المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌اليمن:بين حلم الوحدة.. وواقع السلطة - مجلة البيان - جـ ٧١

[مجموعة من المؤلفين]

الفصل: ‌اليمن:بين حلم الوحدة.. وواقع السلطة

المسلمون والعالم

‌اليمن:

بين حلم الوحدة.. وواقع السلطة

د. عبد الله عمر سلطان

في صمت بالغ، وظروف خفية، وغرف مغلقة

صُنعت الوحدة وأُبرمت

صفقة الدولة الجديدة/ القديمة

ثم ها هي أعوام تمر منذ ظهورها وإذا النتائج

المُرّة تظهر على السطح وتبدو لكل عين مبصرة

فالحديث ذو الصوت الأجش

والاتتهامات المدوية باتت حديث المجالس، ومحور اهتمام الأصدقاء قبل الأعداء،

حتى لم يعد هناك حاجة لحاسة البصر في ظل هذا الضجيج المتوالي..

ولم يكن من المستغرب أن تصل الأحداث في اليمن إلى هذا المأزق وتلك

الزاوية الحادة

إنها إفراز طبيعي، ونتاج متوقع «للطبخة السياسية» التي

أخرجت مشروع الوحدة بسرعة ودون إنضاج كافٍ، فإذا بهتافي الأمس وراقصي

البارحة يندبون حظ اليمن التعس، ومأزق الوحدة المتفجر، ويتناقلون الحديث عن

التصفيات الجسدية المتبادلة، والتشطير القادم لا محالة، وكأنه نتيجة مقطوعة عن

أسبابها، ومولود غير شرعي لفراش الوحدة البائس

فلكل من يتساءل عن اليمن

ومأساته الحالية: هل من خير في حُمّى الصراع القائم اليوم بين الأصدقاء

المتربصين بعضهم ببعض، وبشيء من البسط والتحليل المنطقي نستعرض بعض

الأسئلة التي لابد من الإجابة عليها إن عاجلاً أو آجلاً..

التركيبة والثمن:

قصة الوحدة لا يمكن أن نبدأها من نهايتها أو من منتصفها

إنها تستحق أن

تُبْدأَ منذ اللحظة الأولى التي رأت فيها الفكرة النور، وحقيقة الأسباب التي أسرعت

بإنجازها

لاشك أن عالمنا الإسلامي والعربي خصوصاً يعيش هذه القطرية المصطنعة

بعد قرون من الانحسار العقدي، الذي أدى في النهاية إلى زوال دولة الخلافة

العثمانية، وانهيارها؛ ومن ثم بروز مشروع الدولة القطرية العلمانية الذي حقق من

خلاله الغرب العديد من الأهداف دفعة واحدة، وفي المثال اليمني ظل حكم الأئمة

الزيديين في الشمال نموذجاً فجاً لحالة التخلف والانحسار الذي أدى إلى ما أشرنا

إليه من استباحة لديار الإسلام وشريعته ودولته العادلة، كان الإمام الحاكم في

صنعاء يمثل أوضع تمثيل معاني الجمود والمذهبية والتخلف الذي لا يمت إلى

جوهر الإسلام بصلة، وإن حكم باسم شعار الدين في تلك الفترة، وإن تولى مقاليد

الحكم (آل حميد الدين) من منطلق حماية اليمن من الآخرين، أما جنوب اليمن فكان

صورة أخرى من صور الدهاء الاستعماري البريطاني حيث تحكم بريطانيا الساحل

الاستراتيجي مباشرة، وذلك في منطقة عدن، بينما يتحكم حكام ومشائخ صوريون

في بقية المناطق الداخلية التي لا يوجد فيها مصالح اقتصادية أو عسكرية مباشرة،

عملاً بمبدأ فرق تسد

حتى إن هذه المشيخات الهزيلة كانت تتشاحن فيما بينها

على أحقية كل منها في إصدار طوابع البريد الفاخرة، التي كانت تمثل الدخل العام

الرئيس لبعضها، بينما لم تكن تملك من مقومات الدولة شيئاً، أو من مستلزمات

السيادة إبجدياتها.

لقد استعمر الإنجليز الجنوب لعقود طويلة حرصوا خلالها على امتصاص

خيرات البلاد، وتطوير مناطق التماس بمصالحهم المباشرة، والمتمثلة في ميناء

عدن وما حوله، أما الداخل أو ما يشكل أغلبية البلاد فظل يحكم بأسلوب لا يقل

تخلفاً عن شمال اليمن، وإن كان تسلط «مشيخات الطوابع» أقل بكثير من تسلط

حكم آل حميد الدين، الذين حسبوا أن الاستقلال عن الاستعمار يعني أن يمارسوا

استعماراً داخلياً، لا يقل أذاه عن الاستعمار الخارجي في ظل حالة من التردي

العقدي، حيث كان الخرافيون وطابور الصوفية ينخر في جنوب اليمن كما كانت

المذهبية والقبلية تكبلان شماله؛ ودون الخوض في تفاصيل «الاستقلال» الذي

حصل للشطر الجنوبي، فإن من الأهمية بمكان أن نشير هنا إلى أن الثورة التي

قامت في الشمال بُعَيْد الإطاحة بحكم الأئمة، ظلت تتصرف بنمط سياسي لا يبعد

كثيراً عن الأئمة وأدواتهم السياسية

صحيح أن الآلاف من أبناء اليمن قد قتلوا

نتيجة قتال وحشي، وتدخل مصري هو أقرب للتورط، إلا أن الثورة سرعان ما

ظهرت على أنها صورة أخرى لواقع العالم الثالث المتخلف والشديد الجمود

فالثورة لم تكن تحمل رسالة حقيقية تنهض بالشعب اليمني، بل إنها كانت تحمل

شعاراً ضخماً وفضفاضاً يحاول أن يرضي الذين صنعوها، والذين يشكلون خطراً

عليها

وهذا هو الفرق بين حركات إصلاحية تنبعث من صلب الأمة وذاتها،

وتلك التي لا تتعدى كونها موجة عابرة أو صدى مغشوشاً

قامت الثورة في الشمال وبعد عقدين من قيامها ظلت أدوات وتركيبة وتعقيدات

الوضع كما هي

فبدلاً أن يحكم البلاد إمام زيدي

جرى استبدال ذلك الإمام

بضابط

زيدي هو الآخر

، وظلت القبيلة ووجهاؤها أهم محرك ولاعب في

الحياة السياسية اليمنية

لكن بدلاً من أن يحكم مجلس القبيلة مباشرة استبدل ذلك

«بحزب» يحمل اسماً مستعاراً وجمع الشيخ بين المشيخة والمسؤولية الحزبية بدلاً

من أن تكون له المشيخة فقط في عهد الإمام

أما النمو الاقتصادي فظل بطيئاً

للغاية وظلت الثورة (حتى قبيل حرب الخليج) معتمدة على دعم «الإخوة العرب»

كما كان الوضع في عهد الإمام

أما نسبة الأمية فقد ساهمت الثورة في تخفيضها

بشكل متواضع حيث لازالت اليمن من البلدان التي تعاني من أمية طاغية.

المشكلة الحقيقية تكمن في أن الثورة اهتمت بالشكل كثيراً

ولم تهتم

بالمضمون

وربما كان أنصار الإمام المخلوع يؤكدون أن ما كان سيقوم به البدر

لو سنحت له الفرصة لايبتعد كثيراً عن إنجازات الثورات المتعددة التي وجدت

نفسها في النهاية تحتفل بعيد الثورة

لكن ما هو ثمن الثورة

الحقيقي، وما

هي إنجازاتها؟ !

صحيح إن النقلة التي تحققت في الشمال خلال حكم «الأئمة العسكر» كما

يحلو لبعضهم أن يسميهم، إتسمت بشيء من الحرية النسبية، والرضوخ لقواعد

اللعبة الجديدة، إلا أن «شعار الثورة» كان يفتقد في الحقيقة إلى رسالة إصلاحية

تبعث الشعب اليمني من سباته كما حَلُم المصلحون الأوائل الذين تصدوا للإصلاح

في عهد الإمام

فإذا بالوحدة المعروضة من قبل الشمال تشكل مخرجاً لقيادة

طموحة تبحث عن رسالة أو «برنامج» يجمع الشعب من حولها، كما يضيق من

حجم الخلاف حول الثروة البترولية المقبلة والتي تقع على الشريط الحدودي مع

دولة الجنوب التي كانت تعاني حقاً من نتائج ما سمي «حرب القبائل الشيوعية»

التي اندلعت في يناير 1986.

لقد كان الحزب الشيوعي الجنوبي يرى في الوحدة مخرجاً من مأزق تضاؤل

شعبيته، وانحسار شعاراته وإنجازاته، مع تفكك المنظومة الشيوعية التي كانت

تمده بالدعم، كما أن الموجة الإسلامية العارمة التي بدأت تدق الديار الجنوبية

تقتضي تحالفات إقليمية ودولية جديدة

لقد كان مأزق الشيوعيين الجنوبيين أكبر

بكثير من المأزق الذي عاشته حكومة صنعاء، لذا فقد سارعوا لركوب موجة

«الوحدة» التي أصروا على أن تصاغ تشريعاتها بأسلوب علماني مستفز لقطاع عريض من أبناء اليمن المسلم، ولكي تقع مسؤولية فشل مشروع الوحدة على عاتق «الرجعيين» من أبناء الحركة الإسلامية.

لقد كان مؤلماً أن يتحول مشروع مثل مشروع وحدة شعب واحد بعد طول

شتات إلى قنطرة تشكل مخرجاً لمأزق النظامين الشمالي والجنوبي، ويلقى بها طعماً

شهياً تلتهمه شعوب طالما تمنت التوحد بعد الشتات، والالتقاء بعد الافتراق والتكتل

بعد التشرذم، كما كان واضحاً منذ اليوم الأول أن ظمأ القابضين على مقاليد الأمور

في الشطرين، لا يطفئه إلا تقاسم النفوذ والسلطات في الدولة الجديدة، التي فصلت

في صورتها الوحدوية لتناسب مقاس الفريقين الحاكمين ولتهمش حركة المعارضة،

التي تمثلت في التيار الإسلامي الذي حاول أن يلفت النظر إلى فداحة جريمة

التلاعب بالدستور، وتحكيم غير كتاب الله لاسيما في المراحل الأولى للمشروع.

لقد بلغ الأمر بالمتفائلين واللاعبين على وتيرة العاطفة، ودغدغة المشاعر إلى

تشبيه وحدة ألمانيا بالوحدة اليمنية

وكم كان الفرق شاسعاً بين التجربتين

والولادتين

فالمؤسسات الدستورية عززت كلمة الشعب الألماني، ونقلت الشعار

إلى واقع وقدرت حجم النقلة وتكلفتها وانعكاسها، بل مخاطرها على مشاعر

وأحاسيس الشعوب المجاورة

أما الوحدة اليمنية فكانت شعاراً جميلاً عززته

مطامع الحكام، وغذته طموحات الآمرين والناهين، وشكلته في نهاية المطاف

مآزق ومنطلقات حرجة، بدلاً من أن يكون مشروعاً تحميه المؤسسات والأفراد

والأحرار

وحتى لا نلوم اليمن وحده؛ لأن في مثاله نماذج شبيهة لحالات قائمة فإن

المجتمعات التي تفهم من الثورة أنها شعار جذاب، والوحدة أنها علم واحد والدولة

على أنها تقاسم للمناصب والثروات، والديموقراطية أنها ثرثرة سياسية وتجميع

للأزلام والمحاسيب في صورة حزب

هذه الشعوب تملك الشعار لكنها وقت

الاختبار تعجز عن حمايته والذود عنه، فهيكلية السلطة وتوزيع القوة في هذه

المجتمعات هو رهن القوة المجردة، والتي تتمثل اليوم في اليمن في قوى رئيسية

ثلاث: الجيش (بشقيه الشمالي والجنوبي) و (القبيلة) و (مافيا) السوق المستفيدة من

الوضع القائم «

وهي قوى تملك من خلال علاقتها وتحالفاتها أن تقول للوحدة

استمري إذا كان هذا في مصلحتها

أو أن تقول لها انفرطي إذا كان هذا لا يخدم

مصالحها الضيقة

إنها لغة واحدة: لغة القوة لا لغة العاطفة والأحلام هي التي

تقرر مصير ومستقبل وحدة كهذه

أما الشعوب التي لا تملك المؤسسات والرموز

والجذور القوية القادرة على فرض إرادتها وإيصال رسالتها، فهي لا تمثل في

المحصلة النهائية إلا سوقاً استهلاكياً مشاعاً تمارس الزعامات من خلاله زعامتها،

وتطل المليشيات عليها لتلقي هتافات النصر وأهازيج الانتصار

الانتصار إما

بحصول الوحدة أو بانقشاعها حسب ما تقرره المليشيات الحاكمة.

فتش عن الأصوليين! !

الساحة اليمنية في أحداثها المتلاحقة اليوم ساحة تملك كل عناصر الإثارة

الإعلامية والصحفية، التي يحاول جهاز الإعلام العربي ترسيخ أسبابه وتسطيح

جذوره ومكوناته في عنصر واحد لا غير

هو سبب الشقاء الواقع والانكسار

المخيم على الديار

إنه الإسلام ودعاته ممن يسمون بالأصوليين

في اليمن

اليوم كل ما يذكر القاريء العربي بهذا» المارد «الذي رُسمت ملامحه في الشقق

المهاجرة التي تمارس الصحافة

في اليمن اليوم اغتيالات وعدم استقرار، وفرار

رؤوس الأموال، وتضخم مخيف، وتحركات عسكرية وتهديدات متبادلة لا يمكن

أن تنطبق مواصفاتها إلا على الأصوليين» أعداء السلام «والاستقرار

لكن

الذي حصل ويحصل أمر آخر، فالأصوليون لسوء حظ الجهاز الإعلامي العربي

ليسوا في الصورة، بل إنهم عامل تهدئة للأوضاع (حتى لو كانت فاسدة) وتركيز

لوحدة طالما اعترضوا عليها بالأمس لكفر تشريعاتها، ثم هم اليوم يحاولون تعديلها

بعد أن تكشف للجميع أن الذين يعملون على التشرذم والشقاق والتشطير ليسوا هم

الإسلاميون» الرجعيون «، بل إنهم التقدميون

نعم الأخوة التقدميون شمالاً

وجنوباً

والأمر يعود ببساطة إلى أن هذه القوى التي مارست الحكم قبل الوحدة لا

يمكن أن تستمر في جو الاستقرار، والتعددية الحقيقية، والرأي الحر المدعوم بقوة

شعبية

لقد كانت فترة الوحدة منذ يومها الأول مرحلة استقطاب للقوى وتقاسم

للنفوذ والسيطرة

المؤتمر الشعبي الحاكم في الشمال يمثل مصالح وطموحات

الرئيس اليمني، وحوله الرموز القبلية والبطانة التي رأت في الوحدة صفقة رابحة

أما الحزب الاشتراكي فهو لا يمكن أن يوصف إلا بأنه مليشيا حكمت

بالحديد والنار شعباً أعزل، ثم لما رأت المليشيا أن سلطتها تتآكل وفطن قادة الحزب إلى أن نفوذهم يتقلص، لجأوا إلى إثارة أكثر المشاعر رجعية وتخلفاً وهمجية حين بدأوا يثيرون النعرات العرقية والمذهبية، في سبيل بقائهم في الواجهة

إنها معركة لا تحتمل وجود طرف آخر، فالوحدة كانت وربما ستظل وسيلة لتصفية الحسابات، وإحكام القبضة على السلطة بعد حدوث المتغيرات الدولية الضخمة منذ عام 1989.

أليست السلطة الحاكمة في عالمنا العربي تطرح مأزقها اليوم في اليمن بكل

ثقله وانعكاساته وظلاله السوداء

ألا يستحق هذا المشهد الحاضر الآن أن تُسلط

عليه الأقلام المستقلة، والصحافة الحرة، بعض الضوء حينما تناقش الانهيار في

مناطق ساخنة عديدة في عالمنا العربي تُربط بظاهرة العودة إلى الجذور

إلى

الإسلام

؟

فتش عن الإسلاميين في أمثلة عديدة تجد أنهم ليسوا كما يصور أصحاب

القلوب المريضة، والأقلام المنتفشة حين يزعمون أنهم سبب كل مصيبة. وداء كل

جسد عليل

الإسلاميون في كثير من الأمثلة عوامل استمرار لهذه الأوضاع

القائمة

ونتاج طبيعي لعقد اجتماعي/ سياسي يمارس الفشل تلو الآخر ويتاجر

حتى بأقدس المشاعر، وأكثر الأحاسيس حرارة

المثال اليمني جدير بالتحليل والدراسة لأنه نسخة مكررة للنظام العربي

المأزوم اليوم، والوحدة اليمنية حلم جميل في طريق توحد الأمة، لكنه يواجه

بكابوس السلطة التي لا تعترف بالأحلام ولا تراعي المشاعر بل قد تتاجر بها

هنا بالضبط يكمن داء الوحدة اليمنية

وربما يكمن غدها القلق

هنا أيضا..

ص: 43

المسلمون والعالم

كوسوفو المسلمة.. المنسيّة

عبد الله الكوسوفي

تمتد منطقة كوسوفو (والأراضي الألبانية المسلمة في يوغسلافيا سابقاً) نحو

(20)

ألف كم2 تجاورها (مقدونيا) من الجنوب الشرقي، وصربيا في الشمال

الشرقي، وسنجاق والجبل الأسود من الشمال الغربي، وتحيط كوسوفو من الجنوب

ألبانيا (الدولة الأم) والمحيط الإدرياتيكي وبحيرة برسبا.

وتمثل كوسوفو بالنسبة للمسلمين الألبانيين كل الأراضي الألبانية المستولى

عليها من قبل صربيا والجبل الأسود من عام 1787م حتى 1945م، وتسكن هذه

الأراضي الغالبية العظمى من المسلمين الألبان من القديم وإلى يومنا هذا.

ومن أجل تسهيل عملية القضاء على هذا الشعب المسلم فقد جزأت السلطات

الصربية

-وبترحيب من مؤتمر لندن سنة 1913م - منطقة كوسوفو وضمت تلك

الأجزاء إلى ثلاث جمهوريات يوغسلافية: ماقدونيا والجبل الأسود وصربيا.

أصل أهل كوسوفو:

إن أصل الكوسوفيين (الألبان) من القبائل الإيليرية ذات الجنس الآري وسموا

بأكثر من اسم منها: الألبان والأرناؤوط واشكيبتار، واتفق المؤرخون على أنهم

أول من نزل شبه جزيرة البلقان في عصر ما قبل التاريخ على شواطيء البحر

الأدرياتيكي الشمالية والشرقية قبل آباء اليونان، وكان ذلك منذ أكثر من ثلاثة آلاف

سنة، ثم توسعت وانتشرت القبائل الإيليرية في أنحاء البلقان، وبعد ذلك اجتمعت

القبائل وانتخبت رئيساً لها وأنشأوا دولة لهم قبل الميلاد بثلاثة قرون؛ وجمهورية

كوسوفو اليوم تقع في الموقع الذي كان يسكن فيه أجدادهم الداردانيون والقبائل

الإيليرية الأخرى، وكانت دولتهم تسمى داردنيا، وبمرور الزمان ضعفت دولتهم

فاحتلها الرومان، وبقيت تحت احتلالهم إلى أن زالت امبراطوريتهم، وانقسمت إلى

شرقية وغربية فأصبحت بلاد الألبان تحت حكم الإمبراطورية الشرقية، حتى فتح

العثمانيون بلادهم ونعمت قروناً تحت حكمهم.

اعتناق الكوسوفيين الإسلام:

اتفق المؤرخون على أن الإسلام دخل إلى البلاد البلقانية قبل الفتح العثماني،

وذلك عن طريق التجار والدبلوماسيين والدعاة، إلا أن ذلك كان على نطاق ضيّق

ومحدود، أما انتشار الإسلام في تلك البلاد فقد كان بعد مجيء العثمانيين، ودخل

فيه الشعب الألباني أفواجاً، وحسن إسلامهم وكان منهم في الدولة العثمانية القواد

العظام مثل بالابان باشا (قائد من قواد فتح القسطنطينية) وكبار الكتاب والشعراء

(كانوا يؤلفون بلغات خمسة هي: الألبانية والبوسنوية والعربية والتركية والفارسية)

مثل محمد عاكف أرسوي رحمهم الله جميعاً.

وقد تمكن الحكم العثماني في جزيرة البلقان بصورة نهائية بعد المعركة

الشهيرة المسماة «معركة كوسوفو» ، التي قاد فيها السلطان العثماني مراد الأول

الجيش الإسلامي بنفسه، وقبيل فوز الجيش الإسلامي استشهد السلطان مراد وتسلم

القيادة السلطان بايازيد، وانتصر على الجيوش المتحالفة (الأوروبية) وقتل الملك

لازار (الصربي) وذلك سنة 792 هـ (1389 م) ، فبعد هذه المعركة الحاسمة

خضعت كوسوفو وصربيا تحت الحكم العثماني ما عدا مدينة بلغراد فإنها فتحت في

عهد السلطان سليمان القانوني، وذلك في 26 من رمضان المبارك سنة 938هـ

(1521م) .

وكانت ولاية كوسوفو إحدى أكبر الولايات العثمانية في «رومليا» (أوروبا)

وكانت أول عاصمة لها مدينة بريزرن (PRIZREN) ثم بريشتينا

(PRISHTINA) وفي الأخير مدينة اشكوب (SHKUP) عاصمة مقدونيا اليوم،

ومازال فيها إلى يومنا هذا عدد من الألبان أكبر من عددهم في تيرانا عاصمة ألبانيا.

بعد اضطهادٍ بشع في الفترة الشيوعية الأولى (بعد الحرب العالمية الثانية)

نجح المسلمون الألبان في كوسوفو بالحصول على الحكم الذاتي، وذلك في أواخر

عهد الهالك تيتو؛ وفي مستهل الثمانينات عاد الصرب من جديد إلى تعديل الدستور

وابتلاع كوسوفو مرة أخرى، الأمر الذي رفضه المسلمون وقاموا سنة 1981 م

بثورة شعبية على مستوى كوسوفو كلها يطالبون فيها باستقلال (كوسوفو) عن

(صربيا) ومنحها حكم الجمهورية داخل يوغسلافيا الفيدرالية الشيء الذي جعل

السلطات الصربية تأمر القيادات العسكرية بقمع المظاهرات السلمية حيث نزل

الجيش المدجج بالدبابات والأسلحة الحديثة وقتلوا من المسلمين في يوم واحد أكثر

من 300 شخص.

فاستمر المسلمون في المطالبة بحقوقهم إلى بداية انهيار الشيوعية حيث بدأت

كل جمهورية تأخذ مسيرتها نحو استقلالها التام عن يوغسلافيا الفيدرالية فتوقع

المسلمون الألبان في كوسوفو كإخوانهم في البوسنة والهرسك أن ظهور الديمقراطية

والحرية في أوروبا الشرقية وفي الجمهوريات اليوغسلافية نفسها ستمنح لهم حقوقهم

أيضاً، فأعلنت البوسنة استقلالها (بعد سلوفينيا وكرواتيا) إلا أن أعداء الإسلام لم

يسمحوا بقيام دولة مسلمة وسط تلك المنطقة الأوروبية بل سعوا في قتل أهلها،

وتهجيرهم، وتشريدهم فحدث ما حدث من الجرائم الوحشية والمذابح الجماعية التي

شهدها العالم بأجمعه ولم يحرك لها ساكناً.

وكذلك المسلمون الألبان في كوسوفو أجروا فيما بينهم استفتاء في طور تفكيك

الاتحاد اليوغسلافي في سبتمبر «أيلول» 1991 م أسفر عن انحياز الأغلبية

المطلقة للاستقلال، وتطور الأمر إلى انتخاب مجلس نيابي وتشكيل حكومة

وتنصيب رئيس لجمهوريتهم المستقلة: هو الدكتور إبراهيم دوغوفا ولكن الحكومة

الصربية تجاهلت كل هذه الإجراءات واعتبرتها كأن لم تكن بل بدأت بمرحلة جديدة

من الاعتقالات والتعذيب والاضطهاد فاقت سابقاتها حيث سحبوا أدنى الحقوق

الإنسانية من هذا الشعب الأعزل.

مخطط تدمير الاقتصاد الكوسوفي:

إن حكومة بلغراد لم تتورع في استخدام أية وسيلة في سبيل إرغام المسلمين

الألبان على الهجرة من كوسوفو.

ففي المجال الاقتصادي على سبيل المثال ذكرت جريدة «بويكو» الألبانية

أن حكومة صربيا ماضية في إخضاع اقتصاد كوسوفو لسلطة بلغراد المباشرة،

وذكرت أن 296 شركة عامة في كوسوفو تم دمجها بـ 173 شركة مماثلة في

صربيا، من بينها جميع منشآت الطاقة الكهربائية، وشبكة السكك الحديدية

وشركات النقل، والطيران المدني، واستخراج المعادن، وصناعات المطاط

والنسيج والجلود، والمواد الكيماوية، والانتاج الزراعي، والغذائي ومجالات

السياحة، وهذا يعني أن حكومة صربيا تسرق من كوسوفو بلايين الدولارات،

إضافة إلى سيطرة بلغراد التامة على جميع مناجم كوسوفو وتعطيلها، وتفريغها من

العمالة المسلمة ومن الخبراء المسلمين، الشيء الذي جعل منجم «تربجا» (أكبر

المناجم في يوغسلافيا السابقة والمشهور بالرصاص والذهب والفضة والمواد

الكيماوية الأخرى) في مدينة ميتروفيتا يخسر سنويا (000ر200ر57) دولار، كل

هذا بسبب عدم وجود عدد كافٍ من العمال وبسبب عمل غير المتخصصين من

الصربيين.

ومن ناحية أخرى أخذت الحكومة الصربية منذ شهور بتقطيع الأشجار في

الغابات الكوسوفية وشحنها إلى صربيا والجبل الأسود للاستفادة منها هناك ويتجاوز

هذا التقطيع (000ر500) متر مكعب.

ومن ذلك الاستيلاء على الأراضي الزراعية التابعة للمسلمين، وبناء

مستوطنات صربية عليها، وخاصة في الأماكن التي فيها كثافة المسلمين الألبان

كبيرة.

من ناحية أخرى تستمر السلطات الصربية في فصل المسلمين من العمل

بشكل كبير جداً مع أن نسبتهم في الماضي كانت ضئيلة جداً، ففي سنة 1981م

كانت نسبة العمال من جميع الشعب الألباني 11% فقط. وفي السنوات الأخيرة

تقلصت هذه البقية الباقية من المسلمين حينما طردت (520) عائلة مسلمة من

منازلهم، وهناك (000ر500) شخص تحت خطر المجاعة.

المجزرة القادمة في كوسوفو:

إن كوسوفو منذ سنة 1981 م وإلى يومنا هذا تعيش حالة الطواريء وقد بلغ

عدد الجنود الصربيين أكثر من 85 ألف جندي وظيفتهم قهر وبطش المسلمين وقد

أجروا في الأيام الأخيرة تمشيط للمدن والقرى المسلمة لمصادرة الأسلحة التي لم

توجد أساساً لدى الأهالي المسلمين بخلاف البيوت الصربية الممتلئة بأنواع من

الأسلحة المختلفة، وقد اعترف بذلك رئيس الوفد «البرلماني الأوربي» «جون

دي» ، الذي زار كوسوفو في هذا الشهر حيث يقول: «إن الصرب شددوا من

إجراءاتهم لطرد الألبان من كوسوفو وذلك بالضرب والقتل والسجن والتهديد

والسرقة وسحب الأسلحة..

كل هذه الاجراءات الصربية، ليست إلا مقدمة صريحة للمذبحة الكبيرة التي

ينويها هؤلاء المجرمون ضد المسلمين الكوسوفيين، وما جرى لإخواننا في البوسنة

تحت مرأى ومسمع من العالم بأجمعه أكبر دليل على ذلك، وقد تكون ضربة

المسلمين في كوسوفو أشد وأنكى حيث تتميز كوسوفو بالنسبة العالمية للمسلمين

وفيها مدن وقرى خالية من الصرب (بخلاف المدن البوسنية) فيسهل عليهم قصفها

وتدميرها دون أي تردد، لاسيما ونحن نرى تخاذل الموقف الدولي تجاه هذه القضية

الخطيرة التي قد تتفجر في أي لحظة، ويروح ضحيتها عشرات بل مئات الآلاف.

ملخص جرائم النظام الصربي ضد المسلمين في كوسوفو من 1981م إلى يومنا هذا:

- قتلت السلطات الصربية خلال هذه السنوات مئات المسلمين الألبان وذلك

في حالة السلم من غير إعلان حرب في كوسوفو.

- قتل أكثر من 100 جندي ألباني خلال خدمتهم العسكرية في الجيش

اليوغسلافي (الصربي) وجرح أكثر من 600.

- وضعت السلطات الصربية سنة 1990 م سماً في خزانات مياه المدارس

بمدن كوسوفو وتسمم منها أكثر من سبعة آلاف طفل.

- فصل من العمل أكثر من 150 ألف عامل مسلم، وكان عددهم الإجمالي

قبل ذلك 200 ألف عامل مسلم فقط.

- احتلت صربيا جميع مستشفيات كوسوفو وطردت جميع الأطباء

والممرضين الألبان، فليس اليوم للمسلم في كوسوفو مستشفى يتجه إليه للعلاج،

وليس للمرأة الألبانية مستشفى ولادة تلد فيها.

- أغلقت تقريبا جميع المدارس الابتدائية والثانوية الألبانية.

- أغلقت المكتبة المركزية الجامعية وجميع مكتبات المدارس الأخرى وأخذت

السلطات الصربية كثيراً من الكتب العلمية النادرة ونقلتها بواسطة الشاحنات

العسكرية إلى مصانع الورق لتصنيعها ورقاً عادياً! !

- أغلقت أكاديمية العلوم والفنون في بريشتينا، وكذلك يمكن أن يقال عن

معهد الألبانولوجي لأن الدولة لا تنفق عليه.

- أغلق معهد التاريخ.

- أغلق التلفزيون والإذاعة (باللغة الألبانية) وصودرت الجريدة الوحيدة

اليومية باللغة الألبانية (ريلينديا) .

- فصل جميع الألبان العاملون في الشرطة من وظائفهم.

- بدّلت لغة الإدارة الألبانية بالصربية وذلك في جمهورية يبلغ فيها عدد

المسلمين 93 % ويبلغ عدد الصرب فيها 7 % فقط! !

ماذا بعد هذه الحقائق الثابتة التي اعترف بها حتى ممثلوا السياسة الغربية؟

هل سيبقى المسلمون مكتوفي الأيدي دون اتخاذ أية إجراءات تساعد في إيقاف هذه

المعاناة، ومنع وقوع مجزرة بشرية جديدة في قطر جديد من العالم الإسلامي؟

أو سيطلق المسلمون كما نرجو هذه المرة المقولة الشهيرة (الوقاية خير من

العلاج) قبل انتقادهم بالمشاعر والعواطف، فيما يرون تلك الدماء البريئة

والأعراض المنتهكة وما أكثرها عند المسلمين هذه الأيام.

لذا نرفع أصواتنا إلى جميع المسلمين في العالم للقيام بواجب الاخوة الإسلامية

لمنع حدوث مذابح متوقعة

والله نسأل أن يعلي كلمته ويعز جنده.. والله غالب على أمره

ص: 51

المسلمون والعالم

حقيقة المفاوضات

بين جبهة تحرير مورو الوطنية والحكومة الفلبينية

وموقف جبهة تحرير مورو الإسلامية

محمد أمين

وردنا من مكتب الإعلام الخارجي لجبهة تحرير مورو الإسلامية البيان رقم

(29)

الصادر في غرة هذا الشهر والمتضمن موقف الجبهة بين المفاوضات الأخيرة

مع الحكومة النصرانية في الفلبين والأعمال الجهادية التي قام بها المجاهدون مؤخراً.. ويسرنا إيراد أهم ما فيه، شاكرين للجنة الإعلام الخارجي تواصلها.

- البيان -

لعل إخواننا المسلمين المهتمين بالقضايا الإسلامية ومنها قضية مسلمي مورو

في جنوب الفلبين يتساءلون عن موقف جبهة تحرير مورو الإسلامية إزاء

المفاوضات التي جرت في جاكرتا أندونيسيا من 26/10 - 6/11/1993م بين

جبهة تحرير مورو الوطنية وبين الحكومة الفلبينية الصليبية.

وقبل بيان موقف جبهة تحرير مورو الإسلامية نوضح فيما يلي بعض الأمور

التي حدثت قبل المفاوضات المذكورة:

1-

بدأت مفاوضات مسواري مع مندوبي الفلبين في طرابلس ليبيا سراً

بواسطة الرئيس الليبي في العام الميلادي الماضي (1992م) واستمرت الاتصالات

السرية بين الجانبين منذ ذلك الوقت إلى أن تم الاتفاق على استئناف المفاوضات في

14-

16/4/1993م في أندونيسيا وأعلنت في هذه الجولة بعد أن سادها كتمان محكم

خلال العام الماضي وأوائل هذا العام، وبعد هذه الجولة المعلنة استمرت الاتصالات

بين الجانبين إلى أن تم الاتفاق على عقد جولة ثالثة من المفاوضات في 26/10- 6

/11/1993م في جاكرتا أندونيسيا.

2-

المفاوضات المذكورة التي عقدت في أندونيسيا لم تتوصل إلى أي شيء

سوى الاتفاق على وقف النزاع بين جبهة تحرير مورو الوطنية وحكومة راموس،

واستمر الحوار بين الجانبين.

3-

أثناء المفاوضات السريّة بين جبهة تحرير مورو الوطنية وحكومة

راموس الصليبية اتصلت حكومة الفلبين عدة مرات بجبهة تحرير مورو الإسلامية

بقيادة أميرها الشيخ/ سلامات هاشم وعرضت عليها التفاوض معها ولكن جبهة

تحرير مورو الإسلامية رفضت، وتكررت الاتصالات ولكن بدون جدوى، وذلك

لأن دولة الفلبين لا تريد التعايش أو السلام مع المسلمين وإنما تريد استمرار

استعبادهم وسيطرتها على بلادهم لتستمر في سرقة أموالهم ونهب خيراتها.

موقف الجبهة من المفاوضات المذكورة:

1-

إذا اتفق الجانبان على تنفيذ اتفاقية طرابلس المعروفة كاملةً نصاً وروحاً

دون اهمال أي بند من بنودها، فلن تعارض الجبهة هذا الحوار لأنها تعتبر الاتفاقية

المذكورة اتفاقية مقبولة.. أما إذا لم تنفذ الاتفاقية كاملة أو أهمل بند من بنودها أو

جزء من أي بند من بنودها، فستعارضها الجبهة الإسلامية معارضة شديدة،

وترفض أي اتفاق أقل أو أدنى من اتفاقية طرابلس في عام 1976م.

2-

على أن تنفيذ اتفاقية طرابلس لا يتم إلا إذا طبق الحكم الإسلامي، فلا

معني لاعطاء المسلمين حرية دون أن يحكموا أنفسهم بكتاب الله وسنة رسوله -

صلى الله عليه وسلم، وعند عدم تطبيق الشريعة الإسلامية فإننا نعارض الاتفاقية

معارضة شديدة ونستمر في الجهاد في سبيل الله لأن هدفنا هو إعلاء كلمة الله

ونصرة دينه، وهذا لا يتم إلا إذا طبقت الشريعة الإسلامية تطبيقاً كاملاً في جميع

شؤون الدولة وحياة المجتمع والفرد؛ علماً بأن جبهة تحرير مورو الإسلامية تعد

الآن من خلال مجلس الشورى وهو جهازها الدستوري والاستشاري تعد دستوراً

إسلامياً على ضوء الكتاب والسنة وتطبقه في كل شبر من أراضي مورو المحررة.

3-

لا علاقة لجبهة تحرير مورو الإسلامية بقيادة أميرها الشيخ/ سلامات

هاشم وجماهير شعب مورو المسلم الذين يلتفوا حولها بالاتفاق المذكور على وقف

النزاع بين جبهة تحرير مورو الوطنية (مسواري) وحكومة راموس الصليبية الذي

توصلت إليه في مفاوضاتها بأندونيسيا في 26/10- 6/11/1993م؛ وإن مجاهدي

جبهة تحرير مورو الإسلامية ثابتون في خنادقهم في الجبهات القتالية وهم شاهرون

السلاح أمام العدو المعتدي، وبعض الفصائل الجهادية تستمر في عملياتها العسكرية

وهجومها المضاد ضد القوات المسلحة الفلبينية التي قامت وتقوم بعمليات همجية

ضد المسلمين المدنيين العزل، وقد تصاعدت المعارك بين مجاهديها وبين جنود

راموس الصليبيين أثناء المفاوضات المذكور، وذلك أن جنود العدو الماكر اعتدوا

على المسلمين الآمنين العزل ودافع مجاهدونا عن هؤلاء المسلمين الأبرياء فقاموا

بهجمات مضادة ضد أولئك المعتدين، وقد تكبدوا خسائر فادحة في الأرواح

والعتاد.

اعتداء صليبي على مجاهدي جبهة تحرير مورو الإسلامية:

بعد يوم واحد فقط من توقيع اتفاقية وقف النزاع بين الجبهة الوطنية وحكومة

راموس الصليبية، هاجم جنود راموس الصليبيون أحد مواقع مجاهدي جبهة تحرير

مورو الإسلامية في الجبهات القتالية على حدود محافظة ماجينداناو المتاخمة

لمحافظة لاناو الجنوبية، وكان ذلك يوم الاثنين 2 جمادى الأولى 11هـ ووقع

الجانبان على اتفاقهما يوم السبت 22 جمادى الأولى 11هـ؛ ورد مجاهدونا على

هذا الاعتداء بهجوم مضاد، وبعد معركة عنيفة استمرت خمس ساعات أو أكثر

تقهقر جنود العدو المهاجمون وطاردهم مجاهدونا واستولوا على أحد مواقع المعتدين

بعد أن قتل منهم ثمانية عشر جنديا صليبيا واستولى المجاهدون على أسلحتهم

وعدتهم وكان هجوم العدو أثناء اجتماع اللجنة المركزية للجبهة الإسلامية في مكان

قريب من الموقع الذي تعرض للهجوم، وكان هذا الاعتداء الغادر متوقعا فقد أعلن

الرئيس فيديل راموس يوم السبت 22 جمادى الأولى 1414هـ أي قبل يومين من

هجوم قواته على موقع مجاهدينا أن الاتفاق على وقف النزاع بين حكومته وبين

جبهة مسواري الوطنية فقط وأن جبهة تحرير مورو الإسلامية بقيادة سلامات هاشم

ليست طرفاً في الاتفاقية ومن ثم لا تشملها الاتفاقية على وقف النزاع، ورحبنا بذلك

التصريح.

حكومة راموس توزع الأسلحة على النصارى:

من الدلائل التي تدل على أن الحكومة ليست جادة في مفاوضاتها السلمية مع

الجبهة الوطنية، وأنها مصممة على تنفيذ خطتها لمحاولة القضاء على الإسلام

والمسلمين في بلاد مورو المحتلة: أنها وزعت ومازالت توزع أسلحة متطورة على

النصارى المستوطنين، وتم توزيع آلاف من الأسلحة خلال الأسبوعين الماضيين

على المستوطنات النصرانية المجاورة للقرى الإسلامية وهؤلاء النصارى الذين

وقعت في أيديهم الأسلحة يقتلون كل مسلم يجدونه ذكراً أو أنثى طفلاً أو شيخاً بل

حتى الرُضّع، لاعتقادهم أن الطفل المسلم الرضيع سيكبر وسيكون عدواً لهم.

ونتيجة لهذه الأعمال الهمجية قد تشرد عشرات الآلاف من المسلمين تاركين

وراءهم بيوتهم وكل ما يملكون، فضلاً عن مزارعهم وحقولهم التي هي مصدر

رزقهم اليومي، وقد نهب الصليبيون المعتدون جميع أموال المسلمين المتروكة حتى

الأواني والأدوات المنزلية، ولم يبقَ لهؤلاء المشردين شيء سوى الملابس التي

على أجسادهم، وبعد أن نهب وسرق النصارى أملاك المسلمين حرقوا بيوتهم

ودمورا قراهم، وقد تعاونوا على القيام بهذه الأعمال الهمجية مع جنود راموس

الصليبيين.

عمليات جهادية لرد عدوان المعتدين:

يقوم مجاهدونا بهجمات مضادة لرد عدوان المعتدين، وقد نفذوا عدة عمليات

جهادية ناجحة والحمد لله خلال الأسبوع الماضي، ونذكر بعضها فيما يلي:

الهجوم على مركز المليشيا النصرانية في قرية اينلابو بمحافظة يوكيدنون في

يوم الثلاثاء 25 جمادى الأولى 1414 هـ، وأسفر الهجوم عن مقتل عشرين من

رجال المليشيا وإصابة أربعة عشر منهم، وانسحب المجاهدون للفارق الكبير جداً

بين المجاهدين والمعتدين عدة وعتاداً.

وفي اليوم التالي: الأربعاء 26 جمادى الأولى 1414 هـ «هاجم مجاهدونا

مركز جنود العدو في مديرية دامولوج بنفس المحافظة، وبعد قتال شديد مستمر

استمر ست ساعات تقريباً انسحب المجاهدون تجاه مجموعة من الميليشيات التابعة

للعدو، وقد فتح رجالها النيران بمجرد شعورهم باقتراب المجاهدين، وانسحب

المجاهدون إلى اتجاه آخر دون إطلاق النار فصارت المعركة بين جنود العدو الذين

يطاردون المجاهدين وبين المليشيات الحكومية المذكورة، وترك المجاهدون رجال

العدو يقاتلون بعضهم بعضاً، وقد قتل عدد كبير من الجانبين ولم يدركوا أنهم وقعوا

في خدعة مدبرة إلا بعد أن سقط منهم الضحايا الكثيرون حيث جعل الله

بأسهم بينهم.

وفي مساء نفس اليوم هجم المجاهدون على معسكر العدو في قرية أنجاآن في

نفس المحافظة، وكان جنود العدو يدربون المليشيات النصرانية في هذا المعسكر

لإعداد رجالها في حرب المسلمين، وقد لقي عدد كبير من الجنود والمتدربين

مصرعهم ويقدر عدد المقتلوين بأكثر من ثلاثين والمصابون كثيرون.

وفي الصباح الباكر من اليوم التالي: الخميس 27 جمادى الأولى 1414هـ

وقعت دورية العدو في كمين نصبه مجاهدونا في قرية بنابونان بنفس المحافظة

(بوكيدنون) وقتل جميع جنود الدورية وهم 28 جنديا واستولى مجاهدونا على جميع

أسلحة المقتولين وأجهزتهم الحربية.

وفي نفس اليوم وقعت سيارة عسكرية للعدو في كمين نصبه مجاهدونا في

الطريق العام على حدود محافظة لاناوا الجنوبية المتاخمة لمحافظة لاناو الشمالية،

وقتل ثلاثة من جنود العدو في السيارة وأصيب ثمانية منهم.

أما في مديرية بانيسيلان التي دمر الصليبيون ستة من قراها الإسلامية

وحرقوها بعد أن سرقوا ونهبوا جميع أموال المسلمين فيها، فكانت المعارك فيها

مستمرة منذ أن ارتكب الصليبيون جرائمهم البشعة وحتى الآن، وقد تمركز جنود

راموس مع المليشيات الصليبية في مركز المديرية وحاصرها مجاهدونا ويقومون

بغارات مستمرة على هؤلاء المجرمين.

وفي بلدية أليوسان المجاورة بدأت المعارك أمس السبت 29 جمادى الأولى

1414هـ بين مجاهدينا وبين جنود العدو، وتستمر المعركة حتى الآن وجنود العدو

يستخدمون خلال هذه المعارك المدرعات والمصفحات والمدافع الثقيلة كما

يستخدمون الطائرات العمودية (الهليكوبتر) والطائرات الهجومية ضد المسلمين

المدنيين العزل وضد مجاهدينا الذين لا يملكون سوى الأسلحة الخفيفة، ولكن مع

الفارق الكبير جداً في الإمكانيات فإن مجاهدينا يقفون بوجه هؤلاء المعتدين

الظالمين..

وعموما قد اندلع لهيب المعارك في أنحاء بلاد مورو المسلمة، ففي محافظة

باسيلان التي دمر جنود العدو الصليبي عدداً كبيراً من قراها وأحرقواها منذ شهور

وفعلوا فيها مثل ما فعلوا اليوم في مديرية بانيسيلان في تلك المحافظة الجزيرة التي

تضم جزيرة كاملة تستمر المعارك أيضا؛ وفي معاركهم قبل أمس (الجمعة 28

جمادى الأولى 1414 هـ) قتل سبعة من جنود العدو وأصيب عدد منهم، وكانت هناك معارك في هذه المنطقة لم تذكر في بياناتها السابقة لعدم وصول التقارير الميدانية إلينا إلا في هذه اللحظة، ولا تتسع المجال لذكر تفاصيلها.

ويكفي أن نقول إن مجاهدي جبهة تحرير مورو الإسلامية في جميع أنحاء

بلاد مورو قد عاهدوا الله على أن يمضوا قدماً في جهادهم في سبيل الله، إما أن

يمكن الله المؤمنين ليقيموا دولة الإسلام في أرض مورو وإما أن يستشهدوا فينعموا

بنعيم جنات الخلد إن شاء الله.. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله

وأصحابه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.

ص: 59