسنة في العمل والدرجة في الثواب كما قال الله تعالى (وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا) فالدرجات تكون في الثواب فإذا عمل الإنسان حسنة استحق بها درجة وإذا عمل حسنة أخرى يستحق بها درجة استحق بها درجتين وهكذا أما السيئة والخطيئة فإنهما مترادفتان إذا ذكرت كل واحدة على حدة فالسيئة والخطيئة بمعنى واحد وأما إذا ذكرت السيئة والخطيئة في مكان واحد فإن بينهما فرقاً والخطيئة أعظم من السيئة.

***

ص: 2

‌المستمع عامر عبد الحميد يقول رجل ظلم رجلاً آخر باختلاق أقاويل وإشاعات لا أساس لها من الصحة وذلك لتشويه صورته في العمل بين الزملاء وذلك لأنه ينافسه على منصب في العمل ويريد أن يضعف من قوته بين الزملاء فهل يحق له أن يعامله نفس المعاملة باختلاق أشياء ليس لها أساس من الصحة ويلصقها به أم يفوض أمره إلى الله تعالى لينتقم منه مع العلم بأن عامة الناس تحكم بالمظاهر ولا يهمها معدن الإنسان من الداخل هل هو صالح أم طالح وهل يجوز الدعاء عليه عقب كل صلاة أم لا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا يجوز للإنسان إذا اعتدى عليه أحد بالكذب والافتراء أن يعتدي عليه بمثل ذلك أي بالكذب والافتراء لأن الكذب والافتراء حرامٌ وباطل ولكن له أن يدعو الله تعالى عليه أن يكف شره عنه وأن لا يسلطه عليه وله أيضاً أن يستعين بولاة الأمور على كف شره وهو إذا ترك الشيء لله عز وجل عوضه الله تعالى خيراً منه وقد ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال (واتقِ دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب) فأنا أوجه النصيحة لهذا الأخ الذي يقول السائل إنه معتد عليه بأن يكف شره عن عباد الله خشية أن يدعو عليه مظلوم دعوةً توبقه وتهلكه فإن دعوة المظلوم لا ترد.

***

ص: 2

‌المستمع محمد حمود يقول إذا قيل على رجل بأنه يشرب الخمر أو ما شابه ذلك والقائل عنه لم يعرف أنه يتعاطى هذا الشيء المحرم بل يريد أن تشوه سمعته في المجتمع فقط فما الحكم في هذا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الجواب يتوجه على القائل وعلى المقول له أما القائل فإنه لا يحل لأحد أن يتكلم في أخيه لمجرد التهمة ويلطخ عرضه ويسيء سمعته قال الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنْ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا) وكون الإنسان يرمي غيره بالعيوب والذنوب والفسوق بمجرد تهمةٍ طرأت على خاطره أو قرينةٍ ضعيفة لا تستلزم هذا الظن هو أمرٌ محرمٌ عليه وداخلٌ فيما أمر الله باجتنابه في قوله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنْ الظَّنِّ) وليعلم الإنسان أنه لا يلفظ كلمةً واحدة إلا كانت مكتوبة لقوله تعالى (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَاّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) هذا بالنسبة للناقل عن الغير أما بالنسبة للمنقول إليه فإنه لا يجوز له قبول خبر من يتهمه بفسق أو عداوة لقوله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) فإذا حدثك أحدٌ عن شخصٍ بسوء فتثبت إذا كان غير عدلٍ عندك تثبت وتبين فإن من الناس من يكون متعجلاً ينقل الشيء بلا تروٍ ولا تثبت من الناس وبعض من يكون فاسقاً يحب أن يرى العداوة والبغضاء بين المسلمين ومن الناس من يكون عدواً لشخصٍ معين يحب أن يسقطه وينتهك عرضه حتى يبتعد الناس عنه هذا ما أحب أن أوجهه تعليقاً على هذا السؤال.

***

ص: 2

‌تراودني نفسي في عمل منكر أو قول سوء ولكنني في أحايين كثيرة لا أظهر القول أو الفعل هل آثم بذلك

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا راود الإنسان نفسه على عمل محرم سواء كان ذلك ترك واجب أم فعل محرم ولكنه ترك هذه المراودة وقام بما يجب عليه وترك ما يحرم عليه فإنه يؤجر على هذا الترك الذي حصل منه لأن تركه هذا لله وقد ثبت في الحديث الصحيح أن (من هم بسيئة فلم يعملها كتبت حسنة كاملة) لأنه تركها لله عز وجل وهنا ينبغي أن نفصل فيمن ترك المحرم هل يؤجر أو لا يؤجر فنقول لا يخلو تارك المحرم من إحدى أربع حالات

إما أن يتركه عجزاً عنه مع فعل الأسباب التي تؤدي إليه فهذا يكتب له وزر فاعله لقول النبي صلى الله عليه وسلم (إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار) قالوا يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول قال (لأنه كان حريصاً على قتل صاحبه) .

الحال الثانية أن يدع المحرم خوفاً من الله عز وجل وخشية منه فهذا يكتب له بهذا الترك حسنة كاملة لأنه تركه لله عز وجل

الحال الثالثة أن يترك المحرم لأنه لم يطرأ له على بال ولم يهم به أصلاً فهذا لا له ولا عليه أي ليس له أجر وليس عليه وزر.

الحال الرابعة وهي أن يدع المحرم لعجزه عنه لكن لم يفعل الأسباب التي توصله إليه وإنما ينوي ويتمنى فهذا عليه الوزر بقدر نيته وليس كالذي قام بفعل الأسباب وحرص وفعل ولكن لم يتمكن بل هذا دونه أي دون الأول الذي أشرنا إليه.

***

ص: 2

‌الحقيقة أمامي تذكرة سفر مجانية يقول أرجو أن تعرضوها على فضيلة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين هذه الرسالة مكتوب فيها أولاً البطاقة الشخصية الاسم الإنسان ابن آدم والجنسية من تراب والعنوان كوكب الأرض وأما البيانات محطة المغادرة كوكب الأرض الدنيا وجهة السفر الدار الآخرة وموعد الرحلة وما تدري نفس ماذا تكسب غداً وما تدري نفس بأي أرض تموت وموعد الحضور لكل أجل كتاب ورقم التلفون الصلوات الخمس وشروط الرحلة على حضرات المسافرين الكرام اتباع التعليمات الواردة في كتاب الله وسنة نبيه مثل طاعة الله ومحبته وخشيته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم وطاعة ولي الأمر والتذكر الدائم للموت والانتباه إلى أنه ليس في الآخرة إلا جنة أو نار والعفش المسموح به متران من القماش أبيض والعمل الصالح والولد الصالح يدعو له والعلم الذي ينتفع به وما سوى ذلك لا يسمح باصطحابه في الرحلة ولمزيد من المعلومات يرجى الاتصال الفوري بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ملاحظة الاتصال مباشرة ومجاناً رحلة سعيدة ما رأيكم يا فضيلة الشيخ في هذه التذكرة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أرني إياها ثم قال الشيخ رأي في هذه التذكرة التي شاعت منذ زمن وانتشرت بين الناس ووضعت على وجوه شتى منها هذا الوجه الذي بين يدي وهي عبارة عن ورقة مكتوب في صفحتها هذه البيانات التي سمعتموها من الأخ عبد الكريم ووضعت كذلك على صورة تذكرة طائرة ووضعت على وجه آخر وفي أعلى الصفحة صورة طائرة جامبو وهذه الورقة كما سمعتم بياناتها من الأخ عبد الكريم تشبه أن تكون استهزاء بهذه الرحلة وانظر إلى قوله في أرقام التلفون 24434 يشير إلى الصلوات الخمس اثنين لصلاة الفجر وأربعة لصلاة الظهر وأربعة لصلاة العصر وثلاثة لصلاة المغرب وأربعة للعشاء فجعل الصلاة التي هي أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين جعلها أرقاماً للتلفون ثم قال إن موعد الرحلة (وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ) فأين الموعد في هذه الرحلة وقال موعد الحضور (لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ) أين تحديد موعد الحضور المهم أن كل فقراتها فيها شيء من الكذب ومنها العفش الذي قال إن منه العلم الذي ينتفع به والولد الصالح وهذا لا يكون مصطحباً مع الإنسان ولكنه يكون بعد الإنسان فالذي أرى أن تتلف هذه التذكرة وألا تنشر بين الناس وأن يكتب بدلها شيء من كتاب الله أو من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم حتى لا تقع مثل هذه المواعظ على سبيل الإستهزاء ثم إنه في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ما يغني عن هذا كله وإنني بهذه المناسبة أود أن أنبه إلى أنه كثر في هذه الآونة الأخيرة النشرات التي تنشر بين الناس ما بين أحاديث ضعيفة بل موضوعة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين مراء منامية تنسب لبعض الناس وهي كذب وليست بصحيحة وبين حكم تنشر وليس لها أصل وإنني أنبه إخواني المسلمين على خطورة هذا الأمر وأن الإنسان إذا أراد خيراً فليتصل برئاسة إدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد في المملكة العربية السعودية وليعرض عليها ما عنده من المال الذي يحب أن ينشر به ما ينتفع الناس به وهي محل ثقة وأمانة والحمد لله تجمع هذه الأموال وتطبع بها الكتب النافعة التي ينتفع بها المسلمون في هذه البلاد وفي غيرها أما هذه النشرات التي ليست مبنية على شيء وإنما هي أكذوبات أو أشياء ضعيفة أو حكم ليست حقيقية بل هي كلمات عليها مؤاخذات وملاحظات فإنني لا أحب أن ينتشر هذا في بلادنا ولا في بلاد غيرنا من المسلمين وفيما صح عن سنة الرسول عليه الصلاة والسلام كفاية والله المستعان.

***

ص: 2

‌ما حكم زرع الورود من أجل رائحتها ومنظرها في البيت ولجمالها

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: ليس على الإنسان بأس أن يزرع في البيت من الأشجار والروائح الطيبة ما ينشرح له الصدر وتنبسط إليه النفس فإن هذا من نعم الله على العباد.

***

ص: 2

‌مستمعة من بلاد الغربة تقول في رسالتها متزوجة من رجل مسلم تقول أمي تعارضني في فعل الخيرات كصلة الرحم ودفع الصدقات للفقراء فهل تكفيني موافقة زوجي فقط

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أولاً أنصح أم هذه السائلة ألا تمنعها من فعل الخير لأن هذا خلاف ما ينبغي لها أن تفعل فإن الذي ينبغي إذا رأى الإنسان من يفعل الخير أن يشجعه ويعينه ويبين له فضل هذا الخير لا أن يحول بينه وبينه

ثانياً أقول لهذه السائلة لك أن تفعل الخير ولو منعتك أمك منه ولكن في هذه الحال ينبغي أن تداريها بأن تقومي بفعل الخير من غير أن تشعر بذلك وحينئذ تتمكنين من رضا أمك ومن فعل الخير وأما بالنسبة للزوج فالزوج لا يشترط إذنه في فعل الخير إلا إذا كان فعل ذلك الخير يحول بينه وبين ما يستحقه من الاستمتاع وأما إذا كان لا يحول بينه وبين ما يستحقه من الاستمتاع فليس له عليك سبيل في ذلك.

***

ص: 2

‌المستمع مصطفى حامد مدرس سوداني يقول في رسالته إلى علمائنا الذين أعزهم الله بالتفقه في الدين سلام عليكم ورحمة الله وبركاته وحياكم الله تحية طيبة أرجو شاكراًً ومقدراً أن تفتوني في أسئلتي هذه يقول فيها نحن نعلم بأن الله سبحانه وتعالى قد أعد الحور العين لعباده المؤمنين يوم القيامة في الجنة فإذا كانت هنالك امرأة مؤمنة وأدخلها الله سبحانه وتعالى الجنة برحمته أما زوجها لسوء سعيه في الدنيا لم يدخل الجنة فمن يكون زوجها يومئذٍ أفيدونا مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نقول وعلى السائل السلام ورحمة الله وبركاته والجواب على سؤاله هذا يؤخذ من عموم قوله تعالى (وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31) نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ) ومن قوله تعالى (وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأَنفُسُ وَتَلَذُّ الأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) فالمرأة إذا كانت من أهل الجنة ولم تتزوج أو كان زوجها ليس من أهل الجنة فإنها إذا دخلت الجنة فهناك من أهل الجنة من لم يتزوجوا من الرجال وهم أعني من لم يتزوجوا من الرجال لهم زوجات من الحور ولهم زوجات من أهل الدنيا إذا شاؤوا وكذلك نقول بالنسبة للمرأة إذا لم تكن ذات زوج أو كانت ذات زوج في الدنيا ولكن زوجها لم يدخل معها الجنة أنها إذا اشتهت أن تتزوج فلا بد أن يكون لها ما تشتهيه لعموم هذه الآيات ولا يحضرني الآن نص خاص في هذه المسألة والعلم عند الله تعالى.

***

ص: 2

‌رسالة وصلت من الدمام باعثها المستمع م. ي. م. م. يقول في رسالته الطويلة أنا رجل في الخامسة والثلاثين من العمر وقد تزوجت امرأة تبلغ من العمر الخامسة عشرة وقد تزوجتها وأنا في الثامنة والعشرين علماً بأن هذه المرأة قد سبق لها الزواج من شخص آخر ولم تبق معه سوى ثلاثة أشهر فقط ولم تنجب له أي ولد وقد تزوجتها من بعد طلاقها منه مباشرة وما تزال تعيش معي مدة سبع سنوات وقد أنجبت لي من الأطفال خمسة منهم ثلاث بنات وولدان علماً بأن حياتي معها سعيدة جداً وبعيدة عن المشكلات وعلماً بأن هذه المرأة دينة ولكن المشكلة بأن أقاربي وزملائي قد عابوا عليّ مثل هذا وسخروا بالكلام بقولهم بأنني تزوجت امرأة ثيب ويقولون لي بأن زواجي ما زال في ذمتي فأرجو من فضيلتكم نصحي بما ترونه بارك الله فيكم وهل يصح لي بأن أتزوج عليها امرأة أخرى أي امرأة شابة وأتركها أو أتزوج عليها وتبقى معي أفيدونا بارك الله فيكم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نفيدك بأن زواجك بهذه المرأة التي قد تزوجت من قبلك لا بأس به ولا لوم عليك فيه وهؤلاء الذين يلومونك أو يعيبون عليك هم الذين يلامون ويعابون وليس لهم التعرض أو التدخل بين الرجل وزوجته وما أشبههم بمن قال الله فيهم (فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ) ونصيحتي لك أن تبقى مع زوجتك ما دمتما في سعادة وبينكما أولاد وأن لا تطمح إلى زوجة أخرى لهذا السبب الذي عابك فيه من عابك من الجهال والنبي عليه الصلاة والسلام أشرف الخلق وأتقاهم لله وأشدهم عبادة له كان أول من تزوج بها امرأة ثيب وهي خديجة بنت خويلد رضي الله عنها بل إن جميع زوجات النبي صلى الله عليه وسلم كن ثيبات سوى عائشة رضي الله عنها فلا لوم ولا عيب على الإنسان إذا تزوج امرأة كانت ثيباً من زوج قبله وما دمت في سعادة مع أهلك فاستمسك بهم ولا تطمح لغيرهم.

وأما تزوج الرجل على امرأته من حيث هو زواج فليس به بأس فالإنسان له أن يتزوج بواحدة أو باثنتين أو بثلاث أو بأربع ولكن كونه يتزوج من أجل لوم هؤلاء الجاهلين لا وجه له وقبل أن أختم الجواب على هذا السؤال أود أن أنبه على كلمة جاءت في سؤاله وهي قوله وقد تزوجتها بعد طلاقها منه مباشرة فإن ظاهر هذه العبارة أنه تزوجها قبل أن تعتد من زوجها الأول فإن كان ذلك هو الواقع فإنه يجب عليه الآن أن يعيد عقد النكاح لأن نكاح المعتدة باطل بالنص والإجماع قال الله تعالى (وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ) وقد أجمع العلماء رحمهم الله على فساد نكاح المعتدة من الغير وإن كانت هذه العبارة يراد بها بعد طلاقها منه مباشرة يعني وانتهاء عدتها فالنكاح صحيح ولا إشكال فيه فأرجو أن ينتبه الأخ السائل لهذه المسألة وإذا فرض أن الاحتمال الأول هو الواقع وأنه تزوجها بعد الطلاق مباشرة قبل انقضاء العدة فإنه يجب إعادة العقد كما قلت وأولاده الذين جاؤوا من هذه المرأة أولاد شرعيون لأن هؤلاء الأولاد جاؤوا بوطء شبهة وقد ذكر أهل العلم أن الأولاد يلحقون الواطئ بشبهة سواء كانت شبهة عقد أم شبهة اعتقاد.

***

ص: 2

‌تقول أم عبد الله من المدينة المنورة إذا رأيت إنساناً في مصيبة أو بلاء أو في حزنٍ فأنا أحزن لحزنه وأتألم لألمه فهل لي أجرٌ في ذلك

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الذي ذكرته السائلة أم عبد الله من مقتضيات الإيمان لأن المؤمن يألم لألم أخيه ويحزن لحزنه ويسر لسروره ويفرح لفرحه كما قال النبي عليه الصلاة والسلام (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفعهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر) وكون الإنسان يألم بما يألم به المؤمنون ويحزن بما يحزنون به ويسر بما يسرون به دليلٌ على أنه مؤمنٌ خالص يحب لإخوانه ما يحب لنفسه وسوف يثاب على ذلك إن شاء الله تعالى.

***

ص: 2

‌المستمع م. ك. يقول ما حكم الإنسان الذي يجلس مع جماعةٍ ويأتي وقت الصلاة ولا يلاحظ فيهم حرصاً على أداء الصلاة مع الجماعة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نرى أن لا يجالس أمثال هؤلاء في وقت صلاة الجماعة لأن هؤلاء من جلساء السوء وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام (مثل الجليس السوء كنافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه رائحة كريهة) وروي عنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال (المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل) فلا يجوز أن يجلس مع هؤلاء الذين لا يصلون مع الجماعة ولكن يجب عليه أن يناصحهم وأن يخوفهم بالله وأن يقول لهم اتقوا الله في أنفسكم وما أشبه ذلك فلعل الله سبحانه وتعالى أن يهديهم على يده.

***

ص: 2

‌يقول المستمع لي صديق يدفعني إلى الشر وهو صديقي منذ سبعة أعوام فماذا أفعل معه

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: يجب عليك أن تناصح هذا الصديق الذي يدعوك إلى الشر فإن اهتدى فلنفسه وإن لم يهتد فعليك أن تفارقه لأن النبي صلى الله عليه وسلم حذر من مصاحبة أهل السوء فقال عليه الصلاة والسلام (مثل الجليس الصالح كحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن يبيعك وإما أن تجد منه رائحة طيبة ومثل الجليس السوء كنافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه رائحة كريهة) وهذا يتضمن التحذير من جلساء السوء ويروى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال (المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل) وكثير من الناس يكون على ثبات والتزام فإذا قيض له شيطان من شياطين الإنس ممن يضلونه عن سبيل الله فإنه ربما يتأثر به والمعصوم من عصمه الله.

***

ص: 2