الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
23 - كِتَابُ النِّكَاحِ
بَابُ مَا جَاءَ فِي أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَزْوَاجِهِ
13401 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قِرَاءَةً عَلَيْهِ، أَنَّ أَبَا الْعَبَّاسِ مُحَمَّدَ بْنَ يَعْقُوبَ حَدَّثَهُمْ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ رحمه الله قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى لِمَا خَصَّ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ وَحْيِهِ، وَأَبَانَ مِنْ فَضْلِهِ مِنَ الْمُبَايَنَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَلْقِهِ بِالْفَرْضِ عَلَى خَلْقِهِ بِطَاعَتِهِ فِي غَيْرِ آيَةٍ مِنْ كِتَابِهِ، فَقَالَ:{مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء: 80]، وَذَكَرَ مَعَهَا غَيْرَهَا
⦗ص: 8⦘
13402 -
قَالَ: فَافْتَرَضَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم أَشْيَاءَ خَفَّفَهَا عَنْ خَلْقِهِ لِيَزِيدَهُ بِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قُرْبَةً إِلَيْهِ وَكَرَامَةً، وَأَبَاحَ لَهُ أَشْيَاءَ حَظَرَهَا عَلَى خَلْقِهِ زِيَادَةً فِي كَرَامَتِهِ وَتَبْيِينًا لِفَضِيلَتِهِ، مَعَ مَا لَا يُحْصَى مِنْ كَرَامَتِهِ لَهُ وَهِيَ مَوْضُوعَةٌ مَوَاضِعَهَا،
13403 -
قَالَ أَحْمَدُ: إِلَى هَا هُنَا قِرَاءَةً، وَمَا بَعْدَ ذَلِكَ بَعْضُهُ إِجَازَةً، وَبَعْضُهُ قِرَاءَةً
13404 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ مَلَكَ زَوْجَةً سِوَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يُخَيِّرَهَا فِي الْمُقَامِ مَعَهُ أَوْ فِرَاقِهِ، وَلَهُ حَبْسُهَا إِذَا أَدَّى إِلَيْهَا مَا يَجِبُ عَلَيْهِ لَهَا وَإِنْ كَرِهَتْهُ
13405 -
وَأَمَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُخَيِّرَ نِسَاءَهُ، فَقَالَ:{إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا، وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 29]،
13406 -
" فَخَيَّرَهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاخْتَرْنَهُ، فَلَمْ يَكُنِ الْخِيَارُ إِذِ اخْتَرْنَهُ طَلَاقًا وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ أَنْ يُحْدِثَ لَهُنَّ طَلَاقًا إِذَا اخْتَرْنَهُ،
13407 -
وَكَانَ تَخْيِيرُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِنْ شَاءَ اللَّهُ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ إِنْ أَرَدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا وَلَمْ يَخْتَرْنَهُ، فَأَحْدَثَ لَهُنَّ طَلَاقًا، لَا لِيَجْعَلَ الطَّلَاقَ إِلَيْهِنَّ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:{فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ} [الأحزاب: 28] أَحْدَثَ، لَكِنْ إِذَا اخْتَرْتُنَّ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا مَتَاعًا وَسَرَاحًا، فَلَمَّا اخْتَرْنَهُ لَمْ يُوجِبْ ذَلِكَ عَلَيْهِ أَنْ يُحْدِثَ لَهُنَّ طَلَاقًا وَلَا مَتَاعًا
⦗ص: 9⦘
،
13408 -
فَأَمَّا قَوْلُ عَائِشَةَ: فَقَدْ خَيَّرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاخْتَرْنَاهُ، أَفَكَانَ ذَلِكَ طَلَاقًا؟، فَتَعْنِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ لَمْ يُوجِبْ ذَلِكَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُحْدِثَ لَنَا طَلَاقًا،
13409 -
وَإِذْ فُرِضَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِنِ اخْتَرْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا أَنْ يُمَتِّعْهُنَّ فَاخْتَرْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَلَمْ يُطَلِّقْ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ،
13410 -
فَكُلُّ مَنْ خَيَّرَ امْرَأَتَهُ فَلَمْ تَخْتَرِ الطَّلَاقَ فَلَا طَلَاقَ لَهُ عَلَيْهَا،
13411 -
وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ خَيَّرَ نِسَاءَهُ فَلَيْسَ الْخِيَارُ بِطَلَاقٍ حَتَّى تُطَلِّقَ الْمُخَيَّرَةُ نَفْسَهَا
13412 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: حَدَّثَنِي الثِّقَةُ، عَنِ ابْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:«خَيَّرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» ، أَفَكَانَ ذَلِكَ طَلَاقًا؟ أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْفَقِيهُ الشِّيرَازِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ يَعْقُوبَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ بِهَذَا الْحَدِيثِ
13413 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ تبارك وتعالى عَلَيْهِ: {لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ} [الأحزاب: 52]، فَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: نَزَلَتْ عَلَيْهِ {لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ} [الأحزاب: 52]، بَعْدَ تَخْيِيرِهِ أَزْوَاجَهُ
13414 -
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ:«مَا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى أُحِلَّ لَهُ النِّسَاءُ» ، أَخْبَرَنَاهُ أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ النَّضْرَوِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ نَجْدَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ. . . فَذَكَرَهُ
13415 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: كَأَنَّهَا تَعْنِي اللَّاتِي حُظِرْنَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِ: {لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ} [الأحزاب: 52]،
13416 -
وَأَحْسِبُ قَوْلَ عَائِشَةَ أُحِلَّ لَهُ النِّسَاءُ لِقَوْلِ اللَّهِ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ} [الأحزاب: 50] إِلَى قَوْلِهِ: {خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [الأحزاب: 50]، فَذَكَرَ اللَّهُ مَا أَحَلَّ لَهُ، فَذَكَرَ أَزْوَاجَهُ اللَّاتِي آتَى أُجُورَهُنَّ، وَبَنَاتِ عَمِّهِ، وَبَنَاتِ عَمَّاتِهِ، وَبَنَاتِ خَالِهِ، وَبَنَاتِ خَالَاتِهِ، وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ،
13417 -
فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى مَعْنَيَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أَحَلَّ لَهُ مَعَ أَزْوَاجِهِ مَنْ لَيْسَ لَهُ بِزَوْجٍ يَوْمَ أَحَلَّ لَهُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مِنْ بَنَاتِ عَمِّهِ وَلَا بَنَاتِ عَمَّاتِهِ وَلَا بَنَاتِ خَالِهِ، وَلَا بَنَاتِ خَالَاتِهِ امْرَأَةٌ وَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ عِدَّةُ نِسْوَةٍ، وَعَلَى أَنَّهُ أَبَاحَ لَهُ مِنَ الْعَدَدِ مَا حَظَرَ عَلَى غَيْرِهِ، وَمَنْ لَمْ يَأْتَهِبْ بِغَيْرِ مَهْرٍ مَا حَظَرَهُ عَلَى غَيْرِهِ
⦗ص: 11⦘
،
13418 -
ثُمَّ جَعَلَ لَهُ فِي اللَّاتِي يَهَبْنَ أَنْفُسَهُنَّ لَهُ أَنْ يَأْتَهِبَ وَيَتْرُكَ، فَقَالَ:{تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ} [الأحزاب: 51]،
13419 -
فَمَنِ ائْتَهَبَ مِنْهُنَّ فَهِيَ زَوْجَةٌ لَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدَهُ، وَمَنْ لَمْ يَأْتَهِبْ فَلَيْسَ يَقَعُ عَلَيْهَا اسْمُ زَوْجَةٍ وَهِيَ تَحِلُّ لَهُ وَلِغَيْرِهِ
13420 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ:" أَنَّ امْرَأَةً وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَامَتْ قِيَامًا طَوِيلًا، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ زَوِّجْنِيهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ بِهَا حَاجَةٌ، فَذَكَرَ أَنَّهُ زَوَّجَهُ إِيَّاهَا "،
13421 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَكَانَ مِمَّا خَصَّ اللَّهُ نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم قَوْلَهُ:
13422 -
{النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} [الأحزاب: 6]،
13423 -
وَقَالَ: {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ
⦗ص: 12⦘
مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا} [الأحزاب: 53]، فَحَرَّمَ نِكَاحَ نِسَائِهِ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى الْعَالَمِينَ، وَلَيْسَ هَكَذَا نِسَاءُ أَحَدٍ غَيْرِهِ،
13424 -
وَقَالَ اللَّهُ: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ} [الأحزاب: 32]، فَأَبَانَهُنَّ بِهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ،
13425 -
وَقَوْلُهُ: {وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} [الأحزاب: 6]، مِثْلُ مَا وَصَفْتُ مِنَ اتِّسَاعِ لِسَانِ الْعَرَبِ، وَأَنَّ الْكَلِمَةَ الْوَاحِدَةَ تَجْمَعُ مَعَانِيَ مُخْتَلِفَةً، وَمِمَّا وَصَفْتُ مِنْ أَنَّ اللَّهَ أَحْكَمَ كَثِيرًا مِنْ فَرَائِضِهِ بِوَحْيِهِ، وَسَنَّ شَرَائِعَ، وَاخْتِلَافُهَا عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم وَفِي فِعْلِهِ،
13426 -
فَقَوْلُهُ: أُمَّهَاتُهُمْ يَعْنِي فِي مَعْنًى دُونَ مَعْنًى، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُمْ نِكَاحُهُنَّ بِحَالٍ، وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ نِكَاحُ بَنَاتٍ لَوْ كُنَّ لَهُنَّ كَمَا يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ نِكَاحُ بَنَاتِ أُمَّهَاتِهِمُ اللَّاتِي وَلَدْنَهُمْ أَوْ أَرْضَعْنَهُمْ،
13427 -
وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَوَّجَ فَاطِمَةَ ابْنَتَهُ وَهُوَ أَبُو الْمُؤْمِنِينَ، وَهِيَ بِنْتُ خَدِيجَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ زَوَّجَهَا عَلِيًّا،
13428 -
وَزَوَّجَ رُقَيَّةَ وَأُمَّ كُلْثُومٍ عُثْمَانَ وَهُوَ بِالْمَدِينَةِ،
13429 -
وَأَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ أُمِّ سَلَمَةَ تَزَوَّجَتْ،
13430 -
وَأَنَّ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ تَزَوَّجَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ،
13431 -
وَأَنَّ طَلْحَةَ تَزَوَّجَ ابْنَتَهُ الْأُخْرَى وَهُمَا أُخْتَا أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ،
13432 -
وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ تَزَوَّجَ حَمْنَةَ بِنْتَ جَحْشٍ، وَهِيَ أُخْتُ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ زَيْنَبَ
⦗ص: 13⦘
،
13433 -
وَلَا يَرِثْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَرِثُوهُنَّ كَمَا يَرِثُونَ أُمَّهَاتِهِمْ وَيَرِثْنَهُنَّ، وَيُشْبِهْنَ أَنْ يَكُنَّ أُمَّهَاتٍ لِعِظَمِ الْحَقِّ عَلَيْهِمْ، مَعَ تَحْرِيمِ نِكَاحِهِنَّ،
13434 -
ثُمَّ بَسَطَ الْكَلَامَ فِي وُقُوعِ اسْمِ الْأُمِّ عَلَى غَيْرِ الْوَالِدَاتِ فِي بَعْضِ الْمَعَانِي
13435 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَأَمَّا مَا سِوَى مَا وَصَفْنَا مِنْ أَنَّ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ عَدَدِ النِّسَاءِ أَكْثَرَ مِمَّا لِلنَّاسِ، وَمَنِ اتَّهَبَ بِغَيْرِ مَهْرٍ، وَمِنْ أَنَّ أَزْوَاجَهُ أُمَّهَاتُهُمْ لَا يَحْلِلْنَ لِأَحَدٍ بَعْدَهُ، وَمَا فِي مِثْلِ مَعْنَاهُ مِنَ الْحُكْمِ بَيْنَ الْأَزْوَاجِ فِيمَا يَحِلُّ مِنْهُنَّ وَيَحْرُمُ بِالْحَادِثِ،
13436 -
فَلَا نَعْلَمُ حَالَ النَّاسِ يُخَالِفُ حَالَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ،
13437 -
فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ يَقْسِمُ لِنِسَائِهِ، فَإِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَهُنَّ فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا، فَهَذَا لِكُلِّ مَنْ لَهُ أَزْوَاجٌ مِنَ النَّاسِ
13438 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ شِهَابٍ يُحَدِّثُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ، فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا»
13439 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: " وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ أَرَادَ فِرَاقَ سَوْدَةَ، فَقَالَتْ: لَا تُفَارِقْنِي وَدَعْنِي، حَتَّى يَحْشُرَنِي اللَّهُ فِي أَزْوَاجِكَ، وَأَنَا أَهَبُ يَوْمِي وَلَيْلَتِي لِأُخْتِي عَائِشَةَ "
13440 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: " وَقَدْ فَعَلَتِ ابْنَةُ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ شَبِيهًا بِهَذَا حِينَ أَرَادَ زَوْجُهَا طَلَاقَهَا، وَنَزَلَ فِيهَا ذِكْرٌ فِي ذَلِكَ: وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا " الْآيَةَ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ - يَعْنِي - بِقِصَّةِ ابْنَةِ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ
13441 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ لَكَ فِي أُخْتِي ابْنَةِ أَبِي سُفْيَانَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«فَأَفْعَلُ مَاذَا؟» قَالَتْ: تَنْكِحُهَا قَالَ: «أُخْتُكِ؟» قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ:«أَوَتُحِبِّينَ ذَلِكَ؟» قَالَتْ: نَعَمْ، لَسْتُ لَكَ بِمُخْلِيَةٍ، وَأَحَبُّ مَنْ شَرِكَنِي فِي خَيْرٍ أُخْتِي قَالَ:«فَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ لِي» ، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَقَدْ أُخْبِرْتُ أَنَّكَ تَخْطُبُ ابْنَةَ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: «ابْنَةُ أُمِّ سَلَمَةَ؟» قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ:«فَوَاللَّهِ، لَوْ لَمْ تَكُنْ رَبِيبَتِي فِي حِجْرِي مَا حَلَّتْ لِي، إِنَّهَا لَابْنَةُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ، أَرْضَعَتْنِي، وَأَبَاهَا ثُوَيْبَةُ، فَلَا تَعْرِضْنَ عَلَيَّ بَنَاتِكُنَّ وَلَا أَخَوَاتِكُنَّ»
⦗ص: 15⦘
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَسَنِ، وَأَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، فَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ وَهُوَ مُخَرَّجٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ
بَابُ التَّرْغِيبِ فِي النِّكَاحِ
13442 -
أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، إِجَازَةً أَنَّ أَبَا الْعَبَّاسِ حَدَّثَهُمْ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي التَّرْغِيبِ فِي النِّكَاحِ: لِمَنْ تَاقَتْ نَفْسُهُ إِلَيْهِ أُحِبُّ لَهُ ذَلِكَ؛
⦗ص: 17⦘
13443 -
لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِهِ وَنَدَبَ إِلَيْهِ وَجَعَلَ فِيهِ أَسْبَابَ مَنَافِعَ، فَقَالَ:{وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا} [الأعراف: 189]،
13444 -
وَقَالَ: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً} [النحل: 72]،
13445 -
فَقِيلَ: إِنَّ الْحَفَدَةَ: الْأَصْهَارُ،
13446 -
وَقَالَ: {فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا} [الفرقان: 54]
13447 -
قَالَ أَحْمَدُ: رُوِّينَا تَفْسِيرَ الْحَفَدَةَ هَذَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ
13448 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَبَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «تَنَاكَحُوا تَكْثُرُوا فَإِنِّي أُبَاهِي بِكُمُ الْأُمَمَ حَتَّى بِالسَّقْطِ» ،
13449 -
وَبَلَغَنَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ أَحَبَّ فِطْرَتِي فَلْيَسْتَنَّ بِسُنَّتِي، وَمِنْ سُنَّتِي النِّكَاحُ» ،
13450 -
وَبَلَغَنَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ مَاتَ لَهُ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ لَمْ تَمَسَّهُ النَّارُ» ،
13451 -
وَيُقَالُ: إِنَّ الرَّجُلَ لَيُرْفَعَ بِدُعَاءِ وَلَدِهِ مِنْ بَعْدِهِ
⦗ص: 18⦘
،
13452 -
وَبَلَغَنَا أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: " مَا رَأَيْتُ مِثْلَ مَنْ تَرَكَ النِّكَاحَ بَعْدَ هَذِهِ الْآيَةِ: {إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور: 32] "
13453 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَأَصَحُّ مَا وَرَدَ فِي التَّرْغِيبِ فِي النِّكَاحِ مَا أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ هُوَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ الزَّعْفَرَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ: كُنْتُ أَمْشِي مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فَلَقِيَهُ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ بِمِنًى، فَجَعَلَ يُحَدِّثُهُ، فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَلَا نُزَوِّجُكَ جَارِيَةً شَابَّةً لَعَلَّهَا تُذَكِّرُكَ بَعْضَ مَا مَضَى مِنْ زَمَانِكَ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: أَمَا لَئِنْ قُلْتَ ذَاكَ، لَقَدْ قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّ الصَّوْمَ لَهُ وِجَاءٌ» أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُعَاوِيَةَ، وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ الْأَعْمَشِ
13454 -
وَرُوِّينَا فِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَكِنِّي أُصَلِّي وَأَنَامُ، وَأَصُومُ وَأَفْطِرُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي»
13455 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ أَحَبَّ فِطْرَتِي فَلْيَسْتَنَّ بِسُنَّتِي، وَمِنْ سُنَّتِي النِّكَاحُ»
13456 -
هَذَا مُرْسَلٌ
13457 -
وَرُوِي عَنْ أَبِي حُرَّةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
13458 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْمُسْتَلِمُ بْنُ سَعِيدٍ، وَهُوَ فِيمَا بَلَغَنِي ابْنُ أُخْتِ مَنْصُورِ بْنِ زَاذَانَ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ زَاذَانَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً ذَاتَ حَسَبٍ وَمَنْصِبٍ إِلَّا أَنَّهَا لَا تَلِدُ، فَنَهَاهُ، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ فَنَهَاهُ، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّالِثَةَ فَقَالَ:«تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ»
13459 -
أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْعَدْلُ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمُزَكِّي قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا يَمُوتُ لِأَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ فَتَمَسَّهُ النَّارُ إِلَّا تَحِلَّةَ الْقَسَمِ»
13460 -
وَبِإِسْنَادِهِ قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ كَانَ يَقُولُ:«إِنَّ الرَّجُلَ لَيُرْفَعُ بِدُعَاءِ وَلَدِهِ مِنْ بَعْدِهِ» ، وَقَالَ: بِيَدَيْهِ نَحْوَ السَّمَاءِ يَرْفَعُهُمَا
13461 -
قَالَ أَحْمَدُ: الْحَدِيثُ مَرْفُوعٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مُخَرَّجٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ
13462 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ يَعْقُوبَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" إِنَّ الْعَبْدَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَيُرْفَعُ لَهُ الدَّرَجَةُ لَا يَعْرِفُهَا فَيَقُولُ: يَا رَبِّ أَنَّى لِي هَذَا؟ فَيُقَالُ لَهُ: هَذَا بِاسْتِغْفَارِ ابْنِكَ لَكَ "،
13463 -
تَابَعَهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَاصِمٍ
13464 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَرَادَ أَنْ لَا يَنْكِحَ، فَقَالَتْ لَهُ حَفْصَةُ:«تَزَوَّجْ فَإِنْ وُلِدَ لَكَ وَلَدٌ فَعَاشَ مِنْ بَعْدِكِ دَعَوْا لَكَ»
13465 -
وَفِي كِتَابِ الْقَدِيمِ رِوَايَةُ الزَّعْفَرَانِيِّ، عَنِ الشَّافِعِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ قَالَ: قَالَ لِي طَاوُسٌ: لَتَنْكِحَنَّ أَوْ لَأَقُولَنَّ لَكَ مَا قَالَ عُمَرُ لِأَبِي الزَّوَائِدِ قَالَ: قُلْتُ: وَمَا قَالَ عُمَرُ لِأَبِي الزَّوَائِدِ؟ قَالَ: قَالَ لَهُ: «مَا يَمْنَعُكَ مِنَ النِّكَاحِ إِلَّا عَجْزٌ أَوْ فُجُورٌ»
13466 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ الرَّبِيعِ فِيمَنْ لَمْ تَتُقْ نَفْسُهُ إِلَى النِّكَاحِ: لَا أَرَى بَأْسًا أَنْ يَدَعَ النِّكَاحَ، بَلْ أُحِبُّ ذَلِكَ، وَأَنْ يَتَخَلَّى لِعِبَادَةِ اللَّهِ،
13467 -
وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ عز وجل الْقَوَاعِدَ مِنَ النِّسَاءِ فَلَمْ يَنْهَهُنَّ عَنِ الْقُعُودِ، وَلَمْ يَنْدِبْهُنَّ إِلَى نِكَاحٍ،
13468 -
وَذَكَرَ عَبْدًا أَكْرَمَهُ، فَقَالَ:{وَسَيِّدًا وَحَصُورًا} [آل عمران: 39]،
13469 -
وَالْحَصُورُ: الَّذِي لَا يَأْتِي النِّسَاءَ، وَلَمْ يُنْدِبْهُ إِلَى نِكَاحٍ
13470 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَقَدْ رُوِّينَا هَذَا التَّفْسِيرَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ،
13471 -
وَابْنِ عَبَّاسٍ،
13472 -
وَمُجَاهِدٍ،
13473 -
وَعِكْرِمَةَ
13474 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ فِي نَظَرِ الرَّجُلِ إِلَى الْمَرْأَةِ يُرِيدُ أَنْ يَتَزَوَّجُهَا قَالَ: «يَنْظُرُ إِلَى وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا وَهِيَ مُتَغَطِّيَةٌ، وَلَا يَنْظُرُ إِلَى مَا وَرَاءِ ذَلِكَ»
13475 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَهَذَا لِمَا رُوِّينَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنَ الْأَنْصَارِ:«أَنَظَرْتَ إِلَيْهَا؟» قَالَ: لَا، قَالَ:«فَاذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا، فَإِنَّ فِي أَعْيُنِ الْأَنْصَارِ شَيْئًا»
13476 -
وَرُوِّينَا عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: أَرَادَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«اذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا» قَالَ: فَنَظَرْتُ إِلَيْهَا، فَذَكَرَ مِنْ مُوَافَقَتِهَا أَخْبَرَنَاهُ أَبُو مُحَمَّدٍ السُّكَّرِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ الصَّفَّارُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، فَذَكَرَهُ،
13477 -
وَرَوَاهُ أَيْضًا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ الْمُغِيرَةِ
13478 -
وَرُوِّينَا عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«إِذَا خَطَبَ أَحَدُكُمُ امْرَأَةً فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَنْظُرَ مِنْهَا إِلَى بَعْضِ مَا يَدْعُوهُ إِلَى نِكَاحِهَا فَلْيَفْعَلْ» قَالَ
⦗ص: 23⦘
: فَخَطَبْتُ جَارِيَةً مِنْ بَنِي سَلَمَةَ، فَكُنْتُ أَتَخَبَّأُ لَهَا حَتَّى رَأَيْتُ مِنْهَا مَا دَعَانِي إِلَى نِكَاحِهَا
13479 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: يَنْظُرُ إِلَى وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا وَلَا يَنْظُرُ إِلَى مَا وَرَاءِ ذَلِكَ
13480 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَهَذَا لِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ يَقُولُ: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهْرَ مِنْهَا} [النور: 31]،
13481 -
قِيلَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَغَيْرِهِ: وَهُوَ الْوَجْهُ وَالْكَفَّانِ،
13482 -
وَقَدْ مَضَى ذِكْرُهُ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ، وَذَكَرْنَا فِيهِ مَا يُشَيِّدُهُ،
13483 -
وَأَمَّا النَّظَرُ بِغَيْرِ سَبَبٍ مُبِيحٍ لِغَيْرِ مَحْرَمٍ فَالْمَنْعُ مِنْهُ ثَابِتٌ بِآيَةِ الْحِجَابِ،
13484 -
وَلَا يَجُوزُ لَهُنَّ أَنْ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِلْمَذْكُورِينَ فِي الْآيَةِ مِنْ ذَوِي الْمَحَارِمِ،
13485 -
وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى مَعَهُمْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ
13486 -
وَرُوِّينَا عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ فِي قِصَّةِ فَاطِمَةَ وَسَتْرِهَا رَأْسَهَا، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهَا:«إِنَّهُ لَيْسَ عَلَيْكِ بَأْسٌ إِنَّمَا هُوَ أَبُوكِ وَغُلَامُكِ» ، يَعْنِي: عَبْدًا لَهَا،
13487 -
وَذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى مَعَهُمْ: {التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ} [النور: 31]،
13488 -
وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: «هُوَ الرَّجُلُ يَتْبَعُ الْقَوْمَ وَهُوَ مُغَفَّلٌ فِي عَقْلِهِ لَا يَكْتَرِثُ لِلنِّسَاءِ وَلَا يَشْتَهِيهِنَّ»
⦗ص: 24⦘
،
13489 -
وَعَنِ الْحَسَنِ: هُوَ الَّذِي لَا عَقْلَ لَهُ وَلَا يَشْتَهِي النِّسَاءَ وَلَا تَشْتَهِيهِ النِّسَاءُ،
13490 -
وَقَالَ فِي الْآيَةِ: {أَوْ نِسَائِهِنَّ} [النور: 31]
13491 -
وَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ:«أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ نِسَاءً مِنْ نِسَاءِ الْمُسْلِمِينَ يَدْخُلْنَ الْحَمَّامَاتِ وَمَعَهُنَّ نِسَاءُ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَامْنَعْ ذَلِكَ وَحُلْ دُونَهُ» ،
13492 -
وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: «فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يُنْظَرَ إِلَى عَوْرَتِهَا إِلَّا أَهْلُ مِلَّتِهَا»
13493 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَهَذَا فِي الْعَوْرَةِ الْمُحَقَّقَةِ، وَالَّذِي يُؤَكِّدُهُ مَا رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ قَالَ: لَا تَضَعُ الْمُسْلِمَةُ خِمَارَهَا عِنْدَ مُشْرِكَةٍ وَلَا تُقَبِّلُهَا؛ لِأَنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {أَوْ نِسَائِهِنَّ} [النور: 31]
13494 -
قَالَ أَحْمَدُ: فَأَمَّا فِي الْعَوْرَةِ الْمُغَلَّظَةِ فَفِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا يَنْظُرُ الرَّجُلُ إِلَى عُرْيَةِ الرَّجُلِ، وَلَا تَنْظُرُ الْمَرْأَةُ إِلَى عُرْيَةِ الْمَرْأَةِ، وَلَا يُفْضِي الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ فِي ثَوْبِ وَاحِدٍ، وَلَا تُفْضِي الْمَرْأَةُ إِلَى الْمَرْأَةِ فِي ثَوْبٍ»
⦗ص: 25⦘
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الضَّحَّاكُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. . . . فَذَكَرَهُ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ، وَغَيْرِهِ عَنِ ابْنِ أَبِي فُدَيْكٍ،
13495 -
وَهَذَا عَامٌ فِي جَمِيعِ النِّسَاءِ
13496 -
وَرُوِّينَا فِي نَهْيِ الْمَرْأَةِ عَنِ النَّظَرِ إِلَى الْأَجْنَبِيِّ حَدِيثَ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ نَبْهَانَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَعِنْدَهُ مَيْمُونَةُ فَأَقْبَلَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ أُمِرْنَا بِالْحِجَابِ فَدَخَلَ عَلَيْنَا، فَقَالَ:«احْتَجِبَا» ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَيْسَ أَعْمَى وَلَا يُبْصِرُنَا؟ فَقَالَ: «أَفَعَمْيَاوَانِ أَنْتُمَا أَلَسْتُمَا تُبْصِرَانِهِ»
13497 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَأَمَّا إِذَا وَقَعَ بَصَرُهُ عَلَى مَنْ لَا يَجُوزُ لَهُ النَّظَرُ إِلَيْهِ فَإِنَّهُ يَفْعَلُ بِهِ مَا فَعَلَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَذَلِكَ فِيمَا
13498 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ هَانِئٍ قَالَ: حَدَّثَنَا السَّرِيُّ بْنُ خُزَيْمَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ جَرِيرٍ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ نَظَرِ الْفَجْأَةِ، «فَأَمَرَنِي أَنْ أَصْرِفَ بَصَرِي» ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ وَكِيعٍ عَنِ الثَّوْرِيِّ
لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ
13499 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى
⦗ص: 27⦘
13500 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: زَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْقُرْآنِ أَنَّ مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ كَانَ زَوَّجَ أُخْتًا لَهُ ابْنَ عَمٍّ لَهُ، فَطَلَّقَهَا، ثُمَّ أَرَادَ الزَّوْجُ وَأَرَادَتْ نِكَاحَهُ بَعْدَ مُضِيِّ عِدَّتِهَا فَأَبَى مَعْقِلٌ، وَقَالَ: زَوَّجْتُكَ وَآثَرْتُكَ عَلَى غَيْرِكَ فَطَلَّقْتَهَا لَا أُزَوِّجُكَهَا أَبَدًا، فَنَزَلَ:{إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ} [الطلاق: 1] يَعْنِي الْأَزْوَاجَ، {فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} [البقرة: 232] فَانْقَضَى أَجَلُهُنَّ، يَعْنِي: عِدَّتُهُنَّ، {فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ} [البقرة: 232] يَعْنِي: أَوْلِيَاءَهُنْ، {أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} [البقرة: 232]، إِنْ طَلَّقُوهُنَّ وَلَمْ يَبِتُّوا طَلَاقَهُنَّ
13501 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَمَا أَشْبَهَ يَعْنِي مَا قَالُوا مِنْ هَذَا بِمَا قَالُوا؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يُؤْمَرُ أَنْ لَا يَعْضُلَ الْمَرْأَةَ مَنْ لَهُ سَبَبٌ إِلَى الْعَضْلِ بِأَنْ يَكُونَ يَتِمُّ بِهِ نِكَاحُهَا مِنَ الْأَوْلِيَاءِ
13502 -
قَالَ: وَهَذَا أَبْيَنُ مَا فِي الْقُرْآنِ مِنْ أَنَّ لِلْوَلِيِّ مَعَ الْمَرْأَةِ فِي نَفْسِهَا حَقًّا، وَأَنَّ عَلَى الْوَلِيِّ أَنْ لَا يَعْضُلَهَا إِذَا رَضِيَتِ أَنْ تُنْكَحَ بِالْمَعْرُوفِ
13503 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ فُورَكٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْأَصْبَهَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ
⦗ص: 28⦘
: حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ رَاشِدٍ، وَالْمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ عَبَّادٌ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ: حَدَّثَنِي مَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ قَالَ: كَانَتْ لِي أُخْتٌ تُخْطَبُ إِلَيَّ وَأَمْنَعُهَا النَّاسَ، حَتَّى أَتَانِي ابْنُ عَمٍّ لِي فَخَطَبَهَا إِلَيَّ فَزَوَّجْتُهَا إِيَّاهُ، فَاصْطَحَبَا مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَصْطَحِبَا، ثُمَّ طَلَّقَهَا طَلَاقًا لَهُ عَلَيْهَا رَجْعَةٌ، ثُمَّ تَرَكَهَا حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، ثُمَّ جَاءَنِي يَخْطُبُهَا مَعَ الْخُطَّابِ، فَقُلْتُ:«يَا لُكَعُ، خُطِبَتِ إِلَيَّ أُخْتِي فَمَنَعْتُهَا النَّاسَ وَخَطَبْتَهَا إِلَيَّ فَآثَرْتُكَ بِهَا، وَأَنْكَحْتُكَ فَطَلَّقْتَهَا، ثُمَّ لَمْ تَخْطُبْهَا حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، فَلَمَّا جَاءَنِي الْخُطَّابُ يَخْطُبُونُهَا جِئْتَ تَخْطُبُهَا، لَا وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَا أَنْكِحُكَهَا أَبَدًا» قَالَ: فَقَالَ مَعْقِلٌ: " فَفِيَّ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 232] " قَالَ: " وَعَلِمَ اللَّهُ تبارك وتعالى حَاجَتَهَا إِلَيْهِ وَحَاجَتَهُ إِلَيْهَا، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: فَقُلْتُ: سَمْعًا وَطَاعَةً فَزَوَّجْتُهَا إِيَّاهُ وَكَفَّرْتُ يَمِينِي " أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي عَامِرٍ الْعَقَدِيِّ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ رَاشِدٍ
13504 -
وَفِيهِ الدَّلَالَةُ الْوَاضِحَةُ عَلَى حَاجَتِهَا إِلَى الْوَلِيِّ الَّذِي هُوَ غَيْرُهَا فِي تَزْوِيجِهَا، وَمَنْ حَمَلَ عَضْلَ مَعْقِلٍ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يُزَهِّدُهَا فِي الْمُرَاجَعَةِ فَمُنِعَ مِنْ ذَلِكَ كَانَ ظَالِمًا لِنَفْسِهِ فِي حَمْلِ كِتَابِ اللَّهِ عز وجل عَلَى غَيْرِ وَجْهِهِ، فَلَا عَضْلَ فِي التَّزْهِيدِ إِذَا كَانَ لَهَا التَّزْوِيجُ دُونَهُ، وَلَا فَائِدَةَ فِي يَمِينِهِ لَوْ كَانَ لَهَا التَّزْوِيجُ دُونَهُ وَلَا حَاجَةَ إِلَى الْحِنْثِ وَالتَّكْفِيرِ، وَلَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بِهِ دُونَ تَزْوِيجِهِ
⦗ص: 29⦘
13505 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: وَجَاءَتِ السُّنَّةُ بِمِثْلِ مَعْنَى كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ
13506 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمٌ، وَسَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ، وَعَبْدُ الْمَجِيدِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ نُكِحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، وَإِنْ أَصَابَهَا فَلَهَا الصَّدَاقُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا»
13507 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَالَ بَعْضُهُمْ فِي الْحَدِيثِ: «فَإِنِ اشْتَجَرُوا» ، وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْهُمْ:«فَإِنِ اخْتَلَفُوا فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ»
13508 -
قُلْتُ: هَذَا حَدِيثٌ رَوَاهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، عَنِ الزُّهْرِيِّ وَكُلُّهُمْ ثِقَةٌ حَافَظٌ
⦗ص: 30⦘
13509 -
وَرُوِّينَا عَنْ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ لِيَ الزُّهْرِيُّ: إِنَّ مَكْحُولًا يَأْتِينَا، وَسُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى، وَايْمُ اللَّهِ، إِنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ مُوسَى لَأَحْفَظُ الرَّجُلَيْنِ،
13510 -
وَرُوِّينَا عَنْ عُثْمَانَ الدَّارِمِيِّ أَنَّهُ قَالَ: قُلْتُ لِيَحْيَى بْنِ مَعِينٍ: فَمَا حَالُ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى فِي الزُّهْرِيِّ؟ فَقَالَ: ثِقَةٌ،
13511 -
وَالْعَجَبُ أَنَّ بَعْضَ مَنْ يُسَوِّي الْأَخْبَارَ عَلَى مَذْهَبِهِ يَحْكِي أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَأَنْكَرَهُ، ثُمَّ يَرْوِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عِمْرَانَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ، عَنِ ابْنِ عُلَيَّةَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ، وَلَوْ ذَكَرَ حِكَايَةَ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ فِي هَذَا عَلَى وَجْهِهَا عَلِمَ أَصْحَابُهُ أَنْ لَا مَغْمَزَ فِي رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ بِهَذِهِ الْحِكَايَةِ فَاخْتَصَرَهَا وَلَمْ يَذْكُرْهَا عَلَى الْوَجْهِ، وَنَحْنُ نَذْكُرُهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَلَى الْوَجْهِ
⦗ص: 31⦘
13512 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ الْمُزَكِّي يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ مُحَمَّدَ بْنَ هَارُونَ يَقُولُ: سَمِعْتُ جَعْفَرًا الطَّيَالِسِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ، يُوهِنُ رِوَايَةَ ابْنِ عُلَيَّةَ، عَنِ ابْنِ جَرِيحٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَنَّهُ أَنْكَرَ مَعْرِفَةَ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، وَقَالَ: لَمْ يَذْكُرْهُ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، غَيْرُ ابْنِ عُلَيَّةَ، وَإِنَّمَا سَمِعَ ابْنُ عُلَيَّةَ، مِنِ ابْنِ جُرَيْجٍ سَمَاعًا لَيْسَ بِذَاكَ، إِنَّمَا صَحَّحَ كُتُبَهُ عَلَى كُتُبِ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَضَعَّفَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ رِوَايَةَ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ جِدًّا
13513 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَبِمَعْنَاهُ رَوَاهُ عَبَّاسٌ الدُّورِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ، وَقَالَ يَحْيَى فِي رِوَايَةِ الدُّورِيِّ عَنْهُ: لَيْسَ يَصِحُّ فِي هَذَا شَيْءٌ إِلَّا حَدِيثُ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى،
13514 -
وَقَالَ فِي رِوَايَةِ مِنْدَلٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، هَذَا حَدِيثٌ لَيْسَ بِشَيْءٍ، فَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ إِنَّمَا ضَعَّفَ رِوَايَةَ مِنْدَلٍ، وَصَحَّحَ رِوَايَةَ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى،
13515 -
وَقَدْ ذَكَرْنَا رِوَايَةَ الدُّورِيِّ عَنْهُ بِإِسْنَادِهِ فِي كِتَابِ السُّنَنِ،
13516 -
وَرُوِّينَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، أَنَّهُ ضَعَّفَ أَيْضًا حِكَايَةَ ابْنِ عُلَيَّةَ هَذِهِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ وَقَالَ: إِنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ لَهُ كُتُبٌ مُدَوَّنَةٌ وَلَيْسَ هَذَا فِي كُتُبِهِ،
13517 -
فَهَذَانِ إِمَامَانِ فِي الْحَدِيثِ، وَهَّنَا هَذِهِ الْحِكَايَةَ وَلَمْ يُثْبِتَاهَا مَعَ مَا فِي مَذَاهِبِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ مِنْ وُجُوبِ قَبُولِ خَبَرِ الصَّادِقِ وَإِنْ نَسِيَهُ مَنْ أَخْبَرَهُ عَنْهُ،
13518 -
وَالْمُحْتَجُّ بِحِكَايَةِ ابْنِ عُلَيَّةَ فِي رَدِّ هَذِهِ السُّنَّةِ يَحْتَجُّ فِي مَسْأَلَةِ الْوَقْفِ بِرِوَايَةِ ابْنِ لَهِيعَةَ وَحْدِهِ، وَفِي غَيْرِ مَوْضِعٍ بِرِوَايَةِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأَةَ وَحْدِهِ، ثُمَّ يَرُدُّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ رِوَايَةَ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَ رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ سُلَيْمَانَ
⦗ص: 32⦘
وَذَلِكَ فِيمَا:،
13519 -
أَخْبَرَنَاهُ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ. . . فَذَكَرَهُ بِمَعْنَاهُ
13520 -
وَقَالَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْهُ بِإِسْنَادِهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ» ،
13521 -
وَيَرُدُّ رِوَايَةَ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ مِثْلُ ذَلِكَ، فَيَقْبَلُ رِوَايَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُنْفَرِدَةً إِذَا وَافَقَتْ مَذْهَبَهُ، وَلَا يَقْبَلُ رِوَايَتَهُمَا مُجْتَمِعَةً إِذَا خَالَفَتْ مَذْهَبَهُ، وَمَعَهُمَا رِوَايَةُ فَقِيهٍ مِنْ فُقَهَاءِ الشَّامِ ثِقَةٍ يَشْهَدَ لِرِوَايَتِهِمَا مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِالصِّحَّةِ وَاللَّهُ يُوَفِّقُنَا لِمُتَابَعَةِ السُّنَّةِ وَتَرْكِ الْمَيْلِ إِلَى الْهَوَى بِفَضْلِهِ وَرَحْمَتِهِ
13522 -
وَعَلَّلَ حَدِيثَ عَائِشَةَ هَذَا بِشَيْءٍ آخَرَ وَهُوَ مَا أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ الْمِهْرَجَانِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا زَوَّجَتْ حَفْصَةَ بِنْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مِنَ الْمُنْذِرِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ غَائِبٌ بِالشَّامِ، فَلَمَّا قَدِمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ: وَمِثْلِي يُصْنَعُ هَذَا بِهِ وَمِثْلِي يُفْتَاتُ عَلَيْهِ؟ فَكَلَّمَتْ عَائِشَةُ الْمُنْذِرَ بْنَ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ الْمُنْذِرُ: فَإِنَّ ذَلِكَ بِيَدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ:«مَا كُنْتُ لِأَرُدَّ أَمْرًا قَضَيْتِيهِ» ، فَقَرَّتْ حَفْصَةُ عِنْدَ الْمُنْذِرِ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ طَلَاقًا
⦗ص: 33⦘
13523 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَنَحْنُ نَحْمِلُ هَذَا عَلَى أَنَّهَا مَهَّدَتْ أَسْبَابَ تَزْوِيجِهَا، ثُمَّ أَشَارَتْ عَلَى مَنْ وَلِيَ أَمَرَهَا عِنْدَ غِيبَةِ أَبِيهَا حَتَّى عَقَدَ النِّكَاحَ، وَإِنَّمَا أُضِيفَ النِّكَاحُ إِلَيْهَا لِاخْتِيَارِهَا ذَلِكَ، وَإِذْنِهَا فِيهِ وَتَمْهِيدِهَا أَسْبَابَهُ
13524 -
وَالَّذِي يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ هَذَا التَّأْوِيلِ، مَا أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَتْ عَائِشَةُ تُخْطَبُ إِلَيْهَا الْمَرْأَةُ مِنْ أَهْلِهَا فَتَشْهَدُ، فَإِذَا بَقِيَتْ عُقْدَةُ النِّكَاحِ قَالَتْ لِبَعْضِ أَهْلِهَا:«زَوِّجْ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَلِي عُقْدَةَ النِّكَاحِ»
13525 -
رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ قَالَ: لَا أَعْلَمُهُ إِلَّا عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَتْ عَائِشَةُ فَذَكَرَ مَعْنَى هَذِهِ الْقِصَّةَ، وَقَالَ: فَإِذَا لَمْ يَبْقَ إِلَّا النِّكَاحُ قَالَتْ: «يَا فُلَانُ أَنْكِحْ، فَإِنَّ النِّسَاءَ لَا يَنْكِحْنَ» ،
13526 -
وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى وَقَالَتْ: «لَيْسَ إِلَى النِّسَاءِ النِّكَاحُ» ،
13527 -
فَإِذَا كَانَ هَذَا مَذْهَبُهَا وَرَاوِي الْحَدِيثَيْنِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ، عَلِمْنَا أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ:«زَوَّجَتْ عَائِشَةُ حَفْصَةَ بِنْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَا ذَكَرْنَا» ، وَإِذَا كَانَ مَحْمُولًا عَلَى مَا ذَكَرْنَا لَمْ يُخَالِفْ مَا رَوَتْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا فِي الْمَسْأَلَةِ بِمَا
13528 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّغَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَا: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ»
⦗ص: 34⦘
13529 -
وَهَذَا حَدِيثٌ أَسْنَدَهُ إِسْرَائِيلُ بْنُ يُونُسَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، وَتَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ: شَرِيكٌ الْقَاضِي، وَقَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ، وَأَرْسَلَهُ سُفْيَانُ، وَشُعْبَةُ
⦗ص: 35⦘
،
13530 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ بْنَ مَنْصُورٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا مُوسَى يَقُولُ: كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ يُثَبِّتُ حَدِيثَ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ يَعْنِي فِي النِّكَاحِ بِغَيْرِ وَلِيٍّ
13531 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَفِي كِتَابِ ابْنِ عَدِيٍّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إِسْرَائِيلُ فِي أَبِي إِسْحَاقَ أَثْبَتُ مِنْ شُعْبَةَ وَالثَّوْرِيُّ فِي أَبِي إِسْحَاقَ، وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَقُولُ: قَالَ عِيسَى بْنُ يُونُسَ: إِسْرَائِيلُ يَحْفَظُ حَدِيثَ أَبِي إِسْحَاقَ كَمَا يَحْفَظُ الرَّجُلُ السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ،
13532 -
وَقَالَ حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ: قُلْنَا لِشُعْبَةَ: حَدِّثْنَا أَحَادِيثَ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: سَلُوا عَنْهَا إِسْرَائِيلَ فَإِنَّهُ أَثْبَتُ فِيهَا مِنِّي،
13533 -
وَرُوِّينَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ أَنَّهُ قَالَ: حَدِيثُ إِسْرَائِيلَ صَحِيحٌ فِي: لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ، وَسُئِلَ عَنْهُ الْبُخَارِيُّ فَقَالَ: الزِّيَادَةُ مِنَ الثِّقَةِ مَقْبُولَةٌ وَإِسْرَائِيلُ ثِقَةٌ، وَإِنْ كَانَ شُعْبَةُ وَالثَّوْرِيُّ أَرْسَلَاهُ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَضِيرُ الْحَدِيثَ
⦗ص: 36⦘
،
13534 -
وَهَذِهِ الْحِكَايَاتُ بِأَسَانِيدِهِنَّ مُخَرَّجَاتٌ فِي كِتَابِ السُّنَنِ وَقَدْ وَقَفْنَا عَلَى كَيْفِيَّةِ سَمَاعِ سُفْيَانَ وَشُعْبَةَ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ أَبِي إِسْحَاقَ
وَذَلِكَ فِيمَا أَخْبِرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَنْصُورٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ سُفْيَانَ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا كَامِلٍ الْفَضْلَ بْنَ الْحُسَيْنِ يَقُولُ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، عَنْ شُعْبَةَ قَالَ: قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، لِأَبِي إِسْحَاقَ: سَمِعْتُ أَبَا بُرْدَةَ يُحَدِّثُ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ» قَالَ: نَعَمْ قَالَ الْحَسَنُ: وَلَوْ قَالَ: عَنْ أَبِيهِ، لَقَالَ: نَعَمْ
13535 -
قَالَ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ فِي كِتَابِ «الْعِلَلِ» : حَدِيثُ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عِنْدِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَصَحُّ، وَإِنْ كَانَ سُفْيَانُ وَشُعْبَةُ لَا يُذْكَرَانِ فِيهِ عَنْ أَبِي مُوسَى؛ لِأَنَّهُ قَدْ دَلَّ فِي حَدِيثِ شُعْبَةَ أَنَّ سَمَاعَهُمَا جَمِيعًا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، وَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ رَوَوْا عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى سَمِعُوا فِي أَوْقَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ
13536 -
قَالَ: وَيُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ قَدْ رَوَى هَذَا، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى،
13537 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَرُوِي عَنْ يُونُسَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ نَفْسِهِ، عَنْ أَبِي مُوسَى، وَسَمَاعُهُ مِنْ أَبِي بُرْدَةَ صَحِيحٌ
13538 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ، وَسَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عِكْرِمَةُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ: «جَمَعَتِ الطَّرِيقَ رُفْقَةً فِيهِمُ امْرَأَةٌ ثَيِّبٌ، فَوَلَّتْ رَجُلًا مِنْهُمْ أَمْرَهَا، فَزَوَّجَهَا رَجُلًا، فَجَلَدَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ النَّاكِحَ، وَالْمُنْكِحَ، وَرَدَّ نِكَاحَهَا»
⦗ص: 37⦘
13539 -
وَرَوَاهُ الزَّعْفَرَانِيُّ، عَنِ الشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ فَقَالَ: عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ، وَهُوَ أَصَحُّ،
13540 -
كَذَلِكَ رَوَاهُ رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ
13541 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَعْبَدِ بْنِ عُمَيْرٍ، أَنَّ عُمَرَ «رَدَّ نِكَاحَ امْرَأَةٍ نُكِحَتْ بِغَيْرِ وَلِيٍّ»
13542 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو سَعِيدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ ابْنَ الْمُسَيِّبِ كَانَ يَقُولُ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: «لَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ إِلَّا بِإِذْنِ وَلِيِّهَا، أَوْ ذِي الرَّأْيِ مِنْ أَهْلِهَا، أَوِ السُّلْطَانِ»
13543 -
وَهَذَا قَدْ رَوَاهُ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ
13544 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِيمَا بَلَغَهُ، عَنْ وَكِيعٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ، أَنَّهُ وَجَدَ فِي كِتَابِ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيٍّ، «أَنْ لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ، فَإِذَا بَلَغَ الْحِقَاقَ النَّصُّ فَالْعَصَبَةُ أَحَقُّ»
⦗ص: 38⦘
13545 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَبِهَذَا نَقُولُ لِأَنَّهُ يُوَافِقُ مَا رُوِّينَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
13546 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَهَذَا أَصَحُّ مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ فِي هَذَا وَلَهُ شَوَاهِدُ،
13547 -
وَلَا يَصِحُّ عَنْهُ مَا رَوَاهُ أَبُو قَيْسٍ الْأَوْدِيُّ فِي إِجَازَةِ نِكَاحِ الْخَالِ، أَوِ الْأُمِّ بِالدُّخُولِ لِضَعْفِهِ وَالِاخْتِلَافِ عَلَيْهِ فِي إِسْنَادِهِ وَمَتْنِهِ
13548 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:«لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ مُرْشِدٍ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ»
13549 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:«لَا تُنْكِحُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ، فَإِنَّ الْبَغِيَّ إِنَّمَا تُنْكِحُ نَفْسَهَا» هَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ
13550 -
وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ الْمُحَارِبِيُّ، عَنْ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ
⦗ص: 39⦘
، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تُنْكِحُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ، وَلَا تُنْكِحُ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا» ، وَكَانَ يَقُولُ:«الَّتِي تُنْكِحُ نَفْسَهَا هِيَ زَانِيَةٌ» أَخْبَرَنَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَارِثِ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ مَنْدَهْ قَالَ: حَدَّثَنَا هَنَّادٌ قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُحَارِبِيُّ، فَذَكَرَهُ،
13551 -
وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنْ مَخْلَدِ بْنِ حُسَيْنٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ الْعُقَيْلِيِّ، عَنْ هِشَامٍ مَرْفُوعًا
13552 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ، وَعَبْدُ الْمَجِيدِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: نُكِحَتِ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي بَكْرِ بْنِ كِنَانَةَ يُقَالُ لَهَا ابْنَةُ أَبِي ثُمَامَةَ، عُمَرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُضَرِّسٍ، فَكَتَبَ عَلْقَمَةُ بْنُ عَلْقَمَةَ الْعُتْوَارِيُّ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ - إِذْ هُوَ وَالٍ بِالْمَدِينَةِ -: إِنِّي وَلِيُّهَا، وَإِنَّهَا نُكِحَتْ بِغَيْرِ أَمْرِي، «فَرَدَّهُ عُمَرُ وَقَدْ أَصَابَهَا»
13553 -
وَرُوِّينَا فِي ذَلِكَ عَنِ الْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ مِنَ التَّابِعِينَ،
13554 -
وَاحْتَجَّ بَعْضُ مَنْ نَصَرَ مَذْهَبَهُمْ بِتَزْوِيجِ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ أُمَّهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ صَغِيرٌ،
13555 -
وَفِي ذَلِكَ دَلَالَةٌ عَلَى سُقُوطِ احْتِجَاجِهِمْ بِهِ فِي وِلَايَةِ الِابْنِ، وَلَيْسَ فِيهِ حُجَّةٌ عَلَى مَنِ اشْتَرَطَ الْوَلِيَّ فِي النِّكَاحِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ يَجُوزُ النِّكَاحُ بِغَيْرِ وَلِيٍّ لَأَشْبَهَ أَنْ تُوجِبَ الْعَقْدَ هِيَ وَلَا تَأْمُرُ بِهِ غَيْرَهَا، فَلَمَّا أَمَرَتْ بِهَا غَيْرَهَا بِأَمْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِيَّاهَا بِذَلِكَ عَلَى مَا رُوِيَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ دَلَّ أَنَّهَا لَا تَلِي عَقْدَ النِّكَاحِ
⦗ص: 40⦘
،
13556 -
وَقَوْلُ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ كَانَ صَغِيرًا دَعْوَى، وَلَمْ يَثْبُتْ صِغَرُهُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ،
13557 -
وَقَوْلُ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ زَوَّجَهَا بِالْبُنُوَّةِ مُقَابَلٌ بِقَوْلِ مَنْ قَالَ: بَلْ زَوَّجَهَا بِأَنَّهُ كَانَ مِنْ بَنِي أَعْمَامِهَا، وَلَمْ يَكُنْ لَهَا وَلِيُّ هُوَ أَقْرَبُ مِنْهُ إِلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ عُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الْأَسَدِ بْنِ هِلَالِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ، وَأُمُّ سَلَمَةَ هِيَ هِنْدُ بِنْتُ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ،
13558 -
فَتَزْوِيجُهَا كَانَ بِوَلِيٍّ مَعَ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ نِكَاحَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَانَ لَا يَفْتَقِرُ إِلَى الْوَلِيِّ، وَفِي قِصَّةِ تَزْوِيجِ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ وَنُزُولِ الْآيَةِ فِيهَا دَلَالَةٌ عَلَى صِحَّةٍ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
بَابُ نِكَاحِ الْآبَاءِ وَغَيْرِهِمْ
13559 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَ:«تَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا ابْنَةُ سِتٍّ - أَوْ سَبْعٍ - وَبَنَى بِي وَأَنَا ابْنَةُ تِسْعٍ» ، وَكُنْتُ أَلْعَبُ بِالْبَنَاتِ وَكُنَّ جَوَارِيَ يَأْتِينَنِي، فَإِذَا رَأَيْنَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَنْقَمِعْنَ مِنْهُ، فَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُسَرِّبُهُنَّ إِلَيَّ
⦗ص: 42⦘
،
13560 -
الشَّكُّ مِنَ الشَّافِعِيِّ أَخْرَجَاهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ وَقِيلَ: «ابْنَةُ سِتٍّ» ، مِنْ غَيْرِ شَكٍّ،
13561 -
وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ هِشَامٍ:«ابْنَةُ سَبْعٍ»
13562 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ بَعْدَ بَيَانِ تَعَلُّقِ الْأَحْكَامِ بِالْبُلُوغِ لِمَا وَرَدَ فِيهِ: دَلَّ إِنْكَاحُ أَبِي بَكْرٍ عَائِشَةَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ابْنَةَ سِتِ سِنِينَ وَبِنَاؤُهُ بِهَا ابْنَةُ تِسْعٍ عَلَى أَنَّ الْأَبَ أَحَقُّ بِالْبِكْرِ مِنْ نَفْسِهَا، وَلَوْ كَانَتِ اذَا بَلَغَتْ بِكْرًا كَانَتْ أَحَقَّ بِنَفْسِهَا مِنْهُ أَشْبَهَ أَنْ لَا يَجُوزَ لَهُ عَلَيْهَا حَتَّى تَبْلُغَ فَيَكُونُ ذَلِكَ بِإِذْنِهَا
13563 -
قَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ: كَمَا قُلْنَا فِي الْمَوْلُودِ يُقْتَلُ أَبُوهُ، يُحْبَسُ قَاتِلُهُ حَتَّى يَبْلُغَ الْوَلَدُ فَيَعْفُو أَوْ يُصَالِحُ أَوْ يَقْتُلُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ إِلَّا بِأَمْرِهِ وَهُوَ صَغِيرٌ لَا أَمْرَ لَهُ
13564 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ: وَقَدْ زَوَّجَ عَلِيٌّ عُمَرَ أُمَّ كُلْثُومٍ بِغَيْرِ أَمْرِهَا، وَزَوَّجَ الزُّبَيْرُ ابْنَتَهُ صَبِيَّةً، وَتَزَوَّجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَائِشَةَ ابْنَةَ سِتِّ سِنِينَ وَبَنَى بِهَا وَهِيَ ابْنَةُ تِسْعٍ
⦗ص: 43⦘
،
13565 -
قَالَ: وَقَدْ كَانَ ابْنُ عُمَرَ، وَالْقَاسِمُ، وَسَالِمٌ يُزَوِّجُونَ الْأَبْكَارَ
13566 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا، وَالْبِكْرُ تُسْتَأْذَنُ فِي نَفْسِهَا، وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا» ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، وَغَيْرِهِ، عَنْ مَالِكٍ
13567 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عِيسَى الْحِيرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الثَّيِّبُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا، وَالْبِكْرُ يَسْتَأْذِنُهَا أَبُوهَا فِي نَفْسِهَا، وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا» ، وَرُبَّمَا قَالَ:«وَصُمَاتُهَا إِقْرَارُهَا» رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَرَ
13568 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَيُشْبِهُ فِي دَلَالَةِ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ فَرَّقَ بَيْنَ الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ فَجَعَلَ الثَّيِّبَ أَحَقَّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا، وَجَعَلَ الْبِكْرَ تُسْتَأْذَنُ فِي نَفْسِهَا أَنَّ الْوَلِيَّ الَّذِي عَنِيَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ الْأَبَّ خَاصَّةً، فَجَعَلَ الْأَيِّمَ أَحَقَّ بِنَفْسِهَا مِنْهُ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ أَمْرَهُ أَنْ تُسْتَأْذَنَ الْبِكْرُ فِي نَفْسِهَا أَمْرُ اخْتِيَارٍ لَا فَرَضَ، لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتِ اذَا كَرِهَتْ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَزْوِيجُهَا كَانَتْ كَالثَّيِّبِ، وَكَانَ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ فِيهَا أَنَّ كُلَّ امْرَأَةٍ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا، وَإِذْنُ الثَّيِّبِ الْكَلَامُ، وَإِذْنُ الْبِكْرِ الصَّمْتُ
13569 -
وَلَمْ أَعْلَمْ أَهْلَ الْعِلْمِ اخْتَلَفُوا فِي أَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ مِنَ الْأَوْلِيَاءِ غَيْرَ الْآبَاءِ أَنْ يُزَوِّجَ بِكْرًا وَلَا ثَيِّبًا إِلَّا بِإِذْنِهَا، فَإِذَا كَانُوا لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ الْبَالِغِينَ - يَعْنِي فِي غَيْرِ الْأَبِ - لَمْ يَجُزْ إِلَّا مَا وَصَفْتُ
13570 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَيُشْبِهُ أَمْرُهُ أَنْ يَسْتَأْمِرَ الْبِكْرَ فِي نَفْسِهَا أَنْ يَكُونَ عَلَى اسْتِطَابَةِ نَفْسِهَا وَبَسَطَ الْكَلَامِ فِيهِ،
13571 -
وَاسْتَشْهَدَ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِ اللَّهِ تبارك وتعالى لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} [آل عمران: 159]،
13572 -
وَلَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُمْ مَعَهُ أَمْرًا، وَلَكِنْ فِي الْمُشَاوَرَةِ اسْتِطَابَةُ أَنْفُسِهِمْ وَأَنْ يَسْتَنَّ بِهَا مَنْ لَيْسَ لَهُ عَلَى النَّاسِ مَا لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم،
13573 -
وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ وَالْمُؤَامَرَةُ قَدْ تَكُونُ عَلَى اسْتِطَابَةِ النَّفْسِ؛ لِأَنَّهُ يُرْوَى أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «وَآمِرُوا النِّسَاءَ فِي بَنَاتِهِنَّ»
13574 -
وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ «أَمَرَ نُعَيْمًا أَنْ يُؤَامِرَ أُمَّ ابْنَتِهِ فِيهَا» أَخْبَرَنَاهُ أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ. . . فَذَكَرَهُ
13575 -
قَالَ: وَلَا يَخْتَلِفُ النَّاسُ أَنْ لَيْسَ لِأُمِّهَا فِيهَا أَمْرٌ، وَلَكِنْ عَلَى مَعْنَى اسْتِطَابَةِ النَّفْسِ
13576 -
قَالَ أَحْمَدُ: أَمَا الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ فَفِيمَا أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الطَّبَرَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِبِ الْمَخْزُومِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ الرَّهَاوِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ هُوَ ابْنُ أُمَيَّةَ قَالَ: أَخْبَرَنِي الثِّقَةُ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «آمِرُوا النِّسَاءَ فِي بَنَاتِهِنَّ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ هِشَامٍ،
13577 -
وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ جُرَيْجٍ فَهُوَ مُنْقَطِعٌ
13578 -
وَقَدْ أَخْبَرَنَا أَبُو صَالِحِ بْنُ أَبِي طَاهِرِ الْغَنَوِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا جَدِّي يَحْيَى بْنُ مَنْصُورٍ الْقَاضِي قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ النَّضْرِ الْجَارُودِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٌ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ خَطَبَ ابْنَةَ نُعَيْمِ بْنِ النَّحَّامِ. . . فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي ذَهَابِهِ إِلَيْهِ مَعَ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: فَقَالَ: إِنَّ عِنْدِي ابْنَ أَخٍ لِي يَتِيمٌ وَلَمْ أَكُنْ لِأَنْقُضَ لُحُومَ النَّاسِ وَأَثْرِدُ لَحْمِي قَالَ: فَقَالَتْ أُمُّهَا مِنْ نَاحِيَةِ الْبَيْتِ: وَاللَّهِ لَا يَكُونُ هَذَا حَتَّى يَقْضِيَ بِهِ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَتَحْبِسَ أَيِّمَ بَنِي عَدِيٍّ عَلَى ابْنِ أَخِيكَ سَفِيهٍ، أَوْ قَالَ: ضَعِيفٍ قَالَ: ثُمَّ
⦗ص: 46⦘
خَرَجَتْ حَتَّى أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَتْهُ الْخَبَرَ، فَدَعَا نُعَيْمًا، فَقَصَّ عَلَيْهِ كَمَا قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِنُعَيْمٍ:«صِلْ رَحِمَكَ، وَأَرْضِ ابْنَتَكَ وَأُمَّهَا، فَإِنَّ لَهُمَا فِي أَمْرِهِمَا نَصِيبًا» ،
13579 -
وَهَذَا إِسْنَادٌ مَوْصُولٌ
13580 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمُجَمِّعٍ، ابْنَيْ يَزِيدَ بْنِ جَارِيَةَ، عَنْ خَنْسَاءَ بِنْتِ خِذَامٍ:«أَنَّ أَبَاهَا زَوَّجَهَا وَهَى ثَيِّبٌ وَهِيَ كَارِهَةٌ فَأَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَرَدَّ نِكَاحَهَا» أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ وَلَهُ شَوَاهِدُ تَشْهَدُ لَهُ بِالصِّحَّةِ،
13581 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ: فَأَيُّ وَلِيِّ امْرَأَةٍ ثَيِّبٍ أَوْ بِكْرٍ زَوَّجَهَا بِغَيْرِ إِذْنِهَا، فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ، إِلَّا الْآبَاءُ فِي الْأَبْكَارِ وَالسَّادَةُ فِي الْمَمَالِيكِ؛
13582 -
لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَدَّ نِكَاحَ خَنْسَاءَ بِنْتِ خِذَامٍ حِينَ زَوَّجَهَا أَبُوهَا كَارِهَةً، وَلَمْ يَقُلْ إِلَّا أَنْ تَشَائِي أَنْ تَبَرِّي أَبَاكِ فَتُجِيزِي إِنْكَاحَهُ لَوْ كَانَتْ إِجَازَتُهُ إِنْكَاحِهَا تُجِيزُهُ أَشْبَهُ أَنْ يَأْمُرَهَا أَنْ تُجِيزَ إِنْكَاحَ أَبِيهَا
13583 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَقَدْ رَوَى جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:«أَنَّ جَارِيَةً بِكْرًا أَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَتْ لَهُ أَنَّ أَبَاهَا زَوَّجَهَا وَهِيَ كَارِهَةٌ فَخَيَّرَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم»
13584 -
وَهَذَا خَطَأٌ، إِنَّمَا رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَغَيْرُهُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُرْسَلًا
13585 -
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: هَكَذَا رَوَاهُ النَّاسُ مُرْسَلًا مَعْرُوفًا
13586 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَرَوَاهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الذِّمَارِيُّ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَهُوَ أَيْضًا خَطَأٌ
13587 -
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ، فِيمَا أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْهُ: هَذَا وَهْمٌ، وَالصَّوَابُ عَنْ يَحْيَى، عَنِ الْمُهَاجِرِ، عَنْ عِكْرِمَةَ مُرْسَلٌ، وَهِمَ فِيهِ الذِّمَارِيُّ عَلَى الثَّوْرِيِّ وَلَيْسَ بِقَوِيٍّ
13588 -
قَالَ أَحْمَدُ: هَكَذَا رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ فِي «الْجَامِعِ» مُرْسَلًا، وَهَكَذَا رَوَاهُ غَيْرُهُ، عَنْ هِشَامٍ،
13589 -
وَرَوَاهُ شُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ، وَهُوَ وَهْمٌ، وَالصَّحِيحُ رِوَايَةُ ابْنِ الْمُبَارَكِ وَالْجَمَاعَةِ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُرْسَلًا قَالَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ مِنَ الْحُفَّاظِ
13590 -
وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ قَالَ: جَاءَتْ فَتَاةٌ إِلَى عَائِشَةَ، فَقَالَتْ: إِنَّ أَبِي زَوَّجَنِي ابْنَ أَخِيهِ لِيَرْفَعَ بِي خَسِيسَتَهُ، وَإِنِّي كَرِهْتُ ذَلِكَ، فَجَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ، فَجَعَلَ أَمْرَهَا إِلَيْهَا فَقَالَتْ: إِنِّي أَجَزْتُ مَا صَنَعَ وَالِدِي، إِنَّمَا أَرَدْتُ أَنْ أَعْلَمَ هَلْ لِلنِّسَاءِ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَمْ لَا؟
13591 -
وَهَذَا مُنْقَطِعٌ، ابْنُ بُرَيْدَةَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَائِشَةَ قَالَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِيمَا أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَغَيْرُهُ عَنْهُ
13592 -
وَقَدْ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي قِمَاشٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو ظُفُرٍ عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ مُطَهَّرٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ كَهْمَسِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: إِنَّ أَبِي زَوَّجَنِي مِنَ ابْنِ أَخِيهِ يُرِيدُ أَنْ يَرْفَعَ خَسِيسَتَهُ، فَهَلْ لِي فِي نَفْسِي؟ - يَعْنِي أَمْرًا - قَالَ:«نَعَمْ» قَالَتْ: إِذًا لَا أَرُدُّ عَلَى أَبِي شَيْئًا فَعَلَهُ، وَلَكِنْ أَحْبَبْتُ أَنْ يَعْلَمَ النِّسَاءُ أَنَّ لَهُنَّ فِي أَنْفُسِهِنَّ أَمْرًا
13593 -
هَكَذَا وَجَدْتُ هَذَا الْحَدِيثَ فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ بْنِ عُبَيْدٍ مَوْصُولًا بِذِكْرِ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ فِي إِسْنَادِهِ،
13594 -
وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ غَالِبٍ تَمْتَامٍ، عَنْ عَبْدِ السَّلَامِ، دُونَ ذِكْرِ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ فِيهِ،
13595 -
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ، عَنْ عَبْدِ السَّلَامِ،
13596 -
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ وَكِيعٌ، وَعَلِيُّ بْنُ غُرَابٍ، عَنْ كَهْمَسِ بْنِ الْحَسَنِ، وَرَوَاهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، وَعَوْنُ بْنُ كَهْمَسٍ، عَنْ كَهْمَسٍ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ قَالَ: جَاءَتْ فَتَاةٌ إِلَى عَائِشَةَ
⦗ص: 49⦘
،
13597 -
وَبِمَعْنَاهُ رَوَاهُ الْقَوَارِيرِيُّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ كَهْمَسٍ،
13598 -
وَفِي إِجْمَاعِ هَؤُلَاءِ عَلَى إِرْسَالِ الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى خَطَأِ رِوَايَةِ مَنْ وَصَلَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
13599 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ ذِكْرُ التَّثْيِيبِ وَالْبِكَارَةِ، وَفِيهَا أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَرْفَعَ بِهَا خَسِيسَتَهُ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ تَزْوِيجُ غِبْطَةٍ، فَخَيَّرَهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ
13600 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ يَعْقُوبَ قَالَ: حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَجِيدِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: أَيَجُوزُ نِكَاحُ الرَّجُلِ ابْنَتَهُ بِكْرًا وَهِيَ كَارِهَةٌ؟ قَالَ: «نَعَمْ» ، قُلْتُ فَثَيِّبٌ كَارِهَةٌ؟ قَالَ:«لَا، قَدْ مَلَكَتِ الثَّيِّبُ أَمَرَهَا»
13601 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَمِثْلُ هَذَا فِي رِوَايَةِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ فُقَهَاءِ التَّابِعِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ
13602 -
وَرُوِّينَا عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: الْبِكْرُ يُخَيِّرُهَا أَبُوهَا
13603 -
وَعَنِ الشَّعْبِيِّ: لَا يُخَيَّرُ إِلَّا الْوَالِدُ
13604 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَقَدْ أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مَخْلَدٍ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْهَيْثَمِ قَالَ: حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا تُنْكَحُ الثَّيِّبُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ وَلَا الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ» ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ إِذْنُهَا؟ قَالَ:«إِذَا سَكَتَتْ فَهُوَ رِضَاهَا»
⦗ص: 50⦘
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهِ آخَرَ عَنْ هِشَامٍ،
13605 -
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْبِكْرِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ الْيَتِيمَةَ الَّتِي لَا أَبَ لَهَا
13606 -
فَقَدْ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الْيَتِيمَةُ تُسْتَأْمَرُ فِي نَفْسِهَا، فَإِنْ سَكَتَتْ فَهُوَ إِذْنُهَا، وَإِنْ أَبَتْ فَلَا جَوَازَ عَلَيْهَا» أَخْبَرَنَاهُ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّزَّازُ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو بِهَذَا الْحَدِيثِ
13607 -
قَالَ أَحْمَدُ: نَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ يَحْيَى بْنَ أَبِي كَثِيرٍ، وَمُحَمَّدَ بْنَ عَمْرٍو إِذَا اخْتَلَفَا فَالْحُكْمُ لِرِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ لِمَعْرِفَتِهِ وَحَفِظِهِ،
13608 -
إِلَّا أَنَّ هَذَا يُشْبِهُ أَنْ لَا يَكُونَ اخْتِلَافًا، فَيَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ أَدَّى مَا سَمِعَ فِي الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ جَمِيعًا، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو أَدَّى مَا سَمِعَ فِي الْبِكْرِ وَحْدِهَا، وَحَفِظَ زِيَادَةَ صِفَةٍ فِي الْبِكْرِ لَمْ يَرْوِهَا يَحْيَى، وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ يَحْيَى مَا يَدْفَعُهَا،
13609 -
وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو وَإِنْ كَانَ لَا يَبْلُغُ دَرَجَةَ يَحْيَى فَقَدْ قَبِلَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ حَدِيثَهُ فِيمَا لَا يُخَالِفُ فِيهِ أَهْلَ الْحِفْظِ كَيْفَ وَقَدْ وَافَقَهُ غَيْرُهُ فِي هَذَا اللَّفْظِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
13610 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْخَالِقِ بْنُ عَلِيٍّ الْمُؤَذِّنُ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ
⦗ص: 51⦘
مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ خَنْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوْحٍ الْمَدَائِنِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ الْفَزَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا بُرْدَةَ بْنَ أَبِي مُوسَى يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «تُسْتَأْمَرُ الْيَتِيمَةُ فِي نَفْسِهَا، فَإِنْ سَكَتَتْ فَقَدْ أَذِنَتْ، وَإِنْ كَرِهَتْ لَمْ تُكْرَهْ»
13611 -
وَهَذَا إِسْنَادٌ مَوْصُولٌ، رَوَاهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةَ عَنْ يُونُسَ
13612 -
وَفِي رِوَايَةِ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«لَيْسَ لِلْوَلِيِّ مَعَ الثَّيِّبِ أَمَرٌ، وَالْيَتِيمَةُ تُسْتَأْمَرُ، وَصَمْتُهَا إِقْرَارُهَا» ،
13613 -
هَكَذَا رَوَاهُ مَعْمَرٌ، عَنْ صَالِحٍ
13614 -
وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الْأَيِّمُ أَوْلَى بِأَمْرِهَا، وَالْيَتِيمَةُ تُسْتَأْمَرُ فِي نَفْسِهَا، وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا»
13615 -
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ شُعْبَةُ وَغَيْرُهُ مِنَ الْقُدَمَاءِ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ:«وَالْيَتِيمَةُ تُسْتَأْمَرُ»
13616 -
وَفِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ ذَكْوَانَ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّهَا سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْجَارِيَةِ يُنْكِحُهَا أَهْلُهَا، أَتُسْتَأْمَرُ أَمْ لَا؟ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«نَعَمْ تُسْتَأْمَرُ» قَالَتْ عَائِشَةُ: فَإِنَّهَا تَسْتَحِي فَتَسْكُتُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«ذَاكَ إِذْنُهَا إِذَا سَكَتَتْ»
⦗ص: 52⦘
13617 -
وَفِي رِوَايَةٍ عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ:«تُسْتَأْمَرُ الْيَتِيمَةُ»
13618 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَارِثِ الْفَقِيهُ فِيمَا قَرَأْتُ عَلَيْهِ قَالَ: قَالَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ الْحَافِظُ، رحمه الله: يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ: «وَالْبِكْرُ تُسْتَأْمَرُ» ، إِنَّمَا أَرَادَ الْبِكْرَ الْيَتِيمَةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ، لِأَنَّا قَدْ ذَكَرْنَا فِي رِوَايَةِ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ وَمَنْ تَابَعَهُ مِمَّنْ رَوَى أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم
13619 -
قَالَ: «الْيَتِيمَةُ تُسْتَأْمَرُ» وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، يَعْنِي عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ: وَالْبِكْرُ يَسْتَأْمِرُهَا أَبُوهَا، فَإِنَّا لَا نَعْلَمُ أَحَدًا وَافَقَ ابْنَ عُيَيْنَةَ عَلَى هَذَا اللَّفْظِ، وَلَعَلَّهُ ذَكَرَهُ مِنْ حِفْظِهِ فَسَبَقَ إِلَيْهِ لِسَانُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
13620 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَكَذَا قَالَ أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ: أَبُوهَا لَيْسَ بِمَحْفُوظٍ، وَذَلِكَ فِيمَا: أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ دَاسَةَ، عَنْ أَبِي دَاوُد عُقَيْبَ، حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ
13621 -
قَالَ أَحْمَدُ: فَعَلَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي اسْتِئْمَارِ الْبِكْرِ وَرَدَ فِي الْوَلِيِّ غَيْرِ الْأَبِّ،
13622 -
وَقَوْلُهُ: «الثَّيِّبُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا» ، فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الثَّيِّبَ لَا تُجْبَرُ عَلَى النِّكَاحِ، وَكَأَنَّهُ جَعَلَ تَثْيِيبَهَا عِلَّةً فِي ذَلِكَ كَقَوْلِهِ:«الثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَرَجْمٌ بِالْحِجَارَةِ» ، يَعْنِي تَثْيِيبَهَا، «وَالْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ» ، يَعْنِي لِبِكَارَتِهَا،
13623 -
كَذَلِكَ قَوْلُهُ: «الثَّيِّبُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا» ، أَيْ: تَثْيِيبُهَا، فَيَدُّلُ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الَّتِي تُخَالِفُهَا وَهِيَ الْبِكْرُ تُجْبَرُعَلَى النِّكَاحِ
⦗ص: 53⦘
،
13624 -
وَقَدْ دَلَّ قَوْلُهُ فِي الْبِكْرِ: «الْيَتِيمَةِ تُسْتَأْمَرُ فِي نَفْسِهَا» ، أَنَّ الَّتِي لَا أَبَّ لَهَا لَا تُجْبَرُ عَلَى النِّكَاحِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْبِكْرَ الَّتِي تُجْبَرُ عَلَى النِّكَاحِ هِيَ الَّتِي لَهَا أَبٌ،
13625 -
وَتَرْكُ هَذَا الْأَصْلِ فِي مَوْضِعٍ لِدَلِيلٍ أَقْوَى مِنْهُ مَنَعَ مِنِ اسْتِعْمَالِهِ لَا يَدُلُّ عَلَى تَرْكِهِ فِي سَائِرِ الْمَوَاضِعِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
13626 -
وَاحْتَجَّ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فِي هَذَا بِمَا أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ السُّلَمِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَافِظُ قَالَ: قُرِئَ عَلَى ابْنِ صَاعِدٍ وَأَنَا أَسْمَعُ، حَدَّثَكُمْ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَمِّي قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ حُسَيْنٍ مَوْلَى آلِ حَاطِبٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: تُوُفِّيَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ وَتَرَكَ ابْنَةً لَهُ مِنْ خَوْلَةَ بِنْتِ حَكِيمِ بْنِ أُمَيَّةَ، وَأَوْصَى إِلَى أَخِيهِ قُدَامَةَ بْنِ مَظْعُونٍ وَهُمَا خَالَايَ، فَخَطَبْتُ إِلَى قُدَامَةَ ابْنَةَ عُثْمَانَ، فَزَوَّجَنِيهَا، فَدَخَلَ الْمُغِيرَةُ إِلَى أُمِّهَا فَأَرْغَبَهَا فِي الْمَالِ، فَحَطَّتِ إِلَيْهِ وَحَطَّتِ الْجَارِيَةُ إِلَى هَوَى أُمِّهَا حَتَّى ارْتَفَعَ أَمْرُهُمْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ قُدَامَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ابْنَةُ أَخِي وَأَوْصَى بِهَا إِلَيَّ فَزَوَّجْتُهَا ابْنَ عُمَرَ، وَلَمْ أُقَصِّرْ بِالصَّلَاحِ وَالْكَفَاءَةِ، وَلَكِنَّهَا امْرَأَةٌ، وَإِنَّهَا حَطَّتِ الَى هَوَى أُمِّهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«هِيَ يَتِيمَةٌ وَلَا تُنْكَحُ إِلَّا بِإِذْنِهَا» ، فَانْتُزِعَتْ مِنِّي وَاللَّهِ بَعْدَهَا مَا مَلَكْتُهَا فَزَوَّجُوهَا الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ
13627 -
قَالَ أَحْمَدُ: فَجَعَلَ الْعِلَّةَ فِي امْتِنَاعِ الْإِجْبَارِ كَوْنُهَا يَتِيمَةً دَلَّ عَلَى أَنَّ الَّتِي لَيْسَتْ بِيَتِيمَةً بِخِلَافِهَا فِيمَا لَمْ يَرِدِ الْخَبَرُ بِكَوْنِهَا أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
النِّكَاحُ بِالشُّهُوَدِ
13628 -
أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ إِجَازَةً أَنَّ أَبَا الْعَبَّاسِ حَدَّثَهُمْ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ»
13629 -
قَالَ: وَهَذَا وَإِنْ كَانَ مُنْقَطِعًا دُونَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُونَ بِهِ وَنَقُولُ: الْفَرَقُ بَيْنَ النِّكَاحِ وَالسِّفَاحِ: الشُّهُودُ،
13630 -
وَهُوَ ثَابِتٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ، مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
⦗ص: 55⦘
،
13631 -
أَمَا حَدِيثُ الْحَسَنِ فَقَدْ أَخْبَرَنَاهُ أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، بِنَحْوِهِ،
13632 -
وَرُوِي أَيْضًا عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنِ الْحَسَنِ، مُرْسَلًا قَالَ الْمُزَنِيُّ: وَرَوَاهُ غَيْرُ الشَّافِعِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
13633 -
قَالَ أَحْمَدُ: أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ يَعْقُوبَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَنْبَسَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَرَّرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيِّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ» ،
13634 -
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَرَّرٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَرَّرٍ، مَتْرُوكٌ لَا تَقُومُ الْحُجَّةُ بِرِوَايَتِهِ، وَرُوِي مِنْ وَجْهٍ آخَرَ مَوْصُولًا أَصَحُّ مِنْهُ
13635 -
أَخْبَرَنِيهِ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَافِظُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدٍ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ الْحَضْرَمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عُمَرَ بْنِ خَالِدٍ الرَّقِّيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
⦗ص: 56⦘
13636 -
قَالَ عَلِيٌّ: تَابَعَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يُونُسَ، عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ، مِثْلَهُ
13637 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو يُوسُفَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَجَّاجِ الرَّقِّيُّ، عَنْ عِيسَى
13638 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ، وَسَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَمُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:«لَا نِكَاحَ إِلَّا بِشَاهِدَيْ عَدْلٍ وَوَلِيٍّ مُرْشِدٍ»
13639 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَأَحْسِبُ مُسْلِمًا سَمِعَهُ، مِنِ ابْنِ خُثَيْمٍ
13640 -
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ: أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه، أُتِيَ بِنِكَاحٍ لَمْ يَشْهَدْ عَلَيْهِ إِلَّا رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ، فَقَالَ:«هَذَا نِكَاحُ السِّرِّ وَلَا أُجِيزُهُ، وَلَوْ كُنْتُ تَقَدَّمْتُ فِيهِ لَرَجَمْتُ»
⦗ص: 57⦘
13641 -
هَذَا عَنْ عُمَرَ مُنْقَطِعٌ
13642 -
وَقَدْ رَوَى سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ عُمَرَ قَالَ:«لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ» أَخْبَرَنَاهُ أَبُو حَامِدِ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الرَّازِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ زِيَادٍ النَّيْسَابُورِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ سَعِيدٍ. . . فَذَكَرَهُ،
13643 -
وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ كَانَ يُقَالُ لَهُ رَاوِيَةُ عُمَرَ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُرْسِلُ إِلَيْهِ يَسْأَلُهُ عَنْ بَعْضِ شَأْنِ عُمَرَ وَأَمْرِهِ،
13644 -
وَالَّذِي رَوَى حَجَّاجُ بْنُ أَرْطَأَةَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عُمَرَ، أَنَّهُ أَجَازَ شَهَادَةَ النِّسَاءِ مَعَ الرَّجُلِ فِي النِّكَاحِ مُنْقَطِعٌ، وَالْحَجَّاجُ لَا يُحْتَجُّ بِهِ
13645 -
وَقَدْ رَوَى الْحَجَّاجُ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ:«لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ» أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الْحَنْظَلِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَجَّاجُ، عَنْ حُصَيْنٍ. . . فَذَكَرَهُ
13646 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ نَصْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَجِيدِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: رَجُلٌ نَكَحَ امْرَأَةً بِغَيْرِ شُهَدَاءَ فَبَنَى بِهَا قَالَ: «أَدْنَى مَا يَصْنَعُ بِهِ أَنْ يُجْلَدَ الْحَدَّ الْأَدْنَى، ثُمَّ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا فَتَعْتَدُّ، ثُمَّ مَا أَدْرِي لَعَلِّي لَا أَدَعُهُ أَنْ يَنْكِحَهَا أَبَدًا»
⦗ص: 58⦘
13647 -
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَقَالَ عَطَاءٌ: لَا نِكَاحَ إِلَّا بِشَاهِدَيْنِ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ، وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَقَتَادَةُ
بَابُ إِنْكَاحِ الْعَبِيدِ وَنِكَاحِهِمْ
13648 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} [النور: 32]
13649 -
قَالَ: فَدَلَّتْ أَحْكَامُ اللَّهِ ثُمَّ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَنَّ «لَا مِلْكَ لِلْأَوْلِيَاءِ عَلَى أَيَامَاهُمْ، وَأَيَامَاهُمُ الثُّيَّابُ»
13650 -
قَالَ اللَّهُ عز وجل: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} [البقرة: 232]،
13651 -
وَقَالَ فِي الْمُعْتَدَّاتِ: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ} [البقرة: 234]،
13652 -
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا، وَالْبِكْرُ تُسْتَأْمَرُ فِي نَفْسِهَا» ، مَعَ مَا سِوَى ذَلِكَ،
13653 -
وَدَلَّ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ عَلَى أَنَّ الْمَمَالِيكَ لِمَنْ مَلَكَهُمْ وَأَنَّهُمْ لَا يَمْلِكُونَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ شَيْئًا،
13654 -
وَلَمْ أَعْلَمْ دَلِيلًا عَلَى إِيجَابِ إِنْكَاحِ صَالِحِي الْعَبِيدِ وَالْإِمَاءِ كَمَا وَجَدْتُ الدَّلَالَةَ عَلَى إِنْكَاحِ الْحُرِّ إِلَّا مُطَلِّقًا، فَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يُنْكَحَ مِنَ الْعَبِيدِ وَالْإِمَاءِ صَالِحُوهُمْ خَاصَّةً
⦗ص: 60⦘
،
13655 -
وَلَا يَتَبَيَّنُ لِي أَنْ يُجْبَرَ أَحَدٌ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْآيَةَ مُحْتَمَلَةٌ أَنْ يَكُونَ أُرِيدَ بِهِ الدَّلَالَةُ لَا الْإِيجَابُ
13656 -
قَالَ: وَلَا أَعْلَمُ بَيْنَ أَحَدٍ لَقِيتُهُ وَلَا حُكِيَ لِي عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ اخْتِلَافًا فِي أَنْ لَا يَجُوزَ نِكَاحُ الْعَبْدِ إِلَّا بِإِذْنِ مَالِكِهِ
13657 -
قَالَ أَحْمَدُ قَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«إِذَا نَكَحَ الْعَبْدُ بِغَيْرِ إِذْنِ مَوْلَاهُ فَنِكَاحُهُ بَاطِلٌ»
13658 -
وَفِي حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: «أَيُّمَا مَمْلُوكٌ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ فَهُوَ عَاهِرٌ»
13659 -
وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ قَوْلِهِ: لَا بَأْسَ بِأَنْ يُزَوِّجَ الرَّجُلُ عَبْدَهُ أَمَتَهُ بِغَيْرِ مَهْرٍ
13660 -
وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«أَيُّمَا رَجُلٍ كَانَتْ لَهُ جَارِيَةٌ فَأَدَّبَهَا، فَأَحْسَنَ تَأْدِيبَهَا، وَعَلَّمَهَا فَأَحْسَنَ تَعْلِيمَهَا، ثُمَّ أَعْتَقَهَا فَتَزَوَّجَهَا، فَلَهُ أَجْرَانِ»
⦗ص: 61⦘
13661 -
وَفِي وَرَايَةٍ أُخْرَى: «إِذَا أَعْتَقَ الرَّجُلُ أَمَتَهُ ثُمَّ أَمْهَرَهَا مَهْرًا جَدِيدًا كَانَ لَهُ أَجْرَانِ» وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ فِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم،
13662 -
أَخْبَرَنَا بِهَا أَبُو بَكْرِ بْنُ فُورَكٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَقَدْ أَشَارَ إِلَيْهِ الْبُخَارِيُّ
13663 -
وَرُوِّينَا عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَعْتَقَ صَفِيَّةَ وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا»
13664 -
وَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ:«سَبَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَفِيَّةَ فَأَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا» ، فَقَالَ ثَابِتٌ لِأَنَسٍ: مَا أَصْدَقَهَا؟ قَالَ: أَصْدَقَهَا نَفْسَهَا، أَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ: حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ، فَذَكَرَهُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ آدَمَ،
13665 -
وَمَنْ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ بَعْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَعْتَقَهَا عَلَى أَنْ تَنْكِحَهُ وَصَدَاقُهَا عِتْقُهَا فَنَكَحَتْهُ وَرَضِيَ بِقِيمَتِهَا أَنْ يَكُونَ صَدَاقًا، وَرَضِيَتْ -
13666 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَلَا بَأْسَ
13667 -
قَالَ: وَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَى شَيْءٍ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرُ فَلَا بَأْسَ وَيُحَاصُّهَا بِالَّذِي وَجَبَ لَهُ عَلَيْهَا مِنْ قِيمَتِهَا، وَذَلِكَ أَنَّهُ حِينَ أَعْتَقَهَا عَلَى أَنْ تَنْكِحَهُ وَلَهَا الْخِيَارُ فِي أَنْ تَنْكِحَهُ أَوْ تَدَعَ وَجَبَتْ لَهُ عَلَيْهَا قِيمَتَهَا
13668 -
وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يَجْعَلَ عِتْقَ الْمَرْأَةِ مَهْرَهَا حَتَّى يَفْرِضَ لَهَا صَدَاقًا
13669 -
وَلَيْسَ بِابْنِ عُمَرَ وَلَا بِنَا كَرَاهِيَةُ مَا ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَثْبُتْ تَخْصِيصُهُ بِهِ،
13670 -
وَكَأَنَّهُ بَلَغَهُ مَا رُوِّينَا فِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ مِنْ تَرْغِيبِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي إِعْتَاقِهَا وَالتَّزْوِيجِ بِهَا وَإِمْهَارِهَا مَهْرًا جَدِيدًا
⦗ص: 63⦘
،
13671 -
فَرَغَّبَ فِيمَا نَدَبَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُمَّتَهُ دُونَ مَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَخْصُوصًا بِهِ كَمَا كَانَ مَخْصُوصًا بِنِكَاحِ الْمَوْهُوبَةِ، وَهَذِهِ فِي مَعْنَى الْمَوْهُوبَةِ إِنْ كَانَ أَعْتَقَهَا مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَلَمْ يَفْرِضْ لَهَا صَدَاقًا،
13672 -
وَعَلَى هَذَا يَدُلُّ قَوْلُ أَنَسٍ فِي جَوَابِهِ لِثَابِتٍ: أَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا أَيْ لَمْ يَجْعَلْ لَهَا شَيْئًا آخَرَ سِوَى أَنَّهُ أَعْتَقَهَا عَلَى أَنَّهُ أَعْتَقَهَا عَلَى أَنْ تَنْكِحَهُ، وَهَذَا هُوَ الْأَظْهَرُ،
13673 -
وَإِنْ كَانَ أَعْتَقَهَا عَلَى أَنْ تَتَزَوَّجَ بِهِ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ:«أَصْدَقَهَا نَفْسَهَا» ، أَيْ بَدَلَ نَفْسِهَا وَهُوَ مَا أَلْزَمَهَا مِنْ قِيمَةِ نَفْسِهَا بِإِعْتَاقِهِ إِيَّاهَا عَلَى أَنْ تَنْكِحَهُ،
13674 -
وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ،
13675 -
ثُمَّ قَدْ رُوِيَ فِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ أَنَّهُ أَمْهَرَهَا جَارِيَةً وَذَلِكَ فِيمَا
13676 -
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ السُّكَّرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ قَالَ: حَدَّثَتْنَا عَلِيلَةُ بِنْتُ الْكُمَيْتِ الْعَتَكِيَّةُ، عَنْ أُمِّهَا أَمِينَةَ، عَنْ أَمَةِ اللَّهِ بِنْتِ رُزَيْنَةَ، عَنْ أُمِّهَا فِي قِصَّةِ صَفِيَّةَ، «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَعْتَقَهَا وَخَطَبَهَا وَتَزَوَّجَهَا وَأَمْهَرَهَا رُزَيْنَةَ»
بَابُ اعْتِبَارِ الْكَفَاءَةِ
13677 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الْبُوَيْطِيِّ: أَصْلُ الْكَفَاءَةِ مُسْتَنْبَطٌ مِنْ حَدِيثِ بَرِيرَةَ كَانَ زَوْجُهَا غَيْرَ كُفْءٍ لَهَا، فَخَيَّرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
13678 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَرُوِّينَا عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ قَالَ: قَالَ عُمَرُ: «لَأَمْنَعَنَّ ذَوَاتِ الْأَحْسَابِ فُرُوجَهُنَّ إِلَّا مِنَ الْأَكْفَاءِ»
13679 -
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا: «الْعَرَبُ بَعْضُهَا أَكْفَاءٌ لِبَعْضٍ، قَبِيلَةٌ بِقَبِيلَةٍ، وَرَجُلُ بِرَجُلٍ، وَالْمَوَالِي أَكْفَاءٌ لِبَعْضٍ قَبِيلَةٌ بِقَبِيلَةٍ، وَرَجُلٌ بِرَجُلٍ إِلَّا حَائِكًا أَوْ حَجَّامًا»
13680 -
وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا
⦗ص: 65⦘
،
13681 -
وَكِلَاهُمَا ضَعِيفٌ، وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ أَمْثَلُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
13682 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَيْسَ نِكَاحُ غَيْرِ الْكُفْءِ مُحَرَّمًا فَأَرُدُّهُ بِكُلِّ حَالٍ، إِنَّمَا هُوَ نَقْصٌ عَلَى الْمُزَوَّجَةِ وَالْوُلَاةِ، فَإِذَا رَضِيَتِ الْمُزَوَّجَةُ وَمَنْ لَهُ الْأَمْرُ مَعَهَا بِالنَّقْصِ لَمْ أَرُدَّهُ
13683 -
قَالَ أَحْمَدُ: رُوِّينَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«يَا بَنِي بَيَاضَةَ، أَنْكِحُوا أَبَا هِنْدٍ وَأَنْكِحُوا إِلَيْهِ»
13684 -
وَكَانَ حَجَّامًا،
13685 -
وَزَعَمَ الزُّهْرِيُّ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ أَنَّهُمْ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ تُزَوِّجُ بَنَاتِنَا
⦗ص: 66⦘
مَوَالِينَا؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل: {إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنْ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13]،
13686 -
وَخَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ وَكَانَتْ قُرَشِيَّةً مِنْ بَنِي فِهْرٍ عَلَى أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، وَكَانَ مِنَ الْمَوَالِي،
13687 -
وَزُوِّجَتْ ضُبَاعَةُ بِنْتُ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ مِنَ الْمِقْدَادِ،
13688 -
وَزُوِّجَتْ أُخْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ مِنْ بِلَالٍ،
13689 -
وَزَوَّجَ أَبُو حُذَيْفَةَ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ ابْنَةَ أَخِيهِ مِنْ سَالِمٍ مَوْلَاهُ
الْوِكَالَةُ فِي النِّكَاحِ
13690 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا أَنْكَحَ الْوَلِيَّانِ فَالْأَوَّلُ أَحَقُّ»
13691 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْوِكَالَةَ فِي النِّكَاحِ جَائِزَةٌ مَعَ تَوْكِيلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ، فَزَوَّجَهُ أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ
13692 -
قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ رُوِّينَا عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ أَنَّهُ حَكَاهُ
بَابُ الْكَافِرِ لَا يَكُونُ وَلِيًّا لِمُسْلِمَةٍ بِالْقَرَابَةِ
13693 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَا يَكُونُ الْكَافِرُ وَلِيًّا لِمُسْلِمَةٍ وَإِنْ كَانَتْ بِنْتَهُ، قَدْ زَوَّجَ ابْنُ سَعِيدِ بْنُ الْعَاصِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ، وَأَبُو سُفْيَانَ حَيٌّ، لِأَنَّهَا كَانَتْ مُسْلِمَةٌ وَابْنُ سَعِيدٍ مُسْلِمًا لَا أَعْلَمُ مُسْلِمًا أَقْرَبَ بِهَا مِنْهُ
13694 -
قَالَ: وَلَمْ يَكُنْ لِأَبِي سُفْيَانَ فِيهَا وِلَايَةٌ؛ لِأَنَّ اللَّهَ قَطَعَ الْوَلَايَةَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمَوَارِيثَ وَالْعَقْلَ وَغَيْرَ ذَلِكَ
13695 -
قَالَ أَحْمَدُ: هَكَذَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ صَاحِبُ الْمَغَازِي: إِنَّ الَّذِي وَلِيَ نِكَاحَهَا ابْنُ عَمِّهَا خَالِدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ وَهُوَ ابْنُ ابْنِ عَمِّ أَبِيهَا، فَإِنَّهَا أُمُّ حَبِيبَةَ بِنْتُ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبِ بْنِ أُمَيَّةَ، وَالْعَاصُ هُوَ ابْنُ أُمَيَّةَ،
13696 -
وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ هُوَ الَّذِي وَلِيَ نِكَاحَهَا
⦗ص: 69⦘
رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُرْوَةَ،
13697 -
وَعَنِ الزُّهْرِيِّ، وَعُثْمَانُ هُوَ ابْنُ عَفَّانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ ابْنِ ابْنِ عَمِّ أَبِيهَا
بَابُ إِنْكَاحِ الْوَلِيَّيْنِ
13698 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ عُلَيَّةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا أَنْكَحَ الْوَلِيَّانِ فَالْأَوَّلُ أَحَقُّ»
13699 -
هَكَذَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ تَحْرِيمِ الْجَمْعِ وَفِي الْإِمْلَاءِ، وَزَادَ فِيهِ فِي الْإِمْلَاءِ:«وَإِذَا بَاعَ الْمُجِيزَانِ، فَالْأَوَّلُ أَحَقُّ» ،
13700 -
وَرَوَاهُ فِي كِتَابِ أَحْكَامِ الْقُرْآنِ بِإِسْنَادِهِ وَمَتْنِهِ بِتَمَامِهِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَخْبَرَنَاهُ أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ فَذَكَرَاهُ هَكَذَا،
13701 -
وَكَانَ ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ يَشُكُّ فِيهِ فَتَارَةٌ يَرْوِيهُ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، وَتَارَةٌ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، وَتَارَةٌ عَنْ أَحَدِهِمَا بِالشَّكِّ، وَالصَّحِيحُ رِوَايَةُ هَمَّامٍ، وَهِشَامٍ، وَحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، وَغَيْرِهِمْ عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم،
13702 -
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَشْعَثُ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ
بَابٌ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ
13703 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ: قَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ فِيمَا أُخْبِرْتُ عَنْهُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي قَوْلِهِ: {قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ} [النساء: 127]، الْآيَةَ، قَوْلُ عَائِشَةَ أَثْبَتُ شَيْءٍ فِيهِ
13704 -
قَالَ: وَذَكَرَ لِي فِي قَوْلِهَا حَدِيثَ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَحْمَدُ: وَحَدِيثُ الزُّهْرِيِّ فِيمَا
13705 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ، فَقَالَ لَهَا: يَا أُمَّتَاهُ، أَرَأَيْتِ قَوْلَ اللَّهِ عز وجل: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا
⦗ص: 72⦘
مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 3] الْآيَةَ، قَالَتْ عَائِشَةُ: يَا ابْنَ أُخْتِي، هَذِهِ الْيَتِيمَةُ تَكُونُ فِي حِجْرِ وَلِيِّهَا فَيَرْغَبُ فِي جَمَالِهَا وَمَالِهَا وَيُرِيدُ أَنْ يَنْتَقِصَ صَدَاقَهَا، فَنُهُوَا عَنْ نِكَاحِهِنَّ إِلَّا أَنْ يُقْسِطُوا لَهُنَّ فِي إِكْمَالِ الصَّدَاقِ، وَأُمِرُوا بِنِكَاحِ مَنْ سِوَاهُنَّ مِنَ النِّسَاءِ قَالَتْ عَائِشَةُ:" وَاسْتَفْتَى النَّاسُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ ذَلِكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {يَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ} [النساء: 127] "، إِلَى قَوْلِهِ:" {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} [النساء: 127] "، فَأَنْزَلَ اللَّهُ لَهُمْ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، أَنَّ الْيَتِيمَةَ إِذَا كَانَتْ ذَاتَ جَمَالٍ وَمَالٍ رَغِبُوا فِي نِكَاحِهَا وَنَسَبِهَا فِي إِكْمَالِ الصَّدَاقِ، وَإِذَا كَانَتْ مَرْغُوبَةً عَنْهَا فِي قِلَّةِ الْمَالِ وَالْجَمَالِ تَرَكُوهَا وَأَخَذُوا غَيْرَهَا مِنَ النِّسَاءِ، قَالتَ: فَكَمَا يَتْرُكُونَهَا حِينَ يَرْغَبُونَ عَنْهَا فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَنْكِحُوهَا إِذَا رَغِبُوا فِيهَا إِلَّا أَنْ يُقْسِطُوا لَهَا وَيُعْطُوهَا حَقَّهَا الْأَوْفَى فِي الصَّدَاقِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ، وَأَخْرَجَاهُ مِنْ أَوْجُهٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ،
13706 -
وَقَالَ رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي قَوْلِهِ: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى} [النساء: 3] قَالَ: يَقُولُ: اتْرُكُوهُنَّ إِنْ خِفْتُمْ فَقَدْ أَحْلَلْتُ لَكُمْ أَرْبَعًا
13707 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: وَلَا يَكُونُ لِلرَّجُلِ تَزْوِيجُ نَفْسِهِ امْرَأَةً هُوَ وَلِيِّهَا، وَإِنْ
⦗ص: 73⦘
أَذِنَتْ لَهُ فِي نَفْسِهَا، كَمَا لَا يَشْتَرِي مِنْ نَفْسِهِ شَيْئًا هُوَ وَلِيُّ بَيْعِهِ، وَلَكِنْ يُزَوِّجُهُ إِيَّاهَا السُّلْطَانُ أَوْ وَلِيُّ مِثْلُهُ فِي الْوَلَايَةِ
13708 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي يَحْيَى، عَنْ رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ الْحَكَمُ بْنُ مِينَاءَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:" أَدْنَى مَا يَكُونُ فِي النِّكَاحِ أَرْبَعَةٌ: الَّذِي يُزَوِّجُ، وَالَّذِي يَتَزَوَّجُ، وَشَاهِدَانِ "
الْكَلَامُ الَّذِي يَنْعَقِدُ بِهِ النِّكَاحُ
13709 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو سَعِيدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَالَ اللَّهُ عز وجل لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا} [الأحزاب: 37] وَقَالَ: {إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} [الأحزاب: 49]، وَذَكَرَ سَائِرَ الْآيَاتِ الَّتِي وَرَدَتْ فِي التَّزْوِيجِ أَوِ الْإِنْكَاحِ،
13710 -
ثُمَّ قَالَ: فَسَمَّى اللَّهُ النِّكَاحَ اسْمَيْنِ: النِّكَاحُ وَالتَّزْوِيجِ، وَقَالَ:{امْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ} [الأحزاب: 50] إِلَى: {خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [الأحزاب: 50]،
13711 -
فَأَبَانَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّ الْهِبَةَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دُونَ الْمُؤْمِنِينَ، وَالْهِبَةُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ تَجْمَعُ أَنْ يَنْعَقِدَ لَهُ عَلَيْهَا عُقْدَةُ النِّكَاحِ بِأَنْ تَهَبَ نَفْسَهَا لَهُ بِلَا مَهْرٍ، وَفِي هَذَا دَلَالَةٌ عَلَى أَنْ لَا يَجُوزَ نِكَاحٌ إِلَّا بِاسْمِ النِّكَاحِ أَوِ التَّزْوِيجِ، وَبَسَطَ الْكَلَامَ هَذَا
13712 -
رُوِّينَا عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فِي خُطْبَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْحَجِّ: «اتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللَّهِ وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ» ،
13713 -
وَفِي حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فِي قِصَّةِ الْمَوْهُوبَةِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «قَدْ زَوَّجْتُكَهَا بِمَا - وَفِي رِوَايَةٍ - أَنْكَحْتُكَهَا عَلَى مَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ» ،
13714 -
وَرُوِيَ فِيهِ: «مَلَكْتَهَا» ، وَرُوِيَ:«مُلِّكْتَهَا» وَرُوِيَ: «مَلَّكْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ، وَزَوَّجْتُكَهَا أَكْثَرُ»
تَزْوِيجُ مَنْ لَمْ يُولَدْ
13715 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِيمَا بَلَغَهُ، عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ سَيَّارٍ أَبِي الْحَكَمِ، وَأَبِي حَنَانٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، " أَنَّ رَجُلًا قَالَ: مَنْ يَذْبَحُ لِلْقَوْمِ شَاةً وَأُزَوِّجُهُ أَوَّلَ بِنْتٍ تُولَدُ لِي؟ فَذَبَحَ لَهُمْ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ، فَأَجَازَ عَبْدُ اللَّهِ النِّكَاحَ "
13716 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَسْنَا وَلَا أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ عَلِمْتُهُ يَقُولُ بِهَذَا يَجْعَلُونَ لِلْذَابِحِ أَجْرَ مِثْلِهِ، وَلَا يَكُونُ هَذَا نِكَاحًا
13717 -
قَالَ أَحْمَدُ: هَذَا مُنْقَطِعٌ
13718 -
وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ مَيْمُونَةَ بِنْتِ كَرْدَمٍ: أَنَّ أَبَاهَا ذَكَرَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ طَارِقَ ابْنَ الْمُرَقَّعِ قَالَ: مَنْ يُعْطِينِي رُمْحًا بِثَوَابِهِ، وَثَوَابُهُ أَنْ أُزَوِّجَهُ أَوَّلَ بِنْتٍ تَكُونُ لِي؟ فَأَعْطَيْتُهُ رُمْحِي، ثُمَّ وُلِدَتْ لَهُ ابْنَةٌ، وَبَلَغَتْ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَا أُجَهِّزُهَا حَتَّى تُحْدِثَ صَدَاقًا غَيْرَ ذَلِكَ، فَحَلَفْتُ أَنْ لَا أَفْعَلَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«دَعْهَا لَا خَيْرَ لَكَ فِيهَا» قَالَ: فَرَاعَنِي ذَلِكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«لَا تَأْثَمُ وَلَا يَأْثَمُ»
خُطْبَةُ النِّكَاحِ
13719 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يُقَدِّمَ الْمَرْءُ بَيْنَ يَدَيْ خُطْبَتِهِ وَكُلُّ أَمَرٍ طَلَبَهُ سِوَى
⦗ص: 77⦘
الْخُطْبَةِ حَمْدُ اللَّهِ وَالثَّنَاءُ عَلَيْهِ وَالصَّلَاةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالْوَصِيَّةُ بِتَوَقِّي اللَّهِ، ثُمَّ يَخْطُبُ، وَأَحَبُّ إِلَى الْوَلِيِّ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يُزَوِّجُ وَيَزِيدُ: أَنْكَحْتُكَ عَلَى مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ مِنْ إِمْسَاكٍ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٍ بِإِحْسَانٍ
13720 -
أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا أَنْكَحَ قَالَ:«أُنْكِحُكَ عَلَى مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ عَلَى إِمْسَاكٍ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٍ بِإِحْسَانٍ»
13721 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِنْ لَمْ يَزِدْ عَلَى عَقْدِ النِّكَاحِ جَازَ النِّكَاحُ
13722 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا بَدَلُ بْنُ الْمُحَبَّرِ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْعَلَاءِ، ابْنِ أَخِي شُعَيْبٍ الرَّازِيِّ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ قَالَ: خَطَبْتُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أُمَامَةَ بِنْتَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، «فَأَنْكَحَنِي مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَشَهَّدَ»
عَدَدُ مَا يَحِلُّ مِنَ الْحَرَائِرِ وَالْإِمَاءِ
13723 -
أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، إِجَازَةً عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ، عَنِ الرَّبِيعِ، عَنِ الشَّافِعِيِّ قَالَ: قَالَ اللَّهُ عز وجل: {قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتِ أَيْمَانُهُمْ} [الأحزاب: 50]، وَقَالَ:{فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتِ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 3]
13724 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَأَطْلَقَ اللَّهُ مَا مَلَكَتِ الْأَيْمَانُ فَلَمْ يَحِدَّ فِيهِنَّ حَدًّا يُنْتَهَى إِلَيْهِ، وَانْتَهَى مَا أَحَلَّ اللَّهُ بِالنِّكَاحِ إِلَى أَرْبَعٍ،
13725 -
وَدَلَّتْ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمُبَيَّنَةُ عَنِ اللَّهِ عَلَى أَنَّ انْتِهَاءَهُ إِلَى أَرْبَعٍ تَحْرِيمًا مِنْهُ لِأَنْ يَجْمَعَ أَحَدٌ غَيْرُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ، فَقَالَ لِغَيْلَانَ بْنِ سَلَمَةَ، وَنَوْفَلِ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَغَيْرِهِمَا، وَأَسْلَمُوا وَعِنْدَهُمْ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعٍ:«أَمْسِكْ أَرْبَعًا وَفَارِقْ سَائِرَهُنَّ»
13726 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو تُرَابٍ الْمُذَكِّرُ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: وَقَفَتْ مَوْلَاةٌ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ تَصُبُّ عَلَيْهِ الْمَاءَ فَقَالَ: «إِنِّي لَأَشْتَاقُ إِلَى النِّكَاحِ» ، فَقَالَتْ: تَزَوَّجْ فَمَا أَحَدٌ أَقْدَرُ عَلَى ذَلِكَ مِنْكَ قَالَ: «فَكَيْفَ بِأَرْبَعٍ فِي الْقَصْرِ؟» قَالَتْ: تُطَلِّقُ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ وَتَزَوَّجُ أُخْرَى قَالَ: «الطَّلَاقُ قَبِيحٌ أَكْرَهُهُ»
⦗ص: 79⦘
13727 -
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ الزَّعْفَرَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ: حَدَّثَتْنِي أُمُّ زَيْنَبَ، أَنَّ أُمَّ مَعْبَدٍ أُمَّ وَلَدٍ حَدَّثَتْهَا قَالَتْ: كُنْتُ أَصُبُّ عَلَى عَلِيٍّ الْمَاءَ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ، فَذَكَرَ مَعْنَاهُ،
13728 -
ورُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ فَوْقَ أَرْبَعٍ، فَمَا زَادَ فَهُوَ عَلَيْهِ حَرَامٌ
13729 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ الرَّبِيعِ: وَلَمَّا أَبَاحَ اللَّهُ لِمَنْ لَا زَوْجَةَ لَهُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ أَرْبَعِ زَوْجَاتٍ، قُلْنَا حُكْمُ اللَّهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْ طَلَّقَ أَرْبَعَ نِسْوَةٍ لَهُ طَلَاقًا لَا يَمْلِكُ رَجْعَةً أَوْ يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ فَلَيْسَ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ فِي عِدَّتِهَا مِنْهُ حَلَّ لَهُ أَنْ يَنْكِحَ مَكَانَهُنَّ أَرْبَعًا؛ لِأَنَّهُ لَا زَوْجَةَ لَهُ وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهِ
13730 -
وَاحْتَجَّ بِانْقِطَاعِ أَحْكَامِهَا مِنَ الْإِيلَاءِ وَالظِّهَارِ وَاللِّعَانِ وَالْمِيرَاثِ وَغَيْرِ ذَلِكَ
13731 -
وَهُوَ قَوْلُ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَعُرْوَةَ وَأَكْثَرُ أَهْلِ دَارِ السُّنَّةِ وَحَرَّمَ اللَّهُ عز وجل.
13732 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الْقَاسِمِ، وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ كَانَا يَقُولَانِ فِي الرَّجُلِ يَكُونُ عِنْدَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ فَيُطَلِّقُ إِحْدَاهُنَّ أَلْبَتَّةَ: أَنَّهُ يَتَزَوَّجُ إِنْ شَاءَ وَلَا يَنْتَظِرُ أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا، وَهَذَا فِيمَا أَجَازَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ رِوَايَتَهُ عَنْهُ، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ، عَنِ الرَّبِيعِ، عَنِ الشَّافِعِيِّ، فَذَكَرَهُ
⦗ص: 80⦘
،
13733 -
وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَالْحَسَنِ، وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ
13734 -
قَالَ: وَهُوَ قَالَ عَطَاءٌ فِي أَثْبَتِ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ
تَسَرِّي الْعَبْدِ
13735 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَالَ اللَّهُ عز وجل: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتِ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} [المؤمنون: 6]،
13736 -
فَدَلَّ كِتَابُ اللَّهِ عَلَى أَنَّ مَا أَبَاحَ مِنَ الْفَرْجِ فَإِنَّمَا أَبَاحَهُ مِنْ أَحَدِ وَجْهَيْنِ: النِّكَاحُ، أَوْ مَا مَلَكَتِ الْيَمِينُ،
13737 -
وَقَالَ اللَّهُ: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ} [النحل: 75]
13738 -
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ بَاعَ عَبْدًا لَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ»
⦗ص: 82⦘
13739 -
فَدَلَّ الْكِتَابُ ثُمَّ السُّنَّةُ أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَكُونُ مَالِكًا مَالًا بِحَالٍ، ثُمَّ بَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ إِلَى أَنْ قَالَ:
13740 -
فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ تَسَرِّي الْعَبْدِ، قِيلَ: نَعَمْ، وَخِلَافُهُ قَالَ ابْنُ عُمَرَ: لَا يَطَأُ الرَّجُلُ وَلِيدَةً، إِلَّا وَلِيدَةً إِنْ شَاءَ بَاعَهَا، وَإِنْ شَاءَ وَهَبَهَا، وَإِنْ شَاءَ صَنَعَ بِهَا مَا شَاءَ، فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؟ قُلْتُ: ابْنُ عَبَّاسٍ إِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِعَبْدٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ قَالَ: لَيْسَ لَكَ طَلَاقٌ، وَأَمَرَهُ أَنْ يُمْسِكَهَا فَأَبَى، فَقَالَ: فَهِيَ لَكَ فَاسْتَحَلَّهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ، يُرِيدُ أَنَّهَا لَهُ حَلَالٌ بِالنِّكَاحِ وَلَا طَلَاقَ لَكَ، وَأَنْتَ تَزْعُمُ أَنَّ مَنْ طَلَّقَ مِنَ الْعَبِيدِ لَزِمَهُ الطَّلَاقَ وَلَمْ يَحِلَّ لَهُ امْرَأَتَهُ بَعْدَ تَطْلِيقَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ
13741 -
قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ رَوَى الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ فِيمَا بَلَغَهُ عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ عُبِيدَهُ أَنْ يَتَسَرُّوا،
13742 -
وَرُوِّينَا نَحْنُ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ عَبِيدُ ابْنِ عُمَرَ يَتَسَرُّونَ فَلَا يَعِيبُ عَلَيْهِمْ، أَخْبَرَنَاهُ أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عُثْمَانَ الْبَصْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْلَى قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، فَذَكَرَهُ،
13743 -
وَأَمَّا الَّذِي عَارَضَهُ بِهِ فَهُوَ فِي الْمُوَطَّأِ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ، أَخْبَرَنَاهُ أَبُو أَحْمَدَ الْمِهْرَجَانِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، فَذَكَرَهُ
⦗ص: 83⦘
،
13744 -
وَقَدْ رَوَى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، مَا دَلَّ عَلَى أَنَّ ابْنَ عُمَرَ إِنَّمَا قَالَ: ذَلِكَ فِي الْحُرِّ إِذَا اشْتَرَى وَلِيدَةً بِشَرْطٍ فَاسِدٍ،
13745 -
وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ: أَنَّ عَبْدًا لِابْنِ عَبَّاسٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَقَالَ: هِيَ لَكَ طَأْهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ
13746 -
وَقَدْ أَخْبَرَنَاهُ أَبُو حَازِمٍ الْحَافِظُ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ بْنُ خُمَيْرَوَيْهِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ نَجْدَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ، أَنَّ غُلَامًا لِابْنِ عَبَّاسٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ تَطْلِيقَتَيْنِ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ:«أَرْجِعْهَا» ، فَأَبَى، فَقَالَ:«هِيَ لَكَ، اسْتَحِلَّهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ»
نِكَاحُ الْمَحَدُودِينَ يَعْنِي الزُّنَاةَ
13747 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ رحمه الله قَالَ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى
⦗ص: 85⦘
13748 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: اخْتُلِفَ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ، فَقِيلَ نَزَلَتْ فِي بَغَايَا كَانَتْ لَهُنَّ رَايَاتٌ وَكُنَّ غَيْرَ مُحْصَنَاتٍ، فَأَرَادَ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ نِكَاحَهُنَّ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ بِتَحْرِيمِ أَنْ يَنْكِحْنَ إِلَّا مَنْ أَعْلَنَ بِمِثْلِ مَا أَعْلَنَّ بِهِ أَوْ مُشْرِكًا،
13749 -
وَقِيلَ: كُنَّ زَوَانِي مُشْرِكَاتٍ، فَنَزَلَتْ أَنْ لَا يَنْكِحَهُنَّ إِلَّا زَانٍ مِثْلَهُنَّ مُشْرِكٌ، أَوْ مُشْرِكٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ زَانِيًا، وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ،
13750 -
وَقِيلَ غَيْرُ هَذَا، وَقِيلَ هِيَ عَامَّةٌ وَلَكِنَّهَا نُسِخَتْ
13751 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ
⦗ص: 86⦘
، عَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي بَغَايَا مِنْ بَغَايَا الْجَاهِلِيَّةِ كَانَتْ عَلَى مَنَازِلِهِنَّ رَايَاتٌ
13752 -
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: إِنَّهَا حُكْمٌ بَيْنَهُمَا،
13753 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَهَذَا قَدْ رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَغَيْرُهُ عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ شَكَّ فِيهِ فَتَرَكَ اسْمَهُ
13754 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُثَنَّى قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَضْرَمِيُّ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ اسْتَأْذَنَ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي امْرَأَةٍ يُقَالُ لَهَا أُمُّ مَهْزُولٍ كَانَتْ تُسَافِحُ وَتَشْتَرِطُ لَهُ أَنْ تُنْفِقَ عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ اسْتَأْذَنَ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيهَا وَذَكَرَ لَهُ أَمْرَهَا قَالَ: فَقَرَأَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " {الزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ} [النور: 3] "، أَوْ قَالَ: فَنَزَلَتْ {الزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ} [النور: 3]،
13755 -
وَفِي رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي مَرْثَدِ بْنِ أَبِي مَرْثَدٍ حِينَ أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ عَنَاقًا وَكَانَتْ بَغِيًّا وَكَانَتْ مُشْرِكَةً
⦗ص: 87⦘
13756 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَرُوِي عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّهُ قَالَ: «الزَّانِي لَا يَزْنِي إِلَّا بِزَانِيَةٍ أَوْ مُشْرِكَةٍ، وَالزَّانِيَةُ لَا يَزْنِي بِهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ» ، يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ قَوْلَهُ يَنْكِحُ يُصِيبُ
13757 -
أَخْبَرَنَاهُ الْإِمَامُ أَبُو الْفَتْحِ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ فِرَاسٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الدِّيلِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ شُبْرُمَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ فِي قَوْلِهِ:{الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً} [النور: 3] قَالَ: «لَا يَزْنِي إِلَّا بِزَانِيَةٍ»
13758 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: أَمَا أَنَّهُ لَيْسَ بِالنِّكَاحِ وَلَكِنْ لَا يُجَامِعُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ،
13759 -
{وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [النور: 3]، أَيْ وَحُرِّمَ الزِّنَا عَلَى الْمُؤْمِنِينَ
13760 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَالَّذِي يُشْبِهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ مَا قَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ
13761 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَسَنُ، وَأَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:{الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ} [النور: 3]" أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ، نَسَخَهَا قَوْلُ اللَّهِ عز وجل: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى} [النور: 32] مِنْكُمْ، فَهِيَ مِنْ أَيَامَى الْمُسْلِمِينَ "
13762 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ: وَقَدْ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَاعِزُ
⦗ص: 88⦘
بْنُ مَالِكٍ فَأَقَرَّ عِنْدَهُ بِالزِّنَا مِرَارًا لَمْ يَأْمُرْهُ فِي وَاحِدٍ مِنْهَا أَنْ يَجْتَنِبَ زَوْجَهُ إِنْ كَانَتْ لَهُ، وَلَا زَوْجَهُ أَنْ تَجْتَنِبَهُ،
13763 -
وَقَدْ ذَكَرَ لَهُ رَجُلٌ أَنَّ امْرَأَةَ رَجُلٍ زَنَتْ وَزَوْجُهَا حَاضِرٌ فَلَمْ يَأْمُرْ فِيمَا عَلِمْنَا زَوْجَهَا بِاجْتِنَابِهَا وَأَمَرَ أُنَيْسًا أَنْ يَغْدُوَ عَلَيْهَا فَإِنِ اعْتَرَفَتْ رَجَمَهَا، وَقَدْ جَلْدَ ابْنَ الْأَعْرَابِيِّ فِي الزِّنَا مِائَةً وَغَرَّبَهُ عَامًا، وَلَمْ يَنْهَهُ فِيمَا عَلِمْنَا أَنْ يَنْكِحَ وَلَا أَحَدًا أَنْ يَنْكِحَهُ إِلَّا زَانِيَةً،
13764 -
وَقَدْ رَفَعَ الرَّجُلُ الَّذِي قَذَفَ امْرَأَتَهُ إِلَيْهِ أَمْرَ امْرَأَتِهِ وَقَذَفَهَا بِرَجُلٍ وَانْتَفَى مِنْ حَمْلِهَا فَلَمْ يَأْمُرْهُ بِاجْتِنَابِهَا حَتَّى لَاعَنَ بَيْنَهُمَا،
13765 -
وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا شُكِيَ إِلَيْهِ أَنَّ امْرَأَتَهَ لَا تَدْفَعُ يَدَ لَامِسٍ فَأَمَرَهُ بِفِرَاقِهَا، فَقَالَ لَهُ: إِنِّي أُحِبُّهَا، فَأَمَرَهُ أَنْ يَسْتَمْتِعَ بِهَا
13766 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ هَارُونَ بْنِ رِئَابٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: أَتَى رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي امْرَأَةً لَا تَرُدُّ يَدَ لَامِسٍ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«فَطَلِّقْهَا» قَالَ: إِنِّي أُحِبُّهَا، قَالَ:«فَأَمْسِكْهَا إِذًا»
13767 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْخُرَاسَانِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنِي الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى السِّينَانِيُّ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ
⦗ص: 89⦘
إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ أَنَّ لَهُ امْرَأَةً لَا تَمْنَعُ يَدَ لَامِسٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«طَلِّقْهَا» ، فَذَكَرَ وَجْدَهُ بِهَا قَالَ:«اسْتَمْتِعْ بِهَا»
13768 -
قَالَ أَحْمَدُ: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابِ السُّنَنِ، فَقَالَ: كَتَبَ إِلَيَّ الْحُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى
13769 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ قَالَ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي يَزِيدَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَجُلًا تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَلَهَا ابْنَةٌ مِنْ غَيْرِهِ وَلَهُ ابْنٌ مِنْ غَيْرِهَا فَفَجَرَ الْغُلَامُ بِالْجَارِيَةِ، وَظَهَرَ بِهَا حَبَلٌ، فَلَمَّا قَدِمَ عُمَرُ رضي الله عنه مَكَّةَ رُفِعَ ذَلِكَ إِلَيْهِ «فَسَأَلَهُمَا فَاعْتَرَفَا، فَجَلَدَهُمَا عُمَرُ الْحَدَّ وَحَرَصَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا» ، فَأَبَى الْغُلَامُ
13770 -
قَالَ أَحْمَدُ: رُوِّينَا عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ رَجُلٍ فَجَرَ بِامْرَأَةٍ أَيَنْكِحُهَا؟ قَالَ: نَعَمْ، ذَاكَ حِينَ أَصَابَ الْحَلَالَ،
13771 -
وَعَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَوَّلُهُ سِفَاحٌ وَآخِرُهُ نِكَاحٌ لَا بَأْسَ بِهِ
13772 -
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فِي جَوَازِ ذَلِكَ، وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
13773 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْهَيْثَمِ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي الرَّجُلِ زَنَى بِامْرَأَةٍ ثُمَّ يَتَزَوَّجُهَا قَالَ:«لَا يَزَالَانِ زَانِيَيْنِ»
13774 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَسْنَا وَلَا إِيَّاهُمْ نَقُولُ بِهَذَا، هُمَا آثِمَانِ حِينَ زَنَيَا وَيُصِيبَانِ الْحَلَالَ حِينَ تَنَاكَحَا غَيْرُ زَانِيَيْنِ،
13775 -
وَقَدْ قَالَ عُمَرُ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، نَحْوَ هَذَا
13776 -
وَفِي رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ بِإِسْنَادِهِ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِيمَا بَلَغَهُ، عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يَطَأَ الرَّجُلُ أَمَتَهُ إِذَا فَجَرَتْ أَوْ يَطَأَهَا وَهِيَ مُشْرِكَةٌ "
13777 -
وَبِإِسْنَادِهِ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ، قَالَ وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ حَنَشٍ أَنَّ رَجُلًا تَزَوَّجَ امْرَأَتَهُ فَزَنَى بِهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا، فَرُفِعَ إِلَى عَلِيٍّ فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَجَلْدَهُ الْحَدَّ وَأَعْطَاهَا نِصْفَ الصَّدَاقِ "
13778 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَسْنَا وَلَا إِيَّاهُمْ وَلَا أَحَدٌ عَلِمْتُهُ يَقُولُ بِهَذَا،
13779 -
وَإِنَّمَا أَوْرِدُ هَذَا إِلْزَامًا لِلْعِرَاقِيِّينَ فِي خِلَافِ عَلِيٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ،
13780 -
وَحَنَشٌ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ،
13781 -
وَرُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ مُنْقَطِعٍ عَنْ عَلِيٍّ
⦗ص: 91⦘
،
13782 -
وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ مَا دَلَّ عَلَى الرُّخْصَةِ إِذَا تَابَا
13783 -
وَأَمَّا حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«لَا يَنْكِحُ الزَّانِي الْمَجْلُودُ إِلَّا مِثْلَهُ» فَهُوَ فِي مَعْنَى الْآيَةِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا أَقَاوِيلَ أَهْلِ التَّفْسِيرِ، فِيهَا وَاخْتِيَارَ الشَّافِعِيِّ قَوْلَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهَا نُسِخَتْ، وَاسْتَدَلَّ بِمَا مَضَى ذِكْرُهُ،
13784 -
وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ: {لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} [الممتحنة: 10] وَبِقَوْلِهِ: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة: 221]،
13785 -
وَلَمْ يَخْتَلِفِ النَّاسُ فِيمَا عَلِمْتُ فِي أَنَّ الزَّانِيَةَ الْمُسْلِمَةَ لَا تَحِلُّ لِمُشْرِكٍ وَثَنِيٍّ وَلَا كِتَابِيٍّ، وَأَنَّ الْمُشْرِكَةَ الزَّانِيَةَ لَا تَحِلُّ لِمُسْلِمٍ زَانٍ وَلَا غَيْرِهِ، فَإِجْمَاعُهُمْ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى فِي كِتَابِ اللَّهِ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ قَالَ: هُوَ حُكْمٌ بَيْنَهُمَا
13786 -
وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ: بَصْرَةُ قَالَ: تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً بِكْرًا فِي سِتْرِهَا، فَدَخَلْتُ عَلَيْهَا، فَإِذَا هِيَ حُبْلَى، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«لَهَا الصَّدَاقُ بِمَا اسْتَحْلَلْتَ مِنْ فَرْجِهَا، وَالْوَلَدُ عَبْدٌ لَكَ، فَإِذَا وَلَدَتْ فَاجْلِدُوهَا»
13787 -
فَهَذَا الْحَدِيثُ إِنَّمَا أَسْنَدَهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي يَحْيَى، وَزَعَمُوا أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخَذَهُ مِنْهُ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ
⦗ص: 92⦘
،
13788 -
وَرَوَاهُ يَزِيدُ بْنُ نُعَيْمٍ وَغَيْرُهُ عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، مُرْسَلًا، وَقَالَ: وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَقَدْ مَضَتِ الدَّلَالَةُ عَلَى جَوَازِ نِكَاحِ الزَّانِيَةِ الْمُسْلِمَةِ،
13789 -
وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ وَلَدَ الزِّنَا مِنَ الْحُرَّةِ يَكُونُ حُرًّا فَأَشْبَهَ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْحَدِيثُ إِنْ كَانَ صَحِيحًا مَنْسُوخًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ
بَابُ نِكَاحِ الْعَبْدِ
13790 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، مَوْلَى آلِ طَلْحَةَ وَكَانَ ثِقَةً، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ:«يَنْكِحُ الْعَبْدُ امْرَأَتَيْنِ»
13791 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ، رحمه الله: وَهَذَا قَوْلُ الْأَكْثَرِ مِنَ الْمُفْتِينَ بِالْبُلْدَانِ
13792 -
قَالَ فِي الْإِمْلَاءِ قِيَاسًا عَلَى مَا يَكُونُ لَهُ نِصْفُهُ وَعَلَيْهِ مِنْ حُدُودٍ وَطَلَاقٍ، وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ وَعَلِيٍّ، فَذَكَرَ حَدِيثَ عُمَرَ
13793 -
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي يَحْيَى، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَالَ:«يَنْكِحُ الْعَبْدُ اثْنَتَيْنِ لَا يَزِيدُ عَلَيْهِمَا» أَخْبَرَنَاهُ أَبُو سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، فَذَكَرَهُ،
13794 -
وَقَدْ رَوَاهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ
⦗ص: 94⦘
13795 -
وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، مِثْلُ قَوْلِ عُمَرَ وَعَلِيٍّ، وَلَا نَعْرِفُ لَهُمْ مِنَ الصَّحَابَةِ مُخَالِفًا،
13796 -
وَأَمَّا الَّذِي رُوِيَ عَنْ عُمَرَ، وَابْنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِمَا فِي طَلَاقِهِ فَنَحْنُ نُذْكُرُهُ إِنَّ شَاءَ اللَّهُ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ كِتَابِ الرَّجْعَةِ
بَابُ مَا يَحْرُمُ مِنْ نِكَاحِ الْحَرَائِرِ وَمَا يَحِلُّ مِنْهُ وَمِنَ الْإِمَاءِ وَالْجَمْعُ بَيْنَهُنَّ وَغَيْرُ ذَلِكَ
13797 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ، رحمه الله: قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ} [النساء: 23] الْآيَةَ، وَقَالَ:{وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 22]
13798 -
وَفِي كِتَابِ الْبُخَارِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي حَبِيبٌ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:«حَرُمَ مِنَ النَّسَبِ سَبْعٌ، وَمِنَ الصِّهْرِ سَبْعٌ» ، ثُمَّ قَرَأَ:" {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: 23] " الْآيَةَ أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَمْرٍو الْأَدِيبُ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ زَكَرِيَّا قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، بِهَذَا الْحَدِيثِ
⦗ص: 96⦘
،
13799 -
وَرَوَاهُ حَيَّانُ بْنُ عُمَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَزَادَ:«وَيَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ»
13800 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: حَرَّمَ اللَّهُ الْأُمَّ وَالْأُخْتَ مِنَ الرَّضَاعَةِ، فَاحْتُمِلَ أَنْ لَا يُحَرِّمَ سِوَاهُمَا، وَاحْتُمِلَ إِذْ ذَكَرَ اللَّهُ تَحْرِيمَ الْأُمِّ وَالْأُخْتِ مِنَ الرَّضَاعَةِ فَأَقَامَهُمَا فِي التَّحْرِيمِ مَقَامَ الْأُخْتِ وَالْأُمِّ مِنَ النَّسَبِ، أَنْ تَكُونَ الرَّضَاعَةُ كُلُّهَا تَقُومُ مَقَامَ النَّسَبِ، فَمَا حَرَّمَ بِالنَّسَبِ حَرَّمَ بِالرَّضَاعِ مِثْلَهُ، وَبِهَذَا نَقُولُ بِدَلَالَةِ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالْقِيَاسِ عَلَى الْقُرْآنِ
13801 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ الْوِلَادَةِ»
13802 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ: الشَّافِعِيُّ: وَإِذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ فَمَاتَتْ أَوْ طُلِّقَتْ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا لَمْ أَرَ لَهُ أَنْ يَنْكِحَ أُمَّهَا؛ لِأَنَّ الْأُمَّ مُبْهَمَةُ التَّحْرِيمِ فِي كِتَابِ اللَّهِ، لَيْسَ فِيهَا شَرْطٌ، إِنَّمَا الشَّرْطُ فِي الرَّبَائِبِ، وَهَذَا قَوْلُ الْأَكْثَرِ مِنَ الْمُفْتِينَ، وَقَوْلُ بَعْضِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
13803 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: سُئِلَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ عَنْ رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَفَارَقَهَا قَبْلَ أَنْ يُصِيبَهَا، هَلْ تَحِلُّ لَهُ أُمُّهَا؟ فَقَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ:«لَا، الْأُمُّ مُبْهَمَةٌ لَيْسَ فِيهَا شَرْطٌ، إِنَّمَا الشَّرْطُ فِي الرَّبَائِبِ»
13804 -
قَالَ أَحْمَدُ: هَكَذَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَهِيَ مُنْقَطِعَةٌ،
13805 -
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ قَالَ:«إِنْ كَانَتْ مَاتَتْ فَوَرِثَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ أُمُّهَا، وَإِنْ طَلَّقَهَا فَإِنَّهُ يَتَزَوَّجُهَا إِنْ شَاءَ»
13806 -
وَقَوْلُ الْجَمَاعَةِ: إِنَّهَا لَا تَحِلُّ بِحَالٍ
13807 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهُوَ يُرْوَى عَنْ عُمَرَ، وَغَيْرِهِ، قَرِيبٌ مِنْهُ
13808 -
وَأَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ نَجْدَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: حَدَّثَنَا جُرَيْجُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِيَاسٍ، عَنْ رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي شَمْخٍ، فَرَأَى بَعْدُ أُمَّهَا، فَأَعْجَبَتْهُ، فَذَهَبَ إِلَى ابْنِ مَسْعُودٍ فَقَالَ: إِنِّي تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً وَلَمْ أَدْخُلْ بِهَا، ثُمَّ أَعْجَبَتْنِي أُمُّهَا، فَأُطَلِّقُ الْمَرْأَةَ وَأَتَزَوَّجُ أُمَّهَا؟ قَالَ: نَعَمْ، فَطَلَّقَهَا، وَتَزَوَّجَ أُمَّهَا، فَأَتَى عَبْدُ اللَّهِ الْمَدِينَةَ فَسَأَلَ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: لَا يَصْلُحُ، ثُمَّ قَدِمَ فَأَتَى بَنِي شَمْخٍ فَقَالَ:«أَيْنَ الرَّجُلُ؟» ، قَالُوا: هَا هُنَا قَالَ: «فَلْيُفَارِقْهَا» ، قَالُوا: وَقَدْ نَثَرَتْ لَهُ بَطْنَهَا قَالَ: «فَلْيُفَارِقْهُ فَإِنَّهُ حَرَامٌ مِنَ اللَّهِ»
⦗ص: 98⦘
13809 -
وَبِمَعْنَاهُ رَوَاهُ إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ،
13810 -
وَرَوَاهُ الْحَجَّاجُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، وَسَمَّى فِيهِ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ،
13811 -
وَكَذَلِكَ سَمَّاهُ أَبُو فَرْوَةَ الْهَمْدَانِيُّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ،
13812 -
ورُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ مِثْلَ هَذَا، وَرُوِيَ فِيهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
13813 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَقَدْ مَضَى فِي حَدِيثِ أُمِّ حَبِيبَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «فَلَا تَعْرِضْنَ عَلَيَّ بَنَاتِكُنَّ وَلَا أَخَوَاتِكُنَّ» ، وَلَمْ يَقُلِ: اللَّاتِي فِي حِجْرِي، وَفِي ذَلِكَ دَلَالَةٌ عَلَى تَسْوِيَةِ التَّحْرِيمِ بَيْنَ بَنَاتِهِنَّ اللَّاتِي فِي حِجْرِهِ وَاللَّاتِي فِي غَيْرِ حِجْرِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ،
13814 -
رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: الْأُمُّ مُبْهَمَةٌ،
13815 -
وَفِي رِوَايَةٍ: أَبْهِمُوا مَا أَبْهَمَ اللَّهُ،
13816 -
قَالَ أَبُو مَنْصُورٍ الْأَزْهَرِيُّ رحمه الله: رَأَيْتُ كَثِيرًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَذْهَبُونَ بِهَذَا إِلَى إِبْهَامِ الْأَمْرِ وَاسْتِبْهَامِهِ، وَهُوَ إِشْكَالُهُ، وَهُوَ غَلَطٌ فَقَوْلُهُ:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: 23]، إِلَى قَوْلِهِ:{وَبَنَاتُ الْأَخِ} [النساء: 23]، هَذَا كُلُّهُ يُسَمَّى: التَّحْرِيمُ الْمُبْهَمُ؛
⦗ص: 99⦘
لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ بِوَجْهٍ مِنَ الْوجُوهِ، كَالْبَهِيمِ مِنْ أَلْوَانِ الْخَيْلِ الَّذِي لَا شِيَةَ فِيهِ يُخَالِفُ مُعْظَمَ لَوْنِهِ،
13817 -
وَلَمَّا سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ قَوْلِهِ: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} [النساء: 23]، وَلَمْ يُبَيِّنِ اللَّهُ الدُّخُولَ بِهِنَّ أَجَابَ، فَقَالَ: هَذَا مِنْ مُبْهَمِ التَّحْرِيمِ الَّذِي لَا وَجْهَ فِيهِ غَيْرُ التَّحْرِيمِ،
13818 -
وَأَمَّا قَوْلُهُ: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} [النساء: 23]، فَالرَّبَائِبُ هَا هُنَا لَسْنَ مِنَ الْمُبْهَمَاتِ لِأَنَّ لَهُنَّ وَجْهَيْنِ مُبَيَّنَيْنِ أُحْلِلْنَ فِي أَحَدِهِمَا وَحُرِّمْنَ فِي الْآخَرِ
13819 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَالَ اللَّهُ عز وجل: {وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ} [النساء: 23]، فَأَيُّ امْرَأَةٍ نَكَحَهَا رَجُلٌ حُرِّمَتْ عَلَى أَبِيهِ دَخَلَ بِهَا الِابْنُ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، وَكَذَلِكَ تُحَرَّمُ عَلَى جَمِيعِ آبَائِهِ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ لِأَنَّ الْأُبُوَّةَ تَجْمَعُهُمْ مَعًا،
13820 -
وَقَالَ: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ} [النساء: 22]، فَأَيُّ امْرَأَةٍ نَكَحَهَا رَجُلٌ حُرِّمَتْ عَلَى وَلَدِهِ دَخَلَ بِهَا الْأَبُّ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، وَكَذَلِكَ وَلَدُ وَلَدِهِ مِنْ قِبَلِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ
13821 -
قَالَ: وَكُلُّ امْرَأَةِ أَبٍ أَوِ ابْنٍ حَرَّمْتُهَا عَلَى أَبِيهِ وَابْنِهِ بِنَسَبٍ فَكَذَلِكَ أُحَرِّمُهَا إِذَا كَانَتِ امْرَأَةُ أَبٍ أَوِ ابْنٍ مِنَ الرَّضَاعِ،
13822 -
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: إِنَّمَا قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى: {وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ} [النساء: 23]، فَكَيْفَ حُرِّمَتْ حَلِيلَةُ الِابْنِ مِنَ الرَّضَاعَةِ؟
⦗ص: 100⦘
قِيلَ: بِمَا وَصَفْتُ مِنْ جَمْعِ اللَّهِ بَيْنَ الْأُمِّ وَالْأُخْتِ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَالْأُمِّ وَالْأُخْتِ مِنَ النَّسَبِ فِي التَّحْرِيمِ، ثُمَّ بِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ» ،
13823 -
فَإِنْ قَالَ: فَهَلْ تَعْلَمُ فِيمَا أُنْزِلَتْ: {وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ} [النساء: 23]، قِيلَ: اللَّهُ أَعْلَمُ فِيمَا أَنْزَلَهَا، فَأَمَّا مَعْنَى مَا سَمِعْتُ مُتَفَرِّقًا فَجَمَعْتُهُ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَرَادَ نِكَاحَ ابْنَةِ جَحْشٍ فَكَانَتْ عِنْدَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ، وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم تَبَنَّاهُ فَأَمَرَ اللَّهُ أَنْ يُدْعَى الْأَدْعِيَاءُ لِآبَائِهِمْ، فَقَالَ:{وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ} [الأحزاب: 4] إِلَى قَوْلِهِ: {وَمَوَالِيكُمْ} [الأحزاب: 5]، وَقَالَ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم:{فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ} [الأحزاب: 37]، فَأَشْبَهَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ:{وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ} [النساء: 23] دُونَ أَدْعِيَائِكُمُ الَّذِينَ تُسَمُّونَهُمْ أَبْنَاءَكُمْ، وَلَا يَكُونُ الرَّضَاعُ مِنْ هَذَا فِي شَيْءٍ
13824 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} [النساء: 22]، وَفِي قَوْلِهِ:{وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} [النساء: 23]، كَانَ أَكْبَرُ وَلَدِ الرَّجُلِ يَخْلُفُ عَلَى امْرَأَةِ أَبِيهِ وَكَانَ الرَّجُلُ يَجْمَعُ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ فَنَهَى اللَّهُ عَنْ أَنْ يَكُونَ مِنْهُمْ أَحَدٌ يَجْمَعُ فِي عُمُرِهِ بَيْنَ أُخْتَيْنِ أَوْ يَنْكِحُ مَا نَكَحَ أَبُوهُ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَبْلَ عِلْمِهِمْ بِتَحْرِيمِهِ، لَيْسَ أَنَّهُ أَقَرَّ فِي أَيْدِيهِمْ مَا كَانُوا قَدْ جَمَعُوا بَيْنَهُ قَبْلَ الْإِسْلَامِ، كَمَا أَقَرَّهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى نِكَاحِ الْجَاهِلِيَّةِ الَّذِي لَا يَحِلُّ فِي الْإِسْلَامِ بِحَالٍ
⦗ص: 101⦘
13825 -
قَالَ أَحْمَدُ: هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ مَوْجُودٌ بَعْضُهُ فِي حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَبَعْضُهُ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَبَعْضُهُ فِي حَدِيثِ غَيْرِهِمَا، وَفِي أَقَاوِيلِ أَهْلِ التَّفْسِيرِ، وَقَدْ رُوِّينَا بَعْضَهَا فِي كِتَابِ السُّنَنِ،
13826 -
وَفِيمَا حَكَى الشَّافِعِيُّ عَنِ الْعِرَاقِيِّينَ بَلَغَنَا، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ: مَكْتُوبٌ فِي التَّوْرَاةِ: مَلْعُونٌ مَنْ نَظَرَ إِلَى فَرْجِ امْرَأَةٍ وَأُمِّهَا،
13827 -
وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّهُ خَلَا بِجَارِيَةٍ لَهُ فَجَرَّدَهَا، وَأَنَّ ابْنًا لَهُ اسْتَوْهَبَهَا مِنْهُ، فَقَالُ لَهُ عُمَرُ: إِنَّهَا لَا تَحِلُّ لَكَ
13828 -
قَالَ: وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ: لَا يُحَرِّمُ ذَلِكَ شَيْئًا إِنْ لَمْ يَلْمَسْهَا
13829 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ بِالنَّظَرِ دُونَ اللَّمْسِ قَالَ فِي الْإِمْلَاءِ: وَهُوَ مَا أَفْضَى إِلَيْهَا بِهِ مِنْ جَسَدِهِ مُتَلَذِّذًا
⦗ص: 102⦘
13830 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَحَدِيثُ عُمَرَ فِي الْمُوَطَّأِ، عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَهَبَ لِابْنِهِ جَارِيَةً، فَقَالَ لَهُ: لَا تَمَسَّهَا فَإِنِّي قَدْ كَشَفْتُهَا،
13831 -
وَهَذَا أَيْضًا مُنْقَطِعٌ،
13832 -
وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: الدُّخُولُ هُوَ الْجِمَاعُ،
13833 -
وَقَالَ فِي الْمَسِّ وَاللَّمْسِ وَالْإِفْضَاءِ نَحْوَ ذَلِكَ،
13834 -
وَأَصْحَابُنَا يُخَرِّجُونَ للشَّافِعِيِّ قَوْلًا آخَرَ مِثْلَ مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ، وَهُوَ قَوْلُ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُرَادُ بِمَا رُوِيَ فِيهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي الْكَشْفِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ عَادَاتِ النَّاسِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
بَابُ مَا يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَهُ مِنَ النِّسَاءِ
13835 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ} [النساء: 23]، فَلَا يَحِلُّ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ بِحَالٍ مِنْ نِكَاحِ وَلَا مِلْكِ يَمِينٍ؛ لِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنْزَلَهُ مُطْلَقًا فَلَا يُحَرِّمُ مِنَ الْحَرَائِرِ شَيْءٌ إِلَّا حَرَّمَ مِنَ الْإِمَاءِ بِالْمِلْكِ مِثْلَهُ إِلَّا الْعَدَدَ
13836 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ أَبِي الْجَهْمِ، عَنْ أَبِي الْأَخْضَرِ، عَنْ عَمَّارٍ، أَنَّهُ «كَرِهَ مِنَ الْإِمَاءِ مَا كَرِهَ مِنَ الْحَرَائِرِ إِلَّا الْعَدَدَ»
13837 -
وَبِإِسْنَادِهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، أَوْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: «يُكْرَهُ مِنَ الْإِمَاءِ مَا يُكْرَهُ مِنَ الْحَرَائِرِ إِلَّا الْعَدَدَ»
13838 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهَذَا مِنْ قَوْلِ الْعُلَمَاءِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فِي مَعْنَى الْقُرْآنِ وَبِهِ نَأْخُذُ،
13839 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَوْصُولًا
13840 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ عَنِ الْأُخْتَيْنِ فِي مِلْكِ الْيَمِينِ هَلْ يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا؟ فَقَالَ عُثْمَانُ:«أَحَلَّتْهُمَا آيَةٌ، وَحَرَّمَتْهُمَا آيَةٌ، وَأَمَّا أَنَا فَلَا أُحِبُّ أَنْ أَصْنَعَ هَذَا» قَالَ: فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ فَلَقِيَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: لَوْ كَانَ لِي مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ ثُمَّ وَجَدْتُ أَحَدًا فَعَلَ ذَلِكَ لَجَعَلْتُهُ نَكَالًا
13841 -
قَالَ مَالِكٌ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ أَرَاهُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ
⦗ص: 105⦘
13842 -
قَالَ مَالِكٌ: وَبَلَغَنِي عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ، مِثْلَ ذَلِكَ
13843 -
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ سُئِلَ عَنِ الْمَرْأَةِ وَابْنَتِهَا مِنْ مِلْكِ الْيَمِينِ هَلْ تُوطَأُ إِحْدَاهُمَا بَعْدَ الْأُخْرَى؟ فَقَالَ عُمَرُ:«مَا أُحِبُّ أَنْ أُجِيزَهُمَا جَمِيعًا» ، وَنَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ
13844 -
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سُئِلَ عُمَرُ عَنِ الْأُمِّ وَابْنَتِهَا مِنْ مِلْكِ الْيَمِينِ؟ فَقَالَ: «مَا أُحِبُّ أَنْ أُجِيزَهُمَا جَمِيعًا» ،
13845 -
قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: قَالَ أَبِي: فَوَدِدْتُ أَنَّ عُمَرَ كَانَ أَشَدُّ فِي ذَلِكَ مِمَّا هُوَ
13846 -
قَالَ أَحْمَدُ: هَذَا قَوْلُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ كَمَا تَرَى وَالْمُزَنِيُّ رَحَمَنَا اللَّهُ وَإِيَّاهُ أَخْطَأَ فِيهِ فَأَضَافَهُ فِي الْمُخْتَصَرِ إِلَى ابْنِ عُمَرَ
13847 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمٌ، وَعَبْدُ الْمَجِيدِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ يُخْبِرُ، أَنَّ مُعَاذَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْمَرٍ جَاءَ عَائِشَةَ فَقَالَ لَهَا: إِنَّ لِي سُرِّيَّةً أَصَبْتُهَا، وَإِنَّهَا قَدْ بَلَغَتْ لَهَا ابْنَةٌ جَارِيَةٌ لِي أَفَأَتَسَرَّى ابْنَتَهَا؟ فَقَالَتْ:«لَا» ، فَقَالَ: فَإِنِّي وَاللَّهِ لَا أَدَعُهَا إِلَّا أَنْ تَقُولِي حَرَّمَهَا اللَّهُ، فَقَالَتْ:«لَا يَفْعَلُهُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِي وَلَا أَحَدٌ أَطَاعَنِي»
بَابُ الْجَمْعِ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا
13848 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالَكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا يُجْمَعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا وَلَا بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَخَالَتِهَا» أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ
13849 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ: وَبِهَذَا نَأْخُذُ، وَهُوَ قَوْلُ مَنْ لَقِيتُ مِنَ الْمُفْتِينَ لَا اخْتِلَافَ بَيْنَهُمْ فِيمَا عَلِمْتُهُ، وَلَمْ يُرْوَ مِنْ وَجْهٍ يُثْبِتُهُ أَهْلُ الْحَدِيثِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَّا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَقَدْ رُوِيَ مِنْ وَجْهٍ لَا يُثْبِتُهُ أَهْلُ الْحَدِيثِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، وَفِي هَذَا حُجَّةٌ عَلَى مَنْ رَدَّ الْحَدِيثَ وَعَلَى مَنْ أَخَذَ بِالْحَدِيثِ مَرَّةً وَتَرَكَهُ أُخْرَى وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِي هَذَا،
13850 -
وَالَّذِي قَالَ مِنْ رِوَايَةِ هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ غَيْرِ جِهَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ فَهُوَ كَمَا قَالَ،
13851 -
وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَأَبِي سَعِيدٍ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَمَنَ النِّسَاءِ عَنْ عَائِشَةَ، كُلُّهُمْ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
⦗ص: 107⦘
،
13852 -
إِلَّا أَنُّ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ صَاحِبَيِ الصَّحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ وَإِنَّمَا اتَّفَقَا وَمَنْ قَبْلَهُمَا وَمَنْ بَعْدَهُمَا مِنْ حُفَّاظِ الْحَدِيثِ عَلَى إِثْبَاتِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي هَذَا الْبَابِ وَالِاعْتِمَادِ عَلَيْهِ دُونَ غَيْرِهِ،
13853 -
وَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ رِوَايَةَ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا، ثُمَّ قَالَ: وَقَالَ دَاوُدَ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، وَابْنُ عَوْنٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَالْحُفَّاظُ يَرَوْنَ رِوَايَةَ عَاصِمٍ خَطَأٌ، وَأَنَّ الصَّحِيحَ رِوَايَةُ ابْنِ عَوْنٍ، وَدَاوُدَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
مَا يَحِلُّ الْجَمْعُ بَيْنَهُ
13854 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ ابْنَ صَفْوَانَ «جَمَعَ بَيْنَ امْرَأَةِ رَجُلٍ مِنْ ثَقِيفٍ وَابْنَتِهِ»
⦗ص: 109⦘
13855 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَدْ جَمَعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ بَيْنَ امْرَأَةِ عَلِيٍّ وَابْنَتِهِ
13856 -
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو حَازِمٍ الْحَافِظُ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ بْنُ خُمَيْرَوَيِهِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ نَجْدَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ قُثَمٍ مَوْلَى الْعَبَّاسِ قَالَ:«جَمَعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ بَيْنَ لَيْلَى بِنْتِ مَسْعُودٍ النَّهْشَلِيَّةِ وَكَانَتِ امْرَأَةُ عَلِيٍّ وَبَيْنَ أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ عَلِيٍّ لِفَاطِمَةَ فَكَانَتَا امْرَأَتَيْهِ»
13857 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، أَنَّهُ سَمِعَ الْحَسَنَ بْنَ مُحَمَّدٍ يَقُولُ:«جَمَعَ ابْنُ عَمٍّ لِي بَيْنَ ابْنَتَيْ عَمٍّ لَهُ فَأَصْبَحَ النِّسَاءُ لَا يَدْرِينَ أَيْنَ يَذْهَبْنَ» قَالَ الشَّيْخُ رضي الله عنه: يُرِيدُ بَيْنَ ابْنَتَيْ عَمَّيْنِ لَهُ
13858 -
أَشَارَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ إِلَى حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فِي سَبَبِ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ، وَقَدْ أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مَيْسَرَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ صَالِحٍ أَبِي الْخَلِيلِ، عَنْ أَبِي عَلْقَمَةَ الْهَاشِمِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ يَوْمَ حُنَيْنٍ بَعْثًا إِلَى أَوْطَاسٍ فَلَقُوا عَدُوًّا فَقَاتَلُوهُمْ وَظَهَرُوا عَلَيْهِمْ، فَأَصَابُوا لَهُمْ سَبَايَا، فَكَأَنَّ أُنَاسًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَحَرَّجُوا مِنْ غِشْيَانِهِنَّ مِنْ أَجْلِ أَزْوَاجِهِنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي ذَلِكَ:" {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 24] "، أَيْ: فَهُنَّ لَكُمْ حَلَالٌ إِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهُنَّ
⦗ص: 111⦘
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ الْقَوَارِيرِيِّ،
13859 -
وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: كُلُّ ذَاتِ زَوْجٍ إِتْيَانُهَا زِنا إِلَّا مَا سُبِيَتْ،
13860 -
وَشَرْطُ الِاسْتِبْرَاءِ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْهُ
13861 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ: أَخْبَرَنَا شَافِعٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ الثَّقَفِيَّ يُحَدِّثُ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ عز وجل:{وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 24] قَالَ: «سَبَايَا كَانَ لَهُنَّ أَزْوَاجٌ قَبْلَ أَنْ يُسْبَيْنَ»
13862 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ:{الْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 24] هُنَّ ذَوَاتُ الْأَزْوَاجِ وَيَرْجِعُ ذَلِكَ إِلَى أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ الزِّنَا، أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو السُّلَمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، فَذَكَرَهُ
⦗ص: 112⦘
13863 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ فِي أَنَّ ذَوَاتَ الْأَزْوَاجِ مِنَ الْإِمَاءِ يُحَرَّمْنَ عَلَى غَيْرِ أَزْوَاجِهِنَّ وَأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ فِي قَوْلِهِ عز وجل: {إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 24] مَقْصُورَةٌ عَلَى السَّبَايَا بِأَنَّ السُّنَّةَ دَلَّتْ عَلَى أَنَّ الْمَمْلُوكَةَ غَيْرَ الْمَسْبِيَّةِ إِذَا بِيعَتْ أَوْ أُعْتِقَتْ لَمْ يَكُنْ بَيْعُهَا طَلَاقًا؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَيَّرَ بَرِيرَةَ حِينَ عُتِقَتْ فِي الْمَقَامِ مَعَ زَوْجِهَا أَوْ فِرَاقِهِ، وَقَدْ زَالَ مِلْكُ بَرِيرَةَ بِأَنْ بِيعَتْ فَأُعْتِقَتْ فَكَانَ زَوَالُهُ بِمَعْنَيَيْنِ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فُرْقَةٌ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ فُرْقَةٌ لَمْ يَقُلْ: لَكَ الْخِيَارُ فِيمَنْ لَا عَقْدَ لَهُ عَلَيْهَا
13864 -
قَالَ أَحْمَدُ: فَإِذَا لَمْ يَحِلَّ فَرْجُ ذَاتِ الزَّوْجِ بِزَوَالِ الْمِلْكِ فَهِيَ إِذَا لَمْ تُبَعْ لَمْ تُحَلُّ بِمِلْكِ يَمِينٍ حَتَّى يُطَلِّقَهَا زَوْجُهَا، وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِي الْحُجَّةِ فِي ذَلِكَ،
13865 -
قَالَ فِي الْقَدِيمِ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْهُ: وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَابْنُ عُمَرَ قَالُوا: نِكَاحُ الزَّوْجِ بَعْدَ الشِّرَاءِ ثَابِتٌ،
13866 -
وَذَكَرَ أَسَانِيدَ هَذِهِ الْآثَارِ. قَالَ: وَمِمَّنْ قَالَ: «بَيْعُ الْأَمَةِ طَلَاقُهَا» عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَعِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ، وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ
13867 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَكَأَنَّهُمْ قَاسُوهَا عَلَى الْمَسْبِيَّةِ، وَحَدِيثُ بَرِيرَةَ يَمْنَعُ مِنْ هَذَا الْقِيَاسِ ثُمَّ الْإِجْمَاعُ أَنَّ مَنْ زَوَّجَ أَمَتَهُ لَمْ يَمْلِكْ وَطْأَهَا، وَهِيَ مِمَّا مَلَكَتْ يَمِينُهُ
بَابُ الزِّنَا لَا يُحَرِّمُ الْحَلَالَ
13868 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِنَّمَا حَرَّمَهُ لِحُرْمَةِ الْحَلَالِ، وَالْحَرَامُ
⦗ص: 114⦘
خِلَافُ الْحَلَالِ قَالَ: وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُنَا
13869 -
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ - هُوَ الْأَصَمُّ - قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ فِي رَجُلٍ زَنَى بِأُمِّ امْرَأَتِهِ أَوْ بِابْنَتِهَا:«فَإِنَّهُمَا حُرْمَتَانِ تَخَطَّاهُمَا وَلَا يُحَرِّمُهَا ذَلِكَ عَلَيْهِ» ،
13870 -
قَالَ: وَقَالَ يَحْيَى بْنُ يَعْمَرَ: مَا حَرَّمَ حَرَامٌ حَلَالًا قَطُّ،
13871 -
وَبِمَعْنَاهُ رُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ، وَعِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ
13872 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سَامٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَرْوِيُّ
⦗ص: 115⦘
قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا يُحَرِّمُ الْحَرَامُ الْحَلَالَ»
13873 -
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ وَغَيْرُهُمَا، عَنْ إِسْحَاقَ الْفَرْوِيِّ، وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ جِبْرِيلَ، وَرَوَى الزُّهْرِيُّ، عَنْ عَلِيٍّ، مُرْسَلًا مِثْلَ قَوْلِنَا،
13874 -
وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَيَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ، وَعُرْوَةَ، وَمُجَاهِدٍ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَالزُّهْرِيِّ
13875 -
وَأَمَّا حَدِيثُ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْوَقَّاصِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«لَا يُفْسَدُ حَلَالٌ بِحَرَامٍ، وَمَنِ أَتَى امْرَأَةً فُجُورًا فَلَا عَلَيْهِ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُمَّهَا أَوْ ابْنَتَهَا»
13876 -
فَهَذَا لَا يَصِحُّ، عُثْمَانُ هَذَا ضَعِيفٌ لَا يَحِلُّ الِاعْتِمَادُ عَلَى مَا يَرْوِيهُ، وَإِنَّمَا هُوَ قَوْلُ الزُّهْرِيِّ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ
13877 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، فَذَكَرَ مُنَاظَرَةً طَوِيلَةً جَرَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَعْضِ الْعِرَاقِيِّينَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَالَ: فَالشَّعْبِيُّ قَالَ قَوْلَنَا؟ قَالَ: قُلْتُ: فَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي قَوْلِنَا كِتَابٌ وَلَا سُنَّةٌ وَلَا مَا أَوْجَدْنَاكَ مِنَ الْقِيَاسِ وَالْمَعْقُولِ أَكَانَ قَوْلُ الشَّعْبِيِّ عِنْدَكَ حُجَّةً؟ قَالَ: لَا وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ، قُلْتُ: مِنْ وَجْهٍ لَا يَثْبُتُ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُنَا، فَرَجَعَ عَنْ قَوْلِهِمْ، وَقَالَ: الْحَقُّ عِنْدَكَ وَالْعَدْلُ فِي
⦗ص: 116⦘
قَوْلِكُمْ، فَاجْمَعْ لِي فِي هَذَا قَوْلًا، قُلْتُ: إِذَا حُرِّمَ الشَّيْءُ بِوَجْهٍ اسْتَدْلَلْنَا أَنَّهُ لَا يُحَرَّمُ بِالَّذِي يُخَالِفُهُ كَمَا إِذَا حُلَّ شَيْءٌ بِوَجْهٍ لَمْ يَحِلَّ بِالَّذِي يُخَالِفُهُ فَالْحَلَالُ ضِدُ الْحَرَامِ، وَالنِّكَاحُ حَلَالٌ، وَالزِّنَا ضِدُ النِّكَاحِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَحِلُّ لَكَ الْفَرْجُ بِالنِّكَاحِ، وَلَا يَحِلُّ لَكَ بِالزِّنَا الَّذِي يُخَالِفُهُ؟ فَقَالَ لِي مِنْهُمْ قَائِلٌ: فَإِنَّا قَدْ رُوِّينَا عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ مَكْتُوبٌ فِي التَّوْارَةِ: مَلْعُونٌ مَنْ نَظَرَ إِلَى فَرْجِ امْرَأَةٍ وَابْنَتِهَا، فَقُلْتُ لَهُ: وَلَا يَدْفَعُ هَذَا وَأَصْغَرُ ذَنْبًا مِنَ الزَّانِي بِالْمَرْأَةِ وَابْنَتِهَا وَالْمَرْأَةُ بِلَا ابْنَةٍ مَلْعُونٌ، قَدْ لُعِنَتِ الْوَاصِلَةُ وَالْمَوْصُولَةُ وَالْمُخْتَفِي - قَالَ الرَّبِيعُ: الْمُخْتَفِي النَّبَّاشُ - وَالْمُخْتَفِيَةُ وَالزِّنَا أَعْظَمُ مِنْ هَذَا كُلِّهِ، وَلَوْ كُنْتُ إِنَّمَا حَرَّمْتُهُ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ مَلْعُونٌ مَنْ نَظَرَ إِلَى فَرْجِ امْرَأَةٍ وَابْنَتِهَا لَمْ يَجُزْ أَنْ تُحَرَّمَ عَلَى الرَّجُلِ امْرَأَتُهُ إِنْ زَنَى بِهَا أَبُوهُ فَإِنَّهُ لَمْ يَنْظُرْ مَعَ فَرْجِ امْرَأَتِهِ إِلَى فَرْجِ أُمِّهَا وَلَا ابْنَتِهَا، وَلَوْ كُنْتُ حَرَّمْتُهُ لِقَوْلِهِ:«مَلْعُونٌ» ، لَزِمَكَ مَكَانَ هَذَا فِي آكِلِ الرِّبَا وَمُؤَكِّلِهِ وَأَنْتَ لَا تَمْنَعُ مَنْ أَرْبَى إِذَا اشْتَرَى بِأَجَلٍ أَنْ يُحَلَّ لَهُ غَيْرُ السِّلْعَةِ الَّتِي أَرْبَى فِيهَا، وَلَا إِذَا اخْتَفَى قَبْرًا مِنَ الْقُبُورِ أَنْ يُحَلَّ لَهُ أَنْ يَحْفُرَ غَيْرَهُ، وَيَحْفُرُ هُوَ إِذَا ذَهَبَ الْمَيِّتُ بِالْبِلَى قَالَ: أَجَلْ، قُلْتُ: فَكَيْفَ لَمْ تَقُلْ لَا يَمْنَعُ الْحَرَامُ الْحَلَالَ كَمَا قُلْتَ فِي الَّذِي أَرْبَى وَاخْتَفَى،
13878 -
وَأَمَّا الَّذِي رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مِنْ قَوْلِهِ: مَا اجْتَمَعَ الْحَرَامُ وَالْحَلَالُ إِلَّا غَلَبَ الْحَرَامُ الْحَلَالَ، فَهُوَ بِمَا رَوَاهُ جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَجَابِرٌ ضَعِيفٌ، وَالشَّعْبِيُّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مُنْقَطِعٌ، وَإِنَّمَا رُوِيَ عَنِ الشَّعْبِيِّ مِنْ قَوْلِهِ،
13879 -
وَأَمَّا الَّذِي رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مِنْ قَوْلِهِ: لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَى رَجُلٍ نَظَرَ إِلَى فَرْجِ امْرَأَةٍ وَابْنَتِهَا، فَهَذَا إِنَّمَا رَوَاهُ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ وَلَيْثٌ، وَحَمَّادٌ غَيْرُ مُحْتَجٍّ بِهِمَا
13880 -
وَأَمَّا الَّذِي يُرْوَى فِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا نَظَرَ الرَّجُلُ إِلَى فَرْجِ الْمَرْأَةِ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ أُمُّهَا وَابْنَتُهَا» فَإِنَّمَا رَوَاهُ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ، عَنْ أَبِي هَانِئٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَرِوَايَتُهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ عَنْهُ عَنْ أُمِّ هَانِئٍ، وَهَذَا مُنْقَطِعٌ بَيْنَ الْحَجَّاجِ، وَأُمِّ هَانِئٍ، أَوْ بَيْنَ أَبِي هَانِئٍ وَالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَالْحَجَّاجُ غَيْرُ مُحْتَجٍّ بِهِ فِيمَا يُسْنِدْهُ فَكَيْفَ بِمَا يُرْسِلُهُ؟ لَا يَنْبَغِي لِأَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ يُحْتَجَّ بِمِثْلِ هَذَا، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
بَابُ نِكَاحِ حَرَائِرِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَإِمَائِهِمْ وَإِمَاءِ الْمُسْلِمِينَ
13881 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ، رحمه الله: قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى: {إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٌ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تُرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} [الممتحنة: 10]
13882 -
قَالَ: فَزَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْقُرْآنِ أَنَّهَا أُنْزِلَتْ فِي مُهَاجِرَةٍ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، فَسَمَّاهَا بَعْضُهُمُ ابْنَةُ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ، وَأَهْلُ مَكَّةَ أَهْلُ أَوْثَانٍ، وَأَنَّ قَوْلَ اللَّهِ:{وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: 10]، نَزَلَتْ فِي مُهَاجِرٍ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ مُؤْمِنًا، وَإِنَّمَا نَزَلَتْ فِي الْهُدْنَةِ
⦗ص: 119⦘
13883 -
قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ رُوِّينَا هَذَا فِي حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ مَرْوَانَ، وَالْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ فِي قِصَّةِ الْهُدْنَةِ، وَسَمَّاهَا أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ، وَسَمَّى الْمُهَاجِرَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَتْ لَهُ امْرَأَتَانِ بِمَكَّةَ فَطَلَّقَهُمَا يَوْمَئِذٍ، يَعْنِي حِينَ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، فَتَزَوَّجَ إِحْدَاهُمَا مُعَاوِيَةُ، وَالْأُخْرَى صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ
13884 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ: وَقَالَ اللَّهُ: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة: 221] الْآيَةُ قَالَ: وَقَدْ قِيلَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ إِنَّهَا نَزَلَتْ فِي جَمَاعَةِ مُشْرِكِي الْعَرَبِ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُ أَوْثَانٍ، فَحَرَّمَ نِكَاحَ نِسَائِهِمْ كَمَا حَرَّمَ أَنْ تَنْكِحَ رِجَالُهُمُ الْمُؤْمِنَاتِ فَإِنْ كَانَ هَذَا هَكَذَا فَهَذِهِ الْآيَةُ ثَابِتَةٌ لَيْسَ فِيهَا مَنْسُوخٌ
13885 -
قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ رُوِّينَا عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: يَعْنِي نِسَاءَ أَهْلِ مَكَّةَ الْمُشْرِكَاتِ، ثُمَّ أَحَلَّ لَهُمْ نِسَاءَ أَهْلِ الْكِتَابِ
13886 -
وَرُوِّينَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: أَهْلُ الْأَوْثَانِ
13887 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَدْ قِيلَ هَذِهِ الْآيَةُ فِي جَمِيعِ الْمُشْرِكِينَ، ثُمَّ نَزَلَتِ الرُّخْصَةُ بَعْدَهَا فِي إِحْلَالِ نِكَاحِ حَرَائِرِ أَهْلِ الْكِتَابِ خَاصَّةً، كَمَا جَاءَتْ فِي إِحْلَالِ ذَبَائِحِ أَهْلِ الْكِتَابِ
⦗ص: 120⦘
13888 -
قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [المائدة: 5]
13889 -
قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ رُوِّينَا مَعْنَى هَذَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَنْ عَطِيَّةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،
13890 -
وَرُوِّينَا عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ: إِنَّهَا آخِرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ فَمَا وَجَدْتُمْ فِيهَا مِنْ حَلَالٍ فَاسْتَحِلُّوهُ، وَمَا وَجَدْتُمْ فِيهَا مِنْ حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ
13891 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَأَيُّهُمَا كَانَ فَقَدْ أُبِيحَ فِيهِ نِكَاحُ حَرَائِرِ أَهْلِ الْكِتَابِ،
13892 -
وَأَحَبُّ إِلَيَّ لَوْ لَمْ يَنْكِحْهُنَّ مُسْلِمٌ
13893 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَجِيدِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يُسْأَلُ عَنْ نِكَاحِ الْمُسْلِمِ الْيَهُوَدِيَّةَ وَالنَّصْرَانِيَّةَ فَقَالَ:«تَزَوَّجْنَاهُنَّ زَمَانَ الْفَتْحِ بِالْكُوفَةِ مَعَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَنَحْنُ لَا نَكَادُ نَجِدُ الْمُسْلِمَاتِ كَثِيرًا فَلَمَّا رَجَعْنَا طَلَّقْنَاهُنَّ» وَقَالَ: «لَا يَرِثْنَ مُسْلِمًا وَلَا يَرِثُوهُنَّ، وَنِسَاؤُهُمْ لَنَا حِلٌّ وَنِسَاؤُنَا عَلَيْهِمْ حَرَامٌ»
⦗ص: 121⦘
13894 -
وَرُوِّينَا فِي إِبَاحَةِ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَطَلْحَةَ، وَحُذَيْفَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، إِلَّا أَنَّ عُمَرَ كَرِهَهَا،
13895 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَمَنْ دَانَ دِينَ الْيَهُوَدِ وَالنَّصَارَى مِنَ الصَّابِئِينَ وَالسَّامِرَةِ أُكِلَتْ ذَبِيحَتُهُ وَحَلَّ نِسَاؤُهُ،
13896 -
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كُتِبَ إِلَيْهِ فِيهِمْ أَوْ فِي أَحَدِهِمْ، فَكَتَبَ بِمِثْلِ مَا قُلْنَا
13897 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَهَذَا فِي جَامِعِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ بُرْدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ نَسِيٍّ، عَنْ غُضَيْفِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: كَتَبَ عَامِلٌ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: إِنَّ نَاسًا مِنْ قِبَلِنَا يُدْعَوْنَ: السَّامِرَةَ يُسْبِتُونَ يَوْمَ السَّبْتِ، وَيَقْرَءُونَ التَّوْرَاةَ، وَلَا يُؤْمِنُونَ بِيَوْمِ الْبَعْثِ، فَمَا يَرَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فِي ذَبَائِحِهِمْ؟ قَالَ: فَكَتَبَ: «هُمْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ذَبَائِحُهُمْ ذَبَائِحُ أَهْلِ الْكِتَابِ»
13898 -
وَاشْتَرَطَ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الْجِزْيَةِ أَنْ يَكُونُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا يُخَالِفُونَ الْيَهُوَدَ وَالنَّصَارَى فِي أَصْلِ الدَّيْنُونَةِ وَإِنْ خَالَفُوهُمْ فِي فَرْعٍ مِنْ دِينِهِمْ، وَبِمَعْنَاهُ قَالَ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ
13899 -
وَالْأَمْرُ فِي السَّامِرَةِ بَيِّنٌ، وَفِيهِمْ وَرَدَ الْأَثَرُ عَنْ عُمَرَ
13900 -
فَأَمَّا الصَّابِئُونَ فَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهُ جَعَلَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ الَّذِينَ تَحِلُّ نِسَاؤُهُمْ وَتُؤْكَلُ ذَبَائِحُهُمْ
⦗ص: 122⦘
.
13901 -
وَرُوِّينَا عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ قَالَ: هُمْ قَوْمٌ بَيْنَ الْيَهُوَدِ وَالْمَجُوسِ لَا دِينَ لَهُمْ،
13902 -
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: هُمْ قَوْمٌ بَيْنَ الْمَجُوسِ وَالْيَهُوَدِ لَا يَحِلُّ نِسَاؤُهُمْ وَلَا تُؤْكَلُ ذَبَائِحُهُمْ
13903 -
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَالْكِتَابُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ قَوْمٌ لَيْسُوا بِيَهُوَدَ وَلَا نَصَارَى لِأَنَّ اللَّهَ فَصَلَ بَيْنَهُمْ بِوَاوٍ
13904 -
وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ كَرِهَ ذَبَائِحَهُمْ وَنِكَاحَ نِسَائِهِمْ
13905 -
وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: هُمْ قَوْمٌ يَعْبُدُونَ الْمَلَائِكَةَ
13906 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الْجِزْيَةِ: فَمَنْ كَانَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ يَدِينُ دِينَ الْيَهُوَدِ وَالنَّصَارَى نُكِحَ نِسَاؤُهُ وَأُكِلَتْ ذَبِيحَتُهُ، وَمَنْ دَانَ دِينَ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ غَيْرِهِمْ مِنَ الْعَرَبِ أَوِ الْعَجَمِ لَمْ يُنْكَحْ نِسَاؤُهُ وَلَمْ يُؤْكَلْ ذَبِيحَتُهُ
13907 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَعْدٍ الْجَارِيِّ مَوْلَى عُمَرَ، أَوْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: «مَا نَصَارَى
⦗ص: 123⦘
الْعَرَبِ بِأَهْلِ كِتَابٍ، وَمَا يَحِلُّ لَنَا ذَبَائِحُهُمْ، وَمَا أَنَا بِتَارِكِهِمْ حَتَّى يُسْلِمُوا أَوْ أَضْرِبَ أَعْنَاقَهُمْ»
13908 -
وَبِإِسْنَادِهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا الثَّقَفِيُّ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: سَأَلْتُ عَبِيدَةَ عَنْ ذَبَائِحِ نَصَارَى بَنِي تَغْلِبَ، فَقَالَ:«لَا تَأْكُلْ ذَبَائِحَهُمْ، فَإِنَّهُمْ لَمْ يَتَمَسَّكُوا مِنْ نَصْرَانِيَّتِهِمْ إِلَّا بِشُرْبِ الْخَمْرِ»
13909 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهَكَذَا أَحْفَظُهُ وَلَا أَحْسِبُهُ أَوْ غَيْرَهُ إِلَّا وَقَدْ بَلَغَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
13910 -
وَبِإِسْنَادِهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَجِيدِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قَالَ عَطَاءٌ: «لَيْسَ نَصَارَى الْعَرَبِ بِأَهْلِ كِتَابٍ، وَإِنَّمَا أَهْلُ الْكِتَابِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَالَّذِينَ جَاءَتْهُمُ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ، فَأَمَّا مَنْ دَخَلَ فِيهِمْ مِنَ النَّاسِ فَلَيْسُوا مِنْهُمْ»
13911 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَالَّذِي رُوِيَ عَنْ مَعْبَدٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ امْرَأَةَ حُذَيْقَةَ مَجُوسِيَّةَ، لَا يَصِحُّ، وَالْمَحْفُوظُ عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّهُ نَكَحَ يَهُوَدِيَّةً
بَابُ نِكَاحِ إِمَاءِ الْمُسْلِمِينَ
13912 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: " أَحَلَّ اللَّهُ حَرَائِرَ الْمُؤْمِنَاتِ وَاسْتَثْنَى فِي الْإِمَاءِ الْمُؤْمِنَاتِ أَنْ يُحْلَلْنَ بِأَنْ يَجْمَعَ نَاكِحُهُنَّ: أَنْ لَا يَجِدَ طَوْلًا لِحُرَّةٍ، وَإِنْ كَانَ يَخَافُ الْعَنَتَ فِي تَرْكِ نِكَاحِهِنَّ، وَالْعَنَتُ الزِّنَا، فَزَعَمْنَا أَنْ لَا يَحِلَّ نِكَاحُ أَمَةٍ مُسْلِمَةٍ حَتَّى يَجْمَعَ نَاكِحُهَا الشَّرْطَيْنِ،
13913 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَالْكِتَابُ كَافٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فِيهِ مِنْ قَوْلِ غَيْرِي، وَقَدْ قَالَهُ غَيْرِي
13914 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَجِيدِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ:«مَنْ وَجَدَ صَدَاقَ حُرَّةٍ فَلَا يَنْكِحْ أَمَةً»
13915 -
وَبِإِسْنَادِهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَجِيدِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:«لَا يَحِلُّ نِكَاحُ الْحُرِّ الْأَمَةَ وَهُوَ يَجِدُ بِصَدَاقِهَا حُرَّةً» ، قُلْتُ: يَخَافُ الزِّنَا؟ قَالَ: «مَا عَلِمْتُهُ يَحِلُّ»
13916 -
وَبِإِسْنَادِهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ: سَأَلَ عَطَاءٌ أَبَا الشَّعْثَاءِ وَأَنَا أَسْمَعُ، عَنْ نِكَاحِ الْأَمَةِ مَا تَقُولُ فِيهِ؟ أَجَائِزٌ هُوَ؟ فَقَالَ:«لَا يَصْلُحُ الْيَوْمَ نِكَاحُ الْإِمَاءِ»
13917 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ قَالَ:«لَا يَصْلُحُ نِكَاحُ الْإِمَاءِ الْيَوْمَ لِأَنَّهُ يَجِدُ طَوْلًا إِلَى حُرَّةٍ»
13918 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ: وَالطَّوْلُ هُوَ الصَّدَاقُ
13919 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَرُوِّينَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ:{وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} [النساء: 25]، يَقُولُ:«مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ سِعَةٌ أَنْ يَنْكِحَ الْحَرَائِرَ فلْيَنْكِحُ مِنْ إِمَاءِ الْمُؤْمِنِينَ، وَذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ وَهُوَ الْفُجُورُ» ،
13920 -
وَرُوِّينَاهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَالشَّعْبِيِّ، وَالزُّهْرِيِّ،
13921 -
وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: لَا يَتَزَوَّجُ الْحُرُّ مِنَ الْإِمَاءَ إِلَّا وَاحِدَةً
13922 -
وَرُوِّينَا عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُرْسَلًا أَنَّهُ «نَهَى أَنْ تُنْكَحَ الْأَمَةُ عَلَى الْحُرَّةِ»
13923 -
ورُوِّينَاهُ عَنْ عَلِيٍّ، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، مِنْ قَوْلِهِمَا
13924 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ: أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، وَابْنَ عُمَرَ سُئِلَا عَنْ «رَجُلٍ كَانَتْ تَحْتَهُ امْرَأَةٌ حُرَّةٌ فَأَرَادَ أَنْ يَنْكِحَ عَلَيْهَا أَمَةً فَكَرِهَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا»
13925 -
وَبِإِسْنَادِهِ قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ:«لَا تُنْكَحُ الْأَمَةُ عَلَى الْحُرَّةِ إِلَّا أَنْ تَشَاءَ الْحُرَّةُ، فَإِنْ أَطَاعَتِ الْحُرَّةُ فَلَهَا الثُّلُثَانِ مِنَ الْقَسْمِ»
13926 -
وَهَذَا إِنَّمَا أَوْرَدْنَاهُ إِلْزَامًا لِمَالِكٍ فِيمَا خَالَفَ فِيهِ بَعْضَ الصَّحَابَةِ أَوِ التَّابِعِينَ
13927 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَجُوزُ وَإِنْ رَضِيَتِ الْمَرْأَةُ لِأَنَّهُ لَا يُخَافُ الْعَنَتُ لِلْحُرَّةِ الَّتِي عِنْدَهُ.
13928 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: وَلَا يَحِلُّ نِكَاحُ أَمَةٍ كِتَابِيَّةٍ لِمُسْلِمٍ بِحَالٍ لِأَنَّهَا دَاخِلَةٌ فِي مَعْنَى مَنْ حَرَّمَ مِنَ الْمُشْرِكَاتِ وَغَيْرُ حَلَالٍ مَنْصُوصَةً بِالْإِحْلَالِ كَمَا نَصَّ حَرَائِرَ أَهْلِ الْكِتَابِ فِي النِّكَاحِ وَأَنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى إِنَّمَا أَحَلَّ نِكَاحَ إِمَاءِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ لِمَعْنَيَيْنِ: أَنْ لَا يَجِدُ النَّاكِحُ طَوْلًا لِحُرَّةٍ، وَيَخَافُ الْعَنَتَ، وَالشَّرْطَانِ فِي إِمَاءِ
⦗ص: 127⦘
الْمُسْلِمِينَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ نِكَاحَهُنَّ أُحِلَّ بِمَعْنَى دُونَ مَعْنَى، وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ مَنْ خَالَفَهُنَّ مِنْ إِمَاءِ الْمُشْرِكِينَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ شَرْطٌ ثَالِثٌ.
13929 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَرُوِّينَا عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ قَالَ: لَا يَصْلُحُ نِكَاحُ إِمَاءِ أَهْلِ الْكِتَابِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} [النساء: 25]
13930 -
وَكَذَا قَالَ الْحَسَنُ،
13931 -
وَرَوَاهُ أَبُو الزِّنَادِ عَنْ فُقَهَاءِ التَّابِعِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ
13932 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَهُ وَطْءُ الْيَهُوَدِيَّةِ وَالنَّصْرَانِيَّةِ بِالْمِلْكِ، وَلَيْسَ لَهُ وَطْءُ وَثَنِيَّةٍ وَلَا مَجُوسِيَّةٍ بِمِلْكٍ إِذْ لَمْ يَحِلَّ لَهُ نِكَاحُ حَرَائِرِهِمْ لَمْ يَحِلَّ لَهُ وَطْءُ إِمَائِهِمْ وَذَلِكَ لِلدِّينِ فِيهِنَّ
13933 -
قَالَ: وَلَا أَحْسِبُ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَطَّأَ سَبِيَّةً عَرَبِيَّةً حَتَّى أَسْلَمَتْ، وَإِذَا حَرَّمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى مَنْ أَسْلَمَ أَنْ يَطَأَ امْرَأَةً وَثَنِيَّةً حَتَّى تُسْلِمَ فِي الْعِدَّةِ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنْ لَا تُوطَأَ مَنْ كَانَ عَلَى دِينِهَا حَتَّى تُسْلِمَ مِنْ حُرَّةٍ وَأَمَةٍ
بَابُ التَّعْرِيضِ بِالْخِطْبَةِ
13934 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ} [البقرة: 235] الْآيَةَ
13935 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ: كَانَ يَقُولُ فِي قَوْلِ اللَّهِ تبارك وتعالى: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} [البقرة: 235] أَنْ «يَقُولَ الرَّجُلُ لِلْمَرْأَةِ وَهِيَ فِي عِدَّتِهَا مِنْ وَفَاةِ زَوْجِهَا، إِنَّكِ عَلَيَّ لَكَرِيمَةٌ وَإِنِّي فِيكِ لَرَاغِبٌ، وَإِنَّ اللَّهَ لَسَائِقٌ إِلَيْكِ خَيْرًا وَرِزْقًا، وَنَحْوَ هَذَا مِنَ الْقَوْلِ»
13936 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَالتَّعْرِيضُ الَّذِي أَبَاحَ اللَّهُ مَا عَدَا التَّصْرِيحِ مِنْ قَوْلٍ وَذَلِكَ
⦗ص: 130⦘
أَنْ يَقُولَ: رُبَّ مُتَطَلِّعٌ إِلَيْكِ، وَرَاغِبٌ فِيكِ، وَحَرِيصٌ عَلَيْكِ، وَإِنَّكِ لَبِحَيْثُ تُحِبِّينَ، وَمَا عَلَيْكِ أَيْمَةٌ، وَإِنِّي عَلَيْكِ لَحَرِيصٌ، وَفِيكِ رَاغِبٌ، وَمَا كَانَ فِي هَذَا الْمَعْنَى مِمَّا خَالَفَ التَّصْرِيحَ، وَالتَّصْرِيحُ أَنْ يَقُولَ: تَزَوَّجِينِي إِذَا حَلَلْتِ أَوْ: أَنَا أَتَزَوَّجُكُ إِذَا حَلَلْتِ وَمَا أَشْبَهَ هَذَا مِمَّا جَاوَزَ بِهِ التَّعْرِيضَ وَكَانَ بَيَانًا أَنَّهُ خِطْبَةٌ، لَا أَنَّهُ يَحْتَمِلُ غَيْرَ الْخِطْبَةِ
13937 -
قَالَ: وَالْعِدَّةُ الَّتِي أَذِنَ اللَّهُ بِالتَّعْرِيضِ بِالْخِطْبَةِ فِيهَا الْعِدَّةُ مِنْ وَفَاةِ الزَّوْجِ،
13938 -
وَلَا أُحِبُّ ذَلِكَ فِي الْعِدَّةِ مِنَ الطَّلَاقِ الَّذِي لَا يَمْلِكُ فِيهِ الْمُطَلِّقُ الرَّجْعَةَ احْتِيَاطًا،
13939 -
فَأَمَّا الْمَرْأَةُ يَمْلِكُ زَوْجُهَا رَجْعَتَهَا فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يُعَرِّضَ لَهَا بِالْخِطْبَةِ فِي الْعِدَّةِ وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِي ذَلِكَ
13940 -
قَالَ: وَالسِّرُ هُوَ الْجِمَاعُ، وَالْجِمَاعُ هُوَ التَّصْرِيحُ مِمَّا لَا يَحِلُّ لَهُ فِي حَالِهِ تِلْكَ
13941 -
قَالَ: وَبُلُوغُ الْكِتَابِ أَجَلَهُ أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا ثُمَّ يَعْقِدُ عَلَيْهَا إِنْ شَاءَ وَلَا يُفْسِخُهُ إِسَاءَةٌ تَقَدَّمَتْ مِنْهُ بِالتَّصْرِيحِ بِالْخِطْبَةِ فِي الْعِدَّةِ لِأَنَّ الْخِطْبَةَ غَيْرُ الْعَقْدِ
بَابُ النَّهْيِ أَنْ يَخْطُبَ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ
13942 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا يَخْطُبُ أَحَدُكُمْ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ»
⦗ص: 132⦘
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنِ ابْنِ أَبِي أُوَيْسٍ، عَنْ مَالِكٍ
13943 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ: وَزَادَ فِيهِ بَعْضُ الْمُحَدِّثِينَ: حَتَّى يَأْذَنَ أَوْ يَتْرُكَ
13944 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ جُرَيْجٍ وَغَيْرِهِ، عَنْ نَافِعٍ أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ: أَخْبَرَنَا بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا مَكِّيُّ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: سَمِعْتُ نَافِعًا يُحَدِّثُ، فَذَكَرَهُ بِزِيَادَتِهِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ:«حَتَّى يَتْرُكَ الْخَاطِبُ قَبْلَهُ» ، «أَوْ يَأْذَنَ لَهُ الْخَاطِبُ» ، وَزَادَ فِي أَوَّلِهِ:«نَهَى أَنْ يَبِيعَ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، عَنْ مَكِّيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ
13945 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ الْخَيَّاطِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنْ يَخْطُبَ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ حَتَّى يَنْكِحَ أَوْ يَتْرُكَ»
13946 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَخْطُبُ أَحَدُكُمْ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ»
⦗ص: 133⦘
، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ
13947 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا يَخْطُبُ أَحَدُكُمْ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ»
13948 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ مَوْلَى الْأَسْوَدِ بْنِ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا فَبَتَّهَا، فَأَمَرَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، وَقَالَ:«فَإِذَا حَلَلْتِ فَآذِنِينِي» قَالَتْ: فَلَمَّا حَلَلْتُ أَخْبَرْتُهُ أَنَّ مُعَاوِيَةَ وَأَبَا جَهْمٍ خَطَبَانِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«أَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لَا مَالَ لَهُ، وَأَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَلَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ، انْكِحِي أُسَامَةَ» قَالَتْ: فَكَرِهْتُهُ، فَقَالَ:«انْكِحِي أُسَامَةَ» ، فَنَكَحْتُهُ فَجَعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا وَاغْتَبَطْتُ بِهِ
⦗ص: 134⦘
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ
13949 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ: فَكَانَ بَيِّنًا أَنَّ الْحَالَ الَّتِي خَطَبَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاطِمَةَ عَلَى أُسَامَةَ غَيْرُ الْحَالِ الَّتِي نَهَى عَنِ الْخِطْبَةِ فِيهَا، وَلَمْ يَكُنْ لِلْمَخْطُوبَةِ حَالَانِ مُخْتَلِفَيِ الْحُكْمِ إِلَّا أَنْ تَأْذَنَ الْمَخْطُوبَةَ بِإِنْكَاحِ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ فَيَكُونَ لِلْوَلِيِّ أَنْ يُزَوِّجَهَا جَازَ النِّكَاحُ عَلَيْهَا، وَلَا يَكُونُ لِأَحَدٍ أَنْ يَخْطُبَهَا فِي هَذِهِ الْحَالِ حَتَّى يَأْذَنَ الْخَاطِبُ أَوْ يَتْرُكَ خِطْبَتَهَا، وَهَذَا بَيِّنٌ فِي حَدِيثِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ قَالَ: وَقَدْ أَعْلَمَتْ فَاطِمَةُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ أَبَا جَهْمٍ وَمُعَاوِيَةَ خَطَبَاهَا وَلَا شَكَّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَنَّ خِطْبَةَ أَحَدِهِمَا بَعْدَ خِطْبَةِ الْآخَرِ فَلَمْ يَنْهَهُمَا وَلَا وَاحِدًا مِنْهُمَا، وَلَمْ تُعْلِمْهُ أَنَّهَا أَذِنَتْ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَخَطَبَهَا عَلَى أُسَامَةَ
13950 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ فِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَخْطُبُ أَحَدُكُمْ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ» ، عَلَى جَوَابِ السَّائِلِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ فَيَكُونُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ خَطَبَ امْرَأَةً فَرَضِيَتْ وَأَذِنَتْ فِي إِنْكَاحِهِ فَخَطَبَهَا أَرْجَحُ عِنْدَهَا مِنْهُ، فَرَجَعَتْ عَنِ الْأَوَّلِ الَّذِي أَذِنَتْ فِي إِنْكَاحِهِ فَنُهِيَ عَنْ خِطْبَةِ الْمَرْأَةِ إِذَا كَانَتْ بِهَذِهِ الْحَالِ، وَقَدْ يَكُونُ أَنْ يَرْجِعَ عَمَّنْ أَذِنَتْ فِي إِنْكَاحِهِ وَلَا يَنْكِحُهَا مَنْ رَجَعَتْ إِلَيْهِ فَيَكُونُ هَذَا فَسَادًا عَلَيْهَا وَعَلَى خَاطِبِهَا الَّذِي أَذِنَتْ فِي إِنْكَاحِهِ وَأَطَالَ الْكَلَامَ فِي هَذَا فِي مَوَاضِعَ مِنْ كُتَبِهِ
بَابُ نِكَاحِ الْمُشْرِكِ
13951 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ أَحْسِبُهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُلَيَّةَ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ غَيْلَانَ بْنَ سَلَمَةَ أَسْلَمَ وَعِنْدَهُ عَشَرُ نِسْوَةٍ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«أَمْسِكْ أَرْبَعًا وَفَارِقْ سَائِرَهُنَّ»
⦗ص: 136⦘
13952 -
قَالَ أَحْمَدُ: هَكَذَا رَوَى الْبَصْرِيُّونَ هَذَا الْحَدِيثَ، عَنْ مَعْمَرٍ، مِنْهُمْ: ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، وَابْنُ عُلَيَّةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ غُنْدَرٌ، وَيَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، وَغَيْرِهِمْ مَوْصُولًا، وَقَالُوا فِي الْحَدِيثِ: فَأَمَرَهُ أَنْ يَخْتَارَ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا أَوْ مَا يَكُونُ، هَذَا مَعْنَاهُ
13953 -
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَعْمَرٍ، مَوْصُولًا، وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُحَارِبِيِّ، وَعِيسَى بْنِ يُونُسَ، عَنْ مَعْمَرٍ، وَهَؤُلَاءِ كُوفِيُّونَ،
13954 -
وَرُوِيَ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ مُوسَى، وَهُوَ خُرَاسَانِيُّ، عَنْ مَعْمَرٍ، مَوْصُولًا، وَفِي حَدِيثِ الْفَضْلِ بْنِ مُوسَى، «فَأَمَرَهُ أَنْ يُمْسِكَ أَرْبَعًا وَيُفَارِقَ سَائِرَهُنَّ» ،
13955 -
وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُرْسَلًا،
13956 -
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، مُرْسَلًا
13957 -
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ: قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ ثَقِيفٍ أَسْلَمَ وَعِنْدَهُ عَشَرُ نِسْوَةٍ:«أَمْسِكْ أَرْبَعًا وَفَارِقْ سَائِرَهُنَّ»
13958 -
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ،
13959 -
وَرَوَاهُ يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي سُوَيْدٍ،
13960 -
وَرَوَاهُ عَقِيلٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: بَلَغَنَا عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي سُوَيْدٍ،
13961 -
وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي سُوَيْدٍ
13962 -
وَقَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ جِهَةٍ الزُّهْرِيُّ، عَنْ نَافِعٍ، وَسَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ غَيْلَانَ بْنَ سَلَمَةَ كَانَ عِنْدَهُ عَشْرُ نِسْوَةٍ فَأَسْلَمَ وَأَسْلَمْنَ مَعَهُ، «فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَخْتَارَ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا»
13963 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَافِظُ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بُرَيْدٍ عَمْرُو بْنُ يَزِيدَ الْجَرْمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سَيْفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا سِرَارُ بْنُ مُجَشِّرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، وَسَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، فَذَكَرَهُ
13964 -
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ: تَفَرَّدَ بِهِ سِرَارُ بْنُ مُجَشِّرٍ وَهُوَ بَصْرِيُّ ثِقَةٌ،
13965 -
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ السُّمَيْدَعُ بْنُ وَاهِبِ، عَنْ سِرَارٍ،
13966 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْعَبَّاسِ مُحَمَّدَ بْنَ يَعْقُوبَ يَقُولُ: سَمِعْتُ الْعَبَّاسَ الدُّورِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ، وَسُئِلَ عَنْ سِرَارِ بْنِ مُجَشِّرٍ فَقَالَ: ثِقَةٌ
13967 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ ابْنَ أَبِي الزِّنَادِ يَقُولُ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَجِيدِ بْنُ سُهَيْلِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَوْفِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ نَوْفَلِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الدِّيلِيِّ قَالَ: أَسْلَمْتُ وَعِنْدِي خَمْسُ نِسْوَةٍ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَمْسِكْ أَرْبَعًا أَيَّتَهُنَّ شِئْتَ وَفَارِقِ الْأُخْرَى» ، فَعَمَدْتُ إِلَى أَقْدَمِهِنَّ صُحْبَةً عَجُوزٍ عَاقِرٍ مَعِي مُنْذُ سِتِّينَ سَنَةً فَطَلَّقْتُهَا
⦗ص: 138⦘
13968 -
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: أَخْبَرَنَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا، عَنِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ
13969 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي يَحْيَى، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي وَهْبٍ الْجَيْشَانِيِّ، عَنْ أَبِي خِرَاشٍ، عَنِ الدَّيْلَمِيِّ، أَوْ عَنِ ابْنِ الدَّيْلَمِيِّ قَالَ: أَسْلَمْتُ وَتَحْتِي أُخْتَانِ، فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم؟ «فَأَمَرَنِي أَنْ أُمْسِكَ أَيَّتَهُمَا شِئْتُ وَأُفَارِقُ الْأُخْرَى»
13970 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَرَوَاهُ يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي وَهْبٍ الْجَيْشَانِيِّ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ فَيْرُوزَ الدَّيْلَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَسْلَمْتُ وَتَحْتِي أُخْتَانِ قَالَ:«طَلِّقْ أَيَّتَهُمَا شِئْتَ» ،
13971 -
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ أَيُّوبَ يُحَدِّثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، فَذَكَرَهُ،
13972 -
وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ، وَتَابَعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي وَهْبٍ الْجَيْشَانِيِّ
⦗ص: 139⦘
،
13973 -
وَرُوِّينَا فِي حَدِيثِ الْحَارِثِ بْنِ قَيْسٍ، أَوْ قَيْسِ بْنِ الْحَارِثِ، وَعُرْوَةَ بْنِ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيِّ، وَصَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ، مَعْنَى حَدِيثِ غَيْلَانَ بْنِ سَلَمَةَ،
13974 -
وَهَذَا الْحُكْمُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَامٌ فِيمَا بَيَّنَ أَهْلُ الْمَغَازِي وَالتَّفسِيرِ،
13975 -
وَذَهَبَ بَعْضُ مَنْ خَالَفَ الْحَدِيثَ إِلَى أَنَّ عُقُودَهُمْ كَانَتْ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَجُوزُ فِيهِ الْجَمْعُ بَيْنَ أَكْثَرِ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ وَعُقُودُ الْمُشْرِكِينَ الْآنَ كُلُّهَا بَعْدَ التَّحْرِيمِ وَهَذَا إِقْرَارٌ مِنَ الْحَدِيثِ وَهُوَ يُنْقَضُ بِالْوَلِيِّ وَالشُّهُوَدِ وَالْخُلُوِّ مِنَ الْعِدَّةِ، فَإِنَّ كُلَّ ذَلِكَ وَجَبَ بِالشَّرْعِ وَعُقُودُ الْمُشْرِكِينَ قَدْ تَخْلُوَ مِنْهُ بَعْدَ وَجَوبِهِ وَلَا يُحْكَمُ بِبُطْلَانِهَا إِذَا أَسْلَمُوا،
13976 -
وَنَقُولُ مَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَهُوَ أَنَّ فِي الْعَقْدِ شَيْئَيْنِ أَحَدُهُمَا: الْعَقْدُ الْفَائِتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَالْآخَرُ: الْمَرْأَةُ الَّتِي تَبْقَى بِالْعَقْدِ وَالْفَائِتُ لَا يُرَدُّ إِذَا كَانَ الْبَاقِي بِالْفَائِتِ يَصْلُحُ بِحَالٍ وَكَانَ ذَلِكَ كَحُكْمِ اللَّهِ فِي الرِّبَا قَالَ اللَّهُ عز وجل: {اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [البقرة: 278]
13977 -
وَقَالَ أَحْمَدُ: وَلَمْ يَبْلُغْنَا إِبَاحَةَ الْجَمْعِ بَيْنَ أَكْثَرِ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ مُثْبَتَةٌ فِي شَرْعِنَا، ثُمَّ لَوْ كَانَتْ فَلَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَفْصَلَ حَالَ عُقُودِهِمْ أَكَانَتْ قَبْلَ التَّحْرِيمِ أَوْ بَعْدَهُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
لَا يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ إِذَا أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا بِاخْتِلَافِ الدَّارِ حَتَّى تَنْقَضِي عِدَّتُهَا
13978 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَسْلَمَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ بِمَرِّ الظَّهْرَانِ وَهِيَ دَارُ خُزَاعَةَ، وَخُزَاعَةُ مُسْلِمُونَ قَبْلَ الْفَتْحِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، وَامْرَأَتُهُ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ كَافِرَةٌ بِمَكَّةَ، وَمَكَّةُ يَوْمَئِذٍ دَارُ حَرْبٍ، ثُمَّ قَدِمَ عَلَيْهَا يَدَعُوهَا إِلَى الْإِسْلَامِ فَأَخَذَتْ بِلِحْيَتِهِ وَقَالَتِ: اقْتُلُوا الشَّيْخَ الضَّالَّ، ثُمَّ أَسْلَمَتْ هِنْدٌ بَعْدَ إِسْلَامِ أَبِي سُفْيَانَ بِأَيَّامٍ كَثِيرَةٍ وَقَدْ كَانَتْ كَافِرَةٌ مُقِيمَةٌ بِدَارِ الْإِسْلَامِ يَوْمَئِذٍ وَزَوْجُهَا مُسْلِمٌ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَرَجَعَ إِلَى مَكَّةَ وَهِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ مُقِيمَةٌ عَلَى غَيْرِ الْإِسْلَامِ، وَهِيَ فِي دَارِ حَرْبٍ، ثُمَّ صَارَتْ مَكَّةُ دَارَ الْإِسْلَامِ وَأَبُو سُفْيَانَ بِهَا مُسْلِمٌ وَهِنْدٌ كَافِرَةٌ، ثُمَّ أَسْلَمَتْ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، فَاسْتَقَرَّا عَلَى النِّكَاحِ؛ لِأَنَّ عِدَّتَهَا لَمْ تَنْقَضِ حَتَّى أَسْلَمَتْ،
13979 -
كَذَلِكَ حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ وَإِسْلَامِهِ،
13980 -
وَأَسْلَمَتِ امْرَأَةُ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ وَامْرَأَةُ عِكْرِمَةَ بْنِ أَبِي جَهْلٍ بِمَكَّةَ
⦗ص: 141⦘
، وَصَارَتْ دَارُهُمَا دَارَ الْإِسْلَامِ وَظَهَرَ حُكْمُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهَرَبَ عِكْرِمَةُ إِلَى الْيَمَنِ وَهِيَ دَارُ حَرْبٍ، وَصَفْوَانُ يُرِيدُ الْيَمَنَ وَهِيَ دَارُ حَرْبٍ، ثُمَّ رَجَعَ صَفْوَانُ إِلَى مَكَّةَ وَهِيَ دَارُ الْإِسْلَامِ وَشَهِدَ حُنَيْنًا وَهُوَ كَافِرٌ، ثُمَّ أَسْلَمَ فَاسْتَقَرَّتْ عِنْدَهُ امْرَأَتُهُ بِالنِّكَاحِ الْأَوَّلِ، وَرَجَعَ عِكْرِمَةُ فَأَسْلَمَ فَاسْتَقَرَّتْ عِنْدَهُ امْرَأَتُهُ بِالنِّكَاحِ الْأَوَّلِ، وَذَلِكَ أَنَّ عِدَّتَهَا لَمْ تَنْقَضِ،
13981 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَمَا وَصَفْتُ مِنْ أَمْرِ أَبِي سُفْيَانَ وَحَكِيمٍ وَأَزْوَجِهِمَا، وَأَمْرِ صَفْوَانَ وَعِكْرِمَةَ وَأَزْوَجِهِمَا أَمْرٌ مَعْرُوفٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْمَغَازِي،
13982 -
وَقَدْ حَفِظَ أَهْلُ الْمَغَازِي أَنَّ امْرَأَةً مِنَ الْأَنْصَارِ كَانَتْ عِنْدَ رَجُلٍ بِمَكَّةَ فَأَسْلَمَتْ وَهَاجَرَتْ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَقَدِمَ زَوْجُهَا فِي الْعِدَّةِ، فَأَسْلَمَ فَاسْتَقَرَّا عَلَى النِّكَاحِ
13983 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: إِنَّ مَالِكًا أَخْبَرَنَا وَفِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ وَأَبِي زَكَرِيَّا قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ «صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ هَرَبَ مِنَ الْإِسْلَامِ ثُمَّ جَاءَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَشَهِدَ حُنَيْنًا وَالطَّائِفَ مُشْرِكًا وَامْرَأَتُهُ مَسْلِمَةٌ، وَاسْتَقَرَّا عَلَى النِّكَاحِ» فَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَكَانَ بَيْنَ إِسْلَامِ صَفْوَانَ وَامْرَأَتِهِ نَحْوٌ مِنْ شَهْرٍ
13984 -
وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ " أَنَّ نِسَاءً كُنَّ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَسْلَمْنَ بِأَرْضِهِنَّ وَهُنَّ غَيْرُ مُهَاجِرَاتٍ وَأَزْوَاجُهُنَّ حِينَ أَسْلَمْنَ كُفَّارٌ، مِنْهُنَّ: ابْنَةُ الْوَلِيدِ بْنُ الْمُغِيرَةِ وَكَانَتْ تَحْتَ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ فَأَسْلَمَتْ يَوْمَ الْفَتْحِ وَشَهِدَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ الطَّائِفَ، وَحُنَيْنًا وَهُوَ كَافِرٌ وَامْرَأَتُهُ
⦗ص: 142⦘
مُسْلِمَةٌ، وَلَمْ يُفَرِّقُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ حِينَ أَسْلَمَ وَاسْتَقَرَّتِ امْرَأَتُهُ عِنْدَهُ بِذَلِكَ النِّكَاحِ،
13985 -
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: كَانَ بَيْنَ إِسْلَامِ صَفْوَانَ وَامْرَأَتِهِ نَحْوٌ مِنْ شَهْرٍ
13986 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ «أُمَّ حَكِيمٍ بِنْتَ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ وَكَانَتْ تَحْتَ عِكْرِمَةَ بْنِ أَبِي جَهْلٍ، فَأَسْلَمَتْ يَوْمَ الْفَتْحِ وَهَرَبَ مِنَ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَبَايَعَهُ فَثَبَتَا عَلَى ذَلِكَ النِّكَاحِ»
13987 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: وَلَمْ يَبْلُغْنَا «أَنَّ امْرَأَةً هَاجَرَتْ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَزَوْجُهَا كَافِرٌ مُقِيمٌ بِدَارِ الْكُفْرِ إِلَّا فَرَّقَتْ هِجْرَتُهَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا إِلَّا أَنْ يَقْدَمَ زَوْجُهَا مُهَاجِرًا قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا»
13988 -
أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ الْمِهْرَجَانِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ جَعْفَرٍ الْمُزَكِّي قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ،. . . فَذَكَرَ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ أَتَمَّ مِنْ ذَلِكَ
13989 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَأَمَّا الَّذِي أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو سَعِيدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: قَالَ أَبُو يُوسُفَ: حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ «رَدَّ زَيْنَبَ إِلَى زَوْجِهَا بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ»
⦗ص: 143⦘
13990 -
فَقَدْ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيُّ رحمه الله، فِيمَا أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْهُ: هَذَا لَا يَثْبُتُ، وَحَجَّاجٌ لَا يُحْتَجُّ بِهِ، وَالصَّوَابُ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ
13991 -
يُرِيدُ مَا أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَاضِي قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:«رَدَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ابْنَتَهُ زَيْنَبَ عَلَى زَوْجِهَا أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ بِالنِّكَاحِ الْأَوَّلِ وَلَمْ يُحْدِثْ نِكَاحًا»
13992 -
وَفِيمَا حَكَى أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ: حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ أَصَحُّ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ
13993 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَبَلَغَنِي أَنَّ الْحَجَّاجَ بْنَ أَرْطَأَةَ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ عَمْرٍو، وَالْحَجَّاجُ مَشْهُوَرٌ بِالتَّدْلِيسِ
13994 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَاحْتِجَاجُ الطَّحَاوِيِّ، رَحَمَنَا اللَّهُ وَإِيَّاهُ، عَلَى وَهَنِ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِمَا رُوِيَ عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْيَهُوَدِيَّةِ أَوِ النَّصْرَانِيَّةِ تَكُونُ تَحْتَ الْيَهُوَدِيِّ أَوِ النَّصْرَانِيِّ فَتُسْلِمُ قَالَ:«يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا، الْإِسْلَامُ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى» ، لَا يَصِحُّ،
13995 -
وَذَلِكَ أَنَّهُ إِنَّمَا أَرَادَ أَنَّهَا لَا تَقَرُّ تَحْتَ الْيَهُوَدِيِّ أَوِ النَّصْرَانِيِّ وَلَيْسَ ذَلِكَ كَالْيَهُوَدِيِّ أَوِ النَّصْرَانِيِّ يُسْلِمُ وَتَحْتَهُ يَهُوَدِيَّةٌ أَوْ نَصْرَانِيَّةٌ، فَتَقِرُّ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّ
⦗ص: 144⦘
الْإِسْلَامَ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى، هَذَا هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ ثُمَّ مَتَى يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا لَيْسَ لَهُ ذِكْرٌ فِي الْحَدِيثِ
13996 -
وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِهِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُوسَى، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ «إِذَا هَاجَرَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْحَرْبِ لَمْ تُخْطَبْ حَتَّى تَحِيضَ وَتَطهُرَ، فَإِذَا طَهُرَتْ حَلَّ لَهَا النِّكَاحُ، فَإِنْ هَاجَرَ زَوْجُهَا قَبْلَ أَنْ تَنْكِحَ رُدَّتْ إِلَيْهِ»
13997 -
وَهَذَا الْمَذْهَبُ يُوَافِقُ مَا رَوَى هُوَ فِي شَأْنِ أَبِي الْعَاصِ، وَتَبَيَّنَ أَنَّ مَقْصُودَهُ بِمَا رَوَى أَيُّوبُ مَا ذَكَرْنَا مَعَ مَا فِيهِ مِنْ بُطْلَانِ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ كَانَ يَرَى قَطْعَ الْعِصْمَةِ بِنَفْسِ الْإِسْلَامِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ،
13998 -
وَمَنِ ادَّعَى النَّسْخَ فِي حَدِيثِ أَبِي الْعَاصِ مِنْ غَيْرِ حُجَّةٍ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ، وَحِينَ أُسِرَ يَوْمَ بَدْرٍ لَمْ يُسْلِمْ وَإِنَّمَا أَسْلَمَ بَعْدَمَا أَحْدَثَ سَرِيَّةَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ مَا مَعَهُ قُتِلَ أَبُو نُصَيْرٍ فَأَتَى الْمَدِينَةَ فَأَجَارَتْهُ زَيْنَبُ فَأَنْفَذْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جِوَارَهَا وَدَخَلَ عَلَيْهَا، فَقَالَ:«أَكْرِمِي مَثْوَاهُ وَلَا يَخْلُصْ إِلَيْكِ فَإِنَّكِ لَا تَحِلِّينَ لَهُ» ، فَكَانَ هَذَا بَعْدَ نُزُولِ آيَةِ الِامْتِحَانِ فِي الْهُدْنَةِ، ثُمَّ إِنَّهُ رَجَعَ بِمَا كَانَ عِنْدَهُ مِنْ بَضَائِعِ أَهْلِ مَكَّةَ إِلَى مَكَّةَ، ثُمَّ أَسْلَمَ وَخَرَجَ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَكَيْفَ يَصِحُّ مَا رَوَى فِيهِ هَذَا الْمُدَّعِي عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ أُخِذَ أَسِيرًا يَوْمَ بَدْرٍ، فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَرَدَّ عَلَيْهِ ابْنَتَهُ وَكَانَ هَذَا قَبْلَ نُزُولِ الْفَرَائِضِ؟
13999 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَإِنَّمَا الْحَدِيثُ فِي قِصَّةِ بَدْرٍ أَنَّهُ أَطْلَقَهُ وَشَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْهِ ابْنَتَهُ وَذَاكَ أَنَّ ابْنَتَهُ كَانَتْ بِمَكَّةَ، فَلَمَّا أُسِرَ أَبُو الْعَاصِ بَعْدَ بَدْرٍ أَطْلَقَهُ عَلَى أَنْ يُرْسِلَ إِلَيْهِ ابْنَتَهُ فَفَعَلَ ذَلِكَ، ثُمَّ أَسْلَمَ بَعْدَهُ بِزَمَانٍ، هَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ أَهْلِ الْمَغَازِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ
⦗ص: 145⦘
،
14000 -
وَمَا رَوَاهُ فِي ذَلِكَ عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَقَتَادَةَ، مُنْقَطِعٌ، وَالَّذِي حَكَاهُ عَنْ بَعْضِ أَكَابِرِهِمْ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي رَدِّ ابْنَتِهِ عَلَى أَبِي الْعَاصِ، بِأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو عَلِمَ بِتَحْرِيمِ اللَّهِ عز وجل رُجُوعَ الْمُؤْمِنَاتِ إِلَى الْكُفَّارِ فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عِنْدَهُ إِلَّا بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ، فَقَالَ: رَدَّهَا عَلَيْهِ بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ وَلَمْ يَعْلَمِ ابْنُ عَبَّاسٍ بِتَحْرِيمِ اللَّهِ الْمُؤْمِنَاتِ عَلَى الْكُفَّارِ حِينَ عَلِمَ بِرَدِّ زَيْنَبَ عَلَى أَبِي الْعَاصِ فَقَالَ: رَدَّهَا بِالنِّكَاحِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ بَيْنَهُمَا فَسْخُ نِكَاحٍ،
14001 -
فَلَعَمْرِي إِنَّ هَذَا لَسُوءُ ظَنٍّ بِالصَّحَابَةِ وَرُوَاةِ الْأَخْبَارِ حَيْثُ نَسَبَهُمْ إِلَى أَنَّهُمْ يَرْوونَ الْحَدِيثَ عَلَى مَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ مِنْ غَيْرِ سَمَاعٍ لَهُ مِنْ أَحَدٍ، وَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو لَمْ يُثْبِتْهُ أَحَدٌ مِنَ الْحُفَّاظِ،
14002 -
وَلَوْ كَانَ ثَابِتًا فَالظَّنُّ بِهِ أَنَّهُ لَا يَرْوِي عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَقْدَ نِكَاحٍ لَمْ يُثْبِتْهُ لِشُهُوَدِهِ أَوْ شُهُوَدِ مَنْ يَثِقُ بِهِ، وَابْنُ عَبَّاسٍ لَا يَقُولُ رَدَّهَا عَلَيْهِ بِالنِّكَاحِ الْأَوَّلِ وَلَمْ يُحْدِثْ شَيْئًا وَهُوَ لَا يُحِيطُ عِلْمًا بِنَفْسِهِ أَوْ بِمَنْ يَثِقُ بِهِ بِكَيْفِيَّةِ الرَّدِّ، وَكَيْفَ يَشْتَبِهُ عَلَى مِثْلِهِ نُزُولُ الْآيَةِ فِي الْمُمْتَحَنَةِ قَبْلَ رَدِّهِ ابْنَتَهُ عَلَى أَبِي الْعَاصِ وَإِنِ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ ذَلِكَ فِي زَمَانِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِصِغَرِهِ أَفَيَشْتَبِهُ عَلَيْهِ وَقْتُ نُزُولِهَا حِينَ رَوَى هَذَا الْخَبَرَ بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ عَلِمَ مَنَازِلَ الْقُرْآنِ وَتَأوِيلِهِ؟ هَذَا أَمْرٌ بَعِيدٌ،
14003 -
وَلَوْ صَحَّ الْحَدِيثَانِ لَقُلْنَا بِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو؛ لِأَنَّهُ زَائِدٌ فَلَمَّا وَجَدْنَا حُفَّاظَ الْحَدِيثِ لَا يُثْبِتُونَهُ تَرَكْنَاهُ، وَقُلْنَا بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَعَ مَا سَبَقَ ذِكْرَهُ مِنْ رِوَايَةِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْمَغَازِي فِي أَمْرِ أَبِي سُفْيَانَ وَغَيْرِهِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ،
14004 -
فَإِنْ زَعَمَ قَائِلٌ أَنَّ فِيَ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: رَدَّهَا عَلَيْهِ بَعْدَ سِتِّ سِنِينَ وَفِي رِوَايَةٍ سَنَتَيْنِ وَالْعِدَّةُ لَا تَبْقَى فِي الْغَالِبِ إِلَى هَذِهِ الْمُدَّةَ قُلْنَا: النِّكَاحُ كَانَ ثَابِتًا إِلَى وَقْتِ نُزُولِ الْآيَةِ فِي الْمُمْتَحَنَةِ لَمْ يُؤْثَرْ إِسْلَامُهَا وَبَقَاؤُهُ عَلَى الْكُفْرِ فِيهِ، فَلَمَّا نَزَلَتِ الْآيَةُ وَذَلِكَ بَعْدَ صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ تَوَقَّفَ نِكَاحُهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ ثُمَّ
⦗ص: 146⦘
كَانَ إِسْلَامُ أَبِي الْعَاصِ بَعْدَ ذَلِكَ بِزَمَانٍ يَسِيرٍ بِحَيْثُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ عِدَّتُهَا لَمْ تَنْقَضِ فِي الْغَالِبِ، فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الرَّدُّ بِالنِّكَاحِ الْأَوَّلِ كَانَ لِأَجَلِ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ،
14005 -
وَصَاحِبُنَا إِنَّمَا اعْتَمَدَ فِي ذَلِكَ عَلَى مَا نَقَلَهُ أَهْلُ الْمَغَازِي فِي أَمْرِ أَبِي سُفْيَانَ وَغَيْرِهِ
نِكَاحُ أَهْلِ الشِّرْكِ وَطَلَاقُهُمْ
14006 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: وَإِذْ أَثْبَتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نِكَاحَ الشِّرْكِ وَأَقَرَّ أَهْلَهُ عَلَيْهِ فِي الْإِسْلَامِ لَمْ يُجَزْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ إِلَّا أَنْ يُثْبِتَ طَلَاقَ الشِّرْكِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ يَثْبُتُ بِثُبُوتِ النِّكَاحِ، وَيَسْقُطُ بِسُقُوطِهِ،
14007 -
وَاحْتَجَّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ فِي وُقُوعِ التَّحْلِيلِ بِنِكَاحِهِمْ بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجَمَ يَهُوَدِيَّيْنِ زَنَيَا قَالَ: فَقَدْ زَعَمْنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَعَلَ نِكَاحَهَا تَحْصِينَهَا فَكَيْفَ يَذْهَبُ عَلَيْنَا أَنْ يَكُونَ لَا يُحِلُّهَا وَهُوَ يُحْصِنُهَا
14008 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ حَرْمَلَةَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ خَالِدٍ السَّمْتِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي طَلَّقْتُ امْرَأَتِي فِي الشِّرْكِ تَطْلِيقَتَيْنِ وَفِي الْإِسْلَامِ تَطْلِيقَةً، فَأَلْزَمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الطَّلَاقَ "
14009 -
يُوسُفُ بْنُ خَالِدٍ مَتْرُوكٌ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ ضَعِيفٌ
⦗ص: 148⦘
، وَاعْتِمَادُ الشَّافِعِيِّ فِي هَذَا عَلَى مَا مَضَى دُونَ هَذَا الْإِسْنَادِ
إِتْيَانُ الْحَائِضِ
14010 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَالَ اللَّهُ عز وجل: {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: 222]
⦗ص: 150⦘
14011 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: احْتَمَلَ اعْتِزَالُهُنَّ اعْتِزَالَ جَمِيعِ أَبْدَانِهِنَّ، وَاحْتَمَلَ بَعْضَ أَبْدَانِهِنَّ دُونَ بَعْضٍ،
14012 -
فَاسْتَدْلَلْتُ بِالسُّنَّةِ عَلَى مَا أَرَادَ مِنِ اعْتِزَالِهِنَّ، فَقُلْتُ بِهِ كَمَا بَيَّنَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
14013 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ فِي آخَرِينَ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيُّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ مَيْمُونَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ قَالَتَ:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُبَاشِرُ نِسَاءَهُ فَوْقَ الْإِزَارِ وَهُنَّ حُيَّضٌ» أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ، مِنْ حَدِيثِ الشَّيْبَانِيِّ،
14014 -
وَرُوِّينَا فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ، وَعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ مِنِ امْرَأَتِهِ وَهِيَ حَائِضٌ؟ قَالَ:«مَا فَوْقَ الْإِزَارِ» ، وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ:«لَيْسَ لَهُ مَا تَحْتَهُ»
14015 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ
⦗ص: 151⦘
أَرْسَلَ إِلَى عَائِشَةَ يَسْأَلُهَا هَلْ يُبَاشِرُ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ؟ فَقَالَتْ: «لِتَشْدُدْ إِزَارَهَا عَلَى أَسْفَلِهَا ثُمَّ يُبَاشِرُهَا إِنْ شَاءَ»
14016 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ: رُوِّينَا خِلَافُ مَا رُوِّيتُمْ فَرُوِّينَا: أَنْ يَخْلُفَ مَوْضِعَ الدَّمِ، ثُمَّ يَنَالَ مَا شَاءَ، وَذَكَرَ حَدِيثًا لَا يُثْبِتُهُ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ
14017 -
قَالَ أَحْمَدُ: أَظُنُّهُ أَرَادَ مَا أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ بَعْضِ، أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا أَرَادَ مِنَ الْحَائِضِ شَيْئًا أَلْقَى عَلَى فَرْجِهَا ثَوْبًا "
14018 -
وَكَانَ الشَّافِعِيُّ كَالْمُتَوَقِّفِ فِي رِوَايَاتِ عِكْرِمَةَ، وَأَمَّا حَدِيثُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«جَامِعُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ وَاصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ غَيْرَ النِّكَاحِ»
⦗ص: 152⦘
، فَالْمَقْصُودُ مِنَ الْخَبَرِ إِبَاحَةُ مُؤَاكَلَتِهِنَّ وَتَرْكِ اعْتِزَالِهِنَّ فِي الْبُيُوتِ وَقَدْ تُسَمَّى الْإِصَابَةُ فِيمَا دُونَ الْفَرَجِ جِمَاعًا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
14019 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَإِنْ أَتَى رَجُلٌ امْرَأَتَهُ حَائِضًا أَوْ بَعْدَ تَوْلِيَةِ الدَّمِ وَلَمْ تَغْتَسِلْ فَلْيَسْتَغْفِرِ اللَّهَ وَلَا يَعُدْ، وَقَدْ رُوِيَ فِيهِ شَيْءٌ لَوْ كَانَ ثَابِتًا أَخَذْنَا بِهِ، وَلَكِنَّهُ لَا يُثْبَتُ مِثْلَهُ وَإِنَّمَا أَرَادَ مَا
14020 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْحَافِظُ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الَّذِي يَأْتِي امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ قَالَ:«يَتَصَدَّقُ بِدِينَارٍ أَوْ بِنِصْفِ دِينَارٍ» ،
14021 -
رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابِ السُّنَنِ، عَنْ مُسَدَّدٍ، ثُمَّ قَالَ: وَرُبَّمَا لَمَ يَرْفَعْهُ شُعْبَةُ، وَهُوَ كَمَا قَالَ فَقَدْ رَوَاهُ عَفَّانُ وَجَمَاعَةٌ، عَنْ شُعْبَةَ مَوْقُوفًا، وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ مَوْقُوفًا، ثُمَّ قَالَ: قِيلَ لِشُعْبَةَ: إِنَّكَ كُنْتَ تَرْفَعُهُ قَالَ: إِنِّي كُنْتُ مَجْنُونًا فَصَحِحْتُ، فَرَجَعَ عَنْ رَفْعِهِ بَعْدَ مَا كَانَ يَرْفَعُهُ
14022 -
وَرَوَى يَزِيدُ بْنُ أَبِي مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ عُمَرَ، «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَهُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِخُمُسَيْ دِينَارٍ» وَهَذَا مُنْقَطِعٌ،
14023 -
وَرَوَاهُ شَرِيكٌ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«فَلْيَتَصَدَّقْ بِنِصْفِ دِينَارٍ» ، وَكَانَ شَرِيكٌ يَشُكُّ فِي رَفْعِهِ،
14024 -
وَرَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ بَذِيمَةَ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُرْسَلًا،
14025 -
وَرَوَاهُ عَبْدُ الْكَرِيمِ أَبُو أُمَيَّةَ تَارَةً عَنْ مِقْسَمٍ، وَتَارَةً عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«بِدِينَارٍ أَوْ بِنِصْفِ دِينَارٍ» ، وَعَبْدُ الْكَرِيمِ لَا يُحْتَجُّ بِهِ،
14026 -
وَرُوِيَ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا، وَيَعْقُوبُ غَيْرُ مُحْتَجٍّ بِهِ
⦗ص: 154⦘
،
14027 -
وَرُوِيَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا:«يَتَصَدَّقُ بِدِينَارٍ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَنِصْفُ دِينَارٍ» ، وَعَطَاءُ بْنُ عَجْلَانَ ضَعِيفٌ
14028 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَمْشَاذٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو ظُفُرٍ عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ مُطَهَّرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ الْبُنَانِيُّ، عَنْ أَبِي الْحُسَيْنِ الْجَزَرِيِّ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:«إِذَا أَصَابَهَا فِي الدَّمِ فَدِينَارٌ، وَإِنْ أَصَابَهَا فِي انْقِطَاعِ الدَّمِ فَنِصْفُ دِينَارٍ» وَهَذَا مَوْقُوفٌ،
14029 -
وَبِهَذَا الْمَعْنَى رَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، إِلَّا أَنَّهُ رَفَعَهُ،
14030 -
وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، فَجَعَلَ التَّفْسِيرَ لِمِقْسَمٍ،
14031 -
وَرُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ، وَعِكْرِمَةَ، لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِلَّا الِاسْتِغْفَارُ
إِتْيَانُ النِّسَاءِ قَبْلَ إِحْدَاثِ غُسْلٍ أَوْ وُضُوءٍ
14032 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: قَدْ رَوَى قَتَادَةُ، «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم طَافَ عَلَى نِسَائِهِ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ» ،
14033 -
وَهَذَا يَرْوِيهُ قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ
14034 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِئُ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي عُرْوَةَ، عَنْ أَبِي الْخَطَّابِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ فِي غُسْلٍ وَاحِدٍ» ،
14035 -
أَبُو الْخَطَّابِ هَذَا: قَتَادَةُ، وَأَبُو عُرْوَةَ هَذَا: مَعْمَرٌ
14036 -
وَقَدْ أَخْبَرَنَاهُ أَبُو مُحَمَّدٍ السُّكَّرِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ الصَّفَّارُ
⦗ص: 156⦘
قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ فِي غُسْلٍ وَاحِدٍ»
14037 -
قَالَ مَعْمَرٌ: وَلَكِنَّا لَا نَشُكُّ أَنَّهُ كَانَ يَتَوَضَّأُ بَيْنَ ذَلِكَ،
14038 -
قَالَ أَحْمَدُ الْبَيْهَقِيُّ: وَشَرَطَ الشَّافِعِيُّ ذَلِكَ فِي الْحَرَائِرِ إِذَا حَلَّلْتَهُ، وَأَسْتَحِبُ أَنْ يُحْدِثَ وُضُوءًا كُلَّمَا أَرَادَ إِتْيَانَ وَاحِدَةٍ لِمَعْنَيَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ رُوِيَ فِيهِ حَدِيثٌ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَثْبُتُ مِثْلُهُ، وَالْآخَرُ: أَنَّهُ أَنْظَفُ،
14039 -
وَالْحَدِيثُ الَّذِي رُوِيَ فِيهِ لَمْ يُخَرِّجْهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، وَأَمَّا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ فَإِنَّهُ أَثْبَتَهُ وَأَخْرَجَهُ فِي الصَّحِيحِ
14040 -
وَهُوَ مَا: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَعُودَ فَلْيَتَوَضَّأْ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنِ ابْنِ نُمَيْرٍ،
14041 -
وَرَوَاهُ شُعْبَةُ، عَنْ عَاصِمٍ وَزَادَ فِيهِ:«فَإِنَّهُ أَنْشَطُ لِلْعَوْدِ»
14042 -
وَلَعَلَّ الشَّافِعِيَّ أَرَادَ حَدِيثَ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ عَمَّتِهِ سَلْمَى، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم طَافَ عَلَى نِسَائِهِ أَجْمَعَ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ يَغْتَسِلُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ غُسْلًا، فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَهَلَّا غُسْلًا وَاحِدًا؟ قَالَ:«هَذَا أَطْيَبُ وَأَزْكَى» أَخْبَرَنَاهُ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ عَبْدَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو زَكَرِيَّا قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، فَذَكَرَهُ، إِلَّا أَنَّ هَذَا فِي الْغُسْلِ وَأَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ لَمْ يُثْبِتُوهُ،
14043 -
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَحَدِيثُ أَنَسٍ أَصَحُّ مِنْ هَذَا
14044 -
قَالَ أَحْمَدُ: حَدِيثُ أَنَسٍ قَدْ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ أَنَسٍ مِنْهُمْ هِشَامُ بْنُ زَيْدٍ وَمِنْ ذَلِكَ الْوَجْهِ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، وَحَدِيثُ أَبِي رَافِعٍ خَبَرٌ عَنْ حَالَةٍ وَاحِدَةٍ، وَحَدِيثُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ خَبَرٌ عَنْ أَكْثَرِ الْأَحْوَالِ، فَهُمَا لَا يَتَنَافَيَانِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
14045 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أخبرنا الشَّافِعِيُّ قَالَ: وَأَكْرَهُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَطَأَ امْرَأَتَهُ وَامْرَأَتُهُ الْأُخْرَى تَنْظُرُ إِلَيْهِ أَوْ جَارِيَتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنَ السِّتْرِ وَلَا مَحْمُودِ الْأَخْلَاقِ وَلَا يُشْبِهُ الْعِشْرَةَ بِالْمَعْرُوفِ، وَقَدْ أُمِرَ أَنْ يُعَاشِرَهَا بِالْمَعْرُوفِ
⦗ص: 158⦘
14046 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَرُوِّينَا عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ فِي الرَّجُلِ يُجَامِعُ امْرَأَتَهُ وَالْأُخْرَى تَسْمَعُ قَالَ: كَانُوا يَكْرَهُوَنَ الْوَجَسَ وَهُوَ الصَّوْتُ الْخَفِيُّ
14047 -
وَرُوِّينَا فِي كَرَاهِيَةِ ذِكْرِ الرَّجُلِ إِصَابَتَهُ أَهْلَهُ حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الْأَمَانَةِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الرَّجُلُ يُفْضِي إِلَى امْرَأَتِهِ وَتُفْضِي إِلَيْهِ، ثُمَّ يُفْشِي سِرَّهَا» أَخْبَرَنَاهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْأَصْبَهَانِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ الزَّعْفَرَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ حَمْزَةَ الْعُمَرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَهُ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ مَرْوَانَ بْنِ مُعَاوِيَةَ
بَابُ إِتْيَانِ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ
14048 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223]،
14049 -
فَاحْتَمَلَتِ الْآيَةُ مَعْنَيَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ تُؤْتَى الْمَرْأَةُ مِنْ حَيْثُ شَاءَ زَوْجُهَا؛ لِأَنَّ {أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223] تُبَيِّنُ أَيْنَ شِئْتُمْ لَا مَحْظُورَ مِنْهَا كَمَا لَا مَحْظُورَ مِنَ الْحَرْثِ
⦗ص: 160⦘
، وَاحْتَمَلَتْ أَنَّ الْحَرْثَ إِنَّمَا يُرَادُ بِهِ النَّبَاتُ وَمَوْضِعُ الْحَرْثِ الَّذِي يَطْلَبُ بِهِ الْوَلَدُ الْفَرَجُ دُونَ مَا سِوَاهُ لَا سَبِيلَ لِطَلَبِ الْوَلَدِ غَيْرُهُ،
14050 -
فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي إِتْيَانِ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ، فَذَهَبَ ذَاهِبُونَ مِنْهُمْ إِلَى إِحْلَالِهِ، وَآخَرُونَ إِلَى تَحْرِيمِهِ، وَأَحْسِبُ كِلَا الْفَرِيقَيْنِ تَأَوَّلُوا مَا وَصَفْتُ مِنَ احْتِمَالِ الْآيَةِ عَلَى مُوَافَقَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا،
14051 -
فَطَلَبْنَا الدَّلَالَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَوَجَدْنَا حَدِيثَيْنِ
14052 -
أَحَدُهُمَا ثَابِتٌ وَهُوَ حَدِيثُ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: كَانَتِ الْيَهُودُ تَقُولُ: مَنْ أَتَى امْرَأَتَهُ فِي قُبُلِهَا مِنْ دُبُرِهَا جَاءَ وَلَدُهُ أَحْوَلُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل: " {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223]
⦗ص: 161⦘
" قَالَ أَحْمَدُ: أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شَاذَانَ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، فَذَكَرَهُ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ قُتَيْبَةَ، وَغَيْرِهِ، وَأَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ
14053 -
وَرَوَاهُ أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَتِ الْيَهُودُ: وَإِنَّمَا يَكُونُ الْحَوَلُ إِذَا أَتَى الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ مِنْ خَلْفِهَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل:" {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223]، مِنْ بَيْنِ يَدَيْهَا، وَمِنْ خَلْفِهَا، وَلَا يَأْتِيهَا إِلَّا فِي الْمَأْتَى "
14054 -
أَخْبَرَنَاهُ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، فَذَكَرَهُ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ قُتَيْبَةَ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ،
14055 -
وَأَخْرَجَهُ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَزَادَ فِيهِ:«غَيْرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي صِمَامٍ وَاحِدٍ»
14056 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمِّي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ شَافِعٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيّ ٍبْنِ السَّائِبِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أُحَيْحَةَ بْنِ الْجُلَاحِ، أَوْ عَنْ عَمْرِو بْنِ فُلَانِ بْنِ أُحَيْحَةَ قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَنَا شَكَكْتُ، عَنْ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ: أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ إِتْيَانِ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ أَوْ إِتْيَانِ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «حَلَالٌ» ، فَلَمَّا وَلَّى الرَّجُلُ دَعَاهُ أَوْ أَمَرَ بِهِ
⦗ص: 162⦘
14057 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَالَ فَمَا تَقُولُ؟ قُلْتُ: عَمِّي ثِقَةٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ ثِقَةٌ، وَقَدْ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدٌ، عَنِ الْأَنْصَارِيِّ الْمُحَدِّثِ بِهِ أَنَّهُ أَثْنَى عَلَيْهِ خَيْرًا، وَخُزَيْمَةُ مِمَّنْ لَا يَشُكُّ عَالِمٌ فِي ثِقَتِهِ، فَلَسْتُ أُرَخِّصُ فِيهِ بَلْ أَنْهَى عَنْهُ
14058 -
قَالَ أَحْمَدُ: تَابَعَهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَبَّاسِ الشَّافِعِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، وَقَالَ: عَمْرُو بْنُ أُحَيْحَةَ بْنِ الْجُلَاحِ، وَلَمْ يَشُكَّ،
14059 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَالَ اللَّهُ عز وجل: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} [البقرة: 223]، وَبَيَّنَ أَنَّ مَوْضِعَ الْحَرْثِ مَوْضِعُ الْوَلَدِ، وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَبَاحَ الْإِتْيَانَ فِيهِ إِلَّا فِي وَقْتِ الْمَحِيضِ و {أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223]: مِنْ أَيْنَ شِئْتُمْ،
14060 -
قَالَ: وَإِبَاحَةُ الْإِتْيَانِ فِي مَوْضِعِ الْحَرْثِ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ تَحْرِيمُ إِتْيَانِ غَيْرِهِ، فَالْإِتْيَانُ فِي الدُّبُرِ حَتَّى يَبْلُغَ مِنْهُ مَبْلَغَ الْإِتْيَانِ فِي الْقُبُلِ مُحَرَّمٌ بِدَلَالَةِ الْكِتَابِ ثُمَّ السُّنَّةِ فَذَكَرَ حَدِيثَ عَمِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ
14061 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ: أَخْبَرَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّارِمِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ، حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: كَانَ الشَّافِعِيُّ «يُحَرِّمُ إِتْيَانَ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ»
⦗ص: 163⦘
14062 -
قَالَ أَحْمَدُ: هَذَا هُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فِي ذَلِكَ، وَأَمَّا الْحِكَايَةُ الَّتِي أَخْبَرَنَا بِهَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ فِي آخَرِينَ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ يَقُولُ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: لَيْسَ فِيهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي التَّحْرِيمِ وَالتَّحْلِيلِ - حَدِيثٌ ثَابِتٌ، وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ حَلَالٌ، وَقَدْ غَلَطَ سُفْيَانُ فِي حَدِيثِ ابْنِ الْهَادِ
14063 -
فَإِنَّمَا أَرَادَ حَدِيثَ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحِي مِنَ الْحَقِّ لَا تَأْتُوا النِّسَاءَ فِي أَدْبَارِهِنَّ»
14064 -
هَذَا الْحَدِيثُ اخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى ابْنِ الْهَادِ، فَقِيلَ عَنْهُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُصَيْنٍ، عَنْ هَرَمِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْوَاقِفِيِّ، عَنْ خُزَيْمَةَ، ثُمَّ اخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى عُبَيْدِ اللَّهِ، فَقِيلَ عَنْهُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ الْخَطْمِيِّ، عَنْ هَرَمِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ خُزَيْمَةَ، وَقِيلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَرَمِيٍّ، فَمَدَارُهُ عَلَى هَرَمِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ خُزَيْمَةَ، وَلَيْسَ لِعُمَارَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ فِيهِ أَصْلٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، وَأَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ يَرَوْنَهُ خَطَأً، وَاللَّهُ أَعْلَمُ،
14065 -
وَهَذِهِ الْحِكَايَةُ مُنَاظَرَةٌ جَرَتْ بَيْنَ الشَّافِعِيِّ وَبَيْنَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، وَفِي سِيَاقِهَا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا قَصَدَ بِمَا قَالَ الذَّبَّ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَلَى طَرِيقِ الْجَدَلِ،
14066 -
فَأَمَّا هُوَ فَقَدْ نَصَّ فِي كِتَابِ عِشْرَةِ النِّسَاءِ عَلَى تَحْرِيمِهِ
14067 -
وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ أَبِي تَمِيمَةَ الْجَيْشَانِيِّ الْهُجَيْمِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ
⦗ص: 164⦘
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ أَتَى امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا أَوْ حَائِضًا أَوْ صَدَّقَ كَاهِنًا فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ» أَخْبَرَنَاهُ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ عَبْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْعَوْذِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنِي حَكِيمٌ الْأَثْرَمُ، وَأَخْبَرَنَاهُ أَبُو الْحَسَنِ الْمُقْرِئُ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ حَكِيمٍ الْأَثْرَمِ، عَنْ أَبِي تَمِيمَةَ، فَذَكَرَهُ،
14068 -
وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ عَبْدَانَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ أَتَى حَائِضًا أَوِ امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا أَوْ كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ بَرِئَ مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ»
14069 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، عَنْ وَكِيعٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ مَخْلَدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَلْعُونٌ مَنْ أَتَى امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا»
14070 -
وَرُوِّينَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ تَأْتُوا النِّسَاءَ فِي أَدْبَارِهِنَّ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحِي مِنَ الْحَقِّ» ،
14071 -
وَرُوِّينَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ طَلْقٍ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ فِي تَحْرِيمِ ذَلِكَ
كِتَابُ الشِّغَارِ
14072 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَسَنِ، وَأَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الشِّغَارِ»
14073 -
وَالشِّغَارُ: أَنْ يُزَوِّجَ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ الرَّجُلُ الْآخَرُ ابْنَتَهُ، وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا صَدَاقٌ
14074 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا أَدْرِي تَفْسِيرَ الشِّغَارِ فِي الْحَدِيثِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَوْ مِنِ ابْنِ عُمَرَ، أَوْ مِنْ نَافِعٍ، أَوْ مِنْ مَالِكٍ
⦗ص: 167⦘
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ، عَنْ يَحْيَى بن يحيى كِلَاهُمَا، عَنْ مَالِكٍ،
14075 -
وَأَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: عُبَيْدُ اللَّهِ، قُلْتُ لِنَافِعٍ: مَا الشِّغَارُ؟ فَذَكَرَهُ،
14076 -
وَرَوَاهُ أَيْضًا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَذَكَرَ مَوْصُولًا بِالْحَدِيثِ
14077 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَجِيدِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ:«إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الشِّغَارِ»
14078 -
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَمُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ كِلَاهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّهُ «نَهَى عَنِ الشِّغَارِ»
⦗ص: 168⦘
14079 -
وَزَادَ مَالِكٌ فِي الشِّغَارِ: أَنْ يُزَوِّجَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ ابْنَتَهُ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ ابْنَتَهُ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، مِنْ حَدِيثِ حَجَّاجِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ
14080 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ: كَأَنَّهُ يَقُولُ: صَدَاقُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بُضْعُ الْأُخْرَى وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا تَأَوِيلٌ مِنْ جِهَةِ الشَّافِعِيِّ لِلتَّفْسِيرِ الَّذِي رَوَاهُ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ،
14081 -
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ نَافِعِ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، بِإِسْنَادِهِ وَمَتْنِهِ، وَفِيهِ مِنَ الزِّيَادَةِ: وَالشِّغَارُ أَنْ تُنْكَحَ هَذِهِ بِهَذِهِ بِغَيْرِ صَدَاقٍ بُضْعُ هَذِهِ صَدَاقُ هَذِهِ وَبُضْعُ هَذِهِ صَدَاقُ هَذِهِ،
14082 -
فَيُشْبِهُ إِنْ كَانَتْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ صَحِيحَةً أَنْ يَكُونَ هَذَا التَّفْسِيرُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَوْ مَنْ فَوْقَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
14083 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ بْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا شِغَارَ فِي الْإِسْلَامِ»
14084 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَإِذَا أَنْكَحَ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ الرَّجُلَ، أَوِ الْمَرْأَةُ يَلِي أَمْرَهَا مَنْ كَانَتْ عَلَى أَنْ يُنْكِحَهُ ابْنَتَهُ، أَوِ الْمَرْأَةُ يَلِي أَمْرَهَا مَنْ كَانَتْ عَلَى أَنَّ صَدَاقَ
⦗ص: 169⦘
كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بُضْعُ الْأُخْرَى، أَوْ عَلَى أَنْ يُنْكِحَهُ الْأُخْرَى وَلَمْ يُسَمِّ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا صَدَاقًا، فَهَذَا الشِّغَارُ الَّذِي نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَا يَحِلُّ النِّكَاحُ وَهُوَ مَفْسُوخٌ،
14085 -
هَذَا نَصُّ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِيمَا قَرَأْتُ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الشَّافِعِيِّ فِي كِتَابِ الشِّغَارِ، وَهُوَ يُوَافِقُ التَّفْسِيرَ الْمَنْقُولَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ حِينَ قَالَ: أَوْ عَلَى أَنْ يُنْكِحَهُ الْأُخْرَى وَلَمْ يُسَمِّ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا صَدَاقًا
14086 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي مَبْسُوطِ كَلَامِهِ: إِنَّ النِّسَاءَ مُحَرَّمَاتٌ إِلَّا بِمَا أَحَلَّ اللَّهُ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ بِمِلْكِ يَمِينٍ فَلَا يَحِلُّ الْمُحَرَّمُ مِنَ النِّسَاءِ بِالْمُحَرَّمِ مِنَ النِّكَاحِ، وَالشِّغَارُ مُحَرَّمٌ بِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ وَهَكَذَا كُلُّ مَا نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ نِكَاحٍ لَمْ يُحَلَّلْ بِهِ الْمُحَرَّمُ،
14087 -
وَبِهَذَا قُلْنَا فِي الْمُتْعَةِ وَنِكَاحِ الْمُحْرِمِ وَمَا نُهِيَ عَنْهُ مِنْ نِكَاحٍ
بَابُ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ
14088 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ
⦗ص: 171⦘
قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ: كُنَّا نَغْزُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
⦗ص: 173⦘
وَلَيْسَ مَعَنَا نِسَاءٌ، فَأَرَدْنَا أَنْ نَخْتَصِيَ، «فَنَهَانَا عَنْ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ رَخَّصَ لَنَا أَنْ نَنْكِحَ الْمَرْأَةَ إِلَى أَجْلٍ بِالشَّيْءِ» ، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ أَوْجُهٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ
14089 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، وَالْحَسَنِ ابْنَيْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ - وَكَانَ الْحَسَنُ أَرْضَاهُمَا - عَنْ أَبِيهِمَا، أَنَّ
⦗ص: 174⦘
عَلِيًّا قَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ، وَعَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ» ، أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ
14090 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، وَالْحَسَنِ، ابْنَيْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِمَا، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ يَوْمَ خَيْبَرَ، وَعَنْ أَكْلِ لُحُومِ الْحُمُرِ الْإِنْسِيَّةِ» أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ، مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ
14091 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ»
14092 -
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ، وَغَيْرُهُ، عَنْ سُفْيَانَ، وَرَوَاهُ الْحُمَيْدِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، وَزَادَ فِيهِ:«عَامَ الْفَتْحِ» ،
14093 -
وَكَذَلِكَ قَالَهُ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، وَمَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ،
14094 -
وَرَوَاهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَقَالَ: فِي حَجَّةِ الْوَادِعِ،
14095 -
وَكَذَلِكَ قَالَهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ،
14096 -
وَقَالَ عُمَارَةُ بْنُ غَزِيَّةَ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سَبْرَةَ، عَامَ الْفَتْحِ، وَهُوَ أَصَحُّ وَرُوَاتُهُ أَكْثَرُ
14097 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ: ذَكَرَ ابْنُ مَسْعُودٍ الْإِرْخَاصَ فِي نِكَاحِ الْمُتْعَةِ وَلَمْ يُؤَقِّتْ شَيْئًا يَدُلُّ أَهُوَ قَبْلَ خَيْبَرَ أَوْ بَعْدَهَا، فَأَشْبَهَ حَدِيثُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي نَهْي النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْمُتْعَةِ أَنْ يَكُونَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ نَاسِخًا لَهُ، فَلَا يَجُوزُ نِكَاحُ الْمُتْعَةِ بِحَالٍ.
14098 -
قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ رُوِّينَا فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي رِوَايَةِ وَكِيعٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: كُنَّا وَنَحْنُ شَبَابٌ، فَأُخْبِرَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ وَهُمْ شَبَابٌ، وَابْنُ مَسْعُودٍ تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ
⦗ص: 176⦘
مِنَ الْهِجْرَةِ وَكَانَ يَوْمَ تُوُفِّيَ ابْنُ بِضْعٍ وَسِتِّينَ سَنَةً وَكَانَ فَتْحُ خَيْبَرَ فِي سَنَةِ سَبْعٍ، وَفَتْحُ مَكَّةَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ، فَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ عَامَ الْفَتْحِ كَانَ ابْنُ نَحْو مِنْ أَرْبَعِينَ سَنَةً وَالشَّبَابُ قَبْلَ ذَلِكَ، فَأَشْبَهَ حَدِيثُ عَلِيٍّ أَنْ يَكُونَ نَاسِخًا لَهُ،
14099 -
وَشَيْءٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ مَا حَكَاهُ ابْنُ مَسْعُودٍ كَانَ أَمْرًا شَائِعًا لَا يَشْتَبِهُ عَلَى مِثْلِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه وَقَدْ أَنْكَرَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلَهُ فِي الرُّخْصَةِ وَأَخْبَرَ بِنَهْي النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَنْهُ دَلَّ أَنَّهُ عَلِمَ النَّسْخَ حَتَّى أَنْكَرَ قَوْلَهُ فِي الرُّخْصَةِ،
14100 -
وَكَانَ ابْنُ عُيَيْنَةَ يَزْعُمُ أَنَّ تَارِيخَ خَيْبَرَ ـ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ـ إِنَّمَا هُوَ فِي النَّهْي عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ لَا فِي النَّهْي عَنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ،
14101 -
وَهُوَ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ كَمَا قَالَ: فَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ رَخَّصَ فِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ، ثُمَّ نَهَى عَنْهُ فَيَكُونُ احْتِجَاجُ عَلِيٍّ بِنَهْيِهِ عَنْهُ آخِرًا حَتَّى تَقُومَ بِهِ الْحُجَّةُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ،
14102 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ: وَإِنْ كَانَ حَدِيثُ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ يُثْبَتُ فَهُوَ يُبَيِّنُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَحَلَّ نِكَاحَ الْمُتْعَةِ، ثُمَّ قَالَ: هِيَ حَرَامٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ،
14103 -
قَالَ أَحْمَدُ: حَدِيثُ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ لَمْ يُخَرِّجْهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ أَظُنُّهُ لِاخْتِلَافٍ وَقَعَ عَلَيْهِ فِي تَارِيخِهِ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، وَاعْتَمَدَ رِوَايَاتِ مَنْ رَوَاهُ فِي عَامِ الْفَتْحِ، لِأَنَّهَا أَكْثَرُ
14104 -
وَأَمَّا اللَّفْظُ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فَهُوَ فِيمَا أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي الرَّبِيعُ بْنُ سَبْرَةَ، أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ: أَنَّهُمْ سَارُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
⦗ص: 177⦘
فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي دُخُولِهِمْ مَكَّةَ - وَإِذْنَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الِاسْتِمْتَاعِ قَالَ: فَخَرَجْتُ أَنَا وَابْنُ عَمٍّ لِي مَعِي بُرْدٌ وَمَعَهُ بُرْدٌ وَبُرْدُهُ أَجْوَدُ مِنْ بُرْدِي وَأَنَا أَشَبُّ مِنْهُ، فَأَعْجَبَهَا شَبَابِي وَأَعْجَبَهَا بُرْدَهُ، فَصَارَ أَمْرُهَا إِلَى أَنْ قَالَتَ: بُرْدٌ كَبُرْدٍ، وَكَانَ الْأَجَلُ بَيْنِي وَبَيْنَهَا عَشْرَةً فَبِتُّ عِنْدَهَا تِلْكَ اللَّيْلَةَ، ثُمَّ أَصْبَحَ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَائِمٌ بَيْنَ الْبَابِ وَالرُّكْنِ، فَقَالَ فِي كَلَامِهِ:«يَا أَيُّهَا النَّاسُ، قَدْ كُنْتُ أَذِنْتُ لَكُمْ فِي الِاسْتِمْتَاعِ مِنْ هَذِهِ النِّسَاءِ، أَلَا وَإِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ ذَلِكَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْهُنَّ شَيْءٌ فَلْيُخَلِّ سَبِيلَهَا، وَلَا تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا» ،
14105 -
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مُخْتَصَرًا وَتَرَكَ عَبْدُ الْعَزِيزِ ذَلِكَ بِحَجَّةِ الْوَدَاعِ لِمُخَالَفَتِهِ فِيهِ أَكْثَرَ الرُّوَاةِ عَنِ الرَّبِيعِ،
14106 -
وَقَدْ رَوَى سَلَمَةُ بْنُ الْأَكْوَعِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَعْنَى مَا رَوَاهُ سَبْرَةُ بْنُ مَعْبَدٍ
14107 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْأُمَوِيُّ، وَأَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَلِيمِيُّ قَالَا: حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُؤَدِّبُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عُمَيْسٍ، عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:«رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي مُتْعَةِ النِّسَاءِ عَامَ أَوْطَاسٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، ثُمَّ نَهَى عَنْهَا بَعْدُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ مُحَمَّدٍ
⦗ص: 178⦘
،
14108 -
وَعَامُ أَوْطَاسٍ، وَعَامُ الْفَتْحِ وَاحِدٌ لِأَنَّهَا كَانَتْ بَعْدَ الْفَتْحِ بِيَسِيرٍ فَسَوَاءٌ نَسَبُ ذَلِكَ إِلَى أَوْطَاسٍ أَوْ إِلَى الْفَتْحِ
14109 -
وَرُوِّينَا عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، عَنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ:«الْمُتْعَةُ مَنْسُوخَةٌ نَسَخَهَا الطَّلَاقُ وَالصَّدَاقُ وَالْعِدَّةُ وَالْمِيرَاثُ»
14110 -
وَفِي حَدِيثِ مُؤَمَّلِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«حَرَّمَ أَوْ هَدَمَ الْمُتْعَةَ النِّكَاحُ وَالطَّلَاقُ وَالْعِدَّةُ وَالْمِيرَاثُ»
14111 -
وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ الْآيَاتِ الَّتِي وَرَدَتْ فِي أَحْكَامِ النِّكَاحِ، ثُمَّ قَالَ: وَكَانَ بَيِّنًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنْ يَكُونَ نِكَاحُ الْمُتْعَةِ مَنْسُوخًا بِالْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ فِي النَّهْيِ عَنْهُ؛ لِأَنَّ نِكَاحَ الْمُتْعَةِ أَنْ يَنْكِحَ امْرَأَةً إِلَى مُدَّةٍ ثُمَّ يَفْسَخُ نِكَاحَهُ بِلَا إِحْدَاثِ طَلَاقٍ مِنْهُ، وَفِي نِكَاحِ الْمُتْعَةِ إِبْطَالُ مَا وَصَفْتُ مِمَّا جَعَلَ اللَّهُ إِلَى الْأَزْوَاجِ مِنَ الْإِمْسَاكِ وَالطَّلَاقِ وَإِبْطَالِ الْمَوَارِيثِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَأَحْكَامِ النِّكَاحِ الَّتِي حَكَمَ اللَّهُ بِهَا فِي الظِّهَارِ وَالْإِيلَاءِ وَاللِّعَانِ إِذَا انْقَضَتِ الْمُدَّةُ قَبْلَ إِحْدَاثِ الطَّلَاقِ
14112 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، أَنَّ خَوْلَةَ بِنْتَ حَكِيمٍ دَخَلَتْ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَتْ: إِنَّ رَبِيعَةَ بْنَ أُمَيَّةَ اسْتَمْتَعَ بِامْرَأَةٍ مُوَلَّدَةٍ فَحَمَلَتْ مِنْهُ، فَخَرَجَ عُمَرُ يَجُرُّ رِدَاءَهُ فَزِعًا فَقَالَ:«هَذِهِ الْمُتْعَةُ وَلَوْ كُنْتُ تَقَدَّمْتُ فِيهَا لَرَجَمْتُ»
14113 -
وَأَمَّا الَّذِي رُوِيَ عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ خَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ:" مُتْعَتَانِ كَانَتَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا أَنْهَى عَنْهُمَا أَوْ أُعَاقِبُ عَلَيْهِمَا: أَحَدُهُمَا مُتْعَةُ النِّسَاءِ فَلَا أَقْدِرُ عَلَى رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً إِلَى أَجْلٍ إِلَّا غَيَّبْتُهُ فِي الْحِجَارَةِ، وَالْأُخْرَى مُتْعَةُ الْحَجِّ افْصِلُوا حَجَّكُمْ عَنْ عُمْرَتِكُمْ، فَإِنَّهُ أَتَمُّ لِحَجِّكُمْ وَأَتَمُّ لِعُمْرَتِكُمْ "
14114 -
فَبَيِّنٌ فِي قَوْلِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابٍ رضي الله عنه أَنَّ نَهْيَهُ عَنْ مُتْعَةِ الْحَجِّ عَلَى الِاخْتِيَارِ لِإِفْرَادِ الْحَجِّ عَنِ الْعُمْرَةِ لَا عَلَى التَّحْرِيمِ، وَقَدْ دَلَّلْنَا عَلَى ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْحَجِّ،
14115 -
وَأَمَّا مُتْعَةُ النِّكَاحِ فَإِنَّمَا نَهَى عَنْهَا وَأَوْعَدَ الْعُقُوبَةَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ عَلِمَ نَهْيَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَنْهَا بَعْدَ الْإِذْنِ فِيهَا، وَبِذَلِكَ احْتَجَّ فِي بَعْضِ مَا رُوِيَ عَنْهُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُظَنَّ بِهِ غَيْرَ ذَلِكَ وَهُوَ يَتْرُكُ رَأْيَهُ وَيَرُدُّ قَضَاءَ نَفْسِهِ بِخَبَرٍ يَرْوِيهِ غَيْرُهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَذَلِكَ فِيمَا انْتَشَرَ عَنْهُ فِي دِيَةِ الْجَنِينِ وَمِيرَاثِ الْمَرْأَةِ مِنْ دِيَّةِ زَوْجِهَا، وَغَيْرِ ذَلِكَ فَكَيْفَ يَسْتَجِيزُ خِلَافَ مَا يَرْوِيهِ بِنَفْسِهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ غَيْرِ ثُبُوتِ مَا نَسْخَهُ عِنْدَهُ وَهُوَ كَقَوْلِ عَلِيٍّ رضي الله عنه لِابْنِ عَبَّاسٍ:«إِنَّكَ امْرُؤٌ تَائِهٌ إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ» ، إِلَّا أَنَّ رَاوِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ذَكَرَ مَا احْتَجَّ بِهِ عَلَيْهِ، وَرَاوِي حَدِيثِ عُمَرَ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ، وَقَدْ ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
نِكَاحُ الْمُحَلِّلِ
14116 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ بْنُ أَبِي عَمْرٍو قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيُّ أَبُو أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي قَيْسٍ، عَنِ الْهُذَيْلِ بْنِ شُرَحْبِيلَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:«لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْوَاشِمَةَ وَالْمَوْشُومَةَ، وَالْوَاصِلَةَ وَالْمَوْصُولَةَ، وَالْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ، وَآكِلَ الرِّبَا وَمُطْعِمَهُ» ،
14117 -
وَرُوِّينَاهُ فِي حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ مَرْفُوعًا فِي لَعْنِ الْمُحَلِّلِ وَالْمُحَلَّلِ لَهُ
14118 -
وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ»
14119 -
وَزَادَ عُقْبَةُ فِي حَدِيثِهِ: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِالتَّيْسِ الْمُسْتَعَارِ؟» ، قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «الْمُحَلِّلُ»
14120 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَنِكَاحُ الْمُحَلِّلِ الَّذِي يُرْوَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَعَنَهُ عِنْدَنَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ ضَرْبٌ مِنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُطَلِّقٍ إِذَا شَرَطَ أَنْ يَنْكِحَهَا حَتَّى تَكُونَ الْإِصَابَةُ،
14121 -
ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنَّهُمَا إِذَا عَقَدَا النِّكَاحَ مُطْلَقًا لَا شَرْطَ فِيهِ، فَالنِّكَاحُ ثَابِتٌ وَلَا تُفْسِدُ النِّيَّةُ مِنَ النِّكَاحِ شَيْئًا؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ حَدِيثُ نَفْسٍ، وَقَدْ وُضِعَ عَنِ النَّاسِ مَا حَدَّثُوا بِهِ أَنْفُسَهُمْ
14122 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَدْ أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ سَيْفِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: طَلَّقَ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ امْرَأَةً لَهُ فَبَتَّهَا، فَمَرَّ شَيْخٌ وَابْنٌ لَهُ مِنَ الْأَعْرَابِ فِي السُّوقِ قَدِمَا لِتِجَارَةٍ لَهُمَا فَقَالَ لِلْفَتَى: هَلْ فِيكَ مِنْ
⦗ص: 182⦘
خَيْرٍ؟ ثُمَّ مَضَى عَنْهُ، ثُمَّ كَرَّ عَلَيْهِ فَكَمِثْلِهَا، ثُمَّ مَضَى عَنْهُ، ثُمَّ كَرَّ عَلَيْهِ فَكَمِثْلِهَا قَالَ: نَعَمْ قَالَ: فَأَرِنِي يَدَكَ، فَانْطَلَقَ بِهِ، فَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ وَأَمَرَهُ بِنِكَاحِهَا، فَنَكَحَهَا فَبَاتَ مَعَهَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ اسْتَأْذَنَ فَأُذِنَ لَهُ، فَإِذَا هُوَ قَدْ وَلَّاهَا الدُّبُرَ، فَقَالَتْ: وَاللَّهِ لَئِنْ طَلَّقَنِي لَا أُنْكِحُكِ أَبَدًا، فَذَكَرَ ذَلِكَ لِعُمَرَ، فَدَعَاهُ فَقَالَ:«لَوْ نَكَحْتَهَا لَفَعَلْتُ بِكَ كَذَا وَكَذَا» ، وَتَوَاعَدَهُ، وَدَعَا زَوْجَهَا فَقَالَ: الْزَمْهَا،
14123 -
وَرَوَاهُ فِي الْإِمْلَاءِ الْمَسْمُوعَةِ مِنْ أَبِي سَعِيدٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَالْمَعْنَى وَزَادَ فِيهِ فَقَالَ: «إِنْ عَرَضَ لَكَ أَحَدٌ بِشَيْءٍ فَأَخْبِرْنِي بِهِ»
14124 -
وَبِإِسْنَادِهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أُخْبِرْتُ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، أَنَّ امْرَأَةً طَلَّقَهَا زَوْجُهَا ثَلَاثًا وَكَانَ مِسْكِينٌ أَعْرَابِيٌّ يَقْعُدُ بِبَابِ الْمَسْجِدِ، فَجَاءَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: هَلْ لَكَ فِي امْرَأَةٍ تَنْكِحُهَا فَتَبِيتُ مَعَهَا اللَّيْلَةَ وَتُصْبِحُ فَتُفَارِقُهَا؟ قَالَ: نَعَمْ، فَكَانَ ذَلِكَ، فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: إِنَّكَ إِذَا أَصْبَحْتَ فَإِنَّهُمْ سَيَقُولُونَ لَكَ: فَارِقْهَا فَلَا تَفْعَلْ ذَلِكَ، فَإِنِّي مُقِيمَةٌ لَكَ مَا تَرَى وَاذْهَبْ إِلَى عُمَرَ، فَلَمَّا أَصْبَحَتْ أَتَوْهُ وَأَتَوْهَا فَقَالَتْ: كَلِّمُوهُ، فَأَنْتُمْ جِئْتُمْ بِهِ فَكَلَّمُوهُ، فَأَبَى، فَانْطَلَقَ إِلَى عُمَرَ فَقَالَ:«الْزَمِ امْرَأَتَكَ، فَإِنْ رَابُوكَ بِرَيْبٍ فَائْتِنِي» ، فَأَرْسَلَ إِلَى الْمَرْأَةِ الَّتِي مَشَتْ لِذَلِكَ، فَنَكَّلَ بِهَا، ثُمَّ كَانَ يَغْدُو إِلَى عُمَرَ وَيَرُوحُ فِي حُلَّةٍ فَيَقُولُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَسَاكَ يَا ذَا الرُّقْعَتَيْنِ حُلَّةً تَغْدُو فِيهَا وَتَرُوحُ
14125 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: سَمِعْتُ الْحَدِيثَ مُسْنَدًا مُتَّصِلًا عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، يُوصِلُهُ عَنْ عُمَرَ، بِمِثْلِ هَذَا الْمَعْنَى
نِكَاحُ الْمُحْرِمِ
14126 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، عَنْ نُبَيْهِ بْنِ وَهْبٍ، أَخِي بَنِي عَبْدِ الدَّارِ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ أَرَادَ أَنْ يُزَوِّجَ طَلْحَةَ بْنَ عُمَرَ ابْنَةَ شَيْبَةَ بْنِ جُبَيْرٍ، فَأَرْسَلَ إِلَى أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ لِيَحْضُرَ ذَلِكَ وَهُمَا مُحْرِمَانِ، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ أَبَانُ وَقَالَ سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ وَلَا يَخْطُبُ»
14127 -
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ وَقَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى، عَنْ نُبَيْهِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ عُثْمَانَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، بِمِثْلِ مَعْنَاهُ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ، وَسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، وَغَيْرِهِمَا
14128 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ أَبَا رَافِعٍ مَوْلَاهُ وَرَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ، فَزَوَّجَاهُ مَيْمُونَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ وَهُوَ بِالْمَدِينَةِ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ "
14129 -
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ، وَهُوَ ابْنُ أُخْتِ مَيْمُونَةَ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَكَحَ مَيْمُونَةَ وَهُوَ حَلَالٌ»
14130 -
قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ ذَكَرْنَا فِي كِتَابِ الْحَجِّ رِوَايَةَ مَنْ رَوَى حَدِيثَ أَبِي رَافِعٍ، وَيَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ مَوْصُولًا
14131 -
أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ:«أَوْهَمَ الَّذِي رَوَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَكَحَ مَيْمُونَةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ، مَا نَكَحَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا وَهُوَ حَلَالٌ»
14132 -
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ: عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ، عَنْ أَبِي غَطَفَانَ بْنِ طَرِيفٍ الْمُرِّيُّ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَاهُ طَرِيفًا «تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَهُوَ مُحْرِمٌ فَرَدَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ نِكَاحَهُ»
14133 -
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ:«لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ وَلَا يُنْكِحُ، وَلَا يَخْطُبُ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا عَلَى غَيْرِهِ»
14134 -
أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، إِجَازَةً أَنَّ أَبَا الْعَبَّاسِ حَدَّثَهُمْ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ قُدَامَةَ بْنِ مُوسَى، عَنْ شَوْذَبٍ، أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ «رَدَّ نِكَاحَ مُحْرِمٍ» ،
14135 -
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنْ قُدَامَةَ
14136 -
وَرُوِّينَا عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّ عَلِيًّا قَالَ:«مَنْ تَزَوَّجَ وَهُوَ مُحْرِمٌ نَزَعْنَا مِنْهُ امْرَأَتَهُ، وَلَمْ نُجِزْ نِكَاحَهُ»
14137 -
وَعَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عَلِيًّا، وَعُمَرَ قَالَا:«لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ وَلَا يُنْكِحُ فَإِنْ نَكَحَ فَنِكَاحُهُ بَاطِلٌ» ،
14138 -
وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، وَالْحَسَنِ، وَقَتَادَةَ
14139 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: خَالَفَنَا بَعْضُ النَّاسِ فِي نِكَاحِ الْمُحْرِمِ، فَقَالَ: لَا بَأْسَ أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْرِمُ مَا لَمْ يُصِبْ،
14140 -
وَقَالَ: رُوِّينَا خِلَافَ مَا رُوِّيتُمْ فَذَهَبْنَا إِلَى مَا رُوِّينَا وَذَهَبْتُمْ إِلَى مَا رُوِّيتُمْ، رُوِّينَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَكَحَ وَهُوَ مُحْرِمٌ، قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: أَرَأَيْتَ إِذَا اخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَبِأَيِّهَا تَأْخُذُ؟ قَالَ: بِالثَّابِتِ عَنْهُ، قُلْتُ: أَفَتَرَى حَدِيثَ عُثْمَانَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثَابِتًا؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: وَعُثْمَانُ غَيْرُ غَائِبٍ عَنْ نِكَاحِ
⦗ص: 186⦘
مَيْمُونَةَ؛ لِأَنَّهُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِالْمَدِينَةِ وَفِي سَفَرِهِ الَّذِي بَنَى بِمَيْمُونَةَ فِيهِ فِي عُمْرَةِ الْقَضِيَّةِ وَهُوَ السَّفَرُ الَّذِي زَعَمْتَ أَنْتَ أَنَّهُ نَكَحَهَا فِيهِ، وَإِنَّمَا نَكَحَهَا قَبْلَهُ وَبَنَى بِهَا فِيهِ
14141 -
قَالَ: نَعَمْ، وَلَكِنِ الَّذِي رُوِّينَا عَنْهُ:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَكَحَهَا وَهُوَ مُحْرِمٌ» ، فَهُوَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَوْمَ نَكَحَهَا بَالِغًا وَلَا لَهُ يَوْمَئِذٍ صُحْبَةٌ فَإِنَّهُ لَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ خَفِيَ عَلَيْهِ الْوَقْتُ الَّذِي نَكَحَهَا فِيهِ مَعَ قَرَابَتِهِ بِهَا، وَلَا يَقْبَلُهُ هُوَ وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْهُ إِلَّا عَنْ ثِقَةٍ
14142 -
قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ يَزِيدَ بْنَ الْأَصَمِّ هُوَ ابْنُ أُخْتِهَا يَقُولُ: نَكَحَهَا حَلَالًا وَمَعَهُ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ عَتِيقُهَا أَوِ ابْنُ عَتِيقِهَا قَالَ: نَكَحَهَا حَلَالًا، فَيُمْكِنُ عَلَيْكَ مَا أَمْكَنَكَ، فَقَالَ: هَذَانِ ثِقَةٌ، وَمَكَانَهُمَا مِنْهَا الْمَكَانُ الَّذِي لَا يَخْفَى عَلَيْهِمَا الْوَقْتُ الَّذِي نَكَحَهَا فِيهِ لِحَطِّهَا وَحَطِّ مَنْ هُوَ مِنْهَا بِنِكَاحِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِأَبِي هُوَ وَأُمِّي، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقْبَلَا ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَشْهَدَاهُ إِلَّا بِخَبَرِ ثِقَةٍ فِيهِ فَتَكَافَأَ خَبَرُ هَذَيْنِ وَخَبَرُ مَنْ رَوَيْتَ عَنْهُ فِي الْمَكَانِ مِنْهَا وَإِنْ كَانَ أَفْضَلَ مِنْهَا فَهُمَا ثِقَةٌ، وَخَبَرُ اثْنَيْنِ أَكْثَرُ مِنْ خَبَرِ وَاحِدٍ وَيَزِيدُونَكَ مَعَهُمَا ثَالِثًا سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ، وَتَنْفَرِدُ عَلَيْكَ رِوَايَةُ عُثْمَانَ الَّتِي هِيَ أَثْبَتُ مِنْ هَذَا كُلِّهِ.
14143 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَقُلْتُ لَهُ أَوَمَا أَعْطَيْتَنَا أَنَّ الْخَبَرَيْنِ لَوْ تَكَافَأَا نَظَرْنَا فِيمَا فَعَلَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَهُ فَتَتَّبِعُ أَيَّهُمَا كَانَ فِعْلُهُمَا أَشْبَهُ وَأَوْلَى الْخَبَرَيْنِ أَنْ يَكُونَ مَحْفُوظًا فَنَقْبَلَهُ وَنَتْرُكَ الَّذِي خَالَفَهُ؟ قَالَ: بَلَى، قُلْتُ: فَعُمَرُ وَزَيْدُ ابْنُ ثَابِتٍ يَرُدَّانِ نِكَاحَ الْمُحْرِمِ، وَيَقُولُ ابْنُ عُمَرَ: لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ وَلَا يُنْكِحُ، ولَا أَعْلَمُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَهُمَا مُخَالِفًا،
14144 -
وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي كِتَابِ الْحَجِّ، وَذَكَرْنَا فِيهِ رِوَايَةَ مَيْمُونَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَكَحَهَا وَهُمَا حَلَالَانِ
الْعَيْبُ فِي الْمَنْكُوحَةِ
14145 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: «أَيُّمَا رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَبِهَا جُنُونٌ أَوْ جُذَامٌ أَوْ بَرَصٌ فَمَسَّهَا فَلَهَا صَدَاقُهَا، وَذَلِكَ لِزَوْجِهَا غُرْمٌ عَلَى وَلِيِّهَا»
14146 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ قَالَ:" أَرْبَعٌ لَا تَجُوزُ فِي بَيْعٍ وَلَا نِكَاحٍ إِلَّا أَنْ تُسَمَّى فَإِنْ سَمَّى جَازَ: الْجُنُونُ وَالْجُذَامُ وَالْبَرَصُ وَالْقَرْنُ "
⦗ص: 188⦘
14147 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَرَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ سُفْيَانَ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ:«إِلَّا أَنْ يَمَسَّ، فَإِنْ مَسَّ فَقَدْ جَازَ» ، أَخْبَرَنَاهُ أَبُو حَازِمٍ الْحَافِظُ أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ بْنُ خُمَيْرَوَيْهِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ نَجْدَةَ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، فَذَكَرَهُ
14148 -
وَقَدْ أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ هُوَ الْأَصَمُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ، وَشُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَهُوَ أَبُو الشَّعْثَاءِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ:" أَرْبَعٌ لَا تَجُوزُ فِي بَيْعٍ وَلَا نِكَاحٍ: الْمَجْنُونَةُ وَالْمَجْذُومَةُ وَالْبَرْصَاءُ وَالْعَفْلَاءُ "،
14149 -
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مَالِكُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ
14150 -
وَرُوِّينَا عَنْ جَمِيلِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: " أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي غِفَارٍ فَلَمَّا أُدْخِلَتْ عَلَيْهِ رَأَى بِكَشْحِهَا وَضْحًا فَرَدَّهَا إِلَى أَهْلِهَا، وَقَالَ:«دَلَّسْتُمْ عَلَيَّ»
14151 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: عَنْ وَكِيعٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِهَا جُنُونٌ أَوْ جُذَامٌ أَوْ بَرَصٌ قَالَ:«إِذَا لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا فَهِيَ امْرَأَتُهُ إِنْ شَاءَ طَلَّقَ وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَ»
14152 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهُمْ يَقُولُونَ هِيَ امْرَأَتُهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ إِنْ شَاءَ طَلَّقَ وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَ
14153 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَرَوَاهُ غَيْرُهُ عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ
14154 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: الْجُذَامُ وَالْبَرَصُ فِيمَا يَزْعُمُ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالطِّبِّ وَالتَّجَارِبِ تُعْدِي الزَّوْجَ كَثِيرًا وَهُوَ دَاءٌ مَانِعٌ لِلْجِمَاعِ لَا تَكَادُ نَفْسُ أَحَدٍ أَنْ تَطِيبَ بِأَنْ يُجَامِعَ مَنْ هُوَ بِهِ وَلَا نَفْسُ امْرَأَةٍ أَنْ يُجَامِعَهَا مَنْ هُوَ بِهِ، فَأَمَّا الْوَلَدُ فَبَيِّنٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ إِذَا وَلَدَهُ أَجْذَمُ أَوْ أَبْرَصُ أَوْ جَذْمَاءُ أَوْ بَرْصَاءُ قَلَّمَا يَسْلِمُ، وَإِنْ سَلَمَ أَدْرَكَ نَسْلَهُ وَنَسْأَلُ اللَّهَ الْعَافِيَةَ، فَأَمَّا الْجُنُونُ وَالْخَبَلُ فَلَا يَكُونُ مِنْهُ تَأْدِيَةُ حَقٍّ، وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ
14155 -
قَالَ أَحْمَدُ: ثَابِتٌ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «لَا عَدْوَى» ، وَإِنَّمَا
⦗ص: 190⦘
أَرَادَ بِهِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي كَانُوا يَعْتَقِدُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ إِضَافَةِ الْفِعْلِ إِلَى غَيْرِ اللَّهِ عز وجل، وَقَدْ يَجْعَلُ اللَّهُ تَعَالَى بِمَشِيئَتِهِ مُخَالَطَةَ الصَّحِيحِ مَنْ بِهِ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْعُيُوبِ سَبَبًا لِحُدُوثِ ذَلِكَ بِهِ، وَلِهَذَا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«لَا يُورِدُ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ» ، وَقَالَ فِي الطَّاعُونِ:«مَنْ سَمِعَ بِهِ بِأَرْضٍ فَلَا يَقْدِمَنَّ عَلَيْهِ» ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا فِي مَعْنَاهُ، وَكُلُّ ذَلِكَ بِتَقْدِيرِ اللَّهِ عز وجل
14156 -
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ لِخَصِيٍّ تَزَوَّجَ:«أَكُنْتَ أَعْلَمْتَهَا؟» قَالَ: لَا: قَالَ: «أَعْلِمْهَا ثُمَّ خيِّرْهَا»
14157 -
وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ قَالَ: «لَا يَنْكِحُ الْخَصِيُّ الْمَرْأَةَ الْمُسْلِمَةَ» ، وَقَالَ:«وَلَا يَثْبُتُ ذَلِكَ عَنْهُمَا»
14158 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْإِمْلَاءِ: وَإِذَا تَزَوَّجَتِ الْمَرْأَةُ خَصِيًّا فَلَهَا الْخِيَارُ، وَقَالَهُ أَيْضًا فِي الْقَدِيمِ
14159 -
وَرُوِّينَا عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ ابْنَ سَنْدَرٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَكَانَ خَصِيًّا، وَلَمْ تَعْلَمْ فَنَزَعَهَا مِنْهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ
⦗ص: 191⦘
،
14160 -
وَهَذَا مُنْقَطِعٌ، أَنْبَأَنِيهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، إِجَازَةً عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ الْعَبَّاسِ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، فَذَكَرَهُ
رُجُوعُ الْمَغْرُورِ بِالْمَهْرِ
14161 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ: قَضَى عُمَرُ، وَعَلِيٌّ، وَابْنُ عَبَّاسٍ فِي الْمَغْرُورِ يَرْجِعُ بِالْمَهْرِ عَلَى مَنْ غَرَّةُ،
14162 -
أَمَا حَدِيثُ عُمَرَ فَقَدْ مَضَى فِي مَنْ تَزَوَّجَ بِامْرَأَةٍ وَبِهَا جُنُونٌ أَوْ جُذَامٌ أَوْ بَرَصٌ
14163 -
وَأَمَّا حَدِيثُ عَلِيٍّ: فَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ، فِيمَا بَلَغَهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّادٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ بُدَيْلِ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ أَبِي الْوَضِيءِ، أَنَّ أَخَوَيْنِ تَزَوَّجَا أُخْتَيْنِ، فَأُهْدِيَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا إِلَى أَخِي زَوْجِهَا، فَأَصَابَهَا، «فَقَضَى عَلِيٌّ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِصَدَاقٍ، وَجَعَلَهُ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الَّذِي غَرَّةُ»
14164 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عُمَرَ، أَوْ عُثْمَانَ «قَضَى أَحَدُهُمَا فِي امْرَأَةٍ غَرَّتْ بِنَفْسِهَا رَجُلًا، فَذَكَرَتِ انَّهَا حُرَّةٌ، فَوَلَدَتِ أَوْلَادًا، فَقَضَى أَنْ يَفْدِيَ وَلَدَهُ بِمِثْلِهِمْ» ،
14165 -
قَالَ مَالِكٌ: وَذَلِكَ يَرْجِعُ إِلَى الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يُؤْتَى بِمِثْلِهِ وَلَا نَحْوِهِ، فَلِذَلِكَ قَالَ: يَرْجِعُ إِلَى الْقِيمَةِ
14166 -
وَرَجَعَ الشَّافِعِيُّ عَنْ قَوْلِهِ الْقَدِيمِ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: وَإِنَّمَا تَرَكْتُ أَنْ يَرُدَّهُ بِالْمَهْرِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَإِنْ أَصَابَهَا فَلَهَا الصَّدَاقُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا» فَإِذَا جَعَلَ الصَّدَاقَ لَهَا بِالْمَسِيسِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ بِكُلِّ حَالٍ وَلَمْ يَرُدَّهُ بِهِ عَلَيْهَا وَهِيَ الَّتِي غَرَّتْهُ لَا غَيْرُهَا كَانَ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ الَّذِي لِلزَّوْجِ فِيهِ الْخِيَارُ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ لِلْمَرْأَةِ وَإِذَا كَانَ لِلْمَرْأَةِ لَمْ يُجَزْ أَنْ تَكُونَ هِيَ الْآخِذَةُ لَهُ وَيُغْرَمُهُ وَلِيُّهَا
14167 -
قَالَ: وَقَضَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي الَّتِي نَكَحَتْ فِي عِدَّتِهَا إِنْ أُصِيبَتْ فَلَهَا الْمَهْرُ
14168 -
قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ كَانَ يَقُولُ هُوَ فِي بَيْتِ الْمَالِ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ وَجَعَلَهُ لَهَا بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا
بَابُ الْأَمَةِ تُعْتَقُ وَزَوْجُهَا عَبْدٌ
14169 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ رَبِيعَةَ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهَا قَالَتْ:«كَانَتْ فِي بَرِيرَةَ ثَلَاثُ سُنَنٍ، وَكَانَتْ فِي إِحْدَى السُّنَنِ أَنَّهَا أُعْتِقَتْ فَخُيِّرَتْ فِي زَوْجِهَا»
14170 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَرَوَاهُ سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:«وَخَيَّرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ زَوْجِهَا وَكَانَ عَبْدًا»
⦗ص: 195⦘
، أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو النَّضْرِ الطُّوسِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ النَّضْرِ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا زَائِدَةُ بْنُ قُدَامَةَ، عَنْ سِمَاكٍ، فَذَكَرَهُ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، مِنْ حَدِيثِ زَائِدَةَ
14171 -
وَرَوَاهُ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: وَكَانَتْ تَحْتَ عَبْدٍ، فَلَمَّا عُتِقَتْ قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إِنْ شِئْتِ تَقَرِّينَ تَحْتَ هَذَا الْعَبْدِ، وَإِنْ شِئْتِ أَنْ تُفَارِقِينَهُ»
14172 -
وَرَوَاهُ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:«كَانَ زَوْجُهَا عَبْدًا فَخَيَّرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا وَلَوْ كَانَ حُرًّا لَمْ يُخَيِّرْهَا» ،
14173 -
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَارِثِ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ قَالَا: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ نَصْرِ بْنِ سَنْدَوَيْهِ السَّدَّاءُ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، ح
⦗ص: 196⦘
14174 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَارِثِ، أَخْبَرَنَا أَبُو الشَّيْخِ الْأَصْبَهَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ هِشَامٍ، فَذَكَرَهُ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ أَبِي خَيْثَمَةَ
14175 -
وَرُوِّينَا فِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، وَعَنْ أَبَانَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، وَعَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنْ بَرِيرَةَ عُتِقَتْ وَهِيَ عِنْدَ مُغِيثٍ عَبْدٍ لِآلِ أَبِي أَحْمَدَ، فَخَيَّرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ لَهَا:«إِنْ قَرُبَكِ فَلَا خِيَارَ لَكِ» أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى الْحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، فَذَكَرَهُ،
14176 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَقَدْ رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، وَفِيهِ: أَنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ كَانَ حُرًّا،
14177 -
وَرَوَاهُ أَبُو عَوَانَةَ، وَجَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، فَمَيَّزَهُ مِنَ الْحَدِيثِ وَجَعَلَهُ مِنْ قَوْلِ الْأَسْوَدِ
⦗ص: 197⦘
14178 -
قَالَ الْبُخَارِيُّ: قَوْلُ الْأَسْوَدِ مُنْقَطِعٌ، وَقَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ رَأَيْتُهُ عَبْدًا أَصَحُّ
14179 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: خَالَفَنَا بَعْضُ النَّاسِ فِي خِيَارِ الْأَمَةِ، فَقَالَ: تُخَيَّرُ تَحْتَ الْحُرِّ كَمَا تُخَيَّرُ تَحْتَ الْعَبْدِ، وَقَالُوا: رُوِّينَا عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ كَانَ حُرًّا
14180 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَقُلْتُ لَهُ: رَوَاهُ عُرْوَةُ، وَالْقَاسِمُ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ كَانَ عَبْدًا وَهُمَا أَعْلَمُ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ مِمَّنْ رَوَيْتَ هَذَا عَنْهُ قَالَ: فَهَلْ تَرْوُونَ عَنْ غَيْرِ عَائِشَةَ أَنَّهُ كَانَ عَبْدًا؟ فَقُلْتُ: هِيَ الْمُعْتِقَةُ وَهِيَ أَعْلَمُ بِهِ مِنْ غَيْرِهَا، وَقَدْ رُوِيَ مِنْ وَجْهَيْنِ قَدْ تُثْبِتُ أَنْتَ مَا هُوَ أَضْعَفُ مِنْهُمَا، وَنَحْنُ إِنَّمَا نُثْبِتُ مَا هُوَ أَقْوَى مِنْهُمَا قَالَ: فَاذْكُرْهُمَا فَذَكَرَ مَا
14181 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ أَبِي تَمِيمَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ ذُكِرَ عِنْدَهُ زَوْجُ بَرِيرَةَ، فَقَالَ:«ذَاكَ مُغِيثٌ عَبْدٌ لِبَنِي فُلَانٍ، كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ يَتْبَعُهَا فِي الطَّرِيقِ وَهُوَ يَبْكِي» أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، مِنْ حَدِيثِ وُهَيْبٍ، عَنْ أَيُّوبَ
14182 -
وَذَكَرَ مَا أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، «أَنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ كَانَ عَبْدًا»
⦗ص: 198⦘
14183 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَإِنَّمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ لِهَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ: وَنَحْنُ إِنَّمَا نُثْبِتُ مَا هُوَ أَقْوَى مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ الْحُفَّاظَ اخْتَلَفُوا فِي عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَحْتَجَّ بِحَدِيثِهِ، وَذَهَبَ أَكْثَرُهُمْ إِلَى الِاحْتِجَاجِ بِهِ إِذَا كَانَ الرَّاوِي عَنْهُ ثِقَةٌ، وَقَدِ احْتَجَّ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ، وَأَخْرَجَ هَذَا الْحَدِيثَ الَّذِي رَوَاهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الصَّحِيحِ،
14184 -
وَأَمَّا الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعُمَرِيُّ فَإِنَّهُ كَانَ ضَعِيفًا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ فَلَمْ يَرَ الشَّافِعِيُّ الِاحْتِجَاجَ بِمَا رَوَاهُ
14185 -
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى الْفَقِيهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ:«كَانَ زَوْجُ بَرِيرَةَ عَبْدًا»
14186 -
وَالْمَشْهُوَرُ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ:«كَانَ زَوْجُ بَرِيرَةَ عَبْدًا»
14187 -
وَعَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ:«لَا تُخَيَّرُ إِذَا أُعْتِقَتْ إِلَّا أَنْ يَكُونَ زَوْجُهَا عَبْدًا»
14188 -
وَصَحِيحٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ، «أَنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ كَانَ عَبْدًا»
14189 -
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الْحَنَفِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَوْهَبٍ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّهَا أَرَادَتْ أَنْ تَعْتِقَ مَمْلُوكَيْنِ زَوْجٍ، فَسَأَلَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَهَا أَنْ تَبْدَأَ بِالرَّجُلِ قَبْلَ الْمَرْأَةِ»
⦗ص: 199⦘
،
14190 -
تَابَعَهُ حَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ، عَنِ ابْنِ مَوْهَبٍ،
14191 -
وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ إِنَّمَا أَمَرَهَا بِذَلِكَ لِيَكُونَ عِتْقُهَا، وَهُوَ حُرٌّ، فَلَا يَكُونُ لَهَا الْخِيَارُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
14192 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي الْأَمَةِ تَكُونُ تَحْتَ الْعَبْدِ فَتُعْتَقُ:«إِنَّ لَهَا الْخِيَارُ مَا لَمْ يَمَسَّهَا، فَإِنْ مَسَّهَا فَلَا خِيَارَ لَهَا»
14193 -
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّ مَوْلَاةً لِبَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ يُقَالُ لَهَا زَبْرَاءُ أَخْبَرَتْهُ، أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ عَبْدٍ وَهِيَ أَمَةٌ يَؤْمَئِذٍ - وَقَالَ غَيْرُهُ: وَهِيَ أَمَةٌ نُوبِيَّةٌ - فَعُتِقَتْ قَالَتْ: فَأَرْسَلْتُ إِلَى حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَدَعَتْنِي، فَقَالَتْ:«إِنِّي مُخْبِرَتُكِ خَبَرًا وَلَا أُحِبُّ أَنْ تَصْنَعِي شَيْئًا إِنَّ أَمْرَكِ بِيَدِكِ مَا لَمْ يَمَسَّكِ زَوْجُكِ» قَالَتْ: فَفَارَقْتُهُ ثَلَاثًا،
14194 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ فِي أَمَالِي النِّكَاحِ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَا أَعْلَمُ فِي تَوْقِيتِ الْخِيَارِ شَيْئًا يُتَّبَعُ إِلَّا قَوْلَ حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «مَا لَمْ يَمَسَّهَا» ، وَفِي تَرْكِهَا إِيَّاهُ أَنْ يَمَسَّهَا كَالدَّلَالَةِ عَلَى تَرْكِ الْخِيَارِ
14195 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ: فَإِنْ أَصَابَهَا فَاعْتَذَرَتْ بِالْجَهَالَةِ فَفِيهَا قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا يَحْلِفُ وَيَكُونُ لَهَا الْخِيَارُ وَهُوَ أَحَبُّ إِلَيْنَا
14196 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّهُ قَالَ فِي الْأَمَةِ تُعْتَقُ فَيَغْشَاهَا زَوْجُهَا قَبْلَ أَنْ تُخَيَّرَ قَالَ:«تُسْتَحْلَفُ أَنَّهَا لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ لَهَا الْخِيَارَ، ثُمَّ تُخَيَّرُ»
⦗ص: 200⦘
،
14197 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَالْقَوْلُ الْآخَرُ لَا خِيَارَ لَهَا
14198 -
قَالَ أَحْمَدُ فِي الْمُوَطَّأِ: عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ، فَإِنْ مَسَّهَا فَزَعَمَتْ أَنَّهَا جَهِلَتْ أَنَّ لَهَا الْخِيَارَ فَإِنَّهَا تُتَّهَمُ وَلَا تُصَدَّقُ بِمَا ادَّعَتْ مِنَ الْجَهَالَةِ وَلَا خِيَارَ لَهَا بَعْدَ أَنْ يَمَسَّهَا، أَخْبَرَنَاهُ أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ، أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ نُجَيْدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، فَذَكَرَهُ،
14199 -
وَأَعَادَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله هَا هُنَا الِاحْتِجَاجَ بِخَبَرِ بَرِيرَةَ فِي أَنَّ بَيْعَ الْأَمَةِ لَا يَكُونُ طَلَاقًا، وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ
14200 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، فِيمَا أَلْزَمَ الشَّافِعِيُّ الْعِرَاقِيِّينَ فِي خِلَافِ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِيمَا بَلَغَهُ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:«بَيْعُ الْأَمَةِ طَلَاقُهَا»
14201 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهُمْ يُثْبِتُونَ مُرْسَلَ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، وَيَرْوُونَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا قُلْتَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَقَدْ حَدَّثَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ وَهُمْ لَا يَقُولُونَ بِقَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ: لَا يَكُونُ بَيْعُ الْأَمَةِ إِلَّا طَلَاقُهَا
14202 -
وَهَكَذَا نَقُولُ وَنَحْتَجُّ بِحَدِيثِ بَرِيرَةَ أَنَّ عَائِشَةَ اشْتَرَتْهَا وَلَهَا زَوْجٌ، ثُمَّ أَعْتَقَتْهَا، فَجَعَلَ لَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْخِيَارَ وَلَوْ كَانَ بَيْعُهَا طَلَاقًا لَمْ يَكُنْ لِلْخِيَارِ مَعْنًى، وَكَانَتْ قَدْ بَانَتْ مِنْ زَوْجِهَا بِالشِّرَاءِ
14203 -
قَالَ: وَرُوِّينَا عَنْ عُثْمَانَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، أَنَّهُمَا لَمْ يَرَيَا بَيْعَ الْأَمَةِ طَلَاقَهَا
14204 -
وَذَكَرَ حَدِيثَ سُفْيَانَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ «اشْتَرَى مِنْ عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ جَارِيَةً، فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّ لَهَا زَوْجًا فَرَدَّهَا»
بَابُ أَجَلِ الْعِنِّينِ
14205 -
كَتَبَ إِلَيَّ أَبُو نُعَيْمِ بْنُ الْحَسَنِ الْمِهْرَجَانِيُّ، أَنَّ أَبَا عَوَانَةَ أَخْبَرَهُمْ، حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه: أَنَّهُ «جَعَلَ أَجَلَ الْعِنِّينِ سَنَةً»
14206 -
وَرَوَاهُ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ، عَنِ الشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ، عَنْ سُفْيَانَ، بِإِسْنَادِهِ هَذَا، عَنْ عُمَرَ قَالَ:«يُؤَجَّلُ الْعِنِّينُ سَنَةً، فَإِنْ جَامَعَ وَإِلَّا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا» ،
14207 -
ورُوِّينَاهُ عَنْ عُمَرَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَالْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ،
14208 -
وَفِيمَا رُوِيَ عَنِ الْمُغِيرَةِ أَنَّهُ أَجَّلَهُ سَنَةً مِنْ يَوْمِ رَافَعَتْهُ
14209 -
وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ فِي سُنَنِ حَرْمَلَةَ احْتِجَاجَ مَنِ احْتَجَّ فِي تَرْكِ التَّأْجِيلِ بِحَدِيثِ رِفَاعَةَ، وَأَجَابَ عَنْهُ بِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهَا لَمْ يَكُنْ لِيَذُوقَ عُسَيْلَتَهَا وَتَذُوقَ عُسَيْلَتَهُ مَعْنًى، إِنَّمَا يَذُوقَ الْعُسَيْلَةَ مَنْ يَقْدِرُ عَلَى الْإِصَابَةِ، وَلَكِنَّهَا نَفَرَتْ مِنْهُ لِصِغَرِ ذَلِكَ مِنْهُ أَوْ لِضَعْفِهِ، وَأَرَادَتْ فِرَاقَهُ
14210 -
وَذَكَرَ احْتِجَاجَهُ بِحَدِيثِ عَلِيٍّ، وَأَجَابَ عَنْهُ بِأَنَّهُ إِنَّمَا يَرْوِي أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ هَانِئِ بْنِ هَانِئٍ أَنَّ امْرَأَةَ جَاءَتْ وَمَعَهَا شَيْخٌ تَحْتَجُّ إِلَى عَلِيٍّ، فَقَالَتْ: هَلْ لَكَ إِلَى امْرَأَةٍ لَا أَيِّمَ وَلَا ذَاتَ زَوْجٍ؟ فَعَرَفَ مَا تُرِيدُ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ:«مَا تَقُولُ هَذِهِ؟» ، فَقَالَ:«هَلْ تَنْقِمِينَ فِي مَطْعَمٍ أَوْ مَلْبَسٍ؟» ، فَقَالَتْ: لَا، فَقَالَ:«هَلْ عِنْدَكَ شَيْءٌ؟» قَالَ: لَا، قَالَ: وَلَا مِنَ السَّحَرِ؟ قَالَ: لَا، «فَأَمَرَهَا أَنْ تَصْبِرَ»
14211 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهَذَا الْحَدِيثُ لَوْ كَانَ يَثْبُتُ عَنْ عَلِيٍّ لَمْ يَكُنْ فِيهِ خِلَافٌ لِعُمَرَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ أَصَابَهَا، ثُمَّ بَلَغَ هَذَا السِّنَّ فَصَارَ لَا يُصِيبُهَا، وَنَحْنُ لَا نُؤَجِّلُ الرَّجُلَ إِذَا أَصَابَ امْرَأَتَهُ مَرَّةً وَاحِدَةً،
14212 -
ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ: مَعَ أَنَّهُ يُعْلَمُ أَنَّ هَانِئَ بْنَ هَانِئٍ لَا يُعْرَفُ،
14213 -
وَأَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ مِمَّا لَا يُثْبِتُونَهُ لِجَهَالَتِهِمْ بِهَانِئِ بْنِ هَانِئٍ
⦗ص: 203⦘
14214 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ نَحْوُ قَوْلِ غَيْرِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ بِإِسْنَادٍ غَيْرِ قَوِيٍّ
بَابُ الْعَزْلِ
14215 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: رُوِيَ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي الْعَزْلِ قَالَ:«هُوَ الْوَأْدُ الْخَفِيُّ»
14216 -
قَالَ: وَعَنْ عَمْرِو بْنِ الْهَيْثَمِ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ ذَرٍّ، عَنْ عَلِيٍّ، «أَنَّهُ كَرِهَ الْعَزْلَ»
⦗ص: 205⦘
14217 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَيْسُوا يَأْخُذُونَ بِهَذَا وَلَا يَرَوْنَ بِالْعَزْلِ بَأْسًا، أَوْرَدَهُ فِيمَا خَالَفَ الْعِرَاقِيُّونَ عَلِيًّا، وَعَبْدَ اللَّهِ
14218 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَنَحْنُ نَرْوِي عَنْ عَدَدٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُمْ أَرْخَصُوا فِي ذَلِكَ وَلَمْ يَرَوْا بِهِ بَأْسًا
14219 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَرُوِّينَا الرُّخْصَةُ فِيهِ مِنَ الصَّحَابَةِ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَأَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَغَيْرِهِمْ،
14220 -
وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ، وَعَبْدِ اللَّهِ،
14221 -
وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْهُمَا أَنَّهُمَا رَخَّصَا فِي ذَلِكَ،
14222 -
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ فِي اسْتِئْمَارِ الْحُرَّةِ فِي الْعَزْلِ دُونَ الْأَمَةِ، وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ، وَإِبْرَاهِيمَ،
14223 -
وَرُوِيَ فِيهِ حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ، وَهُوَ ضَعِيفٌ،
14224 -
وَحَكَاهُ صَاحِبُ التَّقْرِيبِ عَنِ الشَّافِعِيِّ،
14225 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَيُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَلَمْ يُذْكَرْ عَنْهُ نَهْيٌ
ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ سُفْيَانَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:«كُنَّا نَعْزِلُ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ أَظْهُرِنَا وَالْقُرْآنُ يَنْزِلُ»
⦗ص: 206⦘
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا عَمْرٌو، فَذَكَرَهُ بِمِثْلِهِ، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ،
14226 -
وَالَّذِي رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ، عَنْ جُدَامَةَ بِنْتِ وَهْبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْقَوْلِ:«إِنَّهُ الْوَأْدُ الْخَفِيُّ» ، {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ} [سورة:]، وَقَدْ عُورِضَ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنِ الْعَزْلِ؟ قَالُوا: إِنَّ الْيَهُوَدَ تَزْعُمُ أَنَّ الْعَزْلَ: هِيَ الْمَوْءُودَةُ الصُّغْرَى قَالَ: «كَذَبَتْ يَهُوَدُ» ، زَادَ فِيهِ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«كَذَبَتْ يَهُوَدُ، لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَخْلُقَهُ مَا اسْتَطَعْتَ أَنْ تَصْرِفَهُ»
14227 -
وَرُوِّينَا عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: سَأَلْنَا ابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ الْعَزْلِ، فَقَالَ:«اذْهَبُوا فَاسْأَلُوا النَّاسَ ثُمَّ ائْتُونِي فَأَخْبِرُونِي، فَسَأَلُونِي» ، فَأَخْبَرُوهُ فَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ
⦗ص: 207⦘
: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ} [المؤمنون: 12]، حَتَّى فَرَغَ مِنَ الْآيَةِ قَالَ:«كَيْفَ يَكُونُ مِنَ الْمَوْءُودَةِ حَتَّى يَمُرَّ عَلَى هَذَا الْخَلْقِ» ،
14228 -
وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ حَدِيثُ جُدَامَةَ عَلَى طَرِيقِ السَّوِيَّةِ
14229 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ حَرْمَلَةَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنِ الْعَزْلِ فَقَالَ:«لَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَفْعَلُوا، فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ نَسْمَةٍ يُقْضَى أَنْ تَكُونَ إِلَّا وَهِيَ كَائِنَةٌ» ،
14230 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ فُورَكٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدِ، فَذَكَرَهُ بِنَحْوِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ:«لَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَفْعَلُوا، فَإِنَّهُ هُوَ الْقَدَرُ»
الْقَصْدُ فِي الصَّدَاقِ
14231 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: «الْقَصْدُ فِي الصَّدَاقِ أَحَبُّ إِلَيْنَا وَأَسْتَحِبُّ أَنْ لَا يُزَادَ عَلِي مَا أَصْدَقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نِسَاءَهُ وَبَنَاتِهِ، وَذَلِكَ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ طَلَبًا لِلْبَرَكَةِ فِي مُوَافَقَةِ كُلِّ أَمْرٍ فَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ»
14232 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ: كَمْ كَانَ صَدَاقُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَتْ: «كَانَ صَدَاقُهُ لِأَزْوَاجِهِ
⦗ص: 209⦘
اثْنَتَيْ عَشَرَةَ أُوقِيَّةً وَنَشًّا»، قَالَتْ: أَتَدْرِي مَا النَّشُّ؟ قُلْتُ: لَا قَالَتْ: نِصْفُ أُوقِيَّةٍ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ
مَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَهْرًا
14233 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ، وَدَلَّ قَوْلُ اللَّهِ عز وجل:{وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا} [النساء: 20]، عَلَى أَنْ لَا وَقْتَ فِي الصَّدَاقِ كَثُرَ أَوْ قَلَّ، لِتَرْكِهِ النَّهْيَ عَنِ الْقِنْطَارِ وَهُوَ كَثِيرٌ، وَتَرْكِهِ حَدَّ الْقَلِيلِ، وَدَلَّتْ عَلَيْهِ السُّنَّةُ
14234 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ أَسْهَمَ النَّاسُ الْمَنَازِلَ، فَطَارَ سَهْمُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَلَى سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ، فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ: تَعَالَ حَتَّى أُقَاسِمَكَ مَالِي وَأَنْزِلَ لَكَ عَنْ أَيِّ امْرَأَتَيَّ شِئْتَ وَأَكْفِيَكَ الْعَمَلَ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ
⦗ص: 211⦘
وَمَالِكَ، دُلُّونِي عَلَى السُّوقِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ، فَأَصَابَ شَيْئًا، فَخَطَبَ امْرَأَةً، فَتَزَوَّجَهَا فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«عَلَى كَمْ تَزَوَّجْتَهَا يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ؟» قَالَ: عَلَى نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ:«أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ»
14235 -
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ قَالَ: حَدَّثَنِي حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَبِهِ أَثَرَ صُفْرَةٍ، فَسَأَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ:«كَمْ سُقْتَ إِلَيْهَا؟» قَالَ: زِنَةُ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ» أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ، وَسُفْيَانَ وَغَيْرِهِمَا، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ أَوْجُهِ أُخَرَ، عَنْ حُمَيْدٍ،
14236 -
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: قَوْلُهُ: نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ، يَعْنِي: خَمْسَةَ دَرَاهِمَ قَالَ: وَخَمْسَةُ دَرَاهِمَ تُسَمَّى نَوَاةُ ذَهَبٍ، كَمَا تُسَمَّى الْأَرْبَعُونَ أُوقِيَّةً، وَكَمَا تُسَمَّى الْعِشْرُونَ نَشًّا
14237 -
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: حَدَّثَنِيهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ:«الْأُوقِيَّةُ أَرْبَعُونَ، وَالنَّشُّ عِشْرُونَ، وَالنَّوَاةُ خَمْسَةٌ» أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْكَازَرِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ
14238 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَقَدْ رُوِيَ فِي حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ بَشِيرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ فِي قِصَّةٍ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ:«تَزَوَّجَ عَلَى وَزْنِ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ قُوِّمَتْ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ»
14239 -
أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ، أَنَّ امْرَأَةَ أَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي قَدْ وَهَبْتُ نَفْسِي إِلَيْكَ، فَقَامَتْ قِيَامًا طَوِيلًا، فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، زَوِّجْنِيهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ بِهَا حَاجَةً، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«هَلْ عِنْدَكَ شَيْءٌ تُصْدِقُهَا إِيَّاهُ؟» ، فَقَالَ: مَا عِنْدِي إِلَّا إِزَارِي هَذَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«إِنْ أَعْطَيْتَهَا إِيَّاهُ جَلَسْتَ لَا إِزَارَ لَكَ، فَالْتَمِسْ شَيْئًا» ، فَقَالَ: مَا أَجِدُ شَيْئًا قَالَ: «الْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ» ، فَالْتَمَسَ فَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«هَلْ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْءٌ؟» قَالَ: نَعَمْ، سُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا - لِسُوَرٍ سَمَّاهَا - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«قَدْ زَوَّجْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ»
⦗ص: 213⦘
14240 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَخَاتَمُ الْحَدِيدِ لَا يُسَاوِي قَرِيبًا مِنْ دِرْهَمٍ، وَلَكِنْ لَهُ ثَمَنٌ يُتَبَايَعُ بِهِ
14241 -
قَالَ أَحْمَدُ: رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ، عَنْ مَالِكٍ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ أَوْجُهِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ
14242 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ: وَبَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَدُّوا الْعَلَائِقَ» ، فَقَالُوا: وَمَا الْعَلَائِقُ؟ قَالَ: «مَا تَرَاضَى بِهِ الْأَهْلُونَ»
14243 -
قَالَ: وَبَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنِ اسْتَحَلَّ بِدِرْهَمٍ فَقَدِ اسْتَحَلَّ»
14244 -
قَالَ: وَبَلَغَنَا «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجَازَ نِكَاحًا عَلَى نَعْلَيْنِ»
14245 -
قَالَ أَحْمَدُ: أَمَّا الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ فَإِنَّهُ يُرْوَى مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْبَيْلَمَانِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم،
14246 -
وَقِيلَ: عَنْهُ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ
14247 -
وَقِيلَ: عَنْهُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:{أَنْكِحُوا الْأَيَامَى} [النور: 32]، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْعَلَائِقُ؟ قَالَ: «مَا تَرَاضَى بِهِ الْأَهْلُونَ»
⦗ص: 214⦘
،
14248 -
وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ: «وَلَوْ قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ»
14249 -
وَأَسَانِيدُ هَذَا الْحَدِيثِ ضَعِيفَةٌ،
14250 -
وَأَمَّا الْحَدِيثُ الثَّانِي فَإِنَّهُ يُرْوَى عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَبِيبَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم،
14251 -
وَأَمَّا الْحَدِيثُ الثَّالِثُ فَإِنَّهُ فِيمَا رَوَاهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَغَيْرُهُ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
⦗ص: 215⦘
،
14252 -
وَهَذَا الْإِسْنَادُ أَمْثَلُ الثَّلَاثَةِ
14253 -
وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا النَّرْسُ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَجُلًا تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى نَعْلَيْنِ مِنْ بَنِي فَزَارَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«أَرَضِيتِ مِنْ نَفْسِكِ بِنَعْلَيْنِ؟» قَالَتْ: نَعَمْ قَالَ: فَأَجَازَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ شُعْبَةُ، ثُمَّ حَدَّثَ بِهِ مَرَّةً أُخْرَى فَقَالَ:«أَرَضِيتِ مِنْ نَفْسِكِ وَمَالِكِ بِنَعْلَيْنِ؟» قَالَتْ: إِنِّي رَأَيْتُ ذَلِكَ قَالَ: «وَأَنَا أَرَى ذَلِكَ»
14254 -
وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا الْأَسْفَاطِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ كَثِيرٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي فَزَارَةَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنِّي تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً عَلَى نَعْلَيْنِ، «فَأَجَازَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نِكَاحَهُ»
14255 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُؤَدِّبُ، حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ رُومَانَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَوْ أَنَّ رَجُلًا تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى مِلْءِ كَفٍّ مِنْ طَعَامٍ لَكَانَ ذَلِكَ صَدَاقًا»
14256 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ جِبْرِيلَ الْبَغْدَادِيُّ، أَخْبَرَنَا يَزِيدُ، أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ مُسْلِمِ بْنِ
⦗ص: 216⦘
رُومَانَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ أَعْطَى فِي صَدَاقِ امْرَأَةٍ مِلْءَ كَفَّيْهِ سَوِيقًا أَوْ تَمْرًا فَقَدِ اسْتَحَلَّ»
14257 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَرَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ وَهُوَ أَحْفَظُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: «كُنَّا نَسْتَمْتِعُ بِالْقَبْضَةِ مِنَ التَّمْرِ وَالدَّقِيقِ الْأَيَّامَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» ، أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، فَذَكَرَهُ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ،
14258 -
وَهَذَا وَإِنْ كَانَ فِي نِكَاحِ الْمُتْعَةِ وَنِكَاحُ الْمُتْعَةِ صَارَ مَنْسُوخًا، فَإِنَّمَا نُسِخَ مِنْهُ شَرْطُ الْأَجَلِ، فَأَمَّا مَا يَجْعَلُونَهُ صَدَاقًا فَإِنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِيهِ النَّسْخُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
14259 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَبَلَغَنَا أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: «فِي ثَلَاثِ قَبَضَاتٍ زَبِيبٍ مَهْرٌ»
14260 -
وَبِإِسْنَادِهِ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ قَالَ: تَسَرَّى رَجُلٌ بِجَارِيَةٍ، فَقَالَ رَجُلٌ: هَبْهَا لِي
⦗ص: 217⦘
، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فَقَالَ:«لَمْ تَحِلَّ الْمَوْهُوَبَةُ لِأَحَدٍ بَعْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَوْ أَصْدَقَهَا سَوْطًا فَمَا فَوْقَهُ جَازَ» ،
14261 -
وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: وَلَوْ أَصْدَقَهَا سَوْطًا حَلَّتْ لَهُ
14262 -
وَبِإِسْنَادِهِ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: سَأَلْتُ رَبِيعَةَ عَمَّا يَجُوزُ مِنَ النِّكَاحِ فَقَالَ: «دِرْهَمٌ» ، قُلْتُ: فَأَقَلُّ؟ قَالَ: «وَنِصْفٌ» ، قُلْتُ: فَأَقَلُّ؟ قَالَ: «نَعَمْ، حِنْطَةٌ أَوْ قَبْضَةُ حِنْطَةٍ»
14263 -
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي يَحْيَى قَالَ: سَأَلْتُ رَبِيعَةَ كَمْ أَقَلُّ الصَّدَاقِ؟ فَقَالَ: «مَا تَرَاضَى بِهِ الْأَهْلُونَ» ، قُلْتُ: وَإِنْ كَانَ دِرْهَمًا؟ قَالَ: «وَإِنْ كَانَ نِصْفَ دِرْهَمٍ» ، قُلْتُ: وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ؟ قَالَ: «وَلَوْ كَانَ قَبْضَةَ حِنْطَةٍ أَوْ حَبَّةَ حِنْطَةٍ»
14264 -
وَبِإِسْنَادِهِ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَدْ سَأَلْتُ الدَّرَاوَرْدِيَّ هَلْ قَالَ أَحَدٌ بِالْمَدِينَةِ لَا يَكُونُ صَدَاقٌ أَقَلَّ مِنْ رُبْعِ دِينَارٍ؟ فَقَالَ: لَا وَاللَّهِ مَا عَلِمْنَا أَحَدًا قَالَهُ قَبْلَ مَالِكٍ، وَقَالَ الدَّرَاوَرْدِيُّ: أَخَذَهُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ يَعْنِي فِي اعْتِبَارِ مَا يُقْطَعُ فِيهِ الْيَدُ
14265 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَقِيلَ لِبَعْضِ مَنْ يَذْهَبُ مَذْهَبَ أَبِي حَنِيفَةَ إِذَا خَالَفْتُمْ مَا رُوِّينَا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَمَنْ بَعْدَهُ فَإِلَى قَوْلِ مَنْ ذَهَبْتُمْ؟ فَرَوَوْا عَنْ عَلِيٍّ فِيهِ شَيْئًا لَا يُثْبَتُ مِثْلُهُ لَوْ لَمْ يُخَالِفْهُ غَيْرُهُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مَهْرًا أَقَلُّ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ
14266 -
قَالَ أَحْمَدُ: هَذَا حَدِيثٌ رَوَاهُ دَاوُدُ الْأَوْدِيُّ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ، وَقَدْ أَنْكَرَهُ عَلَيْهِ حُفَّاظُ الْحَدِيثِ
14267 -
قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: مَا زَالَ هَذَا يُنْكَرُ عَلَيْهِ
14268 -
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لَقَّنَ غِيَاثُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، دَاوُدَ الْأَوْدِيَّ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ:«لَا يَكُونُ مَهْرٌ أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ» ، فَصَارَ حَدِيثًا
14269 -
وَكَانَ يَحْيَى الْقَطَّانُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ لَا يُحَدِّثَانِ حَدِيثَ دَاوُدَ الْأَوْدِيِّ،
14270 -
وَرَوَى الْحَسَنُ بْنُ دِينَارٍ بِإِسْنَادٍ آخَرَ، عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ: لَا مَهْرَ أَقَلُّ مِنْ خَمْسَةِ دَرَاهِمَ، وَهَذَا أَيْضًا ضَعِيفٌ، وَالْحَسَنُ بْنُ دِينَارٍ مَتْرُوكٌ
14271 -
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عَلِيًّا قَالَ:«الصَّدَاقُ مَا تَرَاضَى بِهِ الزَّوْجَانِ»
14272 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَأَنْكَرُ مِنْ حَدِيثِ الْأَوْدِيِّ هَذَا حَدِيثُ مُبَشِّرِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ، عَنْ عَطَاءٍ، وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا تَنْكِحُوا النِّسَاءَ إِلَّا الْأَكْفَاءَ وَلَا يُزَوِّجُهُنَّ إِلَّا الْأَوْلِيَاءُ، وَلَا مَهْرَ دُونَ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ» أَخْبَرَنَاهُ أَبُو سَعْدٍ الْمَالِينِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى السِّكِّينُ الْبَلَدِيُّ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ الْحَكَمِ الرَّسْعَنِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا مُبَشِّرُ بْنُ عُبَيْدٍ، فَذَكَرَهُ،
14273 -
وَرَوَاهُ بَقِيَّةُ، عَنْ مُبَشِّرٍ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
⦗ص: 219⦘
، أَخْبَرَنَاهُ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا تَمْتَامٌ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَهْمٍ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ، فَذَكَرَهُ،
14274 -
وَرَوَاهُ غَيْرُهُ، عَنْ بَقِيَّةَ، كَالْأَوَّلِ،
14275 -
وَهَذَا مُنْكَرٌ، حَجَّاجٌ لَا يُحْتَجُّ بِهِ، وَلَمْ يَأْتِ بِهِ عَنِ الْحَجَّاجِ غَيْرُ مُبَشِّرِ بْنِ عُبَيْدٍ وَقَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ عَلَى تَرْكِ حَدِيثِهِ
14276 -
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِيمَا أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، عَنْهُ: مُبَشِّرُ بْنُ عُبَيْدٍ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ أَحَادِيثُهُ لَا يُتَابَعُ عَلَيْهَا
14277 -
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ الْحَافِظُ فِيمَا أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الْمَالِينِيُّ عَنْهُ: هَذَا الْحَدِيثُ مَعَ اخْتِلَافِ إِسْنَادِهِ بَاطِلٌ، لَا يَرْوِيهُ غَيْرُ مُبَشِّرٍ
14278 -
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ: حَدَّثَنَا ابْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: مُبَشِّرُ بْنُ عُبَيْدٍ أَحَادِيثُهُ أَحَادِيثُ مَوْضُوعَةٌ كِذْبٌ
التَّزْوِيجُ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ
14279 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَيَجُوزُ أَنْ تُنْكِحَهُ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ لَهَا عَمَلًا أَوْ يُعَلِّمَهَا قُرْآنًا مُسَمًّى،
14280 -
وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ، وَقَدْ مَضَى فِي الْمَسْأَلَةِ قَبْلَ هَذِهِ
14281 -
وَفِي حَدِيثِ زَائِدَةَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فِي تِلْكَ الْقِصَّةِ قَالَ:«هَلْ تَقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْئًا؟» قَالَ: نَعَمْ قَالَ: «انْطَلِقْ فَقَدْ زَوَّجْتُكَهَا بِمَا تُعَلِّمُهَا مِنَ الْقُرْآنِ» ، أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو أَحْمَدَ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ زَائِدَةَ، فَذَكَرَهُ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ
14282 -
وَفِي حَدِيثِ الْحَجَّاجِ بْنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ عَسَلٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ قَالَ:«مَا تَحْفَظُ مِنَ الْقُرْآنِ؟» قَالَ: سُورَةُ الْبَقَرَةِ أَوِ الَّتِي تَلِيهَا قَالَ: «قُمْ فَعَلِّمْهَا عِشْرِينَ آيَةً وَهِيَ امْرَأَتُكَ» ، أَخْبَرَنَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَارِثِ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدَةَ النَّيْسَابُورِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَفْصٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ الْحَجَّاجِ، فَذَكَرَهُ،
14283 -
وَهَذَا يَمْنَعُ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى تَزْوِيجِهَا مِنْهُ عَلَى حُرْمَةِ الْقُرْآنِ كَمَا تَزَوَّجَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ أَبَا طَلْحَةَ عَلَى إِسْلَامِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي إِسْلَامِهِ مَنْفَعَةٌ تَعُودُ إِلَيْهَا وَفِي تَعْلِيمِهَا الْقُرْآنَ مَنْفَعَةٌ تَعُودُ إِلَيْهَا، وَهُوَ عَمَلٌ مِنْ أَعْمَالِ الْبَدَنِ الَّتِي لَهَا أُجْرَةٌ
14284 -
وَرُوِّينَا فِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قِصَّةِ الرُّقْيَةِ بِأُمِّ الْكِتَابِ قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّهِ عز وجل» ، أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو يَحْيَى السَّمَرْقَنْدِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ الْقَوَارِيرِيُّ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْأَخْنَسِ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَذَكَرَهُ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ سِيدَانَ، عَنْ يُوسُفَ،
14285 -
وَهُوَ عَامٌّ فِي جَوَازِ أَخْذِ الْأُجْرَةِ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى بِالتَّعْلِيمِ وَغَيْرِهِ وَإِذَا جَازَ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَيْهِ جَازَ أَنْ يَكُونَ مَهْرًا
⦗ص: 222⦘
،
14286 -
وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ: أَنَّهُ عَلَّمَ نَاسًا مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ الْكِتَابَ وَالْقُرْآنَ، فَأَهْدَى إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْهُمْ قَوْسًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«إِنْ كُنْتَ تُحِبُّ أَنْ تُطَوَّقَ بِطَوْقٍ مِنْ نَارٍ فَاقْبَلْهَا» ؛ لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ عَلَى عُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ فَقِيلَ عَنْهُ، عَنْ جُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، وَقِيلَ عَنْهُ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ، عَنْ عُبَادَةَ، وَقِيلَ عَنْ عَطِيَّةَ بْنِ قَيْسٍ: أَنَّ أُبَيًّا عَلَّمَ رَجُلًا الْقُرْآنَ، فَأَهْدَى لَهُ قَوْسًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«إِنْ أَخَذْتَهَا أَخَذْتَ بِهَا قَوْسًا مِنْ نَارٍ» ، وَظَاهِرُهُ مَتْرُوكٌ عِنْدَنَا وَعِنْدَهُمْ فَإِنَّ قَبُولَ الْهَدِيَّةِ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ لَا يَسْتَحِقُّ هَذَا الْوَعِيدَ،
14287 -
وَرُوِيَ فِيهِ أَيْضًا عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَحَدِيثُ أَبِي الدَّرْدَاءِ لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ كَذَا قَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
14288 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَيُشْبِهُ إِنْ كَانَ شَيْءٌ مِنْ هَذَا ثَابِتًا أَنْ يَكُونَ مَنْسُوخًا بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَبِمَا رُوِيَ فِي مَعْنَاهُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَيُسْتَدَلُّ عَلَى ذَلِكَ بِذَهَابِ عَامَّةُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى تَرْكِ ظَاهِرَهِ، وَبِأَنَّ أَبَا سَعِيدٍ وَابْنَ عَبَّاسٍ إِنَّمَا حَمَلَا الْحَدِيثَ فِي أَوَاخِرِ عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ حَمَلَهُ فِي الِابْتِدَاءِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
⦗ص: 223⦘
،
14289 -
وَذَهَبَ أَبُو سَعِيدٍ الْإِصْطَخْرِيُّ فِي حِكَايَةِ أَبِي سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيِّ رحمه الله إِلَى جَوَازِ أَخْذِ الْأُجْرَةِ عَلَى مَا لَا يَتَعَيَّنُ الْفَرْضُ فِيهِ عَلَى تَعْلِيمِهِ وَنَفْيِ جَوَازِهِ عَلَى مَا يَتَعَيَّنُ فِيهِ التَّعْلِيمُ، وَعَلَى هَذَا يُؤَوَّلُ اخْتِلَافُ الْأَخْبَارِ فِيهِ،
14290 -
وَكَانَ الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ يَقُولُ: لَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا كَرِهَ أَجْرَ الْمُعَلِّمِ، وَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ، وَعَطَاءٌ، وَأَبُو قِلَابَةَ: لَا يَرَوْنَ بِتَعْلِيمِ الْغِلْمَانِ بِالْأَجْرِ بَأْسًا، وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ،
14291 -
وَيُذْكَرُ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ رَزَقَهُمْ
14292 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْمَعْرُوفِ الْفَقِيهُ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ أَحْمَدَ الْإِسْفِرَايِينِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ بِبَغْدَادَ، حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه كَتَبَ إِلَى بَعْضِ عُمَّالِهِ:«أَنْ أَعْطِ النَّاسَ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ» ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: إِنَّكَ كَتَبْتَ إِلَيَّ أَنْ أَعْطِ النَّاسَ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ فَيُعَلِّمُهُ مَنْ لَيْسَ فِيهِ رَغْبَةٌ إِلَّا رَغْبَةٌ فِي الْجُعْلِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ:«أَنْ أَعْطِهِمْ عَلَى الْمُرُوءَةِ وَالصَّحَابَةِ» ،
14293 -
وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِأُنَاسٍ مِنْ أُسَارَى بَدْرٍ فِدَاءٌ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِدَاءَهُمْ أَنْ يُعَلِّمُوا أَوْلَادَ الْأَنْصَارِ الْكِتَابَةَ
بَابُ التَّفْوِيضِ
14294 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: التَّفْوِيضُ الَّذِي إِذَا عَقَدَ الزَّوْجُ النِّكَاحَ بِهِ عُرِفَ أَنَّهُ تَفْوِيضٌ فِي النِّكَاحِ أَنْ يَتَزَوَّجَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ الثَّيِّبَ الْمَالِكَةَ لِأَمْرِهَا بِرِضَاهَا وَلَا يُسَمِّي مَهْرًا أَوْ يَقُولُ لَهَا أَتَزَوَّجُكِ عَلَى غَيْرِ مَهْرٍ، فَالنِّكَاحُ فِي هَذَا ثَابِتٌ، فَإِنْ أَصَابَهَا فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا، وَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا حَتَّى طَلَّقَهَا فَلَا مُتْعَةَ وَلَا نِصْفَ مَهْرٍ لَهَا
14295 -
وَاحْتَجَّ فِي الْإِمْلَاءِ بِقَوْلِ اللَّهِ عز وجل: {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ} [البقرة: 236]،
14296 -
فَدَلَّ كِتَابُ اللَّهِ عَلَى ثُبُوتِ النِّكَاحِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ إِلَّا عَلَى زَوْجَةٍ،
14297 -
وَدَلَّ عَلَى أَنْ لَا صَدَاقَ وَلَا نِصْفَ لَهَا، وَلَهَا الْمُتْعَةُ وَلَا يُخَيَّرُ مِنْهَا عَلَى شَيْءٍ مَعْلُومٍ إِلَّا أَقَلَّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْمُتْعَةِ،
14298 -
وَأَحَبُّ ذَلِكَ إِلَيَّ أَنْ يَكُونَ أَقَلُّهُ مَا تُجْزِئُ فِيهِ الصَّلَاةُ،
14299 -
وَقَالَ فِي الْقَدِيمِ: وَلَا أَعْرِفُ فِي الْمُتْعَةِ وَقْتًا إِلَّا أَنِّي أَسْتَحِبُّ ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا لِمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ
⦗ص: 225⦘
،
14300 -
وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنَ الْقَدِيمِ: وَاسْتُحْسِنَ ثِيَابُ بَيْتٍ بِقَدْرِ ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا وَمَا رَأَى الْوَالِي مِمَّا أَشْبَهَ هَذَا بِقَدْرِ الزَّوْجَيْنِ
14301 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْفَارِسِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْأَصْبَهَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، سَمِعَ أَيُّوبَ بْنَ سَعْدٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ رَجُلًا أَتَى ابْنَ عُمَرَ فَذَكَرَ أَنَّهُ فَارَقَ امْرَأَتَهُ، فَقَالَ:«أَعْطِهَا كَذَا، وَأَكْسِهَا كَذَا» ، فَحَسْبُنَا ذَلِكَ، فَإِذَا هُوَ نَحْوٌ مِنْ ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا، قُلْتُ لِنَافِعٍ: كَيْفَ كَانَ هَذَا الرَّجُلُ؟ قَالَ: كَانَ مُتَسَدِّدًا،
14302 -
وَرُوِّينَا عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، أَنَّهُ مَتَّعَ بِجَارِيَةٍ سَوْدَاءَ،
14303 -
وَعَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، أَنَّهُ مَتَّعَ بِعَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ،
14304 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَلَى قَدْرِ يُسْرِهِ وَعُسْرِهِ، فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا مَتَّعَهَا بِخَادِمٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَبِثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ
أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ يَمُوتُ قَبْلَ الْفَرْضِ وَالْمَسِيسِ
14305 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو سَعِيدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: قَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِأَبِي هُوَ وَأُمِّي - أَنَّهُ «قَضَى فِي بَرْوَعَ بِنْتِ وَاشِقٍ وَنُكِحَتْ بِغَيْرِ مَهْرٍ، فَمَاتَ زَوْجُهَا، فَقَضَى لَهَا بِمَهْرِ نِسَائِهَا وَقَضَى لَهَا بِالْمِيرَاثِ» ،
14306 -
فَإِنْ كَانَ يُثْبَتُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَهُوَ أَوْلَى الْأُمُورِ بِنَا، وَلَا حُجَّةَ فِي قَوْلِ أَحَدٍ دُونَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَإِنْ كَثُرُوا، وَلَا فِي قَيَاسٍ وَلَا شَيْءَ فِي قَوْلِهِ إِلَّا طَاعَةَ اللَّهِ بِالتَّسْلِيمِ لَهُ،
14307 -
فَإِنْ كَانَ لَا يَثْبُتُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ أَنْ يُثْبِتَ عَنْهُ مَا لَمْ يُثْبَتْ وَلَمْ أَحْفَظْهُ بَعْدُ مِنْ وَجْهٍ يَثْبُتُ مِثْلُهُ،
14308 -
هُوَ مَرَّةً يُقَالُ عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ، وَمَرَّةً عَنْ مَعْقِلِ بْنِ سِنَانٍ، وَمَرَّةً عَنْ بَعْضِ أَشْجَعَ لَا يُسَمَّى، فَإِذَا مَاتَ أَوْ مَاتَتْ فَلَا مَهْرَ لَهَا وَلَا مُتْعَةَ
14309 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْبَخْتَرِيِّ الرَّزَّازُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْوَلِيدِ الْفَحَّامُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ قَالَا: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ: أُتِي عَبْدُ اللَّهِ فِي امْرَأَةٍ تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا وَلَمْ يَفْرِضْ لَهَا صَدَاقًا وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَتَرَدَّدُوا إِلَيْهِ وَلَمْ يَزَالُوا بِهِ حَتَّى قَالَ: إِنِّي سَأَقُولُ بِرَأْيِي: لَهَا صَدَاقُ نِسَائِهَا وَلَا وَكْسَ وَلَا شَطَطَ، وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَلَهَا الْمِيرَاثُ، فَقَامَ مَعْقِلُ بْنُ سِنَانٍ
⦗ص: 227⦘
، فَشَهِدَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَضَى فِي بَرْوَعَ بِنْتِ وَاشِقٍ الْأَشْجَعِيَّةِ بِمِثْلِ مَا قَضَيْتَ» ، فَفَرِحَ عَبْدُ اللَّهِ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابِ السُّنَنِ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ كِلَاهُمَا، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ،
14310 -
وَبِمَعْنَاهُ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ، عَنْ سُفْيَانَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِيهِ مَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ، وَهُوَ وَهْمٌ،
14311 -
وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ فِرَاسٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، وَقَالَ مَعْقِلُ بْنُ سِنَانٍ،
14312 -
وَرَوَاهُ دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، وَقَالَ فِي الْحَدِيثِ: وَذَلِكَ يَسْمَعُ نَاسٌ مِنْ أَشْجَعَ فَقَامُوا فَقَالُوا: نَشْهَدُ،
14313 -
وَرَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَقَالَ فِيهِ: فَقَامَ رَهْطٌ مِنْ أَشْجَعَ فِيهِمُ الْجَرَّاحُ، وَأَبُو سِنَانٍ فَقَالُوا: نَشْهَدُ،
14314 -
وَهَذَا الِاخْتِلَافُ فِي تَسْمِيَةِ مَنْ رَوَى قِصَّةَ بَرْوَعَ بِنْتِ وَاشِقٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَا يُوهِنُ الْحَدِيثَ، فَإِنَّ أَسَانِيدَ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ صَحِيحَةٌ وَفِي بَعْضِهَا أَنَّ جَمَاعَةً مِنْ أَشْجَعَ شَهِدُوا بِذَلِكَ، فَبَعْضُهُمْ سَمَّى هَذَا وَبَعْضُهُمْ سَمَّى آخَرَ وَكُلُّهُمْ ثِقَةٌ، وَلَوْلَا ثِقَةُ مَنْ رَوَاهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَمَا كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَفْرَحُ بِرِوَايَتِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
مَنْ قَالَ لَا صَدَاقَ لَهَا
14315 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَةَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَأُمَّهَا ابْنَةَ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ، كَانَتْ تَحْتَ ابْنٍ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، فَمَاتَ وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَلَمْ يُسَمِّ لَهَا صَدَاقًا فَابْتَغَتْ أُمُّهَا صَدَاقَهَا، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ:«لَيْسَ لَهَا صَدَاقٌ وَلَوْ كَانَ لَهَا صَدَاقٌ لَمْ نَمْنَعْكُمُوهُ، وَلَمْ نَظْلِمْهَا» ، فَأَبَتْ أَنْ تَقْبَلَ ذَلِكَ، فَجَعَلُوا بَيْنَهُمْ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، فَقَضَى «أَنْ لَا صَدَاقَ لَهَا وَلَهَا الْمِيرَاثُ»
14316 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ خَيْرٍ عَنْ رَجُلٍ فُوِّضَ إِلَيْهِ فَمَاتَ وَلَمْ يَفْرِضْ، فَقَالَ:«لَيْسَ لَهَا إِلَّا الْمِيرَاثُ» وَلَا نَشُكُّ أَنَّهُ قَوْلُ عَلِيٍّ
14317 -
قَالَ سُفْيَانُ: لَا أَدْرِي لَا نَشُكُّ أَنَّهُ قَوْلُ عَلِيٍّ أَمْ مِنْ قَوْلِ عَطَاءٍ أَمْ مِنْ عَبْدِ خَيْرٍ
14318 -
هَكَذَا رَوَاهُ فِي كِتَابِ الصَّدَاقِ عَنْ سُفْيَانَ، بِالشَّكِّ
14319 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ فِي كِتَابِ عَلِيٍّ، وَعَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ، عَنْ عَلِيٍّ فِي الرَّجُلِ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَلَمْ يَفْرِضْ لَهَا صَدَاقًا:«أَنَّ لَهَا الْمِيرَاثَ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَلَا صَدَاقَ لَهَا» ،
14320 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَبِهَذَا نَقُولُ إِلَّا أَنْ يُثْبَتَ حَدِيثُ بَرْوَعَ،
14321 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَهُمْ يُخَالِفُونَهُ، وَيَقُولُونَ: لَهَا صَدَاقُ نِسَائِهَا
14322 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ ابْنُ عُيَيْنَةَ يَرْوِيهِ مَرَّةً بِالشَّكِّ، وَمَرَّةً بِغَيْرِ شَكٍّ
14323 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَقَدْ رَوَاهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَخَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ، عَنْ عَلِيٍّ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ،
14324 -
وَرَوَاهُ الثَّوْرِيُّ أَيْضًا عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ
14325 -
وَعَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الرَّجُلِ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ فَيَمُوتُ عَنْهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا وَلَمْ يَكُنْ فَرَضَ لَهَا قَالُوا:«لَهَا الْمِيرَاثُ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَلَا صَدَاقَ لَهَا»
إِذَا مَاتَ وَقَدْ فَرَضَ لَهَا صَدَاقًا
14326 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَجِيدِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَطَاءً يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ سُئِلَ عَنِ الْمَرْأَةِ يَمُوتُ عَنْهَا زَوْجُهَا وَقَدْ فَرَضَ لَهَا صَدَاقًا؟ قَالَ: «لَهَا الصَّدَاقُ وَالْمِيرَاثُ»
عَفْوُ الْأَبِ بَعْدَ وُجُوبِ الصَّدَاقِ بَاطِلٌ
14327 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، أَنَّ رَجُلًا زَوَّجَ ابْنَتَهُ عَلَى أَرْبَعَةِ آلَافٍ، فَتَرَكَ لِزَوْجِهَا أَلْفًا فَجَاءَتِ الْمَرْأَةُ وَزَوْجُهَا وَأَبُوهَا ثَلَاثَتُهُمْ يَخْتَصِمُونَ إِلَى شُرَيْحٍ، فَقَالَ شُرَيْحٌ:«تَجُوزُ صَدَقَتُكَ وَمَعْرُوفُكَ وَهِيَ أَحَقُّ بِثَمَنِ رَقَبَتِهَا» ،
14328 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَوْلُ شُرَيْحٍ تَجُوزُ صَدَقَتُكَ وَمَعْرُوفُكَ قَدْ أَحْسَنْتَ وَإِحْسَانُكَ حَسَنٌ وَلَكِنَّكَ أَحْسَنْتَ فِيمَا لَا يَجُوزُ لَكَ فَهِيَ أَحَقُّ بِثَمَنِ رَقَبَتِهَا، يَعْنِي صَدَاقَهَا
إِذَا تَزَوَّجَ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ عَلَى حُكْمِهَا
14329 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ أَبِي تَمِيمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، أَنَّ الْأَشْعَثَ بْنَ قَيْسٍ صَحِبَ رَجُلًا فَرَأَى امْرَأَتَهُ، فَأَعْجَبَتْهُ، فَتُوُفِّيَ فِي الطَّرِيقِ فَخَطَبَهَا الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ، فَأَبَتْ أَنْ تَتَزَوَّجَهُ إِلَّا عَلَى حُكْمِهَا، فَتَزَوَّجَهَا عَلَى حُكْمِهَا، ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ تَحْكُمَ، فَقَالَ: احْكُمِي، فَقَالَتْ: أُحْكِمُ فُلَانًا وَفُلَانًا - رَقِيقًا كَانُوا لِأَبِيهِ مِنْ تِلَادِهِ، فَقَالَ: احْكُمِي غَيْرَ هَؤُلَاءِ، فَأَبَتْ، فَأَتَى عُمَرَ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، عَجَزْتُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَقَالَ:«مَا هُنَّ؟» قَالَ: عَشَقْتُ امْرَأَةً قَالَ: «هَذَا مَا لَمْ تَمْلِكْ» قَالَ: تَزَوَّجْتُهَا عَلَى حُكْمِهَا، ثُمَّ طَلَّقْتُهَا قَبْلَ أَنْ تَحْكُمَ، فَقَالَ عُمَرُ: امْرَأَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ،
14330 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: يَعْنِي عُمَرُ: لَهَا مَهْرُ امْرَأَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَيَعْنِي مِنْ نِسَائِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ
14331 -
قَالَ: وَمَا قُلْتُ مِنْ أَنَّ لَهَا مَهْرَ امْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِهَا مَا لَمْ أَعْلَمْ فِيهِ اخْتِلَافًا، وَهُوَ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الَّذِي أَرَادَ عُمَرُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
الشَّرْطُ فِي الْمَهْرِ
14332 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِذَا زَوَّجَ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ عَلَى أَنَّ صَدَاقَهَا مِائَةٌ وَأَنَّ لِأَبِيهَا مِائَةً فَانْعَقَدَ النِّكَاحُ عَلَى هَذَا، فَإِنْ كَانَ الصَّدَاقُ وَالْحِبَاءُ صَدَاقَ مِثْلِهَا أَوْ أَكْثَرَ فَهُوَ لَهَا مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ مَالِكٌ بِعَقْدِهَا وَمَا تَمْلِكُ بِعَقْدَتِهَا كَمَا مَلَكَتْ بِمَالِهَا، ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ: فَإِنْ كَانَ الْحِبَاءُ بَعْدَ الْعَقْدِ فَالْحِبَاءُ لِمَنْ حُبِيَ لَهُ لَيْسَ لِلْمَرْأَةِ مِنْهُ شَيْءٌ، وَهَذَا قَوْلُهُ فِي الْإِمْلَاءِ، وَبِمَعْنَاهُ أَجَابَ فِي الْقَدِيمِ
14333 -
وَمَنْ قَالَ بِهَذَا احْتَجَّ بِمَا أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ هُوَ الْأَصَمُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّغَانِيُّ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قَالَ عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ أُنْكِحَتْ عَلَى صَدَاقٍ أَوْ حِبَاءٍ أَوْ عِدَةٍ قَبْلَ
⦗ص: 234⦘
عِصْمَةِ النِّكَاحِ فَهُوَ لَهَا وَمَا كَانَ بَعْدَ عِصْمَةِ النِّكَاحِ فَهُوَ لِمَنْ أُعْطِيَهُ، وَأَحَقُّ مَا أُكْرِمَ عَلَيْهِ الرَّجُلُ ابْنَتُهُ أَوْ أُخْتُهُ»،
14334 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ الْبُرْسَانِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، فَذَكَرَهُ، غَيْرَ أَنَّ فِي حَدِيثِ حَجَّاجِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ: وَذَلِكَ يُوهِمُ أَنْ يَكُونَ ابْنُ جُرَيْجٍ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ عَمْرٍو،
14335 -
وَرُوِّينَا مِنْ حَدِيثِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، مَرْفُوعًا، غَيْرَ أَنَّ الْحَجَّاجَ غَيْرُ مُحْتَجٍّ بِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ،
14336 -
وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الصَّدَاقِ: الصَّدَاقُ فَاسِدٌ وَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا
الشَّرْطُ فِي النِّكَاحِ
14337 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَلِمَ لَا تُجِيزُ عَلَيْهِ مَا شَرَطَ لَهَا وَعَلَيْهَا مَا شَرَطَتْ لَهُ؟ قِيلُ: رَدَدْتُ شَرْطَهُمَا إِذَا أَبْطَلَا بِهِ مَا جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى لِكُلِّ وَاحِدٍ، ثُمَّ مَا جَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَبِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَا بَالُ رِجَالٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ؟ مَا كَانَ مِنْ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَلَوْ كَانَ مِائَةُ شَرْطٍ، قَضَاءُ اللَّهِ أَحَقُّ وَشَرْطُهُ أَوْثَقُ، وَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» ، فَأَبْطَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كُلَّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَوْ كَانَ فِي كِتَابِ اللَّهِ أَوْ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خِلَافُهُ،
14338 -
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: مَا الشَّرْطُ لِلرَّجُلِ عَلَى الْمَرْأَةِ وَالْمَرْأَةُ عَلَى الرَّجُلِ مِمَّا إِبْطَالُهُ بِالشَّرْطِ خِلَافٌ لِكِتَابِ اللَّهِ أَوِ السُّنَّةِ أَوْ أَمْرٍ اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَيْهِ؟ قِيلَ لَهُ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَحَلَّ اللَّهُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَنْكِحَ أَرْبَعًا وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُهُ، فَإِذَا شَرَطَتْ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَنْكِحَ وَلَا يَتَسَرَّى حَظَرَتْ عَلَيْهِ مَا وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ
⦗ص: 236⦘
،
14339 -
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَصُومَ يَوْمًا تَطَوُّعًا وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ» ،
14340 -
فَجَعَلَ لَهُ مَنْعَهَا مَا يُقَرِّبُهَا إِلَى اللَّهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ فَرْضًا عَلَيْهَا لَعَظِيمِ حَقِّهِ عَلَيْهَا،
14341 -
وَأَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ الْفَضِيلَةَ عَلَيْهَا،
14342 -
وَلَمْ يَخْتَلِفْ أَحَدٌ عَلِمْتُهُ فِي أَنَّ لَهُ أَنْ يُخْرِجَهَا مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ وَيَمْنَعَهَا مِنَ الْخُرُوجِ، فَإِذَا شَرَطَتْ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَمْنَعَهَا مِنَ الْخُرُوجِ وَلَا يُخْرِجَهَا شَرَطَتْ عَلَيْهِ إِبْطَالَ مَا لَهُ عَلَيْهَا،
14343 -
وَدَلَّ كِتَابُ اللَّهِ عَلَى أَنَّ عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يَعُولَ امْرَأَتَهُ،
14344 -
وَدَلَّتْ عَلَيْهِ السُّنَّةُ، فَإِذَا شَرَطَ عَلَيْهَا أَنْ لَا يُنْفِقَ عَلَيْهَا أَبْطَلَ مَا جُعِلَ لَهَا وَأُمِرَ بِعِشْرَتِهَا بِالْمَعْرُوفِ وَلَمْ يُبَحْ لَهُ ضَرْبُهَا إِلَّا بِحَالٍ، فَإِذَا شَرَطَ عَلَيْهَا أَنَّ لَهُ أَنْ يُعَاشِرَهَا كَيْفَ شَاءَ وَأَنْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيمَا نَالَ مِنْهَا فَقَدْ شَرَطَ أَنَّ لَهُ أَنْ يَأْتِيَ مِنْهَا مَا لَيْسَ لَهُ، فَبِهَذَا أَبْطَلْنَا هَذِهِ الشُّرُوطَ وَمَا فِي مَعْنَاهَا وَجَعَلْنَا لَهَا مَهْرَ مِثْلِهَا،
14345 -
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَقَدْ يُرْوَى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ أَحَقَّ مَا وَفَّيْتُمْ بِهِ مِنَ الشُّرُوطِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ» ، فَهَكَذَا نَقُولُ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ إِنَّمَا يُوَفَّى مِنَ الشُّرُوطِ لِمَا يَبِينُ أَنَّهُ جَائِزٌ وَلَمْ تَدُلَّ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ، وَقَدْ يُرْوَى عَنْهُ عليه الصلاة والسلام:«الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ إِلَّا شَرْطًا أَحَلَّ حَرَامًا أَوْ حَرَّمَ حَلَالًا» ، وَمُفَسِّرُ حَدِيثِهِ يَدُلُّ عَلَى جُمْلَتِهِ
⦗ص: 237⦘
14346 -
قَالَ أَحْمَدُ: الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ الَّذِي احْتَجَّ بِهِ الشَّافِعِيُّ قَدْ رَوَاهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي قِصَّةِ بَرِيرَةَ، وَالْحَدِيثُ الثَّانِي قَدْ مَضَى بِإِسْنَادِهِ فِي كِتَابِ الصِّيَامِ،
14347 -
وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي عُورِضَ بِهِ فَهُوَ فِيمَا
14348 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبُوشَنْجِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ أَحَقَّ الشُّرُوطِ أَنْ تُوَفُّوا مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ» ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ، عَنِ اللَّيْثِ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، عَنْ يَزِيدَ
14349 -
وَأَمَّا الَّذِي اسْتَشْهَدَ بِهِ مَعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ فَهُوَ فِيمَا: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَارِثِ الْفَقِيهُ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ غَيْلَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْأَدِمِيُّ أَبُو جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ الْمُزَنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ إِلَّا شَرْطًا حَرَّمَ حَلَالًا أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا»
⦗ص: 238⦘
،
14350 -
وَقَدْ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ حَرْمَلَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ
14351 -
وَرَوَاهُ سُفْيَانُ بْنُ حَمْزَةَ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ فِيمَا وَافَقَ الْحَقَّ»
وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ، أَخْبَرَنَا سَعْدَانُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَسَدِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ:«شَرْطُ اللَّهِ قَبْلَ شَرْطِهَا» ،
14352 -
وَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَشَرَطَ لَهَا أَنْ لَا يُخْرِجَهَا قَالَ: فَوَضَعَ عَنْهُ الشَّرْطَ، وَقَالَ: الْمَرْأَةُ مَعَ زَوْجِهَا،
14353 -
وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: لَهَا دَارُهَا، وَالرِّوَايَةُ الْأُولَى أَشْبَهُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَقَوْلُ غَيْرِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ، فَهِيَ أَوْلَى،
14354 -
وَبِالرِّوَايَةِ الْأُولَى قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَالشَّعْبِيُّ، وَالْحَسَنُ، وَابْنُ سِيرِينَ، وَجَمَاعَةٌ سِوَاهُمْ
بَابُ عَفْوِ الْمَهْرِ
14355 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقَدَةُ النِّكَاحِ} [البقرة: 237]
14356 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَجَعَلَ اللَّهُ لِلْمَرْأَةِ فِيمَا أَوْجَبَ لَهَا مِنْ نِصْفِ الْمَهْرِ أَنْ تَعْفُوَ، وَجَعَلَ لِلَّذِي يَلِي عُقْدَةَ النِّكَاحِ أَنْ يَعْفُوَ، وَذَلِكَ أَنْ يُتِمَّ لَهَا الصَّدَاقَ
⦗ص: 240⦘
،
14357 -
وَبَيِّنٌ عِنْدِي فِي الْآيَةِ أَنَّ الَّذِيَ بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ الزَّوْجُ وَذَلِكَ أَنَّهُ إِنَّمَا يَعْفُو مَنْ لَهُ مَا يَعْفُوهُ،
14358 -
ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ: وَحَضَّ اللَّهُ عَلَى الْعَفْوِ وَالْفَضْلِ، فَقَالَ:{وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوَا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} [البقرة: 237]
14359 -
قَالَ: وَبَلَغَنَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ الزَّوْجُ
14360 -
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ هُوَ الْأَصَمُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ عَاصِمٍ، عَنْ شُرَيْحٍ قَالَ: سَأَلَنِي عَلِيٌّ رضي الله عنه، «عَنِ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ؟» قَالَ: قُلْتُ: هُوَ الْوَلِيُّ، قَالَ:«لَا، بَلْ هُوَ الزَّوْجُ»
14361 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ الْقَاضِي، وَأَبُو زَكَرِيَّا الْمُزَكِّي، وَأَبُو سَعِيدٍ الزَّاهِدُ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكِ، وَسَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الْمِسْوَرِ، عَنْ وَاصِلِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا حَتَّى طَلَّقَهَا فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا بِالصَّدَاقِ تَامًّا فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ:«أَنَا أَوْلَى بِالْعَفْوِ»
14362 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى فِي سِيَاقِ الْآيَةِ: {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوَا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} [البقرة: 237]
14363 -
وَأُخْبِرْنَا: أَنَّ جُبَيْرَ بْنَ مُطْعِمٍ دَخَلَ عَلَى سَعْدٍ يَعُودُهُ فَبُشِّرَ سَعْدٌ بِجَارِيَةٍ، فَعَرَضَهَا عَلَى جُبَيْرٍ، فَقَبِلَهَا فَزَوَّجَهُ إِيَّاهَا فَطَلَّقَهَا وَأَرْسَلَ إِلَيْهِ بِالْمَهْرِ تَامًّا فَقِيلَ لَهُ: مَا دَعَاكَ إِلَى هَذَا؟ فَقَالَ: «عَرَضَ عَلَيَّ ابْنَتَهُ فَكَرِهْتُ أَنْ أَرُدَّهَا وَكَانَتْ صَبِيَّةً فَطَلَّقْتُهَا» ، قِيلَ: فَإِنَّمَا عَلَيْكَ نِصْفُ الْمَهْرِ قَالَ: " فَأَيْنَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلَا تَنْسَوَا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} [البقرة: 237]، فَأَنَا أَحَقُّ بِالْفَضْلِ "،
14364 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ الزَّوْجُ
14365 -
قَالَ أَحْمَدُ: الرَّاوِيَةُ فِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مُخْتَلِفَةٌ، فَرَوَى عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ، وَرَوَى خُصَيْفٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ كِلَاهُمَا، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: هُوَ الزَّوْجُ، وَفِي رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: هُوَ الْوَلِيُّ، وَفِي رِوَايَةٍ: هُوَ أَبُوهَا، وَكَذَلِكَ هُوَ فِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: هُوَ أَبُو الْجَارِيَةِ الْبِكْرِ
14366 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ:«الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ الزَّوْجُ»
14367 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا الثَّقَفِيُّ يَعْنِي عَبْدَ الْوَهَّابِ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ شُرَيْحٍ أَنَّهُ قَالَ:«الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ الزَّوْجُ» ،
14368 -
رَفَعَهُ إِلَى شُرَيْحٍ فِي الْإِمْلَاءِ، وَلَمْ يَرْفَعْهُ إِلَيْهِ فِي كِتَابِ الصَّدَاقِ وَهُوَ عَنْ شُرَيْحٍ مَشْهُوَرٌ
14369 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُ قَالَ:«الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ الزَّوْجُ» ،
14370 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو سَعِيدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ قَالَ: هُوَ الزَّوْجُ،
14371 -
وَرَوَاهُ قَتَادَةُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَبِهِ قَالَ الشَّعْبِيُّ، وَمُجَاهِدٌ، وَنَافِعُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ،
14372 -
وَقَالَ عَلْقَمَةُ، وَالْحَسَنُ، وَإِبْرَاهِيمُ: هُوَ الْوَلِيُّ،
14373 -
وَرُوِيَ ذَلِكَ أَيْضًا عَنْ عَطَاءٍ، وَطَاوُسٍ، وَأَبِي الشَّعْثَاءِ،
14374 -
وَرُوِيَ عَنْ طَاوُسٍ، مِثْلُ الْأَوَّلِ، وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَصَحُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
الْخَلْوَةُ بِالْمَرْأَةِ
14375 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو سَعِيدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ «قَضَى فِي الْمَرْأَةِ يَتَزَوَّجُهَا الرَّجُلُ أَنَّهُ إِذَا أُرْخِيَتِ السُّتُورُ فَقَدْ وَجَبَ الصَّدَاقُ»
14376 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو سَعِيدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ قَالَ:«إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بِامْرَأَتِهِ، فَأُرْخِيَتْ عَلَيْهِمَا السُّتُورُ، فَقَدْ وَجَبَ الصَّدَاقُ»
14377 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَرُوِّينَا عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فِي الرَّجُلُ يَخْلُو بِالْمَرْأَةِ، فَيَقُولُ: لَمْ أَمَسَّهَا، وَتَقُولُ: قَدْ مَسَّنِي قَالَ: «الْقَوْلُ قَوْلُهَا» ،
14378 -
وَكَانَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ يَقُولُ: الْقَوْلُ قَوْلُهَا مَعَ يَمِينِهَا فِي الْإِصَابَةِ إِذَا ادَّعَتْهَا وَجَحَدَهَا مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ الْخَلْوَةِ وَيُوجِبُهُ بِالْخَلْوَةِ مِنْ غَيْرِ دَعْوَى الْإِصَابَةِ،
14379 -
وَرُوِّينَا عَنِ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ، أَنَّ عُمَرَ، وَعَلِيًّا قَالَا: إِذَا أَغْلَقَ بَابًا وَأَرْخَى سِتْرًا فَلَهَا الصَّدَاقُ كَامِلًا وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ،
14380 -
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ رضي الله عنهما،
14381 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِيمَا أَلْزَمَ مَالِكًا عُمَرُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ يَقْضِي بِالْمَهْرِ وَإِنْ لَمْ يَدَعِ الْمَسِيسَ لِقَوْلِهِ: مَا ذَنْبُهُنَّ إِنْ جَاءَ الْعَجْزُ مِنْ قِبَلِكُمْ،
14382 -
وَكَانَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ يَقُولُ بِقَوْلِ عُمَرَ وَيَقُولُ: عُمَرُ أَعْلَمُ بِكِتَابِ اللَّهِ، وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ إِنَّمَا أَرَادَ اللَّهُ بِالَّتِي طُلِّقَتْ قَبْلَ الْمَسِّ الَّتِي لَمْ يَخْلُ بِهَا وَتُخَلِّي بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَفْسِهَا،
14383 -
ثُمَّ قَالَ فِي الْقَدِيمِ وَلَوْ خَالَفَنَا فِي هَذَا مُخَالِفٌ كَانَ قَوْلُهُ مَذْهَبًا، ثُمَّ رَجَعَ فِي الْجَدِيدِ إِلَى أَنَّهُ إِنَّمَا يَجِبُ الْمَهْرُ كَامِلًا بِالْمَسِيسِ دُونَ الْإِغْلَاقِ، وَالْقَوْلُ فِي الْمَسِيسِ قَوْلُ الزَّوْجِ مَعَ يَمِينِهِ، وَاعْتَمَدَ فِي ذَلِكَ عَلَى ظَاهَرِ الْكِتَابِ
14384 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو بَكْرٍ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ فِي الرَّجُلِ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ فَيَخْلُو بِهَا وَلَا يَمَسُّهَا ثُمَّ يُطَلِّقُهَا:" لَيْسَ لَهَا إِلَّا نِصْفُ الصَّدَاقِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة: 237] "
14385 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَبِهَذَا أَقُولُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْكِتَابِ،
14386 -
وَرَوَاهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَشُرَيْحٍ،
14387 -
ورُوِّينَاهُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،
14388 -
وَعَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ شُرَيْحٍ، وَعَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنْبَأَنِيهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ إِجَازَةً، أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ زُهَيْرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَاشِمٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ فِرَاسٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ:«لَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ وَإِنْ جَلَسَ بَيْنَ رِجْلَيْهَا» ،
14389 -
هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ غَيْرَ أَنَّ الشَّعْبِيَّ لَمْ يُدْرِكِ ابْنَ مَسْعُودٍ فَهُوَ مُنْقَطِعٌ، وَلَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ رَاوِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ غَيْرُ مُحْتَجٍّ بِهِ، وَرِوَايَةُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ تُؤَكِّدُهُ، غَيْرَ أَنَّ فِي رِوَايَتِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ انْقِطَاعًا يُقَالُ إِنَّهَا عَنْ صَحِيفَةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
⦗ص: 246⦘
،
14390 -
وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُرْسَلًا:«مِنْ كَشَفَ امْرَأَةً، فَنَظَرَ إِلَى عَوْرَتِهَا، فَقَدْ وَجَبَ الصَّدَاقُ» ،
14391 -
وَهَذَا مُنْقَطِعٌ وَيَنْفَرِدُ بِأَحَدِ أَسَانِيدِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، وَبِالْأُخْرَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعَةَ، وَكِلَاهُمَا غَيْرُ مُحْتَجٍّ بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ،
14392 -
وَأَمَّا حَدِيثُ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى قَالَ: قَضَاءُ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ أَنَّهُ: مَنْ أَغْلَقَ بَابًا وَأَرْخَى سِتْرًا فَقَدْ وَجَبَ الصَّدَاقُ وَالْعِدَّةُ، فَإِنَّهُ مُنْقَطِعٌ زُرَارَةُ لَمْ يُدْرِكْهُمْ وَهُوَ، عَنْ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ مِنَ الْوَجْهِ الَّذِي قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ مَوْصُولٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
بَابُ الْمُتْعَةِ
14393 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ
⦗ص: 248⦘
14394 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، فِيمَا بَلَغَهُ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، مِثْلَهُ
14395 -
وَبِإِسْنَادِهِ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ:«لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ مُتْعَةٌ»
14396 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَرُوِّينَا نَحْوُ قَوْلِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَأَبِي الْعَالِيَةِ، وَالْحَسَنِ، وَقَدْ فَرَعَ الشَّافِعِيُّ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ
بَابُ الْوَلِيمَةِ
14397 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ:«إِتْيَانُ دَعْوَةِ الْوَلِيمَةِ حَقٌّ، وَالْوَلِيمَةُ الَّتِي تُعْرَفُ وَلِيمَةُ الْعُرْسِ»
14398 -
قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ رُوِّينَا فِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْوَلِيمَةِ فَلْيَأْتِهَا» ،
14399 -
وَكَانَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يُنَزِّلُهَا عَلَى الْعُرْسِ
14400 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَكُلُّ دَعْوَةٍ دُعِيَ إِلَيْهَا رَجُلٌ فَاسْمُ الْوَلِيمَةِ يَقَعُ عَلَيْهَا، فَلَا أُرَخِّصُ لِأَحَدٍ فِي تَرْكِهَا
14401 -
قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ رُوِّينَا فِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا دَعَا أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُجِبْ عُرْسًا كَانَ أَوْ نَحْوَهُ»
⦗ص: 250⦘
،
14402 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَوْ تَرَكَهَا لَمْ يَبِنْ لِي أَنَّهُ عَاصٍ فِي تَرْكِهَا كَمَا تَبَيَّنَ لِي فِي وَلِيمَةِ الْعُرْسِ، ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ: لِأَنِّي لَمْ أَعْلَمِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَرَكَ الْوَلِيمَةَ عَلَى عُرْسٍ وَلَمْ أَعْلَمْهُ أَوْلَمَ عَلَى غَيْرِهِ، وَأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ أَنْ يُولِمَ وَلَوْ بِشَاةٍ، وَلَمْ أَعْلَمْهُ أَمَرَ بِذَلِكَ - أَظُنُّهُ قَالَ -: أَحَدًا غَيْرَهُ، حَتَّى أَوْلَمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى صَفِيَّةَ لِأَنَّهُ كَانَ فِي سَفَرٍ بِسَوِيقٍ وَتَمْرٍ،
14403 -
حَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَدْ مَضَى بِإِسْنَادِ الشَّافِعِيِّ فِي كِتَابِ الصَّدَاقِ
14404 -
وَأَمَّا حَدِيثُ صَفِيَّةَ فَفِيمَا: أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا وَائِلُ بْنُ دَاوُدَ، عَنِ ابْنِهِ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَوْلَمَ عَلَى صَفِيَّةَ بِسَوِيقٍ وَتَمْرٍ» ،
14405 -
وَذَكَرْنَا فِي رِوَايَةٍ عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ:«التَّمْرَ وَالسَّوِيقَ وَالسَّمْنَ» ،
14406 -
وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنِ التَّمْرِ وَالْأَقْطِ وَالسَّمْنِ،
14407 -
وَكَذَلِكَ هُوَ فِي رِوَايَةِ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، وَكَأَنَّهُ كَانَ فِيهَا جَمِيعُ ذَلِكَ
14408 -
وَفِي حَدِيثِ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ:«مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَوْلَمَ عَلَى أَحَدٍ مِنْ نِسَائِهِ مَا أَوْلَمَ عَلَى زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، أَوْلَمَ بِشَاةٍ»
14409 -
وَفِي حَدِيثِ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، «بَنَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِامْرَأَةٍ فَأَرْسَلَنِي فَدَعَوْتُ رِجَالًا إِلَى الطَّعَامِ»
14410 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِنْ كَانَ الْمَدْعُوُّ صَائِمًا أَجَابَ وَبَارَكَ وَانْصَرَفَ وَلَمْ يُحَتَّمْ عَلَيْهِ أَنْ يَأْكُلَ، وَأَحَبُّ إِلَيَّ لَوْ فَعَلَ إِنْ كَانَ صَوْمُهُ غَيْرَ وَاجِبٍ إِلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ رَبُّ الْوَلِيمَةِ
14411 -
قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ: وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إِلَى طَعَامٍ فَلْيُجِبْ، فَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا فَلْيَطْعَمْ، وَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيُصَلِّ» ، يَعْنِي: الدُّعَاءَ
14412 -
وَبِهَذَا الْمَعْنَى رَوَاهُ ابْنُ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ فَلْيُجِبْ، فَإِنْ شَاءَ طَعِمَ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ»
14413 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، أَنَّ أَبَاهُ، «دَعَا نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَتَاهُ فِيهِمْ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ» ، وَأَحْسِبُهُ قَالَ:«مُبَارَكٌ وَانْصَرَفَ»
14414 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، سَمِعَ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي يَزِيدَ يَقُولُ: دَعَا أَبِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، فَأَتَاهُ فَجَلَسَ وَوَضَعَ الطَّعَامَ، فَمَدَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَدَهُ وَقَالَ:«خُذُوا بِاسْمِ اللَّهِ» ، وَقَبَضَ عَبْدُ اللَّهِ يَدَهُ وَقَالَ:«إِنِّي صَائِمٌ» ،
14415 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ
14416 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله وَإِنِّي لَا أَدْرِي عَنْ عَطَاءٍ، أَوْ عَنْ غَيْرِهِ قَالَ: جَاءَ رَسُولُ ابْنِ صَفْوَانَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسِ وَهُوَ يُعَالِجُ زَمْزَمَ يَدْعُوهُ وَأَصْحَابَهُ فَأَمَرَهُمْ فَقَامُوا وَاسْتَعْفَاهُ وَقَالَ: إِنْ لَمْ يُعْفِنِي جِئْتُهُ
14417 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: إِنْ دُعِيَ إِلَى الْوَلِيمَةِ وَفِيهَا الْمَعْصِيَةُ نَهَاهُمْ، فَإِنْ نَحَّوْا ذَلِكَ عَنْهُ وَإِلَّا لَمْ أُحِبُّ لَهُ أَنْ يَجْلِسَ
14418 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَرُوِّينَا فِي حَدِيثٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ وَالْآخِرِ فَلَا يَقْعُدُ عَلَى مَائِدَةٍ يُدَارُ عَلَيْهَا الْخَمْرُ»
14419 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِنْ رَأَى صُوَرًا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يُدْعَى فِيهِ ذَوَاتُ أَرْوَاحٍ لَمْ يَدْخُلْ، إِنْ كَانَتْ مَنْصُوبَةً لَا تُوطَأُ، فَإِنْ كَانَتْ تُوطَأُ أَوْ كَانَتْ صُوَرًا غَيْرَ ذَوَاتِ أَرْوَاحٍ مِثْلَ صُوَرِ الشَّجَرِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَدْخُلَهَا
14420 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَرُوِّينَا فِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الْبَيْتُ الَّذِي فِيهِ الصُّوَرُ لَا تَدْخُلُهُ الْمَلَائِكَةُ»
14421 -
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ حَرْمَلَةَ: أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ:«قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ سَفَرٍ وَقَدْ سَتَرْتُ عَلَى بَابِي دُرْنُوكًا فِيهِ الْخَيْلُ أُولَاتُ الْأَجْنِحَةِ، فَأَمَرَنِي فَنَزَعْتُهُ»
14422 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو الْأَدِيبُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ نَحْوَهُ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ هِشَامٍ،
14423 -
وَرُوِّينَا فِي حَدِيثِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَ:«فَقَطَعْنَاهُ فَجَعَلْنَا مِنْهُ وِسَادَةً أَوْ وِسَادَتَيْنِ» ،
14424 -
وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: «فَنَزَعَهُ فَقَطَعْتُهُ وِسَادَتَيْنِ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَرْتَفِقُ عَلَيْهِمَا»
⦗ص: 254⦘
، وَهُوَ مُخَرَّجٌ فِي الصَّحِيحِ وَقَدْ أَخْرَجْنَاهُ فِي كِتَابِ السُّنَنِ
14425 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ حَرْمَلَةَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ صَوَّرَ صُورَةً عُذِّبَ وَكُلِّفَ أَنْ يَنْفُخَ فِيهَا وَلَيْسَ بِنَافِخٍ»
14426 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو الْأَدِيبُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، أَخْبَرَنِي هَارُونُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي بَكْرٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ نَحْوَهُ، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ
⦗ص: 255⦘
،
14427 -
وَأَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَفِيهِ مِنَ الزِّيَادَةِ قَالَ:«فَرَبَا الرَّجُلُ رَبْوَةً شَدِيدَةً» ، يَعْنِي الَّذِي سَأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَيْحَكَ إِنْ أَبَيْتَ إِلَّا أَنْ تَصْنَعَ فَعَلَيْكَ بِهَذَا الشَّجَرِ وَمَا لَيْسَ فِيهِ رُوحٌ
14428 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ جِبْرِيلَ جَاءَ، فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَعَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَوْتَهُ فَقَالَ:«ادْخُلْ» ، فَقَالَ: إِنَّ فِي الْبَيْتِ سِتْرًا فِي الْحَائِطِ فِيهِ تَمَاثِيلُ فَاقْطَعُوا رُءُوسَهَا وَاجْعَلُوهُ بُسُطًا أَوْ وَسَائِدَ، فَاوْطَئُوهُ، فَإِنَّا لَا نَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ تَمَاثِيلُ
14429 -
وَرَوَاهُ أَيْضًا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، وَقَالَ فِيهِ: فَمُرِّ بِرَأْسِ التِّمْثَالِ يُقْطَعُ فَيَصِيرَ كَهَيْئَةِ الشَّجَرَةِ
14430 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَوْ كَانَتِ الْمَنَازِلُ مُسْتَتِرَةً فَلَا بَأْسَ أَنْ يَدْخُلَهَا وَلَيْسَ فِي التَّسَتُّرِ شَيْءٌ أَكْرَهُهُ أَكْثَرَ مِنَ السَّرَفِ
14431 -
قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ رُوِّينَا فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ النَّمَطِ الَّذِي سَتَرَتْهُ عَلَى الْبَابِ قَالَتْ: فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَرَأَى النَّمَطَ عَرَفْتُ الْكَرَاهَةَ فِي وَجْهِهِ، فَجَذَبَهُ حَتَّى هَتَكَهُ وَقَالَ:«إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَأْمُرْنَا أَنْ نَكْسُوا الْحِجَارَةَ وَالطِّينَ» قَالَتْ: فَقَطَعْنَا مِنْهُ وِسَادَتَيْنِ، فَلَمْ يَعِبْ ذَلِكَ عَلَيَّ
14432 -
وَرُوِّينَا فِي حَدِيثٍ مُنْقَطِعٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: «لَا تَسْتُرُوا الْجُدُرَ بِالثِّيَابِ»
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ مُنْقَطِعٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ «نَهَى أَنْ تُسْتَرَ الْجُدُرُ»
14433 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَأُحِبُّ لِلرَّجُلِ إِذَا دَعَا الرَّجُلَ إِلَى طَعَامٍ أَنْ يُجِيبَهُ، بَلَغَنَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ:«لَوْ أُهْدِيَ إِلَيَّ ذِرَاعٌ لَقَبِلْتُ وَلَوْ دُعِيتُ إِلَى كُرَاعٍ لَأَجَبْتُ» ،
14434 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ زَيْدُ بْنُ أَبِي هَاشِمٍ الْعَلَوِيُّ بِالْكُوفَةِ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرِ بْنُ دُحَيْمٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَهُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، مِنْ حَدِيثِ الْأَعْمَشِ
14435 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو أَحْمَدَ بْنُ يُوسُفَ، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَتَى أَبَا طَلْحَةَ وَجَمَاعَةٌ مَعَهُ فَأَكَلُوا عِنْدَهُ»
⦗ص: 257⦘
، وَكَانَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ وَلِيمَةٍ
14436 -
قَوْلُهُ: وَكَانَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ وَلِيمَةٍ مِنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ رحمه الله
14437 -
زَادَ أَبُو سَعِيدٍ فِي رِوَايَتِهِ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَدَعَتِ امْرَأَةُ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَنَفَرًا مِنْ أَصْحَابِهِ، فَأَتَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَنْ دَعَتْ، فَأَكَلُوا عِنْدَهَا،
14438 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِنِّي لَأَحْفَظُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَجَابَ إِلَى غَيْرِ دَعْوَةٍ فِي غَيْرِ وَلِيمَةٍ
14439 -
أَخْبَرَنَاهُ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: دَعَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى طَعَامٍ صَنَعَتْهُ لَهُ، فَذَهَبْتُ مَعَهُ، فَإِذَا هِيَ قَدْ رَشَّتْ تَحْتَ صُورٍ وَذَبَحَتْ وَوَدَّكَتْ عَنَاقًا لَهَا، «فَجَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِخُبْزٍ وَلَحْمٍ، فَأَكَلَ وَأَكَلْنَا مَعَهُ، ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ جَاءَتْ بِخُبْزٍ وَلَحْمٍ، فَأَكَلَ وَأَكَلْنَا مَعَهُ، ثُمَّ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْعَصْرَ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ»
14440 -
وَهَكَذَا رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ جَابِرٍ،
14441 -
وَهَذِهِ الْمَرْأَةُ كَانَتِ امْرَأَةَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ
14442 -
فَقَدْ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سَلَمَةَ الْمَدَنِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم زَارَ عَمْرَةَ امْرَأَةَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ فَذَبَحَتْ لَهُ وَلِأَصْحَابِهِ شَاةً فَأَكَلُوا، ثُمَّ قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ أَحَدٌ مِنْهُمْ» ،
14443 -
وَبِمَعْنَاهُ رَوَاهُ أَيْضًا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ جَابِرٍ
14444 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ، حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ يُكْنَى أَبَا شُعَيْبٍ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَعَرَفْتُ فِي وَجْهِهِ الْجُوعَ، فَأَتَيْتُ غُلَامًا لِي قَصَّابًا فَأَمَرْتُهُ أَنْ يَجْعَلَ لَنَا طَعَامًا لِخَمْسَةِ رِجَالٍ، ثُمَّ دَعَوْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَجَاءَ خَامِسَ خَمْسَةٍ، وَتَبِعَهُمْ رَجُلٌ فَلَمَّا
⦗ص: 259⦘
بَلَغَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْبَابَ قَالَ: «إِنَّ هَذَا قَدْ تَبِعَنَا فَإِنْ شِئْتَ أَنْ تَأْذَنَ لَهُ، وَإِلَّا رَجَعَ» ، فَأَذِنَ لَهُ أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ مِنْ أَوْجُهٍ عَنِ الْأَعْمَشِ
السُّنَّةُ فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ مِنْ كِتَابِ حَرْمَلَةَ
14445 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ
⦗ص: 261⦘
جَابِرٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنْ يَأْكُلَ الرَّجُلُ بِشِمَالِهِ» ، أَخْبَرَنَاهُ أَبُو أَحْمَدَ الْمِهْرَجَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ جَعْفَرٍ الْمُزَكِّي، حَدَّثْنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ،
14446 -
14447 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«يَأْكُلُ الْمُسْلِمُ فِي مِعًى وَاحِدٍ، وَالْكَافِرُ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ»
⦗ص: 262⦘
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ نَحْوَهُ، وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، عَنِ ابْنِ أَبِي أُوَيْسٍ، عَنْ مَالِكٍ
14448 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَ:«كَانَ أَحَبَّ الشَّرَابِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْحُلْوُ الْبَارِدُ»
14449 -
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شَيْبَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ، غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ كَانَ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ
14450 -
وَرَوَاهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ: أَيُّ الشَّرَابِ أَطْيَبُ؟ قَالَ: «الْحُلْوُ الْبَارِدُ» ، هَكَذَا مُنْقَطِعًا وَهُوَ أَصَحُّ
14451 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيُّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنْ يُنْفَخَ فِي الْإِنَاءِ أَوْ يُتَنَفَّسَ فِيهِ»
⦗ص: 263⦘
14452 -
حَدَّثَنَاهُ أَبُو الْحَسَنِ الْعَلَوِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْمُقْرِئُ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، بِإِسْنَادِهِ نَحْوَهُ
14453 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَأَمَّا الَّذِي ثَبَتَ، عَنْ أَنَسٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَتَنَفَّسُ فِي الْإِنَاءِ ثَلَاثًا» ، فَهُوَ أَنَّهُ كَانَ يَشْرَبُهُ بِثَلَاثَةِ أَنْفَاسٍ وَهُوَ غَيْرُ مَا نَهَى عَنْهُ
14454 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، أَخْبَرَنَا عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:«رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِدَلْوٍ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ فَنُزِعَ لَهُ فَشَرِبَ وَهُوَ قَائِمٌ»
⦗ص: 264⦘
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ، أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ
14455 -
وَثَبَتَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّهُ شَرِبَ قَائِمًا، وَقَالَ:«رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَعَلَ كَمَا رَأَيْتُمُونِي فَعَلْتُ» ،
14456 -
وَأَمَّا الَّذِي رُوِيَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم زَجَرَ عَنِ الشُّرْبِ قَائِمًا، وَالَّذِي رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَشْرَبَنَّ أَحَدُكُمْ قَائِمًا، فَمَنْ شَرِبَ قَائِمًا فَلْيَسْتَقِئْ» فَإِنَّهُ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَنْسُوخًا أَوْ وَرَدَ عَلَى طَرِيقِ التَّنْزِيهِ وَالتَّأْدِيبِ،
14457 -
وَقَدْ رُوِّينَاهُ عَنْ عَلِيٍّ، أَنَّهُ بَلَغَهُ هَذَا الْخَبَرَ فَدَعَا بِمَاءٍ فَشَرِبَ وَهُوَ قَائِمٌ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ عَرَفَ وُرُودَهُ عَلَى طَرِيقِ التَّنْزِيهِ وَالتَّأْدِيبِ، أَوْ عَلِمَ فِيهِ نَسْخًا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ،
14458 -
وَقَدْ حَمَلَهُ الْقُتَيْبِيُّ عَلَى شُرْبِهِ قَائِمًا وَهُوَ يَسِيرُ غَيْرُ مُطْمَئِنٍّ لِئَلَّا يُصِيبَ مَنْ شَرِبَهُ أَذًى، فَأَمَّا إِذَا كَانَ قَائِمًا لَا يَسِيرُ فَلَا بَأْسَ
⦗ص: 265⦘
،
14459 -
قُلْتُ: وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَعَائِشَةَ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُمْ لَمْ يَرَوْا بِذَلِكَ بَأْسًا
14460 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ اخْتِنَاثِ الْأَسْقِيَةِ أَنْ يُشْرَبَ مِنْ أَفْوَاهِهَا»
14461 -
أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ، أَخْبَرَنَا أَبُو النَّضْرِ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرِ بْنُ سَلَامَةَ، حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ:«أَنْ يُكْسَرْ فَيُشْرَبْ مِنْ أَفْوَاهِهَا»
14462 -
وَبِإِسْنَادِهِ حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ اخْتِنَاثِ الْأَسْقِيَةِ» أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ، وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ،
14463 -
وَرَوَاهُ إِسْمَاعِيلُ الْمَكِّيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَزَادَ فِيهِ: لَقَدْ شَرِبَ رَجُلٌ مِنْ فَمِ سِقَاءٍ فَانْسَابَ فِي بَطْنِهِ جَانٌّ، فَنُهِيَ عَنْ ذَلِكَ، وَإِسْمَاعِيلُ ضَعِيفٌ
⦗ص: 266⦘
،
14464 -
وَرُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ صَحِيحٍ عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ، أَنَّهُ قَالَ:«أُنْبِئْتُ أَنَّ رَجُلًا شَرِبَ مِنْ فِيِّ السِّقَاءِ، فَخَرَجَتْ حَيَّةٌ» ،
14465 -
وَرَوَاهُ زَمْعَةُ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ وَهْرَامَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:«أَنَّ رَجُلًا فَعَلَ ذَلِكَ بَعْدَ النَّهْيِ فَخَرَجَتْ عَلَيْهِ مِنْهُ حَيَّةٌ» ،
14466 -
وَرَوَى هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ ذَلِكَ، وَقَالَ:«إِنَّهُ يُنْتِنُهُ» ،
14467 -
وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى قَالَ هِشَامٌ: فَإِنَّهُ يُنْتِنُهُ ذَلكَ
14468 -
وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ حَرْمَلَةَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ قَالَ: وَحَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ جَدَّةٍ لَهُ يُقَالُ لَهَا كَبْشَةُ:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَيْهَا فَرَأَى عِنْدَهَا قِرْبَةً مُعَلَّقَةً، فَشَرِبَ مِنْ فِيهَا وَهُوَ قَائِمٌ، فَقَطَعَتْ فَمَ الْقِرْبَةِ فَكَانَ عِنْدَهَا»
14469 -
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ مَطِيرٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ مُخْتَصَرًا لَمْ يَذْكُرِ الْقَطْعَ
14470 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ عِيسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ - عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَعَا بِإِدَاوَةٍ يَوْمَ أُحُدٍ، فَقَالَ:«أَحْنِثْ فَمَ الْإِدَاوَةِ، ثُمَّ اشْرَبْ مِنْ فِيهَا»
14471 -
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ رحمه الله: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ النَّهْيُ إِنَّمَا جَاءَ عَنْ ذَلِكَ إِذَا شَرِبَ مِنَ السِّقَاءِ الْكَبِيرِ دُونَ الْإِدَاوَةِ وَنَحْوِهَا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ إِنَّمَا أَبَاحَهُ لِلضَّرُورَةِ وَالْحَاجَةِ إِلَيْهِ فِي الْوَقْتِ، وَإِنَّمَا الْمَنْهِيُّ عَنْهُ أَنْ يَتَّخِذَهُ الْإِنْسَانُ عَادَةً
14472 -
قَالَ: وَقَدْ قِيلَ إِنَّمَا أَمَرَهُ بِذَلِكَ لِسِعَةِ فَمِ السِّقَاءِ، يَتَصَبَّبُ عَلَيْهِ الْمَاءُ،
14473 -
وَقَالَ فِي نَهْيِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الشُّرْبِ مِنْ ثُلْمَةِ الْقَدَحِ؛ لِأَنَّهُ إِذَا شُرِبَ مِنْهَا تَصَبَّبَ الْمَاءُ وَسَالَ قَطْرُهُ عَلَى وَجْهِهِ؛ لِأَنَّ الثُّلْمَةَ لَا تَتَمَاسَكُ عَلَيْهَا شَفَةُ الشَّارِبِ كَمَا يَتَمَاسَكُ عَلَى الْمَوْضِعِ الصَّحِيحِ
14474 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ خَبَرَ النَّهْيِ بَعْدَ هَذَا الْحَدِيثِ وَالْمَعْنَى فِيهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ تَنْحِيَةُ الْأَذَى عَنِ الشَّارِبِ عِنْدَ شُرْبِهِ وَعَنْ غَيْرِهِ فِيمَا أَنْفَى فِيهِ كَمَا رُوِّينَا فِي حَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ الْمَكِّيِّ، ثُمَّ رُوِّينَا عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ،
14475 -
وَفَرَّقَ ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي الْكَرَاهَةِ بَيْنَ الْمُعَلَّقِ وَغَيْرِهِ عَلَى ظَاهِرِ الْخَبَرِ وَإِنَّ هَوَامَّ الْأَرْضِ لَا يُخَافُ دُخَولُهَا الْمُعَلَّقَ
14476 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَرَأَيْتُ عِنْدَهُ الدُّبَّاءَ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «نُكْثِرُ بِهِ طَعَامَنَا»
14477 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّا، وَمِسْعَرٌ، عَنِ ابْنِ الْأَقْمَرِ، عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا آكُلُ مُتَّكِئًا» أَخْبَرَنَاهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْمُؤَمَّلِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ الْبَصْرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الْفَرَّاءُ، حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ، فَذَكَرَهُ، وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ، عَنْ مِسْعَرٍ
14478 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي كَلَامٍ ذَكَرَهُ: رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ «أَمَرَ الْآكِلَ أَنْ يَأْكُلَ مِمَّا يَلِيهِ وَأَلَّا يَأْكُلَ مِنْ رَأْسِ الثَّرِيدِ، وَنَهَى أَنْ يَقْرِنَ الرَّجُلُ إِذَا أَكَلَ بَيْنَ التَّمْرَتَيْنِ»
14479 -
قَالَ أَحْمَدُ: أَمَّا الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ فَأَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ مَنْصُورٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْحَذَّاءُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: حَدَّثَنِيهِ الْوَلِيدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ وَهْبِ
⦗ص: 269⦘
بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: كُنْتُ يَتِيمًا فِي حِجْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ فِي الصَّحْفَةِ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إِذَا أَكَلْتَ فَسَمِّ اللَّهَ وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ» قَالَ: فَمَا زَالَتْ تِلْكَ طَعْمَتِي بَعْدُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَغَيْرِهِ، عَنْ سُفْيَانَ
14480 -
وَأَمَّا الْحَدِيثُ الثَّانِي فَفِيمَا أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ هُوَ الْأَصَمُّ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ هُوَ الدُّورِيُّ، حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الْبَرَكَةَ وَسَطَ الْقَصْعَةِ فَكُلُوا مِنْ نَوَاحِيهَا وَلَا تَأْكُلُوا مِنْ رَأْسِهَا»
14481 -
وَأَمَّا الْحَدِيثُ الثَّالِثُ فَفِيمَا أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَيُّوبَ الطُّوسِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي مَيْسَرَةَ، حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، حَدَّثَنَا جَبَلَةُ بْنُ سُحَيْمٍ قَالَ
⦗ص: 270⦘
: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَقْرِنَ الرَّجُلُ تَمْرَتَيْنِ جَمِيعًا حَتَّى يَسْتَأْذِنَ أَصْحَابَهُ» ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ خَلَّادِ بْنِ يَحْيَى وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ
14482 -
وَرُوِّينَا فِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ، عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْكُلُ بِثَلَاثَةِ أَصَابِعَ»
14483 -
وَرُوِّينَا فِي غَسْلِ الْيَدِ قَبْلَ الطَّعَامِ وَبَعْدَهُ، عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ قَالَ: قَرَأْتُ فِي التَّوْرَاةِ أَنَّ بَرَكَةَ الطَّعَامِ الْوُضُوءُ قَبْلَهُ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:«بَرَكَةُ الطَّعَامِ الْوُضُوءُ قَبْلَهُ وَالْوُضُوءُ بَعْدَهُ»
14484 -
وَفِي حَدِيثِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ نَامَ وَفِي يَدِهِ غَمْرٌ وَلَمْ يَغْسِلْهُ فَأَصَابَهُ شَيْءٌ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ»
⦗ص: 271⦘
14485 -
قَالَ أَحْمَدُ: السُّنَّةُ فِي غَسْلِ الْيَدِ بَعْدَ الطَّعَامِ الَّذِي يَكُونُ لَهُ دُسُومَةٌ، إِسْنَادُهَا حَسَنٌ، فَأَمَّا حَدِيثُ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ فِي بَرَكَةِ الطَّعَامِ الْوُضُوءُ قَبْلَهُ فَإِنَّ رِوَايَةَ قَيْسِ بْنِ الرَّبِيعِ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ، عَنْ زَاذَانَ، عَنْ سَلْمَانَ، وَقَيْسٌ لَا يُحْتَجُّ بِهِ
14486 -
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: كَانَ سُفْيَانُ يَكْرَهُ الْوُضُوءَ قَبْلَ الطَّعَامِ،
14487 -
وَلَيْسَ هَذَا بِالْقَوِيِّ يَعْنِي حَدِيثَ قَيْسٍ
14488 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَقَدْ رَوَى الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ حَرْمَلَةَ الْحَدِيثَ الصَّحِيحَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ خَرَجَ مِنَ الْغَائِطِ فَأُتِيَ بِطَعَامٍ فَقِيلَ تَتَوَضَّأُ؟ فَقَالَ:«أَأُصَلِّي فَأَتَوَضَّأُ؟» ثُمَّ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَوْلَى الْأَدَبِ أَنْ يُؤْخَذَ بِهِ مَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَيَأْكُلُ الْمَرْءُ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَ يَدَهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مَا لَمْ يَكُنْ مَسَّ يَدُهُ قَذَرًا
النُّثَارُ
14489 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: وَإِذَا نُثِرَ عَلَى النَّاسِ فِي الْفَرَحِ فَأَخَذَهُ بَعْضُ مَنْ حَضَرَهُ لَمْ يَكُنْ هَذَا مِمَّا يُجْرَحُ بِهِ شَهَادَةُ أَحَدٍ؛ لِأَنَّ كَثِيرًا يَزْعُمُ أَنَّ هَذَا مُبَاحٌ حَلَالٌ؛ لِأَنَّ مَالِكَهُ إِنَّمَا طَرَحَهُ لِمَنْ أَخَذَهُ،
14490 -
فَأَمَّا أَنَا فَأَكْرَهُهُ لِمَنْ أَخَذَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْخُذَهُ مَنْ أَخَذَهُ وَلَا يَأْخُذُهُ إِلَّا بِغَلَبَةٍ لِمَنْ حَضَرَهُ، إِمَّا بِفَضْلِ قُوَّةٍ وَإِمَّا بِفَضْلِ قِلَّةِ حَيَاءٍ، وَالْمَالِكُ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ قَصْدَهُ وَإِنَّمَا قَصَدَ بِهِ الْجَمَاعَةَ، فَأَكْرَهُهُ لِآخِذِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ حَظَّهُ مِنْ حَظِّ مَنْ قُصِدَ بِهِ بِلَا إِذْنٍ وَأَنَّهُ خِفَّةٌ وَسَخَفٌ
14491 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَقَدْ قَالَ فِي رِوَايَةِ الْمُزَنِيِّ: وَلَا يَبِينُ أَنَّهُ حَرَامٌ، وَذَلِكَ إِذَا أَذِنَ أَهْلُهُ فِي أَخْذِهِ،
14492 -
فَأَمَّا الْكَرَاهَةُ فَهِيَ لِمَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ رحمه الله، وَكَانَ أَبُو مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيُّ يَكْرَهُهُ، وَكَرِهَهُ عَطَاءٌ، وَعِكْرِمَةُ، وَإِبْرَاهِيمُ،
14493 -
وَقَوْلُ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُمْ إِنَّمَا كَرِهُوهُ خَوْفًا عَلَى الصِّبْيَانِ مِنَ النُّهْبَةِ فَهُوَ مَعْنًى آخَرُ مِنْ مَعَانِي الْكَرَاهَةِ،
14494 -
وَلَيْسَ هَذَا كَمَا رُوِيَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُرْطٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ فِي الْبُدْنِ الَّتِي نَحَرَهَا:«مَنْ شَاءَ اقْتَطَعَ» ، لِأَنَّهَا صَارَتْ مِلْكًا لِلْمَسَاكِينَ
⦗ص: 273⦘
فَخَلَّى بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ أَمْلَاكِهِمْ وَهَاهُنَا بِالْإِذْنِ لَا يَزُولُ مُلْكُهُ حَتَّى يُؤْخَذَ، وَرُبَّمَا يَأْخُذُ مِنْ غَيْرِهِ أَحَبُّ إِلَى صَاحِبِهِ
14495 -
وَأَمَّا حَدِيثُ لُمَازَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي أَمْلَاكٍ فَجَاءَتِ الْجَوَارِي مَعَهُنَّ الْأَطْبَاقُ عَلَيْهَا اللُّوزُ وَالسُّكَّرُ، فَأَمْسَكَ الْقَوْمُ أَيْدِيهِمْ، فَقَالَ:«أَلَا تَنْتَهِبُونَ؟» ، قَالُوا: إِنَّكَ كُنْتَ نَهَيْتَ عَنِ النُّهْبَةِ قَالَ: «تِلْكَ نُهْبَةُ الْعَسَاكِرِ، فَأَمَّا الْعُرُسَاتِ فَلَا» قَالَ: فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُجَاذِبُهُمْ وَيُجَاذِبُونَهُ،
14496 -
فَهَذَا حَدِيثٌ رَوَاهُ عَوْنُ بْنُ عُمَارَةَ، وَعِصْمَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ لُمَازَةَ، وَكِلَاهُمَا لَا يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ، وَلُمَازَةُ بْنُ الْمُغِيرَةِ مَجْهُوَلٌ، وَخَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ، عَنْ مُعَاذٍ، مُنْقَطِعٌ، وَمَنْ طَعَنَ فِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، ثُمَّ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ اللَّذَيْنِ اتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ عَلَى الِاحْتِجَاجِ بِحَدِيثِهِمَا، ثُمَّ فِي حَدِيثِ مَطَرٍ الْوَرَّاقِ، وَعَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ وَأَمْثَالِهِمَا حِينَ رَوَوْا مَا يُخَالِفُ مُذْهَبَهُ ثُمَّ يَحْتَجُّ بِمِثْلِ هَذَا الْإِسْنَادِ حِينَ وَافَقَ مَذْهَبَهُ كَانَ تَابِعًا لِهَوَاهُ غَيْرُ سَالِكٍ سَبِيلَ النُّصْفَةِ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ،
14497 -
وَقَدْ رُوِّينَا فِي كِتَابِ السُّنَنِ فِي هَذَا الْبَابِ مَا يَقَعُ بِهِ الْكِفَايَةُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
بَابُ الْقَسَمِ وَنُشُوزِ الرَّجُلِ عَلَى الْمَرْأَةِ
14498 -
قَالَ اللَّهُ عز وجل: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 19]
14499 -
أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ إِجَازَةً، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ، عَنِ الرَّبِيعِ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: وَأَقَلُّ مَا يَجِبُ فِي أَمْرِهِ بِالْعِشْرَةِ بِالْمَعْرُوفِ أَنْ يُؤَدِّيَ الزَّوْجُ إِلَى زَوْجَتِهِ مَا فَرَضَ اللَّهُ لَهَا عَلَيْهِ مِنْ نَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ وَتَرْكِ مَيْلٍ ظَاهِرٍ، فَإِنَّهُ يَقُولُ:{فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ} [النساء: 129]، وَجِمَاعُ الْمَعْرُوفِ إِتْيَانُ ذَلِكَ بِمَا يَحْسُنُ لَكَ ثَوَابُهُ وَكَفُّ الْمَكْرُوهِ،
14500 -
وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ: وَجِمَاعُ الْمَعْرُوفِ إِعْفَاءُ صَاحِبِ الْحَقِّ مِنَ الْمُؤْنَةِ فِي طَلَبِهِ وَأَدَاؤُهُ إِلَيْهِ بِطِيبِ النَّفْسِ لَا بِصَيْرُورَتِهِ إِلَى طَلَبِهِ وَلَا تَأْدِيَتِهِ بِإِظْهَارِ الْكَرَاهِيَةِ لِتَأْدِيَتِهِ، وَأَيُّهُمَا تَرَكَ فَظُلْمٌ؛ لِأَنَّ مَطْلَ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ، وَمَطْلُهُ تَأْخِيرُهُ الْحَقَّ، فَقَالَ:{وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 228]، وَاللَّهُ أَعْلَمُ لَهُنَّ فِيمَا لَهُنَّ، مِثْلُ مَا عَلَيْهِنَّ فِيمَا عَلَيْهِنَّ مِنْ أَنْ يُؤَدَّى إِلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ
خَوْفُهَا نُشُوزَ بَعْلِهَا وَتَرْكُهَا بَعْضَ حَقِّهَا لِيَصْطَلِحَا
14501 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَسَنِ، وَأَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ ابْنَةَ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ كَانَتْ عِنْدَ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، «فَكَرِهَ مِنْهَا أَمْرَهَا إِمَّا كِبَرًا وَإِمَّا غَيْرَةً، فَأَرَادَ طَلَاقَهَا» ، فَقَالَتْ: لَا تُطَلِّقْنِي وَأَمْسِكْنِي وَاقْسِمْ لِي مَا بَدَا لَكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:{وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا} [النساء: 128] الْآيَةَ
14502 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ: وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هَمَّ بِطَلَاقِ بَعْضِ نِسَائِهِ فَقَالَتْ: لَا تُطَلِّقْنِي وَدَعْنِي حَتَّى يَحْشُرَنِي اللَّهُ تَعَالَى فِي نِسَائِكَ وَقَدْ وَهَبْتُ يَوْمِي وَلَيْلَتِي لِأُخْتِي عَائِشَةَ
14503 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ سَوْدَةَ، «وَهَبَتْ يَوْمَهَا لِعَائِشَةَ»
⦗ص: 276⦘
14504 -
هَذَا مُرْسَلٌ، وَرَوَاهُ عُقْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، مَوْصُولًا
14505 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مُسْلِمٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تُوُفِّيَ عَنْ تِسْعِ نِسْوَةٍ وَكَانَ يَقْسِمُ لِثَمَانٍ»
14506 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ: وَبِهَذَا كُلِّهِ نَأْخُذُ، فَيَحِلُّ لِلرَّجُلِ حَبْسَ الْمَرْأَةِ عَلَى تَرْكِ بَعْضِ الْقَسْمِ لَهَا أَوْ كُلِّهِ مَا طَابَتْ بِهِ نَفْسًا، فَإِذَا رَجَعَتْ فِيهِ لَمْ يَحِلَّ لَهُ إِلَّا الْعَدْلُ لَهَا أَوْ فِرَاقُهَا
14507 -
قَالَ فِي الْقَدِيمِ: وَبَلَغَنَا أَنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَلَلْنَهُ أَنْ يَكُونَ فِي مَرَضِهِ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ
قَوْلُ اللَّهِ عز وجل: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ}
[النساء: 129]
14508 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، وَأَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالتَّفْسِيرِ: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا} [النساء: 129]
⦗ص: 278⦘
بِمَا فِي الْقُلُوبِ فَإِنَّ اللَّهَ عز وجل تَجَاوَزَ لِلْعِبَادِ عَمَّا فِي الْقُلُوبِ {فَلَا تَمِيلُوا} [النساء: 129]: لَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَكُمْ {كُلَّ الْمَيْلِ} [النساء: 129] بِالْفِعْلِ مَعَ الْهَوَى، وَهَذَا يُشْبِهُ مَا قَالَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
14509 -
قَالَ: وَدَلَّتْ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَا عَلَيْهِ عَوَامُّ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّ عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يَقْسِمَ لِنِسَائِهِ بِعَدَدِ الْأَيَّامِ وَاللَّيَالِي، وَأَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَعْدِلَ فِي ذَلِكَ لَا أَنَّهُ مُرَخَّصٌ لَهُ أَنْ يَجُوزَ فِيهِ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا أُرِيدَ بِهِ مَا فِي الْقُلُوبِ مِمَّا قَدْ تَجَاوَزَ اللَّهُ لِلْعِبَادِ عَنْهُ فِيمَا هُوَ أَعْظَمُ مِنَ الْمَيْلِ عَلَى النِّسَاءِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
14510 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله بَعْدَ ذِكْرِ الْآيَاتِ فِي حُقُوقِ النِّسَاءِ: وَسَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْقَسْمَ بَيْنَ النِّسَاءِ فِيمَا وَصَفْتُ مِنْ قَسْمِهِ لِأَزْوَاجِهِ فِي الْحَضَرِ وَإِحْلَالِ سَوْدَةَ لَهُ يَوْمَهَا وَلَيْلَتَهَا،
14511 -
وَقَدْ بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْسِمُ فَيَعْدِلُ، ثُمَّ يَقُولُ:«اللَّهُمَّ هَذَا قَسْمِي فِيمَا أَمْلِكُ وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِمَا لَا أَمْلِكُ» ، يَعْنِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَلْبَهُ،
14512 -
وَبَلَغَنَا أَنَّهُ كَانَ يُطَافُ بِهِ مَحْمُولًا فِي مَرَضِهِ عَلَى نِسَائِهِ حَتَّى حَلَلْنَهُ
⦗ص: 279⦘
،
14513 -
وَتَكَلَّمَ فِي الْإِمْلَاءِ عَلَى الْآيَةِ بِمَعْنَى مَا سَبَقَ ذِكْرُهُ قَالَ: وَلَا حَرَجَ عَلَيْهِ أَنْ تَكُونَ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنَ الْأُخْرَى؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ مَا فِي الْقُلُوبِ إِلَّا اللَّهُ، وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ فَقَالَ:«عَائِشَةُ»
14514 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيَكٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَتَانِ، فَمَالَ إِلَى إِحْدَاهُمَا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَشِقُّهُ مَائِلٌ»
14515 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْسِمُ فَيَعْدِلُ وَيَقُولُ: «اللَّهُمَّ هَذَا قَسْمِي فِيمَا أَمْلِكُ، فَلَا تَلُمْنِي فِيمَا تَمْلِكُ وَلَا أَمْلِكُ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: يَعْنِي الْقَلْبَ
14516 -
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْمُقْرِئُ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، حَدَّثَنَا مَرْحُومُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ بَابَنُوسَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم جِيءَ بِهِ يُحْمَلُ فِي كِسَاءٍ بَيْنَ أَرْبَعَةٍ، فَأُدْخِلَ عَلَيَّ، فَقَالَ: «يَا عَائِشَةُ
⦗ص: 280⦘
أَرْسِلِي إِلَى النِّسَاءِ»، فَلَمَّا جِئْنَ قَالَ:«إِنِّي لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَخْتَلِفَ بَيْنَكُنَّ فَأْذَنَّ لِي فَأَكُونَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ» ، قُلْنَ: نَعَمْ
14517 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ هُوَ الْأَصَمُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ، أَخْبَرَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ يَقُولُ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيْكَ؟ قَالَ:«عَائِشَةُ» ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ خَالِدٍ
كَيْفَ الْقَسْمُ
؟
14518 -
ذَكَرَ الشَّافِعِيُّ فِي كَيْفِيَّةِ الْقَسْمِ مَعْنَى مَا أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: يَا ابْنَ أُخْتِي، «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا يُفَضِّلُ بَعْضَنَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْقَسْمِ مِنْ مُكْثِهِ عِنْدَنَا، وَكَانَ قَلَّ يَوْمٌ إِلَّا وَهُوَ يَطُوفَ عَلَيْنَا جَمِيعًا، فَيَدْنُو مِنْ كُلِّ امْرَأَةٍ مِنْ غَيْرِ مَسِيسٍ حَتَّى يَبْلُغَ إِلَى الَّتِي هُوَ يَوْمُهَا، فَيَبِيتُ عِنْدَهَا» ، وَلَقَدْ قَالَتْ سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ حِينَ أَسَنَّتْ وَفَرِقَتْ أَنْ يُفَارِقَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَوْمِي لِعَائِشَةَ، فَقَبِلَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْهَا قَالَتْ: نَقُولُ فِي ذَلِكَ أَنْزَلَ اللَّهُ وَفِي أَشْبَاهِهَا: أُرَاهُ قَالَ: {إِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا} [النساء: 128]
14519 -
وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ، وَقَالَ فِي الْحَدِيثِ:«فَيُقَبِّلُ، وَيَلْمِسُ مَا دُونَ الْوِقَاعِ» ،
14520 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: وَإِذَا مَرِضَ عَدَلَ بَيْنَهُنَّ كَمَا يَعْدِلُ بَيْنَهُنَّ صَحِيحًا،
14521 -
بَلَغَنِي أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ فِي مَرَضِهِ يُطَافُ بِهِ عَلَى نِسَائِهِ وَاشْتَدَّ مَرَضُهُ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ، فَقَالَ:«عِنْدَ مَنْ أَنَا غَدًا، عِنْدَ مَنْ أَنَا بَعْدَ غَدٍ، عِنْدَ مَنْ أَنَا الَّذِي يَلِيهِ؟» ، فَعَرَفُوا مَا يُرِيدُ فَحَلَلْنَهُ مِنْ أَيَّامِهِنَّ وَلَيَالِيهِنَّ، فَمُرِّضَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ حَتَّى قُبِضَ فِيهِ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ مَوْتُهُ فِي الْيَوْمِ الَّذِي كَانَ يَدُورُ فِيهِ إِلَى عَائِشَةَ
⦗ص: 282⦘
،
14522 -
وَقَدْ رُوِّينَا مَعْنَى هَذَا فِي حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ
14523 -
وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَسَدِيِّ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: «إِذَا نُكِحَتِ الْحَرَّةُ عَلَى الْأَمَةِ فَلِهَذِهِ الثُّلُثَانِ وَلِهَذِهِ الثُّلُثُ» أَخْبَرَنَاهُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى السُّكَّرِيُّ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا سَعْدَانُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، فَذَكَرَهُ،
14524 -
وَرَوَاهُ حَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنْ عَلِيٍّ،
14525 -
وَرَوَاهُ هُشَيْمٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْمِنْهَالِ، عَنْ زِرٍّ، وَعَبَّادٍ، عَنْ عَلِيٍّ،
14526 -
وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ
14527 -
وَقَالَ سُلَيْمَانُ: مِنَ السُّنَّةِ أَنَّ الْحُرَّةَ إِذَا قَامَتْ عَلَى ضِرَارٍ فَلَهَا يَوْمَانِ وَلِلْأَمَةِ يَوْمٌ
14528 -
وَرُوِّينَا عَنْ سَعِيدٍ، وَالْحَسَنِ فِي الْيَهُوَدِيَّةِ وَالْمُسْلِمَةِ قَالَا: يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا سَوَاءً
بَابُ الْحَالِ الَّتِي يَخْتَلِفُ فِيهَا حَالُ النِّسَاءِ
14529 -
أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ تَزَوَّجَ أُمَّ سَلَمَةَ، وَأَصْبَحَتْ عِنْدَهُ فَقَالَ لَهَا:«لَيْسَ بِكِ عَلَى أَهْلِكِ هَوَانٌ، إِنْ شِئْتِ سَبَّعْتُ عِنْدَكِ وَسَبَّعْتُ عِنْدَهُنَّ، وَإِنْ شِئْتِ ثَلَّثْتُ عِنْدَكِ وَدُرْتُ» ، فَقَالَتْ: ثَلِّثْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ،
14530 -
وَأَخْرَجَهُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَفِيهِ مِنَ الزِّيَادَةِ، فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنْ شِئْتِ زِدْتُكِ وَحَاسَبْتُكِ بِهِ، لِلْبِكْرِ سَبْعٌ وَلِلثَّيِّبِ ثَلَاثٌ»
14531 -
وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، مَوْصُولًا كَمَا: أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا تَزَوَّجَ أُمَّ سَلَمَةَ أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ:«لَيْسَ بِكِ عَلَى أَهْلِكِ هَوَانٌ، إِنْ شِئْتِ سَبَّعْتُ لَكِ وَإِنْ شِئْتِ سَبَّعْتُ لِنِسَائِي»
⦗ص: 284⦘
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَغَيْرُهُ، عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ،
14532 -
وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَيْمَنَ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ مَوْصُولًا،
14533 -
وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ مَحْفُوظٍ مَوْصُولًا
14534 -
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَجِيدِ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عَمْرٍو، وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ أَخْبَرَاهُ، أَنَّهُمَا سَمِعَا أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ يُحَدِّثُ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ: أَنَّهَا لَمَّا قَدِمَتِ الْمَدِينَةَ أَخْبَرَتْهُمْ أَنَّهَا ابْنَةُ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، فَكَذَّبُوهَا، وَقَالُوا: مَا أَكْذَبَ الْغَرَائِبَ حَتَّى أَنْشَأَ أُنَاسٌ، - أَوْ قَالَ نَاسٌ - مِنْهُمُ الْحَجَّ، فَقَالُوا: أَتَكْتُبِينَ إِلَى أَهْلِكِ؟ فَكَتَبْتُ مَعَهُمْ، فَرَجَعُوا إِلَى الْمَدِينَةِ قَالَتْ: فَصَدَّقُونِي وَازْدَدْتُ عَلَيْهِمْ كَرَامَةً، فَلَمَّا حَلَلْتُ جَاءَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَخَطَبَنِي، فَقُلْتُ لَهُ: مَا مِثْلِي نُكَحٌ أَمَّا أَنَا فَلَا وَلَدَ فِيَّ، وَأَنَا غَيُورٌ ذَاتُ عِيَالٍ قَالَ:«أَنَا أَكْبَرُ مِنْكِ، وَأَمَّا الْغَيْرَةُ فَيُذْهِبُهَا اللَّهُ، وَأَمَّا الْعِيَالُ فَإِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ» ، فَتَزَوَّجَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَجَعَلَ يَأْتِيهَا وَيَقُولُ:«أَيْنَ زُنَابُ؟» ، حَتَّى جَاءَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ فَاخْتَلَجَهَا وَقَالَ: هَذِهِ تَمْنَعُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَانَتْ تُرْضِعُهَا فَجَاءَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «أَيْنَ زُنَابُ؟» ، فَقَالَتْ قُرَيْبَةُ بِنْتُ أَبِي أُمَيَّةَ وَوَافَقَهَا عِنْدَهَا: أَخَذَهَا عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إِنِّي آتِيكُمُ اللَّيْلَةَ» ، فَقَالَتْ: فَقُمْتُ فَوَضَعْتُ نِعَالِي، وَأَخْرَجْتُ حَبَّاتٍ مِنْ شَعِيرٍ كَانَتْ فِي جَرَّةٍ، وَأَخْرَجْتُ شَحْمًا فَعَصَدْتُهُ لَهُ
⦗ص: 285⦘
أَوْ صَعَدْتُهُ قَالَتْ: فَبَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْبَحَ، فَقَالَ حِينَ أَصْبَحَ:«إِنَّ لَكِ عَلَى أَهْلِكِ كَرَامَةً، فَإِنْ شِئْتِ سَبَّعْتُ لَكِ، وَإِنْ أُسَبِّعْ أُسَبِّعْ لِنِسَائِي»
14535 -
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ
14536 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: حَدِيثُ ابْنِ جُرَيْجٍ ثَابِتٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
14537 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ قَالَ:«لِلْبِكْرِ سَبْعٌ وَلِلثَّيِّبِ ثَلَاثٌ»
14538 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ، أَخْبَرَنَا شَافِعُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرِ بْنُ سَلَامَةَ، حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ:«لِلْبِكْرِ سَبْعٌ وَلِلثَّيِّبِ ثَلَاثٌ» ، فَتِلْكُمُ السُّنَّةُ
14539 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَرَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ السَّهْمِيُّ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ:«إِذَا تَزَوَّجَ الْمَرْأَةَ بِكْرًا فَلَهَا سَبْعٌ ثُمَّ يَقْسِمُ، وَإِذَا تَزَوَّجَهَا ثَيِّبًا فَلَهَا ثَلَاثٌ ثُمَّ يَقْسِمُ»
⦗ص: 286⦘
، أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ، فَذَكَرَهُ
14540 -
وَبِمَعْنَاهُ رَوَاهُ قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ:«فَمِنَ السُّنَّةِ إِذَا تَزَوَّجَ الْبِكْرَ عَلَى الثَّيِّبِ أَقَامَ عِنْدَهَا سَبْعًا، وَإِذَا تَزَوَّجَ الثَّيِّبَ عَلَى الْبِكْرِ أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلَاثًا» وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي قِلَابَةَ، وَهُوَ فِي مَعْنَى الْمَرْفُوعِ، وَقَدْ رَوَاهُ بَعْضُهُمْ مَرْفُوعًا،
14541 -
وَرُوِّينَا عَنْ أَنَسٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا دَخَلَ بِصَفِيَّةَ أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلَاثًا وَكَانَتْ ثَيِّبًا»
14542 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي حِكَايَةِ قَوْلِ مَنْ خَالَفَهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَالَ: أَلَيْسَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنْ شِئْتِ سَبَّعْتُ عِنْدَكِ وَسَبَّعْتُ عِنْدَهُنَّ، وَإِنْ شِئْتِ ثَلَّثْتُ عِنْدَكِ وَدُرْتُ» ؟ قُلْتُ: نَعَمْ قَالَ: فَلَمْ يُعْطِهَا فِي السَّبْعِ شَيْئًا إِلَّا أَعْلَمَهَا أَنَّهُ يُعْطِي غَيْرَهَا مِثْلَهُ،
14543 -
وَقَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّهَا كَانَتْ ثَيِّبًا فَلَمْ يَكُنْ لَهَا إِلَّا ثَلَاثٌ، فَقَالَ لَهَا: إِنْ أَرَدْتِ حَقَّ الْبِكْرِ وَهُوَ أَعْلَى حُقُوقِ النِّسَاءِ وَأَشْرَفُهُ عِنْدَهُنَّ بِعَفْوِكِ حَقَّكِ إِذَا لَمْ تَكُونِي بِكْرًا فَيَكُنْ لَكِ سَبْعٌ، فَقُلْتُ: وَإِنْ لَمْ تُرِيدِي عَفْوَهُ وَأَرَدْتِ حَقَّكِ فَهُوَ ثَلَاثٌ
14544 -
قَالَ: فَهَلْ لَهُ وَجْهٌ غَيْرُهُ؟ قُلْتُ: لَا، إِنَّمَا يُخَيَّرُ مَنْ لَهُ حَقٌّ يُشْرِكُهُ فِيهِ غَيْرُهُ فِي أَنْ يَتْرُكَ مِنْ حَقِّهِ، وَقُلْتُ لَهُ: يَلْزَمُكَ أَنْ تَقُولَ مِثْلَ مَا قُلْنَا لِأَنَّكَ زَعَمْتَ أَنَّكَ لَا تُخَالِفُ الْوَاحِدَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا لَمْ يُخَالِفْهُ مِثْلُهُ، وَلَا تَعْلَمُ مُخَالِفًا لَهُ، يَعْنِي لِأَنَسٍ، وَالسُّنَّةُ أَلْزَمُ لَكَ مِنْ قَوْلِهِ فَتَرَكْتُهَا وَقَوْلَهُ
⦗ص: 287⦘
14545 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَحَدِيثُ أَنَسٍ مِنْ جِهَةِ أَبِي قِلَابَةَ كَالْمَرْفُوعِ، وَقَدْ رُوِّينَا فِي حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُمَيْدٍ اللَّفْظَةُ الَّتِي رَوَاهَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ فَقَدْ جَعَلَ ذَلِكَ لَهَا، بِلَامِ التَّمْلِيكِ، وَفَصَلَ بَيْنَ الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ،
14546 -
وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ يَقَعُ عَلَى وَجْهِ الْقَضَاءِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهَا وَلَا لِلْفَصْلِ بَيْنَهُمَا فِي ذَلِكَ مَعْنًى وَلَمَا اخْتَارَتْ أُمُّ سَلَمَةَ حَقَّهَا حَيْثُ قَالَتْ: «ثَلِّثْ» ، وَلَكَانَ قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي التَّثْلِيثِ كَقَوْلِهِ فِي التَّسْبِيعِ، فَلَمَّا قَالَ فِي التَّسْبِيعِ:«سَبَّعْتُ عِنْدَهُنَّ» ، وَقَالَ فِي التَّثْلِيثِ:«ثُمَّ دُرْتُ» ، فَاخْتَارَتِ التَّثْلِيثَ عَلِمْنَا أَنَّ الثَّلَاثَ حَقٌّ لَهَا لَا يَقَعُ عَلَى وَجْهِ الْقَضَاءِ، وَالتَّحْرِيفُ فِي الظَّوَاهِرِ مُمْكِنٌ لِمَنْ كَانَ جَرِيئًا عَلَى مُخَالَفَةِ السُّنَّةِ، وَهِيَ عَلَى ظُهُوَرِهَا حَتَّى يَأْتِيَ مَا هُوَ أَقْوَى أَوْ أَخَصُّ مِنْهَا، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
بَابُ الْقَسْمِ لِلنِّسَاءِ إِذَا حَضَرَ سَفَرٌ
14547 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَمِّي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ شَافِعٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ، فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا»
14548 -
زَادَ فِي الْإِمْلَاءِ فِي رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ: فَخَرَجَ سَهْمُهَا فِي غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلَقِ: فَخَرَجَ بِهَا،
14549 -
وَهَذَا الْحَدِيثُ مُخَرَّجٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ فِي حَدِيثِ الْإِفْكِ دُونَ مَا زَادَ فِي الْإِمْلَاءِ وَقَدْ رَوَاهُ أَيْضًا غَيْرُهُ
14550 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ: وَلَوْ كَانَ الْمُسَافِرُ يَقْسِمُ لِمَنْ خَلَفَ عِدَّةَ مَا غَابَ لَمْ يَكُنْ لِلْقُرْعَةِ مَعْنًى إِنَّمَا مَعْنَاهَا أَنْ يَصِيرَ لِمَنْ خَرَجَ سَهْمُهُ هَذِهِ الْأَيَّامُ خَالِصَةً دُونَ غَيْرِهَا لِأَنَّهُ مَوْضِعُ ضَرُورَةٍ وَذَكَرَ مَعْنَاهُ أَيْضًا فِي الْجَدِيدِ
بَابُ نُشُوزِ الْمَرْأَةِ عَلَى الرَّجُلِ
14551 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: وَأَشْبَهُ مَا سَمِعْتُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ فِي قَوْلِهِ تبارك وتعالى
⦗ص: 290⦘
: {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ} [النساء: 34] الْآيَةَ أَنَّ لِخَوْفِ النُّشُوزِ دَلَائِلَ فَإِذَا كَانَتْ {فَعِظُوهُنَّ} [النساء: 34]؛ لِأَنَّ الْعِظَةَ مُبَاحَةٌ فَإِنْ لَجَجْنَ فَأَظْهَرْنَ نُشُوزًا بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ {وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ} [النساء: 34] فَإِنْ أَقَمْنَ بِذَلِكَ عَلَى ذَلِكَ {وَاضْرِبُوهُنَّ} [النساء: 34] وَذَلِكَ بَيَّنَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ هِجْرَةٌ فِي الْمَضْجَعِ وَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهَا، وَلَا ضَرْبٌ إِلَّا بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ أَوْ هُمَا
⦗ص: 291⦘
14552 -
قَالَ: وَيُحْتَمَلُ فِي {تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ} [النساء: 34] إِذَا نَشَزْنَ فَأَبَنَّ النُّشُوزَ فَكُنَّ عَاصِيَاتٍ بِهِ أَنْ تُجْمِعُوا عَلَيْهِنَّ الْعِظَةَ وَالْهِجْرَةَ وَالضَّرْبَ
14553 -
قَالَ: وَلَا يَبْلُغُ فِي الضَّرْبِ حَدًّا وَلَا يَكُونُ مُبَرِّحًا وَلَا مُدْمِيًا وَيَتَوَقَّى فِيهِ الْوَجْهَ وَيَهْجُرُهَا فِي الْمَضْجَعِ حَتَّى تَرْجِعَ عَنِ النُّشُوزِ وَلَا يُجَاوِزُ بِهَا فِي هِجْرَةِ الْكَلَامِ ثَلَاثًا؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِنَّمَا أَبَاحَ الْهِجْرَةَ فِي الْمَضْجَعِ وَالْهِجْرَةُ فِي الْمَضْجَعِ تَكُونُ بِغَيْرِ هِجْرَةِ كَلَامٍ، وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ أَنْ يُجَاوِزَ بِالْهِجْرَةِ فِي الْكَلَامِ ثَلَاثًا
14554 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ إِيَاسِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَضْرِبُوا إِمَاءَ اللَّهِ» قَالَ: فَأَتَاهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ذَئِرَ النِّسَاءِ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ، فَأَذِنَ فِي ضَرْبِهِنَّ، فَأَطَافَ بِآلِ مُحَمَّدٍ نِسَاءٌ كَثِيرٌ كُلُّهُنَّ يَشْتَكِينَ أَزْوَاجَهُنَّ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«لَقَدْ أَطَافَ اللَّيْلَةَ بِآلِ مُحَمَّدٍ سَبْعُونَ امْرَأَةً كُلُّهُنَّ يَشْتَكِينَ أَزْوَاجَهُنَّ وَلَا يَجِدُونَ أُولَئِكَ خِيَارَكُمْ»
14555 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ: يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْهُ عَلَى اخْتِيَارِ النَّهْيِ وَأَذِنَ فِيهِ بِأَنْ يَكُونَ مُبَاحًا لَهُمُ الضَّرْبُ فِي الْخَوْفِ، وَاخْتَارَ لَهُمْ أَنْ لَا يَضْرِبُوا لِقَوْلِهِ:«لَنْ يَضْرِبَ خِيَارُكُمْ» قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ نُزُولِ الْآيَةِ بِضَرْبِهِنَّ، ثُمَّ أَذِنَ بَعْدَ نُزُولِهَا بِضَرْبِهِنَّ، وَفِي قَوْلِهِ:«لَنْ يَضْرِبَ خِيَارُكُمْ» ، دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ ضَرْبَهُنَّ مُبَاحٌ لَا فَرْضٌ أَنْ يُضْرَبْنَ، وَنَخْتَارُ لَهُ مِنْ ذَلِكَ مَا اخْتَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بَابُ الْحَكَمَيْنِ فِي الشِّقَاقِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ
14556 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} [النساء: 35]
14557 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَعْنَى مَا أَرَادَ، فَأَمَّا ظَاهِرُ الْآيَةِ فَإِنَّ خَوْفَ الشِّقَاقِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ أَنْ يَدَّعِيَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ مَنْعَ الْحَقِّ وَلَا يَطِيبُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ بِإِعْطَاءِ مَا يَرْضَى بِهِ وَلَا يَنْقَطِعُ مَا بَيْنَهُمَا بِفُرْقَةٍ وَلَا صُلْحٍ وَلَا تَرْكِ الْقِيَامِ بِالشِّقَاقِ،
14558 -
وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَذِنَ فِي نُشُوزِ الْمَرْأَةِ بِالْعِظَةِ وَالْهِجْرَةِ وَالضَّرْبِ وَلِنُشُوزِ الرَّجُلِ بِالصُّلْحِ، فَإِذَا خَافَا أَنْ لَا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ،
14559 -
وَنَهَى إِذَا أَرَادَ الزَّوْجُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ أَنْ يَأْخُذَ مِمَّا آتَاهَا شَيْئًا
14560 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَإِذَا ارْتَفَعَ الزَّوْجَانِ الْمَخُوفُ شِقَاقَهُمَا إِلَى الْحَاكِمِ فَحَقٌّ عَلَيْهِ أَنْ يَبْعَثَ حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا مِنْ أَهْلِ الْقَنَاعَةِ وَالْعَقْلِ لِيَكْشِفَا أَمْرَهُمَا وَيُصْلِحَا بَيْنَهُمَا إِنْ قَدَرَا، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْمُرَهُمَا يُفَرِّقَانِ إِنْ رَأَيَا إِلَّا بِأَمْرِ الزَّوْجِ، وَلَا يُعْطِيَا مِنْ مَالِ الْمَرْأَةِ إِلَّا بِإِذْنِهَا، فَإِنِ اصْطَلَحَ الزَّوْجَانِ، وَإِلَّا كَانَ عَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِمَا يُلْزِمُهُ مِنْ حَقٍّ فِي نَفْسٍ وَمَالٍ وَأَدَبٍ
14561 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا الثَّقَفِيُّ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ عُبَيْدَةَ أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ:{وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا} [النساء: 35] قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ إِلَى عَلِيٍّ رضي الله عنه وَمَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِئَامٌ مِنَ النَّاسِ، فَأَمَرَهُمْ عَلِيٌّ فَبَعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا، ثُمَّ قَالَ لِلْحَكَمَيْنِ:«تَدْرِيَانِ مَا عَلَيْكُمَا؟ عَلَيْكُمَا إِنْ رَأَيْتُمَا أَنْ تَجْمَعَا أَنْ تَجْمَعَا، وَإِنْ رَأَيْتُمَا أَنْ تُفَرِّقَا أَنْ تُفَرِّقَا» قَالَتِ الْمَرْأَةُ: رَضِيتُ بِكِتَابِ اللَّهِ بِمَا عَلَيَّ فِيهِ وَلِيَّ، وَقَالَ الرَّجُلُ: أَمَا الْفُرْقَةُ فَلَا، فَقَالَ عَلِيٌّ:«كَذَبْتَ وَاللَّهِ حَتَّى تُقِرَّ بِمِثْلِ الَّذِي أَقَرَّتْ بِهِ»
14562 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ قَالَ: حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الثَّقَفِيُّ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ
14563 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ سَمِعَهُ يَقُولُ: تَزَوَّجَ عَقِيلُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَاطِمَةَ بِنْتَ عُتْبَةَ، فَقَالَتِ: اصْبِرْ لِي وَأُنْفِقُ عَلَيْكَ، فَكَانَ إِذَا دَخَلُ عَلَيْهَا قَالَتْ: أَيْنَ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ؟ وَأَيْنَ شَيْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ؟ فَيَسْكُتُ عَنْهَا حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهَا يَوْمًا وَهُوَ بَرِمٌ فَقَالَتْ: أَيْنَ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ؟ أَيْنَ شَيْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ؟ فَقَالَ: عَلَى يَسَارِكِ فِي النَّارِ إِذَا دَخَلْتِ، فَشَدَّتْ عَلَيْهَا ثِيَابَهَا، فَجَاءَتْ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ، فَأَرْسَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ وَمُعَاوِيَةَ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:«لَأُفَرِّقَنَّ بَيْنَهُمَا» ، وَقَالَ مُعَاوِيَةُ: «مَا كُنْتُ لِأُفَرِّقَ
⦗ص: 294⦘
بَيْنَ شَيْخَيْنِ مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ» قَالَ: فَأَتَيَاهُمَا، فَوَجَدَاهُمَا قَدْ شَدَّا عَلَيْهِمَا أَثْوَابَهُمَا وَأَصْلَحَا أَمْرَهُمَا
14564 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ: حَدِيثُ عَلِيٍّ ثَابِتٌ عِنْدَنَا وَهُوَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ كَمَا قُلْنَا ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ: وَلَوْ جَازَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَبْعَثَ حَكَمَيْنِ بِفُرْقَةٍ بِلَا وَكَالَةِ الزَّوْجِ مَا احْتَاجَ عَلِيٌّ أَنْ يَقُولَ لَهُمَا ابْعَثُوا وَلَبَعَثَ هُوَ، وَلَقَالَ لِلزَّوْجِ إِنْ رَأَيَا الْفِرَاقَ أَمْضِيَا ذَلِكَ عَلَيْكَ وَإِنْ لَمْ تَأْذَنْ بِهِ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْحَدِيثُ عَنْ عُثْمَانَ كَالْحَدِيثِ عَنْ عَلِيٍّ وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ،
14565 -
ثُمَّ قَالَ فِي آخِرِ ذَلِكَ: وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ: يُخَيِّرُهُمَا السُّلْطَانُ عَلَى الْحَكَمَيْنِ كَانَ مَذْهَبًا
14566 -
قَالَ أَحْمَدُ: رُوِّينَا عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ شُرَيْحٍ فِي بَعْثِهِ الْحَكَمَيْنِ قَالَ: فَنَظَرَ الْحَكَمَانِ فِي أَمْرِهِمَا، فَرَأَيَا أَنْ يُفَرِّقَا بَيْنَهُمَا، فَكَرِهَ ذَلِكَ الزَّوْجُ، فَقَالَ شُرَيْحٌ: فَفِيمَ كُنَّا فِيهِ الْيَوْمَ إِذًا قَالَ: وَأَجَازَ أَمْرَهُمَا.
14567 -
قَالَ الشَّعْبِيُّ: مَا حَكَمَ الْحَكَمَانِ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ جَائِزٌ إِنْ فَرَّقَا وَإِنْ جَمَعَا، وَقَالَ الْحَسَنُ: لَيْسَ الْفُرْقَةُ فِي أَيْدِيهِمَا،
14568 -
وَقَالَ عَطَاءٌ: إِذَا جَعَلَا ذَلِكَ بِأَيْدِيهِمَا جَازَ
14569 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَالَ اللَّهُ عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [النساء: 19] قَالَ: يُقَالُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ نَزَلَتْ فِي «الرَّجُلِ يَمْنَعُ الْمَرْأَةَ
⦗ص: 295⦘
حَقَّ اللَّهِ عَلَيْهِ فِي عِشْرَتِهَا بِالْمَعْرُوفِ عَنْ غَيْرِ طِيبِ نَفْسِهَا وَيَحْبِسُهَا لِتَمُوتَ فَيَرِثُهَا أَوْ يَذْهَبُ بِبَعْضِ مَا آتَاهَا، وَاسْتَثْنَى إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَهِيَ الزِّنَا»
14570 -
ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ: وَقِيلَ: إِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مَنْسُوخَةٌ وَفِي مَعْنَى {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا} [النساء: 15]، بِآيَةِ الْحُدُودِ {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} ،
14571 -
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «خُذُوا عَنِّي قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ الرَّجْمُ» فَلَمْ يَكُنْ عَلَى امْرَأَةٍ حَبْسٌ يُمْنَعُ بِهِ حَقُّهَا عَلَى الزَّوْجِ وَكَانَ عَلَيْهَا الْحَدُّ
14572 -
قَالَ: وَمَا أَشْبَهُ مَا قِيلَ مِنْ هَذَا بِمَا قِيلَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ؛ لِأَنَّ لِلَّهِ أَحْكَامًا بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ بِأَنْ جَعَلَ لَهُ عَلَيْهَا أَنْ يُطَلِّقَهَا مُحْسِنَةً وَمُسِيئَةً، وَيَحْبِسَهَا مُحْسِنَةً وَمُسِيئَةً، وَكَارِهًا لَهَا وَغَيْرَ كَارِهٍ، وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ مَنْعَهَا حَقَّهَا فِي كُلِّ حَالٍ