الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقفة في الروض
ناح الحمام وغرّد الشحرور
…
هذا به شجن وذا مسرور
في روضة يشجي المشوق ترقرق
…
للماء في جنباتها وخرير
ماء قد انعكس الضياء بوجهه
…
وصفا فلاح كأنه بلور
قد كاد يمكن عند ظني أنه
…
بألماس يوشر منه لي موشور
وتسلسلت في الروض منه جداول
…
بين الزهور كأنهن سطور
حيث الغصون مع النسم موائل
…
فكأنهن معاطف وخصور
ماذا أقول بروضة عن وصفها
…
يعيا البيان ويعجز التعبير
عني الربيع بوشيها فتنوعت
…
للعين أنوار بها وزهور
مثلت بها الأغصان وهي منابر
…
وتلت بها الخطباء وهي طيور
متعطر فيها النسيم كأنما
…
جيب النسيم على الشذا مزرور
للنرجس الملطلو ترنوا أعين
…
فيها وتبسم للأقاح ثغور
اتخذت خزاماها البنفسج خدنها
…
وغدا يشير لوردها المنثور
وكأن محمر الشقيق وحوله
…
في الروض زهي الياسمين يمور
شمع توقد في زجاج أحمر
…
فغدا حواليه الفراش يدور
وتروق من بعد بها فوارة
…
في الجو يدفق ماؤها ويفور
يحكي عمود الماء فيها آخذا
…
صعداً عمود الصبح حين ينير
ناديت لما أن رأيت صفاءه
…
والنور فيه مغلغل مكسور
هل ذاك ذوب الماس يجمد صاعداً
…
أم قد تجسم في الهواء النور
تتناثر القطرات في أطرافها
…
فكأنما هي لؤلؤ منثور
ينحل فيها النور حتى قد ترى
…
قوس السحاب لها بها تصوير
كم قد لبست بها الضحى من روضة
…
فيها علتني نضرة وسرور
فأجلت في الأزهار لحظ تعجبي
…
ولفكرتي بصفاتهن مرور
فنظرتهن تحيراً ونظرنني
…
حتى كلانا ناظر منظور
فكأن طرف الزهر ثمة ساحر
…
لما رنا وكأنني مسحور
إن الزهور تكنهن براعم
…
مثل العلوم تجنهن صدور
وتضوع النفحات منها مثله
…
تبيينها للناس والتقرير
وبتلك قلب الجهل مصدوع كما
…
ثوب الهموم بهذه مطرور
والزهر ينبته السحاب بمائه
…
كالعلم ينبت غرسة التفكير
إن كان هذا في الحدائق بهجة
…
يزهو فذلك في النهى تنوير
أو كان هذا لا يدوم فإن ذا
…
ليدوم ما دامت تكر عصور
بغداد
معروف الرصافي