الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحمد لله
…
فلسفة الأعياد وحِكْمَة الإسلام
العيد في العرف العام: يوم مخصوص من العام، تحتفل به الأمة بمظاهر السرور، وأهمها الزينة، ولذلك يسمى أيضًا يوم الزينة؛ كما أخبر الله عز وجل عن كليمه عليه السلام أنَّه قال لفرعون وقومه:{مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ} [طه: 59].
منشأ الأعياد
إنَّ بروز الأمة بمظاهر السرور والزينة يُعبِّر عن سرور عظيم عامّ حدث لها، والسرور العام إنَّما ينشأ عن نعمةٍ عظيمةٍ عامةٍ حدثت للأمة.
إذن فالعيد يوم مخصوص من السنة، تحدث فيه كل سنة نعمة عظيمة للأمة، تبعث في قلوب أبنائها سرورًا عظيمًا، يسوقهم بطبيعة الحال إلى الاجتماع على إظهار الزينة بأنواعها.
إذن فالعيد ناشئٌ عن سبب طبيعي ثابت.
لكنَّ هذه الحال وإن انطبقت على بعض الأعياد، كيوم وفاء النيل بمصر، فإن غالب الأعياد ليس كذلك.
فمن ذلك أنَّ كثيرًا من الأمم تتَّخذ يوم استقلالها عيدًا.
ومن ذلك أول يوم من السَّنة؛ فإنَّ كثيرًا من الأمم تتَّخذ أول يوم من سنتها عيدًا.
فحدوث الاستقلال نعمة عظيمة على الأمة، ولكن اليوم الذي يقابله من
السنة الثانية والثالثة وهكذا لم يحدث فيه شيء.
وأول السَّنة التي ابتُدِئ بها التاريخ قد يكون يوم حدوث نعمةٍ، وقد يكون مبنيًّا على أمرٍ فلكي أو اصطلاحي.
فأقول: لا ريب أنَّ اليوم المقابل ليوم الاستقلال من كل سنة، ومثله أول السنة، لم تحدث فيه نعمةٌ عظيمةٌ، ولكن المفكِّرين من الأمم جعلوه عيدًا لأغراض سياسية.
فإذا ساغ لنا أن نعدَّ يوم وفاء النيل ــ مثلًا ــ عيدًا طبيعيًا، فلنعدَّ اليوم المقابل ليوم الاستقلال ــ مثلًا ــ عيدًا اصطلاحيًّا.
إلَاّ أنَّ ههنا فرقًا بين اليوم المقابل ليوم الاستقلال، وبين أول السنة في التواريخ التي ابتُدِئت بمجرَّد الاصطلاح.
فالأول وإن لم تحدث فيه نعمةٌ فإنها حدثت في مثله، وكما قيل: الشيء بالشيء يُذكَر، وليس الثاني كذلك.
ولكن لما كانت المثلية توجد في كل أسبوعٍ، وفي كل شهرٍ، وفي كل فصلٍ، وكان تذكُّر النِّعْمة لا يقتضي حدوث سرورٍ عظيمٍ يبعث على إظهار الزينة؛ لم يخرج اليوم المقابل [ص 2] ليوم الاستقلال ــ مثلًا ــ من كونه عيدًا اصطلاحيًا.
* * * *