المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌السؤال: ما صحة هذاالحديث (إذا شرب اثنين في إناء واحد غفر لهما أو دخلا الجنة) - فتاوى نور على الدرب للعثيمين - جـ ٦

[ابن عثيمين]

فهرس الكتاب

- ‌فتاوى المصطلح والحديث

- ‌مصطلح الحديث

- ‌السؤال: ما هي شروط الحديث الصحيح

- ‌حامد بن إبراهيم من هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يقول هل يأثم الإنسان إذا لم يعمل بالأحاديث التي انفرد بروايتها شخص واحد

- ‌الأحاديث الموقوفة هل يعمل بها وأيضاً الأحاديث المقطوعة هل تعتبر من الضعيفة

- ‌ن س تقول من هو المدلس وما هي الأسباب التي تحمل المدلس على التدليس

- ‌إذا قرأت في كتب السنة أجد فيها أحاديث صحيحة وضعيفة وموضوعة فهل يجوز الاستدلال بها والعمل بها أم لا

- ‌ما حكم الاستدلال بالأحاديث الضعيفة

- ‌يقول هل يستدل بالأحاديث الضعيفة

- ‌إذا كان هناك حديث ضعيف عن الرسول صلى الله عليه وسلم فهل يجوز الأخذ به إذا لم يكن مخالفاً للقرآن

- ‌من فهد السويف يقول كيف يمكن أن نفرق بين الحديث الصحيح المروي عن النبي صلى الله عليه وسلم وغير الصحيح

- ‌كيف يعرف الإنسان الأحاديث الصحيحة من الموضوعة وهل هناك كتب توضح الأحاديث الموضوعة

- ‌عندنا إمام مسجد لا يستدل إلا بالأحاديث التي رواها الشيخان فقط فهل هذا صحيح يا فضيلة الشيخ

- ‌ما الكتاب الذي يحمل أحاديث كثيرة وتنصحونني به أو بامتلاكه

- ‌هل يجوز استخدام التجويد في غير القرآن كقراءة أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وغيرها

- ‌هل جائز أن تقول صدق الله العظيم على أقوال محمد صلى الله عليه وسلم لأنه وحيٌ يوحى

- ‌هل يجوز للإنسان المسلم المتفقه في دينه أن يلقي المواعظ، ولكن يقول الحديث مثلاً ليس بنصه، وهل يكون عليه إثم في ذلك

- ‌هل يجب علينا أن نحفظ الأحاديث عن ظهر قلب وكيف ذلك

- ‌شروح الأحاديث والحكم عليها

- ‌س. ع. س. سوداني مقيم بالمدينة المنورة يقول عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه) ولقد هاجرت إلى المملكة العربية السعودية طلباً للرزق والآن أكملت هنا مدة سنة فهل يصح لي أن أحج أو أنا من الذين ينطبق عليهم هذا الحديث إذا لم يكن كذلك فما معناه إذاً

- ‌من ليبيا مفتاح علي يقول هناك البعض من الناس يحتج بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم القائل (إنما الأعمال بالنيات) في بعض الأمور ومنها سلام المرأة على الرجل أفيدونا أفادكم الله

- ‌قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن الله جميل يحب الجمال) وقال صلى الله عليه وسلم في حديث معناه (إن الله تعالى يحب أن يرى أثر نعمته على عبده) وقد قرأت سير بعض الصحابة في الكتب المدرسية وتعلمت من زهدهم وورعهم رضي الله عنهم وأرضاهم وتقشفهم في المأكل والملبس مع غناهم وكثرة أموالهم حتى أن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه يلبس من الملابس التي تماثل ملابس صبيانه وغلمانه الذين يعملون عنده والسؤال هل في ذلك ما يعارض مفهوم الحديثين السابقين وهل على الغني الموسر أن يكون مظهره مناسباً لحالته المادية أم أن عليه أن يلبس ويسكن ويأكل ما شاء في حدود الشرع الإسلامي بدون سرف ولا مخيلة وما معنى الأمر بالتحدث بالنعم في قوله تعالى (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ)

- ‌مامعنى هذا الحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أتاني ربي في أحسن صورة، قال أحسبه قال في المنام فقال يا محمد هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى) الحديث هل هذا الحديث يدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم رأى ربه سبحانه وتعالى وهل هذا يتناقض مع قوله تعالى (وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً)

- ‌ورد في دعاء الاستخارة (اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك إلى قوله اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فيسره لي) السؤال لماذا وردت أداة الشرط في قوله اللهم إن كنت تعلم مع أن الله عز وجل يعلم ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وهو سبحانه لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء أفتونا مأجورين

- ‌يقول السائل حازم من جدة لقد قرأت هذه العبارة في أحد الأحاديث الصحيحة ولم أعرف معناها ولكن وقع في نفسي أن هذه العبارة هي دليلٌ على قرب انقضاء الدنيا وعلى سرعة أيامها وزوالها هذه العبارة هي (ألا إن الزمان استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض) فهل ما وقع في نفسي صحيح وإذا لم يكن كذلك فما معنى ذلك مأجورين

- ‌جاء في الحديث الشريف قول الرسول صلى الله عليه وسلم (لاوصية لوارث) وجاء في سورة البقرة قوله تعالى (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ) الآية نرجو التوفيق في هذه المسألة لبيان تفسير الحديث والآية والجمع بينهما

- ‌جاسم علي هاشم الأسدي يقول ما معنى الحديث الشريف (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولدٍ صالح يدعو له) أفيدونا بارك الله فيكم

- ‌من عنيزة ع. ع.ب يقول ما معنى هذا الحديث وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث) وذكر منها (علم ينتفع به) وإذا لم ينتفع به بعد موته هل له أجر

- ‌السؤال: بارك الله فيكم المستمع م. ر من الرياض يقول فضيلة الشيخ نحن نعلم بأن الميت إذا مات انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له فما هي الصدقة الجارية والعلم النافع

- ‌قال النبي صلى الله عليه وسلم (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به) هل يدخل في ذلك العلم علوم الدنيا كالفيزياء والكيمياء والرياضيات أم هو مقيد بالشرعي

- ‌صالح أ. ع. من السودان الخرطوم يقول حصل اختلاف بيني وبين أحد الإخوان حول الحديث الوارد في وقوع العين من الحاسد والذي معناه (أن العين حق ولو أن شيئاً سابق القدر لكان العين) فهم يقولون إن هذا يتعارض مع بعض الآيات فما هو القول الحق في هذا الموضوع

- ‌فضيلة الشيخ: يسقونها من أصابته العين

- ‌يقول حديثٌ شريفٌ أسمعه دائماً ولكنني لا أدرك معناه وهو (تبلغ الحلية من الرجل حيث يبلغ الوضوء) فما معناه

- ‌فضيلة الشيخ: أليس فيه حثٌ على زيادة الوضوء على الأماكن المحددة

- ‌فضيلة الشيخ: لا يفهم منه

- ‌أرجو تفسير هذا الحديث (لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ثم يأتي بأخرين يذنبون ثم يستغفرون الله) نرجو تفسيره

- ‌محمد عبد الغني محمد مسؤول بمصنع الاسمنت بالرياض يقول أرجو بيان حكم وشرح حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (عمرةٍ في رمضان توازي حجة فيما سواه)

- ‌السائلة إلهام من مدينة الأحساء تسأل وتقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أفضل الأعمال إلى الله أدومها وإن قل) وأنا أحب المداومة على الأعمال الصالحات كصيام النوافل وقيام الليل وصلاة الضحى ولكن صلاة الضحى لا أصلىها إلا يوم الخميس والجمعة وبقية الأيام أكون في المدرسة فكيف العمل بهذا الحديث جزاكم الله خيرا

- ‌السؤال من أحد الإخوة السودانيين مقيم بالمملكة منطقة الباحة يقول يذهب أهل السنة والجماعة إلى القول بأن مصير الموحدين إلى الجنة في نهاية المطاف وجاء في الحديث (أنه لا يدخل الجنة قاطع رحم) وأيضاً جاء (لا يدخل الجنة نمام) فهل الموحدون من هاتين الفئتين لا يدخلون الجنة كما هو ظاهر هذه النصوص أم كيف يكون الجمع بينها

- ‌حديث عن الشريد بن سويد رضي الله عنه قال (رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا جالس هكذا وقد وضعت يدي اليسرى خلف ظهري واتكأت على يدي فقال قعد قعدة المغضوب عليهم) رواه أبو داود نرجو شرح الحديث

- ‌فضيلة الشيخ: يقول إذا قصد الإنسان أيضا بهذه الجلسة الاستراحة وعدم تقليد اليهود هل يأثم بذلك

- ‌قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ماء زمزم لما شرب له) فهل هو لأول نية لما شرب له وهل يجوز أن يجمع الإنسان عدة نيات عند أول شربةٍ له

- ‌جزاكم الله خيراً تقول السائلة (ماء زمزم لما شرب له) كما ورد في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم هل يشترط لتحقيق ذلك كمية معينة

- ‌فضيلة الشيخ: هل يشترط أن يكون الشرب في مكة يا شيخ

- ‌ما معنى الحديث (إن الله خلق آدم على صورته) وهذه الهاء تعود على من

- ‌فيما يتعلق بحديث أنس رضي الله عنه قال رجلٌ يا رسول الله الرجل يعانق أخاه أو صديقه أينحني له قال (لا) قال أفيلتزمه ويقبله قال (لا) قال أفيأخذ بيده ويصافحه قال (نعم) والسؤال هل النهي الوارد في الحديث للكراهة أم للتحريم

- ‌حديث الرسول صلى الله عليه وسلم (نصرت بالرعب مسيرة شهر وجعلت لي الأرض مسجداً وطهورا وأوتيت مفاتيح الأرض) ما هي مفاتيح الأرض

- ‌من اليمن خالد صالح يقول كيف يمكن الجمع بين حديثي النبي صلى الله عليه وسلم الأول حديث (ما ملأ ابن آدم وعاءً شراً من بطنه) والثاني في قوله صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة (اشرب يا أبا هريرة فشرب فقال له اشرب يا أبا هريرة فشرب حتى قال أبو هريرة والذي بعثك بالحق لا أجد له مسلكاً) أو كما قال صلى الله عليه وسلم

- ‌أرجو شرح قول الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم (ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب)

- ‌هذه الرسالة وردتنا من القصيم ومن الشماسية من المرسل علي اليحيى يقول طال الحديث بيني وبين أحد الأخوة من إحدى الدول العربية إلى أن وصلنا إلى صلاحية القلب حيث قال هذا الأخ إنه ليس القلب هو الذي يُصلح الجسد وجميع الجوارح بدليل أنه لو أجريت عملية نزع قلب إنسانٍ مؤمن واستبداله بقلب كافر لا يؤمن بالله لم يؤثر عليه هذا القلب الذي هو من الكافر وإنما استمر على إيمانه بالله هل هذا صحيح حيث أورد علي شبهة كنت منها حائراً وهي أنه إذا كان هذا الحكم صحيحاً أو الكلام صحيح ما معنى قول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث (ألا وإن في الجسد مضغة إذا صَلُحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله) وفقكم الله والسلام عليكم ورحمة الله

- ‌فضيلة الشيخ: ألا نقول أنه حتى الآن لم يوجد مسألة تعارض حديث الرسول صلى الله عليه وسلم حيث أنه لم نعرف مؤمناً ركب له قلب كافرٍ فاستمر على إيمانه أو كافرٌ ركب له قلب مؤمنٍ فآمن

- ‌أم عبد الرحمن من السودان كسلا تقول في دعاء سيد الاستغفار الذي ورد (اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك) إلى آخر الدعاء أو إلى آخر الحديث هل المرأة تستبدل عبارة أنا عبدك بعبارة أنا أمتك

- ‌هل هناك فرق بين الوسيلة والفضيلة

- ‌ما معنى حديث (ليس منا من لم يتغن بالقرآن)

- ‌ما المقصود بالحديث (اقرأ وارتقِ ورتل كما كنت ترتل فإن منزلتك في الجنة عند آخر آية تقرؤها) هل المقصود القراءة أو الحفظ

- ‌هل قول (اللهم لا شماتة) من الأدعية الواردة

- ‌هناك حديث فيما معناه بأنه (لا يحل للمرأة أن تضع ثيابها في غير بيت زوجها) فما هو شرح هذا الحديث جزاكم الله خيراً

- ‌ما هو الحديث الوارد في فضل كثرة الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم ليلة الجمعة أو يوم الجمعة

- ‌سمعت حديثاً معناه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (لأصحابه أتدرون مَنْ المفلس قالوا: المفلس فينا من لا درهم له قال صلى الله عليه وسلم: المفلس من ذكرت عنده فلم يصلِ عليّ) ومدرس الحديث عندما يشرح الحديث يكثر من ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم فهل يجب علينا أن نصلى عليه في كل مرة أم تكفي المرة الأولى أفيدونا ولكم جزيل الشكر ونشكركم على هذا الاهتمام الكبير يا فضيلة الشيخ وأيدكم الله

- ‌فضيلة الشيخ: بعض الناس إذا أراد أن ينسب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم شيئاً يقول قال صلى الله عليه وسلم ولا يقول قال الرسول صلى الله عليه وسلم أو قال محمد صلى الله عليه وسلم ففي مثل هذه هل يقال آمين أم يقال صلى الله عليه وسلم

- ‌ما معنى قول الرسول صلى الله عليه وسلم لأبي موسى الأشعري رضي الله عنه (لقد أوتيت مزماراً من مزامير آل داوود)

- ‌هناك حديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول فيه (مَنْ قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة وجبت له الجنة) هل قراءتها -يعني- أن نتلفظ بها على اللسان فقط أم ماذا جزاكم الله خيرا

- ‌في الحديث الذي قاله المصطفى صلى الله عليه وسلم بما معناه بأن (للصائم دعوة عند فطره) متى تكون هذه الدعوة هل هي قبل الفطر أم أثناء الإفطار أم بعد الإفطار

- ‌لقد سمعت من بعض الأشرطة النافعة عن المنافقين بأنهم أربعة وهم فرعون وقارون وهامان وأبي بن خلف فاستمعت إلى شرح فرعون وقارون شرحا كافيا قال من تكبر حشر مع فرعون ومن غرته دنياه بالمال حشر مع قارون وعندما شرع في ذكر هامان انتهى الشريط أو انتهى الحديث فما هي الصفات الذميمة التي أتصف بها كل من هامان وأبي بن خلف

- ‌أبو عبد الله مقيم بالرياض له مجموعة من الأسئلة يقول في الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم (من كتم علماً ألجم بلجام من نار) أو كما قال عليه الصلاة والسلام يقول السائل أنا أحفظ البعض من الأحاديث هل الواجب علي أن أبلغها أمام الناس في المساجد حيث لا أستطيع على ذلك أم ماذا أفيدوني مأجورين

- ‌أبو عبد العزيز إبراهيم أبو حامد من الرياض يقول فضيلة الشيخ نسمع عن قصة الأبرص والأقرع والأعمى فما هي قصتهم وهل لها علاقة بالتوحيد والفقه

- ‌أم عبد الرحمن من اليمن تقول أسأل عن معنى حديث (من جلس مجلسا ولم يذكر الله تعالى تحسر عليه وندم يوم القيامة) ونحن مجموعة من الأخوات إذا التقينا وجلسنا نبدأ بذكر الله وذكر الرسول صلى الله عليه وسلم ونذكر الصحابة والتابعين والعلماء الذين قد ماتوا رحمهم الله والذين ما يزالون على قيد الحياة حفظهم الله والسؤال هل نثاب عندما نذكر العلماء

- ‌ماهي صفات السبعين ألفاً الذين يدخلون الجنة بغير حساب ومن كان ينقصه شيء من هذه الصفات ماذا يلزمه مأجورين

- ‌ما معنى حديث (من مس الحصى فقد لغا ومن لغا فلا جمعة له) ولماذا خص الحصى بهذا الحديث

- ‌من قطر السائل حسن أحمد يقول فضيلة الشيخ نرجو أن تشرحوا هذا الحديث جزاكم الله خيرا عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (صنفان من أهل النار لم أرهما قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا)

- ‌يقول السائل أبلغ من العمر الرابعة والعشرين وذكر في الحديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله (ذكر منهم الشاب الذي نشأ في عبادة الله) فمتى يبدأ سن الشباب ومتى ينتهي

- ‌نوره س ص تقول في حديث عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم فيما معناه (سبعة يظلهم الله في ظله يوم القيامة يوم لا ظل إلا ظله) هل يختص هذا الظل بالرجال دون النساء علماً بأن كل جملة تبدأ بكلمة رجل

- ‌في الحديث الذي (نهى الرسول صلى الله عليه وسلم فيه عن القيل والقال وإضاعة المال وكثرة السؤال) هل السؤال هو طلب الصدقة أم هل هو السؤال عن الشيء الذي لا ينبغي أن يسأله المسلم

- ‌رَغَّبَ الرسول صلى الله عليه وسلم في قتل الوزغ و (بأن أن الذي يقتله من أول مرة يكون له مائة حسنة) ما حكم قتل الوزغ وما حكم قتل الضفادع

- ‌ن ل الدوسري الأفلاج هل ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم هذا الحديث (إن المؤذن إذا قال حي علي الصلاة وحي على الفلاح يلتفت وينظر إلى اليمين والشمال)

- ‌سائلة تقول في هذا السؤال: يدعو الإنسان في صلاته (اللهم إني أعوذ بك من فتنة المحيا وفتنة الممات) ما المقصود بفتنة الممات جزاكم الله خيراً

- ‌ف. ح. تقول ما معنى (النساء شقائق الرجال)

- ‌ع ع أتقول نريد فضيلة الشيخ أن يلقي الضوء على الحديث التالي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء)

- ‌ما معني الحديث الذي يقول (تلك عاجل بشرى المؤمن) فأرجو إعطائي أمثلة مأجورين

- ‌أبو بكر حميد من مدينة جدة يقول ما معنى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم (لا تتقدموا رمضان بيومٍ أو يومين إلا إذا كان الرجل يصوم يوم صدقة فليصم ذلك اليوم)

- ‌كيف الجمع بين حديث (لا تزال طائفة من أمتي…) الخ وحديث (إن شرار الخلق الذين تقوم الساعة عليهم) مأجورين

- ‌ما معنى هذا الحديث الذي ما معناه (إسباغ الوضوء على المكاره وانتظار الصلاة بعد الصلاة) هل معنى ذلك الجلوس في المسجد حتى يحين موعد الصلاة التي بعدها

- ‌من اليمن خ. ع. د. شبوة يقول فضيلة الشيخ ما هو تفسير حديث الرسول صلى الله عليه وسلم (من سن سنةً في الإسلام حسنة فله أجرها…الحديث) يقول أرجو بذلك إفادة مأجورين

- ‌عبد الكريم يوسف سوداني يعمل باليمن يقول فضيلة الشيخ صعد رسول صلى الله عليه وسلم المنبر ذات يوم فقال (آمين) ثلاث مرات فسأله الصحابة رضي الله عنهم عن سبب تأمينه فما هو الحديث وما معناه

- ‌س. ص. مقيم بالطائف يقول ما معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم (وإذا خاصم فجر)

- ‌نوره أ. ت. من الرياض تقول في الحديث الذي ما معناه (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر) أريد الشرح لهذا الحديث وهل الكبر معناه التكبر على الناس فقط

- ‌قال الرسول صلى الله عليه وسلم (هن لهن ولمن مر عليهنّ من غير أهلهنّ) ما معنى هذا بارك الله فيكم

- ‌ما حكم من وقف من الحجاج في اليوم الثامن أو العاشر خطأ هل يجزئهم وما معنى (الحج عرفة)

- ‌في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي يبين فيه علامات يوم القيامة (وأن تلد الأمة ربتها) من هي الأمة وكيف تلد ربتها

- ‌ما معنى (من حج فلم يرفث ولم يفسق خرج كيوم ولدته أمه)

- ‌عن عائشة رضي الله عنها قالت قال النبي صلى وسلم (لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية وإذا استنفرتم فأنفروا) متفق عليه أريد شرحاً إجمالياً لهذا الحديث

- ‌ف هـ أجمهورية اليمن الديمقراطية يقول قرأت حديثاً عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وأريد شرحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (استوصوا بالنساء خيراً فإن المرأة خلقت من ضلع أعوج وإن أعوج ما في الضلع أعلاه فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء)

- ‌ما معنى قول الرسول صلى الله عليه وسلم (لا ضرر ولا ضرار)

- ‌ما معنى حديث (لا وتران في ليلة)

- ‌لماذا خص الله سبحانه وتعالى الصيام بقوله (الصوم لي وأنا أجزي به)

- ‌سمعت حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ما معناه أنه صلى الله عليه وسلم دخل على عائشة رضي الله عنها ووجدها قد وضعت ستراً على الجدار وهو ما يسمى بالستائر في عصرنا الحالي فقال لها (نحن قوم لم نؤمر بتغطية الحوائط أو الجدران) هل يفهم من هذا الحديث الشريف أنه يجب أن تكون مثل هذه الستائر على قدر فتحة النافذة أم يجوز أن تكون بعرض الحائط الذي توجد به النافذة أي أن تكون على جانبي النافذة أفيدونا بارك الله فيكم

- ‌صلاح سليمان يسأل ما معنى الحديث الذي روي عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم.. الخ الحديث)

- ‌صابر عبيد من السودان يقول ما معنى قول الرسول صلى الله عليه وسلم (إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستحِ فاصنع ما شيءت)

- ‌من العراق بغداد محمود أحمد يقول (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لبس الرجل للثوب المزعفر) فما هو الثوب المزعفر

- ‌عن أبي عبد الله جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فقال (إن بالمدينة رجالاً ما سرتم مسيراً ولا قطعتم وادياً إلا كانوا معكم حبسهم المرض) أريد شرحاً لهذا الحديث

- ‌ما معنى قول الرسول صلى الله عليه وسلم (إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة سنة زاد في رواية لا يقطعها....الحديث)

- ‌ما معنى الحديث الذي رواه أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر)

- ‌وردتنا من بريد المزاحمية من المقدم عبد الله بن إبراهيم بن زياد يقول في رسالته الرجاء من فضيلة الشيخ أن يجيبني على هذا السؤال: قال رسول صلى الله عليه وسلم (لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يد السفيه ولتأطرنه على الحق أطرا) الرجاء من فضيلة الشيخ بيان معنى قوله صلى الله عليه وسلم (لتأطرنه على الحق أطرا) وتكملة الحديث ومدى صحته إن أمكن

- ‌فضيلة الشيخ: في الحقيقة قلتم في إثناء الإجابة أن هذا الحديث فيه علة الإرسال والانقطاع وهذه من خصوصيات المحدثين لكن المرسل يريد أن يقف على علة الإرسال والانقطاع ما معناهما

- ‌ما معنى قول الرسول صلى الله عليه وسلم (أرى رؤياكم قد تواطأت) وقول الرسول صلى الله عليه وسلم (خير الرؤيا الرؤيا الصالحة)

- ‌قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يأتي على الناس زمان القابض فيهم على دينه كالقابض على الجمر) يقول هل أتى هذا الزمان وهل هو زماننا هذا

- ‌ما معنى هذا الحديث وما صحته (بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء)

- ‌من المنطقة الشرقية عبد الوهاب خالد يقول ما معنى الحديث الشريف (إن الإيمان ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها)

- ‌قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من صلى البردين دخل الجنة) مالمراد بالبردين

- ‌بارك الله فيكم (السفر قطعة من العذاب) هل هذا حديث وهل السفر أقسام وما معنى الحديث

- ‌السائل مصطفى أحمد من جمهورية مصر العربية يقول في هذا السؤال عن أبي إمامة رضي الله عنه قال (قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم أي الدعاء أسمع قال جوف الليل الآخر ودبر الصلوات المكتوبات) نرجو شرح هذا الحديث ومعنى دبر الصلوات قبل أم بعد السلام

- ‌كيف نجمع بين قول النبي صلى الله عليه وسلم للرجل الذي أتى إليه يسأله عن الدين فذكر له النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة والزكاة والصيام وبعد ما انتهي قال الرجل والله لا أزيد على هذا ولا أنقص فقال له النبي صلى الله عليه وسلم (أفلح إن صدق) وبين ما ورد من الواجبات التي يأثم تاركها مثل تحية المسجد

- ‌ما المقصود بالحديث التالي قال صلى الله عليه وسلم (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن إلى آخر الحديث)

- ‌فضيلة الشيخ: (ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن)

- ‌ما معنى الحديث الوارد عن الرسول صلى الله عليه وسلم (إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها) أو كما قال صلى الله عليه وسلم وكيف يكون الجمع بينه وبين قوله تعالى (إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً)

- ‌ما معنى الحديث التالي وما صحته (من كفّر مسلماً فقد كفر)

- ‌مامعنى هذا الحديث قال عليه الصلاة والسلام (من صلى الصبح فهو في ذمة الله فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيء الحديث)

- ‌من العراق ع. ن. أ. يقول عندنا الأغلبية إن لم يكن الجميع يدعون بعد صلاة المغرب مع الإمام بظهور أكفهم ويقولون اللهم نجنا برحمتك من النار وأدعية أخرى علماً بأن هناك حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (ادعوا الله بباطن أكفافكم ولا تدعوه بظهورها) هل هذا الحديث صحيح وإن كان صحيحاً فما معناه وضحوا لنا ذلك مأجورين

- ‌هل يجوز السؤال بوجه الله تعالى غير الجنة حيث قد ورد في حديث صححه الألباني جاء فيه (ملعون من سأل بوجه الله وملعون من سئل بوجه الله ولم يعط) فهل هذا الحديث صحيح

- ‌يقول ما مدى صحة هذا الحديث وما معناه عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (من قال لا إله إلا الله دخل الجنة فقال أبو ذر وإن زنى وإن سرق قال وإن زنى وإن سرق وفي رواية على رغم أنف أبي ذر)

- ‌ماصحة هذا الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أتاني آتٍ من ربي فأخبرني أو قال فبشرني أنه من مات من أمتك لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة قلت وإن زنى وإن سرق قال وإن زنى وإن سرق) وما معناه بالتفصيل

- ‌لقد ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم حديث لا أعلم مدى صحته في صلاة التسابيح ووردت صفتها في عدة كتب موثوقة في كتب الأذكار للنووي وكتاب تاج الأصول وكتاب فقه السنة فما مدى صحة هذه الأحاديث وما مدى صحة هذه الصلاة وما هي صفتها إن كانت مشروعة

- ‌عبد الحليم عبد الهادي محمد حسين من إدارة الإتصالات الإدارية بمنطقة جدة يقول أهدى إلي أحد الإخوان قصاصة تحمل وصية تشير إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للإمام علي رضي الله عنه ما نصه (يا علي لا تنم إلا أن تأتي بخمسة أشياء وهي قراءة القرآن كله التصدق بأربعة آلاف درهم زيارة الكعبة حفظ مكانك بالجنة إرضاء الخصوم) قال علي وكيف ذلك يا رسول الله فقال صلى الله عليه وسلم (أما تعلم أنك إذا قرأت قل هو الله أحد فقد قرأت القرآن كله وإذا قرأت الفاتحة أربع مرات فقد تصدقت بأربعة آلاف درهم وإذا قلت لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير عشر مرات فقد زرت الكعبة وإذا قلت لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم عشر مرات حفظت مكانك في الجنة وإذا قلت أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه عشر مرات فقد أرضيت الخصوم) السؤال هو ما مدى صحة هذه الأقوال والذي أعلمه أن سورة الإخلاص (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) تعدل ثلث القرآن فما هو رأيكم في هذا

- ‌من حماة من سوريا يزيد فرزات يقول فيها بعد السلام قد ورد على ألسنة الناس الأقوال التالية الدَّين ضال إلا ما رده الله أكثروا الخياط والخطاط فإنهما يأكلان من موقع عيونهما لا تجعلوا آخر طعامكم ماءً فهل هذه الأقوال أحاديث نبوية فإن كانت أحاديث نبوية فما مرجع كل منها

- ‌ن خ من الأردن تقول قرأت حديثاً في كتاب الرحمة في الطب والحكمة للمؤلف جلال الدين السيوطي يقول عن هشام بن القابض بن الحارث عن ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال (يا ابن عباس ألا أهدي لك هدية علمني جبريل عليه السلام إياها للحفظ قال بلى يا رسول الله قال فاكتب في طاسة بزعفران وماء ورد فاتحة الكتاب وسورة الحشر وسورة الملك وسورة الواقعة ثم تصب عليها من ماء زمزم أو ماء مطر أو من ماء نظيف ثم تشربه على الريق في السحر مع ثلاثة مثاقيل من اللبان وعشرة مثاقيل سكر ثم تصلى بعد ذلك أي بعد هذا الشراب ركعتين تقرأ فيهما قل هو الله أحد في كل ركعة خمسين مرة وفاتحة الكتاب خمسين مرة ثم تصبح صائماً) فما درجة صحة هذا الحديث

- ‌هل ورد أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال في تحريك الأصبع في التشهد والإشارة به (إنه أشد على الشيطان من وقع الحديد)

- ‌يقول الرسول صلى الله عليه وسلم فيما معناه (إذا كنت في البادية فارفع صوتك في الأذان فإنه ما من جن وإنس إلا فيشهد لك) هل هذا الحديث صحيح ثانياً إذا كان صحيحاً فهل وجود المكرفون في وقتنا الحاضر وأن مداه بعيد ووجود الراديو يعم على جميع الأماكن هل هذا يدخل في مضمون الحديث

- ‌ما مدى (إذا سقط الذباب في طعام أحدكم فليغمسه لأن في أحد جناحيه داء وفي الآخر دواء) أو ما في معناه وحيث اعترض بعض الأساتذة على عدم صحة هذا الحديث نرجو تبيين ذلك وفقكم الله

- ‌يقول ما مدى صحة هذين الحديثين (من لم يكن له شيخ فشيخه شيطانه) و (من لم يكن له شيخ يكون مسخرة للشيطان) وهل معنى هذا أنه لابد للمسلم أن يقلد شيخاً ويصدقه في أقواله وأفعاله

- ‌فضيلة الشيخ: أعتقد أيضاً الأمر لا يقتصر على مجرد تقليدهم بل قد يتعدى ذلك إلى تقديسهم والتماس الخير والنفع منهم أيضاً ودفع الضر عنهم

- ‌ما معنى حديث (وجبت محبتي للمتحابين فيّ والمتزاورين فيّ والمتباذلين فيّ)

- ‌ما صحة هذا الحديث وما معناه يقول: سمعت حديثاً (من قال حين يمسي وحين يصبح اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي فأغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت إن مات من ليلته أو نهاره دخل الجنة)

- ‌أم راشد من القصيم الرس تقول سمعت (بأن من يقول قبل آذان المغرب اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت من قالها من ليلته دخل الجنة) هل هذا الحديث صحيح

- ‌هل هذا الحديث وارد وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر رضي الله عنه (الشرك أخفى من دبيب النمل وسأدلك على شيء إذا فعلته أذهب الله عنك صغار الشرك تقول اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم وأستغفرك لما لا أعلم تقول ذلك ثلاث مرات) أرجو من فضيلتك توضيح معنى الحديث وهل هو صحيح

- ‌ما صحة هذا الحديث عن ابن عمر رضي الله عنهما قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (رحم الله امرأً صلى قبل العصر أربعاً)

- ‌ما صحة هذا الحديث الذي معناه رَغَّبَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بصلاة أربع ركعات قبل العصر

- ‌ما صحة هذا الحديث الذي معناه رَغَّبَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بصلاة أربع ركعات قبل العصر

- ‌سمعت أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال (من صلى أربع ركعات قبل العصر دخل الجنة) فهل هذا صحيح وهل تجوز صلاتها بعد آذان العصر وقبل أداء الفريضة

- ‌في بعض الشوارع نقرأ عبارات (النظافة من الإيمان) و (أكرموا عمتكم النخلة) ويقولون تحت ذلك حديثٌ شريف ما صحة ذلك

- ‌م. ك. س. من الدمام يقول ما مدى صحة هذين الحديثين الحديث الأول (النظافة من الإيمان) والحديث الآخر (من أخذ الأجرة حاسبه الله بالعمل) أرجو إيضاح مدى صحة هذين الحديثين

- ‌أسأل عن هذا الحديث هل هو حديث (النظافة من الإيمان) أم أثر وجهونا بهذا مأجورين

- ‌فضيلة الشيخ هل هذا حديث (حب الدنيا رأس كل خطيئة)

- ‌ما صحة هذا الحديث (من صلى علي حين يصبح عشراً وحين يمسي عشراً أدركته شفاعتي يوم القيامة)

- ‌ع. ح. م. من الرياض يقول ما مدى صحة هذا الحديث يا فضيلة الشيخ وهو أن أسماء رضي الله عنها دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهي ترتدي ملابس خفيفة فأشاح عنها بوجهه وقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم (يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض يجب أن لا يظهر منها إلا الوجه والكفان) أو كما قال صلى الله عليه وسلم

- ‌نحن مجموعة من الشباب نقوم بصيد نوع من أنواع الطيور يقال له القطا ليلاً واعترضنا بعض الإخوان وقالوا إن صيد الطيور في أوكارها ليلاً محرم مستدلين بحديث (لا تأتوا الطيور في أوكارها ليلاً) ما حكم صيد الطيور في أوكارها ليلاً وما مدى صحة هذا الحديث

- ‌ناجي المطيري يقول في الحديث (لعن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم راكب الفلاة وحده) نرجو من فضيلتكم معنى هذا الحديث وهل هو صحيح

- ‌ما صحة هذا الحديث (الدعاء مخ العبادة)

- ‌ما حكم قول اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً فإنك تجعل الحزن إذا شيءت سهلاً وهل هو حديث

- ‌ما صحة هذا الحديث (إذا خرجت من منزلك فصلِّ ركعتين تمنعانك من مخرج السوء وإذا دخلت إلى منزلك فصلِّ ركعتين تمنعانك مدخل السوء)

- ‌ما معنى هذا الحديث وهل هو صحيح يقول (إذا خرج أحدكم من بيته فليقل بسم الله لا حول ولا قوة إلا بالله ما شاء الله توكلت على الله حسبي الله ونعم الوكيل)

- ‌هل هناك دعاء معين مأثور لمن ركبته الديون حتى تقضى عنه

- ‌م ن من المدينة النبوية يقول أسأل عن هذا الدعاء هل هو وارد (اللهم يا من لا تراه العيون ولا يصفه الواصفون)

- ‌هل كان الرسول صلى الله عليه وسلم يحيي ليلتي العيدين بالقيام أو قراءة القرآن وهل يوجد حديث للترغيب في قيام هاتين الليلتين

- ‌هل من أجر لمن يموت يوم الجمعة أو ليلة الجمعة وأنه يوقى من فتنة القبر كما جاء في الحديث

- ‌م س يقول ما صحة هذا الحديث (إن لله في كل يوم وليلة مائة وعشرين رحمة تنزل على هذا البيت ستون للطائفين وأربعون للمصلىن وعشرون للناظرين إليها أي إلى الكعبة)

- ‌محمد حسن من اليمن يقول هل الأذان في أذن المولود والإقامة في أذنه الأخرى سنة أم لا وما صحة الأحاديث في هذا الأمر

- ‌ما صحة هذا الحديث (من صلى علي يوم الجمعة ثمانين مرة غفرت ذنوبه)

- ‌قولهم (اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت) هل ورد فيه حديث

- ‌ليلى الغامدي من الباحة تقول أسأل عن هذا الحديث عن أنس رضي الله عنه قال. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (مَنْ صلى علي في يوم ألف مرة لم يمت حتى يرى مقعده من الجنة) هل هذا الحديث صحيح

- ‌أيمن عبد المنعم من مصر يقول سمعت حديثا ينص على أن الصلاة لابد وأن يقابلها متعة من الفرد وسعادة فإن لم يكن كذلك فإن أبواب السماء تغلق لتلك الصلاة هل هذا صحيح

- ‌يقول السائل سمعت حديثاً شريفاً (أن الشهداء خمسة وذكر منهم المبطون) فمن هم الباقون إن كان الحديث صحيحاً وما معنى المبطون

- ‌تقول السائلة أم عبد الرحمن من اليمن هل هذا الكلام من الحديث النبوي: (أبغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما ما وأحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما ما)

- ‌هل إذا نظر شخص إلى سوءة أخيه بدون قصد يكون آثما كما في حديث (مَنْ نظر إلى سوءة أخيه المسلم فهو ملعون)

- ‌السائل يقول في حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو عن ابن عباس باختصار الحديث (جاء علي بن أبي طالب رضي الله عنه وقال للرسول إني تفلت مني القرآن فعلمه الرسول صلى الله عليه وسلم دعاء وصلاة أربع ركعات مخصوصة بقراءة) فذكر هذا الحديث مفصلاً في الكتاب الصغير وروى هذا الحديث الترمذي ورواه الحاكم فهل هذا الحديث صحيح

- ‌سمعت حديثا يقول (من كثر لغطه في مجلس فليقل بعد أن يقوم سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك تغفر خطاياه في ذلك المجلس)

- ‌ما صحة الحديث القدسي التالي يقول قال الله تعالى (إذا أطعت رضيت وإذا رضيت باركت وليس لبركتي نهاية)

- ‌محمد أحمد من الأردن يقول أسأل عن صحة حديث نبوي سمعته من أحد الإخوة قبل أكثر من سنة فقد سمعته يقول بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال (صلاة بعمامة خير من أربعين صلاة بدون عمامة) هل هذا حديث أم لا

- ‌(عفي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) هل هذا حديث وإن كان حديثا فما درجته

- ‌ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم حديث معناه أن (من صلى صلاة الصبح في جماعة وجلس يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين فإن ذلك يعدل حجة وعمرة تامة تامة) هل هذا صحيح

- ‌ما صحة حديث (أول من يفتح باب الجنة أنا وأم اليتيم)

- ‌قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من استطاع الحج ولم يحج فليمت إن شاء يهودياً وإن شاء نصرانياً) مامعنى ذلك

- ‌يقول السائل ما صحة حديث (من تهاون بالصلاة عاقبه الله بخمس عشرة عقوبة)

- ‌ما المراد بقول النبي صلى الله عليه وسلم عن افتراق الأمة (كلهم في النار إلا واحدة) وما هي الواحدة وهل الاثنتان والسبعون فرقة كلهم خالدون في النار

- ‌وجدت في تفسير ابن كثير حديثاً يقول فيه الرسول صلى الله عليه وسلم ما معناه (ستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة) فهل هذا الحديث صحيح وما هي الفرقة الناجية من هذه الفرق الضالة

- ‌سألني أحد الزملاء في العمل عن صحة الحديث هذا نصه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (رجب شهر الله وشعبان شهري ورمضان شهر أمتي) فما مدى صحة هذا الحديث جزاكم الله خيرا

- ‌ما صحة الحديث الذي يقول (من تصبح بسبع تمرات لا يضره سحرٌ ولا سم)

- ‌ما صحة حديث (الساعي على الأرملة والمسكين له أجر شهيد)

- ‌ما صحة حديث (التائب من الذنب كمن لا ذنب له)

- ‌ما صحة الحديث القائل (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد الحديث) وما معنى ذلك مأجورين

- ‌المستمع حمود بن سليمان الجهني من المدينة المنورة يقول فضيلة الشيخ وجدت في أحد الكتب وفي أحد المساجد حديث من أدى فريضة في رمضان فذلك يعادل سبعين فريضة ومن أدى نافلة كمن أدى فريضة وفيما سواه ومن أفطر يوما من رمضان متعمدا لم يقبل منه القضاء ولو صام الدهر كله) وقرأت أن هذا الحديث ضعيف بينما أئمة المساجد يتحدثون بهذا الحديث بأنه صحيح وكذلك في الإذاعة فأرجو من فضيلة الشيخ إجابتي وإرشادي جزاكم الله خيرا

- ‌من جدة المستمع أبو زاهر يقول هل هذا حديث (صوموا تصحوا)

- ‌ماصحة هذا الحديث (رحم الله امرأً عرف قدر نفسه) هل له أصل وهل هو وراد في الأحاديث

- ‌سمعت حديثاً في المذياع (أن أناساً يأتون يوم القيامة بحسنات مثل الجبال فيمحوها الله قيل من هم يا رسول الله قال هم الذين إذا خلو بمحارم الله انتهكوها) فكيف يمكن الجمع بين هذا الحديث وبين الحديث (كل أمتي معافى إلا المجاهرين)

- ‌ما صحة حديث (من شغله القرآن عن مسألة الله أعطاه الله أفضل مما يعطي السائلين)

- ‌ورد في معنى الحديث (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً ومن كل ضيق مخرجاً ورزقه من حيث لا يحتسب) ما صيغة ذلك الاستغفار فضيلة الشيخ

- ‌ماصحة حديث (من كتم علماً ألجمه الله بلجام من نار) نرجو التفصيل وكيف يكون الكتمان

- ‌ما مدى صحةحديث (إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم) وما معناه

- ‌(من شرب الخمر فقد كفر بما أنزل الله تعالى على أنبيائه ومن سلم على شارب الخمر أو صافحه أحبط الله تعالى عمله أربعين سنة) هل هذا حديث

- ‌(إذا كنت في صلاة فدعاك أبوك فأجبه وإن دعتك أمك فأجبها) هل هذا حديث

- ‌م. ع. ج. تقول ما معنى هذا الحديث (اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً واعمل لأخرتك كانك تموت غداً)

- ‌هدى من الطائف تقول فضيلة الشيخ تسأل هل ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم الحديث الشريف (أنت مع من أحببت) وإذا ثبت فكيف نكون مع الأنبياء والشهداء الذين نحبهم وقد فضلوا علينا كثيراً ونحن أقل منهم في العمل وفي الفضل وفي المنزلة بكثير جداً أرجو بهذا توجيهي مأجورين

- ‌مامعنى قول الرسول صلى الله عليه وسلم (فضل العالم على الجاهل يوم القيامة كفضلي على سائر الناس)

- ‌عودة مرعي يعمل بالاتصالات السعودية يقول قرأت في كتاب مختار الأحاديث النبوية تأليف السيد أحمد الهاشمي رحمه الله حديثا رواه ابن ماجه (من باع داراً ولم يجعل ثمنها في مثلها لم يبارك له فيها أو لم يبارك له فيه) السؤال ما صحة هذا الحديث

- ‌ع. ع. ف. من السودان أبو سليم تقول ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه وجد حلقة علم وحلقة ذكر فجلس في حلقة العلم فهل هذا صحيح وإن كان كذلك فكيف كان يذكر أولئك الذين كانوا في حلقة الذكر أو ماذا يقولون والرسول صلى الله عليه وسلم لم يمنعهم ولكنه فضل حلقة العلم وهل يعتبر هذا دليلاً على أن حلق الذكر الجماعي بدعة مع أن الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث إن كان صحيحاً لم ينههم عن ذلك وإنما اجتنبهم

- ‌ماصحة هذا الحديث قال الرسول صلى الله عليه وسلم (من قرأ حم الدخان في ليلة أصبح يستغفر له سبعون ألف ملك)

- ‌هل هناك أحاديث واردة في سورة الواقعة بأنها تفرج عن الفاقة عند قراءتها في كل مساء

- ‌ما صحة الحديث: قال الرسول صلى الله عليه وسلم (من قرأ سورة الواقعة في كل ليلة لم تصبه فاقة أبدا)

- ‌ما صحة هذا الحديث: (ألا أدلكم على كلمة تنجيكم من الشرك تقرؤون قل ياأيها الكافرون عند منامكم)

- ‌ماصحة هذا الحديث قال الرسول صلى الله عليه وسلم (من قرأ قل هو الله أحد ألف مرة فقد اشترى نفسه من الله تعالى)

- ‌عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من قال سبحان الله وبحمده في اليوم مائة مرة حطت خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر) متفق عليه. هل هذا الحديث صحيح ومن هم أصح الرواة في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌ما صحة هذا الحديث (إن الله لا يقبل صلاة رجل مسبل إزاره)

- ‌ما مدى صحة هذا الحديث وما المقصود به (لعن الله الواصلة والمستوصلة إلى آخره) فما المقصود من هذا الحديث وهل يقصد به الشعر المصنوع من الشعر الذي سقط أو الشعر المصنوع من الألفاف وغيرها من المصنوعات

- ‌ما رأي الشرع في نظركم في زواج الشغار وهل الحديث الذي يقول (لا شغار في الإسلام) صحيح

- ‌راشد علي الحربي يقول سمعت حديثاً عن المصطفى صلى الله عليه وسلم قال (أنت ومالك لأبيك) وقد سمعت بأن في هذا الحديث ضعفاً ما صحة هذا يا فضيلة الشيخ

- ‌عصام محمد محمود سليم من العراق محافظة نينوى يقول ماصحة هذا الحديث وما معناه (إذا سجد أحدكم فليضع يديه قبل ركبتيه ولا يبرك بروك البعير)

- ‌من الزبير البصرة ف. أ. ف. يسأل عن هذا الحديث عن ابن عباسٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم تسعة عشر يوماً يقصر الصلاة) فنحن إذا سافرنا تسعة عشر قصرنا وإذا زدنا أتممنا ما صحة هذا الحديث يا فضيلة الشيخ

- ‌فوزي عبد الحميد حسن مصري الجنسية ومقيم بعمان الأردن يقول ما مدى صحة الحديث القائل فيما معناه (من بر الوالدين بعد مماتهما أن تصلى لهما مع صلاتك وأن تصوم لهما مع صيامك)

- ‌من مصر المستمع شريف عبد القادر يقول مامعنى حديث عن عطاء بن يسار رضي الله عنه قال: أتى رجل النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم ثائر الرأس واللحية فأشار إليه صلى الله عليه وسلم كأنه أمره بإصلاح شعره ففعل ثم رجع فقال صلى الله عليه وسلم (أليس هذا خيراً من أن يأتي أحدكم ثائر الرأس كأنه شيطان) أخرجه مالك السؤال ما القصد بهذا الحديث وهل هذا الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم نرجو بهذا إفادة

- ‌من الجزائر ب عثمان يقول ما صحة الحديث (العين حق) وإن كان كذلك فما هو العلاج الذي يسلكه المؤمن لاتقاء العين وكيف تصيب العين الإنسان وإن كان هناك علاج فما هي الطريقة في نظركم مشكورين

- ‌فضيلة الشيخ: الغبطة هل تدخل في الحسد

- ‌خ. و. خ. تقول ماصحة هذا الحديث سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم سؤالاً من وفد اليمن قالوا له نجد في أنفسنا أشياء نتعاظم أن نقولها فقال لهم (ذلك هو الإيمان) فإذا جاءك خاطر يضايقك التفكير منه وتبعده عن ذهنك فهذا هو الإيمان وعليك بالاستمرار بالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم هل هذا الحديث يا فضيلة الشيخ صحيح وما معناه

- ‌عن عثمان بن حنيف رضي الله عنه أن أعمى أتى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (فقال يا رسول الله أدع الله أن يكشف عن بصري قال أو أدعك قال يا رسول إنه قد شق علي ذهاب بصري قال فأنطلق فتوضأ ثم صلى ركعتين ثم قل اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي فيقضي حاجتي وتذكر حاجتك اللهم فشفعه) ما صحة هذا الحديث وما معناه يا فضيلة الشيخ

- ‌ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم والراوي عثمان بن حنيف أن أعمى أتى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال (يا رسول الله ادع الله أن يكشف عن بصري قال أو أدعك قال يا رسول الله إنه قد شق علي ذهاب بصري قال فانطلق فتوضأ ثم صلّ ركعتين ثم قل اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبينا محمدٍ صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي فيقضي حاجتي وتذكر حاجتك اللهم شفعه فيّ) ما صحة هذا مأجورين

- ‌ما معنى هذا الحديث وهل هو صحيح (إن الله سبحانه وتعالى يغضب يوم القيامة غضباً لم يغضب قبله ولن يغضب بعده) لماذا هذا الغضب

- ‌فضيلة الشيخ في كتاب تنبيه الغافلين حديث يقول (من قال لا إله إلا الله من قلبه خالصاً صافياً ومده بالتعظيم كفر الله عنه أربعة آلاف ذنب من الكبائر) هل هذا صحيح

- ‌ما صحة حديث رواه الترمذي والحاكم ومعناه أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه كان ينفلت منه القرآن فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره بذلك فقال الرسول صلى الله عليه وسلم (صلِّ ليلة الجمعة أربعة ركعات تقرأ من الأولى الفاتحة وسورة يس وفي الثانية الفاتحة وسورة الدخان وفي الثالثة الفاتحة والسجدة وفي الرابعة الفاتحة وسورة الملك فإذا فرغت فاحمد الله وصل عليه واذكر هذا الدعاء وذكر دعاءً مطولاً قال الرسول صلى الله عليه وسلم افعل ذلك ثلاث أو خمس أو سبع مرات تجب بإذن الله)

- ‌محمد أبو زهرة مصري يقول عن معقل بن يسار رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (قلب القرآن يس ما قرأها رجلٌ يريد الله والدار الآخرة إلا غفر الله له اقرؤها على موتاكم) ما مدى صحة هذا الحديث فضيلة الشيخ

- ‌يقول سمعت حديثاً من أحد الخطباء قال. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أتعرفون من هم أكثر الناس إيماناً قالوا الملائكة قال وكيف لا يؤمنون وهم عند الله قالوا فهم الأنبياء قال وكيف لا يؤمنون وهم ينزل عليهم الوحي قالوا فنحن قال فكيف لا تؤمنون وبينكم رسول الله قالوا فمن هم قال هم قومٌ يأتون من بعدي يؤمنون بي ولم يروني) فهل هذا الحديث صحيح

- ‌هل صحيح (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا مشى لا يرى له ظل) نرجو بهذا إفادة

- ‌عبد الله العربي من مصر يقول ماصحة القول (إذا ضاقت الصدور فعليكم بزيارة القبور) هل هذا حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وإذا كان حديثاً فنرجو التوضيح له مأجورين

- ‌قال صلى الله عليه وسلم (يغفر الله للشهيد كل ذنبٍ إلا الدَّين) هل معنى هذا الحديث صحيح

- ‌أع س يقول هل هذا الحديث يا فضيلة الشيخ (لعن الله الشارب قبل الطالب) وارد لأنه يتردد على ألسنة كثير من الناس

- ‌عن أنس رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يزل يقنت الصبح حتى فارق الدنيا) ما حكم القنوت في صلاة الصبح وما مدى صحة هذا الحديث افتنوني جزاكم الله خيرا

- ‌السائل إبراهيم ب ع الكويت يقول ما صحة حديث (أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر)

- ‌هذا أخونا السائل إبراهيم أبو حامد يقول في هذا السؤال ما صحة هذه الأحاديث يا فضيلة الشيخ الأول (إن الأمة لا تجتمع على ضلالة)

- ‌ماصحة هذا الحديث (أبغض الحلال إلى الله الطلاق)

- ‌فضيلة الشيخ: يستفسر أيضا عن صحة هذا الحديث (أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بسابع جار)

- ‌السؤال: ما صحة هذاالحديث (إذا شرب اثنين في إناء واحد غفر لهما أو دخلا الجنة)

- ‌ماصحة هذا الحديث (إن الله لا ينظر إلي الصف الأعوج)

- ‌ماصحة هذا الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يدخل الجنة أقوام قلوبهم وأفئدتهم مثل أفئدة الطير) وما معنى هذا الحديث بالتفصيل

- ‌ما معنى هذا الحديث ومدى صحته عن عبد الله بن أبي قتادة قال دخل علي أبي وأنا أغتسل يوم الجمعة فقال غسلك هذا من جنابة أو للجمعة قلت من جنابة قال أعد غسلاً آخر إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (من اغتسل يوم الجمعة كان في طهارة إلى الجمعة الأخرى) رواه الطبراني في الأوسط

- ‌ما صحة هذا الحديث (عمرة في رمضان تعدل حجة معي)

- ‌أصول الفقه

- ‌المستمع عثمان محمد عبد الله سوداني يقول لقد ظهرت عندنا في السودان دعوات كثيرة منها الدعوة إلى تجديد الفقه الإسلامي كيف يكون ذلك التجديد

- ‌محمد مصري مقيم بالرياض يقول ما الفرق بين الجائز والحلال

- ‌نجيب أحمد يقول البعض يقول بأن السنة يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها هل هذا صحيح وهل إذا ترك الشخص سنة من السنن المؤكدة يعاقب عليها أم أنه حرم نفسه الأجر العظيم

- ‌هل كل ما كان يفعله الرسول صلى الله عليه وسلم يعتبر من السنة ويثاب على فعله المسلم أقصد الأمور الخصوصية

- ‌ع م ف الرويلي يقول في رسالته وبعد أبعث لكم هذه الرسالة وأقول لكم فيها إن لي خالة متزوجة وبعد أنها مخلوعة الشعور -يقصد بها جنون تقريباً- وبعده ذهبت مع زوجها وزوجها أخذها وهي كمثل ما أقول لكم وبعد أنها أحرقت نفسها أهل عليها خطأ من هذا الحرق أم لا وهل هي من أصحاب الجنة أو النار أفيدونا أفادكم الله عن هذا الأمر ولكم جزيل الشكر

- ‌السائل مصري يقول ما هي أنواع الإكراه التي رخص الله لعباده عند وقوعها وما الفرق بين أُكره واستُكره مأجورين

- ‌المستمع ص. من محافظة قنا مركز نقاوة جمهورية مصر العربية يقول ما هي الضرورات الخمس التي أمرنا الشارع الحكيم بالحفاظ عليها

- ‌الأخ السائل س ص ع من الرياض يقول أرجو تفسير هذه العبارة الضرورات تبيح المحظورات

- ‌كيف نحكم على نواهي النبي صلى الله عليه وسلم بأنها نواهي تحريم أو نواهي كراهية

- ‌بعض الناس يقولون بأن الواجب موجود فقط في القرآن وأن ما قاله الرسول سنة فقط ليست إلزامية فماذا نرد على مثل هؤلاء

- ‌هناك بعض الأمور التي سنها الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يؤكد عليها فهل يجوز لنا العمل بها

- ‌نسمع من العلماء عبارة العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ما معنى ذلك وما الدليل عليها جزاكم الله خيرا

- ‌يقول بعض علماء الأصول من موانع اعتبار الدليل - مفهوم المخالفة- ولذلك يقدمون المنطوق من الآيات والأحاديث على المفهوم منها عند التعارض فهل لقاعدتهم هذه نص ينص عليها من الكتاب والسنة أم لا؟ وإذا لم يكن لها نص من الكتاب والسنة فما حكم هؤلاء في الإسلام لأنهم يرفضون بشدة حكم المفهوم من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية إذا تعارض مع المنطوق فمثلاً يرفضون حكم ما تضمنته آية المائدة وهي قوله تعالى (وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ) بدعوى أنها مفهوم ويأخذون ما تضمنته آية الأنعام وهو قوله تعالى (فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ) ويحتجون بهذه الآيات ونحوها بتحليل ذبحية كل من في الأرض جميعاً إذا ذكر الله عند ذبح الذبيحة وإن كان الذابح وثنياً أو مرتداً أجيبونا بارك الله فيكم عن هذا الموضوع

- ‌نقرأ كثيراً في كتب التفاسير عن الحرف الزائد في القرآن مثل ليس كمثله شيء وهو السميع البصير فيقولون بأن الكاف زائدة قال لي أحد الإخوة ليس في القرآن شيء اسمه زائد أو ناقص أو مجاز فإن كان الأمر كذلك فما القول في قوله تعالى (واسأل القرية) (وأشربوا في قلوبهم العجل)

- ‌ح. س. س. من الظهران يقول ما المقصود بقاعدة الاستصحاب ومتى يؤخذ بها وهل يلزمني الأخذ بها أم أنا مخير

- ‌تقول السائلة هل يحتج بالقاعدة التي تقول المعروف عرفا كالمشروط شرطا

- ‌ما المراد بتعبير بعض العلماء بقولهم هذا معلوم بالضرورة من الدين

- ‌ما المراد بقاعدة المشقة تجلب التيسير

- ‌سيد حسن سيد يوسف من العراق محافظة قضاء زاهون ناحية العلا يقول من المجتهد وما هي شروط الاجتهاد وهل يكفي للعالم مثلا أن يدعي الاجتهاد بمجرد مطالعته للكتب واستنباط ما يحتاجه منها أم لا

- ‌المهندس أبو محمد س. م. من إيران طهران بعث برسالة يقول نقرأ في بعض الكتب أن لأحمد بن حنبل في المسألة الفلانية قولين أو ثلاثة فلا أدري هل يعني ذلك أن هذه الأقوال هي عدة آراء رآها الإمام أحمد ولم يترجح عنده أحدها أم أنها آراء قد نسخ اللاحق منها السابق أم ماذا نرجو بيان ذلك

- ‌عبد الله يقول بعض الأخوة يقول بأنه لا تجوز المذهبية أي تقليد أحد المذاهب الأربعة وإنما العمل بالدليل لكن ذلك يجعلني أتساءل دائماً لقد كانت منابع هؤلاء الأئمة الكتاب والسنة والسؤال هل يجوز تقليد أي مذهب من المذاهب الأربعة دون التعصب لها مع العلم أني لست عالماً ولا طالب علم

- ‌من باكستان يقول ما هو التقليد وما هو الاجتهاد وهل التقليد كان موجوداً في زمن الصحابة والتابعين فيقلد بعضهم بعضا أم لا

- ‌علي إبراهيم من الرياض يقول ما هي شروط الاجتهاد ومن هو المقلد

- ‌هل هناك شروط للمجتهد أو للاجتهاد

- ‌أبو ساطع الحديثي من العراق محافظة الأنبار يقول إن هناك عدة مذاهب في الإسلام منها المذهب الشافعي والمذهب الحنبلي والمذهب الحنفي والمذهب المالكي ويقال إنه في بعض مذاهب أخرى هل تلك المذاهب كانت موجودة في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌هل من الواجب على المسلم أن يعتنق مذهباً معيناً من هذه المذاهب

- ‌ما حكم تقليد مذهب من المذاهب الأربعة

- ‌هل العوام غير العالمين بالمذاهب ملزمون باتباع مذهب معين من المذاهب الأربعة وما هو المذهب الذي تحبذون اتباعه وجزاكم الله عنا خير الجزاء

- ‌ما حكم الإفتاء إذا علمت فتوى السؤال من شيخ من كبار العلماء

- ‌حامد إبراهيم بالرياض يقول إذا أفتى الإنسان فتوى لأحدٍ من الناس ثم ذهب هذا المفتي وبعد حين من الزمن راجع هذا المفتي أقوال أهل العلم فوجد فتواه خطأ فماذا يعمل وهل عليه اثم نرجو الافادة بهذا

- ‌ما هي الشروط التي يجب أن تتوفر في المفتي

- ‌كنت أجلس في أحد المجالس وسمعت أختين لا أعرفهما تسأل إحداهما الأخرى عن حكم شرعي فأجابتها بأنها لا تعلم عن الحكم وكانت هذه المرأة قد سمعت حكم هذا الأمر من أحد العلماء في برنامج نور على الدرب فهل تقول أخبرها رغم أنها لم توجه لها السؤال

- ‌صالح سلمان من السودان يقول لقد شاع في هذا الزمان التسرع بالفتوى من غير علم ولا بصيرة فما حكم الشرع في نظركم في مثل هذا الموضوع

- ‌المستمع من جمهورية مصر العربية رمز لاسمه بـ م ل م يقول هناك ممن ينتسبون إلى العلم يفتي بدون دليل فإن طولب بالدليل غضب وثار وقال هل أفني عمري في البحث عن الأدلة ومن العجب أنه علم تلاميذه ومريديه عبارة غريبة فحواها بأن العالم لا يسأل عن الدليل ما الحكم في مقولة هذا الذي ينتسب إلى العلم وما الحكم أيضاً في فتواه وأيضاً غضبه من طلب الدليل وما الحكم في مقولة تلاميذه ومريديه من أن العالم لا يسأل عن الدليل ثم ما الحكم في استفتاء من حاله كهذا أفيدونا في هذا الأمر الخطير جزاكم الله عنا خير الجزاء على أن تكون الإجابة مشفوعة بالأدلة

- ‌فضيلة الشيخ محمد حقيقة في حلقة سابقة استمعنا إلى سؤال عن أحد الأشخاص الذي أدى العمرة وقد أفتاه مجموعة من الإخوان ما بين فدية وقال آخر تحرم من التنعيم تسرع بعض الناس في الفتوى فضيلة الشيخ هل لكم تعليق عليه

- ‌أحسن الله إليكم من الأردن هذا شاب يقول أنا شاب في العشرين من عمري ترك والدي رحمه الله مبلغا من المال فاشترى أخي الكبير بالمال أراضي وقام بتسجيل الأراضي التي قمنا بشرائها باسم الأخوة الذكور فقط وأضاف مبلغ عليه وأنا الآن أريد هذه الحصة نقدا ولا أريد هذه الأرض أفتونا يا فضيلة الشيخ في ذلك مأجورين

- ‌أحسن الله إليكم وبارك فيكم هذا السائل من الرياض أ. أ. يقول لدينا أحد الزملاء يفتي الزملاء في العمل في كل صغيرة وكبيرة ونعلم خطورة الفتوى بغير علم فحدثونا عن خطر ذلك مأجورين

- ‌بارك الله فيكم هذا السائل أحمد حسين يقول إذا سئل المسلم عن شيءٍ يعرفه في أمور الدين وهو ليس متفقهاً في أمور الدين فهل يجب عليه أن يخبره بهذا الشيء وإذا كان المسئول يعمل هذا العمل فهل يحرم عليه أن يخبر غيره بهذا الشيء أم أنه يظل صامتاً

- ‌سمعت من بعض الناس أن علماء آخر الزمان يتوسعون في الدين أي يبيحون كُلّ شيء بحيث إنهم يقولون إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تأخذوا من علماء آخر الزمان فهم يضلونكم هل هذا حديث صحيح

- ‌هل من توجيه لأولئك الذين يفتون دون علم

- ‌هل من نصيحة إلى من يتصدر للفتيا من دون علم وقد يوقع غيره في الخطأ

الفصل: ‌السؤال: ما صحة هذاالحديث (إذا شرب اثنين في إناء واحد غفر لهما أو دخلا الجنة)

‌السؤال: ما هي شروط الحديث الصحيح

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الحديث الصحيح هو ما جمع خمسة شروط:

الشرط الأول: أن يكون الناقل له عدلاً أي عدلاً في دينه ليس بفاسق.

الثاني: أن يكون ضابطاً ضبطاً تاماً بحيث لا يخطئ في التحمل ولا في الأداء والنادر لا حكم له يعني والخطأ النادر لا حكم له.

الشرط الثالث: أن يكون السند متصلاً بحيث يرويه التلميذ عن شيخه مباشرة.

الرابع: أن يكون الحديث غير معلل أي ليس فيه علة تقدح فيه لا في سنده ولا في متنه.

الخامس: أن لا يكون شاذاً لا في سنده ولا في متنه فإذا تمت هذه الشروط كان صحيحاً مقبولاً يعمل به وإذا اختل شرط منها نزل عن درجة الصحة وإذا نزل عن درجة الصحة فهو درجات منه الحسن لذاته والحسن لغيره والصحيح لغيره والضعيف والموضوع والمرسل والمنقطع والمعضل وهذا معروف في علم المصطلح والذي يهمنا أن نعرف شروط الصحيح وهي خمسة كما ذكرته آنفاً.

***

ص: 2

‌حامد بن إبراهيم من هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يقول هل يأثم الإنسان إذا لم يعمل بالأحاديث التي انفرد بروايتها شخص واحد

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا سؤال عائم في الحقيقة لأن الحديث الصحيح هو الذي رواه عدل بسند متصل غير معلل ولا شاذ فالحديث الصحيح إذا تمت فيه شروط الصحة ولو كان من طريق واحد فإنه يجب العمل بمقتضاه سواء في الأمور العملية أو في الأمور العلمية لا فرق بين هذا وهذا على ما مشى عليه أهل السنة والجماعة وكذلك الحديث الحسن يعمل به أيضاً لأن الحديث الحسن ليس بينه وبين الحديث الصحيح إلا فرق خفيف جداً وهو أن راويه لا يكون تام الضبط فيكون عنده ضبط لكنه ليس تاماً وهو من الأحاديث المقبولة التي يعمل بها وينبغي أن تعلم أن القاعدة العامة أن كل ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم فإنه معمول به سواء جاء عن طريق واحد أو من طريقين أو من ثلاثة أو أكثر.

***

ص: 2

‌الأحاديث الموقوفة هل يعمل بها وأيضاً الأحاديث المقطوعة هل تعتبر من الضعيفة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الأحاديث الموقوفة هي المنسوبة إلى الصحابي لا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والعمل بها يتوقف على العمل بقول الصحابي فمن أهل العلم من قال إن أقوال الصحابة حجة يؤخذ بها ومنهم من قال إنها ليست بحجة وأن الحجة في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وإجماع الأمة ومن الناس من فصل وقال إذا كان الصحابي ممن عرف بالعلم والفقه فقوله حجة وإن لم يكن كذلك فقوله ليس بحجة وهذا أعدل الأقوال وأوسط الأقوال وأصح الأقوال وأما المقطوع فالمقطوع ما نسب إلى التابعي فمن بعده وليس بحجة حتى وإن صح سنده لأن قول التابعي ليس بحجة فإن التابعين كغيرهم من علماء هذه الأمة يؤخذ من أقوالهم ويترك.

***

ص: 2

‌ن س تقول من هو المدلس وما هي الأسباب التي تحمل المدلس على التدليس

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: المدلس هو الذي يظهر الشيء بمظهر مرغوب فيه وليس كذلك مثل أن يلمع سيارته لتبدو للمشتري وكأنها جديدة أو أن يشطب بيته لإزالة ما فيه من الشقوق والانهيار ليظهر للناس أنه جديد وما أشبه ذلك وهذا من الغش الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم بل الذي تبرأ من فاعله كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (من غشنا فليس منا) وإن كانت السائلة تريد بالمدلس المدلس في علم الحديث فهو لا يخرج عن المعنى الذي ذكرناه وهو إظهار الشيء بصفة تستلزم قبوله فإن المدلس في الحديث هو الذي يروي عن شخص لم يتلق منه الحديث مباشرة بصيغة تحتمل اللقي مثل أن يقول عن فلان، وفلان لم يحدثه به لكن رواه عنه بواسطة فيظهر للناس أن هذا الإسناد متصل لأن صيغته الظاهرة تقتضي هكذا وهو لم يتصل وقد ذكر أهل العلم أن المعروفين بالتدليس لا تقبل منهم الأحاديث المعنعنة إلا إذا صرحوا بالتحديث أي إلا إذا قال هذا المدلس عمّن روى عنه حدثني فلان أو سمعت فلاناً أو ما أشبه ذلك ففي هذه الحال يقبل إذا كان ثقة أي إذا لم يكن سبب الرد فيه شيء سوى التدليس.

***

ص: 2

‌إذا قرأت في كتب السنة أجد فيها أحاديث صحيحة وضعيفة وموضوعة فهل يجوز الاستدلال بها والعمل بها أم لا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: السنة كما قال الأخ المنسوب إليها ينقسم ثلاثة أقسام صحيح وحسن وضعيف والرابع الموضوع أما الصحيح والحسن فإنه يستدل بهما ويؤخذ بهما أي بما دلا عليه من أحكام ويصدق ما فيهما من أخبار وأما الضعيف فإن جبر بكثرة طرقه والشواهد فإنه يكون حسناً لغيره فيلحق بالحسن ويعتد به وإن لم ينجبر بذلك فإنه ليس بحجة لكن قد استشهد به بعض العلماء في فضائل الأعمال أو في الزواجر عن النواهي بثلاثة شروط:

الأول أن يكون له أصلٌ صحيح يشهد له.

والثاني أن لا يكون الضعف شديداً.

والثالث أن لا يعتقد صحته عن النبي صلى الله عليه سلم أي أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله مثال ذلك لو ورد حديثٌ فيه فضلٌ لصلاة الجماعة وهو ضعيف لكنه تنطبق عليه الشروط الثلاثة التي ذكرنا فإن هذا يمكن الاستشهاد به لأن صلاة الجماعة واجبة وأصل الفضل فيها ثابت فإذا تمت الشروط الثلاثة فالأصل هنا موجود فإذا وجد الشرطان الآخران وهما أن لا يكون الضعف شديداً وأن لا يعتقد صحته عن النبي صلى الله عليه سلم جاز الاستشهاد به.

وأما الموضوع وهو القسم الرابع فإنه لا يجوز نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم بأي حالٍ من الأحوال بل ولا يجوز ذكره إلا مبيناً أو إلا مقروناً ببيان وضعه حتى لا يغتر الناس به وكذلك الضعيف الذي ذكرنا آنفاً لا يجوز ذكره إلا مقروناً ببيان ضعفه حتى وإن قلنا بأنه يجوز الاستشهاد به فلا بد من بيان ضعفه

***

ص: 2

‌ما حكم الاستدلال بالأحاديث الضعيفة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا يجوز الاستدلال بالأحاديث الضعيفة ولا يجوز سوقها على أنها حجة حتى ولو كان في فضائل الأعمال أو في العقاب على سيئ الأعمال إلا إذا ذكرها في الفضائل والترغيب في الخير أو في التحذير من الشر إذا ذكرها مبيناً ضعفها لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال (من حدث عني بحديثٍ كذب يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين) وقد ثبت عنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال (من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار) وقد رخص بعض أهل العلم بجواز رواية الحديث الضعيف لكن بشروطٍ ثلاثة:

الشرط الأول أن لا يكون الضعف شديداً.

والشرط الثاني أن يكون له أصلٌ ثابت.

والشرط الثالث أن لا يعتقد أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قاله فعلى هذا فيرويه بقول يروى عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أو يذكر عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أو ما أشبه ذلك وهذه الشروط محترزاتها أن نقول إذا كان الضعف شديداً فإنه لا تجوز روايته ولا ذكره وإذا لم يكن له أصل فإنه لا تجوز روايته ولا ذكره ومعنى أن يكون له أصل أن يأتي حديثٌ ضعيف في فضيلة صلاة الجماعة مثلاً وكثرة ثوابها وهذا له أصل وهو أن صلاة الجماعة مشروعة وواجبة فإذا وجد حديث فيه زيادة الترغيب وزيادة الأجر فهذا نستفيد منه أن نحرص على هذه الصلاة ونرجو الثواب الذي ذكر في هذا الحديث وهذا لا يؤثر على أعمالنا الصالحة لأن النفس ترجو بدون قطع أما إذا لم يكن له أصلٌ ثابت فإنه لا يجوز ذكره إطلاقاً ولا روايته وأما الشرط الثالث أن لا يعتقد أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قاله فلأنه ضعيف ولا يجوز أن يعتقد أن الرسول قاله وهو ضعيف لا يصح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأن ذلك نوعٌ من الكذب عليه وقد قال الله تعالى (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤولاً) لكن لو اشتهر حديثٌ ضعيف بين الناس فالواجب على الإنسان العالم بضعفه أن يذكره بين الناس ويبين أنه ضعيف لئلا يغتروا به. ويوجد الآن أحياناً منشورات تتضمن أحاديث ضعيفة وقصصاً لا أصل لها ثم تنشر بين العامة وإني أقول لمن نشرها أو أعان على نشرها إنه آثمٌ بذلك حيث يضل عن سبيل الله يضل عباد الله بهذه الأحاديث المكذوبة الموضوعة أحياناً يكون الحديث موضوعاً ليس ضعيفاً فقط ثم تجد بعض الجهال يريدون الخير فيظنون أن نشر هذا من الأشياء التي تحذر الناس وتخوفهم مما جاء فيه من التحذير أو التخويف وهو لا يدري أن الأمر خطير وأن تخويف الناس بما لا أصل له حرام لأنه من الترويع بلا حق أو يكون فيه الترغيب في شيء وهو لا يصح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بل هو موضوع هذا أيضاً محرم لأن الناس يعتقدون أن هذا ثابت فيحتسبونه على الله عز وجل وهو ليس كذلك فليحذر هؤلاء الذين ينشرون هذه المنشورات من أن يكونوا ممن افتروا على الله كذباً ليضلوا الناس بغير علم وليعلموا أن الله لا يهدي القوم الظالمين وأن هذا ظلمٌ منهم أن ينشروا لعباد الله ما لا يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم

***

ص: 2

‌يقول هل يستدل بالأحاديث الضعيفة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الأحاديث الضعيفة لا يستدل بها ولا يجوز أن تنسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا على وجه يبين فيه أنها ضعيفة ومن حدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار) فلا يجوز العمل بالحديث الضعيف لكن بعض أهل العلم رخص في ذكر الحديث الضعيف بشروط ثلاثة:

الشرط الأول ألا يكون ضعفه شديداً.

والشرط الثاني أن يكون له أصل.

والشرط الثالث أن لا يعتقد أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله فإن كان الضعف شديداً فإنه لا يجوز ذكر الضعيف أبداً إلا أذا كان الإنسان يريد أن يبين ضعفه وإذا كان ليس له أصل فإنه لا يجوز ذكره أيضاً مثال الذي له أصل أن يأتي حديث في فضل صلاة الجماعة مثلاً وهو ضعيف فلا حرج من ذكره هنا للترغيب في صلاة الجماعة لأنه يرغب في صلاة الجماعة ولا يضر لأنه إن كان صحيحاً فقد نال الثواب المرتب عليه وإن لم يكن صحيحاً فقد استعان به على طاعة الله لكن مع ذلك يأتي الشرط الثالث أن لا تعتقد أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله ولكن ترجو أن يكون قاله من أجل ما ذكر فيه من الثواب على أن بعض أهل العلم قال إن الحديث الضعيف لا يجوز ذكره مطلقاً إلا مقروناً ببيان ضعفه وهذا القول لا شك أنه أحوط وأسلم للذمة ومسألة الترغيب والترهيب يكفي فيها الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

***

ص: 2

‌إذا كان هناك حديث ضعيف عن الرسول صلى الله عليه وسلم فهل يجوز الأخذ به إذا لم يكن مخالفاً للقرآن

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا يجوز الأخذ بالحديث الضعيف لأنه إذا أخذ الإنسان بحديث ضعيف فمعنى ذلك أنه ينسب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ما لم يثبت عنه وهذا على خطر عظيم لكن رخص بعض أهل العلم في رواية الحديث الضعيف إذا كان في فضائل الأعمال إلا أنهم اشترطوا لذلك ثلاثة شروط:

الشرط الأول ألا يكون الضعف شديداً.

والشرط الثاني أن يكون لهذا الحديث أصل.

والشرط الثالث ألا يعتقد أن الرسول صلى الله عليه وسلم قاله ومعنى قولهم له أصل أن يكون هذا الحديث ورد في فضل صلاة الجماعة مثلاً فهذا له أصل فمشروعية صلاة الجماعة ثابتة فإذا جاء حديث ضعيف في فضلها والثناء على من فعلها فبعض العلماء يرخص في روايته ولكن بشرط ألا يعتقد أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله أما لو كان دليلا على إثبات حكم شرعي مستقل فإن هذا لا يجوز روايته ولا نشره.

***

ص: 2

‌من فهد السويف يقول كيف يمكن أن نفرق بين الحديث الصحيح المروي عن النبي صلى الله عليه وسلم وغير الصحيح

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: يمكن أن نفرق بينهما بما ذكره أهل العلم فإن أهل العلم رحمهم الله بينوا الصحيح من الضعيف

ويمكن أن نقرأ في الكتب المعروفة بالصحة كصحيح البخاري ومسلم والجمع بين الصحيحين للحميدي وغيرها من الكتب المعروفة بالصحة

ويمكن أيضاً أن نعرف ذلك بتتبع هذا الحديث ومعرفة رجاله وإسناده ومتنه فإذا كان عند الإنسان قدرة على هذا فيمكن أن يعرف الصحيح من الحديث الضعيف وإذا لم يكن له قدرة فيقلد في هذا أهل العلم في هذا الفن.

***

ص: 2

‌كيف يعرف الإنسان الأحاديث الصحيحة من الموضوعة وهل هناك كتب توضح الأحاديث الموضوعة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الرجوع في هذا إلى أهل العلم المختصين الذين اعتنوا بالأحاديث وميزوا صحيحها من ضعيفها كما أننا نرجع في المرض إلى الطبيب المختص فمن كان مريضا في بطنه لا نعرضه على من كان طبيبا في الأعصاب والعظام بل على من كان طبيبا في البطون وما أشبه ذلك وقد بين العلماء والحمد لله ذلك وأبدوا فيه مجهودا كبيرا نسأل الله أن يثيبهم عليه وهناك كتب صنفت في الموضوعات فقط مثل الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة للشوكاني رحمه الله وغيرها مما لا أعلمه فليبحث عن ذلك.

***

ص: 2

‌عندنا إمام مسجد لا يستدل إلا بالأحاديث التي رواها الشيخان فقط فهل هذا صحيح يا فضيلة الشيخ

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الصحيح أن كل ما صح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فهو حجة سواء كان من الصحيحين أو من غيرهما والصحيحان لم يستوعبا جميع الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بل هناك أحاديث صحيحة ليست في الصحيحين ولا في أحدهما وقد قبلها الناس وصححوها وعملوا بها واعتقدوا بمقتضاها فيقال لهذا الرجل لماذا كنت تحتج بما رواه الشيخان البخاري ومسلم دون غيرهما فإذا قال لأن كتابيهما أصح الكتب قلنا إذا المدار على الصحة فأي كتاب كان فيه حديث صحيح فإنه يجب عليك أن تقبله.

***

ص: 2

‌ما الكتاب الذي يحمل أحاديث كثيرة وتنصحونني به أو بامتلاكه

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الكتب في ذلك مختلفة متنوعة وكل منها يبحث في موضوع معين ولكن من خير ما نعلم لها ولأمثالها رياض الصالحين الذي ألفه النووي رحمه الله.

***

ص: 2

‌هل يجوز استخدام التجويد في غير القرآن كقراءة أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وغيرها

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: ذكر بعض المتأخرين في تفسير قوله تعالى (وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَاب) ذكر بعض المتأخرين أن من ذلك أن يتلو الإنسان غير القرآن على صفة تلاوة القرآن مثل أن نقرأ الأحاديث أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم كقراءة القرآن أويقرأ كلام أهل العلم كقراءة القرآن وعلى هذا فلا يجوز للإنسان أن يترنم بكلامٍ غير القرآن على صفة ما يقرأ به القرآن لا سيما عند العامة الذين لا يفرقون بين القرآن وغيره إلا بالنغمات والتلاوة.

***

ص: 2

‌هل جائز أن تقول صدق الله العظيم على أقوال محمد صلى الله عليه وسلم لأنه وحيٌ يوحى

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الأفضل أن نقول صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن هذا الكلام الذي تكلم به النبي صلى الله عليه وسلم ليس كلام الله وإن كان وحياً يُوحى والسنة كما يُعلم من التتبع والاستقراء منها وحيٌ ومنها اجتهاد منها وحيٌ يوحى إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومنها اجتهادٌ يجتهد فيه ثم ينزل القرآن مقرراً له أو مبيناً للصواب ثم إن ختم كلام الرسول صلى الله عليه وسلم أو خَتم كلام الله تعالى بصدق الله العظيم هو من الأمور المحدثة التي لم تكن معروفةً في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد السلف الصالح نعم إذا وقع أمرٌ مصدقٌ لما أخبر الله به ورسوله فحينئذٍ تقول صدق الله مثل أن ترى تعلقك بأولادك أو يصيبك شيء منهم من الفتنة عن دين الله يلهونك عنه ويصدونك تقول صدق الله العظيم إنما أموالكم أولادكم فتنة أو ما أشبه ذلك مما ينزل مصداقاً لكلام الله فتقول صدق الله وكذلك ما يكون أو ما يقع مصداقاً لكلام الرسول صلى الله عليه وسلم فتقول صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد كان كذا وكذا وأما أن تقول صدق رسول الله أو صدق الله كلما ختمت كلام الله أو كلام رسوله فهذا ليس من السنة بل هو من الأمور المحدثة.

***

ص: 2

‌هل يجوز للإنسان المسلم المتفقه في دينه أن يلقي المواعظ، ولكن يقول الحديث مثلاً ليس بنصه، وهل يكون عليه إثم في ذلك

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الذي يذكره معناه أنه يريد أن يروي الحديث بالمعنى ورواية الحديث المعنى اختلف فيها علماء الحديث هل هي جائزة أم لا؟ فمنهم من يرى أنها جائزة بشرط أن يكون الإنسان المتحدث عارفاً بالمعنى، وأن ما نقله بمعناه لم يتغير شيء منه، وشرط آخر أن يستوعب من الحديث ما يجب استيعابه بحيث لا يحذف منه شيئاً يتعلق بما ذكره، فإذا كان عارف بالمعنى واستوعب الحديث على وجه لا خلل فيه فالصحيح أنه جائز، الصحيح أنه جائز لكن ينبغي أن يختمه بقوله أو كما قال صلى الله عليه وسلم حتى لا يحفظه أحداً بلفظه ظاناً أنه لفظ الحديث عن الرسول عليه الصلاة والسلام.

***

ص: 2

‌هل يجب علينا أن نحفظ الأحاديث عن ظهر قلب وكيف ذلك

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا يجب على الإنسان أن يحفظ الأحاديث عن ظهر قلب ولكن يجب على الإنسان أن يتعلم من العلم ما يحتاجه إليه في عباداته ومعاملاته سواء من القرآن أو من السنة أو مما كتبه أهل العلم مستنبطا من الكتاب والسنة.

***

ص: 2

‌شروح الأحاديث والحكم عليها

ص: 2

‌س. ع. س. سوداني مقيم بالمدينة المنورة يقول عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه) ولقد هاجرت إلى المملكة العربية السعودية طلباً للرزق والآن أكملت هنا مدة سنة فهل يصح لي أن أحج أو أنا من الذين ينطبق عليهم هذا الحديث إذا لم يكن كذلك فما معناه إذاً

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: معنى الحديث (من كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه) معناه أن المهاجر المسلم وهو الذي خرج من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام لا يخلو من حالين إما أن يكون غرضه بذلك إقامة دينه على الوجه الذي يرضي الله ورسوله فهذا مهاجر إلى الله ورسوله وله ما نوى وإما أن يكون مهاجراً إلى أمور دنيوية كامرأة يتزوجها أو دار يسكنها أو مال يحصله أو ما أشبه ذلك فهذا هجرته إلى ما هاجر إليه وأما أنت فإنك لم تهاجر الهجرة الشرعية المرادة في هذا الحديث لأنك قدمت من بلد إسلامي إلى بلد إسلامي وغاية ما هنالك أن يقال إنك سافرت لطلب الرزق والسفر لطلب الرزق لا يسمى هجرة قال الله تبارك وتعالى (عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) فأنت من القسم الثاني في هذه الآية من الذين يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله وعلى هذا فليس عليك شيء فيما كسبت ويجوز لك أن تحج منه وأن تتصدق منه وأن تبني منه مساجد وتشتري به كتبا نافعة تنفع المسلمين بها.

***

ص: 2

‌من ليبيا مفتاح علي يقول هناك البعض من الناس يحتج بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم القائل (إنما الأعمال بالنيات) في بعض الأمور ومنها سلام المرأة على الرجل أفيدونا أفادكم الله

فأجاب رحمه الله تعالى: استدلال الإنسان بقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (إنما الأعمال بالنيات) على فعل الشيء المحرم استدلالٌ باطل لأن هذا الحديث ميزانٌ لأعمال القلوب أي لما في القلب وأما العمل الظاهر فميزانه حديث عائشة رضي الله عنها الثابت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) أي مردودٌ باطل فعلى هذا فإذا كان العمل حراماً فإنه حرام سواء أراد به الإنسان خيراً أم لم يرد به خيراً ومصافحة المرأة الأجنبية إذا قال المصافح أنا أصافحها من أجل تأليف القلوب ومحبة المؤمنين بعضهم ببعض وليس عندي نية في أن أقصد شيئاً آخر قلنا له لكن هذا العمل نفسه حرام لا يجوز لك مصافحة المرأة الأجنبية ولا بحسن نية كما أن الإنسان لو أراد أن يتعبد لله تعالى بصلاةٍ أو غيرها مما لم ترد به الشريعة وقال: أنا لا أريد مخالفة الشريعة ولا إحداث شيء في شريعة الله ولكني أريد أن يزداد إيمان قلبي وأن يزداد عملي نقول هذا أيضاً لا يجوز لأن الأعمال الظاهرة لها ميزانٌ آخر غير الأعمال الباطنة فحديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئٍ ما نوى) هذا باعتبار عمل القلب وهو أمرٌ باطن لا يعلمه إلا الله تعالى وقول عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) هذا ميزانٌ للأعمال الظاهرة فإذا كان العمل الظاهر حراماً صار حراماً وإن نوى به الإنسان نيةً طيبة وعلى هذا لا يجوز للإنسان أن يصافح المرأة الأجنبية منه بأي حالٍ من الأحوال حتى لو صافحها من وراء حائل كالقفازين أو طرف الخمار أو ما أشبه ذلك فإنه لا يجوز له هذا.

***

ص: 2

‌قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن الله جميل يحب الجمال) وقال صلى الله عليه وسلم في حديث معناه (إن الله تعالى يحب أن يرى أثر نعمته على عبده) وقد قرأت سير بعض الصحابة في الكتب المدرسية وتعلمت من زهدهم وورعهم رضي الله عنهم وأرضاهم وتقشفهم في المأكل والملبس مع غناهم وكثرة أموالهم حتى أن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه يلبس من الملابس التي تماثل ملابس صبيانه وغلمانه الذين يعملون عنده والسؤال هل في ذلك ما يعارض مفهوم الحديثين السابقين وهل على الغني الموسر أن يكون مظهره مناسباً لحالته المادية أم أن عليه أن يلبس ويسكن ويأكل ما شاء في حدود الشرع الإسلامي بدون سرف ولا مخيلة وما معنى الأمر بالتحدث بالنعم في قوله تعالى (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ)

.

فأجاب رحمه الله تعالى: الحديث الأول (إن الله جميل يحب الجمال) قاله النبي صلى الله عليه وسلم لما قال الناس إن الرجل يحب أن يكون نعله حسناً وثوبه حسناً فقال النبي صلى الله عليه وسلم (إن الله جميل يحب الجمال) أي يحب التجمل في اللباس في النعال في الثوب في الغترة في المشلح لأن هذا من إظهار آثار نعمة الله وهو يوافق الحديث الذي ذكره وهو أن الله إذا أنعم على العبد نعمة يحب أن يرى أثر نعمته عليه وأثر النعمة بحسب النعمة فنعمة المال أثرها أن يكثر الإنسان من التصدق ومن نفع الخلق وكذلك أن يلبس ما يليق به من الثياب حتى أن بعض العلماء قال إن الرجل الغني إذا لبس لباس الفقراء فإنه يعد من لباس الشهرة ولكن قد تدعو الحاجة أو قد تكون المصلحة في أن يلبس الإنسان لباس الفقراء إذا كان عائشاً في وسط فقير وأحب أن يلبس مثلهم لئلا تنكسر قلوبهم فإنه في هذه الحال قد يثاب على هذه النية ويعطى الأجر على حسب نيته وأما قوله تعالى (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) فالمراد أن الإنسان يتحدث بنعمة الله سبحانه وتعالى عليه لإظهار فضل الله سبحانه وتعالى عليه وأن ما حصل من هذه النعمة ليس بحوله وبقوته ولكنه بنعمة الله ومنته والتحدث بالنعمة يكون بالقول وبالفعل يكون بالقول بأن يقول للناس مثلاً في المناسبة إن الله تعالى قد أعطاني المال بعد أن كنت فقيراً وقد أعطاني الأولاد بعد أن كنت وحيداً وما أشبه ذلك وقد هداني الله بعد أن كنت على غير هدى والتحدث بالفعل أن يفعل ما يدل على هذه النعمة إذا كان عالماً يعلم الناس إذا كان غنياً ينفع الناس بماله إذا كان قوياً ينفع الناس بدفعه عنهم ما يؤذيهم بحسب الحال وأما ما ذكره عن بعض الصحابة في تقشفهم فهذا على سبيل التواضع لئلا يكون من حولهم منكسر القلب يحسب أنه لا يستطيع أن يلبس مثل لباسهم أو أن يطعم مثل طعامهم والإنسان في هذه الأمور يراعي المصالح.

***

ص: 2

‌مامعنى هذا الحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أتاني ربي في أحسن صورة، قال أحسبه قال في المنام فقال يا محمد هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى) الحديث هل هذا الحديث يدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم رأى ربه سبحانه وتعالى وهل هذا يتناقض مع قوله تعالى (وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً)

.

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم هذا الحديث يدل على أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم رأى ربه في المنام ولا ينافي قوله (وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ) لأن المراد بالآية في حال اليقظة وأما هذا الحديث فإنه في حال المنام فحينئذ لا تناقض بينهما.

***

ص: 2

‌ورد في دعاء الاستخارة (اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك إلى قوله اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فيسره لي) السؤال لماذا وردت أداة الشرط في قوله اللهم إن كنت تعلم مع أن الله عز وجل يعلم ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وهو سبحانه لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء أفتونا مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الشرط المذكور في دعاء الاستخارة اللهم إن كنت تعلم قوبل بقوله وإن كنت تعلم أن هذا شر لي وهذا يقتضي أن الله تعالى عالم إما بهذا وإما بهذا يعلم أنه خير أو يعلم أنه شر أما الإنسان فإنه لا يعلم ولكنه فوض الأمر إلى الله عز وجل في هذا الدعاء إن كنت تعلم أنه خير وإن كنت تعلم أنه شر وحينئذ لا يكون هذا علما معلقا بشرط بل علم الله تعالى شامل لكل شيء حاضرا كان أو ماضيا أو مستقبلا كما قال موسى عليه الصلاة والسلام (عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنسَى) .

***

ص: 2

‌يقول السائل حازم من جدة لقد قرأت هذه العبارة في أحد الأحاديث الصحيحة ولم أعرف معناها ولكن وقع في نفسي أن هذه العبارة هي دليلٌ على قرب انقضاء الدنيا وعلى سرعة أيامها وزوالها هذه العبارة هي (ألا إن الزمان استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض) فهل ما وقع في نفسي صحيح وإذا لم يكن كذلك فما معنى ذلك مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: ما وقع في نفسك ليس بصحيح بل معنى الحديث أن الزمان استدار كهيئته لأن العرب كانوا يعملون بالنسيء أي بالتأخير فيجعلون شهراً بدل شهر لأن الأشهر منها حرم يحرم فيها القتال وهي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب ومنها ما ليس بحرم فكان العرب يتلاعبون ينقلون الشهر المحرم إلى شهرٍ مباح وينقلون الشهر المباح إلى شهر محرم فوافقت حجة النبي صلى الله عليه وسلم للوداع أن الشهر الذي كان العرب يجعلونه حراماً وافق هو الحرام في حج الرسول صلى الله عليه وسلم فاستدار الزمان كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض لكن الذي يدل على سرعة الزمان هو ما ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ذكر أن الساعة لا تقوم حتى يكون كذا وكذا قال (ويتقارب الزمان) وبعض العلماء قال معنى (يتقارب الزمان) أي أن البلاد تكبر فتكبر المدن المتقاربة وإذا كبرت تقاربت فحملوا تقارب الزمان على تقارب المكان وقالوا إنه يلزم من تقارب المكان تقارب الزمان لأن الإنسان إذا كان يقطع المسافة بين البلدين في يومين فكبرت البلاد فإنه يقطعها في يومٍ واحد وقال بعضهم إن المراد به الاتصالات فمثلاً فيما مضى لا يمكن أن تتصل بإنسان في الرياض إلا بعد خمسة أيام ستة أيام وعشرة أيام فأكثربالإبل وبالسيارات قبل الخطوط في يومين أو يوم ونصف اليوم والآن في ثلاث ساعات ما بين القصيم والرياض زد على ذلك اتصالات أشد وهي الهاتف والفاكس في لحظة، قالوا هذا معنى تقارب الزمان وعندي أن تقارب الزمان هو السرعة في مرور الأيام والليالي والساعات الآن يمضي الأسبوع وكأنه يوم تأتي تصلى الجمعة اليوم وتقول ما أبعد الجمعة الثانية فإذا كأنها في آخر النهار وهذا شيء مشاهد يعني كل الناس يشكون من هذا يقولون سرعة الأيام كأنها ساعات أمس نحن في صلاة الجمعة وبكرة الجمعة وكأنها يومٌ واحد بينما هي ستة أيام بين الجمعة والأخرى هذا معنى تقارب الزمان والإنسان ينبغي له في هذه الأيام أن يسأل الله دائماً الثبات وأن يحرص على سلوك منهج السلف الصالح من الصحابة والتابعين لهم بإحسان حتى يتحقق له قول الله عز وجل (وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ) .

***

ص: 2

‌جاء في الحديث الشريف قول الرسول صلى الله عليه وسلم (لاوصية لوارث) وجاء في سورة البقرة قوله تعالى (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ) الآية نرجو التوفيق في هذه المسألة لبيان تفسير الحديث والآية والجمع بينهما

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الحديث الذي أشار إليه السائل هو كالتوضيح لآيات الفرائض فإن الله سبحانه وتعالى لما ذكر الفرائض قال في الآية الأولى منها (آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً) وقال في الآية الثانية (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (13) وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ) وهذا يدل على أن من كان من أهل المواريث فإنه لا يحلّ أن يوصي له الميت بشيء لأنه إذا أوصى له فقد أعطاه أكثر مما جعله الله له وهذا من تعدي الحدود وأما الآية التي في سورة البقرة فإن قوله تعالى (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ) يخص منها من كان وارثاً فإن من كان وارثاً فإنه لا يوصى له ويمكن أن يكون الوالد غير وارث فيما لو حصل اختلاف دينٍ بينه وبين ولده فإنه لا توارث بينهما فإذا حصل مانع من موانع الإرث أصبح الوالد أهلاً للوصية وأما الأقربون فكذلك نقول من كان منهم وارثاً فإنه لا وصية له ومن كان غير وارث فإنه يوصى له فتكون آية البقرة مخصوصة بآية المواريث.

***

ص: 2

‌جاسم علي هاشم الأسدي يقول ما معنى الحديث الشريف (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولدٍ صالح يدعو له) أفيدونا بارك الله فيكم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: معروف أن الإنسان إذا مات فإنه ينقطع عمله لأنه مات والعمل إنما يكون في الحياة إلا من هذه الأمور الثلاثة لأنه هو السبب فيها الصدقة الجارية وهي الخير المستمر مثل أن يوقف الرجل بستانه على الفقراء أو يوقف عقاره على الفقراء فإن الفقراء ما داموا ينتفعون بهذا العطاء أو ينتفعون بثمرة هذا البستان فإنه يكتب له وهو أجر حاصل بعد موته لكن هو السبب في إيجاده

والثاني العلم الذي ينتفع به بأن يعلم الناس ويدلهم على الخير وعلى فعل المعروف فإذا علم الناس وانتفعوا بعلمه بعد موته فإن له أجرهم من غير أن ينقص من أجورهم شيء لأن الدال على الخير كفاعل الخير وهذا دليل على بركة العلم وفائدته في الدنيا والآخرة

وأما الثالث وهو الولد الصالح الذي يدعو له بعد موته فلأن الولد من كسب الإنسان وقال عليه الصلاة والسلام في الحديث (أو ولد صالح يدعو له) لأن غير الصالح لا يهتم بنفسه فلا يهتم بأبيه أو أمه وفيه إشارة إلى أنه من المهم جداً أن يربي الإنسان أولاده تربية صالحة حتى ينفعوه في حياته وبعد مماته وفي قوله صلى الله عليه وسلم (أو ولد صالح يدعو له) إشارة إلى أن الدعاء للأب أو لغيره من الأقارب أفضل من أن يقوم الإنسان بعبادة يتعبد لله بها ويجعل ثوابها لهم لأن النبي عليه الصلاة والسلام لم يقل أو ولد صالح يصلى له أو يصوم له أو يتصدق له مع أن سياق الحديث في العمل انقطع عمله إلا من ثلاث فلو كان عمل الإنسان لأبيه بعد موته مما يندب إليه لبينه النبي صلى الله عليه وسلم وأيضاً يكون دعاء الإنسان لوالديه أفضل من أن يسبح أو يقرأ أو يصلى أو يتصدق ويجعل ثواب ذلك لهم والإنسان محتاج إلى العمل الصالح فليجعل العمل الصالح لنفسه وليدعُ لوالديه بما يحب ولا يعني قوله صلى الله عليه وسلم أو ولد صالح يدعو له أنه لو دعا له غير ولده لم ينتفع به بل دعاء أخيك المسلم نافع لك ولو كان ليس قريباً لك قال الله تعالى (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌٌ) فوصف الله هؤلاء الأخيار بأنهم يدعون لأنفسهم ولإخوانهم الذين سبقوهم بالإيمان وهذا يشمل إخوانهم الأحياء والأموات وقال النبي عليه الصلاة والسلام (ما من مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلاً لا يشركون بالله شيئاًَ إلا شفعهم الله فيه) حيث بين النبي صلى الله عليه وسلم أن الميت ينتفع بدعاء المصلىن عليه ويكون قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث (أو ولد صالح يدعو له) مبنياً على أن الولد الصالح الذي هو بضعة منه كأنه هو نفسه ولهذا قال (انقطع عمله إلا من ثلاث) فجعل دعاء الولد لأبيه من عمل الأب وقد استدل بعض الناس بهذا الحديث على أنه لا يجوز إهداء القرب للأموات قالوا لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال (انقطع عمله إلا من ثلاث) ولكن في الاستدلال هذا نظراً لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال (انقطع عمله) ولم يقل انقطع العمل له فلو أن أحداً من الناس غير الابن أهدى ثواب قربة إلى أحد من المسلمين فإن ذلك ينفعه لو أنك حججت عن شخص ليس من آبائك وأمهاتك نفعه ذلك وكذلك لو اعتمرت عنه أو تصدقت عنه فإنه ينفعه على القول الراجح.

***

ص: 2

‌من عنيزة ع. ع.ب يقول ما معنى هذا الحديث وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث) وذكر منها (علم ينتفع به) وإذا لم ينتفع به بعد موته هل له أجر

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أصل العلم إذا لم ينتفع به يكون ضاراً لأن العلم سلاح، إما لك أو عليك كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (والقرآن حجة لك أو عليك) ، فالعلم إذا لم ينتفع به المتعلم ولم ينفع غيره، لم يكن لمن علمه أجرٌ، ذلك لأن أجر المعلم الذي مات فرع عن عمل المتعلم الذي نفع بعلمه، فإذا لم ينفع بعلمه ولم ينتفع به فأين يكون الأجر، ولكن السؤال الآن هل يوزر الميت لأن علمه الذي علمه هذا الإنسان لم ينتفع به الإنسان بل تضرر به؟ نقول لا، الميت لا يوزر على هذا لأن الميت الذي علم أراد بعلمه نفع الخلق، فإذا لم ينتفع به فليس عليه وزره شيء فعلى كل حال الحديث يدل على أن الميت لا يؤجر إلا بعلم ينتفع به من بعده، فأما علم لا ينتفع به من بعده فلا ينتفع به، كما أن قوله (علم ينتفع به من بعده) قد يكون القول هنا لبيان الواقع لأن الرجل إذا علم وبقيت علومه بين الناس فلابد أن ينتفع به المنتفع، قد لا ينتفع به جميع من تعلمه ولكن ينتفع به البعض فيكون هذا القيد ليس قيداً مخرجاً من عداه وإنما هو قيد مبين للواقع.

***

ص: 2

‌السؤال: بارك الله فيكم المستمع م. ر من الرياض يقول فضيلة الشيخ نحن نعلم بأن الميت إذا مات انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له فما هي الصدقة الجارية والعلم النافع

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الصدقة الجارية مثل أن يبني مسجدا يصلى المسلمون فيه أو يبني بيتا للمساكين يسكنونه أو يطبع كتبا ينتفع المسلمين بها أو يوقف أرضا يكون مغلها للفقراء هذه الصدقة الجارية أما العلم النافع بأن يعلم الناس مما علمه الله سواء كان تعليما عاما كالذي يكون في المساجد على عامة الناس أو تعليما خاصا للطلبة فإن هذا العلم إذا انتفع الناس به بعد موته جرى له أجره بعد الموت وفي هذا الحديث الذي ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة صدقة جارية أوعلم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له) حث على نشر العلم حتى يتسع أجر الإنسان ويكثر أجر الإنسان وفيه حث على تربية الأولاد تربية صالحة لأنهم إذا كانوا صالحين بروا بآبائهم في الدنيا ودعوا لهم بعد الموت وفيه أيضا إشارة إلى أن الدعاء للميت أفضل من أن يهدي الإنسان له عبادة فلو قال شخص أيهما أفضل أن أدعو لأبي الميت أو أتصدق له قلنا الأفضل أن تدعو له لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال (أو ولد صالح يدعو له) قال ذلك وهو يتحدث عن الأعمال ولو كانت الأعمال الصالحة أفضل من الدعاء لأرشد إليها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

***

ص: 2

‌قال النبي صلى الله عليه وسلم (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به) هل يدخل في ذلك العلم علوم الدنيا كالفيزياء والكيمياء والرياضيات أم هو مقيد بالشرعي

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: كل علمٍ يثاب عليه العبد ثم يعلمه الآخرين فإن المتعلمين منه يثابون عليه وإذا أثيبوا عليه نال من علمهم بعد موته ما يستحق من الأجر وأما ما لا ثواب في تعلمه فليس فيه أصلاً ثواب حتى نقول إنه يستمر فمثلاً علم التفسير والتوحيد والفقه وأصوله والعربية كل هذه علوم يثاب الإنسان عليها فإذا علمها أحداً من الناس أثيب هذا المتعلم فنال المعلم من ثوابه ما يستحقه.

***

ص: 2

‌صالح أ. ع. من السودان الخرطوم يقول حصل اختلاف بيني وبين أحد الإخوان حول الحديث الوارد في وقوع العين من الحاسد والذي معناه (أن العين حق ولو أن شيئاً سابق القدر لكان العين) فهم يقولون إن هذا يتعارض مع بعض الآيات فما هو القول الحق في هذا الموضوع

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: القول الحق هو ما قاله عليه الصلاة والسلام وهو (أن العين حق) وهذا أمرٌ قد شهد له الواقع ولا أعلم آياتٍ تعارض هذا الحديث حتى يقول هؤلاء إنه يعارض القرآن بل إن الله تعالى جعل لكل شيء سبباً حتى إن بعض المفسرين قالوا في قوله تعالى (وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر) قالوا إن المراد هنا العين ولكن على كل حال سواءٌ كان هذا هو المراد بالآية أم غيره فإن العين ثابتة وهي حقٌ ولا ريب فيها والواقع يشهد بذلك منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى اليوم ولكن من أصيب بالعين فماذا يصنع؟ يعالج بالقراءة وإذا علم عائنه فإنه يطلب منه أن يتوضأ ويؤخذ ما يتساقط من ماء وضوئه ثم يعطى للعائن يصب على رأسه وظهره ويسقى منه وبهذا يشفى بإذن الله وقد جرت العادة عندنا أنهم يأخذون من العائن ما يباشر جسمه من اللباس مثل الفنيلة والطاقية وما أشبه ذلك بالماء ثم يسقونها العائن ورأينا ذلك يفيده حسبما ما توارد عندنا من النقول.

ص: 2

‌فضيلة الشيخ: يسقونها من أصابته العين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أي نعم فإذا كان هذا هو الواقع فلا بأس باستعماله لأن السبب إذا ثبت كونه سبباً شرعاً أو حساً فإنه يعتبر صحيحاً أما ما ليس بسببٍ شرعي أو حسي فإنه لا يجوز اعتماده مثل أولئك الذين يعتمدون على التمائم ونحوها يعلقونها على أنفسهم ليدفعوا بها العين فإن ذلك لا أصل له سواءٌ كانت هذه من القرآن أو من غير القرآن.

***

ص: 2

‌يقول حديثٌ شريفٌ أسمعه دائماً ولكنني لا أدرك معناه وهو (تبلغ الحلية من الرجل حيث يبلغ الوضوء) فما معناه

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الحديث (تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء) هذا لفظ الحديث والمعنى أن أهل الجنة إذا دخلوا الجنة فإنهم يحلون فيها كما قال الله عز وجل (يحلون فيها من أساور من ذهبٍ ولؤلؤاً)(وحلوا أساور من فضة) فهم يحلون أسورة من ذهب ولؤلؤ وفضة فالمؤمن يحلى في الجنة رجلاً كان أو امرأة بهذه الحلية إلى حيث يبلغ الوضوء فعلى هذا تبلغ الحلية إلى المرفقين لأن الوضوء يبلغ إلى المرفقين هذا معنى الحديث الذي أشار إليه.

ص: 2

‌فضيلة الشيخ: أليس فيه حثٌ على زيادة الوضوء على الأماكن المحددة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا ليس فيه.

ص: 2

‌فضيلة الشيخ: لا يفهم منه

فأجاب رحمه الله تعالى: لا يفهم منه لأن الوضوء يبلغ إلى مكانٍ معين قدره الله تعالى في القرآن في قوله تعالى (وأيديكم إلى المرافق)

***

ص: 2

‌أرجو تفسير هذا الحديث (لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ثم يأتي بأخرين يذنبون ثم يستغفرون الله) نرجو تفسيره

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: المعنى تفسير هذا الحديث أن الرسول عليه الصلاة والسلام حث أمته على الاستغفار وبين أنه لابد من أن يقع الذنب والخطأ من بني آدم كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون وأنها أعني المغفرة من صفات الله تبارك وتعالى التي هي صفات كمال وهو سبحانه وتعالى يحب التوابين ويحب التوبة على عباده ويحب المستغفرين ويحب المغفرة لهم فحكمة الله تعالى تقتضي أن يقع الذنب من بني آدم ثم يكون الاستغفار وتكون المغفرة بعد ذلك.

***

ص: 2

‌محمد عبد الغني محمد مسؤول بمصنع الاسمنت بالرياض يقول أرجو بيان حكم وشرح حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (عمرةٍ في رمضان توازي حجة فيما سواه)

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: معنى ذلك أن الإنسان إذا اعتمر في شهر رمضان فإن هذه العمرة تعدل حجةً في الأجر لا في الإجزاء وقولنا لا في الإجزاء يعني أنها لا تجزئ عن الحج فلا تسقط بها الفريضة ولا يعتبر حاجاً حجاً متنفلاً وإنما يعتبر هذه العمرة من أجل وقوعها في هذا الشهر تعدل في الأجر حجةً فقط لا في الإجزاء ونظير ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بأن (من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير عشر مرات كان كمن أعتق أربعة أنفسٍ من ولد إسماعيل) وهذا بلا شك بالأجر وليس بالإجزاء ولهذا لو كان عليه أربع رقاب فقال هذا الذكر لم يجزئه ولا عن رقبةٍ واحدة فيجب أن نعرف الفرق بين الإجزاء وبين المعادلة في الأجر فالمعادلة في الأجر لا يلزم منها إجزاء وكذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام ((قل هو الله أحد) تعدل ثلث القرآن) . ولو أن الإنسان قرأها ثلاث مراتٍ في ركعة ولم يقرأ الفاتحة ما أجزأته مع أنها عَدَلت القرآن كله حينما قرأها ثلاث مرات.

***

ص: 2

‌السائلة إلهام من مدينة الأحساء تسأل وتقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أفضل الأعمال إلى الله أدومها وإن قل) وأنا أحب المداومة على الأعمال الصالحات كصيام النوافل وقيام الليل وصلاة الضحى ولكن صلاة الضحى لا أصلىها إلا يوم الخميس والجمعة وبقية الأيام أكون في المدرسة فكيف العمل بهذا الحديث جزاكم الله خيرا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الحديث الذي أشارت إليه السائلة هو طرف من حديث ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو أنه (نهى أصحابه عن الكلفة في الأعمال إلا ما يطيقه العبد وقال: إن أحب العمل إلى الله أدومه) ولهذا ينبغي للإنسان أن لا يكلف نفسه من الأعمال ما لا يطيق ولو في المستقبل بل يأتي بالأعمال الصالحة التي يقدر عليها بسهولة ولا سيما أنه يراعي حال كبره وحال مرضه وما أشبه ذلك وانظر إلى عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما حيث (قال: لأقومن الليل كله ولأصومن الدهر كله فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فدعاه وسأله أقلت هذا قال نعم قال إنك لا تطيق ذلك وأمره أن يصوم ويفطر وأن يقوم وينام ونازله في الصوم حتى وصل إلى أن يصوم يوماً ويفطر يوماً قال إني أطيق أفضل من ذلك يقوله عبد الله بن عمرو بن العاص قال لا أفضل من ذلك ذاك صيام داود كان يصوم يوماً ويفطر يوماً وقال له في القيام إن داود عليه الصلاة والسلام كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه) لكن لما كبر عبد الله بن عمرو بن العاص شق عليه أن يصوم يوماً ويفطر يوماً وقال ليتني قبلت رخصة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ثم صار يصوم خمسة عشر يوماً سرداً ويفطر خمسة عشر يوما سرداً فالمهم أن الإنسان لا ينبغي أن يعتبر نفسه بنشاطه وقوته بل يتقيد بالشريعة وبما يعلم أنه يدركه عند الكبر وأما المرض فإن المرض إذا قصر الإنسان بالعمل فيه وكان من عادته أن يعمل العمل الصالح في صحته فليبشر أنه يكتب له ما كان يعمل في حال الصحة لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال (إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمل صحيحاً مقيماً) ومن العجب أن بعض أهل الكسل قال إذا كان الأمر كذلك أنه إذا سافر العبد كتب له ما كان يعمل مقيماً فإنني لن أصلى تطوعاً لأنه يكتب لي ما كنت أعمله حال الإقامة وهذا غلط عظيم ولم يرد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بذلك أن يدع المسافر التطوع والنوافل بدليل أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلى سنة الفجر وكان يصلى الوتر وكان يصلى الضحى وهو مسافر ولم يقل إنني مسافر ويكتب لي ما كنت أعمل في حال الإقامة ولو أننا أخذنا بعموم هذا الحديث (من مرض أو سافر كتب له ما كان يعمل صحيحاً مقيماً) لقلنا أيضاً لا تصل الفرائض لأنه يكتب لك ما كنت تعمل في حال الإقامة لكن هذا الذي ذكرته من تسرع بعض الناس في فهم نصوص الكتاب والسنة وهذا خطر عظيم جداً وهو يقع أعني الفهم المخطيء يقع من كثير من المبتدئين في طلب العلم فيجب عليهم الحذر من التسرع ويجب على غيرهم الحذر مما شذوا به حتى يعرضه على من هو أكبر منه علماً ودراية وإنما معنى الحديث من مرض أو سافر كتب له ما كان يعمل صحيحاً مقيماً أن الإنسان إذا شغله المرض أو شغله السفر عما كان يعمله من الأعمال الصالحة في حال إقامته وحال صحته فإنه يكتب له ما كان يعمل صحيحاً مقيماً لأنه تركه لعذر الانشغال بالسفر أو بالمرض ولم يرد النبي عليه الصلاة والسلام أن يدع المريض أو المسافر ما كان قادراً عليه من الأعمال الصالحة اتكالاً على ما كان يعمله في حال الصحة وحال الإقامة.

***

ص: 2

‌السؤال من أحد الإخوة السودانيين مقيم بالمملكة منطقة الباحة يقول يذهب أهل السنة والجماعة إلى القول بأن مصير الموحدين إلى الجنة في نهاية المطاف وجاء في الحديث (أنه لا يدخل الجنة قاطع رحم) وأيضاً جاء (لا يدخل الجنة نمام) فهل الموحدون من هاتين الفئتين لا يدخلون الجنة كما هو ظاهر هذه النصوص أم كيف يكون الجمع بينها

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذه النصوص وأمثالها من أحاديث أو من نصوص الوعيد هي التي أوجبت بطائفة الخوارج والمعتزلة أن يقولوا بخلود أهل الكبائر في النار لأنهم أخذوا بهذه العمومات ونسوا عمومات أخرى تعارضها وهي ما ثبت في أدلة كثيرة من أن الموحدين أو من في قلبه إيمان ولو مثقال حبة من خردل فإنه لا يخلد في النار كما أن عمومات الأدلة الدالة على الرجاء وأن المؤمن يدخل الجنة حملت المرجئة على ألا يعتبروا بنصوص الوعيد وقالوا إن المؤمن ولو كان فاسقاً لا يدخل النار فهؤلاء أخذوا بعمومات هذه الأدلة وأولئك أخذوا بعمومات أدلة الوعيد فهدى الله أهل السنة والجماعة إلى القول الوسط الذي تجتمع فيه الأدلة وهو أن فاعل الكبيرة لا يخرج من الإيمان وأنه مستحق للعقوبة ولكن قد يعفو الله عنه فلا يدخله النار وقد يدعى له فيعفى عن عقوبته وقد تكفر هذه العقوبة بأسباب أخرى وإذا قدر أنه لم يحصل شيء يكون سبباً لتكفيرها فإنه يعذب في النار على قدر عمله ثم يكون في الجنة هذا هو مذهب أهل السنة والجماعة وعلى هذا فأحاديث الوعيد المطلقة أو العامة كما في الحديثين اللذين أشار إليهما السائل (لا يدخل الجنة قاطع رحم)(لا يدخل الجنة نمام) تحمل على أن المعنى لا يدخلها دخولاً مطلقاً أي دخولاً كاملاً بدون تعذيب بل لابد أن يتقدم ذلك التعذيب إن لم يوجد ما يمحو ذلك الإثم من عفو الله أو غيره فيكون معنى لا يدخلون الجنة أي الدخول المطلق الكامل الذي لم يسبق بعذاب وبهذا تجتمع الأدلة.

***

ص: 2

‌حديث عن الشريد بن سويد رضي الله عنه قال (رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا جالس هكذا وقد وضعت يدي اليسرى خلف ظهري واتكأت على يدي فقال قعد قعدة المغضوب عليهم) رواه أبو داود نرجو شرح الحديث

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الحديث معناه واضح يعني أن الإنسان لا يتكيء على يده اليسرى وهي خلفه جاعلا راحته على الأرض.

ص: 2

‌فضيلة الشيخ: يقول إذا قصد الإنسان أيضا بهذه الجلسة الاستراحة وعدم تقليد اليهود هل يأثم بذلك

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا قصد هذا فليجعل اليمنى معها ويزول النهي.

***

ص: 2

‌قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ماء زمزم لما شرب له) فهل هو لأول نية لما شرب له وهل يجوز أن يجمع الإنسان عدة نيات عند أول شربةٍ له

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الحديث إسناده حسن ولكن ما معنى قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم (ماء زمزم لما شرب له) هل المراد العموم وأن الإنسان إن شربه لعطشٍ صار ريان أو لجوعٍ صار شبعان أو لجهلٍ صار عالماً أو لمرضٍ شفي أو ما أشبه ذلك أو يقال إنه لما شرب له فيما يتعلق بالأكل والشرب بمعنى إن شربته لعطش رويت ولجوعٍ شبعت دون غيرها هذا الحديث فيه احتمال لهذا ولهذا ولكن الإنسان يشربه إتباعاً لسنة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وفي إتباع سنة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الخير كله.

***

ص: 2

‌جزاكم الله خيراً تقول السائلة (ماء زمزم لما شرب له) كما ورد في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم هل يشترط لتحقيق ذلك كمية معينة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: ظاهر الحديث أنه لا يشترط لذلك كمية معينة لكن أهل العلم قالوا إنه ينبغي للإنسان أن يشرب من ماء زمزم ويتضلع منه أي يملأ بطنه منه ولا شك أن ماء زمزم ماء مبارك وأنه طعام طعم وشفاء سقم بإذن الله عز وجل.

ص: 2

‌فضيلة الشيخ: هل يشترط أن يكون الشرب في مكة يا شيخ

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا يشترط ولهذا كان بعض السلف يأمر مَنْ يأتي به إليه في بلده فيشرب منه وهو أيضاً ظاهر الحديث (ماء زمزم لما شرب له) ولم يقيده النبي صلى الله عليه وسلم بكونه في مكة.

***

ص: 2

‌ما معنى الحديث (إن الله خلق آدم على صورته) وهذه الهاء تعود على من

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الهاء تعود على الله عز وجل أي أن الله خلق آدم على صورته تبارك وتعالى كما جاء ذلك مفسرا في بعض الروايات (على صورة الرحمن) ولا يلزم من هذا أن يكون مماثلاً لله عز وجل لأن الله قال (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) فنقول إن الله خلق آدم على صورته دون مماثلة وهذا ليس بغريب فهؤلاء الزمرة الأولى من أهل الجنة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر بدون مماثلة فإذا جاز هذا بين المخلوقين فبين الخالق والمخلوق من باب أولى واعلم أن ما ورد في الكتاب والسنة في كتاب الله الواجب إجراؤه على ظاهره بدون تمثيل ولا يحق لنا أن نتصرف فيه بتحريفٍ عن معناه بل نقول بإثبات المعنى وننفي المماثلة وبذلك نسلم من الشر ومن تحريف الكلم عن مواضعه.

***

ص: 2

‌فيما يتعلق بحديث أنس رضي الله عنه قال رجلٌ يا رسول الله الرجل يعانق أخاه أو صديقه أينحني له قال (لا) قال أفيلتزمه ويقبله قال (لا) قال أفيأخذ بيده ويصافحه قال (نعم) والسؤال هل النهي الوارد في الحديث للكراهة أم للتحريم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم الظاهر أنه للكراهة إلا إذا علمنا أن الشخص الآخر يتأذى بذلك فيكون للتحريم وما يفعله بعض الناس اليوم من كونه كلما لاقى الإنسان قبله لا أصل له من السنة كما في هذا الحديث وإنما المشروع المصافحة فقط لكن لو أراد أحدٌ أن يقبل رأس شخص تعظيماً له كأبيه وأمه وأخيه الكبير وشيخه وما أشبه ذلك فلا حرج لكن كونه كلما رآه صافحه وقبل رأسه هذا ليس من السنة نعم لو قدم أحدهما من سفر ولقيه الآخر بعد هذا السفر فلا حرج وهنا شيء آخر وهو ما اعتاده كثير من الناس اليوم وهو إذا لاقى الإنسان أخذ برأسه وقبله بدون مصافحة وهذا لا شك أنه خلاف السنة يقول بعض الناس إنني أريد أن أقبل رأسك فنقول نعم تقبيل الرأس لا بأس به لكن صافح أولاً حتى تأتي بالسنة ثم قبل الرأس ثانياً أما أن تأخذ بالرأس مباشرةً فهذا ليس من السنة.

***

ص: 2

‌حديث الرسول صلى الله عليه وسلم (نصرت بالرعب مسيرة شهر وجعلت لي الأرض مسجداً وطهورا وأوتيت مفاتيح الأرض) ما هي مفاتيح الأرض

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: معنى مفاتيح الأرض أن الله سبحانه وتعالى سوف يكتب له النصر حتى يملك مفاتيح الأرض وتكون خزائن الأرض بيده وهذا هو الذي وقع فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فتح مدائن الفرس والروم على يد الخلفاء الراشدين المتبعين له فحصل له مفاتيح الأرض.

***

ص: 2

‌من اليمن خالد صالح يقول كيف يمكن الجمع بين حديثي النبي صلى الله عليه وسلم الأول حديث (ما ملأ ابن آدم وعاءً شراً من بطنه) والثاني في قوله صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة (اشرب يا أبا هريرة فشرب فقال له اشرب يا أبا هريرة فشرب حتى قال أبو هريرة والذي بعثك بالحق لا أجد له مسلكاً) أو كما قال صلى الله عليه وسلم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم الجمع بينهما هو أن ما حصل لأبي هريرة أمرٌ نادر ولا بأس بالشبع أحياناً لكن الذي قال النبي صلى الله عليه وسلم فيه (ما ملأ ابن آدم وعاءً شرا من البطن) يريد إذا كان في جميع أكلاته يملأ بطنه وأما إذا شبع أحياناً وملأ بطنه أحياناً فلا بأس وعليه يحمل حديث أبي هريرة ثم إن حديث أبي هريرة في شرب اللبن واللبن خفيف حتى لو شرب الإنسان منه وملأ بطنه زال بسرعة بخلاف الطعام فإنه إذا ملأ بطنه منه صعب على المعدة هضمه وبقي متخماً ومتعباً.

***

ص: 2

‌أرجو شرح قول الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم (ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب)

.

فأجاب رحمه الله تعالى: يريد بذلك صلى الله عليه وسلم أن القلب عليه مدار الصلاح والفساد وهو مضغة يعني قطعة لحم بقدر ما يمضغه الإنسان صغيرة لكن تدبر الجسد كله إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله وهذا يوجب لنا أن نحرص على طهارة قلوبنا وعلى إزالة الشك والشبهات منها وأن نتفقدها أكثر مما نتفقد جوارحنا كثير من الناس تجده حريصاً على إتقان العمل الظاهر ولكنه ينسى قلبه وهذا غلط أهم شيء أن تكون دائماً مفتشاً عن القلب ما إخلاصه؟ ما اتجاهه؟ ما توكله؟ ما استعانته؟ وهكذا فإذا صلح القلب صلح الجسد كله وإذا فسد فسد الجسد كله.

***

ص: 2

‌هذه الرسالة وردتنا من القصيم ومن الشماسية من المرسل علي اليحيى يقول طال الحديث بيني وبين أحد الأخوة من إحدى الدول العربية إلى أن وصلنا إلى صلاحية القلب حيث قال هذا الأخ إنه ليس القلب هو الذي يُصلح الجسد وجميع الجوارح بدليل أنه لو أجريت عملية نزع قلب إنسانٍ مؤمن واستبداله بقلب كافر لا يؤمن بالله لم يؤثر عليه هذا القلب الذي هو من الكافر وإنما استمر على إيمانه بالله هل هذا صحيح حيث أورد علي شبهة كنت منها حائراً وهي أنه إذا كان هذا الحكم صحيحاً أو الكلام صحيح ما معنى قول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث (ألا وإن في الجسد مضغة إذا صَلُحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله) وفقكم الله والسلام عليكم ورحمة الله

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: ينبغي أن يُعلم أن كلام النبي صلى الله عليه وسلم حق وأنه لا يصدر عنه إلا الحق فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم (أن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ثم قال ألا وهي القلب) فصدّر الجملة المبينة المفسرة لهذه المضغة بألا الدالة على التنبيه والتأكيد إشارةً إلى تأكد هذا الأمر وأن هذا القلب إذا صلح صلح الجسد كله ولكن القلب له مكان وله أعضاءٌ خاصة فما دام في هذا الجسم الذي خلق فيه فإنه إذا صلح لا بد أن يصلح وأما إذا نقل إلى مكانٍ آخر فإنه نُقل عن مملكته فلا يلزم من صلاحه أن يصلح الجسد الآخر لأن الرسول عليه الصلاة والسلام إنما تحدث عن أمرٍ كان هو المفهوم في ذلك الوقت وهو أن القلب لا يتجاوز محله وبدنه الذي تكون الأعضاء فيه بمنزلة جنود السلطان المطيعين له هذا وجه ووجهٌ آخر أن يقال إن الرسول عليه الصلاة والسلام بين محل القلب وأن المراد بالقلب القلب المعنوي الذي هو العقل الذي محله القلب وأن هذا العقل يكون في نفس الشخص الذي قُدّرت هدايته بمعنى إن القوة المعنوية العاقلة في هذا القلب المركب في هذا الجسم هي المدبرة لهذا الجسم وأنه إذا انتقل محلها تبقى هي فتبقى الهداية في قلب المؤمن المهتدي وإن زال قلبه هذا على فرض أن هذه المسألة قد تكون بمعنى أنه يُنقل قلب مسلم ويركب له قلب كافر أو بالعكس فالجواب من أحد هذين الوجهين إما أن يقال إن المراد بالقلب هي هذه المضغة الجسمية ولكنها لها الإمرة على البدن الذي ركبت فيه والذي خلقها الله فيه إذا صلحت صلح الجسد بخلاف ما إذا نُقلت إلى مملكةٍ أخرى فإنه لا يلزم أن تأتمر هذه المملكة الجديدة بأمرها أو يقال إن المراد بالقلب القوة العقلية الشائعة في نفس البدن والتي محلها ومنبعها من القلب وأحد هذين الوجهين يتبين به ما أراده النبي صلى الله عليه وسلم ولا يلزم على أحد هذين الوجهين أن نقول أنه إذا رُكِّب قلب مؤمنٍ في كافر أن يكون هذا الكافر مؤمناً وأنه إذا رُكَّب قلب كافرٍ في مؤمن أن يكون هذا المؤمن كافراً.

ص: 2

‌فضيلة الشيخ: ألا نقول أنه حتى الآن لم يوجد مسألة تعارض حديث الرسول صلى الله عليه وسلم حيث أنه لم نعرف مؤمناً ركب له قلب كافرٍ فاستمر على إيمانه أو كافرٌ ركب له قلب مؤمنٍ فآمن

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نحن قلنا إذا وجد هذا احتطنا بهذا لكن لو فرضنا وجوده فربما يوجد هذا في الأجيال القادمة فيكون الجواب بأحد الوجهين.

***

ص: 2

‌أم عبد الرحمن من السودان كسلا تقول في دعاء سيد الاستغفار الذي ورد (اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك) إلى آخر الدعاء أو إلى آخر الحديث هل المرأة تستبدل عبارة أنا عبدك بعبارة أنا أمتك

.

فأجاب رحمه الله تعالى: هذه اختلف فيها العلماء رحمهم الله منهم من يقول الأولى إبقاء الحديث على لفظه فتقول المرأة وأنا عبدك لأنها حقيقة عبد الله فهي من عباد الله الصالحين إن كانت من الصالحات ومنهم من قال يراعى المعنى فالمرأة تقول وأنا أمتك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت وهذا أقرب إلى الصواب لأن إبقاء اللفظ وأنا عبدك يحتاج إلى تأويل وأما وأنا أمتك فلا يحتاج إلى تأويل لأنها حقيقة أمة الله عز وجل ولهذا جاء في الحديث الصحيح (لا تمنعوا إماء الله مساجد الله) .

***

ص: 2

‌هل هناك فرق بين الوسيلة والفضيلة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لعله يريد الحديث (آت محمداً الوسيلة والفضيلة) الفرق بينهما أن الوسيلة اسم خاص لأعلى درجة في الجنة قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (لا ينبغي أن تكون إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون هو) وأما الفضيلة فهي الفضائل في الثواب والمراتب وغير ذلك.

***

ص: 2

‌ما معنى حديث (ليس منا من لم يتغن بالقرآن)

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم اختلف شراح الحديث في معناه فقيل المعنى ليس منا من لم يستغن بالقرآن عن غيره فيكون في ذلك دليل على تحريم الرجوع إلى غير القرآن في العبادة والمعاملات وغيرها وقيل معنى (من لم يتغن بالقرآن) أي من لم يحسن صوته الذي يجب عليه في أداء القرآن لأنه يجب على الإنسان أن يحسن صوته على وجه تبين به مخارج الحروف ولا يحصل فيه إدغام يسقط بعض الحروف بغير ما تقتضيه اللغة العربية والمعنيان كلاهما صحيح فالواجب على الإنسان أن يتقن اللفظ بالقراءة في كتاب الله عز وجل وعلى الإنسان أن لا يعدل عن القرآن إلى غيره في التعبد والمعاملات وأما التجويد المعروف فهذا ليس بواجب لكنه من تحسين الصوت بالقراءة لا شك فهو من المحسنات وليس من الواجبات.

***

ص: 2

‌ما المقصود بالحديث (اقرأ وارتقِ ورتل كما كنت ترتل فإن منزلتك في الجنة عند آخر آية تقرؤها) هل المقصود القراءة أو الحفظ

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: ظاهر الحديث أن المراد بذلك القراءة سواء كان عن ظهر قلب أو من مصحف وفضل الله تعالى واسع (يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) .

***

ص: 2

‌هل قول (اللهم لا شماتة) من الأدعية الواردة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: يعني مثلاً يريد أن يتكلم عن شخص بشيء من أفعاله السيئة فيقول اللهم لا شماتة هذا الرجل يفعل كذا وكذا لا بأس بهذا إذا ساغ أن يذكر أخاه بهذا العيب لأنه لا يجوز للإنسان أن يذكر أخاه بعيب فإن ذلك من الغيبة وقد نهى الله تعالى عن الغيبة وصورها بأبشع صورة فقال (وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ) نعم لو قال على سبيل العموم لو قال اللهم لا شماتة بعض الناس يفعل كذا وكذا هذا لا بأس لأنه لم يعين من تكلم فيه والمخاطب لا يدري من هو.

***

ص: 2

‌هناك حديث فيما معناه بأنه (لا يحل للمرأة أن تضع ثيابها في غير بيت زوجها) فما هو شرح هذا الحديث جزاكم الله خيراً

.

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الحديث إن صح (أن من وضعت ثيابها في غير بيت زوجها فقد هتكت الستر) ، هذا إن صح فالمراد أن المرأة تضع ثيابها في حال يخشى أن يطلع عليها من لا يحل له الإطلاع عليها.

***

ص: 2

‌ما هو الحديث الوارد في فضل كثرة الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم ليلة الجمعة أو يوم الجمعة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الحديث هو أن الرسول صلى الله عليه وسلم حث على كثرة الصلاة والسلام عليه يوم الجمعة، ومن المعلوم أن كثرة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في أي يوم من أيام الأسبوع فيها فضل عظيم لو لم يكن من ذلك إلا أنه امتثال لأمر الله عز وجل حيث قال (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) وأنه قيام ببعض حق النبي صلى الله عليه وسلم على أمته لأن حقه عليها عظيم أعظم من حق الوالدين ولهذا كان يجب علينا أن نقدم محبته على محبة الوالدين والولد والناس أجمعين بل وعلى النفس ومنها أن الإنسان يثاب على ذلك فإن من صلى على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم صلى الله عليه بها عشرا الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف ثم إن كثرة الصلاة على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم تستلزم كثرة ورود ذكره على القلب فيزداد بذلك الرجل إيماناً بالرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم ومحبة له وتمسكاً بهديه وسنته.

***

ص: 2

‌سمعت حديثاً معناه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (لأصحابه أتدرون مَنْ المفلس قالوا: المفلس فينا من لا درهم له قال صلى الله عليه وسلم: المفلس من ذكرت عنده فلم يصلِ عليّ) ومدرس الحديث عندما يشرح الحديث يكثر من ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم فهل يجب علينا أن نصلى عليه في كل مرة أم تكفي المرة الأولى أفيدونا ولكم جزيل الشكر ونشكركم على هذا الاهتمام الكبير يا فضيلة الشيخ وأيدكم الله

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أما الحديث الذي أشار إليه فلا أعرفه أما الذي أعرف أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال (إن المفلس من يأتي يوم القيامة بحسناتٍ أمثال الجبال فيأتي وقد ظلم هذا وضرب هذا وشتم هذا وأخذ مال هذا فيأخذ هذا من حسناته وهذا من حسناته وهذا من حسناته فإن بقي من حسناته شيء وإلا أُخذ من سيئاتهم وطرح عليه ثم طرح في النار) هذا هو ما أعرفه من حديث المفلس الذي أشار إليه وأما الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عند ذكره فإن جمهور أهل العلم يرون أنها مستحبة وليست بواجبة ومنهم من يرى أنها واجبة لحديث أبي هريرة (أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد المنبر ذات يومٍ وقال: آمين آمين. آمين. فسُئل عن ذلك فقال: إن جبريل أتاني فقال رغم أنف امرئٍ ذُكرتَ عنده فلم يصلِ عليك قل آمين فقلت آمين) ومن المعلوم أن هذا دعاءٌ برغم أنف من ذكر عنده النبي صلى الله عليه وسلم ولم يصلِ عليه ولهذا أخذ بعض أهل العلم من هذا أنه يجب على الإنسان إذا ذكر عنده النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلى عليه لأن الدعاء على مَنْ لم يفعل شيئاً دليلٌ على وجوب ذلك الشيء وأما بالنسبة لمن يسمع ذكر النبي صلى الله عليه وسلم فيمن يكثر قراءة الحديث في المسجد أو في المدرسة أو في المعهد فهذا إذا صلى عليه أول مرة كفى كما قال أهل العلم لمن تكرر دخوله إلى المسجد إنه إذا صلى تحية المسجد أول مرة وهو عارفٌ من نفسه أنه سيتكرر دخوله فإنه يكتفي بذلك ثم إن المدرس غالباً يقول قال النبي صلى الله عليه وسلم أو عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا القائل إذا قال فإنه يكون قد دعا الله أن يصلى على نبيه فوظيفة المستمع في مثل هذا أن يقول آمين، ويكون قوله آمين كقوله صلى الله عليه وسلم لأن الداعي والمؤمِّن كليهما داعيان كما قال الله تعالى عن موسى (رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوْا الْعَذَابَ الأَلِيمَ) قال الله تعالى (قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلا تَتَّبِعَانِ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) فتمت دعوتكما أي الداعيين قال أهل العلم وكان موسى يدعو وهارون يؤمن فعليه إذا سمعت قائلاً يقول قال النبي صلى الله عليه وسلم فقلت آمين فكأنما قلت صلى الله عليه وسلم لأنك أمنت على دعاء المتكلم نعم إذا كان الإنسان يظن أن هذا المتكلم قال صلى الله عليه وسلم شغلاً على العادة ولم يستحضر الدعاء فحينئذٍ نقول السامع يقول صلى الله عليه وسلم ولا يؤمن إذا علم أن قول هذا المتكلم صلى الله عليه وسلم درجت على لسانه بدون قصد فكأنه لم يدع بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لكن لو علم أن المتكلم إنسانٌ فطنٌ وأنه كلما قال صلى الله عليه وسلم يشعر أنه يدعو الله بأن يصلى على نبيه ويسلم فإنه يكتفي بقول آمين.

ص: 2

‌فضيلة الشيخ: بعض الناس إذا أراد أن ينسب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم شيئاً يقول قال صلى الله عليه وسلم ولا يقول قال الرسول صلى الله عليه وسلم أو قال محمد صلى الله عليه وسلم ففي مثل هذه هل يقال آمين أم يقال صلى الله عليه وسلم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هنا لا شك أن الضمير في قال يرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم والظاهر أن الضمير كالمذكور فعليه يدخل في قول النبي صلى الله عليه وسلم عن جبريل (رغم أنف امرئٍ ذُكرتَ عنده فلم يصلِ عليك) .

***

ص: 2

‌ما معنى قول الرسول صلى الله عليه وسلم لأبي موسى الأشعري رضي الله عنه (لقد أوتيت مزماراً من مزامير آل داوود)

فأجاب رحمه الله تعالى: معنى هذا الحديث أن أبا موسى الأشعري عبد الله بن قيس رضي الله عنه كان له صوت جيد وأداء قيم طيب استمع النبي صلى الله عليه وسلم إلى قراءته ذات ليلة فأخبره بأنه أعجب بذلك وقال أسمعت قراءتي يا رسول الله قال (نعم) قال لو علمت لحبرته لك تحبيراً، ومعنى أوتي مزماراً من مزامير آل داوود أن داوود عليه الصلاة والسلام آتاه الله الزبور فكان يترنم به وكان له صوت جميل حتى إن الجبال تسبح معه والطير تسبح معه تقف صواف تستمع إلى ترنمه بالزبور وتتلذذ بقراءته هذا معنى قول الرسول صلى الله عليه وسلم (أوتيت مزماراً من مزامير آل داوود) ومن المعلوم أنه ليس مراد الرسول عليه الصلاة والسلام أنه أعطي مزماراً أي آلة والعزف فإنه إنما استمع إلى قراءته لا إلى عزفه والمعازف حرام لا يحل الاستماع إليها إلا ما استثناه الشرع كالدفوف ليالي الزواج أو عند قدوم الغائب المحترم الكبير وما أشبه ذلك.

***

ص: 2

‌هناك حديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول فيه (مَنْ قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة وجبت له الجنة) هل قراءتها -يعني- أن نتلفظ بها على اللسان فقط أم ماذا جزاكم الله خيرا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الحديث بمعنى ما ذكره السائل (مَنْ قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة لم يمنعه من دخول الجنة إلا الموت) والحديث مطلق (مَنْ قرأ) فإذا قرأها بلسانه محتسباً ثوابها وأجرها على الله حصل له ذلك وسواء قرأها عن ظهر قلب أو من ورقة أو من مصحف لأن الحديث مطلق.

***

ص: 2

‌في الحديث الذي قاله المصطفى صلى الله عليه وسلم بما معناه بأن (للصائم دعوة عند فطره) متى تكون هذه الدعوة هل هي قبل الفطر أم أثناء الإفطار أم بعد الإفطار

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: كلمة عند فطره أو حين فطره تشمل ما كان قبيل الإفطار أو معه أو بعده متصلا به فأحرص يا أخي الصائم على أن تدعو الله عز وجل عند الفطر بما تشاء من خير الدنيا والآخرة.

***

ص: 2

‌لقد سمعت من بعض الأشرطة النافعة عن المنافقين بأنهم أربعة وهم فرعون وقارون وهامان وأبي بن خلف فاستمعت إلى شرح فرعون وقارون شرحا كافيا قال من تكبر حشر مع فرعون ومن غرته دنياه بالمال حشر مع قارون وعندما شرع في ذكر هامان انتهى الشريط أو انتهى الحديث فما هي الصفات الذميمة التي أتصف بها كل من هامان وأبي بن خلف

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أولا قول السائل أنه من المنافقين أو رؤوس المنافقين هذا غلط بل هم من المعاندين المصرحين بكفرهم والمنافق لا يعاند ظاهرا ولا يصرح بكفره فهم أئمة الكفر كما قال الله تعالى (وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ) يعني بذلك قادة الكفار (وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لا يُنصَرُونَ) ولكل من هؤلاء مزية على الآخر ففرعون غره الملك والسلطان فاستكبر هو وجنوده في الأرض بغير الحق وهامان غرته الوزارة لأنه وزير فرعون فهو لدنوه من هذا الملك الجائر اغتر بنفسه وعاند وكفر وقارون استكبر بماله غره كثرة المال فاستكبر وأبى أن يتبع موسى عليه الصلاة والسلام قال الله تعالى (إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ) وأبى بن خلف غرته السيادة في قومه ومنزلته فيهم فاستكبر عن الحق ولا شك أن الناس يحشر بعضهم إلى بعض إذا كانوا متشابهين في كفرهم قال الله تبارك وتعالى (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ) يعني احشروهم وأصنافهم فكل كافر فهو مع صنفه الذي شاركه في وصف الكفر.

***

ص: 2

‌أبو عبد الله مقيم بالرياض له مجموعة من الأسئلة يقول في الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم (من كتم علماً ألجم بلجام من نار) أو كما قال عليه الصلاة والسلام يقول السائل أنا أحفظ البعض من الأحاديث هل الواجب علي أن أبلغها أمام الناس في المساجد حيث لا أستطيع على ذلك أم ماذا أفيدوني مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الحديث الذي أشار إليه فيمن سئل عن علم فكتمه فإنه يلجم بلجام من نار يوم القيامة ومن علم علما فإن عليه أن يبلغه لقول النبي صلى الله عليه وسلم (ليبلغ الشاهد منكم الغائب) وطرق التبليغ كثيرة إما أن يبلغه في المجلس أو في مسجد أو في فصل دراسي أو غير ذلك بقدر الاستطاعة وينبغي إذا أراد أن يبلغه أن يتحين الفرص المناسبة حتى يقبل الناس إليه ويأخذوا منه.

***

ص: 2

‌أبو عبد العزيز إبراهيم أبو حامد من الرياض يقول فضيلة الشيخ نسمع عن قصة الأبرص والأقرع والأعمى فما هي قصتهم وهل لها علاقة بالتوحيد والفقه

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: قصة الأقرع وهو الذي ليس في رأسه شعر أن الله تعالى أراد أن يمتحنه وصاحبيه وهما الأبرص والأعمى فأرسل إليهم ملكا وسألهم ماذا يريدون فأما الأقرع فأخبر أنه يريد أن يذهب الله عنه القرع ويرزقه شعرا حسنا وسأله ماذا يحب من المال فقال الإبل فأعطاه ناقة عشراء وبارك الله في هذه الناقة ونتجت إبلا كثيرة حتى صار له وادٍ من الإبل وأما الأبرص فسأله الملك ماذا يريد فقال أريد أن يرزقني الله تعالى جلدا حسنا ويذهب عني هذا الذي قذرني الناس به فأعطي هذا وسأله ماذا يريد من المال فقال البقر فأعطاه بقرة حاملا وبارك الله فيها حتى صار له وادٍ من البقر وأما الأعمى فأتاه الملك وسأله ماذا يريد فقال أريد أن يرد الله إلى بصري فأبصر به الناس ولم يسأل بصرا قويا كما سأل صاحباه الأول الأقرع طلب شعرا حسنا والثاني طلب جلدا حسنا فأعطيا ما سألا الثالث الأعمى إنما طلب ما تحصل به الكفاية بصرا يبصر به الناس وصار هذا أبرك الثلاثة وسأله عن المال فلم يطلب أيضا أعلى المال بل طلب شاة فأعطي الشاة وبارك الله له فيها فصار له وادٍ من الغنم ثم أراد الله عز وجل أن يكمل الابتلاء فأتى الملك إلى الأقرع بصورته وهيئته يعني أتاه بصورة إنسان أقرع وسأله أن يعطيه من المال وذكره بنعمة الله عليه وأنه كان أقرع فأعطاه الله تعالى شعراً حسنا وكان فقيرا فأعطاه الله المال ولكنه والعياذ بالله أنكر نعمة الله وقال إنما أوتيت هذا المال كابرا عن كابر يعني ورثته من أب عن جد وأبى أن يعطيه وأتى الأبرص ومثله أجابه بمثل ما أجابه به الأقرع وأتى الأعمى بصورته وهيئته وقال إنه فقير وابن سبيل وقد انقطعت به الحبال في سفره فسأله أن يعطيه شاة فأعطاه فقال له قد كنت أعمى فرد الله علي بصري وكنت فقيرا فأعطاني الله المال فخذ ما شيءت منه ودع ما شيءت فوالله لا أجهدك اليوم بشيء أخذته لله يعني ما أمنعك خذ ما شيءت هذا الأعمى شكر نعمة الله عليه برد البصر وشكر نعمة الله عليه بالصدقة بما أراد السائل من المال وكان هذا الرجل أعني الملك يقول لكل واحد من الاثنين إن كنت كاذبا فصيرك الله إلى ما كنت فدعا عليهما أن يردهما الله إلى حالهما إن كانا كاذبين وهما لاشك أنهما كاذبان والظاهر أن الله تعالى ردهما إلى حالهما الأولى فسلب الأقرع شعره وماله وكذلك الأبرص أما الأعمى فقال له الملك أمسك عليك مالك يعني لا أريد شيئا إنما ابتليتم فقد رضي الله عنك وسخط على صاحبيك هذه هي القصة وفيها من العبر شيء كثير وفيها ما ينافي التوحيد وذلك بكفر النعمة بالنسبة للأقرع والأبرص وفيها أيضا ما يؤكد قدرة الله عز وجل حيث إن الله تعالى أزال القرع والبرص والعمى من هؤلاء في لحظة واحدة وفيها أيضا من الفقه أنه ينبغي للإنسان أن يتصدق مما أعطاه الله عز وجل وفيه أيضا من السلوك والمنهج أن الله سبحانه وتعالى قد يبتلي العبد بالنعم كما يبتليه بالنقم واختلف أرباب السلوك يعني أصحاب العبادات ورقة القلوب أيهما أفضل وأشد بلاءً فقال بعض العلماء الفقر والمرض أشد بلاءً من الغنى والصحة لأنه قل من يصبر وقال الآخرون بل الصحة والغنى أشد لأنه قَلَّ مَنْ يشكر والحقيقة أن كلا منهما ابتلاء وامتحان من الله عز وجل فالله تعالى قد يعطي المال والصحة والبنين وغير ذلك من حسنات الدنيا ليبتلي من أعطاه أيشكر أم يكفر وقد يسلب الله هذه النعم ليبتلي من سلبها عنه أيصبر أم يتضجر فعلى الإنسان أن ينتبه في مثل هذه الأمور وأن لا يتخذ من نعم الله سبحانه وتعالى وسيلة إلى البطر والأشر فإن الله قال (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ) .

***

ص: 2

‌أم عبد الرحمن من اليمن تقول أسأل عن معنى حديث (من جلس مجلسا ولم يذكر الله تعالى تحسر عليه وندم يوم القيامة) ونحن مجموعة من الأخوات إذا التقينا وجلسنا نبدأ بذكر الله وذكر الرسول صلى الله عليه وسلم ونذكر الصحابة والتابعين والعلماء الذين قد ماتوا رحمهم الله والذين ما يزالون على قيد الحياة حفظهم الله والسؤال هل نثاب عندما نذكر العلماء

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لاشك أن الإنسان إذا جلس مجلسا مع أصحابه ولم يذكروا الله ولم يصلوا على النبي صلى الله عليه وسلم أنه قد خسر هذا المجلس وسيتحسر يوم القيامة كيف فاته في هذا المجلس أن يذكر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم لذلك ينبغي أن لا يخلو المجلس من ذكر الله أو ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم سواء في ابتداء أو في أثناء الحديث أو عند اختتام الحديث وأما ذكر الصحابة والتابعين لهم بإحسان والعلماء والأئمة فلاشك أن ذكرهم يحيي القلوب ويوجب محبتهم والترحم عليهم والاستغفار لهم لكن كوننا نقول إن هذا أمر مطلوب يحتاج إلى دليل.

***

ص: 2

‌ماهي صفات السبعين ألفاً الذين يدخلون الجنة بغير حساب ومن كان ينقصه شيء من هذه الصفات ماذا يلزمه مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الصفات هي التي ذكرها النبي عليه الصلاة والسلام فقال (هم الذين لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون)(لا يسترقون) يعني لا يطلبون أحد يقرأ عليهم حال مرضهم (ولا يكتوون) لا يطلبون أحدا يكويهم (ولا يتطيرون) لا يتشاءمون (وعلى ربهم يتوكلون) أي يعتمدون على الله تعالى ويفوضون أمرهم إلى الله سبحانه ولا يدخل في ذلك من عرض نفسه على الطبيب للدواء لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل لا يتداوون بل قال (لا يكتوون ولا يسترقون) اللهم إلا أن يعلق الإنسان قلبه بالطبيب ويكون رجاؤه وخوفه من المرض متعلقا بالطبيب فهذا ينقص توكله على الله عز وجل فينبغي للإنسان إذا ذهب إلى الأطباء أن يعتقد أن هذا من باب بذل الأسباب وأن المسبب هو الله سبحانه وتعالى وحده وأنه هو الذي بيده الشفاء حتى لا ينقص توكله.

***

ص: 2

‌ما معنى حديث (من مس الحصى فقد لغا ومن لغا فلا جمعة له) ولماذا خص الحصى بهذا الحديث

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الحصى هي الحصباء التي فرش بها المسجد وكان مسجد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في حياته مفروشا بالحصباء ومعنى (مَنْ مس الحصى فقد لغا) أي من مسه حال خطبة الإمام يوم الجمعة عبثا فقد لغا وذلك لأنه تلهى عن استماع الخطبة خطبة الإمام (ومن لغا فلا جمعة له) أي أنه يحرم من ثواب الجمعة لأن من أهم مقاصد الشرع في صلاة الجمعة الخطبة والاستماع إليها فإذا تشاغل الإنسان بمس الحصى فإنه يكون قد حرم هذه الحكمة العظيمة فيحرم من ثواب الجمعة وهذا يدل أنه يجب على الإنسان حال خطبة الجمعة أن يكون منصتا مستمعا لما يقوله الخطيب ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم (من تكلم يوم الجمعة والإمام يخطب فهو كمثل الحمار يحمل أسفارا ومن قال له أنصت فقد لغا) .

***

ص: 2

‌من قطر السائل حسن أحمد يقول فضيلة الشيخ نرجو أن تشرحوا هذا الحديث جزاكم الله خيرا عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (صنفان من أهل النار لم أرهما قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا)

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه سيكون صنفان من الناس لم يرهما النبي صلى الله عليه وسلم:

الصنف الأول يتضمن العدوان على الناس بغير حق مستخدما سلطته في العدوان عليهم وهم قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس يعني بغير حق قال أهل العلم وهؤلاء هم الشُّرَط شُرَط الظلمة الذين يضربون الناس بغير حق فهم من أهل النار لأن من أعان ظالما لحقه من إثمه ما يستحق

والصنف الثاني نساء كاسيات عاريات يعني عليهن كسوة لكنهن بمنزلة العاريات قال العلماء إما لضيق الكسوة وإما لخفتها حتى يرى من ورائها البشرة وإما لقصرها وأما قوله (مميلات مائلات) فالمعنى أنهن يملن الثياب أو المشطة أو يملن الرجال بفتنتهم ومائلات هن مائلات عن الحق بسبب فعلهن (رؤسهن كأسنمة البخت المائلة) يعني أن الواحدة منهن تتزيا بهذا الزي تجعل شعرها كبة فوق هامتها حتى يميل يمينا أو شمالا كسنام البعير والبخت نوع من أنواع الإبل معروفة بعظم السنام وميله إلى أحد الجانبين والخلاصة أن هؤلاء النساء يفعلن ما فيه الفتنة في أنفسهن ولغيرهن.

***

ص: 2

‌يقول السائل أبلغ من العمر الرابعة والعشرين وذكر في الحديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله (ذكر منهم الشاب الذي نشأ في عبادة الله) فمتى يبدأ سن الشباب ومتى ينتهي

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أبشر هذا السائل أنه في سن الشباب فإذا كان قد نشأ من بلوغه في طاعة الله إلى هذه السن واستمر على ذلك إلى الممات فإنه يرجى أن يكون من الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله أسال الله أن يجعلني وإياه ومن سمع من الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله.

***

ص: 2

‌نوره س ص تقول في حديث عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم فيما معناه (سبعة يظلهم الله في ظله يوم القيامة يوم لا ظل إلا ظله) هل يختص هذا الظل بالرجال دون النساء علماً بأن كل جملة تبدأ بكلمة رجل

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الحديث الذي أشارت إليه السائلة وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله إمام عادل وشاب نشأ في طاعة الله ورجل قلبه معلق بالمساجد ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه ، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها لا تعلم شماله ماتنفق يمينه) وهذه الجمل السبع كما ذكرت السائلة مصدرة بكلمة رجل نعم ولكن ليعلم أن ما جاء من النصوص في كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم معلقاً بالرجال فإنه يشمل النساء وما جاء معلقاً بالنساء فإنه يشمل الرجال أيضاً لأن ذلك هو الأصل أي أن الأصل تساوي الرجال والنساء في الأحكام الشرعية إلا ما قام الدليل على الاختصاص فمثلاً قوله تعالى (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ (4) إِلَاّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) هذه الآية كما هو مسموع علق الحكم فيها بالنساء ومن المعلوم أن الحكم يعم الرجال فمن قذف المحصنين ولم يأت بأربعة شهداء فإنه يجلد ثمانين جلدة ولا تقبل له شهادة أبداً ويكون من الفاسقين وكذلك قوله تعالى (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ) الخ يشمل النساء وكذلك قوله تعالى (إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً) يشمل النساء فالأصل إذا أنما علق بالنساء من أحكام أو أخبار يشمل الرجال وما علق بالرجال يشمل النساء إلا ما دل الدليل على تخصيصه فيعمل بمقتضى الدليل وبناء على هذه القاعدة العامة المتفق عليها يكون الحديث المشار إليه (سبعة يظلهم الله في ظله) يكون شاملاً للنساء بلا شك (شاب نشأ في طاعة الله) يمكن أن يكون للرجال والنساء الرجل قلبه معلق بالمساجد يكون للرجال فقط لأن المرأة صلاتها في بيتها أفضل لها اللهم إلا أن يتوسع في المعنى ويراد بالمساجد أماكن السجود فيعم أماكن الصلاة كلها سواء في البيت أو في المسجد فحينئذ تدخل المرأة في ذلك رجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني اخاف الله يمكن أن يوجد ذلك في النساء بأن يدعوها شاب ذو جمال وحسب فتقول إني اخاف الله فتكون المرأة كالرجل في ذلك المهم أن كل جملة من هذا الحديث تصح للنساء وتقوم بها النساء فإن الحكم يشمل النساء بلا شك وهذا كثيراً ما يحصل فيه تساؤل ويسأل بعض النساء عما ذكر الله سبحانه وتعالى لأهل الجنة من الحور والأزواج المطهرة يقلن كيف يكون للرجال حور عين وأزواج مطهرة فماذا يكون شأن النساء من أهل الدنيا والجواب على ذلك أن النساء من أهل الدنيا يتزوجن بالرجال من أهل الدنيا والرجال من أهل الدنيا خير من الولدان الذين في الآخرة الذين في الجنة لأن الولدان الذين في الجنة خدم لهؤلاء الرجال فالرجل من أهل الدنيا يكون خيراً من الولدان في الجنة وحينئذ تنال المرأة في الجنة بغيتها ويكفي دليلاً لذلك قوله تعالى في وصف الجنة (وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأَنفُسُ وَتَلَذُّ الأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) .

***

ص: 2

‌في الحديث الذي (نهى الرسول صلى الله عليه وسلم فيه عن القيل والقال وإضاعة المال وكثرة السؤال) هل السؤال هو طلب الصدقة أم هل هو السؤال عن الشيء الذي لا ينبغي أن يسأله المسلم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: كثرة السؤال تشمل سؤال العلم وسؤال المال لكن سؤال المال بلا سبب يبيحه محرم قال النبي صلى الله عليه وسلم (من سأل الناس أموالهم تكثرا فإنما يسأل جمراً فليستقل أو ليستكثر) وأخبر صلى الله عليه وسلم (أن الرجل لا يزال يسأل حتى يأتي يوم القيامة وما في وجهه مزعة لحم) وأما سؤال العلم فإن كان لأمر نازل وسأل عنه ليتبين له الحكم هذا أمر لابد منه ويحمد الإنسان عليه وإن كان سؤالا عن المعضلات وإعنات المسؤول ولحوق العلماء ليسألهم حتى يضرب أقوال بعضهم ببعض فهذا مذموم وكذلك أيضا السؤال في عهد النبي عليه الصلاة والسلام كثرته منهي عنها أخبر النبي صلى الله عليه وسلم (أن أعظم الناس جرما أو قال إثما من سأل عن مسألة لم تحرم فحرمت من أجل مسألته) وأخبر أنه (إنما أهلك من كان قبلنا كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم) .

***

ص: 2

‌رَغَّبَ الرسول صلى الله عليه وسلم في قتل الوزغ و (بأن أن الذي يقتله من أول مرة يكون له مائة حسنة) ما حكم قتل الوزغ وما حكم قتل الضفادع

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أما قتل الوزغ فإنه سنة وفيه أجر عظيم قد أخبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (أنه كان ينفخ النار على إبراهيم حين ألقي فيها) ثم إن فيه مضرة وأذى وأصواتا قبيحة مكروهة وأما الضفادع فلا تقتل إلا إذا آذت فإن آذت فلا بأس بقتلها لأن كل مؤذٍ يقتل كما قال الفقهاء رحمهم الله يسن قتل كل مؤذٍ.

***

ص: 2

‌ن ل الدوسري الأفلاج هل ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم هذا الحديث (إن المؤذن إذا قال حي علي الصلاة وحي على الفلاح يلتفت وينظر إلى اليمين والشمال)

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم من السنة إن يلتفت المؤذن عن اليمين وعن الشمال في حي علي الصلاة حي علي الفلاح لأن هذا أذان بلال في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولكن اختلف العلماء هل يقول حي على الصلاة مرة علي اليمين ومرة علي اليسار حي علي الفلاح مرة علي اليمين ومرة على اليسار أو يقول حي على الصلاة المرتين علي اليمين وحي على الفلاح المرتين على اليسار والمعمول به المشهور أنه يقول حي علي الصلاة مرتين علي اليمين حي على الفلاح مرتين على اليسار وهذا فيما كان المؤذن يؤدي الآذان بصوته بدون واسطة أما الآن فإن غالب المؤذنين يؤدي الآذان بواسطة مكبر الصوت والالتفات هنا لا داعي له لأن الالتفات فيما سبق من أجل أن يسمع من علي يمينه وعلى يساره أما الآن فمكبر الصوت موضوع في المنارة عن اليمين وعن الشمال وعن القبلة وعن خلف القبلة فلا حاجة إلى الالتفات ثم إنه إذا التفت سوف ينحرف عن فوهة اللاقطة فيتغير الصوت فإذا بقي متوجها إلى اللاقطة ووجهه إلى القبلة فلا حاجة حينئذٍ إلى الالتفات ولكن هل يجعل أصبعيه في أذنيه في هذه الحال الجواب نعم لأن وضع الإصبعين في الأذنين مما يحسن صوت المؤذن إذ أن الصوت يخرج منه جزء بسيط من قبل الأذنين فإذا وضع أصبعيه في أذنيه كان هذا أندى للصوت وأصفى للصوت

***

ص: 2

‌سائلة تقول في هذا السؤال: يدعو الإنسان في صلاته (اللهم إني أعوذ بك من فتنة المحيا وفتنة الممات) ما المقصود بفتنة الممات جزاكم الله خيراً

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: فتنة المحيا هي أن يفتتن الإنسان بالدنيا وينغمس فيها وينسى الآخرة وهذا ما أنكره الله تعالى على العباد (بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى) ومن فتن الدنيا الشبهات أن يقع في قلب الإنسان شك وجهل فيما أنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم أما فتنة الممات فتشمل شيئين: الأول ما يحدث عند الموت، والثاني ما يحدث في القبر فأما الأول: وهو الذي يحدث عند الموت فإن الشيطان أعاذنا الله منه أحرص ما يكون على إغواء بني آدم عند موته لأنها هي الساعة الحاسمة فيحول بين المرء وقلبه -بمعنى- أنه يوقع الإنسان في تلك اللحظة فيما يخرجه عن دين الإسلام وليست هذه الحيلولة كحيلولة الله عز وجل التي ذكر الله تعالى في قوله (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ) لكنه أي الشيطان يحرص حرصاً كاملاً على إغواء بني آدم في تلك اللحظة وقد ذكروا عن الإمام أحمد رحمه الله أنه كان حين احتضاره يغمى عليه فيسمعونه يقول: بعد، بعد فلما أفاق، قيل له: يا أبا عبد الله ما قولك بعد بعد؟ قال: إن الشيطان يتمثل أمامي يقول: فُتّني يا أحمد فُتّني يا أحمد، فأقول له: بعد، بعد-يعني- لم أفتك لأن الإنسان لا ينجو من الشيطان إلا إذا مات، إذا مات انقطع عمله ولا رجاء للشيطان فيه إن كان مؤمناً، فيقول (الإمام أحمد) : إني أقول بعد بعد أي لم أفتك لجواز أن يحصل من الشيطان فتنة عند موت الإنسان ولكنني أبشر إخواني الذين آمنوا بالله حقاً واتبعوا رسوله صدقاً واستقاموا على شريعة الله أبشرهم أن الله بفضله وكرمه لن يخذلهم لن يختم لهم بسوء الخاتمة لأن الله تعالى أكرم من عبده جل وعلا فمن صدق مع الله فليبشر بالخير لكن يكون سوء الخاتمة فيما إذا كان القلب منطوياً على سريرة خبيثة فإنه قد يعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار نعوذ بالله من ذلك فهذه من فتنة الموت وإنما سميت فتنة الموت لقربها منه. أما الثاني مما تتناوله فتنة الموت: فهو فتنة الإنسان في قبره فإن الإنسان إذا مات ودفن وتولى عنه أصحابه أتاه ملكان يسألانه عن ربه ودينه ونبيه فأما المؤمن -أسأل الله أن يجعلني ومن استمع منهم - فيقول: ربي الله وديني الإسلام ونبيي محمد فينادي مناد من السماء أن صدق عبدي فافرشوه من الجنة وألبسوه من الجنة وافتحوا له باباً إلى الجنة ويوسع له في قبره، وأما الكافر والعياذ بالله أو المرتاب فيقول ها ها لا أدري يطمس عليه حتى وإن كان في الدنيا يعرف ذلك يقول سمعت الناس يقولون شيئا فقلته. وقلبه والعياذ بالله لم يدخله الإيمان فينادي منادٍ من السماء أن كذب عبدي فأفرشوه من النار وألبسوه من النار وافتحوا له باباً إلى النار ويضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه ووالله إنها لفتنة عظيمة نسأل الله أن يقينا وإخواننا المسلمين إياها فهذا معنى قول الداعي (أعوذ بالله من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال) فهذه فتنة الممات المذكورة في هذا الحديث تشتمل على هذين الشيئين.

***

ص: 2

‌ف. ح. تقول ما معنى (النساء شقائق الرجال)

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: معنى كون النساء شقائق الرجال أن المرأة شقيقة الرجل بمعنى أنها جزء منه لأن المرأة بنت لأبيها فهي بضعة منه كما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في فاطمة بنت محمد رضي الله عنها (فاطمة بضعة مني) وله معنى آخر شقائق الرجال أي مساويات للرجال فيما فرض الله عز وجل على الرجال والنساء مما لا تختص به المرأة أو لا يختص به الرجل.

***

ص: 2

‌ع ع أتقول نريد فضيلة الشيخ أن يلقي الضوء على الحديث التالي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء)

فأجاب رحمه الله تعالى: معنى هذا الحديث أن الدنيا عند الله تعالى ليست بشيء ولا تساوي شيئا إذ لو كانت عند الله شيئا له وزنه ما سقى الكافر منها شربة ماء لأن الكافر ليس أهلا لذلك وهذا الحديث قد تكلم فيه أهل العلم في صحته عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لكن إن صح فمعناه ما قلناه.

***

ص: 2

‌ما معني الحديث الذي يقول (تلك عاجل بشرى المؤمن) فأرجو إعطائي أمثلة مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: المؤمن يبشر في الدنيا بعمله الصالح من عدة وجوه

أولا إذا شرح الله صدره إلى العمل الصالح وصار يطمئن إليه ويفرح به كان هذا دليلا على أن الله تعالى كتبه من السعداء لقول الله تبارك وتعالى (فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى) ويدل لهذا (أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حين أخبر أن كل إنسان قد كتب مقعده من الجنة والنار فقالوا يا رسول الله أفلا ندع العمل ونتكل على ما كتب قال اعملوا فكل ميسر لما خلق له ثم قرأ (فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى)) فمن بشرى المؤمن أن يجد المؤمن من نفسه راحة في الأعمال الصالحة ورضا بها وطمأنينة إليها ولهذا كانت الصلاة قرة عين رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم

ومن البشرى للمؤمن أن يثني الناس عليه خيرا فإن ثناء الناس عليه بالخير شهادة منهم له على أنه من أهل الخير وهذه الأمة هم الشهداء كما قال الله تعالى (لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ) ولما مرت جنازة أثنوا عليها خيرا قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (وجبت يعني وجبت له الجنة وقال للصحابة أنتم شهداء الله في الأرض) فإذا كان الإنسان لا يسمع من الناس إلا الثناء عليه فهذه من نعمة الله عليه وهي بشرى

ومنها أي من عاجل بشرى المؤمن أن ترى له المرائي الحسنة في المنام يأتيه هذا ويقول رأيت كذا ورأيت كذا والثاني يقول رأيت كذا ورأيت كذا أو يرى هو بنفسه لنفسه خيرا فإن هذه من عاجل بشرى المؤمن فهذه ثلاثة أمور كلها من عاجل بشرى المؤمن فليبشر الرجل ولتبشر المرأة إذا رأى كل منهما أن العمل ميسر له وأن الله سبحانه وتعالى قد شرح صدره للإسلام قال الله تعالى (أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ) .

***

ص: 2

‌أبو بكر حميد من مدينة جدة يقول ما معنى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم (لا تتقدموا رمضان بيومٍ أو يومين إلا إذا كان الرجل يصوم يوم صدقة فليصم ذلك اليوم)

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا اللفظ الذي ذكره السائل ليس هو لفظ الحديث لكنه بمعناه فقد (نهى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يتقدم الإنسان رمضان بصوم يومٍ أو يومين إلا من كان له صومٌ يعتاده فليصمه) وذلك أن تقدم صوم رمضان بيومٍ أو يومين فيه نوعٌ من التنطع والتشدد أن يقوم أحدٌ بتقدم رمضان بصوم يومٍ أو يومين احتياطاً منه على ما يزعم فيكون في هذا تنطعٌ في دين الله وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام (هلك المتنطعون هلك المتنطعون هلك المتنطعون) ولهذا رخص النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لمن كان له صومٌ اعتاده أن يصومه ولو صادف قبل رمضان بيومٍ أو يومين فمثلاً إذا كان من عادة الإنسان أن يصوم يوم الاثنين وكان يوم الاثنين هو التاسع والعشرين من شعبان فإنه يصومه ولا إثم عليه لأنه لم يصم هذا اليوم احتياطاً لرمضان وإنما صامه لأن هذا من عادته وكذلك إذا كان من عادته أن يصوم ثلاثة أيامٍ من كل شهر ولكنه لم يصمها في شعبان ولم يتيسر له صومها إلا في آخر شعبان فصامها في اليوم السابع والعشرين والثامن والعشرين والتاسع والعشرين فإنه لا شيء عليه لأن ذلك صومٌ كان يصومه وكذلك لو كان عليه قضاءٌ من رمضان وقد بقي عليه يومٌ أو يومان فصامهما في الثامن والعشرين والتاسع والعشرين من شعبان فإنه لا يضره والمهم أن الحكمة من النهي لئلا يتنطع المتنطع فيقول أصوم قبل رمضان بيومٍ أو يومين احتياطاً

***

ص: 2

‌كيف الجمع بين حديث (لا تزال طائفة من أمتي

) الخ وحديث (إن شرار الخلق الذين تقوم الساعة عليهم) مأجورين

فأجاب رحمه الله تعالى: قبل الإجابة على هذا السؤال أود أن أقول إنه لا يمكن أن يتعارض القرآن بعضه مع بعض ولا السنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بعضها مع بعض ولا القرآن مع السنة الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ولا القرآن والسنة مع الواقع ولا القرآن والسنة مع صريح المعقول وذلك لأن القرآن كلام الله وقد قال الله تعالى (أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيرا) ولأن كلام الله سبحانه وتعالى حق والحق لا يتناقض وكذلك السنة النبوية التي صحت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حق والحق لا يناقض بعضه بعضا وبناءً على هذه القاعدة ننتقل إلى الجواب عن السؤال وهو قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم (لا تزال طائفةٌ من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله) وفي رواية (حتى تقوم الساعة) وقوله (إن الساعة لا تقوم إلا على شرار الخلق) فيحمل الحديث الأول على أن المراد بالساعة قرب الساعة والمراد بأمر الله أمر الله الذي يكون به موت المؤمنين وأولياء الله المتقين فإذا مات المؤمنون المتقون لم يبقَ إلا أشرار الخلق وعليهم تقوم الساعة.

***

ص: 2

‌ما معنى هذا الحديث الذي ما معناه (إسباغ الوضوء على المكاره وانتظار الصلاة بعد الصلاة) هل معنى ذلك الجلوس في المسجد حتى يحين موعد الصلاة التي بعدها

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إسباغ الوضوء على المكاره معناه أن الإنسان يتمم وضوءه على الوجه الأكمل في الأيام الباردة وكذلك ينتظر الصلاة بعد الصلاة سواء في المسجد أو بعد المسجد وإنما المعنى أن يكون قلبه معلقاً بالصلاة إذا أدى صلاةً ينتظر الصلاة الأخرى فيكون دائماً معلقاً قلبه في الصلاة وليس معنى الجملة الأولى إسباغ الوضوء على المكاره أن الإنسان يتقصد الماء البارد مع وجود الماء الساخن فإن هذا ليس من السنة بل إذا يسر الله لك ما فيه راحةٌ لك فهو أفضل وأكمل وأقرب إلى كمال الطهارة لكن إذا قدر أنك في بر أو في بلدٍ ليس فيها سخانات ولا يمكن تسخين الماء ثم توضأت على الكره لشدة البرد فإن هذا هو الذي يراد بهذا الحديث الذي ذكره أو ذكرته السائلة.

***

ص: 2

‌من اليمن خ. ع. د. شبوة يقول فضيلة الشيخ ما هو تفسير حديث الرسول صلى الله عليه وسلم (من سن سنةً في الإسلام حسنة فله أجرها

الحديث) يقول أرجو بذلك إفادة مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: (من سن في الإسلام سنةً حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة) هذا لفظ الحديث وسببه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حث يوماً على الصدقة فجاء رجلٌ من الأنصار بصرة قد أثقلت يده فوضعها بين يدي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال (من سن في الإسلام سنةً حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة) وهذه السنة سنة العمل والتنفيذ وليست سنة التشريع فإن سنة التشريع إلى الله ورسوله فقط ولا يحل لأحدٍ أن يشرع في دين الله ما ليس منه أو يسن في دين الله ما ليس منه لأن ذلك بدعة وقد حذر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من البدع وقال (كل بدعةٍ ضلالة) لكن من سبق إلى عمل لم يسبقه إليه أحد أو أحيا سنةً أميتت كان قد سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة وكذلك أيضاً من سن سنةً تكون وسيلة إلى أمرٍ مشروع ولم يكن سبقه إليها أحد فإنه يكون داخلاً في الحديث أنه سنّ سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة كما لو ابتكر طريقةً يسهل بها الحصول على الآيات أو يسهل بها الحصول على الأحاديث أو ما أشبه ذلك فإنه في هذه الحال يكون قد سن سنةً حسنة فيكون له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة. فإذا السنة في الإسلام تنقسم ثلاثة أقسام سنة تشريع وسنة عمل أو سنة سبق إلى عمل وسنة وسيلة فأما سنة التشريع فإنه لا يحل لأحدٍ أن يشرع ما لم يشرعه الله ورسوله وسنته هذه تعتبر بدعة وضلالة مردودةٌ عليه لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (عليكم بسنتي وإياكم ومحدثات الأمور)(ومن عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) جاءت هذه الكلمات في أحاديث متعددة أما سنة السبق فمثله الحديث الذي ذكرناه آنفاً أن يحث أحد على عمل خير فيتقدم إنسان فيكون أول من بادر به فيتابعه الناس في ذلك فيكون قد سن سنة حسنة وأما سنة الوسيلة فكالذي ذكرناه أيضاً يبتكر الإنسان شيئاً يكون به الوصول إلى أمرٍ مشروع ولم يكن قد سبقه إلى هذا أحد فيكون قد سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة.

***

ص: 2

‌عبد الكريم يوسف سوداني يعمل باليمن يقول فضيلة الشيخ صعد رسول صلى الله عليه وسلم المنبر ذات يوم فقال (آمين) ثلاث مرات فسأله الصحابة رضي الله عنهم عن سبب تأمينه فما هو الحديث وما معناه

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الحديث (أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد المنبر فقال آمين آمين آمين فسئل النبي صلى الله عليه وسلم عن تأمينه فقال أتاني جبريل فقال رغم أنف أمرئ ذكرت عنده فلم يصل عليك قل آمين فقلت آمين ثم قال رغم أنف امرئ أدرك رمضان فلم يغفر له فقل آمين فقلت آمين ثم قال رغم أنف امرئ أدرك أبويه أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة فقلت آمين فقلت آمين) والمعنى ظاهر

فالجملة الأولى في رجل ذكر عنده النبي صلى الله عليه وسلم فلم يصل عليه وهذا الحديث يدل على وجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذكر عند الإنسان فإن لم يفعل فإنه يستحق أن يدعى عليه بهذا الدعاء رغم أنفه ومعنى رغم أنفه أي سقط في الرغام والتراب وهذا كناية عن ذله وإهانته.

الثاني أدرك رمضان فلم يغفر له وذلك بأن يهمل صيام رمضان وقيام رمضان فإن من صام رمضان إيماناً واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ومن قام رمضان إيمانا واحتسابا غفرله ما تقدم من ذنبه فإذا أهمل وأضاع فإنه لن يحصل على هذا الثواب العظيم ويكون قد رغم أنفه.

والثالث رجل أدرك أبويه أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة أو لم يقم ببرهما الذي يكون سببا لدخول الجنة فهذا أيضاً ممن دعا عليه جبريل وأمن عليه الرسول صلى الله عليه وسلم أن يرغم أنفه أي يصاب بالذل.

***

ص: 2

‌س. ص. مقيم بالطائف يقول ما معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم (وإذا خاصم فجر)

.

فأجاب رحمه الله تعالى: معنى قول النبي عليه الصلاة والسلام (إذا خاصم فجر) يعني إذا خاصم غيره وحاكمه إلى القاضي في خصومة مالية أو حقوقية فإنه يفجر أي يكذب ويدعي ما ليس له أو ينكر ما كان عليه فالفجور هنا بمعنى الكذب والغدر وما أشبه ذلك.

***

ص: 2

‌نوره أ. ت. من الرياض تقول في الحديث الذي ما معناه (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر) أريد الشرح لهذا الحديث وهل الكبر معناه التكبر على الناس فقط

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الجواب معنى الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبر (أنه لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر) وهذا النفي لدخول الجنة على نوعين فإن كان هذا الكبر مقتضياً لكفره وخروجه عن الإسلام كما لو تكبر عن شريعة الله وردها أو رد بعضها فإن هذا النفي نفي للدخول بالكلية لأن الكافر لا يدخل الجنة أبداً ومأواه النار خالداً فيها مخلداً أما إذا كان الكبر تكبراً على الخلق وعدم الخضوع على ما يجب عليه نحوهم بدون رد لشريعة الله ولكن طغياناً وإثماً فإن نفي الدخول هنا نفي للدخول الكامل أي أنه لا يدخل الجنة دخول كاملاً حتى يعاقب على ما أضاع من حقوق الناس ويحاسب عليه لأن حقوق الناس لا بد أن تستوفى كاملة وبهذا يتبين الجواب عن الفقرة التالية في سؤالها وهو أن الكبر ليس هو احتقار الناس فقط بل الكبر كما فسره النبي عليه الصلاة والسلام (بطر الحق) أي رده وعدم الاكتراث به (وغمط الناس) أي احتقارهم وازدراؤهم.

***

ص: 2

‌قال الرسول صلى الله عليه وسلم (هن لهن ولمن مر عليهنّ من غير أهلهنّ) ما معنى هذا بارك الله فيكم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: معنى هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم (وقت المواقيت وقت لأهل المدينة ذا الحليفة ولأهل الشام الجحفة ولأهل اليمن يلملم ولأهل نجد قرن المنازل وقال هنّ لهنّ أي هذه المواقيت لأهل هذه البلاد ولمن مر عليهنّ أي على هذه المواقيت من غير أهلهنّ) فأهل المدينة يحرمون من ذي الحليفة إذا أرادوا الحج أو العمرة وإذا مر أحدهم من أهل نجد عن طريق المدينة أحرم من ذي الحليفة لأنه مر بالميقات وكذلك إذا مر أحد من أهل الشام عن طريق المدينة فإنه يحرم من ذي الحليفة لأنه مر بها وكذلك لو أن أحداً من أهل المدينة جاء من قبل نجد ومر بقرن المنازل فإنه يحرم منه هذا معنى قوله (ولمن مر عليهنّ من غير أهلهنّ) ومن تأمل هذه المواقيت تبين له فيها فائدتان

الفائدة الأولى رحمة الله سبحانه وتعالى بعباده حيث جعل لكل ناحية ميقاتاً عن طريقهم حتى لا يصعب عليهم أن يجتمع الناس من كل ناحية في ميقات واحد.

والفائدة الثانية أن تعيين هذه المواقيت من قبل أن تفتح هذه البلاد فيه آية للنبي صلى الله عليه وسلم حيث إن ذلك يستلزم أن هذه البلاد ستفتح وأنها سيقدم منها قوم يؤمون هذا البيت للحج والعمرة ولهذا قال ابن عبد القوي في منظومته الدالية المشهورة:

وتوقيتها من معجزات نبينا بتعيينها من قبل فتح معدد

فصلوات الله وسلامه عليه.

***

ص: 2

‌ما حكم من وقف من الحجاج في اليوم الثامن أو العاشر خطأ هل يجزئهم وما معنى (الحج عرفة)

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم لو وقف الحجاج في اليوم الثامن أو في اليوم العاشر خطأ فإن ذلك يجزئهم لأن الله تعالى قال (لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَاّ وُسْعَهَا) وقد قال الله تعالى (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) وأما معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم (الحج عرفة) فمعناه أنه لا بد في الحج من الوقوف بعرفة فمن لم يقف بعرفة فقد فاته الحج وليس معناه أن من وقف بعرفة لم يبق عليه شيء من أعمال الحج بالإجماع فإن الإنسان إذا وقف بعرفة بقي عليه من أعمال الحج المبيت بمزدلفة وطواف الإفاضة والسعي بين الصفا والمروة ورمي الجمار والمبيت في منى ولكن المعنى أن الوقوف بعرفة لا بد منه في الحج وأن من لم يقف بعرفة فلا حج له ولهذا قال أهل العلم من فاته الوقوف فاته الحج.

***

ص: 2

‌في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي يبين فيه علامات يوم القيامة (وأن تلد الأمة ربتها) من هي الأمة وكيف تلد ربتها

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا من أمارات الساعة وهو وارد في حديث جبريل حين أتى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن الإسلام والإيمان والإحسان وعن الساعة فقال له حين سأله عن الساعة قال له النبي صلى الله عليه وسلم (ما المسؤول عنها بأعلم من السائل قال فأخبرني عن أماراتها قال أن تلد الأمة ربتها) والمراد بالأمة المملوكة والمراد بربتها مالكتها والمعنى أن الإماء قد يكن قد ولدن إناثاً وتكون هذه الأنثى بعد ذلك ربة أي مالكة فيكون الضمير في قوله ربتها عائداًَ إلى الأمة باعتبار الجنس وليس باعتبار الشخص يعني أن تلد جنس الإماء من يكون في المستقبل مالكاً للإماء وليس المعنى أن هذه الأمة التي ولدت هذه الأنثى تكون هي بعينها مملوكة لها بل المراد ما ذكرت فالضمير عائد إلى الأمة باعتبار الجنس لا باعتبار الشخص وهذا يقع كثيراً.

***

ص: 2

‌ما معنى (من حج فلم يرفث ولم يفسق خرج كيوم ولدته أمه)

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: معناه أن الإنسان إذا حج واجتنب ما حرم الله عليه من الرفث وإتيان النساء والفسوق وهو مخالفة الطاعة بأن يترك ما أوجب الله عليه أو يفعل ما حرم الله عليه هذا هو الفسوق فإذا حج الإنسان ولم يرفث ولم يفسق فإنه يخرج من ذلك نقياً من الذنوب كما أن الإنسان إذا خرج من بطنه أمه فإنه لا ذنب عليه فكذلك هذا الرجل إذا حج بهذا الشرط فإنه يكون نقياً من ذنوبه.

***

ص: 2

‌عن عائشة رضي الله عنها قالت قال النبي صلى وسلم (لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية وإذا استنفرتم فأنفروا) متفق عليه أريد شرحاً إجمالياً لهذا الحديث

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الحديث قاله النبي عليه الصلاة والسلام بعد أن فتح مكة وكانت مكة قبل الفتح بلد شرك يهاجر منها المسلمون إلى المدينة إلى الله ورسوله فلما فتحت مكة لم تكن الهجرة منها مشروعة لأنها صارت بلاد إسلام فسقطت الهجرة من مكة إلى غيرها وأما الهجرة من بلاد الشرك فإنها باقية إلى يوم القيامة فالنفي هنا عائد على الهجرة من مكة فقط وقوله عليه الصلاة والسلام (ولكن جهاد ونية) معناه أن الذي بقي بعد فتح مكة على أهل مكة الجهاد إن أمكنهم ذلك أو نية الجهاد إن لم يمكنهم الجهاد أو يقال (ولكن جهاد ونية) أي جهاد في سبيل الله ونية خالصة بحيث يقصد الإنسان بجهاده أن تكون كلمة الله هي العليا وأما قوله (إذا استنفرتم فانفروا) فالمعنى أنه إذا استنفركم ولي الأمر للجهاد في سبيل الله وجب عليكم أن تنفروا لقول الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمْ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنْ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلَاّ قَلِيلٌ (38) إِلَاّ تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) .

***

ص: 2

‌ف هـ أجمهورية اليمن الديمقراطية يقول قرأت حديثاً عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وأريد شرحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (استوصوا بالنساء خيراً فإن المرأة خلقت من ضلع أعوج وإن أعوج ما في الضلع أعلاه فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء)

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: في هذا الحديث يأمر النبي عليه الصلاة والسلام أن نستوصي بالنساء خيراً وذلك بالرفق بهنّ ومراعاة أحوالهنّ ويبين صلى الله عليه وسلم أنهنّ خلقنّ من ضِلَعَ وذلك بخلق حواء فإنها خلقت من ضلع آدم وحواء هي أم النساء وأم الرجال أيضاً فهي أم بني آدم فالمرأة خلقت من هذا الضلع ويبين الرسول عليه الصلاة والسلام أن أعوج شيء في الضلع أعلاه وأنك إذا ذهبت تقيمه يعني تعدله حتى يستقيم كسرته وإن استمتعت به استمتعت به على عوج والمرأة كذلك إن استمتعت بها استمتعت بها على عوج وعلى نقص وتقصير وإن ذهبت تقيمها كسرتها وكسرها طلاقها وعلى هذا فالذي ينبغي للإنسان أن يراعي حال المرأة وأن يعاملها بما تقتضيه طبيعتها فإن الرجل أعقل من المرأة وأرشد تصرفاً فإن عاملها بالشدة لم يعش معها وإن عاملها باللين والحكمة عاش معها وإن كان ذلك لا يتم به الاستمتاع لهذا الرجل.

***

ص: 2

‌ما معنى قول الرسول صلى الله عليه وسلم (لا ضرر ولا ضرار)

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: معنى (لا ضرر ولا ضرار) أنه لا يجوز إبقاء الضرر وأن الضرر منتفٍ شرعاً فكل شيء فيه ضرر فإنه يجب إزالته لأن الضرر مدفوع شرعاً وعقلاً ولا يمكن للعاقل أن يقره ولا للشريعة الإسلامية أن تقره وأما الضرار فهو من المضارة أي ولا يحل لأحد أن يضار أخاه حتى وإن كان فيما لا ضرر فيه ما دام يقصد أن يضر أخاه فمن ضار ضار الله به فهذا الحديث يدل على أن الضرر منتفٍ شرعاً سواءٌ حصل بقصد أو بغير قصد فإن حصل بقصد فهو مضارة وإن حصل بغير قصد فهو ضرر فالإنسان أحياناً يفعل الشيء لا يريد الضرر ولكنه يحصل به الضرر فإنه في هذه الحال يجب إزالته وأحياناً يفعل ما فيه الضرر قاصداً ذلك وحينئذٍ يكون مضاراً ولهذا أمثلة كثيرة لو أن رجلاً فتح نافذةً في جداره بقصد إضاءة المحل وإدخال الهواء عليه ثم تبين أن هذه النافذة تضر الجار بالإطلاع عليه وعلى ما في بيته فإنه يجب رفع هذا الضرر بأن تزال النافذة أو ترفع حتى لا ينكشف الجار بها وهذا ضرر وليس بمضارة لأن الذي فتح النافذة لا يقصد ضرر جاره ولكن حصل الضرر بغير قصد ومع ذلك يجب إزالة هذا الضرر وأما المضارة فرجل صار يستعمل أشياء مزعجة في بيته بقصد الإضرار على الجيران ليس له في ذلك منفعة ولكنه يريد الإضرار على الجيران فيجب على هذا الإنسان أن يدع ما فيه الضرر على جيرانه ويكون آثماً بقصد الإضرار.

***

ص: 2

‌ما معنى حديث (لا وتران في ليلة)

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: معناه أنه لا يشرع للإنسان أن يوتر مرتين في الليلة الواحدة لأن الوتر إنما يقصد به ختم الصلاة بالوتر وإذا ختمت بوتر فلا وجه للإيتار مرة ثانية

***

ص: 2

‌لماذا خص الله سبحانه وتعالى الصيام بقوله (الصوم لي وأنا أجزي به)

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الحديث حديث قدسي رواه النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه قال الله فيه (كل عمل ابن آدم له الحسنة بعشر أمثالها إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به) وخصه الله تعالى بنفسه لأن الصوم سر بين العبد وبين ربه لا يطلع عليه إلا الله فإن العبادات نوعان نوع يكون ظاهراً لكونه قولياً أو فعلياً ونوع يكون خفياً لكونه تركاً فإن الترك لا يطلع عليه أحد إلا الله عز وجل فهذا الصائم يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجل الله عز وجل في مكان لا يطلع عليه إلا ربه فاختص الله تعالى الصيام لنفسه لظهور الإخلاص التام فيه بما أشرنا إليه وقد اختلف العلماء في معنى هذه الإضافة فقال بعضهم إن معناها تشريف الصوم وبيان فضله وأنه ليس فيه مقاصة أي أن الإنسان إذا كان قد ظلم أحداً فإن هذا المظلوم يأخذ من حسناته يوم القيامة إلا الصوم فإن الله تعالى قد اختص به لنفسه فيتحمل الله عنه أي عن الظالم ما بقي من مظلمته ويبقى ثواب الصوم خالصاً له.

***

ص: 2

‌سمعت حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ما معناه أنه صلى الله عليه وسلم دخل على عائشة رضي الله عنها ووجدها قد وضعت ستراً على الجدار وهو ما يسمى بالستائر في عصرنا الحالي فقال لها (نحن قوم لم نؤمر بتغطية الحوائط أو الجدران) هل يفهم من هذا الحديث الشريف أنه يجب أن تكون مثل هذه الستائر على قدر فتحة النافذة أم يجوز أن تكون بعرض الحائط الذي توجد به النافذة أي أن تكون على جانبي النافذة أفيدونا بارك الله فيكم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الحديث الذي أشار إليه السائل في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى هذا الستر على الباب فظهر ذلك في وجهه ثم قال صلى الله عليه وسلم (إن الله لم يأمرنا أن نكسو الحجارة والطين ثم هتكه) أي قطعه ففي هذا الحديث دليل على أنه لا ينبغي للإنسان أن تصل به الحال إلى أن يكسو جدران بيته بهذه الأكسية التي كرهها النبي صلى الله عليه وسلم وبان ذلك في وجهه وأخبر بأن الله لم يأمرنا بذلك وأما الستائر التي توضع الآن فإن كانت لغرض صحيح سوى الستر كما لو أراد الإنسان بها أن يستر وجه النافذة عن الشمس أو نحو ذلك فإن هذا لا بأس به لأنه ليس كسوة للحجارة والطين ولكنه للتوقي من أذى يترقبه أو لمصلحة يرجوها بهذه الكسوة فأما مجرد الزينة أي مجرد تزيين الجدار بهذه الكسوة فإن هذا داخل في الحديث ولا ينبغي أن نفعله.

***

ص: 2

‌صلاح سليمان يسأل ما معنى الحديث الذي روي عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم.. الخ الحديث)

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: معنى هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحذر من الظلم وهو العدوان على أحد سواء كان ذلك على حق الله عز وجل أو على حق عباده فالعدوان على حق الله كالشرك قال الله تعالى (إن الشرك لظلم عظيم) وكذلك ما عداه من المعاصي الكبائر فما دونها هو ظلم بحسبه وأما العدوان على حق الخلق فكثير كالعدوان على المسلم في عرضه أو ماله أو دمه فالظلم ظلمات يوم القيامة فيوم القيامة ليس فيه نور إلا للمؤمنين يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم وكذلك حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الشح والشح هو البخل مع الطمع فيكون الإنسان بخيلاً في بذل ما يجب عليه طامعاً فيما ليس له وهذا سبب للهلاك إذ أن الإنسان إذا كان بخيلاً منع ما يجب عليه من حقوق الله وحقوق عباده وإذا كان ذا طمع وحرص على اكتساب المال تعدى على غيره فأخذ أموالهم بغير حق.

***

ص: 2

‌صابر عبيد من السودان يقول ما معنى قول الرسول صلى الله عليه وسلم (إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستحِ فاصنع ما شيءت)

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: معنى هذا الحديث أن هذا الكلام إذا لم تستحِ فاصنع ما شيءت كان من الآثار السابقة الموروثة عن الأنبياء السابقين ومعنى قوله (إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت) وجهان أي أن له معنيين

أحدهما أنك لا تصنع شيئاً إلا إذا كان هذا الشيء لا يوقعك فيما يُستحيا منه سواءٌ كان من قبل الشرع أو من قبل العادة يعني أنك إذا أردت أن تفعل فعلاً فانظر هل هذا الفعل مما يُستحيا منه شرعاً أو عادة فلا تفعله أو مما لا يُستحيا منه شرعاً أو عادة فافعله هذا معنى

المعنى الثاني أن الرجل الذي لا حياء عنده يصنع ما شاء ولا يبالي فتجد الإنسان الذي ليس عنده حياء يصنع ما يلومه الناس عليه ولا يبالي بلوم الناس لأنه لا حياء عنده وكلا المعنيين صحيح فالإنسان الذي لا حياء عنده تجده يفعل كل شيء ولا يهتم بلوم الناس ولا بانتقادهم لأنه لا حياء عنده أو المعنى الثاني الذي يحتمله الحديث أن الإنسان الحييّ هو الذي لا يصنع شيئاً إلا إذا علم أنه لا يُستحيا منه.

***

ص: 2

‌من العراق بغداد محمود أحمد يقول (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لبس الرجل للثوب المزعفر) فما هو الثوب المزعفر

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الثوب المزعفر هو الثوب الذي صبغ بالزعفران والزعفران هو نباتٌ طيب بل هو من الطيب معروف ولونه أحمر ولهذا ينهى الرجل عن لبس الثوب الأحمر الخالص الذي ليس فيه لونٌ آخر إما نهي كراهة وإما نهي تحريم وأما إذا كان مع اللون الأحمر لونٌ آخر كما لو كان مخططاً فيه خطوطٌ حمر وخطوطٌ بيض مثلاً أو خطوطٌ حمر وخطوطٌ سود فإن هذا لا بأس به.

***

ص: 2

‌عن أبي عبد الله جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فقال (إن بالمدينة رجالاً ما سرتم مسيراً ولا قطعتم وادياً إلا كانوا معكم حبسهم المرض) أريد شرحاً لهذا الحديث

.

فأجاب رحمه الله تعالى: شرح هذا الحديث هو أن الرسول عليه الصلاة والسلام بين لأصحابه فيه أن في المدينة أقواماً يشاركون هؤلاء المجاهدين في سبيل الله في الأجر في أصل النية فهم في المدينة لكن لا يسير هؤلاء المجاهدون مسيراً ولا يقطعون وادياً والوادي مجرى السيول إلا وهم معكم أي بنيتهم وذلك لأنهم تأخروا عن الجهاد لعذر وكل من تأخر عن العبادة بعذر فلا يخلو من حالين

إحداهما أن يكون من عادته أن يعملها ثم يطرأ عليه ما يحول بينه وبينها فهذا له أجرُ فعلها كاملة لقول النبي صلى الله عليه وسلم (من مرض أو سافر كتب له ما كان يعمل صحيحاً مقيماً)

والحال الثانية ألا يكون من عادته أن يعملها ولكن يتمناها ويود أن يكون قادراً عليها فهذا يكتب له أجر النية فقط لا أجر العمل كاملاً ودليل ذلك (أن فقراء المهاجرين أتوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم يقولون ذهب أهل الدثور بالنعيم المقيم والدرجات العلا وبين أنهم كانوا ينفقون ويحجون وأن الفقراء لا يحصل لهم ذلك فأخبرهم النبي عليه الصلاة والسلام أنهم إذا سبحوا الله وحمدوا وكبروا دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين فإنهم يأتون بعمل يدركون بهم من سبقهم ولا يلحقهم من بعدهم فلما سمع الأغنياء بذلك عملوا هذا العمل فرجعَ الفقراء إلى النبي عليه الصلاة والسلام وقالوا سمع إخواننا بما صنعنا فصنعوا مثله فقال النبي صلى الله عليه وسلم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء) فهؤلاء الفقراء كانوا يتمنون أن يكون لديهم مال يعتقون به ويحجون به ومع هذا لم يحصل على أجر الأغنياء الذين كانوا يفعلون ذلك ولكن لهم أجر النية حيث كانوا حريصين على العمل عاجزين عنه.

***

ص: 2

‌ما معنى قول الرسول صلى الله عليه وسلم (إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة سنة زاد في رواية لا يقطعها....الحديث)

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الحديث يشير فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أمثلة من النعيم في جنة النعيم ذلك أن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها وهذا دليل على طول هذه الشجرة وأن في الجنة أشجاراً عظيمة لا يدركها العقل وهذا من مضمون قوله تعالى (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) وقوله تعالى في الحديث القدسي (أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر) وكل ما يذكر في الجنة من الفاكهة واللحم والماء والعسل واللبن والخمر والأزواج وغير ذلك كله لا يشابه أو لا يماثل ما في هذه الدنيا وإنما يوافقه في الأسماء فقط كما قال ابن عباس رضي الله عنهما ليس في الجنة شيء في الدنيا إلا الأسماء وأما المسميات وحقائق هذه المسميات فإنه أمر لا يمكن أن يدرك في الدنيا وكل ما خطر على قلبك من نعيم فإن نعيم الجنة أعظم وأجل وأكمل ويكفي في ذلك قوله تعالى (بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (16) وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى) .

***

ص: 2

‌ما معنى الحديث الذي رواه أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر)

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: معنى هذا الحديث أن الدنيا مهما عظم نعيمها وطابت أيامها وزهت مساكنها فإنها للمؤمن بمنزلة السجن لأن المؤمن يتطلع إلى نعيم أفضل وأكمل وأعلى وأما بالنسبة للكافر فإنها جنته لأنه ينعم فيها وينسى الآخرة ويكون كما قال الله تعالى فيهم (وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ) والكافر إذا مات لم يجد أمامه إلا النار والعياذ بالله فكانت له النار ولهذا كانت الدنيا على ما فيها من التنغيص والكدر والهموم والغموم كانت بالنسبة للكافر جنة لأنه ينتقل منها إلى عذاب إلى عذاب النار والعياذ بالله فالدنيا بالنسبة له بمنزلة الجنة ويذكر عن ابن حجر العسقلاني رحمه الله صاحب فتح الباري وكان هو قاضي قضاة مصر في وقته كان يمر بالسوق على العربة في موكب فاستوقفه ذات يوم رجل من اليهود وقال له إن نبيكم يقول (إن الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر) وكيف ذلك وأنت في هذا الترف والاحتفاء وهو يعني نفسه اليهودي في غاية ما يكون من الفقر والذل فكيف ذلك فقال له ابن حجر رحمه الله أنا وإن كنت كما ترى من الاحتفاء والخدم فهو بالنسبة لي بما يحصل للمؤمن من نعيم الجنة كالسجن وأنت بما أنت فيه من هذا الفقر والذل بالنسبة لما يلقاه الكافر في النار بمنزلة الجنة فأعجب اليهودي هذا الكلام وشهد شهادة الحق قال أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله.

***

ص: 2

‌وردتنا من بريد المزاحمية من المقدم عبد الله بن إبراهيم بن زياد يقول في رسالته الرجاء من فضيلة الشيخ أن يجيبني على هذا السؤال: قال رسول صلى الله عليه وسلم (لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يد السفيه ولتأطرنه على الحق أطرا) الرجاء من فضيلة الشيخ بيان معنى قوله صلى الله عليه وسلم (لتأطرنه على الحق أطرا) وتكملة الحديث ومدى صحته إن أمكن

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الحديث يدل على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتأكده لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لتأمرن) وهذه الجملة جواب لقسم مقدر تقديره والله لتأمرن وهو خبر بمعنى الأمر والإلزام، وهذا الحديث رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة وفي سندهما مقال لأنه اعُل بالإرسال والانقطاع وتكملة الحديث هي (أن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل أنه كان الرجل يمر بالرجل فيقول يا هذا اتق الله ودع ما تصنع فإنه لا يحل لك ثم يلقاه من الغد وهو على حاله فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض ثم قال (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ * تَرَى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ * وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فَاسِقُونَ) ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (كلا والله لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يد الظالم ولتأطرنه على الحق أطرا) ومعنى (لتأطرنه على الحق أطرا) أي تقهرنّه أي تقهرونه وتلزمونه بالحق حتى يستقيم وذلك لأنه إذا لم يستقم فإنه يكون الهلاك له ولمن سكت على منكره.

ص: 2

‌فضيلة الشيخ: في الحقيقة قلتم في إثناء الإجابة أن هذا الحديث فيه علة الإرسال والانقطاع وهذه من خصوصيات المحدثين لكن المرسل يريد أن يقف على علة الإرسال والانقطاع ما معناهما

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: علة الإرسال معناها أن يكون الحديث من مرفوعات التابعين الذين لم يسمعوا من النبي عليه الصلاة والسلام يعني أن سند الحديث إذا كان آخره التابعي ولم يذكر صحابيهُ يسمون هذا مرسلاً، وهو من قسم الضعيف لأن التابعي ما أدرك النبي عليه الصلاة والسلام فيكون الحديث منقطعاً، وأما من أعله بالانقطاع فقد روي مرفوعاً عن ابن مسعود رضي الله عنه من حديث أبي عبيدة ابنه وقد قيل:إنه لم يسمع منه، وقال بعض المحدثين: إنه سمع منه فهذه علة الانقطاع وعلى كل حال الإرسال والانقطاع كلاهما من أسباب ضعف الحديث.

***

ص: 2

‌ما معنى قول الرسول صلى الله عليه وسلم (أرى رؤياكم قد تواطأت) وقول الرسول صلى الله عليه وسلم (خير الرؤيا الرؤيا الصالحة)

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا أدري ماذا يريد السائل بسؤاله هذا هل يريد أن الرؤيا تثبت بها الأحكام الشرعية أم لا والجواب على ذلك أن الرؤيا الصالحة التي تصدق وتقع هذه تكون جزءاً من ستة وأربعين جزءاً من النبوة كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم وأما إثبات الأحكام الشرعية بالرؤيا فإن أقرها الشرع ولا يكون ذلك إلا في حياة النبي عليه الصلاة والسلام ثبت الشرع بها لكن بإقرار الشارع لها ذلك كإقرار النبي صلى الله عليه وسلم الآذان الذي رآه عبد الله بن زيد وكذلك هذا الحديث الذي أشار إليه السائل حيث قال عليه الصلاة والسلام (أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر) قال العلماء وتثبت الأحكام الفقهية إذا دلت القرائن عليها ولكنه لا يتغير بها شيءياً من أحكام الشرع وإنما تنفذ حسب ما تقتضيه الشريعة وضربوا لذلك مثلاً برؤيا ثابت بن قيس بن شماس رضي الله عنه حين رئي في المنام بعد استشهاده في اليمامة وذكر رضي الله عنه ما جرى بعد استشهاده وأوصى بوصية فلما بلغ ذلك أبا بكر رضي الله عنه نفذ وصيته لأنه ذكر أشياء قد ثبتت بالفعل حسب ما ذكرها فكان ذلك قرينة على صدق هذه الرؤيا فنفذ وصيته رضي الله عنه بعد وفاته والمهم أن الأحكام الشرعية لا تثبت بالمرائي أبداًَ إلا إذا أقرها الشرع وذلك لا يكون إلا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فقط أما بعده فإن الرؤيا مهما كانت لا يمكن أن يتغير بها حكم شرعي أبداً.

***

ص: 2

‌قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يأتي على الناس زمان القابض فيهم على دينه كالقابض على الجمر) يقول هل أتى هذا الزمان وهل هو زماننا هذا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الأمر يختلف باختلاف الناس والأماكن ففي بعض الأماكن يكون الإنسان مضطهداً في دينه مضيقاً عليه حتى يكون كالقابض على الجمر وفي هذه الحال يجب عليه أن يهاجر إلى بلد آخر يأتي فيه بدينه على حرية وطمأنينة لأن أهل العلم يقولون إذا لم يتمكن الإنسان من إظهار دينه في بلاد الكفر فإنه يجب عليه أن يهاجر ليقيم دينه وفي بعض البلاد في عهدنا هذا يجد الإنسان حرية كاملة في القيام بشعائر دينه وإظهارها وإعلانها وحينئذ لا يمكن أن نقول إن هذا العهد الذي أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم موجود الآن لأننا نجد ولله الحمد في بعض البلاد الإسلامية ما يتمكن الإنسان معه من إقامة دينه على الوجه الذي يرضي الله ورسوله

***

ص: 2

‌ما معنى هذا الحديث وما صحته (بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء)

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: معناه إن الإسلام أول ما ظهر كان غريباً أن يعتنقه إلا الواحد أو الاثنان أو الثلاثة أو ما أشبه ذلك فهو كالغريب في بلد غير بلده ثم تطور الإسلام وانتشر في أقطار الدنيا وصارت الغلبة للمسلمين حين كانوا متمسكين به تمسكاً يرضاه الله عز وجل ثم حصلت الفتن بين المسلمين فتأخر المسلمون تأخراً كثيراً وانحصر الإسلام وارتد كثير من البلدان التي كانت تعتنق الإسلام من قبل وسلط عليها الأعداء وسيتقلص الإسلام حتى يعود غريباً ويكون الإسلام الصحيح الذي على منهاج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه غريباً بين الناس لقلة من يطبق الإسلام على الوجه الذي كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه

***

ص: 2

‌من المنطقة الشرقية عبد الوهاب خالد يقول ما معنى الحديث الشريف (إن الإيمان ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها)

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الحديث يقول فيه الرسول عليه الصلاة والسلام (إن الإيمان ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها) يأرز بكسر الراء ويجوز فيه الفتح والضم فأي حركة تقولها في الراء فإنك لست مخطئاً فيها ومعنى يأرز أي يرجع ويثبت في المدينة كما أن الحية إذا خرجت من جحرها رجعت إليه وهذا إشارةٌ من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن هذا الدين سوف يرجع إلى المدينة بعد أن تفسد البلدان الأخرى كما أن الحية تخرج وتنتشر في الأرض ثم بعد ذلك ترجع إلى جحرها وفيه أيضاً إشارة إلى أن الإسلام كما انطلق من المدينة فإنه يرجع إليها أيضاً فإن الإسلام بقوته وسلطته لم ينتشر إلا من المدينة وإن كان أصله نابعاً في مكة ومكة هي المهبط الأول للوحي لكن لم يكن للمسلمين دولة وسلطان وجهاد إلا بعد أن هاجروا إلى المدينة فلهذا كان الإسلام بسلطته ونفوذه وقوته منتشراً من المدينة وسيرجع إليها في آخر الزمان وقال بعض أهل العلم إن هذا إشارة إلى أمرٍ سبق وأن المعنى أن الناس يفدون إلى المدينة ويرجعون إليها ليتلقوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم الشريعة والتعاليم الإسلامية ولكن المعنى الأول هو ظاهر الحديث وهو الأصح.

***

ص: 2

‌قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من صلى البردين دخل الجنة) مالمراد بالبردين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: المراد بالبردين صلاة الفجر وصلاة العصر وذلك لأن صلاة الفجر فيها برد الليل وصلاة العصر فيها برد النهار وهاتان الصلاتان أفضل الصلوات الخمس قال الله تعالى (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ) والمراد بالصلاة الوسطى صلاة العصر ولأن هاتين الصلاتين تشهدهما الملائكة الموكلون بحفظ بني آدم قال الله تعالى (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً) ولهذا كان لهما هذا المزية أن من صلاهما دخل الجنة.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم (السفر قطعة من العذاب) هل هذا حديث وهل السفر أقسام وما معنى الحديث

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم السفر قطعة من العذاب لأن المسافر يتعذب في ضميره ويتعذب في بدنه وتجده قلقاً ينتظر متى يصل إلى البلد الذي هو قاصد وتجده قلقاً يخشى الحوادث لا سيما في عصرنا هذا حين كثرت هذه السيارات التي يحدث منها حوادث كثيرة خطيرة ولهذا كان المسافر لا يستريح حتى ولو سافر بالطيارة فهو لا يستريح قلبه في تعب يخشى أن تسقط الطائرة يخشى أن يحصل فيها خلل مزعج وإن لم يصل إلى حد السقوط إلى غير ذلك من الأشياء التي يعرفها من هم بسفر.

أما أقسام السفر فإن له أقسام: سفر محرم وسفر مباح وسفر مكروه وسفر واجب. فالسفر الواجب السفر للحج إذا كان الحج المفروض إذا كان الإنسان ليس من أهل مكة والسفر المستحب إذا سافر الإنسان لطاعة مثل أن يسافر لصلة الرحم أو بر الوالدين أو ما أشبه ذلك وقد يكون هذا من القسم الواجب والسفر المكروه هو السفر الذي لا يحصل الإنسان فيه على فائدة إنما يكون به إضاعة الوقت وإضاعة المال والسفر المحرم المسافر لغرض محرم مثل أن يسافر والعياذ بالله لبلاد الكفر ليشبع رغبته فيزني أو شهوته فيشرب الخمر أو ما أشبه ذلك فهذا سفر محرم.

***

ص: 2

‌السائل مصطفى أحمد من جمهورية مصر العربية يقول في هذا السؤال عن أبي إمامة رضي الله عنه قال (قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم أي الدعاء أسمع قال جوف الليل الآخر ودبر الصلوات المكتوبات) نرجو شرح هذا الحديث ومعنى دبر الصلوات قبل أم بعد السلام

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: (أي الدعاء أسمع) أي أقرب للإجابة لأن السمع يراد به الإجابة كما في قول الله تبارك وتعالى (إن ربي لسميع الدعاء) أي لمجيب الدعاء وقول المصلى سمع الله لمن حمده أي أجاب لمن حمده فقوله أسمع أي أقرب إلى الإجابة قال جوف الليل يعني وسط الليل والمراد به ما بعد النصف الأول لأن الله تعالى ينزل حين يبقى ثلث الليل الآخر كل ليلة إلى السماء الدنيا فيقول (من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له) .

الثاني أدبار الصلوات المكتوبة وأدبارها جمع دبر وهو آخرها لأن دبر كل شيء آخره وهو قبل السلام وليس بعده ودليل ذلك في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أما كتاب الله فقد قال الله تعالى (فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم) ولم يذكر الدعاء بل أمر بالذكر وجاءت السنة مبينة لذلك فإنه يشرع للمصلى إذا فرغ من صلاته (أن يستغفر الله ثلاثا ويقول اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام) لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ثلاث مرات دبر كل صلاة وعشر مرات دبر صلاة المغرب والفجر ويذكر من الأذكار ما هو معروف وأما السنة فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لما علّم أصحابه التشهد قال (ثم ليتخير من الدعاء ما شاء) فجعل موضع الدعاء قبل السلام وهو أيضا المطابق للنظر لأن كون الإنسان يدعو الله تعالى قبل أن ينصرف من مناجاته بالسلام أولى من كونه يدعوه إذا انصرف من مناجاته بالسلام بمعنى أن الإنسان إذا كان يصلى فإنه بين يدي الله يناجي ربه فكونه يدعوه قبل أن ينصرف من صلاته أولى من كونه يدعوه إذا انصرف من صلاته.

***

ص: 2

‌كيف نجمع بين قول النبي صلى الله عليه وسلم للرجل الذي أتى إليه يسأله عن الدين فذكر له النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة والزكاة والصيام وبعد ما انتهي قال الرجل والله لا أزيد على هذا ولا أنقص فقال له النبي صلى الله عليه وسلم (أفلح إن صدق) وبين ما ورد من الواجبات التي يأثم تاركها مثل تحية المسجد

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نقول إن النوافل لا يأثم تاركها بتركها أبدا ، ولهذا قال الرجل للنبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر له الصلوات الخمس هل عليّ غيرها؟ قال (لا إلا أن تطوع) فلا شيء من النوافل يكون واجباً أبداً. لا تحية المسجد ولا غيرها، وإن كان بعض العلماء قال بوجوب تحية المسجد وكذلك بوجوب صلاة الكسوف ومن العلماء من قال إن صلاة الكسوف فرض كفاية وهو أقرب الأقوال إلى الصواب ، لكن ليس هناك شيء من النوافل ،بل ليس هناك شيء من الصلوات غير الخمس يكون واجباً ، اللهم إلا بسبب كالنذر ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم (من نذر أن يطيع الله فليطعه) لكن هذا سبب عارض يكون من فعل المكلف وعلى هذا فلا إشكال في الحديث ،لكن قد يقول القائل إن هناك واجبات أخرى سوى ما ذكر في الحديث فالجواب إما أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد علم من حال الرجل السائل أن شروط الوجوب في غير ما ذكر لم تحقق فيه وإما أن يقال أن هذا كان قبل وجوب مالم يذكر لأن واجبات الدين ليست واجبة دفعة واحدة وإنما هي تأتي بحسب الحكمة التي تقتضيها.

***

ص: 2

‌ما المقصود بالحديث التالي قال صلى الله عليه وسلم (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن إلى آخر الحديث)

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الزنى والسرقة من كبار الذنوب ولهذا أوجب الله تبارك وتعالى فيهما الحد أما الزنى فإن كان الزاني لم يتزوج فإن حده أن يجلد مِئة جلدة وأن ينفى عن البلد لمدة سنة وأما إن كان محصناً وهو الذي قد تزوج وجامع زوجته في نكاح صحيح وهما بالغان عاقلان حران فإن حده أن يرجم بالحجارة حتى يموت فالزنى والسرقة من كبائر الذنوب وإذا كانا من كبائر الذنوب فإن الإنسان لا يقدم عليهما وهو حين إقدامه عليهما مؤمن تام الإيمان بل إن إيمانه في تلك الحال وفي تلك اللحظة إما مرتفع بالكلية وأمَّا ناقص نقصاً عظيماً استحق أن يوصف الإيمان بالنفي من أجل نقصه هذا النقص العظيم فالحديث محتمل لهذا وهذا أي محتمل لانتفاء الإيمان أصلا وذلك في اللحظة التي يقدم عليها لأنه لا يمكن لمن معه إيمان أن يقدم على هذا العمل وهو يعلم جرمه وإثمه في الدين الإسلامي وإما أن يكون المراد نفي كمال الإيمان في تلك اللحظة لكنه يكون ناقصا نقصا بينا استحق به أن يوصف بالنفي وهذا الأخير عندي أقرب وهو الذي عليه أهل السنة والجماعة والأول وإن كان محتملا لكنه قد يكون من بعض الأفراد دون بعض لذلك يجب اعتماد القول بأن المراد بذلك انتفاء كمال الإيمان فمعنى لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن أي لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن كامل الإيمان بل لابد أن يكون إيمانه ناقصا بهذا الزنى وكذلك يقال في السارق.

ص: 2

‌فضيلة الشيخ: (ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن)

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم كلها سواء ولا ينتهب نهبة يرفع الناس إليه فيها أبصارهم حين ينتهبها وهو مؤمن.

***

ص: 2

‌ما معنى الحديث الوارد عن الرسول صلى الله عليه وسلم (إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها) أو كما قال صلى الله عليه وسلم وكيف يكون الجمع بينه وبين قوله تعالى (إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً)

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الحديث الأول حديث ابن مسعود رضي الله عنه يخبر فيه النبي عليه الصلاة والسلام أن الرجل يعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها ذراع لقرب أجله وموته ثم يسبق عليه الكتاب. الكتاب الأول الذي كتب فيه أنه من أهل النار فيعمل بعمل أهل النار والعياذ بالله فيدخلها وهذا فيما يبدو للناس ويظهر كما جاء في الحديث الصحيح (إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار) نسأل الله العافية وكذلك الأمر بالنسبة للثاني يعمل الإنسان بعمل أهل النار فيمن الله عليه بالتوبة والرجوع إلى الله تعالى عند قرب أجله فيعمل عمل أهل الجنة فيدخلها وأما ما ذكرت من قوله تعالى (إنا لا نضيع أجر من أحسن عملاً) فإن هذه الآية لا تعارض الحديث إن الله يقول (أجر من أحسن عملاً) ومن أحسن العمل في قلبه وظاهره فإن الله تعالى لا يضيع أجره لكن الأول الذي عمل بعمل أهل الجنة فسبق عليه الكتاب كان يعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس فيسبق عليه الكتاب وعلى هذا فيكون عمله ليس حسناً وحينئذٍ لا يعارض الآية الكريمة.

***

ص: 2

‌ما معنى الحديث التالي وما صحته (من كفّر مسلماً فقد كفر)

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الحديث بهذا اللفظ لا أعرفه ولكن صح عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل عليه وهو أن من قال لشخص يا كافر أو وصف رجلاً بالكفر ولم يكن كذلك رجع على القائل وهذا الذي ثبت هو بمعنى هذا اللفظ الذي ذكره السائل وفيه التحذير الشديد من وصف المسلمين بالكفر إلا ببرهان بين من الله عز وجل وبه نعرف خطأ بعض الناس الذين صار التكفير عندهم سهلاً حتى في الأمور الاجتهادية التي لا يضلل فيها المخالف تجدهم يكفرون من خالفهم وهو أمر خطير جداً فالواجب على المرء أن يتقي الله عز وجل في هذه المسألة وأن لا يكفر إلا من دل الكتاب والسنة على كفره ومع هذا فإن العمل أو القول قد يكون كفراً ويكون العامل أو القائل معذوراً بجهل أو تغرير فيحتاج إلى إقامة الحجة عليه قبل أن يحكم بكفره وليعلم أن وصف الإنسان بالكفر أو الإيمان ليس موكولاً إلى الناس بل هو موكول إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فما دل الكتاب والسنة على أنه من الكفر فهو كفر وما لا دليل فيه من الكتاب والسنة على أنه كفر فلا يجوز لأحد أن يجعله كفراً، كما أن التحليل والتحريم إنما تؤخذ من الكتاب والسنة فكذلك التكفير والتفسيق والإنسان سيكون مسؤولاً أمام الله عز وجل فيما ينطق به لاسيما في هذه الأمور الخطيرة فقد قال الله تعالى (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16) إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنْ الْيَمِينِ وَعَنْ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17) مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَاّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) .

***

ص: 2

‌مامعنى هذا الحديث قال عليه الصلاة والسلام (من صلى الصبح فهو في ذمة الله فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيء الحديث)

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: معنى هذا الحديث الذي ذكرته السائلة أن الإنسان إذا صلى الصبح في جماعة كان في ذمة الله أي في عهده وأمانه ومن كان في عهد الله وأمانة فإنه على خير، لأن الله سبحانه وتعالى لا أحد أوفى بعهده منه كما قال تعالى (وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنْ اللَّهِ) وقوله صلى الله عليه وسلم (فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيء) المعنى الحث على صلاة الجماعة في صلاة الصبح لأنك إن لم تصل لم تكن في عهد الله ولا في أمانه فيطلبك الله سبحانه وتعالى بذلك، وصلاة الجماعة في الفجر من أفضل الأعمال قال النبي عليه الصلاة والسلام (أثقل الصلوات على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبواً) وقال صلى الله عليه وسلم (من صلى البردين يعني الفجر والعصر دخل الجنة) وقال صلى الله عليه وسلم (إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وصلاة قبل غروبها فافعلوا) والمهم أن هذا الحديث يدل على فضيلة صلاة الفجر ولا سيما مع الجماعة وأن من صلاها جماعة فإنه في ذمة الله عز وجل.

***

ص: 2

‌من العراق ع. ن. أ. يقول عندنا الأغلبية إن لم يكن الجميع يدعون بعد صلاة المغرب مع الإمام بظهور أكفهم ويقولون اللهم نجنا برحمتك من النار وأدعية أخرى علماً بأن هناك حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (ادعوا الله بباطن أكفافكم ولا تدعوه بظهورها) هل هذا الحديث صحيح وإن كان صحيحاً فما معناه وضحوا لنا ذلك مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الدعاء على وجهٍ جماعي بعد صلاة المغرب أو غيرها من الصلوات بدعة ليس من هدي النبي صلى الله عليه وسلم ولا من هدي أصحابه رضي الله عنهم وعلى هذا فينبغي للإمام والمأمومين الكف عنه في صلاة المغرب وغيرها وأما الدعاء بظهور الأكف فقد اختلف أهل العلم فيه لأنه ورد في صحيح مسلم ما ظاهره أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو بظهور كفيه في الاستسقاء ولكن الظاهر ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله من أن الدعاء كله ببطون الأكف ولكن الراوي ذكر أن ظهور كفي الرسول عليه الصلاة والسلام إلى السماء لأنه صلى الله عليه وسلم بالغ في الرفع فظن من يراه أنه جعل ظهورهما نحو السماء وليس المعنى أنه دعا بهما مقلوبتين وهذا هو الأقرب وأما الحديث الذي ذكره السائل (ادعوا الله ببطون أكفكم) فهذا لا يحضرني سنده الآن ولا أدري عنه.

***

ص: 2

‌هل يجوز السؤال بوجه الله تعالى غير الجنة حيث قد ورد في حديث صححه الألباني جاء فيه (ملعون من سأل بوجه الله وملعون من سئل بوجه الله ولم يعط) فهل هذا الحديث صحيح

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الحديث لا يحضرني الآن الحكم بصحته والذي أرى أنه ينبغي لطالب العلم إذا صحح أحد من أهل العلم الحديث وليس في الكتب المشهورة بالصحة والتي تلقاها أهل العلم بالقبول أرى أن يبحث هو بنفسه عن هذا الحديث وعن سنده حتى يتبين له صحته فإن الإنسان بشر ربما يخطئ كما أنه يصيب ولكن هذا الحديث لا يحضرني الآن الحكم عليه بالصحة أو بغيرها فإن صح هذا الحديث فمعناه أنه لما كان وجه الله تعالى موصوفاً بالجلال والإكرام كان لا ينبغي أن يسأل فيه إلا أعظم الأشياء وهو الجنة أما الأشياء التي دونها فإنه لا ينبغي أن يسأل كما أن المسئول إذا سئل بوجه الله وهو الوجه العظيم الموصوف بالجلال والإكرام فإنه لا ينبغي له أن يرد من سأل به بل له عليه أن يجيبه وكل هذا الذي أقوله إذا كان الحديث صحيحاً والله أعلم ولعلنا إن شاء الله تعالى نبحث عنه ويتسنى لنا الكلام عليه في موضع آخر.

***

ص: 2

‌يقول ما مدى صحة هذا الحديث وما معناه عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (من قال لا إله إلا الله دخل الجنة فقال أبو ذر وإن زنى وإن سرق قال وإن زنى وإن سرق وفي رواية على رغم أنف أبي ذر)

.

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الحديث صحيح ومعناه أن الرسول عليه الصلاة والسلام بين في هذا الحديث أن من حقق التوحيد وقال لا إله إلا الله فإنه يدخل الجنة ولو عمل بعض المعاصي والكبائر لأن المعاصي والكبائر لا تخرجه من الإيمان كما هو المذهب الحق مذهب أهل السنة والجماعة أن الإنسان يكون مؤمناً بإيمانه فاسقاً بكبيرته ولا يخرج من الإيمان بالكبائر فهاهو الرجل لو قتل نفساً محرمة بغير حق فإن ذلك من أكبر الذنوب ومع هذا لا يكون بهذا كافراً خارجاً من الملة وقد أمرنا الله سبحانه وتعالى في الطائفتين المقتتلتين أن نصلح بينهما وقال (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ) وهذا دليل على أن الإنسان لا يخرج من الإيمان بفعل الكبائر فهو يدخل الجنة وإن زنى وإن سرق ولكن هو مستحق للعذاب على هذه الكبيرة إن كانت ذات حد في الدنيا فعوقب به وإلا عوقب به في الآخرة إلا أن يشاء الله لأن الله يقول (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) .

***

ص: 2

‌ماصحة هذا الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أتاني آتٍ من ربي فأخبرني أو قال فبشرني أنه من مات من أمتك لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة قلت وإن زنى وإن سرق قال وإن زنى وإن سرق) وما معناه بالتفصيل

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الحديث صحيح ومعناه أن الإنسان إذا مات على الإسلام فإنه يدخل الجنة ولو زنى وسرق ولكن لابد أن يعذب على ذنوبه بما شاء الله عز وجل إلا أن يغفر الله له وهذا الحديث لا يعني إننا نتساهل في المعاصي والكبائر بل هذا الحديث يرغب في تحقيق الإسلام وأن الإسلام يمنع من الخلود في النار ولكن على الإنسان أن يعلم أن المعاصي كما قال العلماء بريد الكفر وأن المعاصي لا تزال بالرجل حتى يصل إلى حد الكفر والعياذ بالله لأن الطاعات للقلب بمنزلة سقي الماء للشجرة إذا داوم الإنسان عليه وثابر عليه بقيت الشجرة حية نضرة وأن المعاصي بمنزلة قطع أغصان الشجرة كلما قطع الإنسان منها غصناً ضعفت ونقصت حتى تذهب أغصانها وربما يكون في ذلك ذهاب أصلها فعلى الإنسان أن يحمي إيمانه بطاعة الله عز وجل واجتناب معصيته لكن لو فرض أنه فعل من المعاصي مالا يقتضي الكفر فإن مآله إلى الجنة إن شاء الله تعالى وقولنا في جواب السؤال فإن مآله إلى الجنة ليس معناه أن فعل المعاصي يؤدي إلى دخول الجنة لكن معناه أن العاصي مهما بلغت ذنوبه من العظم إذا لم تصل إلى حد الكفر لا بد أن يكون مآله إلى الجنة بعد أن يعذب بما يقتضيه ذنبه إلا أن يعفو الله عنه.

***

ص: 2

‌لقد ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم حديث لا أعلم مدى صحته في صلاة التسابيح ووردت صفتها في عدة كتب موثوقة في كتب الأذكار للنووي وكتاب تاج الأصول وكتاب فقه السنة فما مدى صحة هذه الأحاديث وما مدى صحة هذه الصلاة وما هي صفتها إن كانت مشروعة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذه الصلاة ليست مشروعة وذلك لأن الحديث الوارد فيها ضعيف كما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية وقال إنه لم يستحبها أحد من الأئمة وهو كما قال رحمه الله لأن هذه الصلاة شاذة في طلبها وفي صفتها وهيئتها أما في طلبها فإن الحديث المروي فيها أن الإنسان يصلىها كل يوم فإن لم يفعل ففي كل أسبوع فإن لم يفعل ففي كل شهر وإن لم يفعل ففي كل سنة فإن لم يفعل ففي العمر مرة ومثل هذه العبادة لو كانت من العبادات التي فيها مصلحة للقلب ومرضاة للرب لكانت مشروعة على وجه واحد لا على هذا التخيير المتباعد فالذي نرى في هذه المسألة أن صلاة التسبيح ليست مشروعة ولو ثبت الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام لكنا أول الناس يجيبون له ويقولون به وعلى كل حال من ثبت عنده هذا الحديث ورأى صحته فإنه لابد أن يقول إنها مشروعة ومن لم يثبت عنده فإنه يقول إنها ليست مشروعة والأصل عدم المشروعية حتى يتبين لأن الأصل في العبادات الحظر إلا ما ثبت الدليل به.

***

ص: 2

‌عبد الحليم عبد الهادي محمد حسين من إدارة الإتصالات الإدارية بمنطقة جدة يقول أهدى إلي أحد الإخوان قصاصة تحمل وصية تشير إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للإمام علي رضي الله عنه ما نصه (يا علي لا تنم إلا أن تأتي بخمسة أشياء وهي قراءة القرآن كله التصدق بأربعة آلاف درهم زيارة الكعبة حفظ مكانك بالجنة إرضاء الخصوم) قال علي وكيف ذلك يا رسول الله فقال صلى الله عليه وسلم (أما تعلم أنك إذا قرأت قل هو الله أحد فقد قرأت القرآن كله وإذا قرأت الفاتحة أربع مرات فقد تصدقت بأربعة آلاف درهم وإذا قلت لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير عشر مرات فقد زرت الكعبة وإذا قلت لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم عشر مرات حفظت مكانك في الجنة وإذا قلت أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه عشر مرات فقد أرضيت الخصوم) السؤال هو ما مدى صحة هذه الأقوال والذي أعلمه أن سورة الإخلاص (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) تعدل ثلث القرآن فما هو رأيكم في هذا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الحديث الذي ذكره أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى علي بن أبي طالب رضي الله عنه بهذه الوصايا كذب موضوع على النبي صلى الله عليه وسلم لا يصح أن ينسب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ولا يجوز أن ينقل عن الرسول صلى الله عليه وسلم لأن من حدث عن النبي صلى الله عليه وسلم بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين ومن كذب على النبي صلى الله عليه وسلم متعمداً فليتبوأ مقعده من النار إلا إذا ذكره ليبين أنه موضوع ويحذر الناس منه هذا مأجور عليه والمهم أن هذا الحديث كذب على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهنا نقطة عبر بها السائل وهو قوله الإمام علي بن أبي طالب ولا ريب أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه إمام من الأئمة كغيره من الخلفاء الراشدين فأبو بكر رضي الله عنه إمام وعمر إمام وعثمان إمام وعلي إمام لأنهم من الخلفاء الراشدين حيث قال صلى الله عليه وسلم (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي) وهذا الوصف ينطبق على أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم أجمعين فليست الإمامة خاصة بعلي ابن أبي طالب رضي الله عنه بل هي وصف لكل من يقتدى به ولهذا يقال لإمام الصلاة إمام الجماعة في الصلاة إنه إمام ويقال لمن يتولى أمور المسلمين إنه إمام لأنه محل قدوة يقتدى به وإن بعض الناس قد يقصد من كلمة الإمام أنه معصوم من الخطأ وهذا خطأ منهم وذلك أنه ليس أحد من الخلق معصوماً إلا من عصمه الله عز وجل والأولياء كغيرهم يخطئون ويتوبون إلى الله عز وجل من خطئهم فإن كل بني أدم خطاء وخير الخطائين التوابون.

***

ص: 2

‌من حماة من سوريا يزيد فرزات يقول فيها بعد السلام قد ورد على ألسنة الناس الأقوال التالية الدَّين ضال إلا ما رده الله أكثروا الخياط والخطاط فإنهما يأكلان من موقع عيونهما لا تجعلوا آخر طعامكم ماءً فهل هذه الأقوال أحاديث نبوية فإن كانت أحاديث نبوية فما مرجع كل منها

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذه الأحاديث ليست أحاديث نبوية ولا تصح عن النبي صلى الله عليه وسلم.

***

ص: 2

‌ن خ من الأردن تقول قرأت حديثاً في كتاب الرحمة في الطب والحكمة للمؤلف جلال الدين السيوطي يقول عن هشام بن القابض بن الحارث عن ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال (يا ابن عباس ألا أهدي لك هدية علمني جبريل عليه السلام إياها للحفظ قال بلى يا رسول الله قال فاكتب في طاسة بزعفران وماء ورد فاتحة الكتاب وسورة الحشر وسورة الملك وسورة الواقعة ثم تصب عليها من ماء زمزم أو ماء مطر أو من ماء نظيف ثم تشربه على الريق في السحر مع ثلاثة مثاقيل من اللبان وعشرة مثاقيل سكر ثم تصلى بعد ذلك أي بعد هذا الشراب ركعتين تقرأ فيهما قل هو الله أحد في كل ركعة خمسين مرة وفاتحة الكتاب خمسين مرة ثم تصبح صائماً) فما درجة صحة هذا الحديث

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الحديث موضوع عن النبي عليه الصلاة والسلام وليس بصحيح بل هو كذب وأثر الوضع عليه واضح جداً ولذلك لا يجوز للمرء اعتماده ولا نقله بين الناس وذكره إلا أن يكون مقروناً ببيان وضعه وكذبه على الرسول صلى الله عليه وسلم لأن من ينشر مثل هذه الأحاديث الكاذبة إذا لم يبين أنها كذب على الرسول عليه الصلاة والسلام وهو يرى أنها من الكذب على الرسول فإنه أحد الكاذبين كما ثبت ذلك عن الرسول صلى الله عليه وسلم.

***

ص: 2

‌هل ورد أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال في تحريك الأصبع في التشهد والإشارة به (إنه أشد على الشيطان من وقع الحديد)

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم ورد هذا ولكنني لا يحضرني الآن الحكم على سنده بصحة ولا ضعف إنما لاشك أن تحريك الأصبع في الصلاة في الجلوس بين السجدتين وفي التشهدين الأول والثاني أنه من الأمور المشروعة التي جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

***

ص: 2

‌يقول الرسول صلى الله عليه وسلم فيما معناه (إذا كنت في البادية فارفع صوتك في الأذان فإنه ما من جن وإنس إلا فيشهد لك) هل هذا الحديث صحيح ثانياً إذا كان صحيحاً فهل وجود المكرفون في وقتنا الحاضر وأن مداه بعيد ووجود الراديو يعم على جميع الأماكن هل هذا يدخل في مضمون الحديث

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم هذا الحديث صحيح وهو في البخاري وعمومه يتناول الصوت المسموع بواسطة وبغير واسطة فإن المسموع بواسطة المكرفون هو نفس صوت المؤذن ولهذا يعرف الناس إذا سمعوا صوت المكرفون يعرف الناس أن هذا فلان بن فلان وعلى هذا فظاهر الحديث العموم وأنه أي المؤذن إذا سُمِع صوته بواسطة أو بغير واسطة فإنه يُشهد له وفضل الله تعالى واسع وأما في الراديو فنقول أيضاً مثلما قلنا في مكبر الصوت بشرط أن يكون النقل مباشراً أما إذا كان مسجلاً فإن الظاهر أن ذلك لا يشمله.

***

ص: 2

‌ما مدى (إذا سقط الذباب في طعام أحدكم فليغمسه لأن في أحد جناحيه داء وفي الآخر دواء) أو ما في معناه وحيث اعترض بعض الأساتذة على عدم صحة هذا الحديث نرجو تبيين ذلك وفقكم الله

.

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الحديث رواه البخاري من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه فإن في أحد جناحيه داءً وفي الآخر دواء) وقد زاد أبو داود (وإنه يتقي بجناحه الذي فيه الداء) وهو حديث صحيح ولا وجه للاعتراض عليه بعد ثبوته في صحيح البخاري وكون بعض الناس يقصر نظره عن معرفة الحكمة في هذا الحديث لا يدل على أن الحديث لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذه قاعدة ينبغي أن يعرفها كل أحد أن الرجل إذا قصر فهمه عن حكمة الحكم الشرعي فليتهم نفسه ولا يتهم النصوص الشرعية لأنها من لدن حكيم خبير وهؤلاء الذين طعنوا في هذا الحديث أتوا من قلة ورعهم ومن قلة علمهم وإلا فقد ثبت طباً أن في الذباب مادة تكون سبباً لبعض البكتيريا وأن هذه المادة تكون في أحد جناحيه وفي الجناح الآخر مادة أخرى تقاومها وعلى هذا فيكون الحديث مطابقاً تماماً لما شهد له الطب وأياً كان فإن الواجب على المرء التسليم فيما جاء في كتاب الله وفيما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن لا يحاول توهين الأحاديث الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمجرد أن فهمه لم يصل إلى معرفة حكمتها فإن الله تعالى يقول (وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الرُّوحِ قُلْ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ الْعِلْمِ إِلَاّ قَلِيلاً) .

***

ص: 2

‌يقول ما مدى صحة هذين الحديثين (من لم يكن له شيخ فشيخه شيطانه) و (من لم يكن له شيخ يكون مسخرة للشيطان) وهل معنى هذا أنه لابد للمسلم أن يقلد شيخاً ويصدقه في أقواله وأفعاله

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذان الحديثان باطلان موضوعان ولا يجوز نسبتهما إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى المسلم إذا كان بين قوم اشتهر عندهم هذان الحديثان عليه أن يبين للناس بطلانهما حتى يحذروا منهما ولا يجب على المسلم أن يقلد أحداً في عباداته ومعاملاته إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن اعتقد من الناس أن أحداً سوى الرسول عليه الصلاة والسلام يجب تقليده فإنه أخطأ خطأً عظيماً وكما قال بعض أهل العلم يستتاب فإن تاب وإلا قتل لأنه لا أحد يجب تقليده إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ كل أحد من الناس سوى رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه معرض للخطأ كما أنه يكون موافقاً للصواب فهو أي قائل هذا القول إنه لابد للإنسان من شيخ يكون سائراً خلفه قال قولاً خطأ على إطلاقه صحيح أن من كان عامياً من الناس لا يعرف ما يقول فإن الله تعالى أمره أن يسأل أهل الذكر كما قال تعالى (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنتُمْ لا تَعْلَمُونَ) ولكن هذا لا يلزم منه أن يتخذ شيخاً معيناً يقتدي بأقواله وأفعاله بحيث لا يدع قوله لقول أحد سواه وإنما يتبع الإنسان من يغلب على ظنه أنه أقرب إلى الصواب وأعني بذلك من يغلب على ظنه أنه أقرب إلى الصواب من العلماء الموثوقين بعلمهم ودينهم وأمانتهم دون الشيوخ المزورين الذين يزعمون للناس أنهم شيوخ طريقة وأن لهم مكاشفات وما أشبه هذا مما يروجه مشايخ أهل البدع فإن هؤلاء المشايخ لا يستحقون أن يتبعوا في شيء من أقوالهم بل الواجب أن يبين بطلان أقوالهم وما هم عليه من الضلال حتى يحذر الناس منهم.

ص: 2

‌فضيلة الشيخ: أعتقد أيضاً الأمر لا يقتصر على مجرد تقليدهم بل قد يتعدى ذلك إلى تقديسهم والتماس الخير والنفع منهم أيضاً ودفع الضر عنهم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا ربما يكون وإذا كان كذلك فإنه يخشى أن يخرج بهم هذا الاعتقاد إلى الشرك الأكبر.

***

ص: 2

‌ما معنى حديث (وجبت محبتي للمتحابين فيّ والمتزاورين فيّ والمتباذلين فيّ)

فأجاب رحمه الله تعالى: والله لا أدري عن صحة هذا الحديث ولا أستطيع أن أتكلم عن معناه وأنا لا أدري عن صحته لكن ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم (أن سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله وذكر منهم رجلين تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه) .

***

ص: 2

‌ما صحة هذا الحديث وما معناه يقول: سمعت حديثاً (من قال حين يمسي وحين يصبح اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي فأغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت إن مات من ليلته أو نهاره دخل الجنة)

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الحديث صحيح فإن الإنسان ينبغي له أن يقول هذا كل صباح وكل مساء (اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك) هذه الجملة (اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت) فيها الإقرار بالربوبية والألوهية بالربوبية حين قال (اللهم أنت ربي) والألوهية حين قال (لا إله إلا أنت)(خلقتني وأنا عبدك) فيه الاعتراف التام بأن الفضل لله عز وجل في إيجاد العبد لأنه هو الذي خلقه واوجده من العدم وفيه الذل الكامل لله عز وجل في قوله (وأنا عبدك) والعبد يجب عليه أن يذل لسيده وأن يقوم بطاعته وأن لا يخالف أمره (وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت) يعني أنا على عهدك في القيام بطاعتك وعلى وعدك في التصديق به فإن الله تعالى وعد من قام بعهد الله أن يفي له جل وعلا بعهده وقوله (ما استطعت) أي بقدر استطاعتي ففيه اعتراف ببذل الوسع والطاقة في طاعة الله عز وجل (أعوذ بك من شر ما صنعت) يعني أعوذ بك من شر ما صنعت يعني نفسه فإن الإنسان يصنع السوء فتكون له عاقبة وخيمة فيقول (أعوذ بك من شر ما صنعت)(أبوء لك بنعمتك علي) يعني أعترف بنعمتك عليّ وإفضالك عليّ في أمور الدين وأمور الدنيا (وأبوء بذنبي) أعترف به والاعتراف بالذنب لله تعالى من أسباب المغفرة (وأبوء بذنبي فاغفر لي) مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم.

***

ص: 2

‌أم راشد من القصيم الرس تقول سمعت (بأن من يقول قبل آذان المغرب اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت من قالها من ليلته دخل الجنة) هل هذا الحديث صحيح

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم هذا الحديث صحيح وهو سيد الاستغفار ويقال صباحاً ويقال مساءً فينبغي للإنسان أن يحفظه أو يجعله في ورقة يكتبها ويقوله في الصباح وفي المساء.

***

ص: 2

‌هل هذا الحديث وارد وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر رضي الله عنه (الشرك أخفى من دبيب النمل وسأدلك على شيء إذا فعلته أذهب الله عنك صغار الشرك تقول اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم وأستغفرك لما لا أعلم تقول ذلك ثلاث مرات) أرجو من فضيلتك توضيح معنى الحديث وهل هو صحيح

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا أعرف هذا الحديث أما معنى الحديث فإن الإنسان يستعيذ بالله عز وجل أن يشرك بالله وهو يعلم وأن يستغفر الله لما لا يعلم أنه شرك لأن الإنسان قد يقع في الشرك وهو لا يدري فيستغفر الله تعالى من شركٍ لم يعلم به.

***

ص: 2

‌ما صحة هذا الحديث عن ابن عمر رضي الله عنهما قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (رحم الله امرأً صلى قبل العصر أربعاً)

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الحديث فيه مقال لأن من أهل العلم من ضعفه ومنهم من حسنه وأظن بعض العلماء أيضاً صححه فإذا عمل به الإنسان رجاء الثواب فإنه يرجى له الحصول على الثواب وهو رحمة الله عز وجل ولكن هذا لا يدل على أن هذه الصلاة راتبة ولهذا ليس للعصر راتبة لا قبلها ولا بعدها لكن إذا صلى الإنسان فإنه يكون إن صح الحديث نائلاً لهذا الدعاء من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

***

ص: 2

‌ما صحة هذا الحديث الذي معناه رَغَّبَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بصلاة أربع ركعات قبل العصر

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الحديث (رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا) لكن في صحته نظر والأمور المشروعة لا تثبت إلا بدليل صحيح ولهذا لم يستحبها بعض أهل العلم.

***

ص: 2

‌ما صحة هذا الحديث الذي معناه رَغَّبَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بصلاة أربع ركعات قبل العصر

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الحديث (رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا) لكن في صحته نظر والأمور المشروعة لا تثبت إلا بدليل صحيح ولهذا لم يستحبها بعض أهل العلم.

***

ص: 2

‌سمعت أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال (من صلى أربع ركعات قبل العصر دخل الجنة) فهل هذا صحيح وهل تجوز صلاتها بعد آذان العصر وقبل أداء الفريضة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الحديث فيه مقال فقد اختلف العلماء فيه وعلى تقدير صحته فالمعنى أن من صلى أربع ركعات بسلامين بين الآذان والصلاة والذي أعرف من الحديث أنه بلفظ (رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعاً) ولا أعرفه بهذا اللفظ الذي ذكره السائل.

***

ص: 2

‌في بعض الشوارع نقرأ عبارات (النظافة من الإيمان) و (أكرموا عمتكم النخلة) ويقولون تحت ذلك حديثٌ شريف ما صحة ذلك

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا ليس بصحيح النخلة ليست عمةً لنا ولا أظنها عمةً لبقية الأشجار أيضاً وأما (النظافة من الإيمان) فهذا ليس بحديث لكن معناه صحيح فإن الدين الإسلامي يدعو إلى النظافة ولهذا جاء بتقليم الأظفار ونتف الآباط وحلق العانة وقص الشوارب والاغتسال كل أسبوع حتى إن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال (غسل الجمعة واجب على كل محتلم) فأوجب صلى الله عليه وعلى آله وسلم غسل الجمعة على كل إنسانٍ بالغ وهذا من النظافة ووقت لأخذ الأظفار والشارب والعانة والإبط وقت أربعين يوماً يعني أنها لا تترك فوق أربعين يوماً فلا تترك الأظفار ولا الإبط ولا العانة ولا الشارب فوق أربعين يوماً لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقت لأمته أن لا تترك فوق أربعين يوماً.

***

ص: 2

‌م. ك. س. من الدمام يقول ما مدى صحة هذين الحديثين الحديث الأول (النظافة من الإيمان) والحديث الآخر (من أخذ الأجرة حاسبه الله بالعمل) أرجو إيضاح مدى صحة هذين الحديثين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أما الحديث الثاني فلا أعلم له أصلاً وإذا كان الإنسان لا يعلم للحديث أصلاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أصلاً فإنه لا يجوز أن ينسبه إليه حتى يتيقن.

وأما الحديث الأول (النظافة من الإيمان) فإن هذا الحديث ضعيف لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم وإن كان مشهوراً عند الناس ولكن لا شك أن الدين الإسلامي يأمر بكل ما فيه الخير والمصلحة للإنسان ومن ذلك النظافة. فإن النظافة في البدن والملبس والمسكن من الأمور المحمودة عرفاً التي لا تنافي الشرع وما كان محموداً عرفاً ولا ينافي الشرع فإنه من الأمور المطلوبة التي ينبغي للإنسان أن يتصف بها بل إن النبي عليه الصلاة والسلام قال في يوم الجمعة (لو تطهرتم ليومكم هذا) والاغتسال للجمعة لا شك أنه نوع من النظافة لأن الجمعة يحصل بها اجتماع الناس كثيراً في مكان واحد ويحصل لهم من العرق ما قد تكون فيه رائحة كريهة ولا سيما في أيام الصيف وقبل أن توجد هذه المكيفات التي تمنع من شدة الحرارة على كل حال النظافة أمر محمود شرعاً وعرفاً وأما إضافة هذا الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه حديث ضعيف لا يضاف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

***

ص: 2

‌أسأل عن هذا الحديث هل هو حديث (النظافة من الإيمان) أم أثر وجهونا بهذا مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الحديث لا أدري هل هو حديث مرفوع أم أثر أو كلام لبعض العلماء ولكن لا شك أن الدين الإسلامي يدعو إلى النظافة ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم (الفطرة خمس أو قال خمس من الفطرة الختان والإستحداد وقص شارب نتف الآباط وتقليم الأظفار) وأمر بالاغتسال كل أسبوع كل يوم جمعة حتى إنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم أوجب ذلك فقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم (غسل الجمعة واجب على كل محتلم) .

***

ص: 2

‌فضيلة الشيخ هل هذا حديث (حب الدنيا رأس كل خطيئة)

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا حديثٌ موضوع ليس بصحيح وحب الدنيا إذا كان يريد أن يستعين به على طاعة الله فليس خطيئة وإن كان يريد الدنيا ويؤثرها على الآخرة فقد خاب قال تعالى (بل تؤثرون الحياة الدنيا والآخرة خيرٌ وأبقى) وقال الله تعالى (من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب) .

***

ص: 2

‌ما صحة هذا الحديث (من صلى علي حين يصبح عشراً وحين يمسي عشراً أدركته شفاعتي يوم القيامة)

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا أدري عن صحته.

***

ص: 2

‌ع. ح. م. من الرياض يقول ما مدى صحة هذا الحديث يا فضيلة الشيخ وهو أن أسماء رضي الله عنها دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهي ترتدي ملابس خفيفة فأشاح عنها بوجهه وقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم (يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض يجب أن لا يظهر منها إلا الوجه والكفان) أو كما قال صلى الله عليه وسلم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الحديث ضعيف سنده منقطع وفيه رواةٌ فيهم نظر ثم هو منكر المتن إذ كيف يليق بأسماء رضي الله عنها أن تدخل على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وعليها ثيابٌ رقاق إن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أجل وأكرم من أن تدخل عليه امرأة عليها ثيابٌ رقاق يقتضى أن يصرف النبي صلى الله عليه وسلم وجهه عنها فهو منكر المتن ضعيف السند لا معول عليه وقد بينا ذلك في رسالةٍ لنا اسمها رسالة الحجاب هي صغيرة الحجم لكنها كبيرة المعنى فمن أحب أن يقرأها ففيها فائدةٌ وخيرٌ إن شاء الله تعالى.

***

ص: 2

‌نحن مجموعة من الشباب نقوم بصيد نوع من أنواع الطيور يقال له القطا ليلاً واعترضنا بعض الإخوان وقالوا إن صيد الطيور في أوكارها ليلاً محرم مستدلين بحديث (لا تأتوا الطيور في أوكارها ليلاً) ما حكم صيد الطيور في أوكارها ليلاً وما مدى صحة هذا الحديث

.

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الحديث لا يصح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم والصيد جائز ليلاً ونهاراً إلا أنه في الليل على خطر لأن الإنسان قد يتجشم شجرة تؤذيه أو حفرة يقع فيها لشفقته على إدراك الصيد أما من حيث الصيد نفسه فإنه حلال ليلاً ونهاراً قال الله تعالى (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً)(البقرة: من الآية29) ولم يقيد زمناً دون زمن.

***

ص: 2

‌ناجي المطيري يقول في الحديث (لعن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم راكب الفلاة وحده) نرجو من فضيلتكم معنى هذا الحديث وهل هو صحيح

.

فأجاب رحمه الله تعالى: إنه قد ورد النهي عن سفر الإنسان وحده لأنه يتعرض للخطر والبلاء فقد يهجم عليه ولا يجد من يساعده وقد يمرض فيحتاج إلى ممرض وقد يموت فيحتاج إلى من يقوم بتغسيله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه فلذلك نهى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن سفر الرجل وحده لكن في عصرنا الحاضر إذا ركب الإنسان سيارته وحده ومشى مسافراً في طريق مسلوك كطريق المدينة مكة مثلاً فإن النهي لا يشمله وذلك لأن هذه الطرق أصبحت والحمد لله وكأن الإنسان في المدينة لا يزال يشاهد السيارات ذاهبة وراجعة فكأنه في المدينة فلا يشمله النهي عن السفر وحده أما الحديث (أن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم لعن راكب الفلاة وحده) فلا أدري عن صحته.

***

ص: 2

‌ما صحة هذا الحديث (الدعاء مخ العبادة)

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم بهذا اللفظ ليس بصحيح ،الصحيح (الدعاء عبادة) ويدل لذلك قوله تبارك وتعالى (وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) فقال (ادعوني) ثم قال (إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي) وهذا يدل على أن الدعاء عبادة ولا شك أنه عبادة من الناحية النظرية فإن الإنسان إذا دعا ربه فقد بنى دعاءه على أمرين

الأمر الأول شدة حاجته إلى الله عز وجل وافتقاره إليه وأنه لا ملجأ له إلا ربه تبارك وتعالى

والأمر الثاني تعظيمه لله عز وجل وإيمانه بأنه تعالى قادر على استجابته وأنه سبحانه وتعالى عالم بدعائه وأنه سامع لدعائه وهذا عبادة فأكثر أخي المسلم من دعاء الله عز وجل لعلك تصادف ساعة إجابة فيحصل لك مطلوبك وإذا لم يحصل مطلوب الإنسان فهو على خير لن يخيب أبداً

أولاً الدعاء عبادة يثاب عليه.

ثانيا أن الله تعالى إما أن يستجيب له ما دعا به وإما أن يصرف عنه من السوء ما كان متوقعاً وإما أن يدخر ذلك له عند الله عز وجل يوم القيامة فهو لن يخيب أبداً بخلاف سائل المخلوق الذي يسأل المخلوق يستهجنه المخلوق كما قال الشاعر:

لا تسألن بني آدم حاجة وسل الذي أبوابه لا تحجب

فالله يغضب إن تركت سؤاله وبني آدم حين يسأل يغضب

يستهجنك وربما يعطيك وربما لا يعطيك وإذا لم يعطك ربما ينتهرك وربما يصعر خده لك لكن الرب عز وجل إذا سألته أحبك وأثابك وأجاب مطلوبك أو صرف عنك ما هو أعظم أو ادخره لك يوم القيامة فعليك بسؤال الله في كل شيء والاستعانة بالله تعالى في كل شيء وقل اللهم بفضلك أغنني عمن سواك.

***

ص: 2

‌ما حكم قول اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً فإنك تجعل الحزن إذا شيءت سهلاً وهل هو حديث

.

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا كلام مسجوع معناه صحيح لكن لا حاجة إليه يكفي عنه أن يقول القائل اللهم يسرنا لليسرى وجنبنا العسرى واغفر لنا في الآخرة والأولى ومن المعلوم أن الله عز وجل قادرٌ على أن يجعل السهل صعباً والصعب سهلاً لأنه على كل شيء قدير فبهذه المناسبة أنصح إخواني الحريصين على الدعاء في الصلاة وفي أوقات الدعاء مثل الدعاء بين الأذان والإقامة وفي الدعاء في عرفة وفي الدعاء في مزدلفة أن يحرصوا أتم الحرص على الدعاء بما جاءت به السنة لأن الداعي بذلك أعلم الخلق بما يليق وبما ينفع من الدعاء فليتحروا الأدعية التي دعا بها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في الأحاديث الصحيحة أيضاً لأن هناك أحاديث ضعيفة فيها أدعية غير صحيحة ويا حبذا لو أن إخواني طلبة العلم كتبوا ما تيسر من الأدعية الصحيحة الواردة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إما مطلقة وإما مقيدة في الصلاة أو في وقوف عرفة أو في الطواف أو في السعي لو فعلوا ذلك لحصل خير كثير في حفظ هذه السنن والبعد عن الأدعية الكثيرة المسجوعة التي لا خير فيها بل ربما تشتمل على أمور تخل بالعقيدة.

***

ص: 2

‌ما صحة هذا الحديث (إذا خرجت من منزلك فصلِّ ركعتين تمنعانك من مخرج السوء وإذا دخلت إلى منزلك فصلِّ ركعتين تمنعانك مدخل السوء)

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الحديث غير صحيح ولا يعمل به لكن الإنسان مأمور إذا دخل بيته أن يتسوك أول ما يدخل ثم يسلم على أهله (لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان أول ما يبدأ به إذا دخل بيته أن يتسوك ثم يسلم على أهله) وقد قال الله تعالى (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ) فحث الله تعالى على أن يكون لنا أسوة حسنة في رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ومن التأسي به أن نبدأ إذا دخلنا بيوتنا بالسواك.

***

ص: 2

‌ما معنى هذا الحديث وهل هو صحيح يقول (إذا خرج أحدكم من بيته فليقل بسم الله لا حول ولا قوة إلا بالله ما شاء الله توكلت على الله حسبي الله ونعم الوكيل)

؟

الشيح: لا أعلم هذا الحديث وارداً عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

***

ص: 2

‌هل هناك دعاء معين مأثور لمن ركبته الديون حتى تقضى عنه

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا أعلم في ذلك حديثاً خاصاً لكن الإنسان يدعو الله عز وجل فيقول اللهم اقض عني الدين وأغنني من الفقر ويلح على ربه سبحانه وتعالى فإن الله يحب الملحين في الدعاء.

***

ص: 2

‌م ن من المدينة النبوية يقول أسأل عن هذا الدعاء هل هو وارد (اللهم يا من لا تراه العيون ولا يصفه الواصفون)

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا هذا غلط هذا غلط عظيم لأنه إذا قال اللهم يا من لا تراه العيون وأطلق صار في هذا إنكار لرؤية الله تعالى في الآخرة وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم (أن المؤمنين يرون ربهم يوم القيامة عياناً بأبصارهم كما يرون الشمس صحواً ليس دونها سحاب وكما يرون القمر ليلة البدر) وقد أنكر قوم رؤية الله عز وجل وقالوا إن الله لا يرى لا في الدنيا ولا في الآخرة وذلك بناء على عقولهم التي يعتمدون في إثبات الصفات لله عز وجل ونفيها عنه عليها أي على عقولهم وهذا خطأ عظيم أن يحكِّم الإنسان عقله في أمر من أمور الغيب لأن أمور الغيب لا يمكن إدراكها إلا بمشاهدتها أو مشاهدة نظيرها أو خبر الصادق عنها فتجدهم ينكرون رؤية الله ويحرفون كلام الله ورسوله بناء على عقيدتهم المبنية على العقل الفاسد لأن حقيقة تحكيم العقل أن يسلم الإنسان لما أخبر الله به ورسوله تسليماً تاماً فإن هذا مقتضى العقل ومقتضى الإيمان قال الله تعالى (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) وهؤلاء المنكرون لرؤية الله تعالى في الآخرة لم يسلموا تسليماً بل أنكروا ذلك وقالوا لا يمكن فقيل لهم سبحان الله النصوص واضحة في هذا في القرآن الكريم قال الله تعالى (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ) ناضرة أي حسنة (إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ) أي تنظر إلى الله عز وجل وإضافة النظر إلى الوجوه يعني أنه بالعين لأن أداة النظر في الوجه هي العين فحرفوا الكلم عن مواضعه وقالوا (إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ) أي إلى ثواب ربها ناظرة وهذا تحريف زادوا في الآية كلمة كما زادت بنو إسرائيل حرفاً حين قيل لهم قولوا حطة فقالوا حنطة وقيل لهم إن الله سبحانه وتعالى يقول (لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ) وهذه الآية تدل على ثبوت أصل الرؤية لأن معنى لا تدركه أي تراه ولا تدركه لأنه أعظم من أن يحيط به شيء من مخلوقاته والعجب أنهم يستدلون بهذه الآية على نفي الرؤية وهي حجة عليهم وقيل لهم إن موسى عليه الصلاة والسلام قال (رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ) ولو كانت الرؤية ممتنعة على الله عز وجل لكانت غير لائقة به وموسى أحد الرسل أولي العزم لا يمكن أن يسأل الله مالا يليق به أبداً مستحيل قالوا إن الله قال له (لن تراني) نعم قال (لن تراني) يعني في الدنيا لن تثبت لرؤيتي ولهذا ضرب الله لهم مثلاً فقال (انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني فلما تجلى ربه للجبل جعله دكاً) اندك الجبل ساوى الأرض حينئذٍ خر موسى صعقا مما رأى فيكون بهذه الآية التي استدلوا بها على نفي الرؤية دليل عليهم والحمد لله وقيل لهم إن الله تعالى يقول في الفجار (كَلَاّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ) وجعل هذا عقاباً عليهم ولو كان الأبرار لا يرونه لاستوى في هذا الحكم الفجار والأبرار ولهذا قال الإمام الشافعي رحمه الله إن الله لم يحجب هؤلاء عنه في حال الغضب إلا وقد أذن للأبرار أن يروه في حال الرضا أو كلمة نحوها وهذا استدلال جيد وقيل لهم إن الله تبارك وتعالى قال (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ) وقد فسر أعلم الخلق بكلام الله وأنصح الخلق لعباد الله وأفصح الخلق فيما يقول قال (إن الزيادة هي النظر إلى وجه الله) وقيل لهم إن الله تعالى قال (لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد) وقد فسر المزيد بأنه النظر إلى وجه الله كما فسر به النبي صلى الله عليه وسلم الزيادة، وقيل لهم إن الله تعالى قال (فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ (34) عَلَى الأَرَائِكِ يَنظُرُونَ) وحذف المفعول ليعم كل نظرة يستمتعون بها ويتلذذون بها وأجلها رؤية الله عز وجل فهم ينظرون الرب عز وجل وينظرون ما أعد الله لهم من النعيم وينظرون الكفار الذين كانوا في الدنيا يضحكون بهم وإذا مروا بهم يتغامزون، وقيل لهم إن النبي صلى الله عليه وسلم وهو أعلم الخلق بالله وأنصحهم لعباد الله وأفصحهم في المقال وأسدهم في القول قال (إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر لا تضامون في رؤيته فإذا استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وصلاة قبل غروبها فافعلوا) وأخبر أن المؤمنين يرون ربهم يوم القيامة عياناً بأبصارهم كما يرون الشمس صحواً ليس دونها سحاب، فانظر إلى هذا التثبيت والتقرير والتوكيد لرؤية الله عز وجل بضرب هذه الأمثلة التي لا يشك فيها أحد الشمس في حال الصحو ليس معهاسحاب لا يشك أحد في رؤيتها والقمر ليلة البدر لا أحد يحتجب عنه رؤيته كل يراها ولهذا أجمع الصحابة رضي الله عنهم وأئمة الأمة على ثبوت رؤية الله عز وجل في الآخرة لم يرد عن أحد منهم أنه نفى ذلك أبداً وأدنى ما يقال لهؤلاء ائتوا إلينا لنجلس في أحد المساجد ولندعو الله عز وجل فنقول اللهم من أنكر رؤيتك في الآخرة فاحرمه منها يا رب العالمين لا أظن أن يثبت لهم قدم على ذلك أبداً لن يصبروا أن يأتوا ويدعوا الله عز وجل بهذا الدعاء مما يدل على أن إيمانهم بانتفاء الرؤية ليس إيماناً عن يقين، والخلاصة أن رؤية الله سبحانه وتعالى ثابتة بالقرآن والسنة وإجماع السلف ونسأل الله تعالى لمن أنكرها أن يهديهم إلى الحق حتى يلقوا الله عز وجل وهم مؤمنون بكتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ومتبعون للصحابة رضي الله عنهم في هذه المسألة البينة الواضحة.

***

ص: 2

‌هل كان الرسول صلى الله عليه وسلم يحيي ليلتي العيدين بالقيام أو قراءة القرآن وهل يوجد حديث للترغيب في قيام هاتين الليلتين

.

فأجاب رحمه الله تعالى: فيهما أحاديث ضعيفة في فضل إحيائهما وأما من فعل الرسول صلى الله عليه وسلم فلم يكن يفعل ذلك لم يكن يحيي الليل وما قام الليل كله إلا في ليالي العشر الأخيرة من رمضان رجاء لليلة القدر فإنه (كان عليه الصلاة والسلام إذا دخل العشر أحيا الليل كله) .

***

ص: 2

‌هل من أجر لمن يموت يوم الجمعة أو ليلة الجمعة وأنه يوقى من فتنة القبر كما جاء في الحديث

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا أعلم في هذا حديثاً صحيحاً والإنسان موته ليس باختياره فإذا مات يوم الجمعة فليس من كسبه أو يوم الاثنين فليس من كسبه قال الله تبارك وتعالى (إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ) فالإنسان يجهل بأي أرض يموت هل في بلده أو في بلد آخر هل هو داخل مملكته أو خارج مملكته كذلك أيضاً لا يدري متى يموت لأن علم الموت كعلم الساعة مجهول هو عند الله تعالى وحده فإذا كان كذلك فمات الإنسان في أي يوم فإن موته في أي يوم الجمعة أو الاثنين أو الخميس أو غيره أو غيرها ليس من كسبه حتى يثاب عليه لكن إن ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك حديث فالواجب الإيمان به والتسليم له.

***

ص: 2

‌م س يقول ما صحة هذا الحديث (إن لله في كل يوم وليلة مائة وعشرين رحمة تنزل على هذا البيت ستون للطائفين وأربعون للمصلىن وعشرون للناظرين إليها أي إلى الكعبة)

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا لا يصح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم والنظر إلى الكعبة ليس بعبادة بل النظر إلى الكعبة إن قصد الإنسان بذلك أن يتأمل هذا البناء المعظم الذي فرض الله على عباده أن يحجوا إليه وأزداد بهذا التفكير إيمانا صار مطلوباً من هذه الناحية وأما مجرد النظر فليس بعبادة وبهذا يتبين ضعف قول من يقول إن المصلى يسن له إذا كان يشاهد الكعبة أن ينظر إليها دون أن ينظر إلى موضع سجوده فإن هذا القول ضعيف لأنه ليس عليه دليل ولأن الناظر إلى الكعبة والناس يطوفون حولها لابد أن ينشغل قلبه والسنة للمصلى أن ينظر إلى موضع سجوده إلا في حال التشهد فإنه ينظر إلى موضع إشارته أي إلى إصبعه وهو يشير بها وكذلك الجلوس بين السجدتين فإنه يشير بإصبعه عند الدعاء فينظر إليه.

***

ص: 2

‌محمد حسن من اليمن يقول هل الأذان في أذن المولود والإقامة في أذنه الأخرى سنة أم لا وما صحة الأحاديث في هذا الأمر

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أما حديث الإقامة في اليسرى فإنه ضعيف وأما حديث الأذان في أذنه اليمنى فلا بأس به على أن فيه مقالا أيضا ولكن هذا يكون حين الولادة مباشرة قال العلماء والحكمة في ذلك أن يكون أول ما يسمعه الأذان الذي هو النداء إلى الصلاة والفلاح وفيه تعظيم الله وتوحيده والشهادة لنبيه صلى الله عليه وسلم بالرسالة.

***

ص: 2

‌ما صحة هذا الحديث (من صلى علي يوم الجمعة ثمانين مرة غفرت ذنوبه)

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: ليس بصحيح

***

ص: 2

‌قولهم (اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت) هل ورد فيه حديث

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا ورد أيضاً لكنه أعل بالإرسال لأنه عن أحد التابعين عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو معاذ بن زهرة وهو تابعي فالحديث مرسل وعند علماء الحديث أنه إذا كان الحديث مرسلاً -يعني- رفعه التابعي أو الصحابي الذي لم يسمع من الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه يكون منقطعاً فلا يحكم بصحته حتى يعلم من الواسطة بين هذا الرجل وبين النبي صلى الله عليه وسلم.

***

ص: 2

‌ليلى الغامدي من الباحة تقول أسأل عن هذا الحديث عن أنس رضي الله عنه قال. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (مَنْ صلى علي في يوم ألف مرة لم يمت حتى يرى مقعده من الجنة) هل هذا الحديث صحيح

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: ليس بصحيح ولكن لاشك أن الإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم خير للمرء فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أخبر (أن من صلى عليه مرة واحدة صلى الله عليه بها عشر) فأكثر من ذكر الله وأكثر من الصلاة على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فإن ذلك خير قال الله تبارك وتعالى (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ) .

***

ص: 2

‌أيمن عبد المنعم من مصر يقول سمعت حديثا ينص على أن الصلاة لابد وأن يقابلها متعة من الفرد وسعادة فإن لم يكن كذلك فإن أبواب السماء تغلق لتلك الصلاة هل هذا صحيح

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الحديث ليس بصحيح لكنه لا شك أن الإنسان الذي تكون صلاته متعة له وقرة عين له فإن له حظا كبيرا مما كان عليه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم (حبب إلي من دنياكم النساء والطيب وجعلت قرة عيني في الصلاة) فإذا دخل الإنسان في صلاته وأعتقد أنه يناجي ربه وأن حياته في الحقيقة هي ما أمضاه في طاعة الله وأن هذا هو عمره الحقيقي فإنه لا شك أن الصلاة ستكون قرة عينه وراحة نفسه وأنه سيألفها وإذا سلم منها انتظرها مرة أخرى وأنه يجد بعد ذلك نورا وسعادة وانتهاءً عن المنكر والفحشاء كما قال الله تبارك وتعالى (اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ الْكِتَابِ وَأَقِمْ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ) أما مَنْ فَرَّطَ فيها وأضاعها وثقلت عليه وكان من حين ابتدائه بها إلى أن ينتهي وقلبه يفكر ويدور يمينا وشمالا فإن الصلاة ستكون شاقة عليه وسوف يخرج منها كخروج الهارب من السبع ولا يرى أنه اغتنم هذا الوقت الذي كان يصلى فيه وأنه هو عمره الحقيقي ولهذا أقول إنه ينبغي للإنسان إذا قام إلى الصلاة أن يستشعر عظمة من قام بين يديه وأن يؤمن إيماناً كاملاً بأنه تبارك وتعالى يعلم ما توسوس به نفسه وأن يحرص غاية الحرص أن يجمع قلبه على ما يقول ويفعل في صلاته وألا يذهب يجول يمينا وشمالا وإذا حدث له ذلك فهنا الدواء الناجع الذي وصفه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لرجل من أصحابه شكا إليه أنه إذا دخل في الصلاة يوسوس يعني يفكر يمينا وشمالا (فأمره النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا وجد ذلك أن يتفل عن يساره ثلاثا ويستعيذ بالله من الشيطان الرجيم قال الرجل ففعلت ذلك فأذهب الله عني ما أجد) نسأل الله أن يعيننا جميعا على ذكره وشكره وحسن عبادته.

***

ص: 2

‌يقول السائل سمعت حديثاً شريفاً (أن الشهداء خمسة وذكر منهم المبطون) فمن هم الباقون إن كان الحديث صحيحاً وما معنى المبطون

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الحديث صحيح رواه البخاري ومسلم وغيرهما والباقون هم المطعون، والغريق، وصاحب الهدم والشهيد في سبيل الله، ولكن هذه الشهادة تختلف أحكامها في الدنيا فإن الشهيد في سبيل الله لا يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه وإنما يدفن في ثيابه التي استشهد فيها بخلاف هؤلاء الأربعة -يعني- يجب تغسيلهم وتكفينهم والصلاة عليهم والمبطون: هو الذي أصيب بداء البطن بمعنى أنه يكون فيه إسهال أو وجع في بطنه ومنه ما يسمى بالزائدة إذا انفجرت وما أشبه ذلك فكل أدواء البطن التي تكون سبباً للموت فإنها داخلة في قوله صلى الله عليه وسلم (المبطون) لا سيما التي يكون الموت فيها محققاً عاجلاً.

***

ص: 2

‌تقول السائلة أم عبد الرحمن من اليمن هل هذا الكلام من الحديث النبوي: (أبغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما ما وأحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما ما)

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا روي حديثا لكنه لا يصح أما معناه فصحيح يعني أنه لا ينبغي للإنسان أن يفرط في الحب فإنه ربما كان هذا الحبيب يوما من الأيام بغيضا لك ومن المعروف أن الإنسان إذا أفرط في الحب أفضى إلى حبيبه بكل ما عنده من سر وأخبره بكل حالاته فإذا قدر أنه صار بغيضا له يوما من الأيام فإن هذا البغيض سوف يفشي سره ويبينه للناس ثم إن المحبة المفرطة غالبا ما تفضي إلى بغض مفرط لأن المحبة المفرطة توجب لصاحبها أن يكون حساسا بالنسبة إلى حبيبه فيغار إذا رأى أحدا إلى جنبه أو أحدا يكلمه أو ما أشبه ذلك وتكون الحبة عنده من هذا الحبيب قبة وحينئذٍ لقوة الغيرة والمحبة تنقلب هذه المحبة بغضاء وكذلك بالعكس قد يبغض الرجل الإنسان بغضا شديدا ثم يقلب قلبه مقلب القلوب فيحبه بعد ذاك حبا شديدا لهذا لا ينبغي للإنسان أن يفرط في المحبة ولا في البغضاء فإن قال قائل المحبة لا يملكها الإنسان والبغض أيضا لا يملكه الإنسان يعني لا يملك أن يجعل محبته خفيفة أو ثقيلة أو بالعكس فالجواب أن الأمر كذلك ولكن يجب عليه أن يقلل من آثار هذه المحبة ومن آثار هذا البغض بحيث لا يسرف في الملازمة عند المحبة ولا في المباعدة عند البغضاء وهذا يمكن للإنسان أن يتصرف فيه وكذلك لا يسرف في بذل المال لمن أحبه ولا في تقديمه على نفسه وما أشبه ذلك من مقتضيات المحبة التي يمكن للإنسان أن يتصرف فيها.

***

ص: 2

‌هل إذا نظر شخص إلى سوءة أخيه بدون قصد يكون آثما كما في حديث (مَنْ نظر إلى سوءة أخيه المسلم فهو ملعون)

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الحديث ضعيف ويرويه بعض الناس بلفظ (لعن الله الناظر والمنظور) ولكن لا يحل للرجل أن ينظر إلى عورة أخيه لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل ولا المرأة إلى عورة المرأة) ويجب عليه إذا رأى أخاه كاشفا عورته يقضي حاجته مثلا يجب عليه أن يكف بصره ولا يحل له أن ينظر إليها لأن في ذلك امتهانا لأخيه وإثارة للفتنة فقد يصور له الشيطان هذه العورة بصورة ليست على ما هي عليه ويحصل بهذا فتنة للناظر والمنظور ولكن على الإنسان أيضا أن يحفظ عورته إلا من زوجته أو ما ملكت يمينه وعليه أن يلبس الثياب الساترة وبهذه المناسبة أود أن أنبه ما يفعله بعض الناس من لباس سراويل قصيرة تغطي نصف الفخذ ثم يلبس فوقها ثوبا شفافا لا يستره فإن ذلك حرام عليهم ولا تصح صلاتهم في هذا السروال القصير الذي ليس عليه إلا ثوب رهيف لأن الواجب على المصلى الرجل أن يستر ما بين السرة والركبة بثوب ساتر.

***

ص: 2

‌السائل يقول في حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو عن ابن عباس باختصار الحديث (جاء علي بن أبي طالب رضي الله عنه وقال للرسول إني تفلت مني القرآن فعلمه الرسول صلى الله عليه وسلم دعاء وصلاة أربع ركعات مخصوصة بقراءة) فذكر هذا الحديث مفصلاً في الكتاب الصغير وروى هذا الحديث الترمذي ورواه الحاكم فهل هذا الحديث صحيح

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الحديث ليس بصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا عبرة به، لكن مما يعين على الحفظ ما أمر به النبي عليه الصلاة والسلام في قوله (تعاهدوا هذا القرآن فوالذي نفسي بيده لهو أشد تفلتا من الإبل في عقلها) فأمر بتعاهده لئلا ننساه، والتعاهد أن يكرر الإنسان تلاوته بحضور قلب فإذا كرر تلاوته بحضور القلب فهذا هو التعاهد فيكون ذلك معينا على بقاء القرآن وحفظ القرآن.

***

ص: 2

‌سمعت حديثا يقول (من كثر لغطه في مجلس فليقل بعد أن يقوم سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك تغفر خطاياه في ذلك المجلس)

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم هذا أيضاً حديث صحيح ينبغي للإنسان أن يختم مجلسه به لأنه كالطابع على المجلس (سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك) .

***

ص: 2

‌ما صحة الحديث القدسي التالي يقول قال الله تعالى (إذا أطعت رضيت وإذا رضيت باركت وليس لبركتي نهاية)

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الحديث بلفظه لا أعرف عنه شيئا لكن لا شك أنه إذا أطيع فإن طاعة الله سبحانه وتعالى سبب لرضاه ورضاه سبب لكل خير وبركة قال الله تبارك وتعالى (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً) وقال الله تعالى (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) .

***

ص: 2

‌محمد أحمد من الأردن يقول أسأل عن صحة حديث نبوي سمعته من أحد الإخوة قبل أكثر من سنة فقد سمعته يقول بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال (صلاة بعمامة خير من أربعين صلاة بدون عمامة) هل هذا حديث أم لا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الحديث حديث باطل موضوع مكذوب على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم والعمامة كغيرها من الألبسة تتبع عادات الناس فإن كنت في أناس اعتادوا لبس العمامة فالبسها وإذا كنت في أناس لا يعتادون لبس العمامة وإنما يلبسون الغترة أو يبقون بلا شيء يستر رؤوسهم فافعل كما يفعلون فالعمامة ليست من الأمور المطلوبة شرعا لكنها من الأمور التابعة لعادات الناس والإنسان مأمور أن يلبس ما يلبسه الناس إلا إذا كان محرما لأنه إذا خالف الناس في لباسهم صار لباسه شهرة وقد (نهي عن لباس الشهرة) اللهم إلا إذا كان في بلد غريب وكان لباس أهل هذا البلد يخالف لباس هذا الرجل القادم إليهم فحينئذٍ لا بأس أن يبقى على لباسه في بلده لأن الناس يعرفون أن هذا رجل غريب وأنه لا غرابة أن يكون لباسه مخالفاً للباسهم كما يوجد الآن عندنا ولا سيما في مكة والمدينة أناس يلبسون ثيابهم على الزي الذي كانوا عليه في بلادهم ولا أحد يستنكر ذلك وخلاصة القول أن نقول هذا الحديث الذي أشار إليه السائل حديث باطل موضوع مكذوب على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم

ثانياً أن نقول لبس العمامة ليس سنة ولكنه خاضع لعادات الناس الذين يعيش بينهم هذا الرجل فإن كانوا يلبسون العمامة لبسها وإن كانوا لا يلبسونها لم يلبسها وأقول إن السنة موافقة الناس الذين تعيش فيهم في لباسهم ما لم يكن لباسا ممنوعا شرعا فإنه يجب اجتنابه عليك وعليهم ثم إني ذكرت أن الإنسان إذا قدم إلى بلد يخالف لباسهم لباس أهل بلده وهو معروف أنه غريب فلا حرج عليه أن يبقى على زي أهل بلده لأنه لا يعد ذلك شهرة.

***

ص: 2

(عفي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) هل هذا حديث وإن كان حديثا فما درجته

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الحديث صحيح المعنى وإن كان في سنده ما فيه لكن تشهد له نصوص الكتاب والسنة فالخطأ معفو عنه معذور به الإنسان لقول الله تبارك وتعالى (رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) قال الله قد فعلت وكذلك النسيان لهذه الآية وكذلك الإكراه لقول الله تبارك وتعالى (مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَاّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنْ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) هذه نصوص عامة تشمل كل ما يقع من خطأ أو نسيان أو إكراه وهناك نصوص خاصة تبين ذلك أيضا فمنها ما ثبت في صحيح البخاري عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها وعن أبيها (أن الناس أفطروا في يوم غيم على عهد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ثم طلعت الشمس ولم يأمرهم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالقضاء) لأنهم أفطروا عن ظن أخطؤوا فيه وكذلك (عدي بن حاتم رضي الله عنه كان يتسحر ويأكل وكان قد جعل تحت وساده عقالين أحدهما أسود والثاني أبيض وكان يأكل حتى تبين العقال الأبيض من العقال الأسود ثم أمسك فأخبر بذلك النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولم يأمره بالقضاء) وفي الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال (من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه) وعلى هذا الخطأ والنسيان والإكراه كلها معفو عنها في هذه الشريعة الميسرة المسهلة نسأل الله تعالى أن يزيدنا تمسكا بها وثباتاً عليها إلى الممات لكن ما نُسي من الواجبات فإنه يقضى إذا لم يفت سببه فإذا نسي الإنسان أن يصلى فإنه يصلى إذا ذكر لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك ثم تلا قوله تعالى (وَأَقِمْ الصَّلاةَ لِذِكْرِي)) .

***

ص: 2

‌ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم حديث معناه أن (من صلى صلاة الصبح في جماعة وجلس يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين فإن ذلك يعدل حجة وعمرة تامة تامة) هل هذا صحيح

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: مختلف في صحته لكن الإنسان إذا فعل ذلك راجيا ثواب الله فأرجو ألا يكون عليه في ذلك بأس.

***

ص: 2

‌ما صحة حديث (أول من يفتح باب الجنة أنا وأم اليتيم)

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أما كونه صلى الله عليه وسلم هو أول من يستفتح باب الجنه فصحيح وأما كون أم اليتيم معه فلا أدري.

***

ص: 2

‌قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من استطاع الحج ولم يحج فليمت إن شاء يهودياً وإن شاء نصرانياً) مامعنى ذلك

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الحديث في صحته نظر والمعنى إن صح الحديث أنه إذا مات فإنه يخشى أن يكون كافراً إما مع اليهود وإما مع النصارى.

***

ص: 2

‌يقول السائل ما صحة حديث (من تهاون بالصلاة عاقبه الله بخمس عشرة عقوبة)

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم هذا مما ينشر أيضاً وهو كذب لا أصل له ولا يجوز لأحدٍ نشره إلا أن يكتب عليه مبيناً أن هذا حديثٌ موضوعٌ مكذوب على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فحينئذٍ يكون هذا من باب العلم وليكن تعليقه عليه بمحلٍ لا يمكن أن يقص ويبقى الأصل المكذوب يعني بعض الناس لو علق مثلاً وجعل مسافةً بين تعليقه وبين الأصل المعلق عليه جاء بعض الناس وقص هذا التعليق وأبقى الأصل معلقاً عليه وكما تعلم الآن أن آلات التصوير يمكن أن يتصرف فيها الإنسان على ما يشاء.

***

ص: 2

‌ما المراد بقول النبي صلى الله عليه وسلم عن افتراق الأمة (كلهم في النار إلا واحدة) وما هي الواحدة وهل الاثنتان والسبعون فرقة كلهم خالدون في النار

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أخبر النبي عليه الصلاة والسلام أن اليهود افترقوا على إحدى وسبعين فرقة والنصارى افترقوا على اثنتين وسبعين فرقة وأن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة وعلى الرغم من محاولة العلماء تعداد هذه الفرق فإنهم لم يصلوا إلى النتيجة إلا بتكلف والأولى أن نبهم ما أبهمه الرسول عليه الصلاة والسلام نقول ثلاث وسبعون فرقة وأما كيفية هذا الافتراق فإن ضبطه صعبٌ جداً جداً وقوله (كلها في النار إلا واحدة) يشمل ما إذا كانت الفرقة التي حصلت مخرجةً من الملة أو غير مخرجة لأن من الأعمال من توعد فاعله بالنار مع أنه لا يخرج من الإسلام مثل قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم (ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذابٌ أليم المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب) ومثل قوله تعالى (إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيرا) ومثل قوله صلى الله عليه وسلم (ما أسفل الكعبين ففي النار) يعني من الإزار وأما الواحدة الناجية فقد بينها الرسول عليه الصلاة والسلام بأنها من كانت على مثل ما عليه هو وأصحابه ومن تمسك بسنة الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعده فهو من الناجين والفرقة الناجية هي المنصورة إلى قيام الساعة سواء حصل منها قتالٌ مع ضدها أم لم يحصل لأنها منصورةٌ بظهور أمرها وسنتها وهذا ما يوحي به كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حيث قال في العقيدة الوسطية في أولها أما بعد فهذا اعتقاد الفرقة الناجية المنصورة إلى قيام الساعة أهل السنة والجماعة وعلى هذا فيجب على الإنسان أن يتحرى سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسنة الخلفاء الراشدين والصحابة المرضيين الذين قال الله تعالى عنهم: (وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ) .

***

ص: 2

‌وجدت في تفسير ابن كثير حديثاً يقول فيه الرسول صلى الله عليه وسلم ما معناه (ستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة) فهل هذا الحديث صحيح وما هي الفرقة الناجية من هذه الفرق الضالة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الحديث صحيح بكثرة طرقه وتلقي الأمة له بالقبول فإن العلماء قبلوه وأثبتوه حتى في بعض كتب العقائد وقد بين النبي عليه الصلاة والسلام (أن الفرقة الناجية هي الجماعة) الذين اجتمعوا على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من عقيدة وقول وعمل فمن التزم ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من العقائد الصحيحة السليمة والأقوال والأفعال المشروعة فإن ذلك هو الفرقة الناجية ولا يختص ذلك بزمن ولا بمكان بل كل من التزم هدي الرسول عليه الصلاة والسلام ظاهراً وباطناً فهو من هذه الجماعة الناجية وهي ناجية في الدنيا من البدع والمخالفات وناجية في الآخرة من النار.

***

ص: 2

‌سألني أحد الزملاء في العمل عن صحة الحديث هذا نصه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (رجب شهر الله وشعبان شهري ورمضان شهر أمتي) فما مدى صحة هذا الحديث جزاكم الله خيرا

.

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا حديثٌ لا يصح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولا يجوز للإنسان أن ينشره بين الناس لا بالكتابة ولا بالقول إلا إذا كان الحديث مشهوراً بين الناس وأراد أن يتكلم ويبين أنه موضوع فهذا طيب وأما إذا لم يكن مشهوراً بين الناس فالإعراض عنه أولى حتى لا ينتشر بين الناس وهو ليس صحيحاً إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

***

ص: 2

‌ما صحة الحديث الذي يقول (من تصبح بسبع تمرات لا يضره سحرٌ ولا سم)

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم هذا حديثٌ صحيح إذا تصبح الإنسان بسبع تمرات فإنه لا يصيبه ذلك اليوم سمٌ ولا سحر ولكن في بعض ألفاظ الحديث أن هذه التمرات قيدت بتمر العجوة وفي بعضها قيدت بتمر العالية فمن العلماء من قال إنه يتقيد بهذا التمر وليس ذلك ثابتاً لكل تمر ومنهم من أخذ بالحديث المطلق وهو أن أي تمرٍ يتصبح به الإنسان فإنه إذا تصبح بسبع تمرات لا يصيبه في ذلك اليوم سمٌ ولا سحر وعلى كل حال فالإنسان إذا أفطر بهذه السبع يعني تصبح بها فإن كان الحديث مطلقاً حصل له ذلك وإن لم يكن مطلقاً وكان مقيداً بتمر العجوة أو بتمر العالية فإن هذه السبع لا تضره ونحن قلنا أنه إذا كان التصبح بسبع تمرات ليس على الإطلاق فإنه لا يضره بناءً على أن اللفظ المطلق يجب الأخذ بإطلاقه ويكون اللفظ المقيد إذا كان مطابقاً للمطلق في حكمه ليس ذلك على سبيل القيد وإنما هو ذكرٌ لبعض الأفراد بخلاف من أراد أن يتخذ شيئاً سنة ولم يرد به نص فإنه لا يوافق على هذا ولكن هذا قد ورد فيه نصٌ محتمل فنحن نقول ما دام النص محتملاً فإن كان الإنسان بأكله التمرات السبع موافقاً لما أراده رسول الله صلى الله عليه وسلم فذاك وإن لم يكن موافقاً فإنه لا يضره.

***

ص: 2

‌ما صحة حديث (الساعي على الأرملة والمسكين له أجر شهيد)

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا لا أعلم عنه لكن جاء في حديثٍ آخر (الساعي على الأرملة والمساكين كالمجاهد في سبيل الله قال الراوي وأحسبه قال كالصائم لا يفطر وكالقائم لا يفتر) .

***

ص: 2

‌ما صحة حديث (التائب من الذنب كمن لا ذنب له)

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا أعلم عن صحته بهذا اللفظ لكن لا شك أن التائب من الذنب إذا كانت التوبة نصوحاً فإن هذا الذنب لا يؤثر عليه بل ربما يزداد إيماناً وعملاً صالحاً بعد التوبة ويكون بعد التوبة خيراً منه قبلها ألا ترى إلى قول الله تعالى (والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون) وكل هذه من الكبائر العظيمة شرك وقتل نفس عمداً بغير حق وزنى ففيها اعتداء على حق الله بالشرك وعلى حق المخلوق بالنفس وعلى حق المخلوق بالعرض ومع ذلك يقول. يقول تعالى (وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً (69) إِلَاّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) ألا ترى إلى آدم حيث حصل منه ما حصل بأكل الشجرة التي نهاه الله سبحانه وتعالى عن أكلها قال الله تعالى (وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (121) ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى) فحصل له الاجتباء والتوبة والهداية والتوبة من الذنوب واجبة وتجب المبادرة بها لئلا يحضر الإنسان أجله فلا تنفعه التوبة ويحسن بنا أن نذكر شروط التوبة النصوح فنقول التوبة النصوح لها خمسة شروط

الشرط الأول الإخلاص لله تعالى بها بحيث لا يحمله على التوبة الخوف من الناس أو مراءاة الناس أو الوصول إلى منصب أو ما أشبه ذلك فتكون توبته لله عز وجل فراراً من عقابه ورجاءً لثوابه

الشرط الثاني الندم على ما وقع منه من الذنب بحيث يشعر في نفسه تحسراً وغماً لما حصل منه حتى ينكسر قلبه لله عز وجل وتخضع نفسه لله وتذل لله عز وجل بندمه على ما صدر منه

الشرط الثالث الإقلاع عن الذنب فلا توبة مع الإصرار على الذنب بل التوبة مع الإصرار على الذنب نوعٌ من السخرية فإذا أراد الإنسان مثلاً أن يتوب من الربا ولكنه يمارس الربا مستمرٌ عليه فإن دعواه التوبة منه كذب وهي إلى الاستهزاء بالله أقرب منه إلى تعظيم الله ولو أراد الإنسان أن يتوب من شرب الخمر ولكنه يمارس شرب الخمر فإن توبته لا تصح لأنه كيف يكون صادقاً في توبته وهو يفعل الذنب أراد أن يتوب من غيبة الناس ولكنه يغتابهم فالتوبة لا تصح لأنه لا بد أن يقلع عن الذنب أراد أن يتوب من غصب أموال الناس وأموالهم عنده ولم يردها عليهم فكيف تصح توبته

الشرط الرابع العزم على أن لا يعود في المستقبل يعني بأن ينطوي قلبه على أنه لا يعود إلى هذا الذنب أبدا فإن قال إنه تائب وهو بنيته أنه متى سنحت له فرصة فعل هذا الذنب فإنه ليس بتائب بل لا بد من أن يعزم على أن لا يعود في المستقبل فإن عاد في المستقبل بعد أن عزم أن لا يعود فإن توبته الأولى لا تفسد لكن لا بد من تجديد التوبة

الشرط الخامس أن تكون قبل حضور الأجل فإذا بقي الإنسان مصراً على المعصية حتى حضره الأجل فتاب فإنه لا يقبل منه ذلك لقول الله تعالى (وَلَيْسَتْ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمْ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ) وكذلك لا تصح التوبة بعد طلوع الشمس من مغربها لقول النبي صلى الله عليه وسلم (لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها) فهذه الشروط الخمسة هي الشروط لكون التوبة نصوحاً مقبولة عند الله.

***

ص: 2

‌ما صحة الحديث القائل (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد الحديث) وما معنى ذلك مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الحديث صحيح أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما من أئمة الحديث ومعناه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ينهى أن تشد الرحال للسفر إلى مساجد غير المساجد الثلاثة وهي المسجد الحرام ومسجد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم والمسجد الأقصى الذي في فلسطين وذلك لأن هذه المساجد الثلاثة لها من المزية والفضل ما ليس لغيرها فالصلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم خيرٌ من ألف صلاةٍ فيما سواه إلا المسجد الحرام وأخرج مسلمٌ هذا الحديث من طريقٍ آخر بلفظ (إلا مسجد الكعبة) أما المسجد الحرام وهو مسجد الكعبة فالصلاة فيه بمائة ألف صلاة والمسجد الأقصى الصلاة فيه بخمسمائة صلاة وهذه المزية ليست للمساجد الأخرى فلا تشد الرحال إليها وإذا كانت المساجد وهي بيوت الله لا تشد الرحال إليها بقصد مكانها إلا هذه المساجد الثلاثة فغير ذلك من باب أولى فلا تشد الرحال إلى المقابر ليعبد الله هناك وأشد من ذلك وأقبح أن يعتقد الإنسان أن للعبادة حول القبور أو بين القبور مزية على غيرها وليعلم أنه ليس من شد الرحل المنهي عنه أن يشد الرحال إلى بلدٍ لطلب العلم أو طلب الرزق أو لأجل أن يحضر خطبةً ينتفع بها أكثر من الخطب التي تلقى في بلده فإن هذا ليس شداً للرحل إلى المسجد ولكنه شد رحلٍ إلى العلم وشد الرحل إلى العلم أمرٌ مطلوب لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة) وقد التبست على بعض الناس هذه المسألة فظنوا أن الرجل إذا ذهب من بلدٍ إلى آخر من أجل أن يستمع إلى خطبة الخطيب في المسجد الذي شد الرحل إليه داخلٌ في هذا النهي وليس الأمر كذلك بل هذا كما قلت شد رحلٍ إلى العلم وشد الرحل إلى العلم لا يدخل فيما نهي الرسول عليه الصلاة والسلام من شد الرحل إلى الأماكن.

***

ص: 2

‌المستمع حمود بن سليمان الجهني من المدينة المنورة يقول فضيلة الشيخ وجدت في أحد الكتب وفي أحد المساجد حديث من أدى فريضة في رمضان فذلك يعادل سبعين فريضة ومن أدى نافلة كمن أدى فريضة وفيما سواه ومن أفطر يوما من رمضان متعمدا لم يقبل منه القضاء ولو صام الدهر كله) وقرأت أن هذا الحديث ضعيف بينما أئمة المساجد يتحدثون بهذا الحديث بأنه صحيح وكذلك في الإذاعة فأرجو من فضيلة الشيخ إجابتي وإرشادي جزاكم الله خيرا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الحديث المذكور كما ذكر الأخ السائل حديث ضعيف لكن بعض أهل العلم غفر الله لنا ولهم يتساهلون في الحديث إذا كان ضعيفا وهو في فضائل الأعمال ويقولون إن المقصود به الترغيب فإن كان صحيحا فهذا هو المطلوب وإن لم يكن صحيحا فإنه لا يضر لأنه يعطي الإنسان قوة في الطاعة إذا كان في الترغيب أو بعدا عن المعصية إذا كان في الترهيب ولكن القائلين بهذا يقولون لابد من ثلاثة شروط

الأول أن لا يكون الضعف شديدا

والثاني أن يكون لهذا الحديث أصل صحيح مثل أن يرد حديث في فضل صلاة الجماعة وهو ضعيف فهذا له أصل لأن الشرع حث على صلاة الجماعة

والثالث أن لا يعتقد صحته إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولا ينسبه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم بصيغة الجزم بل يقول يروى أو يذكر أو ما أشبه ذلك لكن بعض العلماء المحققين قالوا لا يجوز رواية الضعيف وإلقاؤه بين الناس سواء تمت فيه هذه الشروط أم لم تتم وذلك لأن في ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم كفاية وهذا أقرب إلى الصواب لأن الباب الأول لو فتح لم يميز الناس بين الضعيف الشديد الضعف والضعيف الخفيف الضعف ولتعلق الناس بأحاديث ضعيفة وحفظوها في صدورهم وأصبحت كالعقيدة عندهم وفي ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في فضائل الأعمال كفاية.

***

ص: 2

‌من جدة المستمع أبو زاهر يقول هل هذا حديث (صوموا تصحوا)

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أي نعم هو حديث لكنه ضعيف فلا عمل عليه.

***

ص: 2

‌ماصحة هذا الحديث (رحم الله امرأً عرف قدر نفسه) هل له أصل وهل هو وراد في الأحاديث

فأجاب رحمه الله تعالى: لا أعلم له أصلا لكن معناه صحيح لأن الإنسان إذا عرف قدر نفسه خضع لربه وقام بعبادته وعرف أنه لا غنى له عن ربه طرفة عين وإذا عرف نفسه عرف قدره بين الناس فتحمله هذه المعرفة على أن لا يتكبر عليهم ولا يحتقرهم لأن الكبرياء من كبائر الذنوب وغمط الناس من الأمور المحرمة ولهذا لما حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الكبر قالوا يا رسول الله كلنا يحب أن يكون ثوبه حسناً ونعله حسناً فقال عليه الصلاة والسلام (إن الله جميل يحب الجمال الكبر بطر الحق وغمط الناس) فبطر الحق يعني رده وغمط الناس يعني احتقارهم وازدراءهم فإذا عرف الإنسان قدر نفسه عرف منزلته بين الناس ونزل نفسه منزلتها فتواضع لخلق الله عز وجل ومن تواضع لله رفعه الله

***

ص: 2

‌سمعت حديثاً في المذياع (أن أناساً يأتون يوم القيامة بحسنات مثل الجبال فيمحوها الله قيل من هم يا رسول الله قال هم الذين إذا خلو بمحارم الله انتهكوها) فكيف يمكن الجمع بين هذا الحديث وبين الحديث (كل أمتي معافى إلا المجاهرين)

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الحديث الذي ذكره لا أعلم ما حاله ولا أدري عنه لكن ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال (من تعدون المفلس فيكم قالوا من لا درهم عنده ولا دينار أو قالوا ولا متاع فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إنما المفلس الذي يأتي يوم القيامة بحسنات مثل الجبال فيأتي وقد ظلم هذا وشتم هذا وضرب هذا وأخذ مال هذا فيأخذ هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن بقي من حسناته شيء وإلا أخذ من سيئاته فطرح عليه ثم طرح في النار) هذا هو الذي ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أما ما ذكره السائل فلا أعلم عن حاله وأما (كل أمتي معافى إلا المجاهرين) فنعم كل الأمة معافاة إلا المجاهر في المعصية فيأتي بها جهاراً أمام الناس أو أتى بها سراً ثم جعل يحدث بها لأن الإنسان لا يجوز له الجهر بالمعصية لا سراً ولا جهراً فإذا فعلها سراً وستر الله عليه فإنه لا ينبغي أن يكشف ستر الله بل يتوب الى الله عز وجل فيما بينه وبين ربه ويكون ذلك اسلم لعرضه وأبرأ لسمعته.

***

ص: 2

‌ما صحة حديث (من شغله القرآن عن مسألة الله أعطاه الله أفضل مما يعطي السائلين)

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا أيضاً ضعيف (من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين) لأن مسألة الله تعالى من عبادته كما قال الله تعالى (وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) فالإنسان مأمور بالذكر ومأمور بالدعاء ولا يغني أحدهما عن الآخر.

***

ص: 2

‌ورد في معنى الحديث (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً ومن كل ضيق مخرجاً ورزقه من حيث لا يحتسب) ما صيغة ذلك الاستغفار فضيلة الشيخ

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أولاً هذا الحديث ضعيف ولكن معناه صحيح لأن الله تعالى قال (وَأَنْ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعاً حَسَناً إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ) وقال تعالى عن هود (وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلْ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ) ولا شك أن الاستغفار سبب لمحو الذنوب وإذا محيت الذنوب تخلفت آثارها المرتبة عليها وحينئذٍ يحصل للإنسان الرزق والفرج من كل كرب ومن كل هم فالحديث ضعيف السند لكنه صحيح المعنى.

***

ص: 2

‌ماصحة حديث (من كتم علماً ألجمه الله بلجام من نار) نرجو التفصيل وكيف يكون الكتمان

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: كتمان العلم يكون بإخفائه حين تدعو الحاجة إلى بيانه والحاجة التي تدعو إلى بيان العلم بالسؤال إما بلسان الحال وإما بلسان المقال فالسؤال بلسان الحال أن يكون الناس على جهل في دين الله بما يلزمهم في الطهارة في الصلاة في الزكاة في الصيام في الحج في بر الوالدين في صلة الأرحام فيجب حينئذٍ بيان العلم أو بلسان المقال بأن يسألك إنسان عن مسألة من مسائل الدين وأنت تعرف حكمها فالواجب عليك أن تبينها ومن كتم علماً مما علمه الله فهو على خطر عظيم قال الله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنْ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمْ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمْ اللَاّعِنُونَ (159) إِلَاّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) وقال تعالى (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ) وليعلم طالب العلم أنه كلما بيَّن العلم ازداد هذا العلم فإن العلم يزيد بزيادة نفسه قال الله تعالى (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ) .

***

ص: 2

‌ما مدى صحةحديث (إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم) وما معناه

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الحديث صحيح (إن الله تعالى تجاوز عن هذه الأمة ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم) وهو شامل لكل شيء لأن حديث النفس لا يستقر فإن استقر في القلب واطمأن الإنسان إليه واعتقده صار عملاً لكنه عمل القلب ليس عمل جوارح أما مجرد حديث النفس مثل الوساوس والهواجيس التي لا يركن إليها الإنسان ولا يعتمدها ولا يعتقدها ولا يقر بها فإن الإنسان لا يؤاخذ عليها وهذا من تخفيف الله سبحانه وتعالى على هذه الأمة لأن الإنسان لا يخلو أحياناً من مثل هذه الأحاديث النفسية.

***

ص: 2

(من شرب الخمر فقد كفر بما أنزل الله تعالى على أنبيائه ومن سلم على شارب الخمر أو صافحه أحبط الله تعالى عمله أربعين سنة) هل هذا حديث

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا ليس بحديث ولا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم لكن شرب الخمر محرم بإجماع المسلمين الاجماع الذي ينبني على الكتاب والسنة فقد قال الله عز وجل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ*إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ) وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (كل مسكر حرام) وأنه قال (ما أسكر من الفرق أي الإناء الواسع الكبير فملء الكف منه حرام) و (ما أسكر كثيره فقليله حرام) فلا يجوز للإنسان شرب الخمر بإجماع المسلمين المبني على الكتاب والسنة وقد ورد التحذير من شربه بأن من شربه في الدنيا لم يشربه في الآخرة وأما السلام على شارب الخمر فإنه ينظر فيه فإن كان هجره سبباً لصلاحه وتركه الخمر فليهجر وإن كان لا يستفيد من الهجر شيئاً بل ربما يزداد في طغيانه فإنه لا يهجر.

***

ص: 2

(إذا كنت في صلاة فدعاك أبوك فأجبه وإن دعتك أمك فأجبها) هل هذا حديث

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا ليس بحديث ولكنه حكم من الأحكام فإذا دعا المصلى أبوه أو أمه فإن كان في صلاة فريضة فإنه لا يجوز له أن يجيبهما بالكلام أو بعبارة أعم فإنه لا يحل له أن يجيبهما بما تبطل به الصلاة لأن صلاة الفريضة يجب إتمامها اللهم إلا أن يضطر إلى ذلك لإنقاذهم من هلكة فحينئذٍ يجب عليه أن يقطع الصلاة ويقوم بما يجب وأما إذا كانت الصلاة نافلة ودعاه أبواه أو أحدهما فإنه ينظر إن كان يخشى إذا لم يجبهما أن يقع في نفوسهما شيء فليجب وليستأنف الصلاة بعد ذلك وإذا كان يعرف أن أبويه إذا علما أنه يصلى لم يكن في نفوسهما شيء فليعمل ما يبين لهما أنه في صلاة حتى يعذراه مثلاً لو ناداه أبوه أو أمه وهو يصلى فتنحنح أو رفع صوته بالقراءة حتى يعلم أبوه أو أمه أنه في صلاة فيقتنعا بذلك لكن بعض الوالدين لا يقتنع بهذا حتى ولو كان أبنه في صلاة فإنهما يريدا منه أن يجيبهما وفي هذه الحال كما قلت يقطع صلاته ويجيب دعوتهما.

***

ص: 2

‌م. ع. ج. تقول ما معنى هذا الحديث (اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً واعمل لأخرتك كانك تموت غداً)

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا القول المشهور لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم فهو من الأحاديث الموضوعة ثم إن معناه ليس هو المتبادر إلى أذهان كثير من الناس من العناية بأمور الدنيا والتهاون بأمور الآخرة بل معناه على العكس وهو المبادرة والمسارعة في إنجاز أعمال الآخرة والتباطؤ في إنجاز أمور الدنيا لأن قوله اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً يعني أن الشيء الذي لا ينقضي اليوم ينقضي غداً والذي لا ينقضي غداً ينقضي بعد غدٍ فاعمل بتمهل وعدم تسرع لو فات اليوم فما يفوت اليوم يأتي غداً وهكذا أما الأخرة فاعمل لأخرتك كأنك تموت غداً أي بادر بالعمل ولا تتهاون وقدر كأنك تموت غداً بل أقول قدر كأنك تموت قبل غد لأن الإنسان لا يدري متى يأتيه الموت وقد قال ابن عمر رضي الله عنهما (إذا أصبحت فلا تنتظر المساء وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك) هذا هو معنى هذا القول المشهور إذاً فالجواب أن هذا لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن معناه ليس كما يفهمه كثير من الناس من إحكام عمل الدنيا وعدم إحكام عمل الآخرة بل معناه المبادرة في أعمال الآخرة وعدم التأخير والتساهل فيها وأما أعمال الدنيا فالأمر فيها واسع ما لا ينقضي اليوم ينقضي غداً وهكذا.

***

ص: 2

‌هدى من الطائف تقول فضيلة الشيخ تسأل هل ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم الحديث الشريف (أنت مع من أحببت) وإذا ثبت فكيف نكون مع الأنبياء والشهداء الذين نحبهم وقد فضلوا علينا كثيراً ونحن أقل منهم في العمل وفي الفضل وفي المنزلة بكثير جداً أرجو بهذا توجيهي مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه سئل عن الرجل يحب القوم ولما يلحق بهم فقال النبي عليه الصلاة والسلام (المرء مع من أحب) والمعية لا تقتضي المساواة المعية تدل على مطلق المصاحبة ولا يلزم أن يكون مساوياً له في الدرجة وفي الأجر والثواب أرأيت لو قلت فلان مع فلان في الحجرة لكن أحد الرجلين يجلس على كنب مستريحاً وتقدم له الأكلات الطيبة الشهية والآخر يجلس على حصير وتقدم له أكلات مناسبة فهنا هما معاً في مكان واحد لكن يختلف كل واحد عن الآخر فإذا كان المرء مع من أحب فالمعنى أنه معهم مصاحب لهم ولكنه لا يلزم من هذه المصاحبة والمعية أن يكونوا سواء في الثواب.

***

ص: 2

‌مامعنى قول الرسول صلى الله عليه وسلم (فضل العالم على الجاهل يوم القيامة كفضلي على سائر الناس)

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الظاهر لي أن هذا الحديث ضعيف ولكن لا شك أن العالم لا يساويه الجاهل بأي حال من الأحوال لقول الله تعالى (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) وقوله تعالى (يَرْفَعْ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) أما أن يفضله بهذا المقدار المعين فإن الحديث في ظني ضعيف ولم أكن أحرره والله أعلم.

***

ص: 2

‌عودة مرعي يعمل بالاتصالات السعودية يقول قرأت في كتاب مختار الأحاديث النبوية تأليف السيد أحمد الهاشمي رحمه الله حديثا رواه ابن ماجه (من باع داراً ولم يجعل ثمنها في مثلها لم يبارك له فيها أو لم يبارك له فيه) السؤال ما صحة هذا الحديث

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الحديث شواهد الشريعة تدل على أنه ليس بصحيح لأن الإنسان إذا باع بيته فإنه يتصرف في ثمنه بما شاء لأنه ملكه سواء اشترى به بدله أو حج به أو بذله في إعانةٍ على طلب العلم أو غير ذلك مما أباح الله له.

***

ص: 2

‌ع. ع. ف. من السودان أبو سليم تقول ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه وجد حلقة علم وحلقة ذكر فجلس في حلقة العلم فهل هذا صحيح وإن كان كذلك فكيف كان يذكر أولئك الذين كانوا في حلقة الذكر أو ماذا يقولون والرسول صلى الله عليه وسلم لم يمنعهم ولكنه فضل حلقة العلم وهل يعتبر هذا دليلاً على أن حلق الذكر الجماعي بدعة مع أن الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث إن كان صحيحاً لم ينههم عن ذلك وإنما اجتنبهم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الحديث لا أعلم صحته ولا أظنه يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم ولكن الاجتماع على العلم لاشك أنه من أفضل الأعمال لأن العلم نوع من الجهاد في سبيل الله فإن الدين إنما قام بالعلم والبيان والقتال لمن نابذه وعارضه ولم يخضع لأحكامه وأما الذكر فإن الاجتماع أيضاً على الذكر لا بأس به ولكنه ليس الاجتماع الذي يفعله بعض الصوفية يجتمعون جميعاً ويذكرون الله تعالى بصوت واحد أو ما أشبه ذلك إنما لو اجتمعوا على قراءة القرآن أو ما أشبه هذا مثل أن يقرأ أحد والآخرون ينصتون له ثم يديرون القراءة بينهم فهذا ليس فيه بأس ولا حرج فيه.

***

ص: 2

‌ماصحة هذا الحديث قال الرسول صلى الله عليه وسلم (من قرأ حم الدخان في ليلة أصبح يستغفر له سبعون ألف ملك)

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا ضعيف لا يصح.

***

ص: 2

‌هل هناك أحاديث واردة في سورة الواقعة بأنها تفرج عن الفاقة عند قراءتها في كل مساء

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم ورد حديث لكنه ضعيف.

***

ص: 2

‌ما صحة الحديث: قال الرسول صلى الله عليه وسلم (من قرأ سورة الواقعة في كل ليلة لم تصبه فاقة أبدا)

.

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا حديث ضعيف.

***

ص: 2

‌ما صحة هذا الحديث: (ألا أدلكم على كلمة تنجيكم من الشرك تقرؤون قل ياأيها الكافرون عند منامكم)

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الحديث لا يصح فلم يثبت استحباب قراءة يا أيها الكافرون عند المنام وأما كون هذه السورة إخلاصا فهو صحيح فإن فيها نفي عبادة غير الله ونفي التعبد بغير ما شرع الله قال الله تعالى (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ)(لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ* وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ*وَلا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ*وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ*لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ) ففي هذه الآية البراءة من الشرك وأهله وهذا خالص التوحيد ولهذا تسمى هذه السورة مع سورة قل هو الله أحد سورتي الإخلاص لأن في هذه السورة قل يا أيها الكافرون إخلاص العبادة وفي قل هو الله أحد إخلاص المعبود.

***

ص: 2

‌ماصحة هذا الحديث قال الرسول صلى الله عليه وسلم (من قرأ قل هو الله أحد ألف مرة فقد اشترى نفسه من الله تعالى)

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الحديث ضعيف ويجب التنبيه على أن كثيرا من الأحاديث التي وردت في فضائل بعض السور أو بعض الآيات ضعيفة أو قد تصل إلى حدِّ الوضع كذلك يجب التنبه لهذا وأن يعرض الإنسان هذه الأحاديث على أهل العلم بالحديث حتى يتبين الصحيح من الضعيف.

***

ص: 2

‌عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من قال سبحان الله وبحمده في اليوم مائة مرة حطت خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر) متفق عليه. هل هذا الحديث صحيح ومن هم أصح الرواة في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الحديث صحيح أن من قال سبحان الله وبحمده في اليوم مائة مرة حطّت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر لأن فضل الله واسع وعطاؤه جل وعلا أحب إليه من منعه والحديث متفق عليه كما قال السائل أي رواه البخاري ومسلم وأزيد القاري فائدة وهي قول الرسول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح الذي ختم به البخاري صحيحه (كلمتان حبيبتان إلى الرحمن خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم) فأكثر منها أخي المسلم سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم فإنهما كلمتان فيهما هذه الفوائد العظيمة حبيبتان إلى الرحمن ثقيلتان في الميزان ولا يشقان على أحد لأنهما خفيفتان على اللسان.

ويقول السائل ما هو أصح الأحاديث فنقول له أصح الأحاديث ما اتفق عليه الأئمة كالبخاري ومسلم وأبي داود الترمذي وابن ماجه والإمام أحمد والإمام مالك وما أشبه ذلك فإذا اتفق هؤلاء عليه فهو أصح ما يكون ثم عند الانفراد نقول أصحها البخاري ثم مسلم فما اتفقا عليه فهو أصح وما انفرد به البخاري فهو أصح مما انفرد به مسلم ثم ما كان على شرطهما ثم ما كان على شرط البخاري ثم ما كان على شرط مسلم وهكذا يرتبها أهل العلم في مرتبة القوة والضعف.

***

ص: 2

‌ما صحة هذا الحديث (إن الله لا يقبل صلاة رجل مسبل إزاره)

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الحديث روي عن النبي صلى الله عليه واله وسلم لكنه ضعيف لا تقوم به حجة والمسبل إزاره وإن قبلت صلاته فهو آثم بل إثمه كبيرة من كبائر الذنوب لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم توعّد ما كان أسفل من الكعبين بالنار فقال عليه الصلاة والسلام (ما أسفل من الكعبين ففي النار) أي ما كان أسفل من الكعبين فإنه في النار أي يعذب به صاحبه على قدر ما نزل من ثوبه والتعذيب هنا التعذيب الجزئي للمكان الذي وقعت فيه مخالفة وليس تعذيبا للبدن كله فالتعذيب المجزأ أمر واقع ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال (ويل للأعقاب من النار) لمّا رأى بعض أصحابه توضؤوا وخففوا غسل الأقدام قال (ويل للأعقاب من النار) فجعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم الوعيد على ما حصلت فيه المخالفة فقط أما إذا جر ثوبه خيلاء فإنّ الأمر أشد وأعظم قال النبي عليه الصلاة والسلام (ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم) قال أبو ذر وهو راوي الحديث خابوا وخسروا من هم يا رسول الله قال (المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب) وفي حديث آخر أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال (من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه) فالعقوبة في جرّ ثوب الخيلاء أشدّ وأعظم وعلى هذا فمن أسبل ثوبه أو سرواله أو مشلحه إلى أسفل من الكعبين فهو آثم بكل حال ولكنه إن كان خيلاء فعليه هذا الوعيد الشديد وقد تهاون بعض الناس في هذا الأمر فعلى إخواني الذين ابتلوا بهذا الأمر أن يتوبوا إلى الله عز وجل مما صنعوا وأن لا يبدلوا نعمة الله كفرا بها بل يشكروه على ما يسر لهم من اللباس ويستعملوه على الوجه الذي ليس فيه سخط الله عز وجل وقد جاء شاب من الأنصار إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين طعن جاء إليه يعوده فلما ولىّ هذا الشاب إذا إزاره قد نزل فقال له يا ابن أخي (ارفع ثوبك فإنه أتقى لربك وأبقى لثوبك) فأمره عمر رضي الله عنه بأن يرفع ثوبه وبيّن له فائدتين عظيمتين فائدة دينيه وهي التقوى وفائدة دنيوية وهي بقاء الثوب لئلا تأكله الأرض بحكه عليها.

***

ص: 2

‌ما مدى صحة هذا الحديث وما المقصود به (لعن الله الواصلة والمستوصلة إلى آخره) فما المقصود من هذا الحديث وهل يقصد به الشعر المصنوع من الشعر الذي سقط أو الشعر المصنوع من الألفاف وغيرها من المصنوعات

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الواصلة هي التي تصل رأس غيرها والمستوصلة هي التي تطلب أن يفعل ذلك بها ووصل الشعر شعر الرأس بالشعر محرم بل هو من الكبائر لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن من فعله ووصل الشعر بغير شعر اختلف فيه أهل العلم فمنهم من قال إنه لا يجوز لأن النبي صلى الله عليه وسلم (نهى أن تصل المرأة بشعرها شيئاً) وكلمة (شيئاً) عامة تشمل الشعر وغيره وعلى هذا فالشعور المصنوعة التي تشبه الشعور التي خلقها الله عز وجل لا يجوز أن توصل بالشعور التي خلقها الله سبحانه وتعالى بل هي داخلة في هذا الحديث والحديث فيه الوعيد الشديد على من فعل ذلك لأن الرسول صلى الله عليه وسلم (لعن الله الواصلة والمستوصلة) واللعن معناه الطرد والإبعاد عن رحمة الله وقد ذكر أهل العلم أن كل ذنب رتب الله تعالى عليه عقوبة اللعن فإنه يكون من الكبائر.

***

ص: 2

‌ما رأي الشرع في نظركم في زواج الشغار وهل الحديث الذي يقول (لا شغار في الإسلام) صحيح

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نظري في نكاح الشغار أنه حرام لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عنه كما في حديث ابن عمر وكما في الحديث الذي أشار إليه السائل حيث قال (لا شغار في الإسلام) والشغار أن يزوج الرجل موليته على أن يزوجه الآخر موليته بدون مهر أو يسمَّى لهما مهر قليل على سبيل الحيلة وإنما كان الشغار محرماً باطلاً لأن الله تعالى قال (وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ) فجعل الله تعالى حل المرأة مشروطاً بدفع المال وهكذا جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه (نهى عن نكاح الشغار) .

***

ص: 2

‌راشد علي الحربي يقول سمعت حديثاً عن المصطفى صلى الله عليه وسلم قال (أنت ومالك لأبيك) وقد سمعت بأن في هذا الحديث ضعفاً ما صحة هذا يا فضيلة الشيخ

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الحديث الصحيح أنه ليس بضعيف وأنه حجة وأن الإنسان وماله لأبيه ومعنى ذلك أن الإنسان إذا كان له مال فإن لأبيه أن يتبسط بهذا المال وأن يأخذ منه ما شاء لكن بشروط:

الشرط الأول ألا يكون في أخذه ضرر على الابن فإن كان في أخذه ضرر كما لو أخذ غطاءه الذي يتغطى به من البرد أو أخذ طعامه الذي يدفع به جوعه فإن ذلك لا يجوز للأب.

الشرط الثاني ألا تتعلق به حاجة الابن فلو كان عند الابن أمة يتسراها فإنه لا يجوز للأب أن يأخذها لتعلق حاجة الابن بها وكذلك لو كان للابن سيارة يحتاجها في ذهابه وإيابه وليس لديه من الدراهم ما يمكنه أن يشتري بدلها فليس للأب أن يأخذها في مثل هذه الحال.

والشرط الثالث ألا يأخذ المال من أحد أبنائه ليعطيه لابن آخر لأن في ذلك إلقاء للعداوة بين الأبناء ولأن فيه تفضيلاً لبعض الأبناء على بعض إذا لم يكن الثاني محتاجاً فإن كان محتاجاً فإن إعطاء الأب أحد ابنائه لحاجته دون إخوته الذين لا يحتاجون ليس فيه تفضيل بل واجب عليه على كل حال هذا الحديث حجة أخذ به العلماء واحتجوا به ولكنه مشروط بما ذكرنا فإن الأب ليس له أن يأخذ من مال ولده ما يضره وليس له أن يأخذ من مال ولده ما يحتاجه الابن وليس له أن يأخذ من مال ولده ليعطي ولداً آخر والله أعلم.

***

ص: 2

‌عصام محمد محمود سليم من العراق محافظة نينوى يقول ماصحة هذا الحديث وما معناه (إذا سجد أحدكم فليضع يديه قبل ركبتيه ولا يبرك بروك البعير)

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الحديث معناه أن الرسول صلى الله عليه وسلم (نهى أن يبرك الإنسان في سجوده كما يبرك البعير) لأن الله تعالى فضل بني آدم على الحيوانات ولاسيما في العبادة التي هي من أجل العبادات وهي الصلاة فتشبه الإنسان بالبهائم مخالف لمقصود الصلاة ومخالف للحقيقة التي عليها بنو آدم والتفضيل على البهائم والحيوانات ولهذا لم يذكر الله تعالى مشابهة الإنسان للحيوان إلا في مقام الذم كما في قوله تعالى (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً) وكما في قوله تعالى (فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ) وكما في قوله صلى الله عليه وسلم (الذي يتكلم يوم الجمعة والإمام يخطب كمثل الحمار يحمل أسفارا) وكقول صلى الله عليه وسلم (العائد في هبته كالكلب يقيئ ثم يعود في قيئه) فالتشبه بالحيوان في أداء العبادة يكون أشد وأعظم والبعير إذا برك كما نشاهده يبدأ بيديه فأول ما يصل يديه ويخر عليهما ثم يكمل بروكه فنهى النبي صلى الله عليه وسلم الساجد أن يبرك كما يبرك البعير وذلك بأن يقدم يديه قبل ركبتيه فإذا قدم يديه قبل ركبتيه في حال السجود فقد برك بروك البعير وعلى هذا يكون المشروع أن يبدأ بركبتيه قبل يديه كما روي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم من فعله أنه كان يسجد على ركبتيه ثم يديه كما أن هذا الموافق للنزول باعتبار البدن فتنزل الأسافل أولاً بأول كما ترتفع الأعالي أولاً بأول فلهذا عند النهوض من السجود يبدأ بالجبهة والأنف ثم باليدين ثم بالركبتين وفي النزول كذلك يبدأ بالأسفل بالركبتين ثم باليدين ثم بالجبهة والأنف وأما قوله في الحديث (وليبدأ بركبتيه قبل يديه) فهذا مما انقلب على الراوي كما حقق ذلك ابن القيم في زاد المعاد وكما هو ظاهر من اللفظ لأنه لو قدر أن الحديث ليس فيه انقلاب لكان آخره مخالفاً لأوله لأنه إذا بدأ بيديه قبل ركبتيه فإنه قد برك كما يبرك البعير والنهي لا يبرك كما يبرك البعير مقدم على المثال لأن النهي محكم والتمثيل قد يقع فيه الوهم من الراوي وحينئذ فنقول صواب الحديث وليبدأ بركبتيه قبل يديه ليكون المثال مطابقاً للقاعدة وهي النهي عن البروك كما يبرك البعير فإن قال قائل إن البعير يبرك على ركبتيه لأن ركبتيه في يديه فإذا وضع الإنسان ركبتيه قبل يديه فقد برك على ما يبرك عليه البعير قلنا نعم ركبتا البعير في يديه ولا إشكال في ذلك ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يقل فلا يبرك على ما يبرك عليه البعير حتى نقول إنك إذا بدأت بالركبتين عند السجود فقد بركت على ما يبرك عليه البعير وهو الركبتان وإنما قال صلى الله عليه وسلم (كما يبرك البعير) فالنهي عن الكيفية والصفة وليس عن العضو المسجود عليه وبهذا يتبين جلياً أن حديث أبي هريرة رضي الله عنه في النهي عن البروك كبروك البعير موافق لحديث وائل بن حجر المروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه (كان يبدأ بركبتيه قبل يديه) والله أعلم.

***

ص: 2

‌من الزبير البصرة ف. أ. ف. يسأل عن هذا الحديث عن ابن عباسٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم تسعة عشر يوماً يقصر الصلاة) فنحن إذا سافرنا تسعة عشر قصرنا وإذا زدنا أتممنا ما صحة هذا الحديث يا فضيلة الشيخ

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الحديث صحيح أخرجه البخاري وغيره وذلك (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فتح مكة في رمضان وأقام فيها تسعة عشر يوماً يقصر الصلاة وأفطر أيضاً بقية الشهر) لأنه فتحها في آخر الشهر ذكروا أنه فتح مكة يوم الجمعة الموافق العشرين من شهر رمضان في السنة الثامنة من الهجرة ولم يصم بقية الشهر كما ثبت ذلك في صحيح البخاري من حديث ابن عباس أيضاً يقول ابن عباس نحن إذا أقمنا تسعة عشر يوماً قصرنا وإذا زدنا أتممنا وهذا رأيه رضي الله عنه في المدة التي ينقطع بها حكم السفر بالنسبة للمسافر والعلماء مختلفون في هذه المسألة أي فيما إذا أقام المسافر متى ينقطع حكم السفر في حقه على أكثر من عشرة أقوال ذكرها النووي رحمه الله في شرح المهذب وهذا يدل على أنه ليس هناك سنةٌ صحيحةٌ صريحة في تحديد المدة التي ينقطع بها حكم السفر والمسألة مسألةٌ اجتهادية وليس هذا موضع ذكر آراء العلماء في ذلك لكن كأن السائل والله أعلم أشكل عليه ما قاله ابن عباس رضي الله عنهما مع المشهور بين الناس في أن المدة التي ينقطع بها حكم السفر خلاف ما قاله ابن عباس رضي الله عنهما من ولكن ليعلم السائل أن هذه من مسائل الخلاف.

***

ص: 2

‌فوزي عبد الحميد حسن مصري الجنسية ومقيم بعمان الأردن يقول ما مدى صحة الحديث القائل فيما معناه (من بر الوالدين بعد مماتهما أن تصلى لهما مع صلاتك وأن تصوم لهما مع صيامك)

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الحديث ضعيف لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم ولكن من بر الوالدين بعد مماتهما أن تستغفر لهما وتدعو الله لهما وتكرم صديقهما وتصل الرحم التي هم الصلة بينك وبينها هذا من بر الوالدين بعد موتهما وأما أن تصلى لهما مع صلاتك الصلاة الشرعية المعروفة أو أن تصوم لهما فهذا لا أصل له.

***

ص: 2

‌من مصر المستمع شريف عبد القادر يقول مامعنى حديث عن عطاء بن يسار رضي الله عنه قال: أتى رجل النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم ثائر الرأس واللحية فأشار إليه صلى الله عليه وسلم كأنه أمره بإصلاح شعره ففعل ثم رجع فقال صلى الله عليه وسلم (أليس هذا خيراً من أن يأتي أحدكم ثائر الرأس كأنه شيطان) أخرجه مالك السؤال ما القصد بهذا الحديث وهل هذا الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم نرجو بهذا إفادة

فأجاب رحمه الله تعالى: الحديث كما ساقه السائل مرسل فإن عطاء بن يسار لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم والحديث المرسل عند أهل العلم من قسم الضعيف إذ أن المرسل لا يقبل حتى يأتي موصولاً من وجه آخر أو يكون الحديث المرسل مشهوراً معمولاً به ومتلقى بالقبول من الأمة فإن هذه الشهرة والعمل وتلقيه بالقبول يجعله ثابتاً أو يكون له شاهد متصل من حديث آخر يتقوى به أما إصلاح الشعر من حيث هو إصلاح فإنه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يرجل شعره وأنه عليه الصلاة والسلام يبدأ بيمينه كما قالت عائشة رضي الله عنها (كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه التيمن في تنعله وترجله وفي طهوره وفي شأنه كله) وينبغي أن يكون تسريح الشعر وترجيله غباً أي يوماً بعد يوم اللهم إلا إذا دعت الحاجة إلى ترجيله كل يوم كما لو كان الإنسان يزاول أعمالاً تقتضي الشعث والغبرة ويحب أن يرجله كل يوم ونحن نتكلم عن الشعر الذي ينبغي اتخاذه وأما ما يفعله بعض الناس من اتخاذ الشعر على وجه لا يقره الشرع فإننا ننهاه أصلاً عن اتخاذ الشعر على كيفية لا يقرها الشرع.

***

ص: 2

‌من الجزائر ب عثمان يقول ما صحة الحديث (العين حق) وإن كان كذلك فما هو العلاج الذي يسلكه المؤمن لاتقاء العين وكيف تصيب العين الإنسان وإن كان هناك علاج فما هي الطريقة في نظركم مشكورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الحديث صحيح والعين حق والواقع يشهد بذلك والعين عبارة عن صدور شيء من نفس حاسد يحسد الناس على ما آتاهم الله من فضله فهو أي العائن شرير لا يريد من الناس أن يتمتعوا بنعم الله فإذا رأى في شخص نعمة من نعم الله عليه فإن هذا الحسد الكامن في نفسه ينطلق حتى يصيب ذلك المتنعم بنعم الله عز وجل والطريق إلى الخلاص من العين بالنسبة للعائن أن يبرك على من رآه متنعماً الله فيقول اللهم بارك على فلان وما أشبه ذلك من الكلمات التي تطمئن نفسه وتكبت ما فيها من حسد وأما بالنسبة للرجل الخائف من العين فإن العلاج لذلك أن يكثر من قراءة الأوراد صباحاً ومساء كآية الكرسي وسورة الإخلاص وسورة (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ)(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ) وغيرها مما جاءت به السنة هذا علاج للوقاية منها قبل الإصابة أما بعد أن يصاب بها فإنه يؤخذ من وضوء العائن أو مما يغتسل به من الماء يؤخذ منه فيصب على المصاب بالعين أو يحثو منه فإذا فعل ذلك فإنه يبرأ منها بإذن الله فيؤمر العائن بأن يتوضأ أو يغتسل ويؤخذ ما تناثر من مائه ويصب على المصاب أو يحثو منه أو يجمع بين الأمرين وبذلك يزول أثر العين.

ص: 2

‌فضيلة الشيخ: الغبطة هل تدخل في الحسد

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الغبطة لا تدخل في الحسد لأن الحاسد يتمنى زوال نعمة الله على غيره والغابط يغبط هذا الرجل بنعمة الله عليه ولكنه لا يتمنى زوالها.

***

ص: 2

‌خ. و. خ. تقول ماصحة هذا الحديث سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم سؤالاً من وفد اليمن قالوا له نجد في أنفسنا أشياء نتعاظم أن نقولها فقال لهم (ذلك هو الإيمان) فإذا جاءك خاطر يضايقك التفكير منه وتبعده عن ذهنك فهذا هو الإيمان وعليك بالاستمرار بالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم هل هذا الحديث يا فضيلة الشيخ صحيح وما معناه

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الحديث بهذا اللفظ لا أعرفه لكن ورد معناه في أكثر من حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخواطر التي يلقيها الشيطان في قلوب ابن آدم وأن الإنسان يجد في نفسه ما يحب أن يخر من السماء أو أن يكون حممة أي فحمة ولا يتكلم به فقال النبي صلى الله عليه وسلم (أوجدتم ذلك قالوا نعم قال ذلك صريح الإيمان) يعني ذلك خالص الإيمان وهذا يدل على أن هذه الوساوس لا تؤثر في الإيمان ولا تخدشه ولا تنقصه ذلك لأنها وساوس يلقيها الشيطان في قلب الإنسان إذا علم منه أنه مؤمن حقاً ليفسد بذلك إيمانه ويوقعه في الشكوك والشبهات أما إذا كان القلب مريضاًَ فإن الشيطان لا يتسلط عليه بمثل هذا الأمر وإنما يتسلط عليه من نواح أخرى كالسلوك والمعاملات السيئة وما أشبه ذلك المهم أن الرسول عليه الصلاة والسلام لما شكا إليه الصحابة عما يجدونه في نفوسهم من مثل هذه الوساوس أرشدهم إلى أمرين قال (فليستعذ بالله ولينته يستعذ بالله من الشيطان الرجيم فإن ملجأ الإنسان هو ربه عز وجل الذي بيده ملكوت السماوات والأرض فإذا أحسست بمثل هذه الوساوس فقل أعوذ بالله من الشيطان الرجيم أي اعتصم بالله عز وجل من الشيطان الرجيم

والأمر الثاني الذي أرشد إليه الرسول عليه الصلاة والسلام في هذه الحال أن ينتهي أي أن ينتهي من وقع في قلبه من هذه الوساس عن التفكير فيها أو الركون إليها فيدعها ويلتفت إلى شؤونه إلى عبادته إلى معاملاته مع أهله إلى معاملاته إلى من يتعامل معه ويتناسى هذا بالكلية وبهذا تزول هذه الوساوس والشكوك ويبقى القلب صافياً لاتؤثر فيه هذه النزغات التي تأتي من عدوه الشيطان قال الله تعالى (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنْ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) .

***

ص: 2

‌عن عثمان بن حنيف رضي الله عنه أن أعمى أتى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (فقال يا رسول الله أدع الله أن يكشف عن بصري قال أو أدعك قال يا رسول إنه قد شق علي ذهاب بصري قال فأنطلق فتوضأ ثم صلى ركعتين ثم قل اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي فيقضي حاجتي وتذكر حاجتك اللهم فشفعه) ما صحة هذا الحديث وما معناه يا فضيلة الشيخ

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الحديث اختلف أهل العلم في صحته فمنهم من قال إنه ضعيف ومنهم من قال إنه حسن ولكن له وجهة ليست كما يتبادر من اللفظ فإن هذا الحديث معناه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر هذا الرجل الأعمى أن يتوضأ ويصلى ركعتين ليكون صادقاً في طلب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم له وليكون وضوؤه وصلاته عنواناً على رغبته في التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم والتوجه به إلى الله سبحانه وتعالى فإذا صدقت النية وصحت وقويت العزيمة فإن النبي صلى الله عليه وسلم يشفع له إلى الله عز وجل وذلك بأن يدعو النبي صلى الله عليه وسلم له فإن الدعاء نوع من الشفاعة كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم إنه قال (ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلاً لا يشركون بالله شيئاً إلا شفعهم الله فيه) فيكون معنى هذا الحديث أن هذا الأعمى يطلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو الله له لأن هذا الطلب نوع شفاعة أما الآن وبعد موت النبي صلى الله عليه وسلم فإن مثل هذه الحال لا يمكن أن تكون لتعذر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لأحد بعد الموت كما قال صلى الله عليه وسلم (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث إلا من صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له) والدعاء بلا شك من الأعمال التي تنقطع بالموت بل الدعاء عبادة كما قال تعالى (وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) ولهذا لم يلجأ الصحابة رضي الله عنهم عند الشدائد وعند الحاجات إلى سؤال النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو الله لهم بل قال عمر رضي الله عنه حين قحط المطر اللهم إنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا وطلب من العباس رضي الله عنه أن يدعو الله بالسقيا فدعا فسقوا وهذا يدل على أنه لا يمكن أن يطلب من رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد موته أن يدعو لأحد لأن ذلك غير ممكن لأن ذلك متعذر لانقطاع عمله بموته صلى الله عليه وسلم وإذا كان لا يمكن لأحد أن يطلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو له بعد موته أي موت النبي صلى الله عليه وسلم فإنه لا يمكن ومن باب أولى أن يدعو أحد النبي صلى الله عليه وسلم نفسه بشيء من حاجاته أو مصالحه فإن هذا من الشرك الأكبر الذي لا يغفره الله والذي حرم الله على من اتصف به الجنة قال الله تعالى (وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِنْ الظَّالِمِينَ) وقال تعالى (فَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنْ الْمُعَذَّبِينَ) وقال الله عز وجل (وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ) وقال تعالى (إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ) فالمهم أن من دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاته أو غيره لدفع ضرر أو جلب منفعة فهو مشرك شركاً أكبر مخرجاً عن الملة وعليه أن يتوب إلى الله سبحانه وتعالى وأن يوجه الدعاء إلى العلي القدير الذي يجيب دعوة المضطر إذا دعاه ويكشف السوء وإني لأعجب من قوم يذهبون إلى قبر فلان وفلان يدعونه أن يفرج عنهم الكربات ويجلب لهم الخيرات وهم يعلمون أن هذا الرجل كان في حال حياته لا يملك ذلك فكيف بعد موته بعد أن كان جثة وربما يكون رميماً قد أكلته الأرض فيذهبون يدعونه ويَدَعون دعاء الله عز وجل الذي هو كاشف الضر وجالب النفع والخير مع أن الله تعالى أمرهم بذلك وحثهم عليه فقال (وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) وقال (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ) وقال تعالى منكراً على من دعاء غيره (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ أَءلَهٌ مَعَ اللَّهِ) نسأل الله تعالى أن يهدينا جميعاً إلى صراط مستقيم

***

ص: 2

‌ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم والراوي عثمان بن حنيف أن أعمى أتى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال (يا رسول الله ادع الله أن يكشف عن بصري قال أو أدعك قال يا رسول الله إنه قد شق علي ذهاب بصري قال فانطلق فتوضأ ثم صلّ ركعتين ثم قل اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبينا محمدٍ صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي فيقضي حاجتي وتذكر حاجتك اللهم شفعه فيّ) ما صحة هذا مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الحديث اختلف العلماء في صحته فمنهم من أنكره وقال إنه لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم ومنهم من قال إنه صحيح وعلى تقدير صحته فإنه ليس من باب التوسل بذات النبي صلى الله عليه وسلم ولكنه من باب التوسل بدعائه بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم كما هو ظاهر ولكن أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلى ركعتين تمهيداً وتوطئة لاستجابة الله سبحانه وتعالى لشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم فيه لأنه كلما تحقق الإيمان في الشخص كان أقرب إلى نيل شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم ولهذا في هذا الحديث يقول يا رسول الله يقول اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبينا محمدٍ صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي فإن قوله يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم وهذا يدل على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان حاضراً وأن هذا طلباً من النبي صلى الله عليه وسلم أن يشفع فيه إلى الله عز وجل ثم سأل الله عز وجل أن يقبل هذه الشفاعة وقال اللهم شفعه في وهذا لا يكون دليلاً على التوسل بذات الرسول صلى الله عليه وسلم وإني بهذه المناسبة أقول إن التوسل إلى الله سبحانه وتعالى بالدعاء على نوعين نوع جائز ونوع ممنوع والجائز على عدة وجوه:

الوجه الأول أن نتوجه إلى الله تعالى بأسمائه.

والثاني أن نتوجه إلى الله تعالى بصفاته.

والثالث أن نتوجه إلى الله تعالى بالإيمان به وبرسوله.

والرابع أن يتوجه إلى الله تعالى بالعمل الصالح.

والخامس أن يتوجه إلى الله تعالى بذكر حاله وفقره إلى ربه.

والسادس أن يتوجه إلى الله عز وجل بدعاء من ترجى إجابته

أما الأول وهو التوجه إلى الله تعالى بأسمائه فقد يكون باسمٍ خاص وقد يكون بالأسماء عموماً ففي حديث ابن مسعود رضي الله عنه الحديث المشهور (أسألك اللهم بكل اسمٍ هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك) هذا من التوسل بالأسماء على سبيل العموم وقول السائل اللهم إني أسألك أن تغفر لي فإنك أنت الغفور الرحيم هذا من التوسل بالاسم الخاص المناسب لما تدعو الله به وهو داخلٌ في قوله تعالى (وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا)

وأما التوسل بالصفات بصفات الله فقد يكون بصفاتٍ معينة وقد يكون بالصفات عموماً فتقول اللهم إني أسألك بصفاتك العليا أن تغفر لي وقد يكون بصفةٍ خاصة مثل قولك اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق أحيني ما علمت الحياة خيراً لي وتوفني ما علمت الوفاة خيراً لي فتوسلت إلى الله بعلمه وقدرته وهنا صفتان خاصتان

والتوسل إلى الله تعالى بالإيمان به وبرسوله مثل قوله تعالى (رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأَبْرَارِ)

ومثال التوسل بالعمل الصالح توسل الثلاثة الذين انطبق عليهم الغار فلم يستطيعوا أن يزحزحوا الصخرة التي سدت عليهم الباب فتوسل أحدهم إلى الله تعالى بكمال بره والثاني بكمال عفته والثالث بكمال وفائه بالعقد والقصة مشهورة

ومثال التوسل بمثل حال الداعي مثل أن تقول اللهم إني فقير إليك ذليل بين يديك وما أشبه ذلك ومنه قول موسى (رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ)

ومثال التوسل إلى الله تعالى بدعاء من ترجى إجابته توسل الصحابة رضي الله عنهم بدعاء النبي صلى الله عذه وسلم كما في حديث أنس أن رجلاً دخل يوم جمعة وأن النبي صلى الله عليه وسلم يخطب فقال يا رسول الله هلكت الأموال وتقطعت السبل فادع الله يغيثنا فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه وقال (اللهم أغثنا اللهم أغثنا اللهم أغثنا) قال أنس رضي الله عنه فوالله ما في السماء من سحابٍ ولا قزع يعني ما في السماء سحابٌ واسع ولا قزع من الغيم وما بيننا وبين سلعٍ من بيتٍ ولا دار فخرجت من ورائه سحابة مثل الترس فلما توسطت السماء انتشرت ورعدت وبرقت وأمطرت فما نزل النبي صلى الله عليه وسلم من المنبر إلا والمطر يتحادر من لحيته صلوات الله وسلامه عليه ثم بقي المطر أسبوعاً كاملاً فدخل الرجل أو رجلٌ آخر في الجمعة الأخرى والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب فقال يا رسول الله تهدم البناء وغرق المال فادع الله يمسكها فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه وقال (اللهم حوالينا ولا علينا) وجعل يشير إلى النواحي عليه الصلاة والسلام وما يشير إلى ناحيةٍ إلا انفرج السحاب عنها وخرج الناس يمشون في الشمس فهذا من التوسل بدعاء من ترجى إجابته وفي الصحيح أيضاً من حديث عمر رضي الله عنه أنه استسقى فقال اللهم إنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقينا وإننا نتوسل إليك بعم نبينا ابن عباس ادع الله فيدعو الله فيسقون هذه أصناف التوسل الجائز أما التوسل الممنوع فأن نتوسل بشيء ليس وسيلةً وليس سبباً في حصول المقصود مثل أن يتوسل بذات النبي صلى الله عليه وسلم أو بجاه النبي صلى الله عليه وسلم فإن التوسل بذاته أو بجاهه ليس سبباً في حصول المقصود لأنك إذا لم يكن لديك سببٌ يوصل إلى حصول المقصود لم ينفعك جاه رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ربه لأن جاهه إنما ينفعه هو صلوات الله وسلامه عليه ولهذا لم ينتفع أبو لهب بجاه النبي صلى الله عليه وسلم ولا بذاته لأنه ليس لديه وسيلة تمنعه من عذاب الله وكذلك توسل أصحاب الأوثان بأوثانهم الذين قالوا (ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفا) فإن هذا التوسل لا ينفعهم بشيء لأنهم مشركون وإنني أنصح إخواني المسلمين أن يحرصوا على إتباع الآثار فيما يتوسلون به إلى الله وما أحسن الامتثال لقوله تعالى (وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا) وهذا خير ما يتوسل به المرء أن يتوسل إلى الله تعالى بأسمائه الدالة على صفاته العظيمة وعلى ذاته فهذا خير متوسلٌ به.

***

ص: 2

‌ما معنى هذا الحديث وهل هو صحيح (إن الله سبحانه وتعالى يغضب يوم القيامة غضباً لم يغضب قبله ولن يغضب بعده) لماذا هذا الغضب

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم هكذا ورد في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أما لماذا هذا الغضب فلا أعلم ذلك والله سبحانه وتعالى أعلم بما يحدثه سبحانه وتعالى في خلقه

***

ص: 2

‌فضيلة الشيخ في كتاب تنبيه الغافلين حديث يقول (من قال لا إله إلا الله من قلبه خالصاً صافياً ومده بالتعظيم كفر الله عنه أربعة آلاف ذنب من الكبائر) هل هذا صحيح

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا ليس بصحيح والحديث عليه علامة الوضع ظاهرة وهذا الكتاب الذي أشار إليه السائل كتاب تنبيه الغافلين هو من كتب الوعظ التي يكون فيه الغث والسمين والصحيح والحسن والضعيف والموضوع وأصحاب هذه الكتب يأتون بالأحاديث الضعيفة أو الموضوعة عن حسن نية ليرققوا بذلك قلوب الناس ويخوفوهم من غضب الله عز وجل وهذه الطريق غير سديدة لأن غنى الناس بما في كتاب الله من المواعظ وبما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم منها كاف في إصلاح الخلق ولأن أهل الوعظ اقتصروا في وعظهم على ما جاء في كتاب الله وما صح في السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لكان ذلك كافياً ومجزئاً عن كل ما سواه (ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيراً لهم وأشد تثبيتاًَ) والقرآن الكريم كله موعظة وشفاء وبيان وهدى كما قال الله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) أما ما جاء في كتب الوعظ من الأحاديث الضعيفة والموضوعة فهو من العمل الصادر عن اجتهاد ولكنه ليس من العمل الذي يحمد عليه فاعله لكن يرجى له المغفرة والعفو من الله عز وجل مع حسن نيته

***

ص: 2

‌ما صحة حديث رواه الترمذي والحاكم ومعناه أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه كان ينفلت منه القرآن فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره بذلك فقال الرسول صلى الله عليه وسلم (صلِّ ليلة الجمعة أربعة ركعات تقرأ من الأولى الفاتحة وسورة يس وفي الثانية الفاتحة وسورة الدخان وفي الثالثة الفاتحة والسجدة وفي الرابعة الفاتحة وسورة الملك فإذا فرغت فاحمد الله وصل عليه واذكر هذا الدعاء وذكر دعاءً مطولاً قال الرسول صلى الله عليه وسلم افعل ذلك ثلاث أو خمس أو سبع مرات تجب بإذن الله)

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الحديث لا يصح عن النبي عليه الصلاة والسلام كما ذكر أهل العلم ولكن الذي يعين على حفظ القرآن وبقائه هو تعاهد القرآن كما أمر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال (تعاهدوا القرآن فوالذي نفسي بيده لهو أشد تفلتاً من الإبل في عقلها) فإذا كنت تريد أن يبقى القرآن معك فأكثر من تلاوته بحسب ما تخشى على نفسك إذا كنت تخشى أن تنساه إلا أن تقرأه في ثلاثة أيام فاقرأه في ثلاثة أيام أو في سبعة أو عشرة المهم أن هذا يرجع إلى الشخص نفسه وبقاء حفظ القرآن يكون بتعاهد تلاوته واعلم أنك إذا تلوت القرآن فلك بكل حرف عشر حسنات ليس حسنةً واحدة بل عشر حسنات والإنسان يحب الخير ويحب كثرة الثواب أما هذا الحديث الذي ذكره فإنه لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

***

ص: 2

‌محمد أبو زهرة مصري يقول عن معقل بن يسار رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (قلب القرآن يس ما قرأها رجلٌ يريد الله والدار الآخرة إلا غفر الله له اقرؤها على موتاكم) ما مدى صحة هذا الحديث فضيلة الشيخ

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الحديث ضعيف لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم وسورة يس استحب بعض العلماء قراءتها على المحتضر لحديثٍ آخر ورد في ذلك وفيه أيضاً نظر وهو قول الرسول عليه الصلاة والسلام (اقرأوا على موتاكم يس) ومن المعلوم أن فضائل الأعمال سواءٌ كانت من القرآن أو من غيره لا يمكن أن يثبت بها حكمٌ شرعي إلا بدليلٍ صحيح وإن كان بعض العلماء رحمهم الله وعفا عنهم يرخص في الأحاديث الواردة في فضائل الأعمال أو في الترهيب ولا يشدد فيها لكن الأولى أن يقتصر على ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ترغيباً وترهيباً والذين ذكروا إثبات الفضائل بالأحاديث الضعيفة اشترطوا ثلاثة شروط:

1.

أن لا يكون الضعف شديداً

2.

وأن لا يعتقد أن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك

3.

وأن يكون لهذا العمل الذي رتب عليه هذا الفضل أصلٌ ثابت بطريقٍ صحيح قالوا فهذا قالوا فهذه الشروط تصور ذكر فضيلة العمل إن كان مطلوباً أو الترهيب منه إن كان منهياً عنه لأنه لم يدخل فيه حكمٌ شرعي غاية ما فيه أن النفس ترجو ما فيه من فضائل وتحذر من المساوئ.

***

ص: 2

‌يقول سمعت حديثاً من أحد الخطباء قال. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أتعرفون من هم أكثر الناس إيماناً قالوا الملائكة قال وكيف لا يؤمنون وهم عند الله قالوا فهم الأنبياء قال وكيف لا يؤمنون وهم ينزل عليهم الوحي قالوا فنحن قال فكيف لا تؤمنون وبينكم رسول الله قالوا فمن هم قال هم قومٌ يأتون من بعدي يؤمنون بي ولم يروني) فهل هذا الحديث صحيح

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أنا لا أعلم عن صحته ولكن لا شك أن الذي يؤمن عن مشاهدة ونظر ورؤية ليس كالذي يؤمن بالغيب ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام ذات يوم (ليتنا نرى إخواننا قالوا يا رسول الله أو لسنا إخوانك قال أنتم أصحابي ولكن إخواني من يأتون بعدي يؤمنون بي ولم يروني) هذا الحديث أو معناه وكل أحدٍ يعرف الفرق بين أن يؤمن الإنسان بشيء يشاهده وبين أن يؤمن بشيء يخبر عنه فإن المشاهدة عين يقين والإخبار علم يقين وبينهما فرق أما الحديث الذي ساقه السائل فلا أعلم عنه.

***

ص: 2

‌هل صحيح (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا مشى لا يرى له ظل) نرجو بهذا إفادة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا غير صحيح بل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كغيره من البشر له ظل ويحتاج ما يحتاج إليه البشر من الأكل والشرب واللباس والدفء والبرودة وغير ذلك وقد ثبت في الصحيح من حديث المغيرة بن شعبة (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لابساً جبةً شامية في غزوة تبوك)(وكذلك كان يصب على رأسه الماء في أيام الصيف وهو صائم من العطش ليتبرد) وكذلك كان يجوع ويعطش عليه الصلاة والسلام ويروى ويشبع ويحتاج إلى النوم فينام ويمرض ويبول ويتغوط وكل ما يعتري البشر من الأحكام البشرية فهو ثابتٌ له عليه الصلاة والسلام وقد ذكر الله تعالى ذلك في قوله (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ) فقال (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ) وقال (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَاّ رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ) فوصفهم بأنهم رجال فلهم ما للرجال وعليهم ما على الرجال أما الخصائص النبوية التي خص الله بها الأنبياء فلنبينا محمدٍ رسول الله صلى الله عليه وسلم أكملها وأتمها.

***

ص: 2

‌عبد الله العربي من مصر يقول ماصحة القول (إذا ضاقت الصدور فعليكم بزيارة القبور) هل هذا حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وإذا كان حديثاً فنرجو التوضيح له مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الظاهر أن السائل لم يضبط هذه الكلمة والذي أسمع عن هذه الكلمة أنهم يقولون إذا ضاقت الأمور فعليكم بأصحاب القبور يعني إذا ضاقت عليك الأمور فاذهب لأصحاب القبور وادعهم ليغيثوك وينجوك مما وقع بك ولا شك أن هذا الأمر شركٌ أكبر أي أن الإنسان يذهب إلى أصحاب القبور ليدعوهم لينجوه مما وقع به من البلاء لا شك أنه شركٌ أكبر يخرج الإنسان عن الإسلام موجبٌ للخلود في النار والعياذ بالله كما قال الله تعالى (إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ) فالدعاء لا يكون إلا لله عز وجل قال الله تعالى (وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) وقال تعالى (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ) فدعاء أصحاب القبور لا يجدي شيئاً بل هو يضر الإنسان ويخرجه من الإسلام فإن قال قائل إنه قد حدثت وقائع تدل على انتفاع الداعي بدعوة أصحاب القبور فيدعو الإنسان صاحب القبر في إنجائه من هلكة أو في حصول مطلوبٍ له فينجو من الهلكة ويحصل المطلوب فالجواب على ذلك أن نقول إن هذا الذي حصل إثر دعاء صاحب القبر لم يحصل بدعاء صاحب القبر قطعاً وإنما حصل عنده فتنةً له أي للداعي فإن الله تعالى قد يفتن الإنسان بشيء يستمر فيه الإنسان المفتون على معصية الله والله سبحانه وتعالى حكيم وأما أن يحصل هذا الشيء أي النجاة من المكروب وحصول المطلوب بدعاء أصحاب القبور فهذا أمرٌ لا يمكن أبداً لأن الله سبحانه وتعالى أخبر بأن الذي يدعو من دون الله لا يستجيب للداعي إلى يوم القيامة وأما الكلمة التي قالها السائل إذا ضاقت عليكم الأمور فعليكم بزيارة القبور فهذا ليس بحديثٍ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يصح بل إن زيارة القبور تذكر الآخرة فينبغي أن يقال إذا رأيت من نفسك الغفلة عن الآخرة والانغماس في الدنيا والترف فعليك بزيارة القبور لتتعظ وتعتبر بأصحابها فإن أصحابها الذي كانوا محبوسين فيها الآن هم قرناؤك بالأمس على ظهر الأرض وربما يكونون أكثر منك غنى وأشد منك قوة وأعظم منك فتوة ومع ذلك صاروا مرتهنين محبوسين في قبورهم فالإنسان إذا زار المقبرة تذكر الآخرة ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (زوروا القبور فإنها تذكر الآخرة) وينبغي لمن زار القبور أن يدعو لهم بالدعاء الوارد عن الرسول صلى الله عليه وسلم مثل (السلام عليكم دار قومٍ مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون يرحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين نسأل الله لنا ولكم العافية اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم واغفر لنا ولهم) .

***

ص: 2

‌قال صلى الله عليه وسلم (يغفر الله للشهيد كل ذنبٍ إلا الدَّين) هل معنى هذا الحديث صحيح

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أي نعم معنى هذا الحديث صحيح يعني أن أن الله عز وجل يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين لأن الدين حقٌ للآدمي فلا بد من وفائه ولكن الدين إذا كان الإنسان أخذه يريد أداءه فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله) فإن كان هذا الشهيد الذي عليه الدين قد أخذ أموال الناس يريد أداءه فإن الله تعالى يؤدي عنه إما بأن ييسر أحداً في الدنيا يقضي عنه هذا الدين وإما بأن يوفيه الله تعالى عنه يوم القيامة فيزيد الدائن درجاتٍ أو يكفر عنه سيئات.

***

ص: 2

‌أع س يقول هل هذا الحديث يا فضيلة الشيخ (لعن الله الشارب قبل الطالب) وارد لأنه يتردد على ألسنة كثير من الناس

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الحديث الذي ذكره السائل (لعن الله الشارب قبل الطالب) هذا لا أصل له ولا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم ولكنه من الأحاديث التي اشتهرت على ألسن الناس وليس لها أصل وهي كثيرة تتردد بين عامة الناس والواجب على الإنسان أن يتحرى فيما ينسبه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير لأن الكذب على الرسول صلى الله عليه وسلم ليس كالكذب على أحد منا لأنه كذب على شريعة الله سبحانه وتعالى وقد صنف العلماء رحمهم الله في الأحاديث الواردة على ألسن الناس وليس لها أصل صنفوا في هذا كتباً ومنها تمييز الطيب من الخبيث فيما يدور على ألسنة الناس من الحديث ومن الأحاديث المشتهرة على ألسن الناس وليس لها أصل قولهم (حب الوطن من الإيمان) وقولهم (خير الأسماء ما حمد وعبد) وقولهم (المعدة بيت الداء والحمية رأس الدواء) وأمثال ذلك كثير والوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم في الأسماء قوله (أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن) وثبت ذلك عنه صلى الله عليه وسلم والمهم أنه يجب على الإنسان أن يتحرى فيما ينسبه إلى النبي صلى الله عليه وسلم حتى لا يقع في الوعيد الشديد الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم (من كذب عليّ متعمداً فليتأبوا مقعده من النار) وقال (من حدث عني بحديث يرى أو يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين) .

***

ص: 2

‌عن أنس رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يزل يقنت الصبح حتى فارق الدنيا) ما حكم القنوت في صلاة الصبح وما مدى صحة هذا الحديث افتنوني جزاكم الله خيرا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الحديث لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم لأن جميع الواصفين لصلاة الرسول صلى الله عليه وسلم لم يذكروا أنه قنت في الفجر إلا في النوازل فإنه كان يقنت في الفجر وفي غير الفجر أيضاً بل يقنت في جميع الصلوات الخمس وبناء على ذلك فإنه لا يسن القنوت في صلاة الفجر إلا إذا كان هناك سبب كنازلة تنزل بالمسلمين والنازلة إذا نزل بالمسلمين فإن القنوت لا يختص بصلاة الفجربل يكون فيها وفي غيرها وذهب بعض أهل العلم إلى أن القنوت في صلاة الفجر سنة ولكن ما هو القنوت الذي يُقنت في صلاة الفجر ليس هو قنوت الوتر كما يظنه بعض العامة ولكنه قنوت يدعو فيه الإنسان بدعاء عام للمسلمين مناسب للوقت الذي يعيشه وإذا ائتم الإنسان بشخص يقنت في صلاة الفجر فإنه يتابعه ويؤمن على دعائه ولا ينفرد عن المصلىن كما نص على ذلك إمام أهل السنة أحمد بن حنبل رحمه الله.

***

ص: 2

‌السائل إبراهيم ب ع الكويت يقول ما صحة حديث (أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر)

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا يحضرني سند هذا الحديث ولا أدري ما سنده لكن اختلف العلماء رحمهم الله في معناها فمنهم من قال (أسفرو بالفجر أو بالصبح فإنه أعظم لأجوركم) المعني أخروا صلاة الفجر حتى يكون الإسفار التام ومنهم من قال أسفرو بالصبح أي لا تتعجلوا حتى يتبين الصبح لأن الصبح يكون خفيا أول ما يطلع ولهذا لم يرتب الله تعالى الأحكام علي طلوع الصبح بل على تبين الصبح حيث قال تعالى في الصيام (فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ) وهذا القول أن المراد به تحقق الفجر هو الصواب لأن السنة بينت ذلك فقد كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يصلى الصبح بغلس.

***

ص: 2

‌هذا أخونا السائل إبراهيم أبو حامد يقول في هذا السؤال ما صحة هذه الأحاديث يا فضيلة الشيخ الأول (إن الأمة لا تجتمع على ضلالة)

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الحديث بهذا اللفظ لا يصح أن أمة النبي صلى الله عليه وسلم لا تجتمع على ضلالة لكن قد دلت الأدلة على أن إجماع الأمة حجة وأن الأمة معذورة بالعمل به وما كان ضلالة فإنه لا عذر للأمة بالعمل به ومن الأدلة على ذلك قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ) فإن ظاهر قوله (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ) يدل على أنه إذا حصل الاتفاق فإن قولهم كالذي قام به الدليل من الكتاب والسنة ومن الأدلة على ذلك أي على أن إجماع المؤمنين حجة قول الله تبارك وتعالى (وَمَنْ يُشَاقِقْ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً) وعلى هذا فيكون الإجماع أي إجماع الأمة والمراد إجماع علماء الأمة المجتهدين يكون دليلا صحيحاً يؤخذ به في الأحكام لكن الغالب أن ما أجمع عليه العلماء من الأحكام يكون قد دل عليه الكتاب والسنة إما بطريق المنطوق أو المفهوم أو الإشارة وقد يكون الدليل معلوماً لعامة العلماء وقد يكون خفياً على بعض العلماء.

***

ص: 2

‌ماصحة هذا الحديث (أبغض الحلال إلى الله الطلاق)

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا ليس بصحيح بل هو ضعيف لكن الطلاق لا شك أنه خلاف الأولى وقد أمر الله تعالى بالصبر على المرأة وكذلك جاء في السنة، فقال الله تبارك وتعالى (فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً) وهذه إشارة إلى أنه ينبغي للإنسان أن يصبر على المرأة ولو كره منها ما كره وفي السنة (لا يفرك مؤمن مؤمنة - أي لا يبغضها - إن كره منها خلقاً رضى منها خلقاً آخر) وعلى هذا فلا ينبغي للإنسان أن يطلق إلا عند الحاجة الملحة أو الضرورة وكذلك إذا سألت هي الطلاق لتضررها من الزوج أو تأذيها أو ما شبه ذلك من الأسباب فإنه ينبغي للزوج أن يوافقها على طلبها، وإن كان من النساء من تطلب الطلاق لسبب يسير لكن عند الغضب تطلب الطلاق من أجله فإذا وقع الطلاق ندمت ندماً عظيماً ورجعت إلى زوجها تطلب منه المراجعة وقد يكون ذلك بعد فوات الإمكان وقد تكون هي الطلقة الثالثة فيطلق الزوج استجابة لرغبة الزوجة ثم يحصل الندم منه ومنها وإنني بهذه المناسبة أود أن أوجه نصيحتين:

النصيحة الأولى إلى الزوج وهي ألا يتسرع في إجابة الزوجة إذا طلبت الطلاق لأن المرأة ناقصة العقل والتفكير تفكيرها لا يتجاوز قدمها فقد تطلب الطلاق في حال غضب ثم تندم ندما عظيماً إذا وقع فليكن الزوج أوسع منها صدراً وأبعد منها نظراً وليمنعها أي لا يجيبها إلى ما سألت وإذا ضيقت عليه فليخرج من البيت ثم يرجع مرة أخرى فلعلها تكون بردت عليها سَوْرَة الغضب المهم ألا يتسرع وهو إذا تسرع في هذه الحال لا عذر له لأن بعض الأزواج يقول أنا أكرهت على الطلاق لأنها طلبت مني ذلك وألحت علي أو لأن أباها طلب ذلك وألح علي أو ما أشبه ذلك وهذا لا يعد إكراها ولا عذراً له فيه والطلاق واقع.

أما النصيحة الثانية فهي للزوجة لا تتسرع في طلب الطلاق من الزوج بل عليها أن تصبر وتتحمل المرة تلو الأخرى حتى إذا أيست من الصلاح والإصلاح فلا بأس لأن الله تعالى قد جعل لكل ضيقٍ فرجاً لكن كونها تتسرع وتريد من الزوج أن يكون على هواها في كل شيء لا ينبغي منها ذلك وأكثر ما يقع هذا فيما إذا تزوج الزوج بزوجة أخرى فإنها حينئذٍ تسارع إلى طلب الطلاق والإلحاح به وتندم حين لا ينفع الندم فنصيحتي لها أن تصبر وتحتسب الأجر من الله عز وجل على صبرها وتحملها الأذى وسيجعل الله تعالى لها فرجاً ومخرجاً.

ص: 2

‌فضيلة الشيخ: يستفسر أيضا عن صحة هذا الحديث (أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بسابع جار)

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا أيضا لا يصح لكن ثبت (عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أوصى بالجار خيراً) كما هو في القران (والجار ذي القربى والجار الجنب) وقال عليه الصلاة والسلام (مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه) وقال صلى الله عليه وسلم (من كان يؤمن بالله واليوم الأخر فليكرم جاره) وقال صلى الله عليه وسلم (والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن من لا يأمن جاره بوائقه) والأحاديث في هذا كثيرة وللجار حق حتى ولو كان كافراً وهو حق الجوار فإنه ينبغي للإنسان أن يحسن إلى جيرانه ولو كانوا أعداءً له في الدين ولو كانوا أعداءً له عداوة شخصية لا مبرر لها امتثالاً لأمر الله عز وجل وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً

إلى قوله.. (وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ) وقال النبي صلى الله عليه وسلم (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره) وقد ذكر العلماء رحمهم الله أن الجار إن كان كافراً بعيداً في النسب يعني ليس من أقاربك فله حق الجوار وإن كان مسلماً فله حق الجوار والإسلام وإن كان قريباً فله حق الجوار والإسلام والقرابة.

***

ص: 2

‌السؤال: ما صحة هذاالحديث (إذا شرب اثنين في إناء واحد غفر لهما أو دخلا الجنة)

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا لا أعلم عنه لكن لا أظن أنه يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم وشرب الاثنين من الإناء الواحد لا بأس به ولاحرج فيه والتنزه عن مثل هذا أمر صعب ولو أراد الإنسان أن يتنزه عن كل إناء شرب فيه غيره للحقه بذلك حرج شديد ولم يكن في بدنه مناعة لما يدخل إليه من المكروبات التي تكون عند كثير من الناس وهو خالٍ منها وقد كان المترفون يتحرزون من أن يشربوا بإناء شرب فيه غيرهم فيصابون بأمراض أكثر مما يصاب الآخرون والذي ينبغي للإنسان ألا يشق على نفسه في مثل هذه التحرزات لأن فيها حرجاً ولأنه يبقى جسمه لا مناعة فيه وحينئذ يتأثر بأدنى سبب وبلغني أن كثيراً من الناس في الأمم المتطورة في الحياة الدنيا رجعوا عن هذا التحرز الشديد إلى الحالة الطبيعية التي عليها كثير من الناس في كون الإنسان لا يشق على نفسه في هذا التحرز الشديد نعم لو فرض أن أحداً من الناس مصاب بوباء جرت العادة أنه معدٍ فهذا ليس من المستحسن أن يشرب الإنسان في هذا الإناء الذي شرب فيه هذا المصاب بالمرض الذي جرت العادة بأنه يعدي لقول النبي صلى الله عليه وسلم (فر من المجذوم فرارك من الأسد) ولكن مع هذا يجب أن نؤمن بأن العدوى لا تكون معدية بطبيعتها الذاتية ولكنها معدية بإذن الله عز وجل فإن الله تعالى قد جعل لكل شيء سبباً.

***

ص: 2

‌ماصحة هذا الحديث (إن الله لا ينظر إلي الصف الأعوج)

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الحديث غير صحيح ولكن لا شك أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بتسوية الصفوف وكان عليه الصلاة والسلام يمر بالصف يمسح صدورهم ومناكبهم ويأمرهم بالتسوية فخرج ذات يوم وقد عقلوا عنه فرأى رجلاً بادياً صدره أي متقدماً فقال عليه الصلاة والسلام (لتسوون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم) أي بين قلوبكم حتى تكونوا أعداءً متباغضين وهذا وعيد لمن ترك تسوية الصف وهو دليل على وجوب التسوية كما ذهب إلى ذلك بعض أهل العلم وما نشاهده الآن من التهاون في تسوية الصف لا بالنسبة للإمام ولا بالنسبة للمأمومين أمرٌ يؤسف له فإن كثيراً من الأئمة يلتفت يميناً وشمالاً يقول استووا اعتدلوا سووا صفوفكم وربما يكون يرى الصف غير مستوٍ ولا يقول يا فلان تقدم ويا فلان تأخر مما يُفهِم الناس أن هذه كلمةٌ كأسطوانةٍ تُجَرُّ عليها الإبرة وتحدث صوتاً أي أنه لا قيمة لهذه الكلمة عند الناس الآن لأنهم لا يشاهدون فعلاً يؤكد هذه الكلمة والذي ينبغي في حق الإمام أن يلتفت يميناً وشمالاً وأن يستقبل الناس بوجهه وإذا رأى شخصاً متأخراً قال تقدم يا فلان أو متقدماً قال تأخر يا فلان حتى يحس الناس بأن هذه الكلمة لها معنى أي استووا اعتدلوا كذلك أيضاً المأمومون تجد أنهم لا يبالون يكون الرجل إلى يمين صاحبه أو إلى يساره متقدماً عليه أو متأخراً عنه لا يحاول إن يسوي الصف وهذا من الغلط وكذلك أيضا أهمل كثيرٌ من الأئمة وكثيرٌ من المأمومين مسألة التراص فتجد الصف تكون فيه الفرج الكثيرة لا يسدها أحد وهذا غلط لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالتراص وأخبر أن الملائكة عند الله عز وجل يتراصون، وبعض الناس فهم فهماً خطأً في كون الصحابة رضي الله عنهم يلصق الرجل كعبه بكعب أخيه ومنكبه بمنكبه فجعل يفرج بين رجليه تفريجاً بالغاً حتى يلصق كعبه بكعب أخيه ومابين الأكتاف منفرج انفراجاً بقدر انفراج الرجلين وهذا أيضا من الغلط ومِنْ فَهْم النصوص على غير مرادها ليس المراد مجرد إلزاق الكعب بالكعب والمنكب بالمنكب فإلصاق الكعب بالكعب ليس مقصوداً لذاته بل هو مقصودٌ لغيره وهو التراص والتسوية لكن المشكل أن بعض الناس يفهم الشيء فهماً خاطئاً ثم ينشره بين الناس ثم يَشِيعُ وكأنه هو السنة التي أرادها الصحابة رضي الله عنهم كذلك أيضاً يخطئ كثيرٌ من الناس بكيفية التسوية فبعض الناس يظن التسوية هي استواء الأصابع وهذا فهم خاطئ والتسوية استواء الأكعب يعني أن يكون كعب الإنسان مساوياً لكعب جاره لا يتقدم عليه ولا يتأخر وأما الأصابع فقد تكون رجل الرجل طويلة تتقدم أصابعه على أصابع الرجل التي تكون قدمه قصيرة وهذا لا يضر فالمساواة إنما هي بالأكعب لأن الكعب هو الذي عليه اعتماد الجسم حيث إنه في أسفل الساق والساق يحمل الفخذ والفخذ يحمل الجسم وليس التساوي بأطراف الأصابع بل بالأكعب أكرر ذلك لأني رأيت كثيراً من الناس يجعلون مناط التسوية رؤوس الأصابع وهذا غلط هناك أمر آخر يخطئ فيه المأمؤمون كثيراً ألا وهو تكميل الصف الأول فالأول ولا سيما في المسجدين المسجد الحرام والمسجد البنوي فإنهم لا يبالون أن يصلوا أوزاعاً أربعة هنا وأربعة هناك أو عشرة هنا وعشرة هناك أو ما أشبه ذلك وهذا لا شك أنه خلاف السنة. والسنة إكمال الأول فالأول حتى إن الرجل لو صلى وحده خلف الصف مع أن الصف لم يتم فإن صلاته غير صحيحة بل هي باطلة يجب عليه أن يعيدها لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم رأى رجلاً يصلى وحده خلف الصف فأمره أن يعيد الصلاة وقال (لا صلاة لمنفرد خلف الصف) فإن قال قائل إذا كنت لو ذهبت إلى طرف الصف فاتتني الركعة فهل أصلى وحدي خلف الصف اغتناماً لإدراك الركعة نقول: لا، اذهب إلى طرف الصف ولو فاتتك الركعة ولو كانت الركعة الأخيرة لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم (ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا) وأنت مأموربتكميل الأول فالأول فافعل ما أمرت به وما أدركت فصل وما فاتك فاقضه هذه تنبيهات أرجوالله سبحانه وتعالى أن تجد آذاناً صاغية من إخواننا الأئمة والمأمومين ذكرتها تعليقاً على قول السائل إن الله لا ينظر إلى الصف الأعوج حيث إن هذا الحديث لايصح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

***

ص: 2

‌ماصحة هذا الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يدخل الجنة أقوام قلوبهم وأفئدتهم مثل أفئدة الطير) وما معنى هذا الحديث بالتفصيل

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: قبل أن أجيب على هذا السؤال أحب أن أنبه أنه إذا كان المتكلم بالحديث لا يدري عن صحته عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فإنه لا يجزم في نسبته للرسول صلى الله عليه وسلم بل يقول ما مدى صحة ما يذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم أو ما يروى عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حتى يسلم من الجزم بنسبة الحديث إلى رسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهولا يدري أيصح عنه أم لا أما معنى هذا الحديث فهو أن أهل الجنة إذا أرادوا دخول الجنة فإن الله سبحانه وتعالى يحبسهم على قنطرة بين الجنة والنار أي يوقفهم على قنطرة بين الجنة والنار بعد عبور الصراط ثم يقتص من بعضهم لبعض حتى ينزع ما في صدورهم من غل فيدخلون الجنة وأفئدتهم كأفئدة الطير ليس فيها حقد ولا غل بل هي قلوب بريئة نزيهة طاهرة يقول الله عز وجل (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ (47) لا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ) أما عن صحة الحديث فإنه يحتاج إلى مراجعة.

***

ص: 2

‌ما معنى هذا الحديث ومدى صحته عن عبد الله بن أبي قتادة قال دخل علي أبي وأنا أغتسل يوم الجمعة فقال غسلك هذا من جنابة أو للجمعة قلت من جنابة قال أعد غسلاً آخر إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (من اغتسل يوم الجمعة كان في طهارة إلى الجمعة الأخرى) رواه الطبراني في الأوسط

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الحديث لا يحضرني الآن حكمه هل هو صحيح أو غير صحيح لكن غسل الجمعة مؤكد جداً بل هو واجب على القول الراجح عندي واجب على من يحضر الجمعة ودليل ذلك حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (غسل الجمعة واجب على كل محتلم) وقال صلى الله عليه وسلم (إذا أتى أحدكم الجمعة فليغتسل) ولما دخل عثمان بن عفان رضي الله عنه يوم الجمعة وأمير المؤمنين عمر بن الخطاب يخطب كأنه لامه على تأخره فقال والله ما عدوت على أن توضأت ثم جئت فقال والوضوء أيضاً وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (إذا أتى أحدكم الجمعة فليغتسل) قال ذلك وهو يخطب الناس وكأنه رضي الله عنه يرى أن هذا الأمر لابد منه، وكيف والذي نطق به أفصح الخلق وأنصح الخلق وأعلم الخلق يقول غسل الجمعة واجب ثم يعقب ذلك بذكر وصف مناسب للتفريق والإلزام وهو قوله على كل محتلم أي على كل بالغ وليس لهذا الحديث ما يعارضه إلا الحديث الذي اختلف فيه حديث سمرة (من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت ومن اغتسل فالغسل أفضل) وفي القلب من هذا الحديث شيء أولاً من جهة اختلاف العلماء في سماع الحسن بن سمرة إما مطلقاً أو فيما سوى حديث العقيقة وثانياً أن التركيب اللفظي فيه ليس كالتركيب المعهود من كلام النبي صلى الله عليه وسلم لأنه من المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم أفصح العرب وصياغة هذا الحديث فيها شيء من الركاكة وفي القلب منه شيء، وإذا كان كذلك فإنه لا ينبغي أن يعارض به الحديث الصريح الصحيح الواضح (غسل الجمعة واجب على كل محتلم) و (إذا أتى أحدكم الجمعة فليغتسل) وإذا كان من المعروف عند أهل العلم أن الأصل في الأمر الوجوب ثم عقب النبي صلى الله عليه وسلم هذا الوجوب في قوله غسل الجمعة واجب فلا مناص عن العمل بذلك، وإذا اجتمع على الإنسان غسل الجمعة وغسل الجنابة فلا بأس أن ينويهما بغسل واحد لقول النبي صلى الله عليه وسلم (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى) وكما لو دخل الإنسان المسجد فصلى الفريضة فإنها تجزئ عن تحية المسجد وقال بعض أهل العلم إنه لابد أن يغتسل أولاً من الجنابة ثم يغتسل ثانياً للجمعة ولكن القول الأول أولى وهو الاكتفاء بغسل واحد عن الجنابة وعن غسل الجمعة لقول النبي صلى الله عليه وسلم (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى) فإذا نوى هذا الغسل عنهما جميعاً حصل.

***

ص: 2

‌ما صحة هذا الحديث (عمرة في رمضان تعدل حجة معي)

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الحديث أخرجه مسلم في صحيحه بلفظين أحدهما (عمرة في رمضان تعدل حجة) والثاني (عمرة في رمضان تعدل حجة معي) وهو دليل على أن العمرة في رمضان لها مزية عن غيره من الشهور فإذا ذهب الإنسان إلى مكة في رمضان وأحرم للعمرة وأداها فإنه يحصل له هذا الثواب الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم.

***

ص: 2

‌أصول الفقه

ص: 2

‌المستمع عثمان محمد عبد الله سوداني يقول لقد ظهرت عندنا في السودان دعوات كثيرة منها الدعوة إلى تجديد الفقه الإسلامي كيف يكون ذلك التجديد

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: يقول السائل إنه ظهرت عندهم دعوات جديدة في بلادهم منها الدعوة إلى تجديد الفقه الإسلامي فهذا التجديد إن أراد به مقترحه أن يجدد التبويب وعرض المسائل الفقهية حتى يكون ملائماً للذوق العصري فهذا لا بأس به وما هو إلا تغير أسلوب من حال إلى حال ليقرب المعنى إلى أذهان الناس على أن التجديد على هذا الوجه له مساوئ منها أننا نرى كثيراً من المعاصرين الذين يكتبون فيما كتبه السابقون يطيلون الكلام والتفصيلات حتى يذهب آخر الكلام أوله ويضيع الإنسان بين هذه التقسيمات وبين الكلام الذي يعتبر حشواًَ وهذه سيئة عظيمة تبدد الفكر وتضيع الأوقات في مسائل قد يدركها الإنسان بنصف الوقت الذي يقضيه في قراءة هذه الكتب الجديدة ولا أقول إن هذا وصف لكل كتاب جديد بل في كثير من الكتب المصنفة الجديدة ما يكون على هذا النمط.

وإن أرادوا مقترحوا التجديد في الفقه أن يغير بهذا التجديد ما دلت النصوص على حكمه فإن هذا مبدأ خطير مبدأ باطل إذ لا يجوز للإنسان أن يغير شيئاً من أحكام الله عز وجل فإن أحكام الله تعالى باقية ما بقي هذا الدين وهذا الدين سيبقى إلى يوم القيامة لقول النبي صلى الله عليه وسلم (لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا ما من خالفهم حتى يأتي أمر الله) هذا هو رأينا نحو هذا الاقتراح الذي اقترحه هذا المقترح من تجديد علم الفقه.

***

ص: 2

‌محمد مصري مقيم بالرياض يقول ما الفرق بين الجائز والحلال

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا فرق بينهما فالحلال هو الجائز والجائز هو الحلال إلا إن الجائز أحيانا يراد به ما يقابل المستحيل والواجب الوجود فيقولون الأشياء باعتبار الوجود ثلاثة أقسام مستحيل الوجود وواجب الوجود وجائز الوجود أما شرعا فإنه لا فرق بين الجائز والحلال.

***

ص: 2

‌نجيب أحمد يقول البعض يقول بأن السنة يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها هل هذا صحيح وهل إذا ترك الشخص سنة من السنن المؤكدة يعاقب عليها أم أنه حرم نفسه الأجر العظيم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الذي ذكره السائل هو حق وهو الذي عليه أهل العلم أن ترك السنة لا يوجب الإثم اللهم إلا إذا تركها كراهة لها أو زهدا فيها أو رأى نفسه أنه مستغنٍ عنها أو ما أشبه ذلك فهذا له حكمه أما مجرد أن يقول إن الله فرض علي الفرائض والحمد لله الذي هداني لها وأنني أقمتها على الوجه المطلوب وأما النوافل فأنا في سعة منها فهذا لا بأس به ولا إثم عليه لكن قد تكون السنة مؤكدة جدا جدا إلى قريب الوجوب فهذه كره بعض العلماء أن ندعها خوفا من الإثم ومن ذلك ما يذكر عن الإمام أحمد رحمه الله أنه قال (من ترك الوتر فهو رجل سوء لا ينبغي أن تقبل له شهادة) مع أنه أي الإمام أحمد يرى أن الوتر سنة وليس بواجب لكن لتأكد السنية كأن الإمام أحمد رحمه الله رأى أن تهاونه به يدل على عدم مبالاته ولهذا قال (لا ينبغي أن تقبل له شهادة) لأنه إذا كان لا يبالي بالوتر مع أهميته وآكديته فإنه قد يتهاون بالشهادة أيضا.

***

ص: 2

‌هل كل ما كان يفعله الرسول صلى الله عليه وسلم يعتبر من السنة ويثاب على فعله المسلم أقصد الأمور الخصوصية

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الأمور الخاصة بالرسول عليه الصلاة والسلام خاصة به ليس لنا فيها تعلق ومنها قوله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَاّتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاتِكَ اللَاّتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) فالنكاح بالهبة لا ينعقد ولا يصح إلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم لأن الله قال (خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ)

الوصال في الصوم وهو ألا يفطر الإنسان بين اليومين منهي عنه إلا للرسول عليه الصلاة والسلام ولهذا لما نهى النبي عليه الصلاة والسلام عن الوصال) قالوا يا رسول الله إنك تواصل فقال (إني لست كهيئتكم) فبين الرسول عليه الصلاة والسلام أن الأمة لا تساويه في هذا الحكم فما كان خاصاً بالرسول عليه الصلاة والسلام فهو خاص به لا يشمل حكمه الأمة وأما ما لم يقم دليل على الخصوصية به فإن الأصل أن الأمة تتأسى برسول الله صلى الله عليه وسلم فيما فعل لقوله تعالى (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ) وهذا في الأمور التعبدية ولهذا قال (لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ) .

أما الأمور العادية فإن فعل النبي عليه الصلاة والسلام لها يدل على إباحتها ولكنها تكون تبعاً للعادة لا يحكم عليها بأنها سنة مطلوبة بعينها وهناك أشياء يفعلها النبي عليه الصلاة والسلام على سبيل الجبلة والطبيعة كالأكل والشرب والنوم فهذا ليس له حكم لأنه يفعله عليه الصلاة والسلام بمقتضى الطبيعة والجبلة لكن قد يكون هذا النوع مشتملاً على أمور مشروعة مثل النوم على الجنب الأيمن مثل الأكل باليمين والشرب باليمين وما أشبه ذلك فالحاصل أن أفعال الرسول عليه الصلاة والسلام قسمها أهل العلم على أقسام متعددة والبحث فيها مطول موجود في أصول الفقه فمن أحب أن يراجعه فليراجعه هناك.

***

ص: 2

‌ع م ف الرويلي يقول في رسالته وبعد أبعث لكم هذه الرسالة وأقول لكم فيها إن لي خالة متزوجة وبعد أنها مخلوعة الشعور -يقصد بها جنون تقريباً- وبعده ذهبت مع زوجها وزوجها أخذها وهي كمثل ما أقول لكم وبعد أنها أحرقت نفسها أهل عليها خطأ من هذا الحرق أم لا وهل هي من أصحاب الجنة أو النار أفيدونا أفادكم الله عن هذا الأمر ولكم جزيل الشكر

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الذي فهمت من قوله مخلوعة الشعور أنها ليس لها عقل فإذا كان ما فهمته هو الواقع فإن فعل المجنون لا يعاقب عليه المرء لأن المجنون لا عقل له والله تبارك وتعالى إنما يعاقب من كان عاقلاً ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (رفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتى يستيقظ وعن الصغير حتى يبلغ وعن المجنون حتى يُفيق) فهذه المرأة التي أحرقت نفسها ليس عليها ذنب مادامت أحرقت نفسها في هذه الحال وأما هل هي في النار أو في الجنة فهذا أمره إلى الله سبحانه وتعالى.

***

ص: 2

‌السائل مصري يقول ما هي أنواع الإكراه التي رخص الله لعباده عند وقوعها وما الفرق بين أُكره واستُكره مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الإكراه والاستكراه معناهما واحد والإكراه أن يرغم الإنسان على فعل الشيء أو على قول الشيء ومن أكره على شيء قولي أو فعلي فإنه لا حكم لقوله ولا حكم لفعله لقوله تعالى (مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَاّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنْ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) فإذا كان الكفر وهو أعظم الذنوب إذا أكره عليه الإنسان فإنه لا حرج عليه ولا إثم فما دونه من الذنوب من باب أولى فلو أُكره الصائم على الأكل مثلا فأكل فإن صومه صحيح ولو أكره الرجل على أن يطلق امرأته فطّلق فلا طلاق عليه ولو أكره الإنسان على إن يشرك بالله فأشرك فلا إثم عليه إذا كان قلبه مطمئنا بالأيمان واختلف العلماء رحمهم الله فيمن أكره علي الطلاق فطّلق ناوياً الطلاق لكنه بغير اختيار منه هل يقع طلاقه أو لا يقع فمن العلماء من قال إن طلاقه يقع لأنه نواه وأن الذي يرفع عنه الطلاق أن يطّلق دفعا للاكراه ولكن الصحيح أنه لا طلاق عليه حتى ولو نوى الطلاق لأنه مجبر على هذه النية وكثير من العامة لا يفرقون بين هذا وهذا.

***

ص: 2

‌المستمع ص. من محافظة قنا مركز نقاوة جمهورية مصر العربية يقول ما هي الضرورات الخمس التي أمرنا الشارع الحكيم بالحفاظ عليها

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: من المعلوم أن هذه الشريعة الإسلامية جاءت لجلب المصالح أو تكميلها ودفع المضار أو تقليلها وهذا عامٌ يشمل كل ما يحتاج الإنسان إليه في أمور دينه ودنياه ولا ينحصر الأمر في الضرورات الخمس التي أشار إليها السائل بل هو عام لكل مصلحة سواءٌ كانت تتعلق بالنفس أو بالمال أو بالبدن أو بالعقل أو بالدين بل كل شيء تحصل به المصلحة أو يحصل به تكميل المصلحة فهو أمرٌ مطلوب لا بد منه فهو أمرٌ مطلوب إن كان أمراً لا بد منه فإنه يكون على سبيل الوجوب وإن كان أمراً دون ذلك فإنه يكون على سبيل الاستحباب وكل شيء يتضمن ضرراً في أي شيء كان فإنه منهيٌ عنه إما على سبيل وجوب الترك وإما على سبيل الأفضل والأكمل وهذه القاعدة العظيمة لا يمكن أن تنحصر جزيئاتها وهي مفيدةٌ لطالب العلم لأنها ميزانٌ صادق مستقيم ويدل عليه آياتٍ من كتاب الله عز وجل وأحاديث من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم فمن ذلك قول الله تعالى (يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثمٌ كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما) فهنا أشار الله عز وجل إلى أن في الخمر والميسر إثمٌ كبير ومنافع متعددة للناس ولكن الإثم أكبر من النفع ولهذا جاءت الشريعة الكاملة بالمنع منهما منعاً باتاً في قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجسٌ من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون) ومن هنا نعلم أن من جملة الحكم التي حرم الله من أجلها الخمر والميسر والأنصاب والأزلام أنها توقع العداوة والبغضاء بين الناس وهذه مفسدة اجتماعية مع ما فيها من المفاسد الأخرى كالإخلال بالعقل والإخلال بالدين فإن الأزلام تؤدي إلى المغامرة في الإقدام والإحجام والأنصاب شرك وأنصاب تعبد من دون الله عز وجل ومن ذلك أيضاً قوله تعالى (ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما) وهذا أمرٌ لحفظ النفس ووقايتها من كل ضرر ومن ذلك أيضاً قوله تعالى (وإن كنتم مرضى أو على سفر فجاء أحدٌ منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماءً فتيمموا صعيداً طيباً فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه) فأمر بالتيمم في هذه الحال خوفاً من الضرر أو استمرار الضرر بالمرض الذي يخشى من استعمال الماء فيه ومن ذلك قوله تعالى في آية الصيام (وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ) والسنة في ذلك أيضاً كثيرة منها قوله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو بن العاص (إن لنفسك عليك حقا وإن لربك عليك حقا وإن لأهلك عليك حقا) ومن ذلك أيضاً تأنيبه الذين قال بعضهم أصوم ولا أفطر وقال الثاني أقوم ولا أنام وقال الثالث لا أتزوج النساء فقال صلى الله عليه وسلم (أنا أصوم وأفطر وأقوم وأنام وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني) والخلاصة أن هذه الشريعة الكاملة جاءت بتحصيل المصالح أو تكميلها وبدرء المفاسد أو تقليلها.

***

ص: 2

‌الأخ السائل س ص ع من الرياض يقول أرجو تفسير هذه العبارة الضرورات تبيح المحظورات

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: معنى هذه العبارة أن الإنسان إذا اضطر إلى شيء من المحرم على وجه تندفع به الضرورة صار هذا المحرم مباحاً مثال ذلك رجل في مخمصة أي في جوع شديد وليس عنده إلا ميتة فإن أكل الميتة سَلِمَ من الهلاك وإن لم يأكل هلك فهنا نقول يحل له أن يأكل الميتة، لأنه في ضرورة. كذلك لو لم يكن عنده إلا لحم خنزير وهو جائع جوعا شديدا فإن أكل من لحمه بقي وإن لم يأكل هلك فنقول له هذا جائز لأن الضرورات تبيح المحظورات وأما فيما يتعلق بالدواء فإن بعض الناس يظن أن هذه العبارة يدخل فيها الدواء وأن الإنسان يجوز أن يتداوى بمحرم إذا اضطر إليه كما زعم وهذا غلط لأن الدواء لا تندفع به الضرورة يقينا ولأنه قد يستغني عنه فيشفى المريض بدون دواء، أما الأول فكم من إنسان تداوى بدواء نافع ولكنه لم يستفد منه وأما الثاني فكم من إنسان ترك الدواء وشفاه الله بدون دواء.

***

ص: 2

‌كيف نحكم على نواهي النبي صلى الله عليه وسلم بأنها نواهي تحريم أو نواهي كراهية

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا أيضاً موضع خلاف بين الأصوليين هل النهي للتحريم أو للكراهة فمنهم من يرى أنه للتحريم ومنهم من يرى أنه للكراهة ومنهم من فصل في ذلك فقال إن كان النهي يتعلق بالعبادات فهو للتحريم وإن كان النهي يتعلق بالآداب فهو للكراهة وليس هناك في الواقع ضابطٌ شامل لكل نهيٍ يرد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأنك يمر بك مناهٍ حملها العلماء على الكراهة ومناهٍ أخرى حملها العلماء على التحريم وعلى هذا فينظر الإنسان في كل نهيٍ بعينه هل هذا النهي يقتضي التحريم بمقتضى قواعد الشريعة أو يقتضي الكراهة بمقتضى قواعد الشريعة وخلاصة الجواب أن نقول للعلماء في مقتضى النهي ثلاثة أقوال:

القول الأول أنه التحريم مطلقا وعلى هذا من صرف نهياً لغير التحريم طولب بالدليل.

والقول الثاني أنه للكراهة مطلقا وعلى هذا فمن صرف نهياً للتحريم طولب بالدليل.

والقول الثالث التفصيل فإن كان النهي فيما يتعلق بالآداب والأخلاق فهو للكراهة وإذا كان فيما يتعلق بالعبادات فهو للتحريم.

***

ص: 2

‌بعض الناس يقولون بأن الواجب موجود فقط في القرآن وأن ما قاله الرسول سنة فقط ليست إلزامية فماذا نرد على مثل هؤلاء

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: يعني يقولون إن الأوامر التي في القرآن على الوجوب والتي في السنة على الاستحباب نقول هؤلاء أخطؤوا خطأ كبير لأن ما جاءت به السنة كالذي جاء به القرآن قال الله تبارك وتعالى (مَنْ يُطِعْ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً) وقال تعالى (وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً) وقال تعالى (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) بل إن ما جاءت به السنة جاء في القرآن لأن الله أمرنا أن نطيع الله ورسوله فقال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ) وقال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ) ولا فرق بين السنة والكتاب في هذه الأمور نعم يفرق بين السنة والكتاب في الثبوت فالقرآن ثابت بالنقل المتواتر والسنة منها المتواتر ومنها الصحيح ومنها الحسن ومنها الضعيف ومنها الموضوع المكذوب على الرسول عليه الصلاة والسلام فيتثبت فيها وأما إذا ثبتت عن الرسول عليه الصلاة والسلام فما ثبت عن الرسول فهو كالذي جاء في القرآن.

***

ص: 2

‌هناك بعض الأمور التي سنها الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يؤكد عليها فهل يجوز لنا العمل بها

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أما ما لم يسنه الرسول عليه الصلاة والسلام فإنه بدعة وقد حذر النبي عليه الصلاة والسلام من البدع بل قال الرسول عليه الصلاة والسلام (كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار) وأما ما سنه ولم يؤكده فإنه إذا ثبت أنه من سنته عليه الصلاة والسلام كان من سنته وكان في المرتبة التي تليق به وإن كان مؤكداً صارت سنة مؤكدة وإن كان دون ذلك صارت سنة غير مؤكدة ومثال السنة غير المؤكدة قوله صلى الله عليه وسلم (صلوا قبل المغرب صلوا قبل المغرب صلوا قبل المغرب وقال في الثالثة لمن شاء كراهية أن يتخذها الناس سنة) أي أن يتخذها الناس سنة مؤكدة راتبة فالخلاصة أن ما لم يسنه الرسول عليه الصلاة والسلام فهو بدعة ولا يجوز لأحد أن يتعبد لله به وما سنه وما لم يؤكده كان سنة ثم ثبت الذي جعله الشارع فيها وما سنه وأكده فإنه قد يكون واجباً وقد يكون سنة مؤكدة حسب ما تقضيه النصوص الشرعية.

***

ص: 2

‌نسمع من العلماء عبارة العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ما معنى ذلك وما الدليل عليها جزاكم الله خيرا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: معنى ذلك أنه إذا ورد النص على سبب خاص فإن العبرة بعمومه ومثال ذلك قوله تعالى (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) ثم قال (الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ) ثم قال (وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا) فهنا سبب نزول هذه الآيات أن رجلاً ظاهر من امرأته وجاءت المرأة تشتكي إلى رسول صلى الله عليه وسلم وهو في حجرته عند عائشة فنزلت الآيات فالسبب خاص والحكم عام وفي هذه القصة قالت عائشة رضي الله عنها (الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات والله إني لفي الحجرة وإنه ليخفى عليَّ بعض حديثها) تقول رضي الله عنها (الحمد لله) وهذا ثناء على الله عز وجل ووصف له بالكمال أن وسع صوت هذه المرأة من فوق سبع سماوات وعائشة رضي الله عنها في نفس الحجرة ويخفى عليها بعض حديثها وهذا حق أن الله تعالى يسمع السر وأخفى، وإذا آمن الرجل بذلك فإنه بلا شك سوف يقيم لسانه وسوف لا يتكلم إلا بما يرضي الرب عز وجل وبما أذن فيه لأنه يعلم أن كل كلمة يقولها فإن الله تعالى يسمعها فوق سبع سماوات وحينئذ يجب التحرز من إطلاق قول اللسان فلقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لمعاذ بن جبل (أفلا أخبرك بملاك ذلك كله - بعد أن ذكر له أشياء من شرائع الإسلام - قال: قلت بلى يا رسول الله. فأخذ بلسان نفسه، وقال: كف عليك هذا. فقال معاذ: يا رسول الله أئنا لمؤاخذون بما نتكلم به قال: ثكلت أمك يا معاذ وهل يكب الناس في النار على وجوههم-أو قال- على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم) فليحذر اللبيب العاقل المؤمن من إطلاق لسانه فكم من كلمة أوجبت لصاحبها النار والعياذ بالله وكم من كلمة أدخلت الجنة يتكلم الرجل بالكلمة مما يرضي الله عز وجل فيرتقي بها إلى درجات العلى ويتكلم بالكلمة من غضب الله يهوي بها في النار ولعل السائل فهم الآن معنى قول العلماء العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب فإن آيتي الظِّهار شاملة لكل مَنْ ظاهر من امرأته. والظِّهار أن يقول الرجل لامرأته أنت عليَّ كظهر أمي وهذا يعني تحريمها التحريم المغلظ لأن ظَهْر الأم من أعظم وأغلظ المحرمات وقد قال الله تعالى في هذا الظهار (وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً) فمنكر لأن الشرع لا يقره وزور لأنهم كذبوا فليست الزوجة كظهر الأم.

***

ص: 2

‌يقول بعض علماء الأصول من موانع اعتبار الدليل - مفهوم المخالفة- ولذلك يقدمون المنطوق من الآيات والأحاديث على المفهوم منها عند التعارض فهل لقاعدتهم هذه نص ينص عليها من الكتاب والسنة أم لا؟ وإذا لم يكن لها نص من الكتاب والسنة فما حكم هؤلاء في الإسلام لأنهم يرفضون بشدة حكم المفهوم من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية إذا تعارض مع المنطوق فمثلاً يرفضون حكم ما تضمنته آية المائدة وهي قوله تعالى (وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ) بدعوى أنها مفهوم ويأخذون ما تضمنته آية الأنعام وهو قوله تعالى (فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ) ويحتجون بهذه الآيات ونحوها بتحليل ذبحية كل من في الأرض جميعاً إذا ذكر الله عند ذبح الذبيحة وإن كان الذابح وثنياً أو مرتداً أجيبونا بارك الله فيكم عن هذا الموضوع

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذه القاعدة التي ذكرها أهل الأصول في أن دلالة المنطوق أقوى من دلالة المفهوم ظاهرة جداً لأن دلالة المنطوق واضحة في محلِّ النطق أما دلالة المفهوم فإن اللفظ يدل عليها لا في محلِّ النطق وما دل عليه اللفظ في محل النطق فإنه أولى ولأنّ دلالة المفهوم قد تكون غير مرادة وقد تصدق ببعض الصور دون بعض بخلاف دلالة المنطوق فإنها دالّة على كل صورها دلالة مطابقة ودلالة تضمّن ودلالة إلتزام وأما ما ذكره السائل من التمثيل بآية المائدة مع آية الأنعام فإنه لا ريب أن غير أهل الكتاب لا تحل ذبيحتهم لأن الله تعالى خصّص ذلك بقوله (وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ) وهذا القيد ليس من باب اللقب كما قاله بعضهم وإنما هو من قيد الوصف إذ أن صلة الموصول بمنزلة الوصف فأنت إذا قلت يعجبني الذي فهم فهو بمنزلة قولك يعجبني الفاهم والفاهم وصف وله مفهوم يعلّق به الحكم فطعام الذين أوتوا الكتاب هو كقولك طعام المؤتَيْن الكتاب وهذا وصف وليس لقباً كما ادعاه بعضهم وبناءً على ذلك تكون دلالة المنطوق فيه ظاهرة ودلالة المفهوم فيه ظاهرة لأن الحكم إذا عُلِّق على وصف ثبت بوجوده وانتفى بانتفائه فيكون منطوق الآية طعام الذين أوتوا الكتاب حلٌّ وطعام غير الذين أوتوا الكتاب ليس بحلّ وبهذا يكون قوله تعالى (فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ) أي مما ذبحه من هو أهل للذبح وهو المسلم والكتابي من اليهود والنصارى هذا هو القول الراجح الذي عليه جمهور أهل العلم.

***

ص: 2

‌نقرأ كثيراً في كتب التفاسير عن الحرف الزائد في القرآن مثل ليس كمثله شيء وهو السميع البصير فيقولون بأن الكاف زائدة قال لي أحد الإخوة ليس في القرآن شيء اسمه زائد أو ناقص أو مجاز فإن كان الأمر كذلك فما القول في قوله تعالى (واسأل القرية)(وأشربوا في قلوبهم العجل)

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نقول إن القرآن ليس فيه شيء زائد إذا أردنا بالزائد ما لا فائدة فيه فإنّ كل حرف في القرآن فيه فائدة أما إذا أردنا بالزائد ما لو حذف لاستقام الكلام بدونه فهذا موجود في القرآن ولكن وجوده يكون أفصح وأبلغ وذلك مثل قوله تعالى (وَمَا رَبُّكَ بِظَلَاّمٍ لِلْعَبِيدِ) فالباء هنا نقول إنها زائدة في الإعراب ولو لم تكن موجودة في الكلام لاستقام الكلام بدونها ولكن وجودها فيه فائدة وهو زيادة تأكيد نفي أي نفي أن يكون الله ظالماً للعباد وهكذا جميع حروف الزيادة ذكر أهل البلاغة أنها تفيد التوكيد في أي كلام كانت ولهذا نقول إنها أي الباء في مثل قوله تعالى (وَمَا رَبُّكَ بِظَلَاّمٍ لِلْعَبِيدِ) أو الكاف في قوله تعالى (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) نقول إنها زائدة كيف نقول زائدة أي بمعنى أنها لو حذفت لاستقام الكلام بدونها ولكنها مفيدة معنىً ازداد بها الكلام بلاغة وهو التوكيد وأما قوله ليس في القرآن مجاز فنعم ليس في القرآن مجاز وذلك لأن من أبرز علامات المجاز كما ذكره أهل البلاغة صحة نفيه وليس في القرآن شيء يصح نفيه وتفسير هذه الجملة أن من أبرز علامات المجاز صحة نفيه أنك لو قلت رأيت أسداً يحمل سيفاً بتاراً فكلمة أسد هنا يراد بها الرجل الشجاع ولو نفيتها عن هذا الرجل الشجاع وقلت هذا ليس بأسد لكان نفيك صحيحاً فإن هذا الرجل ليس بأسد حقاً فإذا قلنا إن في القرآن مجازاً استلزم ذلك أن في القرآن ما يجوز نفيه ورفعه ومعلوم أنه لا يجرؤ أحد على أن يقول إن في القرآن شيء يصح نفيه وبذلك علم أنه ليس في القرآن مجاز بل إن اللغة العربية الفصحى كلها ليس فيها مجاز كما حقق ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وأطنب في الكلام على هذه المسألة شيخ الإسلام في الإيمان وابن القيم في الصواعق المرسلة فمن أحب أن يراجعهما فليفعل وأما قوله تعالى (وَاسْأَلْ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا) ما الذي يفهم السامع من هذا الخطاب سيكون الجواب يفهم منه أن المسؤول أهل القرية كلها ولا يمكن لأي عاقل أن يفهم من هذا الخطاب أن نسأل القرية التي هي مجتمع القوم ومساكنهم أبداً بل بمجرد ما يقول اسأل القرية ينصب الفهم والذهن أن المراد اسأل أهل القرية وعبر بالقرية عنهم كأنهم يقولون اسأل كل من فيها وكذلك قولهم أشربوا في قلوبهم العجل فإنه لا يمكن لأي عاقل أن يفهم من هذا الخطاب أن العجل نفسه صار في القلب وإنما يفهم منه أن حب هذا العجل أشرب في القلوب حتى كأن العجل نفسه حل في قلوبهم وهذا فيه من المبالغة ما هو ظاهر أعني في مبالغة هؤلاء في حبهم للعجل والأمر هذا ظاهر جداً فكل ما يفهم من ظاهر الكلام فهو حقيقته فلتفهم هذا أيها الأخ الكريم أن كل ما يفيده ظاهر الكلام فهو حقيقته ويختلف ذلك باختلاف السياق والقرائن فكلمة القرية مثلاً استعلمت في موضع نعلم أن المراد بها أهل القرية واستعملت في موضع نعلم أن المراد بها القرية التي هي مساكن القوم ففي قوله تعالى (فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ) لاشك أن المراد بذلك أهل القرية لأن القرية نفسها وهي المساكن لا توصف بالظلم وفي قوله تعالى (إِنَّا مُهْلِكُواْ أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ) لا شك أن المراد بالقرية هنا المساكن ولذلك أضيفت لها أهل فتأمل الآن أن القرية جاءت في سياق لا يفهم السامع منها أن المراد بها أهل القرية وجاءت في سياق آخر لا يفهم السامع منها إلا المساكن مساكن القوم وكل ما يتبادر من الكلام فإنه ظاهره وحقيقته وبهذا يندفع عنا ضلال كثير حصل بتأويل بل بتحريف الكلم عن مواضعه بادعاء المجاز فما ذهب أهل البدع في نفيهم لصفات الله عز وجل جميعها أو أكثرها بل بنفيهم حتى الأسماء إلا بهذا السلّم الذي هو المجاز.

***

ص: 2

‌ح. س. س. من الظهران يقول ما المقصود بقاعدة الاستصحاب ومتى يؤخذ بها وهل يلزمني الأخذ بها أم أنا مخير

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: المقصود بقاعدة الاستصحاب البناء على الأصل لأن الأصل الثابت يجب استصحابه إلا بدليلٍ يرفعه فمثلاً لو توضأ إنسان ثم طرأ عليه شك هل أحدث أم لا فإنه لا يلتفت إلى هذا الشك استصحاباً للأصل الذي هو الوضوء ولو أحدث الإنسان ثم أراد الصلاة وشك هل توضأ بعد حدثه أو لا فإنه يجب عليه استصحاباً للأصل وهو الحدث وهذه القاعدة لها أصل في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سئل عن الرجل يجد الشيء في الصلاة فقال (لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً) فإن هذا استصحابٌ للأصل وهو بقاء الوضوء حتى يتبين زواله ولها أي لهذه القاعدة أدلةٌ كثيرة يعرفها المتأمل في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

***

ص: 2

‌تقول السائلة هل يحتج بالقاعدة التي تقول المعروف عرفا كالمشروط شرطا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم المطرد عرفا كالمشروط وبعضهم يعبر عن هذه القاعدة بقوله الشرط العرفي كالشرط اللفظي وهذه القاعدة قد أحال الله تعالى عليها في الكتاب العزيز فقال جل وعلا (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في النساء (لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) فما كان العرف فيه مطردا لا يتبادر إلى الأذهان إلا ما كان عليه الناس فهو كالمشروط لفظاً يجب الوفاء به إذا كان شرطا إذا كان يثبت حقا على أحد فإنه يجب على من هو عليه الحق أن يوفي به.

***

ص: 2

‌ما المراد بتعبير بعض العلماء بقولهم هذا معلوم بالضرورة من الدين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: تعبير العلماء بقولهم هذا معلوم بالضرورة من الدين يعني أن الدين الإسلامي جاء به ضرورة لابد أن يأتي به فمثلا وجوب الصلوات الخمس معلوم بالضرورة من الدين تحريم الخمر بعد أن حرمت كذلك فالشيء الذي لا يمكن لأحد من المسلمين جهله هو المعلوم بالضرورة من الدين.

***

ص: 2

‌ما المراد بقاعدة المشقة تجلب التيسير

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذه الكلمة فيها شيء من النظر لكن لو قيل اليسر مع المشقة لكان أولى كما قال عز وجل (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ) والمعنى أن الإنسان إذا شق عليه القيام بالواجب فإنه يعفى عنه كما في قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لعمران بن الحصين (صلِّ قائماً فإن لم تستطع فقاعداً فإن لم تستطع فعلى جنب) وقال عز وجل في الصيام (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) .

***

ص: 2

‌سيد حسن سيد يوسف من العراق محافظة قضاء زاهون ناحية العلا يقول من المجتهد وما هي شروط الاجتهاد وهل يكفي للعالم مثلا أن يدعي الاجتهاد بمجرد مطالعته للكتب واستنباط ما يحتاجه منها أم لا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: المجتهد هو من بذل جهده أي طاقته للوصول لمعرفة الحكم الشرعي بدليله فإذا كان عند الإنسان علم بمدلولات الألفاظ وعلم بأدلة الكتاب والسنة وما فيها من عموم وخصوص وإطلاق وتقييد وناسخ ومنسوخ وكان لديه أيضا اطلاع بما قاله أهل العلم ومدارك علومهم فإنه يمكنه أن يكون مجتهداً فيما يبذل جهده فيه للوصول إلى معرفة الحق والاجتهاد يمكن أن يتجزأ فيكون في باب من أبواب العلم كباب الطهارة مثلاً أو باب الصلاة أو باب الزكاة أو باب الصوم أو باب الحج ويمكن أن يكون في مسألة من مسائل العلم كمسألة في كتاب الطهارة أو في كتاب الصلاة أو في كتاب الزكاة أو في كتاب الصيام أو في كتاب الحج أو في النكاح أو غير ذلك مما يمكن للإنسان أن يبذل فيه جهداً ويطلع على الأدلة وعلى مدارك العلماء ومآخذهم حتى يصبح عنده ملكة يستطيع بها أن يرجح بين هذه الأقوال فيما توصل إليه من البحث والقول بأن باب الاجتهاد قد أغلق قول ليس على إطلاقه بل إن الاجتهاد كما قلت يمكن إن يتجزأ في باب أو في مسألة من مسائل العلم ولا يمكن أن نهجر الاستدلال بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم مع أن الكتاب والسنة باقيان والحمد لله بأيدينا إلى اليوم فلا يمكن أن نقول للناس لا تأخذوا أحكام دينكم من كتاب الله ولا من سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ولكن خذوه مما كتبه أهل العلم الذي قد يكون ما كتبوه خطأ وقد يكون صواباً والإنسان إنما يكلف بحسب ما يستطيع ولكن مع ذلك لا أرى أن كل إنسان يمكنه أن يأخذ الحكم من الكتاب والسنة بحيث إذا رأى نصاً أخذ به مع احتمال أن يكون له تقييد أو تخصيص أو نسخ في مكان آخر بل على الإنسان أن يبقى ويتمهل وينظر ويحرر ويحقق حتى يتبين له الحق.

***

ص: 2

‌المهندس أبو محمد س. م. من إيران طهران بعث برسالة يقول نقرأ في بعض الكتب أن لأحمد بن حنبل في المسألة الفلانية قولين أو ثلاثة فلا أدري هل يعني ذلك أن هذه الأقوال هي عدة آراء رآها الإمام أحمد ولم يترجح عنده أحدها أم أنها آراء قد نسخ اللاحق منها السابق أم ماذا نرجو بيان ذلك

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: بيان ذلك أن العلماء الكبار المجتهدين قد تختلف اجتهاداتهم من آنٍ إلى آخر بحسب ما يبلغهم من العلم والإنسان بشر وطاقةٌ محدودة قد يكون عنده في هذا الوقت علمٌ ثم يتبين له أن الأمر بخلافه في وقتٍ آخر إما بسبب البحث ومراجعة الكتب وإما بالمناقشة فإن الإنسان قد يركن إلى قولٍ من الأقوال ولا يظن أن هناك معارضاً له ثم بالمناقشة معه يتبين له أن الصواب في خلافه فيرجع والحاصل أن الإمام أحمد إذا روي عنده في مسألةٍ أقوال متعددة فإن معنى ذلك أنه رحمه الله يتطلع في القول الثاني على أمرٍ لم يطلع عليه في الأمر الأول فيقول به ثم هل نقول إن هذه الآراء باقية أو نقول إن آخرها نسخ أولها؟ نقول إن هذه الآراء باقية وذلك لأن هذه الآراء صادرةٌ عن اجتهاد والاجتهاد لا ينقل باجتهادٍ مثله فقد يكون الصواب في قوله الأول مثلاً فتبقى هذه الأقوال اللهم إلا إذا صرح برجوعه عن القول الأول مثل قوله رحمه الله كنت أقول بطلاق السكران حتى تبينته فتبينت أنني إذا قلت بوقوع الطلاق أتيت خصلتين حرمتها على زوجها الأول وأحللتها إلى زوجٍ آخر وإذا قلت وإذا قلت بعدم الطلاق أتيت خصلةً واحدة أحللتها للزوج الأول فهذا صريحٌ في أنه رجع عن القول الأول فيؤخذ بالقول الثاني أما إذا لم يصرح فإن القولين كلاهما ينسب إليه ولا يكون الثاني ناسخاً وربما يقال إنه إذا أيد القول الثاني بنص واستدل له فإنه يعتبر رجوعاً عن القول الأول لأن النص واجب الإتباع فإذا قيل بهذا فله وجه وحينئذٍ يكون قوله الثاني هو مذهبه والله أعلم

***

ص: 2

‌عبد الله يقول بعض الأخوة يقول بأنه لا تجوز المذهبية أي تقليد أحد المذاهب الأربعة وإنما العمل بالدليل لكن ذلك يجعلني أتساءل دائماً لقد كانت منابع هؤلاء الأئمة الكتاب والسنة والسؤال هل يجوز تقليد أي مذهب من المذاهب الأربعة دون التعصب لها مع العلم أني لست عالماً ولا طالب علم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا كان الإنسان لا يستطيع أن يستخرج الحكم بنفسه من الكتاب والسنة فما عليه إلا التقليد لقول الله تبارك وتعالى (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) ومن المعلوم أن العامي لا يمكن أن يستخلص الحكم من الأدلة لأنه عامي فما عليه إلا أن يقلد وفي هذه الحال يجب عليه أن يقلد من يرى أنه أقرب إلى الصواب لسعة علمه وقوة دينه وأمانته ولا يحل لإنسان أن يقلد على وجه التشهي بمعنى أنه إذا رأى القول السهل الميسر تبعه سواءٌ كان من فلان أو من فلان فهذا ربما يقلد عشرة أشخاص في يومٍ واحد حسبما يقتضيه مزاجه والواجب إتباع من يرى أنه أقرب إلى الصواب لعلمه وأمانته أما التزام التمذهب بمذهبٍ معين يأخذ برخصه وعزائمه على كل حال فهذا ليس بجائز وذلك لأنه فيه طاعة غير الله ورسوله على وجه الإطلاق ولا أحد تجب طاعته والعمل بقوله على وجه الإطلاق إلا الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

***

ص: 2

‌من باكستان يقول ما هو التقليد وما هو الاجتهاد وهل التقليد كان موجوداً في زمن الصحابة والتابعين فيقلد بعضهم بعضا أم لا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم الاجتهاد هو بذل الجهد في الوصول إلى حكمٍ شرعي من الأدلة الشرعية الكتاب والسنة والإجماع والقياس الصحيح هذا هو الاجتهاد ومن المعلوم أنه لا يصلح للاجتهاد إلا من كان عارفاً بطرقه وعنده علم ودراية حتى يتمكن من الوصول إلى استنباط الأحكام من أدلتها التي أشرت إليها وأما التقليد فهو الأخذ بقول مجتهد من غير معرفة دليله بل يقلده ثقةً بقوله والتقليد في الواقع حاصلٌ من عهد الصحابة رضي الله عنهم فإن الله تعالى يقول (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) ولا شك أن من الناس في عهد الصحابة رضي الله عنهم وإلى عهدنا هذا من لا يستطيع الوصول إلى الحكم بنفسه لجهله وقصوره ووظيفة هذا أن يسأل أهل العلم وسؤال أهل العلم يستلزم الأخذ بما قالوا والأخذ بما قالوا هو التقليد وعلى هذا فنقول من لا يتمكن من الوصول إلى الحق بنفسه فليتمكن من الوصول إليه بتقليد غيره من أهل العلم الذين أمر بسؤالهم إذا لم يكن عالماً ولكن إذا سألنا سائل من أقلد فالجواب أن الواجب أن تقلد من تراه أقرب إلى الحق لأن أهل العلم كالأطباء فهم أطباء القلوب وإذا كان الواحد منا إذا مرض وكان في البلد أطباء كثيرون فإنه سوف يختار من كان أحذق وأعرف بالطب والأدوية والعلاج ولا يمكن لأحد أن يذهب إلى طبيبٍ قاصر مع وجود من هو أحذق منه إلا عند الضرورة كذلك في التقليد اختر من تراه أقرب إلى الحق لكونه أعلم وأتقى لله عز وجل وفي هذه الحال تكون قد امتثلت أمر الله تعالى في قوله (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) .

***

ص: 2

‌علي إبراهيم من الرياض يقول ما هي شروط الاجتهاد ومن هو المقلد

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أما شروط الاجتهاد فإن العلماء مختلفون فيها لكن لا بد من أن يكون الإنسان لديه اطلاع على الأدلة الشرعية وعلى مواقع النزاع بين أهل العلم وأن يكون لديه ملكة يستطيع بها أن يرجح الراجح ويزيف المرجوح والاجتهاد قد يتجزأ بمعنى أنه قد يكون الإنسان مجتهداً في باب من أبواب العلم دون غيره أو في مسألة من مسائل العلم دون غيرها فقد يكون الإنسان لديه اجتهاد في كتاب الطهارة مثلاً يحرره ويحققه وينظر آراء العلماء وينظر الأدلة ويخلص من هذا إلى أن يستطيع الترجيح بين الأقوال حسب القواعد المعروفة عند أهل العلم وقد يكون مجتهداً في مسألة من مسائل الطهارة مثلاً كالوضوء ولكنه في غيره ذلك لا يستطيع الاجتهاد وأما المقلد فهو الذي ليس عنده علم وإنما يأخذ العلم من غيره تقليداً كقوله تعالى (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) وقد أجمع العلماء كما ذكره عبد البر رحمه الله على أن المقلد لا يعد من أهل العلم مهما بلغ في التقليد ومهما بلغ من الاطلاع على كتب من قلدهم لأنه في الحقيقة إن تكلم فهو ناقل عن غيره وإن رجع إلى كتب من قلدهم فهو تابع لغيره فليس من العلماء ولهذا لا يجوز للإنسان أن يستفتي شخصاً مقلداً مع أنه يمكنه أن يستفتي من لديه اجتهاد ثم المقلد إذا دعت الضرورة إلى استفتائه فإنه لا يفتي بالشيء مضيفاً له إلى نفسه بل يقول قال فلان كذا أو قال فلان كذا أو قال الحنابلة كذا أو الشافعية كذا أو ما أشبه ذلك ممن يفتي بتقليدهم أو من يفتي بناء على تقليدهم.

***

ص: 2

‌هل هناك شروط للمجتهد أو للاجتهاد

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: العلماء ذكروا للاجتهاد شروطاً أهمها أن يكون عند الإنسان علمٌ وملكة علمٌ بأدلة الشرع وملكةٌ يتمكن بها من استنباط الأحكام من أدلتها لأن من ليس عنده علمٌ من الشرع كيف يكون مجتهداً في شيء لا علم له فيه ومن عنده علم لكن ليس عنده ملكة يتمكن بها من استنباط الأحكام صار كمن بيده سيف لكن لا يعرف أن يقتل به فلا بد من أن يكون عند الإنسان علمٌ وملكة فإذا كان عند الإنسان علمٌ وملكة صار من أهل الاجتهاد ولا فرق بين أن يكون مجتهداً اجتهاداً عاماً أو اجتهاداً خاصاً فإن بعض الناس قد يكون مجتهداً في مسألةٍ معينة يعلم أدلتها ويتمكن من التطبيق على هذه الأدلة ولكنه في مسائل أخرى جاهل بمنزلة الأمي فيوجد من طلبة العلم من يكون عنده علمٌ في مسائل العبادات يمكن أن يجتهد به ولكن في المعاملات ليس عنده علم أو يكون عنده علم في المعاملات العقدية كالبيوع والإيجارة والرهن والوقف وما أشبه ذلك وليس عنده علم في مسائل المواريث والفرائض فعلى كل حال قد يتجزأ الاجتهاد فيكون الإنسان مجتهداً في مسألةٍ أو بابٍ من أبواب العلم دون المسائل الأخرى.

***

ص: 2

‌أبو ساطع الحديثي من العراق محافظة الأنبار يقول إن هناك عدة مذاهب في الإسلام منها المذهب الشافعي والمذهب الحنبلي والمذهب الحنفي والمذهب المالكي ويقال إنه في بعض مذاهب أخرى هل تلك المذاهب كانت موجودة في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم

.

فأجاب رحمه الله تعالى: ليست هذه المذاهب موجودة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وهذه المذاهب في الحقيقة ما هي إلا آراء اجتهادية من أئمتها رحمهم الله وهم مع ذلك مجمعون قاطبة على أنه متى تبين الدليل فإن الواجب إتباعه وطرح آراءهم خلافاً للمتعصبين لهم الذين يجعلون أقوال هؤلاء الأئمة بمنزلة النصوص الشرعية التي لا تجوز مخالفتها والتي يعتبرون مخالفتها منكراً وهذا حرام عليهم ولا يجوز لهم فكل من تبين له الدليل واستبانت له السنة فإنه يحرم عليه أن يقدم عليها قول أحد كائناً من كان حتى ولو كان أبا بكر وعمر وعثمان وعلياً رضي الله عنهم أجمعين فإن الواجب بإجماع أهل العلم على من استبانت له السنة أن يتبعها على أي مذهب كان وبهذا نعرف أنه ينبغي لأهل العلم أن يكون أكبر همهم الدأب على البحث في مصادر السنة بل في مصادر الشريعة وهما الكتاب والسنة علماً وفهماً وتفهيماً وعملاً حتى يرجع الناس إلى ما كان عليه السلف الصالح من الرجوع إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وحتى يحصل الاتفاق والائتلاف بينهم لأنه لا يمكن أن يحصل تمام الاتفاق والائتلاف مع وجود التنازع في الآراء والاختلاف حتى ولو كانت فقهية من الأمور التي يسمونها فرعية فإنه لابد أن يحصل تباين وتباعد بين المسلمين إذا تعصب كل منهم لما كان عليه إمامه مع أن الأئمة رحمهم الله وجزاهم خيراً والمحققون من أتباعهم والعلماء كلهم يرون أنه لا يجوز لأحد تستبين له السنة أن يخالفها لأقوالهم.

فضيلة الشيخ: أيضاً يقول في أي زمن ظهرت هذه ولماذا ظهرت؟

فأجاب رحمه الله تعالى: ظهرت هذه بعد انقراض العصر الأول من الصحابة رضي الله عنهم في القرن الثاني من قرون هذه الأمة أما ولماذا ظهرت فهذا السؤال لا يمكن الإجابة عليه لأن ظهورها لم تظهر لأجل أن تتبع ولكن الذين قالوا بها من الأئمة هذا هو اجتهادهم لكن صار لهم أتباع وطلاب أخذوا عنهم ثم نشروا هذه المذاهب وما زالت تتسع باتساع الأمة الإسلامية حتى كثر أتباعها غالب المسلمين انحصروا في هذه المذاهب الأربعة مع أن هناك مذاهب أخرى لها ما لهذه المذاهب وعليها ما على هذه المذاهب من التصويب والتخطئة لأن كل أحد يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

***

ص: 2

‌هل من الواجب على المسلم أن يعتنق مذهباً معيناً من هذه المذاهب

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الصحيح أنه لا يلزم أحداً من المسلمين أن يعتنق مذهباً من هذه المذاهب وإنما يجب عليه أن يعتنق ما دل عليه كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ولكنه إذا كان ليس أهلاً لذلك أي ليس أهلاً لأخذ الأحكام من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فإن عليه أن يسأل أهل العلم سواء كانوا منتمين إلى هذه المذاهب أم غير منتمين أن يسألهم ليعمل بما يقولون لقول الله تعالى (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) فهذا الواجب عليه إذا كان لا يستطيع أن يصل إلى معرفة الحق بنفسه من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فإن الواجب عليه أن يسأل من يثق به من أهل العلم.

***

ص: 2

‌ما حكم تقليد مذهب من المذاهب الأربعة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: ينقسم الناس إلى أقسام بالنسبة لالتزام المذاهب فمن الناس من ينتسب إلى مذهبٍ معين لظنه أنه أقرب المذاهب إلى الصواب لكنه إذا تبين له الحق اتبعه وترك ما هو مقلدٌ له وهذا لا حرج فيه وقد فعله علماء كبار كشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بالنسبة لمذهب الإمام أحمد بن حنبل فإنه أعني ابن تيمية كان من أصحاب الإمام أحمد ويعد من الحنابلة ومع ذلك فإنه حسب ما اطلعنا عليه في كتبه وفتاويه إذا تبين له الدليل اتبعه ولا يبالي أن يخرج على ما كان عليه أصحاب المذهب وأمثاله كثير فهذا لا بأس به لأن الانتماء إلى المذهب ودراسة قواعده وأصوله يعين الإنسان على فهم الكتاب والسنة وعلى أن تكون أفكاره مرتبة.

ومن الناس من هو متعصب لمذهبٍ معين يأخذ برخصه وعزائمه دون أن ينظر في الدليل بل دليله كتب أصحابه وإذا تبين الدليل على خلاف ما في كتب أصحابه ذهب يؤوله تأويلاً مرجوحاً من أجل أن يوافق مذهب أصحابه وهذا مذموم وفيه شبه من الذين قال الله فيهم (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً) وهم وإن لم يكونوا بهذه المنزلة لكن فيهم شبهٌ منهم وهم على خطرٍ عظيم لأنهم يوم القيامة سوف يقال لهم ماذا أجبتم المرسلين لا يقال ماذا أجبتم الكتاب الفلاني أو الكتاب الفلاني أو الإمام الفلاني.

القسم الثالث من ليس عنده علم وهو عاميٌ محض فيتبع مذهباً معيناً لأنه لا يستطيع أن يعرف الحق بنفسه وليس من أهل الاجتهاد أصلاً فهذا داخلٌ في قول الله سبحانه وتعالى (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) ويتفرع على هذا السؤال سؤال آخر وهو إذا سأل العامي شيخاً من العلماء فأفتاه وسمع شيخاً آخر يقول خلاف ما أفتي به ممن يأخذ بقوله؟ يتحير العامي أيأخذ بقول هذا أو هذا وهو ليس عنده قدرة على أن يرجح أحد القولين بالدليل فيقال في جواب هذا السؤال لا يكلف الله نفساً إلا وسعها انظر ما يميل إليه قلبك من الأقوال واتبعه فإذا مال قلبك إلى قول فلان لكونه أعلم وأورع فاتبعه وإذا تساوى عندك الرجلان فقيل يؤخذ بأشدهما وأغلظهما احتياطاً وقيل يؤخذ بأيسرهما وأسهلهما لأنه الأقرب إلى قاعدة الشريعة والأصل براءة الذمة وقيل يخير والأقرب أنه يأخذ بالأيسر لقول الله تعالى (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ) والأدلة متكافئة أو لأن المفتيين كلاهما في نظر السائل على حدٍ سواء.

***

ص: 2

‌هل العوام غير العالمين بالمذاهب ملزمون باتباع مذهب معين من المذاهب الأربعة وما هو المذهب الذي تحبذون اتباعه وجزاكم الله عنا خير الجزاء

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الصحيح أنه لا يلزم أحداً أن يتبع مذهباً دون مذهب إلا مذهباً واحداً وهو مذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهؤلاء الأئمة الأربعة كلهم يريدون أن يتمسكوا بمذهب الرسول عليه الصلاة والسلام ولكنهم بشر يخطئون ويصيبون ولا نرى أن واحد منهم يجب إتباع قوله إتباعاً مطلقاً بل نقول من تبين أن الصواب في قوله وجب اتباعه من أجل أنه صواب لا من أجل أنه قول فلان أو فلان هذا ما نراه في هذه المسألة.

***

ص: 2

‌ما حكم الإفتاء إذا علمت فتوى السؤال من شيخ من كبار العلماء

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الإفتاء بقول بعض العلماء الذين تثق بهم، لا بأس به ولكن لتكون صيغة الإفتاء بقولك قال فلان كذا وكذا، إذا كنت متيقناً من قوله ومن أن هذه الصورة التي سئلت عنها هي التي يقصدها هذا العالم، وأما أن تفتي به جزماً فهذا لا ينبغي لأنك إذا أفتيت به جزماً نسبت الفتوى إليك، وأما إذا نقلتها عن غيرك فأنت ناقل وتسلم من أن ينسب إليك ما لست أهلاً له فالإنسان المقلد ينبغي له أن ينسب القول إلى من قلده لا إلى نفسه بخلاف الذي يستدل على حكم المسألة من الكتاب والسنة وهو من أهل الاستدلال فلا بأس أن يفتي ناسباً الشيء إلى نفسه.

***

ص: 2

‌حامد إبراهيم بالرياض يقول إذا أفتى الإنسان فتوى لأحدٍ من الناس ثم ذهب هذا المفتي وبعد حين من الزمن راجع هذا المفتي أقوال أهل العلم فوجد فتواه خطأ فماذا يعمل وهل عليه اثم نرجو الافادة بهذا

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا كانت الفتوى الأولى عن اجتهاد وكان هو جديراً بأن يجتهد ثم بعد البحث والمناقشة تبين له خطأ اجتهاده الأول فإنه لا شيء عليه وقد كان الإئمة الكبار يفعلون مثل هذا فتجد عن الواحد منهم في المسألة الواحدة عدة أقوال أما إذا كانت فتواه الأولى عن غير علم وعن غير اجتهاد ولكنه يظن ظناً وبعض الظن اثم فإنه يحرم عليه أصلاً أن يفتي بمجرد الظن أو الخرص لأنه إذا فعل ذلك فقد قال على الله بلا علم والقول على الله بلا علم من أكبر الذنوب لقوله تعالى (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) وعليه أن يبحث عن الذي استفتاه حتى يخبره بأن فتواه خطأ وغلط فإذا فعل هذا فأرجو أن يتوب الله عليه ومسألة الفتيا بغير علم مسألة خطيرة لأنه لا يضل بها المستفتي وحده بل ربما ينشرها المستفتى بين الناس ويضل بها فئام من الناس وهي خطأ وظلم.

***

ص: 2

‌ما هي الشروط التي يجب أن تتوفر في المفتي

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الشروط في المفتي هي أن يكون مطلعاً على غالب أقوال أهل العلم ومطلعاً على الأدلة الشرعية في هذا الحكم الذي أفتى به وأما مجرد الظن والتقليد فإنه لا يفتى به لكن التقليد إذا كان ليس هناك مجتهد وليس بإمكان الإنسان أن يجتهد وهو من طلبة العلم الذين يعرفون ما كتبه العلماء فلا حرج عليه أن يفتي به للضرورة.

***

ص: 2

‌كنت أجلس في أحد المجالس وسمعت أختين لا أعرفهما تسأل إحداهما الأخرى عن حكم شرعي فأجابتها بأنها لا تعلم عن الحكم وكانت هذه المرأة قد سمعت حكم هذا الأمر من أحد العلماء في برنامج نور على الدرب فهل تقول أخبرها رغم أنها لم توجه لها السؤال

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: خلاصة هذا السؤال أن امرأة سألت أخرى عن حكم مسألة شرعية فقالت لا أدري وكان إلى جانبهما امرأة تعرف الحكم الشرعي فهل تخبر هذه السائلة مع أنها لم تسألها فالجواب نعم تخبرها لأنها محتاجة كما لو أن المرأة سألت أخرى درهما لتشتري به خبزا لها فقالت ليس معي شيء والأخرى معها الدرهم فتعطيها بل هذا أبلغ لأنه علم شرعي فتقول مثلا المرأة الثالثة إني سمعت في نور على الدرب أن هذه المسألة حكمها كذا وكذا وحينئذ تنتفع السائلة والمسئولة.

***

ص: 2

‌صالح سلمان من السودان يقول لقد شاع في هذا الزمان التسرع بالفتوى من غير علم ولا بصيرة فما حكم الشرع في نظركم في مثل هذا الموضوع

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: حكم الشرع فيما نرى ويراه غيرنا من أهل العلم أنه لا يجوز التسرع في الفتوى بغير علم بل إن الفتوى بغير علم من أعظم الذنوب قرنها الله تعالى بالشرك في قوله تعالى (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) فالمفتي معبر عن الله عز وجل ومعبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم معبر عن الله لأنه يتكلم عن أحكام الله في عباد الله ومعبر عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأن العلماء ورثة الأنبياء فإذا كان الأمر كذلك فيا ويله إن افترى على الله كذبا وعلى رسوله فليتحرز الإنسان من التسرع في الفتوى وليقتدي بالسلف الصالح حيث كانوا يتدافعونها كل منهم يدفعها إلى الأخر ليسلم من مسئوليتها وليعلم أن الإمامة في الدين لا تكون بمثل هذا بل إن الناس إذا رأوا المتسرع في الفتوى وعرفوا كثرة خطئه فإنهم سوف ينصرفون عنه ولا يثقون بفتواه وأما إذا كان رصينا متأنياً لا يفتى إلا عن علم أو عن غلبة ظن فيما يكفى فيه غلبة ظن فإنه حين إذن يكون وقورا محترما بين الناس ويكون لكلامه اعتبار وقبول

***

ص: 2

‌المستمع من جمهورية مصر العربية رمز لاسمه بـ م ل م يقول هناك ممن ينتسبون إلى العلم يفتي بدون دليل فإن طولب بالدليل غضب وثار وقال هل أفني عمري في البحث عن الأدلة ومن العجب أنه علم تلاميذه ومريديه عبارة غريبة فحواها بأن العالم لا يسأل عن الدليل ما الحكم في مقولة هذا الذي ينتسب إلى العلم وما الحكم أيضاً في فتواه وأيضاً غضبه من طلب الدليل وما الحكم في مقولة تلاميذه ومريديه من أن العالم لا يسأل عن الدليل ثم ما الحكم في استفتاء من حاله كهذا أفيدونا في هذا الأمر الخطير جزاكم الله عنا خير الجزاء على أن تكون الإجابة مشفوعة بالأدلة

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الحقيقة أن ما ذكره السائل قد يوجد من بعض الناس ولاسيما من كان أكبر همه أن يكون ذا جاه بين العامة فإن من الناس من يفتي سواء كانت فتواه مستندة إلى دليل أم كانت فتواه مجرد تقليد لمن يعظمه من العلماء السابقين أو اللاحقين وقد ذكر ابن عبد البر رحمه الله إجماع العلماء على أن المقلد لا يعد من العلماء لأن المقلد ليس إلا نسخة كتاب من مذهب من يقلده وليس من العلماء في شيء ولهذا أرى أن التقليد لا يجوز إلا عند الضرورة وقد شبه شيخ الإسلام بن تيميّة رحمه الله التقليد بأكل الميتة يجوز عند الضرورة وأما مع القدرة على الدليل فإن التقليد لا يجوز وهذا مفهوم من قوله تعالى (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) أما حال هذا الرجل الذي إذا طلب منه الدليل غضب وقال كيف أفني عمري في طلب الدليل فإن هذا يدل على جهله وعلى جهالته أيضاً لأن الإنسان العالم ينبغي له أن يفرح إذا طلب منه السائل الدليل لأن طلب السائل للدليل إذا لم يكن المقصود به الإعنات والإشقاق يدل على محبة هذا السائل لكونه يبني عقيدته أو قوله أو عمله على أساس من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ليعبد الله على بصيرة فإن الحقيقة أن العلم معرفة الهدى بدليل والإنسان سوف يسأل يوم القيامة ماذا أجاب المرسلين كما قال الله تعالى (وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ) وليس يقال له ماذا أجبت فلاناً أو فلاناً من الناس سوى الرسل عليهم الصلاة والسلام ونصيحتي لهذا العالم أن يتق الله تعالى في نفسه وأن لا يفتي إلا بدليل من الكتاب والسنة اللهم إلا عند الضرورة وأن يحرص تلاميذه على طلب الدليل من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ويمرنهم عليه وعلى استنباط الأحكام من أدلتها حتى ينفع الله به ونحن جربنا بأنفسنا فأحياناً تمر بنا المسألة نطلبها فيما عندنا من كتب أهل العلم فلا نجد لها حكماً ثم إذا رجعنا إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وجدناها قريبة يتناولها اللفظ بعمومه أو بمفهومه أو بإشارته أو بلازمه أو غير ذلك من أنواع الدلالة المعروفة إما في القرآن وإما في السنة وهذا يدل على قصور بني آدم وأنه مهما بلغوا من الذكاء وتفنيد الأحكام على دلائلها فإنهم لم يحيطوا بما تتطلبه أحوال الخلق وما يجب عليهم لكن كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم هما اللذان يحتويان ذلك كله ولكن هذا أيضاً يعتمد على قوة الفهم لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وقوة الفهم تكون هبة من الله عز وجل على العبد إما تفضلاً منه وإما بهداية الله له بممارسة الكتاب والسنة والتأمل فيهما والنظر في دلالاتهما ولهذا فإني أحث إخواني ولاسيما طلبة العلم أن يكون مرجعهم دائماً إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأن يستعينوا على فهمهما واستنباط الأحكام منهما بما كتبه أهل العلم الراسخون فيه من القواعد والضوابط التي تعين طالب العلم على استنباط الأحكام من أدلتها فإنه في الحقيقة لا غنى لطالب العلم عما كتبه السلف في كيفية استخراج الأحكام من أدلتها وأما قول هذا الشيخ أن العالم لا يطلب منه الدليل فهذا خطأ بل العالم حقاً هو الذي يعرض الدليل أولاً بقدر ما يستطيع وبحسب فهم السائل فإن لم يفعل وطلب منه الدليل فليكن منشرح الصدر في سؤال أو في طلب الدليل وليأتي بالدليل وكما أسلفت آنفاً أن تمرين الطلبة على استخراج الأحكام من أدلتها من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم هو بالحقيقة من أكبر الوسائل التي تعين على انتشار الأحكام واستخراج أحكام المسائل الجديدة التي لم تكن معروفة في سلفنا الصالح.

***

ص: 2

‌فضيلة الشيخ محمد حقيقة في حلقة سابقة استمعنا إلى سؤال عن أحد الأشخاص الذي أدى العمرة وقد أفتاه مجموعة من الإخوان ما بين فدية وقال آخر تحرم من التنعيم تسرع بعض الناس في الفتوى فضيلة الشيخ هل لكم تعليق عليه

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم لنا تعليق على هذا وهو أنه يحرم على الإنسان أن يسارع في الفتية بغير علم لقول الله تبارك وتعالى (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) ولقول الله تبارك وتعالى (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) ولقول الله تعالى (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً) وربما يدخل هذا في قول النبي صلى الله عليه وسلم (من قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار) وفي الأثر (أجرؤكم على الفتية أجرؤكم على النار) وكان السلف رحمهم الله يتدافعون الفتيا كل منهم يحيلها على الآخر ولكن الذي يظهر لي أن هذا السائل لم يفته أحد من العلماء لكنه فتوى مجالس من العامة أي قال كل واحد منهم أظن أن عليك كذا أن عليك كذا ومع ذلك فإننا لا نعذره لأن الواجب عليه أن يسأل أهل العلم الذين هم أهل للإفتاء لكنني أحذر صغار الطلبة الذين يتسرعون في الإفتاء فتجد الواحد منهم يعرف دليلا في مسألة وقد يكون هذا الدليل عاما مخصوصا أو مطلقا مقيدا أو منسوخا غير محكم فيتسرع في الفتيا على ضوئه دون أن يراجع بقية الأدلة وهذا غلط محض يحصل فيه إضلال المسلمين عن دينهم ويحصل فيه البلبلة والإشكال حتى فيما يقوله العلماء الذين يفتون عن علم لأن هذا الإفتاء الذين حصل لهم بغير علم والذي فيه مخالفة الحق ربما يضعه الشيطان في قلوبهم موضع القبول فيحصل بذلك عندهم التباس وشك لهذا نقول لإخواننا إياكم والتسرع في الفتيا واحمدوا ربكم أنه لا يلزمكم أن تقولوا بشيء إلا عن علم أو عن بحث تصلون فيه على الأقل إلى غلبة في الظن وكم من مفسدة حصلت في الإفتاء بغير علم ربما يحصل بذلك إفطار في صوم أو قضاء صوم غير واجب أو ربما تصل إلى حد أكبر كما يرد علينا أمور كثيرة في هذا الباب والله المستعان.

***

ص: 2

‌أحسن الله إليكم من الأردن هذا شاب يقول أنا شاب في العشرين من عمري ترك والدي رحمه الله مبلغا من المال فاشترى أخي الكبير بالمال أراضي وقام بتسجيل الأراضي التي قمنا بشرائها باسم الأخوة الذكور فقط وأضاف مبلغ عليه وأنا الآن أريد هذه الحصة نقدا ولا أريد هذه الأرض أفتونا يا فضيلة الشيخ في ذلك مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نفتيه بأن نرده إلى الحاكم الشرعي هناك لأن مسائل الخصومة أو ما يقدر أن يكون فيها خصومة لا يجيب عنها المفتي وإذا أجاب عنها المفتي فقد يكون عند خصمه ما لم يذكره للمفتي هذه من جهة وقد يكون رأي المفتي غير رأي الحاكم في المسائل الخلافية لذلك ننصح إخواننا المفتين إذا عرضت عليهم أي مشكلة بين اثنين ألا يفتوا فيها لأن هذا ما فيه ألا جر النزاع وربما ترفع القضية للحاكم ويحكم الحاكم بغير ما أفتى به هذا المفتي فيتحدث الناس قال المفتي كذا وقال الحاكم كذا مع إنه قد يدلى عند الحاكم بحجة لم تذكر عند المفتي فنصيحتي لإخواني المفتيين سواء في السعودية أو غيرها ألا يفتوا بما فيه نزاع نعم لو فرض أن المستفتي سأل عن مسألة يكون الحق فيها عليه هو فهنا قد نقول إن للمفتي رخصة أن يفتي بها لأجل أن يقطع النزاع بين المستفتي وبين خصمه ويختصر الطريق أما إذا كانت المسألة محتملة أن تكون لهذا أو لهذا أو هي له على خصمه فهنا نقول لا تفتي وحوّلها إلى الحاكم وذمتك بريئة.

***

ص: 2

‌أحسن الله إليكم وبارك فيكم هذا السائل من الرياض أ. أ. يقول لدينا أحد الزملاء يفتي الزملاء في العمل في كل صغيرة وكبيرة ونعلم خطورة الفتوى بغير علم فحدثونا عن خطر ذلك مأجورين

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: المفتي في الأمور الشرعية معبر عن دين الله فلا يحل لأحد أن يفتي بغير علم فإن ذلك من كبائر الذنوب قال الله تبارك وتعالى (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) وقال الله تعالى (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً) وقال تعالى (وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمْ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ (116) مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) ومن أفتى بغير علم فقد وضع نفسه شريكاً مع الله عز وجل في تشريع الأحكام فنصيحتي لهذا الذي نصب نفسه مفتياً في كل صغيرة وكبيرة أن يتوب إلى الله عز وجل وأن لا يفتي إلا بما علم أنه من شرع الله عز وجل أو غلب على ظنه أنه من شرع الله بعد الاجتهاد التام وقد اتخذ بعض الناس الفتوى حرفة يترفع بها على من أفتاه ويري الناس أنه ذو علم وهذا خطأ وسفه في العقل وضلالٌ في الدين وقد قال الله تعالى في كتابه (يَرْفَعْ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ) ولم يقل الذين يفتون، فعلى المرء أن يعرف قدر نفسه وأن يكل الأمر إلى أهله وأن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ويذكر الوعيد فيمن قال على الله ما لا يعلم.

***

ص: 2

‌بارك الله فيكم هذا السائل أحمد حسين يقول إذا سئل المسلم عن شيءٍ يعرفه في أمور الدين وهو ليس متفقهاً في أمور الدين فهل يجب عليه أن يخبره بهذا الشيء وإذا كان المسئول يعمل هذا العمل فهل يحرم عليه أن يخبر غيره بهذا الشيء أم أنه يظل صامتاً

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا سئل المسلم عن شيءٍ يعرفه من أمور الدين فإن عليه أن يجيب لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (بلغوا عني ولو آية) ولكن إذا قال له السائل مثلاً من أين علمت أن هذا حكمه كذا وكذا فليسنده إلى من سمعه منه من العلماء حتى يكون السائل مطمئناً أما إذا كان لا يعلم فإنه لا يجوز له أن يخبره ولا عبرة لما يشتهر بين العامة فإن العامة قد يشتهر عندهم أن هذا الشيء جائز وهو ليس بجائز وقد يشتهر عندهم أن هذا ليس بجائز وهو جائز لكن إذا كان يعلم الحكم عن عالم من العلماء الموثوق بعلمهم فعليه أن يخبر به وإلا فإنه يجب عليه أن يتوقف لقول الله تبارك وتعالى (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) ولقوله تعالى (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً) .

***

ص: 2

‌سمعت من بعض الناس أن علماء آخر الزمان يتوسعون في الدين أي يبيحون كُلّ شيء بحيث إنهم يقولون إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تأخذوا من علماء آخر الزمان فهم يضلونكم هل هذا حديث صحيح

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إن هذا الحديث الذي ذكرت لا أصل له وليس بصحيح وعلماء الضلال موجودون في أول هذه الأمة من بعد عصر القرون المفضلة إلى اليوم وإلى ما بعد اليوم والله أعلم وليس هذا خاصاً بآخر الزمان فقد ورد في صدر هذه الأمة بعد القرون المفضلة ورد علماء مضلون صاروا أئمة لمن بعدهم في الضلال والدعوة إلى الضلال والعياذ بالله وليس هذا خاصاً بآخر هذه الأمة وأما ما نسمعه من بعض كبار السن من إنكارهم ما يسمعون من العلم فإن هذا من جهلهم في الحقيقة وليس غريباً أن يقع منهم مثل هذا الإنكار لأنهم جهلة ولو كان عندهم علم لكانوا يطلبون لما سمعوه من هذه العلوم يطلبون الدليل فإذا وجدوا الدليل علموا أن ما قيل ليس بجديد ولكن الذي جَّد هو سماع هؤلاء له ولا يلزم من تجدد سماع هؤلاء لما سمعوه من العلم أن يكون العلم جديداً فالواجب على المسلم إذا سمع شيئاً ليس في معلومه من شريعة الله سبحانه وتعالى الواجب عليه أن يبحث عن دليل هذا الذي سمع فإذا كان دليلاً صحيحاً وجب عليه القبول وإن لم يكن صحيحاً فله الحق في أن يرفض بل يجب عليه أن يرفض إذا كان يخالف دليلاً آخر أصح منه.

فضيلة الشيخ: إذن نستطيع أن نقول أن انتشار العلم وكثرة العلماء والبحث هو الذي أدَّى إلى هذه المعرفة التي كانت خافية عليهم؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم هو هذا لكن في الحقيقة الذي يخشى منه الآن هو أن بعض الناس يتسرعون في الفتوى ولا يحققون ما يقولون وهذه هي المسألة الخطيرة جداً لأننا نسمع هذا كثيراً ونقرأه كثيراً وينقل إلينا كثيراً مسائل أفُتي فيها نعلم أن المفتي لو أنه بحث وفتش لوجد أن الصواب في خلاف ما أفتى به ولكنه لم يشأ أن يتكلف المشقة في طلب الحق فتجده يفتي بما يراه يقول أرى كذا وأرى كذا والعامة لا يميزون بين قوله أرى كذا وبين قوله هذا حكم الله فهم يرون أن من يعتقدونه عالماً أنه إذا قال أرى كذا فمعناه أن هذا هو الشرع مع أن الأمر بخلافه والذي أنصح به إخواني ألا يتسرعوا فإن التسرع إلى الفتوى بدون بحث وتحقيق وعلم هو في الحقيقة مرض خطير ويجب على المرء أن يعلم بأنه إذا أفتى بحكم من أحكام الشريعة فإنما هو مبلغ عن شريعة الله سبحانه وتعالى لخلقه وهو مسؤول عن ذلك فليحذر هذا الأمر العظيم.

فضيلة الشيخ: إذن هناك سؤال لابد من طرحه مادمتم تفضلتم بهذا الحديث وهو هل يجوز للمفتى أن يقول أرى وهو يجد نصاً أو يجد فتوى سابقة؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا كان النص صريحاً فإنه لا يقول أرى إذا كان النص صريحاً يقول هذا حكم الله لقوله تعالى أو لقول النبي صلى الله عليه وسلم وإذا كان النص غير صريح فلا حرج أن يقول أرى لأن الحديث ليس بصريح فيما يقول وقد يكون رأيه أو فهمه للحديث ليس بصحيح فحينئذٍ يقول هذا رأيي وأما الرأي المجرد الذي ليس له مستند فهذا لا يجوز الفتوى به مطلقاً لأنه لو قيل كذلك لكان من الذين يقولون في القرآن برأيهم لأن من قال في القرآن برأيه كما أنه لتفسير القرآن فهو أيضاً لبيان أحكام القرآن والشريعة فمجرد الرأي لا يجوز الفتوى به حتى يكون له مستند من نص أو إجماع أو قياس صحيح يكون به الرائي من أهل النظر والقياس والمعرفة.

فضيلة الشيخ: بالنسبة للفتوى إذا كان هناك فتوى سابقة؟

فأجاب رحمه الله تعالى: كذلك بالنسبة للفتوى السابقة لا يجب عليه أن يلتزم بها لأن الفتوى السابقة يجوز عليها الخطأ كما يجوز على الفتوى اللاحقة وإنما يعتمد فيما يفتي إذا استطاع على الكتاب والسنة.

***

ص: 2

‌هل من توجيه لأولئك الذين يفتون دون علم

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم هناك توجيه واجب أن نوجه إخواننا الذين يتسرعون في الفتوى ونقول لهم إن الأمر خطير لأن المفتي يعبر عن شريعة الله فهل هو على استعداد إذا لاقى الله عز وجل وسأله عما أفتى به عباده من أين لك الدليل أمّا المفتي بلا علم ليس عنده دليل حتى لو أصاب فقد أخطأ لقول الله تبارك وتعالى (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) والقول على الله بلا علم يشمل القول عليه في ذاته أو أسمائه أو صفاته أو أحكامه وقال الله تعالى (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً) وقال تعالى (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ) وفي الحديث (أجرأكم على الفتيا أجرؤكم على النار) وكان السلف رحمهم الله يتدافعون الفتيا حتى تصل إلى من يتعين عليه الإجابة وإني أقول لهؤلاء الذين يريدون أن يسبقوا إلى السؤدد والإمامة أقول لهم اصبروا فإن كان الله قد أراد بكم خيرا ورفعة حصلتم ذلك بالعلم وإن كانت الأخرى فإن جرأتكم على الفتيا بلا علم لا تزيدكم إلا ذلا بين العباد وخزيا يوم الميعاد وإني لأعجب من بعض الإخوة الذين أوتوا نصيبا قليلا من العلم أن يتصدروا للإفتاء وكأن الواحد منهم إمام من أئمة السلف حتى قيل لي عن بعضهم حين أفتى بمسألة شاذة ضعيفة إن الإمام أحمد بن حنبل يقول سوى ذلك فقال هذا المفتي لمن أورد عليه هذا الإيراد ومن أحمد بن حنبل أليس رجلا إنه رجل وإنا نحن رجال ولم يعلم الفرق بين رجولته التي ادعاها ورجولة الإمام احمد إمام أهل السنة رحمه الله وأنا لست أقول إن الإمام أحمد قوله حجة لكن لا شك أن قوله أقرب إلى الصواب من قول هذا المفتي الذي سلك بنيات الطريق والله أعلم بالنيات.

***

ص: 2

‌هل من نصيحة إلى من يتصدر للفتيا من دون علم وقد يوقع غيره في الخطأ

؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نصيحتنا لهذا وأمثاله الذين يفتون بغير علم أن يتقوا الله عز وجل وأن يعلموا بأنهم إذا أفتوا إنما يتكلمون عن الله سبحانه وتعالى ويقولون على الله وقد حرم الله على عباده أن يقولوا عليه ما لا يعلمون وقرن ذلك بالشرك به فقال سبحانه (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) فليحذر المؤمن من أن يكون واقعاً فيما حرمه الله عليه ولا يفتي إلا بعلم إن كان من أهل العلم فبما أعطاه الله من العلم وإن كان من العامة فبما سمعه وتيقنه من أهل العلم ومع هذا فإنه ينبغي للعامي أن يتحرز غاية التحرز إذا استفتى أحداً من أهل العلم فإن بعض العامة يستفتون فيصورون الشيء بغير حقيقته فيفتون على ضوء ما سمعه المفتي ويحصل بذلك الخطأ العظيم وبعض العامة يصور الشيء على حقيقته ولكنه لا يفهم الجواب على حقيقته فيقع أيضاً في خطر عظيم فيضل ويضل الناس.

***

ص: 2