المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌24 - كِتَابُ الْخُلْعِ وَالطَّلَاقِ - معرفة السنن والآثار - جـ ١١

[أبو بكر البيهقي]

فهرس الكتاب

‌24 - كِتَابُ الْخُلْعِ وَالطَّلَاقِ

ص: 7

14574 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَسَنِ، وَأَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَأَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ

⦗ص: 8⦘

، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، أَنَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ سَهْلٍ، أَخْبَرَتْهَا أَنَّهَا كَانَتْ عِنْدَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ، وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ إِلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ فَوجَدَ حَبِيبَةَ بِنْتَ سَهْلٍ عِنْدَ بَابِهِ فِي الْغَلَسِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ هَذِهِ؟» فَقَالَتْ: أَنَا حَبِيبَةُ بِنْتُ سَهْلٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «مَا شَأْنُكِ؟» قَالَتْ: لَا أَنَا وَلَا ثَابِتٌ - لِزَوْجِهَا - فَلَمَّا جَاءَ ثَابِتٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «هَذِهِ حَبِيبَةُ قَدْ ذَكَرَتْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَذْكُرَ» ، فَقَالَتْ حَبِيبَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كُلُّ مَا أَعْطَانِي عِنْدِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«خُذْ مِنْهَا» فَأَخَذَ مِنْهَا، وجَلَسَتْ فِي أَهْلِهَا «

14575 -

» قَالَ أَحْمَدُ: هَكَذَا وَقَعَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي كِتَابِ الْخُلْعِ وَالنُّشُوزِ

14576 -

وَقَدْ رَوَاهُ فِي كِتَابِ الْحُجَّةِ عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَتْهُ، أَنَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ سَهْلٍ الْأَنْصَارِيَّةَ كَانَتْ تَحْتَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ، وَهُوَ الصَّحِيحُ.

14577 -

وَقَوْلُهُ: أَخْبَرَتْهَا فِي هَذِهِ الرِوَايَةِ خَطَأٌ مِنَ الْكَاتِبِ، وَإِنَّمَا أَخْبَرَتْهُ فِي إِخْبَارِ عَمْرَةَ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ

14578 -

كَذَلِكَ رَوَاهُ عَامَّةُ أَصْحَابِ مَالِكٍ عَنْهُ.

14579 -

وَقَدْ قِيلَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ حَبِيبَةَ

ص: 7

14580 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ حَبِيبَةَ بِنْتِ سَهْلٍ، أَنَّهَا أَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي الْغَلَسِ وَهِيَ تَشْكُو شَيْئًا بِبَدَنِهَا وَهِيَ تَقُولُ: لَا أَنَا وَلَا ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«يَا ثَابِتُ خُذْ مِنْهَا» ، فَأَخَذَ مِنْهَا وجَلَسَتْ

14581 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ: فَقِيلَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: 229] " أَنْ تَمْتَنِعَ الْمَرْأَةُ مِنْ أَدَاءِ الْحَقِّ، فَتَخَافُ عَلَى الزَّوْجِ أَنْ لَا يُؤَدِّيَ الْحَقَّ إِذَا مَنَعَتْهُ حَقًّا فَتَحِلَّ الْفِدْيَةُ.

14582 -

ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ: «وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ تَمْنَعْهُ بَعْضَ الْحَقِّ وَكَرِهَتْ صُحْبَتَهُ حَتَّى خَافَتْ تَمْنَعَهُ كَرَاهِيَةَ صُحْبَتِهِ بَعْضَ الْحَقِّ فَأَعْطَتْهُ الْفِدْيَةَ طَائِعَةً حَلَّتْ لَهُ» .

14583 -

«وَإِذَا حَلَّ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مَا طَابَتْ بِهِ نَفْسًا عَلَى غَيْرِ فِرَاقٍ حَلَّ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مَا طَابَتْ بِهِ نَفْسًا ويَأْخُذَ عِوضًا بِالْفِرَاقِ»

ص: 9

14584 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ مَولَاةٍ لِصَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ أَنَّهَا «اخْتُلِعَتْ مِنْ زَوْجِهَا بِكُلِّ شَيْءٍ لَهَا فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ»

⦗ص: 10⦘

14585 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَالَّذِي رُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «أَنَّهُ» كَرِهَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَى " فَإِنَّهُ مُرْسَلٌ. وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّهُ أَنْكَرَهُ بِهَذَا اللَّفْظِ. وَإِنَّمَا الْحَدِيثُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهَا:«أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ؟» قَالَتْ: نَعَمْ وَزِيَادَةً قَالَ: «أَمَّا الزِّيَادَةُ فَلَا» يَعْنِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ الزَّوْجَ يَرْضَى بِمَا أَعْطَى وَلَا يَطْلُبُ الزِّيَادَةَ

ص: 9

‌الْخُلْعُ هَلْ هُوَ فَسْخٌ أَوْ طَلَاقٌ

؟

ص: 11

14586 -

أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، إِجَازَةً، أَنَّ أَبَا الْعَبَّاسِ، حَدَّثَهُمْ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: واخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي الْخُلْعِ، فَأَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، " فِي رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ تَطْلِيقَتَيْنِ، ثُمَّ اخْتُلِعَتْ مِنْهُ بَعْدُ، ثُمَّ قَالَ: " سَنُزَوِّجُهَا إِنْ شَاءَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: 229] قَرَأَ إِلَى {أَنْ يَتَرَاجَعَا} [البقرة: 230] "

ص: 11

14587 -

قَالَ: وأَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ:«كُلُّ شَيْءٍ أَجَازَهُ الْمَالُ فَلَيْسَ بِطَلَاقٍ»

ص: 11

14588 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جُمْهَانَ مَولَى الْأَسْلَمِيِّينَ، عَنْ أُمِّ بَكْرَةَ الْأَسْلَمِيَّةِ، أَنَّهَا اخْتُلِعَتْ مِنْ زَوْجِهَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُسَيْدٍ، ثُمَّ أَتَيَا عُثْمَانَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ:«هِيَ تَطْلِيقَةٌ إِلَّا أَنْ تَكُونَ سَمَّيْتَ شَيْئًا فَهُوَ مَا سَمَّيْتَ» .

14589 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بِالْإِجَازَةِ: وَلَا أَعْرِفُ جُمْهَانَ وَلَا أُمَّ بَكْرَةَ بِشَيْءٍ يَثْبُتُ بِهِ خَبَرَهُمَا وَلَا نَرُدُّهُ، وَيَقُولُ عُثْمَانُ: نَأْخُذُ

⦗ص: 12⦘

. ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ فِي حُجَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ، وذَكَرَهَا أَيْضًا فِي الْقَدِيمِ وأَخْتَارَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَعِكْرِمَةُ وَحَمَلَ فِي الْجَدِيدِ قَوْلَ عُثْمَانَ: إِلَّا أَنْ تَكُونَ سَمَّيْتَ شَيْئًا، فَهُوَ مَا سَمَّيْتَ عَلَى الْعَدَدِ.

14590 -

وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: قُلْتُ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: حَدِيثُ عُثْمَانَ الْخُلْعُ تَطْلِيقَةٌ لَا يَصِحُّ؟ فَقَالَ: مَا أَدْرِي، جُمْهَانُ لَا أَعْرِفُهُ.

14591 -

قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَرُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَالْخُلْعُ تَطْلِيقَةٌ بَائِنَةٌ.

14592 -

قَالَ: وَضَعَّفَ أَحْمَدُ يَعْنِي ابْنَ حَنْبَلٍ، حَدِيثَ عُثْمَانَ، وَحَدِيثُ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ فِي إِسْنَادِهِمَا مَقَالٌ. وَلَيْسَ فِي الْبَابِ أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، يُرِيدُ حَدِيثَ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ

ص: 11

‌الْمُخْتَلَعَةُ لَا يَلْحَقُهَا الطَّلَاقُ

ص: 13

14594 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّهُمَا قَالَا فِي الْمُخْتَلِعَةِ يُطَلِّقُهَا زَوْجُهَا قَالَا:«لَا يَلْزَمُهَا طَلَاقٌ؛ لِأَنَّهُ طَلَّقَ مَا لَا يَمْلِكُ»

14595 -

زَادَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ فِي رِوَايَتِهِ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: " خَالَفَنَا بَعْضُ النَّاسِ فِي الْمُخْتَلَعَةَ فَقَالَ: «إِذَا طُلِّقَتْ فِي الْعِدَّةِ لَحِقَهَا الطَّلَاقُ»، فَسَأَلْتُهُ هَلْ يَرْوِي فِي قَولِهِ خَبَرًا؟ فَذَكَرَ حَدِيثًا لَا تَقُومُ بِمِثْلِهِ حُجَّةٌ عِنْدَنَا وَلَا عِنْدَهُ، فَقُلْتُ: هَذَا عِنْدَنَا وَعِنْدَكَ غَيْرُ ثَابِتٍ قَالَ: فَقَدْ قَالَ بِهِ بَعْضُ التَّابِعِينَ، فَقُلْتُ لَهُ: وَقَوْلُ بَعْضِ التَّابِعِينَ عِنْدَكَ لَا يَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ لَوْ لَمْ يُخَالِفْهُمْ غَيْرُهُمْ "

14596 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَقَدْ سَمَّاهُمَا فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ فَقَالَ: الشَّعْبِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ

⦗ص: 14⦘

14597 -

وَرُوِيَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُمَا قَالَا:«لَزِمَهُ مَا دَامَتْ فِي مَجْلِسِهِ»

14598 -

وَأَمَّا مَا ذَكَرَ الشَّافِعِيُّ فَإِنِّي لَمْ أَجِدْ فِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا، وَلَعَلَّهُ ذَكَرَ لَهُ مَا رَوَى فَرَجُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَبِي عَوْنٍ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ:«لِلْمُخْتَلِعَةِ طَلَاقٌ مَا كَانَتْ فِي الْعِدَّةِ»

14599 -

وَهَذَا مَوقُوفٌ وَضَعِيفٌ لِأَنَّ رَاوِيَهُ فَرَجُ بْنُ فَضَالَةَ وَهُوَ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ ضَعِيفٌ بِمَرَّةٍ. وَرَأَيْتُهُ بِإِسْنَادٍ مَجْهُولٍ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ شُمَيْلٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ رَجُلٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ:«يَجْرِي الطَّلَاقُ عَلَى الَّتِي تَفْتَدِي مِنْ زَوْجِهَا مَا كَانَتْ فِي الْعِدَّةِ» ،

14600 -

وَهَذَا بَاطِلٌ مِنْ وُجُوهٍ مِنْهَا: أَنَّهُ عَنْ رَجُلٍ مَجْهُولٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ، وَالضَّحَّاكُ غَيْرُ مُحْتَجٍّ بِهِ، وَلَمْ يُدْرِكِ ابْنَ مَسْعُودٍ وَلَا قَارَبَهُ، وَإِنَّمَا وَقَعَ إِلَيَّ بِإِسْنَادٍ مَجْهُولٍ، عَنْ عِيسَى الْعَسْقَلَانِيِّ، عَنِ النَّضْرِ، فَهُوَ ضَعِيفٌ وَمَجْهُولٌ وَمُنْقَطِعٌ

ص: 13

14601 -

وَإِنَّمَا يُرْوَى، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُمَا قَالَا:«إِذَا خَالَعَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا لَزِمَهُ مَا دَامَتْ فِي مَجْلِسِهِ» . وَلَا يُتْرَكُ ظَاهِرُ الْكِتَابِ بِأَمْثَالِ هَذَا وَبِاللَّهِ التَّوفِيقُ

ص: 14

‌الطَّلَاقُ قَبْلَ النِّكَاحِ

14602 -

حَكَى الْمُزَنِيُّ، عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ «ذَلِكَ لَا يَقَعُ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ الَّذِي لَهُ الْحُكْمُ كَانَ وَهُوَ غَيْرُ مَالِكٍ فَبَطَلَ» ، وَنَصَّ فِي كِتَابِ الظِّهَارِ عَلَى

ص: 15

14602 -

مَا أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: " وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَةٍ

⦗ص: 16⦘

لَمْ يَنْكِحْهَا: إِذَا نَكَحْتُكِ فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَنَكَحَهَا لَمْ يَكُنْ مُتَظَاهِرًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ فِي تِلْكَ الْحَالِ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي لَمْ يَكُنْ مُتَظَاهِرًا؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَقَعُ التَّحْرِيمُ مِنَ النِّسَاءِ عَلَى مَنْ حَلَّ ثُمَّ حُرِّمَ، فَأَمَّا مَنْ لَمْ يَحْلُلْ فَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ تَحْرِيمٌ وَلَا حُكْمُ تَحْرِيمٍ لِأَنَّهُ مُحَرَّمٌ، فَلَا مَعْنَى لِلتَّحْرِيمِ فِي التَّحْرِيمِ "

14603 -

ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ: وَرُوِيَ مِثْلُ مَعْنَى مَا قُلْتُ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ عَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَغَيْرِهِمْ وَهُوَ الْقِيَاسُ

ص: 15

14604 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَمْشَاذَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا عَلِيٌّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، حَدَّثَنَا عَامِرٌ الْأَحْوَلُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا طَلَاقَ قَبْلَ نِكَاحٍ»

⦗ص: 17⦘

14605 -

وَفِي حَدِيثِ هُشَيْمٍ: «لَا نَذْرَ لِابْنِ آدَمَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ، وَلَا طَلَاقَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ، وَلَا عَتَاقَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ»

14606 -

وَرَوَاهُ حَبِيبٌ الْمُعَلِّمُ وَغَيْرُهُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

14607 -

وَرَوَاهُ طَاوُسٌ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَرُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَغَيْرِهِمَا، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

14608 -

وَهُوَ فِي الْكِتَابِ الَّذِي كَتَبَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ

ص: 16

14609 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا مُعَاذٌ الْعَنْبَرِيُّ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّويلِ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ:«لَا طَلَاقَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ نِكَاحٍ»

14610 -

وَرَوَاهُ مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عَلِيٍّ، فِيمَنْ قَالَ: إِنْ " تَزَوَّجْتُ فُلَانَةَ فَهِيَ طَالِقٌ، فَقَالَ عَلِيُّ:«تَزَوَّجْهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْكَ»

ص: 17

14611 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ، حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا مُعَاذٌ الْعَنْبَرِيُّ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:«لَا طَلَاقَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ نِكَاحٍ، وَلَا عَتَاقَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مِلْكٍ»

ص: 17

14612 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الْعَبَّاسِ الْمَحْبُوبِيُّ، حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ، وَأَبُو حَمْزَةَ جَمِيعًا، عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَا قَالَهَا ابْنُ مَسْعُودٍ وَإِنْ يَكُنْ قَالَهَا فَزَلَّةٌ مِنْ عَالِمٍ فِي " الرَّجُلِ يَقُولُ: إِنْ تَزَوَّجْتُ فُلَانَةَ فَهِيَ طَالِقٌ قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى: "{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ} [الأحزاب: 49] وَلَمْ يَقُلْ إِذَا طَلَّقْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ نَكَحْتُمُوهُنَّ "

⦗ص: 18⦘

14613 -

وَرَوَاهُ أَيْضًا سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، إِذَا وَقَّتَ وَقْتًا فَهُوَ كَمَا قَالَ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:" يَرْحَمُ اللَّهُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، لَوْ كَانَ كَمَا قَالَ لَقَالَ اللَّهُ: إِذَا طَلَّقْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ نَكَحْتُمُوهُنَّ "

14614 -

وَرُوِّينَا هَذَا الْقَوْلَ، عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما مِنْ أَوْجُهٍ، وَرُوِّينَاهُ عَنْ عَائِشَةَ، رضي الله عنها مَرْفُوعًا وَمَوقُوفًا

14615 -

وَحَكَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ فِي التَّرْجَمَةِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: وَرُوِيَ فِي ذَلِكَ، عَنْ عَلِيٍّ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، وَأَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ، وَعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَشُرَيْحٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَطَاوُسٍ، وَالْحَسَنِ، وَعِكْرِمَةَ، وَعَطَاءٍ، وَعَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، وَجَابِرِ بْنِ يَزِيْدَ، وَنَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَالْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَمْرِو بْنِ هَرِمٍ «أَنَّهَا لَا تُطَلَّقُ»

14616 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَوَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، وَرَوَى ابْنُ الْمُنْذِرِ، بِإِسْنَادِهِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ كَانَ «لَا يَرَى الظِّهَارَ قَبْلَ النِّكَاحِ شَيْئًا»

ص: 17

‌إِبَاحَةُ الطَّلَاقِ وَوَجْهُهُ

.

ص: 19

14617 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى: " {إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1]

⦗ص: 24⦘

وَقُرِئَتْ: «لِقُبُلِ عِدَّتِهِنَّ» وَهُمَا مِمَّا لَا يَخْتَلِفَانِ فِي مَعْنًى

ص: 19

14618 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ عُمَرُ: فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَّ لِيُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ، ثُمَّ تَطْهُرَ، فَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا، وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ، فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ عز وجل أَنْ تُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ»

⦗ص: 25⦘

. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ

ص: 24

14619 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مُسْلِمٌ، وَسَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَيْمَنَ مَولَى عَزَّةَ، يَسْأَلُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، وَأَبُو الزُّبَيْرِ يَسْمَعُ، فَقَالَ: كَيْفَ تَرَى فِي رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ حَائِضًا؟ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: طَلَّقَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ امْرَأَتَهُ حَائِضًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«لِيُرَاجِعْهَا فَإِذَا طَهُرَتْ فَلْيُطَلِّقْ أَوْ لِيُمْسِكْ» .

14620 -

وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: «يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ فِي قُبُلِ عِدَّتِهِنَّ» أَوْ: «لِقُبُلِ عِدَّتِهِنَّ» الشَّافِعِيُّ شَكَّ.

14621 -

أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، مِنْ حَدِيثِ حَجَّاجِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَغَيْرِهِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَفِيهِ قَالَ ابْنُ عُمَرَ: وَقَرَأَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ فِي قُبُلِ عِدَّتِهِنَّ)

14622 -

أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ. . . فَذَكَرَهُ، وَزَادَ: فَسَأَلَ عُمَرُ، رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«لِيُرَاجِعْهَا» ، فَرَدَّهَا عَلَيَّ وَقَالَ:«إِذَا طَهُرَتْ فَلْيُطَلِّقْ أَوْ يُمْسِكْ» قَالَ ابْنُ عُمَرَ: وَقَرَأَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ فِي قُبُلِ عِدَّتِهِنَّ)

⦗ص: 26⦘

،

14623 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مُسْلِمٌ، وَسَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهَا كَذَلِكَ.

14624 -

وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ:(إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِقُبُلِ عِدَّتِهِنَّ).

14625 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ: فَبَيَّنَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ فِي كِتَابِ اللَّهِ عز وجل بِدَلَالَةِ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ السُّنَّةَ فِي الْمَرْأَةِ الْمَدْخُولِ بِهَا الَّتِي تَحِيضُ، دُونَ مَنْ سِوَاهَا مِنَ الْمُطَلَّقَاتِ أَنْ تُطَلَّقَ لِقُبُلِ عِدَّتِهَا، وَذَلِكَ أَنَّ حُكْمَ اللَّهِ تَعَالَى أَنَّ الْعِدَّةَ عَلَى الْمَدْخُولِ بِهَا وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا يَأْمُرُ بِطَلَاقِ طَاهِرٍ مِنْ حَيْضَتِهَا الَّتِي يَكُونُ لَهَا طُهْرٌ وَحَيْضٌ قَالَ: وَطَلَاقُ السُّنَّةِ فِيهَا أَنْ يُطَلِّقَهَا طَاهِرًا مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ فِي الطُّهْرِ الَّذِي خَرَجَتْ مِنْ حَيْضِةٍ

ص: 25

‌الطَّلَاقُ يَقَعُ عَلَى الْحَائِضِ وَإِنْ كَانَ بِدْعِيًّا

ص: 27

14626 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَجِيدِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ أَيْمَنَ، يَسْأَلُ ابْنَ عُمَرَ، وَأَبُو الزُّبَيْرِ يَسْمَعُ فَقَالَ: كَيْفَ تَرَى فِي رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ حَائِضًا؟ فَقَالَ: طَلَّقَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«لِيُرَاجِعْهَا» ، فَرَدَّهَا عَلَيَّ وَلَمْ يَرَهَا شَيْئًا وَقَالَ:«إِذَا طَهُرَتْ فَلْيُطَلِّقْ أَوْ لِيُمْسِكْ» .

14627 -

هَذَا لَفْظُ حَدِيثِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، وَفِي رِوَايَتِهِمَا: فَسَأَلَ عُمَرُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا» ، ثُمَّ ذَكَرَا مَا بَعْدَهُ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ كَمَا مَضَى

ص: 27

14628 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَسَأَلَ عُمَرُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لِيُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ، ثُمَّ تَطْهُرَ، ثُمَّ إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ، فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ تُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ»

⦗ص: 28⦘

. أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ

ص: 27

14629 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مُسْلِمٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَنَّهُمْ أَرْسَلُوهُ إِلَى نَافِعٍ يَسْأَلُونَهُ " هَلْ حُسِبَتْ تَطْلِيقَةُ ابْنِ عُمَرَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ:«نَعَمْ»

14630 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ: حَدِيثُ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «أَمَرَ عُمَرَ،» أَنْ يَأْمُرَ ابْنَ عُمَرَ يُرَاجِعَ امْرَأَتَهُ «.» دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يُقَالُ لَهُ: رَاجِعْ إِلَّا مَا قَدْ وَقَعَ عَلَيْهِ طَلَاقُهُ، يَقُولُ اللَّهُ فِي الْمُطَلَّقَاتِ:{وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ} [البقرة: 228]، وَلَمْ يَقُلْ هَذَا فِي ذَوَاتِ الْأَرْوَاحِ، وَأَنَّ مَعْرُوفًا فِي اللِّسَانِ بِأَنَّهُ إِنَّمَا يُقَالُ لِلرَّجُلِ رَاجِعِ امْرَأَتَكَ إِذَا افْتَرَقَ هُوَ وَامْرَأَتَهُ

14631 -

قَالَ: وَفِي حَدِيثِ أَبِي الزُّبَيْرِ شَبِيهٌ بِهِ، وَنَافِعٌ أَثْبَتُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، مِنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، وَالْأَثْبَتُ مِنَ الْحَدِيثَيْنِ أَوْلَى أَنْ يُقَالَ بِهِ إِذَا خَالَفَهُ.

14632 -

قَالَ: وَقَدْ وَافَقَ نَافِعًا غَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الثَّبْتِ فِي الْحَدِيثِ فَقِيلَ لَهُ: أَحُسِبَتْ تَطْلِيقَةُ ابْنِ عُمَرَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَطْلِيقَةً؟ قَالَ: فَمَهْ وَإِنْ عَجَزَ - يَعْنِي أَنَّهَا حُسِبَتْ تَطْلِيقَةً -

ص: 28

14633 -

أَخْبَرَنَاهُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِئُ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ؟ قَالَ: فَعَرَفَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، قُلْتُ: نَعَمْ قَالَ: «فَإِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ » طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ فَأَتَى عُمَرُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَهُ فَأَمَرَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا، ثُمَّ يُطَلِّقُهَا فِي قُبُلِ عِدَّتِهَا "، قُلْتُ: فَبِعِدَّتِهَا؟ قَالَ: فَمَهْ أَرَأَيْتَ إِنْ عَجَزَ وَاسْتَحْمَقَ

⦗ص: 29⦘

. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ حَجَّاجِ بْنِ مِنْهَالٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، وَأَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ قَتَادَةَ وَغَيْرِهِ، عَنْ يُونُسَ بْنِ جُبَيْرٍ

ص: 28

14634 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْر أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ، أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ بْنُ شَرِيكٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ قَالَ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهِيَ حَائِضٌ قَالَ: «فَاعْتَدَّ ابْنُ عُمَرَ بِالتَّطْلِيقَةِ، وَلَمْ تَعْتَدَّ امْرَأَتُهُ بِالْحَيْضَةِ»

14635 -

وَاسْتَدَلَّ الشَّافِعِيُّ بِقَوْلِهِ عز وجل {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229]، لَمْ يُخَصِّصْ طَلَاقًا دُونَ طَلَاقٍ قَالَ:«وَلِمَ تَكُنِ الْمَعْصِيَةُ إِنْ كَانَ عَالِمًا يُطْرَحُ عِنْدَ التَّحْرِيمِ لِأَنَّ الْمَعْصِيَةَ لَا تَزِيدُ الزَّوْجَ خَيْرًا، إِنْ لَمْ تَزِدْهُ شَرًّا» .

14636 -

وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ وَحَمَلَ قَولَهُ فِي حَدِيثِ أَبِي الزُّبَيْرِ: لَمْ يَرَهُ شَيْئًا، عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْسَبُهُ شَيْئًا صَوَابًا غَيْرَ خَطَأٍ يُؤْمَرُ صَاحِبُهُ أَنْ لَا يُقِيمَ عَلَيْهِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِالْمُرَاجَعَةِ وَلَا يُؤْمَرُ بِهَا الَّذِي طَلَّقَهَا طَاهِرًا، كَمَا يُقَالُ لِلرَّجُلِ أَخْطَأَ فِي فِعْلِهِ وَأَخْطَأَ فِي جَوَابٍ أَجَابَ بِهِ لَمْ يَصْنَعْ شَيْئًا، يَعْنِي لَمْ يَصْنَعْ شَيْئًا صَوَابًا

ص: 29

‌الِاخْتِيَارُ فِي الطَّلَاقِ

ص: 30

14637 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: «أَخْتَارُ لِلزَّوْجِ أَنْ لَا يُطَلِّقَ إِلَّا وَاحِدَةً لِيَكُونَ لَهُ الرَّجْعَةُ فِي

⦗ص: 31⦘

الْمَدْخُولِ بِهَا، وَيَكُونَ خَاطِبًا فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا، وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يُطَلِّقَ اثْنَتَيْنِ وَلَا ثَلَاثًا؛ لِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَبَاحَ الطَّلَاقَ، وَمَا أَبَاحَ فَلَيْسَ بِمَحْظُورٍ عَلَى أَهْلِهِ، وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَّمَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ مَوْضِعَ الطَّلَاقِ، وَلَوْ كَانَ فِي عَدَدِ الطَّلَاقِ مُبَاحٌ وَمَحْظُورٌ عَلَّمَهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ إِيَّاهُ؛ لِأَنَّ مَنْ خَفِيَ عَلَيْهِ أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ طَاهِرًا كَانَ مَا يَكْرَهُ مِنْ عَدَدِ الطَّلَاقِ، وَيُحِبُّ لَوْ كَانَ فِيهِ مَكْرُوهٌ أَشْبَهَ أَنْ يَخْفَى عَلَيْهِ»

14638 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: «وَطَلَّقَ عُويْمِرٌ الْعَجْلَانِيُّ امْرَأَتَهُ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَهُ، وَقَبْلَ أَنْ يُخْبِرَهُ أَنَّهَا تُطَلَّقُ عَلَيْهِ بِاللِّعَّانِ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ شَيْئًا مَحْظُورًا عَلَيْهِ نَهَاهُ رَسُولُ اللَّهِ لِيُعَلِّمَهُ وَجَمَاعَةَ مَنْ حَضَرَهُ، وَحَكَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا اَلْبَتَّةَ، يَعْنِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ ثَلَاثًا، فَلَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ ذَلِكَ. وَطَلَّقَ رُكَانَةُ امْرَأَتَهُ الْبَتَّةَ وَهِيَ تَحْتَمِلُ وَاحِدَةً وَتَحْتَمِلُ ثَلَاثًا، فَسَأَلَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ نِيَّتِهِ وَأَحْلَفَهُ عَلَيْهَا وَلَمْ نَعْلَمْهُ نَهَى أَنْ يُطَلِّقَ اَلْبَتَّةَ يُرِيدُ بِهَا ثَلَاثًا. وَطَلَّقَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا» . وذَكَرَ أَسَانِيدَ هَذِهِ الْآثَارِ فِي كِتَابِ أَحْكَامِ الْقُرْآنِ، وَهِيَ تَرِدُ مُفَرَّقَةً فِي مَوَاضِعِهَا

ص: 30

14639 -

وَأَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ إِجَازَةً، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ، عَنِ الرَّبِيعِ، عَنِ الشَّافِعِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ، وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، «أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ الْبَتَّةَ وَهُوَ مَرِيضٌ، فَوَرَّثَهَا عُثْمَانُ مِنْهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا»

ص: 31

14640 -

قَالَ: وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوهَّابِ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، أَنَّ امْرَأَةَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، نَشَدَتْهُ الطَّلَاقَ، فَقَالَ:«إِذَا حِضْتِ ثُمَّ طَهُرْتِ فَآذِنِينِي، فَطَهُرَتْ وَهُوَ مَرِيضٌ فَآذَنَتْهُ، فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا»

14641 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَالْبَتَّةُ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ فِي بَيَانِ هَذَا الْحَدِيثِ ثَلَاثٌ، وَقَدْ بَيَّنَهُ ابْنُ سِيرِينَ فَقَطَعَ مَوْضِعَ الشَّكِّ فِيهِ

14642 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَقَدْ رُوِّينَا، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، أَنَّهُ قَالَ: سُئِلَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا فِي وَاحِدٍ قَالَ:«لَا أَعْلَمُ بِذَلِكَ بَأْسًا، قَدْ طَلَّقَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ثَلَاثًا فَلَمْ يُعَبْ ذَلِكَ عَلَيْهِ» وَهَذَا فِيمَا أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ فَذَكَرَهُ.

14643 -

وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ حَدِيثَ الْمُطَّلِبِ بْنِ حَنْطَبٍ، عَنْ عُمَرَ فِي طَلَاقِ الْبَتَّةِ

14644 -

وَذَكَرَ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَعَائِشَةَ فِيمَنْ:«طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا. وَفَتْوَاهُمْ بِتَحْرِيمِهَا» .

14645 -

ثُمَّ قَالَ: وَمَا عَابَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَلَا أَبُو هُرَيْرَةَ، وَلَا عَائِشَةُ عَلَيْهِ أَنْ يُطَلِّقَ ثَلَاثًا، وَلَمْ يَقُلْ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو: بِئْسَ مَا صَنَعْتَ حِينَ طَلَّقْتَ ثَلَاثًا

⦗ص: 33⦘

،

14646 -

وَذَكَرَ حَدِيثَ عُثْمَانَ فِي الْخُلْعِ: «هِيَ تَطْلِيقَةٌ إِلَّا أَنْ تَكُونَ سَمَّيْتَ شَيْئًا فَهُوَ مَا سَمَّيْتَ» . فَعُثْمَانُ يُخْبِرُ أَنَّهُ سَمَّى أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ كَانَ مَا سَمَّى، وَلَا يَقُولُ لَهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ تُسَمِّيَ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ

ص: 32

14647 -

قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: الْبَتَّةُ مَا يَقُولُ النَّاسُ فِيهَا؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَقُلْتُ لَهُ: كَانَ أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ يَجْعَلُهَا وَاحِدَةً، فَقَالَ عُمَرُ:«لَوْ كَانَ الطَّلَاقُ أَلْفًا مَا أَبْقَتِ الْبَتَّةُ مِنْهَا شَيْئًا، مَنْ قَالَ الْبَتَّةَ فَقَدْ رَمَى الْغَايَةَ الْقُصْوَى» .

14648 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: " وَلَا يُحْكَى عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى اخْتِلَافِهِمْ فِي الْبَتَّةِ أَنَّهُ عَابَ الْبَتَّةَ وَلَا عَابَ ثَلَاثًا، وَاحْتُجَّ بِاخْتِلَافِهِمْ أَيْضًا فِي الْمُخَيَّرَةِ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ مِمَّنْ قَالَ: أَنَّهُ ثَلَاثٌ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ

ص: 33

14649 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، أَخْبَرَهُ، أَنَّ رَجُلًا أَتَى ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ: طَلَّقْتُ امْرَأَتِي مِائَةً، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:«تَأْخُذُ ثَلَاثًا، وَتَدَعُ سَبْعًا وَتِسْعِينَ»

ص: 33

14650 -

قَالَ: وَأَخْبَرَنَا سَعِيدٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَنَّ عَطَاءً، وَمُجَاهِدًا قَالَا: إِنَّ رَجُلًا أَتَى ابْنَ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: طَلَّقْتُ امْرَأَتِي مِائَةً، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:«تَأْخُذُ ثَلَاثًا وَتَدَعُ سَبْعًا وَتِسْعِينَ»

⦗ص: 34⦘

.

14651 -

زَادَ مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ وَحْدِهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ:«وَسَبْعًا وَتِسْعِينَ عُدْوَانَا اتَّخَذْتَ بِهَا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا» .

14652 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَعَابَ عَلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ كُلَّ مَا زَادَ مِنْ عَدَدِ الطَّلَاقِ الَّذِي لَمْ يَجْعَلْهُ اللَّهُ إِلَيْهِ، وَلَمْ يَعِبْ عَلَيْهِ مَا جَعَلَ إِلَيْهِ مِنَ الثَّلَاثِ. وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله فِي الْقَدِيمِ احْتِجَاجَ مَنِ احْتَجَّ بِقَوْلِهِ عز وجل:{لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} [الطلاق: 1]، وَأَنَّ مَعْنَاهُ يُحْدِثُ لَهُ رَجْعَةً، فَإِذَا طَلَّقَ ثَلَاثًا لَمْ يَكُنْ لَهُ رَجْعَةً.

14653 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَمَا تَقُولُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا أَرَادَ زَوْجُهَا أَنْ يُطَلِّقَهَا اثْنَتَيْنِ وَهُوَ يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ؟ قَالَ لَيْسَ هَذَا السُّنَّةُ قَالَ: فَيَلْزَمُكَ أَنْ تَقُولَ سُنَّةً لِأَنَّهُ يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ. فَمَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ لَمْ يَبْقَ لَهُ إِلَّا وَاحِدَةٌ؟ وَفِي رَجُلٍ لَمْ يَدْخُلْ بِامْرَأَتِهِ لِيُرْجِعَ الطَّلَاقَ لِلسُّنَّةِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَكَيْفَ يُوقِعُ وَهُوَ لَا يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ؟ وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِي هَذَا

14654 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: «إِنَّ أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ابْنَ عُمَرَ أَنْ يُرَاجِعَ امْرَأَتَهُ ثُمَّ يُمْهِلَهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ، ثُمَّ تَطْهُرَ، ثُمَّ إِنْ شَاءَ طَلَّقَ، فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَصْلُحُ أَنْ يُطَلِّقَهَا اثْنَتَيْنِ فِي طُهْرٍ» ، قِيلَ لَهُ: ابْنُ عُمَرَ طَلَّقَ حَائِضًا لَا طَاهِرًا.

14655 -

وَنَحْنُ نَقُولُ: لَا يَصْلُحُ الطَّلَاقُ لِلسُّنَّةِ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا فِي الْحَيْضِ، وَلَيْسَ هَذَا بِالَّذِي قُلْتُمْ وَهَذَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ إِنَّمَا أَرَادَ بِذَلِكَ الِاسْتِبْرَاءَ، أَنْ يَكُونَ يَسْتَبْرِئُهَا بَعْدَ الْحَيْضَةِ الَّتِي طَلَّقَهَا فِيهَا بِطُهْرٍ تَامٍّ، ثُمَّ حَيْضٍ تَامٍّ لِيَكُونَ تَطْلِيقُهَا وَهِيَ تَعْلَمُ عِدَّتَهَا الْحَمْلَ هِيَ أَمِ الْحَيْضَ، وَلِتَكُونَ تَطْهُرُ بَعْدَ عِلْمِهِ بِحَمْلٍ وَهُوَ غَيْرُ جَاهِلٍ مَا صَنَعَ أَوْ يَرْغَبُ فَيُمْسِكَ لِلْحَمْلِ، وَلِيَكُونَ إِنْ كَانَتْ سَأَلَتِ الطَّلَاقَ غَيْرَ حَامِلٍ أَنْ تَكُفَّ عَنْهُ حَامِلًا

⦗ص: 35⦘

14656 -

ثُمَّ سَاقَ كَلَامَهُ إِلَى أَنْ قَالَ: مَعَ أَنَّ غَيْرَ نَافِعٍ، إِنَّمَا رَوَى عَنِ ابْنِ عُمَرَ:«حَتَّى تَطْهُرَ مِنَ الْحَيْضِ الَّتِي طَلَّقَهَا فِيهَا، ثُمَّ إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ» .

14657 -

رَوَاهُ يُونُسُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَأَنَسُ بْنُ سِيرِينَ، وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَغَيْرُهُمْ خِلَافَ رِوَايَةِ نَافِعٍ، وَلَوْ كَانَ لَا يَصْلُحُ فِي طُهْرٍ تَطْلِيقَتَانِ لَمْ يَكُنِ ابْنُ عُمَرَ طَلَّقَهَا فِي طُهْرٍ، إِنَّمَا طَلَّقَهَا فِي الْحَيْضِ، وَالْحَيْضُ غَيْرُ الطُّهْرِ.

14658 -

وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِي هَذَا، وَالرِوَايَةُ فِي ذَلِكَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ مُخْتَلِفَةٌ، فَأَمَّا عَنْ غَيْرِهِ فَهِيَ عَلَى مَا قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ

ص: 33

14659 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ قَالَ: قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، يُونُسُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَأَنَسُ بْنُ سِيرِينَ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، وَأَبُو الزُّبَيْرِ، وَمَنْصُورٌ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، مَعْنَاهُمْ كُلُّهُمْ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم» أَمَرَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ إِنَّ شَاءَ طَلَّقَ وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَ «.

14660 -

وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ،

14661 -

وَأَمَا رِوَايَةُ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ. وَرِوَايَةُ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم» أَمَرَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ ثُمَّ إِنْ شَاءَ طَلَّقَ أَوْ أَمْسَكَ "

⦗ص: 36⦘

.

14662 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَفِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَولَى آلِ طَلْحَةَ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَّ لِيُطَلِّقْهَا طَاهِرًا أَوْ حَامِلًا» .

14663 -

وَفِي ذَلِكَ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَا بِدْعَةَ فِي طَلَاقِهَا بِحَامِلٍ. وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَهِيَ عِنْدَهُ كَغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا

14664 -

وَأَمَا الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«السُّنَّةُ أَنْ تَسْتَقْبِلَ الطُّهْرَ فَتُطَلِّقَ لِكُلِّ قُرْءٍ» ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَرَأَيْتَ لَوْ أَنِّي طَلَّقْتُهَا ثَلَاثًا كَانَتْ تَحِلُّ لِي أَنْ أُرَاجِعَهَا؟ قَالَ: «كَانَتْ تَبِينُ مِنْكَ وَتَكُونُ مَعْصِيَةً» .

14665 -

فَإِنَّهُ أَتَى فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِزِيَادَاتٍ لَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهَا وَهُوَ ضَعِيفٌ فِي الْحَدِيثِ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ مَا يَنْفَرِدُ بِهِ، ثُمَّ إِنَّهُ يَرْجِعُ إِلَى طَلَاقِهِ فِي حَالِ الْحَيْضِ وَهُوَ لَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فِي حَالِ الْحَيْضِ كَانَتْ تَبِينُ مِنْهُ وَتَكُونُ مَعْصِيَةً

ص: 35

‌طَلَاقُ الثَّلَاثِ مَجْمُوعَةٌ

ص: 37

14666 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ، وَعَبْدُ الْمَجِيدِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ أَبَا الصَّهْبَاءِ قَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّمَا كَانَتِ " الثَّلَاثُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تُجْعَلُ وَاحِدَةً وَأَبِي بَكْرٍ وَثَلَاثٍ مِنْ إِمَارَةِ عُمَرَ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «نَعَمْ» .

14667 -

قَالَ أَحْمَدُ: هَذَا حَدِيثٌ أَخْرَجَهُ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَغَيْرِهِ، وَتَرَكَهُ الْبُخَارِيُّ فَلَمْ يُخَرِّجْهُ، وَأَظُنُّهُ لِمَا فِيهِ مِنَ الْخِلَافِ لِسَائِرِ الرِّوَايَاتِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ

ص: 37

14668 -

أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مُسْلِمٌ، وَعَبْدُ الْمَجِيدِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عِكْرِمَةُ بْنُ خَالِدٍ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، أَخْبَرَهُ، أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: طَلَّقْتُ امْرَأَتِي أَلْفًا، فَقَالَ:«تَأْخُذُ ثَلَاثًا وَتَدَعُ تِسْعَمِائَةٍ وَسَبْعًا وَتِسْعِينَ»

14669 -

وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ، وَعَبْدُ الْمَجِيدِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِابْنِ عَبَّاسٍ: طَلَّقْتُ امْرَأَتِي مِائَةً قَالَ: «تَأْخُذُ ثَلَاثًا وَتَدَعُ سَبْعًا وَتِسْعِينَ»

ص: 37

14670 -

قَالَ أَحْمَدُ: رُوِّينَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَعِكْرِمَةَ، وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَمَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ إِيَاسِ بْنِ الْبُكَيْرِ، وَمُعَاويَةَ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ الْأَنْصَارِيِّ، كُلِّهِمْ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، «أَنَّهُ» أَجَازَ الطَّلَاقَ الثَّلَاثَ، وَأَمْضَاهُنَّ "

14671 -

وَرُوِّينَاهُ عَنْ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَالْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهم.

14672 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: " فَإِنْ كَانَ مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الثَّلَاثَ كَانَتْ تُحْسَبُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَاحِدَةً يَعْنِي أَنَّهُ بِأَمْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَالَّذِي يُشْبِهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنْ يَكُونَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَدْ عَلِمَ إِنْ كَانَ شَيْئًا فَنَسَخَ

14673 -

فَإِنْ قِيلَ: فَمَا دَلَّ عَلَى مَا وَصَفْتَ؟ قِيلَ: لَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ ابْنُ عَبَّاسٍ، يَرْوِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا ثُمَّ يُخَالِفُهُ بِشَيْءٍ لَمْ يَعْلَمْهُ كَانَ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيهِ خِلَافُهُ

14674 -

فَإِنْ قِيلَ: فَلَعَلَّ هَذَا شَيْءٌ رُوِيَ، عَنْ عُمَرَ، فَقَالَ فِيهِ ابْنُ عَبَّاسٍ بِقَوْلِ عُمَرَ؟.

14675 -

قِيلَ: قَدْ عَلِمْنَا أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ يُخَالِفُ عُمَرَ فِي نِكَاحِ الْمُتْعَةِ، وَبَيْعِ الدِّينَارِ بِالدِّينَارَيْنِ، وَفِي بَيْعِ أُمَّهَاتِ الْأَولَادِ وَغَيْرِهِ، فَكَيْفَ يُوافِقُهُ فِي شَيْءٍ يُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيهِ خِلَافُهُ؟.

14676 -

فَإِنْ قِيلَ: فَلِمَ لَمْ يَذْكُرْهُ؟ قِيلَ: قَدْ يُسْأَلُ الرَّجُلُ عَنِ الشَّيْءِ فَيُجِيبُ فِيهِ وَلَا يَنْقَضِي الْجَوَابُ، فَيَأْتِي عَلَى الشَّيْءِ كُلِّهِ وَيَكُونُ جَائِزًا لَهُ كَمَا يَجُوزُ لَوْ قِيلَ: أَصَلَّى النَّاسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ؟ أَنْ يَقُولَ: نَعَمْ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ: ثُمَّ حُوِّلَتِ الْقِبْلَةُ؟

⦗ص: 39⦘

.

14677 -

فَإِنْ قِيلَ: وَقَدْ ذُكِرَ عَلَى عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ وَصَدْرًا مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ.

14678 -

قِيلَ: اللَّهُ أَعْلَمُ وَجَوَابُهُ حِينَ اسْتَفْتَى يُخَالِفُ ذَلِكَ كَمَا وَصَفْتُ.

14679 -

فَإِنْ قِيلَ: فَهَلْ مِنْ دَلِيلٍ تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ فِي تَرْكِ أَنْ يَحْسِبَ الثَّلَاثَ وَاحِدَةً فِي كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ أَوْ أَمَرٍ أَبْيَنَ مِمَّا ذَكَرْتَ؟ قِيلَ: نَعَمْ.

14680 -

فَذَكَرَ مَا أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو بَكْرٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ إِذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثُمَّ ارْتَجَعَهَا قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا كَانَ ذَلِكَ لَهُ وَإِنْ طَلَّقَهَا أَلْفَ مَرَّةٍ، فَعَمَدَ رَجُلٌ إِلَى امْرَأَةٍ لَهُ فَطَلَّقَهَا ثُمَّ أَمْهَلَهَا حَتَّى إِذَا شَارَفَتِ انْقِضَاءَ عِدَّتِهَا ارْتَجَعَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا وَقَالَ: وَاللَّهِ لَا آوِيكِ إِلَيَّ وَلَا تَحِلِّينَ أَبَدًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:{الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229]، فَاسْتَقْبَلَ النَّاسُ الطَّلَاقَ جَدِيدًا مِنْ يَومَئِذٍ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ طَلَّقَ أَوْ لَمْ يُطَلِّقْ.

14681 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَذَكَرَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالتَّفْسِيرِ هَذَا.

14682 -

قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ رَوَاهُ غَيْرُ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، وَالْمُرْسَلُ هُوَ الْمَحْفُوظُ، وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي مَعْنَاهُ

ص: 38

14683 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتٍ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:" {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228] إِلَى قَولِهِ: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} [البقرة: 228] الْآيَةَ «وَذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ إِذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِرَجْعَتِهَا، وَإِنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَنَسَخَ ذَلِكَ»، فَقَالَ: "{الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: 229] " الْآيَةَ

⦗ص: 40⦘

.

14684 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ: فَلَعَلَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَجَابَ عَلَى أَنَّ الثَّلَاثَ وَالْوَاحِدَةَ سَوَاءٌ، وَإِذَا جَعَلَ اللَّهُ عَدَدَ الطَّلَاقِ عَلَى الزَّوْجِ وَأَنْ يُطَلِّقَ مَتَى شَاءَ فَسَوَاءٌ الثَّلَاثُ وَالْوَاحِدَةُ وَأَكْثَرُ مِنَ الثَّلَاثِ فِي أَنْ يَقْضِيَ بِطَلَاقِهِ.

14685 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَقَدْ قِيلَ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى الْحَدِيثِ مُنْصَرِفًا إِلَى طَلَاقِ الْبَتَّةِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيثِ رُكَانَةَ أَنَّهُ جَعَلَ الْبَتَّةَ وَاحِدَةً، وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَرَاهَا وَاحِدَةً، ثُمَّ تَتَابَعَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ فَأَلْزَمَهُمُ الثَّلَاثَ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، مِنْهُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَذَلِكَ يَرِدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

14686 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَقَدْ رَوَى أَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ، عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قِصَّةِ أَبِي الصَّهْبَاءِ قَالَ: بَلَى كَانَ الرَّجُلُ إِذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا جَعَلُوهَا وَاحِدَةً عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ وَصَدْرًا مِنْ إِمَارَةِ عُمَرَ، فَلَمَّا رَأَى النَّاسَ قَدْ تَتَابَعُوا فِيهَا، قَالَ: أَجِيزُوهُنَّ عَلَيْهِمْ.

14687 -

فَهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ ثَلَاثًا تَتْرَى، وَذَلِكَ أَنْ يَقُولُ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ، أَنْتِ طَالِقٌ، أَنْتِ طَالِقٌ، فَقَدْ رُوِيَ عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا قَالَ: عُقْدَةٌ كَانَتْ بِيَدِهِ أَرْسَلَهَا جَمِيعًا، وَإِذَا كَانَتْ تَتْرَى فَلَيْسَ بِشَيْءٍ قَالَ سُفْيَانُ الثَّورِيُّ: تَتْرَى يَعْنِي أَنْتِ طَالِقٌ، أَنْتِ طَالِقٌ، فَإِنَّهَا تَبِينُ بِالْأُولَى، وَالثِّنْتَانِ لَيْسَتَا بِشَيْءٍ

ص: 39

14688 -

وَقَدْ رَوَى يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ الْقَاضِي، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، أَنَّهُ قَالَ: شَهِدْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ " جَمَعَ بَيْنَ رَجُلٍ وَامْرَأَتِهِ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا، أُتِيَ بِرَجُلٍ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ، أَنْتِ طَالِقٌ، أَنْتِ طَالِقٌ فَجَعَلَهَا وَاحِدَةً، وَأُتِيَ بِرَجُلٍ قَالَ: لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ، أَنْتِ طَالِقٌ، أَنْتِ طَالِقٌ، فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا "

⦗ص: 41⦘

.

14689 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَهَذَا إِنَّمَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ حَالِ الْمَرْأَةِ، بِأَنْ تَكُونَ الَّتِي جَعَلَهَا فِيهَا وَاحِدَةً غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا فَبَانَتْ بِالْأُولَى فَلَمْ يَلْحَقْهَا مَا بَعْدَهَا، وَالَّتِي جَعَلَهَا فِيهَا ثَلَاثًا مَدْخُولًا بِهَا فَلَحِقَهَا الثَّلَاثُ، وَقَدْ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ نِيَّةِ الرَّجُلِ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا بِأَنْ يَكُونَ فِي إِحْدَى الْحَالَيْنِ أَرَادَ تَبْيِينَ الْأُولَى، وَفِي الْأُخْرَى أَرَادَ إِحْدَاثَ طَلَاقٍ بَعْدَ الْأُولَى

14690 -

ثُمَّ اسْتَدَلَّ الشَّافِعِيُّ بِأَنَّ اللَّهَ جَعَلَ الطَّلَاقَ إِلَى الْأَزْوَاجِ، فَسَوَاءٌ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا مَجْمُوعَةً أَوْ مُفَرَّقَةً كَطَلَاقِ نِسْوَتِهِ وَعِتْقِ رَقِيقِهِ، وَالْإِيلَاءِ وَالظِّهَارِ عَنْ نِسْوَتِهِ ثُمَّ اسْتَدَلَّ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ رِفَاعَةَ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، فَبَتَّ طَلَاقَهَا، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«أَتُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إِلَى رِفَاعَةَ؟ لَا حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ» ، وَلَوْ كَانَتْ حَسَبَتْ طَلَاقَهَا بِوَاحِدَةٍ كَانَ لَهَا أَنْ تَرْجِعَ إِلَى رِفَاعَةَ بِلَا زَوْجٍ "

14691 -

قَالَ: وَعُويْمِرٌ الْعَجْلَانِيُّ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ يُخْبِرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ بِاللِّعَّانِ فَلَمْ أَعْلَمِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَاهُ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ، حَكَتْ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ زَوْجَهَا بَتَّ طَلَاقَهَا، يَعْنِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«لَيْسَتْ لَكِ عَلَيْهِ نَفَقَةٌ» وَلَمْ أَعْلَمِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَابَ طَلَاقَهُ ثَلَاثًا مَعًا، فَلَمَّا كَانَ حَدِيثُ عَائِشَةَ فِي رِفَاعَةَ مُوافِقًا ظَاهِرَ الْقُرْآنِ وَكَانَ ثَابِتًا كَانَ أَوْلَى الْحَدِيثَيْنِ أَنْ يُؤْخَذَ بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

ص: 40

14692 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَا: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَجُلًا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا فَتَزَوَّجَتْ زَوْجًا، فَطَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا، فَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَتَحِلُّ لِلْأَوَّلِ؟ قَالَ:«لَا حَتَّى يَذُوقَ عُسَيْلَتَهَا كَمَا ذَاقَ الْأَوَّلُ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُثَنًّى.

14693 -

قَالَ أَحْمَدُ: ثُمَّ لَيْسَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهَا كَانَتْ تُجْعَلُ وَاحِدَةً عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِأَمْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَيَكُونُ فِيهِ حُجَّةٌ، وَحَدِيثُ الْعَسِيفِ فِي حَدِّ الزَّانِي يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ كَانَ يَعْنِي دُونَهُ، فَإِذَا رُفِعَ إِلَيْهِ غَيَّرَ مِنْهُ مَا رَأَى تَغْيِيرَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

ص: 42

‌مَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ مِنَ الْكَلَامِ وَلَا يَقَعُ إِلَّا بِالنِّيَّةِ

ص: 43

14694 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ ثَابِتٍ الصَّيْدَلَانِيُّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ شَرِيكٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْجَمَاهِرِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ أَرْدَكَ، عَنْ عَطَاءِ

⦗ص: 44⦘

بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنِ ابْنِ مَاهَكَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" ثَلَاثٌ جَدُّهُنَّ جَدٌّ وَهَزْلُهُنَّ جَدٌّ: النِّكَاحُ، وَالطَّلَاقُ، وَالرَّجْعَةُ ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابِ السُّنَنِ، عَنِ الْقَعْنَبِيِّ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَتَابَعَهُ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَبِيبٍ.

14695 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى الطَّلَاقَ فِي كِتَابِهِ بِثَلَاثَةِ أَسْمَاءٍ: الطَّلَاقِ وَالْفِرَاقِ وَالسَّرَاحِ، فَمَنْ خَاطَبَ امْرَأَتَهُ فَأَفْرَدَ لَهَا اسْمًا مِنْ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ لَزِمَهُ الطَّلَاقُ وَلَمْ يَنْوِ فِي الْحُكْمِ.

14696 -

ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ: وَمَا تُكُلِّمَ بِهِ مِمَّا يُشْبِهُ الطَّلَاقَ سِوَى هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ فَلَيْسَ بِطَلَاقٍ حَتَّى يَقُولَ: كَانَ مَخْرَجُ كَلَامِي بِهِ عَلَى أَنِّي نَوَيْتُ بِهِ طَلَاقًا وَهُوَ مَا أَرَادَ مِنْ عَدَدِ الطَّلَاقِ

ص: 43

14697 -

حَدَّثَنَا الْإِمَامُ أَبُو الطَّيِّبِ سَهْلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ، إِمْلَاءً، وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، وَأَبُو بَكْرٍ الْقَاضِي، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، قِرَاءَةً عَلَيْهِمْ قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَمِّي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ شَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ نَافِعِ بْنِ عُجَيْرِ بْنِ عَبْدِ يَزِيدَ، أَنَّ رُكَانَةَ بْنَ عَبْدِ يَزِيدَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ سُهَيْمَةَ الْبَتَّةَ، ثُمَّ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي طَلَّقْتُ امْرَأَتِي سُهَيْمَةَ الْبَتَّةَ وَوَاللَّهِ مَا أَرَدْتُ إِلَّا وَاحِدَةً؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِرُكَانَةَ

⦗ص: 45⦘

: «وَاللَّهِ» مَا أَرَدْتَ إِلَّا وَاحِدَةً؟ "، فَقَالَ: رُكَانَةَ: وَاللَّهِ مَا أَرَدْتُ إِلَّا وَاحِدَةً، فَرَدَّهَا إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَطَلَّقَهَا الثَّانِيَةَ فِي زَمَانِ عُمَرَ، وَالثَّالِثَةَ فِي زَمَانِ عُثْمَانَ.

14698 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا ابْنُ السَّرْحِ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ خَالِدٍ الْكَلْبِيُّ يَعْنِي أَبَا ثَوْرٍ فِي آخَرَيْنِ قَالُوا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ.

14699 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ النَّسَائِيُّ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ، حَدَّثَهُمْ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ السَّائِبِ، عَنْ نَافِعِ بْنِ عُجَيْرٍ، عَنْ رُكَانَةَ بْنِ عَبْدِ يَزِيدَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِهَذَا الْحَدِيثِ.

14700 -

وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَدَنِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ السَّائِبِ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الزُّبَيْرُ بْنُ سَعِيدٍ الْهَاشِمِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ رُكَانَةَ بْنِ عَبْدِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، بِمَعْنَاهُ

ص: 44

14701 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ حَنْطَبٍ، أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ الْبَتَّةَ، ثُمَّ أَتَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ:«مَا حَمَلَكَ عَلَى ذَلِكَ؟» ، فَقَالَ: قَدْ قُلْتُهُ، فَتَلَا عُمَرُ:{وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا} [النساء: 66] قَالَ عُمَرُ: «مَا حَمَلَكَ عَلَى ذَلِكَ؟» قَالَ: قَدْ قُلْتُهُ، فَقَالَ عُمَرُ:«أَمْسِكْ عَلَيْكَ امْرَأَتَكَ فَإِنَّ الْوَاحِدَةَ تَبُتُّ»

⦗ص: 46⦘

.

14702 -

وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّ عُمَرَ قَالَ لِلتَّوْمَةِ مِثْلَ الَّذِي قَالَ لِلْمُطَّلِبِ

ص: 45

14703 -

وَأَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ إِجَازَةً، أَنَّ أَبَا الْعَبَّاسِ، حَدَّثَهُمْ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، عَنِ الثِّقَةِ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ اَلْبَتَّةَ، فَقَالَ عُمَرُ:«مَا أَرَدْتَ بِذَلِكَ؟» قَالَ: «أَتُرَانِي أُقِيمُ عَلَى حَرَامٍ وَالنِّسَاءُ كَثِيرٌ» ، فَأَحْلَفَهُ فَحَلَفَ.

14704 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: أُرَاهُ قَالَ: فَرَدَّهَا عَلَيْهِ.

14705 -

قَالَ فِي الْقَدِيمِ: وَذَكَرَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، فَذَكَرَهُ مُخْتَصَرًا.

14706 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَمَسْأَلَةُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ الْمُطَّلِبَ: مَا حَمَلَكَ عَلَى ذَلِكَ؟ يُرَدِّدُهَا، يَعْنِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ مَا أَرَدْتَ بِذَلِكَ، وَقَوْلُ الْمُطَّلِبِ: قَدْ قُلْتُهُ يَعْنِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ: قَدْ خَرَجَ مِنِّي بِلَا نِيَّةٍ.

14707 -

وَفِي حَدِيثِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ مَا بَيَّنَ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِ عُمَرَ: مَا وَصَفْتَ قَالَ فِي مَوْضِعٍ آخِرَ: فَلَمَّا أَخْبَرَهُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ زِيَادَةً عَلَى عَدَدِ الطَّلَاقِ أَلْزَمَهُ وَاحِدَةً وَهِيَ أَقَلُّ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ فِي قَولِهِ.

14708 -

قَالَ: {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ} [النساء: 66] لَوْ طَلَّقَ فَلَمْ يَذْكُرِ اَلْبَتَّةَ إِذْ كَانَتْ كَلِمَةً مُحْدَثَةً لَيْسَتْ فِي أَصْلِ الطَّلَاقِ تَحْتَمِلُ صِفَةَ الطَّلَاقِ وَزِيَادَةً فِي عَدَدِهِ وَمَعْنًى غَيْرَ ذَلِكَ، فَنَهَاهُ عَنِ الْمُشْكِلِ مِنَ الْقَوْلِ، وَلَمْ يَنْهَهُ عَنِ الطَّلَاقِ وَهُوَ لَا يُحَلِّفُهُ عَلَى مَا أَرَادَ، إِلَّا وَلَوْ أَرَادَ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ أَلْزَمَهُ ذَلِكَ

ص: 46

14709 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، مِنَ الْعِرَاقِ: أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: حَبْلُكِ عَلَى غَارِبِكِ، فَكَتَبَ عُمَرُ إِلَى عَامِلِهِ أَنْ مُرْهُ يُوافِينِي فِي الْمَوسِمِ، فَبَيْنَمَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ إِذْ لَقِيَهُ الرَّجُلُ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَقَالَ:«مَنْ أَنْتَ؟» قَالَ: أَنَا الَّذِي أَمَرْتَ أَنْ يُجْلَبَ عَلَيْكَ، فَقَالَ:«أُنْشِدُكَ بِرَبِّ هَذِهِ الْبَنِيَّةِ هَلْ أَرَدْتَ بِقَولِكَ حَبْلُكِ عَلَى غَارِبِكِ الطَّلَاقَ؟» ، فَقَالَ الرَّجُلُ: لَوِ اسْتَحْلَفْتَنِي فِي غَيْرِ هَذَا الْمَكَانِ مَا صَدَقْتُ، أَرَدْتُ الْفِرَاقَ، فَقَالَ عُمَرُ:«هُوَ مَا أَرَدْتَ» .

14710 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَبِهَذَا نَقُولُ، وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ كُلَّ كَلَامٍ أَشْبَهَ الطَّلَاقَ لَمْ يَحْكُمْ بِهِ طَلَاقًا حَتَّى يَسْأَلَ قَائِلَهُ، فَإِنْ كَانَ أَرَادَ طَلَاقًا فَهُوَ طَلَاقٌ، وَإِنْ لَمْ يُرِدْ لَمْ يَكُنْ طَلَاقًا، أَوْرَدَهُ فِيمَا أَلْزَمَ مَالِكًا فِي خِلَافِ بَعْضِ الصَّحَابَةِ

ص: 47

14711 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَنَّهُ قَالَ لِعَطَاءٍ: الْبَتَّةُ؟ فَقَالَ: «يَدِينُ، فَإِنْ كَانَ أَرَادَ ثَلَاثًا فَثَلَاثٌ وَإِنْ كَانَ أَرَادَ وَاحِدَةً فَوَاحِدَةٌ» .

14712 -

وَبِإِسْنَادِهِ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، أَنَّ شُرَيْحًا دَعَاهُ بَعْضُ أُمَرَائِهِمْ فَسَأَلَهُ عَنْ رَجُلٍ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ الْبَتَّةَ، فَاسْتَعْفَاهُ شُرَيْحٌ فَأَبَى أَنْ يَعْفِيَهُ، فَقَالَ: أَمَّا الطَّلَاقُ فَسُنَّةٌ وَأَمَّا الْبَتَّةُ فَبِدْعَةٌ، فَأَمَّا السُّنَّةُ فَالطَّلَاقُ فَأَمْضُوهُ، وَأَمَّا الْبِدْعَةُ فَالْبَتَّةُ فَقَلِّدُوهُ إِيَّاهَا وَدِينُوهُ فِيهَا

ص: 47

14713 -

وَبِإِسْنَادِهِ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَنَّهُ قَالَ لِعَطَاءٍ: الرَّجُلُ يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ: " أَنْتِ خَلِيَّةٌ، أَوْ خَلَوْتِ مِنِّي، وَقَوْلُهُ أَنْتِ بَرِيَّةٌ وَبَرِئْتِ مِنِّي، أَوْ يَقُولُ: أَنْتِ بَائِنَةٌ أَوْ قَدْ بِنْتِ مِنِّي؟ قَالَ: «سَوَاءٌ»

⦗ص: 48⦘

.

14714 -

قَالَ عَطَاءٌ: وَأَمَّا قَولُهُ: أَنْتِ طَالِقٌ فَسُنَّةٌ لَا يَدِينُ فِي ذَلِكَ هُوَ الطَّلَاقُ.

14715 -

قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قَالَ عَطَاءٌ: وَأَمَّا قَولُهُ أَنْتِ بَرِيَّةٌ أَوْ بَائِنَةٌ فَذَلِكَ مَا أَحْدَثُوا، سُئِلَ: فَإِنْ كَانَ أَرَادَ الطَّلَاقَ فَهُوَ الطَّلَاقُ وَإِلَّا فَلَا

ص: 47

14716 -

وَبِإِسْنَادِهِ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، أَنَّهُ قَالَ فِي قَولِهِ: أَنْتِ بَرِيَّةٌ، أَوْ أَنْتِ بَائِنَةٌ، أَوْ خَلِيَّةٌ، أَوْ بَرِئْتِ مِنِّي، أَوْ بِنْتِ مِنِّي قَالَ:«يَدِينُ»

ص: 48

14717 -

وَبِإِسْنَادِهِ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ:«إِنْ أَرَادَ الطَّلَاقَ فَهُوَ الطَّلَاقُ لِقَولِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ»

ص: 48

14718 -

وَبِإِسْنَادِهِ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّورِيِّ، عَنْ حَمَّادٍ قَالَ: سَأَلْتُ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الرَّجُلِ يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ؟ قَالَ: «إِنْ نَوَى طَلَاقًا فَهُوَ طَلَاقٌ، وَإِلَّا فَهِيَ يَمِينٌ» .

14719 -

قَالَ أَحْمَدُ: فِي الْجَامِعِ، عَنِ الثَّورِيِّ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: فِي الْخَلِيَّةِ وَالْبَرِيَّةِ وَالْبَتَّةِ وَالْبَائِنَةِ وَاحِدَةٌ وَهُوَ أَحَقُّ بِهَا ".

14720 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ: وَذَكَرَ ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابٍ رضي الله عنه رُفِعَ إِلَيْهِ رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: حَبْلُكِ عَلَى غَارِبِكِ، فَقَالَ لِعَلِيٍّ رضي الله عنه: انْظُرْ بَيْنَهُمَا، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: مَا أَرَدْتَ؟ فَجَحَدَ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ الطَّلَاقَ، فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَحْلِفَهُ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ، فَأَقَرَّ أَنَّهُ أَرَادَ الطَّلَاقَ فَأَمْضَاهُ عَلِيٌّ ثَلَاثًا

⦗ص: 49⦘

.

14721 -

قَالَ: وَذُكِرَ عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عَلِيٍّ، مِثْلُهُ.

14722 -

قَالَ أَحْمَدُ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا عَلَى مَا رُوِيَ مِنْ مَذْهَبِ عَلِيٍّ فِي الْبَتَّةِ أَنَّهَا ثَلَاثٌ، وَقَدْ رَوَى مَنْصُورٌ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ أَنَّ الرَّجُلَ قَالَ ذَلِكَ مِرَارًا، فَأَتَى عُمَرُ فَاسْتَحْلَفَهُ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ مَا الَّذِي أَرَدْتَ بِقَولِكَ؟ قَالَ: أَرَدْتُ الطَّلَاقَ، فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا، فَيُحْتَمَلَ أَنَّهُ كَانَ أَرَادَ بِكُلِّ مَرَّةٍ إِحْدَاثَ طَلَاقٍ. وَالْحَدِيثُ مُنْقَطِعٌ

ص: 48

14723 -

وَرُوِّينَا فِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، حِينَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ نُزُولِ قَبُولِ تَوبَتِهِ أَنْ يَعْتَزِلَ امْرَأَتَهُ قَالَ: فَقُلْتُ: أُطَلِّقُهَا أَمْ مَاذَا؟ فَقَالَ: «لَا بَلِ اعْتَزِلْهَا فَلَا تَقْرَبَنَّهَا» . فَقُلْتُ لِامْرَأَتِي: الْحَقِي بِأَهْلِكِ، فَكُونِي عِنْدَهُمْ حَتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ فِي هَذَا الْأَمْرِ ".

14724 -

وَفِي هَذَا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ إِذَا لَمْ يُرِدْ بِقَوْلِهِ لِامْرَأَتِهِ: الْحَقِي بِأَهْلِكِ طَلَاقًا لَمْ يَقَعْ بِهِ طَلَاقٌ وَسَائِرُ الْكِنَايَاتِ مَقِيسَةٌ عَلَيْهِ

ص: 49

‌مَنْ قَالَ فِي الْكِنَايَاتِ أَنَّهَا ثَلَاثٌ

ص: 50

14725 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِيمَا بَلَغَهُ، عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّ عَلِيًّا قَالَ:" فِي الْخَلِيَّةِ وَالْبَرِيَّةِ وَالْحَرَامِ: ثَلَاثٌ "

ص: 50

14726 -

وَفِيمَا بَلَغَهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ، وَغَيْرِهِمَا، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ رِيَاشِ بْنِ عَدِيٍّ الطَّائِيِّ قَالَ:«أَشْهَدُ أَنَّ عَلِيًّا، جَعَلَ الْبَتَّةَ ثَلَاثًا» .

14727 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَسْنَا وَلَا إِيَّاهُمْ نَقُولُ بِهَذَا، أَوْرَدَهُ فِيمَا أَلْزَمَ الْعِرَاقِيِّينَ فِي خِلَافِ عَلِيٍّ

ص: 50

14728 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ:" فِي الْخَلِيَّةِ وَالْبَرِيَّةِ: ثَلَاثًا ثَلَاثًا ".

14729 -

أَوْرَدَهُ فِيمَا أَلْزَمَ مَالِكًا فِي خِلَافِ ابْنِ عُمَرَ، فَإِنَّهُ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا، وَمَالِكٌ يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا فَيُدِينُهُ فِي الَّتِي لَمْ يُدْخَلْ بِهَا

ص: 50

‌التَّمْلِيكُ وَالتَّخْيِيرُ

ص: 51

14730 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ كَانَ جَالِسًا عِنْدَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، فَأَتَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَتِيقٍ وَعَيْنَاهُ تَدْمَعَانِ، فَقَالَ لَهُ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ:«مَا شَأْنُكَ؟» قَالَ: مَلَّكْتُ امْرَأَتِي أَمْرَهَا فَفَارَقَتْنِي، فَقَالَ لَهُ زَيْدٌ:«مَا حَمَلَكَ عَلَى ذَلِكَ؟» ، فَقَالَ لَهُ: الْقَدَرُ، فَقَالَ لَهُ زَيْدٌ:«ارْتَجِعْهَا إِنْ شِئْتَ، فَإِنَّمَا هِيَ وَاحِدَةٌ وَأَنْتَ أَمْلَكُ بِهَا»

ص: 51

14731 -

وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، كَانَ يَقُولُ:" إِذَا مَلَّكَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فَالْقَضَاءُ مَا قَضَتْ إِلَّا أَنْ يُنَاكِرَهَا الرَّجُلُ فَيَقُولُ: لَمْ أُرِدْ إِلَّا تَطْلِيقَةً وَاحِدَةً فَيَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ وَيَكُونُ أَمْلَكُ بِهَا مَا كَانَتْ فِي عِدَّتِهَا "

ص: 51

14732 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّ رَجُلًا مِنْ ثَقِيفٍ مَلَّكَ امْرَأَتَهُ أَمْرَهَا، فَقَالَتْ: أَنْتَ الطَّلَاقُ، فَسَكَتَ، ثُمَّ قَالَتْ: أَنْتَ الطَّلَاقُ، فَقَالَ:«بِفِيكِ الْحَجَرُ» ، ثُمَّ قَالَتْ: أَنْتَ الطَّلَاقُ، فَقَالَ «بِفِيكِ الْحَجَرُ»

⦗ص: 52⦘

، فَاخْتَصَمَا إِلَى مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ، فَاسْتَحْلَفَهُ مَا مَلَّكَهَا إِلَّا وَاحِدَةً فَرَدَّهَا إِلَيْهِ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: كَانَ الْقَاسِمُ يُعْجِبُهُ هَذَا الْقَضَاءُ وَيَرَاهُ أَحْسَنُ مَا سَمِعَ فِي ذَلِكَ.

14733 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَالشَّافِعِيُّ إِنَّمَا يَقُولُ فِي هَذَا بِقَوْلِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَلَا يَشْتَرِطُ الْمُنَاكَرَةَ.

14734 -

وَبِإِسْنَادِهِ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّ رَجُلًا كَانَ عِنْدَهُ وَلِيدَةُ قَومٍ، فَقَالَ لِأَهْلِهَا: شَأْنُكُمْ بِهَا. فَرَأَى النَّاسُ أَنَّهَا تَطْلِيقَةٌ وَاحِدَةٌ.

14735 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَهَذَا إِنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ تَطْلِيقَةً إِذَا نَوَاهَا

ص: 51

14736 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِيمَا بَلَغَهُ، عَنْ أَبِي مُعَاويَةَ، وَيَعْلَى، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: لِزَوْجِهَا: لَوْ أَنَّ الْأَمْرَ الَّذِي بِيَدِكَ بِيَدِي لَطَلَّقْتُكَ، فَقَالَ: قَدْ جَعَلْتُ الْأَمْرَ إِلَيْكِ، فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا ثَلَاثًا. فَسَأَلَ عُمَرُ عَبْدَ اللَّهِ عَنْ ذَلِكَ؟ فَقَالَ:«هِيَ وَاحِدَةٌ وَهُوَ أَحَقُّ بِهَا» ، فَقَالَ: عُمَرُ: «وَأَنَا أَرَى ذَلِكَ» .

14737 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَبِهَذَا نَقُولُ إِذَا جُعِلَ الْأَمْرُ إِلَيْهَا، ثُمَّ قَالَ: لَمْ أُرِدْ إِلَّا وَاحِدَةً فَالْقَوْلُ قَولُهُ وَهِيَ تَطْلِيقَةٌ يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ، وَهُمْ يُخَالِفُونَ هَذَا فَيَجْعَلُونَهَا وَاحِدَةً بَائِنَةً

ص: 52

14738 -

وَبِإِسْنَادِهِ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِيمَا بَلَغَهُ، عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، وَمُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ فِي الْخِيَارِ:«إِنِ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَوَاحِدَةٌ وَهُوَ أَحَقُّ بِهَا» .

14739 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهَكَذَا نَقُولُ وَهُمْ يُخَالِفُونَهُ، وَيَرَونَ الطَّلَاقَ فِيهِ بَائِنًا، وَبِإِسْنَادِهِ قَالَ فِيمَا بَلَغَهُ، عَنْ حَفْصٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ فِي: أَمْرُكِ بِيَدِكِ وَاخْتَارِي، سَوَاءٌ.

14740 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَبِهَذَا نَقُولُ وَهُمْ يُخَالِفُونَهُ فَيُفَرِّقُونَ بَيْنَهُمَا

ص: 53

14741 -

وَبِإِسْنَادِهِ قَالَ: فِيمَا بَلَغَهُ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ وَثَّابِ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:" إِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ: اسْتَلْحِقِي بِأَهْلِكِ، أَوْ وَهَبَهَا لِأَهْلِهَا فَقَبِلُوهَا فَهِيَ تَطْلِيقَةٌ وَهُوَ أَحَقُّ بِهَا ".

14742 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَبِهَذَا نَقُولُ إِذَا أَرَادَ الطَّلَاقَ وَهُمْ يُخَالِفُونَهُ وَيَزْعُمُونَ أَنَّهَا تَطْلِيقَةٌ بَائِنَةٌ

ص: 53

14743 -

وَبِإِسْنَادِهِ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِيمَا بَلَغَهُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ طَلْحَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:«لَا يَكُونُ طَلَاقٌ بَائِنٌ إِلَّا خُلْعٌ أَوْ إِيلَاءٌ» .

14744 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهُمْ يُخَالِفُونَهُ فِي عَامَّةِ الطَّلَاقِ فَيَجْعَلُونَهُ بَائِنًا، وَأَمَّا نَحْنُ فَنَجْعَلُ الطَّلَاقَ كُلَّهُ يَمْلِكُ فِيهِ الرَّجْعَةَ إِلَّا طَلَاقُ الْخُلْعِ.

14745 -

قَالَ: وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَعَنْ عُمَرَ فِي الْبَتَّةِ أَنَّهَا وَاحِدَةٌ يَمْلِكُ فِيهَا الرَّجْعَةَ

ص: 53

14746 -

وَبِإِسْنَادِهِ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ، عَنِ ابْنِ عُلَيَّةَ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، عَنْ عِيسَى بْنِ عَاصِمٍ الْأَسَدِيِّ، عَنْ زَاذَانَ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ:" فِي الْخِيَارِ: إِنِ اخْتَارَتْ زَوْجَهَا فَوَاحِدَةٌ وَهُوَ أَحَقُّ بِهَا ".

14747 -

قَالَ أَحْمَدُ: زَادَ فِيهِ غَيْرُهُ: وَإِنِ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَوَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ

ص: 54

14748 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَسْنَا وَلَا إِيَّاهُمْ نَقُولُ بِهَذَا الْقَوْلِ، أَمَّا نَحْنُ فَنَقُولُ: إِنِ اخْتَارَتْ زَوْجَهَا فَلَا شَيْءَ، وَيُرْوَى عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهَا قَالَتْ:«خَيَّرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاخْتَرْنَاهُ، فَلَمْ يَعُدَّ ذَلِكَ طَلَاقًا» . أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا السَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَاصِمٍ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ فَذَكَرَهُ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ. وَأَخْرَجَاهُ مِنْ أَوْجُهٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ.

14749 -

وَفِي جَامِعِ الثَّورِيِّ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّ عُمَرَ، وَابْنَ مَسْعُودٍ كَانَا يَقُولَانِ:«إِذَا خَيَّرَهَا فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا، فَهِيَ وَاحِدَةٌ، وَهُوَ أَحَقُّ بِهَا. وَإِنِ اخْتَارَتْ زَوْجَهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ» .

14750 -

وَعَنْ لَيْثٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي التَّخْيِيرِ مِثْلَ قَوْلِ عُمَرَ، وَابْنِ مَسْعُودٍ. وَكَذَلِكَ هُوَ فِي حِكَايَةِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ. وَكَذَلِكَ هُوَ فِي رِوَايَةِ عِيسَى بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ زَاذَانَ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنْ عُمَرَ

ص: 54

14751 -

قَالَ عَلِيٌّ: وَأَرْسَلَ، يَعْنِي عُمَرَ، إِلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فَخَالَفَنِي وَإِيَّاهُ، فَقَالَ زَيْدٌ:«إِنَّهَا إِنِ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَثَلَاثٌ وَإِنِ اخْتَارَتْ زَوْجَهَا فَوَاحِدَةٌ وَهُوَ أَحَقُّ بِهَا»

ص: 55

14752 -

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ عَلِيٍّ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ:«إِنِ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَهِيَ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ، وَإِنِ اخْتَارَتْ زَوْجَهَا فَلَا شَيْءَ»

ص: 55

14753 -

وَرُوِيَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ التَّخْيِيرِ، فَقَالَ: مِثْلَ مَا رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ، وَابْنِ مَسْعُودٍ. فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ نَاسًا يَرْوُونَ عَنْ عَلِيٍّ، أَنَّهُ قَالَ:«إِنِ اخْتَارَتْ زَوْجَهَا فَتَطْلِيقَةٌ وَزَوْجُهَا أَحَقُّ بِرَجْعَتِهَا، وَإِنِ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَتَطْلِيقَةٌ بَائِنَةٌ وَهِيَ أَمْلَكُ بِنَفْسِهَا» قَالَ: «هَذَا وَجَدُوهُ فِي الصُّحُفِ» .

14754 -

فَهَذِهِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ عَنْ عَلِيٍّ، مُخْتَلِفَةٍ.

14755 -

وَأَمَّا زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فَقَدْ رُوِّينَا عَنْهُ فِي الرَّجُلِ يُمَلِّكُ الْمَرْأَةَ فَتَخْتَارُ نَفْسَهَا قَالَ: هِيَ وَاحِدَةٌ وَهُوَ أَحَقُّ بِهَا

ص: 55

14756 -

وَرُوِّينَا عَنِ الثَّورِيِّ فِي الْجَامِعِ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْودِ، وَعَلْقَمَةَ، فِي الرَّجُلِ الَّذِي قَالَ لِامْرَأَتِهِ: الَّذِي بِيَدِي مِنْ أَمْرِكِ بِيَدِكِ، قَالَتْ: فَإِنِّي قَدْ طَلَّقْتُكَ ثَلَاثًا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: «أُرَاهَا وَاحِدَةً وَأَنْتَ أَحَقُّ بِهَا» ، وَسُئِلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ: وَأَنَا أَرَى ذَلِكَ. قَالَ مَنْصُورٌ: قُلْتُ لِإِبْرَاهِيمَ: بَلَغَنِي أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: خَطَّأَ اللَّهُ نَوْءَهَا لَوْ قَالَتْ: قَدْ طَلَّقْتُ نَفْسِي، فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: هُمَا سَوَاءٌ، يَعْنِي قَولَهَا طَلَّقْتُكَ وَطَلَّقْتُ نَفْسِي سَوَاءٌ.

14757 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِذَا مَلَّكَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ أَوْ خَيَّرَهَا فَهُمَا سَوَاءٌ، وَلَا أَعْرِفُ فِي الْوقْتِ

⦗ص: 56⦘

الَّذِي يَنْقَطِعُ مَا جُعِلَ إِلَيْهَا أَثَرًا يُتَّبَعُ، وَلَا يَحْضُرُنِي فِيهِ شَيْءٌ يُشْبِهُ الْقِيَاسَ الصَّحِيحَ. وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قِيَاسًا عَلَى الْبُيُوعِ فَيُقَالُ: إِلَيْهَا أَمْرُهَا، مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا مِنْ مَجْلِسِهِمَا أَوْ يَرْجِعْ فِيمَا جَعَلَ إِلَيْهَا قَبْلَ أَنْ يُحْدِثَ شَيْئًا.

14758 -

قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَرُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ يَعْنِي أَنَّ الْأَمْرَ، إِلَيْهَا مَا دَامَتْ فِي مَجْلِسِهَا قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا، عَنْ عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَجَابِرٍ، وَالنَّخَعِيِّ، وَعَطَاءٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَالشَّعْبِيِّ، وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ، وَهُوَ أَنَّ أَمْرَهَا بِيَدِهَا وَإِنْ قَامَتْ مِنْ ذَلِكَ الْمَجْلِسِ، هَذَا قَوْلُ الْحَكَمِ، وَأَبِي ثَوْرٍ قَالَ: وَهَذَا أَصَحُّ الْقَولَيْنِ.

14759 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَهَذَا لِمَا رُوِّينَا فِي، تَخْيِيرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَائِشَةَ، فَقَالَ:" يَا عَائِشَةُ: إِنِّي ذَاكِرٌ لَكَ أَمْرًا فَلَا عَلَيْكِ أَلَّا تَعْجَلِي حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَويْكِ ".

14760 -

وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: «فَأُحِبُّ أَنْ لَا تَعْجَلِي فِيهِ حَتَّى تَسْتَشِيرِي أَبَويْكِ»

ص: 55

14761 -

وَهَذَا الْحَدِيثُ ثَابِتٌ. وَفِي أَسَانِيدِ مَا رُوِيَ فِيهِ عَنِ الصَّحَابَةِ مَقَالٌ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الرِوَايَةَ عَنْهُمْ كَمَا أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ إِجَازَةً، أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنِ الْمُثَنَّى، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، وَعُثْمَانَ

⦗ص: 57⦘

بْنَ عَفَّانَ قَالَا: «أَيُّمَا رَجُلٍ مَلَّكَ امْرَأَتَهُ أَمَرَهَا فَافْتَرَقَا فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ شَيْئًا فَأَمْرُهَا إِلَى زَوْجِهَا»

ص: 56

14762 -

قَالَ: وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاويَةَ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: «إِذَا جَعَلَ الرَّجُلُ أَمَرَ امْرَأَتِهِ بِيَدِ رَجُلٍ فَقَامَ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ، فَلَا أَمْرَ لَهُ»

ص: 57

14763 -

قَالَ: وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ:«إِذَا خَيَّرَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فَلَمْ تَخْتَرْ فِي مَجْلِسِهِ ذَلِكَ فَلَا خِيَارَ لَهَا» .

14764 -

وَهَذِهِ أَسَانِيدُ غَيْرُ قَويَّةٍ، وَأَمْثَلُهَا حَدِيثُ جَابِرٍ.

14765 -

وَأَمَّا حَدِيثُ عُمَرَ وَعُثْمَانَ فَإِنَّ رَاوِيهِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنِ الْمُثَنَّى بْنِ الصَّبَّاحِ، وَالْمُثَنَّى ضَعِيفٌ، وَإِسْمَاعِيلُ غَيْرُ مُحْتَجٍّ بِهِ.

14766 -

وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ فَهُوَ مُنْقَطِعٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُجَاهِدٍ، وَرَاوِيهِ حَجَّاجُ بْنُ أَرْطَأَةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

14767 -

وَمَنْ قَالَ بِالْأَوَّلِ زَعَمَ أَنَّهُ إِنَّمَا لَمْ يَتَعَلَّقْ تَخْيِيرَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِالْمَجْلِسِ لِأَنَّهُ لَمْ يُخَيِّرَهَا فِي إِيقَاعِ الطَّلَاقِ بِنَفْسِهَا، وَإِنَّمَا خَيَّرَهَا عَلَى أَنَّهَا إِذَا اخْتَارَتْ نَفْسَهَا أَحْدَثَ لَهَا طَلَاقًا لِقَولِهِ:{فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} [الأحزاب: 28].

14768 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: وَأَمَّا مِلْكُ أَمْرِهَا غَيْرُهَا فَهَذِهِ وَكَالَةٌ مَتَى أَوْقَعَ عَلَيْهَا الطَّلَاقَ وَقَعَ وَمَتَى شَاءَ الزَّوْجُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ رَجَعَ

ص: 57

‌إِذَا طَلَّقَ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَهُ

14769 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: «لَمْ يَكُنْ طَلَاقًا، وَهُوَ مِنْ حَدِيثِ النُّفُوسِ الْمَوضُوعِ عَنْ بَنِي آدَمَ»

ص: 58

14770 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله فِي كِتَابِ حَرْمَلَةَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي مَا وَسْوَسَتْ بِهِ صُدُورُهَا مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَكَلَّمْ»

ص: 58

14771 -

أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبٍ، حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ:«مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَعْمَلْ بِهِ أَوْ تَكَلَّمْ بِهِ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، عَنِ الْحُمَيْدِيِّ

ص: 58

‌الْحَرَامُ

ص: 59

14772 -

أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ إِجَازَةً، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ، عَنِ الرَّبِيعِ، عَنِ الشَّافِعِيِّ فِيمَا حَكَى عَنِ الْعِرَاقِيِّينَ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ أَشْعَثَ بْنِ سَوَّارٍ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّهُ قَالَ فِي الْحَرَامِ:«إِنْ نَوَى يَمِينًا فَيَمِينٌ، وَإِنْ نَوَى طَلَاقًا فَطَلَاقٌ، وَهُوَ مَا نَوَى مِنْ ذَلِكَ» .

14773 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَرَوَاهُ أَيْضًا الثَّورِيُّ، عَنْ أَشْعَثَ، وَقَالَ: نِيَّتُهُ فِي الْحَرَامِ مَا نَوَى إِنْ لَمْ يَكُنْ نَوَى طَلَاقًا فَهِيَ يَمِينٌ. وَكَذَلِكَ هُوَ فِي رِوَايَةِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَكِلَاهُمَا مُنْقَطِعٌ.

14774 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: إِذَا قَالَ: لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ فَإِنْ نَوَى طَلَاقًا فَهُوَ طَلَاقٌ وَهُوَ مَا أَرَادَ مِنْ عَدَدِهِ، وَإِنْ لَمْ يُرِدْ طَلَاقًا فَلَيْسَ بِطَلَاقٍ، وَيُكَفِّرُ كَفَّارَةَ يَمِينٍ قِيَاسًا عَلَى الَّذِي يُحَرِّمُ أَمَتَهُ فَيَكُونُ عَلَيْهِ فِيهَا الْكَفَّارَةُ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَرَّمَ

⦗ص: 60⦘

أَمَتَهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} [التحريم: 1]، وَجَعَلَهَا اللَّهُ يَمِينًا، فَقَالَ:{قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: 2].

14775 -

وَقَالَ فِي كِتَابِ الرَّجْعَةِ: وَإِنْ أَرَادَ طَلَاقًا وَلَمْ يُرِدْ عَدَدًا فَهُوَ وَاحِدَةٌ يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ، وَإِنْ قَالَ: أَرَدْتُ تَحْرِيمَهَا لِلْإِطْلَاقِ لَمْ يَكُنْ حَرَامًا وَكَانَتْ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حَرَّمَ جَارِيَتَهُ فَأُمِرَ بِكَفَّارَةِ يَمِينٍ، ثُمَّ بَسَطَ الْكَلَامَ فِي التَّشْبِيهِ.

14776 -

قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ رُوِّينَا فِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ فِي الْحَرَامِ: يَمِينٌ يُكَفِّرُهَا.

14777 -

وَقَالَ: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21]، يَعْنِي أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ حَرَّمَ جَارِيَتَهُ فَقَالَ تَعَالَى:{لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} [التحريم: 1] إِلَى قَولِهِ: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: 2]، فَكَفَّرَ عَنْ يَمِينِهِ وَصَيَّرَ الْحَرَامَ يَمِينًا. أَخْبَرَنِيهُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ الدَّوْرَقِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ قَالَ: كَتَبَ إِلَيَّ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ يَعْلَى بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: فَذَكَرَهُ.

14778 -

رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ دُونَ قَولِهِ، يَعْنِي وَلَا أَدْرِي مَنْ يَقُولُ ذَلِكَ، وَفِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ: أَمَرَ اللَّهُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَالْمُؤْمِنِينَ إِذَا حَرَّمُوا شَيْئًا مِمَّا أَحَلَّ اللَّهُ أَنْ يُكَفِّرُوا

⦗ص: 61⦘

عَنْ أَيْمَانِهُمْ بِإِطْعَامِ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ أَوْ كِسْوتِهِمْ أَوْ تَحْرِيرِ رَقَبَةٍ، وَلَيْسَ يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ طَلَاقٌ

ص: 59

14779 -

وَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ، وَعَائِشَةَ، أَنَّهُمَا قَالَا:«فِي الْحَرَامِ يَمِينٌ يُكَفِّرُهَا» ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَذَهَبَ مَسْرُوقُ بْنُ الْأَجْدَعِ إِلَى أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم آلَى وَحَرَّمَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} [التحريم: 1] فَجَعَلَ الْحَرَامَ حَلَالًا وَجَعَلَ فِي الْيَمِينِ كَفَّارَةً.

14780 -

وَرُوِيَ ذَلِكَ، عَنْ عَائِشَةَ، وَالْمُرْسَلُ أَصَحُّ. وإِلَى مِثْلِ ذَلِكَ ذَهَبَ قَتَادَةُ وَهُوَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِحَفْصَةَ:«اسْكُتِي فَوَاللَّهِ لَا أَقْرَبُهَا» ، يُرِيدُ فَتَاتَهُ، «وَهِيَ عَلَيَّ حَرَامٌ»

14781 -

وَكَذَا قَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، وَهُوَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حَرَّمَ أُمَّ إِبْرَاهِيمَ، فَقَالَ:«أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ، وَاللَّهِ لَا أَمَسُّكِ» فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِي ذَلِكَ مَا أَنْزَلَ

ص: 61

14782 -

وَفِي سَبَبِ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ قَوْلٌ آخَرُ وَهُوَ مَا أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، أَنَّهُ سَمِعَ عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، تُخْبِرُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَمْكُثُ عِنْدَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ وَيَشْرَبُ عِنْدَهَا عَسَلًا قَالَتْ: فَتَوَاصَيْتُ أَنَا وَحَفْصَةُ أَنَّ أَيَّتَنَا مَا دَخَلَ عَلَيْهَا قَالَتْ: إِنِّي أَجِدُ مِنْكَ رِيحَ مَغَافِيرَ؟ وَقَالَ غَيْرُهُ: أَكَلْتَ مَعَافِيرَ، فَدَخَلَ عَلَى إِحْدَاهُمَا، فَقَالَتْ لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ: «لَا بَلْ شَرِبْتُ عَسَلًا عِنْدَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ وَلَنْ

⦗ص: 62⦘

أَعُودَ لَهُ»، فَنَزَلَتْ: " {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} [التحريم: 1] إِلَى {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ} [التحريم: 4] لِعَائِشَةَ وَحَفْصَةَ {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا} [التحريم: 3]، لِقَولِهِ بَلْ شَرِبْتُ عَسَلًا.

14783 -

أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، مِنْ حَدِيثِ حَجَّاجِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ. قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: وَقَالَ لِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، عَنْ هِشَامٍ، «وَلَنْ أَعُودَ لَهُ وَقَدْ حَلَفْتُ فَلَا تُخْبِرِي بِذَلِكَ أَحَدًا» .

14784 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَكَذَلِكَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ:«وَاللَّهِ لَا أَشْرَبُهُ» .

14785 -

فَأُخْبِرَ أَنَّهُ حَلَفَ عَلَيْهِ فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ، وَجُوبَ الْكَفَّارَةِ تَعَلَّقَ بِالْيَمِينِ لَا بِالتَّحْرِيمِ.

14786 -

وَقَدْ رَوَاهُ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، يُخَالِفُهُ فِي بَعْضِ الْأَلْفَاظِ وَلَمْ يَذْكُرْ نُزُولَ الْآيَةِ فِيهِ، وَنُزُولُهَا فِي تَحْرِيمِ مَارِيَةَ أَشْهَرُ عِنْدَ أَهْلِ التَّفْسِيرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

⦗ص: 63⦘

.

14787 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: عَنِ ابْنِ عُلَيَّةَ، عَنْ دَاوُدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ فِي الْحَرَامِ ثَلَاثٌ، أَوْرَدَهُ فِيمَا أَلْزَمَ الْعِرَاقِيِّينَ فِي خِلَافِ عَلِيٍّ

ص: 61

‌طَلَاقُ الَّتِي لَمْ يُدْخَلْ بِهَا

ص: 64

14788 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَقَالَ اللَّهُ عز وجل: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229]، وَقَالَ:{فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230]، فَالْقُرْآنُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْ طَلَّقَ زَوْجَةً لَهُ دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا ثَلَاثًا لَمْ تَحِلَّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ، وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا، فَقَدْ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ "

ص: 64

14789 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوبَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِيَاسِ بْنِ الْبُكَيْرِ قَالَ: طَلَّقَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ

⦗ص: 65⦘

ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا، ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَنْكِحَهَا، فَجَاءَ يَسْتَفْتِي، فَذَهَبْتُ مَعَهُ أَسْأَلُ لَهُ، فَسَأَلَ أَبَا هُرَيْرَةَ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ، عَنْ ذَلِكَ فَقَالَا:«لَا نَرَى أَنْ تَنْكِحَهَا حَتَّى تُنْكَحَ» وَفِي رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ: حَتَّى تَتَزَوَّجَ زَوْجًا غَيْرَكَ قَالَ: إِنَّمَا كَانَ طَلَاقِي إِيَّاهَا وَاحِدَةً، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّكَ أَرْسَلْتَ مِنْ يَدِكَ مَا كَانَ لَكَ مِنْ فَضْلٍ

ص: 64

14790 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ فَسَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا؟ قَالَ عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ: إِنَّمَا طَلَاقُ الْبِكْرِ وَاحِدَةٌ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو:«إِنَّمَا أَنْتَ قَاصٌّ، الْوَاحِدَةِ تُبِينُهَا، وَالثَّلَاثُ تُحَرِّمُهَا حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ» .

14791 -

قُلْتُ: كَذَا رَوَاهُ مَالِكٌ، وَخَالَفَهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَعَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ. فَرَوَوْهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ دُونَ ذَكَرِ النُّعْمَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ فِي إِسْنَادِهِ

ص: 65

14792 -

قَالَ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ: إِدْخَالُ مَالِكٍ النُّعْمَانَ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ وَهْمٌ مِنْ مَالِكٍ قَالَ: وَالنُّعْمَانُ أَقْدَمُ سِنًّا مِنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ. أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ بُكَيْرٍ أَخْبَرَهُ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَيَّاشٍ وَهُوَ مُعَاويَةُ بْنُ أَبِي عَيَّاشٍ، أَنَّهُ كَانَ جَالِسًا مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَعَاصِمِ بْنِ

⦗ص: 66⦘

عُمَرَ، فَجَاءَهُمَا مُحَمَّدُ بْنُ إِيَاسِ بْنِ الْبُكَيْرِ فَقَالَ: إِنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا فَمَاذَا تَرَيَانِ؟ فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ مَالَنَا فِيهِ قَوْلٌ، اذْهَبْ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ فَإِنِّي تَرَكْتُهُمَا عِنْدَ عَائِشَةَ فَاسْأَلْهُمَا ثُمَّ ائْتِنَا فَأَخْبِرْنَا فَذَهَبَ فَسَأَلَهُمَا، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لِأَبِي هُرَيْرَةَ أَفْتِهِ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ فَقَدْ جَاءَتْكَ مُعْضِلَةٌ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ:«الْوَاحِدَةُ تُبِينُهَا وَالثَّلَاثُ تُحَرِّمُهَا حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ» ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مِثْلَ ذَلِكَ.

14793 -

وَرَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وَزَادَ فِيهِ، وَتَابَعَتْهُمَا عَائِشَةُ. وَرُوِيَ ذَلِكَ، عَنْ عَلِيٍّ، وَزَيْدٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَنَسٍ، وَذَكَرَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْهُمْ، وَعَنْ مَنْ رُوِّينَا

ص: 65

14794 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ ابْنِ قُسَيْطٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ، أَنَّهُ قَالَ فِي رَجُلٍ قَالَ لِامْرَأَتِهِ وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا: أَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ أَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ أَنْتِ طَالِقٌ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ:«أَيُطَلِّقُ امْرَأَةً عَلَى ظَهْرِ الطَّرِيقِ؟ قَدْ بَانَتْ مِنْ حِينِ طَلَّقَهَا التَّطْلِيقَةَ الْأُولَى» .

14795 -

وَفِي حِكَايَةِ الشَّافِعِيِّ، عَنْ بَعْضِ الْعِرَاقِيِّينَ، أَنَّهُ قَالَ: بَلَغَنَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَإِبْرَاهِيمَ، بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ امْرَأَتَهُ لَيْسَتْ عَلَيْهَا عِدَّةٌ فَقَدْ بَانَتْ بِالتَّطْلِيقَةِ الْأُولَى.

14796 -

وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَزَيْدٍ

ص: 66

‌الطَّلَاقُ بِالْوَقْتِ

ص: 67

14797 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ

⦗ص: 68⦘

الشَّافِعِيُّ: " وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ غَدًا أَوْ إِلَى سَنَةٍ: طُلِّقَتْ فِي الْوقْتِ الَّذِي وَقَّتَ وَلَا تُطَلَّقُ قَبْلَهُ ".

14798 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: هِيَ امْرَأَتُهُ إِلَى سَنَةٍ، وَبِمَعْنَاهُ قَالَ عَطَاءٌ وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ

ص: 67

‌طَلَاقُ الْمُكْرَهِ

ص: 69

14799 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} [النحل: 106]. قَالَ الشَّافِعِيُّ: " وَلِلْكُفْرِ أَحْكَامٌ بِفِرَاقِ الزَّوْجَةِ وَأَنْ يُقْتَلَ الْكَافِرُ وَيُغْنَمَ مَالُهُ

⦗ص: 70⦘

، فَلَمَّا وَضَعَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ سَقَطَتْ أَحْكَامُ الْإِكْرَاهِ عَنِ الْقَوْلِ كُلِّهِ؛ لِأَنَّ الْأَعْظَمَ إِذَا سَقَطَ عَنِ النَّاسِ سَقَطَ مَا هُوَ أَصْغَرُ مِنْهُ، وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِي بَيَانِ الْإِكْرَاهِ ثُمَّ قَالَ

⦗ص: 71⦘

: وَإِذَا خَافَ هَذَا سَقَطَ عَنْهُ حُكْمُ مَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ مِنْ قَوْلٍ مَا كَانَ الْقَوْلُ فَذَكَرَ الْبَيْعَ وَالنِّكَاحَ وَالطَّلَاقَ وَالْعِتَاقَ وَالْإِقْرَارَ، وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِي شَرَحِ هَذِهِ الْجُمْلَةِ "

ص: 69

14800 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَيُرْوَى عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّ عَلِيًّا قَالَ:«لَا طَلَاقَ لِمُكْرَهٍ» .

14801 -

أَوْرَدَهُ فِيمَا أَلْزَمَ الْعِرَاقِيِّينَ فِي خِلَافِ عَلِيٍّ. وَالَّذِي رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّ رَجُلًا تَدَلَّى يَشْتَارُ عَسَلًا، فَجَاءَتْهُ امْرَأَتُهُ فَوقَفَ عَلَى الْحَبْلِ فَحَلَفَتْ لَتَقْطَعَنَّهُ أَوْ لَيُطَلِّقَنَّهَا ثَلَاثًا، فَذَكَّرَهَا اللَّهَ وَالْإِسْلَامَ فَأَبَتْ

⦗ص: 72⦘

إِلَّا ذَلِكَ، فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا، فَلَمَّا ظَهْرَ أَتَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَذَكَرَ لَهُ مَا كَانَ مِنْهَا إِلَيْهِ وَمِنْهُ إِلَيْهَا، فَقَالَ: ارْجِعْ إِلَى أَهْلِكَ فَلَيْسَ هَذَا بِطَلَاقٍ.

14802 -

فَهَكَذَا أَخْبَرَنَاهُ أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الضُّبَعِيُّ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ قُدَامَةَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْجُمَحِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، فَذَكَرَ هَذِهِ الْقِصَّةَ.

14803 -

وَرَوَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ، بِهَذِهِ الْقِصَّةِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: فَرَفَعَ إِلَى عُمَرَ، فَأَبَانَهَا مِنْهُ.

14804 -

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ، بِخِلَافِهِ، فَهَذَا خَطَأٌ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي عُبَيْدٍ، وَتَنَبَّهَ لَهُ أَبُو عُبَيْدٍ فَقَالَ: قَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بِخِلَافِهِ.

14805 -

وَالْحَدِيثُ مُنْقَطِعٌ وَهُوَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ مَوْصُولٌ، وَلَا مُخَالِفَ لَهُمْ مِنَ الصَّحَابَةِ.

14806 -

أَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فَفِي رِوَايَةِ عِكْرِمَةَ أَنَّهُ سُئِلَ، عَنْ رَجُلٍ أَكْرَهَهُ اللُّصُوصُ حَتَّى طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَقَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ

ص: 71

14807 -

وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ، فَفِي الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ الْأَحْنَفِ، أَنَّهُ تَزَوَّجَ أُمَّ وَلَدٍ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: فَدَعَانِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَجِئْتُهُ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَإِذَا سِيَاطٌ مَوضُوعَةٌ، وَإِذَا قَيْدَانِ مِنْ حَدِيدٍ

⦗ص: 73⦘

، وَعَبْدَيْنِ لَهُ قَدْ أَجْلَسَهُمَا فَقَالَ لَهُ: طَلِّقْهَا وَإِلَّا وَالَّذِي يُحْلَفُ بِهِ فَعَلْتُ بِكَ كَذَا وَكَذَا قَالَ: فَقُلْتُ: هِيَ الطَّلَاقُ أَلْفًا قَالَ: فَخَرَجْتُ مِنْ عِنْدَهِ فَأَدْرَكْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ بِطَرِيقِ مَكَّةَ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ: «لَيْسَ ذَلِكَ بِطَلَاقٍ، إِنَّهَا لَمْ تُحَرَّمْ عَلَيْكَ فَارْجِعْ إِلَى أَهْلِكَ» . فَأَتَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ لِي:«لَمْ تُحَرَّمْ عَلَيْكَ فَارْجِعْ إِلَى أَهْلِكَ»

14808 -

أَخْبَرَنَاهُ أَبُو أَحْمَدَ الْمِهْرَجَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، فَذَكَرَهُ أَتَمَّ مِنْ ذَلِكَ. وَهُوَ مَذْهَبُ عَطَاءٍ، وَطَاوُسٍ، وَالْحَسَنِ، وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، وَشُرَيْحٍ، وَعِكْرِمَةَ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ

ص: 72

14809 -

وَقَدْ أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا الْأُسْتَاذُ أَبُو الْوَلِيدِ مُحَمَّدٌ الْقُرَشِيُّ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ قَالَ: بَعَثَنِي عَدِيُّ بْنُ عَدِيٍّ، إِلَى صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ أَسْأَلُهَا عَنْ أَشْيَاءَ كَانَتْ تَرْوِيهَا عَنْ عَائِشَةَ، فَقَالَتْ: حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ، أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«لَا طَلَاقَ، وَلَا عَتَاقَ فِي إِغْلَاقٍ» . أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي السُّنَنِ، مِنْ حَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ.

14810 -

قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ: مَعْنَى الْإِغْلَاقِ: الْإِكْرَاهُ

ص: 73

14811 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو ذَرِّ بْنُ أَبِي الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْقَاسِمِ الْمُذَكِّرِ فِي آخَرَيْنِ قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِي عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» .

14812 -

قَالَ: أَحْمَدُ: وَدُخُولُ التَّخْصِيصِ فِي بَعْضِ أَلْفَاظِ الْخَبَرِ بِدَلَالَةٍ لَا تُوجِبُ دُخُولَهُ فِي الْبَاقِي مِنْ غَيْرِ دَلَالَةٍ

ص: 74

14813 -

وَرُوِّينَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَنْظَلَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: «لَيْسَ الرَّجُلُ بِأَمِينٍ عَلَى نَفْسِهِ إِذَا جَوَّعْتَ أَوْ أَوْثَقْتَ أَوْ ضَرَبْتَ» .

14814 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْإِكْرَاهُ عَلَى الطَّلَاقِ أَوِ الْيَمِينِ، وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ وَأَبِيهِ حِينَ أَخَذَ عَلَيْهِمَا الْمُشْرِكُونَ عَهْدَ اللَّهِ أَنْ يَنْصَرِفَا إِلَى الْمَدِينَةِ وَلَا يُقَاتِلَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ الْمُشْرِكِينَ أَكْرَهُوهُمَا عَلَى الْيَمِينِ وَالْعَهْدِ وَلَكِنَّهُمَا أُخِذَا حِينَ سَارَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى بَدْرٍ فَزَعَمَا أَنَّهُمْ يَرِدَانِ الْمَدِينَةَ، فَأَخَذَ الْمُشْرِكُونَ مِنْهُمَا عَهْدَ اللَّهِ وَمِيثَاقَهُ فِي الِانْصِرَافِ إِلَيْهَا وَتَرْكِ الْقِتَالِ مَعَهُ، فَلَمَّا أَخْبَرَا بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«انْصَرَفَا نَفِي لَهُمْ بِعُهُودِهِمْ وَنَسْتَعِينُ اللَّهَ عَلَيْهِمْ» ، وَكَانَ هَذَا فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ قَبْلَ ثُبُوتِ الْأَحْكَامِ، وَلَوْ أَنَّ مُسْلِمًا أُحْلِفَ الْيَومَ عَلَى تَرْكِ قِتَالِ الْمُشْرِكِينَ فَإِنَّا نَأْمُرُهُ بِأَنْ يُحَنِّثَ نَفْسَهُ وَيُقَاتِلَ الْمُشْرِكِينَ.

ص: 74

14815 -

وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:" ثَلَاثٌ جَدُّهُنَّ جَدٌّ وَهَزْلُهُنَّ جَدٌّ: الطَّلَاقُ وَالنِّكَاحُ وَالرَّجْعَةُ " لَيْسَ مِنَ الْإِكْرَاهِ فِي شَيْءٍ لِأَنَّ الْمُكْرَهَ لَيْسَ بِجَادٍّ وَلَا هَازِلٍ

ص: 75

‌طَلَاقُ السَّكْرَانِ

ص: 76

14816 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَيَجُوزُ طَلَاقُ السَّكْرَانِ مِنَ الشَّرَابِ الْمُسْكِرِ وَعِتْقُهُ، وَقَدْ قَالَ بَعْضُ مَنْ مَضَى مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ: لَا يَجُوزُ طَلَاقُ السَّكْرَانِ وَكَأَنَّهُ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ مَغْلُوبٌ عَلَى عَقْلِهِ.

14817 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَأَكْثَرُ مَنْ لَقِيتُ مِنَ الْمُفْتِينَ عَلَى أَنَّ طَلَاقَهُ يَجُوزُ. وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «رُفِعَ الْقَلَمُ، عَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَبْلُغَ، وَالْمَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ، وَالنَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ» ، وَالسَّكْرَانُ لَيْسَ وَاحِدًا مِنْ هَؤُلَاءِ، وَلَا فِي مَعْنَاهُ.

14818 -

قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ رُوِّينَا هَذَا الْحَدِيثَ فِيمَا مَضَى بِإِسْنَادِهِ وَقَدْ

ص: 76

14819 -

أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ بْنُ خَمِيرَوَيْهِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ نَجْدَةَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاويَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ عُثْمَانَ قَالَ:«كُلُّ الطَّلَاقِ جَائِزٌ إِلَّا طَلَاقُ النَّشْوَانِ، وَطَلَاقُ الْمَذجْنُونِ»

⦗ص: 77⦘

.

14820 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَقَدْ رُوِّينَا هَذَا الْحَدِيثَ فِي كِتَابِ السُّنَنِ عَالِيًا، عَنْ عُثْمَانَ، أَنَّهُ قَالَ:«لَيْسَ لِلْمَجْنُونِ وَلَا لِلسَّكْرَانِ طَلَاقٌ» .

14821 -

وَبِهِ قَالَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَطَاوُسٌ، وَعَطَاءٌ، وَأَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَبِهِ قَالَ مِنْ أَصْحَابِنَا أَبُو ثَوْرٍ، وَالْمُزَنِيُّ

ص: 76

14822 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِيمَا بَلَغَهُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، عَنِ الْأَشْعَثَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، أَنَّهُ قَالَ:«اكْتُمُوا الصِّبْيَانَ النِّكَاحَ فَإِنَّ كُلَّ طَلَاقٍ جَائِزٌ إِلَّا طَلَاقَ الْمَعْتُوهِ» .

14823 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا طَلَاقَ لِصَغِيرٍ حَتَّى يَبْلُغَ.

14824 -

أَوْرَدَهُ فِيمَا أَلْزَمَ الْعِرَاقِيِّينَ فِي خِلَافِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ

ص: 77

‌طَلَاقُ الْعَبْدِ

ص: 78

14825 -

احْتَجَّ الشَّافِعِيُّ فِي وَقُوعِ طَلَاقِهِ بِالْكِتَابِ قَالَ اللَّهُ عز وجل: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230]، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ قَالَ: وَالْعَبْدُ مِمَّنْ عَلَيْهِ حَرَامٌ وَلَهُ حَلَالٌ فَحَرَامُهُ بِالطَّلَاقِ.

14826 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ مَالِكٌ: حَدَّثَنِي، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ، وَأَبِي زَكَرِيَّا، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ قَالَ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، كَانَ يَقُولُ:«مَنْ أَذِنَ لِعَبْدِهِ أَنْ يَنْكِحَ فَالطَّلَاقُ بِيَدِ الْعَبْدِ لَيْسَ بِيَدِ غَيْرِهِ مِنْ طَلَاقِهِ شَيْءٌ» .

14827 -

وَرَوَاهُ فِي الْقَدِيمِ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَزَادَ فِيهِ: فَأَمَّا أَنْ يَأْخُذَ رَجُلٌ أَمَةَ غُلَامِهِ أَوْ أَمَةَ وَلِيدَتِهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ. أَخْبَرَنَاهُ أَبُو أَحْمَدَ الْمِهْرَجَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، فَذَكَرَهُ

ص: 78

14828 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ رَبِّهِ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ، أَنَّ نُفَيْعًا، مُكَاتَبًا لِأُمِّ سَلَمَةَ اسْتَفْتَى زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ فَقَالَ: إِنِّي طَلَّقْتُ امْرَأَةً لِي حُرَّةً تَطْلِيقَتَيْنِ؟ فَقَالَ زَيْدٌ: «حُرِّمَتْ عَلَيْكَ»

ص: 78

14829 -

وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ قَالَ: وَحَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ نُفَيْعًا، مُكَاتَبًا لِأُمِّ سَلَمَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم طَلَّقَ امْرَأَةً حُرَّةً تَطْلِيقَتَيْنِ، وَاسْتَفْتَى عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ:«حُرِّمَتْ عَلَيْكَ» .

14830 -

وَفِي حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُمَا جَمِيعًا أَفْتَيَاهُ بِذَلِكَ، وَذَلِكَ يَرِدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

ص: 79

‌الِاسْتِثْنَاءُ فِي الطَّلَاقِ

ص: 80

14831 -

رُوِّينَا عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِذَا حَلَفَ الرَّجُلُ فَقَالَ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَقَدِ اسْتَثْنَى "

ص: 80

14832 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ حَمْشَاذٍ الْعَدْلُ، حَدَّثَنَا السَّرِيُّ بْنُ خُزَيْمَةَ الْأَبِيوَرْدِيُّ، حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" إِذَا حَلَفَ الرَّجُلُ فَقَالَ: إِنَّ شَاءَ اللَّهُ، فَهُوَ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ فَلْيُمْضِ وَإِنْ شَاءَ فَلْيَرْجِعْ ".

14833 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: الِاسْتِثْنَاءُ فِي الطَّلَاقِ، وَالْعِتْقِ، وَالنُّذُورِ كَهُوَ فِي الْأَيْمَانِ لَا يُخَالِفُهُمَا

⦗ص: 81⦘

.

14834 -

وَفِيمَا حَكَى الشَّافِعِيُّ، عَنِ الْعِرَاقِيِّينَ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّهُ قَالَ فِي ذَلِكَ:«لَا يَقَعُ الطَّلَاقَ» . وَعَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ أَنَّهُ قَالَ:«لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ»

ص: 80

‌بَابُ طَلَاقِ الْمَرِيضِ

ص: 82

14835 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَجِيدِ بْنُ أَبِي رَوَّادٍ، وَمُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ الزُّبَيْرِ عَنِ الرَّجُلِ يُطَلِّقُ الْمَرْأَةَ فَيَبُتُّهَا، ثُمَّ يَمُوتُ وَهِيَ فِي عِدَّتِهَا؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ:«طَلَّقَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ تَمَاضُرَ بِنْتَ الْأَصْبَغِ الْكَلْبِيَّةَ فَبَتَّهَا ثُمَّ مَاتَ وَهِيَ فِي عِدَّتِهَا فَوَرَّثَهَا عُثْمَانُ» . قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: «وَأَمَّا أَنَا فَلَا أَرَى أَنْ تَرِثَ مَبْتُوتَةٌ»

ص: 82

14836 -

وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: وَكَانَ أَعْلَمُهُمْ بِذَلِكَ. وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، «أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ» طَلَّقَ امْرَأَتَهُ الْبَتَّةَ وَهُوَ مَرِيضٌ، فَوَرَّثَهَا عُثْمَانُ مِنْهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا ". زَادَ أَبُو سَعِيدٍ فِي رِوَايَتِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ:«فَذَهَبَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إِلَى أَنْ تُوَرَّثَ الْمَرْأَةُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلزَّوْجِ عَلَيْهَا رَجْعَةٌ إِذَا طَلَّقَهَا الزَّوْجُ وَهُوَ مَرِيضٌ وَإِنِ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا مِنْهُ قَبْلَ مَوتِهِ»

14837 -

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: «وَإِنْ نَكَحَتْ زَوْجًا غَيْرَهُ» .

14838 -

وَقَالَ غَيْرُهُمْ: «تَرِثُهُ مَا امْتَنَعَتْ مِنَ الْأَزْوَاجِ»

⦗ص: 83⦘

.

14839 -

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: «تَرِثُهُ مَا كَانَتْ فِي الْعِدَّةِ، فَإِذَا انْقَضَتِ الْعِدَّةُ لَمْ تَرِثْهُ، وَهَذَا مِمَّا أَسْتَخِيرُ اللَّهَ فِيهِ» .

14840 -

ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنَّهَا لَا تَرِثُهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ؛ لِأَنَّ حَدِيثَ ابْنِ الزُّبَيْرِ مُتَّصِلٌ وَهُوَ يَقُولُ: وَرَّثَهَا عُثْمَانُ فِي الْعِدَّةِ، وَحَدِيثُ ابْنِ شِهَابٍ مَقْطُوعٌ.

14841 -

وَأَجَابَ فِي الْإِمْلَاءِ بِأَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ وَرَّثَ امْرَأَةَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَقَدْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ قَالَ: وَهُوَ فِيمَا يُخَيَّلُ إِلَيَّ أَثْبَتُ الْحَدِيثَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: وَقِيلَ فِي الْعِدَّةِ.

14842 -

قَالَ أَحْمَدُ: إِنَّمَا رَجَحَ حَدِيثُ ابْنِ الزُّبَيْرِ عَلَى حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ لِاتِّصَالِهِ وَانْقِطَاعِ حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ

ص: 82

14843 -

وَقَدْ رَوَى يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ مُعَاويَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ ابْنِ أُخْتِ نَمِرٍ، «أَنَّهُ » شَهِدَ عَلَى قَضَاءِ عُثْمَانَ فِي تَمَاضُرَ بِنْتِ الْأَصْبَغِ وَرَّثَهَا مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ بَعْدَ مَا حَلَّتْ، وَعَلَى قَضَائِهِ فِي أُمِّ حَكِيمٍ وَرَّثَهَا مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُكْمِلٍ بَعْدَ مَا حَلَّتْ ".

14844 -

وَهَذَا إِسْنَادٌ مَوْصُولٌ

ص: 83

14845 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو السُّلَمِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبُوشَنْجِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، أَنَّهُ سَمِعَ رَبِيعَةَ بْنَ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، يَقُولُ: بَلَغَنِي أَنَّ امْرَأَةَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ سَأَلَتْهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا، فَقَالَ لَهَا: «إِذَا حِضْتِ ثُمَّ طَهُرْتِ فَآذِنِينِي، فَلَمْ تَحِضْ حَتَّى مَرِضَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، فَلَمَّا

⦗ص: 84⦘

طَهُرَتْ آذَنَتْهُ فَطَلَّقَهَا الْبَتَّةَ أَوْ تَطْلِيقَةً لَمْ يَكُنْ بَقِيَ لَهُ عَلَيْهَا مِنَ الطَّلَاقِ غَيْرُهَا، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ يَومَئِذٍ مَرِيضٌ فَوَرَّثَهَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ مِنْهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا».

14846 -

رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ، عَنْ مَالِكٍ، وَهُوَ مُنْقَطِعٌ إِلَّا أَنَّهُ يُؤَكِّدُ رِوَايَةَ ابْنِ شِهَابٍ

ص: 83

14847 -

وَرُوِّينَا عَنْ شَيْخٍ مِنْ قُرَيْشٍ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فِي الَّذِي يُطَلِّقُ وَهُوَ مَرِيضٌ:«لَا نَزَالُ نُوَرِّثُهَا حَتَّى يَبْرَأَ أَوْ تَتَزَوَّجَ، وَإِنْ مَكَثَ سَنَةً»

ص: 84

14848 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَالَ غَيْرُهُمْ: تَرِثُهُ مَا لَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ، وَرَوَاهُ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِإِسْنَادٍ لَا يَثْبُتُ مِثْلُهُ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ يَعْنِي مَا رَوَاهُ الثَّورِيُّ فِي الْجَامِعِ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ فِي الَّذِي يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ وَهُوَ مَرِيضٌ قَالَ:«تَرِثُهُ فِي الْعِدَّةِ وَلَا يَرِثُهَا» .

14849 -

وَهَذَا مُنْقَطِعٌ بَيْنَ عُمَرَ، وَإِبْرَاهِيمَ وَلَمْ يَسْمَعْهُ مُغِيرَةُ مِنْ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّمَا رَوَاهُ شُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ عُبَيْدَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عُمَرَ،

14850 -

وَعُبَيْدَةُ الضَّبِّيُّ غَيْرُ قَويٍّ، وَلَهُ عِلَّتَانِ أُخْرَيَانِ ذَكَرَهُمَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ.

14851 -

فِيمَا أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ رحمه الله، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَفِيدُ، حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ: كَانَ شُعْبَةُ، يَرْوِي حَدِيثَ مُغِيرَةَ، عَنْ عُبَيْدَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عُمَرَ فِي الرَّجُلِ الَّذِي يُطَلِّقُ وَهُوَ مَرِيضٌ. قَالَ يَحْيَى: وَكَانَ هُشَيْمٌ يَقُولُ فِي هَذَا

⦗ص: 85⦘

الْحَدِيثِ: ذَكَرَهُ عُبَيْدَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عُمَرَ قَالَ يَحْيَى: فَسَأَلْتُ عُبَيْدَةَ عَنْهُ، فَحَدَّثَنَا عَنْ إِبْرَاهِيمَ، وَالشَّعْبِيِّ، أَنَّ ابْنَ هُبَيْرَةَ، كَتَبَ إِلَى شُرَيْحٍ فِي الَّذِي يُطَلِّقُ وَهُوَ مَرِيضٌ وَلَيْسَ عَنْ عُمَرَ.

14852 -

وَقَدْ ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ هَذِهِ الْحِكَايَةَ فِي التَّارِيخِ، وَقَالَ فِي حَدِيثِ هُشَيْمٍ: وَكَانَ هُشَيْمٌ يَقُولُ عَنْ مُغِيرَةَ: ذَكَرَ عُبَيْدَةُ، فَكَأَنَّهُمْ كَانُوا يَشُكُّونَ أَيْضًا فِي سَمَاعِ مُغِيرَةَ هَذَا، ثُمَّ لَمْ يُسْنِدْهُ عُبَيْدَةُ إِلَى عُمَرَ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى الْقَطَّانِ، فَهُوَ عَنْ عُمَرَ لَيْسَ بِثَابِتٍ كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله.

14853 -

وَأَمَّا حَدِيثُ أَشْعَثَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، أَنَّ عُثْمَانَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهُوَ مَحْصُورٌ ثَلَاثًا، فَوَرَّثَهَا عَلِيٌّ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُنْقَطِعٌ.

14854 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَدِ اسْتَخَارَ اللَّهَ فِيهِ، يَعْنِي الشَّافِعِيَّ، فَقَالَ:«لَا تَرِثُ الْمَبْتُوتَةُ» .

14855 -

قَالَ الرَّبِيعُ: وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ:«طَلَّقَهَا عَلَى أَنَّهَا لَا تَرِثُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عِنْدَهُ»

ص: 84

‌بَابُ الشَّكِّ فِي الطَّلَاقِ

ص: 86

14856 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ » الشَّيْطَانَ يَأْتِي أَحَدَكُمْ فَيَنْفُخُ بَيْنَ أَلْيَتَيْهِ فَلَا يَنْصَرِفْ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا ".

14857 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: هَذَا كَانَ عَلَى يَقِينِ الْوُضُوءِ وَشَكَّ فِي انْتِقَاضِهِ، فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَثْبُتَ عَلَى يَقِينِ الْوُضُوءِ فَلَا يَنْصَرِفَ مِنَ الصَّلَاةِ حَتَّى يَسْتَيْقِنَ بِانْتِقَاضِ الْوُضُوءِ بِأَنْ يَسْمَعَ مِنْ نَفْسِهِ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا، وَهُوَ فِي مَعْنَى الَّذِي يَكُونُ عَلَى يَقِينِ النِّكَاحِ، وَيَشُكُّ فِي تَحْرِيمِ الطَّلَاقِ وَلَا يُخَالِفُهُ

ص: 86

‌بَابُ مَا يَهْدِمُ الزَّوْجُ مِنَ الطَّلَاقِ

ص: 87

14858 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: يَهْدِمُ الزَّوْجُ الْمُصِيبُهَا بَعْدَ الثَّلَاثِ، وَلَا يَهْدِمُ الْوَاحِدَةَ وَالثِّنْتَيْنِ قَالَ: وَقَولُنَا هَذَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَدَدٍ مِنْ كِبَارِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

14859 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّهُمْ سَمِعُوا أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: سَأَلْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْبَحْرَيْنِ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ تَطْلِيقَةً أَوْ تَطْلِيقَتَيْنٍ، ثُمَّ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَتَزَوَّجَهَا رَجُلٌ غَيْرُهُ، ثُمَّ طَلَّقَهَا

⦗ص: 88⦘

أَوْ مَاتَ عَنْهَا، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا زَوْجُهَا الْأَوَّلُ، عَلَى كَمْ هِيَ عِنْدَهُ؟ قَالَ:«هِيَ عِنْدَهُ عَلَى مَا بَقِيَ» .

14860 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَرَوَاهُ الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ، عَنْ مَزِيدَةَ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَعَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ.

14861 -

رَوَاهُ ابْنُ سِيرِينَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ.

14862 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَدْ خَالَفَنَا فِي هَذَا بَعْضُ النَّاسِ، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ فِيهِ

14863 -

قَالَ أَحْمَدُ: رَوَى وَبَرَةُ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ:«يَكُونُ عَلَى طَلَاقٍ مُسْتَقْبَلٍ» .

14864 -

وَرَوَى طَاوُسٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:«يَكُونُ عَلَى طَلَاقٍ جَدِيدٍ ثَلَاثٌ» .

14865 -

وَبِمَعْنَاهُ رَوَاهُ عَبْدُ الْأَعْلَى، عَنِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ، عَنْ عَلِيٍّ

14866 -

وَرِوَايَاتُ عَبْدِ الْأَعْلَى الثَّعْلَبِيِّ عَنِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ، ضَعِيفَةٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ، وَقَدْ خَالَفَهُ أَهْلُ الثِّقَةِ فِي هَذَا

⦗ص: 89⦘

.

14867 -

أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ، حَدَّثَنَا الزَّعْفَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو قَطَنٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ مَزِيدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، سَمِعَ عَلِيًّا، يَقُولُ:«هِيَ عَلَى مَا بَقِيَ» . وحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ، عَنْ مَنْ رُوِّينَا قَوْلَنَا، ثُمَّ قَالَ: رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ زَيْدٍ، وَمُعَاذٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَبِهِ قَالَ عُبَيْدَةُ السَّلْمَانِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ

ص: 87

‌كِتَابُ الرَّجْعَةِ

ص: 90

14868 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229].

14869 -

وَقَالَ: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228] إِلَى {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا} [البقرة: 228].

14870 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: " يُقَالُ إِصْلَاحُ الطَّلَاقِ بِالرَّجْعَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ، فَمَنْ أَرَادَ الرَّجْعَةَ فَهِيَ لَهُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَهَا لَهُ.

14871 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَأَيُّمَا حُرٍّ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ بَعْدَ مَا يُصِيبُهَا وَاحِدَةً أَوِ اثْنَتَيْنِ فَهُوَ أَحَقُّ بِرَجْعَتِهَا مَا لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا بِدَلَالَةِ كِتَابِ اللَّهِ عز وجل، ثُمَّ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَإِنَّ رُكَانَةَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ الْبَتَّةَ وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا وَاحِدَةً، فَرَدَّهَا إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَذَلِكَ عِنْدَنَا فِي الْعِدَّةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

14872 -

وَاحْتَجَّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بِحَدِيثِ عُمَرَ فِي الْبَتَّةِ، وَقَالَ فِي قَوْلِ اللَّهِ عز وجل:{إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [البقرة: 231]، إِذَا شَارَفْنَ بُلُوغَ أَجَلِهِنَّ فَرَاجِعُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ دَعُوهُنْ يَنْقَضِي عِدَدُهُنَّ بِمَعْرُوفٍ، وَنَهَاهُمْ أَنْ يُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِيَعْتَدُوا فَلَا يَحِلُّ إِمْسَاكُهُنَّ ضِرَارًا

⦗ص: 91⦘

14873 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَطَلَاقُ الْعَبْدِ اثْنَتَانِ، وَيَمْلِكُ مِنْ رَجْعَتِهَا بَعْدَ وَاحِدَةٍ مَا يَمْلِكُ الْحُرُّ مِنْ رَجْعَةِ امْرَأَتِهِ بَعْدَ وَاحِدَةٍ أَوِ اثْنَتَيْنِ.

14874 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْإِمْلَاءِ: جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى الطَّلَاقَ بِالرِّجَالِ وَإِلَيْهِمْ، وَجَعَلَ الْعِدَّةَ عَلَى النِّسَاءِ، فَيُطَلِّقُ الْحُرُّ الْأَمَةَ ثَلَاثًا وَتَعْتَدُّ حَيْضَتَيْنِ، وَيُطَلِّقُ الْعَبْدُ الْحُرَّةَ اثْنَتَيْنِ فَتَعْتَدُّ ثَلَاثَ حِيَضٍ "

ص: 90

14875 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَولَى آلِ طَلْحَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّهُ قَالَ:«يَنْكِحُ الْعَبْدُ امْرَأَتَيْنِ، وَيُطَلِّقُ تَطْلِيقَتَيْنِ، وَتَعْتَدُّ الْأَمَةُ حَيْضَتَيْنِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَحِيضُ فَشَهْرَيْنِ أَوْ شَهْرًا وَنِصْفًا» . قَالَ سُفْيَانُ: وَكَانَ ثِقَةً

ص: 91

14876 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الزِّنَادِ، عَنْ سُلَيْمَانِ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّ نُفَيْعًا، مُكَاتَبًا لِأُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَوْ عَبْدًا كَانَتْ تَحْتَهُ امْرَأَةٌ حُرَّةٌ فَطَلَّقَهَا اثْنَتَيْنِ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُرَاجِعَهَا فَأَمَرَهُ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَأْتِيَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَيَسْأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ، فَذَهَبَ إِلَيْهِ فَلَقِيَهُ عِنْدَ الدَّرَجِ آخِذًا بِيَدِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، فَسَأَلَهُمَا فَابْتَدَرَاهُ جَمِيعًا فَقَالَا:«حُرِّمَتْ عَلَيْكَ حُرِّمَتْ عَلَيْكَ» .

14877 -

وَرَوَاهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عُثْمَانَ، وَمِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَقَدْ مَضَى ذِكْرُهُمَا

ص: 91

14878 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ:«إِذَا طَلَّقَ الْعَبْدُ امْرَأَتَهُ اثْنَتَيْنِ فَقَدْ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً. وَعِدَّةُ الْحَرَّةِ ثَلَاثُ حِيَضٍ، وَعِدَّةُ الْأُمَّةِ حَيْضَتَانِ» .

14879 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَرِوَايَةُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، وَرِوَايَةُ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، تَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَذْهَبَ ابْنِ عُمَرَ فِي ذَلِكَ أَنَّ أَيَّهُمَا رَقَّ نَقَضَ الطَّلَاقَ بِرِقِّهِ، وَالْعِدَّةُ لِلنِّسَاءِ بِكُلِّ حَالٍ

ص: 92

14880 -

وَقَدْ أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ شَبِيبِ بْنِ مُسْلِي، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى، عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوفِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «طَلَاقُ الْأَمَةِ ثِنْتَانِ، وَعِدَّتُهَا حَيْضَتَانِ» .

14881 -

قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الدَّارُقُطْنِيُّ الْحَافِظُ، فِيمَا أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْهُ: حَدِيثُ عَطِيَّةَ هَذَا مُنْكَرٌ غَيْرُ ثَابِتٍ مِنْ وَجْهَيْنِ، أَحَدُهُمَا أَنَّ عَطِيَّةَ ضَعِيفٌ، وَسَالِمٌ وَنَافِعٌ أَثْبَتُ مِنْهُ وَأَصَحُّ رِوَايَةً، وَالْآخَرُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ شَبِيبٍ ضَعِيفٌ لَا يُحْتَجُّ بِرِوَايَتِهِ

14882 -

قَالَ أَحْمَدُ: عُمَرُ بْنُ شَبِيبٍ قَدْ ضَعَّفَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ، وَالصَّحِيحُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، مَا رَوَاهُ سَالِمٌ وَنَافِعٌ مِنْ قَولِهِ

ص: 92

14883 -

وَرَوَى مُظَاهِرُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«طَلَاقُ الْأَمَةِ تَطْلِيقَتَانِ وَقُرْؤُهَا حَيْضَتَانِ» .

14884 -

أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْواسِطِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ مُظَاهِرِ بْنِ أَسْلَمَ، فَذَكَرَهُ. قَالَ أَبُو عَاصِمٍ: فَذَكَرْتُهُ لِمُظَاهِرٍ فَحَدَّثَنِي بِهِ.

14885 -

قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ رُوِّينَا عَنْ أَبِي عَاصِمٍ، أَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ بِالْبَصْرَةِ حَدِيثٌ أَنْكَرَ مِنْ حَدِيثِ مُظَاهِرٍ هَذَا.

14886 -

وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: مُظَاهِرٌ رَجُلٌ مَجْهُولٌ، وَهَذَا مُنْكَرٌ.

14887 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَالَّذِي يَدُلُّ عَلَى ضَعْفِ هَذَا الْخَبَرِ مَا، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ النَّيْسَابُورِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ: سُئِلَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عِدَّةِ الْأَمَةِ فَقَالَ: النَّاسُ يَقُولُونَ حَيْضَتَانِ، وَإِنَّا لَا نَعْلَمُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلَا فِي سُنَّةِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم.

14888 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَرَوَاهُ صُغْدِيُّ بْنُ سِنَانٍ عَنْ مُظَاهِرٍ، وَقَالَ فِي الْحَدِيثِ:«طَلَاقُ الْعَبْدِ اثْنَتَانِ»

⦗ص: 94⦘

.

14889 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّهُ قَالَ:«الطَّلَاقُ لِلرِّجَالِ، وَالْعِدَّةُ لِلنِّسَاءِ» أَخْبَرَنَاهُ أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ نَجْدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، فَذَكَرَهُ

ص: 93

‌مَنْ قَالَ: الرَّجْعِيَّةُ مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِ تَحْرِيمُ الْمَبْتُوتَةِ حَتَّى يُرَاجِعَهَا

ص: 95

14890 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، «أَنَّهُ» طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ فِي مَسْكَنِ حَفْصَةَ، وَكَانَتْ طَرِيقُهُ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَكَانَ يَسْلُكُ الطَّرِيقَ الْآخَرَ مِنْ أَدْبَارِ الْبُيُوتِ كَرَاهِيَةَ أَنْ يَسْتَأْذِنَ عَلَيْهَا حَتَّى يُرَاجِعَهَا ".

14891 -

وَأَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، إِجَازَةً، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ، عَنِ الرَّبِيعِ، عَنِ الشَّافِعِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَنَّ عَمْرَو بْنَ دِينَارٍ قَالَ مِثْلَ ذَلِكَ.

14892 -

وَعَنْ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَنَّ عَطَاءً، وَعَبْدَ الْكَرِيمِ قَالَا:«لَا يَرَاهَا فُضَلًا»

⦗ص: 96⦘

.

14893 -

وَعَنْ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَنَّهُ قَالَ لِعَطَاءٍ: أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فِي نَفْسِهِ ارْتِجَاعُهَا؟ قَالَ: «سَوَاءٌ فِي الْحِلِّ إِذَا كَانَ يُرِيدُ ارْتِجَاعَهَا وَإِنْ لَمْ يُرِدْهُ مَا لَمْ يُرَاجِعْهَا» .

14894 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: «وَهَذَا كَمَا قَالَ عَطَاءٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ»

ص: 95

‌الرَّجُلُ يُشْهِدُ عَلَى رَجْعَتِهَا وَلَمْ تَعْلَمْ بِذَلِكَ حَتَّى تَزَوَّجَتْ زَوْجًا آخَرَ فَهِيَ لِلْأَوَّلِ

ص: 97

14895 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ لِلزَّوْجِ الْمُطَلِّقِ الرَّجْعَةَ فِي الْعِدَّةِ، وَلَا يَبْطُلُ مَا جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْهَا بِبَاطِلٍ مِنْ نِكَاحِ غَيْرِهِ، وَلَا بِدُخُولٍ لَمْ يَكُنْ يَحِلُّ عَلَى الِابْتِدَاءِ لَوْ عَرَفَاهُ كَانَا عَلَيْهِ مَحْدُودَيْنِ، وَفِي مِثْلِ مَعْنَى كِتَابِ اللَّهِ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إِذَا أُنْكِحَ الْوَلِيَّانِ فَالْأَوَّلُ أَحَقُّ»

ص: 97

14896 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو الرَّقِّيِّ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي الرَّجُلِ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ ثُمَّ يُشْهِدُ عَلَى رَجْعَتِهَا وَلَمْ تَعْلَمْ بِذَلِكَ قَالَ:«هِيَ امْرَأَةُ الْأَوَّلِ دَخَلَ بِهَا الْآخَرُ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ»

ص: 97

14897 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِيمَا بَلَغَهُ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ خِلَاسٍ، «أَنَّ رَجُلًا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَأَشْهَدَ عَلَى طَلَاقِهَا، وَرَاجَعَهَا وَأَشْهَدَ عَلَى رَجْعَتِهَا، وَاسْتَكْتَمَ الشَّاهِدَيْنِ حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، فَرُفِعَ إِلَى عَلِيٍّ فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عَلَيْهَا رَجْعَةً، وَعَزَّرَ الشَّاهِدَيْنِ»

⦗ص: 98⦘

.

14898 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهُمْ يُخَالِفُونَ هَذَا وَيَجْعَلُونَ الرَّجْعَةَ بَائِنَةً أَوْرَدَهُ فِيمَا أَلْزَمَ الْعِرَاقِيِّينَ فِي خِلَافِ عَلِيٍّ

14899 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ: وَإِنْ أَعْلَمَهَا الطَّلَاقَ وَكَتَمَهَا الرَّجْعَةَ حَتَّى يَنْكِحَ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ أَثَرٌ بِأَنْ لَا سَبِيلَ لَهُ عَلَيْهَا فَلَيْسَ فِيهِ إِلَّا الِاتِّبَاعُ، وَإِنْ كَانَ بِالنَّظَرِ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ أَثَرٌ ثَابِتٌ فَالنَّظَرُ أَنَّ الرَّجْعَةَ بَائِنَةٌ وَأَنَّ النِّكَاحَ الْآخَرَ مَفْسُوخٌ.

14900 -

قَالَ أَحْمَدُ: رِوَايَاتُ خِلَاسٍ عَنْ عَلِيٍّ، يُضَعِّفُهَا أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ يَقُولُونَ: هِيَ مِنْ كِتَابٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

14901 -

وَقَدْ قَطَعَ فِي الْجَدِيدِ بِصِحَّةِ الرَّجْعَةِ

ص: 97

‌وَجْهُ الرَّجْعَةِ

ص: 99

14902 -

أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، إِجَازَةً، أَنَّ أَبَا الْعَبَّاسِ حَدَّثَهُمْ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: " احْتَمَلَ أَمَرُ اللَّهِ عز وجل بِالْإِشْهَادِ فِي الطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ مَا احْتَمَلَ أَمْرُهُ بِالْإِشْهَادِ فِي الْبُيُوعِ، وَدَلَّ مَا وَصَفْتُ مِنْ أَنِّي لَمْ أَعْلَمْ مُخَالِفًا حَفِظْتُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ حَرَامًا أَنْ يُطَلِّقَ بِغَيْرِ نِيَّةٍ، عَلَى أَنَّهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ دَلَالَةُ اخْتِيَارٍ لَا فَرَضٍ يَعْصِي بِهِ مَنْ تَرَكَهُ، وَاحْتَمَلَتِ الشَّهَادَةُ عَلَى الرَّجْعَةِ مِنْ هَذَا مَا احْتَمَلَ الطَّلَاقُ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ فِي مِثْلِ مَعْنَاهُ.

14903 -

قَالَ: وَالِاخْتِيَارُ فِي هَذَا وَفِي غَيْرِهِ مِمَّا أَمَرَ فِيهِ بِالْإِشْهَادِ وَالَّذِي لَيْسَ فِي النَّفْسِ مِنْهُ شَيْءٌ الْإِشْهَادُ

14904 -

قَالَ أَحْمَدُ: رُوِّينَا عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَلَمْ يُشْهِدْ وَرَاجَعَ وَلَمْ يُشْهِدْ؟ قَالَ عِمْرَانُ: «طَلَّقَ فِي غَيْرِ عِدَّةٍ، وَرَاجَعَ فِي غَيْرِ سُنَّةٍ، فَلْيُشْهِدِ الْآنَ»

14905 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، حَدَّثَنَا الدُّورِيُّ، حَدَّثَنَا الْأَسْودُ بْنُ عَامِرٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ عِمْرَانَ، بِذَلِكَ

14906 -

وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى نُفُوذِهِمَا دُونَ الْإِشْهَادِ حَتَّى قَالَ: فَلْيُشْهِدِ الْآنَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ

ص: 99

‌بَابُ نِكَاحِ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا

ص: 100

14907 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: قَالَ اللَّهُ عز وجل: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230]، أَنْ يَتَزَوَّجَهَا زَوْجٌ غَيْرُهُ، وَكَانَ هَذَا الْمَعْنَى

⦗ص: 101⦘

الَّذِي يَسْبِقُ إِلَى مَنْ خُوطِبَ بِهِ، وَاحْتَمَلَ حَتَّى يُصِيبَهَا زَوْجٌ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّ اسْمَ النِّكَاحِ يَقَعُ بِالْإِصَابَةِ وَيَقَعُ بِالْعَقْدِ، فَلَمَّا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِامْرَأَةٍ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا ثَلَاثًا وَنَكَحَهَا بَعْدَهُ رَجُلٌ:«لَا حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ» يَعْنِي يُصِيبُكِ زَوْجٌ غَيْرُهُ، بَيَّنَ أَنَّ إِحْلَالَ اللَّهِ إِيَّاهَا لِلزَّوْجِ الْمُطَلِّقِ بَعْدَ زَوْجٍ بِالنِّكَاحِ إِذَا كَانَ مَعَ النِّكَاحِ إِصَابَةٌ مِنَ الزَّوْجِ "

ص: 100

14908 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، سَمِعَهَا تَقُولُ: جَاءَتِ امْرَأَةُ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: إِنِّي كُنْتُ عِنْدَ رِفَاعَةَ فَطَلَّقَنِي فَبَتَّ طَلَاقِي، فَتَزَوَّجْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزُّبَيْرِ وَإِنَّمَا مَعَهُ مِثْلُ هُدْبَةِ الثَّوْبِ، فَتَبَسَّمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ:«أَتُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إِلَى رِفَاعَةَ؟ لَا حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ» قَالَ: وَأَبُو بَكْرٍ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَخَالِدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بِالْبَابِ يَنْتَظِرُ أَنْ يُؤْذَنَ لَهُ، فَنَادَى يَا أَبَا بَكْرٍ أَلَا تَسْمَعُ مَا تَجْهَرُ بِهِ هَذِهِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ

ص: 101

14909 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّ رِفَاعَةَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ تَمِيمَةَ بِنْتَ وَهْبٍ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثًا، فَنَكَحَهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الزُّبَيْرِ فَاعْتَرَضَ عَنْهَا، فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَمَسَّهَا فَفَارَقَهَا، فَأَرَادَ رِفَاعَةُ أَنْ يَنْكِحَهَا وَهُوَ زَوْجُهَا الْأَوَّلُ الَّذِي كَانَ طَلَّقَهَا، فَذَكَرَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَنَهَاهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَقَالَ:«لَا تَحِلُّ لَكَ حَتَّى تَذُوقَ الْعُسَيْلَةَ»

⦗ص: 102⦘

.

14910 -

هَكَذَا رَوَاهُ فِي الْمُوَطَّأِ، وَرَوَاهُ عَنْهُ ابْنُ وَهْبٍ، فَقَالَ: عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ.

14911 -

وَرُوِّينَا عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، «أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي الرَّجُلِ يُطَلِّقُ الْأَمَةَ ثَلَاثًا ثُمَّ يَشْتَرِيهَا أَنَّهَا لَا تَحِلُّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ» .

14912 -

قَالَ مَالِكٌ: وَقَالَ ذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ص: 101

‌كِتَابُ الْإِيلَاءِ

ص: 103

14913 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى " {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ، وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سُمَيْعٌ عَلِيمٌ}

⦗ص: 104⦘

.

14914 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: " فَظَاهِرُ كِتَابِ اللَّهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لَهُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، وَمَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ أَجَلًا لَهُ فَلَا سَبِيلَ عَلَيْهِ فِيهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ الْأَرْبَعَةُ الْأَشْهُرِ، كَمَا لَوْ أَجَّلَتْنِي أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَخْذُ حَقِّكَ مِنِّي حَتَّى تَنْقَضِيَ الْأَرْبَعَةُ الْأَشْهُرِ، وَدَلَّ

⦗ص: 105⦘

عَلَى أَنَّ عَلَيْهِ إِذَا مَضَتِ الْأَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَاحِدًا مِنْ حُكْمَيْنِ إِمَّا أَنْ يَفِيءَ، وَإِمَّا أَنْ يُطَلِّقَ، فَقُلْنَا بِهَذَا وَقُلْنَا لَا يَلْزَمُهُ طَلَاقٌ بِمُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ حَتَّى يُحْدِثَ فَيْئَةً أَوْ طَلَاقًا قَالَ: وَالْفَيْئَةُ الْجِمَاعُ إِلَّا مِنْ عُذْرٍ "

ص: 103

14915 -

أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو سَعِيدٍ قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ قَالَ:«أَدْرَكْتُ بِضْعَةَ عَشَرَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كُلُّهُمْ يُوقِفُ الْمُولِيَ» .

ص: 105

14916 -

وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ، قَالَ:«شَهِدْتُ عَلِيًّا أَوْقَفَ الْمُولِيَ»

ص: 105

14917 -

وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ، أَنَّ عَلِيًّا، «أَوْقَفَ الْمُؤْلِيَ»

ص: 105

14918 -

وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ طَاوُسٍ، أَنَّ عُثْمَانَ كَانَ «يُوقِفُ الْمُولِيَ»

ص: 105

14919 -

وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: كَانَتْ عَائِشَةُ إِذَا ذُكِرَ لَهَا الرَّجُلُ يَحْلِفُ أَنْ لَا يَأْتِيَ امْرَأَتَهُ فَيَدَعَهَا خَمْسَةَ أَشْهُرٍ لَا تَرَى ذَلِكَ شَيْئًا حَتَّى يُوقِفَ وَتَقُولُ: " كَيْفَ قَالَ اللَّهُ: «{إِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}»

ص: 105

14920 -

وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ:«إِذَا آلَى الرَّجُلُ مِنَ امْرَأَتِهِ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهَا طَلَاقٌ، وَإِنْ مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ حَتَّى يُوقِفَ، فَإِمَّا أَنْ يُطَلِّقَ، وَإِمَّا أَنْ يَفِيءَ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، عَنِ ابْنِ أَبِي أُوَيْسٍ، عَنْ مَالِكٍ

ص: 106

14921 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عَلِيًّا، كَانَ «يُوقِفُ الْمُولِي»

ص: 106

14922 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِيمَا بَلَغَهُ، عَنْ هُشَيْمٍ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَخْنَسِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، «أَنَّ عَلِيًّا،» وَقَفَ الْمُولِي ".

14923 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهَكَذَا نَقُولُ وَهُوَ مُوافِقٌ لِمَا رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ، وَابْنِ عُمَرَ، وَعَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَعَنْ عُثْمَانَ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَعَنْ بِضْعَةَ عَشَرَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُمْ وَقَفُوا الْمُولِي. وَهُمْ يُخَالِفُونَهُ وَيَقُولُونَ لَا يُوقَفُ، إِذَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ بَانَتْ مِنْهُ.

14924 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: قَالَ يَعْنِي بَعْضَ الْعِرَاقِيِّينَ: لَكِنَّا اتَّبَعْنَا فِيهِ قَوْلَ ابْنِ عَبَّاسٍ فَأَنْتَ تُخَالِفُهُ فِي الْإِيلَاءِ قَالَ: وَمِنْ أَيْنَ؟ فَذَكَرَ مَا

ص: 106

14925 -

أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي يَحْيَى، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ:«الْمُولِي الَّذِي يَحْلِفُ لَا يَقْرَبُ امْرَأَتَهُ أَبَدًا» .

14926 -

زَادَ أَبُو سَعِيدٍ فِي رِوَايَتِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَأَنْتَ تَقُولُ: الْمُولِي مَنْ حَلَفَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا.

14927 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَأَمَّا مَا رَوَيْتُهُ فِيهِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، فَمُرْسَلٌ، وَحَدِيثُ عَلِيِّ بْنِ بَذِيمَةَ لَا يُسْنِدْهُ غَيْرُهُ عَلِمْتُهُ. يُرِيدُ بِالْمُرْسَلِ رِوَايَةَ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ فِيمَنْ آلَى مِنَ امْرَأَتَهِ فَمَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ قَبْلَ أَنْ يُجَامِعَهَا قَالَ: بَانَتْ مِنْهُ. وَيُرِيدُ بِالْمُسْنَدِ رِوَايَةَ عَلِيِّ بْنِ بَذِيمَةَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: الْإِيلَاءُ إِذَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَهِيَ تَطْلِيقَةٌ بَائِنَةٌ.

14928 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَوْ كَانَ هَذَا ثَابِتًا عَنْهُ فَكُنْتُ إِنَّمَا بِقَوْلِهِ اعْتَلَلْتُ أَكَانَ بِضْعَةُ عَشَرَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَوْلَى أَنْ يُؤْخَذَ بِقَولِهِمْ أَوْ وَاحِدٍ أَوِ اثْنَيْنِ.

14929 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَأَقَلُّ بِضْعَةَ عَشَرَ أَنْ يَكُونُوا ثَلَاثَةَ عَشَرَ، وَهُوَ يَقُولُ: مِنَ الْأَنْصَارِ.

14930 -

قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ رُوِّينَا أَيْضًا، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ: سَأَلْتُ اثْنَيْ عَشَرَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الرَّجُلِ يُولِي؟ قَالُوا: لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ حَتَّى تَمْضِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَيُوقَفُ، فَإِنْ فَاءَ وَإِلَّا طَلَّقَ. وَرَوَاهُ أَيْضًا ثَابِتُ بْنُ عُبَيْدٍ مَولَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنِ اثْنَيْ عَشَرَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ص: 107

14931 -

وَأَمَّا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ عُمَرَ، كَانَ يَقُولُ:«إِذَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَهِيَ تَطْلِيقَةٌ وَهُوَ أَمْلَكُ بِرَدِّهَا مَا دَامَتْ فِي عِدَّتِهَا» .

14932 -

وَخَالَفَهُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، فَرَوَاهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ، وَأَبِي بَكْرٍ، مِنْ قَولِهِمَا لَمْ يَرْفَعْهُ إِلَى عُمَرَ وَهُوَ الصَّحِيحُ

ص: 108

14933 -

أَخْبَرَنَاهُ أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ «أَنَّهُمَا كَانَا يَقُولَانِ » فِي الرَّجُلِ يُولِي مِنَ امْرَأَتِهِ أَنَّهُ إِذَا مَضَتِ الْأَرْبَعَةُ الْأَشْهُرِ فَهِيَ تَطْلِيقَةٌ، وَلِزَوْجِهَا عَلَيْهَا الرَّجْعَةُ مَا كَانَتْ فِي الْعِدَّةِ ".

14934 -

وَقَالَ مَالِكٌ: إِنَّ مَرْوَانَ كَانَ يَقْضِي بِذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ: وَعَلَى ذَلِكَ كَانَ رَأْيُ ابْنِ شِهَابٍ

14935 -

هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ عَنْهُمَا غَيْرُ مَرْفُوعٍ إِلَى عُمَرَ.

14936 -

وَرَوَاهُ يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ الْأَيْلِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَبَيَّنَهُ بَيَانًا شَافِيًا.

14937 -

أَخْبَرَنَاهُ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ كَثِيرِ بْنِ عُفَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ: «هِيَ تَطْلِيقَةٌ وَاحِدَةٌ لَهُ عَلَيْهَا الرَّجْعَةُ» .

14938 -

وَكَانَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ يَقُولُ: مِثْلَ مَا يَقُولُ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ

⦗ص: 109⦘

.

14939 -

أَخْبَرَنِي ذَلِكَ عَنْهُ دَاوُدُ بْنُ أَبِي عَاصِمِ بْنِ عُرْوَةَ بْنِ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيِّ، وَلَمْ أَسْمَعْ ذَلِكَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ، وَلَمْ أَسْأَلْ عَنْهُ.

14940 -

وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: الْإِيلَاءُ يُوقِفُ عِنْدَ الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ بَيْنَ أَنْ يَفِيءَ وَبَيْنَ أَنْ يُطَلِّقَ.

14941 -

وَهَذَا فِيمَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدٍ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ فِي الْإِيلَاءِ أَنَّهَا تَطْلِيقَةٌ رَجْعِيَّةٌ إِذَا طَلَّقَهَا الزَّوْجُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

ص: 108

14942 -

وَقَدْ رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ قَالَ فِي الْإِيلَاءِ:«يُوقَفُ عِنْدَ انْقِضَاءِ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ، فَإِمَّا أَنْ يُطَلِّقَ وَإِمَّا أَنْ يَفِيءَ» .

14943 -

وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: كَانُوا يَقُولُونَ فِي الْإِيلَاءِ: يُوقَفُ فَذَكَرَهُ. وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ ابْنَ الْمُسَيِّبِ.

14944 -

وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، وَعَائِشَةَ

ص: 109

14945 -

وَأَمَّا الرِوَايَةُ فِيهِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فَقَدْ رَوَى عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عُثْمَانَ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُمَا كَانَا يَقُولَانِ:«إِذَا مَضَتِ الْأَرْبَعَةُ الْأَشْهُرِ فَهِيَ تَطْلِيقَةٌ بَائِنَةٌ»

14946 -

وَعَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ ضَعِيفٌ، وَالْمَحْفُوظُ عَنْ عُثْمَانَ مَا ذَكَرْنَا

14947 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ النَّيْسَابُورِيُّ، حَدَّثَنَا الْمَيْمُونِيُّ قَالَ: ذَكَرْتُ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدِيثَ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عُثْمَانَ قَالَ: لَا أَدْرِي مَا هُوَ رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ

⦗ص: 110⦘

، خِلَافُهُ، قِيلَ لَهُ: مَنْ رَوَاهُ؟ قَالَ: حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنْ عُثْمَانَ يُوقَفُ

14948 -

وَأَمَّا الرِّوَايَةُ فِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَالصَّحِيحُ عَنْهُ أَنَّ عَزْمَ الطَّلَاقِ انْقِضَاءُ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ

14949 -

وَفِي تَفْسِيرِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، وَالسُّدِّيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، مِثْلَ قَوْلِنَا.

14950 -

وَفِيمَا حَكَى الشَّافِعِيُّ عَنْ بَعْضِ الْعِرَاقِيِّينَ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ عَامِرٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَقْرَبُهَا أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهَا بِذَلِكَ إِيلَاءٌ.

14951 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يُحْكَمُ بِالْوَقْفِ فِي الْإِيلَاءِ إِلَّا عَلَى مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ تَجَاوَزَ فِيهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ

ص: 109

14952 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، «فِي الْإِيلَاءِ أَنْ يَحْلِفَ، أَنْ لَا يَمَسَّهَا أَبَدًا، أَوْ سِتَّةَ أَشْهُرٍ، أَوْ أَكْثَرَ، أَوْ مَا زَادَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ»

ص: 110

14953 -

وَبِإِسْنَادِهِ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: " الْإِيلَاءُ أَنْ يَحْلِفَ بِاللَّهِ عَلَى الْجِمَاعِ نَفْسِهِ، وَذَلِكَ أَنْ يَحْلِفَ أَنْ

⦗ص: 111⦘

لَا يَمَسَّهَا، فَإِمَّا أَنْ يَقُولَ: لَا أَمَسُّكِ وَلَا يَحْلِفُ، أَوْ يَقُولَ لَهَا قَولًا غَلِيظًا ثُمَّ يَهْجُرُهَا، فَلَيْسَ ذَلِكَ بِإِيلَاءٍ "

ص: 110

14954 -

وَبِإِسْنَادِهِ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُهَاجِرِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ:" تَزَوَّجَ الزُّبَيْرُ أَوِ ابْنُ الزُّبَيْرِ، شَكَّ الرَّبِيعُ، امْرَأَةً فَاسْتَزَادَهُ أَهْلُهَا فِي الْمَهْرِ فَأَبَى، فَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ شَرٌّ، فَحَلَفَ أَنْ لَا يُدْخِلَهَا عَلَيْهِ حَتَّى يَكُونَ أَهْلُهَا الَّذِينَ يَسْأَلُونَهُ ذَلِكَ قَالَ: فَلَبِثُوا سِنِينَ، ثُمَّ طَلَبُوا ذَلِكَ إِلَيْهِ فَقَالُوا: اقْبِضْ إِلَيْكَ أَهْلَكَ، وَلَمْ يُعَدَّ ذَلِكَ إِيلَاءٌ، وَأَدْخَلَهَا عَلَيْهِ ".

14955 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَيَسْقُطُ الْإِيلَاءُ مِنْ وَجْهٍ بِأَنْ يَأْتِيَهَا وَلَا يُدْخِلُهَا عَلَيْهِ وَلَعَلَّهُ أَنْ لَا يَكُونَ أَرَادَ هَذَا الْمَعْنَى بِيَمِينِهِ

ص: 111

14956 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ، فِيمَا بَلَغَهُ عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ أَبِي عَطِيَّةَ الْأَسَدِيِّ، أَنَّهُ تَزَوَّجَ امْرَأَةَ أَخِيهِ وَهِيَ تُرْضِعُ بِابْنِ أَخِيهِ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَا أَقْرَبُهَا حَتَّى تَفْطِمَهُ. فَسَأَلَ عَلِيًّا عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ عَلِيٌّ:«إِنْ كُنْتَ إِنَّمَا أَرَدْتَ الْإِصْلَاحَ لَكَ أَوْ لِابْنِ أَخِيكَ فَلَا إِيلَاءَ عَلَيْكَ، إِنَّمَا» الْإِيلَاءُ مَا كَانَ فِي الْغَضَبِ ".

14957 -

قَالَ أَحْمَدُ: هَكَذَا رَوَاهُ هُشَيْمٌ، وَرَوَاهُ الثَّقَفِيُّ، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي عِجْلٍ، عَنْ أَبِي عَطِيَّةَ.

14958 -

وَرَوَاهُ شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عَطِيَّةَ بْنِ جُبَيْرٍ

⦗ص: 112⦘

14959 -

وَرَوَى الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَظُنُّهُ فِي مَعْنَاهُ.

14960 -

ثُمَّ قَالَ: وَسَعِيدٌ ثِقَةٌ وَإِنْ كُنْتُ لَا أَدْرِي عَنْ مَنْ رَوَاهُ.

14961 -

ثُمَّ قَالَ: وَمَنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ: وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَتْ بِهَا عِلَّةٌ يَضُرُّهَا الْجِمَاعُ بِهَا. أَوْ بَدَأَ الْيَمِينَ وَلَيْسَ هَيْئَتُهَا الضِّرَارُ فَلَيْسَتْ بِإِيلَاءٍ وَلِهَذَا الْقَوْلِ وَجْهٌ حَسَنٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

14962 -

وَقَالَ غَيْرُهُ: هُوَ مُولٍ وَكُلُّ يَمِينٍ مَنَعَتِ الْجِمَاعَ فَهِيَ إِيلَاءٌ، وَنَصَّ عَلَى هَذَا فِي الْجَدِيدِ. وَاحْتَجَّ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَنْزَلَ الْإِيلَاءَ مُطْلَقًا لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ غَضَبًا وَلَا رِضًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ

ص: 111

14963 -

قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَرُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، يُرِيدُ قَولَهُ:«أَنَّ الْإِيلَاءَ فِي الرِّضَا وَالْغَضَبِ سَوَاءً» .

14964 -

وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِي الْمُولِي يَعُولُ امْرَأَةً كَفَّرَ عَنْ يَمِينِهِ رَوَى هَذَا، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ

ص: 112

‌كِتَابُ الظِّهَارِ

ص: 113

14965 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ رحمه الله قَالَ: " سَمِعْتُ مَنْ أَرْضَى مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْقُرْآنِ يَذْكُرُ أَنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يُطَلِّقُونَ بِثَلَاثَةٍ: الظِّهَارِ، وَالْإِيلَاءِ، وَالطَّلَاقِ. فَأَقَرَّ اللَّهُ تبارك وتعالى الطَّلَاقَ طَلَاقًا، وَحَكَمَ فِي الْإِيلَاءِ بِأَنْ أَمْهَلَ

⦗ص: 114⦘

الْمُولِي أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، ثُمَّ جَعَلَ عَلَيْهِ أَنْ يَفِيءَ أَوْ يُطَلِّقَ، وَحَكَمَ فِي الظِّهَارِ بِالْكَفَّارَةِ، فَإِذَا تَظَاهَرَ الرَّجُلُ مِنَ امْرَأَتِهِ يُرِيدُ طَلَاقَهَا أَوْ يُرِيدُ تَحْرِيمَهَا بِلَا طَلَاقٍ فَلَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ بِحَالٍ وَهُوَ مُتَظَاهِرٌ، وَكَذَلِكَ إِنْ تَكَلَّمَ بِالظِّهَارِ وَلَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَهُوَ مُتَظَاهِرٌ، قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى:{وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [المجادلة: 3].

14966 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: الَّذِي حَفِظْتُ مِمَّنْ سَمِعْتُ فِي {يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} [المجادلة: 3] أَنَّ الْمُتَظَاهِرَ حَرَّمَ مَسَّ امْرَأَتِهِ بِالظِّهَارِ، فَإِذَا أَتَتْ عَلَيْهِ مُدَّةٌ بَعْدَ الْقَوْلِ بِالظِّهَارِ لَمْ يُحَرِّمْهَا بِالطَّلَاقِ الَّذِي تُحَرَّمُ بِهِ، وَلَا شَيْءَ يَكُونُ لَهُ مَخْرَجٌ مِنْ أَنْ تُحَرَّمَ عَلَيْهِ بِهِ، فَقَدْ

⦗ص: 115⦘

وَجَبَتْ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ، كَأَنَّهُمْ يَذْهَبُونَ إِلَى أَنَّهُ إِذَا أَمْسَكَ مَا حَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ حَلَالٌ فَقَدْ عَادَ لِمَا قَالَ فَخَالَفَهُ فَأَحَلَّ مَا حَرَّمَ.

14967 -

قَالَ: وَلَا أَعْلَمُ لَهُ مَعْنًى أَوْلَى بِهِ مِنْ هَذَا، وَلَمْ أَعْلَمْ مُخَالِفًا فِي أَنَّ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ وَإِنْ لَمْ يَعُدْ بِتَظَاهُرٍ آخَرَ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُقَالَ لِمَا لَمْ أَعْلَمْ مُخَالِفًا فِي أَنَّهُ لَيْسَ بِمَعْنَى الْآيَةِ

ص: 113

14968 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْمُقْرِئُ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ جَمِيلَةَ، كَانَتْ تَحْتَ أَوْسِ بْنِ الصَّامِتِ وَكَانَ امْرَأً بِهِ لَمَمٌ، فَكَانَ إِذَا اشْتَدَّ لَمَمُهُ ظَاهَرَ مِنَ امْرَأَتِهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل فِيهِ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ.

14969 -

أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ، حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاويَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ تَمِيمِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: " الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَسِعَ سَمْعُهُ الْأَصْوَاتَ، لَقَدْ جَاءَتِ الْمُجَادِلَةُ تَشْكُو إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُمَا فِي نَاحِيَةِ الْبَيْتِ مَا أَسْمَعُ مَا تَقُولُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل:{قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ} [المجادلة: 1]

⦗ص: 116⦘

" أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ فَقَالَ: وَقَالَ الْأَعْمَشُ: عَنْ تَمِيمٍ فَذَكَرَهُ.

14970 -

وَرَوَاهُ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ مَعْنٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، وَذَكَرَ أَنَّهَا كَانَتْ خَوْلَةَ بِنْتَ ثَعْلَبَةَ، وَزَوْجُهَا أَوْسُ بْنُ الصَّامِتِ.

14971 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَمَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: 3]، وَقْتٌ لِأَنْ يُؤَدِّيَ مَا أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنَ الْكَفَّارَةِ فِيهَا قَبْلَ الْمَمَاسَّةِ، فَإِذَا كَانَتِ الْمَمَاسَّةُ قَبْلَ كَفَّارَةٍ فَذَهَبَ الْوقْتُ لَمْ تَبْطُلِ الْكَفَّارَةُ وَلَمْ يُزَدْ عَلَيْهِ فِيهَا وَجَعَلَهَا قِيَاسًا عَلَى الصَّلَاةِ

ص: 115

14972 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّيْرَفِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ الْفَضْلِ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْعَدَنِيُّ، حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ أَبَانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ ظَاهَرَ مِنَ امْرَأَتِهِ فَوَقَعَ عَلَيْهَا فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي ظَاهَرْتُ مِنَ امْرَأَتِي، فَوقَعْتُ عَلَيْهَا مِنْ قَبْلِ أَنْ أُكَفِّرَ قَالَ:«وَمَا حَمَلَكَ عَلَى ذَلِكَ يَرْحَمُكَ اللَّهُ؟» قَالَ: رَأَيْتُ خُلْخَالَهَا فِي ضَوءِ الْقَمَرِ قَالَ: «فَلَا تَقْرَبْهَا حَتَّى تَفْعَلَ مَا أَمَرَ اللَّهُ» .

14973 -

وَبِمَعْنَاهُ رَوَاهُ مَعْمَرٌ، وَسَعِيدُ بْنُ كُلَيْبٍ قَاضِي عَدَنَ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبَانَ، مَوْصُولًا

ص: 116

14974 -

وَرُوِّينَا فِي حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ صَخْرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْمُظَاهِرِ يُواقِعُ قَبْلَ أَنْ يُكَفِّرَ قَالَ:«كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ»

ص: 116

‌بَابُ عِتْقِ الْمُؤْمِنَةِ فِي الظِّهَارِ

ص: 117

14975 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى: " {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: 3].

14976 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَإِذَا وَجَبَتْ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ عَلَى الرَّجُلِ وَهُوَ وَاجِدٌ لِرَقَبَةٍ أَوْ ثَمَنِهَا لَمْ يُجْزِهِ فِيهَا إِلَّا تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ، وَلَا تُجْزِئُهُ رَقَبَةٌ عَلَى غَيْرِ دِينِ الْإِسْلَامِ لِأَنَّ اللَّهَ عز وجل يَقُولُ فِي الْقَتْلِ {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: 92] فَكَانَ شَرْطُ اللَّهِ فِي رَقَبَةِ الْقَتْلِ إِذَا كَانَتْ كَفَّارَةً كَالدَّلِيلِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ عَلَى أَنْ لَا يُجْزِئَ رَقَبَةٌ فِي كَفَّارَةٍ إِلَّا مُؤْمِنَةً، كَمَا شَرَطَ اللَّهُ الْعَدْلَ فِي الشَّهَادَةِ فِي مَوضِعَيْنِ وَأَطْلَقَ الشُّهُودَ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ، فَلَمَّا كَانَتْ شَهَادَةٌ كُلُّهَا اكْتَفَيْنَا بِشَرْطِ اللَّهِ فِيمَا شَرَطَ فِيهِ.

14977 -

وَاسْتَدْلَلْنَا عَلَى أَنَّ مَا أُطْلِقَ مِنَ الشَّهَادَاتِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَلَى مِثْلِ مَعْنَى مَا شُرِطَ قَالَ: وَإِنَّمَا أَرَادَ اللَّهُ أَمْوَالَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ لَا عَلَى الْمُشْرِكِينَ.

14978 -

قَالَ: وَأُحِبُّ لَهُ أَنْ لَا يُعْتِقَ إِلَّا بَالِغَةً مُؤْمِنَةً وَإِنْ كَانَتْ أَعْجَمِيَّةً فَوَصَفَتِ الْإِسْلَامَ أَجْزَأَتْهُ "

ص: 117

14979 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو سَعِيدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ هِلَالِ بْنِ أُسَامَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ، أَنَّهُ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ جَارِيَةً لِي كَانَتْ تَرْعَى لِي غَنَمًا لِي، فَجِئْتُهَا وَفَقَدَتْ شَاةً مِنَ الْغَنَمِ، فَسَأَلْتُهَا عَنْهَا، فَقَالَتْ: أَكَلَهَا الذِّئْبُ، فَأَسِفْتُ عَلَيْهَا وَكُنْتُ مِنْ بَنِي آدَمَ فَلَطَمْتُ وَجْهَهَا وَعَلَيَّ رَقَبَةٌ

⦗ص: 118⦘

أَفَأُعْتِقُهَا؟ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَيْنَ اللَّهُ؟» فَقَالَتْ: فِي السَّمَاءِ، فَقَالَ:«مَنْ أَنَا؟» فَقَالَتْ: أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ، فَقَالَ:«فَأَعْتِقْهَا» قَالَ عُمَرُ بْنُ الْحَكَمِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَشْيَاءً كُنَّا نَصْنَعُهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ كُنَّا نَأْتِي الْكُهَّانَ، فَقَالَ: النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَأْتُوا الْكُهَّانَ» ، فَقَالَ: عُمَرُ: وَكُنَّا نَتَطَيَّرُ، فَقَالَ:«إِنَّمَا ذَلِكَ شَيْءٌ يَجِدُهُ أَحَدُكُمْ فِي نَفْسِهِ فَلَا يَصُدَّنَّكُمْ» .

14980 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: اسْمُ الرَّجُلِ مُعَاويَةُ بْنُ الْحَكَمِ. وَكَذَلِكَ رَوَى الزُّهْرِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ.

14981 -

قَالَ أَحْمَدُ: رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ مُعَاويَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ.

14982 -

وَرَوَاهُ الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مُعَاويَةَ بْنِ الْحَكَمِ، بِقِصَّةِ الْكُهَّانِ وَالطِّيَرَةِ.

14983 -

وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ لَمْ يَضْبِطِ اسْمَهُ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ

14984 -

وَرُوِيَ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، عَنْ مُعَاويَةَ بْنِ الْحَكَمِ

14985 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ: وَفِيهِ بَيَانٌ أَنَّ مَنْ كَانَتْ عَلَيْهِ رَقَبَةٌ بِنَذْرٍ، أَوْ وَجَبَتْ بِغَيْرِ نَذْرٍ لَمْ يُجْزِئْهُ فِيهَا إِلَّا مُؤْمِنَةٌ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَقُولُ: عَلَيَّ رَقَبَةٌ، لَا يَذْكُرُ

⦗ص: 119⦘

مُؤْمِنَةً فَسَأَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْجَارِيَةَ عَنْ صِفَةِ الْإِيمَانِ، وَلَوْ كَانَتْ تُجْزِئُهُ غَيْرُ مُؤْمِنَةٍ قَالَ: أَعْتِقْ أَيَّ رَقَبَةٍ شِئْتَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

14986 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ: وَأَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِجَارِيَةٍ لَهُ سَودَاءَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ عَلَيَّ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً أَفَأُعْتِقُ هَذِهِ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«أَتَشْهَدِينَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؟» قَالَتْ: نَعَمْ قَالَ: «أَتَشْهَدِينَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ؟» قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ:«أَتُوقِنِينَ بِالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ؟» قَالَتْ: نَعَمْ، فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَعْتِقْهَا» . أَخْبَرَنَاهُ أَبُو زَكَرِيَّا، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، فَذَكَرَهُ.

14987 -

هَذَا مُرْسَلٌ وَرُوِيَ مَوْصُولًا بِبَعْضِ مَعْنَاهُ

ص: 117

‌الْكَفَّارَةُ بِالصِّيَامِ ثُمَّ بِالطَّعَامِ

ص: 120

14988 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} [المجادلة: 4].

14989 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَإِذَا لَمْ يَجِدِ الْمُتَظَاهِرُ رَقَبَةً يُعْتِقُهَا وَكَانَ يُطِيقُ الصِّيَامَ فَعَلَيْهِ الصَّومُ، وَلَمْ يُجْزِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَا شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ كَمَا قَالَ اللَّهُ عز وجل، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ حِينَ يُرِيدُ الْكَفَّارَةَ عَنِ الظِّهَارِ بِصِيَامِ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ لِمَرَضٍ أَوْ عِلَّةٍ مَا كَانَتْ أَجْزَأَهُ أَنْ يُطْعِمَ وَلَا يُجْزِئُهُ أَنْ يُطْعِمَ أَقَلَّ مِنْ سِتِّينَ مِسْكِينًا كُلَّ مِسْكِينٍ مُدًّا مِنْ طَعَامِ بَلَدِهِ، وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِي شَرْحِ ذَلِكَ "

ص: 120

14990 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّزَّازُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الرِّيَاحِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوبَانَ، وَأَبِي سَلَمَةَ، أَنَّ سَلَمَةَ بْنَ صَخْرٍ الْبَيَاصِيَّ، جَعَلَ امْرَأَتَهُ عَلَيْهِ كَظَهْرِ أُمِّهِ إِنْ غَشِيَهَا حَتَّى يَمْضِيَ رَمَضَانُ، فَلَمَّا مَضَى النِّصْفُ مِنْ رَمَضَانَ سَمُنَتِ الْمَرْأَةُ وَتَرَبَّعَتْ فَأَعْجَبَتْهُ فَغَشِيَهَا لَيْلًا ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ:«أَعْتِقْ رَقَبَةً» ، فَقَالَ: لَا أَجِدُ قَالَ: «صُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ» قَالَ: لَا أَسْتَطِيعُ قَالَ: «أَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا» قَالَ: لَا أَجِدُ قَالَ: فَأُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِعَرَقٍ فِيهِ خَمْسَةُ عَشَرَ صَاعًا أَوْ سِتَّةُ عَشَرَ صَاعًا، فَقَالَ:«تَصَدَّقْ بِهَذَا عَلَى سِتِّينَ مِسْكِينًا»

⦗ص: 121⦘

.

14991 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَهَكَذَا رَوَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، عَنْ أَبِي عَامِرٍ الْعَقَدِيِّ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ حَرْبُ بْنُ شَدَّادٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ

ص: 120

14992 -

وَرَوَاهُ شَيْبَانُ النَّحْوِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ صَخْرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَعْطَاهُ مِكْتَلًا فِيهِ خَمْسَةُ عَشَرَ صَاعًا، فَقَالَ:«أَطْعِمْهُ سِتِّينَ مِسْكِينًا، وَذَلِكَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ» .

14993 -

أَخْبَرَنَاهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْمُؤَمِّلِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عُثْمَانَ الْبَصْرِيُّ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ.

14994 -

وَبِمَعْنَاهُ قَالَهُ أَبَانُ الْعَطَّارُ، عَنْ يَحْيَى، وَاخْتَلَفَا فِيهِ، عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، فَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ صَخْرٍ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ قَالَ:«انْطَلِقْ إِلَى صَاحِبِ صَدَقَةِ بَنِي زُرَيْقٍ فَلْيَدْفَعْهَا إِلَيْكَ فَأَطْعِمْ مِنْهَا وَسْقًا سِتِّينَ مِسْكِينًا، وَاسْتَغْنِ بِسَائِرِهَا عَلَى عِيَالِكَ» .

14995 -

وَفِي رِوَايَةٍ: «فَأَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ وَكُلْ أَنْتَ وَعِيَالُكَ بَقِيَّتَهَا» .

14996 -

وَرَوَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ فِي مُسْنَدِهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، بِإِسْنَادِهِ. وَقَالَ فِي آخِرِهِ:«فَاذْهَبْ إِلَى صَاحِبِ صَدَقَةِ بَنِي زُرَيْقٍ فَلْيَدْفَعْ إِلَيْكَ وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ فَأَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا وَكُلْ أَنْتَ بَقِيَّتَهُ أَنْتَ وَعِيَالُكَ» .

14997 -

وَرَوَاهُ الْأُسْتَاذُ أَبُو الْوَلِيدِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سُفْيَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، وَإِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِدْرِيسَ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَقَالَ فِيهِ:«اذْهَبْ إِلَى صَاحِبِ صَدَقَةِ بَنِي زُرَيْقٍ فَمُرْهُ فَلْيُعْطِكَ وَسْقًا مِنْهَا فَأَطْعِمْ مِنْهَا سِتِّينَ مِسْكِينًا، وَكُلْ بَقِيَّتَهَا أَنْتَ وَعِيَالُكَ» . وَهَذَا فِيمَا أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ

⦗ص: 122⦘

.

14998 -

وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يُطْعِمُ مِنَ الْوَسْقِ سِتِّينَ مِسْكِينًا ثُمَّ يَأْكُلُ هُوَ وَعِيَالُهُ بَقِيَّةَ الْوَسْقِ، وَهَذَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَحْفُوظًا.

14999 -

فَقَدْ رَوَى بُكَيْرُ بْنُ الْأَشَجِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، هَذَا الْخَبَرَ وَقَالَ فِيهِ: فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِتَمْرٍ، فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا قَالَ:«تَصَدَّقْ بِهَذَا» قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلَى أَفْقَرَ مِنِّي وَمِنْ أَهْلِي؟ فَقَالَ: «كُلْهُ أَنْتَ وَأَهْلُكَ» . وَهَذَا أَوْلَى لِمُوافَقَتِهِ رِوَايَةَ أَبِي سَلَمَةَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوبَانَ.

15000 -

وَأَمَّا حَدِيثُ أَوْسِ بْنِ الصَّامِتِ، فَقَدِ اخْتَلَفَتِ الرِّوَايَاتُ فِيهِ، فَرُوِيَ فِيهِ خَمْسَةُ عَشَرَ صَاعًا، وَرُوِيَ مِكْتَلٌ يَسَعُ ثَلَاثِينَ صَاعًا، وَرُوِيَ سِتِّينَ صَاعًا

ص: 121

15001 -

وَرُوِّينَا عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي قِصَّةِ الْمُجَامِعِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ قَالَ:«أَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا» قَالَ: مَا أَجِدُ، فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرُ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا قَالَ:«خُذْهُ فَتَصَدَّقْ بِهِ» . وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الْفَقِيهُ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا حَبَّانُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ هُوَ ابْنُ الْمُبَارَكِ، أَخْبَرَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، فَذَكَرَهُ.

15002 -

هَكَذَا رَوَاهُ الشَّيْخُ أَبُو الْوَلِيدِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سُفْيَانَ، وَرَوَاهُ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، فِيمَا أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو الْأَدِيبُ عَنْهُ، عَنِ الْحَسَنِ، وَقَالَ فِي

⦗ص: 123⦘

الْحَدِيثِ: فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِعَرَقٍ، فَقَالَ:«خُذْهُ فَتَصَدَّقْ بِهِ» ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعَلَى غَيْرِ أَهْلِي؟ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا بَيْنَ طُنُبَيِ الْمَدِينَةِ، وَقَالَ عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ: مَا بَيْنَ لَابَتَيِ الْمَدِينَةِ أَحَدٌ أَحْوَجُ مِنِّي، فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى بَدَتْ أَسْنَانُهُ، ثُمَّ قَالَ:«خُذْهُ وَاسْتَغْفِرْ رَبَّكَ» ، وَقَالَ عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ: فَأُتِيَ بِمِكْتَلٍ فِيهِ خَمْسَةُ عَشَرَ صَاعًا. وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُقَاتِلٍ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ إِلَى قَولِهِ: مَا بَيْنَ طُنُبَيِ الْمَدِينَةِ.

15003 -

وَرَوَاهُ الْهِقْلُ بْنُ زِيَادٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، وَقَالَ فِيهِ: بِعَرَقٍ فِيهِ خَمْسَةُ عَشَرَ صَاعًا.

15004 -

وَكَذَلِكَ قَالَهُ مَسْرُورُ بْنُ صَدَقَةَ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ.

15005 -

وَكَذَلِكَ قَالَهُ دُحَيْمٌ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، مُدْرَجًا فِي رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

15006 -

وَالَّذِي عِنْدِي أَنَّ رَاوِيَ تَقْدِيرِ الْمِكْتَلِ بِخَمْسَةِ عَشَرَ صَاعًا، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ هُوَ الزُّهْرِيُّ، فَقَدْ رُوِيَ مِنْ أَوْجُهٍ أُخَرَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ مُدْرَجًا فِي الْحَدِيثِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

15007 -

وَرَوَاهُ الْأَعْمَشُ، عَنْ طَلْقِ بْنِ حَبِيبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي قِصَّةِ الْمُوَاقِعِ قَالَ: فَأُتِيَ بِمِكْتَلٍ يَكُونُ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ.

15008 -

وَهَذَا أَصَحُّ مِنْ رِوَايَةِ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ بِالشَّكِّ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ أَوْ عِشْرِينَ.

15009 -

وَعَطَاءٌ لَيْسَ بِالْقَويِّ

ص: 122

15010 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَيَّانَ الْقَاضِي، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَصْفَهَانِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمُرَادِيُّ، بِمِصْرَ، حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: " الْمَكَايِيلُ مُدٌّ وَصَاعٌ وَفَرْقٌ، فَالصَّاعُ: جِمَاعُ أَرْبَعَةِ أَمْدَادٍ، وَالْفَرْقُ: جِمَاعُ ثَلَاثَةِ آصُعٍ «.

15011 -

وَالْكَفَّارَاتُ كُلُّهَا بِمُدِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَّا فِي الْمُفْتَدِي مِنَ الْمُحْرِمِينَ فِي حِلَاقِ رَأْسِهِ خَاصَّةً فَإِنَّهُ يُطْعِمُ سِتَّةَ مَسَاكِينَ مُدَّيْنِ مُدَّيْنِ لِمَا جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم».

15012 -

وَالْفَرْقُ هُوَ الْقَدَحُ الَّذِي رَوَى سُفْيَانُ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَغْسِلُ مِنْهُ.

15013 -

وَالْوَسَقُ: سِتُّونَ صَاعًا، وَالْخَمْسَةُ الْأَوْسُقِ الَّتِي قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ» ثَلَاثُمِائَةِ صَاعٍ.

15014 -

قَالَ: وَالنَّشُّ نِصْفُ وَقِيَّةٍ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا.

15015 -

وَالْوَقِيَّةُ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا.

15016 -

قَالَ: وَمُدُّ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ هُوَ قَدْرُ نِصْفٍ بِمُدِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الظِّهَارِ فِي إِطْعَامِ سِتِّينَ مِسْكِينًا.

15017 -

قَالَ: وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: كُلُّ كَفَّارَةٍ تَجِبُ عَلَى النَّاسِ فَهُوَ مُدَّانِ بِمُدِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

15018 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَأَخَذُوا هَذَا مِنْ حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ فِي إِطْعَامِ سِتَّةِ مَسَاكِينَ مُدَّيْنِ مُدَّيْنِ فِي كَفَّارَةِ الْأَذَى، فَقَاسُوا عَلَيْهِ كُلَّ شَيْءٍ سِوَاهُ.

15019 -

قَالَ أَحْمَدُ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ: وَخَالَفَنَا بَعْضُ النَّاسِ فَقَالَ: لَا يُجْزِئُ أَقَلُّ مِنْ مُدَّيْنِ.

15020 -

وَاحْتَجَّ بِأَنْ قَاسَ عَلَى حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، وَقَالَ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ قِسْتَ؟ قُلْنَا: حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ فِدْيَةٌ فِي الْحَجِّ، وَفِدْيَةُ الْحَجِّ لَا تَشْبِهُ مَا سِوَاهَا

⦗ص: 125⦘

مِنَ الْكَفَّارَاتِ، وَحَدِيثُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَفَّارَةٌ فِي رَمَضَانَ، وَالْكَفَّارَةُ وَأَمْرُ النَّاسِ بِدَارِ الْهِجْرَةِ

ص: 124

15021 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، «أَنَّهُ كَانَ يُكَفِّرُ عَنْ يَمِينِهِ بِإِطْعَامِ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ، لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ مِنْ حِنْطَةٍ»

ص: 125

15022 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ قَالَ:«أَدْرَكْتُ النَّاسَ إِذَا أَعْطَوْا كَفَّارَةَ الْيَمِينِ أَعْطَوْا مُدًّا مِنْ حِنْطَةٍ بِالْمُدِّ الْأَصْغَرِ، وَرَأَوْا أَنَّ ذَلِكَ مُجْزِئٌ عَنْهُمْ» .

15023 -

أَخْبَرَنَا بِهِمَا جَمِيعًا أَبُو أَحْمَدَ الْمِهْرَجَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، فَذَكَرَهُمَا.

15024 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَفِي حَدِيثِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَا دَلَّ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ حِينَ أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِعَرَقٍ فِيهِ خَمْسَةُ عَشَرَ صَاعًا، فَقَالَ:«خُذْ هَذَا فَكَفِّرْ بِهِ» ، وَقَدْ أَعْلَمَهُ أَنَّ عَلَيْهِ إِطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا فَهَذَا مَدٌّ مَدٌّ

15025 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَفِي رِوَايَةِ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي فِدْيَةِ الْأَذَى قَالَ:«ثَلَاثَةُ آصُعٍ مِنْ تَمْرٍ» .

15026 -

وَفِي رِوَايَةِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ:«لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ طَعَامٍ» .

15027 -

وَهَذِهِ الرِّوَايَاتُ صَحِيحَةٌ فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ قَالَ جَمِيعَ ذَلِكَ، وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى جَوَازِ نِصْفِ صَاعٍ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ مِنْ هَذِهِ الْأَصْنَافِ الثَّلَاثَةِ فِي فِدْيَةِ الْأَذَى

⦗ص: 126⦘

15028 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ: وَكَفَّارَةُ الظِّهَارِ وَكُلُّ كَفَّارَةٍ وَجَبَتْ عَلَى أَحَدٍ بِمُدِّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ فِي الْقَدِيمِ: وَهُوَ رُبْعُ صَاعٍ، وَالصَّاعُ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ إِلَّا شَيْءٌ أَوْ شَيْءٌ قَلِيلٌ.

15029 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ: وَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِمُدِّ مَنْ لَمْ يُولَدْ فِي عَهْدِهِ أَوْ بِمُدٍّ أُحْدِثَ بَعْدَ مُدِّهِ بِيَوْمٍ وَاحِدٍ؟ وَإِنَّمَا قَالَ هَذَا لِأَنَّ عِنْدَ مَالِكٍ كَفَّارَةَ الظِّهَارِ وَحْدَهَا بِمُدِّ هِشَامٍ.

15030 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَمُدُّ هِشَامٍ مُدٌّ وَثُلُثٌ أَوْ مَدٌّ وَنِصْفٌ، وَقَالَ فِي رِوَايَةِ حَرْمَلَةَ: مُدُّ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ هُوَ مُدٌّ وَنِصْفٌ بِمُدِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

15031 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ الرَّبِيعِ: مَنْ شَرَعَ لَكُمْ مَذْهَبَ هِشَامٍ وَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى الْكَفَّارَاتِ عَلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ أَنْ يُولَدَ أَبُو هِشَامٍ؟ فَكَيْفَ تَرَى الْمُسْلِمِينَ كَفَّرُوا فِي زَمَانِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَبَعْدَهُ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ مُدُّ هِشَامٍ، وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِي هَذَا

ص: 125

‌25 - كِتَابُ اللِّعَانِ

ص: 127

‌اللِّعَانُ

ص: 129

15032 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [النور: 4] " الْآيَةَ.

15033 -

وَقَالَ: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ، وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ، وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ، وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ}

⦗ص: 130⦘

.

15034 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَكَانَ بَيِّنًا فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى أَنَّ اللَّهَ أَخْرَجَ الزَّوْجَ مِنْ قَذْفِ الْمَرْأَةِ بِشَهَادَتِهِ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لِمَنَ الصَّادِقِينَ، وَالْخَامِسَةَ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ، كَمَا أَخْرَجَ قَاذِفَ الْمُحْصَنَةِ غَيْرِ الزَّوْجَةِ بِأَرْبَعَةِ شُهُودٍ يَشْهَدُونَ عَلَيْهَا بِمَا قَذَفَهَا بِهِ مِنَ الزِّنَا، وَكَانَتْ فِي ذَلِكَ دَلَالَةٌ أَنْ لَيْسَ عَلَى الزَّوْجِ أَنْ يَلْتَعِنَ حَتَّى تَطْلُبَ الْمَرْأَةُ الْمَقْذُوفَةُ حَدَّهَا، كَمَا لَيْسَ عَلَى قَاذِفِ الْأَجْنَبِيَّةِ حَدٌّ حَتَّى تَطْلُبَ حَدَّهَا.

15035 -

قَالَ: وَلَمَّا ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى اللِّعَانَ عَلَى الْأَزْوَاجِ مُطْلَقًا كَانَ اللِّعَانُ عَلَى كُلِّ زَوْجٍ جَازَ طَلَاقُهُ وَلَزِمَهُ الْفَرْضُ، وَكَذَلِكَ عَلَى كُلِّ زَوْجَةٍ لَزِمَهَا الْفَرْضُ

ص: 129

15036 -

وَأَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ إِجَازَةً، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَخَالَفَنَا بَعْضُ النَّاسِ فَقَالَ: لَا تَلَاعُنَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ حَتَّى يَكُونَا حُرَّيْنِ مُسْلِمَيْنِ، لَيْسَا بِمَحْدُودَيْنِ فِي قَذْفٍ وَلَا وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَقَالُوا: رُوِّينَا فِي ذَلِكَ حَدِيثًا فَاتَّبَعْنَاهُ، قُلْنَا: وَمَا الْحَدِيثُ؟ قَالُوا: رَوَى عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" أَرْبَعٌ لَا لِعَانَ بَيْنَهُنَّ وَبَيْنَ أَزْوَاجِهِنَّ: الْيَهُودِيَّةُ وَالنَّصْرَانِيَّةُ تَحْتَ الْمُسْلِمِ، وَالْحُرَّةُ تَحْتَ الْعَبْدِ وَالْأَمَةُ عِنْدَ الْحُرِّ، وَالنَّصْرَانِيَّةُ عِنْدَ النَّصْرَانِيِّ ".

15037 -

فَقُلْنَا لَهُمْ: رَوَيْتُمْ هَذَا عَنْ رَجُلٍ مَجْهُولٍ وَرَجُلٍ غَلِطٍ، وَعَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، مُنْقَطِعٌ، وَاللَّذَانِ رَوَيَاهُ يَقُولُ أَحَدُهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَالْآخَرُ يَقِفُهُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، فَهُوَ لَا يَثْبُتُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، وَلَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَلَا يُبْلِغُ بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم إِلَّا رَجُلٌ غَلِطٌ، وَفِيهِ أَنَّ عَمْرَو بْنَ شُعَيْبٍ قَدْ رَوَى لَنَا، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَحْكَامًا تُوافِقُ أَقَاوِيلَنَا وَتُخَالِفُ أَقَاوِيلَكُمْ يَرْوِيهَا عَنْهُ الثِّقَاتُ فَنَسْنِدُهَا

⦗ص: 131⦘

إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَرَدَدْتُمُوهَا عَلَيْنَا، وَرَدَدْتُمْ رِوَايَتَهُ وَنَسَبْتُمُوهُ إِلَى الْغَلَطِ فَأَنْتُمْ مَحْجُوجُونَ إِنْ كَانَ مِمَّنْ ثَبَتَ حَدِيثُهُ بِأَحَادِيثِهِ الَّتِي وَافَقْنَاهَا وَخَالَفْتُمُوهَا فِي نَحْوٍ مِنْ ثَلَاثِينَ حُكْمًا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، خَالَفْتُمْ أَكْثَرَهَا فَأَنْتُمْ غَيْرُ مُنْصِفِينَ إِنِ احْتَجَجْتُمْ بِرِوَايَتِهِ وَهُوَ مِمَّنْ لَا نُثْبِتُ رِوَايَتَهُ، ثُمَّ احْتَجَجْتُمْ مِنْهَا بِمَا لَوْ كَانَ ثَابِتًا عَنْهُ، وَهُوَ مِمَّنْ يُثْبِتُ حَدِيثُهُ لَمْ يَثْبُتْ لِأَنَّهُ مُنْقَطِعٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو.

15038 -

وَذَكَرَهُ فِي كِتَابِ الْقَدِيمِ فَقَالَ: قِيلَ لَهُ: لِمَ تَرَكْتَ ظَاهَرَ الْقُرْآنِ؟ قَالَ: بِالدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ هَذَا عَلَى خَاصٍّ، قُلْنَا: وَمَا الدَّلَالَةُ؟ فَذَكَرَ عَنْ رَجُلٍ مَجْهُولٍ وَرَجُلٍ مَعْرُوفٍ بِالْغَلَطِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ قَالَ:«أَرْبَعٌ لَا لِعَانَ بَيْنَهُمْ» ، فَذَكَرَ الْأَمَةَ وَالْعَبْدَ وَالْمُشْرِكَ وَالْمُشْرِكَةَ، فَقِيلَ لَهُ: أَلَسْنَا لَا نَخْتَلِفُ نَحْنُ وَلَا أَنْتَ فِي أَنَّ الْمَجْهُولَ وَالْغَلِطَ لَا يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِمَا؟ قَالَ: بَلَى، قِيلَ: فَكَيْفَ احْتَجَجْتَ عَنْ عَمْرٍو بِرِوَايَتِهِمَا؟ قَالَ: هُوَ عِنْدِي مَعْرُوفٌ، قِيلَ: رَأَيْنَا بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَهْلِ نَاحِيَتِكَ يَقُولُ فِيهِ مَا قُلْنَا.

15039 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقِيلَ لَهُ قَدْ رَوَى ابْنُ جُرَيْجٍ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الثِّقَةِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. وَعَنْ عَمْرٍو، عَنْ أَبِيهِ أَحْكَامًا فِيهَا الْيَمِينُ مَعَ الشَّاهِدِ وَرَدُّ الْيَمِينِ، وَأَنَّ دِيَةَ الْكَافِرِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَةِ الْمُسْلِمِ، وَاللُّقَطَةُ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا نَقُولُ بِهِ وَتَتْرُكُهُ فَإِذَا احْتَجَجْنَا عَلَيْكَ بِحَدِيثِهِ ضَعَّفْتَهُ وَقُلْتَ: رِوَايَةُ عَمْرٍو صَحِيفَةٌ، وَرَوَى مَا لَا نَعْرِفُ، وَالنَّاسُ يَتَّقُونَ حَدِيثَهُ فَإِنْ كَانَ كَمَا قُلْتَ فَلَيْسَ لَكَ أَنْ تَحْتَجَّ بِحَدِيثٍ وَإِنْ كَانَ ثِقَةً فَلَيْسَ لَكَ أَنْ تُخَالِفَ مَا رَوَى عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَمْرٌو لَا مُعَارِضَ لَهُ بِخِلَافِهِ وَأَنْتَ تُخَالِفُهُ وَتُضَعِّفُهُ فَلَسْتَ تَسْلَمُ مِنَ الْخَطَأِ فِي وَاحِدٍ مِنَ الْأَمْرَيْنِ.

15040 -

قَالَ أَحْمَدُ: هَذَا حَدِيثٌ رَوَاهُ عُثْمَانُ بْنُ عَطَاءٍ، وَيَزِيدُ بْنُ بُزَيْغٍ الرَّمْلِيُّ، عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

⦗ص: 132⦘

: «أَرْبَعٌ لَا مُلَاعَنَةَ بَيْنَهُمُ النَّصْرَانِيَّةُ تَحْتَ الْمُسْلِمِ، وَالْيَهُودِيَّةُ تَحْتَ الْمُسْلِمِ، وَالْمَمْلُوكَةُ تَحْتَ الْحُرِّ، وَالْحُرَّةُ تَحْتَ الْمَمْلُوكِ» .

15041 -

وَعَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ مَعْرُوفٌ بِكَثْرَةِ الْغَلَطِ كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ.

15042 -

وَابْنُهُ عُثْمَانُ ضَعِيفُ الْحَدِيثِ جِدًّا. قَالَهُ الدَّارُقُطْنِيُّ فِيمَا أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْهُ، وَكَذَلِكَ قَالَهُ غَيْرُهُ مِنْ حُفَّاظِ أَهْلِ الْحَدِيثِ.

15043 -

وَرَوَاهُ عُثْمَانُ الْوَقَّاصِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، وَهُوَ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ، ضَعَّفَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ.

15044 -

وَرَوَاهُ عَمَّارٌ، وَعَمَّارُ بْنُ مَطَرٍ، وَحَمَّادُ بْنُ عَمْرٍو، وَزَيْدُ بْنُ رُفَيْعٍ ضُعَفَاءٌ. قَالَهُ الدَّارُقُطْنِيُّ فِيمَا أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْهُ وَقَالَهُ أَيْضًا غَيْرُهُ.

15045 -

قَالَ الدَّارُقُطْنِيُّ: وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَهُمَا إِمَامَانِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَولَهُ لَمْ يَرْفَعَاهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

⦗ص: 133⦘

.

15046 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَفِي ثُبُوتِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، مَوْقُوفًا أَيْضًا نَظَرٌ، وَذَاكَ لِأَنَّهُ إِنَّمَا رَوَاهُ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَالْأَوْزَاعِيِّ عُمَرُ بْنُ هَارُونَ وَلَيْسَ بِالْقَويِّ.

15047 -

وَرَوَاهُ أَيْضًا يَحْيَى بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ عَمْرٍو، مَوْقُوفًا، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ مَتْرُوكٌ، وَنَحْنُ نَحْتَجُّ بِرِوَايَاتِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، إِذَا كَانَ الرَّاوِي عَنْهُ ثِقَةً وَانْضَمَّ إِلَيْهِ مِمَّا يُؤَكِّدُ وَلَمْ نَجِدْ لِهَذَا الْحَدِيثِ طَرِيقًا صَحِيحًا إِلَى عُمَرَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

15048 -

وَرُوِيَ عَنْ يَحْيَى بْنِ صَالِحٍ الْأَيْلِيِّ، بِإِسْنَادٍ آخَرَ وَهُوَ بِذَلِكَ الْإِسْنَادِ بَاطِلٌ لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ

ص: 130

15049 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَرُوِّينَا فِي حَدِيثِ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قِصَّةِ هِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ لَمَّا قَذَفَ امْرَأَتَهُ قِيلَ لَهُ: وَاللَّهِ لَيَجْلِدَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَمَانِينَ جَلْدَةً قَالَ: اللَّهُ أَعْدَلُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَضْرِبَنِي ثَمَانِينَ ضَرْبَةً، وَقَدْ عَلِمَ أَنِّي رَأَيْتُ حَتَّى اسْتَوْثَقْتُ، وَسَمِعْتُ حَتَّى اسْتَثْبَتُّ، لَا وَاللَّهِ لَا يَضْرِبُنِي أَبَدًا، فَنَزَلَتْ آيَةُ الْمُلَاعَنَةِ، فَدَعَا بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ نَزَلَتِ الْآيَةُ، فَقَالَ:«اللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ، فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ؟» ، فَقَالَ هِلَالٌ: وَاللَّهِ إِنِّي لَصَادِقٌ، فَقَالَ لَهُ:«احْلِفْ بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِنِّي لَصَادِقٌ» ، يَقُولُ: ذَلِكَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، فَإِنْ كُنْتُ كَاذِبًا فَعَلَيَّ لَعْنَةُ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«قِفُوهُ عِنْدَ الْخَامِسَةِ، فَإِنَّهَا مُوجِبَةٌ» فَحَلَفَ، ثُمَّ قَالَتْ: أَرْبَعًا، وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ فَإِنْ كَانْ صَادِقًا فَعَلَيْهَا غَضَبُ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«قِفُوهَا عِنْدَ الْخَامِسَةِ، فَإِنَّهَا مُوجِبَةٌ» فَتَرَدَّدَتْ وَهَمَّتْ بِالِاعْتِرَافِ، ثُمَّ قَالَتْ: لَا أَفْضَحُ قَومِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنْ جَاءَتْ بِهِ أَكْحَلَ أَدْعَجَ سَابِغَ الْأَلْيَتَيْنِ، أَلَفَّ الْفَخِذَيْنِ، خَدَلَّجَ السَّاقَيْنِ، فَهُوَ لِلَّذِي

⦗ص: 134⦘

رُمِيتَ بِهِ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَصْفَرَ قَضِيفًا سَبِطًا فَهُوَ لِهِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ» فَجَاءَتْ بِهِ عَلَى صِفَةِ الْبَغِيِّ ".

أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ كَامِلٍ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْوَلِيدِ الْفَحَّامُ، حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ أَيُّوبَ فَذَكَرَهُ.

15050 -

وَرَوَاهُ عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَالَ فِي آخِرِهِ:«لَوْلَا الْأَيْمَانُ لَكَانَ لِي وَلَهَا شَأْنٌ» .

15051 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَسَوَاءٌ قَالَ الزَّوْجُ: رَأَيْتُهَا تَزْنِي، أَوْ قَالَ: زَنَتْ، أَوْ قَالَ: يَا زَانِيَةُ، كَمَا يَكُونُ ذَلِكَ سَوَاءً إِذَا قَذَفَ أَجْنَبِيَّةً

ص: 133

15052 -

أَخْبَرَنَاهُ أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَنَّهُ قَالَ لِعَطَاءٍ:" الرَّجُلُ يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ: يَا زَانِيَةُ، وَهُوَ يَقُولُ: لَمْ أَرْ ذَلِكَ عَلَيْهَا، أَوْ عَنْ غَيْرِ حَمْلٍ؟ قَالَ: يُلَاعِنُهَا "

⦗ص: 135⦘

.

15053 -

وَذَكَرَ فِي الْقَدِيمِ: لِعَانَ الْأَخْرَسِ بِالْإِشَارَةِ إِذَا كَانَ يُفْقَهُ عَنْهُ

ص: 134

15054 -

وَقَالَ: أَخْبَرَنَا رَجُلٌ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، «أَنَّ أُمَامَةَ بِنْتَ أَبِي الْعَاصِ، أُصْمِتَتْ، فَقِيلَ لَهَا» لِفُلَانٍ كَذَا وَلِفُلَانٍ كَذَا، وَأَحْسَبُهُ قَالَ: وَفُلَانٌ حُرٌّ، فَأَشَارَتْ أَنْ نَعَمْ، فَرَفَعَ ذَلِكَ قَرِيبَ وَصِيَّةٍ "

ص: 135

15056 -

أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ إِجَازَةً، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، أَنَّهُ قَالَ:«إِذَا جَامَعَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ ثُمَّ قَذَفَهَا حُدَّ» .

15057 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: «وَإِنْ كَانَ وَلَدٌ يَنْفِيهِ فَإِنَّهُ يَنْفِي الْوَلَدَ مِنْ قِبَلِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَفَى الْوَلَدَ بَعْدَ الْفُرْقَةِ بِأَنَّهُ كَانَ قَبْلَهَا، وَهُوَ بَعْدَ مَا وَضَعَتْهُ وَبَعْدَ الْفُرْقَةِ بَيْنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ، وَبَسَطَ الْكَلَامَ»

ص: 135

‌أَيْنَ يَكُونُ اللِّعَانُ

ص: 136

15058 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، وَرُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَاعَنَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَإِذَا لَاعَنَ الْحَاكِمُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ بِمَكَّةَ لَاعَنَ بَيْنَهُمَا بَيْنَ الْمَقَامِ وَالْبَيْتِ، وَإِذَا لَاعَنَ بَيْنَهُمَا بِالْمَدِينَةِ لَاعَنَ بَيْنَهُمَا عَلَى الْمِنْبَرِ، وَإِذَا لَاعَنَ بَيْنَهُمَا بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ لَاعَنَ بَيْنَهُمَا فِي مَسْجِدِهَا، وَكَذَلِكَ يُلَاعَنُ بَيْنَ كُلِّ زَوْجَيْنِ فِي مَسْجِدِ كُلِّ بَلَدٍ.

15059 -

وَقَالَ فِي كِتَابِ الْبُويْطِيِّ وَفِي كِتَابِ الْقَدِيمِ: وَإِنَّمَا قُلْنَا هَذَا قِيَاسًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ عَلَى مَا جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَئِمَّةِ الْهُدَى بَعْدَهُ فِي الْيَمِينِ عَلَى الْمِنْبَرِ.

15060 -

قَالَ أَحْمَدُ: فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هَاشِمِ بْنِ هَاشِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نِسْطَاسٍ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ حَلَفَ عَلَى مِنْبَرِي هَذَا بِيَمِينٍ آثِمَةٍ تَبَوَّأَ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ»

⦗ص: 137⦘

أَخْبَرَنَاهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو السُّلَمِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ فَذَكَرَهُ.

15061 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَوْ غَيْرِهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ الزَّوْجَ وَالْمَرْأَةَ فَحَلَفَا بَعْدَ الْعَصْرِ عِنْدَ الْمِنْبَرِ

15062 -

وَهَذَا مُنْقَطِعٌ، وَإِنَّمَا رُوِيَ مَوْصُولًا مِنْ جِهَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ الْوَاقِدِيِّ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي أَنَسٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: حَضَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ لَاعَنَ بَيْنَ عُويْمِرٍ الْعَجْلَانِيِّ وَامْرَأَتِهِ، وَأَنْكَرَ حَمْلَهَا الَّذِي فِي بَطْنِهَا وَقَالَ: هُوَ مِنَ ابْنِ السَّحْمَاءِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«هَاتِ امْرَأَتَكَ فَقَدْ نَزَلَ الْقُرْآنُ فِيكُمَا» ، فَلَاعَنَ بَيْنَهُمَا بَعْدَ الْعَصْرِ عِنْدَ الْمِنْبَرِ عَلَى حَمْلٍ

15063 -

أَخْبَرَنَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَارِثِ الْفَقِيهُ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُوسَى بْنِ عِيسَى، حَدَّثَنَا مَعْبَدُ بْنُ مُحَرَّرٍ، حَدَّثَنَا الْوَاقِدِيُّ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ

ص: 136

‌بَابُ سُنَّةِ اللِّعَانِ وَنَفْيِ الْوَلَدِ وَإلْحَاقِهِ بِالْأُمِّ وَغَيْرِ ذَلِكَ

ص: 138

15064 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ، أَنَّ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ، أَخْبَرَهُ، أَنَّ عُويْمِرًا الْعَجْلَانِيَّ جَاءَ إِلَى، عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ الْأَنْصَارِيِّ فَقَالَ لَهُ: أَرَأَيْتَ يَا عَاصِمُ لَوْ أَنَّ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا أَيَقْتُلُهُ فَيَقْتُلُونَهُ؟ أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ؟ سَلْ لِي يَا عَاصِمُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ، فَسَأَلَ عَاصِمٌ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ، فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَسَائِلَ وَعَابَهَا حَتَّى كَبُرَ عَلَى عَاصِمٍ مَا سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا رَجَعَ عَاصِمٌ إِلَى أَهْلِهِ جَاءَهُ عُويْمِرٌ فَقَالَ: يَا عَاصِمُ مَاذَا قَالَ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ عَاصِمٌ: " لَمْ تَأْتِنِي بِخَيْرٍ، قَدْ كَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَسْأَلَةَ الَّتِي سَأَلْتُهُ عَنْهَا، فَقَالَ عُويْمِرٌ: وَاللَّهِ لَا أَنْتَهِي حَتَّى أَسْأَلَهُ عَنْهَا، فَأَقْبَلَ عُويْمِرٌ حَتَّى أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَسَطَ النَّاسِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ؟ أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيكَ وَفِي صَاحِبَتِكَ، فَاذْهَبْ فَائْتِ بِهَا» ، فَقَالَ سَهْلٌ: فَتَلَاعَنَا وَأَنَا مَعَ النَّاسِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا فَرَغَا قَالَ عُويْمِرٌ: كَذَبْتُ عَلَيْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَمْسَكْتُهَا، فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ:«فَكَانَتْ تِلْكَ سُنَّةَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ»

⦗ص: 139⦘

. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ وَغَيْرِهِ. وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى كُلُّهُمْ عَنْ مَالِكِ

ص: 138

15065 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، أَخْبَرَهُ قَالَ: جَاءَ عُويْمِرٌ الْعَجْلَانِيُّ، إِلَى عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ فَقَالَ: يَا عَاصِمُ سَلْ لِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ رَجُلٍ وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا يَقْتُلُهُ أَيُقْتَلُ بِهِ؟ أَمْ كَيْفَ يَصْنَعُ؟ فَسَأَلَ عَاصِمٌ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَعَابَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَلَقِيَهُ عُويْمِرٌ، فَقَالَ: مَا صَنَعْتَ؟ قَالَ: مَا صَنَعْتُ إِنَّكَ لَمْ تَأْتِنِي بِخَيْرٍ، سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَعَابَ الْمَسَائِلَ فَقَالَ: عُويْمِرٌ: وَاللَّهِ لَآتِيَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَأَسْأَلَنَّهُ، فَأَتَاهُ فَوجَدَهُ قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِيهِمَا، فَدَعَاهُمَا، فَلَاعَنَ بَيْنَهُمَا فَقَالَ عُويْمِرٌ: لَئِنِ انْطَلَقْتُ بِهَا لَقَدْ كَذَبْتُ عَلَيْهَا، فَفَارَقَهَا قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«انْظُرُوهَا فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَسْحَمَ أَدْعَجَ الْعَيْنَيْنِ عَظِيمَ الْأَلْيَتَيْنِ فَلَا أُرَاهُ إِلَّا قَدْ صَدَقَ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أُحَيْمِرَ كَأَنَّهُ وَحَرَةٌ فَمَا أُرَاهُ إِلَّا كَذَّابًا» ، فَجَاءَتْ بِهِ عَلَى النَّعْتِ الْمَكْرُوهِ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَصَارَتْ سُنَّةً فِي الْمُتَلَاعِنَيْنِ

ص: 139

15066 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، أَنَّ عُويْمِرًا جَاءَ إِلَى عَاصِمٍ، فَقَالَ: أَرَأَيْتَ رَجُلًا

⦗ص: 140⦘

وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا فَيَقْتُلُهُ أَيُقْتَلُ بِهِ؟ سَلْ لِي يَا عَاصِمُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَسَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَسَائِلَ وَعَابَهَا، فَرَجَعَ عَاصِمٌ إِلَى عُويْمِرٍ، فَأَخْبَرَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَرِهَ الْمَسَائِلَ وَعَابَهَا فَقَالَ عُويْمِرٌ: وَاللَّهِ لَآتِيَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَجَاءَهُ وَقَدْ نَزَلَ الْقُرْآنُ خِلَافَ عَاصِمٍ، فَسَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:«قَدْ نَزَلَ فِيكُمَا الْقُرْآنُ فَتَقَدَّمَا فَتَلَاعَنَا» ثُمَّ قَالَ: كَذَبْتَ عَلَيْهَا إِذَا أَمْسَكْتَهَا. فَفَارَقَهَا وَمَا أَمَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَمَضَتْ سُنَّةَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«انْظُرُوهَا فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أُحَيْمِرَ قَصِيرًا كَأَنَّهُ وَحَرَةٌ، فَلَا أَحْسَبُهُ إِلَّا قَدْ كَذَبَ عَلَيْهَا، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَسْحَمَ أَعْيَنَ ذَا أَلْيَتَيْنِ فَلَا أَحْسَبُهُ إِلَّا قَدْ صَدَقَ عَلَيْهَا» . فَجَاءَتْ بِهِ عَلَى النَّعْتِ الْمَكْرُوهِ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، مِنْ حَدِيثِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ.

15067 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ سَعْدٍ، يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنْ جَاءَتْ بِهِ أُشَيْقِرَ» وَفِي رِوَايَةِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ: «أَشْقَرَ سَبِطًا فَهُوَ لِزَوْجِهَا، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أُدَيْعِجَ جَعْدًا فَهُوَ لِلَّذِي يَتَّهِمُهُ» قَالَ: فَجَاءَتْ بِهِ أُدَيْعِجَ

ص: 139

15068 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ الْقَدَّاحُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَخِي بَنِي سَاعِدَةَ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ؟ أَمْ كَيْفَ يَصْنَعُ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي شَأْنِهِ مَا ذُكِرَ فِي الْقُرْآنِ

⦗ص: 141⦘

فِي أَمْرِ الْمُتَلَاعِنَيْنِ قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «قَدْ قُضِيَ فِيكَ وَفِي امْرَأَتِكَ» قَالَ: فَتَلَاعَنَا وَأَنَا شَاهِدٌ، ثُمَّ فَارَقَهَا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَكَانَتِ السُّنَّةُ بَعْدَهُمَا أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ، وَكَانَتْ حَامِلًا فَأَنْكَرَهُ فَكَانَ ابْنُهَا يُدْعَى إِلَى أُمِّهِ. أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ، مِنْ حَدِيثِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَتَمَّ مِنْ هَذَا

ص: 140

15069 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: شَهِدْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يُحَدِّثُ بِحَدِيثِ الْمُتَلَاعِنَيْنِ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ شَدَّادٍ: أَهِيَ الَّتِي قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لَوْ كُنْتَ رَاجِمًا أَحَدًا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ رَجَمْتُهَا» ؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا تِلْكَ امْرَأَةٌ كَانَتْ قَدْ أَعْلَنَتْ. أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ، مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ

ص: 141

15070 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: وَسَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ، يَقُولُ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِلْمُتَلَاعِنَيْنِ:«حِسَابُكُمَا عَلَى اللَّهِ، أَحَدُكُمَا كَاذِبٌ، لَا سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهَا» قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَالِي؟ قَالَ: «لَا مَالَ لَكَ، إِنْ كُنْتَ صَدَقْتَ عَلَيْهَا فَهُوَ بِمَا اسْتَحْلَلْتَ مِنْ فَرْجِهَا، وَإِنَّ كُنْتَ كَذَبْتَ عَلَيْهَا فَذَلِكَ أَبْعَدُ لَكَ مِنْهَا أَوْ مِنْهُ»

⦗ص: 142⦘

. أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ، مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ

ص: 141

15071 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: فَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ أَخَوَيْ بَنِي الْعَجْلَانِ، وَقَالَ: هَكَذَا بِإِصْبَعَيْهِ الْمُسَبِّحَةِ وَالْوُسْطَى، فَقَرَنَهُمَا الْوُسْطَى وَالَّتِي تَلِيهَا، يَعْنِي الْمُسَبِّحَةَ، وَقَالَ:«اللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ، فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ» . أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ، مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ

ص: 142

15072 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، «أَنَّ رَجُلًا لَاعَنَ امْرَأَتَهُ فِي زَمَانِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَانْتَفَى مِنْ وَلَدِهَا، فَفَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَهُمَا، وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِالْمَرْأَةِ»

⦗ص: 143⦘

. أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ، مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ.

15073 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَفِي حَدِيثِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ قَالَ: «فَكَانَتْ سُنَّةَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ» ، وَفِي حَدِيثِ مَالِكٍ وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، كَأَنَّهُ قَوْلُ ابْنِ شِهَابٍ، وَقَدْ يَكُونُ هَذَا غَيْرُ مُخْتَلِفٍ يَقُولُهُ مَرَّةً ابْنُ شِهَابٍ وَلَا يَذْكُرُ سَهْلًا، وَيَقُولُهُ أُخْرَى وَيَذْكُرُ سَهْلًا، وَوَافَقَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ إِبْرَاهِيمَ بْنَ سَعْدٍ فِيمَا زَادَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ عَلَى حَدِيثِ مَالِكٍ.

15074 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَقَدْ زَادَ أَيْضًا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْهُ، وَزَادَهُ أَيْضًا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ.

15075 -

وَرَوَى يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ، أَنَّ عُوَيْمِرًا الْأَنْصَارِيَّ، مِنْ بَنِي الْعَجْلَانَ، أَتَى عَاصِمَ بْنَ عَدِيٍّ، فَذَكَرَهُ بِنَحْو مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: فَلَمَّا فَرَغَا مِنْ تَلَاعُنِهِمَا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَذَبْتُ عَلَيْهَا إِنْ أَمْسَكْتُهَا، فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ فِرَاقُهُ إِيَّاهَا بَعْدُ سُنَّةً فِي الْمُتَلَاعِنَيْنِ.

15076 -

قَالَ سَهْلٌ: وَكَانَتْ حَامِلًا، وَكَانَ ابْنُهَا يُدْعَى إِلَى أُمِّهِ، ثُمَّ جَرَتِ السُّنَّةُ أَنَّهُ يَرِثُهَا وَتَرِثُ مِنْهُ مَا فَرَضَ اللَّهُ لَهَا. أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ التَّاجِرُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، فَذَكَرَهُ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ حَرْمَلَةَ

⦗ص: 144⦘

.

15077 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: يَحْتَمِلُ طَلَاقُهُ ثَلَاثًا أَنْ يَكُونَ بِمَا وَجَدَ فِي نَفْسِهِ لِعِلْمِهِ بِصِدْقِهِ وَكَذِبِهَا وَجُرْأَتِهَا عَلَى الْيَمِينِ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا جَاهِلًا بِأَنَّ اللِّعَانَ فُرْقَةٌ، فَكَانَ كَمَنْ طَلَّقَ مَنْ طُلِّقَ عَلَيْهِ بِغَيْرِ طَلَاقِهِ، وَكَمَنْ شَرَطَ الْعُهْدَةَ فِي الْبَيْعِ، وَالضَّمَانَ فِي السَّلَفِ، وَهُوَ يَلْزَمُهَا شَرَطَ أَوْ لَمْ يَشْرُطْ.

15078 -

قَالَ: وَزَادَ ابْنُ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ، وَتَفْرِيقُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم غَيْرُ فُرْقَةِ الزَّوْجِ، إِنَّمَا هُوَ تَفْرِيقُ حُكْمٍ» .

15079 -

وَاسْتَدَلَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى مَا ذَكَرَ مِنَ الِاحْتِمَالِ بِقَوْلِ سَهْلٍ وَابْنِ شِهَابٍ وَهُمَا حَمَلَاهُ، فَكَانَتْ تِلْكَ سُنَّةَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ الْفُرْقَةَ

ص: 142

15080 -

وَالَّذِي يُؤَكِّدُ قَوْلَ الشَّافِعِيِّ رحمه الله فِي ذَلِكَ، مَا رَوَى عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قِصَّةِ هِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ وَلِعَانِهِ قَالَ:«وَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ لَا تُرْمَى وَلَا يُرْمَى وَلَدُهَا، وَمَنْ رَمَاهَا أَوْ رَمَى وَلَدَهَا جُلِدَ الْحَدَّ، وَلَيْسَ لَهَا عَلَيْهِ قُوتٌ وَلَا سُكْنَى مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمَا يَتَفَرَّقَانِ بِغَيْرِ طَلَاقٍ، وَلَا مُتَوفَّى عَنْهَا» . أَخْبَرَنَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ فُورَكٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَذَكَرَهُ.

15081 -

أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، بَعْضَهُ إِجَازَةً وَبَعْضَهُ قِرَاءَةً، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَفِي حُكْمِ اللِّعَانِ فِي كِتَابِ اللَّهِ عز وجل، ثُمَّ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَلَائِلُ وَاضِحَةٌ، مِنْهَا أَنَّ عُوَيْمِرًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ رَجُلٍ وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا فَكَرِهَ الْمَسَائِلَ، وَذَلِكَ أَنَّ عُوَيْمِرًا لَمْ يُخْبِرْهُ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ كَانَتْ

ص: 144

15082 -

وَقَدْ أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«أَعْظَمُ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمُسْلِمِينَ جُرْمًا مَنْ سَأَلَ عَنْ شَيْءٍ لَمْ يَكُنْ، فَحُرِّمَ مِنْ أَجْلِ مَسْأَلَتِهِ» قَالَ: وَأَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِ مَعْنَاهُ.

15083 -

أَخْبَرَنَا بِالْإِسْنَادَيْنِ جَمِيعًا أَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو بَكْرٍ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، فَذَكَرَاهُمَا. وَحَدِيثُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ مِمَّا قَرَأْنَاهُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظِ.

15084 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى: {لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة: 101] الْآيَةَ.

15085 -

فَكَانَتِ الْمَسَائِلُ فِيمَا لَمْ يَنْزِلْ، إِذْ كَانَ الْوحْيُ يَنْزِلُ مَكْرُوهَةً لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حُرِّمَ أَبَدًا، إِلَّا أَنْ يَنْسَخَ اللَّهُ تَحْرِيمَهُ فِي كِتَابِهِ، أَوْ يُنْسَخَ عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سُنَّةً بِسُنَّةٍ، وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَرَامٌ بِأَمْرِ اللَّهِ إِلَى يَومِ الْقِيَامَةِ.

15086 -

وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ وَرَدَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَكَانَتْ حُكْمًا وَقَفَ عَنْ جَوَابِهَا حَتَّى أَتَاهُ مِنَ اللَّهِ الْحُكْمُ فِيهَا، فَقَالَ لِعُويْمِرٍ:«قَدْ أُنْزِلَ فِيكَ وَفِي صَاحِبَتِكَ» ، فَلَاعَنَ بَيْنَهُمَا كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ فِي اللِّعَانِ ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا

⦗ص: 146⦘

، وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِالْمَرْأَةِ، وَنفَاهُ عَنِ الْأَبِ وَقَالَ:«لَا سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهَا» ، وَلَمْ يَرْدُدِ الصَّدَاقَ عَلَى الزَّوْجِ، فَكَانَتْ هَذِهِ أَحْكَامًا وَجَبَتْ بِاللِّعَّانِ.

15087 -

ثُمَّ ذَكَرَ الشَّافِعِيُّ وَجُوهَ سُنَنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَدْ نَقَلْنَاهَا فِي الْأُصُولِ.

15088 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَمَّا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِلْمُتَلَاعِنَيْنِ: «حِسَابُكُمَا عَلَى اللَّهِ، أَحَدُكُمَا كَاذِبٌ» ، دَلَّ عَلَى أَنَّهُ يَحْكُمُ عَلَى مَا ظَهْرَ لَهُ وَاللَّهُ وَلِيُّ مَا غَابَ عَنْهُ، وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِي هَذِهِ الْفُصُولِ، وَهِيَ بِبَسْطِهِ مَنْقُولَةٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ

ص: 145

‌الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ مَا لَمْ يَنْفِهِ رَبُّ الْفِرَاشِ بِاللِّعَانِ

ص: 147

15089 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ

⦗ص: 148⦘

، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، أَوْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: الشَّكُّ مِنْ سُفْيَانَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ» . أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ

ص: 147

15090 -

وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ عَبْدَ بْنَ زَمْعَةَ، وَسَعْدًا، اخْتَصَمَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي ابْنِ أَمَةِ زَمْعَةَ، فَقَالَ سَعْدٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْصَانِي أَخِي إِذَا قَدِمْتَ مَكَّةَ أَنِ انْظُرْ إِلَى ابْنِ أَمَةِ زَمْعَةَ فَاَقْبِضْهُ فَإِنَّهُ ابْنِي، فَقَالَ: عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ: أَخِي وَابْنُ أَمَةِ أَبِي وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ أَبِي، فَرَأَى شَبَهًا بَيِّنًا بِعُتْبَةَ، فَقَالَ:«هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ، الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، وَاحْتَجِبِي مِنْهُ يَا سَوْدَةُ» أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ، مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ.

15091 -

وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَرْسَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى شَيْخٍ مِنْ بَنِي زُهْرَةَ كَانَ يَسْكُنُ دَارَنَا، فَذَهَبْتُ مَعَهُ إِلَى عُمَرَ فَسَأَلَهُ عَنْ وِلَادٍ مِنْ وِلَادِ الْجَاهِلِيَّةِ؟ فَقَالَ: أَمَّا الْفِرَاشُ فَلِفُلَانٍ، وَأَمَّا النُّطْفَةُ فَلِفُلَانٍ، فَقَالَ عُمَرُ: صَدَقْتَ، وَلَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَضَى بِالْفِرَاشِ

⦗ص: 149⦘

.

15092 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: فِي رِوَايَةِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ وَلَيْسَ يُخَالِفُ حَدِيثُ نَفْيِ الْوَلَدِ عَلَى مَنْ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ» وَقَوْلُهُ: «الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ» مَعْنَيَانِ: أَحَدُهُمَا وَهُوَ أَعَمُّهُمَا وَأَوْلَاهُمَا: أَنَّ الْوَلَدَ لِلْفِرَاشِ مَا لَمْ يَنْفِهِ رَبُّ الْفِرَاشِ بِاللِّعَّانِ الَّذِي نَفَاهُ بِهِ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَنْفِي عَنْهُ وَغَيْرُ لَاحِقٍ بِمَنِ ادَّعَاهُ بِزِنًا وَإِنْ أَشْبَهَ، وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِي شَرْحِهِ، وَالْمَعْنَى الثَّانِي: إِذَا تَنَازَعَ الْوَلَدَ رَبُّ الْفِرَاشِ وَالْعَاهِرُ، فَالْوَلَدُ لِرَبِّ الْفِرَاشِ، وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ

ص: 148

15093 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ، أَنَّهُ سَمِعَ الْمَقْبُرِيَّ، يُحَدِّثُ الْقُرَظِيَّ يَعْنِي مُحَمَّدَ بْنَ كَعْبٍ قَالَ: الْمَقْبُرِيُّ: حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ: أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: لَمَّا نَزَلَتْ آيَةُ الْمُلَاعَنَةِ: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ أَدْخَلَتْ عَلَى قَومٍ مَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ فَلَيْسَتْ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ، وَلَنْ يُدْخِلَهَا اللَّهُ جَنَّتَهُ، وَأَيُّمَا رَجُلٍ جَحَدَ وَلَدَهُ وَهُوَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ احْتَجَبَ مِنْهُ وَفَضَحَهُ بِهِ عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخَرِينَ»

ص: 149

‌بَابُ كَيْفَ اللِّعَانُ

؟

15094 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: وَلَمَّا حَكَى سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ شُهُودَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ مَعَ حَدَاثَتِهِ، وَحَكَاهُ ابْنُ عُمَرَ، اسْتَدْلَلْنَا أَنَّ اللِّعَانَ لَا يَكُونُ إِلَّا بِمَحْضَرٍ مِنْ طَائِفَةٍ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ

ص: 150

15095 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَهْلٍ قَالَ:«شَهِدْتُ الْمُتَلَاعِنَيْنِ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ» .

15096 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: ثُمَّ سَاقَ الْحَدِيثَ فَلَمْ يُتْقِنْهُ إِتْقَانَ هَؤُلَاءِ، يُرِيدُ مَا مَضَى مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ.

15097 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَفِي رِوَايَةِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ: «وَأَنَا مَعَ النَّاسِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» ، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ جُرَيْجٍ:«فَتَلَاعَنَا فِي الْمَسْجِدِ وَأَنَا شَاهِدٌ» ، وَفِي رِوَايَةِ الْأَوْزَاعِيِّ:«فَأَمَرَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْمُلَاعَنَةِ بِمَا سَمَّى اللَّهُ فِي كِتَابِهِ» ، وَفِي رِوَايَةِ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ:«فَتَلَاعَنَا كَمَا قَالَ اللَّهُ عز وجل» .

15098 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَإِنْ كَانَ مَعَهَا وَلَدٌ فَنَفَاهُ، أَوْ بِهَا حَمْلٌ فَانْتَفَى مِنْهُ قَالَ مَعَ كُلِّ شَهَادَةٍ «أَشْهَدُ بِاللَّهِ أَنِّي لَمِنَ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيْتُهَا بِهَا مِنَ الزِّنَا، وَأَنَّ هَذَا الْوَلَدَ لَوَلَدُ زِنًا، مَا هُوَ مِنِّي» ، وَإِنْ كَانَ حَمْلًا قَالَ:«وَأَنَّ هَذَا الْحَمْلَ إِنْ كَانَ بِهَا حَمْلٌ لَحَمْلٌ مِنَ الزِّنَا مَا هُوَ مِنِّي»

⦗ص: 152⦘

وَهَذَا فِيمَا قَرَأْتُ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ.

15099 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ: وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: لَا يُلَاعَنُ بِالْحَمْلِ، وَلَعَلَّهُ رِيحٌ.

15100 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: عَمَدَ إِلَى الْقَضِيَّةِ الَّتِي قَضَى بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي اللِّعَانِ الَّتِي بِهَا احْتَجَجْنَا وَاحْتَجَّ فَأَبْطَلَ بَعْضَهَا وَزَعَمَ أَنْ لَا يَنْفِي الْوَلَدَ بَعْدَ الْوِلَادَةِ، يَعْنِي إِذَا لَاعَنَ وَهِيَ حَامِلٌ، وَاعْتَلَّ بِأَنَّهُ وُلِدَ بَعْدَ مَا صَارَتْ غَيْرَ زَوْجَةٍ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِنَّمَا الْقَذْفُ وَهِيَ زَوْجَةٌ، وَالنَّفْيُ بِالْقَذْفِ الْأَوَّلِ، وَقَدْ نَفَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

15101 -

قَالَ أَحْمَدُ: حَدِيثُ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ وَغَيْرِهِ فِي وَقُوعِ اللِّعَانِ بَيْنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ وَهِيَ حَامِلٌ وَهُوَ مُذَّكِّرٌ لِلْحَمْلِ ثُمَّ نَفَى رَسُولُ اللَّهِ الْوَلَدَ عَنْهُ بَعْدَ مَا وَلَدَتْهُ، وَإِلْحَاقُهُ بِالْأُمِّ أَبْيَنُ مِنْ أَنْ يُمَكِّنَ التَّلْبِيسَ عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنِ الْمَقْصُودُ مِنْهُ نَفْيَ الْحَمْلِ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ اللِّعَانُ بِالْحَمْلِ لَكَانَ مَنْفِيًّا مِنَ الزَّوْجِ غَيْرَ لَاحِقٍ بِهِ، أَشْبَهَهُ أَوْ لَمْ يُشْبِهْهُ

15102 -

وَذَاكَ لِأَنَّ مَقْصُودَ الزَّوْجِ مِنْ قَذْفِهَا كَانَ نَفْيَ الْحَمْلِ، أَلَا تَرَى أَنَّ سَهْلًا قَالَ فِي رِوَايَةِ فُلَيْحِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْهُ:«وَكَانَتْ حَامِلًا فَأَنْكَرَ حَمْلَهَا، فَكَانَ ابْنُهَا يُدْعَى إِلَيْهَا ثُمَّ جَرَتِ السُّنَّةُ بَعْدُ فِي الْمِيرَاثِ أَنْ يَرِثَهَا وَتَرِثَ مِنْهُ مَا فَرَضَ اللَّهُ لَهَا» أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ، حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ، فَذَكَرَهُ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ أَبِي الرَّبِيعِ

ص: 151

15103 -

وَبِمَعْنَاهُ قَالَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ، أَولَا تَرَاهُ يُنْكِرُ حَمْلَهَا لِطُولِ عَهْدِهِ بِهَا فِي رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَيَقُولُ مَا

⦗ص: 153⦘

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَنَّ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ حَدَّثَهُ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَجُلًا جَاءَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَالِي عَهْدٌ بِأَهْلِي مُنْذُ عِفَارِ النَّخْلِ قَالَ: وَعِفَارُهَا أَنَّهَا إِذَا كَانَتْ تُؤَبَّرُ تُعَفَّرُ أَرْبَعِينَ يَومًا لَا تُسْقَى بَعْدَ الْإِبَارِ قَالَ: فَوجَدْتُ مَعَ امْرَأَتِي رَجُلًا قَالَ: وَكَانَ زَوْجُهَا مُصْفَرًّا حَمْشَ السَّاقِ سَبِطَ الشَّعْرِ، وَالَّذِي رُمِيَتْ بِهِ خَدْلًا إِلَى السَّوَادِ، جَعْدًا قَطَطًا مُسْتَهًا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«اللَّهُمَّ بَيِّنْ» ثُمَّ لَاعَنَ بَيْنَهُمَا، فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ يُشْبِهُ الَّذِي رُمِيَتْ بِهِ

15104 -

كَذَا رَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ، وَرَوَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ قِصَّةَ طُولِ عَهْدِهِ بِأَهْلِهِ وَلَمْ يُتْقِنْ تَرْتِيبَ الْحَدِيثِ، وَتَرْتِيبُهُ عَلَى مَا رَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ.

15105 -

وَفِي حَدِيثِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَاعَنَ بَيْنَ الْعَجْلَانِيِّ وَامْرَأَتِهِ وَكَانَتْ حَامِلًا، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ:«وَكَانَ الَّذِي رُمِيَتْ بِهِ ابْنُ السَّحْمَاءِ، فَجَاءَتْ بِهِ بِغُلَامٍ أَسْوَدَ أَكْحَلَ جَعْدًا عَبْلَ الذِّرَاعَيْنِ خَدْلَ السَّاقَيْنِ»

⦗ص: 154⦘

.

15106 -

وَفِي رِوَايَةِ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ تَرْتِيبِهِ، وَذَلِكَ بَيِّنٌ. فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَسَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فِي قِصَّةِ الْمُتَلَاعِنَيْنِ، وَهُوَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَاعَنَ بَيْنَهُمَا وَهِيَ حَامِلٌ، وَكَانَ يَقُولُ فِي بَعْضِ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ:«اللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ، فَهَلْ مِنْكُمَا مِنْ تَائِبٍ» فَلَمَّا تَلَاعَنَا حُكِمَ عَلَى الصَّادِقِ وَالْكَاذِبِ حُكْمًا وَاحِدًا فَأَخْرَجَهُمَا مِنَ الْحَدِّ وَقَالَ: «إِنْ جَاءَتْ بِهِ كَذَا فَلَا أُرَاهُ إِلَّا قَدْ صَدَقَ» فَجَاءَتْ بِهِ عَلَى النَّعْتِ الْمَكْرُوهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ:«لَوْلَا مَا مَضَى مِنْ كِتَابِ اللَّهِ لَكَانَ لِي وَلَهَا شَأْنٌ» .

15107 -

فَأَخْبَرَ بِصِفَتَيْنِ فِي إِحْدَاهُمَا دَلَالَةُ صِدْقِ الزَّوْجِ، وَفِي الْأُخْرَى دَلَالَةُ كَذِبِهِ، فَجَاءَتْ دَلَالَةُ صِدْقِ الزَّوْجِ فَلَمْ يَسْتَعْمِلْ عَلَيْهَا الدَّلَالَةَ، وَأَنْفَذَ عَلَيْهَا ظَاهِرَ حُكْمِ اللَّهِ، وَلَوْ جَاءَتْ دَلَالَةُ كَذِبِ الزَّوْجِ لَكَانَ لَا يَسْتَعْمِلُ الدَّلَالَةَ أَيْضًا وَيُنْفِذُ ظَاهِرَ حُكْمِ اللَّهِ، لَكِنَّهُ صلى الله عليه وسلم وَاللَّهُ أَعْلَمُ ذَكَرَ عَلَيْهِ الْأَشْيَاءَ الدَّالَّةَ عَلَى صِدْقِ أَحَدِهِمَا حَتَّى إِذَا لَمْ يَكُنْ حُجَّةٌ أَقْوَى مِنْهَا يُسْتَدَلُّ بِهَا فِي إِلْحَاقِ الْوَلَدِ بِأَحَدِ الْمُتَلَاعِنَيْنِ عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ، وَأَخْبَرَ بِأَنَّهُ إِنَّمَا مَنَعَهُ مِنَ اسْتِعْمَالِهَا هَا هُنَا مَا هُوَ أَقْوَى مِنْهَا، وَهُوَ حُكْمُ اللَّهِ بِاللِّعَّانِ لَا أَنَّهَا لَوْ أَتَتْ بِهِ عَلَى الصِّفَةِ الْأُولَى كَانَ يُلْحِقُهُ بِالزَّوْجِ.

15108 -

وَكَيْفَ يَجُوزُ لِمَنْ يُسَوِّي الْأَخْبَارَ عَلَى مَذْهَبِهِ وَهُوَ ذَا لَا يَسْتَوِي أَنْ يَسْتَدِلَّ بِهَذَا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَقْصُودُ الزَّوْجِ نَفْيَ الْحَمْلِ، وَفِيمَا ذَكَرْنَا مِنَ الْأَخْبَارِ أَنَّهَا كَانَتْ حَامِلًا وَأَنَّهُ أَنْكَرَ حَمْلَهَا وَأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَاعَنَ بَيْنَهُمَا قَبْلَ وَضْعِ الْحَمْلِ، ثُمَّ لَمَّا وَضَعَتْ أَلْحَقَهُ بِأُمِّهِ فَنَفَاهُ عَنْهُ، وَالْوَلَدُ فِي مِثْلِ هَذَا مُلْحَقٌ بِهِ بِكُلِّ حَالٍ أَشْبَهَهُ أَوْ لَمْ يُشْبِهْهُ، نَحْنُ لَا نَرَى خِلَافًا لِلْحَدِيثِ أَبْيَنَ مِنْ هَذَا وَتَلْبِيسًا مِنْ هَذَا وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ

ص: 152

15109 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْحَارِثِ الْفَقِيهُ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ، وَيُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم» لَاعَنَ بِالْحَمْلِ "

⦗ص: 155⦘

.

15110 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَهَذَا الْحَدِيثُ وَإِنْ كَانَ مُخْتَصَرًا مِنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَغَيْرُهُ، عَنِ الْأَعْمَشِ فِي قِصَّةِ الْمُتَلَاعِنَيْنِ، فَفِي مَبْسُوطِهِمَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَاعَنَ بَيْنَهُمَا بِالْقَذْفِ وَهِيَ حَامِلٌ وَكَذَا إِنْ لَاعَنَ بِالْحَمْلِ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَصَدَ بِهِ نَفْيَ الْحَمْلِ خِلَافَ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ

ص: 154

15111 -

أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو عُمَرَ، وَابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: بَيْنَمَا رَجُلٌ فِي الْمَسْجِدِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ إِذْ قَالَ رَجُلٌ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا فَقَتَلَهُ قَتَلْتُمُوهُ؟ وَإِنْ تَكَلَّمَ بِهِ جَلَدْتُمُوهُ؟ لَأَذْكُرَنَّ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: فَذَكَرَهُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل آيَاتِ اللِّعَانِ، ثُمَّ جَاءَ الرَّجُلُ فَقَذَفَ امْرَأَتَهُ، فَلَاعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَهُمَا، وَقَالَ:«عَسَى أَنْ تَجِيءَ بِهِ أَسْوَدَ جَعْدًا» ، فَجَاءَتْ بِهِ أَسْوَدَ جَعْدًا ".

15112 -

رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَخْرَجَهُ مِنْ حَدِيثِ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، وَذَكَرَ لِعَانَهُ قَالَ: فَذَهَبَتْ لِتُلَاعِنَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«مَهْ» . فَلَعَنَتْ. فَلَمَّا أَدْبَرَا قَالَ: «لَعَلَّهَا أَنْ تَجِيءَ بِهِ أَسْوَدَ جَعْدًا» . وفِي كُلِّ ذَلِكَ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَاعَنَهَا وَهِيَ حَامِلٌ، وَفِي حَدِيثِ سَهْلٍ وَغَيْرِهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ نَفَاهُ عَنْهُ

ص: 155

‌ذِكْرُ الْمَرْمِيِّ بِالْمَرْأَةِ

15113 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ أَحْكَامِ الْقُرْآنِ: وَرَمَى الْعَجْلَانِيُّ امْرَأَتَهُ بِرَجُلٍ بِعَيْنِهِ، فَالْتَعَنَ وَلَمْ يُحْضِرْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَرْمِيَّ بِالْمَرْأَةِ، فَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الزَّوْجَ إِذَا الْتَعَنَ لَمْ يَكُنْ لِلرَّجُلِ الَّذِي رَمَاهُ بِامْرَأَتِهِ عَلَيْهِ حَدٌّ.

15114 -

وَقَدْ ذَكَرْنَا حَدِيثَ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فِي قِصَّةِ عُويْمِرٍ الْعَجْلَانِيِّ، وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ إِحْضَارِ الْمَرْمِيِّ بِالْمَرْأَةِ، كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ هَا هُنَا.

15115 -

وَقَدْ قَالَ فِي الْإِمْلَاءِ: الْمَسْمُوعُ مِنْ أَبِي سَعِيدٍ بِإِسْنَادِهِ، وَقَدْ قَذَفَ الْعَجْلَانِيُّ امْرَأَتَهُ بِابْنِ عَمِّهِ، وَابْنُ عَمِّهِ شَرِيكُ بْنُ السَّحْمَاءِ، وَسَمَّاهُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَذَكَرَ أَنَّهُ رَآهُ عَلَيْهَا، وَسَأَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَرِيكًا فَأَنْكَرَ، فَلَمْ يُحَلِّفْهُ، فَكَذَلِكَ لَا يُجْلَدْ أَحَدٌ ادُّعِيَ عَلَيْهِ الزِّنَا، وَالْتَعَنَ الْعَجْلَانِيُّ فَلَمْ يُحِدَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم شَرِيكًا بِالْتِعَانِهِ فَكَذَلِكَ لَا يُحَدُّ مَنْ رُمِيَ بِالزِّنَا بِالْتِعَانِ غَيْرِهِ، وَلَمْ يُحِدَّ الْعَجْلَانِيُّ الْقَاذِفَ، فَكَذَلِكَ لَا يُحَدُّ مَنْ قَذْفِ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ

15116 -

قَالَ أَحْمَدُ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْإِمْلَاءِ: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَأَلَ شَرِيكًا فَأَنْكَرَ، فَلَمْ يُحَلِّفْهُ، وَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ تَفْسِيرِ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ، فَكَذَلِكَ ذَكَرَهُ مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ فِي تَفْسِيرِهِ، وَقَدْ حَكَى الشَّافِعِيُّ عَنْ تَفْسِيرِهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ إِلَّا أَنَّهُ سَمَّى الْقَاذِفَ بِشَرِيكِ بْنِ السَّحْمَاءِ بْنِ أُمَيَّةَ.

15117 -

وَكَذَلِكَ هُوَ فِي رِوَايَةِ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ

⦗ص: 157⦘

.

15118 -

وَفِي رِوَايَةِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ سَمَّاهُ الْعَجْلَانِيَّ.

15119 -

وَالْعَجْلَانِيُّ هُوَ عُويْمِرٌ الْعَجْلَانِيُّ الْمَذْكُورُ فِي حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ.

15120 -

وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ سَهْلٍ أَنَّهُ رَمَاهَا بِشَرِيكِ بْنِ سَحْمَاءَ، وَلَا بِغَيْرِهِ مُسَمًّى بِعَيْنِهِ إِلَّا أَنَّ قَوْلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«إِنْ جَاءَتْ بِهِ كَنَعْتِ كَذَا فَلَا أَحْسِبُهُ إِلَّا قَدْ صَدَقَ عَلَيْهَا» دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ رَمَاهَا بِرَجُلٍ بِعَيْنِهِ، وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ فِي حَدِيثِهِ، وَعِنْدِي أَنَّ الشَّافِعِيَّ رحمه الله ذَهَبَ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ إِلَى أَنَّهَا خَبَرٌ عَنْ قِصَّةٍ وَاحِدَةٍ، وَمَنْ يُفَكِّرْ فِيهَا وَجَدَ فِيهَا مَا يَدُلُّهُ عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ، ثُمَّ اعْتَمَدَ عَلَى حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ فِي تَسْمِيَةِ الْقَاذِفِ بِعُويْمِرٍ الْعَجْلَانِيِّ لِفَضْلِ حَفْظِ الزُّهْرِيِّ عَلَى حَفْظِ غَيْرِهِ، وَلِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ: فِي حَدِيثِهِ: «فَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ أَخَوَيْ بَنِي الْعَجْلَانَ» ، وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى مَنْ سَمَّاهُ سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ السَّاعِدِيُّ، فَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَهُ أَوْلَى مِنْ رِوَايَةِ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَرِوَايَةُ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَنَسٍ فِي تَسْمِيَةِ الْقَاذِفِ بِهِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ، ثُمَّ وَجَدَهُمَا سَمَّيَا الْمَرْمِيَّ بِالْمَرْأَةِ وَلَمْ يُسَمِّهِ سَهْلٌ، فَذَهَبَ فِي تَسْمِيَةِ الْمَرْمِيِّ بِالْمَرْأَةِ إِلَى رِوَايَتِهِمَا، وَفِي تَسْمِيَةِ الرَّامِي إِلَى رِوَايَةِ سَهْلٍ وَابْنِ عُمَرَ وَعَلَى ذَلِكَ خَرَّجَ قَوْلَهُ فِي الْإِمْلَاءِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

15121 -

وَقَدْ رُوِّينَا، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي أَنَسٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ فِي حُضُورِهِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ لَاعَنَ بَيْنَ عُويْمِرٍ الْعَجْلَانِيِّ وَامْرَأَتِهِ وَأَنْكَرَ حَمْلَهَا الَّذِي فِي بَطْنِهَا وَقَالَ: هُوَ مِنَ ابْنِ السَّحْمَاءِ، فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي الْإِمْلَاءِ مَأْخُوذًا مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَوْ مِنْ رِوَايَةِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَابْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَاعَنَ بَيْنَ الْعَجْلَانِيِّ وَامْرَأَتِهِ وَكَانَتْ حَامِلًا "، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَقَالَ فِيهِ: وَكَانَ الَّذِي رُمِيَتْ بِهِ ابْنَ السَّحْمَاءِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ

ص: 156

15122 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَفِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ أَبُو نُعَيْمٍ الْإِسْفِرَائِينِيُّ، أَنَّ أَبَا عَوَانَةَ أَخْبَرَهُمْ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ الْبَصْرِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ عِصَامٍ الْأَصْفَهَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " لَاعَنَ بَيْنَ الْعَجْلَانِيِّ وَامْرَأَتِهِ وَكَانَتْ حَامِلًا فَقَالَ زَوْجُهَا: وَاللَّهِ مَا قَرَبْتُهَا مُنْذُ عَفَرْنَا النَّخْلَ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ عِصَامٍ: مُنْذُ عَفَرْنَا قَالَ: وَالْعَفْرُ أَنْ يُسْقَى النَّخْلُ بَعْدَ أَنْ يُتْرَكَ السَّقْيُ بَعْدَ الْإِبَارِ بِشَهْرَيْنِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«اللَّهُمَّ بَيِّنْ» قَالَ: وَزَعَمُوا أَنَّ زَوْجَ الْمَرْأَةِ كَانَ حَمْشَ الذِّرَاعَيْنِ وَالسَّاقَيْنِ أَصْهَبَ الشَّعْرِ، وَكَانَ الَّذِي رُمِيَتْ بِهِ ابْنُ السَّحْمَاءِ، فَجَاءَتْ بِغُلَامٍ أَسْوَدَ جَعْدًا عَبْلَ الذِّرَاعَيْنِ خَدْلَ السَّاقَيْنِ ". قَالَ الْقَاسِمُ: قَالَ ابْنُ شَدَّادِ بْنُ الْهَادِ، لِابْنِ عَبَّاسٍ: أَهِيَ الْمَرْأَةُ الَّتِي قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لَوْ كُنْتُ رَاجِمًا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ لَرَجَمْتُهَا» ؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا، تِلْكَ امْرَأَةٌ قَدْ أَعْلَنَتِ السُّوءَ فِي الْإِسْلَامِ. تَابَعَهُ ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ.

15123 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَقَدْ ذَكَرَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله فِي كِتَابِ إِبْطَالِ الِاسْتِحْسَانِ فَصْلًا فِي أَنَّ الْأَحْكَامَ فِي الدُّنْيَا إِنَّمَا هِيَ عَلَى مَا أَظْهَرَ الْعِبَادُ، وَأَنَّ اللَّهَ مُدِينٌ بِالسَّرَائِرِ، وَاحْتَجَّ بِأَمْرِ الْمُنَافِقِينَ، وَبِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ:" لَا أَزَالُ أُقَاتِلُ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ " ثُمَّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَإِنَّمَا أَرَادَ حَدِيثَ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ» الْحَدِيثَ

⦗ص: 159⦘

. تَرَكَ الشَّافِعِيُّ الْحَدِيثَ لِيَرْجِعَ إِلَى الْأَصْلِ فَيُثَبِّتَهُ، وَكَأَنَّهُ كَرِهَ إِثْبَاتَهُ مِنَ الْحِفْظِ، ثُمَّ كَتَبَ بِلَا إِسْنَادٍ: وَجَاءَ الْعَجْلَانِيُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ أُحَيْمِرُ سَبِطٌ نِضْوُ الْخَلْقِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ رَأَيْتُ شَرِيكَ بْنَ السَّحْمَاءِ، يَعْنِي ابْنَ عَمِّهِ، وَهُوَ رَجُلٌ عَظِيمُ الْأَلْيَتَيْنِ، أَدْعَجُ الْعَيْنَيْنِ، حَادُّ الْخَلْقِ، يُصِيبُ فُلَانَةَ، يَعْنِي امْرَأَتَهُ وَهِيَ حُبْلَى، وَمَا قَرَبْتُهَا مُنْذُ كَذَا وَكَذَا؟ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَرِيكًا فَجَحَدَ، وَدَعَا الْمَرْأَةَ فَجَحَدَتْ، فَلَاعَنَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا وَهِيَ حُبْلَى، ثُمَّ قَالَ:«أَبْصِرُوهُمَا فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَدْعَجَ عَظِيمَ الْأَلْيَتَيْنِ فَلَا أُرَاهُ إِلَّا قَدْ صَدَقَ عَلَيْهَا، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أُحَيْمِرَ كَأَنَّهُ وَحَرَةٌ فَلَا أُرَاهُ إِلَّا قَدْ كَذَبَ» ، فَجَاءَتْ بِهِ أَدْعَجَ عَظِيمَ الْأَلْيَتَيْنِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا بَلَغَنَا «إِنَّ أَمْرَهُ لَبَيِّنٌ لَوْلَا مَا قَضَى اللَّهُ» يَعْنِي أَنَّهُ لِمَنْ زَنَى، لَوْلَا مَا قَضَى اللَّهُ أَنْ لَا يُحْكَمَ عَلَى أَحَدٍ إِلَّا بِإِقْرَارٍ.

15124 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَالصَّوَابُ إِلَّا بِشُهُودٍ.

15125 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَوِ اعْتِرَافٍ عَلَى نَفْسِهِ، لَا تَحِلُّ بِدَلَالَةِ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَإِنْ كَانَتْ بَيِّنَةً قَالَ أَحْمَدُ: يَعْنِي ظَاهِرَةً، قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَالَ: «لَوْلَا مَا قَضَى اللَّهُ لَكَانَ لِي فِيهَا قَضَاءٌ غَيْرُهُ» وَلَمْ يَعْرِضْ لِشَرِيكٍ، وَلَا لِلْمَرْأَةِ وَأَنْفَذَ الْحُكْمَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَهُمَا كَاذِبٌ، ثُمَّ عَلِمَ بَعْدُ أَنَّ الزَّوْجَ هُوَ صَادِقٌ.

15126 -

قَالَ أَحْمَدُ: فَظَنَّ أَبُو عَمْرِو بْنُ مَطَرٍ رَحِمَنَا اللَّهُ وَإِيَّاهُ أَوْ مَنْ خَرَّجَ الْمُسْنَدَ فِي الْمَبْسُوطِ أَنَّ قَوْلَهُ: «وَجَاءَ الْعَجْلَانَ» مِنْ قَوْلِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، فَخَرَّجَهُ فِي الْمُسْنَدِ مُرَكَّبًا عَلَى إِسْنَادِ حَدِيثِ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامٍ، وَهُوَ فِيمَا

⦗ص: 160⦘

.

15127 -

أَخْبَرَنَاهُ أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، فَذَكَرَاهُ، وَهَذَا وَهْمٌ فَاحِشٌ، وَالشَّافِعِيُّ يَبْرَأُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ، وَقَدْ وَهِمَ أَبُو عَمْرٍو أَوْ مَنْ خَرَّجَ الْمُسْنَدَ، وَهَكَذَا فِي غَيْرِ حَدِيثٍ مِمَّا خَرَّجَهُ فِي الْمُسْنَدِ، ذَكَرْتُهُ فِي هَذَا الْكِتَابِ وَثَبَّتُّهُ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.

15128 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَهَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا قَرَأْتُهُ عَلَى أَبِي سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَمْرٍو فِي كِتَابِ إِبْطَالِ الِاسْتِحْسَانِ، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ، عَنِ الرَّبِيعِ، عَنِ الشَّافِعِيِّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامٍ، لَكِنَّهُ فِي أَصْلٍ عَتِيقٍ فَصَلَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا بَعْدَهُ بِدَائِرَةٍ، ثُمَّ كَتَبَ: وَجَاءَ الْعَجْلَانِيُّ وَمَنْ يُفَكِّرُ فِي قَوْلِهِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ: وَجَاءَ الْعَجْلَانِيُّ عَلِمَ أَنَّهُ ابْتُدِئَ كَلَامٌ مَعْطُوفٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ، وَلَيْسَ لِهَذَا الْحَدِيثِ أَصْلٌ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْنَبَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، ثُمَّ بِحَدِيثِ الْعَجْلَانِيِّ، وَأَنَا مُسْتَغْنٍ عَنْ هَذَا الشَّرْحِ لَكِنْ لِبُعْدِ أَفْهَامِ أَكْثَرِ النَّاسِ عَنْ هَذَا اللِّسَانِ، هُوَ وَلَا أَحْتَاجُ فِي مِثْلِ هَذَا الْوَهْمِ الْفَاحِشِ مُنْذُ مِائَةِ سَنَةٍ إِلَى زِيَادَةِ بَيَانٍ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

ص: 158

‌وَقْفُ الزَّوْجَيْنِ عِنْدَ الْخَامِسَةِ وَتَذْكِيرُهُمَا اللَّهَ عز وجل

ص: 161

15129 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: وَإِنَّمَا أُمِرْتُ بِوَقْفِهِمَا وَتَذْكِيرِهِمَا أَنَّ سُفْيَانَ أَخْبَرَنَا، عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:«أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم » أَمَرَ رَجُلًا حِينَ لَاعَنَ بَيْنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَى فِيهِ عِنْدَ الْخَامِسَةِ، وَقَالَ:«إِنَّهَا مُوجِبَةٌ»

ص: 161

15130 -

وَأَخْبَرَنَا أَبو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ قَالَ: أَنْبَأَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ قَالَ: حَدَّثَنِي عِكْرِمَةُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ، قَذَفَ امْرَأَتَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِشَرِيكِ بْنِ سَحْمَاءَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«الْبَيِّنَةُ أَوْ حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ» فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذَا رَأَى أَحَدُنَا رَجُلًا عَلَى امْرَأَتِهِ يَلْتَمِسُ الْبَيِّنَةَ؟ فَجَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ:«الْبَيِّنَةُ وَإِلَّا فَحَدٌّ فِي ظَهْرِكَ» ، فَقَالَ هِلَالٌ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ إِنِّي لَصَادِقٌ، وَلَيُنْزِلَنَّ اللَّهُ عز وجل فِي أَمْرِي مَا يُبَرِّئُ بِهِ ظَهْرِي مِنَ الْحَدِّ، فَنَزَلَتْ:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ} [النور: 6]، فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ {مِنَ الصَّادِقِينَ} [النور: 9] فَانْصَرَفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمَا فَجَاءَا، فَقَامَ هِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ فَشَهِدَ، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ، فَهَلْ مِنْكُمَا مِنْ تَائِبٍ» ، ثُمَّ قَامَتْ فَشَهِدَتْ، فَلَمَّا كَانَ عِنْدَ الْخَامِسَةِ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ

⦗ص: 162⦘

كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ قَالُوا لَهَا: إِنَّهَا مُوجِبَةٌ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَتَلَكَّأَتْ وَنَكَصَتْ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهَا سَتَرْجِعُ، فَقَالَتْ: لَا أَفْضَحُ قَومِي سَائِرَ الْيَوْمِ فَمَضَتْ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " أَبْصِرُوهَا فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَكْحَلَ الْعَيْنَيْنِ سَابِغَ الْأَلْيَتَيْنِ خَدَلَّجَ السَّاقَيْنِ فَهُوَ لِشَرِيكِ بْنِ سَحْمَاءَ، فَجَاءَتْ بِهِ كَذَلِكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«لَوْلَا مَا مَضَى مِنْ كِتَابِ اللَّهِ لَكَانَ لِي وَلَهَا شَأْنٌ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ، وَهَذَا الْحَدِيثُ مِمَّا تَفَرَّدَ بِهِ أَهْلُ الْبَصْرَةِ

ص: 161

‌بَابُ مَا يَكُونُ بَعْدَ لِعَانِ الزَّوْجِ

ص: 163

15131 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَإِذَا أَكْمَلَ الزَّوْجُ الشَّهَادَةَ وَالِالْتِعَانَ فَقَدْ زَالَ فِرَاشُ امْرَأَتِهِ، وَلَا تَحِلُّ لَهُ أَبَدًا بِحَالٍ وَإِنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ لَمْ تَعُدْ إِلَيْهِ، وَإِنَّمَا قُلْتُ هَذَا لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ

⦗ص: 164⦘

: «الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ» ، وَكَانَتْ فِرَاشًا، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُنْفَى الْوَلَدُ عَنِ الْفِرَاشِ إِلَّا بِأَنْ يَزُولَ الْفِرَاشُ، فَلَا تَكُونُ فِرَاشًا أَبَدًا، وَقَدْ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم » فَرَّقَ بَيْنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِالْمَرْأَةِ "

⦗ص: 165⦘

.

15132 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَكَانَ مَعْقُولًا فِي حُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ أَلْحَقَ الْوَلَدَ بِأُمِّهِ أَنَّهُ نَفَاهُ عَنْ أَبِيهِ، وَإِنَّ نَفْيَهُ عَنْ أَبِيهِ بِيَمِينِهِ وَالْتِعَانِهِ لَا بِيَمِينِ أُمِّهِ عَلَى كَذِبِهِ بِنَفْيِهِ

15133 -

وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِي هَذَا وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: وَلَمَّا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهَا» اسْتَدْلَلْنَا عَلَى أَنَّ الْمُتَلَاعِنَيْنِ لَا يَتَنَاكَحَانِ أَبَدًا إِذَا لَمْ يَقُلْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِلَّا أَنْ تُكَذِّبَ نَفْسَكَ أَوْ تَفْعَلَ كَذَا كَمَا قَالَ اللَّهُ عز وجل فِي الْمُطَلِّقِ الثَّالِثَةِ: {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230]، وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ.

15134 -

قَالَ فِي الْقَدِيمِ: وَرَوَى الَّذِينَ خَالَفُونَا فِي هَذَا حَدِيثًا عَنْ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُمْ قَالُوا فِي الْمُتَلَاعِنَيْنِ: لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا، وَرَجَعَ بَعْضُهُمْ إِلَى قَولِنَا فِيهِ، وَأَبَى بَعْضُهُمُ الرُّجُوعَ إِلَيْهِ وَقَالَ: لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا مَا كَانَ عَلَى اللِّعَانِ.

15135 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَقُلْتُ لَهُ: أَوَتَعْلَمُ حَدِيثًا لَا يَحْتَمِلُ أَنْ يُوَجِّهَ وَجُوهًا إِلَّا قَلِيلًا، وَإِنَّمَا الْأَحَادِيثُ عَلَى ظَاهِرِهَا حَتَّى تَأْتِيَ دَلَالَةٌ بِخَبَرٍ عَنِ الَّذِي حَمَلَ الْحَدِيثَ عَنْهُ، أَوْ إِجْمَاعٌ مِنَ النَّاسِ عَلَى تَوْجِيهِهَا، وَظَاهِرُ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَا رُوِّيتُمْ عَنْ عَلِيٍّ، وَعُمَرَ، وَابْنِ مَسْعُودٍ عَلَى مَا قُلْنَا

ص: 163

15136 -

قَالَ أَحْمَدُ: رُوِّينَا عَنِ الزُّبَيْدِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فِي قِصَّةِ الْمُتَلَاعِنَيْنِ قَالَ: فَتَلَاعَنَا فَفَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَهُمَا وَقَالَ: «لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا»

⦗ص: 166⦘

. أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَمْرٍو الْأَدِيبُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَسَّانَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ هُوَ ابْنُ مُسْلِمٍ، وَعُمَرُ هُوَ ابْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ قَالَا: حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنِ الزُّبَيْدِيِّ، فَذَكَرَهُ.

15137 -

هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ

ص: 165

15138 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْفِهْرِيِّ، وَغَيْرِهِ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فِي هَذَا الْخَبَرِ قَالَ سَهْلٌ:«حَضَرْتُ هَذَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» فَمَضَتِ السُّنَّةُ بَعْدُ فِي الْمُتَلَاعِنَيْنِ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا ".

15139 -

وَفِي الْجَامِعِ عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: فِي الْمُتَلَاعِنَيْنِ: يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَلَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا. وَعَنْ أَبِي هَاشِمٍ الْواسِطِيِّ، عَنْ جَهْمِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: إِذَا أَكْذَبَ نَفْسَهُ بَعْدَ اللِّعَانِ ضُرِبَ الْحَدَّ وَأُلْزِقَ بِهِ الْوَلَدُ وَلَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا

ص: 166

15140 -

وَفِي حَدِيثِ قَيْسِ بْنِ الرَّبِيعِ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَلِيٍّ، وَعَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُمَا قَالَا:«مَضَتِ السُّنَّةُ فِي الْمُتَلَاعِنَيْنِ أَنْ لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا»

ص: 166

15141 -

أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، إِجَازَةً، أَنَّ أَبَا الْعَبَّاسِ، حَدَّثَهُمْ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا سَعْدٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَنَّهُ قَالَ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ

⦗ص: 167⦘

: أَرَأَيْتَ الَّذِيَ يَقْذِفُ امْرَأَتَهُ، ثُمَّ يَنْزِعُ عَنِ الَّذِي قَالَ قَبْلَ أَنْ يُلَاعِنَهَا؟ قَالَ:«هِيَ امْرَأَتُهُ وَيُحَدُّ»

15142 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: " وَمَتَى الْتَعَنَ الزَّوْجُ فَعَلَيْهَا أَنْ تَلْتَعِنَ، فَإِنْ أَبَتْ حُدَّتْ، لِقَوْلِ اللَّهِ عز وجل:{وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ} [النور: 8]

15143 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: «وَالْعَذَابُ الْحَدُّ، فَكَانَ عَلَيْهَا أَنْ تُحَدَّ إِذَا الْتَعَنَ الزَّوْجُ وَلَمْ تَدْرَأْ عَنْ نَفْسِهَا بِالِالْتِعَانِ»

ص: 166

15144 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَرُوِّينَا فِي حَدِيثِ عَبَّادِ بْنِ مَنْصُورٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قِصَّةِ الْمُتَلَاعِنَيْنِ قَالَ: فَقِيلَ لِهِلَالٍ: «تَشْهَدُ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ أَنَّكَ لَمِنَ الصَّادِقِينَ» ، وَقِيلَ لَهُ عِنْدَ الْخَامِسَةِ:«يَا هِلَالُ اتَّقِ اللَّهَ فَإِنَّ عَذَابَ اللَّهِ أَشَدُّ مِنْ عَذَابِ النَّاسِ، وَإِنَّ هَذِهِ الْمُوجِبَةُ الَّتِي تُوجِبُ عَلَيْكَ الْعَذَابَ» فَقَالَ: وَاللَّهِ لَا يُعَذِّبُنِي اللَّهُ أَبَدًا، كَمَا لَمْ تَجْلِدْنِي عَلَيْهَا قَالَ: فَشَهِدَ الْخَامِسَةَ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ، وَقِيلَ لَهَا:«اشْهَدِي أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ» ، وَقِيلَ لَهَا عِنْدَ الْخَامِسَةِ:«يَا هَذِهِ اتَّقِ اللَّهَ فَإِنَّ عَذَابَ اللَّهِ أَشَدُّ مِنْ عَذَابِ النَّاسِ، وَإِنَّ هَذِهِ الْمُوجِبَةُ الَّتِي تُوجِبُ عَلَيْكِ الْعَذَابَ» ، فَتَلَكَّأَتْ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَتْ: وَاللَّهِ لَا أَفْضَحُ قَومِي، فَشَهِدَتِ الْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ "، أَخْبَرَنَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ فُورَكٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ، فَذَكَرَهُ

ص: 167

15145 -

أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، إِجَازَةً، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ

⦗ص: 168⦘

قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ فِي " الرَّجُلِ يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ: يَا زَانِيَةُ، وَهُوَ يَقُولُ: لَمْ أَرَ ذَلِكَ عَلَيْهَا قَالَ: «يُلَاعِنُهَا» وَعَنْ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: الرَّجُلُ يَقْذِفُ امْرَأَتَهُ قَبْلَ أَنْ تُهْدَى إِلَيْهِ قَالَ: «يُلَاعِنُهَا وَالْوَلَدُ لَهَا» .

15146 -

وَعَنْ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، أَنَّهُ قَالَ:«يُلَاعِنُهَا وَالْوَلَدُ لَهَا إِذَا قَذَفَهَا قَبْلَ أَنْ تُهْدَى إِلَيْهِ» .

15147 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَبِهَذَا كُلِّهِ نَأْخُذُ

ص: 167

‌التَّعْرِيضُ بِالْقَذْفِ

ص: 169

15148 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ الْقَاضِي، وَأَبُو زَكَرِيَّا الْمُزَكِّي، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنَّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ غُلَامًا أَسْوَدَ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«هَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ؟» قَالَ: نَعَمْ قَالَ: «مَا أَلْوانُهَا؟» قَالَ: حُمْرٌ قَالَ: «هَلْ فِيهَا مِنْ أَوْرَقَ؟» قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: «أَنَّى تَرَى ذَلِكَ؟» قَالَ: عِرْقًا نَزَعَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«فَلَعَلَّ هَذَا نَزَعَهُ عِرْقٌ» . وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، عَنِ ابْنِ أَبِي أُوَيْسٍ، عَنْ مَالِكٍ

ص: 169

15149 -

وَأَخْبَرَنَاهُ أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ

⦗ص: 170⦘

أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ أَعْرَابِيًّا مِنْ بَنِي فَزَارَةَ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنَّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ غُلَامًا أَسْوَدَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«هَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ؟» قَالَ: نَعَمْ قَالَ: «فَمَا أَلْوانُهَا؟» قَالَ: حُمْرٌ قَالَ: «هَلْ فِيهَا مِنْ أَوْرَقُ؟» قَالَ: نَعَمْ إِنَّ فِيهَا لَوُرْقًا قَالَ: «فَأَنَّى أَتَاهَا ذَلِكَ؟» قَالَ: لَعَلَّهُ نَزَعَهُ عِرْقٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«وَهَذَا لَعَلَّهُ نَزَعَهُ عِرْقٌ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ قُتَيْبَةَ، وَغَيْرُهُ عَنْ سُفْيَانَ.

15150 -

وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَزَادَ فِيهِ:«وَهُوَ حِينَئِذٍ يُعَرِّضُ بِأَنْ يَنْفِيَهُ» .

15151 -

وَرَوَاهُ يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، وَزَادَ فِيهِ: وَإِنِّي أَنْكَرْتُهُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَلَمَّا كَانَ قَوْلُ الْفَزَارِيِّ تُهْمَةً الْأَغْلَبُ مِنْهَا عِنْدَ مَنْ سَمِعَهَا أَنَّهُ أَرَادَ قَذْفَهَا، فَسَمِعَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يَرَهُ قَذْفًا، إِذْ كَانَ لِقَوْلِهِ وَجْهٌ يَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَكُونَ أَرَادَ بِهِ الْقَذْفَ مِنَ التَّعَجُّبِ وَالْمَسْأَلَةِ عَنْ ذَلِكَ، اسْتَدْلَلْنَا عَلَى أَنَّهُ لَا حَدَّ فِي التَّعْرِيضِ، وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِي هَذَا

ص: 169

15152 -

وَأَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، إِجَازَةً، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ فِي " الرَّجُلِ يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ: لَمْ أَجِدْكِ عَذْرَاءَ، وَلَا أَقُولُ ذَلِكَ مِنْ زِنًا، فَلَا يُحَدُّ "

⦗ص: 171⦘

15153 -

قَالَ الْمُزَنِيُّ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه كَانَ يَجْلِدُ الْحَدَّ فِي التَّعْرِيضِ، أَخْبَرَنَاهُ أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو السُّلَمِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ

ص: 170

15154 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْفَضْلِ الْهَاشِمِيُّ، حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، «أَنَّ» رَجُلًا قَالَ وَاللَّهِ مَا أَنَا بِزَانٍ وَلَا ابْنِ زَانِيَةٍ، فَجَلَدَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ الْحَدَّ "

15155 -

قَالَ الْمُزَنِيُّ: وَقَوْلُهُ بِدَلَائِلِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ أَوْلَى مِنْ هَذَا، يُرِيدُ اسْتِدْلَالَ الشَّافِعِيِّ بِمَا ذَكَرْنَا مِنَ السُّنَّةِ وَبِأَنَّ اللَّهَ أَبَاحَ التَّعْرِيضَ بِالْخِطْبَةِ فِي عِدَّةِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا، فَكَانَ خِلَافًا لِلتَّصْرِيحِ

ص: 171

‌بَابُ الشَّهَادَةِ فِي اللِّعَانِ

ص: 172

15156 -

رُوِّينَا عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي أَرْبَعَةٍ شَهِدُوا عَلَى امْرَأَةٍ بِالزِّنَا أَحَدُهُمْ زَوْجُهَا قَالَ:«يُلَاعِنُ وَيُجْلَدُ الثَّلَاثَةُ» .

15157 -

وَبِمِثْلِ ذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ: «إِنَّ الشُّهُودَ إِذَا لَمْ يُتِمُّوا أَرْبَعَةً فَهُمْ قَذَفَةٌ يُحَدُّونَ»

ص: 172

‌الْإِقْرَارُ بِالْوَلَدِ

ص: 173

15158 -

رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه: «أَنَّ » الرَّجُلَ إِذَا أَقَرَّ بِوَلَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْفِيَهُ "

ص: 173

‌الْفِرَاشُ بِالْوَطْءِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ وَالنِّكَاحِ

ص: 174

15159 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ:«الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ بِالْوَطْءِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ وَالنِّكَاحِ»

ص: 174

15160 -

أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَرْسَلَ عُمَرُ، إِلَى رَجُلٍ مِنْ بَنِي زُهْرَةَ كَانَ سَاكِنًا مَعَنَا فَذَهَبْنَا مَعَهُ، فَسَأَلَهُ عَنْ وِلَادٍ مِنْ وِلَادِ الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَالَ: أَمَّا الْفِرَاشُ فَلِفُلَانٍ، وَأَمَّا النُّطْفَةُ فَلِفُلَانٍ، فَقَالَ عُمَرُ:«صَدَقْتَ، وَلَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم » قَضَى بِالْفِرَاشِ "

ص: 174

15161 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَرْمَوِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو النَّضْرِ شَافِعُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرِ بْنُ سَلَامَةَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ يَحْيَى الْمُزَنِيُّ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَرْسَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، إِلَى شَيْخٍ مِنْ بَنِي زُهْرَةَ مِنْ أَهْلِ دَارِنَا، فَذَهَبْتُ مَعَ الشَّيْخِ إِلَى عُمَرَ وَهُوَ فِي الْحِجْرِ، فَسَأَلَهُ عَنْ وِلَادِ الْجَاهِلِيَّةِ قَالَ: وَكَانَتِ الْمَرْأَةُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا طَلَّقَهَا زَوْجُهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا، نُكِحَتْ بِغَيْرِ عِدَّةٍ، فَقَالَ الرَّجُلُ: أَمَّا النُّطْفَةُ فَمِنْ فُلَانٍ، وَأَمَا الْوَلَدُ فَهُوَ عَلَى فِرَاشِ فُلَانٍ، فَقَالَ عُمَرُ:«صَدَقْتَ، وَلَكِنْ » قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْوَلَدِ لِلْفِرَاشِ "

ص: 174

15162 -

وَبِإِسْنَادِهِ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ»

ص: 174

15163 -

وَبِإِسْنَادِهِ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ عُتْبَةُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ عَهِدَ إِلَى أَخِيهِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ إِنَّ ابْنَ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ مِنِّي فَاقْبِضْهُ إِلَيْكَ، فَلَمَّا كَانَ عَامُ الْفَتْحِ أَخَذَهُ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَقَالَ: ابْنُ أَخِي كَانَ عَهِدَ إِلَيَّ فِيهِ، فَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ: أَخِي وَابْنُ وَلِيدَةِ أَبِي وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ» ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِسَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«احْتَجِبِي عَنْهُ» لِمَا رَأَى مِنْ شَبَهِهِ بِعُتْبَةَ، فَمَا رَآهَا حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ عز وجل. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، عَنِ الْقَعْنَبِيِّ، وَغَيْرُهُ عَنْ مَالِكٍ. وَأَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ. وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ، حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ، عَنْ سُفْيَانَ.

15164 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ: فَقَدْ قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِابْنِ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ بِدَعْوَةِ أَخِيهِ وَنَسَبَهُ إِلَى أَبِيهِ وَقَالَ: «الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ» فَأَعْلَمَ أَنَّ الْأَمَةَ تَكُونُ فِرَاشًا

ص: 175

15165 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: «مَا بَالُ رِجَالٍ يَطَئُونَ وَلَائِدَهُمْ، ثُمَّ يَعْزِلُونَهُنَّ

⦗ص: 176⦘

لَا تَأْتِيَنِي وَلِيدَةٌ يَعْتَرِفُ سَيِّدُهَا أَنْ قَدْ أَلَمَّ بِهَا إِلَّا أَلْحَقْتُ بِهِ وَلَدَهَا، فَاعْزِلُوا بَعْدُ أَوِ اتْرُكُوا».

15166 -

وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ عُمَرَ فِي إِرْسَالِ الْوَلَائِدِ يُوطَأْنَ بِمِثْلِ حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ.

15167 -

وَسَاقَ الْحَدِيثَ فِي الْقَدِيمِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: مَا بَالُ رِجَالٍ يَطَأُونَ وَلَائِدَهُمْ، ثُمَّ يَتْرُكُونَهُنَّ يَخْرُجْنَ، لَا تَأْتِينِي وَلِيدَةٌ يَعْتَرِفُ سَيِّدُهَا أَنْ قَدْ أَلَمَّ بِهَا إِلَّا أَلْحَقْتُ بِهِ وَلَدَهَا، فَأَرْسِلُوهُنَّ بَعْدُ أَوْ أَمْسِكُوهُنَّ.

15168 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قُلْتُ لِلشَّافِعِيِّ: فَهَلْ خَالَفَكَ فِي هَذَا غَيْرُنَا؟ قَالَ: نَعَمْ بَعْضُ الْمَشْرِقِيِّينَ، قُلْتُ: فَمَا كَانَ حُجَّتُهُمْ؟ قَالَ: كَانَتْ حُجَّتُهُمْ أَنْ قَالُوا: انْتَفَى عُمَرُ مِنْ وَلَدِ جَارِيَةٍ لَهُ، وَانْتَفَى زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ مِنْ وَلَدِ جَارِيَةٍ لَهُ، وَانْتَفَى ابْنُ عَبَّاسٍ مِنْ وَلَدِ جَارِيَةٍ لَهُ، قُلْتُ: فَمَا كَانَتْ حُجَّتَكَ عَلَيْهِمْ؟ قَالَ: أَمَّا عُمَرُ فَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ أَنْكَرَ حَمْلَ جَارِيَةٍ أَقَرَّتْ بِالْمَكْرُوهِ، وَأَمَّا زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَإِنَّمَا أَنْكَرَا إِنْ كَانَا فَعَلَا وَلَدَ جَارِيَتَيْنِ عَرَفَا أَنْ لَيْسَ مِنْهُمَا، فَحَلَالٌ لَهُمَا، وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي لَهُمَا فِي الْأَمَةِ، وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي لِزَوْجِ الْحُرَّةِ إِذَا عَلِمَ أَنَّهَا حَبِلَتْ مِنَ الزِّنَا أَنْ يَدْفَعَ وَلَدَهَا وَلَا يُلْحِقُ بِنَفْسِهِ مَنْ لَيْسَ مِنْهُ، وَإِنَّمَا قُلْتُ هَذَا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ، كَمَا تَعْلَمُ الْمَرْأَةُ بِأَنَّ زَوْجَهَا قَدْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا، فَلَا يَنْبَغِي لَهَا الِامْتِنَاعُ مِنْهُ بِجَهْدِهَا، وَعَلَى الْإِمَامِ أَنْ يُحَلِّفَهُ ثُمَّ يَرُدَّهَا، فَالْحُكْمُ غَيْرُ مَا بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ اللَّهِ عز وجل، ثُمَّ بَسَطَ الْكَلَامَ فِي الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ

⦗ص: 177⦘

.

15169 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَإِذَا غَابَ الرَّجُلُ عَنِ امْرَأَتِهِ، فَبَلَغَهَا وَفَاتُهُ فَاعْتَدَّتْ، ثُمَّ نَكَحَتْ فَوَلَدَتْ أَوْلَادًا ثُمَّ قَدِمَ فُرِّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا الْآخَرِ، وَأُلْحِقَ الْوَلَدُ بِالْآخَرِ

ص: 175

15170 -

وَكَذَلِكَ رُوِّينَاهُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه، «فِي امْرَأَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُرِّ حِينَ لَحِقَ بِمُعَاوِيَةَ، فَأَطَالَ الْغَيْبَةَ، وَمَاتَ أَبُوهَا، فَزَوَّجَهَا أَهْلُهَا مِنْ رَجُلٍ آخَرَ، ثُمَّ قَدِمَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُرِّ وَكَانَتْ حَامِلًا مِنَ الرَّجُلِ، فَلَمَّا وَضَعَتْ مَا فِي بَطْنِهَا رَدَّهَا إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُرِّ وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِأَبِيهِ» . أَخْبَرَنَاهُ أَبُو حَازِمٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَمْزَةَ الْهَرَوِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ نَجْدَةَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَحَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عِمْرَانُ بْنُ كَثِيرٍ النَّخَعِيُّ، فَذَكَرَهُ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ

ص: 177

‌كِتَابُ الْعِدَدِ

ص: 178

‌بَابُ عِدَّةِ الْمَدْخُولِ بِهَا

ص: 178

15171 -

أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، إِجَازَةً أَنَّ أَبَا الْعَبَّاسِ، حَدَّثَهُمْ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى: " {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228]

⦗ص: 179⦘

.

15172 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: " الْأَقْرَاءُ عِنْدَنَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ الْأَطْهَارُ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: مَا دَلَّ عَلَى أَنَّهَا الْأَطْهَارُ، وَقَدْ قَالَ غَيْرُكُمْ: الْحَيْضُ؟ قِيلَ لَهُ دَلَالَتَانِ، أُولَاهُمَا الْكِتَابُ الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ السُّنَّةُ، وَالْآخَرُ اللِّسَانُ، فَإِنْ قَالَ: وَمَا الْكِتَابُ؟ قِيلَ: قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى: {إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1] "

ص: 178

15173 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهِ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَ عُمَرُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لِيُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ، ثُمَّ تَطْهُرَ ثُمَّ إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ بَعْدُ وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ، فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ تُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ» .

15174 -

قَالَ أَحْمَدُ: قَرَأْتُ فِي كِتَابِ أَبِي سُلَيْمَانَ فِي مَعْنَى اللَّامِ فِي قَوْلِهِ: «لَهَا» أَنَّهَا بِمَعْنَى: فِي، يُرِيدُ: أَنَّهَا الْعِدَّةُ الَّتِي يُطَلَّقُ النِّسَاءُ فِيهَا، كَمَا يَقُولُ الْقَائِلُ: كُتِبَتْ لِخَمْسٍ خَلَوْنَ مِنَ الشَّهْرِ، أَيْ وَقْتٌ خَلَا فِيهِ مِنَ الشَّهْرِ خَمْسُ لَيَالٍ، وَإِذَا كَانَ وَقْتُ الطَّلَاقِ الطُّهْرَ ثَبَتَ أَنَّهُ مَحَلُّ الْعِدَّةِ

ص: 179

15175 -

وَبِالْإِسْنَادِ الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمٌ، وَسَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ يَذْكُرُ طَلَاقَ امْرَأَتِهِ حَائِضًا فَقَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «فَإِذَا طَهُرَتْ فَلْيُطَلِّقْ أَوْ لِيُمْسِكْ» وَتَلَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: {إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ} [الطلاق: 1] لِقُبُلِ عِدَّتِهِنَّ، أَوْ فِي قُبُلِ عِدَّتِهِنَّ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَنَا شَكَكْتُ.

15176 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَأَخْبَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّ الْعِدَّةَ الطُّهْرُ دُونَ الْحَيْضِ وَقَرَأَ: «فَطَلِّقُوهُنَّ لِقُبُلِ عِدَّتِهِنَّ» ، وَهُوَ أَنْ تُطَلَّقَ طَاهِرًا، لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ تَسْتَقْبِلُ عِدَّتَهَا، وَلَوْ طُلِّقَتْ حَائِضًا لَمْ تَكُنْ مُسْتَقْبِلَةً عِدَّتَهَا إِلَّا بَعْدَ الْحَيْضِ، فَإِنْ قَالَ: فَمَا اللِّسَانُ؟ قِيلَ الْقُرْءُ، اسْمٌ وُضِعَ لِمَعْنًى، فَلَمَّا كَانَ الْحَيْضُ دَمًا يَرْخِيهِ الرَّحِمُ فَيَخْرُجُ، وَالطُّهْرُ دَمًا يَحْتَبِسُ فَلَا يَخْرُجُ، كَانَ مَعْرُوفًا مِنْ لِسَانِ الْعَرَبِ أَنَّ الْقُرْءَ الْحَبْسُ، تَقُولُ الْعَرَبُ: هُوَ يَقْرِي الْمَاءَ فِي حَوضِهِ وَفِي سِقَائِهِ، وَتَقُولُ الْعَرَبُ يَقْرِي الطَّعَامَ فِي شِدْقِهِ، يَعْنِي: يَحْبِسُ الطَّعَامَ فِي شِدْقِهِ.

15177 -

زَادَ فِي رِوَايَةِ حَرْمَلَةَ: تَقُولُ الْعَرَبُ إِذَا حَبَسَ الرَّجُلُ الشَّيْءَ قَرَاهُ، يَعْنِي خَبَّأَهُ، وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: الْعَرَبُ تُقْرِي فِي صِحَافِهَا، يَعْنِي تَحْبِسُ فِي صِحَافِهَا

ص: 180

15178 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْكَارِزِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: «يُقَالُ» قَدْ أَقْرَأَتِ الْمَرْأَةُ إِذَا دَنَا حَيْضُهَا، وَأَقْرَأَتْ إِذَا دَنَا طُهْرُهَا".

15179 -

زَعَمَ ذَلِكَ أَبُو عُبَيْدَةَ، وَالْأَصْمَعِيُّ وَغَيْرُهُمَا.

15180 -

قَالَ: وَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ الْأَعْشَى فِي شِعْرٍ يَمْدَحُ بِهِ رَجُلًا غَزَا غَزْوَةً غَنِمَ فِيهَا وَظَفَرَ فَقَالَ:

[البحر الطويل]

⦗ص: 181⦘

مُوَرَّثَةٍ مَالًا وَفِي الْحَيِّ رِفْعَةٌ

لِمَا ضَاعَ فِيهَا مِنْ قُرُوءِ نِسَائِكَا.

15181 -

فَمَعْنَى الْقُرُوءِ هَا هُنَا الْأَطْهَارُ: لِأَنَّهُ ضَيَّعَ أَطْهَارَهُنَّ فِي غَزَاتِهِ وَأَثَرُهَا عَلَيْهِنَّ وَشُغِلَ بِهَا عَنْهُنَّ.

15182 -

فَذَهَبَ أَبُو عُبَيْدٍ إِلَى أَنَّ اسْمَ الْقُرْءِ وَاقِعٌ عَلَيْهِمَا، وَكَأَنَّهُ فِي الطُّهْرِ أَظْهَرَ لِمَا ذَكَرَ الشَّافِعِيُّ مِنْ حُكْمِ الِاشْتِقَاقِ، وَلِأَنَّ ذَلِكَ أَسْبَقُ إِلَى الْوُجُودِ، فَهُوَ أَوْلَى بِالِاسْمِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ

ص: 180

15183 -

أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو بَكْرٍ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا «انْتَقَلَتْ حَفْصَةَ بِنْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حِينَ دَخَلَتْ فِي الدَّمِ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ». قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَقَالَتْ: صَدَقَ عُرْوَةُ، وَقَدْ جَادَلَهَا فِي ذَلِكَ نَاسٌ وَقَالُوا: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228] فَقَالَتْ عَائِشَةُ: " صَدَقْتُمْ، وَهَلْ تَدْرُونَ مَا الْأَقْرَاءُ؟ الْأَقْرَاءُ: الْأَطْهَارُ "

15184 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، يَقُولُ: مَا أَدْرَكْتُ أَحَدًا مِنْ فُقَهَائِنَا إِلَّا وَهُوَ يَقُولُ هَذَا، يُرِيدُ الَّذِي قَالَتْ: عَائِشَةُ

ص: 181

15184 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:«إِذَا طَعَنَتِ الْمُطَلَّقَةُ فِي الدَّمِ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ»

ص: 181

15185 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّ الْأَحْوصَ يَعْنِي ابْنَ حَكِيمٍ، هَلَكَ بِالشَّامِ حِينَ دَخَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي الدَّمِ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ، وَقَدْ كَانَ طَلَّقَهَا، فَكَتَبَ مُعَاوِيَةُ، إِلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، يَسْأَلُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ زَيْدٌ «إِذَا دَخَلَتْ فِي الدَّمِ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ وَبَرِئَ مِنْهَا، وَلَا تَرِثُهُ وَلَا يَرِثُهَا»

ص: 182

15186 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، وَابْنَ عُمَرَ قَالَا:«إِذَا دَخَلَتْ فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فَلَا رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا» .

15187 -

ذَكَرَهُ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ، عَنْ أَبِي الْخَطَّابِ، عَنْ أَبِي بَحْرٍ، عَنِ ابْنِ عَرُوبَةَ

ص: 182

15188 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ:«إِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فَدَخَلَتْ فِي الدَّمِ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ وَبَرِئَ مِنْهَا، وَلَا تَرِثُهُ وَلَا يَرِثُهَا»

ص: 182

15189 -

أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ إِجَازَةً، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مَوْلَى الْمَهْرِيِّ، أَنَّهُ سَأَلَ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ، وَسَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْمَرْأَةِ إِذَا طُلِّقَتْ فَدَخَلَتْ فِي الدَّمِ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فَقَالَا:«قَدْ بَانَتْ مِنْهُ وَحَلَّتْ»

ص: 182

15190 -

وَبِإِسْنَادِهِ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، وَابْنِ شِهَابٍ، أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ:«إِذَا دَخَلَتِ الْمُطَلَّقَةُ فِي الدَّمِ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ، وَلَا مِيرَاثَ بَيْنَهُمَا»

15191 -

زَادَ فِيهِ غَيْرُهُ عَنْ مَالِكٍ، وَلَا رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا قَالَ مَالِكٌ: وَذَلِكَ الْأَمْرُ الَّذِي أَدْرَكْتُ عَلَيْهِ أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا

ص: 183

15192 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَأَبُو مُوسَى:«لَا تَحِلُّ الْمَرْأَةُ حَتَّى تَغْتَسِلَ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ، وَذَهَبُوا إِلَى أَنَّ الْأَقْرَاءَ الْحَيْضُ» . وَقَالَ هَذَا ابْنُ الْمُسَيِّبِ، وَعَطَاءٌ، وَجَمَاعَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ

ص: 183

15193 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا قَالَا: أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَالَ:«إِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِرَجْعَتِهَا حَتَّى تَغْتَسِلَ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فِي الْوَاحِدَةِ وَالِاثْنَتَيْنِ» .

15194 -

أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ، أَخْبَرَنَا أَبُو النَّضْرِ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْصُورٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، مِثْلَهُ

⦗ص: 184⦘

. قَالَ: وَسَمِعْتُ ابْنَ عُيَيْنَةَ، يُحَدِّثُ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ أَبِي تَمِيمَةَ السِّخْتِيَانِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، مِثْلَهُ. مَعْنَى حَدِيثِ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَعَبْدِ اللَّهِ.

15195 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ: فَقِيلَ لَهُمْ، يَعْنِي لِلْعِرَاقِيِّينَ: لِمَ تَقُولُونَ بِقَوْلِ مَنِ احْتَجَجْتُمْ بِقَوْلِهِ وَرُوِّيتُمْ هَذَا عَنْهُ وَلَا قَوْلِ أَحَدٍ مِنَ السَّلَفِ عَلِمْنَاهُ؟ قَالَ قَائِلٌ: أَيْنَ خَالَفْنَاهُمْ؟ قُلْنَا: قَالُوا: حَتَّى تَغْتَسِلَ وَتَحِلَّ لَهَا الصَّلَاةُ، فَلِمَ قُلْتُمْ إِنْ فَرَّطَتْ فِي الْغُسْلِ حَتَّى تُذْهِبَ وَقْتَ صَلَاةٍ، فَقَدْ حَلَّتْ وَهِيَ لَمْ تَغْتَسِلْ وَلَمْ تَحِلَّ لَهَا الصَّلَاةُ.

15196 -

وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِي هَذَا إِلَى أَنْ قَالَ: وَلَا تَعْدُو أَنْ تَكُونَ الْأَقْرَاءُ إِلَّا أَطْهَارٌ كَمَا قَالَتْ عَائِشَةُ، وَالنِّسَاءُ بِهَذَا أَعْلَمُ؛ لِأَنَّهُ فِيهِنَّ بِمَا فِي الرِّجَالِ، أَوْ تَكُونُ الْحَيْضُ، فَإِذَا جَاءَتْ بِثَلَاثِ حِيَضٍ حَلَّتْ وَلَا نَجِدُ فِي كِتَابِ اللَّهِ لِلْغُسْلِ مَعْنًى يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَلَسْتُمْ تَقُولُونَ بِوَاحِدٍ مِنَ الْقَوْلَيْنِ

15197 -

وَفِي رِوَايَةِ حَرْمَلَةَ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَزَعَمَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ابْنِ عُلَيَّةَ، أَنَّ الْأَقْرَاءَ الْحَيْضُ، وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ سُفْيَانَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي امْرَأَةٍ اسْتُحِيضَتْ أَنْ تَدَعَ الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا»

ص: 183

15198 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَمَا حَدَّثَ سُفْيَانُ بِهَذَا قَطُّ، إِنَّمَا قَالَ سُفْيَانُ: عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «تَدَعُ الصَّلَاةَ

⦗ص: 185⦘

عَدَدَ اللَّيَالِي وَالْأَيَّامِ الَّتِي كَانَتْ تَحِيضُهُنَّ» أَوْ قَالَ: «أَيَّامَ أَقْرَائِهَا» . الشَّكُّ مِنْ أَيُّوبَ، لَا نَدْرِي قَالَ هَذَا أَوْ هَذَا فَجَعَلَهُ هُوَ أَحَدُهُمَا عَلَى نَاحِيَةِ مَا يُرِيدُ، وَلَيْسَ هَذَا يَصْدُقُ وَقَدْ

ص: 184

15199 -

أَخْبَرَنَاهُ مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لِتَنْظُرَ عَدَدَ اللَّيَالِي وَالْأَيَّامِ الَّتِي كَانَتْ تَحِيضُهُنَّ مِنَ الشَّهْرِ قَبْلَ أَنْ يُصِيبَهَا الَّذِي أَصَابَهَا، ثُمَّ لِتَدَعِ الصَّلَاةَ، ثُمَّ لِتَغْتَسِلْ وَلِتُصَلِّ» . وَنَافِعٌ أَحْفِظَ عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَيُّوبَ، وَهُوَ يَقُولُ مِثْلَ أَحَدِ مَعْنَيَيْ أَيُّوبَ اللَّذَيْنِ رَوَاهُمَا.

15200 -

قَالَ أَحْمَدُ: هَذَا اللَّفْظُ الَّذِي احْتَجُّوا بِهِ قَدْ رُوِيَ فِي أَحَادِيثَ قَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي كِتَابِ الْحَيْضِ مِنْ كِتَابِ السُّنَنِ، وَتِلْكَ الْأَحَادِيثُ فِي أَنْفُسِهَا مُخْتَلَفٌ فِيهَا، فَبَعْضُ الرُّوَاةِ قَالَ فِيهَا:«أَيَّامَ أَقْرَائِهَا» ، وَبَعْضُهُمْ قَالَ فِيهَا:«أَيَّامَ حَيْضِهَا» أَوْ فِي مَعْنَاهَا، وَكُلُّ ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ الرُّوَاةِ، كُلُّ وَاحِدٍ يُعَبِّرُ عَنْهُ بِمَا يَقَعُ لَهُ، وَالْأَحَادِيثُ الصِّحَاحُ مُتَّفِقَةٌ عَلَى الْعِبَارَةِ عَنْهُ بِأَيَّامِ الْحَيْضِ دُونَ لَفْظِ الْأَقْرَاءِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ

ص: 185

‌تَصْدِيقُ الْمَرْأَةِ عَلَى ثَلَاثِ حِيَضٍ فِي أَقَلِّ مَا حَاضَتْ لَهُ امْرَأَةٌ قَطُّ

ص: 186

15201 -

أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ إِجَازَةً، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ:«اؤْتُمِنَتِ الْمَرْأَةُ عَلَى فَرْجِهَا» .

15202 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَرُوِّينَا هَذَا، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ:«إِنَّ مِنَ الْأَمَانَةِ أَنَّ الْمَرْأَةَ ائْتُمِنَتْ عَلَى فَرْجِهَا»

ص: 186

15203 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِيمَا بَلَغَهُ، عَنْ هُشَيْمٍ، وَأَبِي مُعَاوِيَةَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ شُرَيْحٍ أَنَّ رَجُلًا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، فَذَكَرَتْ أَنَّهَا قَدْ حَاضَتْ فِي شَهْرٍ ثَلَاثَ حِيَضٍ، فَقَالَ عَلِيٌّ لِشُرَيْحٍ: قُلْ فِيهَا، فَقَالَ:" إِنْ جَاءَتْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ بِطَانَةِ أَهْلِهَا يَشْهَدُونَ صَدَقَتْ، فَقَالَ لَهُ: قَالَوْنَ، وَقَالَوْنُ بِالرُّومِيَّةِ: أَصَبْتَ ".

15204 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَرَوَاهُ ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، وَقَالَ فِيهِ: فَجَاءَتْ بَعْدَ شَهْرَيْنِ فَقَالَتْ: قَدِ انْقَضَتْ عِدَّتِي

ص: 187

15205 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَزْرَةَ، عَنِ الْحَسَنِ الْعُرَنِيِّ، أَنَّ شُرَيْحًا رُفِعَتْ إِلَيْهِ امْرَأَةٌ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا فَحَاضَتْ ثَلَاثَ حِيَضٍ فِي خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ لَيْلَةً، فَلَمْ يَدْرِ مَا يَقُولُ فِيهَا، فَرَفَعَ إِلَى عَلِيٍّ فَقَالَ:«سَلُوا عَنْهَا جَارَاتِهَا، فَإِنْ كَانَ حَيْضُهَا كَانَ هَكَذَا، وَإِلَّا فَأَشْهُرٌ ثَلَاثَةٌ»

15206 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهُمْ لَا يَأْخُذُونَ بِهَذَا وَيُخَالِفُونَ، أَمَّا بَعْضُهُمْ فَيَقُولُونَ: لَا تَنْقَضِي الْعِدَّةُ فِي أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَخَمْسِينَ يَومًا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَقَلُّ مَا تَنْقَضِي بِهِ تِسْعَةٌ وَثَلَاثِينَ يَومًا، وَأَمَّا نَحْنُ فَنَقُولُ بِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ؛ لِأَنَّهُ مُوَافِقٌ لِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ لِلْحَيْضِ وَقْتًا ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَهُ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي شَأْنِ فَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ:«فَإِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَاتْرُكِي الصَّلَاةَ، فَإِذَا ذَهَبَ قَدْرُهَا، فَاغْسِلِي الدَّمَ عَنْكِ وَصَلِّي»

⦗ص: 188⦘

15207 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَلَمْ يُوَقِّتِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَهَا وَقْتًا فِي الْحَيْضَةِ، فَنَقُولُ كَذَا وَكَذَا يَومًا وَلَكِنَّهُ قَالَ:«إِذَا أَقْبَلَتْ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ» .

15208 -

قَالَ الرَّبِيعُ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا تَنْقَضِي الْعِدَّةُ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ

15209 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَأَحْسَبُهُ أَرَادَ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ يَومًا وَبَعْضَ الثَّالِثِ، أَوْ أُحْسِبَتِ الْقُرُوءُ بِالْوَقْتِ الَّذِي يَقَعُ فِيهِ الطَّلَاقُ، وَاشْتِرَاطُ مُضِيِّ أَقَلِّ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ، لِيُعْلَمَ أَنَّهُ حَيْضٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ،

15210 -

قَدْ رُوِّينَا، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ:«إِذَا طَلَّقَهَا وَهِيَ حَائِضٌ لَمْ تَعْتَدَّ بِتِلْكَ الْحَيْضَةِ»

15211 -

وَرُوِّينَا عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، أَنَّهُ قَالَ:«إِذَا طَلَّقَهَا وَهِيَ نُفَسَاءُ لَمْ تَعْتَدَّ بِدَمِ نِفَاسِهَا فِي عِدَّتِهَا»

ص: 187

‌عِدَّةُ مَنْ تَبَاعَدَ حَيْضُهَا

ص: 189

15212 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ قَالَ أَحْمَدُ: كَذَا وَجَدْتُهُ، وَقَالَ غَيْرُهُ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ جَدِّهِ هَاشِمِيَّةٌ وَأَنْصَارِيَّةٌ، فَطَلَّقَ الْأَنْصَارِيَّةَ وَهِيَ تُرْضِعُ، فَمَرَّتْ بِهَا سَنَةٌ، ثُمَّ هَلَكَ وَلَمْ تَحِضْ، فَقَالَتْ: أَنَا أَرِثُهُ لَمْ أَحِضْ، فَاخْتَصَمُوا إِلَى عُثْمَانَ " فَقَضَى لِلْأَنْصَارِيَّةِ بِالْمِيرَاثِ، فَلَامَتِ الْهَاشِمِيَّةُ عُثْمَانَ، فَقَالَ:«هَذَا عَمَلُ ابْنِ عَمِّكِ، هُوَ أَشَارَ عَلَيْنَا بِهَذَا» ، يَعْنِي عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ

ص: 189

15213 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، أَخْبَرَهُ: أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ حَبَّانُ بْنُ مُنْقِذٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهُوَ

⦗ص: 190⦘

صَحِيحٌ وَهِيَ تُرْضِعُ ابْنَتَهُ، فَمَكَثَتْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا لَا تَحِيضُ يَمْنَعُهَا الرَّضَاعُ أَنْ تَحِيضَ، ثُمَّ مَرِضَ حَبَّانُ بَعْدَ أَنْ طَلَّقَهَا بِسَبْعَةِ أَشْهُرٍ أَوْ ثَمَانِيَةٍ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ امْرَأَتَكَ تُرِيدُ أَنْ تَرِثَ، فَقَالَ لِأَهْلِهِ: احْمِلُونِي إِلَى عُثْمَانَ، فَحَمَلُوهُ إِلَيْهِ، فَذَكَرَ لَهُ شَأْنَ امْرَأَتِهِ وَعِنْدَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، فَقَالَ لَهُمَا عُثْمَانُ:«مَا تَرَيَانِ؟» فَقَالَا: نَرَى " أَنَّهَا تَرِثُهُ إِنْ مَاتَ وَيَرِثُهَا إِنْ مَاتَتْ، فَإِنَّهَا لَيْسَتْ مِنَ الْقَوَاعِدِ اللَّاتِي قَدْ يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ، وَلَيْسَتْ مِنَ الْأَبْكَارِ اللَّاتِي لَمْ يَبْلُغْنَ الْمَحِيضِ، ثُمَّ هِيَ عَلَى عِدَّةِ حَيْضِهَا مَا كَانَ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ، فَرَجَعَ حَبَّانُ إِلَى أَهْلِهِ، فَأَخَذَ ابْنَتَهُ، فَلَمَّا فَقَدَتِ الرَّضَاعَ حَاضَتْ حَيْضَةً ثُمَّ حَاضَتْ حَيْضَةً أُخْرَى، ثُمَّ تُوُفِّيَ حَبَّانُ قَبْلَ أَنْ تَحِيضَ الثَّالِثَةَ، فَاعْتَدَّتْ عِدَّةَ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، وَوَرِثَتُهُ.

15214 -

أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، إِجَازَةً، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي أَمْرِ حَبَّانَ مِثْلَ خَبَرِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ

ص: 189

15215 -

وَبِإِسْنَادِهِ أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَنَّهُ قَالَ لِعَطَاءٍ: الْمَرْأَةُ تُطَلَّقُ وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنْ يَكُونَ الْمَحِيضُ قَدْ أَدْبَرَ عَنْهَا وَلَمْ يَبِنْ لَهُمْ ذَلِكَ كَيْفَ نَفْعَلُ؟ قَالَ: كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: «إِذَا يَئِسَتِ اعْتَدَّتْ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ» ، قُلْتُ: مَا يُنْتَظَرُ بَيْنَ ذَلِكَ؟ قَالَ: «إِذَا يَئِسَتِ اعْتَدَّتْ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ كَمَا قَالَ اللَّهُ عز وجل» .

15216 -

وَبِإِسْنَادِهِ أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَنَّهُ قَالَ لِعَطَاءٍ: تَعْتَدُّ بِأَقْرَائِهَا مَا كَانَتْ إِنْ تَقَارَبَتْ وَإِنْ تَبَاعَدَتْ؟ قَالَ: نَعَمْ، كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ

ص: 190

15217 -

وَبِإِسْنَادِهِ أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ، عَنِ الْمُثَنَّى، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ فِي امْرَأَةٍ طُلِّقَتْ، فَحَاضَتْ حَيْضَةً أَوْ حَيْضَتَيْنٍ، ثُمَّ رَفَعَتْهَا حَيْضَتُهَا، فَقَالَ: أَمَّا أَبُو الشَّعْثَاءِ فَكَانَ يَقُولُ: «أَقْرَاؤُهَا حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهَا يَئِسَتْ مِنَ الْمَحِيضِ»

ص: 190

15218 -

وَبِإِسْنَادِهِ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ:«عِدَّةُ الْمُطَلَّقَةِ الْأَقْرَاءُ، وَإِنَّ تَبَاعَدَتْ» . قَالَ أَحْمَدُ فِي الْجَامِعِ: عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ حَمَّادٍ وَالْأَعْمَشِ وَمَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ تَطْلِيقَةً أَوْ تَطْلِيقَتَيْنِ، ثُمَّ حَاضَتْ حَيْضَةً أَوْ حَيْضَتَيْنِ، ثُمَّ ارْتَفَعَ حَيْضُهَا سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا أَوْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ شَهْرًا، ثُمَّ مَاتَتْ، فَجَاءَ إِلَى ابْنِ مَسْعُودٍ فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: حَبَسَ اللَّهُ عَلَيْكَ مِيرَاثَهَا، فَوَرَّثَهُ مِنْهَا.

15219 -

وَفِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: وَعِدَّةُ الْمُطَلَّقَةِ بِالْحَيْضِ وَإِنْ طَالَتْ، وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ اعْتَمَدَ الشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ

ص: 191

15220 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وَيَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّهُ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابٍ رضي الله عنه: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ طُلِّقَتْ فَحَاضَتْ حَيْضَةً أَوْ حَيْضَتَيْنِ، ثُمَّ رَفَعَتْهَا حَيْضَتُهَا فَإِنَّهَا تَنْتَظِرُ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ، فَإِنْ بَانَ بِهَا حَمْلٌ فَذَلِكَ، وَإِلَّا اعْتَدَّتْ بَعْدَ التِّسْعَةِ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ، ثُمَّ حَلَّتْ» .

15221 -

وَإِلَى هَذَا كَانَ يَذْهَبُ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ فِيمَنِ ارْتَفَعَ حَيْضُهَا بِغَيْرِ عَارِضٍ ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ فِي الْجَدِيدِ إِلَى مَا بَلَغَهُ فِي ذَلِكَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ. وَقَالَ: قَدْ يَحْتَمِلُ قَوْلُ عُمَرَ أَنْ يَكُونَ فِي الْمَرْأَةِ قَدْ بَلَغَتِ السِّنَّ الَّتِي مَنْ بَلَغَهَا مِنْ نِسَائِهَا يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ، فَلَا يَكُونُ مُخَالِفًا لِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ ".

15222 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَذَلِكَ وَجْهُهُ عِنْدَنَا

ص: 191

‌قَوْلُ اللَّهِ عز وجل فِي الْآيَةِ الَّتِي ذَكَرَ فِيهَا الْمُطَلَّقَاتِ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ}

[البقرة: 228]

15223 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَكَانَ بَيِّنًا فِي الْآيَةِ بِالتَّنْزِيلِ أَنَّهُ «لَا يَحِلُّ لِلْمُطَلَّقَةِ أَنْ تَكْتُمَ مَا فِي رَحِمِهَا مِنَ الْمَحِيضِ، وَكَانَ ذَلِكَ يَحْتَمِلُ الْحَمْلَ مَعَ الْحَيْضِ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ مِمَّا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ» ، ثُمَّ بَسَطَ الْكَلَامَ فِي بَيَانِ ذَلِكَ، ثُمَّ ذَكَرَ مَا

ص: 192

15224 -

أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ إِجَازَةً، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَنَّهُ قَالَ لِعَطَاءٍ: مَا قَوْلُهُ: {وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} [البقرة: 228] قَالَ: «الْوَلَدُ لَا تَكْتُمُهُ لِيَرْغَبَ فِيهَا، وَمَا أَدْرِي لَعَلَّ الْحَيْضَ مَعَهُ»

ص: 192

15225 -

وَبِإِسْنَادِهِ أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَنَّهُ سَأَلَ عَطَاءً: أَيَحِقُّ عَلَيْهَا أَنْ تُخْبِرَهُ بِحَمْلِهَا، وَإِنْ لَمْ يُرْسِلْ إِلَيْهَا يَسْأَلُهَا عَنْهُ لِيَرْغَبَ فِيهَا؟ قَالَ:«تُظْهِرُهُ وَتُخْبِرُ بِهِ أَهْلَهَا فَسَوْفَ يَبْلُغُهُ»

ص: 192

15226 -

قَالَ: وَأَخْبَرَنَا سَعِيدٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَنَّ مُجَاهِدًا قَالَ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:" {وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} [البقرة: 228]: الْمَرْأَةُ الْمُطَلَّقَةُ لَا يَحِلُّ لَهَا أَنْ تَقُولَ: أَنَا حُبْلَى وَلَيْسَتْ بِحُبْلَى، وَلَا لَسْتُ بِحُبْلَى وَهِيَ حُبْلَى، وَلَا أَنَا حَائِضٌ وَلَيْسَتْ بِحَائِضٍ، وَلَا لَسْتُ بِحَائِضٍ وَهِيَ حَائِضٌ ".

15227 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ كَمَا قَالَ مُجَاهِدٌ لِمَعَانٍ مِنْهَا: أَنْ لَا يُحِلَّ الْكَذِبَ، وَالْآخَرُ: أَنْ لَا تَكْتُمَهُ الْحَمْلَ وَالْحَيْضَ، لَعَلَّهُ يُرَغِّبُهُ فَيُرَاجِعَ، وَلَا تَدَّعِيهِمَا لَعَلَّهُ يُرَاجِعُ وَلَيْسَتْ لَهُ حَاجَةٌ بِالرَّجْعَةِ لَوْلَا مَا ذَكَرَتْ مِنَ الْحَمْلِ وَالْحَيْضِ، فَتَغَرَّهُ وَالْغَرُورِ لَا يَحِلُّ

ص: 193

15228 -

قَالَ: وَأَخْبَرَنَا سَعِيدٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَنَّهُ قَالَ لِعَطَاءٍ: أَرَأَيْتَ إِنْ أَرْسَلَ إِلَيْهَا فَأَرَادَ ارْتِجَاعَهَا، فَقَالَتْ: قَدِ انْقَضَتْ عِدَّتِي وَهِيَ كَاذِبَةٌ، فَلَمْ تَزَلْ تَقُولُهُ حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا؟ قَالَ:«لَا، وَقَدْ خَرَجَتْ» .

15229 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: هَذَا كَمَا قَالَ عَطَاءٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَهِيَ آثِمَةٌ

ص: 193

‌عِدَّةُ الَّتِي يَئِسَتْ مِنَ الْمَحِيضِ وَالَّتِي لَمْ تَحِضْ، وَعِدَّةُ الْحَامِلِ

ص: 194

15230 -

أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ إِجَازَةً، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ مَنْ، أَرْضَى مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُ:«إِنَّ» أَوَّلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ الْعِدَدِ: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228].

15231 -

فَلَمْ يَعْلَمُوا مَا عِدَّةُ الْمَرْأَةِ الَّتِي لَا أَقْرَاءَ لَهَا، وَهِيَ الَّتِي لَا تَحِيضُ وَلَا الْحَامِلُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل:{وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق: 4].

15232 -

فَجَعَلَ عِدَّةَ الْمُؤْيِسَةَ وَالَّتِي لَمْ تَحِضْ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ، وَقَوْلُهُ:{إِنِ ارْتَبْتُمْ} [الطلاق: 4] فَلَمْ يَدْرُوا مَا تَعْتَدُّ غَيْرُ ذَاتِ الْأَقْرَاءِ، وَقَالَ:{وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4].

15233 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ يُشْبِهُ مَا قَالُوا.

15234 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَرُوِّينَا هَذَا عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، أَنَّهُ ذَكَرَ مَعْنَى مَا حَكَاهُ الشَّافِعِيُّ دُونَ تَفْسِيرِ قَوْلِهِ:{إِنِ ارْتَبْتُمْ} [الطلاق: 4]. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَوْ حَاضَتِ الصَّغِيرَةُ قَبْلَ انْقِضَائِهَا اسْتَقْبَلَتِ الْأَقْرَاءَ

ص: 194

15235 -

أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ إِجَازَةً، أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ حَبِيبٍ، عَنْ

⦗ص: 195⦘

عَمْرٍو قَالَ: سُئِلَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ جَارِيَةٍ طُلِّقَتْ بَعْدَ مَا دَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ وَهِيَ لَا تَحِيضُ، فَاعْتَدَّتْ بِشَهْرَيْنِ وَخَمْسًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً، ثُمَّ إِنَّهَا حَاضَتْ قَالَ:«تَعْتَدُّ بَعْدَ ذَلِكَ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ» .

15236 -

كَذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ. (م)

15236 -

وَرُوِّينَاهُ عَنِ الْحَسَنِ، وَالشَّعْبِيِّ.

15237 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَأَعْجَلُ مَنْ سَمِعْتُ بِهِ مِنَ النِّسَاءِ يَحِضْنَ نِسَاءُ تِهَامَةَ يَحِضْنَ لِتِسْعِ سِنِينَ.

15238 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبَّادٍ الْمُهَلَّبِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: أَدْرَكْتُ فِينَا امْرَأَةً صَارَتْ جَدَّةً وَهِيَ ابْنَةُ ثَمَانِ عَشْرَةَ، وَلَدَتْ لِتِسْعِ سِنِينَ بِنْتًا، فَوَلَدَتِ ابْنَتُهَا لِتِسْعِ سِنِينَ.

15239 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ كَاتِبِ اللَّيْثِ أَنَّ امْرَأَةً فِي جِوَارِهِمْ حَمَلَتْ وَهِيَ ابْنَةُ تِسْعِ سِنِينَ.

15240 -

وَفِي رِوَايَةٍ: وَهِيَ ابْنَةُ عَشَرِ سِنِينَ.

15241 -

وَرُوِّينَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّهُ قَالَ: أَجَلُ كُلِّ حَامِلٍ أَنْ تَضَعَ مَا فِي بَطْنِهَا.

15242 -

وَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، مَا دَلَّ عَلَى أَنَّ الْحَامِلَ، تَحِيضُ

ص: 194

15243 -

وَرُوِّينَا عَنْ أُمِّ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا سُئِلَتْ عَنِ الْحَامِلِ تَرَى الدَّمَ أَتُصَلِّي؟ فَقَالَتْ:«لَا تُصَلِّي حَتَّى يَذْهَبَ عَنْهَا الدَّمُ»

ص: 196

15244 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مِلْحَانَ، حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أُمِّ عَلْقَمَةَ مَوْلَاةِ عَائِشَةَ، أَنَّ عَائِشَةَ سُئِلَتْ عَنِ الْحَامِلِ تَرَى الدَّمَ؟ قَالَتْ:«لَا تُصَلِّي» .

15245 -

قُلْتُ: وَرُوِيَ عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، بِنَحْوهِ. وَهُوَ أَصَحُّ مِنْ رِوَايَةِ مَنْ رَوَى عَنْهَا أَنَّهَا تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي قَالَ إِسْحَاقُ الْحَنْظَلِيُّ: قَالَ لِي أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: مَا تَقُولُ فِي الْحَامِلِ تَرَى الدَّمَ؟ فَقُلْتُ: تُصَلِّي، وَاحْتَجَجْتُ بِخَبَرِ عَطَاءٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَ: فَقَالَ لِي أَحْمَدُ: أَيْنَ أَنْتَ عَنْ خَبَرِ الْمَدَنِيِّينَ خَبَرِ أُمِّ عَلْقَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ فَإِنَّهُ أَصَحُّ.

15246 -

قَالَ إِسْحَاقُ: فَرَجَعْتُ إِلَى قَوْلِ أَحْمَدَ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَرَوَتْهُ أَيْضًا عَمْرَةُ، عَنْ عَائِشَةَ، وَحَدِيثُ عَطَاءٍ يَتَفَرَّدُ بِهِ مَطَرٌ الْورَّاقُ، عَنْ عَطَاءٍ.

15247 -

وَرَوَاهُ أَيْضًا مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، عَنْ عَطَاءٍ، وَهُوَ غَيْرُ قَويٍّ

15248 -

وَأَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ رَجَّحُوا رِوَايَةَ الْمَدَنِيِّينَ فِي هَذَا عَنْ عَائِشَةَ عَلَى رِوَايَةِ غَيْرِهِمْ

ص: 196

‌بَابُ لَا عِدَّةَ عَلَى الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا زَوْجُهَا

15249 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى: {إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} [الأحزاب: 49]

15250 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: «فَكَانَ بَيِّنًا فِي حُكْمِ اللَّهِ أَنْ لَا عِدَّةَ عَلَى الْمُطَلَّقَةِ قَبْلَ أَنْ تُمَسَّ، وَأَنَّ الْمَسِيسَ هُوَ الْإِصَابَةُ»

15251 -

وَلَمْ أَعْلَمْ فِي هَذَا خِلَافًا، ثُمَّ اخْتَلَفَ بَعْضُ الْمُفْتِينَ فِي الْمَرْأَةِ يَخْلُو بِهَا زَوْجُهَا فَيُغْلِقُ بَابًا وَيُرْخِي سِتْرًا وَهِيَ غَيْرُ مُحَرَّمَةٍ وَلَا صَائِمَةٍ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَشُرَيْحٌ وَغَيْرُهُمَا: لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا إِلَّا بِالْإِصَابَةِ نَفْسِهَا؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى هَكَذَا قَالَ

ص: 197

15252 -

وَذَكَرَ مَا أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مُسْلِمٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، «لَيْسَ لَهَا إِلَّا نِصْفُ الْمَهْرِ، وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا» .

15253 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَشُرَيْحٌ يَقُولُ ذَلِكَ، وَهُوَ ظَاهَرُ الْكِتَابِ

ص: 197

‌بَابُ الْعِدَّةِ مِنَ الْمَوْتِ وَالطَّلَاقِ وَالزَّوْجِ الْغَائِبِ

15254 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: قَدْ رُوِيَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «تَعْتَدُّ مِنْ يَوْمِ يَكُونُ الطَّلَاقُ وَالْوَفَاةُ»

ص: 198

15255 -

أَخْبَرَنَاهُ أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ بْنُ خَمِيرَوَيْهِ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ نَجْدَةَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ:«تَعْتَدُّ مِنْ يَوْمِ مَاتَ أَوْ طَلَّقَ» .

15256 -

وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ

ص: 198

15257 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِيمَا بَلَغَهُ عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ أَبِي صَادِقٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ مَاجِدٍ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ:«الْعِدَّةُ مِنْ يَوْمِ يَمُوتُ أَوْ يُطَلِّقُ» .

15258 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَبِهَذَا نَقُولُ

⦗ص: 199⦘

.

15259 -

قَالَ أَحْمَدُ: كَذَا وَقَعَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ، وَفِي رِوَايَةِ غَيْرِهِ، عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ:«تَعْتَدُّ مِنْ يَوْمِ يَأْتِيهَا الْخَبَرُ»

ص: 198

15260 -

أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، إِجَازَةً، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَنَّهُ قَالَ لِعَطَاءٍ: الرَّجُلُ يُطَلِّقُ الْمَرْأَةَ أَوْ يَمُوتُ عَنْهَا وَهُوَ بِمِصْرٍ وَهِيَ بِمِصْرٍ آخَرَ مِنْ أَيِّ يَومٍ تَعْتَدُّ؟ قَالَ: «مِنْ يَوْمِ مَاتَ أَوْ طَلَّقَهَا تَعْتَدُّ»

ص: 199

15261 -

وَبِإِسْنَادِهِ أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي عَاصِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ، يَقُولُ:«إِذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ فَمِنْ يَوْمِ طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا»

ص: 199

15262 -

وَبِإِسْنَادِهِ أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّهُ قَالَ: فِي رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ قَالَ: «تَعْتَدُّ مِنْ يَوْمِ طُلِّقَتْ»

ص: 199

15263 -

وَبِإِسْنَادِهِ أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ:«الْمُتَوَفَّى عَنْهَا تَعْتَدُّ مِنْ يَوْمِ مَاتَ، وَالْمُطَلَّقَةُ مِنْ يَوْمِ طُلِّقَتْ»

ص: 199

‌بَابُ عِدَّةِ الْأَمَةِ

ص: 200

15264 -

أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، مَوْلَى آلِ طَلْحَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّهُ قَالَ:«يَنْكِحُ الْعَبْدُ امْرَأَتَيْنِ وَيُطَلِّقُ تَطْلِيقَتَيْنِ وَتَعْتَدُّ الْأَمَةُ حَيْضَتَيْنِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَحِيضُ فَشَهْرَيْنِ أَوْ شَهْرًا وَنِصْفًا» . قَالَ سُفْيَانُ: وَكَانَ ثِقَةً

ص: 200

15265 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو بَكْرٍ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ الثَّقَفِيِّ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ ثَقِيفَ: أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، يَقُولُ:«لَوِ اسْتَطَعْتُ لَجَعَلْتُهَا حَيْضَةً وَنِصْفًا» ، فَقَالَ رَجُلٌ: فَاجْعَلْهَا شَهْرًا وَنِصْفًا، فَسَكَتَ عُمَرُ

ص: 200

15266 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ صَدَقَةَ بْنِ يَسَارٍ، «أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَانَ بِالْمَدِينَةِ، فَاجْتَمَعَ لَهُ عَلَى أَنْ » لَا يَبِينَ الْحَمْلُ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ ".

15267 -

وَحَكَاهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ ثُمَّ قَالَ: وَقَالَ غَيْرُهُ: شَهْرٌ وَنِصْفٌ عَلَى النِّصْفِ مِنْ عِدَّةِ الْحُرَّةِ، ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا أَقْيَسُ وَالْأَوَّلُ أَحْوَطُ

15268 -

وَرُوِّينَا فِيمَا مَضَى، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ:«عِدَّةُ الْحُرَّةِ ثَلَاثُ حِيَضٍ، وَعِدَّةُ الْأَمَةِ حَيْضَتَانِ»

ص: 201

15269 -

وَرُوِّينَا، عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ، وَسُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ كَانَا يَقُولَانِ:«عِدَّةُ الْأَمَةِ إِذَا هَلَكَ عَنْهَا زَوجُهَا شَهْرَانِ وَخَمْسُ لَيَالٍ» .

15270 -

وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ، مِثْلَ ذَلِكَ

ص: 201

‌بَابُ عِدَّةِ الْوَفَاةِ

ص: 202

15271 -

أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ إِجَازَةً، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى: " {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ} [البقرة: 240].

15272 -

قَالَ: الشَّافِعِيُّ: «حَفِظْتُ مِنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْقُرْآنِ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ قَبْلَ نُزُولِ آيِ الْمَوَارِيثِ، وَأَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ» .

15273 -

وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ إِلَى أَنْ قَالَ: وَكَانَ مَذْهَبُهُمْ أَنَّ الْوَصِيَّةَ لَهَا بِالْمَتَاعِ إِلَى الْحَوْلِ وَالسُّكْنَى مَنْسُوخَةٌ، يَعْنِي بِآيَةِ الْمِيرَاثِ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَثْبَتَ عَلَيْهَا عِدَّةَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا لَيْسَ لَهَا بِالْخِيَارِ فِي الْخُرُوجِ مِنْهَا وَلَا النِّكَاحِ قَبْلَهَا.

15274 -

قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ رُوِّينَا عَنْ عُثْمَانَ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ فِي نَسْخِ هَذِهِ الْآيَةِ بِقَوْلِهِ:{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: 234]

ص: 202

15275 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَزِيدَ النَّحْويِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، " {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ} [البقرة: 240] فَنُسِخَ ذَلِكَ بِآيَةِ الْمِيرَاثِ بِمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُنَّ مِنَ الرُّبُعِ وَالثُّمُنِ، وَنُسِخَ أَجَلُ الْحَوْلِ بِأَنْ جُعِلَ أَجَلُهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ".

15276 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، وَالرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَا: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الْوصَايَا: وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ عِدَّتَهَا فِي الْوَفَاةِ كَانَتْ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ كَعِدَّةِ الطَّلَاقِ، ثُمَّ نُسِخَتْ بِقَوْلِ اللَّهِ تبارك وتعالى:{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: 234].

15277 -

فَإِنْ كَانَ هَكَذَا فَقَدْ يُطْلَبُ عَنْهَا الْأَقْرَاءُ وَتَثْبُتُ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ مَنْصُوصَةٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ ثُمَّ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

15278 -

وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ حُمَيْدِ بْنِ نَافِعٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ، إِلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا» ، وَذَلِكَ السِّيَاقُ إِسْنَادُهُ وَمَتْنُهُ مَذْكُورٌ فِي بَابِ الْإِحْدَادِ

⦗ص: 204⦘

.

15279 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ: وَدَلَّتِ السُّنَّةُ عَلَى أَنَّهُ عَلَى غَيْرِ الْحَوَامِلِ مِنَ الْأَزْوَاجِ وَأَنَّ الطَّلَاقَ وَالْوَفَاةَ فِي الْحَوَامِلِ الْمُعْتَدَّاتِ سَوَاءٌ، وَأَنَّ أَجَلَهُنَّ كُلَّهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ

ص: 203

15280 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا وَهِيَ حَامِلٌ؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: آخِرُ الْأَجَلَيْنِ، وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: إِذَا وَلَدَتْ فَقَدْ حَلَّتْ، فَدَخَلَ أَبُو سَلَمَةَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَهَا، عَنْ ذَلِكَ فَقَالَتْ: وَلَدَتْ سُبَيْعَةُ الْأَسْلَمِيَّةُ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِنِصْفِ شَهْرٍ فَخَطَبَهَا رَجُلَانِ، أَحَدُهُمَا شَابٌّ وَالْآخَرُ كَهْلٌ، فَحَطَّتْ إِلَى الشَّابِّ، فَقَالَ الْكَهْلُ: لَمْ تَحْلِلْ، وَكَانَ أَهْلُهَا غُيَّبًا، وَرَجَى إِذَا جَاءَ أَهْلُهَا أَنْ يُؤْثِرُوهُ، فَجَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:«قَدْ حَلَلْتِ فَانْكِحِي مَنْ شِئْتِ»

ص: 204

15281 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، وَأَبَا سَلَمَةَ اخْتَلَفَا فِي الْمَرْأَةِ تَنْفِسُ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِلَيَالٍ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: آخِرُ الْأَجَلَيْنِ، وَقَالَ أَبُو سَلَمَةَ: إِذَا نُفِسَتْ فَقَدْ حَلَّتْ قَالَ: فَجَاءَ أَبُو هُرَيْرَةَ، فَقَالَ: أَنَا مَعَ ابْنِ أَخِي، يَعْنِي أَبَا سَلَمَةَ، فَبَعَثُوا كُرَيْبًا مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ يَسْأَلُهَا عَنْ ذَلِكَ؟ فَجَاءَهُمْ فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهَا قَالَتْ: وَلَدَتْ سُبَيْعَةُ الْأَسْلَمِيَّةُ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِلَيَالٍ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لَهَا:«قَدْ حَلَلْتِ فَانْكِحِي»

⦗ص: 205⦘

. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، مِنْ أَوْجُهٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ

ص: 204

15282 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو بَكْرٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْمِسْورِ بْنِ مَخْرَمَةَ، «أَنَّ سُبَيْعَةَ الْأَسْلَمِيَّةَ» نُفِسَتْ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِلَيَالٍ، فَجَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاسْتَأْذَنَتْهُ أَنْ تَنْكِحَ، فَأَذِنَ لَهَا ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ قَزَعَةَ، عَنْ مَالِكٍ

ص: 205

15283 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ سُبَيْعَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ الْأَسْلَمِيَّةَ، وَضَعَتْ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِلَيَالٍ، فَمَرَّ بِهَا أَبُو السَّنَابِلِ بْنُ بَعْكَكٍ فَقَالَ: قَدْ تَصَنَّعْتِ لِلْأَزْوَاجِ: إِنَّهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، فَذَكَرَتْ سُبَيْعَةُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:«كَذَبَ أَبُو السَّنَابِلِ - أَوْ لَيْسَ كَمَا قَالَ أَبُو السَّنَابِلِ - قَدْ حَلَلْتِ فَتَزَوَّجِي»

⦗ص: 206⦘

.

15284 -

رَوَاهُ يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَّ أَبَاهُ كَتَبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَرْقَمَ، يَأْمُرُهُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَى سُبَيْعَةَ فَيَسْأَلَهَا عَنْ حَدِيثِهَا، فَذَكَرَهُ مَوْصُولًا. وَمِنْ ذَلِكَ الْوَجْهِ أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ

ص: 205

15285 -

أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو بَكْرٍ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْمَرْأَةِ يُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا وَهِيَ حَامِلٌ؟ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ:«إِذَا وَضَعَتْ حَمْلَهَا فَقَدْ حَلَّتْ» ، فَأَخْبَرَهُ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ:«لَوْ وَلَدَتْ وَزَوْجُهَا عَلَى السَّرِيرِ لَمْ يُدْفَنْ لَحَلَّتْ»

ص: 206

15286 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ، فِيمَا بَلَغَهُ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ:«الْحَامِلُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا تَعْتَدُّ بِآخِرِ الْأَجَلَيْنِ» .

15287 -

أَوْرَدَهُ فِيمَا أَلْزَمَ الْعِرَاقِيِّينَ فِي خِلَافِ عَلِيٍّ، وَإِنَّمَا رَغِبَ عَنْهُ بِمَا مَضَى مِنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الَّتِي هِيَ حُجَّةٌ عَلَى الْخَلْقِ

ص: 206

‌مَا جَاءَ فِي نَفَقَةِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا

ص: 207

15288 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَجِيدِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّهُ قَالَ:«لَيْسَ لِلْمُتَوفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا نَفَقَةٌ، حَسْبُهَا الْمِيرَاثُ» .

15289 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.

15290 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، وَالرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَا: قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ} [البقرة: 240] الْآيَةَ.

15291 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَكَانَ فَرْضُ الزَّوْجَةِ أَنْ يُوصِي لَهَا الزَّوْجُ بِمَتَاعٍ إِلَى الْحَوْلِ، وَلَمْ أَحْفَظْ عَنْ أَحَدٍ خِلَافًا أَنَّ الْمَتَاعَ النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ وَالسُّكْنَى إِلَى الْحَوْلِ، وَثَبَتَ لَهَا السُّكْنَى فَقَالَ:{غَيْرَ إِخْرَاجٍ} [البقرة: 240] ثُمَّ قَالَ: {فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ} [البقرة: 240].

15292 -

فَدَلَّ الْقُرْآنُ عَلَى أَنَّهُنَّ إِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَى الْأَزْوَاجِ، لِأَنَّهُنَّ تَرَكْنَ مَا فُرِضَ لَهُنَّ، وَدَلَّ الْكِتَابُ إِذْ كَانَ السُّكْنَى لَهَا فَرْضًا فَتَرَكَتْ حَقَّهَا فِيهِ، وَلَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ عَلَى الزَّوْجِ حَرَجًا، أَنَّ مَنْ تَرَكَ حَقَّهُ غَيْرَ مَمْنُوعٍ لَهُ لَمْ يُحَرَّجْ مِنَ الْحَقِّ عَلَيْهِ

⦗ص: 208⦘

.

15293 -

ثُمَّ حَفِظْتُ عَنْ مَنْ أَرْضَى مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ نَفَقَةَ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا وَكِسْوَتَهَا حَوْلًا مَنْسُوخَةٌ بِآيَةِ الْمِيرَاثِ قَالَ اللَّهُ عز وجل: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ} [النساء: 12] إِلَى قَوْلِهِ: {وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ} [النساء: 12] الْآيَةَ

ص: 207

15294 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: فِيمَا بَلَغَهُ، عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ مَنْ، سَمِعَ الْحَكَمَ، يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِي صَادِقٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ نَاجِدٍ، عَنْ عَلِيٍّ، أَنَّهُ قَالَ:«الْحَامِلُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا لَهَا النَّفَقَةُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ»

ص: 208

15295 -

وَبِإِسْنَادِهِ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِيمَا بَلَغَهُ، عَنْ هُشَيْمٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ فِي الْحَامِلِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا:«لَهَا النَّفَقَةُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ» .

15296 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَيْسُوا يَقُولُونَ بِهَذَا، أَوْرَدَهُ فِيمَا أَلْزَمَ الْعِرَاقِيِّينَ فِي خِلَافِ عَلِيٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ، وَفِي كِلَا الْإِسْنَادَيْنِ انْقِطَاعٌ.

15297 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: إِذَا مَاتَ الْمَيِّتُ وَجَبَ الْمِيرَاثُ لِأَهْلِهِ

ص: 208

‌بَابُ مُقَامِ الْمُطَلَّقَةِ فِي بَيْتِهَا

ص: 209

15300 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: " {إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [النساء: 19] قَالَ: «أَنْ تَبْذُوَ عَلَى أَهْلِ زَوْجِهَا، فَإِذَا بَذَتْ فَقَدْ حَلَّ إِخْرَاجُهَا»

ص: 210

15301 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّ عَائِشَةَ، كَانَتْ تَقُولُ:«اتَّقِي اللَّهَ يَا فَاطِمَةَ، فَقَدْ عَلِمْتِ فِي أَيِّ شَيْءٍ كَانَ ذَلِكَ»

ص: 210

15302 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ، مَوْلَى الْأَسْوَدِ بْنِ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، أَنَّ أَبَا عَمْرِو بْنِ حَفْصٍ طَلَّقَهَا الْبَتَّةَ وَهُوَ غَائِبٌ بِالشَّامِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا وَكِيلَهُ بِشَعِيرٍ فَسَخِطَتْهُ، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَالَكِ عَلَيْنَا مِنْ شَيْءٍ، فَجَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ:«لَيْسَ لَكِ عَلَيْهِ نَفَقَةٌ» . وَأَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ أُمِّ شَرِيكٍ، ثُمَّ قَالَ:«تِلْكَ امْرَأَةٌ يَغْشَاهَا أَصْحَابِي، فَاعْتَدِّي عِنْدَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ فَإِنَّهُ رَجُلٌ أَعْمَى تَضَعِينَ ثِيَابَكِ»

ص: 210

15303 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُ سَمِعَهَا تَذْكُرُ أَنَّ يَحْيَى بْنَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ طَلَّقَ ابْنَةَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَكَمِ الْبَتَّةَ، فَانْتَقَلَهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَكَمِ، فَأَرْسَلَتْ عَائِشَةُ إِلَى مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ وَهُوَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ فَقَالَتْ:«اتَّقِ اللَّهَ يَا مَرْوَانَ وَارْدُدِ الْمَرْأَةَ إِلَى بَيْتِهَا» ، فَقَالَ مَرْوَانُ فِي حَدِيثِ الْقَاسِمِ: أَوَ مَا بَلَغَكِ شَأْنَ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ؟ فَقَالَتْ عَائِشَةُ: «لَا عَلَيْكَ أَلَّا تَذْكُرَ مِنْ شَأْنِ فَاطِمَةَ» فَقَالَ: إِنْ كَانَ إِنَّمَا بِكِ الشَّرُّ فَحَسْبُكِ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ مِنَ الشَّرِّ

ص: 211

15304 -

وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي يَحْيَى، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَسَأَلْتُ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِهَا، فَرُفِعْتُ إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فَسَأَلْتُهُ عَنِ الْمَبْتُوتَةِ، فَقَالَ:«تَعْتَدُّ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا» ، قُلْتُ: فَأَيْنَ حَدِيثُ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ؟ فَقَالَ: «هَاهْ، وَوَصَفَ أَنَّهُ تَغَيَّظَ» ، وَقَالَ: فَتَنَتْ فَاطِمَةُ النَّاسَ، كَانَتْ لِلِسَانِهَا ذَرَابَةٌ، فَاسْتَطَالَتْ عَلَى أَحْمَائِهَا، فَأَمَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ "

ص: 211

15305 -

وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَةَ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ كَانَتْ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ، «فَطَلَّقَهَا الْبَتَّةَ فَخَرَجَتْ، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهَا ابْنُ عُمَرَ» .

15306 -

أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ إِجَازَةً، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ، عَنِ الرَّبِيعِ، عَنِ الشَّافِعِيِّ قَالَ: فَعَائِشَةُ، وَمَرْوَانُ، وَابْنُ الْمُسَيِّبِ يَعْرِفُونَ أَنَّ حَدِيثَ، فَاطِمَةَ فِي أَنَّ

⦗ص: 212⦘

النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، كَمَا حُدِّثْتُ وَيَذْهَبُونَ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا كَانَ لِلشَّرِّ، وَيَزِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ تَبْيِينَ اسْتِطَالَتِهَا عَلَى أَحْمَائِهَا، وَيَكْرَهُ لَهَا ابْنُ الْمُسَيِّبِ وَغَيْرُهُ أَنَّهَا كَتَمَتْ فِي حَدِيثِهَا السَّبَبَ خَوْفًا أَنْ يَسْمَعَ ذَلِكَ سَامِعٌ، فَيَرَى أَنَّ لِلْمَبْتُوتَةِ أَنْ تَعْتَدَّ حَيْثُ شَاءَتْ.

15307 -

قَالَ: وَسُنَّتُهُ صلى الله عليه وسلم فِي فَاطِمَةَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا تَأَوَّلَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ: {إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [النساء: 19] هُوَ الْبَذَاءُ عَلَى أَهْلِ زَوْجِهَا كَمَا تَأَوَّلَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَلَمْ يَقُلْ لَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم اعْتَدِّي حَيْثُ شِئْتِ، وَلَكِنَّهُ حَصَّنَهَا حَيْثُ رَضِيَ، إِذْ كَانَ زَوْجُهَا غَائِبًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَكِيلٌ بِتَحْصِينِهَا

ص: 211

15308 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَقَدْ عَابَتْ عَائِشَةُ أَشَدَّ الْعَيْبِ، يَعْنِي حَدِيثَ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ وَقَالَتْ:«إِنْ فَاطِمَةَ كَانَتْ فِي مَكَانٍ وَحِشٍ فَخِيفَ عَلَى نَاحِيَتِهَا، فَلِذَلِكَ أَرْخَصَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» . أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فَقَالَ: وَقَالَ ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامٍ، فَذَكَرَهُ.

15309 -

قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ يَكُونُ هَذَا وَيَكُونُ مَا رُوِّينَا مِنْ بَذَائِهَا عَلَى أَهْلِ زَوْجِهَا، وَبِأَيِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الْعُذْرَيْنِ يَجُوزُ إِخْرَاجُهَا وَتَحْصِينُهَا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ

ص: 212

‌سُكْنَى الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا

ص: 213

15310 -

أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو بَكْرٍ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، عَنْ عَمَّتِهِ زَيْنَبَ بِنْتِ كَعْبٍ، أَنَّ الْفُرَيْعَةَ بِنْتِ مَالِكِ بْنِ سِنَانٍ، أَخْبَرَتْهَا أَنَّهَا جَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تَسْأَلُهُ أَنْ تَرْجِعَ إِلَى أَهْلِهَا فِي بَنِي خُدْرَةَ فَإِنَّ زَوْجَهَا خَرَجَ فِي طَلَبِ أَعْبُدٍ لَهُ حَتَّى إِذَا كَانَ بِطَرَفِ الْقَدُومِ لَحِقَهُمْ فَقَتَلُوهُ، فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي، فَإِنَّ زَوْجِي لَمْ يَتْرُكْنِي فِي مَسْكَنٍ يَمْلِكُهُ قَالَتْ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «نَعَمْ» فَانْصَرَفْتُ حَتَّى إِذَا كُنْتُ فِي الْحُجْرَةِ أَوْ فِي الْمَسْجِدِ دَعَانِي أَوْ أَمَرَ بِي فَدُعِيتُ لَهُ، فَقَالَ:«فَكَيْفَ قُلْتِ؟» فَرَدَدْتُ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ الَّتِي ذَكَرْتُ مِنْ شَأْنِ زَوْجِي فَقَالَ: «امْكُثِي فِي بَيْتِكِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ» قَالَ: فَاعْتَدَدْتُ فِيهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، فَلَمَّا كَانَ عُثْمَانُ أَرْسَلَ إِلَيَّ فَسَأَلَنِي عَنْ ذَلِكَ فَأَخْبَرْتُهُ، فَاتَّبَعَهُ وَقَضَى بِهِ.

15311 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، وَالرَّبِيعُ قَالَا: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَقَدْ أَعْلَمُ مُخَالِفًا فِيمَا وَصَفْتُ مِنْ نَسْخِ نَفَقَةِ

⦗ص: 214⦘

الْمُتَوَفَّى عَنْهَا وَكِسْوَتِهَا سَنَةً وَأَقَلَّ مِنْ سَنَةٍ، ثُمَّ احْتَمَلَ سُكْنَاهَا إِذَا كَانَ مَذْكُورًا مَعَ نَفَقَتِهَا بِأَنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْمَتَاعِ أَنْ يَكُونَ مَنْسُوخًا فِي السَّنَةِ وَأَقَلَّ مِنْهَا، كَمَا كَانَتِ النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ مَنْسُوخَتَيْنِ فِي السَّنَةِ وَأَقَلَّ، وَاحْتَمَلَتْ أَنْ يَكُونَ نُسِخَتْ فِي السُّنَّةِ وَأُثْبِتَتْ فِي عِدَّةِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ بِأَصْلِ هَذِهِ الْآيَةِ، أَوْ أَنْ يَكُونَ دَاخَلَهُ فِي جُمْلَةِ الْمُعْتَدَّاتِ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ فِي الْمُطَلَّقَاتِ:{لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ} [الطلاق: 1].

15312 -

فَلَمَّا فَرَضَ فِي الْمُعْتَدَّةِ مِنَ الطَّلَاقِ وَالسُّكْنَى، وَكَانَتِ الْمُعْتَدَّةُ الْمُتَوَفَّى فِي مَعْنَاهَا احْتَمَلَتْ أَنْ يُجْعَلَ لَهَا السُّكْنَى وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هَكَذَا فَفَرَضَ السُّكْنَى لَهَا فِي السُّنَّةِ.

15313 -

وَقَالَ فِي الْقَوْلِ الثَّانِي فِي كِتَابِ الْعِدَدِ فِي الِاخْتِيَارِ لِوَرَثَتِهِ أَنْ يُسْكِنُوهَا، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا فَقَدْ مُلِّكُوا الْمَالَ دُونَهُ.

15314 -

وَقَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «امْكُثِي فِي بَيْتِكِ» يَحْتَمِلُ مَا لَمْ تَخْرُجِي مِنْهُ إِنْ كَانَ لِغَيْرِكِ، لِأَنَّهَا قَدْ وَصَفَتْ أَنَّ الْمَنْزِلَ لَيْسَ لِزَوْجِهَا

ص: 213

15315 -

قَالَ أَحْمَدُ: رُوِّينَا عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ:" نَسَخَتْ هَذِهِ الْآيَةُ عِدَّتَهَا فِي أَهْلِهِ تَعْتَدُّ حَيْثُ شَاءَتْ، وَهُوَ قَوْلُ اللَّهِ عز وجل: {غَيْرَ إِخْرَاجٍ} [البقرة: 240] ". قَالَ عَطَاءٌ: ثُمَّ جَاءَ الْمِيرَاثُ فَنَسَخَ السُّكْنَى، فَتَعْتَدُّ حَيْثُ شَاءَتْ وَلَا سُكْنَى لَهَا

ص: 214

15316 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: فِيمَا بَلَغَهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، «أَنَّ عَلِيًّا كَانَ» يُرَحِّلُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا لَا يَنْتَظِرُ بِهَا " وَفِيمَا بَلَغَهُ، عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ فِرَاسٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ:«نَقَلَ عَلِيٌّ أُمَّ كُلْثُومٍ بَعْدَ قَتْلِ عُمَرَ بِسَبْعِ لَيَالٍ» .

15317 -

أَوْرَدَهُ فِيمَا أَلْزَمَ الْعِرَاقِيِّينَ فِي خِلَافِ عَلِيٍّ.

15318 -

وَرَوَاهُ الثَّوْرِيُّ فِي الْجَامِعِ وَزَادَ فِيهِ: لِأَنَّهَا كَانَتْ فِي دَارِ الْإِمَارَةِ.

15319 -

وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا كَانَتْ تُخْرِجُ الْمَرْأَةَ وَهِيَ فِي عِدَّتِهَا مِنْ وَفَاةِ زَوْجِهَا، وَقِيلَ: كَانَتِ الْفِتْنَةُ، فَلِذَلِكَ أَحَجَّتْ بِأُخْتِهَا حِينَ قُتِلَ طَلْحَةُ

15320 -

وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ، وَابْنِ عُمَرَ مَا دَلَّ عَلَى وُجُوبِ السُّكْنَى لَهَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ

ص: 215

15321 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ فِي الْمَرْأَةِ الْبَدَوِيَّةِ يُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا:«أَنَّهَا تَنْتَوِي حَيْثُ يَنْتَوِي أَهْلُهَا» .

15322 -

وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَجِيدِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، وعَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، مِثْلَهُ أَوْ مِثْلَ مَعْنَاهُ لَا يُخَالِفُهُ

ص: 215

15323 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ " الْمَرْأَةِ يُطَلِّقُهَا زَوْجُهَا فِي بَيْتٍ بِكِرَاءٍ عَلَى مَنِ الْكِرَاءِ؟ فَقَالَ سَعِيدٌ:«عَلَى زَوْجِهَا» قَالَ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ زَوْجِهَا؟ قَالَ: «فَعَلَيْهَا» قَالَ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهَا؟ قَالَ: «فَعَلَى الْأَمِيرِ» .

15324 -

أَوْرَدَهُ إِلْزَامًا لِمَالِكٍ فِي خِلَافِ بَعْضِ التَّابِعِينَ، وَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَيْهِ

ص: 216

‌كَيْفَ السُّكْنَى

؟

ص: 217

15325 -

أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، إِجَازَةً، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ مَنْ يُنْسَبُ إِلَى الْعِلْمِ فِي الْمُطَلَّقَةِ أَنَّهَا لَا تَخْرُجُ لَيْلًا وَلَا نَهَارًا بِحَالٍ إِلَّا مِنْ عُذْرٍ، وَلَوْ فَعَلَتْ هَذَا كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ، وَإِنَّمَا مَنَعَنَا مِنْ إِيجَابِ هَذَا عَلَيْهَا مَعَ احْتِمَالِ الْآيَةِ لِمَا ذَهَبْنَا إِلَيْهِ أَنَّ عَبْدَ الْمَجِيدِ أَخْبَرَنَا أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: طُلِّقَتْ خَالَتِي، فَأَرَادَتْ أَنْ تَجِدَ نَخْلًا لَهَا، فَزَجَرَهَا رَجُلٌ أَنْ تَخْرُجَ، فَأَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:«بَلَى فَجُدِّي نَخْلَكِ فَلَعَلَّكِ أَنْ تَصَدَّقِي أَوْ تَفْعَلِي مَعْرُوفًا»

ص: 217

15326 -

أَخْبَرَنَاهُ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ النَّرْسِيُّ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: طُلِّقَتْ خَالَتِي، فَأَرَادَتْ أَنْ تَجِدَ نَخْلَهَا، فَزَجَرَهَا رَجُلٌ أَنْ تَخْرُجَ، فَأَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:«بَلَى» فَجُدِّي نَخْلَكِ، فَإِنَّكِ عَسَى أَنْ تَصَدَّقِي أَوْ تَفْعَلِي مَعْرُوفًا "

⦗ص: 218⦘

.

15327 -

وأَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، فَذَكَرَهُ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ هَارُونَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ حَجَّاجٍ.

15328 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: نَخْلُ الْأَنْصَارِ قَرِيبٌ مِنْ مَنَازِلِهِمْ، وَالْجِدَادُ إِنَّمَا يَكُونُ نَهَارًا

ص: 217

15329 -

أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَجِيدِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: اسْتُشْهِدَ رِجَالٌ يَوْمَ أُحُدٍ، فَآمَ نِسَاؤُهُمْ وَكُنَّ مُتَجَاوِرَاتٍ فِي دَارٍ، فَجِئْنَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْنَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَسْتَوْحِشُ بِاللَّيْلِ فَنَبِيتُ عِنْدَ إِحْدَانَا، فَإِذَا أَصْبَحْنَا تَبَدَّدْنَا إِلَى بُيُوتِنَا؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«تَحَدَّثْنَ عِنْدَ إِحْدَاكُنَّ مَا بَدَا لَكِنَّ، فَإِذَا أَرَدْتُنَّ النَّوْمَ فَلْتَأْتِ كُلُّ امْرَأَةٍ مِنْكُنَّ إِلَى بَيْتِهَا»

ص: 218

15330 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَجِيدِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ:«لَا يَصْلُحُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَبِيتَ لَيْلَةً وَاحِدَةً إِذَا كَانَتْ فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ أَوْ طَلَاقٍ إِلَّا فِي بَيْتِهَا»

ص: 218

‌بَابُ الْإِحْدَادِ

ص: 219

15331 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ نَافِعٍ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ الثَّلَاثَةَ

⦗ص: 220⦘

. قَالَ: قَالَتْ زَيْنَبُ: دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ حَبِيبَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حِينَ تُوُفِّيَ أَبُو سُفْيَانَ، فَدَعَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ بِطِيبٍ فِيهِ صُفْرَةُ خَلُوقٍ أَوْ غَيْرِهِ، فَدَهَنَتْ مِنْهُ جَارِيَةً، ثُمَّ مَسَحَتْ بِعَارِضِهَا، ثُمَّ قَالَتْ: وَاللَّهِ مَالِي بِالطِّيبِ مِنْ حَاجَةٍ غَيْرَ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ، إِلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا» وَقَالَتْ زَيْنَبُ: دَخَلْتُ عَلَى زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ حِينَ تُوُفِّيَ أَخُوهَا عَبْدُ اللَّهِ، فَدَعَتْ بِطِيبٍ، فَمَسَّتْ مِنْهُ ثُمَّ قَالَتْ: مَا لِي بِالطِّيبِ مِنْ حَاجَةٍ غَيْرَ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ: «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ إِلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا» قَالَتْ زَيْنَبُ: وَسَمِعَتْ أُمِّي أُمَّ سَلَمَةَ تَقُولُ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ ابْنَتِي تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا وَقَدِ اشْتَكَتْ عَيْنَهَا أَفَتَكْحَلُهَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا» مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا كُلَّ ذَلِكَ يَقُولُ: «لَا» ثُمَّ قَالَ: «إِنَّمَا هِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، وَقَدْ كَانَتْ إِحْدَاكُنَّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ تَرْمِي بِالْبَعْرَةِ عَلَى رَأْسِ الْحَوْلِ» . قَالَ حُمَيْدٌ: فَقُلْتُ لِزَيْنَبَ: وَمَا تَرْمِي بِالْبَعْرَةِ عَلَى رَأْسِ الْحَوْلِ؟ فَقَالَتْ زَيْنَبُ: «كَانَتِ الْمَرْأَةُ إِذَا تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا دَخَلَتْ حِفْشًا ولَبِسَتْ شَرَّ ثِيَابِهَا وَلَمْ تَمَسَّ طَيِّبًا وَلَا شَيْئًا حَتَّى تَمُرَّ بِهَا سَنَةٌ، ثُمَّ تُؤْتَى بِدَابَّةٍ حِمَارٍ أَوْ شَاةٍ أَوْ طَيْرٍ فَتَفْتَضُّ بِهِ، فَقَلَّمَا تَفْتَضُّ بِشَيْءٍ إِلَّا مَاتَ، ثُمَّ تَخْرُجُ فَتُعْطَى بَعْرَةً فَتَرْمِي بِهَا، ثُمَّ تُرَاجِعُ بَعْدُ مَا شَاءَتْ مِنْ طَيِّبٍ أَوْ غَيْرِهِ» . أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ

⦗ص: 221⦘

.

15332 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَتِهِمْ: الْحِفْشُ: الْبَيْتُ الصَّغِيرُ الذَّلِيلُ مِنَ الشَّعْرِ وَالْبِنَاءِ وَغَيْرِهِ، وَالْقَبْضُ: أَنْ تَأْخُذَ مِنَ الدَّابَّةِ مَوْضِعًا بِأَطْرَافِ أَصَابِعَهَا، وَالْقَبْضُ: الْأَخْذُ بِالْكَفِّ كُلِّهَا.

15333 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَفِي رِوَايَةِ الْقَعْنَبِيِّ، عَنْ مَالِكٍ، تَفْتَضُّ قَالَ الْقَعْنَبِيُّ: هُوَ مِنْ فَضَضَتِ الشَّيْءَ إِذَا كَسَرْتَهُ أَوْ فَرَّقَتْهُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: فُضَّ خَاتَمُ الْكِتَابِ، وَقَوْلُهُ: لَا تَفُضُّوا مَنْ حَوْلَكَ، وأَرَادَتْ أَنَّهَا كَانَتْ تَكُونُ فِي عِدَّةٍ مِنْ زَوْجِهَا، فَتَكْسَرُ مَا كَانَتْ مِنْهُ وتَخْرُجُ مِنْهُ بِالدَّابَّةِ.

15334 -

وَقَالَ الْأَخْفَشُ: " تَفْتَضُّ بِهِ: مَأْخُوذٌ مِنَ الْفِضَّةِ، أَيْ فَتَطِيرُ بِهِ، شَبَّهَ ذَلِكَ بِالْفِضَّةِ لِصَفَائِهَا "

ص: 219

15335 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ عَائِشَةَ، وَحَفْصَةَ، أَوْ عَائِشَةَ أَوْ حَفْصَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ إِلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا» .

15336 -

أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، مِنْ حَدِيثِ اللَّيْثِ، وَغَيْرُهُ عَنْ نَافِعٍ هَكَذَا بِالشَّكٍّ. وَأَخْرَجَهُ مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ صَفِيَّةَ، عَنْ حَفْصَةَ بِلَا شَكٍّ

⦗ص: 222⦘

15337 -

وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ قَالَتْ: لَمَّا أُصِيبَ جَعْفَرٌ أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «تَسَلَّبِي ثَلَاثًا ثُمَّ اصْنَعِي مَا شِئْتِ»

15338 -

فَلَمْ يَثْبُتُ سَمَاعُ عَبْدِ اللَّهِ مِنْ أَسْمَاءَ، وَقَدْ قِيلَ عَنْهُ: أَنَّ أَسْمَاءَ قَالَتْ: فَهُوَ مُرْسَلٌ، وَالْحَدِيثُ فِي إِحْدَادِهَا ثَابِتٌ، فَالْمَصِيرُ إِلَيْهِ أَوْلَى، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

ص: 221

15339 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَارِثِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ الْأَنْصَارِيَّةِ قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تُحِدُّ الْمَرْأَةُ فَوْقَ ثَلَاثَةٍ إِلَّا عَلَى زَوْجِهَا، فَإِنَّهَا تُحِدُّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، وَلَا تَلْبَسُ ثَوْبًا مَصْبُوغًا إِلَّا ثَوْبَ عَصْبٍ، وَلَا تَكْتَحِلُ، وَلَا تَخْتَضِبُ، وَلَا تَمَسُّ طَيِّبًا إِلَى أَدْنَى طُهْرَتِهَا إِذَا تَطَهَّرَتْ مِنْ حَيْضَتِهَا نُبْذَةً مِنْ قُسْطِ أَوْ أَظْفَارٍ» . أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ، مِنْ حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ.

15340 -

وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: «وَلَا ثَوْبَ عَصْبٍ» ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمَحْفُوظٍ، وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ فِيمَا لَا تَلْبَسُهُ: وَالْعَصْبُ مِنَ الثِّيَابِ إِلَّا عَصْبًا غَلِيظًا، وَهَذَا الْقَوْلُ أَقْرَبُ مِنَ الْحَدِيثِ

ص: 222

15341 -

رُوِّينَا عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«الْمُتَوَفَّى عَنْهَا لَا تَلْبَسُ الْمُعَصْفَرَ مِنَ الثِّيَابِ، وَلَا الْمُمَشَّقَةَ، وَلَا الْحُلِيَّ، وَلَا تَخْتَضِبُ، وَلَا تَكْتَحِلُ» . حَدَّثَنَاهُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقَطَّانُ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَارِثِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي بُدَيْلُ بْنُ مَيْسَرَةَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَهُ. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابِ السُّنَنِ، عَنْ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بُكَيْرٍ، وَرُوِيَ مَوْقُوفًا عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ

ص: 223

15342 -

أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، إِجَازَةً، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ، وَهِيَ حَادٌّ عَلَى أَبِي سَلَمَةَ فَقَالَ:«مَا هَذَا يَا أُمَّ سَلَمَةَ؟» فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا هُوَ صَبْرٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«اجْعَلِيهِ بِاللَّيْلِ وَامْسَحِيهِ بِالنَّهَارِ» .

15343 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: الصَّبْرُ يُصَفَّرُ فَتَكُونُ زِينَةً وَلَيْسَ بِطِيبٍ، وأَذِنَ لَهَا أَنْ تَجْعَلَهُ بِاللَّيْلِ حَيْثُ لَا يُرَى وتَمْسَحَهُ بِالنَّهَارِ.

15344 -

قَالَ أَحْمَدُ: هَذَا مُنْقَطِعٌ. وَقَدْ رُوِيَ مَوْصُولًا، عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ الضَّحَّاكِ، عَنْ أُمِّ حَكِيمٍ بِنْتِ أُسَيْدٍ، عَنْ أُمِّهَا، أَنَّهَا أَرْسَلَتْ مَوْلَاةً لَهَا إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَذَكَرَتْ أُمُّ سَلَمَةَ ذَلِكَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ص: 223

‌بَابُ اجْتِمَاعِ الْعِدَّتَيْنِ

ص: 224

15345 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ

⦗ص: 225⦘

، وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ: أَنَّ طُلَيْحَةَ، كَانَتْ تَحْتَ رُشَيْدٍ الثَّقَفِيِّ، فَطَلَّقَهَا الْبَتَّةَ، فَنُكِحَتْ فِي عِدَّتِهَا، فَضَرَبَهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَضَرَبَ زَوْجَهَا بِالْمِخْفَقَةِ ضَرَبَاتٍ وفَرَّقَ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ:«أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ فِي عِدَّتِهَا فَإِنْ كَانَ زَوْجُهَا الَّذِي تَزَوَّجَهَا لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ اعْتَدَّتْ بَقِيَّةَ عِدَّتِهَا مِنْ زَوْجِهَا الْأَوَّلِ، وَكَانَ خَاطِبًا مِنَ الْخُطَّابِ، وَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ اعْتَدَّتْ بَقِيَّةَ عِدَّتِهَا مِنْ زَوْجِهَا الْأَوَّلِ، ثُمَّ اعْتَدَّتْ مِنَ الْآخَرِ، ثُمَّ لَمْ يَنْكِحْهَا أَبَدًا»

⦗ص: 226⦘

.

15346 -

قَالَ سَعِيدٌ: وَلَهَا مَهْرُهَا بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْهَا.

15347 -

قَالَ أَحْمَدُ: كَانَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ يَقُولُ بِقَضَاءِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِيهِمَا وَيَقُولُ: لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا إِذَا دَخَلَ بِهَا، ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ فِي الْجَدِيدِ فَقَالَ: وبِقَوْلِ عَلِيٍّ نَقُولُ: أَنَّهُ يَكُونُ خَاطِبًا مِنَ الْخَطَّابِ.

15348 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ، أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ أَيْضًا، وَهُوَ فِي الْجَامِعِ عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ، أَنَّ عُمَرَ، رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ وجَعَلَ لَهَا مَهْرَهَا وجَعَلَهُمَا يَجْتَمِعَانِ

ص: 224

15349 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، عَنْ جَرِيرٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ زَاذَانَ أَبِي عُمَرَ، عَنْ عَلِيٍّ، «أَنَّهُ قَضَى فِي الَّتِي تُزَوَّجُ فِي عِدَّتِهَا أَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا، وَلَهَا الصَّدَاقُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا، وتُكْمِلُ مَا أَفْسَدَتْ مِنْ عِدَّةِ الْأَوَّلِ، وَتَعْتَدُّ مِنَ الْآخَرِ»

ص: 226

15351 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِيمَا بَلَغَهُ عَنْ صَالِحِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، أَنَّ عَلِيًّا قَالَ فِي الَّتِي تُزَوَّجُ فِي عِدَّتِهَا:«تُتِمُّ مَا بَقِيَ مِنْ عِدَّتِهَا مِنَ الْأَوَّلِ، وتَسْتَأْنِفُ مِنَ الْآخَرِ عِدَّةً جَدِيدَةً» .

15352 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَكَذَلِكَ نَقُولُ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لَمَّا رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ، وَهُمْ يَقُولُونَ: عَلَيْهَا عِدَّةٌ وَاحِدَةٌ، وَيُخَالِفُونَ مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ.

15353 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ: فَقِيلَ هَذَا قَضَاءُ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وغَيْرِهِمْ كَمَا قُلْنَا، فَعَنْ مَنْ أَخَذْتَ قَوْلَكَ؟ قَالَ: عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قُلْنَا: أَوَمَا زَعَمْتَ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ وَحْدَهُ لَا يَكُونُ حَجَّةً، فَكَيْفَ يَكُونُ حَجَّةً عَلَى مَنْ زَعَمْتَ أَنْ لَيْسَ لِأَحَدٍ مِنَ الْأُمَّةِ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ قَوْلُكَ وقَوْلُنَا فِي الْوَاحِدِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ص: 227

‌أَقَلُّ الْحَمْلِ وأَكْثَرُهُ

ص: 228

15354 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَطَاءٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي الْقَصَّافِ، عَنْ أَبِي حَرْبِ بْنِ أَبِي الْأَسْوَدِ الدِّيلِيِّ، أَنَّ عُمَرَ، رُفِعَتْ إِلَيْهِ امْرَأَةٌ وَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَمَرَ بِرَجْمِهَا، فَأُتِيَ عَلِيُّ فِي ذَلِكَ فَقَالَ:«لَا رَجَمَ عَلَيْهَا» ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ، فَأَرْسَلَ إِلَى عَلِيٍّ فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: " لَا رَجَمَ عَلَيْهَا لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} [البقرة: 233] وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف: 15] سِتَّةُ أَشْهُرٍ وحَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ تَمَامٌ لَا رَجَمَ عَلَيْهَا، فَخَلَّى عَنْهَا عُمَرُ

⦗ص: 229⦘

.

15355 -

وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، مَا دَلَّ عَلَى أَنَّ أَقَلَّ، الْحَمْلِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ. وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ مِنَ الْفُقَهَاءِ

ص: 228

15356 -

وَرُوِّينَا عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ، أَنَّهُ قَالَ: قُلْتُ لِمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ: إِنِّي حُدِّثْتُ عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ:«لَا تَزِيدُ الْمَرْأَةُ فِي حَمْلِهَا عَلَى سَنَتَيْنِ قَدْرَ ظِلِّ الْمِغْزَلِ» فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، مَنْ يَقُولُ هَذَا؟ هَذِهِ جَارَتُنَا امْرَأَةُ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، امْرَأَةُ صِدْقٍ وَزَوْجُهَا رَجُلُ صِدْقٍ، حَمَلَتْ ثَلَاثَةَ أَبْطُنٍ فِي اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً، تَحْمِلُ كُلَّ بَطْنٍ أَرْبَعَ سِنِينَ. أَخْبَرَنِيهُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بَكْرِ بْنِ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ الْوَلِيدَ بْنَ مُسْلِمٍ يَقُولُ، فَذَكَرَهُ.

15357 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَقَوْلُ عُمَرَ فِي امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ: تَرَبَّصُ أَرْبَعَ سِنِينَ، يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ إِنَّمَا قَالَهُ لِبَقَاءِ الْحَمْلِ أَرْبَعَ سِنِينَ.

15358 -

وَإِلَيْهِ فِي أَكْثَرِ الْحَمْلِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ

ص: 229

‌بَابُ عِدَّةِ الْمُطَلَّقَةِ يَمْلِكُ زَوْجُهَا رَجْعَتَهَا، ثُمَّ يَمُوتُ أَوْ يُطَلِّقُ

15359 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْمَوْتِ: " اعْتَدَّتْ عِدَّةَ الْوَفَاةِ، وَقَالَ فِيهِ إِذَا طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهَا تَعْتَدُّ مِنَ الطَّلَاقِ الْأَخِيرِ عِدَّةً مُسْتَقْبِلَةً، وَالثَّانِي أَنَّ الْعِدَّةَ مِنَ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ مَا لَمْ يَدْخُلْ بِهَا "

ص: 230

15360 -

أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، إِجَازَةً، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا الشَّعْثَاءِ، يَقُولُ:«تَعْتَدُّ مِنْ يَوْمِ طَلَّقَهَا» .

15361 -

قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَعَبْدُ الْكَرِيمِ، وَطَاوُسٌ، وَحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ يَقُولُونَ:«تَعْتَدُّ مِنْ يَوْمِ طَلَّقَهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَسَّهَا» .

15362 -

قَالَ سَعِيدٌ: يَقُولُونَ: «طَلَاقُهُ الْآخَرُ» .

15363 -

قَالَ سَعِيدٌ: وَكَانَ ذَلِكَ رَأْيَ ابْنِ جُرَيْجٍ

ص: 230

15364 -

وَعَنْ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ:«أَرَى أَنْ تَعْتَدَّ مِنْ يَوْمِ طَلَّقَهَا» .

15365 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَرُوِّينَاهُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ، وَذَكَرَ عَبْدَ الْكَرِيمِ، وَحَسَنَ بْنَ مُسْلِمٍ، وَطَاوُسًا.

15366 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَدْ قَالَ هَذَا بَعْضُ الْمَشْرِقِيِّينَ، وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالتَّفْسِيرِ أَنَّ قَوْلَ اللَّهِ عز وجل:{وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [البقرة: 231] إِنَّمَا أُنْزِلَتْ فِي ذَلِكَ، كَانَ الرَّجُلُ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ مَا شَاءَ بِلَا وَقْتٍ، فَيُمْهِلُ الْمَرْأَةَ حَتَّى إِذَا شَارَفَتِ انْقِضَاءَ عِدَّتِهَا رَاجَعَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا، فَإِذَا شَارَفَتِ انْقِضَاءَ عِدَّتِهَا رَاجَعَهَا، فَنَزَلَ:{الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: 229].

15367 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ إِذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، ثُمَّ ارْتَجَعَهَا قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ طَلَّقَهَا أَلْفَ مَرَّةٍ فَعَمَدَ رَجُلٌ إِلَى امْرَأَتَيْنِ فَطَلَّقَهَا حَتَّى إِذَا شَارَفَتِ انْقِضَاءَ عِدَّتِهَا ارْتَجَعَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا، ثُمَّ قَالَ: وَاللَّهِ لَا آوِيكِ إِلَيَّ وَلَا تَحِلِّينَ أَبَدًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229] فَاسْتَقْبَلَ النَّاسُ الطَّلَاقَ جَدِيدًا مَنْ كَانَ مِنْهُمْ طَلَّقَ وَمَنْ لَمْ يُطَلِّقْ. ثُمَّ ذَكَرَ الشَّافِعِيُّ تَوْجِيهَ الْقَوْلَيْنِ

⦗ص: 232⦘

.

15368 -

وَرُوِّينَا عَنْ عَطَاءٍ، أَنَّهُ قَالَ: تَعْتَدُّ بَاقِي عِدَّتِهَا، وَتَلَا:{وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} [البقرة: 237]

ص: 231

‌بَابُ امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ

ص: 233

15369 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَسَدِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ، أَنَّهُ قَالَ فِي امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ:«أَنَّهَا لَا تَتَزَوَّجُ»

ص: 233

15370 -

وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، عَنْ هُشَيْمِ بْنِ بَشِيرٍ، عَنْ سَيَّارٍ أَبِي الْحَكَمِ، عَنْ عَلِيٍّ، «فِي امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ إِذَا قَدِمَ وَقَدْ تَزَوَّجَتِ امْرَأَتُهُ هِيَ امْرَأَتُهُ إِنْ شَاءَ طَلَّقَ، وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَ وَلَا تُخَيَّرُ» .

15371 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَرَوَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ، عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ سَيَّارٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ.

15372 -

وَرَوَاهُ أَيْضًا سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ حَنَشٍ، عَنْ عَلِيٍّ، وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ عَلِيٍّ

ص: 234

15373 -

أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، إِجَازَةً، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، عَنْ جَرِيرٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الْحَكَمِ، أَنَّهُ قَالَ:«إِذَا فَقَدَتِ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا لَمْ تُزَوَّجْ حَتَّى تَعْلَمَ أَمَرَهُ»

ص: 234

15374 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ:«أَيُّمَا امْرَأَةٍ فَقَدَتْ زَوْجَهَا فَلَمْ تَدْرِ أَيْنَ هُوَ فَإِنَّهَا تَنْتَظِرُ أَرْبَعَ سِنِينَ، ثُمَّ تَنْتَظِرُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا» .

15375 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: الْحَدِيثُ الثَّابِتُ عَنْ عُمَرَ، وَعُثْمَانَ فِي امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ بِمِثْلِ مَا رَوَى مَالِكٌ وَزِيَادَةٍ، فَإِذَا تَزَوَّجَتْ فَقَدِمَ زَوْجُهَا الْمَفْقُودُ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا

⦗ص: 235⦘

زَوْجُهَا الْآخَرُ كَانَ أَحَقُّ بِهَا، وَإِنْ دَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا الْآخَرُ، فَالْأَوَّلُ الْمَفْقُودُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ امْرَأَتِهِ وَالْمَهْرِ.

15376 -

قَالَ أَحْمَدُ: رَوَاهُ يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عُمَرَ، كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ بِزِيَادَتِهِ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَقَضَى بِذَلِكَ عُثْمَانُ بَعْدَ عُمَرَ

ص: 234

15377 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا الثَّقَفِيُّ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ:«لَوْلَا أَنَّ عُمَرَ خَيَّرَ الْمَفْقُودَ بَيْنَ امْرَأَتِهِ وَالصَّدَاقِ لَرَأَيْتُ أَنَّهُ أَحَقُّ بِهَا إِذَا جَاءَ» .

15378 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِ عُمَرَ فِي الْمَفْقُودِ قَالَ بِهَذَا كُلِّهِ اتِّبَاعًا لِقَوْلِ عُمَرَ وَعُثْمَانَ قَالَ الرَّبِيعُ: فَقُلْتُ لِلشَّافِعِيِّ: فَإِنَّ صَاحِبَنَا، يُرِيدُ مَالِكًا قَالَ: أَدْرَكْتُ مَنْ يُنْكِرُ مَا قَالَ بَعْضُ النَّاسِ عَنْ عُمَرَ، يَعْنِي فِي التَّخْيِيرِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَقَدْ رَأَيْنَا مَنْ يُنْكِرُ قَضِيَّةَ عُمَرَ كُلَّهَا فِي الْمَفْقُودِ، فَهَلْ كَانَتِ الْحُجَّةُ عَلَيْهِ إِلَّا أَنَّ الثِّقَاتِ إِذَا حُمِّلُوا ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ لَمْ يُتَّهَمُوا، فَكَذَلِكَ الْحُجَّةُ عَلَيْكَ، وَكَيْفَ جَازَ أَنْ يَرْوِيَ الثِّقَاتُ، عَنْ عُمَرَ حَدِيثًا وَاحِدًا، فَنَأْخُذُ بَعْضَهُ وَنَدَعُ بَعْضَهُ

15379 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فِي امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ «امْرَأَةٌ ابْتُلِيَتْ فَلْتَصْبِرْ، لَا تَنْكِحُ حَتَّى يَأْتِيَهَا يَقِينُ مَوْتِهِ» .

15380 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَبِهَذَا نَقُولُ: لَا تَنْكِحُ امْرَأَةُ الْمَفْقُودِ حَتَّى يَأْتِيَهَا يَقِينُ مَوْتِهِ، وَذَكَرَ أَنَّ لَهَا الْعِدَّةَ وَالْمِيرَاثَ، ثُمَّ قَالَ: وَإِنَّمَا جُعِلَ لَهَا الْعِدَّةُ فِي يَقِينِ الْمَوْتِ، كَمَا جُعِلَ لَهَا الْمِيرَاثُ فِي يَقِينِهِ، لَا يَكُونُ أَنْ تَعْتَدَّ وَلَا تَرِثَ

⦗ص: 236⦘

.

15381 -

قَالَ: وَحَدِيثُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْقُرُ عِنْدَ عَجُزِ أَحَدِكُمْ حَتَّى يُخَيَّلَ إِلَيْهِ أَنَّهُ قَدْ أَحْدَثَ، فَلَا يَنْصَرِفُ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا» ، فَأَخْبَرَ أَنَّهُ إِذَا كَانَ عَلَى يَقِينٍ مِنَ الطَّهَارَةِ فَلَا يُزِيلُ يَقِينَ الطَّهَارَةِ إِلَّا بِيَقِينِ الْحَدَثِ، فَكَذَلِكَ هَذِهِ الْمَرْأَةُ لَهَا زَوْجٌ بِيَقِينٍ، فَلَا يُزِيلُ نِكَاحَهَا بِالشَّكِّ، وَلَا يُزِيلُهُ إِلَّا بِيَقِينِ مَوْتٍ أَوْ طَلَاقٍ

ص: 235

15382 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَهَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِئُ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ الْمَازِنِيِّ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ » الشَّيْطَانَ يَنْقُرُ عِنْدَ عَجُزِ أَحَدِكُمْ حَتَّى يُخَيَّلَ إِلَيْهِ أَنَّهُ قَدْ أَحْدَثَ فَلَا يَتَوَضَّأُ حَتَّى يَجِدُ رِيحًا يَعْرِفُهُ أَوْ صَوْتًا يَسْمَعُهُ ".

15383 -

وَقَدْ مَضَى مَعْنَى هَذَا فِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، وَعَبَّادٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ دُونَ ذِكْرِ الشَّيْطَانِ فِيهِ

15384 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَرُوِيَ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ خِلَاسِ بْنِ عَمْرٍو، وَعَنْ أَبِي الْمَلِيحِ، عَنْ عَلِيٍّ، «إِذَا جَاءَ الْأَوَّلُ خُيِّرَ بَيْنَ الصَّدَاقِ الْأَخِيرِ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ»

⦗ص: 237⦘

وَرِوَايَاتُ خِلَاسٍ عَنْ عَلِيٍّ ضَعِيفَةٌ، وَأَبُو الْمَلِيحِ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ عَلِيٍّ. إِنَّمَا رَوَاهُ عَنِ امْرَأَةٍ مَجْهُولَةٍ غَيْرِ مَعْرُوفَةٍ بِمَا يَثْبُتُ بِهِ حَدِيثُهَا، وَفِي حَدِيثِهَا أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي امْرَأَةٍ نُعِيَ إِلَيْهَا زَوْجُهَا، وَالْمَشْهُورُ عَنْ عَلِيٍّ مَا قَدَّمْنَا ذَكَرَهُ.

15385 -

وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ فِي قَضَيْتِهِ: أَنَّ وَلِيَّ زَوْجِهَا يُطَلِّقُهَا بَعْدَ أَرْبَعِ سِنِينَ، ثُمَّ تَعْتَدُّ.

15386 -

وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ، نَحْوُ رِوَايَةِ مَالِكٍ عَنْ عُمَرَ

ص: 236

15387 -

قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ:«يُنْفَقُ عَلَيْهَا الْأَرْبَعَ سِنِينَ مِنْ مَالِ الْمَفْقُودِ، لِأَنَّهَا حَبَسَتْ نَفْسَهَا عَلَيْهِ» .

15388 -

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «لِسَنَتَيْنِ، فَإِنْ جَاءَ زَوْجُهَا قَضَتْ مِنْ مَالِهِ، فَإِنْ مَاتَ قَضَتْ مِنْ نَصِيبِهَا مِنَ الْمِيرَاثِ، وَقَالَا جَمِيعًا لَا يُنْفَقُ عَلَيْهَا مِنْ مَالِ زَوْجِهَا فِي الْعِدَّةِ بَعْدَ الْأَرْبَعِ سِنِينَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا»

15389 -

وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ بَعْضَ الْآثَارِ الَّتِي رُوِيَتْ فِي مَنْعِ الضَّرَرِ ثُمَّ قَالَ: وَأَحْسَبُ قَضَاءَ عُمَرَ فِي امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ مِنْ بَعْضِ هَذِهِ الْوجُوهِ الَّتِي مَنَعَ فِيهَا الضَّرَرَ بِالْمَرْأَةِ إِذَا كَانَ الضَّرَرُ عَلَيْهَا أَبْيَنَ، ثُمَّ قَالَ: إِذَا جَاءَتِ الضَّرُورَاتُ فَحُكْمُهَا مُخَالِفٌ حُكْمَ غَيْرِ الضَّرُورَاتِ لَمْ أَجِدْ لَهُ فِي الْقَدِيمِ فِي هَذَا أَكْثَرَ مِنْ هَذَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ

ص: 237

‌بَابُ اسْتِبْرَاءِ أُمِّ الْوَلَدِ

ص: 238

15390 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْحُسَيْنِ، وَأَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ فِي أُمِّ الْوَلَدِ يُتَوَفَّى عَنْهَا سَيِّدُهَا:«تَعْتَدُّ بِحَيْضَةٍ» .

15391 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَرُوِّينَا عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَغَيْرِهِ مِنْ فُقَهَاءِ التَّابِعِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِثْلَ ذَلِكَ، وَأَمَّا حَدِيثُ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: لَا تَلْبِسُوا عَلَيْنَا سُنَّةَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فِي أُمِّ الْوَلَدِ إِذَا تُوُفِّيَ عَنْهَا سَيِّدُهَا: «عِدَّتُهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا» .

15392 -

فَقَدْ أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عِيسَى بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْحِيرِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ النَّضْرِ الْحَرَشِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ مَطَرٍ، عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ، فَذَكَرَهُ. وَرَوَاهُ غَيْرُهُ عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، وَمَطَرٍ.

15393 -

وَرَوَاهُ غُنْدَرٌ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ مَطَرٍ، وَلَمْ يَقُلْ: نَبِيِّنَا

⦗ص: 239⦘

. قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الدَّارُقُطْنِيُّ، فِيمَا أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ عَنْهُ: قَبِيصَةُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَمْرٍو، وَالصَّوَابُ: لَا تَلْبِسُوا عَلَيْنَا دِينَنَا، مَوْقُوفٌ.

ص: 238

15394 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَرَوَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى، عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ، عَنْ قَبِيصَةَ، عَنْ عَمْرٍو، أَنَّهُ قَالَ:«عِدَّةُ أُمِّ الْوَلَدِ عِدَّةُ الْحُرَّةِ» .

15395 -

قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، وَقِيلَ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ قَبِيصَةَ، عَنْ عَمْرٍو، مِثْلَ ذَلِكَ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ

ص: 239

‌بَابُ اسْتِبْرَاءِ مَنْ مَلَكَ أَمَةً

15396 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: أَصْلُ الِاسْتِبْرَاءِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «نَهَى عَامَ سَبْيِ أَوْطَاسٍ أَنْ تُوطَأَ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ، أَوْ تُوطَأَ حَائِلٌ حَتَّى تَحِيضَ»

ص: 240

15397 -

أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ الْفَقِيهُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْهَيْثَمِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ قَيْسٍ يَعْنِي ابْنَ وَهْبٍ، عَنْ أَبِي الْوَدَّاكِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: أَصَبْنَا سَبَايَا يَوْمَ أَوْطَاسٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ حَمْلَهَا، وَلَا تُوطَأُ غَيْرُ حَامِلٍ حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً» . أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابِ السُّنَنِ.

15398 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي اسْتِبْرَاءِ الْأَمَةِ لَا تَحِيضُ مِنْ صِغَرٍ أَوْ كِبَرٍ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: شَهْرٌ قِيَاسًا عَلَى الْحَيْضَةِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ شَهْرٌ وَنِصْفٌ، وَلَيْسَ لِهَذَا وَجْهٌ هُوَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ شَهْرًا، وَإِمَّا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ بَعْضُ أَصْحَابِنَا مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ.

15399 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: اسْتِبْرَاءُ الْأَمَةِ شَهْرٌ إِذَا كَانَتْ مِمَّنْ لَا تَحِيضُ، قِيَاسًا عَلَى الْحَيْضَةِ، إِلَّا أَنْ يَمْضِيَ أَثَرٌ بِخِلَافِهِ يُثْبِتُ مِثْلَهُ، فَالْأَثَرُ أَوْلَى أَنْ يُتَّبَعَ.

15400 -

قَالَ أَحْمَدُ: لَا أَعْلَمُ فِي هَذَا أَثَرًا عَنْ مَنْ يَلْزَمُ قَوْلُهُ

ص: 240

15401 -

وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، وَابْنِ سِيرِينَ، «أَنَّهُمَا كَانَا لَا يَرَيَانِ أَنَّ ذَلِكَ يَبِينُ إِلَّا بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ» . وَبِهِ قَالَ طَاوُسٌ، وَعَطَاءٌ، وَمُجَاهِدٌ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ

ص: 241

15402 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَرُوِّينَا عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ:«عِدَّةُ الْمُخْتَلِعَةِ عِدَّةُ الْمُطَلَّقَةِ» . وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ وَالشَّعْبِيُّ، وَالزُّهْرِيُّ وَالْجَمَاعَةُ. وَالَّذِي رُوِيَ عَنْ عِكْرِمَةَ: أَنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ اخْتُلِعَتْ مِنْهُ، «فَجَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عِدَّتَهَا حَيْضَةً» .

15403 -

حَدِيثٌ مُرْسَلٌ وَرُوِيَ مَوْصُولًا بِذِكْرِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِيهِ، وَلَيْسَ بِمَحْفُوظٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

15404 -

وَرُوِّينَا فِي، كِتَابِ السُّنَنِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قِصَّةِ بَرِيرَةَ حِينَ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَعَلَ عَلَيْهَا عِدَّةَ الْحُرَّةِ

ص: 241

15405 -

وَأَخْبَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَارِثِ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَبَّانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مَعْشَرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم » جَعَلَ عِدَّةَ بَرِيرَةَ حِينَ فَارَقَهَا زَوْجُهَا عِدَّةَ الْمُطَلَّقَةِ "

ص: 241

‌26 - كِتَابُ الرَّضَاعِ

ص: 243

‌بَابُ الرَّضَاعِ

ص: 245

15406 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، رحمه الله قَالَ: قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى: " {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ} [النساء: 23] إِلَى قَوْلِهِ: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} [النساء: 23].

15407 -

فَاحْتَمَلَ إِذْ ذَكَرَ اللَّهُ تَحْرِيمَ الْأُمِّ وَالْأُخْتِ مِنَ الرَّضَاعَةِ فَأَقَامَهُمَا فِي التَّحْرِيمِ مَقَامَ الْأُمِّ وَالْأُخْتِ مِنَ النَّسَبِ أَنْ تَكُونَ الرَّضَاعَةُ كُلُّهَا تَقُومُ مَقَامَ النَّسَبِ، فَمَا حُرِّمَ بِالنَّسَبِ حُرِّمَ بِالرَّضَاعِ مِثْلَهُ، وَبِهَذَا نَقُولُ بِدَلَالَةِ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالْقِيَاسِ عَلَى الْقُرْآنِ

ص: 245

15408 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، وَأَبُو بَكْرٍ الْقَاضِي، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَخْبَرَتْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ عِنْدَهَا وَأَنَّهَا سَمِعَتْ صَوْتَ رَجُلٍ يَسْتَأْذِنُ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا رَجُلٌ يَسْتَأْذِنُ فِي بَيْتِكَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«أُرَاهُ فُلَانًا» لِعَمِّ حَفْصَةَ مِنَ الرَّضَاعَةِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ كَانَ فُلَانٌ حَيًّا، لِعَمِّهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ، أَيَدْخُلُ عَلَيَّ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«نَعَمْ، إِنَّ الرَّضَاعَةَ تُحَرِّمُ مَا يَحْرُمُ مِنَ الْوِلَادَةِ»

⦗ص: 246⦘

. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، عَنْ أَبِي أُوَيْسٍ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، كِلَاهُمَا عَنْ مَالِكٍ

ص: 245

15409 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ الْوِلَادَةِ»

ص: 246

15410 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: جَاءَ عَمِّي، أَظُنُّهُ قَالَ: مِنَ الرَّضَاعَةِ، ابْنُ أَبِي الْقُعَيْسِ يَسْتَأْذِنُ عَلَيَّ بَعْدَمَا ضُرِبَ الْحِجَابُ، فَلَمْ آذَنْ لَهُ، فَلَمَّا جَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ:«إِنَّهُ عَمُّكِ فَلْيَلِجْ عَلَيْكِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ سُفْيَانَ.

15411 -

وَأَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، وَقَالُوا أَفْلَحَ أَخُو أَبِي قُعَيْسِ، وَفِي رِوَايَةِ بَعْضِهِمْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ الرَّجُلَ لَيْسَ هُوَ أَرْضَعَنِي، وَلَكِنْ أَرْضَعَتْنِي امْرَأَتُهُ؟ فَقَالَ:«ائْذَنِي لَهُ فَإِنَّهُ عَمُّكِ تَرِبَتْ يَمِينُكِ» قَالَ عُرْوَةُ: فَبِذَلِكَ كَانَتْ عَائِشَةُ تَقُولُ: حَرِّمُوا مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا تُحَرِّمُونَ مِنَ النَّسَبِ

⦗ص: 247⦘

.

15412 -

وَفِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: وَكَانَ أَبُو الْقُعَيْسِ زَوْجُ الْمَرْأَةِ الَّتِي أَرْضَعَتْ عَائِشَةَ، فَأَفْلَحَ أَخُو أَبِي الْقُعَيْسِ يَكُونُ عَمَّهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ.

15413 -

وَفِي رِوَايَةِ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ عُرْوَةَ، فَقَالَ لَهَا: " لَا تَحْتَجِبِي مِنْهُ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ.

15414 -

وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذِهِ الرِّوَايَاتِ فِي كِتَابِ السُّنَنِ

ص: 246

15415 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ جُدْعَانَ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ الْمُسَيِّبِ، يُحَدِّثُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ لَكَ فِي ابْنَةِ عَمُّكَ ابْنَةِ حَمْزَةَ، فَإِنَّهَا أَجْمَلُ فَتَاةٍ فِي قُرَيْشٍ، فَقَالَ:«أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ حَمْزَةَ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ، وَأَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا حَرَّمَ مِنَ النَّسَبِ؟»

⦗ص: 248⦘

.

15416 -

قَالَ: وَأَخْبَرَنَا الدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي بِنْتِ حَمْزَةَ مِثْلَ حَدِيثِ سُفْيَانَ.

15417 -

قَالَ أَحْمَدُ: الْحَدِيثُ فِي ابْنَةِ حَمْزَةَ رَوَاهُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، عَنْ عَلِيٍّ، وَمِنْ ذَلِكَ الْوَجْهِ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ.

وَرَوَاهُ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَمِنْ ذَلِكَ الْوَجْهِ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ.

15418 -

وَرَوَاهُ حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، وَأَخْرَجَهُ، مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ.

15419 -

وَقَوْلُهُ: وَأَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا حَرَّمَ مِنَ النَّسَبِ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَدْ أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ فِي قِصَّةِ ابْنَةِ حَمْزَةَ.

15420 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: فِي رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ: وَفِي نَفْسِ السَّنَةِ أَنَّهُ يَحْرُمُ مِنَ

⦗ص: 249⦘

الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ الْوِلَادَةِ، وَأَنَّ لَبَنَ الْفَحْلِ يُحَرِّمُ كَمَا يُحَرِّمُ وَلَادَةَ الْأَبِ يَحَرِّمُ لَبَنَ الْأَبِ لَا اخْتِلَافَ فِي ذَلِكَ

ص: 247

15421 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ كَانَتْ لَهُ امْرَأَتَانِ، فَأَرْضَعَتْ إِحْدَاهُمَا غُلَامًا، وَأَرْضَعَتِ الْأُخْرَى جَارِيَةً فَقِيلَ لَهُ: هَلْ يَتَزَوَّجُ الْغُلَامُ الْجَارِيَةَ؟ فَقَالَ: «لَا، » اللِّقَاحُ وَاحِدٌ ".

15422 -

وَهَذَا الْحَدِيثُ يُعَدُّ فِي إِفْرَادِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، وَقَدْ رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَمَالِكٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ.

15423 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَارِثِ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْحَنَّاطُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يُونُسَ السَّرَّاجُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، فَذَكَرَ مَعْنَاهُ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: فَوَلَدَتْ إِحْدَاهُمَا غُلَامًا، وَأَرْضَعَتِ الْأُخْرَى جَارِيَةً

ص: 249

15424 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَنَّهُ سَأَلَ عَطَاءً عَنْ " لَبَنِ الْفَحْلِ يُحَرِّمُ؟ قَالَ:«نَعَمْ» . فَقُلْتُ لَهُ: أَبَلَغَكَ مِنْ ثَبْتٍ؟ قَالَ: «نَعَمْ» قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قَالَ عَطَاءٌ: {وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} [النساء: 23] فَهِيَ أُخْتُكَ مِنْ أَبِيكَ

ص: 249

15425 -

وَبِإِسْنَادِهِ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَنَّ عَمْرَو بْنَ دِينَارٍ، أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا الشَّعْثَاءِ، «يَرَى لَبَنَ الْفَحْلِ يُحَرِّمُ»

ص: 250

15425 -

وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ:«لَبَنُ الْفَحْلِ يُحَرِّمُ» .

15426 -

قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَرُوِيَ مَعْنَى ذَلِكَ، عَنْ عَلِيٍّ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ

ص: 250

‌مَنْ قَالَ: لَبَنُ الْفَحْلِ لَا يُحَرِّمُ

ص: 251

15427 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو هُوَ ابْنُ عَلْقَمَةَ بْنُ وَقَّاصٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ:«كَانَ» يَدْخُلُ عَلَى عَائِشَةَ مَنْ أُرْضَعَهُ بَنَاتُ أَبِي بَكْرٍ، وَلَا يَدْخُلُ عَلَيْهَا مَنْ أُرْضَعَهُ نِسَاءُ بَنِي أَبِي بَكْرٍ "

ص: 251

15428 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ، أَنَّ أُمَّهُ زَيْنَبَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ أَرْضَعَتْهَا أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ امْرَأَةُ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ، فَقَالَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ أَبِي سَلَمَةَ: وَكَانَ الزُّبَيْرُ يَدْخُلُ عَلَيَّ وَأَنَا أَمْتَشِطُ فَيَأْخُذُ بِقَرْنٍ مِنْ قُرُونِ رَأْسِي فَيَقُولُ: أَقْبِلِي عَلَيَّ فَحَدِّثِينِي، أُرِيدُ أَنَّهُ أَبِي وَمَا وَلَدَ فَهُمْ إِخْوَتِي، ثُمَّ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ قَبْلَ الْحَرَّةِ أَرْسَلَ إِلَيَّ فَخَطَبَ إِلَيَّ أُمَّ كُلْثُومِ ابْنَتِي عَلَى حَمْزَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَكَانَ حَمْزَةُ لَلَكَلْبِيَّةِ، فَقُلْتُ لِرَسُولِهِ: وَهَلْ تَحِلُّ لَهُ، إِنَّمَا هِيَ ابْنَةُ أَخِيهِ، فَأَرْسَلَ إِلَيَّ عَبْدُ اللَّهِ: إِنَّمَا أَرَدْتُ بِهَذَا الْمَنْعَ لِمَا قَبْلَكِ لَيْسَ لَكِ بِأَخٍ أَبًا، وَمَا وَلَدَتْ أَسْمَاءُ فَهُمْ إِخْوَتُكَ، وَمَا كَانَ مِنْ وَلَدِ

⦗ص: 252⦘

الزُّبَيْرِ مِنْ غَيْرِ الزُّبَيْرِ فَلَيْسُوا لَكِ بِإِخْوَةٍ، فَأَرْسِلِي فَسَلِي عَنْ هَذَا، فَأَرْسَلَتْ فَسَأَلَ، وَأَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُتَوَافِرُونَ وَأُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالُوا لَهَا:«إِنَّ الرَّضَاعَةَ مِنْ قِبَلِ الرِّجَالِ لَا تُحَرِّمُ شَيْئًا، فَأَنْكَحْتُهَا إِيَّاهُ، فَلَمْ تَزَلْ عِنْدَهُ حَتَّى إِذَا هَلَكَ»

ص: 251

15429 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ بَعْضِ، آلِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، كَانَ يَقُولُ:«الرَّضَاعَةُ مِنْ قِبَلِ الرِّجَالِ لَا تُحَرِّمُ شَيْئًا»

ص: 252

15430 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، وَعَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، «أَنَّ الرَّضَاعَةَ، مِنْ قِبَلِ الرِّجَالِ لَا تُحَرِّمُ شَيْئًا»

ص: 252

15431 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَرْوَانُ بْنُ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى الْأَنْصَارِيُّ، أَنَّ رَجُلًا أَرْضَعَتْهُ أُمُّ وَلَدِ رَجُلٍ مِنْ مُزَيْنَةَ، وَلِلْمُزَنِيِّ امْرَأَةٌ أُخْرَى سِوَى الْمَرْأَةِ الَّتِي أَرْضَعَتِ الرَّجُلَ، وَأَنَّهَا وَلَدَتْ مِنَ الْمُزَنِيِّ جَارِيَةً، فَلَمَّا بَلَغَ ابْنُ الرَّجُلِ وَبَلَغَتِ الْجَارِيَةُ خَطَبَهَا، فَقَالَ لَهُ النَّاسُ. وَيْلَكَ إِنَّهَا أُخْتُكَ، قَالَ مَرْوَانُ: إِنَّ ذَلِكَ رُفِعَ إِلَى هِشَامِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، فَكَتَبَ فِيهِ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، فَكَتَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ، «أَنْ لَيْسَ ذَلِكَ بِرِضَاعٍ»

ص: 252

15432 -

وَبِإِسْنَادِهِ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مَرْوَانَ بْنِ أَبِي الْمُعَلَّى، «أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ، كَانَ » لَا يَرَى الرَّضَاعَةَ مِنْ قِبَلِ الرِّجَالِ تُحَرِّمُ شَيْئًا "

ص: 252

15433 -

وَبِإِسْنَادِهِ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، كَانَ لَا يَرَى الرَّضَاعَةَ مِنْ قِبَلِ الرِّجَالِ تُحَرِّمُ شَيْئًا ". قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ: وَذَلِكَ كَانَ رَأْيَ رَبِيعَةَ وَرَأْيَ فُقَهَائِنَا، وَأَنْكَرَ حَدِيثَ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي اللِّقَاحِ وَاحِدٌ

⦗ص: 253⦘

.

15434 -

قَالَ حَدِيثُ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الطَّائِفِ، وَمَا رَأَيْتُ مِنَ فُقَهَاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَحَدًا يَشُكُّ فِي هَذَا إِلَّا أَنَّهُ رُوِيَ عَنِ الزُّهْرِيِّ خِلَافَهُمْ، فَمَا الْتَفَتُوا إِلَيْهِ، وَهَؤُلَاءِ أَكْثَرُ وَأَعْلَمُ.

15435 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَقُلْتُ لَهُ، يَعْنِي لِبَعْضِ أَصْحَابِ مَالِكٍ: أَتَجِدُ بِالْمَدِينَةِ مِنْ عِلْمِ الْخَاصَّةِ شَيْئًا أَوْلَى أَنْ يَكُونَ عَامًّا ظَاهِرًا عِنْدَ أَكْثَرِهِمْ مِنْ تَرْكِ تَحْرِيمِ لَبَنِ الْفَحْلِ، فَقَدْ تَرَكْنَاهُ وَتَرَكْتَهُ، وَمَنْ يَحْتَجُّ لِقَوْلِهِ إِذْ كُنَّا نَجِدُ فِي الْخَبَرِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَالدَّلَالَةِ عَلَى مَا يَقُولُ.

15436 -

وَهَذَا إِنَّمَا أَوْرَدَهُ عَلَى طَرِيقِ الْإِلْزَامِ فِي تَرْكِهِمْ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ الْخَبَرَ الْوَاحِدَ بِقَوْلِ بَعْضِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَتَرْكِهِمْ مَا قَالَ الْأَكْثَرُ مِنَ الْمَدَنِيِّينَ: أَنَّ لَبَنَ الْفَحْلِ لَا يُحَرِّمُ، بِمَا ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ:«يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ الْوِلَادَةِ» .

15434 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَإِنَّمَا يَخْتَلِفُ بِنِعْمَةِ اللَّهِ قَوْلِي أَنَّهُ لَا يَذْهَبُ إِذَا ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم شَيْءٌ إِلَى أَنْ أَدَعَهُ لَا أَكْثَرَ وَلَا أَقَلَّ

ص: 252

‌بَابُ مَا يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ

ص: 254

15438 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا قَالَتْ: «كَانَ فِيمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل فِي

⦗ص: 255⦘

الْقُرْآنِ عَشْرَ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ، ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ، فَتُوُفِّيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَهُنَّ مِمَّا يَقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى

ص: 254

15439 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا كَانَتْ تَقُولُ:«نَزَلَ الْقُرْآنُ بِعَشْرِ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ، ثُمَّ صُيِّرْنَ إِلَى خَمْسٍ يُحَرِّمْنَ، فَكَانَ لَا يَدْخُلُ عَلَى عَائِشَةَ إِلَّا مَنِ اسْتَكْمَلَ خَمْسَ رَضَعَاتٍ» أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، مِنْ حَدِيثِ الثَّقَفِيِّ، وَغَيْرُهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ دُونَ فِعْلِ عَائِشَةَ

ص: 255

15440 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ وَلَا الْمَصَّتَانِ، وَلَا الرَّضْعَةُ وَلَا الرَّضْعَتَانِ»

ص: 255

15441 -

وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ، وَلَا الْمَصَّتَانِ» .

15442 -

زَادَ أَبُو سَعِيدٍ فِي رِوَايَتِهِ، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ، عَنِ الرَّبِيعِ قَالَ: فَقُلْتُ لِلشَّافِعِيِّ: أَسَمِعَ ابْنُ الزُّبَيْرِ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ: «نَعَمْ، وَحِفِظَ عَنْهُ، وَكَانَ يَوْمَ تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ابْنُ تِسْعِ سِنِينَ»

15443 -

قَالَ أَحْمَدُ: سَمَاعُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم صَحِيحٌ كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله، إِلَّا أَنَّهُ إِنَّمَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

15444 -

أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ

ص: 256

15445 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ بَالَوَيْهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الصَّائِغُ، حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ أَيُّوبَ، يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَلَا الْمَصَّتَانِ»

⦗ص: 257⦘

رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ سُوَيْدٍ، عَنْ مُعْتَمِرٍ

ص: 256

15446 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا الْمُعْتَمِرُ قَالَ: سَمِعْتُ أَيُّوبَ، يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ، أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِنِّي تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً وَلِيَ امْرَأَةٌ أُخْرَى، فَزَعَمَتِ امْرَأَتِي الْحُدْثَى أَنَّهَا أَرْضَعَتِ امْرَأَتِي الْأُولَى؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«لَا تُحَرِّمُ الْإِمْلَاجَةُ وَلَا الْإِمْلَاجَتَانِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ.

15447 -

وَأَخْرَجَهُ مِنْ حَدِيثِ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ، بِإِسْنَادِهِ: أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ قَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، هَلْ تُحَرِّمُ الرَّضْعَةُ الْوَاحِدَةُ؟ قَالَ:«لَا»

ص: 257

15448 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ امْرَأَةَ أَبِي حُذَيْفَةَ أَنْ تُرْضِعَ سَالِمًا خَمْسَ رَضَعَاتٍ يَحْرُمُ بِلَبَنِهَا» فَفَعَلَتْ، فَكَانَتْ تَرَاهُ ابْنًا

ص: 257

15449 -

وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ الْحَجَّاجِ، أَظُنُّهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:«لَا يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ إِلَّا مَا فَتَقَ الْأَمْعَاءَ» .

15450 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الزُّهْرِيُّ، عَنِ الْحَجَّاجِ الْأَسْلَمِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، مَوْقُوفًا

ص: 258

15451 -

وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ قَالَ: كَانَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ يُحَدِّثُ، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا يُحَرِّمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ الْمَصَّةُ وَلَا الْمَصَّتَانِ، وَلَا يُحَرِّمُ إِلَّا مَا فَتَقَ الْأَمْعَاءَ مِنَ اللَّبَنِ» .

15452 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَارِثِ الْفَقِيهُ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، فَذَكَرَهُ

ص: 258

15453 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، أَخْبَرَهُ، «أَنَّ عَائِشَةَ، أَرْسَلَتْ بِهِ وَهُوَ يَرْضَعُ إِلَى أُخْتِهَا أُمِّ كُلْثُومٍ، فَأَرْضَعَتْهُ ثَلَاثَ رَضَعَاتٍ، ثُمَّ مَرِضَتْ فَلَمْ تُرْضِعْهُ غَيْرَ ثَلَاثِ رَضَعَاتٍ، فَلَمْ أَكُنْ أَدْخُلُ عَلَى عَائِشَةَ مِنْ أَجْلِ أَنَّ أُمَّ كُلْثُومٍ لَمْ تُكْمِلْ لِي عَشْرَ رَضَعَاتٍ» .

15454 -

زَادَ أَبُو سَعِيدٍ فِي رِوَايَتِهِ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَمَرَتْ بِهِ عَائِشَةُ يُرْضَعُ عَشْرًا لِأَنَّهَا أَكْثَرُ الرَّضَاعِ، وَلَمْ تَتِمَّ لَهُ خَمْسٌ، فَلَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهَا، وَلَعَلَّ سَالِمًا أَنْ

⦗ص: 259⦘

يَكُونَ ذَهَبَ عَلَيْهِ قَوْلُ عَائِشَةَ فِي الْعَشْرِ الرَّضَعَاتِ، فَنُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ فَحَدَّثَ عَنْهَا بِمَا عَلِمَ مِنْ أَنَّهُ أُرْضِعَ ثَلَاثًا، فَلَمْ يَكُنْ يَدْخُلُ عَلَيْهَا، وَإِنَّمَا أَخَذْنَا خَمْسَ رَضَعَاتٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِحِكَايَةِ عَائِشَةَ أَنَّهُنَّ يُحَرِّمْنَ وَأَنَّهُنَّ مِنَ الْقُرْآنِ

ص: 258

15455 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَرُوِّينَا عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، «أَنَّ الرَّضْعَةَ وَالرَّضْعَتَيْنِ وَالثَّلَاثَ لَا تُحَرِّمُ»

ص: 259

15456 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ، أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ، «أَنَّ حَفْصَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ » أَرْسَلَتْ بِعَاصِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ إِلَى أُخْتِهَا فَاطِمَةَ بِنْتِ عُمَرَ تُرْضِعُهُ عَشْرَ رَضَعَاتٍ لِيَدْخُلَ عَلَيْهَا وَهُوَ صَغِيرٌ يَرْضَعُ، فَفَعَلَتْ فَكَانَ يَدْخُلُ عَلَيْهَا ".

15457 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَالْقَوْلُ فِي هَذَا مَا قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي حَدِيثِ سَالِمٍ.

15458 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ: وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: مَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ وَإِنْ كَانَتْ مَصَّةً تُحَرِّمُ، وَاحْتَجَّ بِحَدِيثٍ أَخْبَرَنَاهُ مَالِكٌ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ الدِّيلِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ شَبِيهًا بِهَذَا الْمَعْنَى

ص: 259

15459 -

أَخْبَرَنَاهُ أَبُو أَحْمَدَ الْمِهْرَجَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ جَعْفَرٍ الْمُزَكِّي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ الدِّيلِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ:«مَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ، وَإِنْ كَانَتْ مَصَّةً وَاحِدَةً فَإِنَّهَا تُحَرِّمُ»

⦗ص: 260⦘

.

15460 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَأُرَاهُ مِنْ حَدِيثِ عِكْرِمَةَ، يُرِيدُ أَنَّ ثَوْرًا إِنَّمَا أَخَذَهُ عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَهُوَ كَمَا قَالَ.

15461 -

فَكَذَلِكَ رَوَاهُ الدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنْ ثَوْرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَزَادَ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ

ص: 259

15462 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَرُوِيَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسِ، «أَنَّ قَلِيلَ الرَّضَاعَةِ وَكَثِيرَهَا يُحَرِّمُ فِي الْمَهْدِ» .

15463 -

وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، بِخِلَافِ ذَلِكَ فِي الْقَلِيلِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي الرَّضْعَةِ الْوَاحِدَةِ أَنَّهَا تُحَرِّمُ.

15464 -

وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ، وَعَبْدِ اللَّهِ، إِلَّا أَنَّ الرِّوَايَةَ عَنْهُمَا مُرْسَلَةٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

15465 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَدَلَّ مَا حَكَتْ عَائِشَةُ فِي الْكِتَابِ، وَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«لَا تُحَرِّمُ الرَّضْعَةُ وَلَا الرَّضْعَتَانِ» .

15466 -

عَلَى أَنَّ الرَّضَاعَ لَا يُحَرَّمُ بِهِ عَلَى أَقَلِّ اسْمِ الرَّضَاعِ، وَلَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حُجَّةٌ.

15467 -

وَقَدْ قَالَ بَعْضُ مَنْ مَضَى بِمَا حَكَتْ عَائِشَةُ فِي الْكِتَابِ ثُمَّ فِي السُّنَّةِ، وَالْكِفَايَةُ فِيمَا حَكَتْ فِي الْكِتَابِ، ثُمَّ فِي السُّنَّةِ

ص: 260

15468 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَارِثِ الْفَقِيهُ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدٍ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى الْقُطَعِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:«لَقَدْ نَزَلَتْ آيَةُ الرَّجْمِ وَرَضَاعَةِ الْكَبِيرِ عَشْرًا، وَلَقَدْ كَانَ فِي صَحِيفَةٍ تَحْتَ سَرِيرِي، فَلَمَّا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اشْتَغَلْنَا بِمَوْتِهِ، فَدَخَلَ الدَّاجِنُ فَأَكَلَهَا» .

15469 -

قَالَ أَحْمَدُ: هَكَذَا بَلَغَنَا هَذَا الْحَدِيثُ، وَهَذَا أَمَرٌ وَقَعَ، فَأَخْبَرَتْ عَنِ الْوَاقِعَةِ دُونَ تَعَلُّقِ حُكْمٍ بِهَا، وَقَدْ كَانَتْ آيَةُ الرَّجْمِ مَعْلُومَةٌ عِنْدَ الصَّحَابَةِ وَعَلِمُوا نَسْخَ تِلَاوَتِهَا وَإِثْبَاتِهَا فِي الْمُصْحَفِ دُونَ حُكْمِهَا، وَذَلِكَ حِينَ رَاجَعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عُمَرُ فِي كَتْبِهَا، فَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِيهَا.

15470 -

وَأَمَّا رَضَاعَةُ الْكَبِيرِ فَهِيَ عِنْدَ غَيْرِ عَائِشَةَ مَنْسُوخَةٌ، أَوْ كَانَتْ رُخْصَةً لِسَالِمٍ وَحْدِهِ، فَلِذَلِكَ لَمْ يُثْبِتُوهَا.

15471 -

وَأَمَّا رِضَاعَتُهُ عَشْرًا فَقَدْ أُخْبِرْتُ فِي، رِوَايَةِ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا صَارَتْ مَنْسُوخَةً بِخَمْسٍ يُحَرِّمْنَ، فَكَانَ نَسْخُ حُكْمِهَا وَتِلَاوَتِهَا مَعْلُومًا عِنْدَ الصَّحَابَةِ، فَلِأَجْلِ ذَلِكَ لَمْ يُثْبِتُوهَا لَا لِأَجْلِ أَكَلِ الدَّاجِنِ صَحِيفَتَهَا، وَهَذَا وَاضِحٌ بَيِّنٌ بِحَمْدِ اللَّهِ وَنِعْمَتِهِ

ص: 261

‌رَضَاعُ الْكَبِيرِ

ص: 262

15472 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَضَاعَةِ الْكَبِيرِ، فَقَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ أَبَا حُذَيْفَةَ بْنَ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ كَانَ شَهِدَ بَدْرًا وَكَانَ قَدْ تَبَنَّى سَالِمًا الَّذِي يُقَالُ لَهُ: سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، كَمَا تَبَنَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ، وَأَنْكَحَ أَبُو حُذَيْفَةَ سَالِمًا وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ ابْنُهُ، فَأَنْكَحَهُ بِنْتَ أَخِيهِ فَاطِمَةَ بِنْتَ الْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَهِيَ يَوْمَئِذٍ مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ الْأُوَلِ، وَهِيَ يَوْمَئِذٍ مِنْ أَفْضَلِ أَيَامَى قُرَيْشٍ، فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ فِي زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ مَا أَنْزَلَ، فَقَالَ:{ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} [الأحزاب: 5]، رَدَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ أُولَئِكَ مَنْ تَبَنَّى إِلَى أَبِيهِ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَبَاهُ رَدَّهُ إِلَى الْمَوَالِي، فَجَاءَتْ سَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلٍ، وَهِيَ امْرَأَةُ أَبِي حُذَيْفَةَ، وَهِيَ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كُنَّا نَرَى سَالِمًا وَلَدًا، وَكَانَ يَدْخُلُ عَلَيَّ وَأَنَا فُضُلٌ وَلَيْسَ لَنَا

⦗ص: 263⦘

إِلَّا بَيْتٌ وَاحِدٌ، فَمَاذَا تَرَى فِي شَأْنِهِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«أَرْضِعِيهِ خَمْسَ رَضَعَاتٍ فَيَحْرُمُ بِلَبَنِهَا» فَفَعَلَتْ وَكَانَتْ تَرَاهُ ابْنًا مِنَ الرَّضَاعَةِ، فَأَخَذَتْ بِذَلِكَ عَائِشَةُ فِيمَنْ كَانَتْ تُحِبُّ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهَا مِنَ الرِّجَالِ، وَكَانَتْ أُخْتُهَا أُمُّ كُلْثُومٍ وَبَنَاتُ أُخْتِهَا يُرْضِعْنَ مَنْ أَحَبَّتْ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهَا مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَأَبَى سَائِرُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهِنَّ بِتِلْكَ الرَّضَاعَةِ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ، وَقُلْنَ: مَا نَرَى الَّذِي أَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَهْلَةَ بِنْتَ سُهَيْلٍ إِلَّا رُخْصَةً فِي سَالِمٍ وَحْدَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، لَا يَدْخُلُ عَلَيْنَا بِهَذِهِ الرَّضَاعَةِ أَحَدٌ.

15473 -

فَعَلَى هَذَا مِنَ الْخَبَرِ كَانَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي رَضَاعَةِ الْكَبِيرِ.

15474 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ فِي سَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ خَاصَّةً.

15475 -

فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: مَا دَلَّ عَلَى مَا وَصَفْتَ؟

⦗ص: 264⦘

فَذَكَرْتُ حَدِيثَ سَالِمٍ الَّذِي يُقَالُ لَهُ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ أَمَرَ امْرَأَةَ أَبِي حُذَيْفَةَ أَنْ تُرْضِعَهُ خَمْسَ رَضَعَاتٍ يَحْرُمُ بِهِنَّ. وَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ فِي الْحَدِيثِ: وَكَانَ ذَلِكَ فِي سَالِمٍ خَاصَّةً.

15476 -

قَالَ أَحْمَدُ: لَمْ أَجِدْ حَدِيثَ أُمِّ سَلَمَةَ فِي رِوَايَةِ الرَّبِيعِ، وَذَكَرَ الْمُزَنِيُّ فِي الْمُخْتَصَرِ الْكَبِيرِ أَنَّ الشَّافِعِيَّ حِينَ عُورِضَ بِهَذَا قَالَ: مَا جَعَلْنَاهُ خَاصًا بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَلَكِنْ أَخْبَرَنِي الثِّقَةُ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ زَمْعَةَ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّهَا أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهَا ذَكَرَتْ حَدِيثَ سَالِمٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقَالَتْ فِي الْحَدِيثِ: كَانَتْ رُخْصَةً لِسَالِمٍ خَاصَّةً.

15477 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَأَخَذْنَا بِهِ يَقِينًا لَا ظَنًّا. قَالَ أَحْمَدُ: وَإِنَّمَا قَالَ هَذَا؛ لِأَنَّ حَدِيثَ مَالِكٍ مُرْسَلٌ، وَقَدْ وَصَلَهُ عَقِيلُ بْنُ خَالِدٍ، وَشُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، وَيُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ.

15478 -

وَفِيهِ حِكَايَةُ عُرْوَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، وَسَائِرِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَقْطَعْ بِالرُّخْصَةِ أَنَّهَا لِسَالِمٍ خَاصَّةً فِي الْحِكَايَةِ عَنْهُنَّ، وَإِنَّمَا قَالَ: " وَقُلْنَ لِعَائِشَةَ: وَاللَّهِ مَا نَرَى، لَعَلَّهَا رُخْصَةٌ لِسَالِمٍ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دُونَ النَّاسِ. وَهُوَ فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي رَوَاهَا عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ مَقْطُوعٌ بِأَنَّهَا لَهُ خَاصَّةً

⦗ص: 265⦘

15479 -

وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ اللَّيْثِ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ

ص: 262

15479 -

كَمَا أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ شَرِيكٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عَقِيلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ، أَنَّ أُمَّهُ زَيْنَبَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ قَالَتْ: سَمِعْتُ أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تَقُولُ: " أَبَى سَائِرُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُدْخِلْنَ عَلَيْهِنَّ أَحَدًا بِتِلْكَ الرَّضَاعَةِ، وَقُلْنَ لِعَائِشَةَ: وَاللَّهِ مَا نَرَى هَذَا إِلَّا رُخْصَةً أَرْخَصَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِسَالِمٍ خَاصَّةً، فَمَا هُوَ بِدَاخِلٍ عَلَيْنَا أَحَدٌ بِهَذِهِ الرَّضَاعَةِ ". زَادَ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَتِهِ: وَلَا رَائِينَا.

15480 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِذَا كَانَ هَذَا لِسَالِمٍ خَاصَّةً فَالْخَاصُّ لَا يَكُونُ إِلَّا مَخْرَجًا مِنْ حُكْمِ الْعَامِّ، وَلَا يَجُوزُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ رَضَاعُ الْكَبِيرِ لَا يُحَرِّمُ.

15481 -

وَاحْتَجَّ أَيْضًا بِقَوْلِ اللَّهِ عز وجل: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} [البقرة: 233] وَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَهُ غَايَةً، فَالْحُكْمُ بَعْدَ مُضِيِّ الْغَايَةِ فِيهِ غَيْرُهُ قَبْلَ مُضِيِّهَا. وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ

ص: 265

15482 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عُمَرَ وَأَنَا مَعَهُ عِنْدَ دَارِ الْقَضَاءِ، فَسَأَلَهُ عَنْ رَضَاعَةِ الْكَبِيرِ؟ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَالَ: كَانَتْ لِي وَلِيدَةٌ فَكُنْتُ أَطَؤُهَا فَعَمَدَتِ امْرَأَتِي إِلَيْهَا فَأَرْضَعَتْهَا، فَدَخَلْتُ عَلَيْهَا فَقَالَتْ: دُونَكَ، فَقَدْ وَاللَّهِ أَرْضَعْتُهَا، فَقَالَ عُمَرُ:«أَوْجِعْهَا وَائْتِ جَارِيَتَكَ فَإِنَّمَا الرَّضَاعَةُ رَضَاعَةُ الصَّغِيرِ»

ص: 265

15483 -

وَبِإِسْنَادِهِ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ:«لَا رَضَاعَ إِلَّا لِمَنْ أَرْضَعَ فِي الصِّغَرِ»

ص: 266

15484 -

وَبِإِسْنَادِهِ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّ أَبَا مُوسَى قَالَ فِي رَضَاعَةِ الْكَبِيرِ:«مَا أُرَاهَا إِلَّا تُحَرِّمُ» ، فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: انْظُرْ مَا تَفْتِي بِهِ الرَّجُلَ؟ فَقَالَ أَبُو مُوسَى: «فَمَا تَقُولُ أَنْتَ؟» فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: لَا رَضَاعَةَ إِلَّا مَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ. فَقَالَ أَبُو مُوسَى: «لَا تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ مَا كَانَ هَذَا الْحَبْرُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ» .

15485 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَرَوَاهُ أَيْضًا إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ فِي الْحَوْلَيْنِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ

15486 -

وَرُوِيَ عَنْهُ مِنْ أَوْجُهٍ أُخَرَ مَوْصُولًا وَمَقْطُوعًا غَيْرَ مَحْدُودٍ بِالْحَوْلَيْنِ.

15487 -

وَرُوِيَ عَنْهُ مَوْقُوفًا وَمَرْفُوعًا: «لَا رَضَاعَ إِلَّا مَا شَدَّ الْعَظْمَ وَأَنْبَتَ اللَّحْمَ»

ص: 266

15488 -

وَرُوِّينَا فِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«يَا عَائِشَةُ» انْظُرْنَ مَا إِخْوَانُكُنَّ، فَإِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنَ الْمَجَاعَةِ "

ص: 266

15489 -

وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ:«لَا رَضَاعَ إِلَّا مَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ» . وَرُوِيَ ذَلِكَ مَرْفُوعًا، وَالصَّحِيحُ مَوْقُوفٌ

ص: 267

‌الْمُرْضَعُ يُرْضَعُ بِلَبَنِ امْرَأَةٍ حَمَلَتْ مِنْ زِنًا

ص: 268

15490 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: «فَإِنْ وَلَدَتِ امْرَأَةٌ حَمَلَتْ مِنْ زِنًا، فَأَرْضَعَتْ مَوْلُودًا فَهُوَ ابْنُهَا، وَلَا يَكُونُ ابْنَ الَّذِي زَنَى بِهَا، وَأَكْرَهُ لَهُ فِي الْوَرَعِ أَنْ يَنْكِحَ بَنَاتِ الَّذِي وُلِدَ لَهُ مِنْ زِنًا، كَمَا أَكْرَهُهُ لِلْمَوْلُودِ مِنْ زِنًا، وَلَوْ نَكَحَ مِنْ بَنَاتِهِ أَحَدًا لَمْ أَفْسَخْهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِابْنِهِ فِي حُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِابْنِ أَمَةِ زَمْعَةَ لِزَمْعَةَ، وَأَمَرَ سَوْدَةَ أَنْ تَحْتَجِبَ مِنْهُ، لِمَا رَأَى مِنْ شَبَهِهِ بِعُتْبَةَ، فَلَمْ يَرَهَا وَقَدْ مَضَى أَنَّهُ أَخُوهَا حَتَّى لَقِيَتِ اللَّهَ؛ لِأَنَّ تَرْكَ رُؤْيَتِهَا مُبَاحٌ، وَإِنْ كَانَ أَخُوهَا، وَكَذَلِكَ تَرْكُ رُؤْيَتِهَا الْمَوْلُودَ مِنْ نِكَاحِ أُخْتِهِ مُبَاحٌ، وَإِنَّمَا مَنَعَنِي مِنْ فَسْخِهِ أَنَّهُ لَيْسَ بِابْنِهِ إِذَا كَانَ مِنْ زِنًا»

ص: 268

‌بَابُ الشَّهَادَةِ فِي الرَّضَاعِ

ص: 269

15491 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: " لَمْ أَعْلَمْ أَحَدًا مِمَّنْ يَنْسِبُهُ الْعَامَّةُ إِلَى الْعِلْمِ مُخَالِفًا فِي أَنَّ شَهَادَةَ النِّسَاءِ

⦗ص: 270⦘

تَجُوزُ فِيمَا لَا يَحِلُّ لِلرِّجَالِ غَيْرَ ذَوِي الْمَحَارِمِ أَنْ يَتَعَمَّدُوا أَنْ يَرَوْا لِغَيْرِ شَهَادَةٍ، وَقَالُوا ذَلِكَ فِي وِلَادِ الْمَرْأَةِ وَعَيْبِهَا الَّذِي تَحْتَ ثِيَابِهَا، وَالرَّضَاعَةُ عِنْدِي مِثْلَهُ.

15492 -

ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ: وَلَا يَجُوزُ إِلَّا بِأَنْ يَكُنَّ حَرَائِرَ عُدُولًا بَوَالِغَ وَيَكُنَّ أَرْبَعًا؛ لِأَنَّ اللَّهَ إِذَا أَجَازَ شَهَادَتَيْنِ فِي الدِّينِ جَعَلَ امْرَأَتَيْنِ تَقُومَانِ مَقَامَ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ "

ص: 269

15493 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ:«لَا يَجُوزُ مِنَ النِّسَاءِ أَقَلُّ مِنْ أَرْبَعٍ»

ص: 270

15494 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو سَعِيدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَجِيدِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، أَنَّ عُقْبَةَ بْنَ الْحَارِثِ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ نَكَحَ أُمَّ يَحْيَى بِنْتِ أَبِي إِهَابٍ، فَقَالَتْ أَمَةٌ سَوْدَاءُ: قَدْ أَرْضَعْتُكُمَا قَالَ: فَجِئْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَأَعْرَضَ فَتَنَحَّيْتُ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ:«وَكَيْفَ وَقَدْ زَعَمَتْ أَنَّهَا أَرْضَعَتْكُمَا؟»

⦗ص: 271⦘

أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَأَيُّوبَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ أَبِي حُسَيْنٍ قَالَ: كَيْفَ وَقَدْ قِيلَ؟.

15495 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو سَعِيدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: إِعْرَاضُهُ صلى الله عليه وسلم يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ لَمْ يَرَ هَذَا شَهَادَةً تُلْزِمُهُ، وَقَوْلُهُ:«وَكَيْفَ وَقَدْ زَعَمَتْ أَنَّهَا أَرْضَعَتْكُمَا؟» ، يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ كَرِهَ لَهُ أَنْ يُقِيمَ مَعَهَا، وَقَدْ قِيلَ أَنَّهَا أُخْتُهُ مِنَ الرَّضَاعَةِ، وَهَذَا مَعْنَى مَا قُلْنَا مِنْ أَنْ يَتْرُكَهَا وَرَعًا لَا حُكْمًا.

15496 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي حَدِيثَيْنِ مُرْسَلَيْنِ عَنْهُ أَنَّهُ لَمْ يَقْبَلْ شَهَادَةَ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ فِي الرَّضَاعِ، وَقَالَ فِي رِوَايَةِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ لِزَوْجِهَا: دُونَكَ امْرَأَتَكَ.

15497 -

وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: يَجُوزُ فِيهِ رَجُلَانِ، وَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ

ص: 270

‌27 - كِتَابُ النَّفَقَاتِ

ص: 273

‌بَابُ وَجُوبِ النَّفَقَةِ لِلزَّوْجَةِ

ص: 275

15498 -

أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، إِجَازَةً، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ الْأَصَمِّ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى: " {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا} [النساء: 3]

⦗ص: 276⦘

.

15499 -

قَالَ: وَقَوْلُ اللَّهِ: {ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا} [النساء: 3] يَدُلُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ عَلَى أَنَّ عَلَى الزَّوْجِ نَفَقَةَ امْرَأَتِهِ، وَقَوْلُهُ:{أَلَّا تَعُولُوا} [النساء: 3] أَنْ لَا تُكْثِرُوا مَنْ تَعُولُوا إِذِ اقْتَصَرَ الْمَرْءُ عَلَى وَاحِدَةٍ، وَإِنْ أَبَاحَ لَهُ أَكْثَرَ مِنْهَا "

15500 -

وَقَدْ أَخْبَرَنَا بِهِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ قِرَاءَةً عَلَيْهِ.

15501 -

قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: {أَلَّا تَعُولُوا} [النساء: 3]: فَذَكَرَهُ

15502 -

قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ رُوِّينَا هَذَا التَّفْسِيرَ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ فِي قَوْلِهِ:{ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا} [النساء: 3] قَالَ: «ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ لَا يَكْثُرَ مَنْ تَعُولُونَهُ»

ص: 275

15503 -

أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو طَالِبٍ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى الصَّدَفِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، وَأَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، إِجَازَةً، أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الثَّعَالِبِيُّ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ فِي قَوْلِهِ:" {أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا} [النساء: 3] أَيْ لَا تُكْثِرُوا عِيَالِكُمْ ".

15504 -

وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي عُمَرَ، غُلَامِ ثَعْلَبٍ أَنَّهُ ذَكَرَهُ لِثَعْلَبٍ فَقَالَ: أَحْسَنَ هُوَ لُغَةً

⦗ص: 277⦘

،

15505 -

وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ التَّفْسِيرِ: هُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ عَوْلِ الْفَرِيضَةِ إِذَا كَثُرَتْ سِهَامُهَا فَقَصَرَتْ عَنِ الْوَفَاءِ بِحُقُوقٍ دُونَ الْمِيرَاثِ.

15506 -

فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: {ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا} [النساء: 3] أَيْ لَا يَكْثُرُ مَا يَلْزَمُكُمْ مِنَ النَّفَقَةِ فَتُقَصِّرَ عَنِ الْوَفَاءِ بِجَمِيعِ حُقُوقِ نِسَائِكُمْ، بَلَغَنِي عَنِ ابْنِ الْأَنْبَارِيِّ أَنَّهُ ذَهَبَ إِلَى هَذَا الْمَعْنَى

ص: 276

15507 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْفَقِيهَ، يَقُولُ: سَأَلْتُ أَبَا عُمَرَ غُلَامَ ثَعْلَبٍ الَّذِي لَمْ تَرَ عَيْنَايَ مِثْلَهُ عَنْ حُرُوفٍ أُخِذَتْ عَلَى الشَّافِعِيِّ، مِثْلَ قَوْلِهِ: مَاءٌ مَالِحٌ، وَمِثْلَ قَوْلِهِ:{ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا} [النساء: 3] أَيْ لَا يَكْثُرُ مَنْ تَعُولُونَ، وَقَوْلِهِ:«مَعَ أَنْ يَكُونَ كَذَا وَكَذَا» ، فَقَالَ لِي: " كَلَامُ الشَّافِعِيِّ صَحِيحٌ، سَمِعْتُ أَبَا الْعَبَّاسِ ثَعْلَبًا يَقُولُ: تَأْخُذُونَ عَلَى الشَّافِعِيِّ وَهُوَ مِنْ بَيْتِ اللُّغَةِ يَجِبُ أَنْ يُؤْخَذَ عَنْهُ

ص: 277

15508 -

أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ هِنْدَ بِنْتَ عُتْبَةَ، أَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ وَلَيْسَ لِي مِنْهُ إِلَّا مَا يُدْخِلُ عَلَيَّ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ»

ص: 277

15509 -

وَبِإِسْنَادِهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا حَدَّثَتْهُ، أَنَّ هِنْدًا أُمَّ مُعَاوِيَةَ جَاءَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم

⦗ص: 278⦘

فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ وَإِنَّهُ لَا يُعْطِينِي مَا يَكْفِينِي وَوَلَدِي إِلَّا مَا أَخَذْتُ مِنْهُ سِرًّا وَهُوَ لَا يَعْلَمُ، فَهَلْ عَلَيَّ فِي ذَلِكَ مِنْ شَيْءٍ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ» . أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ، مِنْ حَدِيثِ هِشَامٍ

ص: 277

15510 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عِنْدِي دِينَارٌ قَالَ:«أَنْفِقْهُ عَلَى نَفْسِكِ» قَالَ: عِنْدِي آخَرُ قَالَ: «أَنْفِقْهُ عَلَى وَلَدِكَ» قَالَ: عِنْدِي آخَرُ قَالَ: «أَنْفِقْهُ عَلَى أَهْلِكَ» قَالَ: عِنْدِي آخَرُ قَالَ: «أَنْفِقْهُ عَلَى خَادِمِكَ» قَالَ: عِنْدِي آخَرُ قَالَ: «أَنْتَ أَعْلَمُ» .

15511 -

قَالَ سَعِيدٌ: ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ: إِذَا حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ، يَقُولُ وَلَدُكَ: أَنْفِقْ عَلَيَّ إِلَى مَنْ تَكِلُنِي، تَقُولُ زَوْجَتُكَ: أَنْفِقْ عَلَيَّ أَوْ طَلِّقْنِي، يَقُولُ خَادِمُكَ: أَنْفِقْ عَلَيَّ أَوْ بِعْنِي

ص: 278

‌بَابُ قَدْرِ النَّفَقَةِ

ص: 279

15512 -

أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، إِجَازَةً، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ، حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى: " لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ، وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ الْآيَةَ، فَذَكَرَ نَفَقَةَ الْمُقْتِرِ وَالْمُوسِعِ، ثُمَّ قَالَ: وَإِنَّمَا جَعَلْتُ أَقَلَّ الْفَرْضِ مُدًّا بِالدَّلَالَةِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي دَفْعِهِ إِلَى الَّذِي أَصَابَ أَهْلَهُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ عَرَقًا فِيهِ خَمْسَةُ عَشَرَ صَاعًا لِسِتِّينَ مِسْكِينًا، فَكَانَ ذَلِكَ مُدًّا مُدًّا لِكُلِّ مِسْكِينٍ.

15513 -

وَالْعَرَقُ: خَمْسَةُ عَشَرَ صَاعًا، عَلَى كُلِّ ذَلِكَ يَعْمَلُ لِيَكُونَ أَرْبَعَةَ أَعْرَاقٍ وَسَقًا، وَلَكِنَّ الَّذِي حَدَّثَهُ أَدْخَلَ الشَّكَّ فِي الْحَدِيثِ خَمْسَةَ عَشَرَ أَوْ عِشْرِينَ صَاعًا

15514 -

قَالَ أَحْمَدُ: هَذَا الشَّكُّ إِنَّمَا هُوَ فِي رِوَايَةِ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ

ص: 279

15515 -

وَقَدْ رُوِّينَاهُ عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ طَلْقِ بْنِ حَبِيبٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، " خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ تَكُونُ سِتِّينَ رُبُعًا، فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ. فَقَالَ:«أَطْعِمْ هَذَا سِتِّينَ مِسْكِينًا» .

15516 -

وَرُوِّينَا فِي حَدِيثِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي قِصَّةِ الْمُجَامِعِ

15516 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِنَّمَا جَعَلْتُ أَكْثَرَ مَا فَرَضْتُ مُدَّيْنِ مُدَّيْنِ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ مَا جَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي فِدْيَةِ الْكَفَّارَةِ لِلْأَذَى مُدَّيْنِ لِكُلِّ مِسْكِينٍ وَبَيْنَهُمَا وَسَطٌ، فَلَمْ أُقَصِّرْ عَنْ هَذَا وَلَمْ أُجَاوِزْ هَذَا، مَعَ أَنَّ مَعْلُومًا أَنَّ الْأَغْلَبَ أَنَّ أَقَلَّ الْقُوتِ مُدًّا، وَأَنَّ أَوْسَعَهُ مُدَّانِ.

15517 -

قَالَ: وَالْفَرْضُ عَلَى الْمُتَوَسِّطِ الَّذِي لَيْسَ بِالْمُوسِعِ وَلَا الْمُقْتِرِ مَا بَيْنَهُمَا: مُدًّا وَنِصْفًا لِلْمَرْأَةِ.

15518 -

وَذَكَرَ مِنَ الْأَدَمِ وَالْكِسْوَةِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَا هُوَ الْمَعْرُوفُ بِبَلَدِهَا

ص: 280

‌غِيبَةُ الزَّوْجِ عَنِ الْمَرْأَةِ بَعْدَ التَّخْلِيَةِ

ص: 281

15519 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، «كَتَبَ إِلَى أُمَرَاءِ الْأَجْنَادِ فِي رِجَالٍ غَابُوا عَنْ نِسَائِهِمْ يَأْمُرَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوهُمْ بِأَنْ يُنْفِقُوا أَوْ يُطَلِّقُوا، فَإِنْ طَلَّقُوا بَعَثُوا بِنَفَقَةِ مَا حَبَسُوا»

ص: 281

‌بَابُ الرَّجُلِ لَا يَجِدُ نَفَقَةَ زَوْجَتِهِ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا

ص: 282

15520 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: لَمَّا كَانَ مِنْ فَرَضِ اللَّهِ عَلَى الزَّوْجِ نَفَقَةُ الْمَرْأَةِ

⦗ص: 283⦘

، وَمَضَتْ بِذَلِكَ سَنَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالْآثَارُ وَالِاسْتِدْلَالُ بِالسُّنَّةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ حَبْسُهَا عَلَى نَفْسِهِ يَسْتَمْتِعُ بِهَا وَمَنْعُهَا عَنْ غَيْرِهِ تَسْتَغْنِي بِهِ، وَهُوَ مَانِعٌ لَهَا فَرْضًا عَلَيْهِ عَاجِزٌ عَنْ تَأْدِيَتِهِ، وَكَانَ حَبْسُ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ يَأْتِي عَلَى نَفْسِهَا فَتَمُوتُ عَلَى نَفْسِهَا جُوعًا وَعَطَشًا وَعُرْيًا قَالَ: فَأَيْنَ الدَّلَالَةُ عَلَى التَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا.

15521 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: قُلْتُ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: «إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم» أَمَرَ الزَّوْجَ بِالنَّفَقَةِ عَلَى أَهْلِهِ "، وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: تَقُولُ امْرَأَتُكَ أَنْفِقْ عَلَيَّ أَوْ طَلِّقْنِي، وَيَقُولُ خَادِمُكَ: أَنْفِقْ عَلَيَّ أَوْ بِعْنِي.

15522 -

قَالَ: فَهَذَا بَيَانٌ أَنَّ عَلَيْهِ طَلَاقَهَا، قُلْتُ: أَمَّا بِنَصٍّ فَلَا، وَأَمَّا بِالِاسْتِدْلَالِ فَهُوَ يُشْبِهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

15523 -

وَقُلْتُ لَهُ: فَمَا تَقُولُ فِي خَادِمٍ لَهُ لَا عَمِلَ فِيهَا بِزَمَانِهِ عَجَزَ عَنْ نَفَقَتِهَا؟ قَالَ: نَبِيعُهَا عَلَيْهِ

ص: 282

15524 -

قُلْتُ: فَإِذَا صَنَعْتُ هَذَا فِي مِلْكِهِ، كَيْفَ لَا تَصْنَعُهُ فِي امْرَأَتِهِ الَّتِي لَيْسَتْ بِمِلْكٍ لَهُ؟ قَالَ: فَهَلْ شَيْءٌ أَبْيَنُ مِنْ هَذَا؟ قُلْتُ: فَذَكَرَ الْحَدِيثَ الَّذِي: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، قَالَ: سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ عَنِ " الرَّجُلِ لَا يَجِدُ مَا يُنْفِقُ عَلَى امْرَأَتِهِ؟ قَالَ: «يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا» قَالَ أَبُو الزِّنَادِ: قُلْتُ: سُنَّةٌ؟ فَقَالَ سَعِيدٌ: «سُنَّةٌ»

⦗ص: 284⦘

.

15525 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَالَّذِي يُشْبِهُ قَوْلَ سَعِيدٍ: سُنَّةٌ، أَنْ يَكُونَ سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ص: 283

15526 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَقَدْ رُوِيَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ مَنْصُورٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فِي " الرَّجُلِ لَا يَجِدُ مَا يُنْفِقُ عَلَى امْرَأَتِهِ؟ قَالَ:«يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا» .

15527 -

قَالَ: وَحَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَاصِمِ ابْنِ بَهْدَلَةَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِهِ. أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ بَالَوَيْهِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَزَّازُ، وأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ السَّمَّاكِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَزَّازُ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبَارُودِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، فَذَكَرَاهُ

ص: 284

15528 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، حَدَّثَنَا الرَّبِيعٌ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، «كَتَبَ إِلَى أُمَرَاءِ الْأَجْنَادِ فِي رِجَالٍ غَابُوا عَنْ نِسَائِهِمْ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوهُمْ بِأَنْ يُنْفِقُوا أَوْ يُطَلِّقُوا، فَإِنْ طَلَّقُوا بَعَثُوا بِنَفَقَةِ مَا حَبَسُوا»

⦗ص: 285⦘

.

15529 -

ثُمَّ جَعَلَ الشَّافِعِيُّ فَقْدَ النَّفَقَةِ أَشَدَّ مِنْ فَقْدِ الْجِمَاعِ بِالْعِنَّةِ، وَإِذَا عَجَزَ عَنْ إِصَابَةِ امْرَأَتِهِ أُجِّلَ سَنَةً، ثُمَّ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا إِنْ شَاءَتْ، فَإِنْ كَانَتِ الْحُجَّةُ فِيهِ الرِّوَايَةَ عَنْ عُمَرَ فَإِنَّ قَضَاءَ عُمَرَ بِأَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الزَّوْجِ وَامْرَأَتِهِ إِذَا لَمْ يُنْفِقْ عَلَيْهَا أَثْبَتُ عَنْهُ؛ لِأَنَّ خَبَرَ الْعِنِّينِ عَنْ عُمَرَ مُنْقَطِعٌ، وَخَبَرُ التَّفْرِقَةِ عَنْهُ مَوْصُولٌ، فَكَيْفَ رَدَدْتَ هَذَا وَلَمْ يُخَالِفْهُ فِيهِ أَحَدٌ عَلِمْتَهُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَبِلْتَ قَضَاءَهُ فِي الْعِنِّينِ وَأَنْتَ تَزْعُمُ أَنَّ عَلِيًّا يُخَالِفُهُ، وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ

ص: 284

‌بَابٌ فِي الَّتِي لَا يَمْلِكُ زَوْجُهَا الرَّجْعَةَ

ص: 286

15530 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى فِي الْمُطَلَّقَاتِ: " {وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 6].

15531 -

فَدَلَّتْ عَلَى أَنَّ النَّفَقَةَ لِلْمُطَلَّقَةِ الْحَامِلِ دُونَ الْمُطَّلَقَاتِ سِوَاهَا إِلَّا أَنْ يَجْمَعَ النَّاسَ عَلَى مُطْلَقَةٍ تُخَالِفُ الْحَامِلَ فَيُنْفِقُ عَلَيْهَا بِالْإِجْمَاعِ دُونَ غَيْرِهَا، وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِي بَيَانِ هَذَا. قِيلَ: فَلِمَ لَا تَكُونُ الْمَبْتُوتَةُ قِيَاسًا عَلَيْهَا؟ يَعْنِي عَلَى الرَّجْعِيَّةِ قَالَ: أَرَأَيْتَ الَّتِيَ يَمْلِكُ زَوْجُهَا رَجْعَتَهَا فِي عِدَّتِهَا أَلَيْسَ يَمْلِكُ عَلَيْهَا أَمَرَهَا إِنْ شَاءَ؟ وَيَقَعُ عَلَيْهَا إِيلَاؤُهُ وَظِهَارُهُ وَلِعَانُهُ؟ وَيَتَوَارَثَانِ؟ وَهِيَ فِي مَعْنَى الْأَزْوَاجِ فِي أَكْثَرِ أَمْرِهَا؟ أَفَتَجِدُ كَذَلِكَ الْمَبْتُوتَةَ؟ وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ، ثُمَّ احْتَجَّ بِمَا "

ص: 286

15532 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ، مَوْلَى الْأَسْوَدِ بْنِ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، أَنَّ أَبَا عَمْرِو بْنَ حَفْصِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، طَلَّقَهَا الْبَتَّةَ وَهُوَ غَائِبٌ بِالشَّامِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا وَكِيلَهُ بِشَعِيرٍ، فَسَخِطَتْهُ، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا لَكِ عَلَيْنَا مِنْ شَيْءٍ، فَجَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ. فَقَالَ لَهَا: «لَيْسَ لَكِ عَلَيْهِ نَفَقَةٌ» وَأَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ أُمِّ شَرِيكٍ، ثُمَّ قَالَ:«تِلْكَ امْرَأَةٌ يَغْشَاهَا أَصْحَابِي، فَاعْتَدِّي عِنْدَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ فَإِنَّهُ رَجُلٌ أَعْمَى تَضَعِينَ ثِيَابَكِ، فَإِذَا حَلَلْتِ فَأْذَنِينِي» قَالَتْ: فَلَمَّا حَلَلْتُ ذَكَرْتُ لَهُ أَنَّ مُعَاوِيَةَ، وَأَبَا جَهْمٍ خَطَبَاهَا فَقَالَ:«أَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَلَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ، وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لَا مَالَ لَهُ، انْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ» . قَالَتْ: فَكَرِهْتُهُ، ثُمَّ قَالَ:«انْكِحِي أُسَامَةَ» ، فَنَكَحْتُهُ، فَجَعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا وَاغْتَبَطْتُ بِهِ ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ.

15533 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: فَقَالَ، يَعْنِي مَنْ كَلَّمَهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، فَإِنَّكُمْ تَرَكْتُمْ حَدِيثَ فَاطِمَةَ، هِيَ قَالَتْ: قَالَ لِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لَا سُكْنَى لَكِ وَلَا نَفَقَةَ» ، فَقُلْتُ لَهُ: مَا تَرَكْنَا مِنْ حَدِيثِ فَاطِمَةَ حَرْفًا قَالَ: إِنَّا حُدِّثْنَا عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا سُكْنَى لَكِ وَلَا نَفَقَةَ» فَقُلْنَا: لَكِنَّا لَمْ نُحَدَّثْ هَذَا عَنْهَا، وَلَوْ كَانَ مَا حُدِّثْتُمْ عَنْهَا كَمَا حَدَّثْتُمْ كَانَ عَلَى مَا قُلْنَا، وَعَلَى خِلَافِ مَا قُلْتُمْ قَالَ: وَكَيْفَ قُلْتَ؟ أَمَّا حَدِيثُنَا فَصَحِيحٌ عَلَى وَجْهِهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا نَفَقَةَ لَكِ عَلَيْهِ» وَأَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ.

15534 -

وَلَوْ كَانَ فِي حَدِيثِهَا إِحْلَالُهُ لَهَا أَنْ تَعْتَدَّ حَيْثُ شَاءَتْ لَمْ يُحْظَرْ عَلَيْهَا أَنْ تَعْتَدَّ حَيْثُ شَاءَتْ، فَقَالَ: وَكَيْفَ أَخْرَجَهَا مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا وأَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ فِي

⦗ص: 288⦘

بَيْتِ غَيْرِهِ؟ قُلْتُ: لِعِلَّةٍ لَمْ تَذْكُرْهَا فَاطِمَةُ كَأَنَّهَا اسْتَحَيَتْ مِنْ ذِكْرِهَا، وَقَدْ ذَكَرَهَا غَيْرُهَا قَالَ: وَمَا هِيَ؟ قُلْتُ: كَانَ فِي لِسَانِهَا ذَرَبٌ، فَاسْتَطَالَتْ عَلَى أَحْمَائِهَا اسْتِطَالَةً تَفَاحَشَتْ، فَأَمَرَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ قَالَ: فَهَلْ مِنْ دَلِيلٍ عَلَى مَا قُلْتَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، مِنَ الْكِتَابِ وَالْخَبَرِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِهَا قَالَ: فَاذْكُرْهُ، قُلْتُ: قَالَ اللَّهُ عز وجل: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [الطلاق: 1]

ص: 287

15535 -

وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ عز وجل:{إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [النساء: 19] قَالَ: «أَنْ تَبْذُوَ عَلَى أَهْلِ زَوْجِهَا، فَإِذَا بَذَتْ فَقَدْ حَلَّ إِخْرَاجُهَا»

15536 -

فَقَالَ: هَذَا تَأْوِيلٌ، وَقَدْ يَحْتَمِلُ مَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَيَحْتَمِلُ غَيْرُهُ أَنْ تَكُونَ الْفَاحِشَةُ خُرُوجَهَا، وَأَنْ تَكُونَ الْفَاحِشَةُ خُرُوجُهَا لِلْحَدِّ، فَقُلْتُ لَهُ: فَإِذَا احْتَمَلَتِ الْآيَةُ مَا وَصَفْتَ، فَأَيُّ الْمَعَانِي أَوْلَى بِهَا؟.

15537 -

قَالَ: مَعْنَى مَا وَافَقَتْهُ السُّنَّةُ، قُلْتُ لَهُ: قَدْ ذَكَرْتُ لَكَ السُّنَّةَ فِي فَاطِمَةَ وَأَوْجَدْتُكَ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ص: 288

15538 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابٍ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُ مِنْ إِنْكَارِهِ ذَلِكَ عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ فَهُوَ فِيمَا: أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو أَحْمَدَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ رُزَيْقٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: كُنْتُ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ مَعَ الْأَسْوَدِ فَقَالَ: أَتَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ

⦗ص: 289⦘

قَيْسٍ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَقَالَ: «مَا كُنَّا لِنَدَعَ كِتَابَ رَبِّنَا وَسُنَّةَ نَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم لِقَوْلِ امْرَأَةٍ لَا نَدْرِي أَحَفِظَتْ ذَلِكَ أَمْ لَا» .

15539 -

وَهَذَا حَدِيثٌ رَوَاهُ أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ رُزَيْقٍ، هَكَذَا، وَزَادَ فِيهِ بَعْضَهُمْ عَنْ أَبِي أَحْمَدَ، قَوْلَ عُمَرَ غَيْرَ مَرْفُوعٍ:«لَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ» قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [الطلاق: 1]. وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَبَلَةَ، عَنْ أَبِي أَحْمَدَ.

15540 -

وذَهَبَ غَيْرُهُ مِنَ الْحُفَّاظِ إِلَى أَنَّ قَوْلَهُ: وَسُنَّةَ نَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم، غَيْرُ مَحْفُوظٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ.

15541 -

فَقَدْ رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ آدَمَ، وَغَيْرُهُ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ رُزَيْقٍ فِي السُّكْنَى دُونَ هَذِهِ اللَّفْظَةِ.

15542 -

وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عُمَرَ، دُونَ قَوْلِهِ:«وَسُنَّةِ نَبِيِّنَا» إِنَّمَا ذَكَرَهُ أَبُو أَحْمَدَ، عَنْ عَمَّارٍ، وَأَشْعَثَ، عَنِ الْحَكَمِ وَحَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عُمَرَ وَالْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْخَلِيلِ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ عُمَرَ

⦗ص: 290⦘

.

15543 -

قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الدَّارُقُطْنِيُّ الْحَافِظُ رحمه الله، فِيمَا أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، وَغَيْرُهُ عَنْهُ: هَذَا الْكَلَامُ لَا يَثْبُتُ، وَيَحْيَى بْنُ آدَمَ أَحْفَظُ مِنْ أَبِي أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيِّ وَأَثْبَتُ مِنْهُ، وَقَدْ تَابَعَهُ قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ، فَرَوَاهُ عَنْ عَمَّارِ بْنِ رُزَيْقٍ، مِثْلَ قَوْلِ يَحْيَى بْنِ آدَمَ سَوَاءٌ،

15544 -

وَالْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ مَتْرُوكٌ،

15545 -

وَأَشْعَثُ بْنُ سَوَّارٍ ضَعِيفٌ.

15546 -

وَرَوَاهُ الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، دُونَ قَوْلِهِ: وَسُنَّةِ نَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم.

15547 -

وَالْأَعْمَشُ أَثْبَتُ مِنْ أَشْعَثَ وَأَحْفَظُ مِنْهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

15548 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَإِنَّمَا يُعْرَفُ هَذَا اللَّفْظُ الزَّائِدُ، عَنْ عُمَرَ مِنْ رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ وَالْحَكَمِ، عَنْ عُمَرَ مُرْسَلًا، وَفِي حَدِيثِ هُشَيْمٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ أَنَّهُ ذَكَرَ عِنْدَ الشَّعْبِيِّ قَوْلَ عُمَرَ هَذَا، فَقَالَ الشَّعْبِيُّ: امْرَأَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ ذَاتُ عَقْلٍ وَرَأْيٍ تَنْسَى قَضَاءً قُضِيَ بِهِ عَلَيْهَا. قَالَ: وَكَانَ الشَّعْبِيُّ يَأْخُذُ بِقَوْلِهَا.

15549 -

وَفِيمَا أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَطَّةَ الْأَصْبَهَانِيِّ، عَنْ أَبِي حَامِدٍ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرٍ الْأَشْعَرِيِّ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ قَالَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ، وَذَكَرَ، لَهُ قَوْلَ عُمَرَ: لَا نَدَعُ كِتَابَ رَبِّنَا وَسُنَّةَ نَبِيِّنَا، قُلْتُ: يَصِحُّ هَذَا عَنْ عُمَرَ؟ قَالَ: لَا.

15550 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ: قَالَ قَائِلٌ: فَإِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ اتَّهَمَ حَدِيثَ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، وَقَالَ:«لَا نَدَعُ كِتَابَ رَبِّنَا لِقَوْلِ امْرَأَةٍ» ، قُلْنَا: لَا نَعْرِفُ أَنَّ عُمَرَ اتَّهَمَهَا، وَمَا كَانَ فِي حَدِيثِهَا مَا يُتَّهَمُ لَهُ مَا حَدَّثَ إِلَّا بِمَا لَا تُحِبُّ وَهِيَ امْرَأَةٌ

⦗ص: 291⦘

مِنَ الْمُهَاجِرِينَ لَهَا شَرَفٌ وَعَقْلٌ وَفَضْلٌ، وَلَوْ رُدَّ شَيْءٌ مِنْ حَدِيثَهَا، كَانَ إِنَّمَا يُرَدُّ مِنْهُ أَنَّهُ أَمَرَهَا بِالْخُرُوجِ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا، فَلَمْ تَذْكُرْ هِيَ لِمَ أُمِرَتْ بِذَلِكَ، وَإِنَّمَا أُمِرَتْ بِهِ لِأَنَّهَا اسْتَطَالَتْ عَلَى أَحْمَائِهَا، " فَأُمِرَتْ بِالتَّحَوُّلِ عَنْهُمْ لِلشَّرِّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُمْ، وَلَمْ تُؤْمَرْ أَنْ تَعْتَدَّ حَيْثُ شَاءَتْ، إِنَّمَا أُمِرَتْ أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ؛ لِأَنَّ مِنْ حَقِّ الزَّوْجِ أَنْ تُحْصَنَ لَهُ حَتَّى تَنْقَضِي الْعِدَّةُ، فَلَمَّا جَاءَ عُذْرٌ حُصِنَتْ فِي غَيْرِ بَيْتِهِ، فَكَأَنَّهُمْ أَحَبُّوا لَهَا ذِكْرَ السَّبَبِ الَّذِي أُخْرِجَتْ لَهُ لِئَلَّا يَذْهَبَ ذَاهِبٌ إِلَى أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَضَى أَنْ تَعْتَدَّ الْمَبْتُوتَةُ حَيْثُ شَاءَتْ فِي غَيْرِ بَيْتِ زَوْجِهَا.

15551 -

ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ: وَمَا نَعْلَمُ فِي كِتَابِ اللَّهِ ذِكْرَ نَفَقَةٍ إِنَّمَا فِي كِتَابِ اللَّهِ ذِكْرَ السُّكْنَى.

15552 -

ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، وَقَوْلَ مَرْوَانَ لِعَائِشَةَ، وَقَدْ مَضَى فِي كِتَابِ الْعُدَدِ.

15553 -

قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ رُوِّينَا فِي حَدِيثِ عُمَرَ أَنَّهُ تَلَا عِنْدَ ذَلِكَ قَوْلَ اللَّهِ عز وجل: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [الطلاق: 1] وَذَلِكَ يُؤَكِّدُ مَا قَالَ الشَّافِعِيُّ

ص: 288

15554 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: أَيْنَ تَعْتَدُّ الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا؟ قَالَ: «تَعْتَدُّ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا» قَالَ: قُلْتُ: أَلَيْسَ قَدْ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ؟ قَالَ: «تِلْكَ الْمَرْأَةُ الَّتِي فَتَنَتِ النَّاسَ، إِنَّهَا اسْتَطَالَتْ عَلَى أَحْمَائِهَا بِلِسَانِهَا، فَأَمَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، وَكَانَ رَجُلًا كَفِيفَ الْبَصَرِ»

⦗ص: 292⦘

.

15555 -

وَرُوِّينَا عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ فِي خُرُوجِ فَاطِمَةَ قَالَ: «إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ سُوءِ الْخُلُقِ» .

15556 -

وَفِي قِصَّةِ عَائِشَةَ وَمَرْوَانَ مَا دَلَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ لِلشَّرِّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُمْ.

15557 -

وَهَذَا كُلُّهُ يُؤَكِّدُ مَا قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَقَدْ أَتَى عَلَى جَوَّابِ مَا عُورِضَ بِهِ فِيمَا احْتَجَّ بِهِ وَلَمْ يَدَعْ لِقَائِلٍ فِيهِ مَغْمَزًا، فَأَمَّا إِنْكَارُ مَنْ أَنْكَرَ عَلَيْهِ إِنْكَارَهُ رِوَايَةَ مَنْ رَوَى فِي حَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ:«لَا سُكْنَى لَكِ وَلَا نَفَقَةَ» ، وَأَنَّهُ لَمْ يَرْوِ الْحَدِيثَ بِتَمَامِهِ، فَهُوَ قَدْ رَوَى الْحَدِيثَ بِتَمَامِهِ كَمَا سَمِعَهُ، وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ، وَلَا أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ.

15558 -

وَالزُّهْرِيُّ أَحْفَظُ مَنْ رَوَاهُ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِهِ.

15559 -

وَلَا يُعَابُ الْعَالِمُ بِالسُّكُوتِ عَمَّا لَمْ يَسْمَعْ، إِنَّمَا يُعَابُ بِتَرْكِ مَا سَمِعَ مِنْ غَيْرِ حُجَّةٍ أَوْ رِوَايَةِ مَا لَمْ يَسْمَعْ.

15560 -

ثُمَّ إِنَّهُ لَمْ يَقْصُرْ عَلَى الْإِنْكَارِ حَتَّى تَكَلَّمَ عَلَيْهِ وَبَيَّنَ بِمَا تَلَا مِنَ الْآيَةِ.

15561 -

وَرَوَى مِنْ تَأْوِيلِ ابْنِ عَبَّاسٍ.

15562 -

وَحَكَى عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، وَغَيْرِهِ أَنَّهَا لَمْ تُسْتَحِقَّ السُّكْنَى فِي بَيْتِ زَوْجِهَا لِاسْتِطَالَتِهَا بِلِسَانِهَا عَلَى أَحْمَائِهَا، وَأَنَّ قَوْلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي السُّكْنَى خَرَجَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، وَلَمْ يُقَلِّدْ ظَنًّا مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ حَتَّى أَقَامَ الْحُجَّةَ عَلَى أَنْ يَقُولَ:«لَا سُكْنَى» خَرَجَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، وَأَنَّ إِنْكَارَ مَنْ أَنْكَرَ عَلَيْهَا وَقَعَ عَلَى كِتْمَانِهَا سَبَبَ الْإِخْرَاجِ، وَلَمْ نَجِدْ فِي قَوْلِهِ:«لَا نَفَقَةَ لَكِ» ، وَجْهًا نَحْمِلُهُ عَلَيْهِ

⦗ص: 293⦘

سِوَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ ظَاهِرُهُ، بَلْ وَجَدْنَا فِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ مَا يُؤَكِّدُهُ وَيَجْعَلُهُ مُوَافِقًا لَمَّا دَلَّ عَلَيْهِ كِتَابُ اللَّهِ عز وجل مِنَ الْإِنْفَاقِ عَلَى أُولَاتِ الْأَحْمَالِ دُونَ غَيْرِهِنَّ

ص: 291

15563 -

أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ وَهُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: أَرْسَلَ مَرْوَانُ إِلَى فَاطِمَةَ يَسْأَلُهَا، فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا كَانَتْ عِنْدَ ابْنِ حَفْصٍ وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبِ عَلَى بَعْضِ الْيَمَنِ، فَخَرَجَ مَعَهُ زَوْجُهَا، فَبَعَثَ إِلَيْهَا بِتَطْلِيقَةٍ كَانَتْ بَقِيَتْ لَهَا، وَأَمَرَ عَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ، وَالْحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ أَنْ يُنْفِقَا عَلَيْهَا، فَقَالَا: وَاللَّهِ مَا لَهَا نَفَقَةٌ إِلَّا أَنْ تَكُونَ حَامِلًا، فَأَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:«لَا نَفَقَةَ لَكِ إِلَّا أَنْ تَكُونِيَ حَامِلًا» . وَاسْتَأْذَنَتْهُ فِي الِانْتِقَالِ، فَأَذِنَ لَهَا، فَقَالَتْ: أَيْنَ انْتَقِلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «عِنْدَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ» وَكَانَ أَعْمَى تَضَعُ ثِيَابَهَا عِنْدَهُ فَلَا يُبْصِرُهَا، فَلَمْ تَزَلْ هُنَالِكَ حَتَّى قُضِيَتْ عِدَّتُهَا، فَأَنْكَحَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أُسَامَةَ، فَرَجَعَ قَبِيصَةُ، يَعْنِي إِلَى مَرْوَانَ، فَأَخْبَرَهُ ذَلِكَ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ

ص: 293

15564 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَجِيدِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ:«نَفَقَةُ الْمُطَلَّقَةِ مَا لَمْ تُحَرَّمْ، فَإِذَا حُرِّمَتْ فَمَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ»

ص: 293

15565 -

وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَجِيدِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قَالَ عَطَاءٌ: «لَيْسَتِ الْمَبْتُوتَةُ الْحُبْلَى مِنْهُ فِي شَيْءٍ، إِلَّا أَنَّهُ يُنْفِقُ عَلَيْهَا مِنْ أَجْلِ الْحَبَلِ، فَإِذَا كَانَتْ غَيْرَ حُبْلَى فَلَا نَفَقَةَ لَهَا»

15566 -

وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ فِي الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا:«لَيْسَ لَهَا نَفَقَةٌ»

ص: 294

ص: 294

‌بَابُ النَّفَقَةِ عَلَى الْأَقَارِبِ

ص: 295

15567 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى: " {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ، وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 233]، وَقَالَ: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} [الطلاق: 6] "

ص: 295

15568 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ هِنْدًا قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ وَلَيْسَ لِي إِلَّا مَا أَدْخَلَ عَلَيَّ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ»

⦗ص: 296⦘

. أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ هِشَامٍ.

15569 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَفِي كِتَابِ اللَّهِ ثُمَّ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيَانٌ أَنَّ الْإِجَارَاتِ جَائِزَةٌ عَلَى مَا يَعْرِفُ النَّاسُ إِذْ قَالَ اللَّهُ: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: 6]

15570 -

وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِي تَبْيِينِهِ. قَالَ: وَبَيَانُ أَنَّ عَلَى الْوَالِدِ نَفَقَةَ الْوَلَدِ دُونَ أُمِّهِ، كَانَتْ أُمُّهُ مُتَزَوِّجَةً أَوْ مُطَلَّقَةً.

15571 -

وَفِي هَذَا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ النَّفَقَةَ لَيْسَتْ عَلَى الْمِيرَاثِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْأُمَّ وَارِثَةٌ وَفَرْضُ النَّفَقَةِ وَالرَّضَاعِ عَلَى الْأَبِ دُونَهَا.

15572 -

قَالَ: وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ: {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} [البقرة: 233] مِنْ أَنْ لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا، لَا أَنَّ عَلَيْهَا الرَّضَاعَ

ص: 295

15573 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَهَذَا فِيمَا رُوِيَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، وَعَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} [البقرة: 233] قَالَا: «فِي الْإِضْرَارِ أَنْ لَا تُضَارَّ» .

15574 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: " فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَإِنَّا قَدْ رُوِّينَا مِنْ حَدِيثِكُمْ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَجْبَرَ عَصَبَةَ غُلَامٍ عَلَى رَضَاعَةِ الرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ، قُلْنَا: أَفَتَأْخُذُ بِهَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: أَفَتَخُصُّ الْعَصَبَةَ: وَهُمُ الْأَعْمَامُ وَبَنُو الْعَمِّ وَالْقَرَابَةُ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ؟ قَالَ: لَا إِلَّا أَنْ يَكُونُوا ذَوِي رَحِمٍ مُحَرَّمٍ، قُلْنَا: فَالْحُجَّةُ عَلَيْكَ فِي هَذَا كَالْحُجَّةِ فِيمَا احْتَجَجْتَ بِهِ مِنَ الْقُرْآنِ، وَقَدْ خَالَفْتَ هَذَا، قَدْ يَكُونُ لَهُ بَنُو عَمٍّ فَيَكُونُونَ لَهُ عَصَبَةٌ وَوَرَثَةٌ وَلَا تَجْعَلْ عَلَيْهِمُ النَّفَقَةَ وَهُمُ الْعَصَبَةُ الْوَرَثَةُ، وَإِنْ لَمْ تَجِدْ لَهُ ذَا رَحِمٍ تَرَكْتَهُ ضَائِعًا.

15575 -

فَقَالَ لِي قَائِلٌ: قَدْ خَالَفْتُمْ هَذَا أَيْضًا

⦗ص: 297⦘

.

15576 -

قُلْنَا: أَمَّا الْأَثَرُ عَنْ عُمَرَ، فَنَحْنُ أَعْلَمُ بِهِ مِنْكَ لَيْسَ تَعْرِفُهُ، وَلَوْ كَانَ ثَابِتًا لَمْ يُخَالِفْهُ

15577 -

ابْنُ عَبَّاسٍ فَكَانَ يَقُولُ: وَعَلَى الْوَالِدَاتِ مِثْلُ ذَلِكَ، عَلَى الْوَارِثِ أَنْ لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا

15578 -

وَابْنُ عَبَّاسٍ أَعْلَمُ بِمَعْنَى كِتَابِ اللَّهِ عز وجل مِنَّا

15579 -

وَالْآيَةُ مُحْتَمِلَةٌ مَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ

15580 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَهَذَا الْأَثَرُ عَنْ عُمَرَ، رَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ عُمَرَ، جَبَرَ عَصَبَةَ صَبِيٍّ أَنْ يُنْفِقُوا عَلَيْهِ، الرِّجَالُ دُونَ النِّسَاءِ «

15581 -

وَرَوَاهُ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ» أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، جَبَرَ رَجُلًا عَلَى رَضَاعِ ابْنِ أَخِيهِ «

15582 -

وَفِي حَدِيثِ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ،» أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، أَعْزَمَ ثَلَاثَةً كُلُّهُمْ يَرِثُ الصَّبِيَّ أَجْرَ رَضَاعِهِ ".

15583 -

وَحَدِيثُ الزُّهْرِيِّ مُنْقَطِعٌ، وَحَدِيثُ ابْنِ الْمُسَيِّبِ مَعَ انْقِطَاعِهِ يَتَفَرَّدُ بِهِ عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، وَرِوَايَةُ لَيْثٍ عَنْ رَجُلٍ مَجْهُولٍ ضَعِيفَةٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ

15584 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ: وَلَا يُجْبَرَ فِيهِ إِلَّا وَالِدٌ أَوْ وَلَدٌ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ

⦗ص: 298⦘

.

15585 -

وَذَكَرَ فِيمَا احْتَجَّ بِهِ مَا بَلَغَهُ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ» .

15586 -

وَقَالَتْ عَائِشَةُ: «أَوْلَادُكُمْ مِنْ أَطْيَبِ كَسْبِكُمْ، فَكُلُوا مِنْ كَسْبِكُمْ» وَالْوَلَدُ مِنَ الْوَالِدِ فَلَا يُتْرَكُ يَصْنَعُ شَيْئًا مِنْهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ غِنًى وَلَا حِيلَةً، وَلَمْ أَجِدْ هَكَذَا أَحَدًا

15587 -

قَالَ أَحْمَدُ: قَوْلُهُ: «أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ» قَدْ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الرِّسَالَةِ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُرْسَلًا أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، فَذَكَرَهُ

ص: 296

15588 -

وَأَمَّا مَا ذُكِرَ مِنْ قَوْلِ عَائِشَةَ، فَكَذَلِكَ رَوَاهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَمَّتِهِ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ:«إِنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلَ الرَّجُلُ مِنْ كَسْبِهِ وَوَلَدُهُ مِنْ كَسْبِهِ»

⦗ص: 299⦘

.

15589 -

أَخْبَرَنَاهُ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ السَّمَّاكِ، حَدَّثَنَا حَنْبَلُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، فَذَكَرَهُ مَوْقُوفًا.

15590 -

وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عُمَارَةَ مَرْفُوعًا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

15591 -

وَرُوِّينَاهُ فِي كِتَابِ السُّنَنِ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، مَوْصُولًا مَرْفُوعًا.

15592 -

وَرَوَاهُ الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ، عَنْ عُمَارَةَ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَزَادَ:«فَكُلُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ»

ص: 298

15593 -

وَرَوَاهُ يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ «أَطْيَبَ مَا أَكَلَ الرَّجُلُ مِنْ كَسْبِهِ، وَإِنَّ وَلَدَهُ مِنْ كَسْبِهِ» . أَخْبَرَنَاهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُؤَمَّلِ، حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، فَذَكَرَهُ.

15594 -

وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ.

15595 -

وَكَذَلِكَ رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَزَادَ فِيهِ:«إِذَا احْتَجْتُمْ» . قَالَ الثَّوْرِيُّ: وَهَذَا وَهْمٌ مِنْ حَمَّادٍ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: هُوَ مُنْكَرٌ

ص: 299

15596 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ السَّمَّاكِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْأَخْنَسِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنُّ أَعْرَابِيًّا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: إِنَّ أَبِي يُرِيدُ أَنْ يَجْتَاحَ مَالِي، فَقَالَ:«أَنْتَ وَمَالُكَ لِوَالِدِكَ، إِنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلْتُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ فَكُلُوهُ هَنِيئًا»

ص: 300

15597 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ بِشْرٍ الْمَرْثَدِيُّ، حَدَّثَنَا الْفَيْضُ بْنُ وَثيقٍ، حَدَّثَنَا الْمُنْذِرُ بْنُ زِيَادٍ الطَّائِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: إِنَّ أَبِي يُرِيدُ أَنْ يَأْخُذَ مَالِي كُلَّهُ فَيَجْتَاحَهُ؟ فَقَالَ لَهُ، يَعْنِي لِأَبِيهِ، " إِنَّمَا لَكَ مِنْ مَالِهِ مَا يَكْفِيكَ، فَقَالَ: يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ، أَلَيْسَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ؟» فَقَالَ: ارْضَ مِنْهُ بِمَا رَضِيَ اللَّهُ عز وجل

15598 -

وَرَوَاهُ غَيْرُهُ عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ زِيَادٍ، وَقَالَ فِيهِ: فَقَالَ: نَعَمْ، وَإِنَّمَا عَنَى بِذَلِكَ النَّفَقَةَ وَالْمُنْذِرُ بْنُ زِيَادٍ غَيْرُ قَوِيٍّ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ

ص: 300

‌بَابُ أَيِّ الْوَالِدَيْنِ أَحَقُّ بِالْوَلَدِ

؟

ص: 301

15599 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: أَظُنُّهُ، عَنْ هِلَالِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ، عَنْ أَبِي مَيْمُونَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم » خَيَّرَ غُلَامًا بَيْنَ أَبِيهِ وَأُمِّهِ ". هَكَذَا رَوَاهُ فِي رِوَايَةِ الرَّبِيعِ مُخْتَصَرًا

15600 -

وَرَوَاهُ فِي كِتَابِ حَرْمَلَةَ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ سَعْدٍ، سَمِعَهُ مِنْ هِلَالِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ، يُحَدِّثُهُ عَنْ أَبِي مَيْمُونَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ أَتَى رَجُلٌ فَارِسِيُّ وَامْرَأَةٌ لَهُ يَخْتَصِمَانِ فِي ابْنٍ لَهُمَا، فَقَالَ الْفَارِسِيُّ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، هَذَا

⦗ص: 302⦘

بُسْرٌ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِمَا شَهِدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَضَى بِهِ، يَا غُلَامُ هَذَا أَبُوكَ وَهَذِهِ أُمُّكَ فَاخْتَرْ أَيَّهُمَا شِئْتَ، ثُمَّ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: شَهِدْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَتَاهُ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ يَخْتَصِمَانِ فِي ابْنٍ لَهُمَا، فَقَالَ الرَّجُلُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ابْنِي قَدْ نَفَعَنِي، وَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: ابْنِي يَسْقِيَنِي مِنْ بِئْرِ أَبِي عُتْبَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«يَا غُلَامُ هَذَا أَبُوكَ وَهَذِهِ أُمُّكَ، فَاخْتَرْ أَيَّهُمَا شِئْتَ»

ص: 301

15601 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْجَرْمِيِّ، عَنْ عُمَارَةَ الْجَرْمِيِّ قَالَ: خَيَّرَنِي عَلِيُّ بَيْنَ أُمِّي وَعَمِّي، ثُمَّ قَالَ لِأَخٍ لِي أَصْغَرَ مِنِّي:«وَهَذَا أَيْضًا لَوْ بَلَغَ مَبْلَغَ هَذَا لَخَيَّرْتُهُ» .

15602 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَالَ إِبْرَاهِيمُ يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ عُمَارَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، مِثْلَهُ، وَقَالَ فِي الْحَدِيثِ: وَكُنْتُ ابْنَ سَبْعٍ أَوْ ثَمَانِ سِنِينَ

15603 -

وَفِي رِوَايَةِ الزَّعْفَرَانِيِّ عَنِ الشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْمُهَاجِرِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ، «أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، خَيَّرَ غُلَامًا بَيْنَ أَبِيهِ وَأُمِّهِ» .

15604 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ: وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: الْأُمُّ أَحَقُّ بِالْغُلَامِ حَتَّى يَأْكُلَ وَحْدَهُ وَيَلْبَسَ وَحْدَهُ، ثُمَّ الْأَبُ أَحَقُّ بِهِ، ثُمَّ الْأُمُّ أَحَقُّ بِالْجَارِيَةِ حَتَّى تَحِيضَ

⦗ص: 303⦘

.

15605 -

وَسَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ: وَقَدْ رَوَوْا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ خَيَّرَ غُلَامًا بَيْنَ أَبَوَيْهِ وَأَحَدُهُمَا مُشْرِكٌ، وَرَوَوْهُ عَنْ عَلِيٍّ، وَعَنْ شُرَيْحٍ بِأَحَادِيثَ يُثْبِتُونَهَا وَلَمْ يُخَالِفُوهَا إِلَى قَوْلِ أَحَدٍ يَقُومُ بِقَوْلِهِ عِنْدَهُمْ حُجَّةٌ.

15606 -

قَالَ أَحْمَدُ: أَمَّا الرِّوَايَةُ فِيهِ عَنْ عَلِيٍّ، فَقَدْ ذَكَرَهَا فِي الْجَدِيدِ بِالْإِسْنَادِ الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ

ص: 302

15607 -

وَأَمَّا الَّذِي رَوَوْا فِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّمَا أَرَادَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ مَا: أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الرَّازِيُّ، أَخْبَرَنَا عِيسَى هُوَ ابْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي رَافِعِ بْنِ سِنَانٍ أَنَّهُ أَسْلَمَ وَأَبَتِ امْرَأَتُهُ أَنْ تُسْلِمَ، فَأَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتِ: ابْنَتِي وَهِيَ فَطِيمٌ، أَوْ شِبْهُهُ، وَقَالَ رَافِعٌ: ابْنَتِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«اقْعُدْ نَاحِيَةً» ، وَقَالَ لَهَا:«اقْعُدِي نَاحِيَةً» ، فَأَقْعَدَ الصِّبْيَةَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ قَالَ:«ادْعُوَاهَا» ، فَمَالَتِ الصَّبِيَّةُ إِلَى أُمِّهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«اللَّهُمَّ اهْدِهَا» فَمَالَتْ نَاحِيَةَ أَبِيهَا، فَأَخَذَهَا.

15608 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِذَا نُكِحَتِ الْمَرْأَةُ فَلَا حَقَّ لَهَا فِي كَيْنُونَةِ وَلَدِهَا عِنْدَهَا

ص: 303

15609 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ السُّلَمِيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو قَالَ

⦗ص: 304⦘

: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ ابْنِي هَذَا كَانَ بَطْنِي لَهُ وِعَاءٌ، وَثَدْيِي لَهُ سِقَاءٌ، وَحِجْرِي لَهُ حِوَاءٌ، وَإِنَّ أَبَاهُ طَلَّقَنِي وَأَرَادَ أَنْ يَنْزِعَهُ مِنِّي، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَنْكِحِي» .

15610 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِذَا تَزَوَّجْتِ الْمَرْأَةُ وَلَهَا أُمٌّ لَا زَوْجَ لَهَا، فَالْأُمُّ تَقُومُ مَقَامَ ابْنَتِهَا فِي الْوَلَدِ

ص: 303

15611 -

ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، ثُمَّ انْقَطَعَ الْحَدِيثُ مِنَ الْأَصْلِ، وَأَظُنُّهُ أَرَادَ مَا: أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ، أَخْبَرَنَا عَمْرٌو السُّلَمِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ يَقُولُ: كَانَتْ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَوَلَدَتْ لَهُ عَاصِمَ بْنَ عُمَرَ، ثُمَّ فَارَقَهَا عُمَرُ، فَرَكِبَ يَوْمًا إِلَى قُبَاءَ، فَوَجَدَ ابْنَهُ يَلْعَبُ بِفِنَاءِ الْمَسْجِدِ، فَأَخَذَ بِعَضُدِهِ فَوَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ عَلَى الدَّابَّةِ، فَأَدْرَكَتْهُ جَدَّةُ الْغُلَامِ فَنَازَعَتْهُ إِيَّاهُ، فَأَقْبَلَا حَتَّى أَتَيَا أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ، فَقَالَ عُمَرُ: ابْنِي، وَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: ابْنِي، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ:«خَلِّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ، فَمَا رَاجَعَهُ عُمَرُ الْكَلَامَ»

15612 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَرُوِّينَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي تَنَازُعِهِمْ فِي حَضَانَةِ

⦗ص: 305⦘

ابْنَةِ حَمْزَةَ: فَقَالَ عَلِيٌّ: أَنَا آخُذُهَا وَهِيَ ابْنَةُ أَخِي، فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِخَالَتِهَا وَقَالَ:«الْخَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّ»

ص: 304

‌بَابُ نَفَقَةِ الْمَمَالِيكِ

ص: 306

15613 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ، عَنْ عَجْلَانَ أَبِي مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لِلْمَمْلُوكِ طَعَامُهُ وَكِسْوَتُهُ بِالْمَعْرُوفِ، وَلَا يُكَلَّفُ مِنَ الْعَمَلِ إِلَّا مَا يُطِيقُ» .

15614 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ رَوَاهُ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ، وَمِنْ ذَلِكَ الْوَجْهِ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ

ص: 306

15615 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي خِدَاشٍ، عَنْ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي لَهَبٍ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ فِي الْمَمْلُوكِينَ:«أَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ، وَاكْسُوهُمْ مِمَّا تَلْبَسُونَ» .

15616 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ 25 الْمَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ص: 306

15617 -

أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَسَنٍ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا وَاصِلٌ الْأَحْدَبُ قَالَ: سَمِعْتُ الْمَعْرُورَ بْنَ سُوَيْدٍ، يَقُولُ: رَأَيْتُ أَبَا ذَرٍّ الْغِفَارِيَّ وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ، وَعَلَى غُلَامِهِ حُلَّةٌ

⦗ص: 307⦘

فَسَأَلْنَا عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: سَابَبْتُ رَجُلًا فَشَكَانِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«أَعَيَّرْتَهُ بِأُمِّهِ؟» ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ إِخْوَانَكُمْ خَوَلُكُمْ جَعَلَهُمُ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ، فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ، وَلَا تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ، فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ فَأَعِينُوهُمْ عَلَيْهِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ آدَمَ بْنِ أَبِي إِيَاسٍ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهِ آخَرَ، عَنْ شُعْبَةَ.

15618 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: فِي جُمْلَةِ مَا قَالَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَمَا قَبْلَهُ: وَكَانَ أَكْثَرُ حَالِ النَّاسِ فِيمَا مَضَى ضَيِّقًا، وَكَانَ كَثِيرٌ مِمَّنِ اتَّسَعَتْ حَالُهُ مُقْتَصِدًا، وَمَعَاشُهُمْ وَمَعَاشُ رَقِيقِهِمْ مُتَقَارِبًا، فَأَمَّا مَنْ لَمْ يَكُنْ حَالُهُ هَكَذَا وَخَالَفَ مَعَاشَ السَّلَفِ وَالْعَرَبِ فَأَكَلَ رَقِيقَ الطَّعَامِ وَلَبِسَ جَيِّدَ الثِّيَابِ، فَلَوْ آسَ رَقِيقَهُ كَانَ أَكْرَمَ وَأَحْسَنَ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَهُ مَا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«نَفَقَتُهُ وَكِسْوَتُهُ بِالْمَعْرُوفِ» ، وَالْمَعْرُوفُ عِنْدَنَا: الْمَعْرُوفُ لِمِثْلِهِ فِي بَلَدِهِ الَّذِي يَكُونُ بِهِ

ص: 306

15619 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا كَفَى أَحَدُكُمْ خَادِمَهُ، طَعَامَهُ حَرَّهُ

⦗ص: 308⦘

وَدُخَانَهُ فَلْيَدَعْهُ فَلْيُجْلِسْهُ مَعَهُ فَإِنْ أَبَى فَلْيُرَوِّغْ لَهُ لُقْمَةً فَلْيُنَاوِلْهُ إِيَّاهَا أَوْ يُعْطِهِ إِيَّاهَا» أَوْ كَلِمَةً هَذَا مَعْنَاهَا.

15620 -

أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ فِي الْحَدِيثِ:«فَلْيُنَاوِلْهُ أُكْلَةً أَوْ أُكْلَتَيْنِ» .

15621 -

وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ مُوسَى بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَقَالَ:«فَإِنْ كَانَ الطَّعَامُ قَلِيلًا فَلْيَضَعْ فِي يَدِهِ أُكْلَةً أَوْ أُكْلَتَيْنِ» .

15622 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى مَا وَصَفْنَا مِنْ تَبَايُنِ طَعَامِ الْمَمْلُوكِ وَطَعَامِ سَيِّدِهِ إِذَا أَرَادَ سَيِّدُهُ طَيِّبَ الطَّعَامِ لَا أَدْنَى مَا يَكْفِيهِ.

15623 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَالْمَمْلُوكُ الَّذِي يَلِي طَعَامَ الرَّجُلِ مُخَالِفٌ عِنْدَنَا لِلْمَمْلُوكِ الَّذِي لَا يَلِي طَعَامَهُ.

15624 -

ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ: وَفِي كِتَابِ اللَّهِ عز وجل مَا يَدُلُّ عَلَى مَا يُوَافِقُ بَعْضَ مَعْنَى هَذَا، قَالَ اللَّهُ عز وجل:{وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ} ، فَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يُرْزَقَ مِنَ الْقِسْمَةِ أُولُوا الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ الْحَاضِرُونَ الْقِسْمَةَ، وَلِهَذَا أَشْبَاهٌ، وَهِيَ أَنْ تُضَيِّفَ مَنْ جَاءَكَ وَلَا تُضَيِّفَ مَنْ لَمْ يَقْصِدْ قَصْدَكَ، وَلَوْ كَانَ مُحْتَاجًا إِلَّا أَنْ تَتَطَوَّعَ

⦗ص: 309⦘

.

15625 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَالَ لِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا: فِي قِسْمَةِ الْمَوَارِيثِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: قِسْمَةُ الْمَوَارِيثِ وَغَيْرُهُ مِنَ الْغَنَائِمِ، فَهَذَا أَوْسَعُ وَأَحَبُّ إِلَى أَنْ يُعْطُوا مَا طَابَ بِهِ نَفْسُ الْمُعْطِي وَلَا يُؤَقَّتُ وَلَا يَحْرِمُونَ.

15626 -

قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ رُوِّينَا مَا بَلَغَنَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ مِنْ أَقَاوِيلِ أَهْلِ التَّفْسِيرِ فِي كِتَابِ الْوَصَايَا.

15627 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَمَعْنَى لَا يُكَلَّفُ مِنَ الْعَمَلِ إِلَّا مَا يُطِيقُ الدَّوَامَ عَلَيْهِ، لَيْسَ مَا يُطِيقُهُ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَعْجِزُ فِيمَا بَقِيَ عَلَيْهِ، وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ

ص: 307

15628 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَمِّهِ أَبِي سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ:«لَا تُكَلِّفُوا الصَّغِيرَ الْكَسْبَ فَإِنَّكُمْ مَتَى كَلَّفْتُمُوهُ الْكَسْبَ سَرَقَ، وَلَا تُكَلِّفُوا الْأَمَةَ غَيْرَ ذَاتِ الصَّنْعَةِ الْكَسْبَ فَإِنَّكُمْ مَتَى كَلَّفْتُمُوهَا الْكَسْبَ كَسَبَتْ بِفَرْجِهَا»

ص: 309

‌بَابُ نَفَقَةِ الدَّوَابِّ

ص: 310

15629 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: وَإِنْ كَانَتْ لِرَجُلٍ دَابَّةٌ فِي الْمِصْرِ أَوْ شَاةٌ أَوْ بَعِيرٌ عَلَفَهُ مَا يُقِيمُهُ، فَإِنِ امْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ أَخَذَهُ السُّلْطَانُ يَعْلِفُهُ أَوْ يَبِيعَهُ،

15630 -

ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ: وَلَا تُحْلَبُ أُمَّهَاتُ النَّسْلِ إِلَّا فَضْلًا عَمَّا يُقِيمُ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَحْلِبُهَا وَيَتْرُكُهُنَّ يَمُتْنَ هُزَالًا

ص: 310

15631 -

أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ، حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أِبي يَعْقُوبَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: أَرْدَفَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ خَلْفَهُ، فَدَخَلَ حَائِطًا لِرَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَإِذَا فِيهِ جَمَلٌ يَعْيِي، فَلَمَّا رَأَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ذَرَفَتْ عَيْنَاهُ، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَمَسَحَ سَرَاتَهُ إِلَى سَنَامِهِ وَذَفْرَيْهِ، فَسَكَنَ، فَقَالَ: «مَنْ رَبُّ هَذَا الْجَمَلِ؟ لِمَنْ

⦗ص: 311⦘

هَذَا الْجَمَلُ؟» فَجَاءَ فَتًى مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ: هُوَ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ:«أَلَا تَتَّقِي اللَّهَ فِي هَذِهِ الْبَهِيمَةِ الَّتِي مَلَّكَكَ اللَّهُ إِيَّاهَا، فَإِنَّهَا تَشْكُو إِلَيَّ أَنَّكَ تُجِيعُهُ وَتَدْئِبُهُ»

15632 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَرُوِّينَا فِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَغَيْرِهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«عُذِّبَتِ امْرَأَةٌ فِي هِرَّةٍ حَبَسَتْهَا، لَا هِيَ أَطْعَمَتْهَا، وَلَا هِيَ أَرْسَلَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا»

15633 -

وَرُوِّينَا فِي حَدِيثِ ضِرَارِ بْنِ الْأَزْوَرِ قَالَ: أُهْدِيَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَعْجَةٌ، فَأَمَرَنِي أَنْ أَحْلِبَهَا، فَحَلَبْتُهَا فَجَهَدْتُ حَلْبَهَا، فَقَالَ:«دَعْ دَاعِيَ اللَّبَنِ»

ص: 310

15634 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ الْيَشْكُرِيِّ، حَدَّثَنَا سَالِمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: سَمِعْتُ سَوَادَةَ بْنَ رَبِيعٍ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلْتُهُ، فَأَمَرَ لِي بِذَوْدٍ وَقَالَ

⦗ص: 312⦘

: «إِذَا رَجَعْتَ إِلَى بَنِيكَ فَمُرْهُمْ فَلْيُحْسِنُوا غِذَاءَ رِبَاعِهِمْ، وَمُرْهُمْ فَلْيُقَلِّمُوا أَظَافِرَهُمْ وَلَا يَغْبِطُوا بِهَا ضُرُوعَ مَوَاشِيهِمْ إِذَا حَلَبُوا»

ص: 311

15635 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَزْهَرِ، حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمْرَانَ، حَدَّثَنَا سَالِمٌ الْجَرْمِيُّ، عَنْ سَوَادَةَ بْنِ الرَّبِيعِ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَ لِي بِذَوْدٍ وَقَالَ لِي: " مُرْ بَنِيكَ أَنْ يَقُصُّوا أَظْفَارَهُمْ عَنْ ضُرُوعِ إِبِلِهِمْ وَمَوَاشِيهِمْ، وَقُلْ لَهُمْ: فَلْتُخَلُّوا عَلَيْهَا سِخَالَهَا لَا تُدْرِكُهَا السَّنَةُ وَهِيَ عِجَافٌ "، وَقَالَ لِي:«هَلْ لَكَ مَالٌ؟» قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ لِي مَالٌ، إِبِلٌ وَخَيْلٌ وَرَقِيقٌ قَالَ:«عَلَيْكَ بِالْخَيْلِ فَارْتَبِطْهَا، فَإِنَّ الْخَيْلَ مُعَلَّقٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ» . وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ، عَنْ مُعَلَّى وَقَالَ فِي مَتْنِهِ: فَلْتُخَلُّوا عَلَيْهَا سِخَالَهَا

ص: 312