الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يعني إذا كانت الأولى منها طلوع الشمس من مغربها، انتهت، لا ينفع نفساً إيمانها، فلا داعي لذكر الدجال والدابة، وقل مثل هذا في الدجال والدابة.
طالب:. . . . . . . . .
هو إذا كان الله -جل وعلا- أعمى ترتيبها وأخفاه على الخلق بحيث لا يعلم الأول منها، فيصح مثل هذا الأسلوب على هذه الكيفية، وإذا عرفت مرتبة وكل واحدٍ منها إذا خرج لا ينفع نفساً إيمانها، لا شك أن الأمر يتعلق بأولها، والواو التي عُطفت بها العلامات الثلاث لا تقتضي الترتيب، يحتمل أن يكون الدجال هو الأول، أو الدابة هي الأولى، أو طلوع الشمس من مغربها، على كل حال الحديث في صحيح مسلم، وهو مشكل من هذه الحيثية، من حيث أن واحدة من هذه العلامات كافية بعدم قبول التوبة.
طالب:. . . . . . . . .
لا علامات بلوغ الصبي الصغير، قد يسبق بعضها على بعض، في بعض الناس قد يبلغ الخامسة عشرة، وهو لم ينزل قد ينزل ولم ينبت، أو العكس، لكن هذه للناس كلهم.
طالب:. . . . . . . . .
لكن هل هذا مقرون بإدراك الناس أو هذا حكم شرعي ثابت؟! من يقول قد .... طلوع الشمس من مغربها، يخفى على بعض الناس.
الاختلاف في تعيين الدابة:
واختلف في تعيين هذه الدابة وصفتها، ومن أين تخرج اختلافاً كثيراً، قد ذكرناه في كتاب التذكرة، ونذكره هنا إن شاء الله تعالى مستوفى، فأول الأقوال: أنه فصيل ناقة صالح، وهو أصحها، والله أعلم، لما ذكره أبو داوود الطيالسي في مسنده عن حذيفة قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدابة فقال: ((لها ثلاث خرجات من الدهر، فتخرج في أقصى البادية، ولا يدخل ذكرها القرية، -يعني مكة-، ثم تكمل)).
ثم تكمل -يعني تختفي-.
((ثم تكمل زماناً طويلاً، ثم تخرج خرجةً أخرى دون ذلك، فيفشوا ذكرها في البادية ويدخل ذكرها القرية)) -يعني مكة- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ثم بينما الناس في أعظم المساجد على الله حرمة، خيرها وأكرمها على الله المسجد الحرام لم يرؤهم إلا وهي ترغو بين الركن والمقام، تنفض عن رأسها التراب، فانفض الناس منها شتىً ومعاً، وتثبت عصابة من المؤمنين، وعرفوا أنهم لن يعجزوا الله، فبدأت بهم فجلت وجوههم حتى جعلتها كأنها الكوكب الدري، وولت في الأرض لا يدركها طالب، ولا ينجو منها هارب، حتى إن الرجل ليتعوذ منها بالصلاة، فتأتيه من خلفه فتقول: يا فلان: آلآن تصلي، فتقبل عليه فتسمه في وجهه، ثم تنطلق ويشترك الناس في الأموال، ويصطلحون في الأمصار، يعرف المؤمن من الكافر، حتى إن المؤمن يقول: يا كافر اقض حقي))، وموضع الدليل من هذا الحديث أنه الفصيل: قوله: ((وهي ترغو)) والرغاء إنما هو للإبل، وذلك أن الفصيل لما قتلت الناقة هرب، فانفتح له حجر فدخل في جوفه ثم انطبق عليه، فهو فيه حتى يخرج بإذن الله عز وجل.
الخبر مخرج.
طالب: قال أخرجه نعيم بن حماد في. . . . . . . . . والحاكم. . . . . . . . . وفيه طلحة بن عمرو الحضرمي ضعيف، صححه الحاكم. . . . . . . . . الذهبي فقال: طلحة. . . . . . . . . وله شواهد كثيرة. . . . . . . . .
فيه تخريج غيره؟!
ما في تخريج ثاني.
طالب:. . . . . . . . . وأخرجه عبد الرزاق والطبري. . . . . . . . . عن عيينة،. . . . . . . . . والحاكم. . . . . . . . . وصححه الحاكم على شرط الشيخين ووافقه الذهبي.
صحت الطريق الثاني، على كلٍ طريق فيه مجهول، وطريق فيه ضعيف واهي جداً، المجهول ينجبر إذا وجد معه طريق ضعيف، لكن الطريق الثاني ضعفه شديد لا يمكن الانجبار فما في شك من كونه ينجبر؛ لأن الطريق الثاني ضعفه شديد -الذي فيه طلحة-.
طالب:. . . . . . . . .
. . . . . . . . . ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم الدابة.
طالب:. . . . . . . . .
الرغاء .... لا أعرف
طالب:. . . . . . . . .
وأثبته ولا خطأ. يعني أثبته قال في رواية كذا، على كل حال يراجع. سم.
وروي أنها دابة مزغبة شعراً، ذات قوائم، طولها ستون ذراعاً ويقال: إنها الجساسة، وهو قول عبد الله بن عمر، وروي عن ابن عمر أنها على خلقة الآدميين، وهي في السحاب، وقوائمها في الأرض، وروي أنها جُمعت من خلق كل حيوان، وذكر الماوردي والثعلبي، رأسها رأس ثور، وعينها عين خنزير، وأذنها أذن فيل، وقرنها قرن أيِّل، وعنقها عنق نعامة، وصدرها صدر أسد، ولونها لون نمر، وخاصرتها خاصرة هر، وذنبها ذنب كبش، وقوائمها قوائم بعير، بين كل مفصل ومفصل اثنا عشر ذراعاً، قال الزمخشري: بذراع آدم عليه السلام، ويكون معها عصا موسى، وخاتم سليمان، فتنكت في وجه المسلم بعصا موسى نكتةً بيضاء فيبيض وجهه، وتنكت في وجه الكافر بخاتم سليمان عليه السلام فيسود وجهه، قاله ابن الزبير رضي الله عنهما.
وفي كتاب النقاش عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما إن الدابة الثعبان المشرف على جدار الكعبة التي اقتلعتها العقاب حين أرادت قريش بناء الكعبة، وحكى الماوردي عن محمد بن كعب عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه سئل عن الدابة فقال: أما والله ما لها ذنب، وإن لها للحية.
قال الماوردي: وفي هذا القول منه إشارة على أنها من الإنس، وإن لم يصرح به ..
لم يأتِ في وصفها أو جنسها نص ملزم، الله -جل وعلا- ذكرها، وذكرها النبي عليه الصلاة والسلام، ولم يذكر من أوصافها ولا من جنسها، وعادة المفسرين وبعض شراح الحديث -وهم في التفاسير أكثر-، تتبع مثل هذه الأمور، ونقلها وجمعها واستقصاؤها مما لا يثبت به خبر، فالوقوف عن ما جاء عن الله وعن رسوله هو الأحرى، فالمسلم لا سيما طالب العلم يحقق ما وجد مثل هذه الأوصاف، رأسها رأس ثور، وعينها عين خنزير، وأذنها أذن فيل .. الخ.
فالذي يظهر أنها أكرم على الله من أن تكون بهذه المثابة، وقد انتدبها الله –جل وعلا- للتمييز بين خلقه، بين المؤمن وبين الكافر فضلاً عن أن تكون إنسان، والله -جل وعلا- ورسوله سماها دابة، فالإنسان أشرف من أن يقال له دابة، وإن كان ممن يدب على الأرض، لكن الإنسان إنسان، حتى قال بعض أهل العلم: إنه إنسان وتمييزه بين المسلم والكافر ببيان الحق وتزييف الباطل، ونصر المحقين رد على المبطلين، قال بعض أهل العلم: أن هذه هي الدابة، لكن هذا ليس بصحيح.
قلت: ولهذا -والله أعلم-، قال بعض المتأخرين من المفسرين: إن الأقرب أن تكون هذه الدابة إنساناً متكلماً، يناظر أهل البدع والكفر، ويجادلهم؛ لينقطعوا فيهلك من هلك عن بينة، ويحيا من حي عن بينه، قال شيخنا الإمام أبو العباس: أحمد بن عمر القرطبي في كتاب المفهم له، وإنما كان عند هذا القائل الأقرب لقوله تعالى:{تُكَلِّمُهُمْ} [(82) سورة النمل]، وعلى هذا فلا يكون في هذه الدابة آيةً خاصة، خارقة للعادة. وهذا الإنسان الذي يناظر أهل البدع ويرد عليهم موجود في كل عصر، في كل مصر، يعني لو بهذا الوصف مثلاً يقال: شيخ الإسلام ابن تيمية هو الدابة، يصح هذا الكلام، هل يقول مثل هذا عاقل مثلاً؟ أو شخص مثله يأتي في آخر الزمان؟ هذا لا يمكن أن يقبله عاقل.
ولا يكون من العشر الآيات المذكورة في الحديث؛ لأن وجود المناظرين والمحتجين على أهل البدع كثير، فلا آية خاصةً بها، فلا ينبغي أن تذكر مع العشر، وترتفع خصوصية وجودها إذا وقع القول، ثم فيه العدول عن تسمية هذا الإنسان المناظر.
ثم بوجود هذا الإنسان يغلق باب التوبة، على حد زعم هؤلاء، يمكن أن يغلق باب التوبة بوجود إنسان ليس بنبي ولا .. إنما هو شخص عالم يناظر أهل البدع ويرد عليهم تنقطع به التوبة، ويغلق باب التوبة، لا يمكن هذا أبداً.
فلا آية خاصةً بها، فلا ينبغي أن تذكر مع العشر، وترتفع خصوصية وجودها إذا وقع القول، ثم فيه العدول عن تسمية هذا الإنسان المناظر الفاضل العالم الذي على أهل الأرض أن يسموه باسم الإنسان، أو بالعالم أو بالإمام، إلى أن يسمى بدابة، وهذا خروج عن عادة الفصحاء، وعن تعظيم العلماء، وليس ذلك دأب العقلاء، فالأولى ما قاله أهل التفسير، والله أعلم بحقائق الأمور.
يعني يرجح المؤلف رحمه الله أنه الفصيل، فصيل الناقة -ناقة صالح- وذكر ما ذكر من الخبر.
قلت: قد رفع الإشكال في هذه الدابة ما ذكرناه من حديث حذيفة فليعتمد عليه، واختلف من أي موضعٍ تخرج، فقال: عبد الله بن عمر تخرج من جبل الصفا بمكة، يتصدع فتخرج منه، قال عبد الله بن عمرو نحوه، وقال: لو شئت أن أضع قدمي على موضع خروجها لفعلت، وروي في خبر ٍعن النبي صلى الله عليه وسلم إن الأرض تنشق عن الدابة وعيسى عليه السلام يطوف بالبيت، ومعه المسلمون من ناحية المسعى، وأنها تخرج من الصفا فتسم بين عيني المؤمن هو مؤمن سمةً كأنها كوكب دري، وتسم بين عيني الكافر نكتةً سوداء كافر، وذكر في الخبر أنها ذات وبرٍ وريش، ذكره المهدوي.
وعن ابن عباس أنها تخرج من شعبٍ فتمسّ رأسها السحاب، ورجلاها في الأرض لم تخرجا، وتخرج ومعها عصا موسى وخاتم سليمان عليهما السلام، وعن حذيفة تخرج ثلاث خرجات: خرجة في بعض البوادي ثم تكمل، وتخرج في القرى يتقاتل فيها الأمراء حتى تكثر الدماء، وخرجة من أعظم المساجد وأكرمها وأشرفها وأفضلها.
قال الزمخشري: تخرج من بين الركن حذاء دار بني مخزوم عن يمين الخارج من المسجد، فقوم يهربون، وقوم يقفون نظارة.
-نظارة يعني يتفرجون عليها-
وروي عن قتادة أنها تخرج في تهامة.
وش هي قبل خمس سنوات لما صدع حصل بالمسعى اشتهر بين الناس وشاع ومشى على كثيرٍ من الناس وصاروا يتحدثون به، والإشاعات لا شك أن القلوب تشرئب إليها، والمجالس تُعمر بها، ومع ذلك هذا أمر محسوس ويمشي على كثيرٍ من الناس ما يدل على أن الإشاعة تؤثر في الناس، وكما قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: الإشاعات وإن كثر ناقلوها فإنها لا تحيط العلم ما لم تستمد إلى الحس، فهؤلاء أشاعوا أن هناك صدع في المسعى، وأنه تخرج منه الدابة، وقَبِلَه الناس وتداولوه وبعضهم تحرك قلبه، وبعضهم أزمع على التوبة، ثم لما كذبت هذه الإشاعة وما صار شيء رجعوا وكأن شيئاً لم يكن، والله المستعان.
وروي عن قتادة أنها تخرج في تهامة، وروي أنها تخرج من مسجد الكوفة، من حيث فارق النور نوحٍ عليه السلام، وقيل: من أرض الطائف، قال أبو قبيل: ضرب عبد الله بن عمرو أرض الطائف برجله، وقال: من هنا تخرج الدابة التي تكلم الناس، وقيل: من بعض أودية تهامة، قاله ابن عباس، وقيل: من صخرةٍ من شعب أجياد قاله عبد الله بن عمرو، وقيل: من بحر سدوم قاله وهب بن منبه، ذكر هذه الأقوال الثلاثة الأخيرة الماوردي في كتابه.
وكل هذه الأقوال لا تستند إلى دليل ولا حاجة إلى المسلم بها.
وذكر البغوي -أبو القاسم- عبد الله بن محمد ابن عبد العزيز قال: حدثنا علي بن الجعد، عن فضيل بن مرزوق الرقاشي الأغر، وسئل عنه يحيى بن معينٍ فقال: ثقة، عن عطية العوفي عن ابن عمر قال: تخرج الدابة من صدعٍ في الكعبة كجري الفرس ثلاثة أيام لا يخرج ثلثها، قلت: فهذه أقوال الصحابة والتابعين في خروج الدابة وصفتها، وهي ترد قول من قال من المفسرين: إن الدابة إنما هي إنسان متكلم يناظر أهل البدع والكفر، وقد روى أبو أمامة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((تخرج الدابة فتسم الناس على خراطيمهم)) ذكره الماوردي، تكلمهم بضم التاء وشد اللام المكسورة، من الكلام قراءة العامة يدل عليه قراءة أُبي: تنبئهم، وقال السدي: تكلمهم ببطلان الأديان سوى دين الإسلام، وقيل: تكلمهم بما يسوؤهم، وقيل: تكلمهم بلسانٍ ذلق، فتقول: بصوت يسمعه من قرب وبعد: {أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ} أي بخروجي؛ لأني خروجها من الآيات، وتقول:{أَلَا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [(18) سورة هود]، وقرأ أبو زرعة وابن عباسٍ والحسن وأبو رجاء: تَكلمهم، بفتح التاء من الكْلم، وهو الجرح، قال عكرمة: أي تسمهم وقال أبو جوزاء: سألت ابن عباسٍ عن هذه الآية: تكلمهم أو تكْلمهم؟ فقال: هي والله تكلمهم وتكْلمهم، تكلم المؤمن وتكْلم الكافر والفاجر أي تجرحه.
يعني كأنها تكتب على جبينه بشيء محدد بإبرةٍ ونحوها، فينجرح جلده، فيكون من الكْلم وهو الجرح، لكن الظاهر أنه من الكلام، بدليل: تكلمهم أن الناس، هذا هو كلامه.
وقال أبو حاتم: تكلمهم كما تقول: تجرحهم، يذهب إلى أنه تكثير من تكلمهم، {أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ} وقرأ الكوفيون وابن أبي اسحاق ويحيى (أن) بالفتح، وقرأ أهل الحرمين وأهل الشام وأهل البصرة (إن) بكسر الهمزة، قال النحاس: في المفتوحة قولان: وكذا المكسورة، قال الأخفش: المعنى بأنَّ وكذا قرأ ابن مسعود (بأنَّ)
…
تعليل
…
وقال أبو عبيدة: موضعها.
-يعني تعليل خروجها وصنيعها أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون. هذه العلة، على قراءة فتح الهمزة - وقال أبو عبيدة: موضعها نصب بوقوف الفعل عليها أي تخبرهم أن الناس وقرأ الكسائي والفراء (إن).
فالمخبر به (إن الناس) يكون الموضعين موضع المفعول.
وقرأ الكسائي والفراء: (إن الناس) بالكسر على الاستئناف، وقال الأخفش هي بمعنى تقول:(إن الناس) يعني.
ومقول القول تكسر فيه همزة (إن).
هي بمعنى تقول (إن الناس) يعني الكفار بآياتنا لا يوقنون، يعني بالقرآن وبمحمدٍ صلى الله عليه وسلم، وذلك حين لا يقبل الله من كافرٍ إيماناً، ولم يبق إلا مؤمنون وكافرون في علم الله قبل خروجها، والله أعلم.
قوله تعالى: {وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا} [(83) سورة النمل]. أي زمرة وجماعة، يعني بالقرآن وبأعلامنا الدالة على الحق، فهم يوزعون: أي يدفعون ويساقون إلى موضع الحساب، قال الشمّاخ:
وكم وزعنا من خميسٍ جحفل
…
وكم حبونا من رئيس مسحل
الوزع: هو الدفع، ((إن الله ليوزع بالسلطان)) يعني يدفع به من الشرور ويدفع به من الشرور والآفات والفتن ما لا يدفع ولا يزع بالقرآن، فالوزع معناه هنا الدفع.
وقال قتادة: يوزعون أي يرد أولهم على آخرهم، حتى إذا جاؤوا قال: -أي قال الله-: أكذبتم بآياتي التي أنزلتها على رسلي، وبالآيات التي أقمتها دلالةً على توحيدي، ولم تحيطوا بها علما: أي ببطلانها حتى تعرضوا عنها، بل كذبتم جاهلين غير مستدلين.
يعني من غير نظر ولا تأمل، أنكروها وردوها قبل أن ينظروا فيها.
أمّا كنتم تعملون، تقريع وتوبيخ أي ماذا كنتم تعملون حين لم تبحثوا عنها ولم تتفكروا ما فيها.
ووقع القول عليهم بما ظلموا: أي وجب العذاب عليهم بظلمهم، أي بشركهم، فهم لا ينطقون: أي ليس لهم عذر ولا حجة، وقيل: يختم على أفواههم فلا ينطقون، قاله أكثر المفسرين.
المنة في خلق الليل والنهار:
قوله تعالى: {أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ} [(86) سورة النمل]. أي يستقرون فينامون، {وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا} [(67) سورة يونس]: أي يبصر فيه لسعي الرزق. {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} بالله: ذكر الدلالة على إلهيته وقدرته: أي ألم يعلموا كمال قدرتنا فيؤمنوا؟.
ومن أعظم نعم الله -جل وعلا- على الناس، وعلى المخلوقات أن قسم الوقت إلى قسمين: قسم ينامون فيه ويستريحون ويسكنون فيه.
وقسم: يبحثون فيه عن أرزاقهم وما ينفعهم في أمور دينهم ودنياهم، فلو تصور أن الوقت كله ليل، سرمد، ظلام دامس، كيف يتصرف الناس في معاشهم، قد يقول قائل: الكهرباء يحل هذه المشكلة، نقول: لا يحل هذه المشكلة، الأمم عاشت قرون متطاولة بدون كهرب، ما يكون واقعهم لو كان الوقت كله ليل، والعكس لو كان كله نهار، فالنهار ليس بصالحٍ للنوم، النهار ليس بصالحٍ للنوم، وإنما النوم فائدته إنما تكون في الظلام، حتى قال بعضهم: إن من كان نومه بالنهار فقط، لا شك أن هذا يتضرر عاجلاً أو آجلاً، وإذا ابتلي بذلك وصار وظيفته بالليل كالعسس ونحوهم، وكثير من المسلمين صار هذا واقع أن كلهم عسس، المقصود أنهم إذا ابتلوا بهذا يعمدوا في النهار إلى مكانٍ مظلم، شديد الظلمة، فينامون فيه؛ لأن هذا أنفع لهم، وبعض الناس أصلاً لا يأتيه النوم ولا يستطيع أن ينام في الضوء ضوء النهار، المقصود أن هذه من أعظم نعم الله -جل وعلا- على الناس، إذ لو كانت الدنيا كلها نهار؛ لأضر بهم ذلك، والنوم مصلحته ظاهرة، ولا يمكن أن يعيش الإنسان بدونه، لو كانت الدنيا كلها نهار لأدى ذلك ببعض الناس أن تكون معيشته في كل الوقت، من شدة حرصهم على الدنيا ونهمهم بها، وتركوا النوم الذي تقوم به حياتهم ويستعينون به على قضاء حوائجهم، وقل العكس: لو كان الوقت كله ظلام دامس؛ لأخلد كثير من الناس إلى الراحة وناموا جميع الوقت، وهذه من نعم الله -جل وعلا- أن جعل الوقت مقسوم بين ليلٍ أو نهار، ويولج الليل في النهار، ويولج النهار في الليل، يعني يدخل النهار على الليل فيطول النهار، ويدخل الليل على النهار فيطول الليل، وهذا واضح في الشتاء والصيف.
النفخ في الصور والاختلاف في عدد النفخات:
قوله تعالى: {وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ} [(87) سورة النمل]، أي واذكر يوماً أو ذكِّرهم يوم ينفخ في الصور، ومذهب الفراء أن المعنى: وذلكم يوم ينفخ في الصور، وأجاز فيه الحذف، والصحيح في الصور أنه قرن من نور.
مذهب الفراء، أن المعنى: وذلكم يوم ينفخ في الصور، لو كان المراد هذا لكانت يومُ ينفخ في الصور، ما صارت يومَ؛ لأن الظرف (يوم) أضيف إلى جملةٍ صدرها معرب فيعرب، لو كانت (يوم نفخ في الصور) صاغ كلامه، صحّ تقدير ذلكم يوم ينفخ في الصور؛ لأن يوم أضيف إلى جملة صدرها مبني فيبني عليها.
قال الله: {هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ} [(119) سورة المائدة] وفي الحديث البناء: كيومَ ولدته أمه؛ لأنه أضيف إلى جملة صدرها مبني فبني. وهنا يوم ينفخ في الصور مضاف إلى جملةٍ صدرها معرب فيعرب، والتقدير اذكر من أجل أن يستقيم الفتح الذي في الآية، وهو يوم ينفخ فلا بد أن تقدر ما يقتضي الفتح.
والصحيح في الصور أنه قرن من نورٍ ينفخ فيه إسرافيل، قال مجاهد: كهيئة البوق، وقيل: هو البوق بلغة أهل اليمن، وقد مضى في الأنعام بيانه وما للعلماء في ذلك، {فَفَزِعَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاء اللَّهُ} [(87) سورة النمل]: قال أبو هريرة قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله لما فرغ من خلق السماوات، خلق الصور فأعطاه إسرافيل، فهو واضعه على فيه، شاخص ببصره إلى العرش، ينتظر متى يؤمر بالنفخة، قلت: يا رسول الله ما الصور؟ قال: قرن والله عظيم، والذي بعثني بالحق إن عظم دارةٍ فيه
…
- عظم دارةٍ فيه -يعني فمه .. دارةِ فيه، هذا يظهر. والذي بعثني بالحق: إن عظم دارةِ فيه كعرض السماء والأرض، فينفخ فيه ثلاث نفخات، النفخة الأولى: نفخة الفزع والثانية: نفخة الصعق، والثالثة: نفخة البعث والقيام لرب العالمين.
وذكر الحديث: ذكره علي.
النفخات الثلاث كلها مذكورة في القرآن، لكن الخلاف بين أهل العلم في عدد النفخات هل هي ثلاث، أو اثنتان؟ معروف بين أهل العلم فيجعلون نفخة الفزع مقدمة، يعني نفخة الصعق يفزعون أولاً ثم يصعقون، فتكون واحدة، ومن أثبت الثالثة قال: ينفخ فيه ثم يفزعون، ثم ينفخ ثانية فيصعقون، ثم ينفخ ثالثة فيبعثون.
الحديث من خرجه؟ تخريج الحديث.
أيش يقول؟
طالب:. . . . . . . . . ويشكل عليه ما أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة مرفوعاً. . . . . . . . .
حديث البخاري يدل على أنهما نفختان فقط، لكن ما يمنع أن يكون بين النفختين الأولى والثانية أربعون عاماً، وبين الثانية والثالثة أربعون عاماً. في ما يمنع؟! يعني بين كل نفختين يمكن نوجه هذا، لا سيما وأن الثلاث جاءت بألفاظها من القرآن، وأما من يقول أنهما اثنتان فيجعل الفزع مقدمة للصعق، في عندك تخريج ثاني؟؟
ذكره علي بن معبد والطبري والثعلبي وغيرهم، وصححه ابن العربي، وقد ذكرته في كتاب التذكرة، وتكلمنا عليه هنالك، وأن الصحيح في النفخ في الصور أنهما نفختان لا ثلاث، وأن نفخة الفزع إنما تكون راجعةً إلى نفخة الصعق؛ لأن الأمرين لازمان لهما، أي فزعوا فزعاً ماتوا منه، أو إلى نفخة البعث وهو اختيار القشيري وغيره، فإنه قال في كلامه على هذه الآية والمراد النفخة الثانية: أي يحيون فزعين يقولون: من بعثنا من مرقدنا. ويعاينون من الأمر ما يهولهم ويفزعهم، وهذا النفخ كصوت البوق، لتجتمع الخلق في أرض الجزاء، قاله قتادة، وقال الماوردي: ويوم ينفخ في الصور هو يوم النشور من القبور، قال وفي هذا الفزع قولان: أحدهما: أنه الإسراع والإجابة إلى النداء، من قولهم: فزعت عليك في كذا، إذا أسرعتُ إلى ندائك في معونتك.
والقول الثاني: إن الفزع هنا هو الفزع المعهود من الخوف والحزن؛ لأنهم أزعجوا من قبورهم، ففزعوا وخافوا وهذا أشبه القولين.
قلتُ: والسنة الثابتة من حديث أبي هريرة وحديث عبد الله بن عمر ويدل على
قارئ المتن: عمرو ولا عمر؟
الشيخ: عمر. الواو استئنافية.
من حديث أبي هريرة وحديث عبد الله بن عمر ويدل على أنهما نفختان لا ثلاث.
الشيخ: والسنة الثابتة من حديث أبي هريرة وحديث عبد الله بن عمر يدل، والأصل أن يقول: تدل على أنهما نفختان لا ثلاث؛ لأنه لو أراد الاستئناف لقال: ويدل على أنهما نفختان لا ثلاث، ما خرجه مسلم.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لو كانت الواو استئنافية ويدل على أنهما نفختان لا ثلاث، ما خرجه مسلم، يدل ما خرجه، لكن هو راجع على السنة السابقة.
قارئ المتن: إذن ابن عمرو؟
الشيخ: إيه ابن عمرو.
والسنة الثابتة من حديث أبي هريرة وحديث عبد الله بن عمرو يدل على أنهما نفختان لا ثلاث. خرجهما مسلم، وقد ذكرناهما في كتاب التذكرة وهو الصحيح إن شاء الله تعالى أنهما نفختان: قال الله تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاء اللَّهُ} [(68) سورة الزمر]. فاستثنى هنا كما استثنى في نفخة الفزع، فدل على أنهما واحدة، وقد روى ابن المبارك عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بين النفختين أربعون سنة، الأولى يميت الله بها كل حي، والأخرى: يحي الله بها كل ميت)) فإن قيل فإنه قوله تعالى: {يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ* تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ} [(6 - 7) سورة النازعات]،. إلى أن قال:{فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ} [(13) سورة النازعات]. وهذا يقتضي بظاهره أنها ثلاث، قيل له: ليس كذلك، وإنما المراد بالزجرة النفخة الثانية، التي يكون عنها خروج الخلق من قبورهم، كذلك قال ابن عباسٍ ومجاهد وعطاءٍ وابن زيدٍ وغيرهم.
قال مجاهد: هما صيحتان أما الأولى فتميت كل شيءٍ بإذن الله، وأما الأخرى فتحيي كل شيءٍ بإذن الله، وقال عطاء: الراجفة القيامة، والرادفة: البعث، وقال ابن زيد: الراجفة: الموت، والرادفة: الساعة، والله أعلم.
{إِلَّا مَن شَاء اللَّهُ} ، ثم اختلف في هذا المستثنى منهم، ففي حديث أبي هريرة: أنهم الشهداء عند ربهم يرزقون، إنما يصل الفزع إلى الأحياء، وهو قول: سعيد بن جبير: أنهم الشهداء متقلدوا السيوف حول العرش، وقال القشيري: الأنبياء داخلون في جملتهم؛ لأن لهم الشهادة مع النبوة، وقيل الملائكة: قال الحسن: استثنى طوائف من الملائكة يموتون بين النفختين، قال مقاتل: يعني جبريل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت، وقيل الحور العين، وقيل هم المؤمنون؛ لأن الله تعالى قال عُقيب هذا:{مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَهُم مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ} [(89) سورة النمل]. وقال بعضهم علمائنا: والصحيح أنه لم يرد في تعيينهم خبر صحيح، والكل محتمل.
وهذا هو الصواب أنه لم يرد تعيينهم، كما في نفخة الصعق، جاء الاستثناء وخفي أمر المستثنى على النبي عليه الصلاة والسلام؛ لأنه عليه الصلاة والسلام أول من تنشق عنه الأرض، يقول: فإذا موسى -فإذا قام- آخذ بقائمة العرش، فلا أدري أبعث قبلي أم جوزي، بصعقة الطور، يعني لم يصعق.
طالب:. . . . . . . . .
. . . . . . . . . المقصود أن هذا الاستثناء لا يعلمه إلا الله -جل وعلا- ولذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: ((لا أدري أبعث قبلي أم جوزي بصعقة الطور فيكون ممن استثنى الله)) وفي رواية: ((أو ممن استثنى الله)).
طالب: بالنسبة. . . . . . . . .
يمكن رجوعها إلا اثنتين على سبيل الاختصار.
طالب:. . . . . . . . .
إيش لونه.
طالب:. . . . . . . . .
لا أصل الثالثة التي هي نفخة البعث الناس أموات كيف يفزعون؟ يحتاجون إلى مقدمة، لكن يحتاجون إلى بعده، يفزعون بعدها ما يفزعون قبلها.
قلتُ: خفي عليه حديث أبي هريرة وقد صححه القاضي أبو بكر بن العربي، فليعول عليه؛ لأنه نص في التعيين وغيره اجتهاد والله أعلم. وقيل غير هذا على ما يأتي في الزمر.
وقوله: ففزع من في السماوات، ماضٍ وينفخ مستقبل، فيقال: كيف عطف ماضٍ على مستقبل، فزعم الفراء أن هذا محمول المعنى، لأن المعنى إذا نفخ في الصور ففزع إلا من شاء الله، نصبٌ على الاستثناء، وكلُ أتوه داخرين: قرأ أبو عمرو وعاصم والكسائي ونافع وابن عامرٍ وابن كثير، {آتوه}: جعلوه فعلاً مستقبلا، وقرأ الأعمش ويحيى وحمزة وحفص عن عاصم:{وكل أتوه} مقصوراً على الفعل الماضي، وكذلك قرأه ابن مسعود. وعن قتادة:{وكل أتاه داخرين} ، قال النحاس: وفي كتابي عن أبي إسحاق في القراءات، من قرأ: وكل {أتوه} ، وحّده على لفظ: كل، ومن قرأ:{آتوه} : جمع على معناها، وهذا القول غلط قبيح؛ لأنه إذا قال: وكل أتوه، فلم يوحّد وإنما جمع، ولو وحّد لقال: أتاه، ولكن من قال: أتوه، جمع على المعنى وجاء به ماضيا؛ لأنه رده إلى {ففزع} ومن قرأ: وكل أتوه، حمله على المعنى أيضاً، وقال:{آتوه} : لأنها جملة منقطعة من الأول.
آتوه: يعني جائين إليهم، كل الناس، وكل من يبعث آتٍ إلى الله جل وعلا، وكلهم آتيه يوم القيامة فردا.
قال ابن نصر: قد حكي عن أبي إسحاق رحمه الله ما لم يقله، ونص أبي إسحاق:{وكل أتوه داخرين} ، ويقرأ آتوه، فمن وحّد فلفظ (كل) ومن جمع فلمعناها، يريد ما أتى في القرآن.
أبو إسحاق، الزجاج، علق عليه، لعل أبي إسحاق الزجاج في معاني القرآن، لكن قال في كتابي القراءات.
طالب: مكتوب في
…
مكتوب في الأول في الصفحة التي قبلها في القرآت، على كل حال الذي يغلب على الظن أنه الزجاج.
يريد ما أتى في القرآن أو غيره من توحيد خبر (كل) فعلى اللفظ أو جمعٍ فعلى المعنى فلم يأخذ أبو جعفر ٍ هذا المعنى.
قال المهدوي: ومن قرأ: {وكل أتوه داخرين} ، فهو فعل من الإتيان، وحمل على معنى (كل) دون لفظها، ومن قرأ:{كلٌُ آتوه داخرين} . فهو اسم الفاعل من أتى يدلك على ذلك قوله تعالى: {وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا} [(95) سورة مريم]. ومن قرأ: {وكل آتاه} ، حمله على لفظ (كل) دون معناها، وحمل (داخرين) على المعنى ومعناه: صاغرين، عن ابن عباسٍ وقتادة وقد مضى في النحل.
الجبال ومرورها:
قوله تعالى: {وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ} [(88) سورة النمل]. قال ابن عباس: أي قائمة وهي تسير سيراً خفيفاً، قال القتبي: وذلك أن الجبال تُجمع وتُسير، فهي في رؤية العين كالقائمة وهي تسير، وكذلك كل شيء عظيم، وجمعٍ كثير يقصر عنه النظر لكثرته وبُعد ما بين أطرافه، وهو في حسبان الناظر كالواقف وهو يسير، قال النابغة في وصف جيش:
بأرعن مثل الطود تحسب أنهم
…
وقوف لحاج والركاب تملج
قال القشيري: وهذا يوم القيامة.
هذا لا شك أنه يوم القيامة هو الذي تسير فيه الجبال، تسير، وأما في الدنيا فلا؛ لأنها ثابتة، وثبتت بها الأرض وأرسيت بها، وهذا أمر مشاهد محسوس، وبعضهم، بعض الناس يقول: مو في الدنيا، والجبال تدور، ويستدل بهذا على دوران الأرض، يستدلون بهذا على دوران الأرض، لكن إذا كانت الأرض تدور، هل تدور الجبال بمفردها أو تدور معها؟ إذا دارت معها هل هي ثابتة وإلا تدور، تسير بنفسها؟ عابرة على أي حال، سواء دارت الأرض أم لم تدر الجبال ثابتة وراسية {وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا} [(32) سورة النازعات]، يقول:{وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ} [(88) سورة النمل]، نعم إذا أتيت إلى هذا الجبل في هذا اليوم ثم جئت بعد شهر لم تجده في مكانه؟ قل: نعم، تمر مر السحاب، لكن يبقى أنك تجده في مكانه من أول يوم، من خلق الله الأرض إلى يومنا هذا، منذ أن أرساها بالجبال إلى يومنا هذا وهو مكانه.
فليس فيه دليل البتة؛ بعني استدل بعضهم على دوران الأرض، لكن إذا دارت الأرض على فرض أنها تدور الأرض، هل نقول أن الجبال تمر مر السحاب؟ يعني هل الذي على وجه الأرض وهي تدور بهم مع غيره من المخلوقات وهذا على سبيل التنزل، يرى الجبال تمر مر السحاب؟ نعم أبداً، ليس في هذا ما يدل على ما ذهبوا إليه، أحياناً عند الجيولوجيين أشياء قد تكون بعضها مضحك، قد يقولون: أنكم لا تدركون مثل هذه الأمور، أحياناً يقول هذا جبل قديم جداً، جبل قديم، فيه جبال جديدة؟ قد يكون من الحجارة ما يتحجر، يطرأ عليه تحجر، أما جبل قديم أرسيت به الأرض يكون قديم أو حديث؟ فعلى كل حال يأتون بأحجار ويحددون أعمارها، هذا له خمسة ملايين سنة، والثاني مئة مليون سنة، وهذا له عشرة ملايين سنة، وإذا نظرت ما تجد الأعمار من ضمنها هذه الأحجار التي توجد في الأرض، والتحديد بهذه المدد المتطاولة لا شك أنه
…
، هم يستدلون عندهم مقدمات يقولون عليها نتائج قد لا نعرفها، لكن يبقى أن هذه الأمور لو كانت مما تنفع المسلم ويستفيد منها في دينه ودنياه لبينها الله -جل وعلا-.
طالب:. . . . . . . . .
الجبال أرساها، الأرض راسية، والشمس تجري، الأرض راسية راسية والشمس تجري، هذا ما عندنا مما في النصوص، وما عدا ذلك لا نتكلف به.
قال القشيري: وهذا يوم القيامة، أي هي لكثرتها كأنها جامدة، أي واقفة في مرأى العين، وإن كانت في أنفسها تسير سير السحاب، والسحاب المتراكم يُظن أنها واقفة وهي تسير، أي تمر مر السحاب حتى لا يبقى منها شيء، فقال الله تعالى:{وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا} [(20) سورة النبأ]، ويقال: إن الله تعالى وصف الجبال بصفاتٍ مختلفة ترجع كلها إلى تفريغ الأرض منها، وإبراز ما كانت تواريه، فأول الصفات.
يعني امتضت الحكمة من وجودها، إذا امتضت الحكمة من وجودها وإرساء الأرض وتثبيتها مرت بهذه المراحل.
فأول الصفات الاندكاك، وذلك قبل الزلزلة، ثم تصير كالعهن المنفوش، وذلك إذا صارت السماء كالمهل، وقد جمع الله بينهما فقال: يوم تكون السماء كالمهل، وتكون الجبال كالعهن، والحالة الثالثة أن تصير كالهباء، وذلك أن تتقطع بعد أن كانت كالعهن، والحالة الرابعة أن تنسف لأنها مع الأحوال المتقدمة قارة في مواضعها، والأرض تحتها غير بارزة فتنسف عنها لتبرز، فإذا نسفت ففي إرسال الرياح عليها، والحالة الخامسة
…
يعني إذا كانت كالصوف المندوف المنفوش وجاءتها الرياح أزالتها عن أماكنها.
والحالة الخامسة: أن الرياح ترفعها على وجه الأرض فتظهرها شعاعاً في الهواء كأنها غبار، فمن نظر إليها من بعد حسبها لتكاثفها أجساداً جامدة، وهي في الحقيقة مارة إلا أن مرورها من وراء الرياح كأنها مندكَّة متفتتة.
والحالة السادسة: أن تكون سراباً فمن نظر إلى مواضعها لم يجد فيها شيئاً منها كالسراب، قال مقاتل: تقع على الأرض فتسوى بها، ثم قيل: هذا مَثَل، قال الماوردي: وفيما ضرب له ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه مثل ضربه الله تعالى.
نحن .... قولهم أنه مثل أنه لا حقيقة له، أن هذه الأمور لن تكون، إنما هي أمثال ضربت للناس، والأصل حمل كلام الله -جل وعلا- على حقيقته، وأن القدرة الإلهية صالحة لمثل هذا فالذي أوجدها قادر على أن يجعلها كالصوف، والذي ثبتها وأرسى بها الأرض قادر على تسييرها، كل هذه حقائق وليست أمثال.
أحدها: أنه مثل ضربه الله تعالى للدنيا، يظن الناظر إليها أنها واقفة كالجبال، وهي آخذة بحظها من الزوال كالسحاب، قاله سهل بن عبد الله.
الثاني: أنه مثل ضربه الله لإيمان، تحسبه ثابتاً في القلب وعمله صاعد إلى السماء.
الثالث: أنه مثل ضربه الله للنفس عند خروج الروح، والروح تسير إلى العرش.
{صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ} [(88) سورة النمل]: أي هذا من فعل الله، وما هو فعل منه فهو متقن، وترى: من رؤية العين، ولو كانت من رؤية القلب لتعدت إلى مفعولين، والأصل ترأى فألغيت حركة الهمزة على الراء فتحركت الراء وحذفت الهمزة، وهذا سبيل تخفيف الهمزة إذا كانت قبلها ساكن، إلا إن التخفيف لازم لترى، وأهل الكوفة يقرؤون تحسبها بفتح السين وهو القياس؛ لأنه من حسِب يحسَب، إلا أنه قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم خلافها أنه قرأ بالكسر في المستقبل.
يعني في المضارع: يحسِب. نعم.
فتكون على فعِل يفعِل مثل: نعِم ينعِم، وبئِس يبئِس، وحُكي: يئس ييئس من السالم، لا يعرف في كلام العرب غير هذه الأحرف {وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ} [(88) سورة النمل]، تقديره: مراً مثل مر السحاب، فأقيمت الصفة مقام الموصوف، والمضاف مقام المضاف إليه، فالجبال تزال من أماكنها من على وجه الأرض، وتجمع وتسير كما تسير السحاب، ثم تُكسر فتعود إلى الأرض كما قال:{وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا} [(5) سورة الواقعة]، صنع الله: عند الخليل وسيبويه منصوب على أنه مصدر؛ لأنه لم قال عز وجل: {وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ} دل على أنه قد صنع ذلك صنعاً، ويجوز النصب على الإغراء: أي انظروا صنع الله فيوقف على هذا على السحاب، ولا يوقف عليه على التقدير الأول، ويجوز رفعه على تقدير: ذلك صنعُ الله الذي أتقن كل شيء أي أحكمة، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم:((رحم الله من عمل عملاً فأتقنه)). وقال قتادة: معناه: أحسن كل شيء.
مخرج الحديث.
مخرج؟!
طالب: أخرجه .... والطبراني من حديث. . . . . . . . . ورواه ابن حبان. . . . . . . . . أخرجه الطبراني من حديث. . . . . . . . . ضعيف. . . . . . . . . ضعيف جداً، والحديث حسن. . . . . . . . .
يعني بطرقه، يعني بطرقه، حسن لغيره.
والإتقان: الإحكام، يقال: رجل تقٍ أي حاذق بالأشياء، وقال الزهري: أصله من ابن تقن، وهو رجل من عاد لم يكن يسقط له سهم فضرب به المثل يقال له: أرمى من ابن تقن، ثم يقال لكل حاذقٍ بالأشياء تقن.
{إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ} [(88) سورة النمل].
والباقون: تفعلون بالتاء على الخطاب قراءة الجمهور، وقرأ ابن كثيرٍ وأبو عمرو وهشام بالياء.
الزيادة. . . . . . . . . نسخة ويستقيم الكلام بدونها، والباقون تفعلون -ما لها داعي- بالتاء على استطاب قراءة الجمهور، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وهشام بالياء. انتهى، لا داعي لما زاده من النسخة.
طالب:. . . . . . . . .
على قراءة النصب، إما أن يكون مصدر.
طالب:. . . . . . . . . صنع الله
…
إيه، يعني هل هذا خبر أو تسلية أو وصف؟ فيوصف بأنه صانع، أو أن هذا خبر، إنما ذكر في هذا:(صنع الله الذي أتقن كل شيء) فدائرة الإخبار أوسع، يعني لا يوصف ولا يسمى إذا كان مجرد خبر، وإذا قلنا: إنه وصف قلنا: إن الله يوصف بأنه يصنع صانع وإذا قيل: إن صنع الله من أسمائه، على كل حال: إذا ثبت وصف لله -جل وعلا- أنه يصنع فلا يشتق منه اسم؛ لأن الأسماء دائرتها أضيق من الأوصاف والأخبار، وقل مثل هذا إذا قلنا أنه على سبيل الإخبار لا يوصف به، وعلى كل حال أقرب ما يكون الوصف.
طالب:. . . . . . . . .
لأن المقرر عند أهل العلم ليس هو الأصل، الاسم هو الأصل فلا يؤخذ منه فرع، والعكس صحيح.
طالب:
…
صنع الله.
هو يخبر عن هذا الشخص بأنه صنع الله، ما فيه إشكال.
طالب:. . . . . . . . .
ما فيه إشكال؛ لأنه ما هو يسمي الله -جل وعلا- بهذا الاسم، إنما يسمي هذا الشخص بما ثبت عن الله -جل وعلا- ما فيه إشكال.
طالب:. . . . . . . . .
لا ما يصح هذا، لا ..
قوله تعالى: {مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا} [(89) سورة النمل]، قال ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهما: الحسنة: لا إله إلا الله، وقال أبو معشر: كان إبراهيم يحلف بالله الذي لا إله إلا هو ولا يستثنى، أن الحسنة لا إله إلا الله محمد رسول الله.
الطبري معروف من أهل القراءات، وله عناية بالقرآن أبو معشر الطبري.
وقال علي بن الحسين بن علي رضي الله عنهم: غزا رجل فكان إذا خلا بمكانٍ قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، فبينما هو في أرض الروم في أرضٍ جلفاء وبردى.
-في أرض الشام- رفع صوته فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، فخرج عليه رجل على فرسٍ عليه ثيابٍ بيض، فقال: والذي نفسي بيده إنها الكلمة التي قال الله تعالى: {مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا} وروى أبو ذرٍ قال: قلت يا رسول الله أوصني؟ قال: ((اتق الله، وإذا عملت سيئةً فأتبعها حسنةً تمحها)) قال: قلت: يا رسول الله أمن الحسنات لا إله إلا الله؟ قال: ((من أفضل الحسنات)) وفي رواية قال: نعم هي أحسن الحسنات. ذكره البيهقي.
وقال قتادة: من جاء بالحسنة، بالإخلاص والتوحيد، وقيل: أداء الفرائض كلها.
حديث أبي ذر من خرجه؟!
طالب:. . . . . . . . .
ما يلزم أن يكون معنى الآية، لكن ذكر الآية مع بيان كون لا إله إلا الله، هو من أحسن من الحسنات مناسب جداً، من جاء بالحسنة من أعظمها: لا إله إلا الله، تصلح أن تكون فرداً من أفراد الحسنات.
قلتُ: إذا أتى بلا إله إلا الله على حقيقتها، وما يجب لها على ما تقدم بيانه في سورة إبراهيم، فقد أتى بالتوحيد والإخلاص والفرائض فله خير منها، قال ابن عباس: أي وصل إليه الخير منها وقال:
ليس معناه له أفضل منها، إذ لا أفضل منها، لكن معناه أنه وصل إليه الخير بسببها، منها، من هذا الصفة.
وقاله مجاهد، وقيل: فله جزاء الجميل وهو الجنة، وليس خير للتفضيل، قال عكرمة وابن جريج: أما أن يكون له خير منها يعني: من الإيمان فلا، فإنه ليس شيء خيراً ممن قال: لا إله إلا الله، ولكن لو منها خير وقيل: فله خير منها، للتفضيل، أي ثواب الله خير من عمل العبد وقوله وذكره، وكذلك رضوان الله خير للعبد من فعل العبد، قاله ابن عباس.
وقيل: يرجع هذا إلى الإضعاف، فإن الله تعالى يعطيه بالواحدة عشراً، وبالإيمان في مدةٍ يسيرة الثواب الأبدي، قاله محمد بن كعب، وعبد الرحمن بن زيد.
{وَهُم مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ} [(89) سورة النمل]، قرأ عاصم وحمزة والكسائي:{فزعٍ يومِئذ} بالإضافة، قال أبو عبيد: وهذا أعجب إليّ؛ لأنه أعم التأويلين أن يكون الأمن من جميع فزع ذلك اليوم، وإذا قال:{من فزعٍ يومئذٍ} فارق أنه فزع دون فزع ..
إذا قال فزعِ يومِئذ: يعني من جميعه، من جميع أنواع الفزع، وإذا قال من فزعٍ يومئذ، صار من فزعٍ واحد دون ما سواه.
قال القشيري: وقرئ: {من فزعٍ} بالتنوين، ثم قيل: يعني به فزعاً واحدا، كما قال:{لا يحزنهم الفزع الأكبر} ، وقيل عن الكثرة؛ لأنه مصدر والمصدر صالح للكثرة، قلتُ: فعلى هذا تكون القراءتان بمعنى.
قال المهدوي: ومن قرأ {من فزعٍ يومَئذ} ، بالتنوين انتصب يومئذٍ بالمصدر الذي هو فَزع، ويجوز أن يكون صفةً لفزَع ويكون متعلقاً بمحذوف؛ لأن المصادر يخبر عنها بأسماء الزمان وتوصف بها ويجوز أن يتعلق.
ولا يخبر بأسماء الزمان عن الأسماء، أسماء الأعلام، لا يخبر بأسماء الزمان على الأعلام، أبداً، ولا يكون اسم الزمان خبراً.
طالب:. . . . . . . . .
جواب، عن جثةٍ، يقول ابن مالك: وإن يفد فأخبر، لكن الأصل أنه لا يكون.
ويجوز أن يتعلق باسم الفاعل الذي هو آمنون، والإضافة على الاتساع في الظروف، ومن حذف التنوين وفتح الميم بناه؛ لأنه ظرف زمان، وليس الإعراب في ظرف الزمان متمكنا، فلما أضيفت إلى غير متمكنٍ ولا معربٍ بُني، وأنشد سيبويه:
المتمكن، ينقسم إلى قسمين: إلى متمكّن أمكن، ومتمكن غير أمكن، المتمكن الأمكن: هذا المعرب المصروف، والمتمكن غير الأمكن: المعرب غير المصروف، والغير متمكن هو المبني.
وأنشد سيبويه:
على حين أنهى الناس جل أمورهم
…
فندلا زريق المال ندل الثعالب
قوله تعالى: {وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ} [(90) سورة النمل]. أي بالشرك، قال ابن عباس والنخعي وأبو هريرة ومجاهد، وقيس بن سعدٍ والحسن وهو إجماع من أهل التأويل في أن الحسنة: لا إله إلا الله، وأن السيئة الشرك في هذه الآية، {فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ} [(90) سورة النمل]، قال ابن عباس: ألقيت، وقال الضحاك: طرحت، يقال: كببت الإناء أي قلبته على وجهه، واللازم من منه، وقلما يأتي هذا في كلام العرب.
كلام العرب العكس، كلام العرب العكس، اللازم الثلاثي يعدى بالهمزة، وهنا لزم بالهمزة.
هل تجزون: أي يقال لهم هل تجزون، ثم يجوز أن يكون من قول الله: ويجوز أن يكون من قول الملائكة، {إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [(90) سورة النمل]: إلا جزاء أعمالكم.
قوله تعالى: {إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا} [(91) سورة النمل]، يعني: مكة التي عظم الله حرمتها، أي جعلها حرماً آمنا، لا يسفك فيها دم، ولا يظلم فيها أحد، ولا يصاد فيها صيد، ولا يعضد فيها شجر، على ما تقدم بيانه في غير موضع، وقرأ ابن عباس:{التي حرمها} نعتاً للبلدة، وقراءة الجماعة: الذي، وهي في موضعٍ نصبٍ نعت لـ (رب) ولو كان بالألف واللام لقلت: المحرمها. يعني بدل الذي (أل) و (أل) تأتي موصولة، فإذا جَعلت مكان (الذي) (أل) قلت: المحرمات، إذا كانت نعت، وإذا كانت للبلدة قلت: المحرمها هو.
فإن كانت نعتاً للبلدة قلت: المحرمها هو، لا بد من إظهار المضمر مع الألف واللام؛ لأن الفعل جرى على غير من هو له، فإن قلت: الذي حرمها لم تحتج أن تقول: هو وله.
ولا يكون حينئذ نعت سببي، حيئنذٍ يكون نعت سببي.
{وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ} خلقاً وملكاً، {وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [(91) سورة النمل]: أي من المنقادين لأمره الموحدين له، {وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ} [(92) سورة النمل] أي وأمرت أن أتلو القرآن أي أقرؤه، فمن اهتدى فله ثواب هدايته، ومن ضل فليس عليّ إلا البلاغ، نسختها آية القتال، قال النحاس: وأن أتلوا نصب بـ (أن) قال الفراء: وفي إحدى القراءتين: {وأن اتلوا} ، وزعم أنه في موضع جزمٍ بالأمر، فلذلك حذف منه الواو، قال النحاس: ولا نعرف أحداً قرأه هذه القراءة وهي مخالفة لجميع المصاحف، قوله تعالى:{وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ} [(93) سورة النمل]، أي على نعمه وعلى ما هدانا {سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ} [(93) سورة النمل]، أي: في أنفسكم وفي غيركم، كما قال:{سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ} [(53) سورة فصلت]، {فَتَعْرِفُونَهَا} أي: دلائل قدرته ووحدانيته، في أنفسكم وفي السماوات وفي الأرض، نظيره قوله تعالى:{وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ * وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} [(20 - 21) سورة الذاريات]، {وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} وروى أهل المدينة وأهل الشام، وحفص عن عاصم: بالتاء على الخطاب، لقوله:{سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا} [(93) سورة النمل].
السياق سياق خطاب، الكاف هذه سيريكم خطاب، فتعرفونها: خطاب.
لقوله: {سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا} فيكون الكلام على نسقٍ واحد، والباقون بالياء على أن يرد إلى ما قبله، فمن اهتدى فأخبر عن تلك الآية، كملت السورة والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه.
اللهم صلي وسلم وبارك على سيدنا محمد.