الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رثاء تولستوي
(تولستوي) تجري آية العلم دمعها
…
عليك ويبكي بائس وفقير
وشعب ضعيف الركن زال نصيره
…
وما كل يوم للضعيف نصير
ويندب فلاحون أنت منارهم
…
وأنت سراج غيبوه منير
يعانون في الأكواخ ظلماً وظلمة
…
ولا يملكون البث وهو يسير
تطوف كعيسى بالحنان وبالرضى
…
عليهم وتغشي دورهم وتزور
ويأسى عليك الدين إذ لك لبه
…
وللخادميه الناقمين قشور
أيكفر بالإنجيل من تلك كتبه
…
أناجيل منها نذر وبشير
وتبكيك ألف فوق (ليلى) ندامة
…
غداة مشى (بالعامري) سرير
تناول ناعيك البلاد كأنه
…
يراع له في راحتيك صرير
وقيل تولى (الشيخ) في الأرض هائماً
…
وقيل (بدير) الراهبات أسير
وقيل قضى لم يغن عنه طبيبه
…
وللطب من بطش القضاء عذير
* * *
إذا أنت جاورت (المعريّ) في الثرى
…
وجاور (رضوى) في التراب (ثبير)
أو أقبل جميع الخالدين عليكما
…
وغالى بمقدار النظير نظير
جماجم تحت الأرض عطرنها شذى
…
جناهن مسك فوقها وعبير
بهن تباهى بطن (حواء) واحتوى
…
عليهن بطن الأرض فهو فخور
فقل يا حكيم الدهر حدث عن البلى
…
فأنت عليم بالأمور خبير
أحطت من الموتى قديماً وحادثاً
…
بما لم يحصل منكر ونكير
طوانا الذي يطوي السموات في غد
…
وينشر بعد الطي وهو قدير
تقادم عهدانا على الموت واستوى
…
طويل زمان في البلى وقصير
كأن لم تضق بالأمس عني كنيسة
…
ولم يؤوني دير هناك طهور
أرى راحة بين الجنادل والحصى
…
وكل فراش قد أراح وثير
نظرنا بنور الموت كل حقيقة
…
وكنا كلانا في الحياة ضرير
إليك اعترافي لا لقس وكاهن
…
ونجواي بعد الله وهو غفور
فزهدك لم ينكره في الأرض عارف
…
ولا متعال في السماء كبير
بيان يشم الوحي من نفحاته
…
وعلم كعلم الأنبياء غزير
سلكت سبيل المترفين ولذني
…
بنون ومال والحياة غرور
أداة شتائي الدفء في ظل شاهقداة شتائي الدفء أ
…
وعدة صيفي جنة وغدير
ومتعت بالدنيا ثمانين حجة
…
ونضر أيامي غني وحبور
وذكر كضوء الشمس في كل بلدة
…
ولا حظَّ مثل الشمس حين تسير
فما راعني إلا عذارى أجرنني
…
ورب ضعيف تحتمي فيجبر
أردت جوار الله والعمر منقض
…
وجاورته في العمر وهو نضير
صباً ونعيم بين أهل وموطن
…
ولذات دنيا كل ذاك نذور
بهن وما يدرين ما الذنب خشية
…
ومن عجب تخشى الخطيئة حور
أوانس في داج من الدير موحش
…
ولله أنس في القلوب ونور
وأشبه طهر في النساء بمريم
…
فتاة على نهج المسيح تسير
* * *
تسائلني هل غير الناس ما بهم
…
وهل حدثت غير الأمور أمورا
وهل آثر الإحسان الرفق عالم
…
دواعي الأذى والشر فيه كثير
وهل سلكوا سبل المحبة بينهم
…
كما يتصافى أسرة وعشير
وهل آن من أهل الكتاب تسامح
…
خليق بآداب الكتاب جدير
وهل عالج الأحياء بؤساً وشقوة
…
وقل فساد بينهم وشرور
قم انظر وأنت مالئ الأرض حكمة
…
أأجدى نظيم أم أفاد تثير
أناس كما تدري ودنيا بحالها
…
ودهر رخيٌّ تارة وعسير
وأحوال خلق غابر متجدد
…
تشابه فيها أول وأخير
تمر تباعاً في الحياة كأنها
…
ملاعب لا ترخى لهن ستور
وحرص على الدنيا وميل مع الهوى
…
وغش وأفك في الحياة وزور
وقام مقام الفرد في كل أمة
…
على الحكم جم يستبد غفير
وحوّر قول الناس مولى وعبده
…
إلى قولهم مستأجر وأجير
وأضحى نفاذ المال لا أمر في الورى
…
ولا نهي إلا ما يرى ويشير
نساس حكومات به وممالك
…
ويذعن أقيال له وصدور
وعصر بنوه في السلاح وحرصه
…
على السلم يجري ذكرها ويسيل
ومن عجب في ظلها وهو وارف
…
يصادف شعباً آمناً فيغير
ويأخذ من قوت الفقير وكسبه
…
ويؤوي جيوشاً كالحصى ويمير
ولما استقل البر والبحر مذهباً
…
تعلق أسباب السماء يطير
أحمد شوقي.
رثاك أمير الشعر في الشرق وانبرى
…
لمدحك من كتاب مصر كبير
ولست أبالي حين أرثيك بعده
…
إذا قيل عني قد رثاه صغير
فقد كنت عوناً للضعيف وأنني
…
ضعيف وما لي في الحياة نصير
ولست أبالي حين أبكيك للورى
…
حوتك جنان أو حواك سعير
فإني أحب النابغين لعلمهم
…
وأعشق روض الفكر وهو نضير
دعوت إلى عيسى فضجت كنائس
…
وهز لها عرش وماد لها سرير
وقال أناس إنه قول ملحد
…
وقال أناس إنه لبشير
ولولا حطا لرد عنك كيادهم
…
لضقت به ذرعاً وساء مصير
ولكن حماك العلم والرأي والحجى
…
ومال إذ جد النزال وفير
إذا زرت رهن المحبسين بحفرة
…
بها الزهد ثاو والذكاء ستير
وأبصرت أنس الزهد في وحشة البلى
…
وشاهدت وجه الشيخ وهو منير
وأيقنت أن الدين لله وحده
…
وأن قبور الزاهدين قصور
فقف ثم سلم واحتشم إن شيخنا
…
مهيب على رغم الفناء وقور
وسائله عما غاب عنك فأنه
…
عليم بأسرار الحياة بصير
يخبرك الأعمى وإن كنت مبصراً
…
بما لم تخبر أحرف وسطور
كأني بسمع الغيب أسمع كل ما
…
يجيب به أستاذنا ويحير
يناديك أهلاً بالذي عاش عيشنا
…
ومات ولم يدرج إليه غرور
قضيت حياة ملؤها البر والتقى
…
فأنت بأجر المتقين جدير
وسموك فيهم فيلسوفاً وأمسكوا
…
وما أنت إلا محسن ومجير
وما أنت إلا زاهد صاح صيحة
…
يرن صداها ساعة ويطير
سلوت عن الدنيا ولكنهم صبوا
…
إليها بما تعطيهم وتمير
حياة الورى حرب أنت تريدها
…
سلام وأسباب الكفاح كثير
أبت سنة العمران إلا تناحراً
…
وكدحاً ولو أن البقاء يسير
تحاول رفع الشر والشر واقع
…
وتطلب محض الخير وهو عسير
ولولا امتزج الشر بالخير لم يقم
…
دليل على أن الإله قدير
ولم يبعث الله النبيين للهدى
…
ولم يتطلع للسرير أمير
ولم يعشق العلياء حر ولم يسد
…
كريم ولم يرجو الثراء فقير
ولو كنت الخير فينا محضاً ما دعا
…
إلى الله داع أن تبلج نور
ولا قيل هذا فيلسوف موفق
…
ولا قيل هذا عالم وخبير
فكم من طريق الشر خير ونعمة
…
وكم في طريق الطيبات شرور
ألم تر أني قمت قبلك داعياً
…
إلى الزهد لا يأوي إليَّ ظهير
أطاعوا أبيكيراً وسقراط قبله
…
وخولفت فيما أرتئي وأشير
ومت وماتت مطامع طامع
…
عليها ولا ألقى القياد ضمير
إذا هدمت للظلم دور تشيدت
…
له فوق أكتاف الكواكب دور
أفاض كلانا في النصيحة جاهداً
…
ومات كلانا والقلوب صخور
فكم قيل عن كهف المساكين باطل
…
وكم قيل عن شيخ المعرة زور
وما صدر عن فعل الأذى قول مرسل
…
ولا راع مفتون الحياة نذير
حافظ إبراهيم.