الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
بَيْنَ يَدَي الكِتَابِ
إنَّ "سقيفةَ الصفا العلميةَ" ذاتُ اتجاهات متنوعةٍ للسيرِ في الميدانِ العلميِّ، وكلُّها ترمي إلى رفعِ مَشْعَلِ الثقافةِ، وخدمةِ التراثِ الفكريِّ؛ فهيَ تؤازرُ المراكزَ العلميةَ، وتقوِّي مناراتِ المعرفةِ، وتؤيِّدُ تعبيدَ المسالكِ للباحثينَ؛ ليتسنَّى لهمْ في يسْرٍ وسهولةٍ القيامُ بتحقيقِ الكنوزِ الأثريَّةِ لعالمِنا العربى بصورةٍ خاصَّةٍ، والإسلاميِّ على وجْهِ العمومِ؛ للاطلاعِ على مكنوناتِها والاستفادةِ منها.
ولمَّا كانَ الكثيرُ من أصولِنا التراثيَّةِ متفرقة في دولِ العالمِ، ولاسيَّما العالمُ الغربيُّ، وكانَ من الصعوبةِ بمكانٍ إحاطةُ الباحثينَ بهذهِ الأصولِ في مختلفِ المكتباتِ العالميَّةِ؛ لأنَّ فهارسَهم وإنْ توافرت فإن اللغةَ الأجنبيَّةَ قدْ تقفُ عائقًا كبيرًا أمامَ الباحثينَ والمهتمِّينَ بالتراثِ، والمتطلِّعينَ إلى النهَلِ من معينِ هذهِ الكنوزِ.
لذا ارتأتِ "السقيفةُ العلميَّةُ" أنْ تتجهَ في خطوتِها الأولى في هذا الميدانِ إلى تعريبِ الفهارسِ للمكتباتِ الأجنبيةِ؛ لأنَّ هذه الخطوةَ وإنْ كانتْ خطوةً أوَّليَّةً إلَّا أنَّها تعتبرُ أُسَّ الصرْحِ المستقبليِّ المتكاملِ بإذنِ اللَّهِ تعالى لخدمةِ هذا التراثِ، ولا شك أنَّهُ يوفِّرُ للباحثينَ والمستفيدينَ الخدماتِ التاليةَ:
أوَّلًا: يطلعُ الباحثينَ الأكاديميينَ وغيرَهم من المهتمِّينَ بتحقيقِ التراثِ على أماكنِ وجودِ آلافِ المخطوطاتِ النفيسةِ عربيةً وإسلاميَّةً، وتمكِّنُهُمْ بدونِ كبيرِ عناءٍ مِنَ العثورِ على المطلوبِ، والوصولِ إلى ما يريدونَ مِنَ الأصولِ الخطيَّةِ والمخطوطاتِ الثمينةِ.
ثانيًا: يهبُ الباحثَ الذي يهدفُ إلى تحقيقِ مخطوطةٍ ما القدرةَ السريعةَ على تتبُّعِ أماكنِها في هذهِ الفهارسِ؛ لكي يحصلَ على أكثرَ مِنْ مخطوطةٍ تمكِّنُهُ مِنَ التحقيقِ العلميِّ لهذ التراثِ الفكريِّ على الوجهِ الصحيحِ، ويرفدُ
الجميعَ باليقينِ والاعتقادِ الجازمِ بنسبةِ ما يحققُهُ إلى صاحبِهِ؛ لما في هذا مِنْ براءةِ الذمَّةِ، ووضع الأمور في نصابِها، ويحصلُ هذا اليقينُ عند توافرِ مخطوطاتٍ مختلفة في أزمنةٍ متعدِّدةٍ بأقلامِ ثقاتٍ مرموقينَ في عالمِ المعرفةِ.
ثالثًا: لم يكنِ اختيارُ "السقيفةِ" لتعريب فهرسِ المكتبةِ الوطنيةِ النمساويَّةِ اختيارًا عشوائيًّا، بل لأنَّهُ يضمُّ نفائسَ لا توجدُ في غيرِهِ، وكنوزًا لا تقدَّرُ بثمنٍ؛ إذْ تحوي المكتبةُ أكثرَ مِنْ أربعينَ مخطوطةً بأقلامِ المؤلفينَ أنفسِهِمْ، وهمْ مِنَ العلماءِ الأقدمينَ الراسخينَ الذينَ لهمْ طولُ باعٍ في الميدانِ العلميِّ.
رابعًا: نطمحُ مستقبلًا بعدَ أنْ يقطعَ التعريبُ شوطًا كبيرًا في هذا المضمارِ، وبالتعاونِ معَ جهودِ الآخرينَ. . أنْ تتأسَّسَ "قاعدةُ بياناتٍ" كبرى للمخطوطاتِ العالميَّةِ التي تتجاوزُ مئاتِ الأُلوفِ، ويتمَّ إفرازُها آنذاكَ عبرَ الحاسوبِ لتصنيفِها بحسَبِ موضوعاتِها.
وحينئذٍ يستطيعُ الباحثُ أنْ يحيطَ علمًا بمعظمِ مخطوطاتِ الموضوعِ الذي يريدُ تحقيقَهُ وما عليهِ بعدَ ذلكَ إلَّا ركوبُ مطيةِ العزيمةِ للتحقيقِ؛ لأنَّ العقبةَ الكبرى قدْ أذابتْها القاعدةُ الفهرسيَّةُ التي نصبو إلى تأسيسِها، وهذا وإنْ كانَ سيتطلَّبُ سنينَ متتابعةً ولا يتمُّ إلا بجهودٍ متكاتفةٍ؛ إلَّا أن المثلَ يقولُ:(كلُّ ما هو آتٍ. . قريبٌ).
واللَّهَ تعالى نسألُ أنْ يمنحَنا التوفيق ويجنِّبَنا التعويقَ
وأخيرًا: فها هي "سقيفةُ الصفا العلميةُ" تستفتحُ هذا الصرْحَ الفهرسيَّ بتعريبِ فهرسِ المكتبةِ الوطنيّةِ النمساويةِ تعريبَ الأستاذِ محمَّدٍ عايشٍ، وهو مشتملٌ على آلافِ المخطوطاتِ النفيسةِ عربية وإسلاميةً، وها نحنُ نزفُّهُ إلى العالمِ العربيِّ والإسلاميِّ؛ ليقتطفَ مِنْ أزاهيرِهِ وثمارِهِ، وينعمَ بتقريبِهِ، ويكونَ من سمَّارِهِ، كما تطمحُ "السقيفةُ" إلى مواصلةِ السيرِ في هذا المضمارِ حتَّى تتحقَّقَ أهدافُها، وأوَّلُ الغيث قطرٌ ثمَّ ينسكبُ.
الناشر
غرة محرم الحرام 1429 هـ