الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
البشر والشعوب
معرب عن الفرنسية
علم خصوصيات الشعوب - يعمر الأرض ناس قلما يتشابهون، يختلفون بالطول وهيئة الأعضاء والرأس وسيماء الوجه ولون العيون والشعور ويتباينون باللغات والذكاء والإحساس. وبهذا التمايز ينقسم سكان المعمور إلى عدة أقوام تدعى أجناساً. فالجنس مجموع ناس يتماثلون ويباينون جنساً آخر وما يمتاز به جنس عن غيره من العلامات العامة ويسمى طبائع وأخلاقاً هو الذي يتألف منه مجموع خواصه. فيعرف الجنس الزنجي مثلاً بجلد أسود، وشعور مجعدة، وأسنان بيضاء، وأنف أفطس، وشفاه خنس، وفك ضخم. ويدعى درس أحوال الأجناس وما يتشعب عنها ايتنوغرافيا أي علم خصوصيات الشعوب. وهو علم لم يرتق بعد لحداثة وضعه وما برح مشوشاً منتشراً لكثرة مجموع خواص البشر وصعوبة التمييز بينها أحياناً.
الأجناس - أخص الأجناس الجنس الأبيض وهو يسكن أوربا وشمالي إفريقية وغربي آسيا. والجنس الأصفر ينزل في آسيا الشرقية ومنه الصينيون والمغول والترك والمجر. ومن دخل أوربا منهم من الفاتحين فبشرته صفراء وعيونه خرز مقطبة ووجناته ناتئة ولحيته خفيفة. والجنس الأسود يقطن أواسط إفريقية وهم الممتازون بأديم أسود وأنف أفطس ووفرة كالصوف. والجنس الأحمر يستوطن أميركا ومنهم هنود القارة حمر الأديم سبط الشعور.
الشعوب المتحضرة - يُعدُّ أهل الجنس الأبيض من المتحضرين إلا قليلاً أما سائر الأجناس فقد زلوا على حالة الهمجية والبربرية كما كان الناس قبل زمن التاريخ. قامت الشعوب المتمدنة على تخوم قارتي آسيا وإفريقية فقام المصريون في وادي النيل والكلدان في سهل الفرات. وكلهم أهل فلح وحرث ألفوا الإقامة وجنحوا للسلم. أديمهم مشبع، وشعرهم قصير أثيث، وشفاههم مبرطمة، ولا يعلم على التحقيق من أين منبعثهم. ولم تتفق آراء العلماء على تسميتهم فيدعونهم تارة كوشيين وأخرى شاميين. وقد انسالت من جبال آسيا بين القرن العشرين والخامس والعشرين ق. م عصابات من الرعاة أهل غارة وزعماء فتنة فانتشروا في أطراف أوربا كافة وفي غرب آسيا. ويقسمهم العلماء إلى قسمين آريين وساميين.
الآريون والساميون - ليس بين هذين الجنسين من علامة خارجية جلية فكلاهما من الجنس الأبيض: اهليلجية سحناتهم، متناسبة أعضاؤهم، صافية جلودهم، أثيثة شعورهم، نُجل عيونهم، رقيقة شفاههم، منتصبة أرنبتهم، وهم في الأصل رعاةٌ من سكان الجبال يألفون الارتحال والقتال. ساميّهم من أرمينية، وآريّهم من وراء جبال حملايا وهم يمتازون بالعقل واللسان خاصة امتيازهم بالديانة قديماً. وقد وقع الاتفاق على تسمية الشعوب التي تتكلم لغة آرية بالآريين وهم الهنود والفرس في آسيا. والروم والطليان والأسبان والجرمان والسكنداويون والسلافيون (الروس والبولونيون والصرب) والسلت في أوربا. والساميون هم الشعوب التي تتكلم لغة سامية وهم العرب واليهود والسوريون ومما ينبغي أن يعلم أن بعض الشعوب تتكلم لغة آرية أو سامية وليست من الآريين والساميين في شيء كما أن الزنجي قد يتكلم الإنكليزية وليس فيه عرق من الإنكليز. وربما عددنا كثيراً من الأوربيين في مصاف الآريين وليست أصولهم في الواقع إلا من جنس غلب عليه الآريون فاقتبس لغاتهم على نحو ما اقتبس الفرس لغة العرب أيام غلبوهم على أمرهم. فهذان الاسمان الآري والسامي يطلقان اليوم على فريقين من الشعوب وليسا جنسين حقيقيين. ولا بأس أن يقال بناء على هذا المعنى أن الشعوب المرتقية كانت كلها سامية وآرية فنشأ من الساميين الفينيقيون رجال البحار واليهود رجال الدين والعرب رجال الحرب فسار فريق من الآريين إلى الهند وانصرف آخر إلى أوربا فنشأت منهم تلك الأمم التي كانت ولا تزال في مقدمة العالم. ولقد امتاز الهنود في القديم بآرائهم العالية الفلسفية أو الدينية واليونان بإيجاد الصنائع والعلم والفرس والرومان بتأسيسهم في الشرق والغرب مملكتين عظيمتين من أضخم الممالك التي نشأت في الأيام الخالية.
ويبدأ تاريخ الحضارة بالمصريين والكلدانيين حتى إذا كان القرن الخامس والعشرون للميلاد يصير عبارة عن تاريخ الشعوب الآرية والسامية.