الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال الجوهري: الجِذوة والجُذوة والجَذوة: الجمرة الملتهبة والجمع جِذاً وجُذاً وجَذاً، قال مجاهد في قوله تعالى:{أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ} : أي قطعة من الجمر، وهي بلغة جميع العرب، وقال أبو عبيدة: والجذوة مثل الجذمة وهي القطعة الغليظة من الخشب كان في طرفها نار أو لم يكن، قال ابن مقبل:
باتت حواطب ليلى يلتمس لها
…
جذل الجذا غير خوار ولا دعر
كون الخشبة تسمى جذوة وليس فيها نار هذا بعيد، ودلالة البيت على ما أراد أنه باعتبار ما سيكون؛ لأنه إنما يجمع الحطب ليوقد به، فيكون جذوة.
وقال:
وألقى على قيس من النار جِذوة
…
شديداً عليها حميها ولهيبها
شروط عقد النكاح:
طالب:. . . . . . . . . إذا اشترط. . . . . . . . . ثم. . . . . . . . .
وأسقطه بنفسه
طالب:. . . . . . . . .
طيب
طالب:. . . . . . . . .
المسلمون على شروطهم؛ لأنها وإن كان القسم لها من مصلحتها كما هو الأصل إلا أنه قد يكون من مصلحتها عدم القسم، وفي وقت يكون القسم لها من مصلحة الزوج، وقد يكون من غير مصلحته، إذا كانت الضرة الثانية دونها في المستوى والرغبة، ثم أراد أن يقسم لها فراراً من الأولى أو التي كانت عنده في الأصل ثم رفضت واتفقوا على ذلك من قبل واشترطوه في العقد فلا بد من الوفاء بالعقود، لكن الإشكال في الشروط في النكاح، نعم، قد يتفقون على شيء أو على عدد من الشروط في العقد، ثم بعد ذلك يقدم الزوج عند العقد على هذه الشروط، فإذا دخل بها وجدها أقل من المستوى الذي يطلبه، نعم، وقد دخل بها وبنى بها، ثم سقطت بعد ذلك أسهمها على ما يقولون، ثم أراد أن يتنصل عن هذه الشروط، لا بد أن تقبل وهي مكرهة غير مختارة، فهل يجوز له مثل ذلك؟ إذا اشترطت عليه أن تكمل الدراسة مثلاً، أو تعمل بعد تخرجها، ثم بعد ذلك رأى أنه ما يقدر يوفي لها بهذا الشرط، قال أنا أريدك أن تتنازلي عن هذا الشرط ولا ما صار شيء، أكرهها على التنازل، فتنازلت، هل نقول إنه ما دام يملك المخير الثاني أو الخيار الثاني يملك الخيار الأول أو، لا؟
يعني إذا افترضنا أنها اشترطت أن تكمل الدراسة، وقد جاء راغباً والتزم بهذا الشرط، لما دخل بها وجد أنها أقل من أن تشترط عليه، فقال: إما أن يلغى هذا الشرط ولا ما صار شيء، هو يطلقها، فقبلت مكرهة، وتنازلت عن هذا الشرط، أحق الشروط أن يوفى به ما استحلت به الفروج، لكن هل نقول: ما دام يملك الخيار الثاني الذي هو الطلاق فيملك ما يقابله وهو الخيار الأول؟
هو يملك الخيار الثاني بلا شك الذي هو الطلاق، فإذا كان يخيرها بين أن تتنازل عن هذا الشرط أو يطلقها، له ذلك أولا ليس له ذلك؟ نعم. {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [(128) سورة النساء]، يعني: إذا تنازلت لأن المسألة في مثل هذه الأمور مسألة عرض وطلب، أحياناً تكون المرأة فوق ما يتوقعه الرجل، وحينئذ هي تحاول أن تلغي بعض شروطه، فيرضخ ويلتزم؛ لأن النساء ليس بأقل من الرجال في هذا الباب؛ لأن الرجل لو طرأ له ما طرأ مما يضعفه عندها، ينزل قيمته عندها حاولت جاهدة بأن تضغط عليه، وكذلك الرجل، فهل نقول: هذه المسألة ما دام يملك الخيار الثاني له الخيار الأول، كما لو قال لها: إن رضيت البقاء بدون قسم وإلا فالحقي بأهلك، له ذلك أو ليس له ذلك؟ يعني عملاً بالآية، وإن امرأة خافت، نعم له ذلك لكنه ليس من المروءة، ليس من المروءة أن يعاشرها في أول عمرها وفي زهرة شبابها ثم لما عرف أنها ترضى بأي شرط يمليه عليها ألزمها بهذا، هذا ليس من المروءة، لكن لو شرعاً ما دام يملك الخيار الثاني فله الخيار الأول.
طالب:. . . . . . . . .
هو أقدم عليها لأنها مدحت له مدحاً أكثر من واقعها، ثم لما رآها صورت له على ذلك المدح، الإنسان إذا أخذ نفسية معينة صار ينظر إلى المرأة من زاوية معينة أعجبته ثم لما تكشفت الأمور وبنى بها وجدها أقل بكثير ما يوجد هذا!، وقد تمدح المرأة ثم إذا دخل بها وبنى بها وجدها أقل، وقد يراها على وضع معين أو في ظرف معين بإضاءة معينة فيقبلها، ثم إذا تكشفت الأمور على طبيعتها وجدها أقل مما رأى، وقد تستعمل من الأصباغ ومن الأمور التي تظهرها أحسن من واقعها أشياء، ثم بعد ذلك، أو العكس تتبين أنها أشد ثم يحبها حباً شديداً، ثم تفرض عليه ما تشاء؛ لأن أمور الدنيا كلها مسألة عرض وطلب، عرض وطلب، يعني إذا كثر العرض قل الطلب، وتنازل عن الشروط، إذا قل العرض كثر الطلب ويشترط منها شروط، ولذلك بعض السلع تنفق في وقت دون وقت، وهي نفسها.
طالب:. . . . . . . . .
له أن يخيرها، يقول والله أنا تعبت من الدراسة، أنا إذا جيت الأكل غير جاهز، المرأة غير جاهزة في الوقت الذي يريدها فيه، يعني لا شك أن الخلل موجود في الدراسة وفي العمل موجود في حق الزوج، لكن الناس يقبلون، باعتبار إنه شيء -يعني- يمشي شيء، أمور الدنيا كلها ما تجي على المطلوب من كل وجه، كل شيء له ضريبة، يعني إذا درست يستفيد من دراستها، إذا توظفت يستفيد من وظيفتها، مع أنه يتضرر من جهة أخرى، فإن كانت المسألة متقاربة متوازنة ولا كل واحد يضغط على الثاني بما يرجحه، هذه الحياة مبنية على هذا، مبنية على موازنات.
رد على القائلين بخلق القرآن:
قوله تعالى: {فَلَمَّا أَتَاهَا} [(30) سورة القصص]، يعني الشجرة، قدم ضميرها عليها، {نُودِي مِن شَاطِئِ الْوَادِي} من الأولى والثانية لابتداء الغاية، أي أتاه النداء من شاطيء الوادي من قبل الشجرة، ومن الشجرة بدل من قوله:{مِن شَاطِئِ الْوَادِي} بدل الاشتمال؛ لأن الشجرة كانت نابتة على الشاطيء، وشاطيء الوادي وشطه جانبه، والجمع شُطان، وشواطيء ذكره القشيري، وقال الجوهري: ويقال: شاطيء الأودية، ولا يجمع، وشاطئت الرجل، إذا مشيت على شاطئ، ومشى هو على شاطيء آخر {الْأَيْمَنِ} أي عن يمين موسى، وقيل: عن يمين الجبل {فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ} .
المنادي هو الله -جل وعلا-، ناداه حرف وصوت يُسمع، خلافاً لمن يزعم أن الله -جل وعلا- خلق الكلام في الشجرة فنادته، كما هو قول من يقول بخلق القرآن، -نسأل الله العافية-، يقول: خلق الكلام في الشجرة ونادت، وأن الكلام صدر من الشجرة، في البقعة المباركة من الشجرة، يعني الكلام صدر من الشجرة، وأهل السنة لا يختلفون في هذا، وأن المنادي هو الله -جل وعلا-، وأن موسى كلم كفاحاً، وناداه الله -جل وعلا-، بكلامٍ على ما يليق بجلاله وعظمته من غير تكييف له، لكنه كما يقرر سلف هذه الأمة وأئمتها بصوت وحرف يسمع، ولو كان على ما قاله المعتزلة لكانت الشجرة هي التي قالت:{إِنِّي أَنَا رَبُّكَ} [(12) سورة طه]{إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [(30) سورة القصص]، وحينئذ لا فرق بين قولها وقول فرعون.
وقرأ الأشهر العقيلي {فِي الْبُقْعَةِ} بفتح الباء، وقولهم بقاع يدل على بقعة، كما يقال: جفنة، وجفان، ومن قال: بُقعة، قال: بُقع، مثل غرفة وغرف {مِنَ الشَّجَرَةِ} أي من ناحية الشجرة، قيل: كانت شجرة العليق، وقيل: سمرة، وقيل: عوسج، ومنها كانت عصاه، ذكره الزمخشري، وقيل: عُناب، والعوسج إذا عظم يقال له: الغرقد، وفي الحديث:((إنه من شجر اليهود)) فإذا نزل عيسى وقتل اليهود الذين مع الدجال فلا يختفي أحد منهم خلف شجرة إلا نطقت وقالت: يا مسلم هذا يهودي ورائي تعال فاقتله إلا الغرقد فإنه من شجرة اليهود، فلا ينطق، خرجه مسلم.
قال المهدوي: وكلم الله تعالى موسى عليه السلام من فوق عرشه وأسمعه كلامه من الشجرة على ما شاء.
من الشجرة، يقصد من ناحيتها ومن جهتها، سمع الكلام جاء من جهة الشجرة، لا أنه انبعث من الشجرة، كما يوحي به كلام المؤلف، وكما يقوله المعتزلة، يقولون: إن الله خلق الكلام في الشجرة، فالله -جل وعلا- كلمه وهو مستو على عرشه، بائن من خلقه، والكلام جاء من تلك الجهة.
ولا يجوز أن يوصف الله تعالى بالانتقال والزوال، وشبه ذلك من صفات المخلوقين.
على كل حال الله -جل وعلا- عال على خلقه بائن منهم، مستو على عرشه ومع ذلك ينزل ويوصف بالقرب، وهو مع خلقه أينما كانوا، وهذا لا يناقض هذا ولا ينافيه.
قال أبو المعالي: وأهل المعاني وأهل الحق يقولون: من كلمه الله تعالى وخصه بالرتبة العليا والغاية القصوى فيدرك كلامه القديم المتقدس عن مشابهة الحروف والأصوات والعبارات والنظمات وضروب اللغات.
الذي يسمع كلامه ليس القديم، إنما الذي يسمع الحادث المتجدد؛ لأن الله -جل وعلا- كلامه قديم النوع بلا شك، لكنه متجدد الآحاد، فهو سبحانه وتعالى يتكلم متى شاء، كيفما شاء، يسمع بصوت وحرف، وهو ليس في ذلك بما يشبه المخلوقين، إنما هو على ما يليق بجلاله وعظمته.
كما أن من خصه الله بمنازل الكرامات، وأكمل عليه نعمته، ورزقه رؤيته يرى الله سبحانه منزهاً عن مماثلة الأجسام، وأحكام الحوادث، ولا مثل له سبحانه في ذاته وصفاته، وأجمعت الأمة على أن الرب تعالى خصص موسى عليه السلام وغيره من المصطفين من الملائكة بكلامه.
قال الأستاذ أبو إسحاق، اتفق أهل الحق على أن الله تعالى خلق في موسى عليه السلام معنى من المعاني أدرك به كلامه، كان اختصاصه في سماعه، وأنه قادر على مثله في جميع خلقه، واختلفوا في نبينا عليه السلام هل سمع ..
قوله: اتفقوا، يريد بذلك أهل الحق، على أن الله تعالى خلق في موسى معنى من المعاني أدرك به كلامه إنما سمع كلام الله -جل وعلا-، بأذنه كما يسمع كلام غيره إلا أن البون بين الخالق والمخلوق هو معروف، أن الخالق لا يشابه الخالق في شيء من الأشياء، لكن الله -جل وعلا- يتكلم كما أثبت ذلك في كتابه وعلى لسان نبيه عليه الصلاة والسلام، وأنه بصوت وحرف يُسمع، والسمع إنما يكون من الأذن، أما خلق القدرة على السماع مع حدوث الكلام أو خلق القدرة على الإبصار مع وجود المبصر، فإن هذا لا شك أنه عند المعتزلة معتمد كما هو عند الأشاعرة، عند الأشاعرة أن هذه الأسباب التي هي السمع والبصر وغيره، المدركات للمسموعات والمبصرات لا تسمع بذاتها، ولا تفيد بذاتها، فإن السمع وجوده مثل عدمه، لكن الله -جل وعلا- يخلق عند وجود المسموع قوة مدركة تدرك هذا المسموع، وخذ مثل هذا في البصر، فالإنسان يبصر عند البصر لا به، ويسمع عند السمع لا به، ويشبع عند الأكل لا به، ويروى عند الري لا به، فعندهم الأسباب معطلة لا قيمة لها، وكلامهم واضح؛ لأنه تقدم مراراً القول بأن الأشعرية يقررون بأنه يجوز أن يرى الأعمى في الصين بقة الأندلس، الأعمى الذي لا يدرك الجمل الذي بين يديه، يجوز أن يرى بقة الأندلس، صغار البعوض، وهو في أقصى المشرق، وهي في أقصى المغرب، لماذا؟ لأن السبب لا قيمة له، وجوده مثل عدمه، الأعمى والمبصر سواء، القريب والبعيد سواء، إلا أن الله -جل وعلا- يخلق عند هذا البصر ذلك الإبصار، وهذا كلام -من تصور حقيقته وجده- أشبه بالهذيان لا قيمة له، فيبالغ الأشعرية في انتفاء الأثر المرتب على الأسباب، كما أن المعتزلة ضدهم، يبالغون في إثبات الأثر، ويرون أن الأسباب فاعلة في نفسها، وأهل السنة يرون أن الأسباب لها أثر، لكن المؤثر والمسبب هو الله -جل وعلا-.
واختلفوا في نبينا عليه السلام هل سمع ليلة الإسراء كلام الله؟ وهل سمع جبريل كلامه؟ على قولين: وطريق أحدهما النقل المقطوع به، وذلك مفقود. واتفقوا على أن سماع
…
يقول: طريق أحدهما. يعني الإثبات أو النفي النقل المقطوع به؛ لأن المسألة مسألة عقيدة، والعقيدة لا تثبت عندهم إلا بالأدلة القطيعة لا تترك لأخبار الآحاد كما هو معروف لكن الصحيح المعتمد عند أهل السنة والجماعة هو قول: جميع من اعتدوا بقوله من أهل الحق أن العقائد تثبت بأخبار الآحاد إذا صحت، كما تثبت الأحكام وغيرها من فروع الدين.
واتفقوا على أن سماع الخلق له عند قراءة القرآن على معنى أنهم سمعوا العبارة التي عرفوا بها معناه دون سماعه له في عينه.
هذا قول الأشاعرة، وهو أن الكلام، القرآن عبارة عن كلام الله -جل وعلا- وليس هو كلام الله حقيقة، وإنما الكلام الحقيقي هو كلام نفسي، ويعبر عنه بأي لغة من اللغات، إن عبر عنه بالعربية صار قرآن، إن عبر عنه بالعبرانية صار توراة، بالسريانية يصير إنجيل، هو كلام واحد ما يتغير، فعلى كلامهم صورة الفاتحة وسورة الإخلاص وغيرهما من السور نزلت على جميع الأنبياء، لكن إن عبر عنها بالعربية صارت قرآن، إن عبر عنها بالعبرانية صارت توراة، وكلامه لا يتغير واحد، تكلم بالأزل ولا يتكلم غيره، ما في كلام حادث متجدد، تكلم بكلام نفسي المعروف عندهم، يعبر عنه بهذه اللغات فيصير على حسب ما أنزل على الأنبياء بلغاتهم، هذا كلام باطل وفي حديث بدء الوحي، في حديث بدء الوحي، ورقة بن نوفل قرأ الكتاب العبراني، وقرأ الكتب السابقة وكان يترجم هذه الكتب إلى العربية، فلو كانت سورة اقرأ موجودة عندهم وقد ترجمها بالعربية من يترجم تلك الكتب لقال: ما هذا؟ ما هو بغريب، هذه السورة قبلك على موسى وعلى عيسى وعلى غيرهما من الأنبياء، كلام الله واحد، لكنه نزل بلغتك، ولقال: هذا القرآن أو هذا الكتاب الذي أنزل على موسى، ما قال: هذا الناموس يقصد بذلك الملك ولا يقصد القرآن الذي أنزل على موسى، يقصد بذلك الملك، ولا يقصد بذلك القرآن، فعندهم أن الكلام واحد لا يتجدد وليست له آحاد إنما تكلم دفعة واحدة، بكلام نفسي يعبر عنه الملك بأي لغة يريد النزول بها، على حسب لغة من أنزلت عليه، وعلى هذا لو ترجمنا القرآن إلى السريانية هل يطابق مع عند النصارى من الأناجيل؟ لا، ولو ترجمناه إلى العبرانية هل يطابق مع اليهود من التوارة؟ تكون المطابقة موجودة؟ يعني عندهم سورة الفاتحة والبقرة على نفس الترتيب إلا أن اللغات تختلف، يعني القرآن لما ترجمت معانيه إلى اللغات وقرأه النصارى بلغتهم هل يقولون: أن هذا هو الكتاب الذي أنزل على عيسى؟ ما يقوله أحد، ولا قاله أحد، بل لا شك أن مثل هذا القول باطل، فالأشعرية يقولون عبارة، والماتريدية يقولون حكاية عن كلام الله، وكثيراً ما نسمع على ألسنة أهل التحقيق من أهل العلم أنهم يقولون: يقول الله -جل وعلا- حكاية عن موسى، أو حكاية عن
فرعون، هل هذا فيه مشابهة لمذهب الماتريدية؟ فيه مشابهة، أو ما فيه؟
طالب:. . . . . . . . .
الآن الماتريدية يقولون هذا الكتاب الذي معنا القرآن حكاية عن كلام الله، حكاية عن كلام الله، والمتحدث بما قلنا آنفاً يقول: الله -جل وعلا- يقول، يقول: يتكلم بكلام مسموع بحرف وصوت حكاية عن موسى أو عن فرعون أو عن غيرهما، في مشابهة أو ما فيه مشابهة، هو ما فيه مشابهة، لكن مثل هذه الكلمة التي استعملها أهل البدع، لو أبدلت بغيرها، من أجل أن نبتعد عن مشابهتهم ولو باللفظ، وإلا المقصود والغرض مختلف تماماً، يعني الذي يقول إن الله -جل وعلا- يقول يتكلم، يقول يعني يتكلم بحرف وصوت هذا مذهب أهل السنة، حكاية يعني يحكي أو يقول: الله -جل وعلا- قول فرعون، يعني لما يقول فرعون: أنا ربكم الأعلى، هل نقول: أن هذا كلام الله -جل وعلا-، أو نقول هو كلام فرعون؟ في الأصل؟ فرعون، هذا كلام فرعون، لكن الله -جل وعلا- حكاه لنا، على لسان فرعون، فالعبارة ما يظهر فيها إشكال إلا من حيث المشابهة في اللفظ.
طالب:. . . . . . . . .
نعم، حكاية عن ملكة سباء، لا، {كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ} [(34) سورة النمل]، هذا تقرير من الله -جل وعلا-، هذا تقرير من الله -جل وعلا- ليس من تمام الكلام.
طالب:. . . . . . . . .
. . . . . . . . . لا ما يلزم أنه أن يكون بحرفين، ليس بعربي، ليس بعربي لا يلزم يكون بحرفين.
وقال عبد الله بن سعد بن كلاب.
بن كلَاّب المعروف، صاحب المذهب؟، بن سعيد أو ابن سعيد، هاه، ابن سعيد، هذا اسمه بن سعيد بن كلَاّب، حتى عندي أنا ابن سعيد واضح.
وقال عبد الله بن سعيد بن كلَاّب: إن موسى عليه السلام فهم كلام القديم من أصوات مخلوقة أثبتها الله تعالى في بعض الأجسام، قال أبو المعالي: وهذا مردود، بل يجب اختصاص موسى عليه السلام بإدراك كلام الله تعالى خرقاً للعادة.
خرقاً للعادة، وإلا فالأصل عندهم عند الأشعرية والماتريدية والكلابية أن كلام الله لا يسمع، كلام الله لا يسمع، يعني قول جل وعلا:{حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللهِ} [(6) سورة التوبة]، يقولون ما يسمع، ولا شك أن هذه مصادمة للنص، ولولا ما عندهم من تأويل وشبهات لما تُردد في كفرهم؛ لأنهم صادموا النصوص، حتى يسمع كلام الله، يقولون: ما يسمع ما فيه صوت ولا حرف يسمع، إنما هو كلام نفسي، وهل الكلام النفسي يترتب عليه أحكام؟ يترتب عليه أحكام، ولا يطلع على هذا الكلام النفسي إلا من يعلم الغيب، فكيف يقال: أن الملك اطلع على هذا الكلام النفسي، وعبر عنه باللغة التي يريد النزول بها، وهنا يقول: بل يجب، قال أبو المعالي: وهذا مردود من الأشعرية، وهذا مردود، بل يجب اختصاص موسى عليه السلام بإدراك كلام الله تعالى خرقاً للعادة، أما غيره ما يدرك كلام الله؛ لأنه لا يسمع كلام مزور في النفس فقط، ولم ينطق به بحرف وصوت. والله المستعان.
طالب: الجويني؟.
إيه والله.
ولو لم يقل ذلك لم يكن لموسى عليه السلام اختصاص بتكليم الله إياه، والرب تعالى أسمعه كلامه العزيز وخلق له علماً ضرورياً حتى علم أن ما سمعه كلام الله، وأن الذي كلمه وناداه هو الله رب العالمين، وقد ودر في الأقاصيص أن موسى عليه السلام قال: سمعت كلام ربي بجميع جوارحي، ولم أسمعه من جهة واحدة من جهاتي، وقد مضى هذا المعنى في البقرة مستوفى.
على كل حال آلة السمع هي الأذن، كما هو معروف.
طالب:. . . . . . . . .
يقول: بل يجب اختصاص موسى عليه السلام بإدراك كلام الله تعالى خرقاً للعادة، يعني ما فيه أحد سمع كلام الله -جل وعلا-، إلا موسى، حتى ولا جبريل، خرقاً للعادة، العادة أن كلام الله لا يسمع عندهم، لأنه كلام نفسي، والكلام النفسي ليس فيه حرف ولا صوت يسمع، إنما الخرق للعادة السماع، يعني كمن يطلع على ما في الصدر خرقاً للعادة، هذا كلام باطل.
طالب:. . . . . . . . .
إيه لأنه قال: كلام الله القديم من أصوات وهو ما يرون الصوت، شوفوا كل كلامهم مخالف، نعم، كلام الكلابي يقول: فهم كلام الله القديم من أصوات مخلوقة أثبتها الله تعالى في بعض الأجسام، ولتكن الشجرة، كما يقول المعتزلة، من أصوات مخلوقة أثبتها الله تعالى في بعض الأجسام، ويريد أن نطبقه عليه، يقول: كيف يقول أصوات وهو ما فيه أصوات بإدراك، خلق الله -جل وعلا- إدراك ما هو بسمع، إدراك خلقه الله تعالى خرقاً للعادة، وإلا فالأصل في الكلام ما يسمع.
أي يا موسى، أي في موضع نصب بحذف حرف الجر، أي بأن يا موسى إني أنا الله رب العالمين، نفي لربوبية غيره سبحانه، وصار في هذا الكلام من أصفياء الله عز وجل، لا من رسله؛ لأنه لا يصير رسولاً إلا بعد أمره بالرسالة، والأمر بها إنما كان بعد هذا الكلام.
قوله تعالى: {وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ} [(31) سورة القصص]، عطف على {أَن يَا مُوسَى} وتقدم الكلام في هذا في النمل وطه {مُدْبِرًا} نصب على الحال، وكذلك موضع قوله:{وَلَمْ يُعَقِّبْ} نصب على الحال {يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ} [(31) سورة القصص]، قال وهب: قيل له: ارجع إلى حيث كنت، فرجع فلف دراعته على يده فقال له المَلك: أرأيت إن أراد الله أن يصيبك بما تحاذر، أينفعك لفتك يدك قال: لا، ولكني ضعيف، خلقت من ضعف، وكشف يده فأدخلها في فم الحية فعادت عصا، {إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ} أي مما تحاذر.
قوله تعالى: {اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ} [(32) سورة القصص].
قد تقدم الكلام في العصا، مستوفى لكثير من منافعه في سورة طه، تقدم ذَكر المفسر هناك منافع وفوائد كثيرة للعصا، بالنسبة لسائر الناس، فضلاً عن موسى عليه السلام التي كانت فيها آية من آياته ومعجزة من معجزاته، فالعصا لها فوائد كثيرة، من أرادها يراجع التفسير في ما مضى في سورة طه، في الجزء الحادي عشر صفحة (185) تقدم هذا.
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال، هي زينة، وهي فوائدها تقدمت، وإلى وقت قريب عِليَة القوم لا يمشون إلا بعصا، لا سيما العلماء والأمراء، لا يمشون إلا بعصا، وكأنها علامة على العمل الرسمي يعني في الماضي القريب، صارت علامة على العمل الرسمي، بحيث إذا أعفي الإنسان من منصبه سلم العصا، وانتهى الإشكال، هذا قرار الفصل، وهذا قرار الاستقالة، خذ وظيفتك يعني خذ عصاك، إلى وقت قريب، ثم بعد ذلك تساووا الناس كلهم، صاروا يمشون بدون عصا، ثم بعد ذلك. الله المستعان.
ومما ذكر من سنن الخطبة أنه تعتمد على سيف أو قوس أو عصا، يقول الفقهاء: السيف: للإشعار بأن هذا الدين انتشر بالسيف، وهذه الكلمة كانت متداولة بين الفقهاء، ثم بعد ذلك صارت لا تعجب كثير من الناس، وأن الإسلام دين قهر، وأن الناس دخلوا فيه بالغلبة، نعم، هو دين الموافق للفطرة، فالناس الذي لم تجتالهم الشياطين يدخلون في هذا الدين من غير دعوة، لكن من اجتالتهم الشياطين منهم من يدعى ومنهم من يلزم، وأكثر البلدان إنما فتحت بالسيف.
طالب: سنة مطلقاً.
والله على حسب الحاجة ويمكن بعد أيضاً للأعراف مدخل، بحيث إذا عرف الإنسان بهذه العصا وصحب ما صحبها من ازدراء الناس به أو ترفعه عليهم، الأمور تختلف باختلاف المقاصد.
قوله تعالى: {اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ} [(32) سورة القصص] .. الآية، تقدم القول فيه {وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ} [(32) سورة القصص]، من: متعلقة بولى، أي ولى مدبراً من الرهب، وقرأ حفص والسلمي وعيسى بن عمر، وابن أبي إسحاق {مِنَ الرَّهْبِ}: بفتح الراء وإسكان الهاء، وقرأ ابن عامر والكوفيون إلا حفص بضم الراء وجزم الهاء والباقون بفتح الراء والهاء واختاره أبو عبيد وأبو حاتم لقوله تعالى:{وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} [(90) سورة الأنبياء]، وكلها لغات وهو بمعنى الخوف، والمعنى إذا هالك أمر يدك وشعاعها فأدخلها في جيبك وارددها إليه تعد كما كانت، وقيل: أمره الله أن يضم يده إلى صدره فيذهب عنه خوف الحية، عن مجاهد وغيره ورواه الضحاك عن ابن عباس، قال: فقال ابن عباس: ليس من أحد يدخله رعب بعد موسى عليه السلام، ثم يدخل يده فيضعها على صدره إلا ذهب عنه الرعب.
لكن الآية في الجيب، وليست في الصدر، وقد يكون الجيب في الصدر، الجيب في الصدر، سواء كان بارزاً مثل هذا، وقد يكون خفياً مثل الجيوب التي كانت موجودة ثم عطلت، يعني كثير من الناس كانت جيوبهم من الداخل هكذا، يحفظون بها ما يشاؤون مما خف هنا، الجيب هنا، فإذا أدخل يده في جيبه من لازم ذلك أن يضمها إلى صدره.
ويحكى عن عمر بن عبد العزيز رحمه الله، أن كاتباً كان يكتب بين يديه فانفلتت منه فلتة ريح، فخجل وانكسر فقام وبرز بقلمه الأرض، فقال له عمر: خذ قلمك واضمم إليك جناحك وليفرخ روعك، فإني ما سمعتها من أحد أكثر مما سمعتها من نفسي.
وقيل: المعنى ..
إيش معنى يفرخ، وليفرخ كذا، بالخاء، في جميع النسخ كذا، وليفرخ، فإني ما سمعتها من أحد أكثر مما سمعتها من نفسي، يستدل بعض العلماء على أن قوم لوط بلغوا الغاية في نزع الحياء، أنهم يأتون في ناديهم المنكر، يعني في أماكن اجتماعاتهم، وهذه الأمور التي يستحيا منها يستعملها الإنسان خفية، وأنه كلما نزع الإنسان طبقة من طبقات جلباب الحياء هو في طريقه إلى أن يأتي المنكر في ناديه، فتجد الإنسان فيه المكان الذي يختص به، بحيث لا يرى، وهو مستكن فيه سواء كان في محل قضاء حاجة، أو في غرفته الخاصة به تجده يتصرف كيف ما شاء من عري ومن أصوات وما أشبه ذلك؟ ثم بعد ذلك إذا خرج خطوة تحفظ عن كثير من الأمور، وما زالت بقية الأمور على السعة، تجده يطلع من غرفة النوم والتي كان فيها شبه عاري، إلى المكان القريب منها يتستر، ومع ذلك لا يحتشم الحشمة التي يحتشم فيها بالمجلس مثلاً، وفي مجلسه لا يحتشم مثلما يحتشم عند بابه، يعني بين الباب والسيارة إذا أراد أن يأخذ شيء، يأخذ شيء من السيارة بسرعة يخرج بمظهر لا يخرج فيه إلى المسجد مثلاً، فالإنسان له خصوصياته فتجده في أخص الخصوصيات يصنع ما شاء، ثم إذا تقدم خطوة زاد الاحتشام وهكذا إلى أن يصل المجلس، اللي هو نادي القوم، إذا كان لا يحتشم في هذا النادي فقل عليه السلام، إذا كان لا يستحيي، تجد بعض الناس يأتي إلى المسجد في اللباس، الذي لباس البذلة، الذي يستعمل فيه مهنته مع أهله أو مع أولاده في بيته، هذا لا شك أنه خلل، ولذلك يقول عمر بن عبد العزيز: هذا الصوت سمعته أكثر ما سمعته من نفسي، صحيح أكثر ما سمعه من نفسي لكن بين الناس لا، ما يمكن، بعض الناس لا يرسل هذا الصوت ولا عند زوجته ولا شك أن هذا كمال، ثم بعد ذلك الأقرب فالأقرب، وعلى كل حال على الإنسان أن يحتاط في مثل هذه الأمور ويتحشم منها أما من انفلت منها من غير قصد فهذا أمر لا يملكه، وماذا عن إرساله في المسجد؟ إذا منع من الثوم والبصل فلأن يمنع من مثل هذا، من باب أولى، لكن إذا احتاج إلى ذلك ولم يستطع الصبر عليه، يقول ابن عربي: وله إرساله في المسجد عند الحاجة، إرسال الصوت.
طالب:. . . . . . . . .
هو ما فيه نهي كامل إلا أنه خلاف المروءة، خلاف المروءة الإنسان يضحك ويسخر من شيء يزاوله لا سيما إذا عرف أن الإنسان مغلوب، أما إذا كان مستهتر والله محل سخرية.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا هؤلاء على خلاف الفطرة.
طالب: هل ينكر عليه؟. . . . . . . . .
ينكر، ينكر نعم، الفطرة السليمة تأباه،
طالب: الجشا.
الجشا جاء الأمر بالتفسير ((كف عنا جشاءك))، لكن ما هو مثل هذا أبداً.
طالب:. . . . . . . . .
أشد أشد معروف لكن هذا عكس الفطرة.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟ يعني يحتاج إلى دليل إلى أن يكف ضراطه أمام الناس، لا لا، هذا ما يحتاج، هذا ما يحتاج، هل النهار يحتاج إلى دليل، فمثل هذا لا يحتاج إلى دليل، أولاً: هو حدث على كل حال، حدث ولا مو حدث، مكروه الصوت مكروه الرائحة مكروه من أي شخص فطرته سليمة لا يقبل.
وقيل: المعنى واضمم يدك إلى صدرك ليذهب الله ما في صدرك من الخوف، وكان موسى يرتعد خوفاً إما من آل فرعون، وإما من الثعبان، وضم الجناح هو السكون، كقوله تعالى:{وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ} [(24) سورة الإسراء]، يريد الرفق، وكذلك قوله:{وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [(215) سورة الشعراء]، أي أرفق بهم، وقال الفراء: أراد بالجناح عصاه، وقال بعض أهل المعاني: الرهب: الكم بلغة حمير، وبني حنيفة، قال مقاتل: سألتني أعرابية شيئاً وأنا آكل فملئت الكف وأومأت إليها فقالت: ها هنا في رهبي، تريد في كمي، وقال الأصمعي: سمعت أعرابياً يقول لآخر أعطني رهبك فسألته عن الرهب فقال: الكم، فعلى هذا يكون معناه اضمم إليك يدك، وأخرجها من الكم؛ لأنه تناول العصا ويده في كمه وقوله:{اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ} [(32) سورة القصص]، يدل على أنها اليد اليمنى؛ لأن الجيب على اليسار، ذكره القشيري.
الجيب التي في الصدر، في الجهة اليسار، وما زال الاستعمال جارياً على هذا هي في جهة اليسار، المسألة مسألة عرفية، لكن لعل هذا هو المطابق لحال موسى عليه السلام.
طالب:. . . . . . . . .
لا، بالتجربة، بالتجربة والاستنباط.
قلت: وما فسروه من ضم اليد إلى الصدر يدل على أن الجيب موضعه الصدر، وقد مضى في سورة النور بيانه، قال الزمخشري: ومن بدع التفاسير أن الرهب الكم بلغة حمير، وأنهم يقولون: أعطني مما في رهبك، وليت شعري كيف صحته في اللغة، وهل سمع من الأسلاف الثقات الذين تترضى عربيتهم ثم ليت شعري كيف موقعه في الآية؟ وكيف تطبيقه المفصل كسائر كلمات التنزيل على أن موسى صلوات الله عليه ما كان عليه ليلة المناجاة إلا زرمانقة من صوف لا كمين لها.
قال القشيري: وقوله: {وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ} [(32) سورة القصص].
هو يطالب ما يثبت أن الرهب الكم، ويأتي بلباس يدعيه على موسى في تلك الليلة، لكن عليه أن يثبت أيضاً، عليه أن يثبت بما يثبت به مثل هذا.
قال القشيري:
طالب:. . . . . . . . .
لا، هو الإشكال الذي أوقعهم أنهم، إشكال المبتدعة، أنهم ابتدعوا قبل أن يعرفوا النصوص، ثم لما وردت عليهم النصوص أولولها وحرفوها على مقتضى بدعهم، فبدعهم هي التي سيرت النصوص لا العكس، يعني لو تعلموا القرآن قبل معرفة هذه البدع وقبل الوقوع فيها، ما وقعوا فيها.
قال القشيري: وقوله: {وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ} [(32) سورة القصص]، يريد اليدين، إن قلنا أراد الأمن من فزع الثعبان، وقيل:{وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ} أي شمر واستعد لتحمل أعباء الرسالة، قلت: فعلى هذا قيل: {إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ} أي من المرسلين، لقوله تعالى:{إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ} [(10) سورة النمل]، قال ابن بحر، فصار على هذا التأويل رسولاً بهذا القول، وقيل إنما صار رسولاً بقوله:{فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِن رَّبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ} [(32) سورة القصص].
من ابن بحر؟ هاه.
من هو؟ معروف ابن بحر.
وقيل إنما صار رسولاً بقوله: {فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِن رَّبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ} [(32) سورة القصص]، والبرهان اليد والعصا. وقرأ ابن كثير بتشديد النون وخففها الباقون.
وروى أبو عمارة عن أبي الفضل عن أبي بكر عن ابن كثير (فذآنيك) بالتشديد والياء، وعن أبي عمرو قال: لغة هذيل: (فذانيك) بالتخفيف والياء، ولغة قريش (فذانِك)، كما قرأ أبو عمرو وابن كثير، وفي تعليله خمسة أقوال: قيل: شدد النون عوضاً من الألف الساقطة في (ذانك)، الذي هو تثنية (ذا) المرفوع، وهو رفع بالابتداء، وألف (ذا) محذوفة لدخول ألف التثنية عليها، ولم يلتف إلى التقاء الساكنين؛ لأن أصله (فذانك) فحذف الألف الأولى عوضاً من النون الشديدة، وقيل: التشديد للتأكيد، كما أدخلوا اللام في ذلك.
قال مكي: وقيل: إن من شدد إنما بناه على لغة من قال في الواحد ذانك، فلما غنى أثبت اللام بعد نون التثنية، ثم أدغم في النون على حكم إدغام الثاني في الأول، والأصل أن يدغم الأول أبداً في الثاني إلا أن يمنع من ذلك علة، فيدغم الثاني في الأول، والعلة التي منعت في هذا أن يدغم الأول في الثاني أنه لو فعل ذلك لصار في موضع النون التي تدل على التثنية لامٌ مشددة فيتغير لفظ التثنية، فأدغم الثاني في الأول لذلك، فصار نوناً مشددة، وقد قيل: إنه لمَّا تنافى ذلك أثبت اللام قبل النون.
إذا وجد حرفان متماثلان وحذف أحدهما لتوالي الأمثال فالخلاف معروف، هل يحذف الأول، أو الثاني، أو يحذف الفرع، ويبقى الأصل، أو يحذف الأصل ويبقى الفرع، فمثلاً إقامة، وإجازة، وإمامة، قالوا: فصلها إقوامة وإجوازة، تحركت الواو وتوهم انفتاح ما قبلها فقلبت ألفاً، فتوالى المثلان فحذف الأول عند سيبويه، والثاني عند الكسائي ما يتفقون على أن المحذوف الأول أو الثاني كما يقول هنا، والأصل: أن يدغم الأول في الثاني أبداً، أو يحذف أحدهما، على الكلام السابق، مثل هذا لا يتفق عليه المهم أنهما حرفان متماثلان أدغم أحدهما في الثاني، فما أدري كيف يدغم الأول في الثاني؟ الأصل أن يدغم الأول أبداً في الثاني، هما حرفان متماثلان، والحرف المشدد عبارة عن حرفين أحدهما ساكن، أولهما ساكن والثاني متحرك، فكيف نقول أدغم الأول في الثاني، وما المانع أن يكون الثاني هو المدغم في الأول، إذا اجتمع عندنا حرفان متماثلان وأردنا إدغام أحدهما في الثاني، يرتدد، يرتد، أردنا أن نقول: بدلاً من يرتدد يرتد، أيهما ندغم في الثاني، يقول: الأصل أن يدغم الأول أبداً في الثاني، يعني: هل يختلف الوضع فيما لو أدغم الثاني في الأول؟ فما فيه فرق، هل فيه حقيقة، فائدة عملية من هذا؟ نقول: إلا أن يمنع من ذلك علة، فيدغم الثاني في الأول والعلة التي منعت في هذا أن يدغم الأول في الثاني، إذا كان حرفين مثلين مثل: يرتدد ويرتد، هذا ما فيه أدنى إشكال، ولن يمنع منه علة، لكن إذا أدغم حرف ليس مثيلاً للثاني الذي يليه إنما هو متقاربان، مثل تاء الافتعال، تاء الافتعال إذا أدغمت في التي يليها، هل ينطق بالتاء أو بالذي يليها، اضطراد مثلاً، اضطراب، افتعال، اضطراد مثلاً، الطاء الأولى أصلها تاء، فأدغمت في الثاني على شان أيش؟ على شان ينطق بالطاء لا ينطق بالتاء، لأنه لو أدغما الثاني في الأول لأنطقها تاء ما أنطقها طاء مشددة، ففي مثل هذا إذا كان غير مثلين إنما هما متقاربان مما يدغم أحدهما في الآخر نعم، يأتي كلامه، وإلا إذا كانا مثلين فلا إشكال في أن ندغم الأول وندغم الثاني.
وقد قيل: إنه لما تنافى ذلك أثبت اللام قبل النون ثم أدغم الأول في الثاني على أصول الإدغام فصار نوناً مشددة، وقيل: شُددت فرقاً بينها وبين الظاهر التي تسقط الإضافة نونه؛ لأن ذان لا يضاف، وقيل: للفرق بين الاسم المتمكن وبينها، وكذلك العلة في تشديد النون
…
المتمكن المعرب، وغير المتمكن المبني. والمتمكن الأمكن كما يقولون المصروف، والمتمكن غير الأمكن هو الممنوع من الصرف.
وكذلك العلة في تشديد النون في اللذان وهذان.
قال أبو عمرو: إنما اختص أبو عمرو هذا الحرف بالتشديد دون كل تثنية من جنسه؛ لقلة حروفه فقرأه بالتثقيل، ومن قرأ.
أبو عمرو القائل، هو أبو عمرو المختص، أبو عمرو القائل، هو أبو عمرو المختص، أو غيره، من الأول ومن الثاني، ولا يمكن أن يكون الأول هو الثاني؟ على سبيل التجريد، الأصل أنه غير لكن إذا لم نجد قائل غير أبي عمرو المختص فيجوز، على سبيل التجريد، بأن يجرد المتكلم من نفسه شخصاً يتحدث عنه.
في الصحيح عن سعد بن أبي وقاص أن النبي عليه الصلاة والسلام أعطى رهطاً وسعد جالس" سعد هو الأول؟ هو الأول، لكن هذا تجريد يجرد من نفسه شخصاً يتحدث عنه، ولا مانع من أن يكون أبو عمرو هو الثاني، لكن إن وقفنا على غيره فهو الثاني.
طالب: ما يكون أبو عمرو بن العلاء؟
هو القارئ الثاني بلا شك هو المختص، هو المختص لكن القائل.
طالب: الأول القارئ،؟
أبو عمرو القارئ، نعم، ومرت قراءته، كما قرأ أبو عمرو وابن كثير، لكن من أبو عمرو القائل؟
ومن قرأ (فذانيك) بياء مع تخفيف النون فالأصل عنده (فذانيك) بالتشديد فأبدل من النون الثانية ياء كراهية التضعيف، كما قالوا: لا أملاه: في لا أمله، فأبدلوا اللام الثانية ألفاً، ومن قرأ بياء بعد النون الشديدة فوجهه أنه أشبع كسرة النون فتولدت عنها الياء.
قوله تعالى: {فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا} [(34) سورة القصص]، يعني: معيناً، مشتقاً من أردأته، أي أعنته، والردء: العون، قال الشاعر:
ألم تر أن أصرم كان رديء
…
وخير الناس في قل ومال
قال النحاس: وقد أردأه ورداه، أي أعانه وترك همزه تخفيفاً وبه قرأ نافع.
أردأه ورداه، غير أرداه، يعني يختلف المعنى إذا كان أرداه، أرداه صريعاً قتيلاً.
وبه قرأ نافع وهو بمعنى المهموز.
قال المهدوي: ويجوز أن يكون ترك الهمز من قولهم: أردى على المائة أي زاد عليها.
أردى وأربى بمعنى واحد يعني زاد.
وكأن المعنى أرسله معي زيادة في تصديقي، قاله مسلم بن جندب وأنشد قول الشاعر:
وأسمر خطياً كأن كعوبه
…
نوى القسب قد أردى ذراعاً على العشر
كذا أنشد الماوردي هذا البيت قد أردى، وأنشده الغزنوي والجوهري في الصحاح قد أرنى، والقسب الصلب، والقسب: تمر يابس يتفتت في الفم صلب النواه، قال: يصف رمحاً، وأسمر البيت
…
قال الجوهري: ردء الشيء يردء ردءة فهو رديء أي فاسد، وأردأته أفسدته.
وأسمر، إعراب أسمر. نعم مجرور برب المحذوفة وعلامة جره الفتح. مجرور بالفتحة؛ لأنه ممنوع من الصرف.
وأردأته أيضاً بمعنى أعنته تقول: أردأته بنفسي أي كنت له ردءاً وهو العون، قال الله تعالى:{فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي} [(34) سورة القصص]، قال النحاس: وقد حكى ردأته ردءاً وجمع ردء أرداء، وقرأ عاصم وحمزة {يُصَدِّقُنِي} بالرفع وجزم الباقون، وهو اختيار أبي حاتم على جواب الدعاء.
أي جواب الطلب، أرسله يصدقني، جواب الطلب مجزوم، أو يجزم بشرط مقدر: إن ترسله يصدقني، هذا الأصل، ومن قرأه بالرفع، مثل: يرثني، الذي تقدم.
واختار الرفع أبو عبيد على الحال من الهاء في أرسله، أي أرسله ردءاً مصدقاً حالة التصديق، كقوله:{أَنزِلْ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاء تَكُونُ} [(114) سورة المائدة]، أي كائنة.
{فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي} [(5 - 6) سورة مريم]، ما قال: يرثْني.
حال صرف إلى الاستقبال، ويجوز أن يكون صفة لقوله:{رِدْءًا} {إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ} [(34) سورة القصص]، إذا لم يكن لي وزير ولا معين لأنهم لا يكادون يفقهون عني، فقال الله عز وجل له:{سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ} [(35) سورة القصص]، أي نقويك به، وهذا تمثيل؛ لأن قوة اليد بالعضد، قال طرفة:
بني لبينى لستم بيد
…
إلا يداً ليست لها عضد
ويقال في دعاء الخير: شد الله عضدك، وفي ضده فك الله في عضدك، {وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا} [(35) سورة القصص]، أي حجة وبرهاناً، {فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا} [(35) سورة القصص]، بالأذى، {بِآيَاتِنَا} أي تمتنعان منهم بآياتنا، فيجوز أن يوقف على إليكما، ويكون في الكلام تقديم وتأخير، وقيل: التقدير: {أَنتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ} بآياتنا، قاله الأخفش والطبري.
قال المهدوي: وفي هذا تقديم الصلة على الموصول، إلا أن يقدر: أنتما غالبان بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون، وعنى في الآيات سائر معجزاته.
اللهم صلى على محمد
طالب:. . . . . . . . .