الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التفسير القرآني للآية:
يخبرنا سبحانه في هذه الآية الكريمة على عظم قدرته فجعل جميع المخلوقات أزواجا أي من صنفين ونوعين مختلفين فمثلا:
ليل ونهار، ذكر وأنثى، سماء وأرض، شمس وقمر، بر وبحر، ضياء وظلام، كفر وإيمان، موت وحياة، شقاء وسعادة، جنة ونار، حلو ومر، جن وإنس، سهل وجبل، حتى الحيوانات والنباتات كل ذلك لكي تتذكر وتعلم بأن الخالق واحد.
الشرح العلمي:
مما كان معروفا سابقا وظاهرا للعيان أن الزوجية للمادة كانت جلية تماماً في النباتات والحيوانات من ناحية الذكورة والأنوثة والجمادات من حيث الإجمال.
فأين الزوجية في الجمادات بالتفصيل؟
إن الجمادات مكونة من ذرات وهذه الذرات مكونة زوجية فمثلا ذرة الأيدروجين أبسط الذرات تركيبا تتكون من نواة يدور حولها كهرب وأحد (الكترون) النواة تحمل شحنة كهربية موجبة. والكهرب يحمل شحنة كهربية سالبة. أليست تتمثل الزوجية في هذه الذرة.
أما بقية الذرات فإن كلا منها يتركب من نواة وكهارب تدور حولها وبينهما فراغ أما النواة فتتكون من جسيمات مكهربة تحمل شحنة موجبة تسمى (بروتونات) وجسيمات غير مكهربة أي لا تحمل شحنة كهربية تسمى (نيوترونات) .
أما الكهارب التي تدور حول النواة فتحمل شحنة كهربية سالبة1.
كل تلك الاكتشافات بعد مجيء القرآن بقرون كثيرة.
1 كما أورده كتاب القرآن والطب صفحة 27-28.
الأمواج الداخلية والسطحية:
قال تعالى: {أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} (سورة النور آية 40) .
التفسير القرآني للآية:
في هذه الآية الكريمة يضرب لنا سبحانه مثلا للكافر ولأعماله ولقلبه الذي لا يعي
شيئا فيقول سبحانه أو كظلمات جمع ظلمة في بحر عميق لا يدرك له مقر ويعلو ذلك البحر اللجي موج ومن فوق الموج موج ثم بعد ذلك أي فوق الموج الثاني سحاب فيجتمع فوق الموج وفوق الريح وفوق السحاب ثم يقول سبحانه {ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ} والمراد بهذه الظلمات ظلمة السحاب وظلمة الموج وظلمة الليل وظلمة البحر فلا يبصر من كان في هذه الظلمات شيئا ولا كوكبا وإذا أخرج الناظر يده لم يكد يراها من شدة الظلمة.
ويختم سبحانه هذه الآية بقوله {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} أي من لم يجعل الله له نوراً يهتدي به إذا أظلمت عليه الأمور فما له من نور1.
الشرح العلمي:
في هذه الآية إشارة إلى الأمواج الداخلية والسطحية (فأضخم أمواج المحيط وأشدها رعبا هي أمواج غير منظورة تتحرك في خطوط سيرها الغامضة بعيدا في أعماق البحرِ وقد كان من المعروف منذ سنين كثيرة أن سفن البعثات إلى القطب الشمالي كانت تشق طريقها بكل صعوبة فيما كان يسمى ((بالماء الميت)) والذي عرف الآن أنه أمواج داخلية. وفى أوائل عام 1900 م لفت الأنظار كثيراً من مساحي البحار الاسكندنافيين إلى وجود أمواج تحت سطح الماء، والآن بالرغم من أن الغموض لا يزال يكتنف أسباب تكوين هذه الأمواج العظيمة التي ترتفع وتهبط بعيدا أسفل السطح فإن حدوثها على نطاق واسع في المحيط قد أصبح أمرا معروفا جدا فهي تقذف بالغواصات في المياه العميقة كما تعمل شقيقاتها السطحية على قذف السفن، ويظهر أن هذه الأمواج تنكسر عند التقائها بتيار الخليج وبتيارات أخرى قوية في بحر عميق فالآية القرآنية تقول {يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ} إشارة إلى الأمواج الداخلية والسطحية ويؤيد هذا ما وصفه القرآن للبحر بأنه (البحر) أي كثير الماء عميقة وفي هذا إشارة إلى المحيطات وليس الشواطئ والجدير بالذكر أن هذه المواضع يقل فيها وهيج الشمس فما بالك باجتماع السحاب الذي تكثر فيه الظلمة ويصبح الواقع.
{إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا} . فهذه الآية لا علاقة لها بالوسط الجغرافي للبيئة التي نزل فيها القران فلو افترضنا أن محمدا صلى الله عليه وسلم رأى في شبابه منظر البحر الأحمر فلن يعدو رؤية شواطئ البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط وهي لا ينطبق عليها ما وصفه القرآن كل ذلك يعطينا دليلاً واضحا على أن القرآن وحي إلهي2.
1 القرطبي ج12 ص285
2 روح الدين الإسلامي ص 58.