المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المواعدة على الصرف - فتاوى يسألونك - جـ ٥

[حسام الدين عفانة]

فهرس الكتاب

- ‌[الجزء الخامس]

- ‌الطهارة

- ‌المسح على الجوربين ثابت شرعاً

- ‌حكم عدم انتظام الحيض

- ‌الصلاة

- ‌مسألة الفتح على الإمام في الصلاة

- ‌قضاء صلاة الصبح

- ‌الأوقات المنهي عن الصلاة فيها

- ‌ما الذي يقطع الصلاة

- ‌صفة سجود التلاوة

- ‌صلاة الجمعة

- ‌حكم ترك صلاة الجمعة

- ‌حكم قراءة خطبة الجمعة من ورقة مكتوبة

- ‌رفع اليدين عند الدعاء في خطبة الجمعة

- ‌الخطبة على المنبر

- ‌حكم صلاة الظهر بعد الجمعة

- ‌اجتماع الجمعة والعيد في يوم واحد

- ‌صلاة الكسوف

- ‌كسوف الشمس آية من آيات الله سبحانه وتعالى

- ‌الزكاة

- ‌زكاة المحاجر

- ‌قضاء الديون من الزكاة

- ‌إعطاء من يريد الزواج من أموال الزكاة

- ‌إعطاء طلبة العلم من الزكاة

- ‌الصيام

- ‌الاختلاف في بداية الصيام

- ‌المشقة المبيحة للفطر

- ‌فتح المطاعم في نهار رمضان

- ‌صيام يوم عاشوراء

- ‌الحج

- ‌إبراء الذمة من الحقوق قبل الحج

- ‌هل الردة مبطلة للحج

- ‌الأضحية

- ‌الأضحية عن الأسرة الواحدة

- ‌أفضل أنواع الأضحية

- ‌ الأيمان

- ‌ كثرة حلف الأيمان

- ‌إذا حلف يميناً ثم ندم عليه

- ‌من أحكام كفارة اليمين

- ‌المعاملات

- ‌دفاع عن فقيه العصر الشيخ العلامة يوسف القرضاوي

- ‌الفرق بين البنوك الإسلامية والبنوك الربوية

- ‌الاقتراض بالربا للضرورة

- ‌كل قرض جرَّ نفعاً فهو ربا

- ‌تحديد مقدار الربح مسبقاً في المصارف الإسلامية

- ‌رسوم خدمات القروض

- ‌الوفاء بالوعد

- ‌المواعدة على الصرف

- ‌حكم بيع الحلي الذهبية القديمة بجديدة

- ‌استلام الشيك الحالّ بمثابة قبض النقود

- ‌توثيق المعاملات بالكتابة

- ‌المماطلة في سداد الدين

- ‌تبديل السيارة القديمة بسيارة جديدة

- ‌بيع الكلاب

- ‌ضوابط الكسب

- ‌إيثار المؤسس والمساهم في الشركات المساهمة

- ‌خُلو الرِجل

- ‌عزل المحكمين

- ‌الأسرة والمجتمع

- ‌عرض المرء ابنته على شخص ليتزوجها

- ‌معاملة الزوجة بالحسنى

- ‌منع الزوجة من الذهاب إلى المسجد

- ‌المعاشرة الزوجية قبل الزفاف

- ‌إصلاح غشاء البكارة

- ‌الزواج المبكر

- ‌الحجاب الشرعي

- ‌دية المرأة نصف دية الرجل

- ‌القتل على خلفية شرف العائلة

- ‌المنكرات في الأعراس

- ‌الحداد على الأخ الميت

- ‌الاحتفاظ بالبييضات الملقحة في عمليات أطفال الأنابيب

- ‌التخارج في الميراث

- ‌متفرقات

- ‌شروط الفتوى في دين الإسلام

- ‌مسألة اجتهاد النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌حديث طلب العلم فريضة

- ‌حديث يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله

- ‌قصة الظبية التي تكلمت مع النبي صلى الله عليه وسلم مكذوبة

- ‌حديث ضعيف

- ‌استعمال الأشهر الميلادية

- ‌الكلام باللغات الأجنبية

- ‌لا يسمى المسجد الأقصى حرماً

- ‌ماذا أصنع بالمصحف القديم

- ‌حكم إقامة نصب للشهداء

- ‌لا يجوز المزاح في الأمور الشرعية

- ‌حكم التسليم بالإشارة

- ‌قبول هدية غير المسلم

- ‌تعزية غير المسلم

- ‌دخول النجاسة في المصنوعات

- ‌حديثان مكذوبان

- ‌قول عبارة "عليه السلام " عند ذكر علي بن أبي طالب رضي الله عنه

- ‌محدث العصر العلامة محمد ناصر الدين الألباني

الفصل: ‌المواعدة على الصرف

فهذا تصنيف لطيف سميته التماس السعد في الوفاء بالوعد، جمعت فيه ما تيسر لي الوقوف عليه من الأحاديث والآثار ومناسبات الأشعار وافتتحته بآية في المعنى مع طرف من تفسيرها الأسنى ليتوافق دليل السنة والكتاب ويظهر قوة من جنح في ذلك للوجوب من الأصحاب] التماس السعد في الوفاء بالوعد ص 30.

ومن لطيف ما ذكره الحافظ السخاوي: [أن مطرفاً بن عبد الله الشخير وكان من فضلاء السلف سمع رجلاً يقول: أستغفر الله وأتوب إليه. فأخذ بذراعه وقال: لعلك لا تفعل من وعد فقد أوجب].

وذكر أيضاً: [أنه قيل لبعض الصالحين وقد أصبح صائماً تطوعاً: أفطر فإن المتطوع أمير نفسه. فقال: إني لأستحي من ربي عز وجل أن أعده وعداً وهو أن أصوم ولا أوفي له بوعدي] التماس السعد ص 57 - 58.

ومن كلمات السلف: [الوعد سحابة والإنجاز مطر وأحسن المواعيد ما صدقه الإمطار] التماس السعد ص 96.

وأخيراً ينبغي أن يقال إن الأخذ بقول من أوجب الوفاء بالوعد يضبط معاملات الناس وخاصة في الأمور المالية وقد أخذت كثير من المصارف الإسلامية التي تتعامل وفق الأحكام الشرعية بمبدأ الإلزام بالوعد لما في ذلك من ضبط للمعاملات المالية.

‌المواعدة على الصرف

يقول السائل: هل يجوز شرعاً أن أتفق مع شخص على أن أبيعه عشرة آلاف دولار بما يعادلها من الدنانير بالسعر الحاضر على أن يتم التسليم والاستلام بعد شهرين؟

الجواب: هذه العملية تسمى مواعدة على الصرف وهي محل خلاف

ص: 135

بين أهل العلم قديماً وحديثاً، ومن المعروف أن الصرف هو بيع الثمن بالثمن جنساً بجنس أو بغير جنس.

وشروط الصرف تقابض البدلين في مجلس العقد وأن يخلو عقد الصرف من الأجل ومن خيار الشرط لأنه يخل بالقبض كما قرر ذلك جمهور الفقهاء. انظر الموسوعة الفقهية 24/ 348 فما بعدها.

وبناءً على اشتراط عدم التأجيل في عقد الصرف اختلف الفقهاء في جواز المواعدة على الصرف والذي أميل إليه وأطمئن إليه هو جواز المواعدة على الصرف على أن تكون المواعدة غير لازمة.

فإذا تواعد شخصان على المصارفة بعد ستة أشهر مثلاً بأن حدَّدا نوع العملة وسعرها اليوم واتفقا على أن يتم التقابض عندما يحل الأجل وعندما حل الأجل عقد الطرفان عقداً جديداً وتم التسليم والاستلام فهذا العقد جائز ولا بأس به حيث إن المواعدة في هذه الحال ليست لازمة.

وأما إن كانت المواعدة لازمة في عقد الصرف فلا تصح المعاملة لأن كلاً من الطرفين يكون ملزماً بتنفيذ الوعد عند حلول الأجل ولا يحتاج إلى إنشاء عقد جديد فحينئذ يكون ذلك بمثابة عقد صرف تأخر فيه تقابض البدلين وتقابض البدلين قبل التفرق شرط لصحة عقد الصرف ولا عبرة بتسمية اتفاقهم الأول مواعدة إذ العبرة في العقود للمقاصد والمعاني لا للألفاظ والمباني.

وقد قال بجواز هذه المعاملة الإمام الشافعي وابن حزم الظاهري وابن نافع من المالكية وبعض العلماء المعاصرين.

قال الإمام الشافعي: [وإذا تواعد الرجلان الصرف فلا بأس أن يشتري الرجلان الفضة ثم يقرانها عند أحدهما حتى يتبايعاها ويصنعا بها ما شاءا] الأم 3/ 32.

وقال ابن حزم: [والتواعد في بيع الذهب بالذهب أو بالفضة وفي بيع الفضة بالفضة وفي سائر الأصناف الأربعة بعضها ببعض جائز تبايعا بعد ذلك

ص: 136

أو لم يتبايعا لأن التواعد ليس بيعاً. وكذلك المساومة أيضاً جائزة - تبايعا أو لم يتبايعا - لأنه لم يأت نهي عن شيء من ذلك وكل ما حرم علينا فقد فصل باسمه قال تعالى: (وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ).

فكل ما لم يفصل لنا تحريمه فهو حلال بنص القرآن إذ ليس في الدين إلا فرض أو حرام أو حلال فالفرض مأمور به في القرآن والسنة والحرام مفصل باسمه في القرآن والسنة وما عدا هذين فليس فرضاً ولا حراماً بالضرورة حلال إذ ليس هنالك قسم رابع - وبالله التوفيق] المحلى 76/ 465 - 466.

وقال الشيخ العدوي: [

وأما لو أراد أن يعقدا بعد ذلك فلا ضرر كأن يقول له سر بنا إلى السوق بدراهمك فإن كانت جياداً تصارفنا أي أوقعنا عقد الصرف بعد ذلك يوافقه الآخر فلا ضرر فيه] حاشية العدوي على شرح الخرشي على مختصر خليل 5/ 38.

وقد أجازت المواعدة على الصرف عدد من الهيئات العلمية الشرعية فقد جاء في فتاوى ندوات البركة ما يلي:

1.

ما هو الرأي في المواعدة بشراء العملات مختلفة الجنس بسعر يوم الاتفاق " يوم المواعدة " على أن يكون تسليم كل من البدلين مؤجلاً لكي يتم التبادل في المستقبل يداً بيد وذلك في حالة كون مثل هذه المواعدة ملزمة وحالة كونها غير ملزمة؟

الفتوى: إن هذه المواعدة إذا كانت ملزمة للطرفين فإنها تدخل في عموم النهي عن بيع الكالئ بالكالئ " بيع الدين بالدين " فلا تكون جائزة وإذا كانت غير ملزمة للطرفين فإنها جائزة. فتاوى ندوات البركة ص 28.

2.

ما حكم المواعدة في صرف العملات؟

الفتوى: يؤكد على ما جاء في قرارات المؤتمر الثاني للمصرف الإسلامي بالكويت في مارس 1983 من أن المواعدة في بيع العملات مع تأجيل الثمن جائزة إذا كانت المواعدة غير ملزمة " هذا رأي الأغلبية " أما

ص: 137

المواعدة إذا كانت ملزمة فهذه المعاملة غير جائزة شرعاً. فتاوى ندوات البركة ص 107.

وجاء في الفتاوى الشرعية للبنك الإسلامي الأردني السؤال التالي: [تسهيلاً لحجاج بيت الله الحرام ترغب وزارة الأوقاف بأن يتفق البنك الإسلامي الأردني معها لبيعها ريالات سعودية بسعر محدد مسبقاً - اليوم مثلاً - خلال فترة مستقبلية محددة - ستين يوماً من تاريخه مثلاً - على أن تقوم وزارة الأوقاف بتسليم البنك خلال أي يوم من الستين يوماً ثمن الريالات السعودية بالدنانير الأردنية وأن يقوم البنك في ذات اليوم بتسليمها شيكاً بالريالات السعودية محسوباً على أساس السعر المحدد سابقاً لهذه الغاية - والذي قد يزيد أو يقل عن سعر صرف الريال في ذلك اليوم - فهل يجوز شرعاً السير في هذه المعاملة؟

الجواب: إن الاتفاق على تبادل العملات مختلفة الأجناس بسعر يحدد حين الاتفاق على أن يتم التسليم والتسلم من قبل البنك والوزارة في وقت واحد على أساس السعر المتفق عليه سابقاً بغض النظر عن سعر العملة يوم التنفيذ يشمله ما جاء في نيل الأوطار من أن مذهب الحنفية والشافعية أنه يجوز التبادل بسعر يومها وأغلى وأرخص وإن هذا الاتجاه وإن كان يخالف ما جاء في حديث ابن عمر الذي يتضمن الإجازة بسعر يومها إلا أنه يظهر أن الأمامين أخذا بالحديث العام وهو قوله صلى الله عليه وسلم: (إذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد) وعليه فإني أوافق على السير في معاملة الاتفاق على الوجه المشروح عملاً برأي الحنفية والشافعية المشار إليه والله سبحانه وتعالى أعلم] فتاوى البنك الإسلامي الأردني 2/ 10 - 11.

وجاء في فتاوى بيت التمويل الكويتي: [ما الرأي الشرعي في مدى جواز الاتفاق على بيع أو شراء العملة وبسعر يتفق عليه مقدماً على أن تنفذ العملية في زمن لاحق ويكون التسليم والاستلام بالنقد في وقت واحد؟

الجواب: مثل هذه المعاملة تعتبر وعداً بالبيع فإن أنفذاه على الصورة الواردة في السؤال فلا مانع شرعاً والله أعلم.

ص: 138

وزيادة في إيضاح هذه المسألة أقول: إن تنفيذ هذا الوعد على الصورة الواردة في السؤال يكون مشروعاً ولكنه إذا اقترن الوعد بما يدل على أنه عقد بيع بأن دفع بعض الثمن دون بعض فيكون من قبيل بيع الكالئ بالكالئ " المؤجل بالمؤجل " وهو ممنوع مطلقاً ولا سيما في عقد الصرف الذي يشترط لصحته تقابض كلا البدلين في مجلس العقد ويعتبر اشتراط التأجيل مفسداً له عند جميع الأئمة] فتاوى بيت التمويل 1/ 203.

ومما يدل على جواز هذه المعاملة أن المواعدة في الصرف خارجة عن نطاق النصوص التي تحرم تأخير تسليم العوضين أو أحدهما لأن المراد من هذه النصوص النهي عن قبض أحد العوضين فقط دون الآخر لأن ذلك يؤدي إلى ربا النسيئة فوجود الفترة الزمنية بين قبض أحد العوضين وتأجيل قبض الآخر هو الذي أوجد الربا وهذه الصورة لا خلاف في تحريمها وهي تختلف عن المواعدة في الصرف في أن المواعدة في الصرف لا يحصل فيها تسليم أحد البدلين وتأجيل الآخر وإنما يكون فيها التسليم والتسلم في المستقبل معاً فليس هناك تسليم مسبق وتأجيل بل التسليم يتم في الموعد المحدد في نفس اللحظة التي يتم فيها تسليم العملة المحلية يتم تسلم العملة الأجنبية وما يتم حين التواعد هو تحديد السعر الذي يتم على أساسه هذا التسليم في المستقبل وليس إنشاء عقد الصرف. أحكام صرف النقود والعملات في الفقه الإسلامي ص 123.

وهذه المعاملة تحقق مصلحة للمتعاملين بها كما أنه ليس في هذه العملية ما يقضي بحرمتها لانتفاء الغرر والجهالة والربا، غاية ما في الأمر أن العميل يطمئن من خلال هذه العملية أنه سيحصل على المبلغ الذي يريده في زمن محدد، يقول الدكتور سامي حمود: [وإذا نظرنا إلى واقع الحال بالنسبة لما تؤديه العملية من خدمة للمستورد في حال المواعدة على الشراء وللمصدِّر في حال المواعدة على البيع نجد أن اطمئنان كل من المستورد لما سيدفعه من ثمن والمصدر لما سيقتضيه أمر له اعتباره، أما المصرف فإنه إذا كانت لديه عمليات واسعة فإنه يستطيع أن يوازن بين المواعدة بالبيع مع

ص: 139