الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بعد البين
لقد طوحتني في البلاد مضاعا
…
طوائح جاءت بالخطوب تباعا
فبارحت أرضاً ما ملأت حقائبي
…
سوى حبها عند البراح متاعا
عتبت عليّ بغداد عتب مودع
…
أمضته فيها الحادثات قراعا
أضاعتني الأيام فيها ولو درت
…
لعز عليها أن أكون مضاعا
لقد أرضعتني كل خسف وإنني
…
لأشكرها إن لم تتمّ رضاعا
وما أنا بالجاني عليها وإنما
…
نهضت خصاماً دونها ودفاعا
وأعملت أقلامي بها عربيةً
…
فلم تبد إصغاءً لها وسماعا
ولو كنت أدري أنها أعجمية
…
تخذت بها السيف الجزاز يراعا
ولو شئت كايلت الذين انطووا بها
…
على الحقد صاعاً بالعداء فصاعا
ولكن هي النفس التي قد أبت لها
…
طباع المعالي أن تسوء طباعا
أبيت عليهم أن أكون بذلةٍ
…
وتأبى الضواري أن تكون ضباعا
على أنني داريت ما شاء حقدهم
…
فلم يجد نفعاً ما أتيت وضاعا
وأشقى الورى نفساً وأضيعهم نهىً
…
لبيب يداري في نهان رعاعا
تركت من الشعر المديح لأهله
…
ونزهت شعري أن يكون فذاعا
وأنشدته يجلو الحقيقة بالنهى
…
ويكشف عن وجه الصواب قناعا
وأرسلته عفواً فجاء كما ترى
…
قوافي تجتاب البلاد سراعا
وقفت غداة البين في الكرخ وقفةً
…
لها كربت نفسي تطير شعاعا
أودع أصحابي وهم محدقون بي
…
وقد ضقت بالبين المشت ذراعا
أودعهم في الكرخ والطرف مرسل
…
إلى الجانب الشرقي منه شعاعا
وأدعم رأسي بالأصابع مطرقاً
…
كأن برأسي يا أميم صداعا
وكنت أظن البين سهلاً فمذاتي
…
شرى البين مني ما أراد وباعا
وإني جبان في فراق أحبتي
…
وإن كنت فيغير الفراق شجاعا
كأني وقد جدّ الفراق سفينة
…
أشالت على الريح الهجوم شراعا
فمالت بها الأرواح والبحر مائج
…
وقد أوشكت ألواحها تتداعى
فتحسبني من هزة فيّ أفدعاً
…
ترقى هضاباً زلزلت وتلاعا
فما أنا إلا قومةٌ وانحناءةٌ
…
وسرُ أذاعته الدموع فذاعا
أبيت وما أقوى الهموم بمضجع
…
تصارعني فيه الهموم صراعا
وألهو بذكراهم على السير كلما
…
هبطت وهاداً أو علوت يفاعا
هم القوم أما الصبر عنهم فقد عصى
…
وأما اشتياقي نحوهم فأطاعا
لقد حكموني في الأمور فلم أكن
…
لانطق كلاباً أم قحمت سباعا
فلست أبالي بعد أن جدّ بينهم
…
زجرت كلاباً أم تحمت سباعا
سلامٌ على وادي السلام وإنني
…
لأجعل تسليمي عليه وداعا
له الله من وادٍ تكاسل أهله
…
فباتوا عطاشاً حوله وجياعاً
رآهم عبيداً فاستبد بمائه
…
ولم يجر بين المجديات مشاعا
جرى شاكراً صنع الطبيعة إنها
…
أبانت يداً في جانبيه صناعا
وما أنس لا أنس المياه بدجلة
…
وإن هي تجري في العراق ضياعا
ولو أنها تسقي العراق لما رمت
…
به الشمس إلا في الجنان شعاعا
وما وجدت ريح وإن قد تناوحت
…
مهباً به إلا قرى وضياعا
سأجري عليها الدمع غير مضيع
…
وأندب قاعاً من هناك فقاعاً
وأذكر هاتيك الرباع بحسنها
…
فنعمت على شحط المزار رباعا
الأستانة ـ
معروف الرصافي