المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فائدة(1):قد ترد (عن) ولا يقصد بها الرواية - في الصيغ المحتملة للتدليس ــ أظاهرة هي في السماع أم لا؟ - ضمن «آثار المعلمي» - جـ ١٥

[عبد الرحمن المعلمي اليماني]

الفصل: ‌فائدة(1):قد ترد (عن) ولا يقصد بها الرواية

‌فائدة

(1)

:

قد ترِدُ (عن) ولا يُقصد بها الرواية

، بل يكون المراد سياق قصَّة، سواء أدركها [أو لم يُدركها]

(2)

، ويكون هناك شيء محذوف تقديره "عن قصة فلان" وله أمثلة كثيرة، مِن أَبْيَنِها: ما رواه ابن أبي خيثمة في "تاريخه": ثنا أبي ثنا أبو بكر بن عياش ثنا أبو إسحاق ــ هو السبيعي ــ عن أبي الأحوص ــ يعني عوف بن مالك ــ أنَّه خرج عليه خوارج فقتلوه.

قال شيخنا: فهذا لم يردْ أبو إسحاق بقوله "عن أبي الأحوص" أنه أخبره به [ص 15] وإن كان قد لقيه وسمع منه، لأنه يستحيل أن يكون حدثه به بعد قتله، وإنما المراد على حذف مضاف تقديره "عن قصة أبي الأحوص". وقد روى ذلك النسائي في "الكنى"

(3)

: من طريق يحيى بن آدم عن أبي بكر بن عياش سمعت أبا إسحاق يقول: خرج أبو الأحوص إلى الخوارج فقاتلهم فقتلوه.

ولذا قال موسى بن هارون ــ فيما نقله ابن عبد البر في "التمهيد"

(4)

عنه ــ: كان المشيخة الأولى جائزًا عندهم أن يقولوا: "عن فلان" ولا يريدون بذلك الرواية، وإنما معناه "عن قصة فلان" اهـ.

(1)

من "فتح المغيث": (1/ 194).

(2)

الاستدراك من "فتح المغيث": (1/ 194).

(3)

عزاه أيضًا إلى "الكنى" الحافظ في "التهذيب": (8/ 169). وهو في "السنن الكبرى": (8517).

(4)

(23/ 343).

ص: 135

ابن الصلاح

(1)

: إنَّ (التدليس) رواية الراوي عمّن لقيه ما لم يسمعه منه موهمًا أنّه سمعه منه، أو عمّن عاصره ولم يلقه موهمًا أنّه قد لقيه وسمعه اهـ.

(وفرَّق الجمهور فسمَّوا الثاني: الإرسال الخفي).

قال الحافظ أبو الحسن بن القطان في "بيان الوهم والإيهام"

(2)

له قال: "والفرق بينه وبين الإرسال: هو أن الإرسال روايته عمَّن لم يسمع منه

" وارتضاه شيخنا لتضمنه الفرق بين النوعين، وخالف شيخه في ارتضائه هذا من شرحه

(3)

حَدَّ ابن الصلاح، وفي قوله في "التقييد"

(4)

: إنه المشهور بين أهل الحديث. وقال: إن كلام الخطيب في "كفايته" يؤيِّد ما قاله ابن القطان.

قلت: وعبارته فيها: هو تدليس الحديث الذي لم يسمعه الراوي ممن دلَّسه عنه بروايته إياه على وجهٍ أنه سمعه منه، ويعدل عن البيان لذلك

(5)

.

قال: "ولو بيَّن أنَّه لم يسمعه من الشيخ الذي دلَّسه عنه وكشف ذلك لصار بيانه مرسلًا للحديث غير مدلس فيه؛ لأنّ الإرسال للحديث ليس بإيهام من المرسل كونه سامعًا ممن لم يسمع منه، و (لا)

(6)

مُلاقيًا لمن لَمْ

(1)

(ص 73). والنقل من "فتح المغيث": (1/ 208 - 209).

(2)

(5/ 493).

(3)

انظر (ص 73 - 75).

(4)

(1/ 452).

(5)

(ص 358) وفيه: "بذلك".

(6)

في الأصل: "ما"، ووضع المؤلف بجوارها ما هو مثبت؛ تصحيحًا منه لهذا الحرف. وفي "فتح المغيث":(1/ 209) بدونها، والنص مستقيم بلا إضافة.

ص: 136

يلْقه؛ إلا أن التدليس الذي ذكرناه متضمن للإرسال لا محالة، لإمساك المدلس عن ذكر الواسطة.

وإنما يفارق حال المرسل بإيهامه السماع ممن لم يسمعه فقط، وهو المُوهِنُ لأمره، فوجب كون التدليس متضمِّنًا للإرسال، [ص 18] والإرسال لا يتضَمَّن التدليس، لأنّه لا يقتضي إيهام السَّماع ممن لم يسمع منه، ولهذا لم يذمّ العلماء من أرسل، يعني: لظهور السقط وذمُّوا من دلّس".

وأصرح منه قول (ابن) عبد البر في "التمهيد"

(1)

: "التدليس عند جماعتهم اتفاقًا هو: أن يروي عمَّن لقيه وسمع منه وحدّث عنه بما لم يسمعه منه، وإنما سمعه من غيره عنه ممن تُرضى حاله أو لا تُرضى. على أنَّ الأغلب في ذلك أنه لو كانت حاله مرضية لذكره، وقد يكون لأنه استصغره".

قال: وأما حديث الرجل عمّن لم يلقه كمالك عن سعيد بن المسيب، والثوري عن إبراهيم النخعي، فاختلفوا فيه:

فقالت فرقة: إنَّه تدليس

وقالت: طائفة من أهل الحديث: إنما هو إرسال

قال: وإن كان هذا تدليسًا؛ فما أعلم أحدًا من العلماء قديمًا ولا حديثًا سلِمَ مِنه، إلا شعبة والقطان

انتهى.

وكلامه بالنظر لما اعتمده يُشير أيضًا إلى الفرق بين التدليس والإرسال

(1)

(1/ 15).

ص: 137

الخفي والجليّ، لإدراك مالك لسعيد في الجملة، وعدم إدراك الثوري للنخعي أصلًا

صرَّح في مكان آخر فيه

(1)

بذمّه في غير الثقة فقال: ولا يكون ذلك عندهم إلا عن ثقة، فإن دلس عن غير ثقة فهو تدليس مذموم عند جماعة أهل الحديث، وكذلك إن حدَّث عمَّن لم يسمع منه، فقد جاوز حدَّ التدليس الذي رخَّص فيه مَنْ رخَّص من العلماء إلى ما ينكرونه ويذمُّونه ولا يحمدونه.

وسبقه لذلك يعقوب بن شيبة كما حكاه الخطيب عنه

(2)

، وهو مع قوله في موضع آخر: إنّه إذا وقع فيمن لم يلقه أقبح (وأشنع)

(3)

. يقتضي أن الإرسال أشد، بخلاف الأول فهو مشعر بأنه أخف فكأنّه (هنا)

(4)

عيَّن

(5)

الخفيّ لما فيه من إيهام اللقي والسماع معًا، وهناك عين الجليّ لعدم الالتباس فيه

(6)

.

(1)

(1/ 28).

(2)

في "الكفاية"(ص 362).

(3)

في الأصل: "واسمع"، ووضع المؤلف بجوارها ما هو مثبت؛ تصحيحًا لهذه الكلمة. والذي في "فتح المغيث":"وأسْمَج".

(4)

في الأصل: "هذا"، ووضع المؤلف بجوارها ما هو مثبت؛ تصحيحًا لهذا الحرف. وفي "فتح المغيث" على الصواب.

(5)

في "الفتح": "عنى" في الموضعين.

(6)

"فتح المغيث": (1/ 211).

ص: 138

"مسند أحمد"

(1)

: يحيى عن شعبة قال: حدثني الحكم قال: قلت لمِقْسَم: أُوتر بثلاثٍ ثم أخرج إلى الصلاة مخافة أن تفوتني؟ قال: لا وَتْر إلا بخمس أو سبع. قال: فذكرت ذلك ليحيى بن الجزَّار ومجاهد فقالا لي: سلْه عمَّن؟ فقلت له. فقال: عن الثقة، عن عائشة وميمونة [عن النبي صلى الله عليه وسلم].

(1)

(25616).

ص: 139