المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ سبب الغزوة، ووصف المعركة، وفضل الله على المسلمين فيها: - قوة العقيدة سبيل النصر في غزوة بدر الكبرى - جـ ٤٩

[محمد عبد المقصود جاب الله]

الفصل: ‌ سبب الغزوة، ووصف المعركة، وفضل الله على المسلمين فيها:

إنجليزي لآخر -يصف هؤلاء الإفريقيين- إنهم وحوش تصور أن أحدهم عضني وأنا أقتله1.

إن هذه الأضحوكة صورة من تفكير المستشرقين في إنصاف أهل مكة والنَّعي على الإسلام وأهله

ولقد حققت هذه السرايا أهدافها ووصلت إلى غرضها -ولم يكن ذلك إلا بقوة الإيمان وثبات العقيدة.

1 فقه السيرة ص 225.

ص: 208

ثانيا:‌

‌ سبب الغزوة، ووصف المعركة، وفضل الله على المسلمين فيها:

كان الرسول عليه الصلاة والسلام يرمي إلى القضاء على اقتصاديات قريش كما بينت، وكان يرى في ذلك إضعافاً لقوتها العسكرية. وكان قد علم بخروج قافلة كبيرة لقريش قيل أنها جمعت جميع أموالها حتى أنه لم يبق بمكة قرشي ولا قريشة يملك مثقالاً فصاعداً إلا بعث به في تلك القافلة

وقدرت أموالها بخمسين ألف دينار، وحملت تجارتها على ألف بعير يقودها أبو سفيان ومعه سبعة وعشرون رجلاً وفي رواية أخرى تسعة وثلاثون منهم مخرمة بن نوفل، وعمرو بن العاص، ورأى الرسول صلى الله عليه وسلم أن القضاء على هذه القافلة فيه هدم لاقتصاديات قريش بالإضافة إلى إضعاف مركزها العسكري، وما ينتج عن ذلك من زيادة قوة المسلمين، ورفع روحهم المعنوية.

وبهذا سار الرسول صلى الله عليه وسلم إلى العشيرة. إلا أن القافلة كانت قد مرت فرأى عليه الصلاة والسلام أن ينتظر عودتها، وبعث الرسول عليه الصلاة والسلام طلحة بن عبيد الله، وسعيد بن زيد ينتظران عودة القافلة فنزل على كشد الجهني بالحوراء، وأقاما عنده في خباء حتى مرت العير، فأسرعا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم يفيضان إليه بأمرها، وما رأيا منها.

ولم ينتظر الرسول صلى الله عليه وسلم عودة رسوليه إلى الحوراء، فقد كان يخشى أن تفوته في عودتها كما فاتته في ذهابها إلى الشام.

ص: 208

ولهذا دعا المسلمين وقال لهم: "هذه عير قريش فيها أموالهم فاخرجوا إليها لعلَّ الله ينفلكموها"1.

ولم يعزم الرسول صلى الله عليه وسلم على أحد بالخروج، ولم يستحث متخلفاً فخف بعضهم وثقل بعضهم2.

ثم سار الرسول صلى الله عليه وسلم بمن أمكنه الخروج، وكان الذين صحبوا الرسول هذه المرة يحسبون أن مضيهم في هذا الوجه لن يعدوَ ما ألفوا في السرايا الماضية، ولم يدر بخلد واحد منهم أنه مقبل على يوم من أخطر أيام الإسلام، ولو علموا لاتخذوا أهبتهم كاملة، ولتسابقوا في الخروج ولم يبق منهم أحد

وكان أبو سفيان قد استنفر حين دنا من الحجاز يتحسس الأخبار، فعلم من بعض الركبان أن محمداً قد استنفر أصحابه لك ولعيرك فحذر عند ذلك.

واستأجر ضمضم بن عمرو الغفاري فبعثه إلى أهل مكة، وأمره أن يأتي قريشاً فيستنفرهم إلى أموالهم، ويخبرهم أن محمداً قد عرض لها في أصحابه، فخرج ضمضم بن عمرو مسرعاً إلى مكة3.

وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصحابه، وكان عددهم 313 ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، ثلاثة وسبعين من المهاجرين، ومائتان وأربعون من الأنصار وكان خروجهم من المدينة في رمضان، وجعل عمرو بن أم مكتوم ليصلي بالناس، واستعمل عليها أبا لبابة الأنصاري، وارتفعت أمام المسلمين رايتان سوداوان وكانت إبلهم سبعين بعيراً يتبادلون ركوبها، كل ثلاثة أو أربعة يتعاقبون بعيراً، وكان حظ الرسول صلى الله عليه وسلم كحظ سائر أصحابه فكان هو وعلي، ومرثد بن أبي مرثد الغنوي يتعاقبون بعيراً، وكان رفيقا الرسول صلى الله عليه وسلم يدعوانه ليركب ويقولان له:"اركب حتى نمشي معك" فكان يرفض منهما هذه الدعوة ويقول: "ما أنتما بأقوى مني على المشي، وما أنا بأغنى عن الأجر منكما" 4 ولم يقبل أن يتميز عليهما.

1 السيرة النبوية لابن هشام 1/ 607.

2 فتح الباري 7/ 285-286، ابن هشام 1/ 607، أبو الفداء 3/ 256.

3 المصدر السابق، أبو الفداء 3/ 257.

4 أبو الفداء 3/ 261.

ص: 209

وأسرع رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبه خوفاً من أن يفلت أبو سفيان منهم هذه المرة.

ونزل المسلمون في وادي ذَفْران، وهناك علموا بخروج قريش بأجمعها لتحمي قافلتها في أثناء عودتها.

وكانت قريش ترى في استيلاء محمد على القافلة هزيمة منكرة لها وتثبيتاً لمركزه وتأكيداً لصدق دعوته؛ ولهذا قررت أن تحاربه وتناضله، لتحمي قافلتها؛ ولتقضي على قوته فلا يعود ثانية إلى الوقوف في وجه قوافلها.

(يتبع)

ص: 210