الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحداث الشهر
سار يباري النجم في جده
…
وعاد كالسيف إلى غمده
ذاك سيد الشعراء وشاعر العربية الأوحد - أحمد شوقي بك - فقد رفهت الأقدار عن الناطقين بالضاد عامة والمصريين خاصة بأن أدال الله لنا من غربته جميل اوبته - وما كاد ينطلق بلبلنا الغرد من معتقله حتى شدانا بهذه الأبيات.
أنادي الرسم لو ملك الجوابا
…
واجزيه بدمعي لو أثابا
وقلّ لحقه العبرات تجري
…
وإن كانت سواد القلب ذابا
سبقن مقبلات الترب عني
…
وأدين التحية والخطابا
نثرت الدمع في الدمن البوالي
…
كنظمي في كواعبها الشبابا
وقفت بها كما شاءت وشاؤوا
…
وقوفاً علم الصب الذهابا
لها حق وللأحباب حق
…
رشفت وصالهم فيها حبابا
ومن شكر المناجم محسنات
…
إذا التبر انجلى شكر الترابا
وبين جوانحي واف ألوف
…
إذا لمح الديار ومضى وثابا
رأى ميل الزمان بها فكانت
…
على الأيام صحبته عتابا
* * *
وداعاً أرض أندلس وهذا
…
ثنائي إن رضيت به ثوابا
وما أثنيت إلا بعد علم
…
وكم من جاهل أثنى فعابا
تخذتك موئلاً فحللت أندي
…
ذراً من وائل وأعز غابا
مغرّب آدم من دار عدن
…
قضاها في حماك لي اغترابا
شكرت الفلك يوم حويت رحلي
…
فيا لمفارق شكر الغرابا
فأنت أرحتني من كل أنف
…
كانف الميت في النزع انتصابا
ومنظر كل خوان يراني
…
بوجه كالبغي رمى النقابا
وليس يعامر بنيان قوم
…
إذا أخلاقهم كانت خرابا
* * *
أحق كنت للزهراء ساحاً
…
وكنت لساكن (الزاهي) رحابا
ولم تك (صور) أبهى منك ورداً
…
ولم تك بابل أشهى شرابا
وإن المجد في الدنيا رحيق
…
إذا طال الزمان عليه طابا
أولئك أمة ضربوا المعالي
…
بمشرقها ومغربها قبابا
جرى كدراً لهم صفو الليالي
…
وغاية كل صفو أن يشابا
مشيبة القرون أديل منها
…
ألم تر قرنها في الجو شابا
معلقة تنظر صولجاناً
…
يخر عن السماء بها لعابا
تعد بها على الأمم الليالي
…
وما تدري السنين ولا الحسابا
* * *
أيا وطني لقيتك بعد بأس
…
كأني قد لقيت بك الشباب
وكل مسافر سيؤوب يوماً
…
إذا رزق السلامة والإيابا
ولو أني دعيت لكنت ديني
…
عليه أقابل الحتم المجابا
أدير إليك قبل البيت وجهي
…
إذا فهت الشهادة والمتابا
وقد سبقت ركائبي القوافي
…
مقلدة أزمتها طرابا
تجوب الدهر نحوك والفيافي
…
وتقتحم الليالي لا العبابا
وتهديك الثناء الحر تاجاً=على تاجيك مؤتلقاً عجابا
* * *
هدانا ضوء ثغرك من ثلاث
…
كما تهدي (المنورة) الركابا
وقد غشى المنار البحر نوراً
…
كنار (الطور) جللت الشعابا
وقيل الثغر فاتأدت فأرست
…
فكانت من ثراك الطهر قابا
فصفحاً للزمان لصبح يوم
…
به أضحى الزمان إلي تابا
وحيا الله فتيانا سماحاً
…
كسو عطفي من فخر ثيابا
ملائكة إذا حفوك يوماً
…
أحبك كل من تلقى وهابا
وإن حملتك أيديهم بحوراً
…
على أكفهم السحابا
تلقوني بكل أغر زاه
…
كأن على أسرته شهابا
ترى الإيمان مؤتلقاً عليه
…
ونور العلم والكرم اللبابا
وتلمح من وضاءة صفحتيه
…
محيا مصر رائعة كعابا
وما أدبي لما أسدوه أهل
…
ولكن أحب الشيء حابي
شباب النيل إن لكم لصوتاً
…
ملبي حين يرفع مستجابا
فهزوا (العرش) بالدعوات حتى
…
يخفف عن (كنانته) العذابا
أمن حرب البسوس إلى غلاء
…
يكاد يعيدها سبعاً صعابا
وهل في القوم يوسف يتقيها
…
ويحسن حسبة ويرى صوابا
عبادك رب قد جاعوا بمصر
…
أنيلا سقت فيهم أم سرابا
حنانك واهد للحسنى تجارا
…
بها ملكوا المرافق والرقابا
ورقق للفقير بها قلوباً
…
محجرة وأكباداً صلابا
أمن أكل اليتيم له عقاب
…
ومن أكل الفقير فلا عقابا
أصيب من التجار بكل ضار
…
أشد من الزمان عليه نابا
يكاد إذا غذاه أو كساه
…
ينازعه الحشاشة والإهابا
وتسمع رحمة من ناد
…
ولست تحس للبر انتدابا
أكل في كتاب الله إلا
…
زكاة المال ليست فيه بابا
إذا ما الطاعمون شكوا وضجوا
…
فدعهم واسمع الغربى السغابا
فما يبكون من ثكل ولكن
…
كما تصف المعددة المصابا
ولم أر مثل سوق الخير كسبا
…
ولا كتجارة السوء اكتسابا
ولا كأولئك البؤساء شاء
…
إذا جوعتها انتشرت ذئابا
ولولا البر لم يبعث رسول
…
ولم يحمل على قوم كتابا
شهداؤنا الاثنا عشر
علمونا الصبر نطفئ ما استعر
…
إنما الأجر لمفجوع صبر
صدمة في الغرب أمسى وقعها
…
في ربوع الشرق مشؤوم الأثر
زلزلت في أرض مصر أنفساً
…
لم يزلزلها قرار المؤتمر
ما اصطدم النجم بالنجم على
…
ساكن الأرض بأدهى وأمر
قطف الموت بواكير النهى
…
فجنى أجمل طاقات الزهر
وعدا الموت على أقمارنا
…
فتهاووا قمراً بعد قمر
في سبيل النيل والعلم وفى
…
ذمة الله قضى الاثنا عشر
أي بدور الشرق مذا نابكم
…
في مسار الغرب من صرف الغير
نبأ قطع أوصال المنى
…
وأصم السمع منا والبصر
كم بمصر زفرة من حزها
…
كنس الأعفر والطير وكر
كم أب أسوان دام قلبه
…
مستطير اللب مفقور الظهر
ساهم الوجه لما حل به
…
سادر النظرة من وقع الخبر
كم بها والدة وآلهة
…
عضها الثكل بنار فعقر
ذات نوح تحت أذيال الدجى
…
علم الاشجان سكان الشجر
تسأل الأطيار عن مؤنسها
…
كلما صفق طير واصطخر
تسأل الأنجم عن واحدها
…
كلما غور نجم أو ظهر
تهب العمر لمن ينبئها
…
أنه أفلت من كف القدر
ويح مصر كل يوم حادث
…
وبلاء مالها منه مفر
هان ما تلقاه إلا خطبها
…
في تراث من بنيها مدخر
* * *
أمة الطليان خففت الأسى
…
بصنيع من أياديك الغرر
جمعت كفاك عقد زاهيا
…
من بنينا فوق واديك انتثر
ومشى في موكب الدفن لهم
…
من بنيكم كل مسماح أغر
وسعى كل امرئ مفضل
…
بادي الأحزان مخفوض النظر
وبكت أفلاذكم أفلاذنا
…
بدموع روضت تلك الحفر
وصنعتم صنع الله لكم
…
فوق ما يصنعه الخل الابر
فقد بكينا لكم من رحمة
…
يوم (مسينا) فأرخصنا الدرر
فحفظتم وشكرتم صنعنا
…
وبنو الرومان أولى من شكر
أي شباب النيل لا تقعد بكم
…
عن حظير المجد أخطار السفر
إن من يعشق أسباب العلى
…
يطرح الأحجام عنه والحذر
فاطلبوا العلم ولو جشمكم
…
فوق ما تحمل أطواق البشر
نحن في عهد جهاد قائم
…
بين موت وحياة لم تقر
حافظ إبراهيم