المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌مقدمة الناشر بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام - معجم أسر بريدة - المقدمة

[محمد بن ناصر العبودي]

فهرس الكتاب

الفصل: ‌ ‌مقدمة الناشر بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام

‌مقدمة الناشر

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .. أما بعد:

فإن دار الثلوثية يسعدها أن تزف إلى عموم القراء والباحثين هذا السفر الضخم الذي طال انتظاره من قبل أعداد لا حصر لها من الدارسين والمهتمين "معجم أسر بريدة" الذي يعد أكبر معاجم أسر القصيم التي عكف على تدوينها ودراستها والعناية بأوراقها ووثائقها العلامة الموسوعي صاحب المعالي الشيخ محمد بن ناصر العبودي - حفظه الله.

إنني أعتبر بحق هذا الكتاب من أبرز المشروعات العلمية الكبرى لشيخنا "حفظه الله"، التي بدأها شيخنا منذ سنوات عديدة، وما زال يضيف اللبنة إلى اللبنة حتى تكامل هذا الصرح الشامخ من الرصد والتوثيق والبحث عن المعلومات التي حفظتها صدور الرجال ومجالسهم ووثائقهم بعزيمة الباحث المتفرغ.

ولقد أجاب صاحب المعالي الشيخ في مقدمة هذا الكتاب عن سؤال طرح مرارًا، وهو سبب تأخر صدوره، فعزا ذلك إلى ظروفه العملية ورحلاته الخارجية وعدم تواصل بعض الأسر في المعلومات، إضافة إلى ضخامة العمل وسعته.

ومع هذا التأخر في الصدور، فإني أعده وقد طبع اليوم موسوعة علمية حوت استعراضًا دقيقًا لما يتمتع به صاحب المعالي الشيخ محمد بن ناصر العبودي من قدرات تاريخية وتحليلية نقدية، فقد نقل وناقش واعترض ووافق في مناظرات علمية جادة تتحرى الصواب، وتتلمس الحق والحقيقة.

ص: 5

وأسلوبه في كتابه هذا - وفي غيره - أسلوب علمي راق بعيد عن الإسفاف والتجريح، يطارد المعلومة ويسائلها ويحلل أبعادها، ويحاور النص والوثيقة قدر ما يسعفه النظر والتأمل، حتى أصبح هذا الكتاب فتحًا علميًا في جانب غفل عنه كثير من الباحثين، وهو علم الوثائق وفن قراءتها وتحليلها، وطرائق الاستفادة منها، وذلك انطلاقا من أنها مصدر رئيس ومنهل عظيم الأهمية في التأريخ لهذه البلاد، وخاصة لمنطقة نجد، حيث تغيب المعلومة التاريخية، وتندر الكتابة التي يعتمد عليها المؤلف، فلا يغدو بين أيدي الباحثين إلا استثمار الوسائل الرديفة لتحقيق المعلومة، ومعرفة الأسماء والتواريخ والأحداث والأملاك والوصايا والآراء والمواقف، وهو ما تميز به المؤلف الشيخ محمد بن ناصر العبودي ورعاه، وهو ما يدعوني هنا إلى أن أتمنى عليه أن يفرد تجربته هذه مع الوثائق والمكاتبات والرسائل في كتاب يتأمل فيه هذا العلم، ويترك للباحثين سبيلًا لقراءة وثائق مناطقهم ومدنهم في المملكة وغيرها، كما أني أرشد الباحثين وطلاب الدراسات العليا إلى أن ينهلوا من هذا الكتاب بشكله العام، وأن يعطوا الوثيقة عناية خاصة، إذ إن المؤلف - أثابه الله - قد جمع ورصد وحلل ما لا يوجد في مصدر آخر بتاتًا، فهو الكنز الذي يكشف لأول مرة في تاريخنا المحلي، ومنه نستطيع أن نكتشف طبيعة النمو الحضاري والثقافي الذي شهدته هذه البلاد، حيث نجد في هذا المعجم ما يعطي الدرس الكبير في الاستئناس بنعمة الله الكبيرة على أجيالنا المعاصرة، ويدفعنا إلى شكر المنعم والثناء عليه بما هو أهله جل وعز.

كما يكشف لنا هذا المعجم ما تكتنزه ذاكرة مؤلفه القوية ومعلوماته الثرية بما يتصل بأسر هذه البلاد ورجالها ونسائها، ومواقفهم، وآثارهم العلمية،

ص: 6

ورؤاهم في الحياة، ومواقفهم من الآخرين، وخاصة ما يتصل بتاريخ مدينة بريدة عاصمة القصيم.

وإذا كانت المعلومات الدقيقة الكثيرة الغزيرة التي جمعت في هذا الكتاب مهمة؛ فإن الأهم أيضًا هو ذلك المنهج والفتح المهم الذي درج عليه في إيراده للوثائق وشرحه لمدلولات ألفاظها وعباراتها وتجميع قصاصاتها المتمزقة والمتفرقة في جهد بحثي فريد.

وإذا كانت البهجة تطوق مباسم الكثيرين في خروج هذا المعجم الكبير إلى حيز الوجود؛ فإن الأمل أن يكون في إصداره تحفيز للهمم وشحذ العزائم في العناية بتلك المعلومات الرائدة في الكتاب وحملها على محامل حسنة بعيدًا عن الخوض في النيات وإثارة النعرات، وأن يعني الباحثون في استخراج دراسات جادة تتناول الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والشرعية في تلك الوثائق المشتملة على مبايعات ومداينات ووصايا وأوقاف ومراسلات وإخوانيات.

كما أبان المؤلف في هذا السفر الكبير وبتفصيل دقيق وعناية تحقيقية فائقة الحراك العلمي والثقافي والفكري والأدبي الموجود في بريدة منذ مئات السنين واستعرض الكتب والمقالات وزف الشعر بشقيه الفصيح والعامي، ليعيش القارئ في هذه المجلدات الحافلة في حديقة غناء مملوءة بالمفيد والسديد.

لقد وقفت خلال السنوات الماضية وعن قرب شديد على الجهد العظيم والوقت الطويل الذي يقضيه شيخنا في قراءة الوثائق وتحليلها ومخاطبة الأسر ومهاتفتهم ومطالبته بتزويده بما لديهم من أوراق ووثائق.

وكنت ألحظ عليه مدى العناء والمشقة التي تحملها في سبيل إخراج هذا الكتاب إلى القراء في أبهى حلة وأجمل صورة ليفي بوعده لقرائه ومريديه ومحبيه،

ص: 7

ونحن نعلم أن هذا المعجم هو أحد فرائد الشيخ ومشاريعه الرئيسة في التأليف، ولذلك نجده يشير إليه في أوائل مؤلفاته، كمعجم بلاد القصيم الخاصة بجغرافيتها، وفي غيره من الكتب، وذلك يدل على الإيمان العظيم بهذه الرؤية في طريقة التأليف، خاصة إذا تذكرنا أن للشيخ للمؤلف منهجًا فريدًا في التأليف.

وإذا كان معدودًا من المكثرين في التأليف على مستوى العالم، فإني ألفت الأنظار هنا إلى أن الشيخ المؤلف له ريادات في التأليف، وله رؤي ومشاريع تخصه لا يشاركه فيها إلا القليل من الباحثين، وذلك كالتأليف في المعاجم البلدانية والجغرافية واللغوية وغيرها، بالإضافة إلى ما عرف واشتهر عنه من أنه الرحالة الذي طوف آفاق الأرض زيارة وكتابة عنها، وما زلت أتذكر الاحتفاء الكبير الذي يجده - حفظه الله - من كبار الباحثين على مستوى العالم من المهتمين بالرحلة بطريقته في التحقيق.

إنني على يقين تام أنني لن أستطيع تقديم تفصيل دقيق عن رحلة صاحب المعالي شيخنا محمد العبودي مع هذا المشروع العلمي الكبير التي تجاوزت سنين عديدة، إلا أنني أستطيع أن أؤكد وأجزم بأن هذا الكتاب أوسط العقد لمنطقة القصيم التي بدأها بالمعجم الجغرافي وجاء "معجم أسر بريدة"، الذي سيكون بداية التأليف في المعاجم الخاصة بنواحي القصيم الأخرى.

كما يلحظ القارئ الأسلوب السهل الذي قدم به كتابه بعيدا عن الكلفة الأدبية واللغوية مركزًا على الغاية من هذا الكتاب وهو تاريخ الأسر ووثائقها، وهذا يتسم مع الهدف العام للكتاب، وهو تقديمه لجمهور القراء والباحثين على اختلاف مستوياتهم، فهو كتاب يرصد ثقافة الناس ومعارفهم، وحين خلت الساحة من هذا المشروع الضخم فترة طويلة، وجب أن يأتي على هذه الشاكلة في قربه من

ص: 8

الناس، ومداخلته لهمومهم وأفكارهم، مما يحقق مجالا واسعا ليستفيد منه الجميع، وليفتح للباحثين مجالات رحبة من التأليف والتحليل والقراءة والرصد.

كما يتضح في المعجم مهارات الشيخ وقدراته العالية في معرفة الأشخاص والأعيان والأعلام والرجال والنساء، بل أفرد أبوابًا خاصة عن كثير من النساء البارزات ووصاياهن ووثائقهن في بادرة جديدة للمرأة تحسب للمؤلف الشيخ محمد العبودي، وهو مجال ضخم يستطيع الجاد من الباحثين أن يتابع ما رصده الشيخ ليكون كتابًا ضخمًا في هذا الباب، فضلًا لمن أراد أن يزداد في القراءة وجمع المثيل إلى مثيله.

بل يستخلص القاري القدرة العلمية التي وهبها الله للشيخ في التمييز بين الأسر المتشابهة والأسماء المتطابقة وفرز ذلك في مواقعه ورسومه في الكتاب.

وختامًا فإن العلامة العبودي "متعه الله بالصحة والعافية" يقدم رمزًا واضحًا للعالم الموسوعي، وسيجد القارئ في الكتاب لمسات لغوية وأخرى أدبية ولمحات تاريخية وفكرية تبين بجلاء ووضوح المواهب والقدرات والإمكانات التي وهبها الله للشيخ محمد العبودي، حتى عُدَّ بلا جدل من أبرز المؤلفين العرب والمسلمين وحقق أرقامًا قياسية في عدد المؤلفات وتنوعها وتميزها، وقد نفد عدد كبير منها، وما زالت الطلبات تترى عليه، وعلينا في الدار بطباعة عدد كبير منها، وما زال الشيخ يعد بكتب أخرى عكف عليها السنين الطوال، وهو ما يدفعنا لتقديمه أنموذجًا جادا للمؤلف الجاد صاحب المشروع العلمي المتميز الذي ظل طوال مراحل حياته العلمية والعملية وهو يتابعه ويتعهده.

ويبقى جهده في هذا المعجم معروضًا أمام الباحثين والدارسين والمهتمين والراصدين ليكون في متناولهم للبحث وإبداء وجهات النظر، ويبقى أن مثل هذا

ص: 9

المشروع بتنوع موضوعاته وتفرده في بابه واختلاف وجهات النظر فيه سيكون من الكتب الخالدة بإذن الله، وسيحفظ التاريخ لمؤلفه هذا الجهد الكبير الذي خدم به أمته ووطنه ومنطقته ومشايخه وتاريخهم وثقافتهم، ولاشك أنه سيشغل كثيرين ممن سيتابعون ويطالعون هذا المعجم، وسيجدون العلم الكبير والتحليل النادر، وقد يجدون ما يختلفون معه، وهذه طبيعة المشاريع العلمية الكبيرة التي تحتمل وجهات النظر المتعددة.

وسنكون سعداء في دار الثلوثية إن شاء الله في هذا الحراك العلمي الذي يقوده شيخنا "حفظه الله".

أسأل الله أن يبارك في عمر شيخنا وأن يمده بعون منه وتوفيق ليكمل بقية معاجم أسر القصيم ومشاريعه العلمية الأخرى التي قضى جزءًا كبيرًا من عمره ووقته في تدوينها وأمل تحقيقها ليتلقاها محبوه والعارفون بعلمه وفضله.

كتبه

محمد بن عبدالله المشوح

ص: 10