الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المدنية السياسية
في
القرن العشرين
أما حان خوض المأزق المتلاحم
…
وهز يراع فيه سم الأراقم
فقد ضج من وقع البلاء وبرحه
…
(بنو الشرق) حتى ضاق ذرع المكارم
وأكبر أقطاب الشعوب تعصباً
…
رمونا به من قبل شد التمائم
فلو مر منهم طارق الطيف بيننا
…
وريع لدكوا مشمخر الدعائم
وثارت أساطيل. وطارت مطاود
…
ودبت جيوش بالقنا والصوارم
ولو عقدت الموت الزؤام عجاجه
…
وخيم مثل العارض المتكارم
وسدت فجاج الشرق أشلاء أهله
…
وجاش بآذي الدم المتلاطم
لما انحدرت من مقلة الغرب عبرة
…
ولا ارتفعت في الغرب صيحة لائم
ولا قيل أين السلم؟ والعدل؟ والحجي
…
ولا أين - إنجيل المسيح المسالم ـ
فقد بات في (مراكش) السيف مصلتاً
…
يراوح ما بين الطوى والحلاقم
ودارت رحى الأهوال في أرض (برقة)
…
وذاق (بنو طهران) من العلاقم
وهبت إلى (دار الخلافة) عصبة
…
من القوم والأضغان ملء الحيازم
وهدد (فردينند) قوم (محمد)
…
بأندلس آخر غداة التصادم
فأين ملوك الغرب؟ أين رجاله
…
فتأخذهم للسلم غضبة ناقم
فإن كان ضعف المرءِ ذنباً يشينه
…
فلا خير في ملك ولا شرع حاكم
وكيف يكون النهي والأمر في يد
…
ملوثة من مهدها بالجرائم
فيا لك من عصر يلوذ بظله
…
ثعالب في زي الليوث الضراغم
يخالب فيهم (ذو السياسة) تره
…
ويرهف للعدوان غرب العزائم
وما الشر طل الشر إلا لأنه
…
يحاول باسم الخير جر المغانم
ولله در الغرب فالقوم كلهم
…
ملائك لم يعلق بهم وهم واهم
فما انتفخت أوداجهم من تعصب
…
ولا امتلأت أحشاؤهم من شخائم
ولله أرض شرفوها بوطئهم
…
فما عرفت من بعد عيب واصم
وإن غض منهم خوضهم في ضلالهم
…
وشعث منهم سعيهم بالنمائم
تعرض سيف. وانبرت بندقية
…
ودافع عنهم مدفع غير واجم
وذلك ما يدلي به القوم إن كبت
…
بهم حجة أو عز قمع مخاصم
جهلنا ولم ندرك حقيقة أمرهم
…
وران عَلَى الألباب ريب المزاعم
كنار يجول الليل دون دخانها
…
فيخفى ويبدو ضوئها غير قاتم
فيا ليت أسرار الطبيعة لم تزل
…
محجبة في الغيب عن كل عالم
فلا يرفع البارود في الناس صوته
…
ويبرم فيه حكمه غير راحم
ولا تذر الأرجاء مخترعاتهم
…
تموج بأنواع الحتوف الغواشم
فنقنع في الجهل الذي فيه راحة
…
وننعم في غي الظنون الرواجم
فلا يزرع (العلم الحديث) عن الهوى
…
نفوساً أبت إلا ركوب المظالم
فما هذبوا بالعلم إلا سلاحهم
…
ويا ويح علم بات معول هادم
يصب عَلَى البلدان صوت عذابه
…
وينسف فيها كل عال وقاتم
ويعصف بالأرواح في كل غارة
…
تقام بها الأعراس بين المآتم
يقولون - هذا القرن - تم شبابه
…
فهذا ربيع الدهر جم المواسم
وحسبك (بالعشرين) طيشاً وخفة
…
تجر عَلَى الإنسان شل المغارم
فيا رب قد كنت (لآدم) وحده
…
جنانك ما من كاشح أو مزاحم
يروح ويغدو في النعيم مسبحاً
…
بحمدك مغموراً بفيض المراحم
فما هي إلا هفوة منه مرة
…
فأصبح ذاك المجد أضغاث حالم
فهل جنة من بعد هذا لنسله
…
وقد هتكوا بالبغي ستر المحارم
وبات طلاع الخافقين فجورهم
…
ولم يقرعوا من أجله سن نادم
ففجر من الطوفان ثجاج مائه
…
ليغشل عنها رجس تلك المآثم
أجل!! أنت عدل!! تلك آثار (تدمر)
…
(وبابل) في طي المدى المتقادم
وقد باد ملك الروم إلا رسومه
…
وكم قيل ملك الروم غير مقاوم
وكم شحذ اليونان رأياً مسدداً
…
فطاش بهم عند الخطوب الدواهم
وذلك ما زاد التفجع والأسى
…
وعلمان كيف احتقار العظائم
فيا دولاً ذل القضاء لأمرها
…
فساد صروح الملك فوق الجماجم
وكاثر كثبان الرمال عديدها
…
وقامت بأعباء الأمور الجواسم
رويداً - فإن الدهر مازال صرفه
…
يدور - وإن الملك ليس بدائم
ويا رمم القتلى بكل تنوفة
…
ويا لهب النيران بين العواصم
ويا دارس الأطلال في كل دمنة
…
ويا ماثل الآثار بين المعالم
ويا موج (بحر الروم) في كل ساحة
…
ويا خفقات الريح بين العوالم
ففي حدثي التاريخ عن مدنية
…
يشارك فيها الوحش أبناء آدم
الديار المصرية // فؤاد الخطيب