الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كلمة صغيرة
هذا هو الحل
في كل دول العالم للإعلام رسالة في التوعية والبناء، وله كذلك خطوط
حمراء لا يتجاوزها، يعرفها رجال الإعلام ربما حفاظاً على منجزات وضعية
ابتكرها البشر بضعفهم ونقصهم غير أنه بدعوى الحرية المزعومة قد تتعرض
المسلمات الشرعية وربما (الذات الإلهية) للسخرية؛ كما حصل على سبيل المثال
مؤخراً في (كاريكاتير) في إحدى الصحف الخليجية.. وهذه الخطيئة في نظرنا
حلقة من سلسلة طويلة تتكشف معالمها يوماً بعد يوم، وهي تعني أمرين:
1-
إما أن تلك الصحف تسيرها «شلل» مشبوهة لارقيب عليها والمسؤول
آخر من يعلم.
2-
وإما أنهم جميعاً مستهترون بقيم الأمة ومسلماتها، ومن أمن العقوبة أساء
الأدب.
إن موقفاً خطيراً كهذا لايكفي فيه نقد في زاوية من صحيفة أو مجلة، أو حتى
الفصل للمجترئ، وجعله كبش فداء، بل لابد من عقاب صارم لكل من خطه وأقره
ليكون في ذلك كل العبرة لمن يعتبر، وما زلنا نقول: إن العلمانية منهاج يبدأ
بفصل الدين عن الحياة وينتهي بمثل تلك التوجهات التي لاتقيم لكل مقدس قيمة.
لقد قرر علماء الإسلام أن عقوبة من سب الإله أو الرسل هو القتل، كما بسط
ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في (الصارم المسلول على شاتم الرسول) فحينما يطبق
ذلك الحكم هل يجترئ زنديق أو ملحد بشيء من ذلك..؟ !
افتتاحية العدد
ديموقراطية الجزائر.. إلى أين..؟
هل ستعود الديموقراطية حقّاً إلى الجزائر بعد عودة الانتخابات الرئاسية
المزمع إقامتها قريباً
…
؟ !
وهل ستخرج الجزائر من المأزق الكبير الذي تمرّ به
…
؟ !
أم إنها فصل جديد من فصول المسرحية، وانتخابات صورية تهدف إلى
إضفاء ما يسمى بـ «الشرعية الدستورية» ! على النظام العسكري الانقلابي،
وتقلل من حرج الأنظمة التي لا تخفي تعاطفها، بل ودعمها ومساندتها
للعسكريين..؟ !
لقد وئدت الديموقراطية (المزعومة) خوفاً على الديموقراطية كما يقولون،
وصودر خيار الشعب، وسحقت كلمته تحت جنازير الدبابات وأقدام العسكر،
وامتلأت السجون والمعتقلات حتى ضاقت برجالها، ودخلت الجزائر في دوامة من
الصراعات والاضطرابات، ثمرتها آلاف القتلى والجرحى.. وما زالت البلاد
مهيأة لمزيد من الفوضى والعبث.
والعجيب أنّ وسائل الإعلام الغربية فضلاً عن العربية تنحي باللائمة كلها
على من يسمونهم بـ (الأصوليين والمتطرفين) ، ولاتتحدث إلا عن التفجيرات
وقتل الرعايا الأجانب، ولا تلقي بالاً للتطرف والإرهاب الرسمي الذي يفتك بكل
وحشية وعنف ولا يرقب في مؤمن إلاّ ولا ذمّة.
وبعد هذا كله: ها هو ذا الشعار يعود ثانية تحت عنوان الديموقراطية
أيضاً
…
! !
ثم تتسابق القنوات الإعلامية ودهاقنة الصحافة العربية المهترئة إلى التطبيل
والتزمير، فقد عادت المياه إلى مجاريها، ورجع الحق إلى نصابه بعد أن قتل من
الأصوليين أعداء الديموقراطية من قتل، وسجن منهم من سجن، وعادت الجزائر
تبني طريقها إلى الحرية والمشاركة الشعبية، حتى زعم أحدهم: أنّ عيد
الديموقراطية أشرق من جديد بعد أن استجاب العسكريون لنداء العقل والمنطق..!
ربما يكون ذلك صحيحاً، فقد علمتنا الأنظمة العسكرية والأحزاب العلمانية أن
للديموقراطية معنى آخر يتقلب بتغير الأحوال.. بل يجب أن يكون ذلك صحيحاً..
وإلا فأوصاف التطرف والإرهاب والأصولية، معدة سلفاً..!
والشعوب المستغفلة، المغلوبة على أمرها، المثقلة بهمومها وجراحاتها،
مستعدة أومضطرة للتصديق، بل والتصفيق، شاءت أم أبت، فماذا تستطيع أن
تفعل بعد أن صودرت عقولها كما صودرت كلمتها..؟ ! وماذا تملك أمام ذلك
الاستبداد العسكري والحصار الاقتصادي والإعلامي..؟ !
إنّ سقوط الديموقراطية في الجزائر ليست تجربة محلية فحسب، بل إنها
أنموذج صارخ لفشل جميع الديموقراطيات الزائفة المهلهلة، التي تستنبت في أرض
سبخة، تحت مظلة الاستبداد العسكري، ورعاية الديكتاتوريات العنترية، التي
تجيد بكل جدارة واقتدار فن التلفيق والتزوير، والفارق البارز الذي يميز
ديموقراطية الجزائر أنها سقطت بشكل مفاجئ أذهلهم وأفقدهم اتزانهم وكشف الأقنعة
عن وجوههم الكالحة، وتبع ذلك ضجيج وصخب هائل..! وبهذا السقوط سقطت
مسلمات كثيرة كانت تلقن للشعوب صباحاً ومساءً
…
!
لقد علمتنا أحداث الجزائر المتتالية أنّ الغرب يتعامل مع المسلمين خاصة
بطريقة متميزة لا نظير لها، والعقلية الاستعمارية (الميكيافيلية!) مازالت هي التي
تحكم علاقاته بدول المنطقة الإسلامية، والغرب يدور مع مصالحه حيث دارت،
والشعارات الجميلة البراقة (الديموقراطية.. الحرية.. حقوق الإنسان..) تحظى
بعناية فائقة ما دامت تخدم مصالحهم الاستراتيجية، أما إذا تعارضت معها: فهي
شعارات جوفاء، مفرغة من أي معنى نبيل، والشعوب الإسلامية (البربرية
المتخلفة! !) لاتستحق كل هذا التكريم. وصدق المولى الحق تبارك وتعالى :
[وَلَن تَرْضَى عَنكَ اليَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ][البقرة: 120] .
وما أحداث الجزائر إلا حلقة واحدة ضمن سلسلة طويلة تنتظم فيها معظم
القضايا الإسلامية: (فلسطين.. أفغانستان
…
البوسنة والهرسك
…
الشيشان
…
كشمير..) وتبرز فيها بوضوح المنهجية الغربية النفعية، التي تعتمد على سياسة
التطفيف والكيل بمكيالين.. بل السرقة المكشوفة والخداع الواضح..! !
لقد علمتنا أحداث الجزائر أن الهياكل العلمانية النخرة التي صنعها الغرب على
عينة أشدّ خطراً علينا من الكفار الأصليين؛ لأنها لاتملك أي مقوم من مقومات البقاء، ولا تقوى على مواجهة الحقائق.. ولذا: فهي تتكئ بعجز ومهانة على أسيادها،
وتركع تحت أقدامهم تلتمس القوة والتمكين، وقد وصفهم الله (تعالى) بقوله: [وَإذَا
رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ
صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ العَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ] [المنافقون: 4] .
ولقدعلمتنا أحداث الجزائر أن النفاق السياسي ليس له حدود؛ فهناك من يدعي
أن الانتخابات الرئاسية سيكون لها مردود إيجابي على الأوضاع، وبالتالي:
المساهمة في حل الأزمة، والسؤال البدهي هو: ما هو الفرق بالنسبة للشعب
الجزائري بين زروال رئيساً معيناً من قبل الزمره الحاكمة أو رئيساً منتخباً من
خلال انتخابات مسرحية تقوم فيها النخبة نفسها بالإنتاج والإخراج بالاشتراك مع
الجامعة العربية، بل إن الرئيس المعين يخاطب الشعب ويطلب منه ممارسة حقه
في الانتخاب لإحساسه بعدم ثقة الشعب به، لذا يعد الناس بتحقيق رغباتهم،
والواقع يشهد أن الحرية الوحيدة التي يتمتع بها الشعب هي في الواقع حرية اختيار
الرئيس الذي تبناه حماة الشعب والدستور! أما ما عدا ذلك فلا وألف لا.
ولقد علمتنا أحداث الجزائر أن هناك شعاراً جديداً يرفعه النظام المستبد وهو
(نحن أو الدمار) أي: إما بقاء النظام وما يلزم منه: من الحكم بغير ما أنزل الله
ومن ممارسة مختلف المظالم، أو إدخال البلد في حالة من الاضطراب السياسي
والأمني تدمر فيه البلاد كل مقدراتها ويذل فيه العباد حتى يتمنى الناس العودة إلى ما
كانوا عليه.
لقد علمتنا الأحداث أيضاً أن الشعوب المستغفلة الذليلة لا يمكن أن تستمر على
غفلتها وذلتها، وأنها حينما تعرف الطريق إلى ربها وتعود عوداً صادقاً إلى دينها،
فإنها تستعصي على الترويض والتدجين، ولا ترضى الدنية في دينها.. خاصة إذا
وجدت علماءها الصادقين في مقدمة الصفوف يستحثونها بثباتهم وأفعالهم المخلصة
إلى المضي في هذا الطريق المبارك مهما كثرت التضحيات وعظمت الجراحات..
والله غالب على أمره.. وصلى الله على محمد وآله وسلم.