الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أم الطفيل
ما للديار ترآى وهي أطلال
…
هل خف بالقوم عنها اليوم ترحال
كانت بها السمرات الخضر زاهية
…
واليوم لا سمر فيها ولا ضال
ما بالها وهي أنقاض مبعثرة
…
تغبر فيهن أبكار وآصال
هل هدَّ بنيانها من فوق صاعقة
…
أو هدَّ بنيانها من تحت زلزال
بل قد عفتها فلم تترك بها أثراً
…
ريح لها من لهيب النار أذيال
شب الحريق بها ليلاً مشيدة
…
فما أتى الصبح إلا وهي أطلال
أثارت النار في أطرافها رهجاً
…
من الدخان كأن النار أبطال
حتى حكت معركاً خرت بساحته
…
صرعى بيوت وأموال وآمال
دار السعادة أمست من تحرقها
…
دار الشقاء وقد ضاقت بها الحال
ترنو إلى البحر ترجو نقع غلتها
…
لحظ المهجر إذ يبدو له الآل
تنهال كالرمل بالنيران أدرؤها
…
حتى تكاد لها الأرواح تنهال
يا ريح مهلاً فلا تذري الرماد بها
…
إن الرماد الذي تذرين أموال
قد رحت للحي مذعوراً أيممه
…
ولي عن الزمر الباكين تسآل
وفي العراص ديار القوم خاوية
…
وفي الشوارع نسوان وأطفال
جلسن والشمس فوق الرأس دانية
…
وللغبار بعرض الحي تجوال
ولا خمار فيرددن الغبار به
…
ولا يقيهن حر الشمس سربال
حتى وقفت وقلبي كله جزع
…
وأدمعي لجج طوراً وأوشال
ما أنس لا أنس أم الطفل قائلة
…
وفوق وجنتها للدمع تهطال
إني تجردت عن دنياي حاسرة
…
ما لي سوى طفلي الباكي بها مال
أي امرئٍ بعد هذا اليوم ذي جدة
…
يعولني حيث لا زوج ولا آل
أودى الحريق بدارٍ كنت أسكنها
…
وكنت من بعضها للقوت أكتال
واليوم أصبحت لا دار ولا وزر
…
آوي إليه ولا عم ولا خال
إن الحريق خبت نيرانه ومضت
…
وما خبت في فؤادي منه وجال
يا رب رحماك إني اليوم عاجزة
…
عما دها وبظهري منه أثقال
يا رب قد ضقت ذرعاً في الحياة فما
…
أدري حنانيك ربي كيف أحتال
وعندما قد شجاني من مقالتها
…
لفظ يقطعه في البين أعوال
دنوت منها قليلاً وهي باكية
…
ومن بكاها بقلبي هاج بلبال
حتى وقفت وإيناساً لوحشتها
…
حني رأسي وحني الرأس إجلال
وقلت يا أخت لا تستيئسي جزعاً
…
فإنما الدهر إدبار وإقبال
أتجزعين اكتآباً بين أظهرنا
…
وكلنا عنك للبأساء حمال
ما لي أراك بعين اليأس باكية
…
كأن أمرك عند القوم إهمال
ألست من أمة أيدي الرجال بها
…
قد فك عنهن بالدستور أغلال
حتى لقد أصبحوا أبناء واحدة
…
في المرزئات وهم في الحكم أشكال
مستعصمين بحبل من أخوتهم
…
يسمو بهم للعلى فضل وأفضال
أمسى التعاضد كالحصن الحصين لهم
…
إذا تصادم بالأهوال أهوال
فاستبشري اليوم فيما مس من ظمأٍ
…
بأن وردك عند القوم سلسال
وان حقل عول في مساكنهم
…
وما همو بأداء الحق بخال
تلك التي قد شجتني في مقالتها
…
وكم لها في نساء الحي أمثال
فهل يصدق قومي ما ظننت بهم
…
حتى تقوم لهم في المجد أفعال
فالمجد يدرك مرماه البعيد فتىً
…
رحب الذراعين طلق الكف مفضال
وأكثر البذل حمداً ما يعان به
…
من عضهم من نيوب الدهر إقلال
يا قوم هذي سبيل العرف واضحة
…
فليمض فيها بكم وخد وأرقال
ومن تك الحال فيها لا تساعده
…
فليسعد النطق إن لم تسعد الحال
الأستانة الرصافي