الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إيقاظ الرقود
إلى كم أنت تهتف بالنشيد
…
وقد أعياك إيقاظ الرقود
فلست وإن شددت عرى القصيد
…
تجد في نشيدك أو مفيد
لأن القوم في غي بعيد
إذا أيقظتهم زادوا رقادا
…
وإن أنهضتم قعدوا وئآدا
فسبحان الذي خلق العبادا
…
كأن القوم قد خلقوا جمادا
وهل يخلوا الجماد عن الجمود
أطلت وكاد يعييني الكلام
…
ملاماً دون وقعته الحسام
فما انتبهوا ولا نفع الملام
…
كأَن القوم أطفال نيام
تهز من الجهالة في مهود
إليك إليك يا بغداد عني
…
فإني لست منك ولست مني
ولكني وإن كبر التجني
…
يعز علي يا بغداد أني
أراك عَلَى شفا هول شديد
تتابعت الخطوب عليك تترى
…
وبدل منك حلو العيش مرّا
فهلاّ تنجبين فتى أغرّا
…
أراك عقمت لا تلدين حرا
وكنت لمثله أزكى ولود
أقما الجهل فيك له شهودا
…
وسامك بالهوان له الجسودا
متى تبدين منك له جحودا
…
فهلا عدت ذاكرةً عهودا
بهن رشدت أيام الرشيد
زمان نفوذ حكمك مستمر
…
زمان سحاب فيضك مستدرّ
زمان العلم أنت مقر
…
زمان بناء عزك مشمخر
وبدر علاك في سعد السعود
برحت الأوج ميلاً للحضيض
…
وضقت وكنت ذات عليّ عريض
وقد أصبحت فيجسم مريض
…
وكنت بأوجه للعز بيض
فصرت بأوجه للذل سود
ترقى العالمون وقد هبطنا
…
وفي درك الهوان قد انحططنا
وعن سنن الحضارة قد شحطنا
…
فقطنا يا بني بغداد قطنا
إلى كم نحن في عيش القرود
ألم تك قبلنا الأجداد تبني
…
بناءً للعلوم بكل فن
لماذا نحن يا أسرى التأَني
…
أخذنا بالتقهقر والتدني
وصرنا عاجزين عن الصعود
كأن زحل يشاهد ما لدينا
…
لذاك أحمر من حنق علينا
قال موجهاً لوماً إلينا
…
لو أني مثلكم أمسيت هينا
إذاً لنضوت جلباب الوجود
وكنتم في الجهالة وهي تعشي
…
وعشتم كالوحوش أخس عيش
أما فيكم فتى للعز يمشي
…
تبارك من أدار بنات نعش
وصفدكم بأصفاد الركود
حكيتم في توقفكم جديَّا
…
فصرتم كالسها شعباً خفيا
ألا تجرون في مجرى الثريا
…
تؤم بدورها فلكاً قصيا
فنبرز منه في وضع جديد
حكومة شعبنا جارت وصارت
…
علينا تستبد بما أشارت
فلا أحداً دعته ولا استشارت
…
وكل حكومة ظلمت وجارت
فبشرها بتمزيق الحدود
حكومتنا تميل لباخسيها
…
مجانبةً طريق مؤسسيها
فلا يغررك لين ملابسيها
…
فهم كالنار تحرق لامسيها
وتحسن للنواظر من بعيد
لقد غص القصيم بكل نذل
…
وأمسى من تخاصمهم بشغل
فريقاً خطتي غيّ وجهل
…
كلا الخصمين ليس له بأهل
ولكن من لتنكيل المريد
إليهم أرسلت بغداد جندا
…
ليهلك ثم عن عبث ويفدى
لقصد ابن الرشيد أضاع قصدا
…
فلا يا ابن الرشيد بلغت رشدا
ولا بلغ السعود ابن السعود
مشوا يتحركون بعزم ساكن
…
ورثة حالهم تبكي الأماكن
وقد تركوا الحلائل في المساكن
…
جنود أرسلت للموت لكن
بفتك الجوعِ لا فتك الحديد
قد التفوا بأسمالٍ بوال
…
مشاةً في السهول وفي الجبال
يجدون المسير بلا نعال
…
بحال للنواظر غير حال
وزيّ غير ما زي الجنود
مشوا في منهج جهلوه نهجاً
…
يجوبون الفلا فجاً ففجاّ
إلى حيث السلامة لا ترجى
…
فيا لهفي على الشبان تزجى
عَلَى عبث إلى الموت المبيد
وكلٌ مذ غدوا للبيت أما
…
فودع أهله زوجاً وأما
وضم وليده بيد وشما
…
بكى الولد الوحيد عليه لما
غدا يبكي على الولد الوحيد
تقول له الخليلة وهو ماش
…
رويدك لا برجت أخا انتعاش
فبعدك من يحصل لي معاشي
…
فقال ودمعه بادي الرشاش
وكلتكمو إلى الرب الودود
عساكر قد فضوا عرياً وجوعاً
…
بحيث الأرض تبتلع الجموعا
إلى أن ضار أغناهم ربوعاً
…
لفرط الجوع مرتضياً قنوعا
بقدر لو أصاب من الجلود
هناك قضوا وما فتحوا بلادا
…
هناك بأسرهم نفدوا نفادا
هناك لحيرة عدموا الرشادا
…
هناك لروعهم فقدوا الرقادا
هناك عروا هناك من البرود
أناديهم ولي شجن مهيج
…
وأذكرهم فينبعث النشيج
ودمع محاجري بدم مزيج
…
إلا يا هالكين لكم أجيج
ذكا بحشاي محتدم الوقود
سكنا من جهالتنا بقاعا
…
يجور بها المؤَمر ما استطاعا
فكدنا أن نموت بها ارتياعا
…
وهبنا أمة هلكت ضياعا
تولى أمرها. . . . .
أيا حرية الصحف ارحمينا
…
فأنا لم نزل لك عاشقينا
متى تصلين كيما تطلقينا
…
عدينا في وصالك وامطلينا
فأنا منك نقنع بالوعود
فأنت الروح تشفين الجروحا
…
يحرّج فقدك البلد الفسيحا
رأس لبلدة لم تحو روحا
…
وإن حوت القصور أو الصروحا
حياة تستفاد
أقول وليس بعض القول جداً
…
لسلطان تجبر واستبدا
تعدى في الأمور وما استعدَّا
…
ألا يا أيها الملك المفدى
ومن لولاه لم نك في الوجود
أنم عن أن تسوس الملك طرفاً
…
أقم ما تشتهي زمراً وعزفا
أطل منكم الريمة خل عرفاً
…
سم البلدان مهما شئت خسفا
وأرسل من تشاء إلى اللحود
فدتك الناس من ملك مطاع
…
ابن ما شئت من طرق ابتداع
لا تخش إلا أنه ولا تراع
…
فهل هذي البلاد سوى ضياع
ملكت أو العباد سوى عبيد
تنعم في قصورك غير دار
…
أعاش الناس أم هم في بوار
فإنك لم تطالب باعتذار
…
وهب أن الممالك في دمار
أليس بناء قصرك بالمشيد
جميع ملوك هذي الأرض فلك
…
وأنت البحر فيك ندى وهلك
فأين لهم علاك وذاك أنك
…
لئن وهبوا النقود فأنت ملك
وهوب للبلاد وللنقود