الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بأقلام القراء
ضوابط الإعجاب
أحمد بن أحمد جعفري
لا شك أن المسلم يعجب بشخص النبي صلى الله عليه وسلم الذي هو
سيد ولد آدم، وكذلك يعجب بصحابته الكرام، أولئك الذين اصطفاهم الله سبحانه
لصحبة نبيه، والتربي على يديه، حتى يصبحوا مشاعل هدى للأمة من بعدهم،
وما أجدرنا أن نقرأ سيرهم ونتشبه بهم فقد قيل:
فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم
…
إن التشبه بالكرام فلاح
ومع وجود كثير من الأسماء اللامعة في تاريخ المسلمين المعاصر ممن يهتم
بالدعوة إلى الله والعلم المبني على المنهج الصحيح؛ ويستحوذون على إعجاب كثير
من الأنصار والأتباع؛ لكن لا يعني هذا عصمة هؤلاء وبعدهم عن الخطأ، ثم
التطرف في الإعجاب بهم والإقبال على ما يكتبون دون وعي، ودون إبداء
ملاحظات إن وجدت، فينبغي أن نفهم جيداً أن لا معصوم من البشر إلا الأنبياء
والرسل لا غيرهم، وقد يخطىء هذا المفكر أو الكاتب في كتابه أو مقالته، مما قد
يطعن في بعض شرائع الإسلام ومنهج المسلمين، عند ذلك قد تجد، بل حتماً ستجد
المعجب بمثل هذه الآراء، المتعصب لها المنقاد لها؛ لأنهما صدرت ممن؟ !
صدرت من فلان الفلاني، المفكر العلامة (الذي لا يخطىء) ، هكذا تصورهم، نعم
قد يكون بعض هذا التصور صحيحاً، لكن ليس بهذه المبالغة التي يضعونها.
وعندما يهب بعض الصادقين المخلصين من طلبة العلم وغيرهم في الرد على
بعض الأفكار الناتجة عن مثل هؤلاء المفكرين، عند ذلك يهب المعجبون [بدون
مناقشة] لعدم تصديقهم، وأن هذا افتراء عليه وو
…
عفواً دعونا نبحث ما الذي يدفعنا أو يدفع الكثير إلى الإعجاب المطلق، إن
ثمة أشياء لعلك أيها القارئ الكريم تدركها في واقعنا المرير:
1-
عدم بناء القاعدة السليمة القوية من العقيدة السليمة وعدم تغلغل هذه العقيدة
في القلب.
2-
عدم الوعي الكامل بما يخالف دين الله أو يطعن فيه.
3-
عدم المعرفة الكاملة بحال الكاتب وإلى أي مدرسة ينتسب.
هذه بعض الدوافع، ويمكن أن تكون ثمة أسباب أخرى.
وصلى الله على نبينا وسلم.
قديم جديد
من الأشياء القديمة المتجددة ما شكى منه المؤلفون أو الكتاب، من الإعراض عن القراءة أو من كثرة اقتراحات القراء، وفي هذه الزاوية ننقل كلاماً للأديب عباس محمود العقاد، وللشيخ محمد عبده.
(1)
المقترحون والمؤلفون
بين جمهرة القراء في اللغة العربية طائفة لا ترضى عن شيء، ولا تكف عن
اقتراح، ولا تزال تحسب أنها تفرض الواجبات على الكتاب والمؤلفين، وليس
عليها واجب تفرضه على نفسها.
إن كتبت في السياسة قالوا: ولم لا تكتب في الأدب؟
وإن كتبت في الأدب قالوا: ولم لا تكتب في القصة؟
وإن كتبت في القصة قالوا: ولم لا تكتب للمسرح؟
وإن كتبت للمسرح قالوا: ولم لا تحيي لنا تاريخنا القديم، ونحن في حاجة
إلى إحياء ذلك التراث؟
وإن أحييت التراث قالوا: دعنا بالله من هذا وانظر إلى تاريخنا الحديث،
فنحن أحق الناس بالكتابة فيه.
وإن جمعت هذه الأغراض كلها قالوا لك: والقطن؟ ومسائل العمال؟
ورؤوس الأموال؟ ، وكل شيء إلا الذى تكتب لهم فيه.
وقد شبهت هذه الطائفة مرة بالطفل المدلل الممعود: يطلب كل طعام إلا الذي
على المائدة، فهو وحده الطعام المرفوض.
إن قدمت له اللحم طلب السمك، وإن قدمت له الفاكهة طلب الحلوى، وإن
قدمت له صنفاً من الحلوى رفضه وطلب الصنف الآخر، وإن جمعت له بين هذه
الأصناف تركها جميعاً وتشوق إلى العدس والفول، وكل مأكول غير الحاضر
المبذول.
سر هذا الاشتهاء السقيم في هذه الطائفة من القراء معروف، سرَّه أن الجمهور
في بلادنا العربية لم «يتشكل» بعد، وإنما نعد الجمهور القارئ متشكلاً إذا وجدت
فيه طائفة مستقلة لكل نوع من أنواع القراءة، وإن ندر ولم يتجاوز المشغولون به
المئات.
وسنسمع المقترحات التي لا نهاية لها، ولا نزال نسمعها كثيراً حتى يتم لنا
«التشكيل» المنشود، وهو غير بعيد.
العقاد: يسألونك / 192
2
«وإنا لو فرضنا أن كتاب الجرائد لا يقصدون بما يكتبون إلا نجاح الأمم،
مع التنزه عن الأغراض، فبعد ما عمّ الذهول، واستولت الدهشة على العقول وقل
القارئون، والكاتبون لا تجد لهم قارئاً، ولئن وجدت القارئ فقلما تجد الفاهم،
والفاهم قد يحمل ما يجده على غير ما يراد منه لضيق في التصور أو ميل مع
الهوى، فلا يكون منه إلا سوء التأثير
…
»
محمد عبده: العروة الوثقى /56.