الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أيتها السماء
إليك تتوق أيتها السماءُ
…
نفوسٌ قد أضرَّ بها الشقاءُ
ومضتها على الأرض الرزايا
…
واسأمها بمحبسها الثواءُ
أحقيّ يا سماء مني نفوسٍ
…
إليكِ لها إليك لها التجاءُ
ترجى فيكِ بعد الموت عيشاً
…
فوا أسفاه إن خاب الرجاءُ
عدينا ثمَّ إن شئت امطلينا
…
فإنا بالوعود لنا اكتفاءُ
وإنا نحن قومٌ قد أهنا
…
وإنا نحنُ قومٌ أبرياءُ
وإنا قد عشقنا الموت لما
…
سمعنا ذكره فمتى اللقاءُ
إذا أمست حياة المرءِ داءً
…
فليس سوى الحمام لها دواءُ
يساء المرء أن يحيا سليماً
…
ولكنَّ الحوادث لا تشاءُ
وما حبّ المعيشة في ديارٍ
…
لأحرار النفوس بها جفاءُ
فلا سقياً ولا رعياً لأرضٍ
…
تراقُ على جوانبها الدماءُ
وما سلمت عليها قبل هذا
…
من الأرزاءِ حتى الأنبياءُ
انفسي إن جزعتِ من المنايا
…
فإني منكِ يا نفسي براءُ
عبدتِ الأدنياَء رجاَء دنيا
…
حوتها بالخداع الأدنياءُ
وأوردتِ الهوانَ فلم تعافي
…
فأين تحدثي أين الإباءُ
أبيني يا سماء وخبرينا
…
بما لم ندرِ دامَ لكِ العلاءُ
ولا زالت على مرّ الليالي
…
نجومكِ يستضيءُ بها الفضاءُ
هل الأرواح بعد الموت منا
…
لها في جوك السامي بقاءُ
أم الأرواح تابعةٌ جسوماً
…
لنا تبلي فيلحقها الفناءُ
فضاؤكِ هل يصيرُ إلى انتهاءٍ
…
أم الأبعاد ليس لها انتهاءُ
وحقٌّ أنَّ للأجرام حداً
…
أم الحد الذي يعزى افتراءُ
وبعد نهاية الأجرام قولي
…
خلاءٌ في الطبيعة أم ملاءُ
يحيرني امتدادك في الأعالي
…
ويبهجني بزرقتك الصفاءُ
أحبّ ضياَء أنجمك الزواهي
…
فأحسن ما بأنجمك الضياءُ
نجومكِ في دوائر سابحات
…
يحفّ بها المهابة والبهاءُ
تراءى في تحركها بطاءً
…
وما هي في تحركها بطاءُ
ولا هي في الجسامة لو علمنا
…
ولا في بعدها عنا سواءُ
أبيني يا سماءُ وخبريني
…
وإلا دام في قلبي امتراءُ
أيبقى المكثرون من الخطايا
…
إذا ماتوا وليس لهم جزاءُ
لعمرك لا تريد النفسُ هذا
…
فما أجاني وذو التقوى بواءُ
رأيت البعض يخشع للمنايا
…
فيذكرها ويغلبهُ البكاءُ
مخافة أن يلمّ الموتُ يوماً
…
ببنيتهِ فينهدمَ البناءُ
ويضرب عن وراءِ الموت صفحاً
…
كأنَّ الموت ليس له وراءُ
فإن تسأل يقل ما الموت إلا
…
نهاية كلّ من لهم ابتداءُ
إضاءتك الحياة وكنت قبلاً
…
بليل حشو ظلمته العماءُ
وجودك بعد ذاك الليل صبحٌ
…
وهذا الصبح يعقبه المساءُ
رقيت من الجماد فصرت حياً
…
تميزهُ الدراية والذكاءُ
أقول كذا ولم أزدد يقيناً
…
بما في الأمر لو كشفَ الغطاءُ
فقلت لهُ وبعض القول حقٌّ
…
صريحٌ لم يجز فيهِ المراءُ
أليسَ مركبَ الإحياءِ طراً
…
عناصرُ أوضحتها الكيمياءُ
فقال بلى فقلت لهُ أليس ال
…
عناصر لا تحسّ ولا تشاءُ
فقال بلى فقلت إذن فماذا
…
جرى حتى استتبّ لها انتماءُ
وصارت بعد في الإنسان جسماً
…
يفكرُ عاقلاً ولهُ دهاءُ
فقال السرُّ في التركيب أنَّ ال
…
مركب قد يقوم بهِ ارتقاءُ
إذا اتحدت عناصرُ في بناءٍ
…
تغير وصفه ذاك البناءُ
وجدّ لهُ خصائصُ ذات شأنٍ
…
عناصرُ جسمهُ منها خلاءُ
وإنَّ حياتنا والموت فالعم
…
أجيجٌ في العناصر وانطفاءُ
ولكنَّ التعصب في أناسٍ
…
أضلهم الهوى داءٌ عياءُ
وإفهامُ الجهول الحقَ مرّاً
…
عناءٌ ليس يشبهه عناءُ
وفي الأصل الجواهر لو علمنا
…
قوىً منها الأثيرُ له امتلاءُ
تلاقى بينها فتكون منها
…
جواهرُ في النفار لها ولاءُ
صغيرات الحجوم محقراتٌ
…
ومنها الكائناتُ لها ابتناءُ
تضمن قوتي جذبٍ ودفعٍ
…
كما يبديهِ هذا الكهرباءُ
وإنَّ الشمس والأجرام طرَّاً
…
من الحركات ولدها السماءُ
لكلّ مقولة منها إليها
…
على الدور ابتداءٌ وانتهاء
فإن برزت فذاك لها وجودٌ
…
وإن خفيت فذاك له فناءُ
سماؤك هذهِ تحوي نجوماً
…
لأكثرها عن البصر اختفاءُ
فتحسب ما يريك الليل منها
…
شموعاً في الصباح لها انطفاءُ
وما هي لو تعي إلا شموسٌ
…
بها ليدي منوّرها اعتناءُ
شموس قد أضاَء الجوّ منها
…
وزال بها عن الكون العماءُ
يصغرها بعينك حين ترنو
…
لها بعدٌ هنالك واعتلاءُ
أهمّ بأن أعد الأرض منها
…
كواحدة فيمنعني الحياءُ
فإنَّ الأرض تابعة لشمس
…
إلى أمّ النجوم لها انتماءُ
فتيهي يا سماءُ فليس شيءٌ
…
تكونَ فيكِ عنك لهُ غناءُ
فأنتِ لكلّ موجودٍ وجودٌ
…
وأنتِ لكلّ موجودٍ وعاءُ
وهذا الجوّ أنتِ لهُ امتدادٌ
…
وهذي الأرض أنتِ لها غطاءُ
وإنَّ وجود ما في الكون طراً
…
عليكِ إذا تأملنا ثناءُ
يليق يليق (ما استعليت كبراً)
…
بشأنكِ يا سماء الكبرياءُ
فقبل القبل كنت كذا سماءً
…
ولا شمسٌ هناكَ ولا ضياءُ
ستفنى الكائنات وليس إلا
…
لوجهِ الله ثمَّ لكِ البقاءُ
فقلت لهُ رعاكَ الله هذا
…
على ما جاَء في العلم اعتداءُ
فإن حقائق الأشياءِ سرٌّ
…
خفيٌّ ما لغامضهُ انجلاءُ
وأبدت قبلنا الحكماء فيها
…
أقاويلاً فما برح الخفاءُ
العراق
ج. ص