المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مقدمة الشيخ يحيى بن علي الحجوري - مشاهداتي في المملكة العربية السعودية

[مقبل بن هادي الوادعي]

الفصل: ‌مقدمة الشيخ يحيى بن علي الحجوري

بسم الله الرحمن الرحيم

‌مقدمة الشيخ يحيى بن علي الحجوري

الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. أما بعد:

فقد أثنى الله عزوجل على أهل العلم الصادقين الناصحين، فقال تعالى في كتابه الكريم:{شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالمَلائِكَةُ وَأُولُو العِلْمِ قَائِماً بِالقِسْطِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ} [آل عمران: 18].

وقال تعالى: {وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا العَالِمُونَ} [العنكبوت: 43].

وقال تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} [الزمر: 9].

وقال سبحانه في كتابه الكريم: {إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ

ص: 3

عِبَادِهِ العُلَمَاءُ} [فاطر: 28].

وقال تعالى: {يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة: 11].

ففي هذه الآيات العظيمة بيان من الله عز وجل بفضل أهل العلم، وأن فضلهم ذلك يتضمن خشيتهم لله عزوجل، وتعقلهم للأمور؛ ولهذا رفعهم الله عزوجل في الدنيا؛ فأمر الناس بالرجوع إليهم في أهم ما خلقوا من أجله؛ وهو أمر دينهم.

فقال تعالى: {فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43].

ولما كانوا بهذه المنزلة عنده سبحانه أشهدهم على وحدانيته، وإذا قَبلَ الله عزوجل شهادتهم بأجل شهادة وأعظمهما وأصدقها من أجل شاهد بأجل مشهود، فلا غرابة أن يكون كلامهم فيما دون ذلك له من القبول والأهمية ما ليس لكلام غيرهم.

وقد ذكر العلامة الشوكاني رحمه الله في إرشاد الفحول

ص: 4

قول الكيا الهراسي مستنكرًا على الشافعي رحمه الله قوله بعدم نسخ القرآن بالسنة قال: هفوات الكبار على أقدارهم، ومن عظم قدره عظم خطؤه، فالعالم من علماء المسلمين مهما بلغ علمه، وقوي فهمه، واشتد من الله خوفه، فإنه ليس بمعصوم، ولكن الله إذا علم من العبد محبته الهدى والحق والسعي إليه يسر له ذلك.

قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً * فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً} [النساء: 174 175]. وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ} [يونس: 9].

وقال تعالى: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدىً وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ} [محمد: 17].

وهذا شأن علماء السنة رحمهم الله في كل زمان.

وما أعظم وصية أمير المؤمنين عمر بن الخطاب لأبي

ص: 5

موسى رضي الله عنهما إذ قال في كتابه إليه: أما بعد لا يمنعنَّكَ قضاء قضيته بالأمس راجعت فيه نفسك وهديت فيه لرُشدِك أن ترجِعَ إلى الحق فإن الحق قديمٌ.

وقال الإمام الشافعي رحمه الله: إننا بشر نقول القول اليوم ونرجع عنه غدًا.

وهذا من أجلِّ مناقب علماء السنة رحمهم الله: تحريهم للحق، وعدم اتصافهم بالهوى.

وهذا الذي مع شيخنا الإمام الوادعي رحمه الله عايشناه، ومن فضيلته لمسناهُ، ومن أوضح الأدلة على ذلك ما تراه في هذا التراجع النبيل عن كلامه في الدولة السعودية، وما تراه من حسنِ الثناءِ عليها بما هي أهله إن شاء الله من إجلال علماء السنة، وأكرامهم، وخدمة تلك المقدسات، ونشرهم للتوحيد ونفعهم سائر المسلمين. فجزاهم الله على ذلك خيرًا ودفع عن بلادهم وسائر بلاد المسلمين كل سوء ومكروه.

وهذا البيان الرائع من إمام الدعوة السلفية في اليمن

ص: 6

بهذا الزمن رحمه الله نرجو أن يكون قاطعًا لدابر الفتنة بين علماء السنة في هذه المسألة، ودافعًا لتسلق ذوي الأفكار الخلَفية والأغراض الدنيوية على الدولة السعودية وفقها الله.

ونفيد إخواننا أهل السنة وغيرهم أن أي كلام لفضيلته في كتاب أو شريط أو غيرهما يمس الدولة السعودية وفقها الله بما لا ترضاه فالعزم منا والتحريض حاصل على سرعة حذف ذلك في أقرب طبعة لذلك الكتاب عن طريق أخينا الناشر السلفي المكلف بنشر كتب الشيخ رحمه الله (سعيد بن عمر حبيشان صاحب دار الآثار)، وأما ما طبع من الكتب عن غير هذه الدار بما فيه الكلام المذكور فإن هذا التصرف من تلك الدور كان عن غير إذن صحيح من الشيخ رحمه الله، ولا عن رضى منا؛ فلا يجوز لها ذلك.

وهذا نراه واجبًا علينا تنفيذًا لوصية شيخنا رحمه الله، ونحن شاكرون لمن نشر هذه الرسالة المتضمنة لنص كلام الشيخ على مراده بلا زيادة ولا نقصان.

ونذكّر إخواننا أهل السنة حفظهم الله بما أخرجه

ص: 7

الشيخان في صحيحيهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: في محاجة آدم وموسى عليهما السلام وفيه ((فحجَّ آدمُ موسى، فحجَّ آدمُ موسى))، ومما قيل في شرح هذا الحديث أن موسى عليه السلام لَامَ آدمَ عليه السلام على أمر قد تاب منه.

فنعتبر الخوض في هذه المسألة على العلامة الوادعي رحمه الله فيما قد رجع عنه كتابة أو خطابة أو نشرًا بعد هذا البيان المنشور من باب التشغيب الذي لا يصدر إلا عن حاقد لا ينبغي السكوت عنه.

ونسأل الله عزوجل أن يعفو عما قد سلف وحصل التراجع فيه مما قاله الشيخ رحمه الله في هذه المسألة، أو قيل عنه، فإن ربنا عزوجل {كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُوراً} [الاسراء: 25]. والحمد لله رب العالمين.

كتبه أبوعبد الرحمن يحيى بن علي الحجوري

بتاريخ: الثاني والعشرين من شهر المحرم عام ستة وعشرين وأربعمائة وألف

على صاحبها الصلاة والسلام

ص: 8