الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
28 - كِتَابُ الْجِرَاحِ
بَابُ الْجِرَاحِ
15636 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ رحمه الله ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ رحمه الله ، قَالَ: قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى: " {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} [الأنعام: 151] " ،
15636 -
وَذَكَرَ سَائِرَ الْآيَاتِ الَّتِي وَرَدَتْ فِي تَحْرِيمِ الْقَتْلِ ، قَالَ: وَقَالَ: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا ، وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ ، وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} [النساء: 93]
⦗ص: 6⦘
،
15637 -
وَقَالَ فِي قَتْلِ الْوِلْدَانِ: قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ. . .} [الأنعام: 151] إِلَى قَوْلِهِ: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ} [الأنعام: 151] ، وَذَكَرَ سَائِرَ الْآيَاتِ فِيهِ
15639 -
ثُمَّ ذَكَرَ مَا أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ عَمْرِو الْبَجَلِيِّ ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو الشَّيْبَانِيَّ ، يَقُولُ
⦗ص: 7⦘
: سَمِعْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ ، يَقُولُ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قُلْتُ: أَيُّ الْكَبَائِرِ أَكْبَرُ؟ قَالَ: «أَنْ تَجْعَلَ للَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ» ، قُلْتُ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: «أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ أَجْلَ أَنْ يَأْكُلَ مَعَكَ» ،
15640 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَرَوَاهُ عَمْرُو بْنُ شُرَحْبِيلَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، وَمِنْ ذَلِكَ الْوَجْهِ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ ، وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ
15641 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، وَأَبُو بَكْرٍ الْقَاضِي ، وَأَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ أَسْعَدَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ ، عَنْ عُثْمَانَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" لَا يَحِلُّ قَتْلُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ: كُفْرٌ بَعْدَ إِيمَانٍ ، أَوْ زِنًا بَعْدَ إِحْصَانٍ ، أَوْ قَتْلُ نَفْسٍ بِغَيْرِ نَفْسٍ " ،
⦗ص: 8⦘
15642 -
قَالَ أَحْمَدُ: هَكَذَا رَوَاهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الثِّقَاتِ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ ، وَرَوَاهُ أَيْضًا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
15643 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ، وَأَبُو بَكْرٍ ، وَأَبُو زَكَرِيَّا ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا أَزَالُ أُقَاتِلُ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، فَإِذَا قَالُوهَا فَقَدْ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ»
15644 -
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ ، عَنِ اللَّيْثِ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ ، عَنِ الْمِقْدَادِ ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَرَأَيْتَ إِنْ لَقِيتُ رَجُلًا مِنَ الْكُفَّارِ فَقَاتَلَنِي ، فَضَرَبَ إِحْدَى يَدَيَّ بِالسَّيْفِ فَقَطَعَهَا ، ثُمَّ لَاذَ مِنِّي بِشَجَرَةٍ ، فَقَالَ: أَسْلَمْتُ لِلَّهِ: أَفَأَقْتُلُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بَعْدَ أَنْ قَالَهَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَقْتُلْهُ» ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ قَطَعَ يَدِي ، ثُمَّ قَالَ ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ قَطَعَهَا ، أَفَأَقْتُلُهُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَقْتُلْهُ ، فَإِنْ قَتَلْتَهُ ، فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَتِكَ قَبْلَ أَنْ تَقْتُلَهُ ، وَإِنَّكَ
⦗ص: 9⦘
بِمَنْزِلَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ كَلِمَتَهُ الَّتِي قَالَ» أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ اللَّيْثِ ، وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ الزُّهْرِيِّ ،
15645 -
وَفِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ أَبُو نُعَيْمٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْحَسَنِ الْإِسْفَرَائِينِيُّ إِجَازَةً أَنَّ أَبَا عَوَانَةَ أَخْبَرَهُمْ ، قَالَ: سَمِعْتُ الرَّبِيعَ بْنَ سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ ، يَقُولُ: يَعْنِي فِي هَذَا الْحَدِيثِ: مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَصِيرُ مُبَاحَ الدَّمِ ، لَا أَنَّهُ يَصِيرُ مُشْرِكًا ، إِذْ كَانَ مُبَاحَ الدَّمِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ شَهَادَةَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ
15646 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ، وَأَبُو بَكْرٍ ، وَأَبُو زَكَرِيَّا ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ فِي الدُّنْيَا عُذِّبَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ ، وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ أَيُّوبَ
15647 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ ، بِإِسْنَادٍ لَا يَحْضُرُنِي ذِكْرُهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِقَتِيلٍ ، فَقَالَ:«مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِهِ؟» فَلَمْ يُذْكَرْ لَهُ أَحَدٌ ، فَغَضِبَ ، ثُمَّ قَالَ:«وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوِ اشْتَرَكَ فِيهِ أَهْلُ السَّمَاءِ وَأَهْلُ الْأَرْضِ لَكَبَّهُمُ اللَّهُ فِي النَّارِ» ،
15648 -
قَالَ أَحْمَدُ: رُوِّينَا مَعْنَى هَذَا فِي حَدِيثِ عَطَاءِ بْنِ مُسْلِمٍ الْخَفَّافِ ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسِ
15649 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا مُسْلِمٌ ، بِإِسْنَادٍ لَا أَحْفَظُهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «قَتْلُ الْمُؤْمِنِ يَعْدِلُ عِنْدَ اللَّهِ زَوَالَ الدُّنْيَا»
15650 -
وَبِإِسْنَادِهِ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " مَنْ أَعَانَ عَلَى قَتْلِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِشَطْرِ كَلِمَةٍ ، لَقِيَ اللَّهَ مَكْتُوبٌ بَيْنَ
⦗ص: 11⦘
عَيْنَيْهِ: آيِسٌ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ "
15651 -
قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ رُوِّينَا عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ، أَنَّهُ قَالَ:«لَقَتْلُ الْمُؤْمِنِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ زَوَالِ الدُّنْيَا» ،
15652 -
وَرُوِيَ ذَلِكَ مَرْفُوعًا ، وَرُوِّينَا فِي الْحَدِيثِ الثَّانِي ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُرْسَلًا ،
15653 -
وَرَوَاهُ يَزِيدُ بْنُ زِيَادٍ وَقِيلَ ابْنُ أَبِي زِيَادٍ الشَّامِيُّ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَوْصُولًا
جِمَاعُ إِيجَابِ الْقِصَاصِ فِي الْعَمْدِ
15654 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ} [الإسراء: 33] ،
15655 -
قَالَ: لَا يَقْتُلُ غَيْرَ قَاتِلِهِ ، وَهَذَا يُشْبِهُ مَا قِيلَ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ،
15656 -
قَالَ اللَّهُ عز وجل: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} [البقرة: 178] ،
15657 -
فَالْقِصَاصُ إِنَّمَا يَكُونُ مِمَّنْ فَعَلَ مَا فِيهِ الْقِصَاصُ ، لَا مِمَّنْ يَفْعَلُهُ ،
15658 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَقَدْ رُوِّينَا هَذَا التَّفْسِيرَ لِقَوْلِهِ: {فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ} [الإسراء: 33] عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، وَطَلْقِ بْنِ حَبِيبٍ
15659 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ، وَأَبُو بَكْرٍ ، وَأَبُو زَكَرِيَّا ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، قَالَ: وُجِدَ فِي قَائِمِ سَيْفِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كِتَابٌ: " إِنَّ أَعْدَى النَّاسِ عَلَى اللَّهِ: الْقَاتِلُ غَيْرَ قَاتِلِهِ ، وَالضَّارِبُ غَيْرَ ضَارِبِهِ ، وَمَنْ تَوَلَّى غَيْرَ مَوَالِيهِ ، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ "
15660 -
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ: مَا كَانَ فِي الصَّحِيفَةِ الَّتِي فِي قِرَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ: كَانَ فِيهَا: «لَعَنَ اللَّهُ الْقَاتِلَ غَيْرَ قَاتِلِهِ ، وَالضَّارِبَ غَيْرَ ضَارِبِهِ ، وَمَنْ تَوَلَّى غَيْرَ وَلِيِّ نِعْمَتِهِ ، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم»
15661 -
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى ، عَنِ الْحَكَمِ ، أَوْ عَنْ عِيسَى بْنِ أَبِي لَيْلَى ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنِ اعْتَبَطَ مُؤْمِنًا فَقُتِلَ ، فَهُوَ قَوَدٌ بِهِ إِلَّا أَنْ يَرْضَى وَلِيُّ الْمَقْتُولِ ، فَمَنْ حَالَ دُونَهُ ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَغَضَبُهُ ، وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ»
15662 -
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبْجَرَ ، عَنْ إِيَادِ بْنِ لَقِيطٍ ، عَنْ أَبِي رِمْثَةَ ، قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ أَبِي عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَرَأَى أَبِي الَّذِي بِظَهْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ: دَعْنِي أُعَالِجُ الَّذِي بِظَهْرِكَ ، فَإِنِّي طَبِيبٌ ، فَقَالَ:«أَنْتَ رَفِيقٌ» ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ هَذَا مَعَكَ؟» قَالَ: ابْنِي أَشْهَدُ بِهِ ، فَقَالَ:«أَمَا إِنَّهُ لَا يَجْنِي عَلَيْكَ ، وَلَا تَجْنِي عَلَيْهِ»
بَابٌ: الْحُكْمُ فِي قَتْلِ الْعَمْدِ
15663 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: مِنَ الْعِلْمِ الْعَامِّ الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ بَيْنَ أَحَدٍ لَقِيتُهُ ،
⦗ص: 15⦘
فَحَدَّثَنِيهِ أَوْ بَلَغَنِي عَنْهُ مِنْ عُلَمَاءِ الْعَرَبِ أَنَّهَا كَانَتْ قَبْلَ نُزُولِ الْوَحْيِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَبَايُنٌ فِي الْفَضْلِ ، وَيَكُونُ بَيْنَهَا مَا يَكُونُ بَيْنَ الْجِيرَانِ مِنْ قَتْلِ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ ، فَكَانَ بَعْضُهَا يَعْرِفُ لِبَعْضٍ الْفَضْلَ فِي الدِّيَاتِ ، حَتَّى تَكُونَ دِيَةُ الرَّجُلِ الشَّرِيفِ أَضْعَافَ دِيَةِ الرَّجُلِ دُونَهُ ، فَأَخَذَ بِذَلِكَ بَعْضَ مَنْ بَيْنَ أَظْهُرِهَا مِنْ غَيْرِهَا بِأَقْصَدَ مِمَّا كَانَتْ تَأْخُذُ بِهِ ، فَكَانَتْ دِيَةُ النَّضِيرِيِّ ضِعْفَ دِيَةِ الْقُرَيْظِيِّ ،
15664 -
وَكَانَ الشَّرِيفُ مِنَ الْعَرَبِ إِذَا قُتِلَ تَجَاوَزُوا قَاتِلَهُ إِلَى مَنْ يَقْتُلُهِ مِنْ أَشْرَافِ الْقَبِيلَةِ الَّتِي قَتَلَهُ أَحَدُهَا ، وَرُبَّمَا لَمْ يَرْضَوْا إِلَّا بِعَدَدٍ يَقْتُلُونَهُمْ ، فَقُتِلَ بَعْضُ غَنِيِّ شَأْسِ بْنِ زُهَيْرٍ ، فَجَمَعَ عَلَيْهِمْ أَبُوهُ زُهَيْرُ بْنُ جَذِيمَةَ ، فَقَالُوا لَهُ: أَوْ بَعْضُ مَنْ يَذُبُّ عَنْهُمْ: سَلْ فِي قَتْلِ شَأْسٍ؟ فَقَالَ: إِحْدَى ثَلَاثٍ لَا تُرْضِينِي غَيْرُهَا ، فَقَالُوا: مَا هِيَ؟ قَالَ: تُحْيُونَ لِي شَأْسًا ، أَوْ تَمْلَئُونَ رِدَائِي مِنْ نُجُومِ السَّمَاءِ ، أَوْ تَدْفَعُونَ إِلَيَّ غَنِيًّا بِأَسْرِهَا فَأَقْتُلَهَا ، ثُمَّ لَا أَرَى أَنِّي أَخَذْتُ عِوَضًا ،
15665 -
وَقَتَلَ كُلَيْبًا وَائِلٌ ، فَاقْتَتَلُوا دَهْرًا طَوِيلًا ، وَاعْتَزَلَهُمْ بَعْضُهُمْ فَأَصَابُوا ابْنًا لَهُ ، فَقَالَ: قَدْ عَرَفْتُمْ عُزْلَتِي ، فَبُجَيْرٌ بِكُلَيْبٍ ، وَكُفُّوا عَنِ الْحَرْبِ ، فَقَالُوا: بُجَيْرٌ بِشِسْعِ كُلَيْبٍ ، فَقَاتَلَهُمْ وَكَانَ مُعْتَزِلًا ،
⦗ص: 16⦘
15666 -
قَالَ: فَيُقَالُ: إِنَّهُ نَزَلَ فِي ذَلِكَ وَغَيْرِهِ مِمَّا كَانُوا يَحْكُمُونَ بِهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ هَذَا الْحُكْمَ الَّذِي أَحْكِيهِ بَعْدَ هَذَا ، وَحَكَمَ اللَّهُ بِالْفِدَاءِ ، فَسَوَّى فِي الْحُكْمِ بَيْنَ عِبَادِهِ: الشَّرِيفِ مِنْهُمْ وَالْوَضِيعِ: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [المائدة: 50] ،
15667 -
فَيُقَالُ: إِنَّ الْإِسْلَامَ نَزَلَ وَبَعْضُ الْعَرَبِ يَطْلُبُ بَعْضًا بِدِمَاءٍ وَجِرَاحٍ ، فَنَزَلَ فِيهِمْ:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحَرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 178]
15668 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ ، عَنْهُ كَتَبَ فِي قَتِيلٍ وُجِدَ بَيْنَ خَيْوَانَ وَوَادِعَةَ أَنْ يُقَاسَ مَا بَيْنَ الْقَرْيَتَيْنِ فَإِلَى أَيِّهِمَا كَانَ أَقْرَبَ أُخْرِجَ إِلَيْهِ مِنْهُمْ خَمْسِينَ رَجُلًا ، حَتَّى يُوَافُوهُ مَكَّةَ ، فَأَدْخَلَهُمُ الْحِجْرَ ، فَأَحْلَفَهُمْ ، ثُمَّ قَضَى عَلَيْهِمْ بِالدِّيَةِ ، فَقَالُوا: مَا وَفَّتْ أَمْوَالُنَا أَيْمَانَنَا ، وَلَا أَيْمَانُنَا أَمْوَالَنَا ، قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: كَذَلِكَ الْأَمْرُ ،
15669 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَالَ غَيْرُ سُفْيَانَ ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابٍ رضي الله عنه: «حَقَنْتُمْ بِأَيْمَانِكُمْ دِمَاءَكُمْ» وَلَا يُطَلُّ دَمُ مُسْلِمٍ ،
15670 -
فَقَدْ ذَكَرَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله فِي الْجَوَابِ عَنْهُ مَا يُخَالِفُونَ عُمَرَ رضي الله عنه فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ مِنَ الْأَحْكَامِ ،
15671 -
ثُمَّ قِيلَ لَهُ: أَفَثَابِتٌ هُوَ عِنْدَكَ؟ قَالَ: لَا ، إِنَّمَا رَوَاهُ الشَّعْبِيُّ ، عَنِ الْحَارِثِ الْأَعْوَرِ ، وَالْحَارِثُ الْأَعْوَرُ مَجْهُولٌ ، وَنَحْنُ نَرْوِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْإِسْنَادِ الثَّابِتِ: أَنَّهُ بَدَأَ الْمُدَّعِينَ فَلَمَّا لَمْ يَحْلِفُوا
⦗ص: 17⦘
قَالَ: «فَتُبْرِئُكُمْ يَهُودُ خَمْسِينَ يَمِينًا؟» وَإِذَا قَالَ: «تُبْرِئُكُمْ» ، فَلَا يَكُونُ عَلَيْهِمْ غَرَامَةٌ ، وَلَمَّا لَمْ يَقْبَلِ الْأَنْصَارِيُّونَ أَيْمَانَهُمْ ، وَدَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَجْعَلْ عَلَى يَهُودَ وَالْقَتِيلُ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ شَيْئًا ،
15672 -
قَالَ الرَّبِيعُ: أَخْبَرَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ ، عَنْ جَرِيرٍ ، عَنِ مُغِيرَةَ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، قَالَ: حَارِثٌ الْأَعْوَرُ كَانَ كَذَّابًا ،
15673 -
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكَجِّيُّ ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ ، عَنِ مُغِيرَةَ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَارِثُ الْأَعْوَرُ ، وَأَشْهَدُ بِاللَّهِ أَنَّهُ كَانَ كَذَّابًا ،
15674 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ الْأَزْمَعِ ، عَنْ عُمَرَ ،
15675 -
قَالَ شُعْبَةُ: فَقُلْتُ لِأَبِي إِسْحَاقَ: مَنْ حَدَّثَكَ؟ قَالَ: حَدَّثَنِي مُجَالِدٌ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ الْأَزْمَعِ ،
15676 -
وَقِيلَ: عَنْ مُجَالِدٍ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ مَسْرُوقٍ ، عَنْ عُمَرَ ،
⦗ص: 18⦘
15677 -
وَمُجَالِدٌ غَيْرُ مُحْتَجٍّ بِهِ ، وَاخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِي إِسْنَادِهِ
15678 -
وَقَدْ أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ ، أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْمِصْرِيِّ ، خَادِمِ الْمُزَنِيِّ ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبْدِ الْحَكَمِ ، يَقُولُ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ ، يَقُولُ:" سَافَرْتُ إِلَى خَيْوَانَ وَوَادِعَةَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ سَفَرًا أَسْأَلُهُمْ عَنْ حُكْمِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابٍ رضي الله عنه فِي الْقَتِيلِ ، وَأَحْكِي لَهُمْ مَا رُوِيَ عَنْهُ ، فَقَالُوا: إِنَّ هَذَا الشَّيْءَ مَا كَانَ بِبَلَدِنَا قَطُّ " ،
15679 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَالْعَرَبُ أَحْفَظُ شَيْءٍ لِأَمْرٍ كَانَ ،
15680 -
وَقَرَأْتُهُ فِي كِتَابِ أَبِي الْحَسَنِ الْعَاصِمِيِّ ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ آدَمَ خَادِمِ الْمُزَنِيِّ ، قَالَ:«وَدَاعَةُ» ،
⦗ص: 19⦘
15681 -
وَرَوَاهُ أَيْضًا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ ، بِمَعْنَاهُ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ:«ثَلَاثًا وَعِشْرِينَ سَفْرَةً» ، وَقَالَ:«بَيْنَ خَيْوَانَ وَوَدَاعَةَ» ،
15682 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ الرَّبِيعِ: وَيُرْوَى عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ بَدَأَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ ، ثُمَّ رَدَّ الْأَيْمَانَ عَلَى الْمُدَّعِينَ
15683 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ ، وَعِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ ، أَنَّ " رَجُلًا مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ لَيْثٍ أَجْرَى فَرَسًا ، فَوَطِئَ عَلَى إِصْبَعِ رَجُلٍ مِنْ جُهَيْنَةَ ، فَنَزَى مِنْهَا ، فَمَاتَ ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِلَّذِينَ ادُّعِيَ عَلَيْهِمْ: أَتَحْلِفُونَ بِاللَّهِ خَمْسِينَ يَمِينًا مَا مَاتَ مِنْهَا؟ فَأَبَوْا وَتَحَرَّجُوا مِنَ الْأَيْمَانِ ، فَقَالَ لِلْآخَرِينَ: احْلِفُوا أَنْتُمْ ، فَأَبَوْا ، فَقَضَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِشَطْرِ الدِّيَةِ عَلَى السَّعْدِيِّينَ ،
15684 -
قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ رُوِّينَا قَضَاءَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ ، وَلَوْ سَمِعَ بِهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مَا جَاوَزَهُ إِلَى غَيْرِهِ ،
15685 -
كَمَا رُوِّينَا عَنْهُ ، فِي كُلِّ مَا بَلَغَهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِمَّا لَمْ يَسْمَعْهُ ،
15686 -
وَمَنْ تَكَلَّمَ فِي دِينِ اللَّهِ ، وَفِي أَخْبَارِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم فَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَحْتَجَّ فِي ذَلِكَ بِرِوَايَةِ الْكَلْبِيِّ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي اسْتِحْلَافِهِ خَمْسِينَ يَمِينًا مِنَ الْيَهُودِ فِي قِصَّةِ الْأَنْصَارِيِّ ثُمَّ جَعَلَ عَلَيْهِمُ الدِّيَةَ
15687 -
وَلَا بِرِوَايَةِ عُمَرَ بْنِ صُبْحٍ ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ ، عَنْ
⦗ص: 20⦘
صَفْوَانَ ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ ، عَنْ عُمَرَ ، فِي قَضَائِهِ بِنَحْوِ ذَلِكَ ، وَقَوْلُهُ: «إِنَّمَا قَضَيْتُ عَلَيْكُمْ بِقَضَاءِ نَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وسلم
15688 -
لِإِجْمَاعِ أَهْلِ الْحَدِيثِ عَلَى تَرْكِ الِاحْتِجَاجِ بِهِمَا وَمُخَالَفَتِهِمَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ رِوَايَةَ الثِّقَاتِ الْأَثْبَاتِ»
15689 -
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ: أَنَّ «قَتِيلًا وُجِدَ بَيْنَ حَيَّيْنِ ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُقَاسَ إِلَى أَيِّهِمَا أَقْرَبُ ، فَوُجِدَ أَقْرَبَ إِلَى أَحَدِ الْحَيَّيْنِ بِشِبْرٍ ، فَأَلْقَى دِيَتَهُ عَلَيْهِمْ» ،
15690 -
إِنَّمَا رَوَاهُ أَبُو إِسْرَائِيلَ الْمُلَائِيُّ ، عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ ، وَكِلَاهُمَا ضَعِيفٌ
15691 -
وَأَمَّا الْقَتْلُ بِالْقَسَامَةَ: فَفِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّهُ قَتَلَ بِالْقَسَامَةَ رَجُلًا مِنْ بَنِي نَصْرِ بْنِ مَالِكٍ "
15692 -
وَفِي حَدِيثِ أَبِي الْمُغِيرَةِ: أَنَّ «النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَقَادَ بِالْقَسَامَةِ فِي الطَّائِفِ» ،
15693 -
وَكِلَاهُمَا مُنْقَطِعٌ
15694 -
وَأَصَحُّ مَا رُوِيَ فِي الْقَتْلِ بِالْقَسَامَةِ وَأَعْلَاهُ بَعْدَ حَدِيثِ سَهْلٍ بِرِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ مَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ: حَدَّثَنِي خَارِجَةُ
⦗ص: 21⦘
بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيُّ ، قَالَ:" قَتَلَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ وَهُوَ سَكْرَانُ رَجُلًا آخَرَ مِنَ الْأَنْصَارِ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ فِي عَهْدِ مُعَاوِيَةَ ، ضَرَبَهُ بَالشُّوبَقِ ، حَتَّى قَتَلَهُ ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَى ذَلِكَ شَهَادَةٌ إِلَّا لَطْخٌ ، وَشُبْهَةٌ ، قَالَ: فَاجْتَمَعَ رَأْيُ النَّاسِ عَلَى أَنْ يَحْلِفَ وُلَاةُ الْمَقْتُولِ ، ثُمَّ يُسَلَّمُ إِلَيْهِمْ ، فَيَقْتُلُوهُ ، فَقَالَ خَارِجَةُ بْنُ زَيْدٍ: فَرَكِبْنَا إِلَى مُعَاوِيَةَ ، فَقَصَصْنَا عَلَيْهِ الْقِصَّةَ ، فَكَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ إِنْ كَانَ مَا ذَكَرْنَا لَهُ حَقًّا أَنْ يُحَلِّفَنَا عَلَى الْقَاتِلِ ، ثُمَّ يُسَلِّمَهُ إِلَيْنَا ، فَجِئْنَا بِكِتَابِ مُعَاوِيَةَ إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ ، فَقَالَ: أَنَا مُنْفِذٌ كِتَابَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَاغْدُوا عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ ، فَغَدَوْنَا إِلَيْهِ ، فَأَسْلَمَهُ إِلَيْنَا سَعِيدٌ بَعْدَ أَنْ حَلَفْنَا عَلَيْهِ خَمْسِينَ يَمِينًا "
15695 -
وَقَالَ أَبُو الزِّنَادِ: وَأَمَرَ لِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَرَدَدْتُ قَسَامَهُ عَلَى سَبْعَةِ نَفَرٍ ، أَوْ خَمْسَةِ نَفَرٍ " ،
15696 -
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى ، أَنَّ ابْنَ وَهْبٍ ، أَخْبَرَهُ ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ ، بِهَذَا الْحَدِيثِ
15697 -
ورُوِّينَاهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ خَارِجَةَ ، دُونَ ذِكْرِ مُعَاوِيَةَ وَسَعِيدٍ ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: وَفِي النَّاسِ يَوْمَئِذٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، وَمِنْ فُقَهَاءِ التَّابِعِينَ مَا لَا يُحْصَى ، وَمَا اخْتَلَفَ اثْنَانِ مِنْهُمْ أَنْ يَحْلِفَ وُلَاةُ الْمَقْتُولِ وَيَقْتُلُوا أَوْ يَسْتَحْيُوا ، فَحَلَفُوا خَمْسِينَ يَمِينًا وَقَتَلُوا وَكَانُوا يُخْبِرُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «قَضَى بِالْقَسَامَةِ»
15698 -
وَرُوِّينَا ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ فِي " الْحَاطِبِيِّ الَّذِي قَتَلَهُ الصُهَيْبِيُّ ، فَقَضَى عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ بِالْقَسَامَةِ وَالْقَتْلِ بِهَا ، قَالَ هِشَامٌ: وَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عُرْوَةُ ، وَرَأَى أَنْ قَدْ أُصِيبَ فِيهِ الْحَقُّ "
15699 -
وَرَوَى ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، وَأَبِي الزُّبَيْرِ ، أَنَّهُمَا " أَقَادَا بِالْقَسَامَةِ ،
15700 -
ثُمَّ ذَكَرَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ
15701 -
وَرُوِّينَا فِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ رَاشِدٍ ، عَنْ مَكْحُولٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «لَمْ يَقْضِ فِي الْقَسَامَةِ بِقَوَدٍ» ،
15702 -
وَهَذَا أَيْضًا مُنْقَطِعٌ
15703 -
وَفِي جَامِعِ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ، قَالَ:«الْقَسَامَةُ تُوجِبُ الْعَقْلَ ، وَلَا تُشِيطُ الدَّمَ» ،
15704 -
وَهَذَا عَنْ عُمَرَ ، مُنْقَطِعٌ ،
15705 -
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: رًوِّينَا هَذَا الْقَوْلَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَمُعَاوِيَةَ ،
15706 -
هَكَذَا وَجَدْتُهُ ، وَقَدْ رًوِّينَا عَنْ مُعَاوِيَةَ ، بِخِلَافِهِ
15707 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِيمَا بَلَغَهُ ، عَنِ الطَّنَافِسِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ مَسْرُوقٍ ، قَالَ:«كُنْتُ عِنْدَ عَلِيٍّ ، فَأَتَاهُ ثَلَاثَةٌ ، فَشَهِدُوا عَلَى اثْنَيْنِ أَنَّهُمَا أَغْرَقَا صَبِيًّا ، وَشَهِدَ الِاثْنَانِ عَلَى ثَلَاثَةٍ أَنَّهُمْ غَرَّقُوهُ ، فَقَضَى عَلَى الثَّلَاثَةِ بِخُمُسَيِ الدِّيَةِ ، وَعَلَى الثَّلَاثَةِ بِثَلَاثَةِ أَخْمَاسِ الدِّيَةِ» ،
15708 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَسْنَا وَلَا أَحَدٍ عَلِمْنَاهُ يَقُولُ بِهَذَا ، يَقُولُونَ لَيْسَ لِوَلِيِّ الدَّمِ إِلَّا أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ
⦗ص: 23⦘
15709 -
وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ: " إِذَا قُتِلَ بَعْضُهُمْ ، وَلَمْ يُدْرَ مَنْ قَتَلَهُ ، قِيلَ لِلْأَوْلِيَاءِ: أَقِيمُوا إِلَى مَنْ شِئْتُمْ وَاسْتَحِقُّوا الدِّيَةَ ، هَذَا إِذَا جَاءُوا جَمِيعًا فَشَهِدُوا "
15710 -
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِيمَا بَلَغَهُ عَنْ عَبَّادِ بْنِ الْعَوَّامِ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَامِرٍ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ خِلَاسٍ ، عَنْ عَلِيٍّ: أَنَّ " غُلَامَيْنِ كَانَا يَلْعَبَانِ بِقُلَّةٍ ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: حَذَارِ ، أَوْ قَالَ الْآخَرُ: حَذَارِ فَأَصَابَتْ ثَنِيَّتَهُ فَكَسَرَتْهَا ، فَرُفِعَ إِلَى عَلِيٍّ فَلَمْ يُضَمِّنْهُ " ،
15711 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهُمْ يُضَمِّنُونَ هَذَا وَيُخَالِفُونَ مَا رَوَوْا فِيهِ
15712 -
وَبِإِسْنَادِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِيمَا بَلَغَهُ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ الْقَعْقَاعِ ، قَالَ:" كُنْتُ رَابِعَ أَرْبَعَةٍ نَشْرَبُ الْخَمْرَ ، فَتَطَاعَنَّا بِمُدْيَةٍ كَانَتْ مَعَنَا ، فَرُفِعْنَا إِلَى عَلِيٍّ فَسَجَنَنَا، فَمَاتَ مِنَّا اثْنَانِ، فَقَالَ أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولَيْنِ: أَقِدْنَا مِنَ الْبَاقِينَ ، فَسَأَلَ عَلِيٌّ الْقَوْمَ مَا يَقُولُونَ؟ قَالُوا: نَرَى أَنْ تُقِدْهُمَا ، فَلَعَلَّ أَحَدَهُمَا قَتَلَ صَاحِبَهُ ، فَقَالُوا: لَا نَدْرِي ، قَالَ: وَأَنَا لَا أَدْرِي ، وَسَأَلَ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ؟ فَقَالَ مِثْلَ مَقَالَةِ الْقَوْمِ ، فَأَجَابَهُ بِمِثْلِ ذَلِكَ ، فَجَعَلَ دِيَةَ الْمَقْتُولَيْنِ عَلَى قَبَائِلَ الْأَرْبَعَةِ ، ثُمَّ أَخَذَ دِيَةَ جِرَاحِ الْبَاقِينَ " ،
15713 -
لَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَى هَذَا وَإِنَّمَا أَوْرَدَ هَذِهِ الْآثَارَ إِلْزَامًا لِلْعِرَاقِيِّينَ بِالْقِصَاصِ ،
15714 -
وَالثَّالِثُ: أَنَّ الْهُرْمُزَانَ وَإِنْ أَقَرَّ بِالْإِسْلَامِ حِينَ مَسَّهُ السَّيْفُ ، وَكَانَ قَدْ أَسْلَمَ قَبْلَ ذَلِكَ ، وَهُوَ مَعْرُوفٌ مَشْهُورٌ بَيْنَ أَهْلِ الْمَغَازِي ، وَإِنَّمَا قَالَ:«لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» تَعَجُّبًا ، أَوْ تَبْعِيدًا لِمَا اتَّهَمَهُ بِهِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ ، وَمَنِ الدَّلِيلِ عَلَى إِسْلَامِهِ قَبْلَ ذَلِكَ مَا
15715 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بُشْرَانَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْمِصْرِيُّ ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ يَحْيَى ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ ، عَنْ عَامِرٍ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ،. . . فَذَكَرَ قِصَّةَ قُدُومِ الْهُرْمُزَانِ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابٍ رضي الله عنه وَمَا جَرَى فِي أَمَانِهِ ، قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: أَخْرِجُوا هَذَا عَنِّي ، سَيِّرُوهُ فِي الْبَحْرِ ، قَالَ الْهُرْمُزَانُ: فَسَمِعْتُ عُمَرَ تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ بَعْدِي ، فَقُلْتُ لِلَّذِي بَعْدِي: إِيشْ قَالَ؟ قَالَ: قَالَ: «اللَّهُمَّ اكْسِرْ بِهِ» ، قَالَ: قُلْتُ: قَالَ: اللَّهُمَّ غَرِّقْهُ قَالَ: لَا، إِنَّمَا قَالَ:«اللَّهُمَّ اكْسِرْ بِهِ» قَالَ: فَمَا حَمَلَ فِي السَّفِينَةِ ، فَسَارَتْ غَيْرَ بَعِيدٍ فَتَحَ أَلْوَاحَ السَّفِينَةِ ، فَقَالَ الْهُرْمُزَانُ:«فَوَقَعْتُ فِي الْبَحْرِ، فَذَكَرْتُ قَوْلَهُ أَنَّهُ لَمْ يَقُلِ اللَّهُمَّ غَرِّقْهُ ، فَرَجَوْتُ أَنْ أَنْجُوَ ، فَسَبَحْتُ فَنَجَوْتُ ، فَأَسْلَمَ» ،
15716 -
فَهُوَ ذَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَدْ أُخْبِرَ بِإِسْلَامِهِ ، قَبْلَ ذَلِكَ بِزَمَانٍ ،
15717 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا الثَّقَفِيُّ ، عَنْ حُمَيْدٍ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ: حَاصَرْنَا تُسْتَرَ ، فَنَزَلَ الْهُرْمُزَانُ عَلَى حُكْمِ عُمَرَ. . . فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي قُدُومِهِ بِهِ عَلَى عُمَرَ ، وَمَا جَرَى فِي أَمَانِهِ ،
15718 -
قَالَ أَنَسٌ: وَأَسْلَمَ وَفَرَضَ لَهُ ، يَعْنِي أَسْلَمَ الْهُرْمُزَانُ وَفَرَضَ لَهُ عُمَرُ ،
15719 -
وَرُوِّينَا عَنْ جُبَيْرِ بْنِ حَيَّةَ ، فِي حَدِيثِ الْأَهْوَازِ قِصَّةَ الْهُرْمُزَانِ مَعَ عُمَرَ ، وَقَوْلِ عُمَرَ: أَمَا لِي فَأَسْلَمَ ، قَالَ: نَعَمْ ، فَأَسْلَمَ ،
15720 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي
⦗ص: 25⦘
خَالِدٍ ، قَالَ: فَرَضَ عُمَرُ رضي الله عنه لِلْهُرْمُزَانِ دِهْقَانِ الْأَهْوَازِ الْعَطَاءَ حِينَ أَسْلَمَ
15721 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ ، أَخْبَرَنَا الْحُمَيْدِيُّ ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ خَلِيفَةَ ، قَالَ:«رَأَيْتُ الْهُرْمُزَانَ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَافِعًا يَدَيْهِ يُهِلُّ أَوْ يُكَبِّرُ» ،
15722 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَلَوِ اقْتَصَرَ هَذَا الشَّيْخُ عَلَى مَا احْتَجَّ بِهِ مَشَايخُهُ لَمْ يَقَعْ لَهُ هَذَا الْخَطَأُ الْفَاحِشُ ، وَلَكِنَّهُ يُغْرِبُ وَيُخْطِئُ ، وَلَا تَسْتَوْحِشْ مِنْ رَدِّ الْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ وَمُعَارَضَتِهَا بِأَمْثَالِ هَذَا. وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ
15723 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّبْعِيُّ فِي آخَرِينَ ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ» ،
15724 -
وَرُوِّينَاهُ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ ، وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ ، وَمَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
15725 -
وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ، وَأَبُو بَكْرٍ ، وَأَبُو زَكَرِيَّا ، وَأَبُو سَعِيدٍ ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْبَيْلَمَانِيِّ ، أَنَّ " رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَتَلَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ ،
⦗ص: 26⦘
فَرُفِعَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَقَالَ: «أَنَا أَحَقُّ مَنْ أَوْفَى بِذِمَّتِهِ» ، ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَقُتِلَ "
15726 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ ، أَخْبَرَنَا أَبُو حَنِيفَةَ ، عَنْ حَمَّادِ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، أَنَّ " رَجُلًا مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلِ قَتَلَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْحِيرَةِ ، فَكَتَبَ فِيهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَنْ يُدْفَعَ إِلَى أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ ، فَإِنْ شَاءُوا قَتَلُوا ، وَإِنْ شَاءُوا عَفَوْا ، فَدُفِعَ الرَّجُلُ إِلَى وَلِيِّ الْمَقْتُولِ إِلَى رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ حُنَيْنٌ مِنْ أَهْلِ الْحِيرَةِ ، فَقَتَلَهُ ، فَكَتَبَ عُمَرُ بَعْدَ ذَلِكَ: إِنْ كَانَ الرَّجُلُ لَمْ يَقْتُلْ فَلَا تَقْتُلُوهُ ، فَرَأَوْا أَنَّ عُمَرَ أَرَادَ أَنْ يُرْضِيَهُمْ مِنَ الدِّيَةِ "
15727 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ ، وَأَبُو زَكَرِيَّا ، وَأَبُو سَعِيدٍ ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، أَنَّ " شَاسَ الْجُذَامِيَّ ، قَتَلَ رَجُلًا مِنْ أَنْبَاطِ الشَّامِ ، فَرُفِعَ إِلَى عُثْمَانَ ، فَأَمَرَ بِقَتْلِهِ ، فَكَلَّمَهُ الزُّبَيْرُ وَنَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَنَهَوْهُ عَنْ قَتْلِهِ ، قَالَ: فَجَعَلَ دِيَتَهُ أَلْفَ دِينَارٍ "
15728 -
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ ، وَفِي كِتَابِ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعٍ ، عَنْ أَبَانَ بْنِ تَغْلِبَ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَيْمُونٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ ، عَنْ أَبِي الْجَنُوبِ الْأَسَدِيِّ ، قَالَ: أُتِيَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ بِرَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَتَلَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ ، قَالَ: فَقَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ ، فَأَمَرَ بِقَتْلِهِ ، فَجَاءَ أَخُوهُ ، فَقَالَ: قَدْ عَفَوْتُ ، قَالَ: فَلَعَلَّهُمْ هَدَّدُوكَ أَوْ فَرَقُوكَ وَفَزَعُوكَ؟ قَالَ: لَا ، وَلَكِنَّ قَتْلَهُ لَا يَرُدُّ عَلَيَّ أَخِي ، وَعَوَّضُونِي فَرَضِيتُ ، قَالَ: أَنْتَ أَعْلَمُ مَنْ كَانَ لَهُ ذِمَّتُنَا ، فَدَمُهُ كَدَمِنَا وَدِيَتُهُ كَدِيتِنَا " ،
15729 -
زَادَ أَبُو سَعِيدٍ فِي رِوَايَتِهِ ، قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَنُ ، شَهِدَ قَتْلَ رَجُلٍ بِذِمِّي بِكِتَابِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ
15730 -
قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ كَفَانَا الشَّافِعِيُّ الْجَوَّابَ عَنْ هَذِهِ الْأَخْبَارِ وَذَلِكَ فِيمَا أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَالَ
⦗ص: 28⦘
قَائِلٌ: فَقَدْ رَوَيْنَا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ الْبَيْلَمَانِيِّ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَتَلَ مُؤْمِنًا بِكَافِرٍ " ،
15731 -
قُلْنَا: أَفَرَأَيْتَ لَوْ كُنَّا نَحْنُ وَأَنْتَ نُثْبِتُ الْمُنْقَطِعَ بِحُسْنِ الظَّنِّ بِمَنْ رَوَى فَرُوِيَ حَدِيثَانِ: أَحَدُهُمَا مُنْقَطِعٌ ، وَالْآخَرُ مُتَّصِلٌ بِخِلَافِهِ أَيُّهُمَا كَانَ أَوْلَى بِنَا أَنْ نَتَّبِعَهُ؟ الَّذِي ثَبَّتْنَاهُ وَقَدْ عَرَفْنَا مَنْ رَوَاهُ بِالصِّدْقٍ ، أَوِ الَّذِي ثَبَّتْنَاهُ بِالظَّنِّ؟
15732 -
قَالَ: بَلِ الَّذِي ثَبَّتْنَاهُ مُتَّصِلًا ، قُلْنَا: فَحَدِيثُنَا مُتَّصِلٌ وَحَدِيثُ ابْنِ الْبَيْلَمَانِيِّ مُنْقَطِعٌ ، وَحَدِيثُ ابْنِ الْبَيْلَمَانِيِّ خَطَأٌ ، وَإِنَّمَا رَوَى ابْنُ الْبَيْلَمَانِيِّ أَنَّ عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ قَتَلَ كَافِرًا كَانَ لَهُ عَهْدٌ إِلَى مُدَّةٍ ، وَكَانَ الْمَقْتُولُ رَسُولًا ، فَقَتَلَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم " ،
15733 -
فَلَوْ كَانَ ثَابِتًا كُنْتُ قَدْ خَالَفْتُ الْحَدِيثَيْنِ حَدِيثِنَا وَحَدِيثِ ابْنِ الْبَيْلَمَانِيِّ ،
15734 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَالَّذِي قَتَلَهُ عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ قَبْلَ بَنِي النَّضِيرِ ، وَقَبْلَ الْفَتْحِ بِزَمَانٍ ، وَخُطْبَتُهُ صلى الله عليه وسلم «لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ» عَامَ الْفَتْحِ ، فَلَوْ كَانَ كَمَا يَقُولُ كَانَ مَنْسُوخًا ، قَالَ: فَلِمَ لَمْ يَقُلْ بِهِ وَيَقُولُ هُوَ مَنْسُوخٌ وَقُلْتُ هُوَ خَطَأٌ؟ قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَقَدْ عَاشَ عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ بَعْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم دَهْرًا ، وَأَنْتَ إِنَّمَا تَأْخُذُ الْعِلْمَ مِنْ بَعْدُ ، لَيْسَ لَكَ بِهِ مِثْلُ مَعْرِفَةِ أَصْحَابِنَا ، وَعَمْرٌو قَتَلَ اثْنَيْنِ وَدَاهُمَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ، وَلَمْ يَزِدِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم. . . عَلَى أَنْ قَالَ:«قَتَلْتَ رَجُلَيْنِ لَهُمَا مِنِّي عَهْدٌ لَأَدِيهُمَا» ،
15735 -
قَالَ: فَأَنَا بِهَذَا ، مَعَ مَا ذَكَرْنَا بِأَنَّ عُمَرَ كَتَبَ فِي رَجُلٍ مِنْ بَنِي شَيْبَانَ قَتَلَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْحِيرَةِ ، فَكَتَبَ أَنِ اقْتُلُوهُ ، ثُمَّ كَتَبَ بَعْدَ ذَلِكَ: لَا تَقْتُلُوهُ. . . أَفَرَأَيْتَ وَكَتَبَ أَنِ اقْتُلُوهُ وَقُتِلَ وَلَمْ يَرْجِعْ عَنْهُ ، أَكَانَ يَكُونُ لِعُمَرَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حُجَّةٌ؟ قَالَ: فَلَا ،
15736 -
قُلْنَا: فَأَحْسَنُ حَالِكَ أَنْ تَكُونَ احْتَجَجْتَ بِغَيْرِ حُجَّةٍ ، أَرَأَيْتَ لَوَ لَمْ يَكُنْ فِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم شَيْءٌ يُقِيمُ الْحُجَّةَ عَلَيْكَ بِهِ؟ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ إِلَّا مَا قَالَ عُمَرُ؟
⦗ص: 29⦘
أَكَانَ يَحْكُمُ بِحُكْمٍ ثُمَّ يَرْجِعُ عَنْهُ إِلَّا عَنْ عَلْمٍ بَلَغَهُ هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ أَوْ أَنْ يَرَى أَنَّ الَّذِيَ رَجَعَ إِلَيْهِ أَوْلَى بِهِ مِنَ الَّذِي قَالَ فَيَكُونُ قَوْلُهُ رَاجِعًا أَوْلَى أَنْ يَصِيرَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: فَلَعَلَّهُ أَرَادَ أَنْ يُرْضِيَهُ بِالدِّيَةَ؟ ،
15737 -
قُلْنَا: فَلَعَلَّهُ أَرَادَ أَنْ يُخِيفَهُ بِالْقَتْلِ وَلَا يَقْتُلُهُ؟ قَالَ: لَيْسَ هَذَا فِي الْحَدِيثٍ
15738 -
قُلْنَا: وَلَيْسَ مَا قُلْتُ بِهِ فِي الْحَدِيثِ ، قَالَ: فَقَدْ رُوِّيتُمْ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ ، أَنَّ عُمَرَ كَتَبَ فِي " مُسْلِمٍ قَتَلَ نَصْرَانِيًّا: إِنْ كَانَ الْقَاتِلُ قِتَّالًا ، فَاقْتُلُوهُ ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ قَتَّالٍ ، فَذَرُوهُ ، وَلَا تَقْتُلُوهُ "
15739 -
قُلْنَا: فَقَدْ رُوِّينَاهُ فَإِنْ ، شِئْتَ فَقُلْ هُوَ ثَابِتٌ ، وَلَا نُنَازِعُكَ فِيهِ ، قَالَ: قَالَ قَبْلَهُ: قُلْتُ: فَاتَّبِعْ عُمَرَ كَمَا قَالَ فَأَنْتَ لَا تَتَّبِعُهُ فِيمَا قَالَ ، قَالَ: وَلَا نَسْمَعُكَ تَحْتَجُّ بِمَا عَلَيْكَ ، قَالَ: فَثَبَتَ عَنْ عُمَرَ عِنْدَكُمْ فِي هَذَا شَيْءٌ؟ قُلْنَا: وَلَا حَرْفٌ ، وَهَذِهِ أَحَادِيثُ مُنْقَطِعَاتٌ أَوْ ضِعَافٌ أَوْ تَجْمَعُ الِانْقَطَاعَ وَالضَّعْفَ جَمِيعًا
15740 -
قَالَ: فَقَدْ رَوَيْنَا فِيهِ ، أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ ، «أَمَرَ بِمُسْلِمٍ قَتَلَ كَافِرًا أَنْ يَقْتُلُهَ ، فَقَامَ إِلَيْهِ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَمَنَعُوهُ ، فَوَدَاهُ بِأَلْفِ دِينَارٍ ، وَلَمْ يَقْتُلْهُ» ،
15741 -
فَقُلْتُ: هَذَا مِنْ حَدِيثِ مَنْ يُجْهَلُ فَإِنْ كَانَ غَيْرَ ثَابِتٍ فَدَعِ الِاحْتِجَاجَ بِهِ وَإِنْ كَانَ ثَابِتًا فَعَلَيْكَ فِيهِ حُكْمٌ وَلَكَ فِيهِ آخَرُ ، فَقُلْ بِهِ حَتَّى نَعْلَمَ أَنَّكَ قَدِ اتَّبَعْتَهُ عَلَى ضَعْفِهِ ،
15742 -
قَالَ: وَمَا عَلَيَّ مِنْهُ؟ قُلْنَا: زَعَمْتَ أَنَّهُ أَرَادَ قَتْلَهُ ، فَمَنَعَهُ أُنَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَرَجَعَ لَهُمْ ، فَهَذَا عُثْمَانُ وَنَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُجْمِعُونَ أَنْ لَا يُقْتَلَ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ ، فَقَدْ خَالَفْتُمْ ، قَالَ: فَقَدْ أَرَادَ قَتْلَهُ؟ قُلْنَا: قَدْ رَجَعَ فَالرُّجُوعُ أَوْلَى بِهِ ،
15743 -
قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ رُوِّينَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ ، ثُمَّ عَنْ صَالِحِ بْنِ مُحَمَّدٍ
⦗ص: 30⦘
الْحَافِظِ ، ثُمَّ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيُّ الْحَافِظُ ، أَنَّهُمْ ضَعَّفُوا حَدِيثَ ابْنِ الْبَيْلَمَانِيِّ ،
15744 -
قَالَ أَبُو الْحَسَنِ فِيمَا أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْهُ: ابْنُ الْبَيْلَمَانِيِّ ضَعِيفٌ لَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ إِذَا وَصَلَ الْحَدِيثَ ، فَكَيْفَ بِمَا يُرْسِلَهُ ،
15745 -
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: هَذَا حَدِيثٌ لَيْسَ بِمُسْنَدٍ وَلَا يُجْعَلُ مِثْلُهُ إِمَامًا يُسْفَكُ بِهِ دِمَاءُ الْمُسْلِمِينَ
15746 -
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَقَدْ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيِّ ، عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زِيَادٍ ، قَالَ:" قُلْتُ لِزُفَرَ: إِنَّكُمْ تَقُولُونَ إِنَّا نَدْرَأُ الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ وَإِنَّكُمْ جِئْتُمْ إِلَى أَعْظَمِ الشُّبُهَاتِ فَأَقْدَمْتُمْ عَلَيْهَا ، قَالَ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: قُلْتَ: الْمُسْلِمُ يُقْتَلُ بِالْكَافِرِ ، قَالَ: فَاشْهَدْ أَنْتَ عَلَى رُجُوعِي عَنْ هَذَا " ،
15747 -
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدٍ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْكَارِزِيُّ ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ ،. . . فَذَكَرَهُ
15748 -
وَرُوِّينَا عَنْ مَكْحُولٍ فِي قَتْلِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ نَبَطِيًّا وَقَوْلِ عُمَرَ: «اجْلِسْ لِلْقِصَاصِ» ، فَقَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: أَتُقِيدُ عَبْدَكَ مِنْ أَخِيكَ؟ فَتَرَكَ عُمَرُ الْقَوَدَ ، وَقَضَى عَلَيْهِ بِالدِّيَةِ " ،
15749 -
وَفِي حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ: فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: مَا يَنْبَغِي هَذَا وَلَمْ يُسَمِّ الْقَاتِلَ،
15750 -
وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْقِصَّةِ ، فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ:«أَرَأَيْتَ لَوَ قَتَلَ عَبْدًا لَهُ أَكُنْتَ قَاتِلَهُ بِهِ؟ فَصَمَتَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ثُمَّ قَضَى عَلَيْهِ بِأَلْفِ دِينَارٍ مُغَلِّظًا عَلَيْهِ»
15751 -
وَرُوِّينَا بِإِسْنَادِهِ مَوْصُولًا عَنْ سَالِمٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ «رَجُلًا مُسْلِمًا قَتَلَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَمْدًا ، وَرُفِعَ إِلَى عُثْمَانَ فَلَمْ يَقْتُلْهُ» وَأَمَّا الَّذِي رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ فِي قَتْلِ الْمُسْلِمِ بِالذِّمِّي ، فَإِنَّمَا رَوَاهُ عَنْهُ أَبُو الْجَنُوبِ ، وَأَبُو الْجَنُوبِ ضَعِيفُ الْحَدِيثِ ، قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيُّ فِيمَا أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْهُ ، وَقَالَهُ غَيْرُهُ أَيْضًا ،
15752 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ: وَفِي حَدِيثِ أَبِي جُحَيْفَةَ ، عَنْ عَلِيٍّ مَا دَلَّكُمْ أَنَّ عَلِيًّا لَا يَرْوِي عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا ، فَيَقُولُ بِخِلَافِهِ
15753 -
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ، وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبِ ، أَنَّهُمَا قَالَا:«لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ» وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
مَنْعُ قَتْلِ الْحُرِّ بِالْعَبْدِ
15754 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: «وَإِنَّمَا مَنَعَنَا مِنْ قَوَدِ الْعَبْدِ مِنَ الْحُرِّ مَا لَا اخْتِلَافَ بَيْنَنَا فِيهِ»
⦗ص: 33⦘
وَالسَّبَبُ الَّذِي قُلْنَاهُ لَهُ مَعَ الِاتِّبَاعِ أَنَّ الْحُرَّ كَامِلُ الْأَمْرِ فِي أَحْكَامِ الْإِسْلَامِ ، وَالْعَبْدَ نَاقِصٌ فِي أَحْكَامِ الْإِسْلَامِ ، وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِي شَرْحِهِ ، ثُمَّ نَاقَضَهُمْ لِمَنْعِهِمُ الْقِصَاصَ بَيْنَهُمَا فِي الْجِرَاحِ
15755 -
وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِالِاتِّبَاعِ مَا رُوِّينَا ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، " أَنَّ أَبَا بَكْرٍ ، وَعُمَرَ ، كَانَا لَا يَقْتُلَانِ الْحُرَّ يَقْتُلُ الْعَبْدَ
15756 -
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَارِثِ ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْمُقْرِئُ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْعَبَّاسِ الطَّبَرِيُّ ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَامِرٍ ، وَالْحَجَّاجُ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ،. . . فَذَكَرَهُ
15757 -
وَأَخْبَرَنَا الْإِمَامُ أَبُو عُثْمَانَ ، أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ
⦗ص: 34⦘
الْبَغَوِيُّ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ ، عَنْ حَجَّاجٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، «أَنَّ أَبَا بَكْرٍ ، وَعُمَرَ ، كَانَا لَا يُقِيدَانِ الْحُرَّ بِالْعَبْدِ»
15758 -
وَرُوِّينَا عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَشَجِّ ، أَنَّهُ قَالَ:«مَضَتَ السُّنَّةُ بِأَنْ لَا يُقْتَلَ الْحُرُّ الْمُسْلِمُ بِالْعَبْدِ» ،
15759 -
وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
15760 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَارِثِ الْفَقِيهُ ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدَكَ ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ تَمِيمٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ ، عَنْ جَابِرٍ ، عَنْ عَامِرٍ ، قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: «مِنَ السُّنَّةِ أَنْ لَا يُقْتَلَ مُسْلِمٌ بِذِي عَهْدٍ وَلَا حُرٌّ بِعَبْدٍ» ،
15761 -
تَابَعَهُ وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ ، عَنْ إِسْرَائِيلَ
15762 -
وَرُوِيَ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ ، عَنْ عَلِيٍّ ، وَعَبْدِ اللَّهِ: فِي " الْحُرِّ يَقْتُلُ الْعَبْدَ؟ ، قَالَا: الْقَوَدُ "
15763 -
وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنِ الْحَكَمِ ، قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ ، وَابْنُ عَبَّاسٍ:«إِذَا قَتَلَ الْحُرُّ الْعَبْدَ مُتَعَمِّدًا ، فَهُوَ قَوَدٌ» ،
⦗ص: 35⦘
15764 -
وَهَذَا لَا يَثْبُتُ لِانْقِطَاعِهِ ، وَلَا الْأَوَّلُ لِتَفَرُّدِ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ بِهِ
15765 -
وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ ، أَنَّهُ «لَمْ يَقُدْ حُرًّا بِعَبْدٍ» ،
15766 -
ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ
15767 -
وَرُوِّينَا عَنْ عَطَاءٍ ، وَالْحَسَنِ ، وَالزُّهْرِيِّ ، أَنَّهُمْ قَالُوا:«لَا يُقْتَلُ الْحُرُّ بِالْعَبْدِ» ،
15768 -
وَبِهِ قَالَ عِكْرِمَةُ ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ
15769 -
وَأَمَّا حَدِيثُ الْحَسَنِ ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ قَتَلَ عَبْدَهُ قَتَلْنَاهُ ، وَمَنْ جَدَعَهُ جَدَعْنَاهُ ، وَمَنْ خَصَاهُ خَصَيْنَاهُ» فَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْحُفَّاظِ إِلَى أَنَّ الْحَسَنَ ، عَنْ سَمُرَةَ كِتَابٌ ، وَأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ غَيْرَ حَدِيثِ الْعَقِيقَةِ ، وَقَدْ رَوَى قَتَادَةُ عَنْهُ هَذَا الْحَدِيثَ ،
15770 -
قَالَ قَتَادَةُ: ثُمَّ إِنَّ الْحَسَنَ نَسِيَ هَذَا الْحَدِيثَ ، فَقَالَ: " لَا يُقْتَلُ حُرٌّ بِعَبْدٍ ،
15771 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَمْ يَنْسَ الْحَدِيثَ لَكِنْ رَغِبَ عَنْهُ لِضَعْفِهِ أَوْ عَرَفَ مَا نَسَخَهُ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
15772 -
وَقَدْ رَوَى إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُنَيْنٍ ، عَنْ عَلِيٍّ: أَنَّ «رَجُلًا قَتَلَ عَبْدًا لَهُ ، فَجَلَدَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِائَةً ، وَنَفَاهُ سَنَةً وَمَحَا سَهْمَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَلَمْ يُقِدْهُ بِهِ» ،
⦗ص: 36⦘
15773 -
وَعَنْ إِسْحَاقَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَ ذَلِكَ ،
15774 -
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو حَازِمٍ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ بْنُ خَمِيرَوَيْهِ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ نَجْدَةَ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ ، حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ ،. . . فَذَكَرَهُ بِالْإِسْنَادَيْنِ ،
15775 -
وَهَذَا مِمَّا لَا تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ لِضَعْفِ إِسْحَاقَ ، وَإِسْمَاعِيلَ ،
15776 -
وَقَدْ قِيلَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، وَزَادَ: وَأَمَرَهُ أَنْ يَعْتِقَ رَقَبَةً
15777 -
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، فِي عَبْدٍ أَبْصَرَهُ سَيِّدُهُ أَظُنُّهُ قَالَ: يُقَبِّلُ جَارِيَةً لَهُ ، فَغَارَ ، فَجَبَّ مَذَاكِيرَهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«عَلَيَّ بِالرَّجُلِ» فَطُلِبَ فَلَمْ يُقْدَرْ عَلَيْهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «اذْهَبْ فَأَنْتَ حُرٌّ» ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلَى مَنْ نُصْرَتِي؟ قَالَ: «عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ» أَوْ قَالَ: «عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ» ،
15778 -
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ تَسْنِيمٍ الْعَتَكِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ ، حَدَّثَنَا سَوَّارٌ أَبُو حَمْزَةَ ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ ،. . . فَذَكَرَهُ ،
15779 -
وَرَوَاهُ أَيْضًا الْمُثَنَّى بْنُ الصَّبَّاحِ ، عَنْ عَمْرٍو
15780 -
وَرُوِيَ فِيهِ ، عَنْ عُمَرَ ، وَلَمْ يُثْبِتْ إِسْنَادَهُ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسِ ، أَنَّهُ " لَمْ يَرَ قَتْلَهُ بِعَبْدٍ ، وَقَالَ: لِيَعْتِقْ رَقَبَةً أَوْ لِيَصُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ "
قِيمَةُ الْعَبْدِ إِذَا قُتِلَ
15781 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله «فِي الْعَبْدِ يُقْتَلُ فِيهِ قِيمَتُهُ بَالِغَةٌ مَا بَلَغَتْ»
15782 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهَذَا يُرْوَى عَنْ عُمَرَ ، وَعَلِيٍّ رضي الله عنهما ، ثُمَّ جَعَلَهُ قِيَاسًا عَلَى «الْبَعِيرِ يُقْتَلُ ، وَالْمَتَاعُ يُسْتَهْلَكُ»
15783 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ الْحَسَنِ ، عَنِ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ ، عَنْ عُمَرَ ، وَعَلِيٍّ ، فِي " الْحُرِّ يَقْتُلُ الْعَبْدَ؟ قَالَا: ثَمَنُهُ بَالِغًا مَا بَلَغَ " ،
15784 -
وَهَذَا قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، وَالْحَسَنِ ، وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ
الرَّجُلُ يَقْتُلُ ابْنَهُ
15785 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ، وَأَبُو بَكْرٍ ، وَأَبُو زَكَرِيَّا ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي مُدْلِجٍ يُقَالُ لَهُ قَتَادَةُ حَذَفَ ابْنَهُ بِسَيْفٍ ، فَأَصَابَ سَاقَهُ ، فَنُزِيَ فِي جُرْحِهِ ، فَمَاتَ ، فَقَدْمَ سُرَاقَةُ بْنُ جُعْشُمٍ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ عُمَرُ: اعْدِدْ لِي عَلَى قُدَيْدٍ عِشْرِينَ وَمِائَةَ بَعِيرٍ حَتَّى أَقْدِمَ عَلَيْكَ ، فَلَمَّا قَدْمَ عُمَرُ أَخَذَ مِنْ تِلْكَ الْإِبِلِ ثَلَاثِينَ حِقَّةً ، وَثَلَاثِينَ جَذَعَةَ ، وَأَرْبَعِينَ خَلِفَةً ، ثُمَّ قَالَ: أَيْنَ أَخُو الْمَقْتُولِ؟ قَالَ: هَا أَنَا ذَا ، قَالَ: خُذْهَا فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَيْسَ لِقَاتِلٍ شَيْءٌ» ،
15786 -
زَادَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ فِي رِوَايَتِهِ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَدْ حَفِظْتُ عَنْ عَدَدٍ
⦗ص: 40⦘
مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ لَقِيتُهُمْ أَنْ لَا يُقْتَلَ الْوَالِدُ بِالْوَلَدِ ، وَبِذَلِكَ أَقُولُ ،
15787 -
قَالَ أَحْمَدُ: هَذَا الْحَدِيثُ مُنْقَطِعٌ وَهُوَ فِي الْقَوَدِ غَيْرُ مَرْفُوعٍ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، فَأَكَّدَهُ الشَّافِعِيُّ بِأَنَّ عَامَّةَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُونَ بِهِ ،
15788 -
وَقَدْ رُوِيَ مَرْفُوعًا مَوْصُولًا فِي الْقَوَدِ
15789 -
أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُعَاوِيَةَ النَّيْسَابُورِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ وَارَةَ ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سَابِقٍ ، حَدَّثَنَا عَمْرٌو ، يَعْنِي ابْنَ أَبِي قَيْسٍ عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ،. . . فَذَكَرَ قِصَّةً ، وَقَالَ فِيهَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: لَوْلَا أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لَا يُقَادُ الْأَبُ مِنَ ابْنِهِ» لَقَتَلْتُكَ هَلُمَّ دِيَتَهُ ، فَأَتَاهُ بِهَا ، فَدَفَعَهَا إِلَى وَرَثَتِهِ ، وَتَرَكَ أَبَاهُ ،
15790 -
وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ رَوَاهُ الدَّرَاقُطْنِيُّ ، عَنِ ابْنِ مَخْلَدٍ ، وَغَيْرِهِ ، عَنِ ابْنِ وَارَةَ ،
15791 -
وَرَوَاهُ الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَأَةَ ، عَنْ عَمْرٍو ، مَرْفُوعًا فِي إِقَادَةِ الِابْنِ مِنْ أَبِيهِ دُونَ الْأَبِ مِنَ ابْنِهِ ،
15792 -
وَالْحَجَّاجُ غَيْرُ مُحْتَجٍّ بِهِ
15793 -
وَرَوَاهُ الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ ، عَنْ عَرْفَجَةَ ، عَنْ عُمَرَ ، مَرْفُوعًا: «لَيْسَ
⦗ص: 41⦘
عَلَى الْوَالِدِ قَوَدٌ مِنْ وَلَدٍ» ،
15794 -
وَرَوَاهُ إِسْمَاعِيلُ الْمَكِّيُّ ، وَهُوَ ضَعِيفٌ ،
15795 -
غَيْرَ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَسَنِ الْعَنْبَرِيَّ قَدْ تَابَعَهُ عَلَى رِوَايَتِهِ عَنْ عَمْرٍو هُوَ ابْنُ دِينَارٍ
الْقَوَدُ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ ، وَبَيْنَ الْعَبِيدِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ
15796 -
قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي التَّرْجَمَةِ ، وَذَكَرَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ ، يُذْكَرُ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، أَنَّهُ قَالَ:«تُقَادُ الْمَرْأَةُ مِنَ الرَّجُلِ فِي كُلِّ عَمْدٍ يَبْلُغُ نَفْسَهُ ، فَمَا دُونَهَا مِنَ الْجِرَاحِ» ،
15797 -
قَالَ الْبُخَارِيُّ ، وَبِهِ قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، وَأَبُو الزِّنَادِ عَنْ أَصْحَابِهِ
15798 -
قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَجَرَحَتْ أُخْتُ الرَّبِيعِ إِنْسَانًا ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«الْقِصَاصُ»
15799 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، فِيمَا كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ:«يُقَادُ الْمَمْلُوكُ مِنَ الْمَمْلُوكِ فِي كُلِّ عَمْدٍ يَبْلُغُ نَفْسَهُ فَمَا دُونَ ذَلِكَ»
15800 -
وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ ، أَنَّهُ قَالَ: «تَجْرِي جِرَاحَاتُ الْعَبِيدِ عَلَى مَا تَجْرِي عَلَيْهِ
⦗ص: 43⦘
جِرَاحَاتُ الْأَحْرَارِ» ،
15801 -
وَرَوَى عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ فِي التَّفْسِيرِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، مِثْلَ قَوْلِ عُمَرَ ،
15802 -
وَرُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ، نَحْوُ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ ،
15803 -
وَقَدْ ذَكَرْنَا أَسَانِيدَ الْأَكْثَرِ مِنْ هَذِهِ الْآثَارِ فِي كِتَابِ السُّنَنِ ،
15804 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِذَا كَانَتَ النَّفْسُ الَّتِي هِيَ الْأَكْثَرُ بِالنَّفْسِ فَالَّذِي هُوَ أَقَلُّ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ بِالَّذِي هُوَ أَقَلُّ ،
15805 -
قَالَ: وَلَيْسَ الْقِصَاصُ مِنَ الْعَقْلِ ، فَسُئِلَ وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ
النَّفَرُ يَقْتُلُونَ الرَّجُلَ أَوْ يُصِيبُونَهُ بِجُرْحٍ
15806 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ، وَأَبُو زَكَرِيَّا ، وَأَبُو بَكْرٍ ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ، قَتَلَ نَفَرًا خَمْسَةً أَوْ سَبْعَةً بِرَجُلٍ قَتَلُوهُ قَتْلَ غِيلَةٍ ، وَقَالَ عُمَرُ: لَوْ تَمَالَأَ عَلَيْهِ أَهْلُ صَنْعَاءَ لَقَتَلْتُهُمْ جَمِيعًا " ،
15807 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ: وَقَدْ سَمِعْتُ عَدَدًا مِنَ الْمُفْتِينَ وَبَلَغَنِي عَنْهُمْ يَقُولُونَ: إِذَا قَتَلَ الرَّجُلَانِ أَوِ الثَّلَاثَةُ أَوْ أَكْثَرُ الرَّجُلَ عَمْدًا فَلِوَلِيِّهِ قَتْلُهُمْ مَعًا
15808 -
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ ، فِي التَّرْجَمَةِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ " غُلَامًا قُتِلَ غِيلَةً ، فَقَالَ عُمَرُ: لَوِ اشْتَرَكَ فِيهِ أَهْلُ صَنْعَاءَ لَقَتَلْتُهُمْ " ،
15809 -
وَقَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ حَكِيمٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، إِنَّ أَرْبَعَةً قَتَلُوا صَبِيًّا ، فَقَالَ عُمَرُ. . . مِثْلَهُ ،
15810 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَرُوِيَ مَعْنَاهُ ، عَنْ عَلِيٍّ
15811 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ مُطَرِّفٍ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ " رَجُلَيْنِ أَتَيَا عَلِيًّا فَشَهِدَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ سَرَقَ ، فَقَطَعَ عَلِيٌّ يَدَهُ ، ثُمَّ أَتَيَاهُ بِآخَرَ ، فَقَالَا: هَذَا الَّذِي سَرَقَ ، وَأَخْطَأْنَا عَلَى الْأَوَّلِ ، فَلَمْ يُجِزْ شَهَادَتَهُمَا عَلَى الْآخَرِ ، وَغَرَّمَهُمَا دِيَةَ يَدِ الْأَوَّلِ ، وَقَالَ: لَوْ أَعْلَمُكُمَا تَعَمَّدْتُمَا لَقَطَعْتُكُمَا «ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي تَرْجَمَةِ الْبَابِ،
15812 -
وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ» قَتَلَ ثَلَاثَةَ نَفَرٍ بِرَجُلٍ " ،
15813 -
وَعَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ ، أَنَّهُ قَتَلَ سَبْعَةً ،
15814 -
وَبِهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ ، وَالشَّعْبِيُّ ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ
بَابُ صِفَةِ قَتْلِ الْعَمْدِ ، وَشِبْهِ الْعَمْدِ ، وَالْخَطَأِ
15815 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ
⦗ص: 47⦘
الشَّافِعِيُّ رحمه الله: " الْقَتْلُ ثَلَاثَةُ وُجُوهٍ: عَمْدٌ: وَهُوَ مَا عَمَدَهُ الْمَرْءُ بِالْحَدِيدِ الْمُتَّخَذِ لِلْقَتْلِ ، وَبِمَا الْأَغْلَبُ أَنَّهُ لَا يُعَاشُ مِنْ مِثْلِهِ بِكَثْرَةِ الضَّرْبِ وَتَتَابُعِهِ ، أَوْ عِظَمِ مَا يُضْرَبُ بِهِ مِثْلُ فَضْخِ الرَّأْسِ وَمَا أَشْبَهُ ، فَهَذَا كُلُّهُ عَمْدٌ " ،
15816 -
وَالْخَطَأُ: كُلُّ مَا ضَرَبَ الرَّجُلُ أَوْ رَمَى يُرِيدُ شَيْئًا فَأَصَابَ غَيْرَهُ ، وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ بِحَدِيدٍ أَوْ غَيْرِهِ ،
15817 -
وَشِبْهُ الْعَمْدِ: وَهُوَ مَا عَمَدَ بِالضَّرْبِ الْخَفِيفِ بِغَيْرِ الْحَدِيدِ مِثْلِ الضَّرْبِ بِالسَّوْطٍ ، أَوِ الْعِصِيِّ ، أَوِ الْيَدِ ، فَأَتَى عَلَى بَدَنِ الْمَضْرُوبِ ، فَهَذَا الْعَمْدُ فِي الْفِعْلِ الْقَتْلُ فِي الْخَطَأِ ، وَهُوَ الَّذِي يَعْرِفُهُ الْعَامَّةُ بِشِبْهِ الْعَمْدِ ،
⦗ص: 48⦘
15818 -
وَفِي هَذِهِ الدِّيَةُ مُغَلَّظَةٌ ، فِيهِ ثَلَاثُونَ حِقَّةً ، وَثَلَاثُونَ جَذَعَةً ، وَأَرْبَعُونَ خَلِفَةً مَا بَيْنَ ثَنِيَّةٍ إِلَى بَازِلِ عَامِهَا
15819 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ رَبِيعَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«أَلَا إِنَّ فِي قَتْلِ الْعَمْدِ الْخَطَأِ بِالسَّوْطِ ، أَوِ الْعَصَا مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ مُغَلَّظَةٌ مِنْهَا أَرْبَعُونَ خَلِفَةً فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا»
15820 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ إِسْحَاقُ الْفَقِيهُ ، أَخْبَرَنَا شَافِعُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ رَبِيعَةَ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَامَ عَلَى دَرَجَةِ الْكَعْبَةِ يَوْمَ الْفَتْحِ ، فَقَالَ: «الْحَمْدُ
⦗ص: 49⦘
لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَ وَعْدَهُ وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ. . . أَلَا إِنَّ قَتِيلَ الْعَمْدِ الْخَطَأِ بِالسَّوْطِ أَوِ الْعَصَا فِيهِ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ مُغَلَّظَةٌ مِنْهَا أَرْبَعُونَ خَلِفَةً فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا. . . أَلَا وَإِنَّ كُلَّ مَأْثَرَةٍ وَدَمٍ وَمَالٍ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَهُوَ تَحْتَ قَدْمَيَّ هَاتَيْنِ إِلَّا مَا كَانَ مِنْ سِقَايَةِ الْحَاجِّ ، وَسِدَانَةِ الْبَيْتِ ، فَإِنِّي أَمْضَيْتُهُمَا لِأَهْلِهِمَا كَمَا كَانَتَا»
15821 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ ، وَأَبُو زَكَرِيَّا ، وَأَبُو سَعِيدٍ ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ طَاوُسٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«مِنْ قُتِلَ فِي عِمِّيَّا فِي رَمْيٍ يَكُونُ بَيْنَهُمْ بِحِجَارَةٍ ، أَوْ جُلِدَ بِالسَّوْطِ ، أَوْ ضُرِبَ بِعَصًا ، فَهُوَ خَطَأٌ عَقْلُهُ عَقْلُ الْخَطَأِ ، وَمَنْ قُتِلَ عَمْدًا ، فَقَوَدُ يَدَيْهِ ، وَمَنْ حَالَ دُونَهُ ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَغَضَبُهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ» ،
15822 -
قَالَ أَحْمَدُ: الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ رَبِيعَةَ ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ أَوْسٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي السُّنَنِ ،
15823 -
وَالْحَدِيثُ الثَّانِي مُرْسَلٌ وَقَدْ رَوَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ ، عَنْ عَمْرِو
⦗ص: 50⦘
بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ طَاوُسٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَوْصُولًا ، وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي السُّنَنِ ، وَقَوْلُهُ:«هُوَ خَطَأٌ عَقْلُهُ عَقْلُ الْخَطَأِ» يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ فَهُوَ شِبْهُ خَطَأٍ لَا يَجِبُ بِهِ الْقَوَدُ كَالْحَدِيثِ الْأَوَّلِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
15825 -
وَالْأَصْلُ فِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ بِالْمِثْلِ مِنْ طَرِيقِ السُّنَّةِ مَا أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّغَانِيُّ ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ جَارِيَةً رُضِخَ رَأْسُهَا بَيْنَ حَجَرَيْنٍ ، فَقِيلَ لَهَا: مَنْ فَعَلَ هَذَا بِكَ أَفُلَانٌ؟ أَفُلَانٌ؟. حَتَّى سَمَّى الْيَهُودِيَّ ، فَأَوْمَتْ بِرَأْسِهَا ، فَبَعَثَ إِلَى الْيَهُودِيِّ فَاعْتَرَفَ:«فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَرَضَخَ رَأْسَهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ» أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ ، وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ ، مِنْ حَدِيثِ هَمَّامِ بْنِ يَحْيَى
15826 -
وَرُوِّينَا عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ ، عَنْ مِرْدَاسٍ ، أَنَّ «رَجُلًا رَمَى رَجُلًا بِحَجَرٍ ، فَقَتَلَهُ ، فَأُتِيَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ، فَأَقَادَهُ مِنْهُ» ،
15827 -
أَخْبَرَنَاهُ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانٍ ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ ،
⦗ص: 51⦘
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ الضَّبِّيُّ ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَابِرٍ ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ ، عَنْ مِرْدَاسٍ. . .، فَذَكَرَهُ ،
15828 -
تَابَعَهُ الْوَلِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ ،
15829 -
وَرَوَاهُ الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَأَةَ ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَشْيَاخُنَا الَّذِينَ ، أَدْرَكُوا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم. . . . فَذَكَرَهُ
15830 -
وَأَمَّا حَدِيثُ الْمَرْأَةِ الَّتِي ضَرَبَتْ ضَرَّتَهَا بِعَمُودِ فُسْطَاطٍ ، فَقَدْ رَوَى أَبُو عَاصِمٍ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ طَاوُسٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ عُمَرَ: " سَأَلَ النَّاسَ فِي الْجَنِينِ؟ فَقَامَ حَمَلُ بْنُ مَالِكِ بْنِ النَّابِغَةِ فَقَالَ: كُنْتُ بَيْنَ امْرَأَتَيْنِ لِي ، فَضَرَبَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى بِعَمُودٍ ، وَفِي بَطْنِهَا جَنِينٌ فَقَتَلَتْهَا ، فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْجَنِينِ بِغُرَّةٍ ، وَقَضَى أَنْ تُقْتَلَ الْمَرْأَةُ بِالْمَرْأَةِ "
15831 -
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارُ ، بِبَغْدَادَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ ،. . . فَذَكَرَهُ ،
15832 -
وَذَكَرَهُ أَيْضًا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَضَى بِدِيَتِهَا وَبِغُرَّةٍ فِي جَنِينِهَا ، وَقَدْ تَضْرِبُهَا ضَرْبًا الْأَغْلَبُ أَنْ لَا تَمُوتَ مِنْهُ فَلَا يَجِبُ بِهِ الْقِصَاصُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ،
15833 -
وَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مَا دَلَّ عَلَى وُجُوبِ الْقِصَاصِ بِالضَّرْبِ بِالْعِصِيِّ وَغَيْرِهِ إِذَا كَانَ مِثْلُهُ يَقْتُلُ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
⦗ص: 52⦘
15834 -
وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ ، أَنَّهُ قَالَ:«الْعَمْدُ كُلُّهُ قَوَدٌ»
15835 -
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّهُ قَالَ فِي " رَجُلٍ أَحْرَقَ دَارًا عَلَى قَوْمٍ ، فَاحْتَرَقُوا ، قَالَ: يُقْتَلُ " ،
15836 -
ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْهُمَا
15837 -
وَأَمَّا حَدِيثُ النُّعْمَانِ بْنِ بُشَيْرٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«كُلُّ شَيْءٍ خَطَأٌ إِلَّا السَّيْفَ» فَمَدَارُهُ عَلَى جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ ، وَقَيْسِ بْنِ الرَّبِيعِ وَهُمَا غَيْرُ مُحْتَجٍّ بِهِمَا ، وَفِي بَعْضِ أَلْفَاظِهِ: " إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ خَطَأً إِلَّا السَّيْفَ.
15838 -
وَقَدِ احْتَجَّ الشَّافِعِيُّ فِي جَوَازِ وُقُوعِ قَتْلِ الْخَطَأِ بِالْحَدِيدِ ، بِحَدِيثِ أَنَّ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ قُتِلَ أَبُوهُ يَوْمَ أُحُدٍ بِالْحَدِيدِ ، وَحُذَيْفَةُ يَقُولُ: أَبِي أَبِي ،
15839 -
قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بِإِسْنَادِهِ
15840 -
وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عُرْوَةَ ، أَنَّهُ قَالَ:" أَخْطَأَ بِهِ الْمُسْلِمُونَ يَوْمَئِذٍ ، فَتَوَشَّقُوهُ بِأَسْيَافِهِمْ يَحْسَبُونَهُ مِنَ الْعَدُوِّ ، وَحُذَيْفَةُ يَقُولُ: أَبِي أَبِي ، فَلَمْ يَفْقَهُوا قَوْلَهُ حَتَّى فَرَغُوا مِنْهُ ، فَوَدَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "
⦗ص: 53⦘
15841 -
قَالَ أَحْمَدُ: «وَاخْتَلَفَتِ الْأَسَانِيدُ فِي الْمَرْأَةِ الَّتِي سَمَّتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِخَيْبَرَ ، فَرُوِيَ أَنَّهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهَا ، وَرُوِيَ أَنَّهُ أَكَلَ مِنْ تِلْكَ الشَّاةِ الْمَسْمُومَةِ بِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ فَمَاتَ ، فَقَتَلَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَيُحْتَمَلَ أَنَّهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهَا فِي الِابْتِدَاءِ ،
⦗ص: 54⦘
فَلَمَّا مَاتَ مِنْهُ بِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ أَمَرَ بِقَتْلِهَا ، وَهَذَا هُوَ الْأَظْهَرُ» وَاللَّهُ أَعْلَمُ
الْحَالُ الَّتِي إِذَا قُتِلَ بِهَا الرَّجُلُ أُقِيدَ مِنْهُ
15842 -
أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ، إِجَازَةً عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ ، عَنِ الرَّبِيعِ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَدْ «خَرَقَ مَعِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مِنْ مَوْضِعَيْنِ ، وَعَاشَ ثَلَاثًا وَلَوْ قَتَلَهُ أَحَدٌ فِي تِلْكَ الْحَالِ كَانَ قَاتِلًا ، وَبَرِئَ الَّذِي جَرَحَهُ مِنَ الْقَتْلِ فِي الْحُكْمِ»
قَتْلُ الْإِمَامِ
15843 -
أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ، إِجَازَةً ، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ ، عَنِ الرَّبِيعِ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: " بَلَغَنَا أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ ، رضي الله عنه ، وَلَّى رَجُلًا عَلَى الْيَمَنِ ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ أَقْطَعَ الْيَدِ وَالرِّجْلِ ، فَذَكَرَ أَنَّ وَالِيَ الْيَمَنِ ظَلَمَهُ ، فَقَالَ: لَئِنْ كَانَ ظَلَمَكَ لَأَقِيدَ لَكَ مِنْهُ " ،
15844 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَبِهَذَا نَأْخُذُ ،
15845 -
قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ رُوِّينَا مَعْنَى ، هَذَا فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُرْوَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ،
⦗ص: 58⦘
15846 -
وَعَنْ مَعْمَرٍ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ
15847 -
وَرُوِّينَا عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ ، عَنْ عُبَيْدَةَ بْنِ مُسَافِعٍ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، قَالَ: بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْسِمُ شَيْئًا أَقْبَلَ رَجُلٌ ، فَأَكَبَّ عَلَيْهِ ، فَطَعَنَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِعُرْجُونٍ كَانَ مَعَهُ ، فَجُرِحَ الرَّجُلُ ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«تَعَالَ وَاسْتَقِدْ» ، فَقَالَ: بَلْ عَفَوْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ فِي آخَرِينَ ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ. . . فَذَكَرَهُ ،
15848 -
وَأَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، عَنْ عَمْرٍو ،. فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ:«يَقْسِمُ قَسْمًا» وَقَالَ: «فَجُرِحَ بِوَجْهِهِ»
15849 -
وَرُوِّينَا عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُرْوَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ أَبَا جَهْمٍ مُصَدِّقًا فَلَاجَّهُ رَجُلٌ فِي صَدَقَتِهِ ، فَضَرَبَهُ أَبُو جَهْمٍ ، فَشَجَّهُ ، فَأَتَوَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالُوا: الْقَوَدُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«لَكُمْ كَذَا وَكَذَا» ، فَلَمْ يَرْضَوْا ، فَقَالَ:«لَكُمْ كَذَا وَكَذَا» ، فَلَمْ يَرْضَوْا ، فَقَالَ:«لَكُمْ كَذَا وَكَذَا» فَرَضُوا ". . . وَذَكَرَ الْحَدِيثَ ،
⦗ص: 59⦘
15850 -
هَكَذَا رَوَاهُ مَعْمَرٌ مَوْصُولًا ،
15851 -
وَرَوَاهُ يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، قَالَ: بَلَغَنَا. . . فَذَكَرَهُ مُنْقَطِعًا ،
15852 -
وَمَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ حَافَظٌ ، قَدْ أَقَامَ إِسْنَادَهُ فَقَامَتْ بِهِ الْحُجَّةُ
15853 -
وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ ، وَعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، وَعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ:«أَنَّهُمْ أَعْطَوَا الْقَوَدَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ، فَلَمْ يَسْتَقِدْ مِنْهُمْ وَهُمْ سَلَاطِينُ» أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. . . فَذَكَرَهُ
15854 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِيمَا بَلَغَهُ ، عَنْ حَمَّادٍ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ خِلَاسٍ ، عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ:" إِذَا أَمَرَ الرَّجُلُ عَبْدَهُ أَنْ يَقْتُلَ رَجُلًا فَإِنَّمَا هُوَ كَسَيْفِهِ أَوْ كَسَوْطِهِ: يُقْتَلُ الْمَوْلَى ، وَيُحْبَسُ الْعَبْدُ فِي السِّجْنِ " ،
15855 -
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: يُقْتَلُ الْآمِرُ ، وَلَا يُقْتَلُ الْعَبْدُ ،
15856 -
وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْعَبْدِ إِذَا كَانَ أَعْجَمِيًّا لَا يَعْقِلُ أَوْ صَبِيًّا
15857 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، فِيمَا حَكَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ الْحِمْصِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ جُرَيْجٍ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه: أَنَّهُ " قَضَى فِي رَجُلٍ قَتَلَ رَجُلًا مُتَعَمِّدًا وَأَمْسَكَهُ آخَرُ ، قَالَ: يُقْتَلُ الْقَاتِلُ وَيُحْبَسُ الْآخَرُ فِي السِّجْنِ حَتَّى يَمُوتَ " ،
⦗ص: 60⦘
15858 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: حَدَّ اللَّهُ تبارك وتعالى النَّاسَ عَلَى الْفِعْلِ نَفْسِهِ وَجَعَلَ فِيهِ الْقَوَدَ ، وَتَلَا الْآيَاتِ الَّتِي وَرَدَتْ فِيهِ وَفِي الْحُدُودِ ،
15859 -
فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا حَبَسَ رَجُلًا لِرَجُلٍ ، فَقَتَلَهُ قُتِلَ الْقَاتِلُ وَعُوقِبَ الْحَابِسُ ،
15860 -
ثُمَّ نَاقَضَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِيمَا أَدْخَلَ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ حِينَ قَالَ بَعْضُهُمْ: «يُقْتَلُ كِلَاهُمَا» بِمَا قَالَ فِي قَتْلِ الرَّدْعِ فِي قُطَّاعِ الطَّرِيقِ
15861 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ:«يُقْتَلُ الْقَاتِلُ وَيُحْبَسُ الْمُمْسِكُ حَتَّى يَمُوتَ ، وَهُوَ لَا يُحْبَسُ حَتَّى يَمُوتَ ، فَيُخَالِفُ مَا احْتَجَّ بِهِ» ،
15862 -
قَالَ أَحْمَدُ: رِوَايَاتُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، ضَعِيفَةٌ ، وَعَطَاءٌ عَنْ عَلِيٍّ ، مُرْسَلٌ
15863 -
وَقَدْ رَوَاهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ ، عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ ، عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ عَلِيٍّ ، قَالَ:«يُقْتَلُ الْقَاتِلُ وَيُحْبَسُ الْمُمْسِكُ» ،
15864 -
وَجَابِرٌ غَيْرُ مُحْتَجٍّ بِهِ
15865 -
وَرَوَى سُفْيَانُ ، وَغَيْرُهُ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ ، قَالَ: قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي رَجُلٍ أَمْسَكَ رَجُلًا وَقَتَلَ الْآخَرُ ، قَالَ:«يُقْتَلُ الْقَاتِلُ ، وَيُحْبَسُ الْمُمْسِكُ» ،
15866 -
وَهَذَا مُنْقَطِعٌ ،
15867 -
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي دَاوُدَ الْحَفَرِيِّ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، مَوْصُولًا ، وَالصَّوَابُ مُرْسَلٌ
بَابُ الْخِيَارِ فِي الْقِصَاصِ
15868 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ، وَأَبُو زَكَرِيَّا ، وَأَبُو بَكْرٍ ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا مُعَاذُ بْنُ مُوسَى ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ مَعْرُوفٍ ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ ، قَالَ مُقَاتِلٌ: أَخَذْتُ هَذَا التَّفْسِيرَ عَنْ نَفَرٍ ، حَفِظَ
⦗ص: 62⦘
مُعَاذٌ مِنْهُمْ ، مُجَاهِدٌ ، وَالْحَسَنُ ، وَالضَّحَّاكُ بْنُ مُزَاحِمٍ فِي قَوْلِهِ عز وجل: " {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 178] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ ، قَالَ: كَانَ كُتِبَ عَلَى أَهْلِ التَّوْرَاةِ: مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ حَقٌّ أَنْ يُقَادَ بِهَا ، وَلَا يُعْفَى عَنْهُ ، وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ الدِّيَةُ ، وَفُرِضَ عَلَى أَهْلِ الْإِنْجِيلِ: أَنْ يُعْفَى عَنْهُ وَلَا يُقْتَلُ ، وَرُخِّصَ لَأُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم إِنْ شَاءَ قَتَلَ ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الدِّيَةَ ، وَإِنْ شَاءَ عَفَا ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ:{ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ} [البقرة: 178] ،
15869 -
يَقُولُ: الدِّيَةُ تَخْفِيفٌ مِنَ اللَّهِ إِذْ جَعَلَ الدِّيَةَ وَلَا يُقْتَلُ ،
15870 -
ثُمَّ قَالَ: {فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [البقرة: 178]، يَقُولُ: مَنْ قَتَلَ بَعْدَ أَخْذِهِ الدِّيَةَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ ،
15871 -
وَقَالَ فِي قَوْلِهِ: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ} [البقرة: 179] حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ يَقُولُ: لَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَنْتَهِي بِهَا بَعْضُكُمْ عَنْ بَعْضٍ أَنْ يُصِيبَ مَخَافَةَ أَنْ يُقْتَلَ
15872 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ، وَأَبُو بَكْرٍ ، وَأَبُو زَكَرِيَّا ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ ، أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ ، قَالَ: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا ، يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ ، يَقُولُ: كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ الْقِصَاصُ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِمَ الدِّيَةُ ، فَقَالَ اللَّهُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ: " {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي
⦗ص: 63⦘
الْقَتْلَى الْحَرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ} [البقرة: 178] قَالَ: الْعَفْوُ أَنْ يَقْبَلَ الدِّيَةَ فِي الْعَمْدٍ: {فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة: 178] مِمَّا كُتِبَ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ {فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [البقرة: 178] " أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ ،
15873 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ: وَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي هَذَا كَمَا قَالَ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ،
15874 -
وَكَذَلِكَ قَالَ مُقَاتِلٌ وَتَقَصِّي مُقَاتِلٍ فِيهِ أَكْثَرُ مِنْ تَقَصِّي ابْنِ عَبَّاسٍ ،
15875 -
وَالتَّنْزِيلُ يَدُلُّ عَلَى مَا قَالَ مُقَاتِلٌ لِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ إِذْ ذَكَرَ الْقِصَاصَ ثُمَّ قَالَ: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 178] لَمْ يَجُزْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنْ يُقَالَ: إِنْ عُفِيَ إِنْ صُولِحَ عَنْ أَخْذِ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّ الْعَفْوَ تَرْكُ حَقٍّ بِلَا عِوَضٍ ، فَلَمْ يَجُزْ إِلَّا أَنْ يَكُونَ: إِنْ عُفِيَ عَنِ الْقَتْلِ ، فَإِذَا عُفِيَ لَمْ يَكُنْ إِلَيْهِ سَبِيلٌ ، وَصَارَ لِعَافِي الْقَتْلِ مَالٌ فِي مَالِ الْقَاتِلِ وَهُوَ دِيَةُ قَتِيلِهِ ، فَيَتَّبِعُهُ بِمَعْرُوفٍ وَيُؤَدِّي إِلَيْهِ الْقَاتِلُ بِإِحْسَانٍ ،
15876 -
وَلَوْ كَانَ إِذَا عُفِيَ عَنِ الْقَاتِلِ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ لَمْ يَكُنْ لِلْعَافِي أَنْ يَتَّبِعَهُ ، وَلَا عَلَى الْقَاتِلِ شَيْءٌ يُؤَدِّيهِ بِإِحْسَانٍ ،
15877 -
قَالَ: وَقَدْ جَاءَتَ السُّنَّةُ مَعَ بَيَانِ الْقُرْآنِ بِمِثْلِ مَعْنَى الْقُرْآنِ
15878 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ، وَأَبُو بَكْرٍ ، وَأَبُو زَكَرِيَّا ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ ، عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْكَعْبِيِّ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّمَ مَكَّةَ وَلَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ ، فَلَا يَحِلُّ لِمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَسْفِكَ بِهَا دَمًا ، وَلَا يَعْضِدَ بِهَا شَجَرًا ، فَإِنِ ارْتَخَصَ أَحَدٌ ، فَقَالَ: أُحِلَّتْ لِرَسُولِ اللَّهِ ، فَإِنَّ اللَّهَ أَحَلَّهَا لِي وَلَمْ يُحِلَّهَا لِلنَّاسِ ، وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ ، ثُمَّ هِيَ حَرَامٌ كَحُرْمَتِهَا بِالْأَمْسِ ، ثُمَّ إِنَّكُمْ يَا خُزَاعَةُ قَدْ قَتَلْتُمْ هَذَا الْقَتِيلَ مِنْ هُذَيْلٍ ، وَأَنَا وَاللَّهِ عَاقِلُهُ ، مَنْ قَتَلَ بَعْدَهُ قَتِيلًا فَأَهْلُهُ بَيْنَ خِيَرَتَيْنِ: إِنْ أَحَبُّوا قَتَلُوا ، وَإِنْ أَحَبُّوا أَخَذُوا الْعَقْلَ "
15879 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ فِي كِتَابِ الدِّيَاتِ ، وَأَبُو بَكْرٍ ، وَأَبُو زَكَرِيَّا ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ ، عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْكَعْبِيِّ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَأَهْلُهُ بَيْنَ خِيَرَتَيْنِ إِنْ أَحَبُّوا فَلَهُمُ الْعَقْلُ ، وَإِنْ أَحَبُّوا فَلَهُمُ الْقَوَدُ» ،
15880 -
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا الثِّقَةُ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ ، أَوْ مِثْلَ مَعْنَاهُ
⦗ص: 65⦘
15881 -
وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ مُخَرَّجٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ شَيْبَانَ ، وَالْأَوْزَاعِيِّ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي الْحَدِيثِ:" وَمَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ: إِمَّا أَنْ يُعْطَى الدِّيَةَ ، وَإِمَّا أَنْ يُقَادَ أَهْلُ الْقَتِيلِ " ،
15882 -
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: «إِمَّا أَنْ يُؤَدِّيَ ، وَإِمَّا أَنْ يُقَادَ» ،
15883 -
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: «إِمَّا أَنْ يُقَادَ ، وَإِمَّا أَنْ يُفَادَى» ،
15884 -
وَهَذَا الِاخْتِلَافُ فِي لَفْظِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ أَصْحَابِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ، فَاللَّفْظُ الَّذِي يُوَافِقُ حَدِيثَ أَبِي شُرَيْحٍ أَوْلَى
15885 -
وَقَدْ رُوِيَ حَدِيثُ أَبِي شُرَيْحٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ كَذَلِكَ ، وَذَلِكَ فِيمَا أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ الْوَهْبِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ الْفُضَيْلِ ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ أَبِي الْعَوْجَاءِ السُّلَمِيِّ ، عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيِّ ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ أُصِيبَ بِدَمٍ فَهُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ إِحْدَى ثَلَاثٍ ، فَإِنْ أَرَادَ الرَّابِعَةَ ، فَخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ بَيْنَ أَنْ يَقْتَصَّ ، أَوْ يَعْفُوَ ، أَوْ يَأْخُذَ الْعَقْلَ ، فَإِنْ قَبِلَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا ، ثُمَّ عَدَا بَعْدَ ذَلِكَ ، فَإِنَّ لَهُ النَّارَ» ،
15886 -
وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ لَا تُخَالِفُ حَدِيثَ حُمَيْدٍ ، عَنْ أَنَسٍ فِي كَسْرِ الرُّبَيِّعِ ثَنِيَّةَ جَارِيَةٍ ، وَقَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«كِتَابُ اللَّهِ الْقِصَاصُ» ،
15887 -
وَذَلِكَ لِأَنَّ كِتَابَ اللَّهِ الْقِصَاصُ إِلَّا أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُ وَلِيُّ الدَّمِ ، وَلَيْسَ هُنَاكَ إِذَا لَمْ يُنْقَلْ فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ التَّخْيِيرُ بَيْنَ الدِّيَةِ وَالْقِصَاصِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُخَيَّرُ بِدَلِيلٍ آخَرَ هُوَ أَنَّهُ أَحَالَهُ عَلَى الْكِتَابِ ،
⦗ص: 66⦘
15888 -
وَقَدْ بَيَّنَ الشَّافِعِيُّ ثُبُوتَ الْخِيَارِ بِقَوْلِهِ: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 178] ،
15889 -
قَالَ الْمُحْتَجُّ بِهَذَا الْحَدِيثِ: لَمْ يَقْضِ لَهُمْ بِالدِّيَةِ حَتَّى عَفَا الْقَوْمُ ،
15890 -
وَهَذَا مِنْهُ غَفْلَةٌ ، فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُمْ عَرَضُوا الْأَرْشَ عَلَيْهِمْ فَأَبَوْا ،
15891 -
ثُمَّ قَالَ فِي الْحَدِيثِ: فَرَضِيَ الْقَوْمُ فَعَفَوْا وَالظَّاهِرُ مِنْ هَذَا أَنَّهُمْ رَضُوا بِأَخْذِ الْأَرْشِ ، وَعَفَوْا عَنِ الْقِصَاصِ ، ثُمَّ هُوَ بَيِّنٌ فِي حَدِيثِ الْمُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ ، عَنْ حُمَيْدٍ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ: فَرُشُوا بِأَرْشٍ أَخَذُوهُ
15892 -
وَفِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ عَنْ ثَابِتٍ ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ أُخْتَ الرَّبِيعِ أُمَّ حَارِثَةَ ، جَرَحَتْ إِنْسَانًا ، فَاخْتَصَمُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«الْقِصَاصَ الْقِصَاصَ» ، فَقَالَتْ أُمُّ الرَّبِيعِ: أَيُقْتَصُّ مِنْ فُلَانَةَ لَا وَاللَّهِ لَا يُقْتَصُّ مِنْهَا ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«سُبْحَانَ اللَّهِ يَا أُمَّ الرَّبِيعِ؟ الْقِصَاصُ كِتَابُ اللَّهِ» ، فَقَالَتْ: لَا وَاللَّهِ لَا يُقْتَصُّ مِنْهَا أَبَدًا ، قَالَ: فَمَا زَالَتْ حَتَّى قَبِلُوا الدِّيَةَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ» ،
15893 -
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ هُوَ الْأَصَمُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّغَانِيُّ ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، أَخْبَرَنَا حَمَّادٌ ، عَنْ ثَابِتٍ ،. فَذَكَرَهُ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ ،
15894 -
وَقَدْ أَخْرَجْتُهُ فِي كِتَابِ السُّنَنِ عَالِيًا
الْعَفْوُ عَنِ الْقِصَاصِ بِلَا مَالٍ
⦗ص: 68⦘
15895 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: «وَإِنْ أَحَبَّ الْولَاةُ أَوِ الْمَجْرُوحُ الْعَفْوَ فِي الْقَتْلِ بِلَا مَالٍ ، وَلَا قَوَدٍ ، فَذَلِكَ لَهُمْ»
15896 -
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَمِنْ أَيْنَ أَخَذْتَ الْعَفْوَ بِلَا مَالٍ وَلَا قَوَدٍ؟ قِيلَ: قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى {فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ} [المائدة: 45]
15897 -
وَمَنِ الرِّوَايَةِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَنَّ الْعَفْوَ عَنِ الْقِصَاصِ كَفَّارَةٌ أَوْ قَالَ شَيْئًا يُرَغِّبُ بِهِ فِي الْعَفْوِ عَنْهُ ،
15898 -
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَإِنَّمَا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَأَهْلُهُ بَيْنَ خِيَرَتَيْنِ: إِنْ أَحَبُّوا فَالْقَوَدُ ، وَإِنْ أَحَبُّوا فَالْعَقْلُ " ،
15899 -
قِيلَ لَهُ: نَعَمْ ، قِيلَ قَالَهُ فِيمَا يَأْخُذُونَ مِنَ الْقَاتِلِ مِنَ الْقَتْلِ ، وَالْعَفْوُ بِالدِّيَةِ ، وَالْعَفْوُ بِلَا وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَيْسَ يُؤْخَذُ مِنَ الْقَاتِلِ ، إِنَّمَا هُوَ تَرْكٌ لَهُ كَمَا قَالَ مَنْ وَجَدَ عَيْنَ مَالِهِ عِنْدَ مُعْدِمٍ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ ، لَيْسَ أَنْ لَيْسَ لَهُ تَرْكُهُ وَلَا تَرْكُ شَيْءٍ يُوجَبُ لَهُ إِنَّمَا هُوَ لَهُ وَكُلُّ مَا قِيلَ: لَهُ أَخْذُهُ ، فَلَهُ تَرْكُهُ
15900 -
قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ رُوِّينَا عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ
⦗ص: 69⦘
النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رُفِعَ إِلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ قِصَاصٍ إِلَّا أَمَرَ فِيهِ بِالْعَفْوِ "
15901 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ هُوَ الْأَصَمُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ بْنِ هَارُونَ ، حَدَّثَنَا هَوْدَةُ بْنُ خَلِيفَةَ الْبَكْرَاوِيُّ ، حَدَّثَنَا عَوْفٌ ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عُمَرَ الْعَائِذِيِّ ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ الْحَضْرَمِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ: شَهِدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ جِيءَ بِالرَّجُلِ الْقَاتِلِ يُقَادُ فِي نِسْعَةٍ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِوَلِيِّ الْمَقْتُولِ:«أَتَعْفُو؟» قَالَ: لَا ، قَالَ:«فَتَأْخُذُ الدِّيَةَ؟» قَالَ: لَا ، قَالَ:«فَتَقْتُلُهُ؟» قَالَ: نَعَمْ ، قَالَ:«اذْهَبْ بِهِ» ، فَلَمَّا ذَهَبَ بِهِ ، فَتَوَلَّى مِنْ عِنْدِهِ قَالَ لَهُ:«تَعَالَهْ أَتَعْفُو؟» مِثْلَ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ ، فَقَالَ: وَلِيُّ الْمَقْتُولِ مِثْلَ قَوْلِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ الرَّابِعَةِ: «أَمَا إِنَّكَ إِنْ عَفَوْتَ فَإِنَّهُ يَبُوءُ بِإِثْمِكَ وَإِثْمِ صَاحِبِكَ» ، قَالَ: فَتَرَكَهُ ، قَالَ: فَأَنَا رَأَيْتُهُ يَجُرُّ نِسْعَتَهُ "
15902 -
وَرُوِّينَا فِي حَدِيثٍ مُرْسَلٍ ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ أُصِيبَ بِجَسَدِهِ بِقَدْرِ نِصْفِ دِيَتِهِ ، فَعَفَا كُفِّرَ عَنْهُ نِصْفُ سَيِّئَاتِهِ ، وَإِنْ كَانَ ثُلُثًا أَوْ رُبُعًا فَعَلَى قَدْرِ ذَلِكَ»
15903 -
وَقِيلَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَا مِنْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ يُصَابُ بِشَيْءٍ فِي جَسَدِهِ ، فَيَتَصَدَّقُ بِهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ بِهِ دَرَجَةً ،
⦗ص: 70⦘
وَحَطَّ عَنْهُ خَطِيئَتَهُ»
15904 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: «وَإِلَى الْإِمَامِ قَتْلُ مَنْ قَتَلَ عَلَى الْمُحَارَبَةِ لَا يَنْتَظِرُ بِهِ وَلِيَّ الْمَقْتُولِ ، وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا ذَلِكَ» ،
15905 -
قَالَ: وَمِثْلُهُ الرَّجُلُ يَقْتُلُ الرَّجُلَ مِنْ غَيْرِ نَائِرَةٍ ، وَاحْتَجَّ لَهُمْ بَعْضُ مَنْ يَعْرِفُ مَذَاهِبَهُمْ بِأَثَرِ مُجَذِّرِ بْنِ زِيَادٍ ،
15906 -
وَلَوْ كَانَ حَدِيثُهُ مِمَّا يَثْبُتُ قُلْنَا بِهِ ، فَإِنْ ثَبَتَ فَهُوَ كَمَا قَالُوا وَلَا أَعْرِفُهُ إِلَى يَوْمِي هَذَا ثَابِتًا ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ فَكُلُّ مَقْتُولٍ قَتَلَهُ غَيْرُ الْمُحَارِبِ فَالْقَتْلُ فِيهِ إِلَى وَلِيِّ الْمَقْتُولِ مِنْ قِبَلِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ:{وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا} [الإسراء: 33] وَقَالَ: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 178] فَتَبَيَّنَ فِي حُكْمِ اللَّهِ أَنَّهُ جَعَلَ الْقَتْلَ وَالْعَفْوَ إِلَى وَلِيِّ الدَّمِ دُونَ السُّلْطَانِ إِلَّا فِي الْمُحَارِبِ فَإِنَّهُ قَدْ حَكَمَ فِي الْمُحَارِبِينَ أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا ، فَجَعَلَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ حُكْمًا مُطْلَقًا لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ أَوْلِيَاءَ الدَّمِ
15907 -
قَالَ أَحْمَدُ: قِصَّةُ مُجَذِّرِ بْنِ زِيَادٍ فِيمَا أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بَطَّةَ ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْجَهْمِ ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَرَجِ ، حَدَّثَنَا الْوَاقِدِيُّ ، قَالَ: وَمُجَذِّرُ بْنُ زِيَادٍ قَتَلَهُ الْحَارِثُ بْنُ سُوَيْدٍ غِيلَةً ، وَكَانَ مُجَذِّرٌ قَتَلَ أَبَاهُ سُوَيْدَ بْنَ الصَّامِتِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، فَلَمَّا رَجَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ حَمْرَاءِ الْأَسَدِ أَتَاهُ جِبْرِيلُ عليه السلام ، فَأَخْبَرَهُ أَنَّ الْحَارِثَ بْنَ سُوَيْدٍ قَتَلَ مُجَذِّرَ بْنَ زِيَادٍ غِيلَةً ، وَأَمَرَهُ بِقَتْلِهِ ، فَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى قُبَاءَ ، فَذَكَرَ قِصَّةً فِي أَخْذِهِ ، وَأَمْرِهِ عُوَيْمًا أَنْ يَأْخُذَهُ فَيَقْتُلَهُ وَبَنُو مُجَذِّرٍ حُضُورٌ لَا يَقُولُ لَهُمْ شَيْئًا ، فَقَدَّمَهُ ، فَضَرَبَ عُنُقَهُ " ،
⦗ص: 71⦘
15908 -
وَهَذَا مُنْقَطِعٌ ،
15909 -
وَلَمْ أَضْبِطْ عَنْ شَيْخِنَا ابْنِ زِيَادٍ ، إِلَّا أَنَّ أَبَا أَحْمَدَ الْعَسْكَرِيَّ ، وَغَيْرَهُ ، مِنَ الْحُفَّاظِ يَقُولُونَ: هُوَ بِالذَّالِ ،
15910 -
وَذَكَرَ الْمُفَضَّلُ بْنُ غَسَّانَ الْغَلَابِيُّ الْحَارِثَ بْنَ سُوَيْدِ بْنِ صَامِتٍ فِي جُمْلَةِ مَنْ عُرِفَ بِالنِّفَاقِ ، قَالَ: وَهُوَ الَّذِي قَتَلَ الْمُجَذِّرَ يَوْمَ أُحُدٍ غِيلَةً ، فَقَتَلَهُ بِهِ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
15911 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو حَنِيفَةَ ، عَنْ حَمَّادٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ، أُتِيَ بِرَجُلٍ قَدْ قَتَلَ عَمْدًا ، فَأَمَرَ بِقَتْلِهِ فَعَفَا بَعْضُ الْأَوْلِيَاءِ ، فَأَمَرَ بِقَتْلِهِ ، فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ:" كَانَتَ النَّفْسُ لَهُمْ جَمِيعًا ، فَلَمَّا عَفَا هَذَا أَحْيَا النَّفْسَ ، فَلَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَأْخُذَ حَقَّهُ حَتَّى يَأْخُذَ غَيْرَهُ ، قَالَ: فَمَا تَرَى؟ قَالَ: أَرَى أَنْ تَجْعَلَ الدِّيَةَ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ وَتَرْفَعَ حِصَّةَ الَّذِي عَفَا ، فَقَالَ عُمَرُ: وَأَنَا أَرَى ذَلِكَ "
15912 -
وَعَنْ حَمَّادٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ: مَنْ عَفَا مِنْ ذِي سَهْمٍ ، فَعَفْوُهُ عَفْوٌ ، قَدْ أَجَازَ عُمَرُ وَابْنُ مَسْعُودٍ الْعَفْوَ مِنْ أَحَدِ الْأَوْلِيَاءِ ، وَلَمْ يَسْأَلُوا: أَقُتِلَ غِيلَةً كَانَ ذَلِكَ أَمْ غَيْرُهُ " ،
15913 -
قَالَ أَحْمَدُ: هَذَا الَّذِي رَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ مُنْقَطِعٌ
15914 -
وَقَدْ رُوِّينَا بِإِسْنَادٍ مَوْصُولٍ عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ ، قَالَ: وَجَدَ رَجُلٌ عِنْدَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا ، فَقَتَلَهَا ، فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، فَوَجَدَ عَلَيْهَا بَعْضُ إِخْوَتِهَا ، فَتَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِنَصِيبِهِ ، فَأَمَرَ عُمَرُ لِسَائِرِهِمْ بِالدِّيَةِ ، وَقِيلَ: كَانُوا
⦗ص: 72⦘
ثَلَاثَةَ إِخْوَةٍ ، فَقَالَ عُمَرُ لِلْبَاقِيَيْنِ ، خُذَا ثُلُثَيِ الدِّيَةِ ، فَإِنَّهُ لَا سَبِيلَ إِلَى قَتْلِهِ "
15915 -
وَرُوِيَ مِنْ ، وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عُمَرَ: أَنَّ رَجُلًا رُفِعَ إِلَيْهِ " قَتَلَ رَجُلًا، فَقَالَتْ أُخْتُ الْمَقْتُولِ وَهِيَ امْرَأَةُ الْقَاتِلِ: قَدْ عَفَوْتُ عَنْ حِصَّتِي مِنْ زَوْجِي ، فَقَالَ عُمَرُ: عُتِقَ الرَّجُلُ مِنَ الْقَتْلِ "
15916 -
وَرُوِّينَا عَنْ حِصْنٍ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «عَلَى الْمُقْتَتِلِينَ أَنْ يَنْحَجِزُوا الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ وَإِنْ كَانَتَ امْرَأَةً» أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ ، قَالَ: حَدَّثَنِي حِصْنٌ. . . فَذَكَرَهُ ،
15917 -
وَرُوِيَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: «لِأَهْلِ الْقَتِيلِ أَنْ يَنْحَجِزُوا الْأَدْنَى فَالْأَدْنَى وَإِنْ كَانَتَ امْرَأَةً» ،
15918 -
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: يَقُولُ أَيُّهُمْ عَفَا عَنْ دَمِهِ مِنَ الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ مِنْ رَجُلٍ أَوِ امْرَأَةٍ فَعَفْوُهُ جَائِزٌ ، وَقَوْلُهُ:«يَنْحَجِزُوا» يَعْنِي يَكُفُّوا عَنِ الْقَوَدِ
15919 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِذَا «ضَرَبَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ بِالسَّيْفِ ضَرْبَةً يَكُونُ مِنْ مِثْلَهَا الْقِصَاصُ أُقِصَّ مِنْهُ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا قِصَاصٌ فَعَلَيْهِ الْأَرْشُ ، وَلَا تُقْطَعُ يَدُ أَحَدٍ إِلَّا السَّارِقُ ، فَقَدْ ضَرَبَ صَفْوَانُ بْنُ مُعَطَّلٍ حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ بِالسَّيْفِ ضَرْبًا شَدِيدًا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَلَمْ يَقْطَعْ صَفْوَانُ وَعَفَا حَسَّانُ بَعْدَ أَنْ بَرِئَ فَلَمْ يُعَاقِبْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَفْوَانَ» ،
15920 -
وَهَكَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنْ لَا عُقُوبَةَ عَلَى مَنْ كَانَ عَلَيْهِ قِصَاصٌ فَعُفِيَ عَنْهُ فِي دَمٍ وَلَا جُرْحٍ
15921 -
قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ رُوِّينَا فِي حَدِيثِ ابْنِ أُوَيْسٍ: عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، فِي حَدِيثِ الْإِفْكِ «ضَرَبَ صَفْوَانُ حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ بِالسَّيْفٍ ، فَسَأَلَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَهَبَ لَهُ ضَرْبَهُ صَفْوَانَ إِيَّاهُ فَوَهَبَهَا لَهُ»
15922 -
وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ شِهَابِ ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ يَضْرِبُ الْآخَرَ بِالسَّيْفِ فِي غَضَبٍ فَمَا يُصْنَعُ بِهِ؟ قَالَ: قَدْ «ضَرَبَ صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ الضَّرُوبَ ، فَلَمْ يَقْطَعْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ»
بَابُ وَلِيِّ الدَّمِ
15923 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ عَبْدُ اللَّهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ تَعَالَى: " {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفُ فِي الْقَتْلِ} [الإسراء: 33] " ،
15924 -
فَكَانَ مَعْلُومًا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِمَّنْ خُوطِبَ بِهَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ وَلِيَّ الدَّمِ مَنْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِيرَاثًا مِنْهُ
15925 -
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَأَهْلُهُ بَيْنَ خِيَرَتَيْنِ إِنْ أَحَبُّوا فَالْقَوَدُ ، وَإِنْ أَحَبُّوا فَالْعَقْلُ» ،
⦗ص: 75⦘
15926 -
وَلَمْ يَخْتَلِفِ الْمُسْلِمُونَ فِيمَا عَلِمْتُهُ فِي أَنَّ الْعَقْلَ مَوْرُوثٌ كَمَا يُوَرَّثُ الْمَالُ ، وَإِذَا كَانَ هَكَذَا فَكُلٌّ وَارِثٍ وَلِيُّ الدَّمِ كَمَا كَانَ لِكُلِّ وَارِثٍ مَا جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ مِيرَاثِ الْمَيِّتِ: زَوْجَةً كَانَتْ لَهُ ، أَوِ ابْنَةً ، أَوْ أُمًّا ، أَوْ وَلَدًا ، أَوْ وَالِدًا ، لَا يَخْرُجُ أَحَدٌ مِنْهُمْ مِنْ وِلَايَةِ الدَّمِ ،
15927 -
وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مِنَ الْأَوْلِيَاءِ أَنْ يَقْتُلَ حَتَّى يَجْمَعَ جَمِيعَ الْوَرَثَةِ عَلَى مَنْ كَانُوا ، وَحَيْثُ كَانُوا عَلَى الْقِصَاصِ ، فَإِذَا فَعَلُوا فَلَهُمُ الْقِصَاصُ
15928 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَالَ أَبُو يُوسُفَ ، عَنْ رَجُلٍ ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ، أَنَّ " الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ رضي الله عنهما قَتَلَ ابْنَ مُلْجَمٍ بِعَلِيٍّ رضي الله عنه ،
15929 -
قَالَ أَبُو يُوسُفَ: وَكَانَ لِعَلِيٍّ أَوْلَادٌ صِغَارٌ "
15930 -
قَالَ أَحْمَدُ: يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ رضي الله عنهما وَقَفَ عَلَى اسْتِحْلَالِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُلْجَمٍ قَتْلَ أَبِيهِ فَقَتَلَهُ لِأَجْلِ ذَلِكَ ،
15931 -
وَاسْتَدَلَّ بَعْضُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْ أَصْحَابِنَا بِمَا رُوِّينَا عَنْ أَبِي سِنَانٍ الدُّؤَلِيِّ أَنَّهُ عَادَ عَلِيًّا فِي شَكْوَى لَهُ ، قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: لَقَدْ تَخَوَّفْنَا عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ فَقَالَ: لَكِنِّي وَاللَّهِ مَا تَخَوَّفْتُ لِأَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الصَّادِقَ الْمَصْدُوقَ يَقُولُ: «إِنَّكَ سَتُضْرَبُ ضَرْبَةً هَا هُنَا وَضَرْبَةً هَا هُنَا» وَأَشَارَ إِلَى صُدْغَيْهِ «فَيَسِيلُ دَمُهَا حَتَّى تَخْضِبَ لِحْيَتَكَ ، وَيَكُونُ صَاحِبُهَا أَشْقَاهَا كَمَا كَانَ عَاقِرَ النَّاقَةِ أَشْقَى ثَمُودَ» ،
⦗ص: 76⦘
15932 -
قُلْتُ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ رَآهُ مِنَ السَّاعيِنَ فِي الْأَرْضِ بِالْفَسَادِ ، فَقَتَلَهُ لِذَلِكَ لَا بِوِلَايَةِ الْقِصَاصِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
شِرْكُ مَنْ لَا قِصَاصَ عَلَيْهِ
15933 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، فِيمَا حُكِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ ، أَخْبَرَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ ، أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ ، عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ: أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ " قَوْمٍ قَتَلُوا رَجُلًا عَمْدًا فِيهِمْ مُصَابٌ؟ قَالَ: يَكُونُ دِيَةً "
15934 -
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَامِرٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ ، أَنَّهُ قَالَ:«إِذَا دَخَلَ خَطَأٌ فِي عَمْدٍ فَهِيَ دِيَةٌ» ،
15935 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَصْلُ هَذَا عِنْدِي أَنْ يُنْظَرَ إِلَى الْقَتْلِ فَإِنْ كَانَ عَمْدًا كُلَّهُ لَا يَخْلِطُهُ خَطَأٌ فَاشْتَرَكَ فِيهِ اثْنَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ فَمَنْ كَانَ عَلَيْهِ الْقَوَدُ مِنْهُمْ أُقِيدَ مِنْهُ وَمَنْ زَالَ عَنْهُ الْقَوَدُ أَزَالَهُ وَجَعَلَ عَلَيْهِ حِصَّتَهُ مِنَ الدِّيَةِ ، وَجَعَلَ ذَلِكَ شَبَهًا بِالرَّجُلَيْنِ يَقْتُلَانِ الرَّجُلَ فَيَعْفُو الْوَلِيُّ عَنْ أَحَدِهِمَا أَوْ يُصَالِحُهُ فَيَكُونُ لَهُ أَنْ يَقْتُلَ الْآخَرَ ،
15936 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَرُوِي عَنْ عُمَرَ ، أَنَّهُ قَالَ: عَمْدُ الصَّبِيِّ وَخَطَؤُهُ سَوَاءٌ وَإِسْنَادُهُ مُنْقَطِعٌ وَرَاوِيهِ ضَعِيفٌ ، إِنَّمَا رَوَاهُ جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ ، عَنِ الْحَكَمِ ، عَنْ عُمَرَ
15937 -
وَرُوِي عَنْ عَلِيٍّ ، أَنَّهُ قَالَ:«عَمْدُ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ خَطَأٌ» وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ بِمَرَّةٍ
الْقِصَاصُ بِغَيْرِ السَّيْفِ
15938 -
قَدْ رُوِّينَا فِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ جَارِيَةً وُجِدَتْ قَدْ رُضَّ رَأْسُهَا بَيْنَ حَجَرَيْنٍ ، فَقِيلَ لَهَا: مَنْ فَعَلَ بِكِ هَذَا. . .؟ أَفُلَانٌ. . . أَفُلَانٌ. . .؟ حَتَّى
⦗ص: 79⦘
سَمَّى الْيَهُودِيَّ ، فَأَوْمَتْ بِرَأْسِهَا ، فَأُخِذَ الْيَهُودِيُّ ، فَاعْتَرَفَ ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ تُرَضَّ رَأْسُهُ بِالْحِجَارَةِ " أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ ، أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَنَسٍ. . . فَذَكَرَهُ. أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ هَمَّامٍ
15939 -
وَفِي رِوَايَةِ عَفَّانَ عَنْ هَمَّامٍ: أَنَّ جَارِيَةً رُضِخَ رَأْسُهَا بَيْنَ حَجَرَيْنِ ، فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَرُضِخَ رَأْسُهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ " ،
15940 -
وَفِي رِوَايَةِ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ:«فَقَتَلَهَا بِحَجَرٍ فَقَتَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ حَجَرَيْنِ» ،
⦗ص: 80⦘
15941 -
فَهَذَا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم اعْتَبَرَ الْمُمَاثَلَةَ فِي قَتْلِهِ بِهَا مِمَّا يَقْتَضِيهِ لَفْظُ الْقِصَاصِ الَّذِي وَرَدَ بِهِ الْكِتَابُ ،
15942 -
وَلَا يَجُوزُ مُقَارَنَتُهُ بِحَدِيثِ أَبِي قِلَابَةَ ، عَنْ أَنَسٍ:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِهِ أَنْ يُرْجَمَ حَتَّى يَمُوتَ ، فَرُجِمَ» ، فَإِنَّ هَذَا لَا يُخَالِفُهُ ، فَإِنَّ الرَّجْمَ ، وَالرَّضْخَ ، وَالرَّضَ كُلَّهُ عِبَارَةٌ عَنِ الضَّرْبِ بِالْحِجَارَةِ ،
15943 -
ثُمَّ بَيَّنَ قَتَادَةُ الْمَوْضِعَ الَّذِي ضُرِبَ فِيهِ ، وَفِي رِوَايَةِ هِشَامٍ دَلَالَةٌ عَلَيْهِ ، وَلَمْ يُبَيِّنْهُ أَبُو قِلَابَةَ فِيمَا رُوِيَ عَنْهُ ، فَيُؤْخَذُ بِالْبَيَانِ ، وَلَا يَجُوزُ دَعْوَى النَّسْخِ فِيهِ بِنَهْيِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْمُثْلَةِ ، إِذْ لَيْسَ فِيهِ تَارِيخٌ وَلَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى النَّسْخِ ، وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فَإِنَّهُ إِنَّمَا نَهَى عَنِ الْمُثْلَةِ بِمَنْ وَجَبَ قَتَلُهُ ابْتِدَاءً لَا عَلَى طَرِيقِ الْمُكَافَأَةِ وَالْمُسَاوَاةِ
15944 -
وَحَدِيثُ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ عَنْ أَبِي عَازِبٍ ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«لَا قَوَدَ إِلَّا بِالسَّيْفِ» تَفَرَّدَ بِهِ جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ لَا يُحْتَجُّ بِهِ ، وَاخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِي لَفْظِهِ ،
15945 -
وَرُوِيَ عَنْ مُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ ، وَقِيلَ ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ ، وَكِلَاهُمَا ضَعِيفٌ ،
15946 -
وَرُوِيَ مِنْ أَوْجُهٍ أُخَرَ كُلُّهَا ضَعِيفٌ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
الْقِصَاصُ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ
15947 -
أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، قَالَ: " ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى مَا فُرِضَ عَلَى أَهْلِ التَّوْرَاةِ ، فَقَالَ:{وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: 45]
⦗ص: 82⦘
"
15948 -
قَالَ: وَرُوِيَ مِنْ حَدِيثٍ ، عَنْ عُمَرَ ، أَنَّهُ قَالَ:«رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُعْطِي الْقَوَدَ مِنْ نَفْسِهِ ، وَأَبَا بَكْرٍ يُعْطِي الْقَوَدَ مِنْ نَفْسِهِ ، وَأَنَا أُعْطِي الْقَوَدَ مِنْ نَفْسِي» ،
15949 -
وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ ، رُوِّينَاهُ عَنِ الْعُمَرِيِّ ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ ، عَنْ عُمَرَ ، مُرْسَلًا
15950 -
وَقَدْ أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ ، عَنْ أَبِي فِرَاسٍ ، قَالَ: خَطَبَنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ، فَقَالَ: إِنِّي لَمْ أَبْعَثْ عُمَّالِي لِيَضْرِبُوا أَبْشَارَكُمْ وَلَا لِيَأْخُذُوا أَمْوَالَكُمْ ، فَمَنْ فُعِلَ بِهِ غَيْرُ ذَلِكَ فَلْيَرْفَعْهُ إِلَيَّ أَقُصُّهُ مِنْهُ ، قَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ:" لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَدَّبَ بَعْضَ رَعِيَّتِهِ أَتُقِصُّهُ مِنْهُ؟ قَالَ: إِي ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَقُصَّنَّهُ مِنْهُ ، وَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَصَّ مِنْ نَفْسِهِ " ،
15951 -
ثُمَّ فِي حَدِيثِ أَبِي النَّضْرِ مِنَ الزِّيَادَةِ مَا أَشَارَ إِلَيْهِ الشَّافِعِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ
15952 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبَانَ بْنِ صَالِحٍ الْقُرَشِيُّ ، عَنْ حَمَّادٍ ، عَنِ النَّخَعِيِّ ، قَالَ:«لَيْسَ فِي عَظْمٍ قِصَاصٌ إِلَّا فِي السِّنِّ»
15953 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَرُوِّينَا عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأَةَ ، عَنْ عَطَاءٍ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ، قَالَ: لَا أَقِيدُ مِنَ الْعِظَامِ
15954 -
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: رُوِّينَا عَنِ ابْنِ الْعَبَّاسِ ، أَنَّهُ قَالَ:«لَيْسَ فِي الْعِظَامِ قِصَاصٌ»
15955 -
قُلْتُ: وَرُوِيَ عَنْ مُعَاذِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِيِّ ، عَنِ ابْنِ صُهْبَانَ ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ:«لَا قَوَدَ فِي الْمَأْمُومَةِ ، وَلَا الْجَائِفَةِ ، وَلَا الْمُنَقِّلَةِ»
15956 -
وَرُوِيَ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى ، عَنْ يَحْيَى ، وَعِيسَى بْنِ طَلْحَةَ ، أَوْ أَحَدِهِمَا ، عَنْ طَلْحَةَ ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَيْسَ فِي الْمَأْمُومَةِ قَوَدٌ»
15957 -
وَرُوِي عَنْ طَاوُسٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«لَا قِصَاصَ فِيمَا دُونَ الْمُوضِحَةِ مِنَ الْجِرَاحَاتِ» ،
15958 -
وَهَذِهِ الْآثَارُ كُلُّهَا غَيْرُ قَوِيٍّ ، إِلَّا أَنَّهَا إِذَا ضُمَّ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ أَخَذَتْ قُوَّةً فِيمَا اجْتَمَعَتْ فِيهِ فِي الْمَعْنَى ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
الِاسْتِثْنَاءُ بِالْقِصَاصِ مِنَ الْجُرْحِ وَالْقَطْعِ
15959 -
أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ ، حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرٍ ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ ، قَالَ: طَعَنَ رَجُلٌ آخَرَ بِقَرْنٍ فِي رِجْلِهِ ، فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ: أَقِدْنِي مِنْهُ ، قَالَ:«انْتَظِرْ» ، فَعَادَ إِلَيْهِ ، فَقَالَ:«انْتَظِرْ» ، فَعَادَ إِلَيْهِ ، فَقَالَ:«انْتَظِرْ» ، فَعَادَ إِلَيْهِ ، فَأَقَادَهُ فَبَرَأَ الْمُسْتَقَادُ مِنْهُ وَشُلَّتْ رِجْلُ الْآخَرِ ، فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ بَرِئَتْ رِجْلُهُ وَشُلَّتْ رِجْلِي؟ فَقَالَ: «قَدْ قُلْتُ لَكَ انْتَظِرْهُ» ، وَلَمْ يَرَ لَهُ شَيْئًا ،
15960 -
قَالَ أَحْمَدُ: هَذَا هُوَ الْأَصْلُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ، وَهُوَ مُرْسَلٌ ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَيُّوبُ ، وَابْنُ جُرَيْجٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ مُرْسَلًا ،
⦗ص: 85⦘
15961 -
وَرَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ ، وَعُثْمَانُ ابْنَا أَبِي شَيْبَةَ ، عَنِ ابْنِ عُلَيَّةَ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ عَمْرٍو ، عَنْ جَابِرٍ ،
15962 -
قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيُّ الْحَافِظُ فِيمَا أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْهُ: أَخْطَأَ فِيهِ ابْنَا أَبِي شَيْبَةَ ، وَخَالَفَهُمَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَغَيْرُهُ ، فَرَوَوْهُ عَنِ ابْنِ عُلَيَّةَ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ عَمْرٍو ، مُرْسَلًا ، وَكَذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْهُ وَهُوَ الْمَحْفُوظُ مُرْسَلًا
15963 -
قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ رُوِيَ مِنْ ، أَوْجُهٍ كُلُّهَا ضَعِيفٌ ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ ، عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم:«نَهَى أَنْ يُمْتَثَلَ مِنَ الْجَارِحِ حَتَّى يَبْرَأَ الْمَجْرُوحُ» ،
15964 -
وَفِي بَعْضِهَا: تُقَاسُ الْجِرَاحَاتُ ثُمَّ يُسْتَأْنَى بِهَا سَنَةً ثُمَّ يُقْضَى فِيهَا بِقَدْرِ مَا انْتَهَتْ إِلَيْهِ
15965 -
وَالْعَجَبُ أَنَّ بَعْضَ مَنْ يَدَّعِي الْمَعْرِفَةَ بِالْآثَارِ احْتَجَّ بِرِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ ، عَنْ جَابِرٍ ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم:«أُتِيَ فِي جِرَاحٍ ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَسْتَأْنُوا بِهَا سَنَةً» ،
15966 -
ثُمَّ حُكِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، أَنَّهُ أَحَبُّ إِلَيْهِ فِي حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ،
15967 -
فَإِنْ كَانَ يَسْتَجِيزُ بِهَذِهِ الْحِكَايَةِ أَنْ يَحْتَجَّ بِرِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ ،
⦗ص: 86⦘
عَنْ غَيْرِ الزُّهْرِيِّ ، فَلِمَ لَا يُجِيزُ لِلشَّافِعِيِّ أَنْ يَحْتَجَّ بِرِوَايَتِهِ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الرَّهْنِ أَنَّهُ مِنْ صَاحِبِهِ الَّذِي رَهَنَهُ لَهُ غُنْمُهُ وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ ، مَعَ احْتِجَاجِ أَصْحَابِنَا بِمُتَابَعَةِ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ إِيَّاهُ عَلَى وَصْلِ الْحَدِيثِ ،
15968 -
وَزِيَادُ بْنُ سَعْدٍ مِنَ الثِّقَاتِ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ مَعَ مَرَاسِيلِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ مِنَ التَّرْجِيحِ عَلَى مَرَاسِيلِ غَيْرِهِ ، وَعَلَيْهِ اعْتَمَدَ الشَّافِعِيُّ ،
15969 -
وَلَوْ كَانَ يَسْتَجِيزُ لِهَذِهِ الْحِكَايَةِ الِاحْتِجَاجَ بِرِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ ، وَأَخُوهُ زَيْدُ بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ مِنَ الثِّقَاتِ يَقُولُ: لَا تَكْتُبُوا عَنْ أَخِي فَإِنَّهُ كَذَّابٌ ،
15970 -
وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَقُولُ: يَحْيَى بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ ،
15971 -
وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ يُضَعِّفُهُ وَيَقُولُ: وَلَا يُكْتَبُ حَدِيثُهُ ،
15972 -
فَلِمَ لَا يُجِيزُ بِتَوْثِيقِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ سَيْفَ بْنَ سُلَيْمَانَ الْمَكِّيَّ الَّذِي رَوَى حَدِيثَ الْقَضَاءِ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ لِخَصْمِهِ أَنْ يَحْتَجَّ بِحَدِيثِهِ ، وَلَهُ فِيمَا رَوَى مُتَابِعُونَ؟
15973 -
وَقَدْ رَوَى لَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ أَحَادِيثَ مِنْهَا رِوَايَتُهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ سَالِمٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: فِي «النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ الْجَافِّ» وَغَيْرَ ذَلِكَ ،
⦗ص: 87⦘
15974 -
لَمْ نَعْتَمِدْ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا تَفَرَّدَ بِهِ لِمُخَالَفَتِهِ الثِّقَاتَ فِي كَثِيرٍ مِنْ رِوَايَاتِهِ ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
مَنْ مَاتَ تَحْتَ حَدٍّ أَوْ قِصَاصٍ فِي جُرْحٍ
15975 -
قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ رُوِّينَا عَنْ عَطَاءٍ ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ ، عَنْ عُمَرَ ، وَعَلِيٍّ: أَنَّهُمَا قَالَا فِي «الَّذِي يَمُوتُ فِي الْقِصَاصِ لَا دِيَةَ لَهُ» ،
15976 -
وَقَدْ ذَكَرَهُ أَبُو يَحْيَى السَّاجِيُّ فِي كِتَابِهِ
15977 -
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ ، وَعُمَرَ ، أَنَّهُمَا قَالَا:«مَنْ قَتَلَهُ حَدٌّ فَلَا عَقْلَ لَهُ»
15978 -
وَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ ، وَعَلِيٍّ ، أَنَّهُمَا قَالَا:«مَنْ مَاتَ فِي حَدٍّ أَوْ قِصَاصٍ فَلَا دِيَةَ لَهُ»
15979 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِيمَا بَلَغَهُ عَنْ سَعِيدٍ ، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ، فِي الَّذِي يُقْتَصُّ مِنْهُ فَيَمُوتُ قَالَ:«عَلَى الَّذِي اقْتَصَّ مِنْهُ الدِّيَةُ ، وَيُرْفَعُ عَنْهُ بِقَدْرِ جِرَاحَاتِهِ» ،
⦗ص: 89⦘
15980 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَيْسُوا يَقُولُونَ بِهَذَا ، بَلْ نَقُولُ نَحْنُ وَهُمْ: لَا شَيْءَ عَلَى الْمُقْتَصِّ لِأَنَّهُ فَعَلَ فِعْلًا كَانَ لَهُ أَنْ يَفْعَلَهُ أَوْرَدَهُ فِيمَا أَلْزَمَ بَعْضَ الْعِرَاقِيِّينَ فِي خِلَافِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، وَهَذَا لَيْسَ بِثَابِتٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ
29 - كِتَابُ الدِّيَاتِ
بَابُ مَا جَاءَ فِي أَسْنَانِ الْإِبِلِ الْمُغَلَّظَةِ
15981 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي ، وَأَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّي ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ رَبِيعَةَ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«أَلَا إِنَّ فِي قَتْلِ الْعَمْدِ الْخَطَأِ بِالسَّوْطِ ، أَوِ الْعَصَا مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ مُغَلَّظَةً مِنْهَا أَرْبَعُونَ خَلِفَةً فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا» ،
15982 -
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا الثَّقَفِيُّ ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ رَبِيعَةَ ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ أَوْسٍ ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ،
15983 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَكَذَلِكَ رَوَاهُ هُشَيْمُ بْنُ بَشِيرٍ ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ ، بِإِسْنَادِهِ هَذَا: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَطَبَ يَوْمَ الْفَتْحِ. . . فَذَكَرَهُ بِمَعْنَاهُ
15984 -
وَرَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ رَبِيعَةَ ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ أَوْسٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَطَبَ يَوْمَ الْفَتْحِ ، وَقَالَ فِيهِ
⦗ص: 94⦘
: «أَلَا وَإِنَّ قَتِيلَ الْخَطَأِ شِبْهِ الْعَمْدِ مَا كَانَ بِالسَّوْطِ ، أَوْ بِالْعَصَا مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ مِنْهَا أَرْبَعُونَ فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا» وَأَخْبَرَنَاهُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِئُ ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ فَذَكَرَهُ ،
15985 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالسِّتُّونَ الَّتِي مَعَ الْأَرْبَعِينَ الْخَلِفَةِ ثَلَاثُونَ حِقَّةً وَثَلَاثُونَ جَذَعَةً ،
15986 -
وَقَدْ رُوِيَ هَذَا ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، وَهُوَ قَوْلُ عَدَدٍ مِمَّنْ لَقِيتُ مِنَ الْمُفْتِينَ ،
15987 -
وَرَوَاهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، فِي قِصَّةِ قَتَادَةَ الْمُدْلِجِيِّ ،
15988 -
وَرُوِّينَاهُ مِنْ أَوْجُهٍ أُخَرَ عَنْ عُمَرَ ،
15989 -
وَرُوِّينَاهُ عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ، وَأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ ، وَالْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ ،
15990 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَرُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، مِثْلُ مَا قُلْنَا فِي شِبْهِ الْعَمْدِ: ثَلَاثُونَ حِقَّةً ، وَثَلَاثُونَ جَذَعَةً وَأَرْبَعُونَ خَلِفَةً ،
⦗ص: 95⦘
15991 -
وَمَنْ حَدِيثٍ آخَرَ ثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ حِقَّةً ، وَثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ جَذَعَةً ، وَأَرْبَعٌ وَثَلَاثُونَ خَلِفَةً "
15992 -
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِيمَا بَلَغَهُ عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ عَاصِمٍ ، عَنْ عَلِيٍّ ، قَالَ:«الْخَطَأُ شِبْهُ الْعَمْدِ بِالْخَشَبَةَ ، وَالْحَجَرِ الضَّخْمِ ثُلُثُ حِقَاقٌ ، وَثُلُثُ جِذَاعٌ ، وَثُلُثُ مَا بَيْنَ ثَنِيَّةٍ إِلَى بَازِلِ عَامِهَا كُلُّهَا خَلِفَةٌ»
15993 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَرُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ «فِي الْمُغَلَّظَةِ أَرْبَعُونَ جَذَعَةً خَلِفَةً ، وَثَلَاثُونَ حِقَّةً ، وَثَلَاثُونَ بَنَاتِ لَبُونٍ» ،
15994 -
وَعَنَ ابْنِ مَسْعُودٍ: فِي شِبْهِ الْعَمْدِ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ حِقَّةً وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ بَنَاتِ لَبُونٍ ، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ بَنَاتِ مَخَاضٍ ،
15995 -
وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، وَرُبُعُ ثَنِيَّةٍ إِلَى بَازِلِ عَامِهَا بَدَلُ بَنَاتِ مَخَاضٍ ،
15996 -
وَإِذَا اخْتَلَفُوا هَذَا الِاخْتِلَافَ ، فَقَوْلُ مَنْ يُوَافِقُ قَوْلُهُ مَا رُوِّينَا فِيهِ مِنَ السُّنَّةِ يَكُونُ أَوْلَى بِالِاتِّبَاعِ مَعَ مَا فِيهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْعَمْدِ ، وَشِبْهِ الْعَمْدِ ، مِثْلُ قَوْلِ عُمَرَ
15997 -
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُكْرَمٍ ، أَخْبَرَنَا أَبُو النَّضْرٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ هُوَ ابْنُ رَاشِدٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ: «مَنْ قُتِلَ مُتَعَمِّدًا دُفِعَ إِلَى أَوْلِيَاءِ الْقَتِيلِ ، فَإِنْ شَاءُوا قَتَلُوا وَإِنْ شَاءُوا أَخَذُوا الدِّيَةَ ، وَهِيَ ثَلَاثُونَ حِقَّةً ، وَثَلَاثُونَ جَذَعَةً ، أَرْبَعُونَ خَلِفَةً ، وَذَلِكَ عَقْلُ الْعَمْدِ ، وَمَا صَالَحُوا عَلَيْهِ
⦗ص: 96⦘
فَهُوَ لَهُمْ ، وَذَلِكَ تَشْدِيدُ الْعَقْلِ» ، -
15998 -
زَادَنِي فِيهِ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْعَبَّاسِ بِإِسْنَادِهِ هَذَا -: وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «عَقْلُ شِبْهِ الْعَمْدِ مُغَلَّظَةٌ مِثْلُ عَقْلِ الْعَمْدِ وَلَا يُقْتَلُ صَاحِبُهُ وَذَلِكَ أَنْ يَنْزُوَ الشَّيْطَانُ بَيْنَ النَّاسِ فَيَكُونُ رَمْيًا فِي عِمِيَّا فِي غَيْرِ ضَغِينَةٍ وَلَا حَمْلِ سِلَاحٍ»
15999 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا مُسْلِمٌ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، قَالَ:" قُلْتُ لِعَطَاءٍ: «تَغْلِيظُ الْإِبِلِ؟» قَالَ: مِائَةٌ مِنَ الْأَصْنَافِ كُلِّهَا ، مِنْ كُلِّ صِنْفٍ ثُلُثُهُ ، وَيُؤْخَذُ فِي مُضِيِّ كُلِّ سَنَةٍ ثَلَاثَ عَشْرَةَ خَلِفَةً ، وَثُلُثٌ وَعَشْرُ جِذَاعٍ ، وَعَشْرُ حِقَاقٍ " ،
16000 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَالتَّغْلِيظُ كَمَا قَالَ عَطَاءٌ يُؤْخَذُ فِي مُضِيِّ كُلِّ سَنَةٍ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَثُلُثٌ ، وَعَشْرُ حِقَاقٍ ، وَعَشْرُ جِذَاعٍ ،
16001 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَالدِّيَةُ فِي هَذَا عَلَى الْعَاقِلَةِ ، قَالَ: وَمَثَلُ هَذَا أَسْنَانُ دِيَةِ الْعَمْدِ إِذَا زَالَ فِيهِ الْقِصَاصُ وَدِيَةُ الْعَمْدِ حَالَّةٌ كُلُّهَا فِي مَالِ الْقَاتِلِ
16002 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَتَغْلِيظُ الدِّيَةِ فِي الْعَمْدِ ، وَالْقَتْلِ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ ، وَالْبَلَدِ الْحَرَامِ وَقَتْلِ ذِي الرَّحِمِ ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْعَمْدِ الْخَطَأِ لَا يَخْتَلِفُ ، وَلَا يُغَلَّظُ فِيمَا سِوَى هَؤُلَاءِ.
وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ «رَجُلًا أَوْطَأَ امْرَأَةً بِمَلَّةٍ ، فَقَتَلَهَا فَقَضَى فِيهَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ بِثَمَانِيَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ دِيَةً وَثُلُثٍ» ،
16003 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: ذَهَبَ عُثْمَانُ رضي الله عنه إِلَى التَّغْلِيظِ لِقَتْلِهَا فِي الْحَرَمِ ،
16004 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَفِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ ، عَنْ سُفْيَانَ ، فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِمَكَّةَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ فَقَتَلَهَا
16005 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَرَوَى لَيْثٌ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، أَنَّ «عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَضَى فِيمَنْ قَتَلَ فِي الْحَرَمِ ، أَوْ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ ، أَوْ وَهُوَ مُحْرِمٌ ، بِالدِّيَةِ وَثُلُثِ الدِّيَةِ» ، 16006 - وَهُوَ مُنْقَطِعٌ ،
16007 -
وَرُوِيَ عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنْ عُمَرَ مَا دَلَّ عَلَى التَّغْلِيظِ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرْمَةِ ،
16008 -
وَفِي حَدِيثِ إِسْحَاقَ بْنِ يَحْيَى ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ ، فِي تَقْوِيمِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ الدِّيَةَ ، قَالَ فِيهِ: وَيُزَادُ ثُلُثُ الدِّيَةِ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ، وَثُلُثٌ أُخْرَى لِلْبَلَدِ الْحَرَامِ ، قَالَ: قِيمَةُ دِيَةِ الْحَرَمَيْنِ عِشْرِينَ أَلْفًا ،
16009 -
وَهَذَا مُنْقَطِعٌ بَيْنَ إِسْحَاقَ وَعُبَادَةَ ، وَحَدِيثُ عُثْمَانَ أَصَحُّ
16010 -
وَأَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ، إِجَازَةً ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شِيرَوَيْهِ ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ،
⦗ص: 98⦘
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «يُزَادُ فِي دِيَةِ الْمَقْتُولِ فِي أَشْهُرِ الْحَرَامِ أَرْبَعَةُ آلَافٍ ، وَفِي دِيَةِ الْمَقْتُولِ فِي الْحَرَمِ»
16011 -
رُوِيَ عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ ، وَعَطَاءٍ ، وَمُجَاهِدٍ ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ: أَنَّهُمْ قَالُوا فِي " الَّذِي يُقْتَلُ فِي الْحَرَمِ: دِيَةٌ وَثُلُثٌ "
بَابُ دِيَةِ الْخَطَأِ
16012 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى: «{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ}» ،
16013 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: فَأَحْكَمَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِي تَنْزِيلِ كِتَابِهِ أَنَّ عَلَى قَاتِلِ الْمُؤْمِنِ دِيَةً مُسَلَّمَةً إِلَى أَهْلِهِ ، وَأَبَانَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم كَمِ الدِّيَةُ؟ ،
16014 -
قَالَ: وَكَانَ نَقَلَ عَدَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ عَدَدٍ لَا تَنَازُعَ بَيْنَهُمْ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَضَى بِدِيَةِ الْمُسْلِمِ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ ،
16015 -
وَكَانَ أَقْوَى مِنْ نَقْلِ الْخَاصَّةِ ، وَقَدْ رُوِيَ مِنْ طَرِيقِ الْخَاصَّةِ وَبِهِ نَأْخُذُ فَفِي الْمُسْلِمِ يَقْتُلُ الْخَطَأَ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ ،
16016 -
وَذَكَرَ حَدِيثَ ابْنِ عُيَيْنَةَ وَقَدْ مَضَى
16017 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا الثَّقَفِيُّ ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ رَبِيعَةَ ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ أَوْسٍ ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ: «أَلَا إِنَّ فِي قَتْلِ الْخَطَأِ شِبْهِ الْعَمْدِ قَتْلِ السَّوْطِ وَالْعَصَا الدِّيَةَ مُغَلَّظَةً ، مِنْهَا أَرْبَعُونَ فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا» ،
⦗ص: 100⦘
16018 -
وَإِنَّمَا قَصَدَ الشَّافِعِيُّ بِهَذَا إِثْبَاتَ الْعَدَدِ دُونَ الصِّفَةِ
16019 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ ، وَأَبُو زَكَرِيَّا ، وَأَبُو سَعِيدٍ ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ " فِيَ الْكِتَابِ الَّذِي كَتَبَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ:«وَفِي النَّفْسِ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ»
16020 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ ، وَأَبُو زَكَرِيَّا ، وَأَبُو سَعِيدٍ ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ ، فِي الدِّيَاتِ فِي كِتَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ:«وَفِي النَّفْسِ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ» وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: فَقُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ: " أَفِي شَكٍّ أَنْتُمْ مِنْ أَنَّهُ كِتَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: لَا "
أَسْنَانُ الْإِبِلِ فِي الْخَطَأِ
16021 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِذَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «فِي قَتِيلِ الْعَمْدِ الْخَطَأِ مُغَلَّظَةٌ فِيهَا أَرْبَعُونَ خَلِفَةً فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا» ،
16022 -
فَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ دِيَةَ الْخَطَأِ الَّذِي لَا يَخْلِطُهُ عَمْدٌ مُخَالَفَةُ هَذِهِ الدِّيَةِ ، وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهَا فَأَلْزَمَ الْقَاتِلَ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ بِالسُّنَّةِ ثُمَّ مَا لَمْ يَخْتَلِفُوا فِيهِ وَلَا أَلْزَمَهُ مِنْ أَسْنَانِ الْإِبِلِ إِلَّا أَقَلَّ مَا قَالُوا يَلْزَمُهُ ، لِأَنَّ اسْمَ «الْإِبِلِ» يَلْزَمُ الصِّغَارَ وَالْكِبَارَ ، فِدْيَةُ الْخَطَأِ أَخْمَاسٌ: عِشْرُونَ ابْنَةَ مَخَاضٍ ، وَعِشْرُونَ ابْنَةَ لَبُونٍ ، وَعِشْرُونَ بَنُو لَبُونٍ ذُكُورٍ ، وَعِشْرُونَ حِقَّةً ، وَعِشْرُونَ جَذَعَةً
16023 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، وَرَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، وَبَلَغَهُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ:«دِيَةُ الْخَطَأِ عِشْرُونَ ابْنَةَ مَخَاضٍ ، وَعِشْرُونَ ابْنَةَ لَبُونٍ ، وَعِشْرُونَ ابْنَ لَبُونٍ ذَكَرٍ ، وَعِشْرُونَ حِقَّةً ، وَعِشْرُونَ جَذَعَةً» ،
16024 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَرَوَاهُ مَخْرَمَةُ بْنُ بُكَيْرٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ ،
16025 -
وَرَوَاهُ أَبُو الزِّنَادِ ، عَنْ أَصْحَابِهِ ، مِنْ فُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ
16026 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فَبِمَا بَلَغَهُ عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ أَبِي عَاصِمٍ ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ ، عَنْ عَلِيٍّ ، «فِي الْخَطَأِ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ بَنَاتِ مَخَاضٍ ، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ حِقَّةً ، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ جَذَعَةً ، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ بَنَاتِ لَبُونٍ»
16027 -
وَرُوِّينَا عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ «دِيَةُ الْخَطَأِ ثَلَاثُونَ حِقَّةً ، وَثَلَاثُونَ بَنَاتِ لَبُونٍ ، وَعِشْرُونَ بَنَاتِ مَخَاضٍ ، وَعِشْرُونَ بَنُو لَبُونٍ ذُكُورٍ» ،
16028 -
فَكَانَ لَمَّا حَكَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنِ التَّابِعِينَ ، أَقَلَّ مَا قِيلَ فِيهَا ، وَاسْمُ الْإِبِلِ وَاقِعٌ عَلَيْهَا ، فَلَمْ يُوجِبْ أَكْثَرَ مِنْهَا
16029 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ شَاذَانَ ، بِبَغْدَادَ ، أَخْبَرَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَبَّاسِ ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنِ مُوسَى ، أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ عَلْقَمَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، أَنَّهُ قَالَ:«فِي الْخَطَأِ أَخْمَاسًا وَعِشْرُونَ حِقَّةً ، وَعِشْرُونَ جَذَعَةً ، وَعِشْرُونَ بَنَاتَ لَبُونٍ ، وَعِشْرُونَ بَنَاتَ مَخَاضٍ ، وَعِشْرُونَ بَنِي مَخَاضٍ» ،
16030 -
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ عَلْقَمَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ، وَعَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ،
16031 -
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو مِجْلَزٍ ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ،
16032 -
وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ فِي السِّنِّ أَقَلُّ مِمَّا حَكَاهُ الشَّافِعِيُّ ، عَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ ، وَاسْمُ الْإِبِلِ يَقَعُ عَلَيْهِ
⦗ص: 103⦘
16033 -
وَهُوَ قَوْلُ صَحَابِيٍّ فَقِيهٌ فَهُوَ أَوْلَى بِالِاتِّبَاعِ ، وَمَنْ رَغِبَ عَنْهُ احْتَجَّ بِحَدِيثِ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ فِي الْقَسَامَةَ ، قَالَ:«كَرِهَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُبْطِلَ دَمَهُ فَوَدَاهُ بِمِائَةٍ مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ» ،
16034 -
قَالُوا: وَلَيْسَ لِبَنِي الْمَخَاضِ مَدْخَلٌ فِي فَرَائِضِ الصَّدَقَاتِ ، وَحَدِيثُ الْقَسَامَةِ ، وَإِنْ كَانَ فِي قَتْلِ الْعَمْدِ ، وَنَحْنُ نَتَكَلَّمُ فِي دِيَةِ الْخَطَأِ ، فَكَأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حِينَ لَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ الْقَتْلُ عَلَيْهِمْ وَدَاهُ بِدِيَةِ الْخَطَأِ مُتَبَرِّعًا بِذَلِكَ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ،
16035 -
وَعَلَّلَ حَدِيثَ ابْنِ مَسْعُودٍ بِأَنَّهُ مُنْقَطِعٌ وَذَاكَ لِأَنَّ أَبَا إِسْحَاقَ رَأَى عَلْقَمَةَ وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ شَيْئًا ،
16036 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ ، حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ ، حَدَّثَنَا أُمَيَّةُ بْنُ خَالِدٍ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيِّ فَقِيلَ لَهُ إِنَّ شُعْبَةَ يَقُولُ إِنَّكَ لَمْ تَسْمَعْ مِنْ عَلْقَمَةَ شَيْئًا؟ قَالَ: صَدَقَ ،
16037 -
وَأَمَّا أَبُو عُبَيْدَةَ ، فَإِنَّمَا لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ شَيْئًا
⦗ص: 104⦘
16038 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ الدُّورِيُّ ، حَدَّثَنَا قُرَادُ أَبُو نُوحٍ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ ، قَالَ:" سَأَلْتُ أَبَا عُبَيْدَةَ: تَحْفَظُ مِنْ أَبِيكَ شَيْئًا؟ قَالَ: لَا " ،
16039 -
وَأَمَّا إِبْرَاهِيمُ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ، فَهُوَ مُنْقَطِعٌ لَا شَكَّ فِيهِ
16040 -
وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ ، عَنَ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأَةَ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنْ خِشْفِ بْنِ مَالِكٍ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ،
16041 -
وَخِشْفُ بْنُ مَالِكٍ مَجْهُولٌ ، وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأَةَ ، وَالْحَجَّاجُ غَيْرُ مُحْتَجٌّ بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ،
16042 -
وَرُوِيَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ يَحْيَى ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: فِي الدِّيَةِ الْكُبْرَى وَالصُّغْرَى بِخِلَافِ هَذَا كُلِّهِ فِي بَعْضِ الْأَسْنَانِ
16043 -
وَإِسْحَاقَ ، عَنْ عُبَادَةَ ، مُنْقَطِعٌ ،
16044 -
وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الدِّيَةِ الصُّغْرَى بِخِلَافِ ذَلِكَ وَلَمْ يَضُمَّ إِلَيْهِ مَا يُؤَكِّدُهُ ،
⦗ص: 105⦘
16045 -
وَمُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ غَيْرُ مُحْتَجٍّ بِهِ
إِعْوَازُ الْإِبِلِ
16046 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله وَعَالِمٌ فِي أَهْلِ الْعِلْمِ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «فَرَضَ الدِّيَةَ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ ، ثُمَّ قَوَمَّهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ ، وَالْعِلْمُ مُحِيطٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، أَنَّ عُمَرَ لَا يُقَوِّمُهَا إِلَّا قِيمَةَ يَوْمِهَا» ،
16047 -
ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ: وَلَعَلَّ عُمَرَ أَنْ لَا يَكُونَ قَوَمَّهَا إِلَّا فِي حِينٍ وَبَلَدٍ هَكَذَا قِيمَتُهَا حِينَ أَعْوَزَتْ ، وَلَا يَكُونُ قَوَمَّهَا إِلَّا بِرِضًا مِنَ الْجَانِي ، وَوَلِيِّ الْجِنَايَةِ
16048 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، وَمَكْحُولٍ ، عَنْ عَطَاءٍ ، قَالُوا: أَدْرَكْنَا النَّاسَ عَلَى أَنَّ دِيَةَ الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ الْحُرِّ ، عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ ، فَقَوَّمَ عُمَرُ رضي الله عنه عَلَى أَهْلِ الْقُرَى أَلْفَ دِينَارٍ ، أَوِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ ، فَإِنْ كَانَ الَّذِي أَصَابَهُ مِنَ الْأَعْرَابِ فَدِيَتُهُ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ لَا يُكَلَّفُ الْأَعْرَابِيُّ الذَّهَبَ وَلَا الْوَرِقَ ، وَدِيَةُ الْأَعْرَابِيِّ إِذَا أَصَابَهُ الْأَعْرَابِيُّ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ " ،
⦗ص: 107⦘
16049 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى مَا وَصَفْتُ ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يُكَلَّفُ الْأَعْرَابِيُّ ذَهَبًا وَلَا وَرِقًا لِوُجُودِ الْإِبِلِ ، وَأَخْذَ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ مِنَ الْقَرَوِيِّ لِإِعْوَازِ الْإِبِلِ فِيمَا أَرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّ الْحَقَّ لَا يَخْتَلِفُ فِي الدِّيَةِ
16050 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ ، وَأَبُو زَكَرِيَّا ، وَأَبُو سَعِيدٍ ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، قَالَ:«كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُقِيمُ الْإِبِلَ عَلَى أَهْلِ الْقُرَى أَرْبَعَ مِائَةِ دِينَارٍ أَوْ عِدْلَهَا مِنَ الْوَرِقِ ، وَيُقَيِّمُهَا عَلَى أَثْمَانِ الْإِبِلِ ، فَإِذَا غَلَتْ رَفَعَ فِي قِيمَتِهَا ، وَإِذَا هَانَتْ نَقَصَ مِنْ ثَمَنِهَا ، عَلَى أَهْلِ الْقُرَى الثَّمَنُ مَا كَانَ»
16051 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا مُسْلِمٌ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ ، قَالَ:«قَضَى أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه عَلَى أَهْلِ الْقُرَى حَتَّى كَثُرَ الْمَالُ وَغَلَتِ الْإِبِلُ ، فَأَقَامَ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ بِسِتِّمائَةِ دِينَارٍ إِلَى ثَمَانِمِائَةِ دِينَارٍ»
16052 -
وَبِإِسْنَادِهِ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا مُسْلِمٌ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ عَلَى النَّاسِ أَجْمَعِينَ: أَهْلِ الْقُرَى وَأَهْلِ الْبَادِيَةِ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ عَلَى الْأَعْرَابِيِّ وَالْقَرَوِيِّ ،
16053 -
وَبِإِسْنَادِهِ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا مُسْلِمٌ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، قَالَ:" قُلْتُ لِعَطَاءٍ: الدِّيَةُ الْمَاشِيَةُ أَوِ الذَّهَبُ "؟ قَالَ: كَانَتَ الْإِبِلُ حَتَّى كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَوَّمَ الْإِبِلَ عِشْرِينَ وَمِائَةً كُلُّ بَعِيرٍ فَإِنْ شَاءَ الْقَرَوِيُّ أَعْطَى مِائَةَ نَاقَةٍ وَلَمْ يُعْطِ ذَهَبًا ، كَذَلِكَ الْأَمْرُ الْأَوَّلُ
16054 -
أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ ، أَخْبَرَنَا شَافِعٌ ، أَخْبَرَنَا الطَّحَاوِيُّ ، حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيَّ ، يَقُولُ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ ، يَقُولُ:«أَدْرَكْتُ النَّاسَ وَهُمْ يَحْفَظُونَ فِي دِيَةِ الْمُسْلِمِ مِنَ الْغَنَمِ أَلْفَيْ شَاةٍ»
16055 -
زَادَ فِيهِ غَيْرُ شَيْخِنَا ، قَالَ: وَسَمِعْتُ الثَّقَفِيَّ ، يَقُولُ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ ، يُحَدِّثُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ، قَالَ فِي الدِّيَةِ: عَلَى أَهْلِ الشَّاءِ الشَّاءُ
16056 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ ، بَلَغَنَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، أَنَّهُ «فَرَضَ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَلْفَ دِينَارٍ فِي الدِّيَةِ ، وَعَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ عَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ» ،
16057 -
حَدَّثَنَا بِذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ ، عَنِ الْهَيْثَمِ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، وَزَادَ عَلَى أَهْلِ الْبَقَرِ مِائَتَيْ بَقَرَةٍ ، وَعَلَى أَهْلِ الْإِبِلِ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ ، وَعَلَى أَهْلِ الْغَنَمِ أَلْفَيْ شَاةٍ
16058 -
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ ، قَالَ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، قَالَ:«عَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ عَشَرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ ، وَعَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَلْفُ دِينَارٍ» ،
16059 -
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: " وَقَالَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ إِنَّ عُمَرَ: فَرَضَ الدِّيَةَ عَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ " ،
16060 -
ثُمَّ سَاقَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ كَلَامَهُ إِلَى أَنْ قَالَ: «وَنَحْنُ فِيمَا نَظُنُّ أَعْلَمُ بِفَرِيضَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ حِينَ فَرَضَ الدِّيَةَ دَرَاهِمَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ، لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ عَلَى أَهْلِ الْعِرَاقِ وَإِنَّمَا كَانَ يُؤَدِّي الدِّيَةَ دَرَاهِمَ أَهْلُ الْعِرَاقِ» ،
⦗ص: 109⦘
16061 -
16062 -
أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ ، عَنْ مُغِيرَةَ الضَّبِّيِّ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ:«كَانَتِ الدِّيَةُ الْإِبِلَ فَجُعِلَتِ الْإِبِلُ الصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ كُلَّ بَعِيرٍ مِائَةً وَعِشْرِينَ دِرْهَمًا وَزْنَ سِتَّةٍ ، فَذَلِكَ عَشْرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ»
16063 -
وَقِيلَ لِشَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: إِنَّ رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَانَقَ رَجُلًا مِنَ الْعَدُوِّ فَضَرَبَهُ فَأَصَابَ رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، فَقَالَ شَرِيكٌ ، قَالَ: أَبُو إِسْحَاقَ: «عَانَقَ رَجُلٌ مِنَّا رَجُلًا مِنَ الْعَدُوِّ فَضَرَبَهُ فَأَصَابَ رَجُلًا مِنَّا ، فَسَلَتَ وَجْهَهُ حَتَّى وَقَعَ ذَلِكَ عَلَى حَاجِبَيْهِ وَأَنْفِهِ وَلِحْيَتِهِ وَصَدْرِهِ ، فَقَضَى فِيهِ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ بِالدِّيَةِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا وَكَانَتِ الدَّرَاهِمُ يَوْمَئِذٍ وَزْنَ سِتَّةٍ»
16064 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: رَوَى عَطَاءٌ ، وَمَكْحُولٌ ، وَعَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ ، وَعَدَدٌ مِنَ الْحِجَازِيِّينَ ، «أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه فَرَضَ الدِّيَةَ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ» ،
16065 -
وَلَمَ أَعْلَمْ أَحَدًا بِالْحِجَازِ خَالَفَ فِيهِ عَنْهُ بِالْحِجَازِ ، وَلَا عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ،
16066 -
وَمِمَّنْ قَالَ الدِّيَةُ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ: ابْنُ عَبَّاسٍ ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ ، وَعَائِشَةُ ، لَا أَعْلَمُ بِالْحِجَازِ خَالَفَ فِي ذَلِكَ قَدِيمًا وَلَا حَدِيثًا ،
16067 -
وَلَقَدْ رَوَاهُ عِكْرِمَةُ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «أَنَّهُ قَضَى بِالدِّيَةِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ» ،
16068 -
وَزَعَمَ عِكْرِمَةُ أَنَّهُ نَزَلَ فِيهِ: {وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ} [التوبة: 74]
16069 -
قَالَ أَحْمَدُ: حَدِيثُ عِكْرِمَةَ قَدْ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَوْصُولًا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «جَعَلَ الدِّيَةَ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا» ،
16070 -
قَالَ: وَذَلِكَ قَوْلُهُ {وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ} [التوبة: 74] قَالَ: أَخْذُهُمُ الدِّيَةَ. أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبِ بْنِ حَرْبٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيُّ فَذَكَرَهُ ،
16071 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَرَوَاهُ أَيْضًا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ عَمْرٍو ، مَرَّةً مَوْصُولًا ،
16072 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَقُلْتُ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ: أَفَتَقُولُ إِنَّ الدِّيَةَ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَزْنَ سِتَّةٍ ، قَالَ: لَا ، فَقُلْتُ: فَمِنْ أَيْنَ زَعَمْتَ إِذْ كُنْتَ أَعْلَمَ بِالدِّيَةِ مِمَّا زَعَمْتَ مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ لِأَنَّكَ مِنْ أَهْلِ الْوَرِقِ وَأَنَّكَ عَنْ عُمَرَ قَبِلْتَهَا لِأَنَّ عُمَرَ قَضَى فِيهَا بِشَيْءٍ لَا تَقْضِي بِهِ ، قَالَ: لَمْ يَكُونُوا يَحْسِبُونَ ، قُلْتُ: أَفَتَرْوِي شَيْئًا تَجْعَلُهُ أَصْلًا فِي الْحُكْمِ ، وَأَنْتَ تَزْعُمُ أَنَّ مَنْ رَوَى عَنْهُ لَا يَعْرِفُ مَا قَضَى بِهِ؟ وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِي هَذَا وَفِي الْجَوَابِ عَمَّا احْتَجَّ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ ،
16073 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَادَّعَى مُحَمَّدٌ عَلَى أَهْلِ الْحِجَازِ أَنَّهُ أَعْلَمُ بِالدِّيَةِ مِنْهُمْ ، وَإِنَّمَا عَنْ عُمَرَ قَبِلَ الدِّيَةَ مِنَ الْوَرِقِ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَعْلَمُ بِالدِّيَةِ إِذْ كَانَ عُمَرُ مِنْهُمْ فَمَنِ الْحَاكِمُ مِنْهُ أَوْلَى بِالْمَعْرِفَةِ مِمَّنَ الدَّرَاهِمُ مِنْهُ إِذْ كَانَ الْحُكْمُ إِنَّمَا وَقَعَ بِالْحَاكِمِ ،
16074 -
قَالَ أَحْمَدُ: رِوَايَاتُهُ عَنْ عُمَرَ ، وَعُثْمَانَ ، مُنْقَطِعَةٌ ، وَالرِّوَايَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا
⦗ص: 111⦘
الشَّافِعِيُّ رحمه الله ، عَنْ عُمَرَ أَيْضًا مُنْقَطِعَةٌ ، إِلَّا أَنَّ أَهْلَ الْحِجَازِ أَعْرَفُ بِمَذْهَبِ عُمَرَ مِنْ غَيْرِهِمْ ، وَقَدْ رُوِّينَاهَا مَوْصُولَةً
16075 -
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ ، حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، قَالَ: كَانَتْ " قِيمَةُ الدِّيَةِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَمَانَ مِائَةِ دِينَارٍ ، وَثَمَانِيَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ ، وَدِيَةُ أَهْلِ الْكِتَابِ يَوْمَئِذٍ النِّصْفُ مِنْ دِيَةِ الْمُسْلِمِينَ ، قَالَ: فَكَانَ كَذَلِكَ حَتَّى اسْتُخْلِفَ عُمَرُ ، فَقَامَ خَطِيبًا ، فَقَالَ: إِنَّ الْإِبِلَ قَدْ غَلَتْ ، قَالَ: فَقَوَّمَهَا عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَلْفَ دِينَارٍ وَعَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا ، وَعَلَى أَهْلِ الْبَقَرِ مِائَتَيْ بَقَرَةٍ ، وَعَلَى أَهْلِ الشَّاءِ أَلْفَيْ شَاةٍ وَعَلَى أَهْلِ الْحُلَلِ مِائَتَيْ حُلَّةٍ ، قَالَ: وَتَرَكَ دِيَةَ أَهْلِ الذِّمَّةِ لَمْ يَرْفَعْهَا فِيمَا رَفَعَ مِنَ الدِّيَةِ "
16076 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِيمَا بَلَغَهُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ ، عَنْ هِشَامٍ ، عَنِ الْحَسَنِ: أَنَّ عَلِيًّا قَضَى بِالدِّيَةِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا " ،
16077 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَبِهَذَا نَقُولُ وَهُمْ يَقُولُونَ: الدِّيَةُ عَشَرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ
جِمَاعُ الدِّيَاتِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ
16078 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ ، وَأَبُو زَكَرِيَّا ، وَأَبُو سَعِيدٍ ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ فِيَ الْكِتَابِ الَّذِي كَتَبَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ
⦗ص: 117⦘
⦗ص: 118⦘
16079 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَقَدْ حَكَى جَمَاعَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ عَنْ هَذَا الْكِتَابِ الْأَحْكَامَ الَّتِي أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الدِّيَاتِ وَغَيْرِهَا فَكَتَبَهَا فِيهِ ، وَبَعْضُهُمْ يَزِيدُ عَلَى بَعْضٍ
16080 -
وَقَدْ رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى أَهْلِ الْيَمَنِ بِكِتَابٍ فِيهِ الْفَرَائِضُ وَالسُّنَنُ وَالدِّيَاتُ ، وَبَعَثَ بِهِ مَعَ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ ، فَقَرَأْتُ عَلَى أَهْلِ الْيَمَنِ وَهَذِهِ نُسْخَتُهَا فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ ، وَفِي:«وَإِنَّ فِي النَّفْسِ الدِّيَةَ ، مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ ، وَفِي الْأَنْفِ إِذَا أَوْعَى جَدْعُهُ الدِّيَةَ ، وَفِي اللِّسَانِ الدِّيَةَ ، وَفِي الشَّفَتَيْنِ الدِّيَةَ ، وَفِي الْبَيْضَتَيْنِ الدِّيَةَ ، وَفِي الذَّكَرِ الدِّيَةَ ، فِي الصُّلْبِ الدِّيَةَ ، وَفِي الْعَيْنَيْنِ الدِّيَةَ ، وَفِي الرِّجْلِ الْوَاحِدَةِ نِصْفَ الدِّيَةِ ، وَفِي الْمَأْمُومَةِ ثُلُثَ الدِّيَةِ ، وَفِي الْجَائِفَةِ ثُلُثَ الدِّيَةِ ، وَفِي الْمُنَقِّلَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ مِنَ الْإِبِلِ ، وَفِي كُلِّ إِصْبَعٍ مِنَ الْأَصَابِعِ مِنَ الْيَدِ وَالرِّجْلِ عَشَرَةً مِنَ الْإِبِلِ ، وَفِي السِّنِّ خَمْسًا مِنَ الْإِبِلِ ، وَفِي الْمُوضِحَةِ خَمْسًا مِنَ الْإِبِلِ ، وَأَنَّ الرَّجُلَ يُقْتَلُ بِالْمَرْأَةِ ، وَعَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَلْفَ دِينَارٍ»
16081 -
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَمْدَانَ ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ ، وَأَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ ، وَأَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ ، وَحَامِدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شُعَيْبٍ ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، قَالُوا: حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ ، فَذَكَرَهُ ، قَالَ:«كَانَ فِي الْكِتَابِ أَنَّهُ مَنِ اعْتَبَطَ مُؤْمِنًا قَتْلًا عَنْ نِيَّتِهِ ، فَإِنَّهُ قَوَدٌ إِلَّا أَنْ يَرْضَى أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ»
16082 -
وَرَوَاهُ يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، أَنَّهُ قَرَأَ فِي هَذَا الْكِتَابِ وَكَانَ عِنْدَ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ فَزَادَ وَنَقَصَ فِيمَا زَادَ:«فِي الْأُذُنِ خَمْسُونَ مِنَ الْإِبِلِ ، وَفِي الْيَدِ خَمْسُونَ مِنَ الْإِبِلِ» ،
16083 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَالْمُوضِحَةُ مِنَ الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ كُلِّهُ سَوَاءٌ ، وَقَدْ حَفِظْتُ عَنْ عَدَدٍ لَقِيتُهُمْ وَحُكِيَ لِي عَنْهُمْ أَنَّهُمْ قَالُوا:«فِي الْهَاشِمَةِ عَشْرٌ مِنَ الْإِبِلِ» وَبِهَذَا أَقُولُ ،
16084 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَقَدْ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ ، عَنْ مَكْحُولٍ ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ، أَنَّهُ قَالَ:«فِي الْهَاشِمَةِ عَشْرٌ» ،
16085 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَمْ نَعْلَمْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَضَى فِيمَا دُونَ الْمُوضِحَةِ مِنَ الشِّجَاجِ بِشَيْءٍ ، وَأَكْثَرُ قَوْلِ مَنْ لَقِيتُ أَنْ لَيْسَ فِيمَا دُونَ الْمُوضِحَةِ أَرْشٌ مَعْلُومٌ ، وَإِنَّ فِي جَمِيعِ مَا دُونَهَا حُكُومَةً ، وَبِهَذَا أَقُولُ ،
16086 -
قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ رُوِّينَا مَعْنَاهُ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، وَرَبِيعَةَ ، وَأَبِي الزِّنَادِ ،
16087 -
وَقَالَهُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ
16088 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ، وَأَبُو زَكَرِيَّا ، وَأَبُو بَكْرٍ ، وَأَبُو سَعِيدٍ ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ ، إِنْ لَمْ أَكُنْ سَمِعْتُهُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ قُسَيْطٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: أَنَّ عُمَرَ ، وَعُثْمَانَ ، قَضَيَا فِي الْمِلْطَاةِ بِنِصْفِ دِيَةِ الْمُوضِحَةِ "
16089 -
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنِ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ ، عَنْ عُمَرَ ، وَعُثْمَانَ ، مِثْلَهُ أَوْ مِثْلَ مَعْنَاهُ ،
16090 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَأَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ ابْنَ نَافِعٍ ، يَذْكُرُ عَنْ مَالِكٍ ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ ،
⦗ص: 120⦘
16091 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَرَأْنَا عَلَى مَالِكٍ أَنَّا لَمْ نَعْلَمْ أَحَدًا مِنَ الْأَئِمَّةِ فِي الْقَدِيمِ وَالْحَدِيثِ قَضَى فِيمَا دُونَ الْمُوضِحَةِ بِشَيْءٍ ،
16092 -
زَادَ أَبُو سَعِيدٍ فِي رِوَايَتِهِ: وَهُوَ وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَنَا وَلَهُ يَرْوِي عَنْ إِمَامَيْنِ عَظِيمَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عُمَرَ ، وَعُثْمَانَ أَنَّهُمَا قَضَيَا فِيمَا دُونَ الْمُوضِحَةِ بِشَيْءٍ مُؤَقَّتٍ ،
16093 -
قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ رُوِّينَا عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، أَنَّهُ سَأَلَ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ أَنْ يُحَدِّثَهُ بِحَدِيثِ عُمَرَ وَعُثْمَانَ فِي الْمِلْطَأَةِ فَامْتَنَعَ ، وَقَالَ: إِنَّ الْعَمَلَ عِنْدَنَا عَلَى غَيْرِهِ وَرَجُلَهُ عِنْدَنَا لَيْسَ هُنَاكَ يَعْنِي يَزِيدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ. أَخْبَرَنَاهُ أَبُو مُحَمَّدٍ السُّكَّرِيُّ ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ الصَّفَّارُ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ فَذَكَرَهُ ،
16094 -
وَأَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ إِجَازَةً ، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَالَّذِي قَضَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي الْمِلْطَأَةِ وَهِيَ السِّمْحَاقُ ، وَالضِّلَعُ عِنْدَنَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، إِنَّ ذَلِكَ عَلَى مَا نَقَصَ الْمَضْرُوبُ ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ حُكُومَةٌ ،
16095 -
وَفِيمَا سَاقَ الشَّافِعِيُّ كَلَامَهُ إِلَيْهِ ، رُوِّينَا أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ قَدْ قَضَى فِيمَا دُونَ الْمُوضِحَةِ حَتَّى فِي الدَّامِيَةِ
16096 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَهَذَا فِيمَا رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ ، عَنْ مَكْحُولٍ ، عَنْ قَبِيصَةَ ، عَنْ زَيْدٍ ، أَنَّهُ قَالَ:«فِي الدَّامِيَةِ بَعِيرٌ ، وَفِي الْبَاضِعَةِ بَعِيرَانِ ، وَفِي الْمُتَلَاحِمَةِ ثَلَاثٌ ، وَفِي السِّمْحَاقِ أَرْبَعٌ ، وَفِي الْمُوضِحَةِ خَمْسٌ» ،
16097 -
وَمُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ
16098 -
وَرُوِيَ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ ، عَنْ عَلِيٍّ ، أَنَّهُ قَالَ:«فِي السِّمْحَاقِ أَرْبَعٌ مِنَ الْإِبِلِ» ،
16099 -
وَعَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُجَيٍّ ، عَنْ عَلِيٍّ ، مِثْلَهُ ،
16100 -
وَالْأَوَّلُ مُنْقَطِعٌ ، وَالثَّانِي إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ ، وَكَأَنَّهُمْ إِنْ صَحَّ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ حَكَمُوا فِيهَا بِحُكُومَةٍ بَلَغَتْ هَذَا الْمِقْدَارَ كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْمِلْطَاةِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
16101 -
وَرُوِّينَا عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي عَبْلَةَ ، أَنَّ مُعَاذًا ، وَعُمَرَ ، «جَعَلَا فِيمَا دُونَ الْمُوضِحَةِ أَجْرَ الطَّبِيبِ» ،
16102 -
وَهُوَ عَنْهُمَا مُنْقَطِعٌ
16103 -
وَرُوِّينَا عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ ، وَعُمَرَ ، قَالَا «فِي الْمُوضِحَةِ فِي الْوَجْهِ وَالرَّأْسِ سَوَاءً»
تَفْسِيرُ الشِّجَاجِ
16104 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، قَالَ: قَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَاسَرْجِسِيُّ فِيمَا قَرَأْتُهُ مِنْ سَمَاعِهِ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مَسْعُودٍ التُّجِيبِيُّ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ ابْنِ أَخِي حَرْمَلَةَ ، حَدَّثَنَا عَمِّي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: إِنَّ " أَوَّلَ الشِّجَاجِ الْحَارِصَةُ: وَهِيَ الَّتِي تَحْرِصُ الْجِلْدَ حَتَّى تَشُقَّهَ قَلِيلًا وَمِنْهُ قِيلَ: حَرَصَ الْقَصَّارُ الثَّوْبَ إِذَا شَقَّهُ " ،
16105 -
ثُمَّ الْبَاضِعَةُ: وَهِيَ الَّتِي تَشُقُّ اللَّحْمَ ، وَتَبْضَعُهُ بَعْدَ الْجِلْدِ ،
16106 -
ثُمَّ الْمُتَلَاحِمَةُ: وَهِيَ الَّتِي أَخَذَتْ فِي اللَّحْمِ ، وَلَمْ تَبْلُغِ السِّمْحَاقَ ، وَالسِّمْحَاقُ جِلْدَةٌ رُقَيْقَةٌ بَيْنَ اللَّحْمِ وَالْعَظْمِ ، وَكُلُّ قِشْرَةٍ رَقِيقَةٍ فَهِيَ سِمْحَاقٌ ، فَإِذَا بَلَغَتِ الشَّجَّةُ تِلْكَ الْقِشْرَةَ الرَّقِيقَةَ حَتَّى لَا يَبْقَى بَيْنَ اللَّحْمِ وَالْعَظْمِ غَيْرُهَا ، فَتِلْكَ السِّمْحَاقُ وَهِيَ الْمِلْطَاةُ ،
16107 -
ثُمَّ الْمُوضِحَةُ وَهِيَ الَّتِي تَكْشِفُ عَنْهَا ذَلِكَ الْقِشْرَ ، وَتَشُقُّ حَتَّى يَبْدُوَ وَضَحُ الْعَظْمِ ، فَتِلْكَ الْمُوضِحَةُ ،
16108 -
وَالْهَاشِمَةُ: الَّتِي تَهْشِمُ الْعَظْمَ ،
16109 -
وَالْمُنَقِّلَةُ: الَّتِي يُنْقَلُ مِنْهَا فِرَاشُ الْعَظْمِ ،
16110 -
وَالْآمَّةُ وَهِيَ الْمَأْمُومَةُ: وَهِيَ الَّتِي تَبْلُغُ أُمَّ الرَّأْسِ الدِّمَاغَ ،
16111 -
وَالْجَائِفَةُ: وَهِيَ الَّتِي تَخْرِقُ حَتَّى تَصِلَ إِلَى السِّفَاقِ ،
16112 -
وَمَا كَانَ دُونَ الْمُوضِحَةِ فَهُوَ خُدُوشٌ فِيهِ الصُّلْحُ ،
16113 -
وَالدَّامِيَةُ هِيَ الَّتِي تَدْمِي مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسِيلَ مِنْهَا دَمٌ ،
16114 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ الرَّبِيعِ: لَسْتُ أَعْلَمُ خِلَافًا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ
⦗ص: 123⦘
: «فِي الْجَائِفَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ» بِهَذَا أَقُولُ
16115 -
قَالَ أَحْمَدُ: رُوِّينَا ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ ، أَنَّ «أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ قَضَى فِي جَائِفَةٍ نَفَذَتْ مِنَ الْجَانِبِ الْآخَرِ بِثُلُثَيِ الدِّيَةِ» ،
16116 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: إِذَا اصْطَلَمَتِ الْأُذُنَانِ فَفِيهِمَا الدِّيَةُ قِيَاسًا عَلَى مَا قَضَى بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِيهِ بِالدِّيَةِ مِنْ أُذُنَيْنِ مِنَ الْإِنْسَانِ
16117 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَقَدْ رُوِّينَا فِي حَدِيثِ يُونُسَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، أَنَّهُ قَرَأَ فِي كِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الَّذِي كَتَبَهُ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ:«وَفِي الْأُذُنِ خَمْسُونَ مِنَ الْإِبِلِ»
16118 -
وَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ ، وَعَلِيٍّ ، أَنَّهُمَا قَضَيَا بِذَلِكَ
16119 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا مُسْلِمٌ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، قَالَ: قَالَ عَطَاءٌ: «فِي الْأُذُنِ إِذَا اسْتُوعِبَتْ نِصْفُ الدِّيَةِ» ،
16120 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَفِي السَّمْعِ الدِّيَةُ ، وَالْأُذُنَانِ غَيْرُ السَّمْعِ ،
16121 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِذَا جُنِيَ عَلَيْهِ فَذَهَبَ عَقْلُهُ فَفِي ذَهَابِ عَقْلِهِ الدِّيَةُ
16122 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَرَوَى رِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنِ الْإِفْرِيقِيِّ ، عَنْ عُتْبَةَ بْنِ حُمَيْدٍ ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ ، عَنِ ابْنِ غَنْمٍ ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«وَفِي السَّمْعِ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ ، وَفِيهِ وَفِي الْعَقْلِ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ» ،
16123 -
وَإِسْنَادُهُ غَيْرُ قَوِيٍّ ،
16124 -
وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ ، مَا دَلَّ عَلَى وُجُوبِ الدِّيَةِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا
16125 -
وَرُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ، أَنَّهُ قَالَ:«وَفِي جَفْنَ الْعَيْنِ رُبُعُ الدِّيَةِ» ،
16126 -
وَرُوِّينَا فِيهِ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، وَكَذَلِكَ ، قَالَ الشَّافِعِيُّ
16127 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، قَالَ: وَرُوِي عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ: عِنْدَ أَبِي كِتَابٌ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيهِ: «وَفِي الْأَنْفِ إِذَا قُطِعَ الْمَارِنُ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ» ،
16128 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: حَدِيثُ ابْنِ طَاوُسٍ فِي الْأَنْفِ حَدِيثٌ لَيِّنٌ مِنْ حَدِيثِ آلِ حَزْمٍ ،
16129 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيمَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ ، عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ هَذَا الْكِتَابِ ذِكْرُ الْمَارِنِ
16130 -
وَقَدْ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَارَةَ ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ ، قَالَ: كَانَ فِي كِتَابِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ: «وَفِي الْأَنْفِ إِذَا اسْتُؤْصِلَ الْمَارِنُ الدِّيَةُ كَامِلَةً»
⦗ص: 125⦘
16131 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: «وَفِي الشَّفَتَيْنِ الدِّيَةُ ، وَسَوَاءٌ الْعُلْيَا مِنْهَا وَالسُّفْلَى» ،
16132 -
قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْأَصَابِعِ بِعَشْرٍ عَشْرٍ ، وَالْأَصَابِعُ مُخْتَلِفَةُ الْجَمَالِ وَالْمَنْفَعَةِ ، فَلَمَّا رَأَيْنَاهُ إِنَّمَا قَصَدَ الْأَسْمَاءَ كَانَ يَنْبَغِي فِي كُلِّ مَا وَقَعَتْ عَلَيْهِ الْأَسْمَاءُ أَنْ يَكُونَ هَذَا. . . وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ
16133 -
وَرُوِّينَا عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، أَنَّهُ قَالَ: مَضَتَ السُّنَّةُ فِي أَشْيَاءَ مِنَ الْإِنْسَانِ. قَالَ: «وَفِي اللِّسَانِ الدِّيَةُ ، وَفِي الصَّوْتِ إِذَا انْقَطَعَ الدِّيَةُ ، وَفِي الْأَسْنَانِ الدِّيَةُ» كَذَا رُوِيَ فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: «وَفِي الْأَسْنَانِ الدِّيَةُ» ،
16134 -
وَكَذَلِكَ رُوِيَ فِي ، حَدِيثِ مُعَاذٍ ، وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ
16135 -
وَرِوَايَةُ مَنْ رَوَى عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «فِي كُلِّ سَنٍّ خَمْسٌ مِنَ الْإِبِلِ» أَكْثَرُ وَأَشْهَرُ ،
16136 -
وَرُوِيَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ ، عَنْ عَلِيٍّ ، قَالَ: وَفِي السِّنِّ خَمْسٌ
16137 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ ، عَنْ أَبِي غَطَفَانَ بْنِ طَرِيفٍ الْمُرِّيِّ ، أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ ، بَعَثَهُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ فَسَأَلَهُ: " مَاذَا فِي الضِّرْسِ؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فِيهِ خَمْسٌ مِنَ الْإِبِلِ ، قَالَ: فَرَدَّنِي إِلَيْهِ مَرْوَانُ ، قَالَ: أَتَجْعَلُ مُقَدَّمَ
⦗ص: 126⦘
الْفَمِّ مِثْلَ الْأَضْرَاسِ؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَوْ لَمْ يَعْتَبِرْ ذَلِكَ إِلَّا بِالْأَصَابِعِ عَقْلُهَا سَوَاءٌ " ،
16138 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَالدِّيَةُ الْمُؤَقَّتَةُ عَلَى الْعَدَدِ لَا عَلَى الْمَنَافِعَ ،
16139 -
قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ مَالِكٍ ، فِي كِتَابِ جِرَاحِ الْخَطَأِ ،
16140 -
وَإِنَّمَا رَوَاهُ فِي كِتَابِ الدِّيَاتِ وَالْقِصَاصِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ ، عَنْ مَالِكٍ لِأَنَّهُ يَحْكِي فِي ذَلِكَ الْكِتَابِ أَخْبَارَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَكَلَامُهُ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ ثُمَّ يَحْكِي الشَّافِعِيُّ عَنْهُمْ ، وَيُجِيبُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ عَمَّا احْتَجَّ بِهِ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ مَالِكٍ
16141 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ فِي كِتَابِ الدِّيَاتِ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبَانَ ، عَنْ حَمَّادٍ ، عَنِ النَّخَعِيِّ ، قَالَ:«فِي الْأَسْنَانِ فِي كُلِّ سَنٍّ نِصْفُ الْعُشْرِ مُقَدَّمُ الْفَمِ ، وَمُؤَخَّرُهُ سَوَاءٌ»
16142 -
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: أَخْبَرَنَا أَبُو حَنِيفَةَ ، عَنْ حَمَّادٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ شُرَيْحٍ ، قَالَ:«الْأَسْنَانُ كُلُّهَا سَوَاءٌ ، فِي كُلِّ سَنٍّ نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ»
16143 -
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا بُكَيْرُ بْنُ عَامِرٍ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، أَنَّهُ قَالَ:«الْأَسْنَانُ كُلُّهَا سَوَاءٌ ، فِي كُلِّ سَنٍّ نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ» ، وَذَكَرَ حَدِيثَ أَبِي غَطَفَانِ كَمَا مَضَى
16144 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: الْحُجَّةُ فِيهِ مَا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «وَفِي السِّنِّ خَمْسٌ» ، فَكَانَتَ الضِّرْسُ سِنًّا فِي فَمٍ لَا يَخْرُجُ مِنَ اسْمِ السِّنِّ. وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ
16145 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَرُوِّينَا عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الْأَصَابِعُ سَوَاءٌ ، وَالْأَسْنَانُ سَوَاءٌ الثَّنِيَّةُ ، وَالضِّرْسُ سَوَاءٌ هَذِهِ وَهَذِهِ سَوَاءٌ» يَعْنِي: الْخِنْصَرَ وَالْبِنْصَرَ
16146 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْمُحَمَّدَآبَاذِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو قِلَابَةَ عَبْدُ الْمَلِكِ الرَّقَاشِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«هَذِهِ وَهَذِهِ سَوَاءٌ» يَعْنِي: الْخِنْصَرَ وَالْإِبْهَامَ وَالضِّرْسَ وَالثَّنِيَّةَ
16147 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ ، يَقُولُ:«قَضَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي الْأَضْرَاسِ بِبَعِيرٍ بَعِيرٍ ، وَقَضَى مُعَاوِيَةُ فِي الْأَضْرَاسِ بِخَمْسَةِ أَبْعِرَةٍ خَمْسَةَ أَبْعِرَةٍ ، فَالدِّيَةُ تَنْقُصُ فِي قَضَاءِ عُمَرَ وَتَزِيدُ فِي قَضَاءِ مُعَاوِيَةَ ، فَلَوْ كُنْتُ أَنَا جَعَلْتُ فِي الْأَضْرَاسِ بَعِيرَيْنِ بَعِيرَيْنِ ، فَتِلْكَ الدِّيَةُ سَوَاءٌ» ،
16148 -
قَالَ الرَّبِيعُ: فَقُلْتُ لِلشَّافِعِيِّ: فَإِنَّا نَقُولُ فِي الْأَضْرَاسِ خَمْسٌ خَمْسٌ؟ قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَقَدْ خَالَفْتُمْ حَدِيثَ عُمَرَ وَقُلْتُمْ فِي الْأَضْرَاسِ خَمْسٌ خَمْسٌ ، وَهَكَذَا نَقُولُ لِمَا جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي السِّنِّ خَمْسٌ وَكَانَتِ الضِّرْسُ سِنًّا ،
16149 -
وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِي ذَلِكَ ، وَقَالَ فِيهِ: هَكَذَا يَنْبَغِي لَنَا وَلَكُمْ أَنْ لَا نَتْرُكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا أَبَدًا لِقَوْلِ غَيْرِهِ ،
⦗ص: 128⦘
16150 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ ، أَنَّهُ قَالَ:«الْأَسْنَانُ سَوَاءٌ الضِّرْسُ وَالثَّنِيَّةُ» ، وَكَأَنَّهُ رَجَعَ إِلَيْهِ
16151 -
وَرُوِّينَا عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ ، أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ السِّنَّ إِذَا اسْوَدَّتْ تَمَّ عَقْلُهَا
16152 -
وَرُوِّينَا عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ ، أَنَّهُ قَالَ فِي السِّنِّ: إِذَا أُصِيبَتْ فَاسْوَدَّتْ بَعْدَ ذَلِكَ فَسَقَطَتْ فَفِيهَا عَقْلُهَا كُلُّهُ كَامِلًا
عَقْلُ الْأَصَابِعِ
16153 -
أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا ، وَأَبُو بَكْرٍ ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ بِإِسْنَادِهِ ، عَنْ أَبِي مُوسَى ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «فِي الْأَصَابِعِ عَشْرٌ عَشْرٌ»
16154 -
هَكَذَا رَوَاهُ فِي كِتَابِ الْجِرَاحِ لَمْ يَسُقْ إِسْنَادَهُ
16155 -
وَقَدْ أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ ، أَخْبَرَنَا شَافِعُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرِ بْنُ سَلَامَةَ ، حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ ، حَدَّثَنَا غَالِبٌ التَّمَّارُ ، عَنْ مَسْرُوقِ بْنِ أَوْسٍ ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«فِي الْأَصَابِعِ عَشْرٌ عَشْرٌ»
16156 -
هَكَذَا رَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ ،
16157 -
وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ ، عَنْ غَالِبٍ التَّمَّارِ ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ ، عَنْ مَسْرُوقِ بْنِ أَوْسٍ ، عَنْ أَبِي مُوسَى
16158 -
وَرُوِّينَا فِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ
⦗ص: 130⦘
عَبَّاسٍ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «هَذِهِ وَهَذِهِ سَوَاءٌ» يَعْنِي: الْخِنْصَرَ وَالْإِبْهَامَ
16159 -
وَفِي رِوَايَةِ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ:«جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَصَابِعَ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ سَوَاءً»
16160 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ، وَأَبُو بَكْرٍ ، وَأَبُو زَكَرِيَّا ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ ، وَعَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، أَنَّ «عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ، قَضَى فِي الْإِبْهَامِ بِخَمْسَ عَشْرَةَ ، وَفِي الَّتِي تَلِيهَا بِعَشْرٍ ، وَفِي الْوُسْطَى بِعَشْرٍ ، وَفِي الَّتِي تَلِي الْخِنْصَرَ بِتِسْعٍ ، وَفِي الْخِنْصَرِ بِسِتٍّ»
16161 -
زَادَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ فِي رِوَايَتِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَمَّا كَانَ مَعْرُوفًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، عِنْدَ عُمَرَ رضي الله عنه ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَضَى فِي الْيَدِ خَمْسِينَ وَكَانَتَ الْيَدُ خَمْسَةَ أَطْرَافٍ مُخْتَلِفَةَ الْجَمَالِ وَالْمَنَافِعِ نَزَّلَهَا مَنَازِلَهَا ، فَحَكَمَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْأَطْرَافِ بِقَدْرٍ مِنْ دِيَةِ الْكَفِّ ،
16162 -
وَهَذَا قِيَاسٌ عَلَى الْخَبَرِ ، فَلَمَّا وُجِدَ كِتَابُ آلِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ فِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " وَفِي كُلِّ إِصْبَعٍ مِمَّا هُنَالِكَ عَشْرٌ مِنَ الْإِبِلِ: صَارُوا إِلَيْهِ وَلَمْ يَقْبَلُوا كِتَابَ آلِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، حَتَّى ثَبَتَ لَهُمْ أَنَّهُ كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
⦗ص: 131⦘
16163 -
قَالَ أَحْمَدُ: رُوِّينَا عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَوْنٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، فِي قَضَاءِ عُمَرَ فِي الْأَصَابِعِ نَحْوًا مِنْ رِوَايَةِ الشَّافِعِيِّ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ:«فِي الْإِبْهَامِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَفِي الَّتِي تَلِيهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ» ،
16164 -
وَزَادَ: حَتَّى وُجِدَ كِتَابٌ عِنْدَ آلِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ يَذْكُرُونَ أَنَّهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «وَمِمَّا هُنَالِكَ مِنَ الْأَصَابِعِ عَشْرٌ عَشْرٌ»
16165 -
قَالَ سَعِيدٌ: فَصَارَتِ الْأَصَابِعُ إِلَى عَشْرٍ عَشْرٍ ،
16166 -
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو زَكَرِيَّا ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ ،. فَذَكَرَهُ
عَيْنُ الْأَعْوَرِ
16167 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِذْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «وَفِي الْعَيْنِ خَمْسُونَ» فَإِنَّمَا جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْعَيْنِ خَمْسِينَ فَمَنْ جَعَلَ فِي عَيْنِ الْأَعْوَرِ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسِينَ ، فَقَدْ خَالَفَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "
16168 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَرُوِّينَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ فِي أَعْوَرٍ فَقَأَ عَيْنَ صَحِيحٍ ، قَالَ: الْعَيْنُ بِالْعَيْنِ
16169 -
عَنْ مَسْرُوقٍ ، فِي الْأَعْوَرِ تُصَابُ عَيْنُهُ ، قَالَ: مَا أَنَا فَقَأْتُ عَيْنَهُ ، أَنَا أَدِي قَتِيلَ اللَّهِ فِيهَا نِصْفَ الدِّيَةِ
16170 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَبَعْضُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَهَبُوا إِلَى إِيجَابِ كَمَالِ الدِّيَةِ فِيهَا ،
16171 -
وَرُوِيَ فِيهَا عَنْ عُمَرَ ، وَعَلِيٍّ ،
16172 -
وَالرِّوَايَةُ فِيهَا عَنْ عَلِيٍّ ، مُنْقَطِعَةٌ ، وَظَاهِرُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ يَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَا ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
دِيَةُ الْمَرْأَةِ
16173 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ ، وَأَبُو سَعِيدٍ ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا مُسْلِمٌ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، وَمَكْحُولٍ ، وَعَطَاءٍ ، قَالُوا: أَدْرَكْنَا النَّاسَ عَلَى أَنَّ دِيَةَ الْمُسْلِمِ الْحُرِّ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ ، فَقَوَّمَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ تِلْكَ الدِّيَةَ عَلَى أَهْلِ الْقُرَى أَلْفَ دِينَارٍ ، أَوِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ ، وَدِيَةَ الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ إِذَا كَانَتْ مِنْ
⦗ص: 134⦘
أَهْلِ الْقُرَى: خَمْسَ مِائَةِ دِينَارٍ ، أَوْ سِتَّةَ آلَافِ دِرْهَمٍ ، فَإِذَا كَانَ الَّذِي أَصَابَهَا مِنَ الْأَعْرَابِ فَدِيتُهَا خَمْسُونَ مِنَ الْإِبِلِ "
16174 -
. . . وَذَكَرَ حَدِيثَ عُثْمَانَ فِي الْمَرْأَةِ الَّتِي أُوطِئَتْ فِي مَكَّةَ
16175 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ ، أَخْبَرَنَا أَبُو حَنِيفَةَ ، عَنْ حَمَّادٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، أَنَّهُ قَالَ:«عَقْلُ الْمَرْأَةِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ عَقْلِ الرَّجُلِ ، وَالْمَرْأَةُ فِي الْعَقْلِ إِلَى الثُّلُثِ ، ثُمَّ النِّصْفِ فِيمَا بَقِيَ» ،
16176 -
قَالَ: وَأَخْبَرَنِي أَبُو حَنِيفَةَ ، عَنْ حَمَّادٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، أَنَّهُ قَالَ: قَوْلُ عَلِيٍّ فِي هَذَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ قَوْلِ زَيْدٍ
16177 -
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبَانَ ، عَنْ حَمَّادٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ عُمَرَ
⦗ص: 135⦘
بْنِ الْخَطَّابِ ، وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، أَنَّهُمَا قَالَا:«عَقْلُ الْمَرْأَةِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَةِ الرَّجُلِ فِي النَّفْسِ وَفِيمَا دُونَهَا»
16178 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَرُوِّينَا عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، أَنَّهُ سَأَلَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ: " كَمْ فِي إِصْبَعِ الْمَرْأَةِ؟ قَالَ: عَشْرٌ ، قَالَ: كَمْ فِي اثْنَتَيْنِ؟ قَالَ: عِشْرُونَ ، قَالَ: كَمْ فِي الثَّلَاثِ؟ قَالَ: ثَلَاثُونَ ، قَالَ: كَمْ فِي أَرْبَعٍ؟ قَالَ عِشْرُونَ ، قَالَ الرَّبِيعُ: حِينَ عَظُمَ جُرْحُهَا وَاشْتَدَّتْ مُصِيبَتُهَا نَقَصَ عَقْلُهَا ، قَالَ: أَعِرَاقِيُّ أَنْتَ؟ قَالَ رَبِيعَةُ: عَالِمٌ مُتَثَبِّتٌ أَوْ جَاهِلٌ مُتَعَلِّمٌ ، قَالَ: يَا ابْنَ أَخِي إِنَّهَا السُّنَّةُ أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا فِي آخَرِينَ ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، حَدَّثَنِي مَالِكٌ ، وَأُسَامَةُ ، وَسُفْيَانُ. . . عَنْ رَبِيعَةَ. . . فَذَكَرَهُ.
16179 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: «الْقِيَاسُ الَّذِي لَا يَدْفَعُهُ أَحَدٌ ، وَلَا يُخْطِئُ بِهِ أَحَدٌ فِيمَا نَرَى ، أَنَّ نَفْسَ الْمَرْأَةِ إِذَا كَانَتْ فِيهَا مِنَ الدِّيَةِ نِصْفُ دِيَةِ الرَّجُلِ ، وَفِي يَدِهَا مِثْلُ نِصْفِ مَا فِي يَدِهِ ، إِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَا صَغُرَ مِنْ جِرَاحِهَا هَكَذَا» ،
16180 -
فَلَمَّا كَانَ هَذَا مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يُخْطِئَ بِهَا مِنْ جِهَةِ الرَّأْيِ ، وَكَانَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ: فِي ثَلَاثِ أَصَابِعِ الْمَرْأَةِ ثَلَاثُونَ ، وَفِي أَرْبَعٍ عِشْرُونَ وَيُقَالُ لَهُ: حِينَ عَظُمَ جُرْحُهَا نَقَصَ عَقْلُهَا؟ فَيَقُولُ " هِيَ السُّنَّةُ
16181 -
وَكَانَ يُرْوَى عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ، أَنَّ الْمَرْأَةَ تُعَاقِلُ الرَّجُلَ إِلَى ثُلُثِ دِيَةِ الرَّجُلِ ، ثُمَّ تَكُونُ عَلَى النِّصْفِ مِنْ عَقْلِهِ ،
⦗ص: 136⦘
16182 -
لَمْ يَجُزْ أَنْ يُخْطِئَ أَحَدٌ هَذَا الْخَطَأَ مِنْ جِهَةِ الرَّأْيِ لِأَنَّ الْخَطَأَ إِنَّمَا يَكُونُ مِنْ جِهَةِ الرَّأْيِ فِيمَا يُمْكِنُ مِثْلُهُ فَيَكُونُ رَأْيٌ أَصَحَّ مِنْ رَأْيٍ ، فَأَمَّا هَذَا فَلَا أَحْسَبُ أَحَدًا يُخْطِئُ بِمِثْلِهِ إِلَّا الِاتِّبَاعَ لِمَنْ لَا يَجُوزُ خِلَافَهُ عِنْدَهُ
16183 -
فَلَمَّا قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: «هِيَ السُّنَّةُ» أَشْبَهَ أَنْ يَكُونَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَوْ عَنْ عَامَّةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ ، وَلَمْ يُشْبِهْ زَيْدٌ أَنْ يَقُولَ هَذَا مِنْ جِهَةِ الرَّأْيِ لِأَنَّهُ لَا يَحْمِلُهُ الرَّأْيُ ،
16184 -
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَقَدْ يُرْوَى عَنْ عَلِيٍّ ، خِلَافُهُ ، فَلَا يَثْبُتُ عَنْ عَلِيٍّ ، وَلَا عَنْ عُمَرَ ، وَلَوْ ثَبَتَا كَانَا يُشْبِهَانِ أَنْ يَكُونَا قَالَا بِهِ مِنْ جِهَةِ الرَّأْيِ ، وَلَا يَكُونُ فِيمَا قَالَ سَعِيدٌ السُّنَّةُ إِذَا كَانَ يُخَالِفُ الْقِيَاسَ وَالْعَقْلَ إِلَّا عُلِمَ اتِّبَاعٌ فِيمَا نَرَى ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ،
16185 -
قَالَ أَحْمَدُ: هَذَا قَوْلُهُ فِيمَا رُوِيَ عَنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ، ثُمَّ أَرْدَفَهُ بِأَنْ قَالَ:«وَقَدْ كُنَّا نَقُولُ بِهِ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى ثُمَّ وَقَفْتُ عَنْهُ وَأَسْأَلُ اللَّهَ الْخِيَرَةَ مِنْ قِبَلِ أَنَّا قَدْ نَجِدُ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ بِالسُّنَّةِ ، ثُمَّ لَا نَجِدُ لِقَوْلِهِ السُّنَّةَ نَفَاذًا بِأَنَّهَا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالْقِيَاسُ أَوْلَى بِنَا فِيهَا» ، وَقَالَ:«لَا يَثْبُتُ عَنْ زَيْدٍ إِلَّا كَثُبُوتِهِ عَنْ عَلِيٍّ» ،
16186 -
قَالَ أَحْمَدُ: إِنَّمَا رَوَاهُ عَنْ عَلِيٍّ ، وَزَيْدٍ، الشَّعْبِيُّ ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ ، وَرِوَايتُهُمَا ، عَنْهُمَا مُنْقَطِعَةٌ ، وَكَذَلِكَ رِوَايَةُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ عُمَرَ ، وَالْقِيَاسُ مَا قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ
16187 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِيمَا بَلَغَهُ عَنْ شُعْبَةَ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ شَقِيقٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ، فِي «جِرَاحَاتِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ يَسْتَوِي فِي السِّنِّ ، وَالْمُوضِحَةِ ، وَمَا خَلَا فَعَلَى النِّصْفِ» ،
⦗ص: 137⦘
16188 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهُمْ يُخَالِفُونَ هَذَا فَيَقُولُونَ: «عَلَى النِّصْفِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ» وَأَوْرَدَهُ فِيمَا أَلْزَمَ الْعِرَاقِيِّينَ فِي خِلَافِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ،
16189 -
وَقَدْ رَوَى هُشَيْمٌ ، عَنِ الْمُغِيرَةِ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، أَنَّهُ قَالَ: كَانَ فِيمَا جَاءَ بِهِ عُرْوَةُ الْبَارِقِيُّ إِلَى شُرَيْحٍ مِنْ عِنْدِ عُمَرَ. فَذَكَرَ نَحْوَ قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي جَرْحِ النِّسَاءِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ
16190 -
قَالَ أَحْمَدُ: " وَرُوِّينَا عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، أَنَّهُ قَالَ: مَضَتَ السُّنَّةُ بِأَنَّ فِي الذَّكَرِ الدِّيَةَ ، وَفِي الْأُنْثَيَيْنِ الدِّيَةَ ، وَعَنَ الْحَجَّاجِ ، عَنْ مَكْحُولٍ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ، أَنَّهُ قَالَ: فِي الْبَيْضَتَيْنِ: «هُمَا سَوَاءٌ»
16191 -
وَكَذَلِكَ قَالَهُ عَطَاءٌ ، وَمُجَاهِدٌ ، وَعُرْوَةُ ، وَمَسْرُوقٌ ، وَالْحَسَنُ ،
16191 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ ، أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ: قَضَى فِي الْعَيْنِ الْقَائِمَةِ إِذَا طُفِئَتْ بِمِائَةِ دِينَارٍ ، وَلَعَلَّهُ قَضَى بِهِ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى
⦗ص: 138⦘
16192 -
16193 -
وَرُوِّينَا عَنْ مَسْرُوقٍ ، أَنَّهُ قَالَ: فِي الْعَيْنِ الْعَوْرَاءِ ، وَالْيَدِ الشَّلَّاءِ ، وَلِسَانِ الْأَخْرَسِ حُكْمٌ
16194 -
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ ، عَنْ حَمَّادٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ ، فِيمَا حَكَاهُ الشَّافِعِيُّ ،
16195 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا مُسْلِمٌ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، قَالَ: سَأَلْتُ عَطَاءً عَنِ الْحَاجِبِ يُشَانُ؟ قَالَ: مَا سَمِعْتُ فِيهِ شَيْئًا ،
16196 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: «فِيهِ حُكُومَةٌ بِقَدْرِ الشَّيْنِ وَالْأَلَمِ»
16197 -
وَبِإِسْنَادِهِ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، قَالَ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: حَلْقُ الرَّأْسِ لَهُ نَذْرٌ؟ فَقَالَ: لَمْ أَعْلَمْ "
16198 -
قَالَ الرَّبِيعُ: النَّذْرُ وَالْقَدْرُ وَاحِدٌ ،
16199 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا نَذْرَ فِي الشَّعْرِ مَعْلُومٌ ،
16200 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَلَمْ يَثْبُتْ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ مَا رُوِيَ عَنْهُمْ ، فَالَّذِي رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ ، «أَنَّهُ قَضَى فِي الْحَاجِبِ إِذَا أُصِيبَ حَتَّى يَذْهَبَ شَعْرُهُ بِمُوضِحَتَيْنِ عَشْرٌ مِنَ الْإِبِلِ» إِنَّمَا رَوَاهُ عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ مُنْقَطِعًا
⦗ص: 139⦘
16201 -
وَالَّذِي رُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ، أَنَّهُ قَالَ:" فِي الشَّعْرِ إِذَا لَمْ يَنْبُتِ: الدِّيَةُ " ، إِنَّمَا رَوَاهُ الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَأَةَ ، وَالْحَجَّاجُ غَيْرُ مُحْتَجٌّ بِهِ ، عَنْ مَكْحُولٍ ، عَنْ زَيْدٍ ، وَمَكْحُولٍ لَمْ يُدْرِكْ زَيْدًا ، فَهُوَ مُنْقَطِعٌ ،
16202 -
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَرُوِّينَا عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ، " أَنَّهُ قَالَ: فِي الْحَاجِبِ ثُلُثُ الدِّيَةِ " ،
16203 -
وَقَالَ فِي الشَّعْرِ يُجْنَى عَلَيْهِ ، فَلَا يَنْبُتُ ،
16204 -
رُوِّينَا عَنْ عَلِيٍّ ، وَزَيْدٍ أَنَّهُمَا قَالَا:«فِيهِ الدِّيَةُ» ،
16205 -
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: لَمْ يَثْبُتْ عَنْ عَلِيٍّ ، وَزَيْدٍ ، مَا رُوِيَ عَنْهُمَا
التَّرْقُوَةُ وَالضِّلَعُ
16206 -
أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا ، وَأَبُو بَكْرٍ ، وَأَبُو سَعِيدٍ ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ جُنْدُبٍ ، عَنْ أَسْلَمَ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ، قَضَى فِي الضِّرْسِ بِجَمَلٍ ، وَفِي التَّرْقُوَةِ بِجَمَلٍ ، وَفِي الضِّلَعِ بِجَمَلٍ "
16207 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ: فِي الْأَضْرَاسِ خَمْسٌ خَمْسٌ لِمَا جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: فِي السِّنِّ خَمْسٌ خَمْسٌ ، وَكَانَتِ الضِّرْسُ سِنًّا ،
16208 -
ثُمَّ قَالَ: وَأَنَا أَقُولُ بِقَوْلِ عُمَرَ فِي التَّرْقُوَةِ ، وَالضِّلَعِ ، لِأَنَّهُ لَمْ يُخَالِفْهُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا عَلِمْتُهُ ، فَلَمْ أَرَ أَنْ أَذْهَبَ إِلَى رَأْيِي ، فَأُخَالِفُهُ بِهِ،
16209 -
قَالَ أَحْمَدُ: بِهَذَا أَجَابَ فِي كِتَابِ اخْتِلَافِهِ وَمَالِكٍ ، وَبِهِ أَجَابَ فِي كِتَابِ الدِّيَاتِ ، وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ،
16210 -
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الْجِرَاحِ: يُشْبِهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنْ يَكُونَ مَا حُكِيَ عَنْ عُمَرَ فِيمَا وَصَفْتُ حُكُومَةً لَا تَوْقِيتَ عَقْلٍ ، فَفِي كُلِّ عَظْمٍ كُسِرَ مِنْ إِنْسَانٍ غَيْرِ السِّنِّ حُكُومَةٌ وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا أَرْشٌ مَعْلُومٌ
دِيَةُ أَهْلِ الذِّمَّةِ
16211 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا أَبُو الرَّبِيعِ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: «أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْمُعَاهَدِ يُقْتَلُ خَطَأً بِدِيَةٍ مُسَلَّمَةٍ إِلَى أَهْلِهِ» ،
16212 -
وَدَلَّتْ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَنْ لَا يُقْتَلَ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ مَعَ مَا
⦗ص: 142⦘
فَرَّقَ اللَّهُ بِهِ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْكَافِرِينَ ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُحْكَمَ عَلَى قَاتِلِ الْكَافِرِ بِدِيَةٍ وَلَا أَنْ يَنْقُصَ مِنْهَا بِخَبَرٍ لَازِمٍ ، وَالنَّصْرَانِيُّ بِثُلُثِ دِيَةِ الْمُسْلِمِ ،
16213 -
وَقَضَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ، وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ فِي دِيَةِ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ بِثُلُثِ دِيَةِ الْمُسْلِمِ ،
16214 -
وَقَضَى عُمَرُ فِي دِيَةِ الْمَجُوسِيِّ بِثَمَانِي مِائَةِ دِرْهَمٍ ،
16215 -
وَلَمْ نَعْلَمْ أَحَدًا قَالَ فِي دِيَاتِهِمْ أَقَلَّ مِنْ هَذَا ،
16216 -
وَقَدْ قِيلَ إِنَّ دِيَاتِهِمْ أَكْثَرُ مِنْ هَذَا ، فَأَلْزَمْنَا قَاتِلَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ الْأَقَلَّ مِمَّا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ
16217 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ، وَأَبُو بَكْرٍ ، وَأَبُو زَكَرِيَّا ، وَأَبُو أَحْمَدَ ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ ، عَنْ ثَابِتٍ الْحَدَّادِ ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَضَى فِي دِيَةِ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ بِأَرْبَعَةِ آلَافٍ ، وَفِي دِيَةِ الْمَجُوسِيِّ بِثَمَانِ مِائَةِ دِرْهَمٍ " ،
16218 -
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، عَنْ عُمَرَ
16219 -
وَهُوَ فِي كِتَابِ الدَّارَقُطْنِيِّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ ،
16220 -
وَفِيهِ أَيْضًا عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ ، عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
16221 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ ، وَأَبُو زَكَرِيَّا ، وَأَبُو سَعِيدٍ ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ صَدَقَةَ بْنِ يَسَارٍ ، قَالَ: " أَرْسَلْنَا إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ نَسْأَلُهُ عَنْ دِيَةِ الْمُعَاهَدِ ، فَقَالَ: قَضَى فِيهِ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رضي الله عنه بِأَرْبَعَةِ آلَافٍ ، قَالَ: فَقُلْنَا: فَمَنْ قَبْلَهُ؟ قَالَ: فَحَصَبَنَا ،
16222 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: هُمُ الَّذِينَ سَأَلُوهُ آخِرًا ،
16223 -
وَإِنَّمَا أَرَادَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ ابْنَ الْمُسَيِّبِ كَانَ يَقُولُ بِخِلَافِ ذَلِكَ ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى هَذَا ،
16224 -
وَقَدْ رُوِيَ فِي دِيَةِ الْمَجُوسِيِّ عَنْ عَلِيٍّ ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، مِثْلُ قَوْلِ عُمَرَ،
16225 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ حُصَيْنٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، أَنَّ ابْنَ شَاسٍ الْجُذَامِيَّ ، قَتَلَ رَجُلًا مِنْ أَنْبَاطِ الشَّامِ ، فَرُفِعَ إِلَى عُمَرَ ، فَأَمَرَ بِقَتْلِهِ ، فَكَلَّمَهُ الزُّبَيْرُ وَنَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَنَهَوْهُ عَنْ قَتْلِهِ ، قَالَ: فَجَعَلَ دِيَتَهُ أَلْفَ دِينَارٍ "
16226 -
وَبِإِسْنَادِهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ ، قَالَ: دِيَةُ كُلِّ مُعَاهَدٍ فِي عَهْدِهِ أَلْفُ دِينَارٍ
16227 -
وَبِإِسْنَادِهِ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ ، أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ،
⦗ص: 144⦘
عَنِ مُغِيرَةَ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ:«دِيَةُ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ وَالْمَجُوسِيِّ سَوَاءٌ»
16228 -
وَبِإِسْنَادِهِ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ ، أَخْبَرَنَا خَالِدُ ، عَنْ مُطَرِّفٍ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، مِثْلَهُ ، إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرِ الْمَجُوسِيَّ ،
16229 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي حَدِيثِ عُثْمَانَ: هَذَا مِنْ حَدِيثِ مَنْ يَجْهَلُ ، فَإِنْ كَانَ غَيْرَ ثَابِتٍ فَدَعِ الِاحْتِجَاجَ بِهِ ، وَإِنْ كَانَ ثَابِتًا فَعَلَيْكَ فِيهِ حُكْمٌ وَلَكَ فِيهِ آخَرُ ، فَقُلْ بِهِ حَتَّى نَعْلَمَ أَنَّكَ قَدِ اتَّبَعْتَهُ عَلَى ضَعْفِهِ ، يُرِيدُ رُجُوعَهُ عَنْ قَتْلِ الْمُسْلِمِ بِالْكَافِرِ
16230 -
قَالَ: فَقَدْ رُوِّينَا عَنِ الزُّهْرِيِّ ، أَنَّ دِيَةَ الْمُعَاهَدِ كَانَتْ فِي عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ ، وَعُمَرَ ، وَعُثْمَانَ دِيَةٌ تَامَّةٌ حَتَّى جَعَلَ مُعَاوِيَةُ نِصْفَ الدِّيَةِ فِي بَيْتِ الْمَالِ " ،
16231 -
قُلْنَا: فَتَقْبَلُ أَنْتَ مِنَ الزُّهْرِيِّ إِرْسَالَهُ فَنَحْتَجُّ عَلَيْكَ بِمُرْسَلِهِ؟ قَالَ: مَا نَقْبَلُ الْمُرْسَلَ مِنْ أَحَدٍ ، وَإِنَّ الزُّهْرِيَّ لَقَبِيحُ الْمُرْسَلِ ،
16232 -
قُلْنَا: فَإِذَا أَبَيْتَ أَنْ تَقْبَلَ الْمُرْسَلَ وَكَانَ هَذَا مُرْسَلًا وَكَانَ الزُّهْرِيُّ قَبِيحَ الْمُرْسَلِ عِنْدَكَ ، أَلَيْسَ قَدْ رَدَدْتَهُ مِنْ وَجْهَيْنِ؟ ،
16233 -
ثُمَّ اسْتَدَلَّ الشَّافِعِيُّ بِرِوَايَةِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ عُمَرَ ، وَعُثْمَانَ ، عَلَى خِلَافِ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ فِيهِ ، قَالَ: سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ عَنْ عُمَرَ مُنْقَطِعٌ ،
16234 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ إِنَّهُ لَيَزْعُمُ أَنَّهُ حَفِظَ عَنْهُ ثُمَّ تَزْعُمُونَهُ أَنْتُمْ خَاصَّةً وَهُوَ عَنْ عُثْمَانَ غَيْرُ مُنْقَطِعٍ
16235 -
قَالَ أَحْمَدُ: أَظُنُّهُ أَرَادَ مَا أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ السَّمَّاكِ ، حَدَّثَنَا حَنْبَلُ بْنُ إِسْحَاقَ ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ إِيَاسِ بْنِ مُعَاوِيَةَ ، قَالَ: قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: " مِمَّنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ: مِنْ مُزَيْنَةَ ، قَالَ: إِنِّي لَأَذْكُرُ يَوْمَ نَعَى عُمَرُ بْنُ
⦗ص: 145⦘
الْخَطَّابِ النُّعْمَانَ بْنَ مُقَرِّنٍ الْمُزَنِيَّ عَلَى الْمِنْبَرِ «،
16236 -
وَرُوِّينَا عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ ، أَنَّ ابْنَ الْمُسَيِّبِ ، كَانَ يُسَمَّى» رَاوِيَةَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ " لِأَنَّهُ كَانَ أَحْفَظَ النَّاسِ لِأَحْكَامِهِ ،
16237 -
وَقَالَ مَالِكٌ: بَلَغَنِي أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يُرْسِلُ إِلَى ابْنِ الْمُسَيِّبِ يَسْأَلُهُ عَنْ بَعْضِ شَأْنِ عُمَرَ وَأَمْرِهِ ،
16238 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: الدِّيَةُ جُمْلَةٌ لَا دَلَالَةَ عَلَى عَدَدِهَا فِي تَنْزِيلِ الْوَحْيِ ، وَإِنَّمَا قُلْنَا عَدَدُ الدِّيَةِ «مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ» عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، وَقَبِلْنَا عَنْ عُمَرَ الذَّهَبَ وَالْوَرِقَ ، إِذْ لَمْ يَكُنْ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيهِ شَيْءٌ ، فَهَكَذَا قَبِلْنَا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَدَدَ دِيَةِ الْمُسْلِمِ ، وَعَنْ عُمَرَ دِيَةَ غَيْرِهِ مِمَّنْ خَالَفَ الْإِسْلَامَ إِذْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ عَنِ النَّبِيِّ شَيْءٌ ،
16239 -
ثُمَّ ذَكَرَ اسْتِوَاءَ الرِّجَالِ ، وَالنِّسَاءِ ، وَالْعَبِيدِ ، وَالْأَجِنَّةِ فِي وُجُوبِ الرَّقَبَةِ ، وَاخْتِلَافِهِمْ فِي بَدَلِ النَّفْسِ ،
16240 -
قَالَ فِي الْقَدِيمِ: فَإِذَا كَانَ الْخَبَرُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي دِيَةِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ أَنَّهَا مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ فَهَلْ وَجَدْتَ حَدِيثًا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ دِيَةَ الْمُعَاهَدِ مِثْلُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ؟ فَذَكَرَ خَبَرًا لَا يَثْبُتُ مِثْلُهُ
16241 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَكَأَنَّهُ ذَكَرَ لَهُ حَدِيثَ أَبِي سَعْدٍ الْبَقَّالِ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ:«جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دِيَةَ الْعَامِرِيَّيْنِ دِيَةَ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ ، وَكَانَ لَهُمَا عَهْدٌ» ،
16242 -
وَهَذَا حَدِيثٌ يَنْفَرِدُ بِهِ أَبُو سَعْدٍ سَعِيدُ بْنُ الْمَرْزُبَانِ الْبَقَّالُ ، وَأَهْلُ الْعَمَلِ لَا يَحْتَجُّونَ بِحَدِيثِهِ
16243 -
وَرَوَاهُ أَبُو كُرْزٍ الْفِهْرِيُّ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ، «
⦗ص: 146⦘
وَدَى ذِمِّيًّا دِيَةَ الْمُسْلِمِ» ،
16244 -
وَأَبُو كُرْزٍ هَذَا مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ ، وَلَمْ يَرْوِهِ عَنْ نَافِعٍ ، غَيْرُهُ ، قَالَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِيمَا أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْهُ ،
16245 -
وَأَمَّا مَنْ قَالَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَنَّ دِيَتَهُ نِصْفُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ ، فَإِنَّمَا ذَهَبُوا فِيهِ إِلَى حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ
16246 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ: ذَكَرَ مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ ، وَدَيْتُهُ نِصْفُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ» ،
16247 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَرَوَوْهُ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، وَقَالَهُ عَوَامٌّ مِنْهُمْ ،
16248 -
قَالَ أَحْمَدُ: حَدِيثُ عَمْرٍو قَدْ رُوِيَ عَنْهُ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
16249 -
وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ ، عَنْ عَمْرٍو ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، قَالَ:" كَانَتْ قِيمَةُ الدِّيَةِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَمَانِيَ مِائَةِ دِينَارٍ ، وَثَمَانِيَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ ، وَدِيَةُ أَهْلِ الْكِتَابِ يَوْمَئِذٍ النِّصْفُ مِنْ دِيَةِ الْمُسْلِمِ ، قَالَ: وَكَانَ ذَلِكَ حَتَّى اسْتُخْلِفَ عُمَرُ. . . فَذَكَرَ خُطْبَتَهُ فِي رَفْعِ الدِّيَةِ حِينَ غَلَتِ الْإِبِلُ ، وَقَالَ: وَتَرَكَ دِيَةَ أَهْلِ الذِّمَّةِ لَمْ يَرْفَعْهَا فِيمَا رَفَعَ مِنَ الدِّيَةِ. فَيُشْبِهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ «عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَةِ الْمُسْلِمِ» رَاجِعًا إِلَى ثَمَانِيَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ " ،
⦗ص: 147⦘
16250 -
فَتَكُونُ دِيَتُهُمْ فِي رِوَايَتِهِ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَرْبَعَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ ، ثُمَّ لَمْ يَرْفَعْهَا عُمَرُ فِيمَا رَفَعَ مِنَ الدِّيَةِ ، وَكَأَنَّهُ عَلِمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهَا فِي أَهْلِ الْكِتَابِ تَوْقِيفٌ وَفِي أَهْلِ الْإِسْلَامِ تَقْوِيمٌ ،
16251 -
وَالَّذِي يُؤَكِّدُ مَا قُلْنَا حَدِيثُ جَعْفَرِ بْنِ عَوْنٍ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: فَرَضَ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ قَتَلَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أَرْبَعَةَ آلَافٍ ، أَخْبَرَنَاهُ أَبُو زَكَرِيَّا ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الشَّيْبَانِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرٌ فَذَكَرَهُ
16252 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ ، أَنَّ «النَّاسَ كَانُوا يَقْضُونَ فِي الْمَجُوسِ بِثَمَانِي مِائَةِ دِرْهَمٍ ، وَأَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى إِذَا أُصِيبُوا يُقْضَى لَهُمْ بِقَدْرِ مَا يَعْقِلُهُمْ قَوْمُهُمْ فِيمَا بَيْنَهُمْ» ،
16253 -
أَوْرَدَهُ إِلْزَامًا لِمَالِكٍ فِي خِلَافِ بَعْضِ التَّابِعِينَ
جِرَاحَةُ الْعَبْدِ
16254 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ، وَأَبُو بَكْرٍ ، وَأَبُو زَكَرِيَّا ، وَأَبُو سَعِيدٍ ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، أَنَّهُ قَالَ:«عَقْلُ الْعَبْدِ فِي ثَمَنِهِ» ،
16255 -
زَادَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ فِي رِوَايَتِهِ: " قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَسَمِعْتُ مِنْهُ كَثِيرًا هَكَذَا ، وَرُبَّمَا قَالَ: كَجِرَاحِ الْحُرِّ فِي دِيَتِهِ "
16256 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ، وَأَبُو بَكْرٍ ، وَأَبُو زَكَرِيَّا ، وَأَبُو سَعِيدٍ ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ ، أَنَّهُ قَالَ:«جِرَاحُ الْعَبْدِ فِي ثَمَنِهِ كَجِرَاحِ الْحُرِّ فِي دِيَتِهِ» ،
16257 -
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَإِنَّ نَاسًا يَقُولُونَ: يُقَوَّمُ بِسِلْعَةٍ ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:«أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ» وَهُوَ يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ ،
16258 -
قَالَ أَحْمَدُ: ورُوِّينَاهُ عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ ، مِنْ وَجْهٍ آخَرَ قَالَ: إِذَا شَجَّ الْعَبْدُ مُوضِحَةً فَلَهُ فِيهَا نِصْفُ عُشْرِ قِيمَتِهِ ،
⦗ص: 149⦘
16259 -
وَقَالَ ذَلِكَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ شُرَيْحٍ ، وَالشَّعْبِيِّ ، وَالنَّخَعِيِّ
16260 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ " فِي الْعَبْدِ يُقْتَلُ: فِيهِ قِيمَتُهُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ " ،
16261 -
وَهَذَا يُرْوَى عَنْ عُمَرَ ،
16262 -
وَعَلِيٍّ ، قَالَ أَحْمَدُ: رُوِّينَا عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ ، أَنَّهُ قَالَ: لَا يَعْقِلُ الْعَاقِلُ عَمْدًا ، وَلَا عَبْدًا ، وَلَا صُلْحًا ، وَلَا اعْتِرَافًا ،
16263 -
وَرُوِيَ ذَلِكَ ، عَنْ عَامِرٍ ، عَنْ عُمَرَ ، مُرْسَلًا ، مَوْقُوفًا عَلَى عُمَرَ
16264 -
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الْفَقِيهُ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ زُهَيْرٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَاشِمٍ ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حُسَيْنٍ أَبُو مَالِكٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي السَّفَرِ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ عُمَرَ ، قَالَ:«الْعَمْدُ ، وَالْعَبْدُ ، وَالصُّلْحُ ، وَالِاعْتِرَافُ فِي مَالِ الرَّجُلِ ، لَا تَعْقِلُهُ الْعَاقِلَةُ» ،
16265 -
وَهَذَا مُنْقَطِعٌ بَيْنَ الشَّعْبِيِّ ، وَعُمَرَ ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حُسَيْنٍ غَيْرُ قَوِيٍّ ، وَالْمَحْفُوظُ رِوَايَةُ ابْنِ إِدْرِيسَ ، عَنْ مُطَرِّفٍ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ مِنْ قَوْلِهِ ،
⦗ص: 150⦘
16266 -
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّهُ قَالَ: لَا يَحْمِلُ الْعَاقِلُ عَمْدًا وَلَا صُلْحًا وَلَا اعْتِرَافًا وَلَا مَا جَنَى الْمَمْلُوكُ ،
16267 -
وَرَوَاهُ أَبُو الزِّنَادِ عَنْ أَصْحَابِهِ مِنْ فُقَهَاءَ تَابِعِي أَهْلِ الْمَدِينَةِ بِهَذَا الْمَعْنَى ،
16268 -
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ الْعَبْدَ ، لَا يَغْرَمُ سَيِّدُهُ فَوْقَ نَفْسِهِ شَيْئًا ،
16269 -
وَرُوِيَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ، وَغَيْرِهِ ، مِنْ فُقَهَاءِ التَّابِعِينَ
بَابُ مَنِ الْعَاقِلَةُ الَّتِي تَغْرَمُ
؟
16270 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ
⦗ص: 153⦘
الشَّافِعِيُّ رحمه الله: «لَمْ أَعْلَمْ مُخَالِفًا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَضَى بِالدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ» ،
16271 -
وَهَذَا أَكْثَرُ مِنْ حَدِيثِ الْخَاصَّةِ ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ الْخَاصَّةِ
16272 -
يَعْنِي مَا: أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، وَغَيْرُهُ فِي مَسْأَلَةِ الْجَنِينِ ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم " قَضَى فِي جَنِينِ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي لِحْيَانَ سَقَطَ مَيِّتًا بِغُرَّةٍ: عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ ، ثُمَّ إِنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا بِالْغُرَّةِ تُوُفِّيَتْ ، فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِأَنَّ مِيرَاثَهَا لِبَنِيهَا ، وَزَوْجِهَا ، وَالْعَقْلُ عَلَى عَصَبَتِهَا " ،
⦗ص: 154⦘
16273 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَمَنْ فِي قَضَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ قَضَى عَلَى الْمَرْأَةِ أَصَابَتْ جَنِينًا بِغُرَّةٍ وَقَضَى عَلَى عَصَبَتِهَا بِأَنَّ عَلَيْهَا مَا أَصَابَتْ وَإِنَّ مِيرَاثَهَا لِوَلَدِهَا وَزَوْجِهَا وَأَنَّ الْعَقْلَ عَلَى الْعَاقِلَةِ ، وَإِنْ لَمْ يَرِثُوا ، وَإِنَّ الْمِيرَاثَ لِمَنْ جَعَلَهُ اللَّهُ لَهُ
16274 -
قَالَ: وَقَدْ رَوَى هَذَا إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ نُضَيْلَةَ ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم " قَضَى فِي الْجَنِينِ بِغُرَّةٍ: عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ ، وَقَضَى بِهِ عَلَى عَاقِلَةِ الْجَانِيَةِ الَّتِي أَصَابَتْهُ "
16275 -
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ نُضَيْلَةَ ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ ، أَنَّ " امْرَأَتَيْنِ كَانَتَا تَحْتَ رَجُلٍ مِنْ هُذَيْلٍ ، فَضَرَبَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى بِعَمُودٍ ، فَقَتَلَتْهَا يَعْنِي وَأَسْقَطَتْ مَا فِي بَطْنِهَا ، فَاخْتَصَمُوا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ أَحَدُ الرَّجُلَيْنِ: كَيْفَ نَدِي مَنْ لَا صَاحَ ، وَلَا أَكَلَ ، وَلَا شَرِبَ ، وَلَا اسْتَهَلَّ؟ فَقَالَ: «أَسَجْعٌ كَسَجْعِ الْأَعْرَابِ؟» وَقَضَى فِيهِ بِغُرَّةٍ ، وَجَعَلَهُ عَلَى عَاقِلَةِ الْمَرْأَةِ " أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ غُنْدَرٍ ، عَنْ شُعْبَةَ
16276 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ ، وَزَادَ ، قَالَ:«فَجَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم دِيَةَ الْمَقْتُولَةِ عَلَى عَصَبَةِ الْقَاتِلَةِ ، وَغُرَّةً لِمَا فِي بَطْنِهَا» أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ جَرِيرٍ
16277 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ
⦗ص: 155⦘
الشَّافِعِيُّ: " وَلَمْ أَعْلَمْ مُخَالِفًا بِأَنَّ الْعَاقِلَةَ: الْعَصَبَةُ وَهُمُ الْقَرَابَةُ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ " ،
16278 -
قَالَ: وَقَدْ قَضَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ، عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنهما بِأَنْ يَعْقِلَ عَنْ مَوَالِي صَفِيَّةَ بِنْتِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، وَقَضَى لِلزُّبَيْرِ بِمِيرَاثِهِمْ لِأَنَّهُ ابْنُهَا
16279 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَفِي الْجَامِعِ ، عَنِ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ حَمَّادٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، أَنَّ «الزُّبَيْرَ ، وَعَلِيًّا ، اخْتَصَمَا فِي مَوَالِي لِصَفِيَّةَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، فَقَضَى بِالْمِيرَاثِ لِلزُّبَيْرِ وَالْعَقْلِ عَلَى عَلِيٍّ» ،
16280 -
وَرَوَاهُ أَبُو الزِّنَادِ عَنْ فُقَهَاءِ التَّابِعِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ
16281 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ " فِي حَدِيثِ الْجَنِينِ ، قَالَ: فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِيرَاثَهَا لِوَلَدِهَا وَزَوْجِهَا ، وَأَنَّ عَقْلَهَا عَلَى عَصَبَتِهَا ، وَقَالَ:«يَدٌ مِنْ أَيْدِيكُمِ بَنَتْ» ،
16282 -
أَخْبَرَنَاهُ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِئُ ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ ،. . . فَذَكَرَهُ
16283 -
وَرَوَاهُ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ ، عَنْ مُجَالِدٍ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، أَنَّ امْرَأَتَيْنِ مِنْ هُذَيْلٍ قَتَلَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى ، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا زَوْجٌ وَوَلَدٌ ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دِيَةَ الْمَقْتُولَةِ عَلَى عَاقِلَةِ الْقَاتِلَةِ ، وَبَرَّأَ زَوْجَهَا وَوَلَدَهَا ، فَقَالَتْ عَاقِلَةُ الْمَقْتُولَةِ: مِيرَاثُهَا لَنَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مِيرَاثُهَا لِزَوْجِهَا
⦗ص: 156⦘
وَوَلَدِهَا». . . ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ الْجَنِينِ ،
16284 -
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو الْحَسَنِ الْمُقْرِئُ ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ الْقَاضِي ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ ،. فَذَكَرَهُ ،
16285 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَمَنْ فِي الدِّيوَانِ وَمَنْ لَيْسَ فِيهِ مِنَ الْعَاقِلَةِ سَوَاءٌ قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْعَاقِلَةِ ، وَلَا دِيوَانَ حَتَّى كَانَ الدِّيوَانُ حِينَ كَثُرَ الْمَالُ فِي زَمَانِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
16286 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَرُوِّينَا فِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ ، يَقُولُ:«كَتَبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى كُلِّ بَطْنٍ عُقُولَهُ» أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنِي أَبُو عَمْرِو بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ ، فَذَكَرَهُ
بَابُ مَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ
16287 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، قَالَ:«قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ ، قَضَى فِي الْجَنِينِ بِغُرَّةٍ ، وَقَضَى بِهِ عَلَى الْعَاقِلَةِ ، فَإِذَا قَضَى بِالدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ حِينَ كَانَتْ دِيَةٌ وَنِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ ، حِينَ كَانَ نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ لِأَنَّهُمَا مَعًا مِنَ الْخَطَأِ ، فَكَذَلِكَ يُقْضَى لِكُلِّ خَطَأٍ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، وَإِنْ كَانَ دِرْهَمًا وَاحِدًا» ،
16288 -
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يُقْضَى عَلَيْهِمْ بِنِصْفِ عُشْرِ الدِّيَةِ ، وَلَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ بِمَا دُونَهُ ، لِأَنَّهُ لَا يُحْفَظُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَضَى فِيمَا دُونَ نِصْفِ الْعُشْرِ بِشَيْءٍ ،
16289 -
قِيلَ لَهُ: فَإِنْ كُنْتَ إِنَّمَا اتَّبَعْتَ الْخَبَرَ فَقُلْتَ: أَجْعَلُ الْجِنَايَاتِ عَلَى جَانِيهَا إِلَّا مَا كَانَ فِيهِ خَيْرٌ لَزِمَكَ أَنْ تَقُولَ: إِنْ جَنَى جَانٍ مَا فِيهِ دِيَةٌ أَوْ مَا فِيهِ نِصْفُ عُشْرِ دِيَةٍ فَهِيَ عَلَى عَاقِلَتِهِ ، وَإِذَا جَنَى مَا هُوَ أَقَلَّ مِنْ دِيَةٍ وَأَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ عُشْرِ الدِّيَةِ فَفِي مَالِهِ حَتَّى تَكُونَ امْتَنَعْتَ مِنَ الْقِيَاسِ عَلَيْهِ. ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ: وَإِذَا قَضَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ الْعَاقِلَةَ تَعْقِلُ خَطَأَ الْحُرِّ فِي الْأَكْثَرِ قَضَيْنَا بِهِ فِي الْأَقَلِّ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ،
16290 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَالَ بَعْضُ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنْ تَعْقِلَ الْعَاقِلَةُ الثُّلُثَ وَلَا تَعْقِلُ مَا دُونَهُ ، فَإِنَّ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ قَالَ: مِنَ الْأَمْرِ الْقَدِيمِ أَنْ تَعْقِلَ الْعَاقِلَةُ الثُّلُثَ فَصَاعِدًا ،
16291 -
قُلْنَا: الْقَدِيمُ قَدْ يَكُونُ مِمَّنْ يُقْتَدَى بِهِ وَيَلْزَمُ قَوْلُهُ ، وَيَكُونُ مِنَ الْوُلَاةِ الَّذِينَ لَا يُقْتَدَى بِهِمْ ، وَلَا يَلْزَمُ قَوْلُهُمْ فَمِنْ أَيِّ هَذَا هُوَ؟ ،
⦗ص: 158⦘
16292 -
قَالَ: أَظُنُّ بِهِ أَعْلَاهَا وَأَرْفَعَهَا ،
16293 -
قُلْتُ: أَفَنَتْرُكُ الْيَقِينَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَضَى بِنِصْفِ عُشْرِ الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ لِظَنٍّ ، لَيْسَ مَا أَمَرَنَا لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي هَذَا إِلَّا الْقِيَاسُ مَا تَرَكْنَا الْقِيَاسَ بِالظَّنِّ ،
16294 -
ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ: وَالسُّنَّةُ الثَّابِتَةُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَضَى بِنِصْفِ عُشْرِ الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ ، فَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ لَا يُقْضَى بِهَا عَلَى الْعَاقِلَةِ ، فَلْيَنْظُرْ مَنْ خَالَفَ
16295 -
فَإِنْ قَالَ قَدْ أُثْبِتُ الْمُنْقَطِعُ كَمَا أُثْبِتَ الثَّابِتُ ، فَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «أَمَرَ رَجُلًا ضَحِكَ فِي الصَّلَاةِ أَنْ يُعِيدَ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ» ،
16296 -
وَهُوَ يَعْرِفُ فَضْلَ الزُّهْرِيِّ فِي الْحِفْظِ عَنْ مَنْ يَرْوِي عَنْهُمْ
16297 -
وَأَخْبَرَنَا سُفْيَانُ ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ ، أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ: إِنَّ لِي مَالًا وَعِيَالًا ، وَإِنَّ لِأَبِي مَالًا وَعِيَالًا ، يُرِيدُ أَنْ يَأْخُذَ مَالِي فَيُطْعِمَ عِيَالَهُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ» ،
16298 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهُوَ يُخَالِفُ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ مَعَ مَا لَعَلَّهُ لَوْ جُمِعَ لَكَانَ كَثِيرًا مِنَ الْمُنْقَطِعِ،
16299 -
فَإِنْ كَانَ أَحَدٌ أَخْطَأَ بِتَرْكِ تَثْبِيتِ الْمُنْقَطِعِ ، فَقَدْ شَرَكَهُ فِي الْخَطَأِ ، وَتَفَرَّدَ دُونَهُ بِتَرْكِ الْمُتَّصِلِ ، فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُتَّصِلُ مَرْدُودًا ، وَيَكُونَ الْمُنْقَطِعُ مَرْدُودًا حَيْثُ أَرَادَ ثَابِتًا حَيْثُ أَرَادَ الْعِلْمَ إِذَنْ فِي هَذَا الَّذِي يَزْعُمُ هَذَا لَا فِي الْحَدِيثِ؟
16300 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: " الْقَتْلُ ثَلَاثَةُ وُجُوهٍ: عَمْدٌ مَحْضٌ ، وَعَمْدٌ خَطَأٌ ، وَخَطَأٌ مَحْضٌ " ،
16301 -
فَأَمَّا الْخَطَأُ فَلَا اخْتِلَافَ بَيْنَ أَحَدٍ عَلِمْتُهُ فِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَضَى
⦗ص: 159⦘
فِيهِ بِالدِّيَةِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ ، وَذَلِكَ فِي مُضِيِّ ثَلَاثِ سِنِينَ مِنْ يَوْمِ مَاتَ الْقَتِيلُ ،
16302 -
ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ فِي شَرْحِهِ إِلَى أَنْ قَالَ: وَالَّذِي أَحْفَظُ مِنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُمْ قَالُوا فِي الْخَطَأِ الْعَمْدِ هَكَذَا ،
16303 -
فَأَمَّا الْعَمْدُ إِذَا قُبِلَتْ فِيهِ الدِّيَةُ فَالدِّيَةُ حَالَّةٌ كُلُّهَا فِي مَالِ الْقَاتِلِ ،
16304 -
وَكَذَلِكَ الْعَمْدُ الَّذِي لَا قَوَدَ فِيهِ مِثْلُ أَنْ يَقْتُلَ الرَّجُلُ ابْنَهُ عَمْدًا ، وَهَكَذَا صَنَعَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي ابْنِ قَتَادَةَ الْمُدْلِجِيِّ أَخَذَ مِنْهُ الدِّيَةَ فِي مَقَامٍ وَاحِدٍ ،
16305 -
قَالَ أَحْمَدُ: هَكَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْخَطَأِ ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَضَى فِيهِ بِالدِّيَةِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ ، وَإِنَّمَا أَرَادَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ فِي نَقْلِ الْعَامَّةِ دُونَ الْخَاصَّةِ وَذَلِكَ بَيِّنٌ فِي كَلَامِهِ ،
16306 -
وَالَّذِي قَالَ فِي كِتَابِ «الرِّسَالَةِ» مِنْ إِضَافَةِ الْقَضَاءِ بِدِيَةِ الْخَطَأِ عَلَى الْعَاقِلَةِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، وَإِضَافَةِ تَنْجِيمِهَا عَلَيْهِمْ إِلَى مَنْ دُونَهُ أَصَحُّ وَأَحْرَى عَلَى مَا نُقِلَ إِلَيْنَا مِنْ أَخْبَارِ الْخَاصَّةِ ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
16307 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، فِي كِتَابِ الرِّسَالَةِ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، قَالَ: وَجَدْنَا عَامًّا فِي أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «قَضَى فِي جِنَايَةِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْحُرِّ خَطَأً بِمِائَةٍ مِنَ الْإِبِلِ عَلَى عَاقِلَةِ الْجَانِي ، وَعَامًّا فِيهِمْ أَنَّهَا فِي مُضِيِّ الثَّلَاثِ سِنِينَ فِي كُلِّ سَنَةٍ ثُلُثُهَا وَبِأَسْنَانٍ مَعْلُومَةٍ»
⦗ص: 160⦘
16308 -
قَالَ أَحْمَدُ: رُوِّينَا عَنِ الشَّعْبِيِّ ، أَنَّهُ قَالَ: جَعَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ الدِّيَةَ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ ، وَثُلُثَيِ الدِّيَةِ فِي سَنَتَيْنِ ، وَنِصْفَ الدِّيَةِ فِي سَنَتَيْنِ ، وَثُلُثَ الدِّيَةِ فِي سَنَةٍ ،
16309 -
وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ: أَنَّ عَلِيًّا ، قَضَى بِالْعَقْلِ فِي قَتْلِ الْخَطَأِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ ،
16310 -
وَإِسْنَادُهُمَا مُرْسَلٌ وَرُوِّينَا عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ مِنَ السُّنَّةِ أَنْ تُنَجَّمَ الدِّيَةُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ
16311 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرُو بْنُ نُجَيْدٍ ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ الْجُنَيْدِ ، حَدَّثَنَا الْمُعَافَى بْنُ سُلَيْمَانَ ، حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ ، حَدَّثَنَا وَاصِلٌ الْأَحْدَبُ ، عَنِ الْمَعْرُورِ ، أَنَّ عُمَرَ ، جَعَلَ الدِّيَةَ الْعَقْلَ كَامِلًا فِي ثَلَاثِ سِنِينَ ، وَالنِّصْفَ فِي سَنَتَيْنِ ، وَمَا دُونَ ذَلِكَ فِي سَنَةٍ " ،
16312 -
وَإِنَّمَا أَرَادَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ إِنْ صَحَّ الْحَدِيثُ ، وَهُوَ ضَعِيفٌ النِّصْفَ ، وَمَا فِي مَعْنَاهُ فِي سَنَتَيْنِ هُوَ مَا فَوْقَ الثُّلُثِ إِلَى الثُّلُثَيْنِ ، وَالثُّلُثُ فَمَا دُونَهُ فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ ، وَشَاهِدُهُ رِوَايَةُ الشَّعْبِيِّ ، وَقَدْ مَضَى ذِكْرُهَا فِي كِتَابِ السُّنَنِ،
16313 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَمْ أَعْلَمْ مُخَالِفًا فِي أَنْ لَا يَحْمِلَ أَحَدٌ مِنَ الدِّيَةِ إِلَّا قَلِيلٌ ، وَأَرَى عَلَى مَذَاهِبِهِمْ أَنْ يَحْمِلَ مَنْ كَثُرَ مَالُهُ ، وَشَهُرَ مِنَ الْعَاقِلَةِ إِذَا قُوِّمَتِ الدِّيَةُ: نِصْفَ دِينَارٍ ، وَمَنْ كَانَ دُونَهُ: رُبُعَ دِينَارٍ "
⦗ص: 161⦘
16314 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: «وَإِذَا أَصَابَ الْمُسْلِمُ نَفْسَهُ بِجُرْحٍ خَطَأً ، فَلَا يَكُونُ لَهُ عَقْلٌ عَلَى نَفْسِهِ ، وَلَا عَلَى عَاقِلَتِهِ ، وَلَا يَضْمَنُ الْمَرْءُ مَا جَنَى عَلَى نَفْسِهِ» ،
16315 -
وَقَدْ يُرْوَى أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ضَرَبَ رَجُلًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ فِي غَزَاةٍ أَظُنُّهَا خَيْبَرَ بِسَيْفٍ فَرَجَعَ السَّيْفُ عَلَيْهِ فَأَصَابَهُ ، فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، فَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ فِي ذَلِكَ عَقْلًا
16316 -
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ ، حَدَّثَنَا حَاتِمٌ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى خَيْبَرَ. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ ، قَالَ: " فَلَمَّا تَصَافَّ الْقَوْمُ كَانَ سَيْفُ عَامِرٍ يَعْنِي ابْنَ الْأَكْوَعِ فِيهِ قِصَرٌ ، فَتَنَاوَلَ بِهَا سَاقَ يَهُودِيٍّ لِيَضْرِبَهُ ، وَيَرْجِعُ ذُبَابُ سَيْفِهِ ، فَأَصَابَ رُكْبَةَ عَامِرٍ ، فَمَاتَ مِنْهُ ، فَلَمَّا قَفَلُوا رَآنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا شَاحِبٌ ، فَقَالَ لِي:«مَا لَكَ؟» فَقُلْتُ: فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي زَعَمُوا أَنَّ عَامِرًا حَبِطَ عَمَلُهُ ، قَالَ:«مَنْ قَالَهُ؟» ، قُلْتُ: فُلَانٌ وَفُلَانٌ ، فَقَالَ:«كَذَبَ مَنْ قَالَهُ ، إِنَّ لَهُ لَأَجْرَيْنِ ، وَجَمَعَ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ إِنَّهُ لَجَاهِدٌ مُجَاهِدٌ قَلَّ عَرَبِيٌّ مَشَى بِهَا مِثْلُهُ» أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ
بَابُ مَنْ حَفَرَ بِئْرًا فِي مِلْكِهِ أَوْ فِي صَحْرَاءَ أَوْ فِي طَرِيقٍ وَاسِعَةٍ مُحْتَمِلَةٍ لَا ضَرَرَ عَلَى الْمَارَّةِ فِيهَا
16317 -
أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَقِيهُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو النَّضْرِ ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرِ بْنُ سَلَامَةَ ، حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنِ الْأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ ، وَالْبِئْرُ جُبَارٌ ، وَالْمَعْدِنُ جُبَارٌ ، وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ»
16318 -
وَبِإِسْنَادِهِ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ سَعِيدٍ ، وَأَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«جُرْحُ الْعَجْمَاءِ جُبَارٌ» ثُمَّ ذَكَرَ الْبَاقِيَ مِثْلَهُ ،
16319 -
قَالَ أَحْمَدُ: حَدِيثُهُ عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، غَرِيبٌ لَيْسَ فِي الْمُوَطَّأِ ، وَإِنَّمَا رَوَاهُ الرَّبِيعُ ، عَنِ الشَّافِعِيِّ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، وَهُوَ الْمَحْفُوظُ ، وَحَدِيثُهُ عَنْ مَالِكٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ مَحْفُوظٌ ، مُخَرَّجٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ
مَا وَرَدَ فِي الِازْدِحَامِ عَلَى الْبِئْرِ
16320 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِيمَا بَلَغَهُ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ ، عَنْ حَنَشِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ: أَنَّ " نَاسًا حَفَرُوا بِئْرًا لِأَسَدٍ ، فَازْدَحَمَ النَّاسُ عَلَيْهَا ، فَتَرَدَّى فِيهَا رَجُلٌ ، فَتَعَلَّقَ بِآخَرَ وَتَعَلَّقَ الْآخَرُ بِآخَرَ ، فَجَرَحَهُمُ الْأَسَدُ ، فَاسْتُخْرِجُوا مِنْهَا فَمَاتُوا ، فَتَشَاجَرُوا فِي ذَلِكَ ، حَتَّى أَخَذُوا السِّلَاحَ ، فَقَالَ عَلِيٌّ: لِمَ تَقْتُلُونَ مِئتَيْنِ مِنْ أَجْلِ أَرْبَعَةٍ؟ تَعَالَوْا فَلْنَقْضِ بَيْنَكُمْ بِقَضَاءٍ إِنْ رَضِيتُمْ ، وَإِلَّا فَارْتَفِعُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ: لِلْأَوَّلِ رُبُعُ الدِّيَةِ ، وَلِلثَّانِي ثُلُثُ الدِّيَةِ ، وَلِلثَّالِثِ نِصْفُ الدِّيَةِ ، وَلِلرَّابِعِ الدِّيَةُ كَامِلَةً ، وَجَعَلَ الدِّيَةَ عَلَى قَبَائِلِ الَّذِينَ ازْدَحَمُوا عَلَى الْبِئْرِ ، فَمِنْهُمْ مَنْ رَضِيَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَرْضَ ، فَارْتَفَعُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَصُّوا عَلَيْهِ الْقِصَّةَ ، وَقَالُوا: إِنَّ عَلِيًّا قَضَى بِكَذَا وَكَذَا ، فَأَمْضَى قَضَاءَ عَلِيٍّ " ،
16321 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهُمْ لَا يَقُولُونَ بِهَذَا ،
16322 -
أَوْرَدَهُ فِيمَا أَلْزَمَ الْعِرَاقِيِّينَ فِي خِلَافِ عَلِيٍّ ، وَهُوَ مُرْسَلٌ ،
16323 -
وَحَنَشُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ غَيْرُ قَوِيٍّ ، قَالَهُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيُّ ، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: حَنَشُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ يَتَكَلَّمُونَ فِي حَدِيثِهِ
16324 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِيمَا بَلَغَهُ عَنِ ابْنِ أَبِي زَائِدَةَ ، عَنْ مُجَالِدٍ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، أَنَّهُ «قَضَى فِي الْقَامِصَةِ ، وَالْقَارِصَةِ ، وَالْوَاقِصَةِ جَارِيَةٌ رَكِبَتْ جَارِيَةً ، فَقَرَصَتْهَا جَارِيَةٌ ، فَقَمَصَتْ ، فَوُقِصَتِ الْمَحْمُولَةُ ، فَانْدَقَّ عُنُقُهَا ، فَجَعَلَهَا أَثْلَاثًا» ،
16325 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَيْسُوا يَقُولُونَ بِهَذَا وَيُنْكِرُونَ الْحُكْمَ ، وَيَقُولُونَ: مَا يَقُولُ هَذَا أَحَدٌ ، وَيَزْعُمُونَ أَنْ لَيْسَ عَلَى الْمَوْقُوصَةِ شَيْءٌ ، وَأَنَّ دِيَتَهَا عَلَى عَاقِلَةِ الْقَارِصَةِ ،
16326 -
أَوْرَدَهُ فِيمَا أَلْزَمَ الْعِرَاقِيِّينَ فِي خِلَافِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
بَابُ دِيَةِ الْجَنِينِ
16327 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ الزَّاهِدُ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ " امْرَأَتَيْنِ مِنْ هُذَيْلٍ رَمَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى ، فَطَرَحَتْ جَنِينَهَا ، فَقَضَى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِغُرَّةٍ: عَبْدٍ أَوْ وَلِيدَةٍ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ ، وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ ،
16328 -
وَرَوَاهُ عِيسَى بْنُ يُونُسَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، وَزَادَ فِيهِ:«أَوْ فَرَسٍ ، أَوْ بَغْلٍ» ،
16329 -
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، وَخَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ فَرَسًا وَلَا بَغْلًا ،
16330 -
قَالَ أَحْمَدُ الْبَيْهَقِيُّ: ذِكْرُ الْفَرَسِ ، وَالْبَغْلِ فِيهِ غَيْرُ مَحْفُوظٍ ، وَرُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ضَعِيفٍ وَمُرْسَلٍ وَهُوَ مِنْ تَفْسِيرِ طَاوُسٍ
16331 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، وَأَبُو بَكْرٍ الْقَاضِي ، وَأَبُو زَكَرِيَّا الْمُزَكِّي ، وَأَبُو سَعِيدٍ ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ يَعْنِي ابْنَ حَسَّانَ ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ سَعِيدٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم " قَضَى فِي جَنِينِ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي لِحْيَانَ سَقَطَ مَيِّتًا بِغُرَّةٍ: عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ ، ثُمَّ إِنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا بِالْغُرَّةِ تُوُفِّيَتْ ، فَقَضَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِأَنَّ مِيرَاثَهَا لِبَنِيهَا وَزَوْجِهَا ، وَالْعَقْلُ عَلَى عَصَبَتِهَا " أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ اللَّيْثِ
16332 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ ، وَأَبُو زَكَرِيَّا ، وَأَبُو سَعِيدٍ ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم " قَضَى فِي الْجَنِينِ يُقْتَلُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ بِغُرَّةٍ: عَبْدٍ أَوْ وَلِيدَةٍ ، فَقَالَ الَّذِي قَضَى عَلَيْهِ: كَيْفَ أَغْرَمُ مَنْ لَا شَرِبَ ، وَلَا أَكَلَ ، وَلَا نَطَقَ ، وَلَا اسْتَهَلَّ؟ فَمِثْلُ ذَلِكَ يُطَلُّ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّمَا هَذَا مِنْ إِخْوَانِ الْكُهَّانِ» أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ هَكَذَا مُرْسَلًا
16333 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ، وَأَبُو بَكْرٍ ، وَأَبُو زَكَرِيَّا ، وَأَبُو سَعِيدٍ ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ عَمْرٍو ، عَنْ طَاوُسٍ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ، قَالَ:" أُذَكِّرُ اللَّهَ امْرَأً سَمِعَ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْجَنِينِ شَيْئًا؟ فَقَامَ حَمَلُ بْنُ مَالِكِ بْنِ النَّابِغَةِ ، فَقَالَ: كُنْتُ بَيْنَ جَارَتَيْنِ ، فَضَرَبَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى بِمِسْطَحٍ ، فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا ، فَقَضَى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِغُرَّةٍ ، فَقَالَ عُمَرُ: إِنْ كِدْنَا أَنْ نَقْضِيَ فِي مِثْلِ هَذَا بِرَأْيِنَا " ،
⦗ص: 167⦘
16334 -
وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فِي رِوَايَتِهِمْ دُونَ رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ ، عَنْ طَاوُسٍ. فَذَكَرَهُ ، وَقَالَ فِيهِ:«جَارَتَيْنِ يَعْنِي ضَرَّتَيْنِ» ، وَقَالَ فِي آخِرِهِ:" فَقَالَ عُمَرُ: لَوْ لَمْ نَسْمَعْ هَذَا لَقَضَيْنَا فِيهِ بِغَيْرِ هَذَا " ،
16335 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: وَبِهَذَا كُلِّهِ نَأْخُذُ
16336 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: «قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْجَنِينِ بِغُرَّةٍ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ» ،
16337 -
وَقَوَّمَ أَهْلُ الْعِلْمِ الْغُرَّةَ خَمْسًا مِنَ الْإِبِلِ ،
16338 -
وَلَمْ يُحْكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَأَلَ عَنِ الْجَنِينِ أَذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى إِذْ قَضَى فِيهِ ،
16339 -
ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ: فَلَمَّا حَكَمَ فِيهِ بِحُكْمٍ فَارَقَ حُكْمَ النُّفُوسِ الْأَحْيَاءِ وَالْأَمْوَاتِ وَكَانَ مَعِيبَ الْأَمْرِ ، وَكَانَ الْحُكْمُ فِيمَا حَكَمَ بِهِ عَلَى النَّاسِ اتِّبَاعًا لِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
16340 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: «لَا اخْتِلَافَ بَيْنَ أَحَدٍ أَنَّ قِيمَةَ الْغُرَّةِ خَمْسٌ مِنَ الْإِبِلِ» ،
⦗ص: 168⦘
16341 -
وَفِي قَوْلِ غَيْرِنَا عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ خَمْسُونَ دِينَارٍ ، وَعَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ سِتُّمِائَةِ دِرْهَمٍ ،
16342 -
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: إِذَا ضَرَبَ الرَّجُلُ بَطْنَ الْأَمَةِ فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا فَفِيهِ عُشْرُ قِيمَةِ أُمِّهِ لِأَنَّهُ مَا لَمْ يُعْرَفْ فِيهِ حَيَاةٌ ، فَإِنَّمَا حُكْمُهُ حُكْمُ أُمِّهِ ، إِذْ لَمْ يَكُنْ حُرًّا فِي بَطْنِهَا ،
16343 -
وَهَكَذَا قَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ ، وَالْحَسَنُ ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَأَكْثَرُ مَنْ سَمِعْنَا مِنْهُ مِنْ مُفْتِي الْحِجَازِيِّينَ وَأَهْلِ الْآثَارِ ،
16344 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَرُوِّينَا عَنِ الزُّهْرِيِّ ، أَنَّهُ قَالَ: فِي الْجَنِينِ كَفَّارَةٌ مَعَ الْغُرَّةِ ،
16345 -
وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْهُ ، وَعَنْ عَطَاءٍ ، وَالْحَسَنِ ، وَالنَّخَعِيِّ
16346 -
وَرَوَى لَيْثٌ ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ: أَنَّ عُمَرَ: «صَاحَ بِامْرَأَةٍ ، فَأَسْقَطَتْ ، فَأَعْتَقَ عُمَرُ غُرَّةً»
16347 -
وَرَوَى إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ، قَوَّمَ الْغُرَّةَ خَمْسِينَ دِينَارًا " ،
16348 -
وَفِي إِسْنَادِهِمَا انْقِطَاعٌ وَضَعْفٌ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
16349 -
وَرُوِّينَا عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بُشَيْرٍ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، أَنَّ قَيْسَ بْنَ
⦗ص: 169⦘
عَاصِمٍ ، جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنِّي وَأَدْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ثَمَانَ بَنَاتٍ؟ فَقَالَ: «أَعْتِقْ عَنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ نَسَمَةً»
بَابُ الْقَسَامَةِ
16350 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ، وَأَبُو بَكْرٍ ، وَأَبُو زَكَرِيَّا ، قَالُوا حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ، عَنْ أَبِي لَيْلَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ: أَنَّهُ أَخْبَرَهُ وَرِجَالٌ مِنْ كُبَرَاءِ قَوْمِهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ ، وَمُحَيِّصَةَ خَرَجَا إِلَى خَيْبَرَ مِنْ جَهْدٍ أَصَابَهُمَا ، فَتَفَرَّقَا فِي حَوَائِجِهِمَا ، فَأَتَى مُحَيِّصَةَ فَأَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ قَدْ قُتِلَ ، وَطُرِحَ فِي فَقِيرٍ أَوْ عَيْنٍ ، فَأَتَى يَهُودَ ، فَقَالَ: أَنْتُمْ وَاللَّهِ قَتَلْتُمُوهُ. قَالُوا: وَاللَّهِ مَا قَتَلْنَاهُ فَأَقْبَلَ حَتَّى قَدِمَ عَلَى قَوْمِهِ ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُمْ ، فَأَقْبَلَ هُوَ وَأَخُوهُ حُوَيِّصَةُ وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ ، وَهُوَ أَخُو الْمَقْتُولِ فَذَهَبَ مُحَيِّصَةُ يَتَكَلَّمُ وَهُوَ الَّذِي كَانَ بِخَيْبَرَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِمُحَيِّصَةَ:«كَبِّرْ كَبِّرْ» يُرِيدُ السِّنَّ ، فَتَكَلَّمَ حُوَيِّصَةُ ثُمَّ تَكَلَّمَ مُحَيِّصَةُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إِمَّا أَنْ يَدُوا صَاحِبَكُمْ ، وَإِمَّا أَنْ يُؤْذِنُوا بِحَرْبٍ» ، فَكَتَبَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ ، وَكَتَبُوا: إِنَّا وَاللَّهِ مَا قَتَلْنَاهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِحُوَيِّصَةَ ، وَمُحَيِّصَةَ ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ:«تَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ» ، قَالُوا: لَا ، قَالَ:«فَتَحْلِفُ يَهُودُ» قَالُوا: لَا لَيْسُوا بِمُسْلِمِينَ ، فَوَدَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ عِنْدِهِ ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ مِائَةَ نَاقَةٍ ، حَتَّى أُدْخِلَتْ عَلَيْهِمُ الدَّارَ. فَقَالَ سَهْلٌ: لَقَدْ رَكَضَتْنِي مِنْهَا نَاقَةٌ حُمَيْرَاءُ"
16351 -
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ ، وَابْنِ أَبِي أُوَيْسٍ ، عَنْ مَالِكٍ ، وَقَالَ فِي إِسْنَادِهِ كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَنَّهُ أَخْبَرَهُ هُوَ وَرِجَالٌ مِنْ كُبَرَاءِ قَوْمِهِ ، وَكَذَلِكَ قَالَهُ ابْنُ وَهْبٍ ، وَمَعْنٌ ، وَجَمَاعَةٌ عَنْ مَالِكٍ ،
⦗ص: 172⦘
16352 -
وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ مَنْصُورٍ ، عَنْ بِشْرِ بْنِ عُمَرَ ، عَنْ مَالِكٍ ، وَقَالَ ، فِي إِسْنَادِهِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ ، عَنْ رِجَالٍ ، مِنْ كُبَرَاءِ قَوْمِهِ
16353 -
وَقَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ ، عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ رِجَالٌ مِنْ كُبَرَاءِ قَوْمِهِ
16354 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ، وَأَبُو بَكْرٍ ، وَأَبُو زَكَرِيَّا ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الثَّقَفِيُّ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ ، وَمُحَيِّصَةَ بْنَ مَسْعُودٍ ، خَرَجَا إِلَى خَيْبَرَ ، فَتَفَرَّقَا لِحَاجَتِهِمَا ، فَقُتِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ ، فَانْطَلَقَ هُوَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ أَخُو الْمَقْتُولِ وَحُوَيِّصَةُ بْنُ مَسْعُودٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَذَكَرُوا لَهُ قَتْلَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْلٍ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«تَحْلِفُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا ، وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ أَوْ قَاتِلِكُمْ» ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ نَشْهَدْ وَلَمْ نَحْضُرْ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«فَتُبْرِئُكُمْ يَهُودُ بِخَمْسِينَ يَمِينًا ، وَيَسْتَحِقُّونَ دَمَ قَاتِلِكُمْ» . قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ: كَيْفَ نَقْبَلُ أَيْمَانَ قَوْمٍ كُفَّارٍ؟ فَزَعَمَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَقَلَهُ مِنْ عِنْدِهِ ، قَالَ بُشَيْرُ بْنُ يَسَارٍ: قَالَ سَهْلٌ: لَقَدْ رَكَضَتْنِي فَرِيضَةٌ مِنْ تِلْكَ الْفَرَائِضِ فِي مِرْبَدٍ لَنَا " رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى ، عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ ،
16355 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَ مَعْنَاهُ ،
16356 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: إِلَّا أَنَّ ابْنَ عُيَيْنَةَ كَانَ لَا يُثْبِتُ: أَقَدَّمَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم
⦗ص: 173⦘
الْأَنْصَارِيِّينَ فِي الْأَيْمَانِ ، أَمِ الْيَهُودَ؟ فَيُقَالُ فِي الْحَدِيثِ: إِنَّهُ قَدَّمَ الْأَنْصَارِيِّينَ ، فَنَقُولُ: فَهُوَ ذَاكَ ، أَوْ مَا أَشْبَهَ هَذَا
16357 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ ، أَخْبَرَنَا شَافِعُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ ، أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ، قَالَ: أَخْبَرَنِي بُشَيْرُ بْنُ يَسَارٍ ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَهْلُ بْنُ أَبِي حَثْمَةَ ، قَالَ: وُجِدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ قَتِيلًا فِي فَقِيرٍ مِنْ فَقَارِ خَيْبَرَ ، أَوْ قَالَ قَلِيبٍ مِنْ قُلُبِ خَيْبَرَ ، فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَخُوهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ ، وَحُوَيِّصَةُ ، وَمُحَيِّصَةُ ، فَذَهَبَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَتَكَلَّمُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«الْكِبَرَ ، الْكِبْرَ» ، فَتَكَلَّمَ مُحَيِّصَةُ ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا وَجَدْنَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ قَتِيلًا وَإِنَّ الْيَهُودَ أَهْلُ كُفْرٍ وَغَدْرٍ ، وَهُمُ الَّذِينَ قَتَلُوهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«فَتَحْلِفُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ؟» ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ نَحْلِفُ عَلَى مَا لَمْ نَحْضُرْ وَلَمْ نَشْهَدْ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «تُبْرِئُكُمُ يَهُودُ بِخَمْسِينَ يَمِينًا» ، فَقَالُوا: كَيْفَ نَقْبَلُ أَيْمَانَ قَوْمٍ مُشْرِكِينَ ، قَالَ: فَوَدَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ سَهْلٌ: قَدْ رَكَضَتْنِي فَرِيضَةٌ مِنْهَا " ،
16358 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَكَانَ سُفْيَانُ يُحَدِّثُهُ هَكَذَا ، وَرُبَّمَا قَالَ: لَا أَدْرِي أَبَدَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْأَنْصَارِ فِي أَمْرِ الْيَهُودِ؟ ،
16359 -
فَيُقَالُ لَهُ: إِنَّ النَّاسَ يُحَدِّثُونَ أَنَّهُ بَدَأَ بِالْأَنْصَارِ ، قَالَ: فَهُوَ ذَلِكَ وَرُبَّمَا حَدَّثَهُ وَلَمْ يَشُكَّ فِيهِ ،
16360 -
قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ حَدِيثَ سُفْيَانَ ، عَنْ عَمْرٍو النَّاقِدِ ، عَنْهُ ، وَأَحَالَ بِهِ عَلَى رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، وَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ ، وَمُسْلِمٌ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ حَدِيثِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ ، وَحَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ ، وَبِشْرِ بْنِ الْمُفَضَّلِ ، عَنْ يَحْيَى
⦗ص: 174⦘
بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ ، قَالَ حَمَّادٌ فِي حَدِيثِهِ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ ، وَرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ ، وَاتَّفَقُوا كُلُّهُمْ عَلَى الْبِدَايَةِ بِالْأَنْصَارِ
16361 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ ، أَخْبَرَنَا شَافِعُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ الْأَنْصَارِيَّ ، وَمُحَيِّصَةَ بْنَ مَسْعُودٍ خَرَجَا إِلَى خَيْبَرَ ، فَتَفَرَّقَا فِي حَوَائِجِهِمَا ، فَقُتِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ ، فَقَدِمَ مُحَيِّصَةُ ، فَأَتَى هُوَ وَأَخُوهُ حُوَيِّصَةُ ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ وَهُوَ أَخُو الْمَقْتُولِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَذَهَبَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَتَكَلَّمُ لِمَكَانِهِ مِنْ أَخِيهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«كَبِّرْ كَبِّرْ» ، فَتَكَلَّمَ مُحَيِّصَةُ ، أَوْ حُوَيِّصَةُ فَذَكَرَا شَأْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْلٍ ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«تَحْلِفُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ أَوْ قَاتِلِكُمْ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ نَشْهَدْ وَلَمْ نَحْضُرْ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«فَتُبْرِئُكُمْ يَهُودُ بِخَمْسِينَ يَمِينًا؟» ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ نَقْبَلُ أَيْمَانَ قَوْمٍ كُفَّارٍ؟ ، قَالَ مَالِكٌ: قَالَ يَحْيَى: فَزَعَمَ بُشَيْرُ بْنُ يَسَارٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَدَاهُ مِنْ عِنْدِهِ " ،
16362 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَهَكَذَا رَوَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ ، وَهُشَيْمُ بْنُ بَشِيرٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ: أَنَّهُ ذَكَرَهُ ،
16363 -
قَالَ سُلَيْمَانُ: وَهُوَ يُحَدِّثُ عَمَّنْ أَدْرَكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
16364 -
وَقَالَ هُشَيْمٌ: قَالَ يَحْيَى: فَحَدَّثَنِي بُشَيْرُ بْنُ يَسَارٍ ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَهْلٌ ، قَالَ: لَقَدْ رَكَضَتْنِي فَرِيضَةٌ مِنْ تِلْكَ الْفَرَائِضِ ، وَقَدْ أَخْرَجَهُمَا مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ ، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم بَدَأَ بِالْأَنْصَارِ ،
16365 -
وَرَوَاهُ أَبُو أُوَيْسٍ الْمَدَنِيُّ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ بُشَيْرٍ ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ ، وَسَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ ، وَسُوَيْدِ بْنِ النُّعْمَانِ ،
16366 -
وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، وَبَشِيرُ بْنُ أَبِي كَيْسَانَ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ ، نَحْوَ رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ فِي الْبِدَايَةِ بِأَيْمَانِ الْمُدَّعِينَ ، وَقَالَ:«تُسَمُّونَ قَاتِلَكُمْ ثُمَّ تَحْلِفُونَ عَلَيْهِ خَمْسِينَ يَمِينًا فَنُسَلِّمُهُ إِلَيْكُمْ»
16367 -
وَرَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدٍ ، عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ: زَعَمَ أَنَّ رَجُلًا ، مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ سَهْلُ بْنُ أَبِي حَثْمَةَ ، أَخْبَرَهُ أَنَّ " نَفَرًا مِنْ قَوْمِهِ انْطَلَقُوا إِلَى خَيْبَرَ ، فَتَفَرَّقُوا فِيهَا وَوَجَدُوا أَحَدَهُمْ قَتِيلًا ، وَقَالُوا لِلَّذِينَ وُجِدَ فِيهِمْ: قَتَلْتُمْ صَاحِبَنَا؟ قَالُوا: مَا قَتَلْنَا وَلَا عَلِمْنَا قَاتِلًا ، فَانْطَلَقُوا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ انْطَلَقْنَا إِلَى خَيْبَرَ فَوَجَدْنَا أَحَدَنَا قَتِيلًا؟ فَقَالَ لَهُمْ: «تَأْتُونِي بِالْبَيِّنَةِ عَلَى مَنْ قَتَلَهُ» ، قَالُوا: مَا لَنَا بَيِّنَةٌ قَالَ: «فَتَحْلِفُونَ» ، قَالُوا: لَا نَرْضَى بِأَيْمَانِ الْيَهُودِ ، فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُبْطَلَ دَمَهُ ، فَوَدَاهُ مِائَةً مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ " ،
16368 -
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدٍ بِهَذَا الْحَدِيثِ ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ ، وَأَخْرَجَهُ ، مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ، عَنْ سَعِيدٍ ، وَلَمْ يَسُقْ مَتْنَهُ لِمُخَالَفَتِهِ رِوَايَةَ يَحْيَى ،
⦗ص: 176⦘
16369 -
قَالَ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ: رِوَايَةُ سَعِيدٍ غَلَطٌ ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ أَحْفَظُ مِنْهُ ،
16370 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَهَذَا يَحْتَمِلُ أَنْ لَا يُخَالِفَ رِوَايَةَ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ بُشَيْرٍ ، وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِالْبَيِّنَةِ أَيْمَانَ الْمُدَّعِينَ مَعَ اللَّوْثِ كَمَا فَسَّرَهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ،
⦗ص: 177⦘
أَوْ طَالَبَهُمْ بِالْبَيِّنَةِ كَمَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ ، فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ بَيِّنَةٌ عَرَضَ عَلَيْهِمُ الْأَيْمَانَ كَمَا فِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، فَلَمَّا لَمْ يَحْلِفُوا رَدَّهَا عَلَى الْيَهُودِ كَمَا فِي الرِّوَايَتَيْنِ جَمِيعًا ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
16371 -
وَالَّذِي يُؤَكِّدُ هَذَا تَأْوِيلُ مَا: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ ، أَظُنُّهُ عَنْ قَتَادَةَ ، أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ ، حَدَّثَ ، فَذَكَرَ إِنْكَارَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَوْلَ مَنْ أَقَادَ بِالْقَسَامَةِ ، فَقَالَ سُلَيْمَانُ: " الْقَسَامَةُ حَقٌّ ، وَقَدْ قَضَى بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ الْأَنْصَارِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَإِذَا هُمْ بِصَاحِبِهِمْ يَتَشَحَّطُ فِي دَمِهِ ، فَرَجَعُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالُوا: قَتَلَتْنَا الْيَهُودُ ، وَسَمُّوا رَجُلًا مِنْهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ بَيِّنَةٌ ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«شَاهِدَانِ مِنْ عِنْدِكُمْ حَتَّى أَدْفَعَهُ إِلَيْكُمْ بِرُمَّتِهِ» ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ بَيِّنَةٌ ، فَقَالَ: «اسْتَحِقُّوا
⦗ص: 178⦘
بِخَمْسِينَ قَسَامَةً أَدْفَعْهُ إِلَيْكُمْ بِرُمَّتِهِ» ، فَقَالُوا:" يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَكْرَهُ أَنْ نَحْلِفَ عَلَى غَيْبٍ ، فَأَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَأْخُذَ بِقَسَامَةِ الْيَهُودِ بِخَمْسِينَ مِنْهُمْ ، قَالَتِ الْأَنْصَارُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الْيَهُودَ لَا يُبَالُونَ الْحَلِفَ مَهْمَا نَقْبَلُ هَذَا مِنْهُمْ يَأْتُونَ عَلَى آخِرِنَا ، فَوَدَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ عِنْدِهِ " ،
16372 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَرَوَاهُ غَيْرُهُ عَنْ سَعِيدٍ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ ، وَهَذَا الْمُرْسَلُ ، يُؤَكِّدُ مَا ذَكَرْنَا
16373 -
وَرُوِّينَا فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ مَا يُوَافِقُ هَذَا ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الْفَقِيهُ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَخْنَسِ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، أَنَّ ابْنَ مُحَيِّصَةَ ، أَصْبَحَ قَتِيلًا عَلَى أَبْوَابِ خَيْبَرَ؟ ، فَغَدَا أَخُوهُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخِي أَصْبَحَ قَتِيلًا عَلَى أَبْوَابِ خَيْبَرَ؟ فَقَالَ: «شَاهِدَانِ عَلَى مَنْ قَتَلَهُ نَدْفَعُ إِلَيْكَ بِرُمَّتِهِ» ، فَقَالَ: كَيْفَ لِي بِالشَّاهِدَيْنِ ، قَالَ:«فَتَحْلِفُ خَمْسِينَ قَسَامَةً؟»
⦗ص: 179⦘
قَالَ:. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. يَعْنِي فِي إِبَاحَةِ وَعَرْضِ أَيْمَانِ الْيَهُودِ وَامْتِنَاعِهِ مِنْ قَبُولِهَا ، ثُمَّ دَفَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم دِيَتَهُ "
16374 -
وَرُوِّينَا عَنْ عُقَيْلٍ ، وَقُرَّةَ ، وَابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، أَنَّهُ قَالَ:«مَضَتِ السُّنَّةُ فِي الْقَسَامَةِ أَنْ يَحْلِفَ خَمْسُونَ رَجُلًا خَمْسِينَ يَمِينًا ، فَإِنْ نَكَلَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ لَمْ يُعْطَوَا الدَّمَ» ،
16375 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الرَّزَّازُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ ، عَنْهُمْ ،
16376 -
وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ ، أَوْلَى مِمَّا رُوِيَ عَنْهُمَا ، بِخِلَافِ ذَلِكَ لِمُوَافَقَتِهِ الْأَحَادِيثَ الثَّابِتَةَ فِي الْبِدَايَةِ ،
16377 -
فَأَمَّا الْقَوَدُ بِهَا فَفِيهِ خِلَافٌ ، وَذَلِكَ مَذْكُورٌ فِي آخِرِهِ ،
16378 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدُ اللَّهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ ، فَقَالَ: يَعْنِي مَنْ كَلَّمَهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَدْ خَالَفَ حَدِيثَكُمُ ابْنُ الْمُسَيِّبِ ، وَابْنُ بُجَيْدٍ قُلْتُ: أَفَأَخَذْتَ بِحَدِيثِ سَعِيدٍ ، وَابْنِ بُجَيْدٍ ،
16379 -
فَيَقُولُ: اخْتَلَفَتْ أَحَادِيثُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، فَأَخَذْتَ بِأَحَدِهَا؟ قَالَ: لَا ،
16380 -
قُلْتُ: فَقَدْ خَالَفْتَ كُلَّ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْقَسَامَةِ ، قَالَ: فَلِمَ لَا تَأْخُذُ بِحَدِيثِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ؟ قُلْتُ: مُنْقَطِعٌ ، وَالْمُتَّصِلُ أَوْلَى أَنْ يُؤْخَذَ بِهِ ، وَالْأَنْصَارِيُّونُ أَعْلَمُ بِحَدِيثِ صَاحِبِهِمْ مِنْ غَيْرِهِمْ ،
⦗ص: 180⦘
16381 -
قَالَ: فَكَيْفَ لَمْ تَأْخُذْ بِحَدِيثِ ابْنِ بُجَيْدٍ؟ قُلْتُ: لَا يَثْبُتُ ثُبُوتَ حَدِيثِ سَهْلٍ
16382 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَمِنْ كِتَابِ عُمَرَ بْنِ حَبِيبٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيُّ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بُجَيْدِ بْنِ قَيْظِيِّ ، أَحَدِ بَنِي حَارِثَةَ ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، وَايْمُ اللَّهِ مَا كَانَ سَهْلٌ بِأَكْثَرَ عِلْمًا مِنْهُ ، وَلَكِنَّهُ كَانَ أَسَنَّ مِنْهُ أَنَّهُ قَالَ: وَاللَّهِ مَا هَكَذَا كَانَ الشَّأْنُ ، وَلَكِنَّ سَهْلًا أَوْهَمَ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«أَحَلِفُوا عَلَى مَا لَا عِلْمَ لَهُمْ بِهِ وَلَكِنَّهُ كَتَبَ إِلَى يَهُودَ خَيْبَرَ حِينَ كَلَّمَهُ الْأَنْصَارُ أَنَّهُ وُجِدَ قَتِيلٌ مِنْ أَبْنَائِكُمْ فَدُوهُ ، فَكَتَبُوا إِلَيْهِ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَتَلُوهُ ، وَلَا يَعْلَمُونَ لَهُ قَاتِلًا ، فَوَدَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ عِنْدِهِ» ،
16383 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَقَالَ لِي قَائِلٌ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَأْخُذَ بِحَدِيثِ ابْنِ بُجَيْدٍ ،
16384 -
قُلْتُ: لَا أَعْلَمُ ابْنَ بُجَيْدٍ سَمِعَ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَمِعَ مِنْهُ فَهُوَ مُرْسَلٌ ، وَلَسْنَا وَإِيَّاكَ نُثْبِتُ الْمُرْسَلَ ، وَقَدْ عَلِمْتُ سَهْلًا صَحِبَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَسَمِعَ مِنْهُ. وَسَاقَ الْحَدِيثَ سِيَاقًا لَا يُشْبِهُ إِلَّا الْأَثْبَاتَ ، فَأَخَذْتُ بِهِ لِمَا وَصَفْتُ ،
⦗ص: 181⦘
16385 -
قَالَ: فَمَا مَنَعَكَ أَنْ تَأْخُذَ بِحَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ؟ قُلْتُ: مُرْسَلٌ ، وَالْقَتِيلُ الْأَنْصَارِيُّ ، وَالْأَنْصَارِيُّونَ بِالْعِنَايَةِ أَوْلَى بِالْعِلْمِ بِهِ مِنْ غَيْرِهِمْ إِذْ كَانَ كُلُّ ثِقَةٍ ، وَكُلٌّ عِنْدَنَا بِنِعْمَةِ اللَّهِ ثِقَةٌ
16386 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَأَظُنُّهُ أَرَادَ بِحَدِيثِ الزُّهْرِيِّ مَا رَوَى عَنْهُ مَعْمَرٌ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ رِجَالٍ مِنَ الْأَنْصَارِ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم " قَالَ لِيَهُودَ وَبَدَأَ بِهِمْ: «يَحْلِفُ مِنْكُمْ خَمْسُونَ رَجُلًا» فَأَبَوْا ، فَقَالَ الْأَنْصَارُ: «اسْتَحِقُّوا» ، فَقَالُوا: نَحْلِفُ عَلَى الْغَيْبِ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَجَعَلَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى يَهُودَ لِأَنَّهُ وُجِدَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ "
16387 -
وَخَالَفَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ وَغَيْرُهُ ، فَرَوَوْهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، وَسُلَيْمَانَ ، عَنْ رَجُلٍ ، أَوْ عَنْ نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «أَقَرَّ الْقَسَامَةَ عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، وَقَضَى بِهَا بَيْنَ نَاسٍ مِنَ الْأَنْصَارِ فِي قَتِيلٍ ادَّعُوهُ عَلَى الْيَهُودِ» ،
16388 -
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ الْقَسَامَةَ كَانَتْ قَسَامَةَ الدَّمِ ، فَأَقَرَّهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ،
16389 -
وَكُلُّ مَنْ نَظَرَ فِيمَا سِوَى حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ ، ثُمَّ فِي حَدِيثِ
⦗ص: 182⦘
سَهْلٍ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ عَلِمَ أَنَّ سَهْلًا أَحْفَظُ لَهَا ، وَأَحْسَنُ سِيَاقًا لِلْحَدِيثِ مِنْ غَيْرِهِ ، وَحَدِيثُهُ مُتَّصِلٌ ، وَالْمُتَّصِلُ أَبَدًا أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ إِذَا كَانَ كُلٌّ ثِقَةً كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ
16390 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ، كَتَبَ فِي " قَتِيلٍ وُجِدَ بَيْنَ خَيْوَانَ ، وَوَدَاعَةَ أَنْ يُقَاسَ مَا بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ ، قَالَ: أَيُّهُمَا كَانَ أَقْرَبَ أُخْرِجَ إِلَيْهِ مِنْهُمْ خَمْسِينَ رَجُلًا ، حَتَّى يُوَافُوهُ بِمَكَّةَ فَأَدْخَلَهُمُ الْحِجْرَ ، فَأَحْلَفَهُمْ ، ثُمَّ قَضَى عَلَيْهِمْ بِالدِّيَةِ ، فَقَالُوا: مَا وَفَّتْ أَمْوَالُنَا أَيْمَانَنَا ، وَلَا أَيْمَانُنَا أَمْوَالَنَا ، فَقَالَ عُمَرُ: كَذَلِكَ الْأَمْرُ؟:
16391 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَالَ غَيْرُ سُفْيَانَ: عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابٍ رضي الله عنه:«حَقَنْتُمْ بِأَيْمَانِكُمْ دِمَاءَكُمْ ، وَلَا يُطَلُّ دَمُ مُسْلِمٍ» ،
16392 -
ذَكَرَ الشَّافِعِيُّ فِي الْجَوَابِ عَنْهُ مَا يُخَالِفُونَ عُمَرَ رضي الله عنه فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ مِنَ الْأَحْكَامِ ، فَقِيلَ لَهُ: أَفَثَابِتٌ هُوَ عِنْدَكَ؟ قَالَ: لَا ، إِنَّمَا رَوَاهُ الشَّعْبِيُّ ، عَنِ الْحَارِثِ الْأَعْوَرِ ، وَالْحَارِثُ مَجْهُولٌ
16393 -
وَنَحْنُ نَرْوِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْإِسْنَادِ الثَّابِتِ أَنَّهُ " بَدَأَ بِالْمُدَّعِينَ ، فَلَمَّا لَمْ يَحْلِفُوا قَالَ:«فَتُبْرِئُكُمْ يَهُودُ بِخَمْسِينَ يَمِينًا» وَإِذْ قَالَ: «تُبْرِئُكُمْ فَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ غَرَامَةٌ ، وَلَمَّا لَمْ يَقْبَلِ الْأَنْصَارِيُّونَ أَيْمَانَهُمْ وَدَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ، وَلَمْ يَجْعَلْ عَلَى يَهُودَ الْقَتِيلِ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ شَيْئًا» ،
⦗ص: 183⦘
16394 -
قَالَ الرَّبِيعُ: أَخْبَرَنِي بَعْضُ ، أَهْلِ الْعِلْمِ ، عَنْ جَرِيرٍ ، عَنْ مُغِيرَةَ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، قَالَ: حَارِثٌ الْأَعْوَرُ كَانَ كَذَّابًا ،
16395 -
وَرُوِيَ عَنْ مُجَالِدٍ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ مَسْرُوقٍ ، عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه. وَمُجَالِدٌ غَيْرُ مُحْتَجٍّ بِهِ ،
16396 -
وَرُوِيَ عَنْ مُطَرِّفٍ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ الْأَزْمَعِ
16397 -
قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: عَنْ أَبِي زَيْدٍ ، عَنْ شُعْبَةَ ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ يُحَدِّثُ حَدِيثَ الْحَارِثِ بْنِ الْأَزْمَعِ ، أَنَّ قَتِيلًا وُجِدَ بَيْنَ وَادِعَةَ ، وَخَيْوَانَ " فَقُلْتُ: يَا أَبَا إِسْحَاقَ مَنْ حَدَّثَكَ؟ قَالَ: حَدَّثَنِي مُجَالِدٌ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ الْأَزْمَعِ ،
16398 -
فَعَادَتْ رِوَايَةُ أَبِي إِسْحَاقَ إِلَى حَدِيثِ مُجَالِدٍ ، وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى مُجَالِدٍ فِي إِسْنَادِهِ ، وَمُجَالِدٌ غَيْرُ مُحْتَجٍّ بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
16399 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا مُعَاذُ بْنُ مُوسَى ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ مَعْرُوفٍ ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ ، قَالَ مُقَاتِلٌ: أَخَذْتُ هَذَا التَّفْسِيرَ عَنْ نَفَرٍ حُفَظٌّ مُعَاذٌ مِنْهُمْ ، مُجَاهِدٌ ، وَالضَّحَّاكُ ، وَالْحَسَنُ ، قَوْلُهُ:" {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ ، وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى.} [البقرة: 178]. قَالَ ذَلِكَ فِي حَيَّيْنِ مِنَ الْعَرَبِ اقْتَتَلُوا قَبْلَ الْإِسْلَامِ بِقَلِيلٍ ، وَكَانَ لِأَحَدِ الْحَيَّيْنِ فَضْلٌ عَلَى الْآخَرِ ، فَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ لَيَقْتُلُنَّ بِالْأُنْثَى الذَّكَرَ ، وَبِالْعَبْدِ مِنْهُمُ الْحُرَّ ، فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ رَضُوا وَسَلَّمُوا " ،
16400 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَمَا أَشْبَهَ مَا قَالُوا مِنْ هَذَا بِمَا قَالُوا لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى
⦗ص: 184⦘
إِنَّمَا أَلْزَمَ كُلَّ مُذْنِبٍ ذَنْبَهُ ، وَلَمْ يَجْعَلْ جُرْمَ أَحَدٍ عَلَى غَيْرِهِ ، فَقَالَ:{الْحُرُّ بِالْحُرِّ} [البقرة: 178] إِذَا كَانَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَاتِلًا لَهُ ، {وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ} [البقرة: 178] إِذَا كَانَ قَاتِلًا لَهُ ، {وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى} [البقرة: 178] إِذَا كَانَتْ قَاتِلَةً لَهَا لَا أَنْ يُقْتَلَ بِأَحَدٍ مِمَّنْ لَمْ يَقْتُلْهُ لِفَضْلِ الْمَقْتُولِ عَلَى الْقَاتِلِ ، وَقَدْ جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«أَعْدَى النَّاسِ عَلَى اللَّهِ مَنْ قَتَلَ غَيْرَ قَاتِلِهِ» ،
16401 -
وَمَا وَصَفْتُ مِنْ أَنْ لَمْ أَعْلَمْ مُخَالِفًا فِي أَنْ يُقْتَلَ الرَّجُلُ بِالْمَرْأَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنْ لَوْ كَانَتْ هَذِهِ الْآيَةُ غَيْرَ خَاصَّةٍ كَمَا قَالَ مَنْ وَصَفْتُ قَوْلَهُ مِنْ أَهْلِ التَّفْسِيرِ: لَمْ يُقْتَلْ ذَكَرٌ بِأُنْثَى. وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِي هَذَا
قَتْلُ الرَّجُلِ بِالْمَرْأَةِ
16402 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَمْ أَعْلَمْ مِمَّنْ لَقِيتُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مُخَالِفًا فِي أَنَّ الدَّمَيْنِ مُتَكَافِئَانِ بِالْحُرِّيَّةِ وَالْإِسْلَامِ ، فَإِذَا قَتَلَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ عَمْدًا قُتِلَ بِهَا وَإِذَا قَتَلَتْهُ قُتِلَتْ بِهِ ،
16403 -
وَلَا يُؤْخَذُ مِنَ الْمَرْأَةِ ، وَلَا أَوْلِيَائِهَا شَيْءٌ إِذَا قُتِلَتْ بِهِ وَلَا إِذَا قُتِلَ بِهَا ،
16404 -
قَالَ أَحْمَدُ: رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، أَنَّهُ قَتَلَ ثَلَاثَةَ نَفَرٍ بِامْرَأَةٍ أَقَادَهُمْ بِهَا ،
16405 -
وَبِهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ ، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ عز وجل:{كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: 45]
⦗ص: 186⦘
16406 -
وَرُوِّينَا عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ «يَهُودِيًّا قَتَلَ جَارِيَةً عَلَى أَوْضَاحٍ ، فَقَتَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِهَا» ،
16407 -
وَفِي كِتَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى أَهْلِ الْيَمَنِ الَّذِي بَعَثَهُ مَعَ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ: أَنَّ الرَّجُلَ يُقْتَلُ بِالْمَرْأَةَ
16408 -
وَفِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الْمُؤْمِنُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ ، وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ»
16409 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ
⦗ص: 187⦘
الشَّافِعِيُّ فِيمَا بَلَغَهُ عَنْ جَرِيرٍ ، عَنْ مُغِيرَةَ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ عَلِيٍّ: فِي " الرَّجُلِ يَقْتُلُ الْمَرْأَةَ ، قَالَ: إِنْ أَرَادَ أَوْلِيَاءَ الْمَرْأَةِ أَنْ يَقْتَصُّوا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُمْ ، حَتَّى يُعْطُوا نِصْفَ الدِّيَةِ " ،
16410 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَيْسُوا يَقُولُونَ بِهَذَا، يَقُولُونَ: بَيْنَهُمَا الْقِصَاصُ فِي النَّفْسِ ، أَوْرَدَهُ فِيمَا أَلْزَمَ الْعِرَاقِيِّينَ فِي خِلَافِ عَلِيٍّ ،
16411 -
وَرُوِيَ ذَلِكَ أَيْضًا عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ عَلِيٍّ ، وَكِلَاهُمَا مُنْقَطِعٌ ،
16412 -
وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ ، وَالْحَسَنِ ، خِلَافُ ذَلِكَ فِيمَا ذُكِرَ ، حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ
لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ
16413 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: " قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ " ،
16414 -
فَكَانَ ظَاهِرُ الْآيَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ الْقِصَاصَ إِنَّمَا كُتِبَ عَلَى الْبَالِغِينَ الْمَكْتُوبُ عَلَيْهِمُ الْقِصَاصُ ، لِأَنَّهُمُ الْمُخَاطَبُونَ بِالْفَرَائِضِ إِذَا قَتَلُوا الْمُؤْمِنِينَ بِابْتِدَاءِ الْآيَةِ ،
16415 -
وَقَوْلُهُ: فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْأُخُوَّةَ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ ، فَقَالَ: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ وَقَطَعَ ذَلِكَ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْكَافِرِينَ ،
16416 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَدَلَّتْ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى مِثْلِ ظَاهِرِ الْآيَةِ ،
16417 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: سَمِعْتُ عَدَدًا مِنْ أَهْلِ الْمَغَازِي وَبَلَغَنِي عَنْ عَدَدٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ كَانَ فِي خُطْبَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْفَتْحِ: «لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ» ،
⦗ص: 189⦘
16418 -
قَالَ: وَبَلَغَنِي عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ ، أَنَّهُ رَوَى ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
16419 -
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ ، عَنِ ابْنِ أَبِي حُسَيْنٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، وَعَطَاءٍ ، وَأَحْسَبُ طَاوُسًا ، وَالْحَسَنَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ» ،
16420 -
وَأَخْبَرَنَا بِهِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ ، وَأَبُو بَكْرٍ الْقَاضِي ، وَأَبُو زَكَرِيَّا ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا مُسْلِمٌ ، عَنِ ابْنِ أَبِي حُسَيْنٍ ، عَنْ عَطَاءٍ ، وَطَاوُسٍ ، وَأَحْسَبُهُ قَالَ: مُجَاهِدٌ ، وَالْحَسَنُ ، أَوْ طَاوُسٌ وَالْحَسَنُ ،
16421 -
وَقَدْ رَوَاهُ فِي كِتَابِ الدِّيَاتِ وَالْقِصَاصِ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ
16422 -
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو بَكْرٍ ، وَأَبُو زَكَرِيَّا ، وَأَبُو سَعِيدٍ ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا مُسْلِمٌ ، عَنِ ابْنِ أَبِي حُسَيْنٍ ، عَنْ عَطَاءٍ ، وَطَاوُسٍ ، وَمُجَاهِدٍ ، وَالْحَسَنِ ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: فِي خُطْبَتِهِ عَامَ الْفَتْحِ: «لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ» ،
16423 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَدْ يَصِلُهُ غَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْمَغَازِي مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَحَدِيثِ غَيْرِهِ ،
⦗ص: 190⦘
16424 -
قَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ " وَعَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ ، وَلَكِنْ فِيهِ حَدِيثٌ مِنْ أَحْسَنِ إِسْنَادِكُمْ
16425 -
فَذَكَرَ الْحَدِيثَ الَّذِي: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ، وَأَبُو بَكْرٍ ، وَأَبُو زَكَرِيَّا ، وَأَبُو سَعِيدٍ ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ مُطَرِّفٍ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ ، قَالَ: سَأَلْتُ عَلِيًّا رضي الله عنه ، فَقُلْتُ: هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَيْءٌ سِوَى الْقُرْآنِ؟ قَالَ: " لَا وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ ، وَبَرَأَ النَّسَمَةَ إِلَّا أَنْ يُؤْتِيَ اللَّهُ عَبْدًا كَمَا فِي الْقُرْآنِ ، وَمَا فِي الصَّحِيفَةِ ، قُلْتُ: وَمَا فِي الصَّحِيفَةِ؟ قَالَ: «الْعَقْلُ ، وَفِكَاكُ الْأَسِيرِ ، وَأَنْ لَا يُقْتَلَ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ» ،
16426 -
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فِي رِوَايَتِهِمْ دُونَ رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ: إِلَّا أَنْ يُعْطِيَ اللَّهُ عَبْدًا فَهْمًا فِي كِتَابِهِ ، وَقَالَ:«وَلَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ صَدَقَةَ بْنِ الْفَضْلِ ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ
16427 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ: وَذَكَرَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ ، عَنْ عَلِيٍّ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«وَلَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ»
16428 -
وَهَذَا فِيمَا أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيِّ الرُّوذْبَارِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ ،
⦗ص: 191⦘
حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ ، قَالَ: انْطَلَقْتُ أَنَا ، وَالْأَشْتَرُ ، إِلَى عَلِيٍّ ، فَقُلْنَا: هَلْ عَهِدَ إِلَيْكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا لَمْ يَعْهَدْهُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً؟ قَالَ: لَا ، إِلَّا مَا فِي كِتَابِي هَذَا أَوْ كِتَابٍ فِي قِرَابِ سَيْفِهِ فَإِذَا فِيهِ:«الْمُؤْمِنُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ ، وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ ، وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ ، أَلَا لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ ، وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ ، مَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا فَعَلَى نَفْسِهِ ، وَمَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا ، أَوْ آوَى مُحْدِثًا ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ»
16429 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي قَوْلِهِ: «وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ» يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ لَمَّا أَعْلَمَهُمْ أَنَّهُ لَا قَوَدَ بَيْنَهُمْ ، وَبَيْنَ الْكُفَّارِ أَعْلَمَهُمْ أَنَّ دِمَاءَ أَهْلِ الْعَهْدِ مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ ، فَقَالَ:«لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ ، وَلَا يُقْتَلُ ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ» ،
16430 -
احْتَجَّ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ رَحِمَنَا اللَّهُ وَإِيَّاهُ ، عَلَى صِحَّةِ مَا قَالُوا عَلَيْهِ الْخَبَرَ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ حَرْبِيٍّ ، وَلَا يُقْتَلُ بِهِ ذُو عَهْدٍ ، بِأَنَّ رِوَايَةَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَهُوَ أَعْلَمُ بِتَأْوِيلِهِ مِنْ غَيْرِهِ وَقَدْ أَشَارَ الْمُهَاجِرُونَ عَلَى عُثْمَانَ بِقَتْلِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ لِقَتْلِهِ الْهُرْمُزَانَ وَجُفَيْنَةَ ، وَهُمَا ذِمِّيَّانِ وَكَانَ فِيهِمْ عَلِيٌّ ، فَثَبَتَ بِهَذَا أَنَّ مَعْنَى الْخَبَرِ مَا ذَكَرْنَا ،
⦗ص: 192⦘
16431 -
وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ سَاقِطٌ مِنْ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ عَلِيًّا أَشَارَ بِذَلِكَ ، فَإِدْخَالُهُ فِي جُمْلَةِ مَنْ أَشَارَ بِهِ عَلَى عُثْمَانَ بِرِوَايَةٍ مُنْقَطِعَةٍ دُونَ رِوَايَةٍ مَوْصُولَةٍ مُحَالٌ ، وَالثَّانِي: أَنَّ فِيَ الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ أَيْضًا قَتَلَ بِنْتًا لِأَبِي لُؤْلُؤَةَ صَغِيرَةً كَانَتْ تَدَّعِي الْإِسْلَامَ ، وَإِذَا وَجَبَ الْقَتْلُ بِوَاحِدٍ مِنْ قَتَلَاهُ صَحَّ أَنْ يُشِيرُوا عَلَيْهِ فِي خِلَافِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
بَابُ كَفَّارَةِ الْقَتْلِ
16432 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى: «{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فِدْيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ}»
16433 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ، وَأَبُو بَكْرٍ ، وَأَبُو زَكَرِيَّا ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ ، قَالَ: لَجَأَ قَوْمٌ إِلَى خَثْعَمٍ ، فَلَمَّا غَشِيَهُمَ الْمُسْلِمُونَ اسْتَعْصَمُوا بِالسُّجُودٍ ، فَقَتَلُوا بَعْضَهُمْ ، فَبَلَغَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:«أَعْطُوهُمْ نِصْفَ الْعَقْلِ لِصَلَاتِهِمْ» ، ثُمَّ قَالَ عِنْدَ ذَلِكَ:«أَلَا إِنِّي بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ مَعَ مُشْرِكٍ» ، قَالُوا: لِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «لَا تَرَاءَى نَارَهُمَا» ،
⦗ص: 195⦘
16434 -
قَالَ أَحْمَدُ: هَذَا مُرْسَلٌ وَقَدْ رُوِّينَاهُ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ ، وَحَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ ، عَنْ قَيْسٍ ، عَنْ جَرِيرٍ مَوْصُولًا ،
16435 -
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: فَوَدَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِنِصْفِ الدِّيَةِ ، وَهُوَ بِإِرْسَالِهِ أَصَحُّ ،
16436 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ: إِنْ كَانَ هَذَا ثَبَتَ ، فَأَحْسَبُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَعْطَى مَنْ أَعْطَى مِنْهُمْ تَطَوُّعًا ، وَأَعْلَمَهُمْ أَنَّهُ بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ مَعَ مُشْرِكٍ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ فِي دَارِ شِرْكٍ لِيُعْلِمَهُمْ أَنْ لَا دِيَاتَ لَهُمْ وَلَا قَوَدَ ، وَقَدْ يَكُونُ هَذَا قَبْلَ نُزُولِ الْآيَةِ فَنَزَلَتِ الْآيَةُ بَعْدُ وَيَكُونُ إِنَّمَا قَالَ:«إِنِّي بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ مَعَ مُشْرِكٍ» بِنُزُولِ الْآيَةِ ،
16437 -
قَالَ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ لِرَجُلٍ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ إِلَّا فِي قَوْمٍ عَدُوٍّ لَنَا ، وَذَلِكَ أَنَّ عَامَّةَ الْمُهَاجِرِينَ كَانُوا مِنْ قُرَيْشٍ وَقُرَيْشٌ عَدُوٌّ لَنَا. وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِي بَيَانِهِ ،
16438 -
وَقَدْ رُوِّينَا مِنْ أَوْجُهٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّهُ قَالَ فِي تَأْوِيلِ الْآيَةِ مَعْنَى مَا قَالَ الشَّافِعِيُّ ،
16439 -
قَالَ: وَلَوِ اخْتَلَطُوا فِي الْقِتَالِ فَقَتَلَ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ بَعْضًا فَادَّعَى الْقَاتِلُ أَنَّهُ لَمْ يَعْرِفِ الْمَقْتُولَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ ، وَلَا قَوَدَ عَلَيْهِ ، وَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ ، وَيَدْفَعُ إِلَى أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ دِيَتَهُ. ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ الْحَدِيثَ الَّذِي
16440 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ، وَأَبُو بَكْرٍ ، وَأَبُو زَكَرِيَّا ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا مُطَرِّفٌ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ، قَالَ: كَانَ " أَبُو حُذَيْفَةَ بْنُ الْيَمَانِ شَيْخًا كَبِيرًا ، فَرُفِعَ فِي الْآطَامِ مَعَ النِّسَاءِ يَوْمَ أُحُدٍ ، فَخَرَجَ يَتَعَرَّضُ الشَّهَادَةَ ، فَجَاءَ مِنْ نَاحِيَةِ الْمُشْرِكِينَ ، فَابْتَدَرَهُ الْمُسْلِمُونَ ، فَتَوَشَّقُوهُ بِأَسْيَافِهِمْ وَحُذَيْفَةُ يَقُولُ: أَبِي. . أَبِي ، فَلَا يَسْمَعُونَهُ مِنْ شُغْلِ الْحَرْبِ حَتَّى قَتَلُوهُ ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ، فَقَضَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِيهِ بِدِيَةٍ " ،
16441 -
وَهَذَا قَدْ رَوَاهُ أَيْضًا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُرْوَةَ ، فَقَالَ: وَوَدَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ،
16442 -
وَرُوِيَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَرَادَ أَنْ يَدِيَهُ فَتَصَدَّقَ بِهِ حُذَيْفَةُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ ،
16443 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ الْمُزَنِيِّ: إِذَا وَجَبَتِ الْكَفَّارَةُ فِي قَتْلِ الْمُؤْمِنِ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ فِي الْخَطَأِ الَّذِي وَضَعَ اللَّهُ فِيهِ الْإِثْمَ كَانَ الْعَمْدُ أَوْلَى ، وَجَعَلَهُ قِيَاسًا عَلَى قَتْلِ الصَّيْدِ
16444 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مُحَمَّدٍ ، حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي عَبْلَةَ ، عَنِ الْغَرِيفِ
⦗ص: 197⦘
بْنِ الدَّيْلَمِيِّ ، قَالَ: أَتَيْنَا وَاثِلَةَ بْنَ الْأَسْقَعِ ، فَقُلْنَا لَهُ: حَدِّثْنَا حَدِيثًا سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ: أَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي صَاحِبٍ لَنَا أَوْجَبَ يَعْنِي النَّارَ بِالْقَتْلِ ، فَقَالَ:«أَعْتِقُوا عَنْهُ يَعْتِقُ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْوًا مِنْهُ مِنَ النَّارِ»
بَابُ لَا يَرِثُ الْقَاتِلُ خَطَأً
16445 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَذَلِكَ فِي كِتَابِ اخْتِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ: أَخْبَرَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ ، أَخْبَرَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَأَةَ ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي حَاتِمٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّهُ " سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ قَتَلَ أَخَاهُ خَطَأً ، فَلَمْ يُوَرِّثْهُ ، قَالَ: وَلَا يَرِثُ قَاتِلٌ شَيْئًا "
16446 -
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا أَبُو حَنِيفَةَ ، عَنْ حَمَّادٍ ، عَنِ النَّخَعِيِّ ، قَالَ:«لَا يَرِثُ قَاتِلٌ مِمَّنْ قَتَلَ خَطَأً أَوْ عَمْدًا ، وَلَكِنْ يَرِثُهُ أَوْلَى النَّاسِ بِهِ بَعْدَهُ» ،
16447 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَيْسَ فِي الْفَرْقِ مِنْ أَنْ يَرِثَ قَاتِلُ الْخَطَأِ وَلَا يَرِثُ قَاتِلُ الْعَمْدِ خَبَرٌ يُتَّبَعُ ، إِلَّا خَبَرَ رَجُلٍ فَإِنَّهُ يَرْفَعُهُ ، لَوْ كَانَ ثَابِتًا كَانَتِ الْحُجَّةُ فِيهِ ، وَلَكِنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُثْبَتَ لَهُ شَيْءٌ ، وَيُرَدَّ لَهُ آخَرُ لَا مُعَارِضَ لَهُ
16448 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَإِنَّمَا أَرَادَ حَدِيثَ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَامَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ فَقَالَ: «الْمَرْأَةُ تَرِثُ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا ، وَهُوَ يَرِثُ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهِ وَمَالِهَا ، مَا لَمْ يَقْتُلْ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ عَمْدًا ، فَإِنْ قَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ عَمْدًا لَمْ يَرِثْ مِنْ دِيَتِهِ وَمَالِهِ شَيْئًا ، وَإِنْ قَتَلَ صَاحِبَهُ خَطَأً وَرِثَ مِنْ مَالِهِ وَلَمْ يَرِثْ مِنْ دِيَتِهِ» ،
16449 -
وَمَنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ لَزِمَهُ أَنْ يَقُولَ بِهَذَا كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَهْلُ الْمَدِينَةِ ،
16450 -
وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَإِنَّهُ كَالْمُتَوَقِّفِ فِي حَدِيثِ عَمْرٍو حَتَّى يَنْضَمَّ إِلَيْهِ مَا يُؤَكِّدُهُ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
مِيرَاثُ الدِّيَةِ
16451 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ، وَأَبُو بَكْرٍ ، وَأَبُو زَكَرِيَّا ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ، كَانَ يَقُولُ:«الدِّيَةُ لِلْعَاقِلَةِ ، وَلَا تَرِثُ الْمَرْأَةُ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا شَيْئًا حَتَّى أَخْبَرَهُ الضَّحَّاكُ بْنُ سُفْيَانَ ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَتَبَ إِلَيْهِ أَنْ يُورِّثَ امْرَأَةَ أَشْيَمَ الضِّبَابِيِّ مِنْ دِيَتِهِ ، فَرَجَعَ إِلَيْهِ عُمَرُ»
16452 -
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَتَبَ إِلَى الضَّحَّاكِ بْنِ سُفْيَانَ أَنْ يُوَرِّثَ امْرَأَةَ أَشْيَمَ الضِّبَابِيِّ مِنْ دِيَتِهِ " ،
16453 -
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَكَانَ أَشْيَمُ قُتِلَ خَطَأً
بَابُ الْحُكْمِ فِي السَّاحِرِ
16454 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: قَالَ تبارك وتعالى: " {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} [البقرة: 102] إِلَى قَوْلِهِ: {مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ} [البقرة: 102] "
16455 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ، وَأَبُو بَكْرٍ ، وَأَبُو زَكَرِيَّا ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " يَا عَائِشَةُ: أَمَا عَلِمْتِ أَنَّ اللَّهَ عز وجل أَفْتَانِي فِي أَمْرٍ اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ؟ «وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَكَثَ كَذَا وَكَذَا يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَأْتِي النِّسَاءَ وَلَا يَأْتِيهِنَّ» أَتَانِي رَجُلَانِ ، فَجَلَسَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رِجْلَيَّ ،
⦗ص: 203⦘
وَالْآخَرُ عِنْدَ رَأْسِي ، فَقَالَ الَّذِي عِنْدَ رِجْلَيَّ لِلَّذِي عِنْدَ رَأْسِي مَا بَالُ الرَّجُلِ؟ قَالَ: مَطْبُوبٌ ، قَالَ: مَنْ طَبَّهُ؟ قَالَ: لَبِيدُ بْنُ الْأَعْصَمِ ، قَالَ: وَفِيمَ؟ قَالَ: فِي جُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ فِي مُشْطٍ ، وَمُشَاقَةٍ تَحْتَ رَعُوفَةٍ ، أَوْ رَاعُوفَةٍ " - شَكَّ رَبِيعٌ - ، وَقَالَ غَيْرُهُ: رَاعُوفَةٍ فِي بِئْرِ ذَرْوَانَ ، قَالَ: فَجَاءَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ: «هَذَا الَّذِي رَأَيْتُهَا كَأَنَّ رُءُوسَ نَخْلِهَا رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ ، وَكَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الْحِنَّاءِ» ، فَأَمَرَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأُخْرِجَ ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَهَلَّا ، قَالَ سُفْيَانُ: يَعْنِي تَنَشَّرْتَ قَالَتْ: فَقَالَ: «أَمَا وَاللَّهِ ، فَقَدْ شَفَانِي ، وَأَكْرَهُ أَنْ أُثِيرَ عَلَى النَّاسِ شَرًّا» ، قَالَتْ: وَلَبِيدُ بْنُ أَعْصَمَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ حَلِيفٌ لِيَهُودَ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ سُفْيَانَ وَأَخْرَجَاهُ مِنْ أَوْجُهٍ عَنْ هِشَامٍ
16456 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ ، وَأَبُو زَكَرِيَّا ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ: أَنَّهُ سَمِعَ بَجَالَةَ ، يَقُولُ:" كَتَبَ عُمَرُ أَنِ اقْتُلُوا كُلَّ سَاحِرٍ وَسَاحِرَةٍ ، قَالَ: فَقَتَلْنَا ثَلَاثَ سَوَاحِرَ "
16457 -
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَأَخْبَرَنَا أَنَّ حَفْصَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، قَتَلَتْ جَارِيَةً لَهَا سَحَرَتْهَا "
⦗ص: 204⦘
16458 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْكِتَابِ بَعْدَ مَا بَسَطَ الْكَلَامَ فِي أَنْوَاعِ السِّحْرِ: وَأَمَرَ عُمَرُ أَنْ يُقْتَلَ السُّحَّارُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ إِنْ كَانَ السِّحْرُ كَمَا وَصَفْنَا شِرْكًا ،
16459 -
وَكَذَلِكَ أَمْرُ حَفْصَةَ ،
16460 -
وَأَمَّا بَيْعُ عَائِشَةَ الْجَارِيَةَ الَّتِي سَحَرَتْهَا ، وَلَمْ تَأْمُرْ بِقَتْلِهَا ، فَيُشَبِهُ أَنْ يَكُونَ لَمْ تَعْرِفْ مَا السِّحْرُ ، فَبَاعَتْهَا لِأَنَّ لَهَا بَيْعَهَا عِنْدَنَا ، وَإِنْ لَمْ تَسْحَرْهَا وَلَوْ أَقَرَّتْ عِنْدَ عَائِشَةَ أَنَّ السِّحْرَ شِرْكٌ مَا تَرَكَتْ قَتْلَهَا إِنْ لَمْ تَتُبْ ، أَوْ دَفَعَتْهَا إِلَى الْإِمَامِ لِقَتْلِهَا ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ ،
16461 -
قَالَ: وَحَدِيثُ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَحَدِ هَذِهِ الْمَعَانِي عِنْدَنَا ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
16462 -
وَاحْتَجَّ فِي حَقْنِ دَمِ السَّاحِرِ مَا لَمْ يَكُنْ سِحْرُهُ شِرْكًا أَوْ يَقْتُلْ بِسِحْرِهِ أَحَدًا بِمَا أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا أَزَالُ أُقَاتِلُ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، فَإِذَا قَالُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، فَقَدْ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ عز وجل»
30 - كِتَابُ قِتَالِ أَهْلِ الْبَغْيِ
بَابُ قِتَالِ أَهْلِ الْبَغْيِ
⦗ص: 209⦘
16463 -
أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، إِجَازَةً عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى: " {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ. . .} [الحجرات: 9] " ،
16464 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَذَكَرَ اللَّهُ اقْتِتَالَ الطَّائِفَتَيْنِ وَالطَّائِفَتَانِ الْمُمْتَنِعَتَانِ: الْجَمَاعَتَانِ كُلُّ وَاحِدَةٍ تَمْتَنِعُ أَشَدَّ الِامْتِنَاعِ أَوْ أَضْعَفَ إِذَا لَزِمَهَا اسْمُ الِامْتِنَاعِ وَسَمَّاهُمُ اللَّهُ تَعَالَى: الْمُؤْمِنِينَ وَأَمَرَنَا بِالْإِصْلَاحِ بَيْنَهُمْ ، فَحَقَّ أَنْ لَا يُقَاتِلُوا حَتَّى يُدْعَوْا إِلَى الصُّلْحِ ، وَأَمَرَ بِقِتَالِ الْبَاغِيَةِ وَهِيَ مُسَمَّاةٌ بِاسْمِ الْإِيمَانِ حَتَّى تَفِيءَ إِلَى اللَّهِ. فَإِذَا فَاءَتْ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ قِتَالُهَا ،
⦗ص: 210⦘
16465 -
وَالْفَيْءُ: الرَّجْعَةُ عَنِ الْقِتَالِ بِالْهَزِيمَةِ أَوِ التَّوْبَةِ وَغَيْرِهَا. . . وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِي ذَلِكَ ،
16466 -
قَالَ: وَأَمَرَ إِنْ فَاءُوا أَنْ يُصْلِحَ بَيْنَهُمْ بِالْعَدْلِ ، وَلَمْ يَذْكُرْ تِبَاعَةً فِي دَمٍ وَلَا مَالٍ ، فَأَشْبَهَ هَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنْ تَكُونَ التِّبَاعَاتُ فِي الْجِرَاحِ وَالدِّمَاءِ ، وَمَا فَاتَ مِنَ الْأَمْوَالِ سَاقِطَةٌ بَيْنَهُمْ ،
16467 -
وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يُصْلِحَ بَيْنَهُمْ بِالْحُكْمِ إِذَا كَانُوا قَدْ فَعَلُوا مَا فِيهِ حُكْمٌ ، فَيُعْطِي بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضِ مَا وَجَبَ لَهُ لِقَوْلِ اللَّهِ عز وجل {بِالْعَدْلِ} [البقرة: 282] ،
16468 -
وَالْعَدْلُ أَخْذُ الْحَقِّ لِبَعْضِ النَّاسِ مِنْ بَعْضٍ ،
16469 -
وَإِنَّمَا ذَهَبْنَا إِلَى أَنَّ الْقَوَدَ سَاقِطٌ ، وَالْآيَةُ تَحْتَمِلُ الْمَعْنَيَيْنِ ، فَذَكَرَ حَدِيثَ الزُّهْرِيِّ
16470 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا مُطَرِّفُ بْنُ مَازِنٍ ، عَنْ مَعْمَرِ بْنِ رَاشِدٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، قَالَ:«أَدْرَكْتُ الْفِتْنَةَ الْأُولَى فِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَكَانَتْ فِيهَا دِمَاءٌ ، وَأَمْوَالٌ ، فَلَمْ يَقْتَصَّ فِيهَا مِنْ دَمٍ ، وَلَا مَالٍ ، وَلَا قَرْحٍ أُصِيبَ بِوَجْهِ التَّأْوِيلِ إِلَّا أَنْ يُوجَدَ مَالُ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ ، فَيُدْفَعَ إِلَى صَاحِبِهِ» ،
16471 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَرَوَاهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، بِمَعْنَاهُ ، إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ «أَدْرَكْتُ» ،
16472 -
وَرَوَاهُ يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِيِّ ، وَقَالَ: فَأَدْرَكَتْ يَعْنِي تِلْكَ الْفِتْنَةَ رِجَالًا ذَوِي عَدَدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّنْ شَهِدَ مَعَهُ بَدْرًا ، وَبَلَغَنَا أَنَّهُمْ يَرَوْنَ أَنْ يُهْدَرَ أَمْرُ الْفِتْنَةِ. ، ثُمَّ ذَكَرَ بَعْضَ مَعْنَاهُ ،
⦗ص: 211⦘
16473 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ: وَقَدْ ظَهَرَ عَلِيٌّ عَلَى بَعْضِ مَنْ قَاتَلَ ، وَفِي أَصْحَابِهِ مَنْ قُتِلَ مِنْهُمْ وَفِيهِمْ مَنْ قَتَلَ مِنْ أَصْحَابِهِ وَجَرَحَ ، فَلَمْ يُقِدْ وَاحِدًا مِنَ الْفَرِيقَيْنِ مِنْ صَاحِبِهِ مِنْ دَمٍ وَلَا جُرْحٍ وَلَمْ يُغَرِّمْهُ شَيْئًا عَلِمْنَاهُ
16474 -
أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ إِجَازَةً ، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ ، عَنِ الرَّبِيعِ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَأَهْلُ الرِّدَّةِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ضَرْبَانِ مِنْهُمْ كَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ مِثْلُ: طُلَيْحَةَ ، وَمُسَيْلِمَةَ ، وَالْعَنْسِيِّ ، وَأَصْحَابِهِمْ ، وَمِنْهُمْ قَوْمٌ تَمَسَّكُوا بِالْإِسْلَامِ وَمَنَعُوا الصَّدَقَاتِ. ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ: وَقَوْلُ عُمَرَ لِأَبِي بَكْرٍ: أَلَيْسَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ» وَقَوْلُ أَبِي بَكْرٍ: " هَذَا مِنْ حَقِّهَا: لَوْ مَنَعُونِي عَنَاقًا مِمَّا أَعْطَوْا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَيْهِ" مَعْرِفَةً مِنْهُمَا مَعًا بِأَنَّ مِمَّنْ قَاتَلُوا مَنْ هُوَ عَلَى التَّمَسُّكِ بِالْإِيمَانِ ، وَلَوْلَا ذَلِكَ مَا شَكَّ عُمَرُ فِي قِتَالِهِمْ ، وَلَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَدْ تَرَكُوا «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» ، فَصَارُوا مُشْرِكِينَ. وَذَلِكَ بَيِّنٌ فِي مُخَاطَبَتِهِمْ جُيُوشَ أَبِي بَكْرٍ ، وإِشْعَارُ مَنْ قَالَ الشِّعْرَ مِنْهُمْ ، وَمُخَاطَبَتُهُمْ لِأَبِي بَكْرٍ بَعْدَ الْإِسَارِ ، فَقَالَ شَاعِرُهُمْ:
[البحر الطويل]
أَلَا أَصْبِحِينَا قَبْلَ نَائِرَةِ الْفَجْرِ
…
لَعَلَّ مَنَايَانَا قَرِيبٌ وَمَا نَدْرِي
⦗ص: 212⦘
أَطَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كَانَ وَسْطَنَا
…
فَيَا عَجَبًا مَا بَالُ مُلْكِ أَبِي بَكْرِ
فَإِنَّ الَّذِي يَسْأَلُكُمُو فَمَنَعْتُمْ
…
لَكَالتَّمْرِ أَوْ أَحْلَى إِلَيْهِمْ مِنَ التَّمْرِ
سَنَمْنَعُهُمْ مَا كَانَ فِينَا بَقِيَّةٌ
…
كِرَامٌ عَلَى الْعَزَاءِ فِي سَاعَةِ الْعُسْرِ
⦗ص: 213⦘
وَقَالُوا لِأَبِي بَكْرٍ بَعْدَ الْإِسَارِ: مَا كَفَرْنَا بَعْدَ إِيمَانِنَا ، وَلَكِنْ شَحَحْنَا عَلَى أَمْوَالِنَا ،
16475 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَوْلُ أَبِي بَكْرٍ «لَا تُفَرِّقُوا بَيْنَ مَا جَمَعَ اللَّهُ» يَعْنِي فِيمَا أَرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ مُجَاهَدَتَهُمْ عَلَى الصَّلَاةِ ، وَأَنَّ الزَّكَاةَ مِثْلُهَا ، وَلَعَلَّ مَذْهَبَهُ فِيهِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ:{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [البينة: 5]
⦗ص: 214⦘
وَأَنَّ اللَّهَ فَرَضَ عَلَيْهِمْ شَهَادَةَ الْحَقِّ وَالصَّلَاةَ وَالزَّكَاةَ ، وَأَنَّهُ مَتَى مَنَعَ فَرْضًا قَدْ لَزِمَهُ لَمْ يُتْرَكْ وَمَنْعُهُ حَتَّى يُؤَدِّيَهُ أَوْ يُقْتَلَ ،
16476 -
قَالَ: فَسَارَ إِلَيْهِمْ أَبُو بَكْرٍ بِنَفْسِهِ حَتَّى لَقِيَ أَخَا بَنِي بَدْرٍ الْفَزَارِيَّ ، فَقَتَلَهُ مَعَهُ عُمَرُ وَعَامَّةُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، ثُمَّ أَمْضَى أَبُو بَكْرٍ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ فِي قِتَالِ مَنِ ارْتَدَّ ، وَمَنْ مَنَعَ الزَّكَاةَ مَعًا ، فَقَاتَلَهُمْ بِقُوَامٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ،
16477 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَفِي هَذَا مَا دَلَّ عَلَى أَنَّ مُرَاجَعَةَ عُمَرَ وَمُرَاجَعَةَ أَبِي بَكْرٍ مَعَهُ فِي قِتَالِهِمْ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ لَهُ ، وَلِلْمُسْلِمِينَ لِئَلَّا يَجْتَمِعَ عَلَيْهِ حَرْبُهُمْ مَعَ حَرْبِ أَهْلِ الرِّدَّةِ ، لَا عَلَى التَّأَثُّمِ مِنْ قِتَالِهِمْ ،
16478 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ فِي قِتَالِ أَهْلِ الرِّدَّةِ قَدْ رَوَيْنَا أَكْثَرَهُ بَأَسَانِيدِهِ فِي كِتَابِ السُّنَنِ مِنْ حَدِيثِ غَيْرِهِ
أَهْلُ الْبَغْيِ إِذَا فَاءُوا لَمْ يُتْبَعْ مُدْبِرُهُمْ ، وَلَمْ يُقْتَلْ أَسِيرُهُمْ ، وَلَمْ يُجْهَزْ عَلَى جَرِيحِهِمْ ، وَلَمْ يُسْتَمْتَعْ بِشَيْءٍ مِنْ أَمْوَالِهِمْ
16479 -
أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ إِجَازَةً ، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، قَالَ: رُوِيَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ ، فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَكْرَمَ غَلَبَةً مِنْ أَبِيكَ ، مَا هُوَ إِلَّا أَنْ وَلَّيْنَا يَوْمَ الْجَمَلِ ، فَنَادَى مُنَادِيَهُ:«لَا يُقْتَلُ مُدْبِرٌ ، وَلَا يُذَفَّفُ عَلَى جَرِيحٍ» ،
16480 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: هَكَذَا ذَكَرْتُ هَذَا الْحَدِيثَ لِلدَّرَاوَرْدِيِّ ، فَقَالَ: مَا أَحْفَظُهُ يَعْجَبُ بِحِفْظِهِ. هَكَذَا ذَكَرَهُ جَعْفَرٌ بِهَذَا الْإِسْنَادِ
16481 -
قَالَ الدَّرَاوَرْدِيُّ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرٌ ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ عَلِيًّا ، كَانَ «لَا يَأْخُذُ سَلَبًا ، وَإِنْ كَانَ يُبَاشِرُ الْقِتَالَ بِنَفْسِهِ ، وَأَنَّهُ كَانَ لَا يُذَفِّفُ عَلَى جَرِيحٍ ، وَلَا يَقْتُلُ مُدْبِرًا» ،
16482 -
وَرَوَاهُ فِي الْقَدِيمِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ جَعْفَرٍ ، وَذَكَرَهُ ، فِي
⦗ص: 216⦘
رِوَايَةِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْبَغْدَادِيِّ عَنْهُ ، فَقَالَ: أَخْبَرَنَا غَيْرُ وَاحِدٍ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، فَذَكَرَ مَعْنَاهُ
16483 -
وَذَكَرَ حَدِيثَ ابْنِ أَبِي إِدْرِيسَ ، عَنْ حُصَيْنٍ ، عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ ، عَنْ عَلِيٍّ ، أَنَّهُ قَالَ يَوْمَ الْجَمَلِ:«لَا تَتَّبِعُوا مُدْبِرًا ، وَلَا تُجْهِزُوا عَلَى جَرِيحٍ ، وَلَا تَغْنَمُوا مَالًا» ،
16484 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا تَغْنَمْ أَمْوَالَهُمْ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِنَّمَا جَعَلَ الْغَنِيمَةَ فِي أَمْوَالِ الْكَافِرِينَ ، وَلَمْ يَجْعَلْهَا فِي أَمْوَالِ الْمُصَلِّينَ ، وَلَا يَحِلُّ مَالُ الْمُسْلِمِ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ ، لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ» ،
16485 -
قَالَ: وَقَدِ اخْتُلِفَ عَلَى عَلِيٍّ فِي غَنِيمَةِ أَهْلِ الْقِبْلَةِ ، فَذَكَرَ حَدِيثَ مُوسَى بْنِ دَاوُدَ ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ ، عَنِ الصَّلْتِ بْنِ بَهْرَامَ ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي وَائِلٍ: خَمَّسَ عَلِيٌّ؟ قَالَ: لَا يَعْنِي الْخَوَارِجَ مِنْ أَهْلِ النَّهَرِ
16486 -
وَذَكَرَ حَدِيثَ سُفْيَانَ ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ ، عَنْ عَرْفَجَةَ ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ عَلِيًّا أَتَى بِرَثَّةِ أَهْلِ النَّهَرِ فَعَرَفَهَا ، فَكَانَ مَنْ عَرَفَ شَيْئًا أَخَذَهُ حَتَّى بَقِيَتْ قِدْرٌ لَمْ تُعْرَفْ "
16487 -
وَذَكَرَ حَدِيثَ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ ، عَنْ حَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأَةَ ، عَنْ مُنْذِرٍ ،
⦗ص: 217⦘
عَنِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ ، أَنَّ عَلِيًّا ، قَالَ:«نَغْنَمْ مَا أَوْجَفُوا عَلَيْنَا مِنْ سِلَاحِ أَوْ كُرَاعٍ» ،
16488 -
قَالَ أَحْمَدُ: الْحَجَّاجُ غَيْرُ مُحْتَجٍّ بِهِ ،
16489 -
وَرُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ مُنْقَطِعٌ أَنَّهُ قَالَ يَوْمَ الْجَمَلِ: إِنْ ظَهَرْتُمْ ، فَلَا تَطْلُبُوا مُدْبِرًا وَلَا تُجْهِزُوا عَلَى جَرِيحٍ ، وَانْظُرُوا مَا حَضَرَتْ بِهِ الْحَرْبُ مِنْ آنِيَةٍ فَاقْبِضُوهُ ، وَمَا كَانَ سِوَى ذَلِكَ فَهُوَ لِوَرَثَتِهِ ،
16490 -
وَهَذَا إِنَّمَا بَلَغَنَا مِنْ حَدِيثِ جَعْفَرِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ ، عَنْ عَلِيٍّ مُرْسَلًا. وَمِثْلُ ذَلِكَ لَا يُحْتَجُّ بِهِ ،
16491 -
وَالْمَشْهُودُ عَنْ عَلِيٍّ ، أَنَّهُ لَمْ يَسْبِ يَوْمَ الْجَمَلِ ، وَلَا يَوْمَ النَّهَرِ ، وَلَمْ يَأْخُذْ مِنْ مَتَاعِهِمْ شَيْئًا
16492 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَمْشَاذٍ ، حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ ، أَنَّ كَثِيرَ بْنَ هِشَامٍ ، حَدَّثَهُمْ قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ ، حَدَّثَنَا مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ ، قَالَ: " شَهِدْتُ صِفِّينَ فَكَانُوا لَا يُجْهِزُونَ عَلَى جَرِيحٍ ، وَلَا يَقْتُلُونَ مُوَلِّيًا ، وَلَا يَسْلُبُونَ قَتِيلًا ،
16493 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَقَلَّ قَتِيلٌ فِي الْحَرْبِ لَا يَكُونُ مَعَهُ سِلَاحٌ ،
16494 -
وَفِي حَدِيثِ سِمَاكٍ الْحَنَفِيِّ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، فِي قِصَّةِ الْحَرُورِيَّةِ وَمُنَاظَرَتِهِ مَعَهُمْ ، قَالُوا: فَإِنَّهُ قَاتِلٌ وَلَمْ يَسْبِ وَلَمْ يَغْنَمْ ، يَعْنُونَ عَلِيًّا
16495 -
وَأَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ إِجَازَةً ، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ أَبِي فَاخِتَةَ ، أَنَّ عَلِيًّا ، " أُتِيَ بِأَسِيرٍ يَوْمَ صِفِّينَ فَقَالَ: لَا تَقْتُلْنِي صَبْرًا ، فَقَالَ عَلِيٌّ: لَا أَقْتُلُكَ صَبْرًا إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ. فَخَلَّى سَبِيلَهُ ، ثُمَّ قَالَ: أَفِيكَ خَيْرٌ تُبَايِعُ؟ " ،
16496 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَالْحَرْبُ يَوْمَ صِفِّينَ قَائِمَةٌ وَمُعَاوِيَةُ يُقَاتِلُ جَادًّا فِي أَيَّامِهِ كُلِّهَا مُنْتَصِفًا أَوْ مُسْتَعْلِيًا ، وَعَلِيٌّ يَقُولُ لِأَسِيرٍ مِنْ أَصْحَابِ مُعَاوِيَةَ:«لَا أَقْتُلُكَ صَبْرًا إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ» وَأَنْتَ تَأْمُرُ بِقَتْلِ مِثْلِهِ يُرِيدُ مَنْ كَلَّمَهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ،
16497 -
وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ: «مُنْتَصِفًا أَوْ مُسْتَعْلِيًا» أَيْ يُسَاوِيهِ مَرَّةً فِي الْغَلَبَةِ فِي الْحَرْبِ وَيَعْلُوهُ أُخْرَى. وَقِيلَ: مُنْتَصِفًا عِنْدَ نَفْسِهِ فِي طَلَبِ دَمِ عُثْمَانَ وَمُسْتَعْلِيًا عِنْدَ غَيْرِهِ لِمَا عَلِمَ مِنْ بَرَاءَةِ عَلِيٍّ مِنْ قَتْلِ عُثْمَانَ رضي الله عنهما. وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ
الرَّجُلُ يَتَأَوَّلُ ، فَيَقْتُلُ أَوْ يُتْلِفُ مَالًا ، أَوْ جَمَاعَةً غَيْرَ مُمْتَنِعَةٍ
16498 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: «أَقَصَصْتَ مِنْهُ وَأَغْرَمْتَهُ الْمَالَ»
16499 -
وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ اللَّهِ عز وجل: وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا
16500 -
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: فِيمَا يَحِلُّ دَمَ الْمُسْلِمِ: «أَوْ قَتْلَ نَفْسٍ بِغَيْرِ نَفْسٍ»
16501 -
وَرُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنِ اعْتَبَطَ مُسْلِمًا بِقَتْلٍ فَهُوَ قَوَدُ يَدِهِ»
16502 -
وَسَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: وَلَّى قِتَالَ الْمُتَأَوِّلِينَ فَلَمْ يَقْصُصْ مِنْ دَمٍ ، وَلَا مَالٍ أُصِيبَ فِي التَّأْوِيلِ. وَقَتَلَهُ ابْنُ مُلْجَمٍ مُتَأَوِّلًا ، فَأَمَرَ بِحَبْسِهِ وَقَالَ لِوَلَدِهِ:«إِنْ قَتَلْتُمْ فَلَا تُمَثِّلُوا» وَرَأَى لَهُ الْقَتْلَ،
16503 -
زَادَ فِي الْقَدِيمِ: وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْقَوَدُ لَقَالَ: لَا تَقْتُلُوهُ فَإِنَّهُ مُتَأَوِّلٌ
16504 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ ، وَأَبُو زَكَرِيَّا ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ عَلِيًّا ، قَالَ فِي ابْنِ مُلْجَمٍ بَعْدَمَا ضَرَبَهُ: أَطْعِمُوهُ وَأَسْقُوهُ وَأَحْسِنُوا إِسَارَهُ ، فَإِنْ عِشْتُ فَأَنَا وَلِيُّ دَمِي أَعْفُو إِنْ شِئْتُ ، وَإِنْ شِئْتُ اسْتَقَدْتُ ، وَإِنْ مُتُّ ، فَقَتَلْتُمُوهُ ، فَلَا تُمَثِّلُوا بِهِ " ،
16505 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بِالْإِجَازَةِ: وَقَتَلَهُ حَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ ، وَفِي التَّابِعِينَ بَقِيَّةٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا نَعْلَمُ أَحَدًا أَنْكَرَ قَتْلَهُ ، وَلَا عَابَهُ ، وَلَا خَالَفَ فِي أَنْ يُقْتَلَ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ جَمَاعَةٌ يَمْتَنِعُ بِمِثْلِهَا ،
16506 -
قَالَ: وَلَمْ يَقُدْ عَلِيٌّ ، وَلَا أَبُو بَكْرٍ قَبْلَهُ وَلِيَّ مَنْ قَتَلَهُ الْجَمَاعَةُ الْمُمْتَنِعَ بِمِثْلِهَا عَلَى التَّأْوِيلِ ، كَمَا وَصَفْنَا وَلَا عَلَى الْكُفْرِ. وَقَدْ قَتَلَ طُلَيْحَةُ ، عُكَّاشَةَ بْنَ مِحْصَنٍ ، وَثَابِتَ بْنَ الْأَقْرَمِ ، ثُمَّ أَسْلَمَ فَلَمْ يَضْمَنْ عَقْلًا ، وَلَا قَوَدًا ،
⦗ص: 221⦘
16507 -
قَالَ الرَّبِيعُ: وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلٌ آخَرُ: أَنَّهُ يُقَادُ مِنْهُمْ إِذَا ارْتَدُّوا وَحَارَبُوا وَقَتَلُوا ،
16508 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَهَذَا يُرَدُّ مَعَ مَا رُوِيَ فِيهِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ ، وَعُمَرَ رضي الله عنهما إِنْ شَاءَ اللَّهُ
الْقَوْمُ يُظْهِرُونَ رَأْيَ الْخَوَارِجِ لَمْ يَحِلَّ بِهِ قِتَالُهُمْ
16509 -
أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ إِجَازَةً ، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ ، عَنِ الرَّبِيعِ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: بَلَغَنَا أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ بَيْنَا هُوَ يَخْطُبُ إِذْ سَمِعَ تَحْكِيمًا مِنْ نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ: «لَا حُكْمَ إِلَّا لِلَّهِ» فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: «لَا حُكْمَ إِلَّا لِلَّهِ» كَلِمَةُ حَقٍّ أُرِيدَ بِهَا بَاطِلٌ ، لَكُمْ عَلَيْنَا ثَلَاثٌ:«لَا نَمْنَعُكُمْ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ تَذْكُرُوا فِيهَا اسْمَ اللَّهِ ، وَلَا نَمْنَعُكُمُ الْفَيْءَ مَا كَانَتْ مَعَ أَيْدِينَا ، وَلَا نَبْدَأُكُمْ بِقِتَالٍ» ،
16510 -
قَالَ فِي الْقَدِيمِ: وَبَلَغَنِي أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ أُتِيَ بِابْنِ مُلْجَمٍ ، وَقَدْ بَلَغَهُ أَنَّهُ يُرِيدُ قَتْلَهُ فَخَلَّاهُ ، وَقَالَ: أَقْتُلُهُ قَبْلَ أَنْ يَقْتُلَنِي
16511 -
وَأَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ إِجَازَةً ، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْقَاسِمِ الْأَزْرَقِيُّ الْغَسَّانِيُّ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ عَدِيًّا ، كَتَبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّ الْخَوَارِجَ عِنْدَنَا يَسُبُّونَكَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ:«إِنْ سَبُّونِي فَسُبُّوهُمْ ، أَوِ اعْفُوا عَنْهُمْ ، وَإِنَّ شَهَرُوا السِّلَاحَ ، فَاشْهِرُوا عَلَيْهِمْ ، وَإِنْ ضَرَبُوا فَاضْرِبُوا» ،
16512 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَبِهَذَا نَقُولُ ،
⦗ص: 223⦘
16513 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَوْ أَنَّ قَوْمًا مُتَأَوِّلِينَ اعْتَزَلُوا جَمَاعَةَ النَّاسِ ، وَكَانَ عَلَيْهِمْ وَالٍ لِأَهْلِ الْعَدْلِ يَجْرِي حُكْمُهُ فَقَتَلُوهُ وَغَيْرَهُ قَبْلَ أَنْ يُنَصِّبُوا إِمَامًا وَيَعْتَقِدُوا وَيُظْهِرُوا حُكْمًا مُخَالِفًا لِحُكْمِهِ كَانَ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ الْقِصَاصُ ،
16514 -
وَهَكَذَا كَانَ شَأْنُ الَّذِينَ اعْتَزَلُوا عَلِيًّا وَنَقَمُوا عَلَيْهِ الْحُكُومَةَ ، فَقَالُوا: لَا نُسَاكِنُكَ فِي بَلَدٍ ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ عَامِلًا فَسَمِعُوا لَهُ مَا شَاءَ اللَّهُ ، ثُمَّ قَتَلُوهُ ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ أَنِ ادْفَعُوا إِلَيْنَا قَاتِلَهُ نَقْتُلُهُ بِهِ ،
16515 -
قَالُوا: كُلُّنَا قَتَلَهُ ، قَالَ: فَاسْتَسْلِمُوا نَحْكُمْ عَلَيْكُمْ ، قَالُوا: لَا ، فَسَارَ إِلَيْهِمْ فَقَاتَلَهُمْ ، فَأَصَابَ أَكْثَرَهُمْ ،
16516 -
قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ رُوِّينَا عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ أَنَّهُ ذَكَرَ قِصَّةَ الْخَوَارِجِ وَنَهْيَ عَلِيٍّ أَصْحَابَهُ عَنْ أَنْ يَتَبَسَّطُوا عَلَيْهِمْ حَتَّى يُحْدِثُوا حَدَثًا فَمَرُّوا بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ ، فَقَتَلُوهُ. ، ثُمَّ ذَكَرَ مَعْنَى مَا قَالَ الشَّافِعِيُّ ،
16517 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الْبُوَيْطِيِّ: وَكُلُّ إِمَامٍ وَلِيَ النَّاسَ بِاخْتِيَارٍ ، أَوْ بِغَيْرِهِ ، أَوْ مُتَغَلِّبٍ فَجَرَتْ أَحْكَامُهُ ، وَسَلَكَتْ بِهِ السُّبُلَ ، وَأَمِنَتْ بِهِ الْبِلَادُ لَا يُقَاتَلُ ، وَلَا يُقَاتِلُ مَعَهُ الْمُسْلِمُونَ ،
16518 -
وَالْحُجَّةُ فِي ذَلِكَ قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَإِنْ وَلِيَ عَلَيْكُمْ كَذَا وَكَذَا» ،
⦗ص: 224⦘
16519 -
وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ مِنْ بَعْدِي أَثَرَةً ، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي» ،
16520 -
فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَطِيعُوهُمْ مَا أَطَاعُوا اللَّهَ فَإِنْ عَصَوَا اللَّهَ فَلَا طَاعَةَ عَلَيْكُمْ» قَالَ: فَإِنَّهُمْ مَا أَقَامُوا الصَّلَاةَ مُطِيعِينَ لِلَّهِ فِي إِقَامَتِهَا ، فَعَلَيْنَا طَاعَتُهُمْ فِيمَا أَطَاعُوا اللَّهَ وَمَا عَصَمُوا فِيهِ أَمْسَكْنَا عَنْهُمْ وَلَمْ نُطَعْهُمْ فِي أَنْ نُشْرِكَهُمْ فِي الْمَعْصِيَةِ
16521 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ ، أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ ، حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، حَدَّثَنِي أَبُو التَّيَّاحِ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَإِنِ اسْتُعْمِلَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيُّ كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ بُنْدَارٍ
16522 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ ، عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ: أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: اسْتَعْمَلْتَ فُلَانًا وَلَمْ تَسْتَعْمِلْنِي؟ قَالَ: «فَإِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً ، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الْحَوْضِ» أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ
⦗ص: 225⦘
16523 -
وَرُوِّينَا فِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً وَأُمُورًا تُنْكِرُونَهَا» . قُلْنَا: فَمَا تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: «أَدُّوا إِلَيْهِمْ حَقَّهُمْ ، وَاسْأَلُوا اللَّهَ عز وجل حَقَّكُمْ»
16524 -
وَرُوِّينَا فِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ رَأَى مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا يَكْرَهُهُ ، فَلْيَصْبِرْ فَإِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ يُفَارِقُ الْجَمَاعَةَ إِلَّا مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً»
16525 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ الْفَقِيهُ ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بْنُ الْأَشْعَثَ ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْعَتَكِيُّ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنِ الْمُعَلَّى بْنِ زِيَادٍ ، وَهِشَامِ بْنِ حَسَّانَ ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ ضَبَّةَ بْنِ مِحْصَنٍ ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ ، زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «سَيَكُونُ عَلَيْكُمْ أَئِمَّةٌ تَعْرِفُونَ مِنْهُمْ ، وَتُنْكِرُونَ فَمَنْ أَنْكَرَ» ، قَالَ سُلَيْمَانُ: قَالَ هِشَامٌ: " بِلِسَانِهِ فَقَدْ بَرِئَ ، وَمَنْ كَرِهَ: يَعْنِي بِقَلْبِهِ ، فَهُوَ سَلِمَ ، لَكِنْ مَنْ رَضِيَ وَتَابَعَ " فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَلَا نُقَاتِلُهُمْ؟ قَالَ: «لَا مَا صَلُّوا»
⦗ص: 226⦘
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ سُلَيْمَانَ الْعَتَكِيِّ ،
16526 -
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَا قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الْبُوَيْطِيِّ فِي طَاعَةِ السُّلْطَانِ،
16527 -
وَأَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ إِجَازَةً ، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَأَكْرَهُ لِلْعَدْلِ أَنْ يَعْمِدَ قَتْلَ ذِي رَحِمِهِ مِنْ أَهْلِ الْبَغْيِ ، وَلَوْ كَفَّ عَنْ قَتْلِ أَبِيهِ أَوْ ذِي رَحِمِهِ أَوْ أَخِيهِ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ لَمْ أَكْرَهْ ذَلِكَ بَلْ أُحِبُّهُ. وَذَلِكَ أَنَّ «النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَفَّ أَبَا حُذَيْفَةَ بْنَ عُتْبَةَ عَنْ قَتْلِ أَبِيهِ ، وَأَبَا بَكْرٍ يَوْمَ أُحُدٍ عَنْ قَتِلِ أَبِيهِ» ،
⦗ص: 227⦘
16528 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَقَدْ ذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ ، عَنِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنْ أَبِيهِ قِصَّةَ أَبِي حُذَيْفَةَ ، وَذَكَرَ قِصَّةَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ بِمَعْنَاهُ
مَنْ أُرِيدَ مَالُهُ فَقَاتَلَ دُونَهُ
16529 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ ، وَأَبُو زَكَرِيَّا ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ»
بَابُ الْخِلَافِ فِي قِتَالِ أَهْلِ الْبَغْيِ
16530 -
احْتَجَّ الشَّافِعِيُّ فِي جَوَازِ قِتَالِهِمْ بِالْآيَةِ وَبِمَا ذَكَرْنَا فِي أَوَّلِ هَذَا الْكِتَابِ مِنْ قِتَالِ الصَّحَابَةِ مَانِعِي الزَّكَاةَ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
16531 -
وَاحْتَجَّ فِي الْقَدِيمِ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْبَغْدَادِيِّ عَنْهُ بِحَدِيثِ إِسْحَاقَ الْأَزْرَقِ ، وَهُوَ فِيمَا أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بُشْرَانَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّزَّازُ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ ابْنُ الْهَادِي ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الْأَزْرَقُ ، حَدَّثَنَا عَوْفٌ الْأَعْرَابِيُّ ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «تَفْتَرِقُ أُمَّتِي فِرْقَتَيْنِ ، فَتَمْرُقُ بَيْنَهُمْ مَارِقَةٌ يَقْتُلُهَا أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ» أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ
16532 -
وَذَكَرَ أَيْضًا فِي رِوَايَةِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَا بَلَغَهُ عَنْ رَوْحٍ ، عَنْ عُثْمَانَ الشَّحَّامِ وَذَلِكَ فِيمَا أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ ، حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ ، حَدَّثَنَا رَوْحٌ ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ الشَّحَّامُ ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ ، وَسُئِلَ: هَلْ سَمِعْتَ فِيَ الْخَوَارِجِ ، مِنْ شَيْءٍ؟ قَالَ: سَمِعْتُ وَالِدِي أَبَا بَكْرَةَ ، يَقُولُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَلَا إِنَّهُ سَيَخْرُجُ فِي أُمَّتِي
⦗ص: 230⦘
قَوْمٌ أَشِدَّاءُ أَحِدَّاءُ زَلِقَةٌ أَلْسِنَتُهُمْ بِالْقُرْآنِ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمْ ، فَأَنِيمُوهُمْ ، ثُمَّ إِذَا رَأَيْتُمُوهُمْ ، فَأَنِيمُوهُمْ ، فَالْمَأْجُورُ مَنْ قَتَلَهُمْ»
16533 -
وَذَكَرَ أَيْضًا حَدِيثَ وَكِيعٍ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ خَيْثَمَةَ ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ ، عَنْ عَلِيٍّ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«يَخْرُجُ قَوْمٌ يَقَرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ ، فَإِنَّ فِي قَتْلِهِمْ أَجْرًا لِمَنْ قَتَلَهُمْ» ،
⦗ص: 231⦘
16534 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ. . . ، فَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ. وَهُوَ مُخَرَّجٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ
16535 -
وَذَكَرَ أَيْضًا حَدِيثَ كَثِيرَ بْنِ هِشَامٍ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي غَالِبٍ ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي الْخَوَارِجِ:«طُوبَى لِمَنْ قَتَلَهُمْ وَقَتَلُوهُ» أَخْبَرَنَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ فُورَكٍ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ. . . ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ فِي حَدِيثِ الْخَوَارِجِ بِبَعْضٍ مَعْنَاهُ
16536 -
وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ أَيْضًا حَدِيثَ يَزِيدَ عَنْ هِشَامٍ ، عَنْ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عُبَيْدَةَ ، عَنْ عَلِيٍّ ، قَالَ:" لَوْلَا أَنْ تَبْطَرُوا لَحَدَّثْتُكُمْ مَا وَعَدَ اللَّهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم الَّذِينَ يَقْتُلُونَهُمْ ، عَلَامَتُهُمْ: رَجُلٌ مُخْدَجُ الْيَدِ أَوْ مَثْدُونُ الْيَدِ أَوْ مُودَنُ الْيَدِ " أَخْبَرَنَاهُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيُّ ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ ، عَنْ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عُبَيْدَةَ ، عَنْ عَلِيٍّ. . . ، فَذَكَرَ مَعْنَاهُ ،
16537 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِقِتَالِ أَقْوَامٍ
⦗ص: 232⦘
يَخْرُجُونَ فَوَصَفَهُمْ ، وَلَمْ نَعْلَمْ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْكَرَ عَلَى عَلِيٍّ قِتَالَهُ الْخَوَارِجَ ،
16538 -
وَقَدْ تَأَوَّلَ عَلِيٌّ أَنَّ الَّذِينَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِقَتْلِهِمْ هُمُ الْخَوَارِجُ ، وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«عَلَامَتُهُمْ رَجُلٌ مُخْدَجٌ» ،
16539 -
وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ فِي حَدِيثِهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْخَوَارِجِ: «فَأَتَيْتُ أُرِيدُ قِتَالَهُمْ ، فَوَجَدْتُ عَلِيًّا قَدْ سَبَقَنَا إِلَيْهِمْ»
أَمَانُ الْعَبْدِ
16540 -
احْتَجَّ الشَّافِعِيُّ رحمه الله فِي ذَلِكَ بِحَدِيثِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «الْمُسْلِمُونَ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ ، تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ» وَقَدْ ذَكَرْنَا إِسْنَادَهُ فِي كِتَابِ الْجِرَاحِ ،
16541 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: الْحَدِيثُ وَالْعَقْلُ يَدُلَّانِ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَمَانُ الْمُؤْمِنِينَ بِالْإِيمَانِ لَا بِالْقِتَالِ ،
16542 -
وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّ الْمَرْأَةَ تُؤَمَّنُ فَيَجُوزُ أَمَانُهَا ، وَالزَّمِنُ لَا يُقَاتَلُ ، فَيُؤَمَّنُ فَيَجُوزُ أَمَانَهُ. وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ ،
⦗ص: 234⦘
16543 -
وَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، أَنَّهُ أَجَازَ أَمَانَ الْعَبْدِ وَكَتَبَ: إِنَّ عَبْدَ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ذِمَّتُهُ ذِمَّتُهُمْ
31 - كِتَابُ الْمُرْتَدِّ
بَابُ الْمُرْتَدِّ
16544 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى: " {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ.} [البقرة: 193] " ،
16545 -
وَقَالَ فِي الْمُرْتَدِّ عَنِ الْإِسْلَامِ: {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: 217] وَذَكَرَ غَيْرَهَا
16546 -
ثُمَّ ذَكَرَ مَا: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ ، وَأَبُو زَكَرِيَّا ، وَأَبُو سَعِيدٍ ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ ، عَنْ حَمَّادٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ ،
⦗ص: 238⦘
عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: كُفْرٌ بَعْدَ إِيمَانٍ ، أَوْ زِنًى بَعْدَ إِحْصَانٍ ، أَوْ قَتْلُ نَفْسٍ بِغَيْرِ نَفْسٍ "
16547 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ، وَأَبُو بَكْرٍ ، وَأَبُو زَكَرِيَّا ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ أَبِي تَمِيمَةَ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، قَالَ: لَمَّا بَلَغَ ابْنَ عَبَّاسٍ أَنَّ عَلِيًّا ، حَرَّقَ الْمُرْتَدِّينَ أَوِ الزَّنَادِقَةَ ، قَالَ: لَوْ كُنْتُ أَنَا لَمْ أُحَرِّقْهُمْ وَلَقَتَلْتُهُمْ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» . وَلَمْ أُحَرِّقْهُمْ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يُعَذِّبَ بِعَذَابِ اللَّهِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ سُفْيَانَ
16548 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ ، وَأَبُو زَكَرِيَّا ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ غَيَّرَ دِينَهُ ، فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ» ،
⦗ص: 239⦘
16549 -
أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ إِجَازَةً ، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: حَدِيثُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ثَابِتٌ وَلَمْ أَرَ أَهْلَ الْحَدِيثِ يُثْبِتُونَ الْحَدِيثَيْنِ بَعْدَهُ: حَدِيثُ زَيْدٍ لِأَنَّهُ مُنْقَطِعٌ ، وَلَا الْحَدِيثَ قَبْلَهُ
16550 -
وَذَكَرَهُ فِي الْقَدِيمِ ، قَالَ: زَيْدٌ مُرْسَلٌ لَا تَقُومُ بِمِثْلِهِ حُجَّةٌ ، وَعِكْرِمَةُ يُتَّقَى حَدِيثُهُ وَلَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ ،
16551 -
قَالَ أَحْمَدُ: حَدِيثُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ مَوْصُولٌ صَحِيحٌ ، وَقَدْ ثَبَتَ مَعْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَعَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
16552 -
وَرَوَى الشَّافِعِيُّ ، فِي كِتَابِ حَرْمَلَةَ ، عَنْ سُفْيَانَ ، حَدِيثَ ابْنِ مَسْعُودٍ ، وَهُوَ فِيمَا أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ ، أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى ، حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ ، عَنْ مَسْرُوقٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَّا فِي إِحْدَى ثَلَاثٍ: رَجُلٌ كَفَرَ بَعْدَ إِسْلَامِهِ ، أَوْ زَنَى بَعْدَ إِحْصَانِهِ ، أَوْ نَفْسٍ بِنَفْسٍ "
⦗ص: 240⦘
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ ، عَنْ أَبِي عُمَرَ ، عَنْ سُفْيَانَ ،
16553 -
وَأَمَّا حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ فَهُوَ مُنْقَطِعٌ لَا شَكَّ فِيهِ ،
16554 -
وَأَمَّا حَدِيثُ عِكْرِمَةَ فَإِنَّهُ مَوْصُولٌ قَدِ احْتَجَّ بِهِ الْبُخَارِيُّ ، وَأَخْرَجَهُ فِي الْجَامِعِ الصَّحِيحِ ، إِلَّا أَنَّ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ وَجَمَاعَةً مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ كَانُوا يَتَّقُونَ رِوَايَةَ عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَلَا يَحْتَجُّونَ بِهَا ،
16555 -
وَقَدْ وَثَّقَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ ،
16556 -
وَكَانَ أَبُو الشَّعْثَاءِ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ يَقُولُ لِعِكْرِمَةَ: هَذَا مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ ، هَذَا أَعْلَمُ النَّاسِ وَأَحَادِيثُهُ مُسْتَقِيمَةٌ تُشِبِهُ أَحَادِيثَ أَصْحَابِهِ إِذَا كَانَ الرَّاوِي عَنْهُ ثِقَةً ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ،
16557 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي مَبْسُوطِ كَلَامِهِ فِي وُجُوبِ قَتْلِ الْمُرْتَدِّ إِذَا لَمْ يَتُبْ مِنْ كُفْرٍ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ حُكْمُ الْمُرْتَدِّ حُكْمَ الَّذِي لَمْ يَزَلْ كَافِرًا مُحَارِبًا وَأَكْثَرُ مِنْهُ ، لِأَنَّ «اللَّهَ تَعَالَى أَحْبَطَ بِالشِّرْكِ بَعْدَ الْإِيمَانِ كُلَّ عَمَلٍ صَالِحٍ قَدَّمَ الْمُشْرِكُ قَبْلَ شِرْكِهِ» ،
16558 -
وَأَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ كَفَّرَ مَنْ لَمْ يَزَلْ مُشْرِكًا مَا كَانَ قَبْلَهُ ، وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَبَانَ مَنْ لَمْ يَزَلْ مُشْرِكًا ، ثُمَّ أَسْلَمَ كُفِّرَ عَنْهُ مَا قَبْلَ الْإِسْلَامِ ، وَقَالَ لِرَجُلٍ كَانَ قَدَّمَ خَيْرًا فِي الشِّرْكِ:«أَسْلَمْتَ عَلَى مَا سَبَقَ لَكَ مِنْ خَيْرٍ» ،
⦗ص: 241⦘
16559 -
وَإِنَّ مِنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَنْ ظَفَرَ بِهِ مِنْ رِجَالِ الْمُشْرِكِينَ: أَنَّهُ قَتَلَ بَعْضَهُمْ ، وَمَنَّ عَلَى بَعْضٍ وَفَادَى بِبَعْضٍ ، وَأَخَذَ الْفِدْيَةَ مِنْ بَعْضٍ ،
16560 -
وَلَمْ يَخْتَلِفِ الْمُسْلِمُونَ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ أَنْ يُفَادَى بِمُرْتَدٍّ بَعْدَ إِيمَانِهِ ، وَلَا يَمُنُّ عَلَيْهِ ، وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ فِدْيَةٌ بِحَالٍ ، حَتَّى يُسْلِمَ ، أَوْ يُقْتَلَ
16561 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى ، حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ ، أَخْبَرَنِي شُعَيْبٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ ، أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَرَأَيْتَ أُمُورًا كُنْتُ أَتَحَنَّثُ بِهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ صَدَقَةٍ ، وَعَتَاقَةٍ ، وَصِلَةٍ هَلْ لِي فِيهَا أَجْرٌ؟ قَالَ حَكِيمٌ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " أَسْلَمْتَ عَلَى مَا سَلَفَ مِنْ خَيْرٍ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ ، عَنْ أَبِي الْيَمَانِ ، وَأَخْرَجَاهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ
مَا يَحْرُمُ بِهِ الدَّمُ مِنَ الْإِسْلَامِ
16562 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي الْمُرْتَدِّ ، فَقَالَ: مِنْهُمْ قَائِلٌ: مَنْ وُلِدَ عَلَى الْفِطْرَةِ ثُمَّ ارْتَدَّ إِلَى دِينٍ يُظْهِرُهُ أَوْ لَا يُظْهِرُهُ ، لَمْ يُسْتَتَبْ ، وَقُتِلَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: سَوَاءٌ مَنْ وُلِدَ عَلَى الْفِطْرَةِ ، وَمَنْ أَسْلَمَ لَمْ يُولَدْ عَلَيْهَا ، فَأَيُّهُمَا ارْتَدَّ فَكَانَتْ رِدَّتُهُ إِلَى يَهُودِيَّةٍ أَوْ نَصْرَانِيَّةٍ أَوْ دِينٍ يُظْهَرُ اسْتُتِيبَ ، فَإِنْ تَابَ قُبِلَ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَتُبْ قُتِلَ ،
16563 -
وَإِنْ كَانَتْ رِدَّتُهُ إِلَى دِينٍ لَا يُظْهَرُ مِثْلُ الزَّنْدَقَةِ وَمَا أَشْبَهَهَا قُتِلَ ، وَلَمْ يُنْظَرْ إِلَى تَوْبَتِهِ ،
16564 -
قَالَ فِي الْقَدِيمِ: وَقَدْ رَوَى بَعْضُ ، مُحَدِّثِينَا فِي هَذَا شَيْئًا يُشْبِهُ هَذَا عَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ ،
16565 -
وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ ، مِثْلَهُ ، وَهُوَ كَالضَّعِيفِ عَنْ عَلِيٍّ ،
⦗ص: 243⦘
16566 -
قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ رُوِّينَا عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، أَنَّهُ قَالَ فِي الزِّنْدِيقِ: يُقْتَلُ وَلَا يُسْتَتَابُ ،
⦗ص: 244⦘
16567 -
وَعَنَ ابْنِ شِهَابٍ: إِنْ قَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ ، فَإِنَّهُ يُقْتَلُ وَإِنْ جَاءَ مُعْتَرِفًا تَائِبًا ، فَإِنَّهُ يُتْرَكُ مِنَ الْقَتْلِ ،
16568 -
وَأَمَّا عَلِيٌّ رضي الله عنه ، فَإِنَّهُ لَمْ يَبْلُغْنِي عَنْهُ مَا أَشَارَ إِلَيْهِ ،
16569 -
وَقَدْ بَلَغَنِي عَنْ قَابُوسَ بْنِ الْمُخَارِقِ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ ، كَتَبَ إِلَى عَلِيٍّ يَسْأَلُهُ عَنْ زَنَادِقَةٍ مُسْلِمَيْنَ ، قَالَ عَلِيُّ:«أَمَا الزَّنَادِقَةَ فَيُعْرَضُونَ عَلَى الْإِسْلَامِ ، فَإِنْ أَسْلَمُوا ، وَإِلَّا قُتِلُوا» ،
16570 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ: سَوَاءٌ مَنْ وُلِدَ عَلَى الْفِطْرَةِ وَمَنْ لَمْ يُولَدْ عَلَيْهَا إِذَا أَسْلَمَ ، فَأَيُّهُمَا ارْتَدَّ اسْتُتِيبَ ، فَإِنْ تَابَ قُبِلَ مِنْهُ ، وَإِنْ لَمْ يَتُبْ قُتِلَ ،
16571 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَبِهَذَا أَقُولُ
16572 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: " {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لِرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لِرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} [المنافقون: 1] إِلَى قَوْلِهِ: {فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ} [التوبة: 87] " ،
16573 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَبَيَّنَ أَنَّ إِظْهَارَ الْإِيمَانِ مِمَّنْ لَمْ يَزَلْ مُشْرِكًا حَتَّى يُظْهِرَ الْإِيمَانَ ، وَمِمَّنْ أَظْهَرَ الْإِيمَانَ ثُمَّ أَشْرَكَ بَعْدَ إِظْهَارِهِ ثُمَّ إِظْهَارُ الْإِيمَانِ مَانِعٌ لِدَمِ مَنْ أَظْهَرَهُ فِي أَيِّ هَذَيْنِ الْحَالَيْنِ كَانَ ، وَإِلَى أَيِّ كُفْرٍ صَارَ ،
16574 -
وَسَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ: فَأَخْبَرَ اللَّهُ عَنِ الْمُنَافِقِينَ بِالْكُفْرِ ، وَحَكَمَ فِيهِمْ بِعِلْمِهِ مِنْ أَسْرَارِ خَلْقِهِ مَا لَا يَعْلَمُهُ غَيْرُهُ مِنْ أَنَّهُمْ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنِ النَّارِ ،
⦗ص: 245⦘
وَأَنَّهُمْ كَاذِبُونَ بِإِيمَانِهِمْ ، وَحَكَمَ فِيهِمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِي الدُّنْيَا بِأَنَّ مَا أَظْهَرُوا مِنِ الْإِيمَانِ ، وَإِنْ كَانُوا بِهِ كَاذِبِينَ لَهُ جُنَّةٌ مِنِ الْقَتْلِ ، وَبَيَّنَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَ مَا أَنْزَلَ فِي كِتَابِهِ
16575 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ ، عَنِ الْمِقْدَادِ ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ " لَقِيتُ رَجُلًا مِنِ الْكُفَّارِ ، فَقَاتَلَنِي ، فَضَرَبَ إِحْدَى يَدَيَّ هَاتَيْنِ بِالسَّيْفِ فَقَطَعَهَا ، ثُمَّ لَاذَ مِنِّي بِشَجَرَةٍ ، فَقَالَ: أَسْلَمْتُ لِلَّهِ. أَفَأَقْتُلُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بَعْدَ أَنْ قَالَهَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَقْتُلْهُ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَتِكَ قَبْلَ أَنْ تَقْتُلَهُ ، وَإِنَّكَ بِمَنْزِلَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ كَلِمَتَهُ الَّتِي قَالَ» ،
16576 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَأَخْبَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ دَمَ هَذَا بِالْإِيمَانِ فِي حَالِ خَوْفِهِ عَلَى دَمِهِ ، وَلَمْ يُبِحْهُ بِالْأَغْلَبِ أَنَّهُ لَمْ يُسْلِمْ إِلَّا مُتَعَوِّذًا بِالْإِسْلَامِ مِنِ الْقَتْلِ
16577 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ الْخِيَارِ: أَنَّ رَجُلًا سَارَّ رَسُولَ اللَّهِ ، فَلَمْ يُدْرَ مَا سَارَّهُ بِهِ ،
⦗ص: 246⦘
حَتَّى جَهَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَإِذَا هُوَ يَسْتَأْمِرُهُ فِي قَتْلِ رَجُلٍ مِنِ الْمُنَافِقِينَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«أَلَيْسَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؟» قَالَ: بَلَى ، وَلَا شَهَادَةَ لَهُ. قَالَ:«أَلَيْسَ يُصَلَّى؟» قَالَ: بَلَى ، وَلَا صَلَاةَ لَهُ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«أُولَئِكَ الَّذِينَ نَهَانِي اللَّهُ عَنْهُمْ» ،
16578 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَأَخْبَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمُسْتَأْذِنَ فِي قَتْلِ الْمُنَافِقِ إِذَا أَظْهَرَ الْإِسْلَامَ أَنَّ اللَّهَ نَهَاهُ عَنْ قَتْلِهِ
16579 -
وَبِإِسْنَادِهِ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا أَزَالُ أُقَاتِلُ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، فَإِذَا قَالُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، فَقَدْ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ ، إِلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ» ،
16580 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهَذَا مُوَافِقٌ مَا كَتَبْنَا قَبْلَهُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم ،
16581 -
وَبَيَّنَ أَنَّهُ إِنَّمَا يَحْكُمُ عَلَى مَا ظَهَرَ ، وَأَنَّ اللَّهَ وَلِيُّ مَا غَابَ لِأَنَّهُ عَالِمٌ بِقَوْلِهِ:«وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ عز وجل» ،
⦗ص: 247⦘
16582 -
وَكَذَلِكَ قَالَ اللَّهُ عز وجل فِيمَا ذَكَرْنَا فِي غَيْرِهِ ، فَقَالَ:{مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: 52]
16583 -
قَالَ: وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِرَجُلٍ كَانَ يَعْرِفُهُ بِمَا شَاءَ اللَّهُ فِي دِينِهِ: " أَمُؤْمِنٌ أَنْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: إِنِّي لَأَحْسَبُكَ مُتَعَوِّذًا. قَالَ: أَفَمَا فِي الْإِيمَانِ مَا أَعَاذَنِي؟ فَقَالَ عُمَرُ: بَلَى "
16584 -
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي رَجُلَيْنِ: «هُمَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ» ، فَخَرَجَ أَحَدُهُمَا مَعَهُ حَتَّى أَثْخَنَ الَّذِي قَالَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ ، فَآذَتْهُ الْجِرَاحُ ، فَقَتَلَ نَفْسَهُ " ،
16585 -
وَلَمْ يَمْنَعْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا اسْتَقَرَّ عِنْدَهُ مِنْ نِفَاقِهِ ، وَعَلِمَ إِنْ كَانَ عِلْمُهُ مِنِ اللَّهِ فِيهِ مِنْ أَنَّ حَقْنَ دَمِهِ بِإِظْهَارِ الْإِيمَانِ ،
⦗ص: 248⦘
16586 -
قَالَ: وَأَخْبَرَ اللَّهُ عَنْ قَوْمٍ مِنِ الْأَعْرَابِ فَقَالَ: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} [الحجرات: 14] فَاعْلَمْ أَنَّ مَنْ لَمْ يَدْخُلِ الْإِيمَانُ قُلُوبَهُمْ ، وَأَنَّهُمْ أَظْهَرُوهُ ، وَحَقَنَ بِهِ دِمَاءَهُمْ ،
16587 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَالَ مُجَاهِدٌ فِي قَوْلِهِ {أَسْلَمْنَا} [الحجرات: 14]: اسْتَسْلَمْنَا مَخَافَةَ الْقَتْلِ وَالسَّبْيِ ،
16588 -
ثُمَّ أَعَادَ الِاحْتِجَاجَ بِأَمْنِ الْمُنَافِقِينَ ، ثُمَّ قَالَ: وَهَؤُلَاءِ الْأَعْرَابُ لَا يَدِينُونَ دِينًا بَلْ يُظْهِرُونَ الْإِسْلَامَ وَيَسْتَحِقُّونَ الشِّرْكَ وَالتَّعْطِيلَ. قَالَ اللَّهُ عز وجل: {يَسْتَخْفُونَ مِنِ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنِ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنِ الْقَوْلِ} [النساء: 108] ،
16589 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَدْ سُمِعَ مِنْ عَدَدٍ مِنْهُمُ الشِّرْكَ وَشُهِدَ بِهِ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، فَمِنْهُمْ مَنْ جَحَدَهِ وَشَهِدَ شَهَادَةَ الْحَقِّ ، فَتَرَكَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَا أَظْهَرَ ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَقَرَّ بِمَا شُهِدَ بِهِ عَلَيْهِ وَقَالَ تُبْتُ إِلَى اللَّهِ وَشَهِدَ شَهَادَةَ الْحَقِّ فَتَرَكَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَا أَظْهَرَ، وَمِنْهُمْ مَنْ عَرَّفَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عِلَّتَهُ
16590 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ ، وَأَبُو زَكَرِيَّا ، وَأَبُو سَعِيدٍ ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ ، قَالَ:«شَهِدْتُ مِنْ نِفَاقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ ثَلَاثَ مَجَالِسَ» ،
16591 -
زَادَ أَبُو سَعِيدٍ فِي رِوَايَتِهِ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَأَمَّا أَمْرُهُ عز وجل أَنْ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِمْ ، فَإِنَّ صَلَاتَهُ بِأَبِي هُوَ وَأُمِّي مُخَالِفَةٌ صَلَاةَ غَيْرِهِ ، وَأَرْجُو
⦗ص: 249⦘
أَنْ يَكُونَ قَضَى إِذْ أَمَرَهُ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ أَنْ لَا يُصَلِّيَ عَلَى أَحَدٍ إِلَّا غُفِرَ لَهُ ، وَقَضَى أَنْ لَا يُغْفَرَ لِمُقِيمٍ عَلَى شِرْكٍ ، فَنَهَاهُ عَنِ الصَّلَاةِ عَلَى مَنْ لَا يُغْفَرُ لَهُ ، وَلَمْ يَمْنَعْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ مُسْلِمًا ، وَلَمْ يَقْتُلْ مِنْهُمْ بَعْدَ هَذَا أَحَدًا ، وَلَمْ يَحْبِسْهُ ، وَلَمْ يُعَاقِبْهُ ، وَلَمْ يَمْنَعْهُ سَهْمَهُ فِي الْإِسْلَامِ إِذَا حَضَرَ الْقِتَالَ ، وَلَا مُنَاكَحَةَ الْمُؤْمِنِينَ ، وَمُوَارَثَتَهُمْ ، وَتَرْكُ الصَّلَاةِ مُبَاحٌ عَلَى مَنْ قَامَتْ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ طَائِفَةٌ مِنِ الْمُسْلِمِينَ ،
16592 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَدْ عَاشَرَهُمْ حُذَيْفَةُ فَعَرَفَهُمْ بِأَعْيَانِهِمْ ، ثُمَّ عَاشَرَهُمْ مَعَ أَبِي بَكْرٍ ، وَعُمَرَ وَهُمْ يُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ ، وَكَانَ عُمَرُ إِذَا وُضِعَتْ جِنَازَةٌ ، فَرَأَى حُذَيْفَةَ فَإِنْ أَشَارَ إِلَيْهِ أَنِ اجْلِسْ جَلَسَ وَإِنْ قَامَ مَعَهُ صَلَّى عَلَيْهَا عُمَرُ ، وَلَمْ يَمْنَعْ هُوَ وَلَا أَبُو بَكْرٍ قَبْلَهُ ، وَلَا عُثْمَانُ بَعْدَهُ الْمُسْلِمِينَ الصَّلَاةَ عَلَيْهِمْ ، وَلَا شَيْئًا مِنْ أَحْكَامِ الْإِسْلَامِ ، وَيَدَعُهَا مَنْ تَرَكَهَا لِمَعْنَى مَا وَصَفْتُ مِنْ أَنَّهَا إِذَا أُبِيحَ تَرْكُهَا مِنْ مُسْلِمٍ لَا يُعْرَفُ إِلَّا بِالْإِسْلَامِ كَانَ تَرْكُهَا مِنَ الْمُنَافِقِ أَوْلَى
16593 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَدْ أَعْلَمَتْ عَائِشَةُ أَنَّ «النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا تُوُفِّيَ اشْرَأَبَّ النِّفَاقُ فِي الْمَدِينَةِ» ،
16594 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَمْ يَقْتُلْ أَبُو بَكْرٍ ، وَلَا عُمَرُ ، وَلَا عُثْمَانُ مِنْهُمُ أَحَدًا ،
⦗ص: 250⦘
16595 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَحَدٍ مِنَ أَهْلِ دَهْرِهِ لِلَّهِ حَدًّا ، بَلْ كَانَ أَقْوَمَ النَّاسِ بِمَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنْ حُدُودهِ حَتَّى قَالَ فِي امْرَأَةٍ سَرَقَتْ ، فَشُفِعَ لَهَا:«إِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُ كَانَ إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الْوَضِيعُ قَطَعُوهُ» ،
16596 -
قَالَ: وَقَدْ آمَنَ بَعْضُ النَّاسِ ، ثُمَّ ارْتَدَّ ، ثُمَّ أَظْهَرَ الْإِيمَانَ ، فَلَمْ يَقْتُلْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ،
16597 -
قَالَ أَحْمَدُ: رُوِّينَا هَذَا فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ حِينَ أَزَلَّهُ الشَّيْطَانُ ، فَلَحِقَ بِالْكُفَّارِ ، ثُمَّ عَادَ إِلَى الْإِسْلَامِ ،
⦗ص: 251⦘
16598 -
ورُوِّينَاهُ فِي رَجُلٍ آخَرَ مِنَ الْأَنْصَارِ
16599 -
وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ ، مُرْسَلًا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «اسْتَتَابَ نَبْهَانَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَكَانَ ارْتَدَّ» ،
⦗ص: 252⦘
16600 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَتَلَ مِنَ الْمُرْتَدِّينَ مَنْ لَمْ يُظْهِرِ الْإِيمَانَ ،
16601 -
وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ بِحَدِيثِ اللِّعَانِ ، وَقَدْ مَضَى ذِكْرُهُ ،
16602 -
وَبِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ ، وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ ، فَأَقْضِيَ لَهُ عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ مِنْهُ ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِشَيْءٍ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ ، فَلَا يَأْخُذَنَّهُ ، فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ» ، فَاعْلَمْ أَنَّ حُكْمَهَ كُلَّهُ عَلَى الظَّاهِرِ وَأَنَّهُ لَا يُحِلُّ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَحُكْمُ اللَّهِ عَلَى الْبَاطِنِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى تَوَلَّى الْبَاطِنَ
16603 -
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ تَوَلَّى مِنْكُمُ السَّرَائِرَ وَدَرَأَ عَنْكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ ، فَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ ، وَاسْتَتِرُوا بِسِتْرِ اللَّهِ ، فَإِنَّهُ مَنْ تُبْدَ لَنَا صَفْحَتُهُ نُقِيمُ عَلَيْهِ كِتَابَ اللَّهِ» ،
⦗ص: 253⦘
16604 -
وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِرَجُلٍ أَظْهَرَ الْإِسْلَامَ كَانَ يُعْرَفُ مِنْهُ: إِنِّي لَأَحْسَبُكَ مُتَعَوِّذًا. فَقَالَ: أَمَا فِي الْإِسْلَامِ مَا أَعَاذَ مَنِ اسْتَعَاذَ بِهِ ،
16605 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَالَّذِي نَقَلْتُهُ هَذَا لَفَّقْتُهُ مِنْ مَبْسُوطِ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ رحمه الله فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ، وَاحْتِجَاجُهُ بِهَذِهِ الْأَخْبَارِ ، وَبِمَا وَرَدَ فِي كِتَابِ اللَّهِ عز وجل فِي شَأْنِ الْمُنَافِقِينَ وَلَمْ أَنْقُلْهُ عَلَى الْوَجْهِ لِكَثْرَتِهِ ، وَفِيمَا نَقَلْتُهُ كِفَايَةً ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
قَتْلُ الْمُرْتَدَّةِ عَنِ الْإِسْلَامِ
16606 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: «وَسَوَاءٌ فِي الْقَتْلِ عَلَى الرِّدَّةِ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ» ،
16607 -
وَخَالَفَنَا بَعْضُ النَّاسِ ،
16608 -
وَكَانَتْ حُجَّتُهُ فِي أَنْ لَا تُقْتَلَ الْمَرْأَةُ عَلَى الرِّدَّةِ شَيْئًا رَوَاهُ عَنْ عَاصِمٍ ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْمَرْأَةِ تَرْتَدُّ عَنِ الْإِسْلَامِ: تُحْبَسُ ، وَلَا تُقْتَلُ ،
16609 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَكَلَّمَنِي بَعْضُ مَنْ يَذْهَبُ هَذَا الْمَذْهَبَ وَبِحَضْرَتِنَا جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ ، فَسَأَلْنَاهُمْ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَمَا عَلِمْتُ وَاحِدًا مِنْهُمْ سَكَتَ عَنْ أَنْ قَالَ: هَذَا خَطَأٌ. وَالَّذِي رَوَى هَذَا لَيْسَ مِمَنْ يُثْبِتُ أَهْلُ الْحَدِيثِ حَدِيثَهُ ،
⦗ص: 255⦘
16610 -
فَقُلْتُ لَهُ: لَقَدْ سَمِعْتُ مَا قَالَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ لَا تَشُكُّ فِي عِلْمِهِمْ بِحَدِيثِكَ وَقَدْ رَوَى بَعْضُهُمْ عَنْ أَبِي بَكْرٍ «أَنَّهُ قَتَلَ نِسْوَةً ارْتَدَدْنَ عَنِ الْإِسْلَامِ» ، فَكَيْفَ لَمْ تَصِرْ إِلَيْهِ؟ ،
16611 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بِالْإِجَازَةِ: وَقُلْتُ لَهُ: قَدْ حَدَّثَ بَعْضٌ بِحَدِيثِكُمْ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ: أَنَّهُ قَتَلَ نِسْوَةً ارْتَدَدْنَ عَنِ الْإِسْلَامِ " فَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَحْتَجَّ بِهِ إِذْ كَانَ ضَعِيفًا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ
16612 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الْفَقِيهُ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ عَبْدُ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ وَاقِدٍ ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي مَالِكٍ ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ ، أَنَّهُ «أُتِيَ بِأُمِّ قِرْفَةَ الْفَزَارِيَّةِ ، وَكَانَتْ قَدِ ارْتَدَّتْ عَنِ الْإِسْلَامِ ، فَأَمَرَ بِهَا فَقُتِلَتْ»
16613 -
وَرَوَاهُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ ، وَالْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: أَنَّ «امْرَأَةً يُقَالُ لَهَا أُمُّ قِرْفَةَ كَفَرَتْ بَعْدَ إِسْلَامِهَا ، فَاسْتَتَابَهَا أَبُو بَكْرٍ فَلَمْ تَتُبْ ، فَقَتَلَهَا» ،
16614 -
وَهَذَا مُنْقَطِعٌ
16615 -
وَرُوِّينَا عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ ، أَنَّهُ قَالَ: سَأَلْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ عَنْ حَدِيثِ عَاصِمٍ فِي " الْمُرْتَدَّةِ، فَقَالَ: أَمَا مِنْ ثِقَةٍ فَلَا "
16616 -
وَرُوِّينَا عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّ «أُمَّ وَلَدِ رَجُلٍ سَبَّتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَتَلَهَا ، فَنَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ دَمَهَا هَدَرٌ»
16617 -
وَرُوِّينَا عَنْ رَجُلٍ مِنْ بُلْقِينَ أَنَّ امْرَأَةً سَبَّتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ، فَقَتَلَهَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ ،
16618 -
وَرَوَى لَنَا فِي قَتْلِ الْمُرْتَدَّةِ ، وَلَهُمْ فِي تَرْكِهَا مِنَ الْقَتْلِ مَرْفُوعًا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، وَلَا يَنْبَغِي لِأَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ يَحْتَجُّوا بِأَمْثَالِ ذَلِكَ،
16619 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: قُلْتُ لَهُ: هَلْ تَعُدُّو الْحُرَّةُ أَنْ تَكُونَ فِي مَعْنَى مَنْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» ، فَتَكُونُ مُبَدِّلَةً دِينَهَا ، فَتُقْتَلُ ، أَوْ يَكُونُ هَذَا عَلَى الرِّجَالِ دُونَهَا؟ فَمَنْ أَمَرَكَ بِحَبْسِهَا؟ وَهَلْ رَأَيْتَ حَبْسًا قَطُّ؟ إِنَّمَا الْحَبْسُ لِتَبِينَ لَكَ عَلَى الْحَدِّ فَقَدْ بَانَ لَكَ كُفْرُهَا. فَإِنْ كَانَ عَلَيْهَا قَتْلٌ قَتَلْتَهَا ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَالْحَبْسُ لَهَا ظُلْمٌ ، وَأَنْتَ لَا تَحْبِسُ الْحَرْبِيَّةَ ، قَالَ: فَيَقُولُ مَاذَا قُلْتَ؟ أَقُولُ: إِنَّ قَتْلَهَا نَصٌّ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِقَوْلِهِ: «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» ، وَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: " لَا يَحِلُّ دَمُ مُسْلِمٍ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ: كُفْرٌ بَعْدَ إِيمَانٍ ، أَوْ زِنًى بَعْدَ إِحْصَانٍ ، أَوْ قَتْلُ نَفْسٍ بِغَيْرِ نَفْسٍ «، فَكَانَتْ كَافِرَةً بَعْدَ إِيمَانٍ فَحَلَّ دَمُهَا كَمَا إِذَا كَانَتْ زَانِيَةً بَعْدَ إِحْصَانٍ أَوْ قَاتِلَةَ نَفْسٍ بِغَيْرِ نَفْسٍ قُتِلَتْ»
اسْتِتَابَةُ الْمُرْتَدِّ
16620 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ ، وَأَبُو زَكَرِيَّا ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِئِ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّهُ قَالَ: " قَدِمَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَجُلٌ مِنْ قِبَلِ أَبِي مُوسَى ، فَسَأَلَهُ عَنِ النَّاسِ فَأَخْبَرَهُ ، ثُمَّ قَالَ: هَلْ فِيكُمْ مِنْ
⦗ص: 258⦘
مُغَرِّبَةِ خَبَرٍ؟ فَقَالَ: نَعَمْ ، رَجُلٌ كَفَرَ بَعْدَ إِسْلَامِهِ ، قَالَ: فَمَا فَعَلْتُمْ بِهِ؟ قَالَ: قَرَّبْنَاهُ فَضَرَبْنَا عُنُقَهُ قَالَ عُمَرُ: فَهَلَّا حَبَسْتُمُوهُ ثَلَاثًا ، وَأَطْعَمْتُمُوهُ كُلَّ يَوْمٍ رَغِيفًا ، وَاسْتَتَبْتُمُوهُ لَعَلَّهُ يَتُوبُ وَيُرَاجِعُ أَمْرَ اللَّهِ؟ اللَّهُمَّ إِنِّي لَمْ أَحْضُرْ ، وَلَمْ آمُرْ ، وَلَمْ أَرْضَ إِذْ بَلَغَنِي "
16621 -
قَالَ أَحْمَدُ: كَانَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ يَقُولُ بِهَذَا ، وَبِهِ قَالَ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِي كِتَابِ الْمُرْتَدِّ الصَّغِيرِ ، وَقَالَ فِي الْقَوْلِ الْآخَرِ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:" يَحِلُّ الدَّمُ بِثَلَاثٍ: كُفْرٍ بَعْدَ إِيمَانٍ " وَهَذَا كُفْرٌ بَعْدَ إِيمَانِهِ وَبَدَّلَ دِينَهُ دِينَ الْحَقِّ ، وَلَمْ يَأْمُرِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِيهِ بِأَنَاةٍ مُؤَقَّتَةٍ تُتَّبَعُ ،
16622 -
ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ: وَمِمَّنْ قَالَ لَا يَتَأَتَّى بِهِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْحَدِيثَ الَّذِي رُوِيَ عَنْ عُمَرَ: «لَوْ حَبَسْتُمُوهُ ثَلَاثًا. . .» لَيْسَ بِثَابِتٍ ، وَلِأَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْهُ مُتَّصِلًا ، وَإِنْ كَانَ ثَابِتًا كَانَ لَمْ يَجْعَلْ عَلَى مَنْ قَتَلَهُ قَبْلَ ثَلَاثٍ شَيْئًا
بَابُ إِذَا لَحِقَ الْمُرْتَدُّ بِدَارِ الْحَرْبِ لَمْ يُقْسَمْ مَالُهُ بَيْنَ وَرَثَتِهِ ، وَلَمْ تَعْتِقْ أُمَّهَاتُ أَوْلَادِهِ وَلَا مُدَبَّرُوهُ ، وَإِذَا مَاتَ أَوْ قُتِلَ عَلَى الرِّدَّةِ لَمْ تَرِثْهُ وَرَثَتُهُ ، وَكَانَ مَالُهُ فَيْئًا
⦗ص: 260⦘
،
16623 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي مَبْسُوطِ كَلَامِهِ: إِنَّمَا وَرَّثَ اللَّهُ الْأَحْيَاءَ مِنَ الْمَوْتَى فَقَالَ: {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ.} [النساء: 176] " فَكَيْفَ زَعَمْتَ أَنَّ الْمُرْتَدَّ يُورَّثُ كَمَا يُورَّثُ الْمَيِّتُ وَتَحِلُّ دِيَتُهُ وَتَعْتِقُ أُمَّهَاتُ أَوْلَادِهِ وَمُدَبَّرُوهُ فِي لُحُوقِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ ، وَنَحْنُ عَلَى يَقِينٍ مِنْ حَيَاتَهِ ، أَيُشْكِلُ عَلَيْكَ أَنَّ هَذَا خِلَافُ كِتَابِ اللَّهِ عز وجل؟
16624 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ ،
⦗ص: 261⦘
عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ ، وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ» ،
16625 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: الْعَدُوُّ الْمُرْتَدُّ أَيَكُونُ كَافِرًا أَوْ مُؤْمِنًا؟ قَالَ: بَلْ كَافِرٌ. قُلْتُ: فَكَيْفَ وَرَّثْتَ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْكَافِرِينَ؟ قَالَ: إِنَّمَا أَخَذْنَا بِهَذَا أَنَّ عَلِيًّا قَتَلَ مُرْتَدًّا ، وَأَعْطَى وَرَثَتَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِيرَاثَهُ ،
16626 -
فَقُلْتُ لَهُ: هَلْ سَمِعْتَ مِنَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ مِنْكُمْ مَنْ يَزْعُمُ أَنَّ الْحُفَّاظَ لَمْ يَحْفَظُوا عَنْ عَلِيٍّ قَسَمَ مَالَهُ بَيْنَ وَرَثَتِهِ الْمُسْلِمِينَ ، وَيُخَافُ أَنْ يَكُونَ الَّذِي زَادَ هَذَا غَلَطٌ ، فَقَالَ: قَدْ رَوَاهُ ثِقَةٌ ، وَإِنَّمَا قُلْنَا: خَطَأٌ بِالِاسْتِدْلَالِ وَذَلِكَ ظَنٌّ
16627 -
فَقُلْتُ لَهُ: رَوَى الثَّقَفِيُّ وَهُوَ ثِقَةٌ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَابِرٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ» وَقُلْتُ لَهُ: لَمْ يَذْكُرْ جَابِرًا الْحُفَّاظُ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ غَلَطٌ ، أَفَرَأَيْتَ إِنْ قُلْنَا: هَذَا ظَنٌّ ، وَالثَّقَفِيُّ ثِقَةٌ ، وَإِنْ ضَيَّعَ غَيْرَهُ أَوْ شَكَّ. قَالَ: إِذًا لَا يُنْصِفُ ، قُلْتُ: وَكَذَلِكَ لَمْ تُنْصِفْ أَنْتَ ،
16628 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: قُلْتُ لَهُ: أَلَيْسَ إِذَا ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم شَيْءٌ لَمْ يَكُنْ فِي أَحَدٍ مَعَهُ حُجَّةٌ؟ قَالَ: بَلَى ، قُلْتُ فَقَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ» فَكَيْفَ خَالَفْتَهُ؟ قَالَ: فَلَعَلَّهُ أَرَادَ الرَّجُلَ الْكَافِرَ الَّذِي لَمْ يَكُنْ أَسْلَمَ ، وَلَعَلَّ
⦗ص: 262⦘
عَلِيًّا قَدْ عَلِمَ قَوْلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، فَعَارَضَهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بِحَدِيثِ بَرْوَعَ بِنْتِ وَاشِقٍ ، وَأَنَّ عَلِيًّا قَضَى بِخِلَافِ ذَلِكَ. وَقَالَ مِثْلَ قَوْلِ عَلِيِّ بْنِ عُمَرَ ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ، وَابْنِ عَبَّاسٍ ،
16629 -
فَقُلْتُ: لَا حُجَّةَ لِأَحَدٍ وَلَا فِي قَوْلِهِ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَإِنْ كَانَ يُمْكِنُ إِنَّمَا قَالُوا هَذَا لِأَنَّهُمْ عَلِمُوا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَلِمَ أَنَّ زَوْجَ بَرْوَعَ فَرَضَ لَهَا بَعْدَ عُقْدَةِ النِّكَاحِ فَحَفِظَ بِعَمَلِ عُقْدَةِ النِّكَاحِ بِغَيْرِ فَرِيضَةٍ. وَعَلِمَ هَؤُلَاءِ الْفَرِيضَةَ ، ظَنَّهُ قَالَ: أَوِ الدُّخُولِ. قَالَ: لَيْسَ هَذَا فِي حَدِيثِ مَعْقِلٍ ، وَهَؤُلَاءِ لَمْ يَرْوُوهُ ،
16630 -
قُلْتُ: فَلِمَ لَا يَكُونُ مَا رَوَيْتَ عَنْ عَلِيٍّ ، فِي الْمُرْتَدِّ هَكَذَا؟ فَقَالَ مِنْهُمْ قَائِلٌ: فَهَلْ رَوَيْتَ فِي مِيرَاثِ الْمُرْتَدِّ شَيْئًا عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ،
16631 -
فَقُلْتُ: إِذَا أَبَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَنَّ الْكَافِرَ لَا يَرِثُ الْمُسْلِمَ وَلَا الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ» وَكَانَ كَافِرًا فَفِي السُّنَّةِ كِفَايَةٌ فِي أَنَّ مَالَهُ مَالُ كَافِرٍ لَا وَارِثَ لَهُ ، وَإِنَّمَا هُوَ في فَيْءٍ
16632 -
وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ مُعَاوِيَةَ كَتَبَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ يَسْأَلُهُمَا عَنْ " مِيرَاثِ الْمُرْتَدِّ ، فَقَالَا: لِبَيْتِ الْمَالِ "
16633 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: يَعْنِيَانِ أَنَّهُ فَيْءٌ. قَالَ: أَفَعَلِمْتَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم غَنِمَ مَالَ ابْنِ خَطَلٍ ،
16634 -
قُلْتُ: وَلَا عَلِمْتَهُ وَرَّثَ وَرَثَتَهُ الْمُسْلِمِينَ ، وَلَا عَلِمْتَ لَهُ مَالًا ،
16635 -
وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِي أَنْ لَا مَعْنَى لِلتَّوَهُّمِ. قَالَ: فَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِكَ أَنَّ رَجُلًا ارْتَدَّ فِي عَهْدِ عُمَرَ وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ ، فَلَمْ يَعْرِضْ عُمَرُ لِمَالِهِ، وَلَا عُثْمَانُ بَعْدَهُ ،
16636 -
قُلْنَا: وَلَا نَعْرِفُ هَذَا ثَابِتًا عَنْ عُمَرَ ، وَلَا عَنْ عُثْمَانَ ، وَلَوْ كَانَ ، كَانَ خِلَافَ قَوْلِكَ وَبِمَا قُلْنَا أَشْبَهُ، أَنْتَ تَزْعُمَ أَنَّهُ إِذَا لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ قُسِمَ مَالُهُ وَيُرْوَى عَنْ
⦗ص: 263⦘
عُمَرَ ، وَعُثْمَانَ أَنَّهُمَا لَمْ يَقْسِمَاهُ وَتَقُولُ: لَمْ يَعْرِضْ لَهُ وَقَدْ يَكُونُ بِيَدَيْ مَنْ وَثِقَ بِهِ ، أَوْ يَكُونُ ضَمِنَهُ مَنْ هُوَ فِي يَدَيْهِ وَلَمْ يَبْلُغْهُ مَوْتُهُ ، فَأَخَذَهُ فَيْئًا
16637 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَرُوِّينَا عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْبَرَاءِ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ:" لَقِيتُ عَمِّي وَمَعَهُ رَايَةٌ ، فَقُلْتُ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ فَقَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى رَجُلٍ نَكَحَ امْرَأَةَ أَبِيهِ ، فَأَمَرَنِي أَنْ أَضْرِبَ عُنُقَهُ وَآخُذَ مَالَهُ " ،
16638 -
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ قُسَيْطٍ الرَّقِّيُّ ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ ،. . . ، فَذَكَرَهُ ،
16639 -
قَالَ أَصْحَابُنَا: وَضَرْبُ الْعُنُقِ لَا يُجِبُّ نَفْسَ النِّكَاحِ دُونَ الِاسْتِحْلَالِ ، فَكَأَنَّهُ اسْتَحَلَّهُ بَعْدَ اعْتِقَادِ تَحْرِيمِهِ فَصَارَ بِهِ مُرْتَدًّا فَوَجَبَ بِهِ ضَرْبُ عُنُقِهِ وَأَخْذُ مَالِهِ فَيْئًا ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ،
16640 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله ، وَإِذَا ارْتَدَّ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ يَعْنِي بَعْدَ الدُّخُولِ لَمْ يَنْفَسِخِ النِّكَاحُ إِلَّا بِمُضِيِّ الْعِدَّةِ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى حُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إِذَا كَانَ الزَّوْجَانِ الْوَثَنِيَّانِ مُتَنَاكِحَيْنِ ، فَأَسْلَمَ أَحَدُهُمَا ، فَحُرِّمَ عَلَى الْآخَرِ» ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مُنْتَهَى بَيْنُونَةِ الْمَرْأَةِ مِنَ الزَّوْجِ أَنْ تَمْضِيَ عِدَّتُهَا قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ الْآخَرُ مِنْهُمَا إِسْلَامًا بِدَلَالَةٍ عَنْهُ مِمَّنْ رَوَى الْحَدِيثَ ،
⦗ص: 264⦘
16641 -
ثُمَّ بَسَطَ الْكَلَامَ فِي السُّنَّةِ ، وَإِنَّمَا أَرَادَ بِقَوْلِهِ «بِدَلَالَةٍ عَنْهُ مِمَّنْ رَوَى الْحَدِيثَ» حَدِيثَ الزُّهْرِيِّ فِي قِصَّةِ أَبِي سُفْيَانَ وَامْرَأَتِهِ ، وَحَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ ، وَصَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ ، وَعِكْرِمَةَ بْنِ أَبِي جَهْلٍ ، وَامْرَأَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ زَمَنَ الْفَتْحِ. وَقَدْ مَضَى فِي كِتَابِ النِّكَاحِ
ذُرِّيَّةُ الْمُرْتَدِّينَ
16642 -
16643 -
وَحُكِيَ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْبَغْدَادِيِّ عَنْهُ عَنْ بَعْضِ الْعِرَاقِيِّينَ ، أَنَّ حُكْمَهُمْ أَهْلَ الْأَوْثَانِ إِذَا حَارَبُوا ، وَلَحِقُوا بِدَارٍ مِنْ دُورِ الْمُشْرِكِينَ ،
16644 -
قَالَ: وَاحْتُجَّ بِأَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه فَعَلَ ذَلِكَ فِي بَنِي نَاجِيَةَ. فَقَتَلَ مُقَاتِلَتَهُمْ، وَسَبَى ذَرَارِيَّهُمْ بَعْدَمَا ارْتَدُّوا ،
16645 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَدْ زَعَمَ أَبُو الطُّفَيْلِ أَنَّ بَنِي نَاجِيَةَ كَانُوا عَلَى أَصْنَافٍ ثَلَاثَةٍ ، فَمِنْهُمْ قَوْمٌ كَانُوا عَلَى النَّصْرَانِيَّةِ ، ثُمَّ أَسْلَمُوا ، ثُمَّ ارْتَدُّوا ، وَقَوْمٌ كَانُوا ثَابِتِينَ عَلَى النَّصْرَانِيَّةِ لَمْ يُسْلِمُوا ، وَقَوْمٌ مِنْهُمْ عَلَى إِسْلَامِهِمْ ، فَأَتَاهُمْ عَامِلُ عَلِيٍّ فَأَخْبَرُوهُ بِأَمْرِهِمْ وَكَانُوا قَدْ نَصَبُوا الْحَرْبَ وَاعْتَزَلَ الْمُسْلِمُونَ مِنْهُمْ وَقَاتَلَ مَنْ لَمْ يَزَلْ عَلَى النَّصْرَانِيَّةِ وَمَنِ ارْتَدَّ ،
16646 -
قَالَ أَحْمَدُ: حَدِيثُ أَبِي الطُّفَيْلِ فِيمَا أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو الْمُقْرِئُ ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَعْدِ بْنِ حَيَّانَ ، عَنْ عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الطُّفَيْلِ ، قَالَ: كُنْتُ فِي الْجَيْشِ
⦗ص: 266⦘
الَّذِي بَعَثَهُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ إِلَى بَنِي نَاجِيَةَ ،. . . فَذَكَرَ مَعْنَى مَا حَكَى الشَّافِعِيُّ ، وَقَدْ خَرَّجْتُهُ فِي كِتَابِ السُّنَنِ ،
16647 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَلِيٌّ سَبَى مِنْ بَنِي نَاجِيَةَ مَنْ لَمْ يَكُنِ ارْتَدَّ ، لِلَّذِي وَصَفْنَا ،
16648 -
قَالَ: وَيُقَالُ لَهُ: قَدْ كَانَتِ الرِّدَّةُ فِي عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ فَلَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ أَبَا بَكْرٍ خَمَّسَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ
الْمُكْرَهُ عَلَى الرِّدَّةِ
16649 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى: " {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النحل: 106] " ،
16650 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَسَرَهُ الْعَدُوُّ فَأُكْرِهَ عَلَى الْكُفْرِ لَمْ تَبِنْ مِنْهُ امْرَأَتُهُ ، وَلَمْ يُحْكَمْ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْ حُكْمِ الْمُرْتَدِّ. قَدْ أُكْرِهَ بَعْضُ مَنْ أَسْلَمَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْكُفْرِ ، فَقَالَهُ ، ثُمَّ جَاءَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ، فَذَكَرَ لَهُ مَا عُذِّبَ بِهِ ، فَنَزَلَتْ فِيهِ هَذِهِ الْآيَةُ ، وَلَمْ يَأْمُرْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِاجْتِنَابِ زَوْجِهِ ، وَلَا بِشَيْءٍ مِمَّا عَلَى الْمُرْتَدِّ
16651 -
قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ رُوِّينَا فِي قِصَّةِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ أَنَّ " الْمُشْرِكِينَ أَخَذُوهُ فَلَمْ يَتْرُكُوهُ حَتَّى سَبَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَذَكَرَ آلِهَتَهُمْ بِخَيْرٍ تَرَكُوهُ ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «يَا عَمَّارُ مَا وَرَاءَكَ؟» قَالَ: شَرٌّ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا تُرِكْتُ حَتَّى نِلْتُ مِنْكَ وَذَكَرْتُ آلِهَتَهُمْ بِخَيْرٍ ، قَالَ: «كَيْفَ تَجِدُ قَلْبَكَ؟» قَالَ: مُطْمَئِنًا بِالْإِيمَانِ. قَالَ: «إِنْ عَادُوا فَعُدْ». قَالَ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} [النحل: 106] قَالَ: ذَاكَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ {وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا} [النحل: 106] " عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي سَرْحٍ
⦗ص: 268⦘
أَخْبَرَنَاهُ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ جَابِرٍ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يُوسُفَ ، حَدَّثَنَا عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَخَذَ الْمُشْرِكُونَ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ. . . ، فَذَكَرَهُ
16652 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِيمَا بَلَغَهُ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ ، أَنَّ عَلِيًّا ، أُتِيَ بِزَنَادِقَةٍ ، فَخَرَجَ إِلَى السُّوقِ ، فَحَفَرَ حُفَرًا فَقَتَلَهُمْ ، ثُمَّ رَمَى بِهِمْ فِي الْحُفَرِ ، فَحَرَّقَهُمْ بِالنَّارِ " ،
16653 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهُمْ يُخَالِفُونَ هَذَا فَيَقُولُونَ: لَا يُحْرَقُ أَحَدٌ بِالنَّارِ،
16654 -
وَأَمَّا نَحْنُ ، فَرَوَيْنَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنْ يُعَذِّبَ أَحَدٌ بِعَذَابِ اللَّهِ فَقُلْنَا بِهِ ، وَلَا يُحْرَقُ أَحَدٌ حَيًّا وَلَا مَيِّتًا
16655 -
وَعَنِ ابْنِ عُلَيَّةَ ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ: أَنَّ " رَجُلًا تَنَصَّرَ بَعْدَ إِسْلَامِهِ ، فَأُتِيَ بِهِ عَلِيٌّ ، فَجَعَلَ يَعْرِضُ عَلَيْهِ ، فَقَالَ: مَا أَدْرِي مَا يَقُولُ غَيْرَ أَنَّهُ شَهِدَ أَنَّ الْمَسِيحَ ابْنُ اللَّهِ ، فَوَثَبَ إِلَيْهِ عَلِيٌّ ، فَوَطِئَهُ ، وَأَمَرَ النَّاسَ أَنْ يَطَؤُوهُ ، ثُمَّ قَالَ: كُفُّوا ، فَكَفُّوا عَنْهُ ، وَقَدْ مَاتَ " ،
16656 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: هُمْ لَا يَأْخُذُونَ بِهَذَا ، يَقُولُونَ لَا يَقْتُلُ الْإِمَامُ أَحَدًا هَذِهِ الْقِتْلَةَ وَلَا يَقْتُلُ إِلَّا بِالسَّيْفِ ،
16657 -
أَوْرَدَهُمَا إِلْزَامًا لِلْعِرَاقِيِّينَ فِي خِلَافِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
32 - كِتَابُ الْحُدُودِ
الْعُقُوبَاتُ فِي الْمَعَاصِي
16658 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: كَانَتِ «الْعُقُوبَاتُ فِي الْمَعَاصِي قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْحَدُّ ، ثُمَّ نَزَلَتِ الْحُدُودُ ، وَنُسِخَتِ الْعُقُوبَاتُ فِيمَا فِيهِ الْحُدُودُ»
16659 -
وَذَكَرَ مَا أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ، وَأَبُو بَكْرٍ ، وَأَبُو زَكَرِيَّا ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ مُرَّةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَا تَقُولُونَ فِي الشَّارِبِ ، وَالزَّانِي ، وَالسَّارِقِ؟» وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْحَدُّ ، فَقَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «هُنَّ فَوَاحِشُ وَفِيهِنَّ عُقُوبَةٌ ، وَأَسْوَأُ السَّرِقَةِ الَّذِي يَسْرِقُ صَلَاتَهُ»
⦗ص: 272⦘
قَالَ: ثُمَّ سَاقَ الْحَدِيثَ ،
16660 -
وَقَالَ غَيْرُ الشَّافِعِيِّ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ: قَالُوا: وَكَيْفَ يَسْرِقُ صَلَاتَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: «لَا يُتِمُّ رُكُوعَهَا وَلَا سُجُودَهَا» ،
16661 -
وَهَذَا مُرْسَلٌ
16662 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ: وَمِثْلُ مَعْنَى هَذَا فِي كِتَابِ اللَّهِ عز وجل ، قَالَ اللَّهُ عز وجل:" {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا} [النساء: 16] " ،
16663 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَكَانَ حَدُّ الزَّانِيَيْنِ بِهَذِهِ الْآيَةِ الْحَبْسُ وَالْأَذَى حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم حَدَّ الزَّانِي ، فَقَالَ عز وجل:{الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي ، فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} ،
16664 -
وَاسْتَدْلَلْنَا سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِأَبِي وَأُمِّي هُوَ عَلَى مَنْ أُرِيدَ بِالْمِائَةِ جَلْدَةٍ
16665 -
فَذَكَرَ مَا: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ، وَأَبُو بَكْرٍ ، وَأَبُو زَكَرِيَّا ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الثَّقَفِيُّ ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ ، عَنِ الْحَسَنِ ،
⦗ص: 273⦘
عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«خُذُوا عَنِّي خُذُوا عَنِّي» قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا: «الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ ، وَتَغْرِيبُ عَامٍ ، وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ» ،
16666 -
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ ، مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ حِطَّانٍ الرَّقَاشِيِّ ، عَنْ عُبَادَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ ،
16667 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَا أَدْرِي أَدْخَلَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ بَيْنَهُمَا ، فَذَكَرَ فِي كِتَابِي حِينَ حَوَّلْتُهُ وَهُوَ فِي الْأَصْلِ أَمْ لَا ، وَالْأَصْلُ يَوْمَ كَتَبْتُ هَذَا الْكِتَابَ غَابَ عَنِّي،
16668 -
قَالَ أَحْمَدُ: رُوِّينَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ ، عَنْ يُونُسَ ، عَنِ الْحَسَنِ ، قَالَ: كَانَ «أَوَّلُ حُدُودِ النِّسَاءِ يُحْبَسْنَ فِي بُيُوتٍ لَهُنَّ حَتَّى نَزَلَتِ الْآيَةُ الَّتِي فِي النُّورِ» ، قَالَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ ، عَنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ:«خُذُوا. . .» فَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ ،
16669 -
وَقَدْ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ أَحْكَامِ الْقُرْآنِ عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيِّ ، عَنْ يُونُسَ ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ عُبَادَةَ بِمَعْنَى هَذِهِ الزِّيَادَةَ ، ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا الْحَدِيثُ يَقْطَعُ الشَّكَّ ، وَيُبَيِّنُ أَنَّ حَدَّ الزَّانِيَيْنِ كَانَ الْحَبْسَ ، أَوِ الْحَبْسَ وَالْأَذَى ، وَأَنَّ أَوَّلَ مَا حَدَّ اللَّهُ بِهِ الزَّانِيَيْنِ مِنَ الْعُقُوبَةِ فِي أَبْدَانِهِمَا بَعْدَ هَذَا ،
16670 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ ، دُونَ هَذِهِ الزِّيَادَةِ مَوْصُولًا قَتَادَةُ ، وَمَنْصُورُ بْنُ زَاذَانَ ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ حِطَّانِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيِّ ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
⦗ص: 274⦘
. وَمِنْ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ أَخْرَجَهُ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ فِي الصَّحِيحِ
16671 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: " وَدَلَّتْ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ جَلْدَ الْمِائَةِ ثَابِتٌ عَلَى الْبِكْرَيْنِ الْحُرَّيْنِ ، وَمَنْسُوخٌ عَنِ الثَّيِّبَيْنِ ، وَأَنَّ الرَّجْمَ ثَابِتٌ عَلَى الثَّيِّبَيْنِ الْحُرَّيْنِ لِأَنَّ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «خُذُوا عَنِّي قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا» أَوَّلُ مَا أُنْزِلَ ، فَنُسِخَ بِهِ الْحَبْسُ وَالْأَذَى عَنِ الزَّانِيَيْنِ ، فَلَمَّا رَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَاعِزًا وَلَمْ يَجْلِدْهُ ، وَأَمَرَ أُنَيْسًا أَنْ يَعْدُوَ عَلَى امْرَأَةِ الْأَسْلَمِيِّ ، فَإِنِ اعْتَرَفَتْ رَجَمَهَا ، دَلَّ عَلَى نَسْخِ الْجَلْدِ عَنِ الزَّانِيَيْنِ الْحُرَّيْنِ الثَّيِّبَيْنِ ، وَثَبَتَ الرَّجْمُ عَلَيْهِمَا لِأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ بَدَأَ بَعْدَ أَوَّلٍ ، فَهُوَ آخِرٌ "
16672 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: عَنْ رَجُلٍ ، عَنْ شُعْبَةَ ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، أَنَّ عَلِيًّا ، جَلَدَ شُرَاحَةَ يَوْمَ الْخَمِيسِ ، وَرَجَمَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ ، وَقَالَ: أَجْلِدُهَا بِكِتَابِ اللَّهِ ، وَأَرْجُمُهَا بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " ،
⦗ص: 275⦘
16673 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَيْسُوا يَقُولُونَ بِهَذَا ، يَقُولُونَ: يُرْجَمُ وَلَا يُجْلَدُ ،
16674 -
وَالسُّنَّةُ الثَّابِتَةُ أَنْ يُجْلَدَ الْبِكْرُ وَلَا يُرْجَمَ ، وَيُرْجَمَ الثَّيِّبُ وَلَا يُجْلَدَ. ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ مَاعِزٍ ، وَأُنَيْسٍ ،
16675 -
أَوْرَدَهُ إِلْزَامًا لِلْعِرَاقِيِّينَ فِي خِلَافِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
حَدُّ الثَّيِّبِ الزَّانِي
16676 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، وَأَبُو بَكْرٍ ، وَأَبُو زَكَرِيَّا ، وَأَبُو سَعِيدٍ ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ ، أَنَّهُمَا أَخْبَرَاهُ أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. فَقَالَ أَحَدُهُمَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ اقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ ، وَقَالَ الْآخَرُ وَكَانَ أَفْقَهَهُمَا: أَجَلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَاقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ ، وَائْذَنْ لِي أَنْ أَتَكَلَّمَ. فَقَالَ:«تَكَلَّمْ» ، فَقَالَ: إِنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا ، فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ ، فَأُخْبِرْتُ أَنَّ عَلَى ابْنِي الرَّجْمَ ، فَافْتَدَيْتُ مِنْهُ بِمِائَةِ شَاةٍ وَجَارِيَةٍ لِي ، ثُمَّ إِنِّي سَأَلْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ ، فَأَخْبَرُونِي أَنَّ عَلَى ابْنِي جَلْدَ مِائَةٍ وَتَغْرِيبَ عَامٍ ، وَإِنَّمَا الرَّجْمُ عَلَى امْرَأَتِهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ ، أَمَا غَنَمُكَ
⦗ص: 277⦘
وَجَارِيَتُكَ ، فَرَدٌّ إِلَيْكَ» ، وَجَلَدَ ابْنَهُ مِائَةً وَغَرَّبَهُ عَامًا ، وَأَمَرَ أُنَيْسًا الْأَسْلَمِيَّ أَنْ يَأْتِيَ امْرَأَةَ الْآخَرِ ، فَإِنِ اعْتَرَفَتْ رَجَمَهَا ، فَاعْتَرَفَتْ ، فَرَجَمَهَا " وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ ، وَأَخْرَجَاهُ مِنَ أَوْجُهٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ
16677 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ ، وَأَبُو زَكَرِيَّا ، وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ ، وَأَبُو سَعِيدٍ ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ، يَقُولُ:«الرَّجْمُ فِي كِتَابِ اللَّهِ حَقٌّ عَلَى مَنْ زَنَى إِذَا أَحْصَنَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ ، إِذَا قَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ ، أَوْ كَانَ الْحَبَلُ أَوِ الِاعْتِرَافُ»
16678 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ، وَأَبُو بَكْرٍ ، وَأَبُو زَكَرِيَّا ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، أَنَّهُ
⦗ص: 278⦘
سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ ، يَقُولُ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: إِيَّاكُمْ أَنْ تَهْلِكُوا عَنْ آيَةِ الرَّجْمِ ، أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ: لَا نَجْدُ حَدَّيْنِ فِي كِتَابِ اللَّهِ عز وجل فَقَدْ رَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَرَجَمْنَا. فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْلَا أَنْ يَقُولَ النَّاسُ زَادَ عُمَرُ فِي كِتَابِ اللَّهِ لَكَتَبْتُهَا: «الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ فَارْجُمُوهُمَا أَلْبَتَّةَ» فَإِنَّا قَدْ قَرَأْنَاهَا
16679 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ ، وَأَبُو سَعِيدٍ ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ، أَتَاهُ رَجُلٌ وَهُوَ بِالشَّامِ ، فَذَكَرَ لَهُ أَنَّهُ وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا ، فَبَعَثَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ، أَبَا وَاقِدٍ اللَّيْثِيَّ إِلَى امْرَأَتِهِ يَسْأَلُهَا عَنْ ذَلِكَ ، فَأَتَاهَا وَعِنْدَهَا نِسْوَةٌ حَوْلَهَا ، فَذَكَرَ لَهَا الَّذِي قَالَ زَوْجُهَا لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، فَأَخْبَرَهَا أَنَّهَا لَا تُؤْخَذُ بِقَوْلِهِ ، وَجَعَلَ يُلَقِّنُهَا أَشْبَاهُ ذَلِكَ لِتَنْزِعَ ، فَأَبَتْ أَنْ تَنْزِعَ وَتَمَّتْ عَلَى الِاعْتِرَافِ ، فَأَمَرَ بِهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَرُجِمَتْ "
مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى شَرَائِطِ الْإِحْصَانِ
16680 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ، وَأَبُو بَكْرٍ ، وَأَبُو زَكَرِيَّا ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «رَجَمَ يَهُودِيَّيْنِ زَنَيَا» ،
⦗ص: 280⦘
16681 -
وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: رَجَمَ يَهُودِيًّا وَيَهُودِيَّةً زَنَيَا ،
16682 -
وَالْحَدِيثُ بِتَمَامِهِ مُخَرَّجٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَهَذَا مُخْتَصَرٌ مِنْهُ
16683 -
أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ ، أَخْبَرَنَا شَافِعُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ ، يَقُولُ:«رَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلًا مِنْ أَسْلَمَ ، وَرَجُلًا مِنَ الْيَهُودِ وَامْرَأَةً» وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ جُرَيْجٍ
16684 -
وَرَوَاهُ ابْنُ لَهِيعَةَ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَلِيكٍ ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ جَزْءٍ الزُّبَيْدِيَّ ، يَذْكُرُ أَنَّ " الْيَهُودَ أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَهُودِيٍّ وَيَهُودِيَّةٍ زَنَيَا فَقَدْ أَحْصَنَا ، فَأَمَرَ بِهِمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَرُجِمَا: أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ. ، فَذَكَرَهُ
16685 -
وَرُوِيَ هَذَا اللَّفْظُ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَابْنِ عُمَرَ ، وَابْنِ هُرَيْرَةَ ،
⦗ص: 281⦘
16686 -
وَفِي الْحَدِيثَيْنِ قَبْلَهُ كِفَايَةٌ وَفِيهِمَا مَعَ الْإِجْمَاعِ عَلَى شَرْطِ الْإِحْصَانِ فِي الرَّجْمِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُمَا كَانَا مُحْصَنَيْنِ ، وَأَنَّ كُفْرَهُمَا لَمْ يَمْنَعْ إِحْصَانَهُمَا بِالنِّكَاحِ وَالْحُرِّيَّةِ
16687 -
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ:«مَنْ أَشْرَكَ بِاللَّهِ فَلَيْسَ بِمُحْصَنٍ» ،
16688 -
وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْهُ مَرْفُوعًا ، وَلَا يَصِحُّ رَفْعُهُ. قَالَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ مِنَ الْحُفَّاظِ ،
16689 -
وَكَأَنَّهُ أَرَادَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ إِحْصَانَ الْقَاذِفِ فَهُوَ الرَّاوِي مَعَ غَيْرِهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَجَمَ يَهُودِيَّيْنِ زَنَيَا. وَهُوَ لَا يُخَالِفُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا يُرْوَى عَنْهُ ،
16690 -
وَأَمَّا حَدِيثُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ يَهُودِيَّةً أَوْ نَصْرَانِيَّةً فَسَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَنَهَاهُ عَنْهَا ، وَقَالَ:«إِنَّهَا لَا تُحْصِنُكَ» ،
16691 -
فَهَذَا حَدِيثٌ رَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ الْغَسَّانِيُّ ، وَهُوَ ضَعِيفٌ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنْ كَعْبٍ ، وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ، لَمْ يُدْرِكْ كَعْبًا. قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيُّ فِيمَا أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ ، عَنْهُ ، وَرَوَاهُ بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ ، عَنْ بَعْضِ مَشَايِخِهِ الْمَجْهُولِينَ وَهُوَ أَبُو سَبَأٍ عُتْبَةُ بْنُ تَمِيمٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنْ كَعْبٍ ، وَهُوَ مُنْقَطِعٌ
16692 -
وَرُوِّينَاهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ ، أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ سَأَلَهُ ، أَوْ قَالَ: سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُتْبَةَ ، عَنِ " الْأَمَةِ هَلْ تُحْصِنُ الْحُرَّ؟ ، قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: عَمَّنْ تَرْوِي هَذَا؟ قَالَ: أَدْرَكْنَا أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُونَ ذَلِكَ «،
16693 -
وَرُوِّينَاهُ عَنْ عَلِيٍّ
16694 -
وَرَوَاهُ أَبُو الزِّنَادِ ، عَنْ أَصْحَابِهِ ،» فِيمَنْ تَزَوَّجَ وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا حَتَّى زَنَى لَمْ يُرْجَمْ. وَقَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ: السُّنَّةُ فِيهِ أَنْ يُجْلَدَ ، وَلَا يُرْجَمَ «
16695 -
وَرُوِّينَا عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم جَلَدَ رَجُلًا فِي الزِّنَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ، فَأُخْبِرَ أَنَّهُ كَانَ أُحْصِنَ ، فَأَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ» ،
16696 -
وَقِيلَ عَنْ جَابِرٍ ، مَوْقُوفًا غَيْرَ مَرْفُوعٍ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
16697 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: «وَحَّدُ الْمُحْصَنِ وَالْمُحْصَنَةِ أَنْ يُرْجَمَا بِالْحِجَارَةِ حَتَّى يَمُوتَا ، ثُمَّ يُغَسَّلَا وَيُصَلَّى عَلَيْهِمَا وَيُدْفَنَا»
16698 -
قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ رُوِّينَا فِي حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ جُهَيْنَةَ أَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهِيَ حُبْلَى مِنَ الزِّنَا فَقَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَصَبْتُ حَدًّا ، فَأَقِمْهُ عَلَيَّ ، فَدَعَا نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلِيَّهَا فَقَالَ: " أَحْسِنْ إِلَيْهَا ، فَإِذَا وَضَعَتْ فَأْتِنِي بِهَا
⦗ص: 283⦘
فَفَعَلَ ، فَأَمَرَ بِهَا نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَشُكَّتْ عَلَيْهَا ثِيَابُهَا ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَرُجِمَتْ ، ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهَا ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: تُصَلِّي عَلَيْهَا يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَقَدْ زَنَتْ قَالَ: «لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ قُسِّمَتْ بَيْنَ سَبْعِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَوَسِعَتْهُمْ ، وَهَلْ وَجَدْتَ تَوْبَةً أَفْضَلَ مِنْ أَنْ جَادَتْ بِنَفْسِهَا لِلَّهِ عز وجل؟» ،
16699 -
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ ، قَالَ: وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ هَانِئٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْقَبَّانِيُّ ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو قِلَابَةَ ، أَنَّ أَبَا الْمُهَلَّبِ ، حَدَّثَهُ ، أَنَّ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ حَدَّثَهُ ، أَنَّ امْرَأَةً مِنَ الْأَنْصَارِ مِنْ جُهَيْنَةَ أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. . . فَذَكَرَهُ. إِلَّا أَنَّهُ قَالَ:«فَشُدَّتْ عَلَيْهَا ثِيَابُهَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ ، عَنْ أَبِي غَسَّانَ ، عَنْ مُعَاذٍ
16700 -
وَرُوِّينَا عَنْ بُرَيْدَةَ ، فِي «قِصَّةِ الْغَامِدِيَّةِ حِينَ رُجِمَتْ ، فَأَمَرَ بِهَا ، فَصُلِّيَ عَلَيْهَا ، وَدُفِنَتْ»
16701 -
وَفِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَجَمَ امْرَأَةً فَلَمَّا طَفِئَتْ أَخْرَجَهَا ، فَصَلَّى عَلَيْهَا» ،
⦗ص: 284⦘
16702 -
وَأَمَّا مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ فَرُوِيَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ ، وَرُوِيَ: فَصَلَّى عَلَيْهِ ، وَهُوَ خَطَأٌ ،
16703 -
وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ ، قَالَ: فَمَا اسْتَغْفَرَ لَهُ وَلَا سَبَّهُ. وَحَدِيثُ الْغَامِدِيَّةِ كَانَ بَعْدَ حَدِيثِ مَاعِزٍ ،
16704 -
وَرُوِّينَا عَنْهُ ، أَنَّهُ أَمَرَهُمْ بِالِاسْتِغْفَارِ لِمَاعِزٍ بَعْدَ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ ،
16705 -
وَأَمَّا خَبَرُ الْمَرْجُومِ فَرُوِّينَا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فِي قِصَّةِ مَاعِزٍ ، قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا جَفَرْنَا لَهُ ، وَلَا أَوْثَقْنَاهُ ، وَلَكِنَّهُ قَامَ لَنَا ، فَرَمَيْنَاهُ " ،
16706 -
وَرُوِّينَا فِي حَدِيثِ بُرَيْدَةَ فِي قِصَّةِ مَاعِزٍ ، قَالَ: فَأَمَرَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَحُفِرَ لَهُ حُفْرَةٌ ، فَجَعَلَ فِيهَا إِلَى صَدْرِهِ ، ثُمَّ أَمَرَ النَّاسَ أَنْ يَرْجُمُوهُ ،
16707 -
وَفِيهِ فِي قِصَّةِ الْغَامِدِيَّةِ: ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَحُفِرَ لَهَا حُفْرَةٌ ، فَجُعِلَتْ فِيهَا إِلَى صَدْرِهَا ، ثُمَّ أَمَرَ النَّاسَ أَنْ يَرْجُمُوهَا ،
⦗ص: 285⦘
16708 -
وَرَوَيْنَا فِي حَدِيثِ اللَّجْلَاجِ فِي الْحَفْرِ لِلشَّابِّ الْمُحْصَنِ الَّذِي اعْتَرَفَ بِالزِّنَا
16709 -
وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ ، فِي الْحَفْرِ لِلْمَرْأَةِ الَّتِي رُجِمَتْ
16710 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: " أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِرَجْمِ مَاعِزٍ ، وَلَمْ يَحْضُرْهُ ، وَأَمَرَ أُنَيْسًا أَنْ يَأْتِيَ امْرَأَةً ، فَإِنِ اعْتَرَفَتْ رَجَمَهَا وَلَمْ يَقُلْ: «أَعْلِمْنِي لِأُحْضِرَهَا» ، وَلَمْ أَعْلَمْهُ أَمَرَ بِرَجْمِ أَحَدٍ ، فَحَضَرَهُ ، وَلَوْ كَانَ حُضُورُ الْإِمَامِ حَقًّا حَضَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، وَقَدْ أَمَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ، أَبَا وَاقِدٍ اللَّيْثِيَّ أَنْ يَأْتِيَ امْرَأَةً ، فَإِنِ اعْتَرَفَتْ رَجَمَهَا ، وَلَمْ يَقُلْ أَعْلِمْنِي أَحْضِرُهَا ، وَلَقَدْ أَمَرَ عُثْمَانُ بِرَجْمِ امْرَأَةٍ ، فَرُجِمَتْ وَمَا حَضَرَهَا "
16711 -
قَالَ أَحْمَدُ: تَرْكُهُ حُضُورَ رَجْمِ مَاعِزٍ وَالْمُعْتَرِفَةَ بِالزِّنَا فِي قِصَّةِ أُنَيْسٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ حُضُورَهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ ، وَيُشْبِهِ أَنْ يَكُونَ حَضَرَ رَجْمَ الْغَامِدِيَّةِ وَلَيْسَ بِالْبَيِّنِ جِدًّا. وَذَلِكَ لَا يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ " ،
16712 -
وَإِنَّمَا قُلْتُ هَذَا فِي الْغَامِدِيَّةِ لِأَنَّ فِي حَدِيثِ بَشِيرِ بْنِ الْمُهَاجِرِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ ، عَنْ أَبِيهِ فِي قِصَّةِ الْغَامِدِيَّةِ ، قَالَ: ثُمَّ أَمَرَ النَّاسَ أَنْ يَرْجُمُوهَا: فَيُقْبِلُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ بِحَجَرٍ فَرَمَى رَأْسَهَا ، فَتَنَضَّحَ الدَّمُ عَلَى وَجْهِ خَالِدٍ ، فَسَبَّهَا فَسَمِعَ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَبَّهُ إِيَّاهَا ، فَقَالَ:«مَهْلًا يَا خَالِدُ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ تَابَهَا صَاحِبُ مَكْسٍ لَغُفِرَ لَهُ» ،
⦗ص: 286⦘
16713 -
وَإِنَّمَا قُلْتُ لَيْسَ بِالْبَيِّنِ جِدًّا لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِي حُجْرَتِهِ أَوْ فِي الْمَسْجِدِ فَبَلَغَهُ سَبُّهُ إِيَّاهَا ثُمَّ نَهَاهُ حِينَ يَحْضُرُهُ
16714 -
وَرُوِيَ فِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي " الْمَرْأَةِ الَّتِي رُجِمَتْ ، قَالَ: ثُمَّ رَمَاهَا بِحَصَاةٍ مِثْلِ الْحِمَّصَةِ ، ثُمَّ قَالَ:«ارْمُوا وَاتَّقُوا الْوَجْهَ» ،
16715 -
وَهَذَا إِنَّمَا يَرْوِيهِ شَيْخٌ غَيْرُ مُسَمًّى ، عَنِ ابْنِ أَبِي بَكْرَةَ ، عَنْ أَبِيهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ
جَلْدُ الْبِكْرِ وَنَفْيهِ
16716 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ، وَأَبُو بَكْرٍ ، وَأَبُو زَكَرِيَّا ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ ، وَزَادَ سُفْيَانُ: وَشِبْلٍ: أَنَّ " رَجُلًا ذَكَرَ أَنَّ ابْنَهُ زَنَا بِامْرَأَةِ رَجُلٍ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ» ، فَجَلَدَ ابْنَهُ مِائَةً
⦗ص: 289⦘
وَغَرَّبَهُ عَامًا ، وَأَمَرَ أُنَيْسًا أَنْ يَغْدُوَ عَلَى امْرَأَةِ الْآخَرِ ، فَإِنِ اعْتَرَفَتْ رَجَمَهَا ، فَاعْتَرَفَتْ ، فَرَجَمَهَا "
16717 -
أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ ، وَابْنِ عُيَيْنَةَ دُونَ ذِكْرِ شِبْلٍ ، وَالْحُفَّاظُ يَزْعُمُونَ أَنَّ ابْنَ عُيَيْنَةَ أَخْطَأَ فِي ذِكْرِهِ شِبْلًا فِي إِسْنَادِهِ ، وَهُوَ يَقُولُ: حَفِظْنَاهُ مِنْ فِيِّ الزُّهْرِيِّ وَأَتْقَنَّاهُ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
16718 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مِلْحَانَ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ ، عَنْ عَقِيلٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَنَّهُ قَالَ فِيمَنْ زَنَى وَلَمْ يُحْصِنْ: «يُنْفَى عَامًا مِنَ الْمَدِينَةِ مَعَ إِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ» ،
16719 -
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَكَانَ عُمَرُ يَنْفِي مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى الْبَصْرَةِ ، وَإِلَى خَيْبَرَ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ ،
16720 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَرَوَى عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ الْجَلْدَ وَالنَّفْيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ،
16721 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَفِي حَدِيثِ عُبَادَةَ إِخْبَارُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَنِ اللَّهِ عز وجل بِذَلِكَ " ،
⦗ص: 290⦘
16722 -
وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَحْدَهُ فَتْوَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، عَنِ اللَّهِ عز وجل بِذَلِكَ ،
16723 -
وَفِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ قَضَاؤُهُ بِهِ فِي شَخَصٍ بِعَيْنِهِ ،
16724 -
فَلَمْ نَرَ سُنَّةً أَثْبَتَ مِنْ هَذَا
16725 -
وَرُوِّينَا عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ ، أَنَّهُ «جَلَدَ رَجُلًا وَقَعَ عَلَى جَارِيَةٍ بَكْرٍ فَأَحْبَلَهَا ، ثُمَّ اعْتَرَفَ عَلَى نَفْسِهِ ، وَلَمْ يَكُنْ أُحْصِنَ ، وَنَفَاهُ عَامًا» أَخْبَرَنَاهُ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ الصَّفَّارُ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ الْهَيْثَمِ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ ، حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ ، قَالَ: قَالَ نَافِعٌ. . . فَذَكَرَهُ.
16726 -
وَرَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ فِي الْمُوَطَّأِ وَقَالَ فِيهِ: فَأَمَرَ بِهِ أَبُو بَكْرٍ فَجُلِدَ الْحَدَّ ، ثُمَّ نُفِيَ إِلَى فَدَكَ
16727 -
وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِدْرِيسَ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، أَنَّ «النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ضَرَبَ وَغَرَّبَ ، وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ ضَرَبَا وَغَرَّبَا» أَخْبَرَنَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَارِثِ الْفَقِيهُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ الْأَصْبَهَانِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ. . . . فَذَكَرَهُ ،
⦗ص: 291⦘
16728 -
وَرَوَاهُ أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ عَنِ ابْنِ إِدْرِيسَ ، مَوْقُوفًا
16729 -
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَارِثِ ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ ، حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، أَنَّ «أَبَا بَكْرٍ ، وَعُمَرَ ، ضَرَبَا وَغَرَّبَا» ،
16730 -
قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: وَيُتَّهَمُ فِيهِ أَبُو كُرَيْبٍ ،
16731 -
قَالَ أَحْمَدُ: أَبُو كُرَيْبٍ حَافَظٌ ثِقَةٌ ، وَتَابَعَهُ عَلَى رَفْعِهِ يَحْيَى بْنُ أَكْثَمَ ، عَنِ ابْنِ إِدْرِيسَ ، ثُمَّ هُوَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ ، وَعُمَرَ صَحِيحٌ ، وَعَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ صَحِيحٌ
16732 -
وَرُوِّينَا عَنْ مَسْرُوقٍ ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ ، قَالَ:«الْبِكْرَانِ يُجْلَدَانِ وَيُنْفَيَانِ وَالثَّيِّبَانِ يُرْجَمَانِ» وَأَخْبَرَنَاهُ أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ بْنُ خَمِيرَوَيْهِ ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ نَجْدَةَ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ ، عَنْ فِرَاسٍ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ مَسْرُوقٍ ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ. . . فَذَكَرَهُ ،
16733 -
تَابَعَهُ أَبُو عَوَانَةَ ، عَنْ فِرَاسٍ
16734 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِيمَا بَلَغَهُ ، عَنْ هُشَيْمٍ ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ: أَنَّ «عَلِيًّا ، نَفَى إِلَى الْبَصْرَةِ»
16735 -
وَبِإِسْنَادِهِ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِيمَا بَلَغَهُ عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ أَشْيَاخِهِ: أَنَّ «عَلِيًّا نَفَى إِلَى الْبَصْرَةِ»
16735 -
وَبِإِسْنَادِهِ: قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِيمَا بَلَغَهُ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ ، عَنْ حَمَّادٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَظُنُّهُ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ فِي أُمِّ الْوَلَدِ تَزْنِي بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهَا: تُجْلَدُ وَتُنْفَى " ،
16736 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهُمْ لَا يَقُولُونَ هَذَا يَقُولُونَ: لَا يُنْفَى أَحَدٌ زَانٍ ، وَلَا غَيْرُهُ ،
16737 -
وَنَحْنُ نَقُولُ: يُنْفَى الزَّانِي لِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، وَلِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ ، وَعُمَرَ ، وَعُثْمَانَ ، وَعَلِيٍّ، وَعَبْدِ اللَّهِ ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، كُلُّهُمْ قَدْ رَأَوَا النَّفْيَ ،
16738 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، قَالَ قَائِلٌ: لَا أَنْفِي أَحَدًا فَقِيلَ لِبَعْضِ مَنْ يَقُولُ قَوْلَهُ: وَلِمَ رَدَدْتَ النَّفْيَ فِي الزِّنَا ، وَهُوَ ثَابِتٌ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، وَأَبِي بَكْرٍ ، وَعُمَرَ ، وَعُثْمَانَ ، وَعَلِيٍّ ، وَابْنِ مَسْعُودٍ ، وَالنَّاسِ عِنْدَنَا إِلَى الْيَوْمِ؟
16739 -
قَالَ: رَدَدْتُهُ بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ سَفَرًا يَكُونُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ» ،
16740 -
فَقُلْتُ لَهُ: سَفَرُ الْمَرْأَةِ شَيْءٌ حِيطَتْ بِهِ الْمَرْأَةُ فِيمَا يَلْزَمُهَا مِنَ الْأَسْفَارِ ، وَقَدْ نُهِيَتْ أَنْ تَخْلُوَ فِي الْمِصْرِ بِرَجُلٍ ، وَأُمِرَتْ بِالْقَرَارِ فِي بَيْتِهَا ، وَقِيلَ لَهَا: صَلَاتُكِ فِي بَيْتِكِ أَفْضَلُ لِئَلَّا تَعْرَضِي أَنْ تُفْتَنِي أَوْ يُفْتَنَ بِكِ. وَلَيْسَ هَذَا مِمَّا يَلْزَمُهَا بِسَبِيلٍ ،
⦗ص: 293⦘
16741 -
ثُمَّ بَسَطَ الْكَلَامَ فِي الْجَوَابِ عَنْهُ إِلَى أَنْ قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَتْ بِبَادِيَةٍ لَا قَاضِيَ عِنْدَ قَرْيَتِهَا إِلَّا عَلَى ثَلَاثِ لَيَالٍ أَوْ أَكْثَرَ ، فَادَّعَى عَلَيْهَا مُدَّعٍ حَقًّا ، أَوْ أَصَابَتْ حَدًّا؟ ،
16742 -
قَالَ: تُرْفَعُ إِلَى الْقَاضِي ،
16743 -
قُلْنَا: مَعَ غَيْرِ ذِي مَحْرَمٍ؟ ،
16744 -
قَالَ: نَعَمْ ،
16745 -
قُلْنَا: فَقَدْ أَبَحْتَ لَهَا أَنْ تُسَافِرَ ثَلَاثًا أَوْ أَكْثَرَ مَعَ غَيْرِ ذِي مَحْرَمٍ؟ ،
16746 -
قَالَ: هَذَا يَلْزَمُهَا ،
16747 -
قُلْنَا: فَهَذَا يَلْزَمُهَا بِرَأْيِكَ فَأَبَحْتَهُ لَهَا وَمَنَعْتَهَا مِنْهُ فِيمَا سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَخْبَرَ بِهِ عَنِ اللَّهِ عز وجل فِيهَا ،
16748 -
ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ: فَلِمَ لَا يَكُونُ الرَّجُلُ إِذَا كَانَ لَا يَحْتَاجُ إِلَى مَحْرَمٍ مَنْفِيًّا ، وَالنَّفْيُ حَدُّهُ ،
16749 -
قَالَ: فَقَدَ عُمَرُ رَجُلًا ، وَقَالَ: لَا أَنْفِي بَعْدَهُ ،
16750 -
قُلْنَا: عُمَرُ نَفَى فِي الْخَمْرِ، وَالنَّفْيُ فِي السُّنَّةِ عَلَى الزَّانِي وَالْمُخَنَّثِ ، وَفِي الْكِتَابِ عَلَى الْمُحَارِبِ ، وَهُوَ خِلَافُ نَفْيِهِمَا ، فَإِنْ رَأَى عُمَرُ نَفْيًا فِي الْخَمْرِ ، ثُمَّ رَأَى أَنَ يَدَعَهُ ، فَلَيْسَ الْخَمْرُ بِالزِّنَا ، وَقَدْ نَفَى عُمَرُ فِي الزِّنَا فَكَيْفَ لَمْ تَحْتَجَّ بِنَفْيِ عُمَرَ فِي الزِّنَا ، وَقَدْ قُلْنَا نَحْنُ وَأَنْتَ: وَأَنَّ لَيْسَ فِي أَحَدٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حُجَّةٌ
⦗ص: 294⦘
،
16751 -
قَالَ أَحْمَدُ: جَاءَ مَنْ يَدَّعِي تَسْوِيَةَ الْآثَارِ عَلَى مَذْهَبِهِ وَعَارَضَ مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْأَخْبَارِ فِي نَفْيِ الْبِكْرِ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ ، وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنِ الْأَمَةِ إِذَا زَنَتْ وَلَمْ تُحْصَنْ. قَالَ: «إِذَا زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا ، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا ، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ ، فَاجْلِدُوهَا ، ثُمَّ بِيعُوهَا ، وَلَوْ بِضَفِيرٍ» ،
16752 -
وَقَالَ: إِنْ كَانَ سُكُوتُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيثِ أُنَيْسٍ عَنْ ذِكْرِ الْجَلْدِ يَدُلُّ عَلَى رَفْعِ الْجَلْدِ فَسُكُوتُهُ هَا هُنَا عَنْ ذِكْرِ النَّفْيِ يَدُلُّ عَلَى رَفْعِ النَّفْيِ ،
16753 -
قَالَ أَحْمَدُ: خَالَفَ هَذَا الشَّيْخُ حَدِيثَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ ، وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي نَفْيِ الْبِكْرِ ، وَخَالَفَ مَذْهَبَ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ فِيهِ ، وَمَنْ رُوِّينَاهُ عَنْ سِوَاهُمْ ، وَزَعَمَ أَنَّهُ ذَهَبَ فِيهِ إِلَى حَدِيثِ زَيْدٍ ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ فِي الْأَمَةِ إِذَا زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا. وَهُوَ يُخَالِفُ حَدِيثَهُمَا فِي الْأَمَةِ فِيمَا وَرَدَ فِيهِ الْخَبَرُ ، وَذَاكَ لِأَنَّ الْخَبَرَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لِلسَّادَاتِ أَنْ يَجْلِدُوا إِمَاءَهُمْ إِذَا زَنَيْنَ ، وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ عِنْدَ السَّادَاتِ ، فَهُوَ مُخَالِفٌ لِجَمِيعِ مَا وَرَدَ فِيهِ مِنَ الْأَحَادِيثِ ،
16754 -
وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ رحمه الله فَإِنَّهُ قَالَ بِالْأَحَادِيثِ الَّتِي وَرَدَتْ فِي نَفْيِ الْبِكْرِ. وَقَالَ: بِهَذَا الْحَدِيثِ فِي جَلْدِ السَّيِّدِ أَمَتَهُ إِذَا زَنَتْ
16755 -
وَأَمَّا نَفْيُهَا فَقَدْ أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: " اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي نَفْيِهِمَا يَعْنِي نَفْيَ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا يُنْفَيَانِ ، كَمَا لَا يُرْجَمَانِ ، وَلَوْ نُفِيَا نِصْفَ سَنَةٍ ، وَهَذَا مِمَّا أَسْتَخِيرُ اللَّهَ فِيهِ " ،
⦗ص: 295⦘
16756 -
فَهُوَ ذَا يُشِيرُ إِلَى التَّوَقُّفِ فِي نَفْيِهِمَا ، وَقَدْ ذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنَ أَصْحَابِنَا إِلَى أَنَّهُمَا لَا يُنْفَيَانِ ،
16757 -
وَحَكَاهُ أَبُو الزِّنَادِ عَنْ أَصْحَابِهِ ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ ،
16758 -
فَعَلَى هَذَا قَدْ قُلْنَا بِظَاهِرِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ لَمْ نُخَالِفْ شَيْئًا مِنْهَا ، وَإِنْ قُلْنَا بِنَفْيِهِمَا فَلَمْ نُخَالِفْ فِيمَا قُلْنَا إِجْمَاعًا ، فَقَدْ رَوَى أَبُو بَكْرِ بْنُ الْمُنْذِرِ صَاحِبُ الْخِلَافِيَّاتِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ حَدَّ مَمْلُوكَةً لَهُ فِي الزِّنَا ، وَنَفَاهَا إِلَى فَدَكَ
16759 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنْ نَافِعٍ ، أَنَّ «عَبْدًا كَانَ يَقُومُ عَلَى رَقِيقِ الْخُمُسِ وَأَنَّهُ اسْتَكْرَهَ جَارِيَةً مِنْ ذَلِكَ الرَّقِيقِ ، فَوَقَعَ بِهَا ، فَجَلَدَهُ عُمَرُ وَنَفَاهُ وَلَمْ يَجْلِدِ الْوَلِيدَةَ ، لِأَنَّهُ اسْتَكْرَهَهَا» ،
16760 -
وَهَذَا فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ ، وَهُوَ إِنْ كَانَ مُرْسَلًا فَنَافِعٌ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ كَانَ مَشْهُورًا بِالرِّوَايَةِ عَنِ الثِّقَاتِ ، وَبِالْعِنَايَةِ بِأَخْبَارِ آلِ عُمَرَ ،
16761 -
وَرَوَاهُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ ،
⦗ص: 296⦘
16762 -
وَرُوِيَ فِي ، ذَلِكَ أَيْضًا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، وَفِي إِسْنَادِ حَدِيثِهِ نَظَرٌ
16763 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَقَدْ أَخْبَرَنَا الْإِمَامُ أَبُو عُثْمَانَ رحمه الله ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الزَّاهِرِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَامِرٍ ، عَنْ حَمَّادٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، أَنَّ عَلِيًّا قَالَ فِي " أُمِّ وَلَدٍ بَغَتْ. قَالَ: تُضْرَبُ ، وَلَا نَفْيَ عَلَيْهَا "
16764 -
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ حَمَّادٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ: تُضْرَبُ وَتُنْفَى ،
16765 -
فَاخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ فِيهِ عَنْ عَلِيٍّ ، فَرَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، كَمَا قُلْنَا: وَالَّذِي يُخَالِفُنَا يَحْتَجُّ بِمَرَاسِيلِ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ، وَنَفْيُهُمَا قِيَاسًا عَلَى نَفْيِ الْحُرَّيْنِ ، وَتَرْكُ ذِكْرِهِ فِي حَدِيثِ الْأَمَةِ لَا يَدُلُّ عَلَى رَفْعِهِ لِأُمُورٍ مِنْهَا: أَنَّ الْقَصْدَ مِنْ حَدِيثِ إِذْنِ السَّادَاتِ فِي جَلْدِ الْإِمَاءِ ، أَلَا تَرَاهُ لَمْ يَذْكُرْ عَدَدَ الْجَلْدِ كَمَا يَذْكُرُ النَّفْيَ ، وَمِنْهَا: أَنَّهُ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَحَادِيثِ أَنَّ حَدِيثَ الْأَمَةِ كَانَ بَعْدَ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي النَّفْيِ ، حَتَّى يَكُونَ نَاسِخًا لَهُ ، وَفِي حَدِيثِ أُنَيْسٍ: أَنَّهُ أَمَرَ بِالرَّجْمِ دُونَ الْجَلْدِ ، وَأَنَّهُ رَجَمَهَا وَلَمْ يَجْلِدْهَا ، وَكَانَ بَعْدَ حَدِيثِ الْجَلْدِ مَعَ الرَّجْمِ فَاسْتَدْلَلْنَا بِهِ عَلَى نَسْخِ الْجَلْدِ ، وَمِنْهَا: أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُعَبَّرَ فِي الْكَلَامِ بِبَعْضِ الشَّيْءِ عَنْ جُمْلَتِهِ وَيُكْتَفَى فِي بَاقِيهِ بِمَا سَبَقَ مِنْهُ فِيهِ ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقْتَصِرَ فِي الْفِعْلِ عَلَى بَعْضِ الشَّيْءِ إِلَّا بَعْدَ
⦗ص: 297⦘
جَوَازِ الِاقْتِصَارِ عَلَيْهِ ، فَأُنَيْسٌ لَمَّا اقْتَصَرَ عَلَى الرَّجْمِ دُونَ الْجَلْدِ عَلِمْنَا أَنَّ الْجَلْدَ مَرْفُوعٌ وَاقْتِصَارُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْأَمَةِ عَلَى ذِكْرِ الْجَلْدِ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ اكْتِفَاءً بِمَا سَبَقَ مِنْهُ فِي ذِكْرِ النَّفْيِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ،
16766 -
وَأَمْرُهُ بِالْبَيْعِ لَا يَمْنَعُ النَّفْيَ كَمَا لَا يَمْنَعُ الْجَلْدَ ، وَيَجُوزُ بَيْعُهَا مَنْفِيَّةً عَنْ بَلَدِهَا وَهِيَ فِي مَوْضِعٍ مَعْلُومٍ كَمَا يَجُوزُ بَيْعُهَا فِي بَلَدِهَا ،
16767 -
وَمَنْ خَالَفَ مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْأَخْبَارِ وَالْآثَارِ فِي نَفْيِ الْبِكْرِ حَقِيقٌ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَنْسِبَ مَنْ وَافَقَهَا وَوَافَقَ عُمَرَ ، وَابْنَ عُمَرَ فِي نَفْيِ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ وَقَاسَهُمَا عَلَى الْحُرِّ ، وَالْحُرَّةِ إِلَى مَا هُوَ أَوْلَى بِهِ مِنَ الْجَهْلِ، وَمُخَالَفَةُ مَنْ تَقَدَّمَ مِنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي أَصْلِ النَّفْيِ ، وَجَلْدُ السَّيِّدِ أَمَتَهُ إِذَا زَنَتْ ، وَاللَّهُ يَعْصِمُنَا مِنَ الطَّعْنِ فِي أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَمَا يُقَبَّحُ مِنَ الْكَلَامِ فِيمَنْ يُقْتَدَى بِهِ مِنَ أَعْلَامِ الدِّينِ
16768 -
وَالْعَجَبُ أَنَّ قَاتِلَ هَذَا يَدَّعِي الْمَعْرِفَةَ بِالْآثَارِ ثُمَّ يَجْعَلُ تَرْكَهُ الْقَوْلَ بِمَا يُقَدِّمُ مِنَ الْأَخْبَارِ فِي نَفْيِ الْبِكْرِ كَتَرْكِنَا مَعًا الْقَوْلَ بِحَدِيثٍ
16768 -
رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْوَاسِطِيُّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ: أَنَّ «رَجُلًا قَتَلَ عَبْدَهُ عَمْدًا ، فَجَلَدَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِائَةً ، وَنَفَاهُ سَنَةً ، وَمَحَا سَهْمَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَعْتِقَ رَقَبَةً» ،
16769 -
وَنَحْنُ لَا نَدْرِي لِأَيِّ مَعْنًى تَرْكَهُ فَهُوَ يَحْتَجُّ بِمَا هُوَ أَضْعَفُ مِنْ هَذَا الْإِسْنَادِ فِيمَا يُوَافِقُ هَوَاهُ ، وَأَمَّا نَحْنُ فَإِنَّمَا تَرَكْنَاهُ لِضَعْفِ إِسْنَادِهِ ، وَهَذَا حَدِيثٌ مُخْتَلِفٌ فِيهِ عَلَى إِسْمَاعِيلَ فَرُوِيَ عَنْهُ هَكَذَا ،
16770 -
وَرَوَاهُ عَنْهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ ، عَنْ عَمْرٍو وَعَنْ إِسْحَاقَ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُنَيْنٍ ، عَنْ عَلِيٍّ ،
⦗ص: 298⦘
16771 -
وَإِسْحَاقُ ، وَإِسْمَاعِيلُ كِلَاهُمَا ضَعِيفٌ لَا يُحْتَجُّ بِرِوَايَتِهِمَا ،
16772 -
وَلَوْ كَانَ ثَابِتًا لَقُلْنَا بِهِ كَمَا قُلْنَا بِمَا ثَبَتَ مِنْ نَفْيِ الْبِكْرِ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى حُسْنِ التَّوْفِيقِ
16773 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: " النَّفْيُ ثَلَاثَةُ وجُوهٍ مِنْهَا: نَفْيٌ نَصًّا فِي كِتَابِ اللَّهِ عز وجل: وَهُوَ قَوْلُ اللَّهِ عز وجل فِي الْمُحَارِبِينَ: {أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ} [المائدة: 33] وَذَلِكَ النَّفْيُ: يُطْلَبُونَ ، فَيُتَّبَعُوا ، ثُمَّ يُطْلَبُونَ ، فَيُتَّبَعُوا ، فَمَتَى قُدِرَ عَلَيْهِمْ أُقِيمَ عَلَيْهِمْ حَدُّ اللَّهِ ، إِلَّا أَنْ يَتُوبُوا قَبْلَ أَنْ يُقْدَرَ عَلَيْهِمْ فَسَقَطَ عَنْهُمْ ، وَثَبَتَ عَلَيْهِمْ حُقُوقُ الْآدَمِيِّينَ ،
16774 -
وَالنَّفْيُ فِي السُّنَّةِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا ثَابِتٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، وَهُوَ: نَفْيُ الْبِكْرِ الزَّانِي يُجْلَدُ مِائَةً ، وَيُنْفَى سَنَةً،
16775 -
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ» ، ثُمَّ قَضَى بِالنَّفْيِ وَالْجَلْدِ عَلَى الْبِكْرِ
16776 -
وَالنَّفْيُ الثَّانِي أَنَّهُ يُرْوَى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُرْسَلًا أَنَّهُ «نَفَى مُخَنَّثَيْنِ كَانَا بِالْمَدِينَةِ يُقَالُ لِأَحَدِهِمَا هِيتٌ وَالْآخَرُ» مَاتِعٌ " وَيُحْفَظُ فِي أَحَدِهِمَا أَنَّهُ نَفَاهُ إِلَى الْحِمَى ، وَأَنَّهُ كَانَ فِي ذَلِكَ الْمَنْزِلِ حَيَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، وَحَيَاةَ أَبِي بَكْرٍ ، وَحَيَاةَ عُمَرَ وَأَنَّهُ شَكَا الضِّيقَ ، فَأَذِنَ لَهُ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ أَنْ يَدْخُلَ الْمَدِينَةَ فِي الْجُمُعَةِ يَوْمًا يَتَسَوَّقُ ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ ،
⦗ص: 299⦘
16777 -
وَقَدْ رَأَيْتُ أَصْحَابَنَا يَعْرِفُونَ هَذَا وَيَقُولُونَهُ، لَا أَحْفَظُ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ خَالَفَ فِيهِ ، وَإِنْ كَانَ لَا يَثْبُتُ ثُبُوتَ نَفْيِ الزِّنَا ،
16778 -
قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ رُوِيَ مَعْنَى هَذَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ وَفِيهِ: فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا فِي كُلِّ سَبْتٍ يَدْخُلُ يَسْأَلُ وَيَرْجِعُ إِلَى مَنْزِلِهِ ، وَاسْمُهُ " مَاتِعٌ. قَالَ: وَنَفَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَعَهُ صَاحِبَيْهِ هَدْمَ ، وَهِيتَ
16779 -
وَفِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ عَنْ عِكْرِمَةَ ، وَابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم " لَعَنَ الْمُخَنَّثِينَ مِنَ الرِّجَالِ ، وَالْمُتَرَجِّلَاتِ مِنَ النِّسَاءِ ، وَقَالَ:«أَخْرِجُوهُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ ، وَأَخْرِجُوا فُلَانًا وَفُلَانًا» . . يَعْنِي الْمُخَنَّثِينَ ،
16780 -
وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: فَأَخْرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُخَنَّثًا وَأَخْرَجَ عُمَرُ مُخَنَّثًا
16781 -
وَفِي حَدِيثِ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِرَجُلٍ مِنَ الْمُخَنَّثِينَ فَأُخْرِجَ مِنَ الْمَدِينَةِ ، وَأَمَرَ أَبُو بَكْرٍ بِرَجُلٍ مِنْهُمْ ، فَأُخْرِجَ أَيْضًا
16782 -
وَرُوِّينَا فِي ، حَدِيثِ أَبِي يَسَارٍ الْقُرَشِيِّ ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «أُتِيَ بِمُخَنَّثٍ قَدْ خَضَّبَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ بِالْحِنَّاءِ ، فَأَمَرَ بِهِ ، فَنُفِيَ إِلَى النَّقِيعِ»
⦗ص: 300⦘
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ ، عَنْ مُفَضَّلِ بْنِ يُونُسَ ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ ، عَنْ أَبِي يَسَارٍ الْقُرَشِيِّ. . . فَذَكَرَهُ أَتَمَّ مِنْ ذَلِكَ
16783 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ حَرْمَلَةَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ زَيْنَبِ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ ، قَالَتْ: دَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْتَ أُمِّ سَلَمَةَ وَعِنْدَهَا مُخَنَّثٌ ، فَسَمِعَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَقُولُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ إِذَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ الطَّائِفَ غَدًا فَعَلَيْكَ بِابْنَةِ غَيْلَانَ ، فَإِنَّهَا تُقْبِلُ بِأَرْبَعٍ ، وَتُدْبِرُ بِثَمَانٍ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«لَا تُدْخِلُوا هَذَا عَلَيْكُمْ»
16784 -
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ ، أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى ، حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ،. . . فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعِنْدِي مُخَنَّثٌ. وَقَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَدْخُلَنَّ هَؤُلَاءِ عَلَيْكُمْ» قَالَ سُفْيَانُ: قَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ: وَاسْمُهُ «هِيتٌ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ ، عَنِ الْحُمَيْدِيِّ
16785 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: إِذَا «اعْتَرَفَ مَرَّةً ، وَثَبَتَ عَلَيْهَا حُدَّ ، وَكَذَا هِيَ» ،
⦗ص: 301⦘
16786 -
وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ الرَّجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي حَدِّ الزِّنَا. وَفِي آخِرِهِ: وَأَمَرَ أُنَيْسًا الْأَسْلَمِيَّ أَنْ يَأْتِيَ امْرَأَةَ الْآخَرِ ، فَإِنِ اعْتَرَفَتْ رَجَمَهَا ، فَاعْتَرَفَتْ فَرَجَمَهَا ، وَلَمْ يَذْكُرْ عَدَدَ الِاعْتِرَافِ ،
16787 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَرُوِّينَا فِي حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ جُهَيْنَةَ أَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَتْ إِنَّهَا زَنَتْ وَهِيَ حُبْلَى. ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ عَدَدَ الِاعْتِرَافِ
16788 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: خَالَفَ هَذَا الْحَدِيثَ بَعْضُ النَّاسِ ، فَقَالَ:«لَا يُرْجَمُ حَتَّى يَعْتَرِفَ أَرْبَعًا» ،
16789 -
وَاحْتَجَّ بِأَنَّ الزُّهْرِيَّ رَوَى أَنَّ رَجُلًا اعْتَرَفَ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَرْبَعَ مَرَّاتٍ ،
16790 -
قُلْنَا: وَقَدْ رَوَى ابْنُ الْمُسَيِّبِ ، أَنَّهُ اعْتَرَفَ مِرَارًا فَرَدَّهُ ، وَلَمْ يَذْكُرْ عَدَدَهَا ،
16791 -
قَالَ أَحْمَدُ: حَدِيثُ الزُّهْرِيِّ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ مُنْقَطِعًا ، وَقَدْ ثَبَتَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ مَوْصُولًا
16792 -
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَلِيِّ الرُّوذْبَارِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُتَوَكِّلِ الْعَسْقَلَانِيُّ ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، أَنَّ رَجُلًا مِنَ أَسْلَمَ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاعْتَرَفَ
⦗ص: 302⦘
بِالزِّنَا ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ ، ثُمَّ اعْتَرَفَ فَأَعْرَضَ عَنْهُ ، ثُمَّ اعْتَرَفَ فَأَعْرَضَ عَنْهُ ، حَتَّى شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«أَبِكَ جُنُونٌ؟» قَالَ: لَا ، قَالَ:«أَحْصَنْتَ؟» قَالَ: نَعَمْ ، قَالَ: فَأَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَرُجِمَ حَتَّى مَاتَ ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم «خَيْرًا» ، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ "
16793 -
قَدْ أَخْرَجْنَاهُ فِي كِتَابِ السُّنَنِ عَالِيًا ،
16794 -
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ غَيْلَانَ ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ:«فَصَلَّى عَلَيْهِ» ، وَهُوَ خَطَأٌ لِإِجْمَاعِ أَصْحَابِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَلَى خِلَافِهِ ، ثُمَّ إِجْمَاعِ أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ عَلَى خِلَافِهِ
16795 -
وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ الْمُسَيِّبِ: فأَخْبَرَنَاهُ أَبُو زَكَرِيَّا الْمُزَكِّي ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ فِيمَا قَرَأَ عَلَى مَالِكٍ: عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ رَجُلًا مِنَ أَسْلَمَ جَاءَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ ، فَقَالَ لَهُ إِنَّ الْآخَرَ زَنَا ، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ: هَلْ ذَكَرْتَ هَذَا لِأَحَدٍ غَيْرِي؟ فَقَالَ: لَا ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَتُبْ إِلَى اللَّهِ ، وَاسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّهِ ، فَإِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ ، فَلَمْ تُقْرِرْهُ نَفْسُهُ حَتَّى أَتَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ مِثْلَ مَا قَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ ، فَلَمْ تُقْرِرْهُ نَفْسُهُ حَتَّى أَتَى رَسُولَ
⦗ص: 303⦘
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «إِنَّ الْآخَرَ زَنَا» ، قَالَ سَعِيدٌ: فَأَعْرَضَ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِرَارًا كُلُّ ذَلِكَ يُعْرِضُ عَنْهُ حَتَّى إِذَا أَكْثَرَ عَلَيْهِ بَعَثَ إِلَى أَهْلِهِ فَقَالَ: «أَيَشْتَكِي أَبِهِ جُنَّةٌ؟» فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَاللَّهِ إِنَّهُ لَصَحِيحٌ ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«أَبِكْرٌ أَمْ ثَيِّبٌ؟» قَالَ: بَلْ ثَيِّبٌ ، فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَرُجِمَ " ،
16796 -
وَرَوَاهُ عَقِيلُ ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ ، وَأَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَلَى لَفْظِ حَدِيثِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ جَابِرٍ ، دُونَ ذِكْرِ الصَّلَاةِ ،
16797 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ: وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ لِجَهَالَةِ النَّاسِ لِمَا عَلَيْهِمْ ، أَلَا تَرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فِي الْمُعْتَرِفِ:«أَيَشْتَكِي؟ أَبِهِ جُنَّةٌ؟» لَا يَرَى أَنَّ أَحَدًا سَتَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ يُقِرُّ بِذَنَبْهِ إِلَّا وَهُوَ يَجْهَلُ حَدَّهُ أَوْ لَا يَرَى أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «اغْدُ يَا أُنَيْسُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا» وَلَمْ يَذْكُرْ عَدَدَ الِاعْتِرَافِ. وَأَمَرَ عُمَرُ أَبَا وَاقِدٍ اللَّيْثِيَّ بِمِثْلِ ذَلِكَ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِعَدَدِ اعْتِرَافٍ
16798 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَرُوِّينَا فِي حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ: " جَاءَ مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ طَهِّرْنِي ، فَقَالَ:«وَيْحَكَ ارْجِعْ فَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ وَتُبْ إِلَيْهِ» ، قَالَ: فَرَجَعَ غَيْرَ بَعِيدٍ ، ثُمَّ جَاءَ ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ طَهِّرْنِي ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«وَيْحَكَ ارْجِعْ فَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ وَتُبْ إِلَيْهِ» قَالَ: فَرَجَعَ غَيْرَ بَعِيدٍ ، ثُمَّ جَاءَ ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ طَهِّرْنِي ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَ ذَلِكَ حَتَّى كَانَتِ الرَّابِعَةُ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«مِمَّ أُطَهِّرُكَ؟» ، فَقَالَ: مِنَ الزِّنَا ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«أَبِهِ جُنُونٌ؟» . فَأُخْبِرَ أَنَّهُ لَيْسَ بِهِ جُنُونٌ ، فَقَالَ:«أَشَرِبَ خَمْرًا؟» ،
⦗ص: 304⦘
فَقَامَ رَجُلٌ فَاسْتَنْكَهَهُ ، فَلَمْ يَجِدْ مِنْهُ رِيحَ خَمْرٍ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«أَثَيِّبٌ أَنْتَ؟» قَالَ: نَعَمْ ، فَأَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ فَكَانَ النَّاسُ فِيهِ فَرِيقَيْنِ تَقُولُ فِرْقَةٌ: لَقَدْ هَلَكَ مَاعِزٌ عَلَى أَسْوَأِ عَمَلِهِ لَقَدْ أَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ ، وَقَائِلٌ يَقُولُ: أَتَوْبَةٌ أَفْضَلُ مِنْ تَوْبَةِ مَاعِزٍ أَنْ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَوَضَعَ يَدَهُ فِي يَدِهِ فَقَالَ: اقْتُلْنِي بِالْحِجَارَةِ ، قَالَ: فَلَبِثُوا بِذَلِكَ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً ، ثُمَّ جَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَهُمْ جُلُوسٌ فَسَلَّمَ ، ثُمَّ جَلَسَ ، ثُمَّ قَالَ: اسْتَغْفِرُوا لِمَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ. فَقَالُوا: يَغْفِرُ اللَّهُ لِمَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَقَدْ تَابَ تَوْبَةً لَوْ قُسِمَتْ بَيْنَ أُمَّةٍ لَوَسِعَتْهَا» ، ثُمَّ جَاءَتْهُ امْرَأَةٌ مِنْ غَامِدٍ مِنَ الْأَزْدِ ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ طَهِّرْنِي ، فَقَالَ:«وَيْحَكِ ارْجِعِي فَاسْتَغْفِرِي اللَّهَ وَتُوبِي إِلَيْهِ» فَقَالَتْ: لَعَلَّكَ تُرِيدُ أَنْ تَرُدَّنِيَ كَمَا رَدَدْتَ مَاعِزَ بْنَ مَالِكٍ ، قَالَ:«وَمَا ذَاكَ» ؟ قَالَتْ: أَنَا حُبْلَى مِنَ الزِّنَا ، قَالَ:«أَثَيِّبٌ أَنْتِ؟» قَالَتْ: نَعَمْ ، قَالَ:«إذًا لَا نَرْجُمُكِ حَتَّى تَضَعِي مَا فِي بَطْنِكِ» ، قَالَ: فَكَفَّلَهَا رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ حَتَّى وَضَعَتْ ، فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: قَدْ وَضَعَتِ الْغَامِدِيَّةُ ، فَقَالَ:" إِذًا لَا نَرْجُمُهَا وَنَدَعُ وَلَدَهَا صَغِيرًا لَيْسَ لَهُ مِنْ مُرْضِعَةٍ. فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَالَ: إِلَيَّ رَضَاعُهُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، فَرَجَمَهَا " أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَسَنُ بْنُ شُجَاعٍ الصُّوفِيُّ بِبَغْدَادَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْأَنْبَارِيُّ ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَاكِرٍ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَعْلَى بْنِ الْحَارِثِ الْمُحَارِبِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، عَنْ غَيْلَانَ بْنِ جَامِعٍ ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ ، عَنْ أَبِيهِ. فَذَكَرَهُ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ ، عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْلَى بْنِ الْحَارِثِ الْمُحَارِبِيِّ
⦗ص: 305⦘
16799 -
وَفِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِمَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ:«لَعَلَّكَ قَبَّلْتَ أَوْ غَمَزْتَ أَوْ نَظَرْتَ؟» وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: «لَعَلَّكَ قَبَّلْتَ أَوْ لَمَسْتَ؟» ، قَالَ: لَا ، قَالَ:«أَفَنِكْتَهَا؟» ، قَالَ: نَعَمْ ، قَالَ: فَعِنْدَ ذَلِكَ أَمَرَ بِرَجْمِهِ "
16800 -
وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الصَّامِتِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ: فَأَقْبَلَ فِي الْخَامِسَةِ فَقَالَ: «أَنِكْتَهَا؟» قَالَ: نَعَمْ ، قَالَ:«حَتَّى غَابَ ذَلِكَ مِنْكَ فِي ذَلِكَ مِنْهَا؟» قَالَ: نَعَمْ ، قَالَ:«كَمَا يَغِيبُ الْمِرْوَدُ فِي الْمُكْحُلَةِ وَالرِّشَاءُ فِي الْبِئْرِ؟» قَالَ: نَعَمْ ، قَالَ:«هَلْ تَدْرِي مَا الزِّنَا؟» قَالَ: نَعَمْ ، أَتَيْتُ مِنْهَا حَرَامًا مَا يَأْتِي الرَّجُلُ مِنَ امْرَأَتِهِ حَلَالًا ، قَالَ:«فَمَا تُرِيدُ بِهَذَا الْقَوْلِ؟» قَالَ: أُرِيدُ أَنْ تُطَهِّرَنِيَ. فَأَمَرَ بِهِ ، فَرُجِمَ " ،
16801 -
فَكُلُّ هَذِهِ الْأَخْبَارِ تُؤَكِّدُ مَا قَالَ الشَّافِعِيُّ مِنَ أَنِّ رَدَّهُ لَمْ يَكُنْ لِاشْتِرَاطِ عَدَدٍ فِي الِاعْتِرَافِ ، وَلَكِنَّهُ كَانَ يَسْتَنْكِرُ عَقْلَهُ ، فَلَمَّا عَرَفَ صِحَّتَهُ اسْتَفْسَرَ مِنْهُ الزِّنَا ، فَلَمَّا فَسَّرَهُ أَمَرَ بِرَجْمِهِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ،
16802 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِذَا أَقَرَّ بِالزِّنَا ، أَوْ بِشُرْبِ الْخَمْرِ ، أَوْ بِالسَّرِقَةَ ثُمَّ رَجَعَ قُبِلَ رُجُوعُهُ قِيَاسًا عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي مَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ:«فَهَلَّا تَرَكْتُمُوهُ» ، قَالَ: وَأَغْرَمَهُ السَّرِقَةَ لِأَنَّهَا حَقُّ الْآدَمَيِّينَ
16803 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ عَبْدَانَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ ، حَدَّثَنَا ابْنُ
⦗ص: 306⦘
كَيْسَانَ ، حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ نُعَيْمِ بْنِ هَزَّالٍ الْأَسْلَمِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي مَاعِزٍ:" اذْهَبُوا بِهِ فَارْجُمُوهُ ، فَلَمَّا مَسَّتْهُ الْحِجَارَةُ جَذِعَ فَاشْتَدَّ ، فَرَمَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ بِوَطِيفٍ ، فَصَرَعَهُ ، وَرَمَاهُ النَّاسُ حَتَّى قَتَلُوهُ ، فَذُكِرَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِرَارُهُ ، فَقَالَ: «هَلَّا تَرَكْتُمُوهُ فَلَعَلَّهُ يَتُوبُ ، فَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِ» يَا هَزَّالُ لَوْ سَتَرْتَهُ بِثَوْبِكَ كَانَ خَيْرًا لَكَ مِمَّا صَنَعْتَ "
الضَّرِيرُ فِي خِلْقَتِهِ لَا مِنْ مَرِضٍ يُصِيبُ الْحَدَّ
16804 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ ، وَأَبُو زَكَرِيَّا ، وَأَبُو سَعِيدٍ ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، وَأَبِي الزِّنَادِ ، كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ ، أَنَّ " رَجُلًا قَالَ أَحَدُهُمَا أَحْبَنُ ، وَقَالَ الْآخَرُ: مُقْعَدٌ كَانَ عِنْدَ جِوَارِ سَعْدٍ فَأَصَابَ امْرَأَةً حَبَلٌ ، فَرَمَتْهُ بِهِ ، فَسُئِلَ فَاعْتَرَفَ ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِهِ ، قَالَ أَحَدُهُمَا: فَجُلِدَ بِإِثْكَالِ النَّخْلِ. وَقَالَ الْآخَرُ: بِأَثْكُولِ النَّخْلِ " ،
16805 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَقَدْ رُوِيَ مَوْصُولًا ، بِذِكْرِ أَبِي سَعِيدٍ فِيهِ وَقِيلَ: عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ ،
16806 -
وَرَوَاهُ الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ بَعْضُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْأَنْصَارِ. . . فَذَكَرَهُ وَقَالَ فِيهِ: فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَأْخُذُوا لَهُ مِائَةَ شِمْرَاخٍ ، فَيَضْرِبُوهُ بِهَا ضَرْبَةً وَاحِدَةً
الشَّهَادَةُ فِي الزِّنَا
16807 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنٍ وَجَدْتُ مَعَ امْرَأَتِي رَجُلًا أَأُمْهِلُهُ حَتَّى آتِيَ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «نَعَمْ» أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ
16808 -
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: أَنَّ " رَجُلًا بِالشَّامِ وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا ، فَقَتَلَهُ ، أَوْ قَتَلَهَا ، فَكَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ بِأَنْ يَسْأَلَ لَهُ عَنْ ذَلِكَ عَلِيًّا ، فَسَأَلَهُ ، فَقَالَ عَلِيٌّ: إِنَّ هَذَا الشَّيْءَ مَا هُوَ بِأَرْضِ الْعِرَاقِ عَزَمْتُ عَلَيْكَ لَتُخْبِرَنِّي فَأَخْبَرَهُ ، فَقَالَ عَلِيٌّ: أَنَا أَبُو حَسَنٍ ، إِنْ لَمْ يَأْتِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ ، فَلْيُعْطَ بِرُمَّتِهِ " ،
⦗ص: 310⦘
16809 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَبِهَذَا كُلِّهِ نَأْخُذُ ، وَلَا أَحْفَظُ عَنْ أَحَدٍ قَبْلَنَا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيهِ مُخَالِفًا ،
16810 -
وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: وَشَهِدَ ثَلَاثَةٌ عَلَى رَجُلٍ عِنْدَ عُمَرَ بِالزِّنَا ، وَلَمْ يَثْبُتِ الرَّابِعُ ، فَجَلَدَ الثَّلَاثَةَ
16811 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَرُوِّينَا فِي إِثْبَاتِ الشَّهَادَةِ بِالزِّنَا حَدِيثَ مُجَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ جَابِرٍ فِي قِصَّةِ الْيَهُودِ ، فَقَالَ ابْنُ صُورِيَا:" نَجِدُ فِي التَّوْرَاةِ إِذَا شَهِدَ أَرْبَعَةٌ أَنَّهُمْ رَأَوْا ذَكَرَهُ فِي فَرْجِهَا مِثْلَ الْمَيْلِ فِي الْمُكْحُلَةِ رُجِمَا ، قَالَ: فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالشُّهُودِ ، فَجَاءُوا أَرْبَعَةً ، فَشَهِدُوا أَنَّهُمْ رَأَوْا ذَكَرَهُ فِي فَرْجِهَا مِثْلَ الْمَيْلِ فِي الْمُكْحُلَةِ ، فَأَمَرَ بِرَجْمِهِمَا " ،
16812 -
وَرُوِيَ مِنْ غَيْرِ حَدِيثِ مُجَالِدٍ مُرْسَلًا مُخْتَصَرًا
حَدُّ اللِّوَاطِ
16813 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: عَنْ رَجُلٍ ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ الْوَلِيدِ ، عَنْ يَزِيدَ ، أُرَاهُ ابْنَ مَذْكُورٍ: أَنَّ عَلِيًّا: رَجَمَ لُوطِيًّا " ،
16814 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَبِهَذَا نَأْخُذُ نَرْجُمُ اللُّوطِيَّ مُحْصَنًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مُحْصَنٍ ،
⦗ص: 312⦘
16815 -
وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ: السُّنَّةُ أَنْ يُرْجَمَ اللُّوطِيُّ أَحْصَنَ أَوْ لَمْ يُحْصِنْ. وَعِكْرِمَةُ يَرْوِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ،
16816 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَصَاحِبُهُمْ يَقُولُ: لَيْسَ عَلَى اللُّوطِيِّ حَدٌّ ، وَلَوْ تَلَوَّطَ وَهُوَ مُحْرِمٌ لَمْ يَفْسُدْ إِحْرَامُهُ ، وَلَا غُسْلَ عَلَيْهِ مَا لَمْ يُمْنِ ، وَقَدْ خَالَفَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ ، فَقَالَ: اللُّوطِيُّ مِثْلُ الزَّانِي ،
16817 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَدْ بَيَّنَ اللَّهُ فَرْقَ مَا بَيْنَهُمَا ، فَأَبَاحَ جِمَاعَ النِّسَاءِ بِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا النِّكَاحُ ، وَالْآخَرُ مِلْكُ الْيَمِينِ. وَحَرَّمَ هَذَا مِنْ كُلِّ الْوجُوهِ فَمِنْ أَيْنَ يَشْتَبِهَانِ قَالَ الرَّبِيعُ: رَجَعَ الشَّافِعِيُّ فَقَالَ: لَا يُرْجَمُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ أَحْصَنَ
16818 -
قَالَ أَحْمَدُ: حَدِيثُ عَلِيٍّ قَدْ رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ هَمْدَانَ: أَنَّ «عَلِيًّا رَجَمَ رَجُلًا مُحْصَنًا فِي عَمَلِ قَوْمِ لُوطٍ» ،
16819 -
وَهَذَا مُنْقَطِعٌ وَرِوَايَةُ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ أَصَحُّ
16820 -
وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنُ عَبَّاسٍ فَفِي رِوَايَةِ ابْنِ خُثَيْمٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، وَمُجَاهِدٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي " الْبِكْرِ يُوجَدُ عَلَى اللُّوطِيَّةِ؟ قَالَ: يُرْجَمُ "
⦗ص: 313⦘
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، أَخْبَرَنِي ابْنُ خُثَيْمٍ. . . فَذَكَرَهُ
16821 -
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّهُ قَالَ فِي حَدِّ اللُّوطِيِّ: يُنْظَرُ أَعْلَى بِنَاءٍ فِي الْقَرْيَةِ ، فَيُرْمَى بِهِ مُنَكَّسًا ، ثُمَّ يُتْبَعُ الْحِجَارَةَ "
16822 -
وَأَمَّا حَدِيثُ عِكْرِمَةَ فأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ يَعْقُوبَ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ ، عَنْ عَمْرٍو مَوْلَى الْمُطَّلِبِ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ ، فَاقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ» أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابِ السُّنَنِ ،
16823 -
وَرُوِّينَا عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ ، وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ ، أَنَّهُمَا قَالَا: هُوَ بِمَنْزِلَةِ الزَّانِي ،
16824 -
وَقَالَهُ أَيْضًا عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ ،
16825 -
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ
16826 -
وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ ، وَصَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ ، أَنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ كَتَبَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقٍ رضي الله عنه فِي ذَلِكَ ، فَجَمَعَ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَكَانَ مِنَ أَشَدِّهِمْ يَوْمَئِذٍ قَوْلًا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، قَالَ: إِنَّ هَذَا ذَنْبٌ لَمْ تَعْصِ بِهِ أُمَّةٌ مِنَ الْأُمَمِ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً صَنَعَ اللَّهُ بِهَا مَا قَدْ عَلِمْتُمْ ، نَرَى أَنْ نَحْرِقَهُ بِالنَّارِ ، فَاجْتَمَعُوا عَلَى ذَلِكَ ، فَكَتَبَ أَبُو بَكْرٍ يَأْمُرُهُ بِذَلِكَ " ،
16827 -
وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ ، فِي غَيْرِ هَذِهِ الْقِصَّةِ ، قَالَ: يُرْجَمُ ، وَيُحْرَقُ بِالنَّارِ ،
16828 -
وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: يُرْجَمُ أَحْصَنَ ، أَوْ لَمْ يُحْصَنْ ،
16829 -
وَقَالَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ: عَلَيْهِ الرَّجْمُ
حَدُّ إِتْيَانِ الْبَهِيمَةِ
16830 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ: وَالشَّهَادَةُ عَلَى اللِّوَاطِ وَإِتْيَانِ الْبَهَائِمِ أَرْبَعَةٌ ، لِأَنَّ كُلًّا جِمَاعٌ ،
16831 -
هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ فَإِنَّمَا قَوْلُهُ فِي مَسْأَلَةِ الشُّهُودِ أَزَنَى بِامْرَأَةٍ لِأَنَّهُمْ قَدْ يَعُدُّونَ الزِّنَا وُقُوعًا عَلَى بَهِيمَةٍ ، فَيُحْتَمَلَ أَنَّهُ إِنَّمَا قَالَهُ لِلْفَرْقِ بَيْنَ حَدَّيْهِمَا ، فَفِي الزِّنَا لَا يُرْجَمُ مَا لَمْ يَكُنْ مُحْصَنًا ، وَفِي إِتْيَانِ الْبَهِيمَةِ يُقْتَلُ بِكُلِّ حَالٍ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ عَلَى ظَاهَرِ الْحَدِيثِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ،
16832 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ أَبِي
⦗ص: 316⦘
عَمْرٍو ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَتَى بَهِيمَةً ، فَاقْتُلُوهُ وَاقْتُلُوهَا مَعَهُ» ،
16833 -
قَالَ: قُلْتُ لَهُ يَعْنِي لِابْنِ عَبَّاسٍ: مَا شَأْنُ الْبَهِيمَةِ؟ قَالَ: مَا أُرَاهُ قَالَ ذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُؤْكَلَ لَحْمُهَا ، وَقَدْ عُمِلَ بِهَا ذَلِكَ الْعَمَلِ ،
16834 -
وَرَوَاهُ عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ عَمْرٍو ، قَالَ فِيهِ: لَا يُقَالُ هَذِهِ الَّتِي فَعَلَ بِهَا كَذَا وَكَذَا ،
16835 -
وَرِوَايَةُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَصَحُّ
16836 -
وَقَدْ أَرْدَفَهُ أَبُو دَاوُدَ بِحَدِيثِ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ:«لَيْسَ عَلَى الَّذِي يَأْتِي بَهِيمَةً حَدٌّ» ،
16837 -
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَلِيٍّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ ، أَنَّ شَرِيكًا ، وَأَبَا الْأَحْوَصِ ، وَأَبَا بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ حَدَّثَهُمْ عَنْ عَاصِمٍ ،. . . فَذَكَرَهُ ، ثُمَّ قَالَ: حَدِيثُ عَاصِمٍ يُضَعِّفُ حَدِيثَ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو ، "
16838 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَنَحْنُ لَا نَرَى عَمْرَو بْنَ أَبِي عَمْرٍو نَقَصَ عَنْ عَاصِمٍ فِي الْحِفْظِ "
16839 -
وَقَدْ رَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي يَحْيَى ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْأَشْهَلِيُّ ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ،
16840 -
وَرَوَاهُ عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ،
16841 -
وَعِكْرِمَةُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْحُفَّاظِ مِنَ الثِّقَاتِ الْأَثْبَاتِ ،
⦗ص: 317⦘
16842 -
وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: هُوَ بِمَنْزِلَةِ الزَّانِي ،
16843 -
وَقَالَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ: مَنْ أَتَى الْبَهِيمَةَ أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ
16844 -
وَيُذْكَرُ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ " رَجُلٍ أَتَى بَهِيمَةً ، قَالَ: إِنْ كَانَ مُحْصَنًا رُجِمَ "
الْمُسْتَكْرَهَةُ
16845 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: «وَإِذَا اسْتَكْرَهَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ ، وَلَمْ يَقُمْ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا مُسْتَكْرَهَةٌ ، وَلَهَا مَهْرُ مِثْلَهَا»
16846 -
وَبِإِسْنَادِهِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ ، قَضَى فِي امْرَأَةٍ أُصِيبَتْ مُسْتَكْرَهَةً بِصَدَاقِهَا عَلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِهَا «،
16847 -
كَانَ فِي كِتَابِي» مَرْوَانُ «، وَالصَّحِيحُ» عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ ". وَهَكَذَا رَوَاهُ أَصْحَابُ الْمُوَطَّأِ ،
16848 -
وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ عَطَاءٍ ، أَنَّهُ قَالَ: عَلَيْهِ الْحَدُّ وَالصَّدَاقُ ،
16849 -
وَعَنِ الْحَسَنِ ، قَالَ: عَلَيْهِ الْحَدُّ وَالْعَقْرُ
16850 -
وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ ، قَالَ: " أُتِيَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابٍ
⦗ص: 319⦘
رضي الله عنه بِامْرَأَةٍ مِنَ أَهْلِ الْيَمَنِ قَالُوا: بَغَتْ ، قَالَتْ: إِنِّي كُنْتُ نَائِمَةً ، فَلَمْ أَسْتَيْقِظْ إِلَّا بِرَجُلٍ رَمَى فِي مِثْلِ الشِّهَابِ ، فَقَالَ عُمَرُ: يَمَانِيَّةٌ نَئُومَةٌ شَابَّةٌ ، فَخَلَّى عَنْهَا وَمَتَّعَهَا " ،
16851 -
وَرُوِّينَا عَنْهُ فِي الْعَبْدِ الَّذِي اسْتَكْرَهَ جَارِيَةً مِنْ رَقِيقِ الْخُمُسِ فِي مَسْأَلَةِ النَّفْيِ
مِنْ وَقَعَ عَلَى ذَاتِ مَحْرَمٍ بِنِكَاحٍ أَوْ غَيْرِهِ
16852 -
رُوِّينَا عَنْ أَبِي الْجَهْمِ ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ ، قَالَ: إِنِّي " لَأَطُوفُ فِي تِلْكَ الْأَحْيَاءِ عَلَى إِبِلٍ لِي ضَلَّتْ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِذْ جَاءَ رَكْبٌ أَوْ فَوَارِسُ مَعَهُمْ لِوَاءٌ ، فَجَعَلَ الْأَعْرَابُ يَلُوذُونَ بِي لِمَنْزِلَتِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَانْتَهَوْا إِلَيْنَا ، فَأَطَافُوا بِقُبَّةٍ ، فَاسْتَخْرَجُوا رَجُلًا ، فَضَرَبُوا عُنُقَهُ ، فَسَأَلْتُ عَنْ قِصَّتِهِ فَقِيلَ: وُجِدَ قَدْ عَرَّسَ بِامْرَأَةِ أَبِيهِ " ،
16853 -
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ ، حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُطَرِّفٍ ، قَالَ: وَحَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ مَنْصُورٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو زُبَيْدٍ ، حَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ ، عَنْ أَبِي الْجَهْمِ مَوْلَى الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ ، عَنِ الْبَرَاءِ ،. . . فَذَكَرَهُ. وَاللَّفْظُ لِحَدِيثِ أَبِي زُبَيْدٍ ،
16854 -
وَرُوِّينَاهُ مِنْ حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ الْبَرَاءِ ، عَنْ أَبِيهِ ، وَفِيهِ:«إِلَى رَجُلٍ نَكَحَ امْرَأَةَ أَبِيهِ» ، فَكَأَنَّهُ نَكَحَهَا وَعَرَّسَ بِهَا بِمَجْمُوعِ الرِّوَايَتَيْنِ ، فَأَمَرَ بِقَتْلِهِ ،
16855 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ الْمُزَنِيِّ فِيمَنْ تَزَوَّجَ بِأُمِّ امْرَأَتِهِ بَعْدَ دُخُولِهِ بِالْبِنْتِ وَهُمَا عَالِمَانِ ، ثُمَّ أَصَابَهَا: أَقَمْنَا عَلَيْهِمَا الْحَدَّ ، وَهُمَا زَانِيَانِ سَمَّيَا الزِّنَا بِاسْمِ النِّكَاحِ ،
⦗ص: 321⦘
16856 -
وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ ، ثُمَّ قَالَ: ثُمَّ جَاءَ مَنْ يَدَّعِي تَسْوِيَةَ الْأَخْبَارِ عَلَى مَذْهَبِهِ ، وَحَمَلَ الْخَبَرَ الَّذِي رُوِّينَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا أَمَرَ بِقَتْلِهِ لِأَنَّهُ كَانَ قَدِ اسْتَحَلَّهُ ، فَصَارَ بِهِ مُرْتَدًّا مُحَارِبًا
16857 -
وَاحْتَجَّ بِمَا رَوَيْنَا فِي ، حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ الْبَرَاءِ عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ لَقِيتُ عَمِّي وَمَعَهُ رَايَةٌ ، فَقُلْتُ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ: «بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى رَجُلٍ نَكَحَ امْرَأَةِ أَبِيهِ ، فَأَمَرَنِي أَنْ أَضْرِبَ عُنُقَهُ وَآخُذَ مَالَهُ»
16858 -
وَبِحَدِيثِ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ «النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ جَدَّ مُعَاوِيَةَ إِلَى رَجُلٍ عَرَّسَ بِامْرَأَةِ أَبِيهِ أَنْ يَضْرِبَ عُنُقَهُ ، وَيُخَمِّسَ مَالَهُ» ،
16859 -
قَالَ: فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ مُرْتَدًّا مُحَارِبًا ، لِأَنَّ الْمُرْتَدَّ الَّذِي لَمْ يُحَارِبْ لَا يُخَمَّسُ مَالُهُ ،
16860 -
وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ مِنْهُ شَيْءٌ لَا الِاسْتِحْلَالُ وَلَا الْمُحَارَبَةُ ، وَلَوْ جَازَ دَعْوَى الِاسْتِدَلَالِ فِي هَذَا لَجَازَ مِثْلُهَا فِي زَنَا مَنْ رُجِمَ لِأَنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يَسْتَحِلُّونَ الزِّنَا ،
16861 -
وَفِي حَدِيثِ أَبِي الْجَهْمِ عَنِ الْبَرَاءِ ، «أَنَّهُمْ أَطَافُوا بِقُبَّةٍ ، فَاسْتَخْرَجُوا رَجُلًا» فَأَيْنَ الْمُحَارَبَةُ هُنَا؟ ثُمَّ إِنْ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا قَالَ مِنَ الِاسْتِحَلَالِ فَهُوَ حُجَّةٌ عَلَيْهِ فِي أَنَّ مَالَ الْمُرْتَدِّ لَا يَكُونُ لِوَرَثَتِهِ ، وَتَخْمِيسُهُ لَا يُنَافِي مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ فَإِنَّهُ يُوجِفُ الْخُمُسَ فِيمَا أَوْجَفَ عَلَيْهِ مِنَ الْغَنِيمَةِ ، وَفِيمَا لَمْ يُوجِفْ عَلَيْهِ مِنَ أَمْوَالِ الْفَيْءِ ،
16862 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: الْخُمُسُ ثَابِتٌ لِأَهْلِهِ فِي كُلِّ مَا أُخِذَ مِنْ مُشْرِكٍ غَنِيمَةً كَانَتْ أَوْ فَيْئًا ، وَالْفَيْءُ مَا رَدَّهُ اللَّهُ عَلَى أَهْلِ دِينِهِ مِنْ مَالِ مَنْ خَالَفَ دِينَهُ ،
16863 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَإِنْ كَانَ فَعَلَهُ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِحْلَالِ ، فَهُوَ حُجَّةٌ عَلَيْهِ فِي
⦗ص: 322⦘
وُجُوبِ الْحَدِّ عَلَيْهِ ، وَقَوْلُ الرَّاوِي:«إِلَى رَجُلٍ نَكَحَ امْرَأَةَ أَبِيهِ» يَدُلُّ عَلَى الْعَقْدِ ، وَقَوْلُ الْآخَرِ:«إِلَى رَجُلٍ عَرَّسَ بِامْرَأَةِ أَبِيهِ» يَدُلُّ عَلَى الدُّخُولِ ،
16864 -
وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى ظَاهِرِ الْخَبَرِ فِي إِيجَابِ الْقَتْلِ بِهِ بِكُلِّ حَالٍ لَعَظِيمِ التَّحْرِيمِ ، وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ نُزُولِ الْحُدُودِ فِي سُورَةِ النُّورِ قَبْلَ بَيَانِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رَجْمَ الثَّيِّبَ الزَّانِيَ ، فَلَمَّا نَزَلَتْ وَبَيَّنَ ذَلِكَ صَارَ الْأَمْرُ إِلَى ذَلِكَ قَالُوا: ثُمِّ أَنَّهُ إِنَّمَا نُسِخَ مِنْهُ كَيْفِيَّةَ الْقَتْلِ ، فَأَمَّا أَصْلُ وُجُوبِ الْقَتْلِ فَإِنَّهُ لَمْ يَقُمْ دَلَالَةٌ إِلَى نَسْخِهِ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى الْوُجُوبِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
ادْرَءُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ
⦗ص: 326⦘
16865 -
ذَكَرَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله فِي هَذَا مَسَائِلَ ،
16866 -
ثُمَّ قَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ هُنَا: النَّاسُ لَا يُحَدُّونَ إِلَّا بِإِقْرَارِهِمْ ، أَوْ بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ بِالْفِعْلِ ، وَأَنَّ الْفِعْلَ مُحَرَّمٌ. فَأَمَّا بِغَيْرِ ذَلِكَ فَلَا حَدَّ ،
16867 -
وَهَكَذَا لَوْ وَجَدْتَ حَامِلًا فَادَّعَتْ تَزْوِيجًا أَوْ إِكْرَاهًا لَمْ تُحَدَّ. فَإِنْ ذَهَبَ فِي الْحَامِلِ خَاصَّةً إِلَى أَنْ يَقُولَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: «الرَّجْمُ فِي كِتَابِ اللَّهِ حَقٌّ عَلَى مَنْ زَنَا إِذَا قَامَتِ الْبَيِّنَةُ ، أَوْ كَانَ الْحَبَلُ أَوِ الِاعْتِرَافُ» فَإِنَّ مَذْهَبَ عُمَرَ فِيهِ بِالْبَيَانِ عَنْهُ بِالْخَبَرِ أَنَّهُ يُرْجَمُ بِالْحَبَلِ إِذَا كَانَ مَعَ الْحَبَلِ إِقْرَارٌ بِالزِّنَا أَوْ غَيْرُ ادَّعَاءِ نِكَاحٍ أَوْ شُبْهَةٍ يَدْرَأُهَا الْحَدُّ
16868 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ ، وَأَبُو زَكَرِيَّا ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عَمْرَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ يَحْيَى بْنَ حَاطِبٍ ، حَدَّثَهُ ، قَالَ: " تُوُفِّيَ حَاطِبٌ ، فَأَعْتَقَ مَنْ صَلَّى مِنْ رَقِيقِهِ وَصَامَ ، وَكَانَتْ لَهُ أَمَةٌ نُوبِيَّةٌ قَدْ صَلَّتْ وَصَامَتْ ، وَهِيَ أَعْجَمِيَّةٌ لَمْ تَفْقِهْ فَلَمْ
⦗ص: 327⦘
تَرُعْهُ إِلَّا بِحَبَلِهَا ، فَذَهَبَ إِلَى عُمَرَ فَحَدَّثَهُ ، فَقَالَ: لَأَنْتَ رَجُلٌ لَا تَأْتِي بِخَيْرٍ فَأَفْزَعَهُ ذَلِكَ ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا عُمَرُ ، فَقَالَ: أَحَبِلْتِ؟ فَقَالَتْ: نَعَمْ مِنْ مَرْغُوشٍ بِدِرْهَمَيْنِ. فَإِذَا هِيَ تَسْتَهِلُّ بِذَلِكَ لَا تَكْتُمُهُ ، قَالَ: وَصَادَفَ عَلِيًّا ، وَعُثْمَانَ ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ ، فَقَالَ: أَشِيرُوا عَلَيَّ ، وَكَانَ عُثْمَانُ جَالِسًا فَاضْطَجعَ ، فَقَالَ عَلِيٌّ ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ: قَدْ وَقَعَ عَلَيْهَا الْحَدُّ ، فَقَالَ: أَشِرْ عَلَيَّ يَا عُثْمَانُ ، فَقَالَ: قَدْ أَشَارَ عَلَيْكَ أَخَوَاكَ قَالَ: أَشِرْ عَلَيَّ أَنْتَ ، قَالَ: أُرَاهَا تَسْتَهِلُّ بِهِ كَأَنَّهَا لَا تَعْلَمُهُ وَلَيْسَ الْحَدُّ إِلَّا عَلَى مَنْ عَلِمَهُ ، فَقَالَ: صَدَقْتَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا الْحَدُّ إِلَّا عَلَى مَنْ عَلِمَهُ ، فَجَلَدَهَا عُمَرُ مِائَةً وَغَرَّبَهَا عَامًا " ،
16869 -
قَالَ أَحْمَدُ: كَانَ حَدُّهَا الرَّجْمَ لِأَنَّهَا كَانَتْ قَدْ عُتِقَتْ وَكَانَتْ ثَيِّبًا ، فَكَأَنَّهُ رضي الله عنه لَمَّا أَدْرَأَ عَنْهَا الرَّجْمَ لِلشُّبْهَةِ بِالْجَهَالَةِ رَأَى أَنْ يَحُدَّهَا حَدَّ الْأَبْكَارِ تَعْزِيرًا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ
16870 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِيمَا بَلَغَهُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ ، عَنْ شَبِيبِ أَبِي رَوْحٍ ، أَنَّ " رَجُلًا كَانَ يُوَاعِدُ جَارِيَتَهُ مَكَانًا فِي خَلَاءٍ ، فَعَلِمَتْ جَارِيَةً بِذَلِكَ ، فَأَتَتْهُ فَحَسِبَهَا جَارِيَتُهُ ، فَوَطِئَهَا ، ثُمَّ عَلِمَ ، فَأَتَى عُمَرَ ، فَقَالَ: ائْتِ عَلِيًّا ، فَسَأَلَ عَلِيًّا ، فَقَالَ: أَرَى أَنْ يُضْرَبَ الْحَدَّ فِي الْخَلَاءِ وَيَعْتِقَ رَقَبَةً ، وَعَلَى الْمَرْأَةِ الْحَدُّ " ،
16871 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَيْسُوا يَقُولُونَ بِهَذَا. يَقُولُونَ يُدْرَأُ عَنْهَا الْحَدُّ بِالشُّبْهَةِ ، فَأَمَّا نَحْنُ فَنَقُولُ فِي الْمَرْأَةِ: تُحَدُّ كَمَا رَوَوْا عَنْ عَلِيٍّ لِأَنَّهَا زَنَتْ وَهِيَ تَعْلَمُ ،
16872 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَيُدْرَأُ عَنْهُ بِالشُّبْهَةِ ،
⦗ص: 328⦘
16873 -
وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَلِيٍّ ، مَرْفُوعًا:«ادْرَءُوا الْحُدُودَ»
16874 -
وَرَوَى يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ الشَّامِيُّ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُرْوَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، مَرْفُوعًا:«ادْرَءُوا الْحُدُودَ عَنِ الْمُسْلِمِينَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ، فَإِنْ وُجِدَ ثَمَّ لِلْمُسْلِمِ مَخْرَجًا ، فَخَلُّوا سَبِيلَهُ ، فَإِنَّ الْإِمَامَ أَنْ يُخْطِئَ فِي الْعَفْوِ خَيْرٌ مِنَ أَنْ يُخْطِئَ فِي الْعُقُوبَةِ» ،
16875 -
وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ غَيْرُ قَوِيٍّ. وَرَوَاهُ عَنْهُ وَكِيعٌ مَوْقُوفًا وَهُوَ أَشْبَهُ
16876 -
وَأَصَحُّ مَا رُوِيَ فِيهِ ، حَدِيثُ سُفْيَانَ ، عَنْ عَاصِمٍ ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ:«ادْرَءُوا الْجَلْدَ وَالْقَتْلَ عَنِ الْمُسْلِمِينَ مَا اسْتَطَعْتُمْ»
مَنْ أَتَى جَارِيَةَ امْرَأَتِهِ
16877 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِيمَا بَلَغَهُ عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ ، عَنْ حُجَيَّةَ بْنِ عَدِيٍّ ، قَالَ:" كُنْتُ عِنْدَ عَلِيٍّ ، فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ ، فَقَالَتْ: إِنَّ زَوْجِي وَقَعَ عَلَى جَارِيَتِي ، قَالَ: إِنْ تَكُونِي صَادِقَةً نَرْجُمْهُ ، وَإِنْ تَكُونِي كَاذِبَةً نَجْلِدْكِ " ،
16878 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَبِهَذَا نَأْخُذُ ، لِآنَّ زِنَاهُ بِجَارِيَةِ امْرَأَتِهِ مِثْلُ زِنَاهُ بِغَيْرِهَا ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَنْ يُعَذَّرُ بِالْجَهَالَةِ وَيَقُولُ: كُنْتُ أَرَى أَنَّهَا لِي حَلَالٌ ،
⦗ص: 330⦘
16879 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، مِثْلَ قَوْلِ عَلِيٍّ فِي وُجُوبِ الرَّجْمِ إِذَا لَمْ يَدَّعِ الشُّبْهَةَ،
16880 -
وَرُوِّينَا عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بُشَيْرٍ ، فِي الرَّجُلِ يَقَعُ عَلَى جَارِيَةِ امْرَأَتِهِ: لَأَقْضِيَنَّ بِقَضَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنْ كَانَتْ أَحَلَّتْهَا لَكَ جَلَدْتُكَ مِائَةً ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَحَلَّتْهَا لَكَ رَجَمْتُكَ بِالْحِجَارَةِ " ،
16881 -
وَهَذَا حَدِيثٌ قَدِ اخْتُلِفَ فِي إِسْنَادِهِ ، قَالَ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ: سَأَلْتُ عَنْهُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيَّ ، فَقَالَ: أَنَا أَتَّقِي هَذَا الْحَدِيثَ
16882 -
وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ حُرَيْثٍ ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْمُحَبِّقِ: أَنَّ " رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَضَى فِي رَجُلٍ وَقَعَ عَلَى جَارِيَةِ امْرَأَتِهِ: إِنِ اسْتَكْرَهَهَا فَهِيَ حُرَّةٌ ، وَعَلَيْهِ لِسَيِّدَتِهَا مِثْلُهَا ، وَإِنْ طَاوَعَتْهُ فَهِيَ لَهُ ، وَعَلَيْهِ لِسَيِّدَتِهَا مِثْلُهَا " ،
16883 -
وَهَذَا حَدِيثٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ عَلَى الْحَسَنِ ، فَقِيلَ: عَنْهُ هَكَذَا ، وَقِيلَ: عَنْهُ عَنْ جَوْنِ بْنِ قَتَادَةَ ، عَنْ سَلَمَةَ ،
16884 -
وَقَدْ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ حَرْمَلَةَ عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْمُحَبِّقِ ،
⦗ص: 331⦘
16885 -
وَعَنْ سُفْيَانَ ، عَنِ الْهُذَلِيِّ ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ حُرَيْثٍ ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْمُحَبِّقِ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ ،
16886 -
وَقَبِيصَةُ بْنُ حُرَيْثٍ غَيْرُ مَعْرُوفٍ ،
16887 -
رُوِّينَا عَنْ أَبِي دَاوُدَ ، أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ ، يَقُولُ: الَّذِي رَوَاهُ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْمُحَبِّقِ ، شَيْخٌ لَا يُعْرَفُ لَا يُحَدِّثُ عَنْهُ غَيْرُ الْحَسَنِ يَعْنِي قَبِيصَةَ بْنَ حُرَيْثٍ ،
16888 -
قَالَ: وَسَمِعْتُ أَحْمَدَ ، يَقُولُ: جَوْنُ بْنُ قَتَادَةَ شَيْخٌ لَمْ يُحَدِّثْ عَنْهُ غَيْرُ الْحَسَنِ ،
16889 -
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ قَبِيصَةُ بْنُ حُرَيْثٍ سَمِعَ سَلَمَةَ بْنَ الْمُحَبِّقِ ، فِي حَدِيثِهِ نَظَرٌ ،
16890 -
وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَلَا يَثْبُتُ خَبَرُ سَلَمَةَ بْنِ الْمُحَبِّقِ ،
16891 -
وَقَالَ أَشْعَثُ: بَلَغَنِي أَنَّ هَذَا كَانَ قَبْلَ الْحُدُودِ ،
16892 -
وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: كَانَ هَذَا حِينَ كَانَتِ الْعُقُوبَاتُ بِالْمَعَاصِي فِي الْأَمْوَالِ ،
⦗ص: 332⦘
16893 -
وَرُوِي عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، أَنَّهُ أَفْتَى بِمِثْلِ مَا رُوِيَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْمُحَبِّقِ ، وَرُوِي عَنْهُ ، أَنَّهُ قَالَ: اسْتَغْفِرِ اللَّهَ ، وَلَا تَعُدْ
16894 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَالَ سُفْيَانُ: عَنْ مُطَرِّفٍ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، أَنَّهُ كَانَ «لَا يَرَى عَلَى الَّذِي يُصِيبُ وَلِيدَةَ امْرَأَتِهِ جَلْدًا ، وَلَا عَقْرًا»
16895 -
وَبِإِسْنَادِهِ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: عَنْ رَجُلٍ ، عَنْ شُعْبَةَ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ، أَنَّ " رَجُلًا أَتَاهُ ، فَذَكَرَ أَنَّهُ أَصَابَ جَارِيَةَ امْرَأَتِهِ ، فَقَالَ: اسْتَغْفِرِ اللَّهَ وَلَا تَعُدْ " ،
16896 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: إِنْ كَانَ مِنَ أَهْلِ الْجَهَالَةِ ، وَقَالَ: كُنْتُ أَرَى أَنَّهَا حَلَالٌ لِي ، فَإِنَّا نَدْرَأُ عَنْهُ الْحَدَّ وَعَزَرَّنَاهُ ، وَإِنْ كَانَ عَالِمًا حَدَدْنَاهُ حَدَّ الزَّانِي
16897 -
قَالَ أَحْمَدُ: رُوِّينَا عَنِ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ خَالِدٍ ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ ، أَنَّ عَلِيًّا ، قَالَ: إِنَّ «ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ لَا يَدْرِي مَا حَدَثَ بَعْدَهُ لَوْ أُتِيتُ بِهِ لَرَجَمْتُهُ»
16898 -
وَعَنْ حَمَّادٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، أَنَّ عَلِيًّا ، قَالَ: " لَوْ أُتِيتُ بِهِ لَرَجَمْتُهُ. يَعْنِي رَجُلًا وَقَعَ عَلَى جَارِيَةِ امْرَأَتِهِ ،
16899 -
وَفِي هَذَا إِنْ ثَبَتَ إِشَارَةٌ إِلَى نَسْخٍ وَرَدَ عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ ، وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
حَدُّ الْمَمَالِيكِ
16900 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى فِي الْمَمْلُوكَاتِ: " {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: 25]
⦗ص: 334⦘
" ،
16901 -
وَالنِّصْفُ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي الْجِلْدِ يَتَبَعَّضُ ، فَأَمَّا الرَّجْمُ الَّذِي هُوَ قَتْلٌ فَلَا نِصْفَ لَهُ ،
16902 -
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا فَلْيَجْلِدْهَا» ، وَلَمْ يَقُلْ «يَرْجُمْهَا» ،
16903 -
وَلَمْ يَخْتَلِفِ الْمُسْلِمُونَ فِي أَنْ لَا رَجْمَ عَلَى مَمْلُوكٍ فِي الزِّنَا ،
16904 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِحْصَانُ الْأَمَةِ: إِسْلَامُهَا ،
16905 -
وَإِنَّمَا قُلْنَا هَذَا اسْتِدْلَالًا بِالسُّنَّةِ ، وَإِجْمَاعِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ ، وَلَمَّا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إِذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا فَلْيَجْلِدْهَا» وَلَمْ يَقُلْ مُحْصَنَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَ مُحْصَنَةٍ ، اسْتَدْلَلْنَا عَلَى أَنَّ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْإِمَاءِ:{فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: 25] إِذَا أَسْلَمْنَ لَا إِذَا أُنْكِحْنَ فَأُصِبْنَ بِالنِّكَاحِ ، وَلَا إِذَا أَعْتَقْنَ وَلَمْ يُصَبْنَ وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِي هَذَا ،
16906 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَرُوِّينَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، أَنَّهُ قَالَ: إِحْصَانُهَا إِسْلَامُهَا ،
⦗ص: 335⦘
16907 -
وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، أَنَّهُ كَانَ يَضْرِبُ إِمَاءَهُ الْحَدَّ إِذَا زَنَيْنَ تَزَوَّجْنَ ، أَوْ لَمْ يَتَزَوَّجْنَ.
16908 -
وَعَنِ الشَّعْبِيِّ ، قَالَ:" إِحْصَانُ الْأَمَةِ دُخُولُهَا فِي الْإِسْلَامِ ، وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {فَإِذَا أُحْصِنَّ} [النساء: 25] ، قَالَ: إِذَا أَسْلَمْنَ " ،
16909 -
وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ {فَإِذَا أُحْصِنَّ} [النساء: 25] بِالضَّمِ ، وَقَالَ: إِذَا تَزَوَّجْنَ وَكَانَ يَقُولُ: لَيْسَ عَلَى الْأَمَةِ حَدٌّ حَتَّى تُحْصِنَ ، وَكَذَلِكَ كَانَ يَقْرَؤُهَا مُجَاهِدٌ
16910 -
وَقَدْ غَلَطَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ بَعْضُ الرُّوَاةِ فَرَفَعَهُ ، وَهُوَ فِيمَا أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّفَّارُ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِمْرَانَ الْعَابِدِيُّ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ مِسْعَرٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، قَالَ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ عَلَى أَمَةٍ حَدٌّ حَتَّى تُحْصِنَ بِزَوْجٍ ، فَإِذَا أَحْصَنَتْ بِزَوْجٍ فَعَلَيْهَا نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ» ،
16911 -
وَهَذَا خَطَأٌ ، لَيْسَ هَذَا مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، إِنَّمَا هُوَ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَهُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ فِيمَا
⦗ص: 336⦘
أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ بْنُ أَبِي سَعْدٍ الْهَرَوِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ مَحْمُودٍ الْفَقِيهُ بِمَرْوَ ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِمْرَانَ الْعَابِدِيُّ. . . ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ ، وَذَكَرَ عَقِبَهُ كَلَامَ ابْنِ خُزَيْمَةَ هَذَا ،
16912 -
وَقَدْ رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ، وَغَيْرُهُ عَنْ سُفْيَانَ ، مَوْقُوفًا
16913 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، قَالَ: قَالَ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَاسَرْجِسِيُّ فِيمَا أُخْبِرْتُ عَنْهُ ، وَقَرَأْتُهُ فِي كِتَابِهِ ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُفْيَانَ ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي قَوْلِهِ: " {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 24] ذَوَاتُ الْأَزْوَاجِ مِنَ النِّسَاءِ " ،
16914 -
{أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ} [النساء: 24]، {وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ} [النساء: 25] عَفَائِفُ غَيْرُ خَبَائِثَ ،
16915 -
{فَإِذَا أُحْصِنَّ} [النساء: 25] فَإِذَا أُنْكِحْنَ ،
16916 -
{فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: 25]: غَيْرِ ذَوَاتِ الْأَزْوَاجِ ،
16917 -
وَقَالَ فِي قَوْلِهِ: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [المائدة: 5] الْحَرَائِرُ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ،
16918 -
{مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ} [النساء: 24] عَفَائِفُ غَيْرُ فَوَاسِقَ ،
⦗ص: 337⦘
16919 -
وَحَكَى أَيْضًا أَبُو عَلِيٍّ الطَّبَرِيُّ صَاحِبُ «الْإِفْصَاحِ» عَنِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ ، عَنِ الشَّافِعِيِّ ، أَنَّهُ قَالَ: إِحْصَانُهَا نِكَاحُهَا ،
16920 -
فَعَلَى هَذَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ إِنَّمَا نَصَّ عَلَى الْجَلْدِ فِي أَكْمَلِ حَالَيْهَا لِيَسْتَدِلَّ بِهِ عَلَى سُقُوطِ الرَّجْمِ عَنْهَا ، ثُمَّ يَكُونُ الْجَلْدُ ثَابِتًا عَلَيْهَا قَبْلَ النِّكَاحِ وَبَعْدَهُ بِدَلَالَةِ السُّنَّةِ
16921 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " سُئِلَ عَنِ الْأَمَةِ إِذَا زَنَتْ وَلَمْ تُحْصِنْ؟ قَالَ: «إِذَا زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا ، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا ، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا ، ثُمَّ بِيعُوهَا وَلَوْ بِضَفِيرٍ»
16922 -
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: لَا أَدْرِي أَبْعَدَ الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ ، قَالَ: وَالضَّفِيرُ: الْحَبْلُ
⦗ص: 338⦘
أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ ، وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ ،
16923 -
هَكَذَا رَوَاهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْحُفَّاظِ عَنِ الزُّهْرِيِّ ،
16924 -
وَلَا يَجُوزُ تَعْلِيلُ الْحَدِيثِ بِرِوَايَةِ عَقِيلٍ وَغَيْرِهِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ ، عَنْ شِبْلِ بْنِ خُلَيْدٍ ، عَنْ مَالِكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَوْسِيِّ ،
16925 -
وَقِيلَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَالِكٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الْإِحْصَانِ ،
16926 -
وَلَا بِحَدِيثِ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُهُ ،
16927 -
وَالَّذِي ذَكَرَهُ حَافَظٌ ثِقَةٌ وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ عُبَيْدِ اللَّهِ فِيهِ إِسْنَادَانِ وَكَانَ السُّؤَالُ فِي أَحَدِ الْإِسْنَادَيْنِ دُونَ الْآخَرِ ،
16928 -
وَلَمَّا كَانَ مَعْلُومًا عِنْدَ الرُّوَاةِ بِدَلَالَةِ الْمَقَالِ أَنَّ الْحُكْمَ لَا يَخْتَلِفُ بِإِحْصَانِهَا وَعَدَمِ إِحْصَانِهَا أَعْرَضَ بَعْضُهُمْ عَنْ نَقْلِهِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
16929 -
وَرُوِّينَا عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ ، قَالَ: " خَطَبَ عَلِيٌّ رضي الله عنه ، فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَقِيمُوا الْحُدُودَ عَلَى أَرِقَّائِكُمْ مَنَ أَحْصَنَ مِنْهُمْ ، وَمَنْ لَمْ يُحْصِنْ ، فَإِنَّ أَمَةً لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَنَتْ ، فَأَمَرَنِي أَنْ أَجْلِدَهَا ، فَإِذَا هِيَ حَدِيثُ عَهْدِ بِالنِّفَاسِ ، فَخَشِيتُ إِنْ أَنَا جَلَدْتُهَا أَنْ تَمُوتَ ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ، فَأَخْبَرْتُهُ ، فَقَالَ:«أَحْسَنْتَ» أَخْبَرَنَا الْإِمَامُ أَبُو بَكْرِ بْنُ فُورَكَ رحمه الله ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ ،
⦗ص: 339⦘
حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ حَبِيبٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا زَائِدَةُ ، عَنِ السُّدِّيِّ ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ. . . فَذَكَرَهُ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيِّ ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ
16930 -
وَرُوِّينَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ ، قَالَ:«أَمَرَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي فِتْيَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ فَجَلَدْنَا وَلَائِدَ مِنْ وَلَائِدِ الْإِمَارَةِ خَمْسِينَ خَمْسِينَ فِي الزِّنَا» أَخْبَرَنَاهُ أَبُو زَكَرِيَّا ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ فِيمَا قَرَأَ عَلَى مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ الْمَخْزُومِيِّ ، قَالَ: أَمَرَنِي. . . ، فَذَكَرَهُ ،
16931 -
وَالْكَلَامُ فِي النَّفْيِ قَدْ مَضَى ذِكْرُهُ
حَدُّ الرَّجُلِ أَمَتَهُ إِذَا زَنَتْ
16932 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ ، وَشِبْلٍ ، ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ ، أَخْبَرَنَا شَافِعُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ ، وَشِبْلٍ ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالُوا: كُنَّا قُعُودًا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ ، فَقَالَ: إِنَّ جَارِيَتِي زَنَتْ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«اجْلِدْهَا ، فَإِنْ زَنَتْ فَاجْلِدْهَا ، فَإِنْ زَنَتْ فَاجْلِدْهَا ، فَإِنْ زَنَتْ فَبِعْهَا وَلَوْ بِضَفِيرٍ»
16933 -
أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ دُونَ ذِكْرِ شِبْلٍ ، فَالْحُفَّاظُ يَقُولُونَ: ذِكْرُ شِبْلٍ فِي حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ إِنَّمَا هُوَ كَمَا أَشَرْنَا إِلَيْهِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ،
16934 -
وَقَدْ ثَبَتَ الْحَدِيثُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
16935 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ، وَأَبُو زَكَرِيَّا ، وَأَبُو سَعِيدٍ ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ ،
⦗ص: 341⦘
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا ، فَلْيَجْلِدْهَا الْحَدَّ وَلَا يُثَرِّبْ عَلَيْهَا ، ثُمَّ إِنْ عَادَتْ فَزَنَتْ فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا فَلْيَجْلِدْهَا الْحَدَّ وَلَا يُثَرِّبْ عَلَيْهَا ، ثُمَّ إِنْ عَادَتْ فَزَنَتْ فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا ، فَلْيَبِعْهَا وَلَوْ بِضَفِيرٍ مِنْ شَعَرٍ» يَعْنِي الْحَبْلَ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ
16936 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِيمَا بَلَغَهُ عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، وَإِسْرَائِيلَ ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى ، عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ ، عَنْ عَلِيٍّ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَقِيمُوا الْحُدُودَ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ» ،
16937 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهُمْ يُخَالِفُونَ هَذَا إِلَى غَيْرِ فِعْلِ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلِمْتُهُ ، وَنَحْنُ نَقُولُ بِهِ ، وَهُوَ السُّنَّةُ الثَّابِتَةُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. . . أَخْبَرَنَا مَالِكٌ فَذَكَرَ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ ، وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ
16938 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ ، وَأَبُو زَكَرِيَّا ، وَأَبُو سَعِيدٍ ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ،
⦗ص: 342⦘
أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ: أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَدَّتْ جَارِيَةً لَهَا زَنَتْ " ،
16939 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَتِنَا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ: وَكَانَ الْأَنْصَارُ وَمَنْ بَعْدَهُمْ يَحُدُّونَ إِمَاءَهُمْ وَابْنُ مَسْعُودٍ يَأْمُرُ بِهِ ، وَأَبُو بَرْزَةَ حَدَّ وَلِيدَتَهُ ،
16940 -
قَالَ أَحْمَدُ: ورُوِّينَاهُ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ، وَابْنِ عُمَرَ ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ،
16941 -
وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى ، قَالَ: أَدْرَكْتُ بَقَايَا الْأَنْصَارِ وَهُمْ يَضْرِبُونَ الْوَلِيدَةَ مِنْ وَلَائِدَهُمْ فِي مَجَالِسِهِمْ إِذَا زَنَتْ ،
16942 -
وَرَوَاهُ أَبُو الزِّنَادِ عَنْ أَصْحَابِهِ ،
16943 -
وَاسْتَشْهَدَ الشَّافِعِيُّ فِي ذَلِكَ بِضَرْبِ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ عِنْدَ النُّشُوزِ ،
16944 -
قَالَ: وَإِذَا أَبَاحَهُ اللَّهُ فِيمَا لَيْسَ بِحَدٍّ فَهُوَ فِي الْحَدِّ الَّذِي يُعَدَّدُ أَوْلَى أَنْ يُبَاحَ ، لِأَنَّ الْعَدَدَ لَا يُتَعَدَّى وَالْعُقُوبَةُ لَا حَدَّ لَهَا ،
16945 -
وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ ، وَقَالَ فِي خِلَالِهِ: مَا يَجْهَلُ ضَرْبَ خَمْسِينَ أَحَدٌ يَعْقِلُ ،
16946 -
قَالُوا: رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، مَا يُشْبِهُ قَوْلَنَا ،
⦗ص: 343⦘
16947 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَوَ فِي أَحَدٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حُجَّةٌ؟ ، قَالَ: لَا ، قُلْنَا: فَلَمْ نَحْتَجَّ بِهِ وَلَيْسَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِمَعْرُوفٍ أَيْضًا؟ ،
16948 -
قَالَ أَحْمَدُ: لَمْ نَجِدُهْ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتِبِ أَهْلِ الْحَدِيثِ
بَابُ مَا جَاءَ فِي حَدِّ الذِّمِّيِّينَ
16949 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَهْلِ الْكِتَابِ: «{فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ ، وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا ، وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}» ،
16950 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: فِي هَذِهِ الْآيَةِ بَيَانٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم الْخِيَارَ فِي أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ، أَوْ يُعْرِضَ عَنْهُمْ ،
16951 -
وَجَعَلَ عَلَيْهِ إِنْ حَكَمَ أَنْ يَحْكُمَ بِالْقِسْطِ ، وَالْقِسْطُ حُكْمُ اللَّهِ الَّذِي
⦗ص: 345⦘
أَنْزَلَ عَلَى نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَحْضُ الصَّادِقُ أَحْدَثُ الْأَخْبَارِ عَهْدًا بِاللَّهِ تبارك وتعالى ،
16952 -
قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ فَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ} ،
16953 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ مَا فِي الَّتِي قَبْلَهَا مِنْ أَمْرِ اللَّهِ لَهُ بِالْحُكْمِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْهِ ،
16954 -
قَالَ: وَسَمِعْتُ مِنَ أَرْضَى مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُونَ فِي قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ} إِنْ حَكَمْتَ لَا عَزْمًا أَنْ يَحْكُمَ
16955 -
قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ رُوِّينَا عَنِ الشَّعْبِيِّ ، وَإِبْرَاهِيمَ ، أَنَّهُمَا قَالَا:«إِذَا ارْتَفَعَ أَهْلُ الْكِتَابِ إِلَى حُكَّامِ الْمُسْلِمِينَ إِنْ شَاءَ حَكَمَ بَيْنَهُمْ وَإِنْ شَاءَ أَعْرَضَ عَنْهُمْ ، وَإِنْ حَكَمَ حَكَمَ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل» ،
16956 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَحَكَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي يَهُودِيَّيْنِ زَنَيَا بِأَنْ رَجَمَهُمَا. وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [المائدة: 49]
16957 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، وَأَبُو سَعِيدٍ ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «رَجَمَ يَهُودِيَّيْنِ زَنَيَا» ،
⦗ص: 346⦘
16958 -
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: فَرَأَيْتُ الرَّجُلَ يَحْنِي عَلَى الْمَرْأَةِ يَقِيهَا الْحِجَارَةَ ،
16959 -
قَالَ أَحْمَدُ: هَكَذَا رَوَاهُ أَصْحَابُ الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ «يَحْنِي عَلَى الْمَرْأَةِ» وَأَهْلُ اللُّغَةِ يَقُولُونَ يَجْنَأُ ، أَيْ: يُكِبُّ ، وَقِيلَ: يُجْنِئُ. وَرُوِيَ: يُجَانِئُ
16960 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّهُ قَالَ:" كَيْفَ تَسْأَلُونَ أَهْلَ الْكِتَابِ عَنْ شَيْءٍ ، وَكِتَابُكُمُ الَّذِي أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم أَحْدَثُ الْأَخْبَارِ تَقْرَءُونَهُ مَحْضًا لَمْ يُشَبْ أَلَمْ يُخْبِرْكُمُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ أَنَّهُمْ حَرَّفُوا كِتَابَ اللَّهِ ، وَبَدَّلُوا ، وَكَتَبُوا كِتَابًا بِأَيْدِيهِمْ ، فَقَالُوا: هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا ، أَلَا نَهَاكُمُ الْعِلْمُ الَّذِي جَاءَكُمْ عَنْ مَسْأَلَتِهِمْ ، وَاللَّهِ مَا رَأَيْنَا رَجُلًا مِنْهُمْ قَطُّ يَسْأَلُكُمْ عَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ
⦗ص: 347⦘
16961 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: قَالَ لِي قَائِلٌ فِي قَوْلِ اللَّهِ تبارك وتعالى: " {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [المائدة: 49] نَاسِخَةٌ لِقَوْلِهِ: {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} " ،
16962 -
فَقُلْتُ لَهُ: النَّاسِخُ إِنَّمَا يُوجَدُ بِخَبَرٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، أَوْ عَنْ أَصْحَابِهِ لَا مُخَالِفَ لَهُ ، أَوْ أَمْرٍ أَجْمَعَتْ عَلَيْهِ عَوَامُّ الْفُقَهَاءِ فَهَلْ مَعَكَ مِنْ هَذَا وَاحِدٌ؟ ،
16963 -
قَالَ: لَا ،
16964 -
قُلْتُ: قَدْ يَحْتَمِلُ قَوْلُ اللَّهِ تبارك وتعالى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [المائدة: 49] إِنْ حَكَمْتَ
16965 -
وَقَدْ رَوَى بَعْضُ أَصْحَابِكَ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ ، عَنْ قَابُوسَ ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ كَتَبَ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي مُسْلِمٍ زَنَى بِذِمِّيَّةٍ ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَنْ يَحُدَّ الْمُسْلِمَ ، وَيَدْفَعَ الذِّمِّيَّةَ إِلَى أَهْلِ دِينِهَا " ،
16966 -
وَذَكَرَهُ فِي كِتَابِ عَلِيٍّ ، وَعَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ وَكِيعٍ ، عَنْ سُفْيَانَ ، وَرَوَاهُ فِي الْقَدِيمِ عَنِ الثِّقَةِ ، عَنْ سُفْيَانَ ،
16967 -
وَرَوَاهُ أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ قَابُوسَ ، عَنْ أَبِيهِ
16968 -
قَالَ فِي الْقَدِيمِ: وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الْجَنَدِيُّ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، قَالَ:«مَضَتِ السُّنَّةُ أَنْ يُرَدَّ أَهْلُ الْكِتَابِ إِلَى حُكَّامِهِمْ فِي حُدُودِهِمْ وَمَوَارِيثِهِمْ» ،
16969 -
قَالَ الزُّهْرِيُّ: إِلَّا أَنْ يَأْتُونَا رَاغِبِينَ فِي السُّنَّةِ ، فَتُقَامُ عَلَيْهِمْ فَيُحْكَمُ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ
16970 -
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ ، عَنْ مُوسَى بْنِ سَعْدٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ ، قَالَ:«إِذَا جَاءَنَا أَهْلُ الْكِتَابِ يَطْلُبُونَ حُكْمَنَا حَكَمْنَا عَلَيْهِمْ كَحُكْمِنَا ، فَإِنْ لَمْ يَأْتُونَا رَاغِبِينَ فِي السُّنَّةِ لَمْ نَلْتَفِتْ إِلَيْهِمْ» ،
16971 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِيمَا رُوِّينَا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ ، بِإِسْنَادِهِ: فَإِنْ كَانَ هَذَا ثَابِتًا عِنْدَكَ يَعْنِي مَا ذَكَرَهُ عَنْ عَلِيٍّ ، فَهُوَ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ مُخَيَّرٌ فِي أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَوْ يَتْرُكَ الْحُكْمَ عَلَيْهِمْ
16972 -
قَالَ: فَقَالَ: قَدْ رَوَى بَجَالَةُ ، عَنْ عُمَرَ ، أَنَّهُ كَتَبَ:«فَرِّقُوا بَيْنَ كُلِّ ذِي مَحْرَمٍ مِنَ الْمَجُوسِ وَانْهَوْهُمْ عَنِ الزَّمْزَمَةِ» ،
16973 -
وَقَالَ فِي الْقَدِيمِ: كَتَبَ إِلَى جَزْءِ بْنِ مُعَاوِيَةَ أَنْ فَرِّقُوا. ثُمَّ ذَكَرَهُ ، قَالَ: فَمَا رُوِّينَا فَكَيْفَ لَمْ تَأْخُذُوا بِهِ؟ ،
16974 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَقُلْتُ لَهُ: بَجَالَةُ رَجُلٌ لَيْسَ بِالْمَشْهُورِ ، وَلَسْنَا نَحْتَجُّ بِرِوَايَةِ رَجُلٍ مَجْهُولٍ لَيْسَ بِالْمَشْهُورِ ، وَلَا يُعْرَفُ أَنَّ جَزْءَ بْنَ مُعَاوِيَةَ كَانَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَامِلًا ،
16975 -
ثُمَّ بَسَطَ الْكَلَامَ فِي الْجَوَابِ عَنْهُ ، وَقَالَ فِي خِلَالِهِ: حَدِيثُ بَجَالَةَ مُوَافِقٌ لَنَا. لِأَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ إِنَّمَا حَمَلَهُمْ إِنْ كَانَ حَدِيثُ بَجَالَةَ ثَابِتًا عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ بِأَنَّ الْحَرَائِمَ لَا يَحْلِلْنَ لِلْمُسْلِمِينَ ، وَلَا يَنْبَغِي لِمُسْلِمٍ الزَّمْزَمَةُ ،
⦗ص: 349⦘
فَتَحْمِلُهُمْ عَلَى مَا تَحْمِلُ عَلَيْهِ الْمُسْلِمِينَ ، وَتَتَبَّعُهُمْ كَمَا تَتَبَّعُ الْمُسْلِمِينَ ، قَالَ: لَا ، قُلْتُ: فَقَدْ خَالَفْتَ مَا رَوَيْتَ عَنْ عَمْرَةَ ،
16976 -
ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ: وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ أَهْلِ الْعِلْمِ رَوَى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْحُكْمَ بَيْنَهُمْ إِلَّا فِي الْمُوَادِعَيْنِ اللَّذَيْنِ رُجِمَا ، وَلَا نَعْلَمُ عَنْ أَحَدٍ مِنَ أَصْحَابِهِ بَعْدَهُ إِلَّا مَا رَوَى بَجَالَةُ مِمَّا يُوَافِقُ حُكْمَ الْإِسْلَامِ ، وَسِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ ، عَنْ قَابُوسَ ، عَنْ عَلِيٍّ مِمَّا يُوَافِقُ قَوْلَنَا فِي أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَحْكُمَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ ،
16977 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهَاتَانِ الرِّوَايَتَانِ وَإِنْ لَمْ تُخَالِفَانَا غَيْرُ مَعْرُوفَتَيْنِ عِنْدَنَا ، وَنَحْنُ نَرْجُو أَنْ لَا نَكُونَ مِمَنْ تَدَعُوهُ الْحُجَّةُ عَلَى مَنْ خَالَفَهِ إِلَى قَبُولِ خَبَرِ مَنْ لَمْ يَثْبُتْ خَبَرُهُ بِمَعْرِفَتِهِ عِنْدَهُ ،
16978 -
قَالَ أَحْمَدُ: كَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله فِي كِتَابِ الْحُدُودِ ، وَنَصَّ فِي كِتَابِ الْجِزْيَةِ عَلَى أَنْ لَيْسَ لِلْإِمَامِ الْخِيَارَ فِي أَحَدٍ مِنَ الْمُعَاهَدِينَ الَّذِي يَجْرِي عَلَيْهِمُ الْحُكْمُ إِذَا جَاءَوهُ فِي حَدِّ اللَّهِ وَعَلَيْهِ أَنْ يُقِيمَهُ ، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ اللَّهِ عز وجل:{حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29] ،
16979 -
قَالَ: فَكَانَ الصِّغَارُ أَنْ يَجْرِيَ عَلَيْهِمْ حُكْمُ الْإِسْلَامِ ،
16980 -
وَذَكَرَ فِي كِتَابِ الْجِزْيَةِ حَدِيثَ بَجَالَةَ فِي الْجِزْيَةِ ، وَقَالَ: حَدِيثُ بَجَالَةَ مُتَّصِلٌ ثَابِتٌ لِأَنَّهُ أَدْرَكَ عُمَرَ ، وَكَانَ رَجُلًا فِي زَمَانِهِ كَاتِبًا لِعُمَّالِهِ ،
16981 -
وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الشَّافِعِيُّ لَمْ يَقِفْ عَلَى حَالِ بَجَالَةَ بْنِ عَبْدٍ ، وَيُقَالُ:«ابْنُ عَبْدَةَ» ، حِينَ صَنَّفَ كِتَابَ الْحُدُودِ ، ثُمَّ وَقَفَ عَلَيْهِ حِينَ صَنَّفَ كِتَابَ الْجِزْيَةِ ،
⦗ص: 350⦘
16982 -
وَحَدِيثُ بَجَالَةَ قَدْ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ ، وَحَدِيثُ عَلِيٍّ مُرْسَلٌ وَقَابُوسُ بْنُ مُخَارِقٍ غَيْرُ مُحْتَجٍّ بِهِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
16983 -
وَقَدْ حَدَّثَنَا الْإِمَامُ أَبُو الطِّيِّبِ سَهْلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ ، عَنِ الْحَكَمِ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ:" آيَتَانِ نُسِخَتَا مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ يَعْنِي الْمَائِدَةَ: آيَةُ الْقَلَائِدِ ، قَوْلُهُ: {فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} [المائدة: 42] ، قَالَ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُخَيَّرًا إِنْ شَاءَ حَكَمَ بَيْنَهُمْ ، وَإِنْ شَاءَ أَعْرَضَ عَنْهُمْ فَرَدَّهُمْ إِلَى أَحْكَامِهِمْ ، قَالَ: ثُمَّ نَزَلَتْ: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ} [المائدة: 49] فَأَمَرَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَهُمْ بِمَا فِي كِتَابِنَا " ،
16984 -
قَالَ أَحْمَدُ: سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ صَدُوقٌ ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَهُوَ قَوْلُ عِكْرِمَةَ
16985 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِيمَا بَلَغَهُ عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ أَنَّ " رَجُلًا أَتَى عَلِيًّا بِرَجُلٍ ، فَقَالَ: إِنَّ هَذَا يَزْعُمُ أَنَّهُ احْتَلَمَ عَلَى أُمِّ الْآخَرِ ، قَالَ: أَقِمْهُ فِي الشَّمْسِ ، فَاضْرِبْ ظِلَّهُ "
بَابُ حَدِّ الْقَذْفِ
16986 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى: " {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور: 5] فَأَمَرَ اللَّهُ أَنْ يُضْرَبَ الْقَاذِفُ ثَمَانِينَ وَأَنْ لَا تُقْبَلَ لَهُ شَهَادَةٌ وَسَمَّاهُ فَاسِقًا إِلَّا أَنْ يَتُوبَ " ،
16987 -
وَالْمُحْصَنَاتُ هَاهُنَا الْحَرَائِرُ الْبَوَالِغُ الْمُسْلِمَاتُ
16988 -
قَالَ أَحْمَدُ: رُوِّينَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ ، يَقُولُ:" بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَقِمْ عَلَيَّ الْحَدَّ. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي إِنْهَارِهِ مَرَّتَيْنٍ ، ثُمَّ قَالَ الثَّلَاثَةُ: «مَا حَدُّكَ» ، قَالَ: أَتَيْتُ امْرَأَةً حَرَامًا ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِرِجَالٍ مِنْ أَصْحَابِهِ: " انْطَلِقُوا بِهِ فَاجْلِدُوهُ مِائَةَ جَلْدَةٍ ، وَلَمْ يَكُنْ تَزَوَّجَ ، ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي إِنْكَارِ الْمَرْأَةِ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ شُهُودُكَ أَنَّكَ
⦗ص: 352⦘
خَبِيثٌ بِهَا فَإِنَّهَا تُنْكِرُ ، فَإِنْ كَانَ لَكَ شُهَدَاءُ جَلَدْتُهَا وَإِلَّا جَلَدْتُكَ حَدَّ الْفِرْيَةِ؟» فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: وَاللَّهِ مَا لِي شُهَدَاءُ ، فَأَمَرَ بِهِ فَجُلِدَ حَدَّ الْفِرْيَةِ ثَمَانِينَ " أَخْبَرَنَاهُ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ ، حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ أَبِي خَلَّادٍ ، عَنْ خَلَّادِ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ. . . فَذَكَرَهُ
16989 -
وَرُوِيَ فِي حَدِيثِ الْإِفْكِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِرَجُلَيْنِ وَامْرَأَةٍ مِمَنْ تَكَلَّمَ بِالْفَاحِشَةِ ، فَضُرِبُوا حَدَّهُمْ: حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ ، وَمِسْطَحِ بْنِ أُثَاثَةَ ، وَحَمْنَةَ بِنْتِ جَحْشٍ " ،
16990 -
وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ ، وَعُمَرَ ، وَعُثْمَانَ ، وَعَلِيٍّ ، فِي ضَرْبِ الْمَمْلُوكِ فِي الْقَذْفِ أَرْبَعِينَ
16991 -
وَرُوِّينَا عَنْ أَشْعَثَ ، عَنِ الْحَسَنِ:" إِذَا قَالَ يَا بْنَ الزَّانِيَيْنِ ، قَالَ: يُجْلَدُ حَدَّيْنِ " وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى قَالَ: كَانُوا يَقُولُونَ: عَلَيْهِ حَدَّانِ
33 - كِتَابُ السَّرِقَةِ
بَابُ مَا يَجِبُ فِيهِ الْقَطْعُ
16992 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: " قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [المائدة: 38]
16993 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ، وَأَبُو زَكَرِيَّا ، وَأَبُو بَكْرٍ ، وَأَبُو سَعِيدٍ ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عَمْرَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الْقَطْعُ فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا» ،
16994 -
قَالَ أَحْمَدُ: هَكَذَا حَمَلَهُ الشَّافِعِيُّ: عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ ، بِهَذَا اللَّفْظِ ،
16995 -
وَقَرَأْتُهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بِرِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْعُمَرِيِّ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ
16996 -
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، وَابْنِ عُيَيْنَةَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عَمْرَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ:«الْقَطْعُ فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا» ،
16997 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَبِهَذَا نَأْخُذُ ،
⦗ص: 357⦘
16998 -
أَخْبَرَنَا بِهِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ فِي «كِتَابِ مَنَاقِبِ الشَّافِعِيِّ» مَنْقُولًا عَنْ «كِتَابِ اخْتِلَافِ الْعِرَاقِيِّينَ» لِلشَّافِعِيِّ ، وَوَقَعَ لَهُ فِي النَّقْلِ عَنْ عُرْوَةَ ، وَهُوَ خَطَأٌ إِنَّمَا هُوَ عَنْ عَمْرَةَ بِلَا شَكٍّ ،
16999 -
وَهَذَا الْحَدِيثُ لِلشَّافِعِيِّ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ ، سَمَاعٌ ، وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ ، بَلَاغٌ عَنِ الثِّقَةِ ، عِنْدَهُ ، فَقَدْ رَوَاهُ فِي كِتَابِ الْحُدُودِ وَكِتَابِ الْقَطْعِ فِي السَّرِقَةِ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ وَحْدَهُ سَمَاعًا مِنْهُ كَمَا ذَكَرْنَا ،
17000 -
وَبِهَذَا اللَّفْظِ رَوَاهُ أَيْضًا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ فِي أَحَدِ الْمَوْضِعَيْنِ مِنْ مُسْنَدِهِ عُقَيْبَ حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ فِي الْقَطْعِ ،
17001 -
وَبِهَذَا الْمَعْنَى رُوِيَ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنٍ ، عَنِ الْحُمَيْدِيِّ ، وَحَجَّاجِ بْنِ مِنْهَالٍ ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ ،
17002 -
وَبِهَذَا اللَّفْظِ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيُّ فِي كِتَابِ «الْحَثِّ عَلَى اتِّبَاعِ السُّنَّةِ» ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ بْنِ حُبَابٍ ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ
17003 -
وَرَوَاهُ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ فِي الصَّحِيحِ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى ، وَغَيْرِهِ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عَمْرَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْطَعُ السَّارِقَ فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا» ،
⦗ص: 358⦘
17004 -
فَجَاءَ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ رَحِمَنَا اللَّهُ وَإِيَّاهُ ، وَرَوَاهُ عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى ، عَنْ سُفْيَانَ بِهَذَا اللَّفْظِ ، وَتَعَلَّقَ بِهِ وَزَعَمَ أَنَّهَا أَخْبَرَتْ عَمَّا قَطَعَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَيُحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِأَنَّهَا قَوَّمَتْ مَا قَطَعَ فِيهِ فَكَانَتْ قِيمَتُهُ عِنْدَهَا رُبُعَ دِينَارٍ ، فَجَعَلَتْ ذَلِكَ مِقْدَارَ مَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقْطَعُ فِيهِ ، وَقِيمَتُهُ عِنْدَ غَيْرِهَا أَكْثَرُ مِنْ رُبُعِ دِينَارٍ ،
17005 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَلَوْ كَانَ أَصْلُ الْحَدِيثِ عَلَى هَذَا اللَّفْظِ فَعَائِشَةُ رضي الله عنها عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِحَالِهَا كَانَتْ أَعْلَمَ بِاللَّهِ ، وَأَفْقَهَ فِي دِينِ اللَّهِ ، وَأَخْوَفَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَأَشَدَّ إِتْقَانًا فِي الرِّوَايَةِ مِنَ أَنْ تَقْطَعَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِأَنَّهُ كَانَ يَقْطَعُ السَّارِقَ فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا فِيمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ عِلْمًا ، أَوْ تُطْلِقَ مِثْلَ هَذَا التَّقْدِيرِ فِيمَا تُقَوِّمُهُ بِالظَّنِّ وَالتَّخْمِينِ ، وَمِنَ الْجَائِزِ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ غَيْرِهَا أَكْثَرُ قِيمَةً مِنْهُ ، ثُمَّ تُفْتِي بِذَلِكَ الْمُسْلِمِينَ ، نَحْنُ لَا نَظُنُّ بِعَائِشَةَ مِثْلَ هَذَا لِمَا تَقَرَّرَ عِنْدَنَا مِنَ إِتْقَانِهَا فِي الرِّوَايَةِ ، وَحَفِظِهَا لِلسُّنَّةِ ، وَمَعْرِفَتِهَا لِلشَّرِيعَةِ ، وَتَعْظِيمِهَا مَحَارِمَ اللَّهِ عز وجل ،
17006 -
هَذَا وَحَدِيثُ ابْنِ عُيَيْنَةَ هَذَا لَمْ يُخَرِّجْهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ ، وَأَظُنُّهُ إِنَّمَا تَرَكَهُ لِمُخَالَفَةِ سَائِرِ الرُّوَاةِ فِي لَفْظِهِ ، وَاضْطِرَابِهِ فِيهِ
17007 -
وَقَدْ أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو عَمْرِو بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ السِّمْنَانِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ ، وَأَبُو الرَّبِيعِ ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ، وَعَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ:«تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا» ،
⦗ص: 361⦘
17008 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو الْبِسْطَامِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ ، أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ ، حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ
17009 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو أَحْمَدَ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ ،. . . ، فَذَكَرَاهُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ ، وَقَالَا مَتْنُ الْحَدِيثِ:«لَا تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ إِلَّا فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا» ،
17010 -
وَلَا فَرْقَ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ فِي الْمَعْنَى. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي أُوَيْسٍ ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي الطَّاهِرِ ، وَحَرْمَلَةَ ، وَالْوَلِيدِ بْنِ شُجَاعٍ ،
⦗ص: 362⦘
17011 -
وَهَذَا إِخْبَارٌ عَنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ،
17012 -
فَرَجَعَ هَذَا الشَّيْخُ إِلَى تَرْجِيحِ رِوَايَةِ ابْنِ عُيَيْنَةَ ، وَقَالَ يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ: عِنْدَكُمْ لَا يُقَارِبُ ابْنَ عُيَيْنَةَ ، فَكَيْفَ تَحْتَجُّونَ بِمَا رَوَى يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ ، وَتَدَعُونَ مَا رَوَى ابْنُ عُيَيْنَةَ؟ ،
17013 -
وَكَانَ يَنْبَغِي لِهَذَا الشَّيْخِ أَنْ يَنْظُرَ فِي تَوَارِيخِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ ، وَتَبَصَّرَ مَدَارِجَ الرُّوَاةِ وَمَنَازِلَهُمْ فِي الرِّوَايَةِ ، ثُمَّ يَدَّعِي عَلَيْهِمْ مَا رَأَى مِنْ مَذَاهِبِهِمْ ، وَيُلْزِمُهُمْ مَا وَقَفَ عَلَيْهِ مِنْ أَقَاوِيلِهِمْ ، لَوْ قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ لَا يُقَارِبَ يُونُسَ بْنَ يَزِيدَ فِي الزُّهْرِيِّ لَكَانَ أَقْرَبَ إِلَى أَقَاوِيلِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ مِنْ أَنْ يُرَجِّحَ رِوَايَةَ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَلَى رِوَايَةِ يُونُسَ
⦗ص: 363⦘
17014 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ ، وَأَبُو بَكْرٍ ، أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَشْنَائِيُّ ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدُوسٍ الطَّرَائِفِيُّ ، قَالَ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ سَعِيدٍ الدَّارِمِيَّ ، يَقُولُ:" سَأَلْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ ، عَنْ أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ ، فَذَكَرَ: مَالِكًا ، وَيُونُسَ بْنَ يَزِيدَ ، وَمَعْمَرًا ، وعَقِيلًا ، وَغَيْرَهُمْ ، وَذَكَرَ مَنَازِلَهُمْ " ،
17015 -
قُلْتُ: فَابْنُ عُيَيْنَةَ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَوْ مَعْمَرٌ؟ فَقَالَ: مَعْمَرٌ ،
17016 -
قُلْتُ لَهُ: إِنَّ بَعْضَ النَّاسِ يَزْعُمُونَ ، يَقُولُونَ: سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ أَثْبَتُ النَّاسِ فِي الزُّهْرِيِّ ،
17017 -
فَقَالَ: إِنَّمَا يَقُولُ ذَلِكَ مَنْ سَمِعَ مِنْهُ ، وَأَيُّ شَيْءٍ كَانَ سُفْيَانُ ، إِنَّمَا كَانَ غُلَيْمًا يَعْنِي أَيَّامَ الزُّهْرِيِّ ،
17018 -
قَالَ: وَسَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ سَعِيدٍ ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ صَالِحٍ ، يَقُولُ: لَا نُقَدِّمُ فِي الزُّهْرِيِّ عَلَى يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ أَحَدًا ،
17019 -
قَالَ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ: وَكَانَ الزُّهْرِيُّ إِذَا قَدِمَ أَيْلَةَ نَزَلَ عَلَى يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ ، وَإِذَا سَارَ إِلَى الْمَدِينَةِ زَامَلَهُ يُونُسُ
17020 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بِمِصْرَ ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ سَهْلٍ الرَّمْلِيُّ ، حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ هَارُونَ ، حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْمُنْتَصِرِ ، حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ ، قَالَ:«صَحِبْتُ الزُّهْرِيَّ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً» ،
17021 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَأَمَّا ابْنُ عُيَيْنَةَ فَإِنَّهُ قَالَ: وُلِدْتُ سَنَةَ سَبْعٍ وَمِائَةٍ ،
⦗ص: 364⦘
وَجَالَسْتُ الزُّهْرِيَّ وَأَنَا ابْنُ سِتَّ عَشْرَةَ وَشَهْرَيْنِ وَنِصْفٍ ، قَدِمَ عَلَيْنَا الزُّهْرِيُّ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةً ، وَخَرَجَ إِلَى الشَّامِ وَمَاتَ. أَخْبَرَنَا بِذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ الْفَارِسِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْأَصْبَهَانِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ فَارِسٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ ، قَالَ: قَالَ لِي عَلِيٌّ هُوَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ. . . ، فَذَكَرَهُ ،
17022 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَفِيمَا ذَكَرْنَا بَيَانُ كِبَرِ يُونُسَ ، وَطُولِ صُحْبَتِهِ الزُّهْرِيَّ ، وَصِغَرِ سُفْيَانَ وَقِصَرِ صُحْبَتِهِ إِيَّاهُ ،
17023 -
وَكَانَ الزُّهْرِيُّ يَقُولُ لِابْنِ عُيَيْنَةَ: مَا رَأَيْتُ طَالِبًا لِلْعِلْمِ أَصْغَرَ مِنْهُ ،
17024 -
وَكَانَ الزُّهْرِيُّ يُجْلِسُهُ عَلَى فَخِذِهِ وَيُحَدِّثُهُ ،
17025 -
فَكَمْ بَيْنَ سَمَاعِهِ ، وَسَمَاعِ مَنْ صَحِبَ الزُّهْرِيَّ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً ، يَسْمَعُهُ يُبْدِئُ الْحَدِيثَ ، وَيُعِيدُهُ ، وَيُنْشِئُهُ ، وَيُكَرِّرُهُ؟ ،
17026 -
وَالْعَجَبُ أَنَّ هَذَا الشَّيْخَ أَوْهَمَ مَنْ نَظَرَ فِي كِتَابِهِ أَنَّهُ لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ الزُّهْرِيِّ غَيْرُ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ ، وَيُونُسَ بْنِ يَزِيدَ ، ثُمَّ رَوَاهُ فِي آخِرِ الْبَابِ مِنْ حَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ
17027 -
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّي ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ ، أَخْبَرَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عَمْرَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«يُقْطَعُ السَّارِقُ فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا»
⦗ص: 365⦘
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنِ الْقَعْنَبِيِّ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ
17028 -
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْفَوَارِسِ ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُكْرَمٍ ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ ، قَالَا: حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ ، عَنْ عَمْرَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ:«الْقَطْعُ فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ ،
17029 -
قَالَ الْبُخَارِيُّ: تَابَعَهُ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ
17030 -
حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عَمْرَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا»
17031 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ، وَمُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ ، كُلُّهُمْ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ،
17032 -
فَهَؤُلَاءِ جَمَاعَةٌ مِنْ حُفَّاظِ أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ وَثِقَاتِهِمْ قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى
⦗ص: 366⦘
رِوَايَةِ هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ لَفْظِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، كَمَا رَوَاهُ يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ الْأَيْلِيُّ ، أَفَمَا تَدُلُّ رِوَايَتُهُمْ عَلَى أَنَّ أَصْلَ الْحَدِيثِ مَا رَوَوْا دُونَ مَا رَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ؟ وَإِنْ كَانَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَا مَحْفُوظَيْنِ بِأَنْ يَقْطَعَ فِي رُبُعِ دِينَارٍ وَيَقُولُ:«الْقَطْعُ فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا» فَيُؤَدِّي ابْنُ عُيَيْنَةَ مَرَّةً الْفِعْلَ دُونَ الْقَوْلِ ، وَمَرَّةً الْقَوْلَ دُونَ الْفِعْلِ ، وَيُؤَدِّي هَؤُلَاءِ الْقَوْلَ دُونَ الْفِعْلِ لِكَوْنِهِ أَبْلَغَ فِي الْبَيَانِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ،
17033 -
هَذَا وَقَدْ رَوَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَنْصَارِيُّ ، عَنْ عَمْرَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَ مَعْنَى رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ ،
17034 -
وَأَمَّا حَدِيثُ سُلَيْمَانَ فَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو عَمْرِو بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُونُسَ ، حَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ ، وَأَبُو الرَّبِيعِ ، قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَخْرَمَةُ بْنُ بُكَيْرٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ عَمْرَةَ ، أَنَّهَا سَمِعَتْ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تُحَدِّثُ: أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لَا تُقْطَعُ الْيَدُ إِلَّا فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَمَا فَوْقَهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي الطَّاهِرِ
17035 -
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ فَأَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِ ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ ، عَنْ عَمْرَةَ ،
⦗ص: 367⦘
عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تُقْطَعُ الْيَدُ إِلَّا فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا» أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي عَامِرٍ الْعَقَدِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ. وَأَخْرَجَهُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ ابْنِ الْهَادِ ،
17036 -
وَرَوَاهُ أَيْضًا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ ،. وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى الْغَسَّانِيِّ ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ ، وَقَدْ ذَكَرْنَا رِوَايَتَهُمَا فِي كِتَابِ السُّنَنِ
17037 -
وَأَمَّا حَدِيثُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَنْصَارِيِّ فأَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرٍ الْفَقِيهُ ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا حُسَيْنُ الْمُعَلِّمُ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَنْصَارِيُّ ، أَنَّ عَمْرَةَ بِنْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، حَدَّثَتْهُ ، أَنَّ عَائِشَةَ حَدَّثَتْهَا ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«تُقْطَعُ الْيَدُ بِرُبُعِ دِينَارٍ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مَيْسَرَةَ ، عَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ ،
17038 -
قَالَ أَحْمَدُ: حَدِيثُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ هَذَا لَمْ يُورِدْهُ هَذَا
⦗ص: 368⦘
الشَّيْخُ ، وَلَا أَدْرِي بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ يُعَلِّلُهُ ، وَلَمْ يَبْلُغْهُ ، وَقَدْ غَلَطَ بَعْضُ الرُّوَاةِ فِيهِ ، فَقَالَ فِي إِسْنَادِهِ:«عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ» وَإِنَّمَا هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زُرَارَةَ الْأَنْصَارِيُّ فِي قَوْلِ بَعْضِ مَنْ حَكَاهُ عَنْهُ الْبُخَارِيُّ يَرْوِي عَنْ عَمَّةِ أَبِيهِ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ،
17039 -
قَالَ شُعْبَةُ: مَا رَأَيْتُ رَجُلًا مِنَّا شَبَهَهُ وَسَأَلَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنْ يَكْتُبَ حَدِيثَ عَمْرَةَ ،
17040 -
وَأَمَّا حَدِيثُ مَخْرَمَةَ بْنِ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ عَنْ أَبِيهِ ، فَإِنَّهُ عَلَّلَهُ هَذَا الشَّيْخُ بِأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنَ أَبِيهِ شَيْئًا ، وَاحْتَجَّ بِمَا حُكِيَ عَنْهُ مِنْ سَمَاعِ كُتُبِ أَبِيهِ
17041 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ النَّحْوِيُّ ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ ، قَالَ:" قَرَأْتُ فِي كِتَابِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ بِخَطِّ مَالِكٍ ، قَالَ: وَصَلْتُ الصُّفُوفَ حَتَّى قُمْتُ إِلَى حَدِيثِ مَخْرَمَةَ بْنِ بُكَيْرٍ فِي الرَّوْضَةِ ، فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ النَّاسَ يَقُولُونَ أَنَّكَ لَمْ تَسْمَعْ هَذِهِ الْأَخْبَارَ الَّتِي تُرْوَى عَنْ أَبِيكَ مِنْ أَبِيكَ ، فَقَالَ: وَرَبِّ هَذَا الْمِنْبَرِ وَالْقَبْرِ لَقَدْ سَمِعْتُهَا مِنَ أَبِي ، وَرَبِّ هَذَا الْمِنْبَرِ وَالْقَبْرِ لَقَدْ سَمِعْتُهَا مِنَ أَبِي ، وَرَبِّ هَذَا الْمِنْبَرِ وَالْقَبْرِ لَقَدْ سَمِعْتُهَا مِنَ أَبِي " ثَلَاثًا
⦗ص: 369⦘
17042 -
وَرُوِّينَا عَنْ مَعْنِ بْنِ عِيسَى ، أَنَّهُ قَالَ: مَخْرَمَةُ سَمِعَ مِنَ أَبِيهِ ، وَعَرَضَ عَلَيْهِ رَبِيعَةُ أَشْيَاءَ مِنْ رَأْيِ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ ،
17043 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَقَدِ اعْتَمَدَهُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ فِيمَا أَرْسَلَ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ أَبِيهِ بُكَيْرٍ ، وَإِنَّمَا أَخَذَهُ عَنْ مَخْرَمَةَ ،. وَاعْتَمَدَهُ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، فَأَخْرَجَ أَحَادِيثَهُ عَنْ أَبِيهِ ، فِي الصَّحِيحِ وَوَثَّقَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ، وَعَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ ،
17044 -
فَيُحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِمَا حُكِيَ عَنْهُ مِنَ إِنْكَارِهِ سَمَاعَ الْبَعْضِ دُونَ الْجَمِيعِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ،
17045 -
ثُمَّ هَبْ أَنَّ الْأَمْرَ عَلَى مَا حُكِيَ عَنْهُ مِنَ الْإِنْكَارِ ، أَلَيْسَ قَدْ جَاءَ بِكُتُبِ أَبِيهِ الرَّجُلُ الصَّالِحُ فَإِذَا فِيهَا تِلْكَ الْأَحَادِيثُ؟ أَفَمَا يَدُلُّنَا مَا وُجِدَ فِي كِتَابِ أَبِيهِ مِنْ حَدِيثِ الْقَطْعِ عَلَى مُتَابَعَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَمْرَةَ أَكْثَرَ أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ فِي لَفْظِ الْحَدِيثِ ،
17046 -
وَعَلَّلَ هَذَا الشَّيْخُ حَدِيثَ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ بِمَا رَوَاهُ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ، وَعَبْدُ رَبِّهِ بْنُ سَعِيدٍ ، وَزُرَيْقُ بْنُ حَكِيمٍ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَمْرَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، مَوْقُوفًا. . . ،
17047 -
وَأَخَذَ فِي كَلَامٍ يُوهِمُ مَنْ نَظَرِ فِي كِتَابِهِ أَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ يَنْفَرِدُ بِهَذَا الْحَدِيثِ ، وَأَنَّ الَّذِينَ خَالَفُوهُ أَكْثَرُ عَدَدًا ، وَأَشَدُّ إِتْقَانًا وَحِفْظًا ، وَلَمْ يُعْلَمْ حَالُ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ فِي عِلْمِهِ بِالْقَضَاءِ وَالسُّنَنِ وَشِدَّةِ اجْتَهَادِهِ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ
⦗ص: 370⦘
،
17048 -
وَرُوِّينَا عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ ، أَنَّهُ قَالَ:«لَمْ يَكُنْ عِنْدَ أَحَدٍ بِالْمَدِينَةِ مِنْ عَلْمِ الْقَضَاءِ مَا كَانَ عِنْدَ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ» ،
17049 -
وَذَكَرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَمَرَهُ أَنْ يَكْتُبَ لَهُ الْعِلْمَ مِنْ عِنْدَ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ ،
17050 -
وَذَكَرَ غَيْرُهُ أَنَّ سَجْدَتَهُ كَانَتْ أَخَذَتْ جَبْهَتَهُ وَأَنْفَهُ ،
17051 -
فَإِذَا كَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَعْتَمِدُهُ فِي الْقَضَاءِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِالْمَدِينَةِ ثُمَّ يَعْتَمِدُهُ فِي كَتْبِهِ الْحَدِيثَ لَهُ عَنْ عَمْرَةَ وَغَيْرِهَا أَفَلَا نَعْتَمِدُهُ فِيمَا رَوَاهُ عَنْهَا ، وَقَدْ تَابَعَهُ أَحْفَظُ النَّاسِ فِي دَهْرِهِ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ ، وَتَابَعَهُ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَنْصَارِيُّ ، وَغَيْرُهُمَا عَنْ عَمْرَةَ
17052 -
فَأَمَّا مَا رُوِيَ مِنْ ذَلِكَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، وَغَيْرِهِ ، فَأَخْبَرَنَاهُ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْفَضْلِ ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ ، قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْحُمَيْدِيُّ فِي حَدِيثِ «قَطْعِ السَّارِقِ فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا» قِيلَ لِسُفْيَانَ: إِنَّ الزُّهْرِيَّ رَفَعَهُ وَلَمْ يَرْفَعْهُ غَيْرُهُ
17053 -
قَالَ سُفْيَانُ: حَدَّثَنَاهُ يَحْيَى ، وَعَبْدُ رَبِّهِ ابْنَا سَعِيدٍ ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ ، وَرُزَيْقُ بْنُ حَكِيمٍ ، عَنْ عَمْرَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، أَنَّهَا قَالَتِ:«الْقَطْعُ فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا» إِلَّا أَنَّ يَحْيَى قَالَ كَلِمَةً تَدُلُّ عَلَى الرَّفْعِ مَا نَسِيتُ وَلَا طَالَ عَلَيَّ: «الْقَطْعُ فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا» . وَالزُّهْرِيُّ أَحْفَظُهُمْ كُلُّهُمْ ،
17054 -
قَالَ أَحْمَدُ: فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيَّنَ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ أَنَّ الزُّهْرِيَّ رَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَوْلًا مِنْهُ كَمَا حَكَاهُ الْحُمَيْدِيُّ ،
17055 -
وَهَذَا خِلَافُ مَا اعْتَمَدَهُ هَذَا الشَّيْخُ مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ ، وَبَيَّنَ أَنَّ الزُّهْرِيَّ أَحْفَظُهُمْ ، وَأَخْبَرَ أَنَّ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ أَشَارَ إِلَى الرَّفْعِ ،
17056 -
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ يَحْيَى
17057 -
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ إِسْحَاقَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ ، فِيمَا قَرَأَ عَلَى مَالِكٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، أَنَّ عَائِشَةَ ، زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: مَا طَالَ عَلَيَّ وَلَا نَسِيتُ: «الْقَطْعُ فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا» ،
17058 -
وَقَدْ رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، مَرْفُوعًا وَلَا أَدْرِي عَمَنْ أَخَذَهُ عَنْ يَحْيَى
17059 -
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ هُوَ الْأَصَمُّ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ ، أَخْبَرَنَا سَعِيدُ ، عَنْ يَحْيَى ، عَنْ عَمْرَةَ ،
⦗ص: 372⦘
عَنْ عَائِشَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ:«الْقَطْعُ فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا» ،
17060 -
وَأَسْنَدَهُ أَيْضًا أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ ، عَنْ يَحْيَى ، وَبُدَيْلُ بْنُ الْمُحَبَّرِ ، عَنْ شُعْبَةَ ، عَنْ يَحْيَى ،
17061 -
وَكَانَتْ عَائِشَةُ تُفْتِي بِذَلِكَ وَتَرْوِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ،
17062 -
فَهَؤُلَاءِ الرُّوَاةُ كَانُوا يَقْتَصِرُونَ فِي الرِّوَايَةِ مَرَّةً عَلَى فَتْوَاهَا ، وَمَرَّةً عَلَى رِوَايَتِهَا لَقِيَامِ الْحُجَّةِ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا
17063 -
وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ ، فَإِنَّهُ رَوَى عَنْ عَمْرَةَ ، قِصَّةَ الْمَوْلَاتَيْنِ اللَّتَيْنِ خَرَجَتَا مَعَ عَائِشَةَ ، وَالْعَبْدُ الَّذِي سَرَقَ مِنْهُمَا ، وَأَنَّهَا أَمَرَتْ بِهِ فَقُطِعَتْ يَدُهُ ، وَقَالَتْ:«الْقَطْعُ فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا» ،
17064 -
فَعَائِشَةُ كَانَتْ تَقْضِي بِذَلِكَ ، وَتُفْتِي بِهِ طُولَ عُمُرِهَا ، وَتَرْوِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ،
17065 -
وَعَمْرَةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ كَانَتْ تَرْوِي مَرَّةً فَتْوَاهَا وَمَرَّةً رِوَايَتَهَا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَمَا هِيَ عَادَةُ الرُّوَاةِ وَنَقَلَةِ الْأَخْبَارِ ،
17066 -
فَلَا يُعَلَّلُ حَدِيثُ الْحُفَّاظِ الثِّقَاتِ بِمِثْلِ هَذَا
17067 -
وَقَدْ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ الْفَضْلِ ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ إِلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ يَأْمُرُهُ: انْظُرْ مَا كَانَ مِنْ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، أَوْ سُنَّةٍ مَاضِيَةٍ ، أَوْ حَدِيثِ عَمْرَةَ ، فَاكْتُبْهُ فَإِنِّي خِفْتُ دُرُوسَ الْعِلْمِ وَذَهَابَ أَهْلِهِ ،
17068 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بُشْرَانَ ، أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ السَّمَّاكِ ، حَدَّثَنَا حَنْبَلُ بْنُ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَعْنِي ابْنَ مَهْدِيٍّ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، قَالَ: قَالَ لِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: مَا بَقِيَ أَحَدٌ أَعْلَمُ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ مِنْهَا يَعْنِي عَمْرَةَ. وَقَالَ: وَكَانَ عُمَرُ يَسْأَلُهَا ،
17069 -
قَالَ أَحْمَدُ: فَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ كَانَ حَالُ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي التَّابِعِينَ ،
17070 -
وَقَدْ رُوِّينَاهُ مِنْ ، حَدِيثِ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ، وَعَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
17071 -
وَرُوِيَ عَنْ هَمَّامٍ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُرْوَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «السَّارِقُ يُقْطَعُ فِي رُبْعِ دِينَارٍ» أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ الْحَوْضِيُّ ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ ، فَذَكَرَهُ.
17072 -
وَرَوَاهُ عَنْ هَمَّامِ بْنِ يَحْيَى عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ ، وَإِسْحَاقُ بْنُ خَالِدٍ ، فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ
17073 -
وَرُوِيَ مَوْقُوفًا مِنْ حَدِيثِ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، أَنَّهَا قَالَتْ:«لَمْ تُقْطَعِ الْيَدُ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي أَقَلِّ مِنْ ثَمَنِ الْمِجَنِّ حَجَفَةٍ ، أَوْ تُرْسٍ ، وَكِلَاهُمَا ذُو ثَمَنٍ»
17074 -
وَهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ إِنَّمَا رَوَى هَذَا ، فِي رَجُلٍ سَرَقَ قَدَحًا فَأُتِيَ بِهِ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، فَقَالَ هِشَامٌ: قَالَ أَبِي: أَنَّهُ لَا تُقْطَعُ الْيَدُ فِي الشَّيْءِ التَّافِهِ ، وَقَالَ: أَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ: أَنَّهُ «لَمْ تَكُنْ تُقْطَعُ الْيَدُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَدْنَى مِنْ ثَمَنِ مِجَنٍّ ، أَوْ جَحْفَةٍ ، أَوْ تُرْسٍ» أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عِيسَى ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، قَالَا: وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ أَنَّ رَجُلًا سَرَقَ قَدَحًا. فَذَكَرَهُ
⦗ص: 375⦘
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ ، عَنْ عَبْدَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ
17075 -
وَقِيمَةُ الْمِجَنِّ غَيْرُ مَذْكُورَةٍ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَقَدْ ذَكَرَتْهَا عَمْرَةُ ، عَنْ عَائِشَةَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ عَمْرَةَ ، قَالَتْ:" قِيلَ لِعَائِشَةَ: مَا ثَمَنُ الْمِجَنِّ؟ قَالَتْ: رُبُعُ دِينَارٍ "
17076 -
وَبَيْنَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَذَلِكَ فِيمَا أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ، وَأَبُو بَكْرٍ ، وَأَبُو زَكَرِيَّا ، وَأَبُو سَعِيدٍ ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «قَطَعَ سَارِقًا فِي مِجَنٍّ قِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ» أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ ، وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ نَافِعٍ
17077 -
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ السُّكَّرِيُّ النَّيْسَابُورِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الصَّوَّافِ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ بِشْرُ بْنُ مُوسَى الْأَسَدِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ أَيُّوبَ ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ ، وَمُوسَى بْنِ عُقْبَةَ ، عَنْ نَافِعٍ ،
⦗ص: 376⦘
عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «قَطَعَ فِي مِجَنٍّ قِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ ، وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، وَمُوسَى بْنِ عُقْبَةَ ،
17078 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ مُوَافِقٌ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ لِأَنَّ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَمِنْ بَعْدِهِ رُبُعِ دِينَارٍ ،
17079 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: وَذَلِكَ أَنَّ الصَّرْفَ كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا وَكَانَ كَذَلِكَ بَعْدَهُ وَفَرَضَ عُمَرُ رضي الله عنه الدِّيَّةَ اثْنَي عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ عَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ ، وَعَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ: أَلْفُ دِينَارٍ ، وَقَالَتْ عَائِشَةُ ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ ، وَابْنُ عَبَّاسٍ فِي الدِّيَةِ: اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ
17080 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ ، وَأَبُو زَكَرِيَّا ، وَأَبُو سَعِيدٍ ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، أَنَّ «سَارِقًا سَرَقَ أُتْرُجَّةً
⦗ص: 377⦘
فِي عَهْدِ عُثْمَانَ ، فَأَمَرَ بِهَا عُثْمَانُ ، فَقُوِّمَتْ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ مِنْ صَرْفِ اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا بِدِينَارٍ ، فَقَطَعَ يَدَهُ» ،
17081 -
قَالَ مَالِكٌ: وَهِيَ الْأُتْرُجَّةُ الَّتِي يَأْكُلُهَا النَّاسُ ،
17082 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَحَدِيثُ عُثْمَانَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الدَّرَاهِمَ كَانَتِ اثْنَيْ عَشَرَ بِدِينَارٍ
17083 -
قَالَ: وَيَدُلُّ حَدِيثُ عُثْمَانَ عَلَى أَنَّ قَطْعَ الْيَدِ فِي الثَّمَرِ الرُّطَبِ: صَلُحَ بِيُبْسٍ ، أَوْ لَمْ يَصْلُحْ ، لِأَنَّ الْأُتْرُجَّ لَا يَيْبَسُ
17084 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ، وَأَبُو زَكَرِيَّا ، وَأَبُو بَكْرٍ ، وَأَبُو سَعِيدٍ ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ حُمَيْدِ الطَّوِيلِ: أَنَّهُ سَمِعَ قَتَادَةَ ، يَسْأَلُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ عَنِ الْقَطْعِ ، فَقَالَ أَنَسٌ: حَضَرْتُ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ قَطَعَ سَارِقًا فِي شَيْءٍ مَا يَسُدُّنِي أَنَّهُ لِي بِثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ "
17085 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ ، وَأَبُو زَكَرِيَّا ، وَأَبُو سَعِيدٍ ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا غَيْرُ وَاحِدٍ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ:«الْقَطْعُ فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا»
17086 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَرَوَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ عَلِيًّا ، قَطَعَ يَدَ سَارِقٍ فِي بَيْضَةٍ مِنْ حَدِيدٍ ثَمَنُهَا رُبُعُ دِينَارٍ "
17087 -
قَالَ أَحْمَدُ: هَذَا الشَّيْخُ الَّذِي تَكَلَّمَ عَلَى الْأَخْبَارِ الَّتِي احْتَجَجْنَا بِهَا بِالطَّعْنِ فِيهَا الْآنَ أَبْصَرَ بِإِيشِ احْتَجَّ ، رُوِيَ فِي مُقَابِلِهِ حَدِيثُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، وَأَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ ، وَمُوسَى بْنِ عُقْبَةَ ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ ، وَحَنْظَلَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ ، وَأَيُّوبَ بْنِ مُوسَى ، وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «قَطَعَ فِي مِجَنٍّ قِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ»
17088 -
وَفِي رِوَايَةِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَهُوَ إِمَامٌ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: قُوِّمَتْ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ
17089 -
حَدِيثُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ: كَانَتْ «قِيمَةُ الْمِجَنِّ الَّذِي قَطَعَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَشْرَةَ دَرَاهِمَ» ،
17090 -
وَحَدِيثُ ابْنِ إِسْحَاقَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، مِثْلَهُ
17091 -
وَحَدِيثُ مُجَاهِدٍ وَعَطَاءٍ ، عَنْ أَيْمَنَ الْحَبَشِيِّ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَدْنَى مَا يَقْطَعُ فِيهِ السَّارِقُ ثَمَنُ الْمِجَنِّ» قَالَ: وَكَانَ يُقَوَّمُ دِينَارًا ،
⦗ص: 379⦘
17092 -
وَقِيلَ عَنْ أَيْمَنَ ابْنِ أُمِّ أَيْمَنَ ، عَنْ أُمِّ أَيْمَنَ ،
17093 -
وَمَنْ أَنْصَفَ وَرَجَعَ إِلَى أَدْنَى مَعْرِفَةٍ بِالْأَخْبَارِ ، عَلِمَ أَنَّ بِمِثْلِ هَذِهِ الْأَخْبَارِ لَا يُتْرَكُ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ ، وَلَا حَدِيثُ عَائِشَةَ ،
17094 -
وَمَنْ يَرُدُّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ حَدِيثَ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ ، عَنْ عَمْرَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْقَطْعِ بِأَنَّ رَاوِيَهُ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ: يَزِيدُ بْنُ الْهَادِ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ؟ ،
17095 -
وَيَزِيدُ بْنُ الْهَادِ مِمَنْ أَجْمَعَ الْحُفَّاظُ عَلَى تَوْثِيقِهِ ، وَالِاحْتِجَاجِ بِرِوَايَتِهِ ،
17096 -
وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَدْ يُحْتَجُّ بِهِ فِيمَا لَا يُخَالِفُ فِيهِ أَهْلَ الْحِفْظِ
⦗ص: 382⦘
وَهُوَ فِي تِلْكَ الرِّوَايَةِ لَمْ يُخَالِفْ أَحَدًا ، فَحَقِيقٌ لَهُ أَنْ يُحْتَجَّ بِرِوَايَتِهِ هَذِهِ ، وَقَدْ خَالَفَ فِيهَا مَنْ هُوَ أَحْفَظُ مِنْهُ الْحَكَمَ بْنَ عُتَيْبَةَ ، فَإِنَّهُ إِنَّمَا رَوَاهُ عَنْ عَطَاءٍ ، وَمُجَاهِدٍ ، عَنْ أَيْمَنَ هَذَا
17097 -
وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ فِي كِتَابِ السُّنَنِ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ ، وَمُحَمَّدِ بْنِ أَبِي السَّرِيِّ الْعَسْقَلَانِيِّ وَلَفْظُ الْحَدِيثِ لَهُ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ:«قَطَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَ رَجُلٍ فِي مِجَنٍّ قِيمَتُهُ دِينَارٌ ، أَوْ عَشْرَةُ دَرَاهِمَ» أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ. . . ، فَذَكَرَهُ ،
17098 -
وَهَذِهِ حِكَايَةٌ عَنْ سَرِقَةٍ بِعَيْنِهَا وَهِيَ لَا تُخَالِفُ فِي الْمَعْنَى مَا مَضَى
17099 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَمَنْ يَرُدُّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ شَيْبَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْأَسْوَدِ ، وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، وَكَثِيرِ بْنِ حُبَيْشٍ ، أَوْ قَالَ: ابْنِ خُنَيْسٍ ، أَنَّهُمْ تَنَازَعُوا فِي الْقَطْعِ ، فَدَخَلُوا عَلَى عَائِشَةَ يَسْأَلُونَهَا ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: قَالَ رَسُولُ
⦗ص: 383⦘
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا قَطْعَ إِلَّا فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا» بِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ لِجَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ سَمَاعًا ،
17100 -
فَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَحْتَجَّ بِرِوَايَةِ أَيْمَنَ الْحَبَشِيِّ ، وَرِوَايَتُهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُنْقَطِعَةٌ ، وَلَا بِرِوَايَةِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنِ
⦗ص: 386⦘
ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: «لَا تُقْطَعُ الْيَدُ فِي أَقَلِّ مِنْ عَشْرَةِ دَرَاهِمَ» لِانْقِطَاعِهَا
17101 -
وَقَدْ أَنْبَأَنِي بِالْحَدِيثِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، إِجَازَةً أَنَّ أَبَا الْحَسَنِ أَحْمَدَ بْنَ وَاصِلٍ الْبِيكَنْدِيَّ أَخْبَرَهُمْ: حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ ، قَالَ: قَالَ لَنَا أَبُو صَالِحٍ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ ، عَنِ ابْنِ جَارِيَةَ ، وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، وَعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مُغِيرَةٍ ، وَكَثِيرِ بْنِ حُبَيْشٍ أَوْ قَالَ ابْنُ خُنَيْسٍ ، وَكَانَ غَيْرَ مُقَيَّدٍ ، وَالْحُفَّاظُ لَا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ أَنَّهُمْ تَنَازَعُوا فَدَخَلُوا عَلَى عَائِشَةَ ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لَا قَطْعَ إِلَّا فِي رُبُعِ دِينَارٍ»
17102 -
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَقَالَ ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ؟ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ ، قَالَ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ ، أَنَّ الْأَسْوَدَ بْنَ الْعَلَاءِ بْنِ جَارِيَةَ ، حَدَّثَهُ أَنَّهُ ، سَمِعَ عَمْرَةَ تُحَدِّثُ عَنْ عَائِشَةَ ، أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ ،
17103 -
قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَقَالَ هَارُونُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ
⦗ص: 387⦘
الْمُبَارَكِ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَنْصَارِيُّ ، أَنَّ عَمْرَةَ ، حَدَّثَتْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ ،
17104 -
قَالَ: وَقَالَ الْأُوَيْسِيُّ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الرِّجَالِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَمْرَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَهُ ،
17105 -
قَالَ: وَقَالَ أَصْبَغُ: أَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ ، عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ بُكَيْرٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ عَمْرَةَ ، قَالَ سَمِعْتُ عَائِشَةَ ، تَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم. . . مِثْلَهُ ،
17106 -
هَكَذَا وَجَدْنَا هَذَا الْحَدِيثَ فِي تَارِيخِ الْبُخَارِيِّ فِي تَرْجَمَةِ كَثِيرِ بْنِ حُبَيْشٍ ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي ذِكْرِ كَثِيرٍ سَمِعَ عَمْرَةَ بِنْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، رَوَى عَنْهُ الْأَسْوَدُ بْنُ الْعَلَاءِ ، أَوِ الْعَلَاءُ بْنُ الْأَسْوَدِ ،
17107 -
ثُمَّ أَرْدَفَهُ بِأَحَادِيثِ جَمَاعَةٍ مِمَنْ رَوَاهُ عَنْ عَمْرَةَ ،
17108 -
فَيُشَبِهُ أَنْ يَكُونَ الْحَدِيثُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ الْعَلَاءِ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، وَصَاحِبَيْهِ أَنَّهُمْ تَنَازَعُوا ، فَدَخَلُوا عَلَى عَمْرَةَ ، ثُمَّ عَمْرَةُ حَدَّثَتْ عَنْ عَائِشَةَ ، وَعَائِشَةُ حَدَّثَتْ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ،
17109 -
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْأَسْوَدُ بْنُ الْعَلَاءِ مَعَهُمْ حِينَ دَخَلُوا عَلَى عَمْرَةَ وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي مَرْيَمَ دَلَالَةٌ عَلَى ذَلِكَ ،
⦗ص: 388⦘
17110 -
وَقَدْ أَثْبَتَ الْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ سَمَاعَهُ مِنَ أَبِي سَلَمَةَ وَعَمْرَةَ ، وَقَالَ: قَالَهُ جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ. وَسَمَاعُ جَعْفَرٍ مِنَ الْأَسْوَدِ بْنِ الْعَلَاءِ غَيْرُ مَرْفُوعٍ مَعَ أَنَّهُ قَدْ سَمِعَ مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ الْأَعْرَجِ ، فَلَيْسَ مِنَ الْبَعِيدِ سَمَاعُهُ أَيْضًا مِنَ أَبِي سَلَمَةَ وَالْمَذْكُورِينَ مَعَهُ. وَرَوَى الْأَسْوَدُ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ غَيْرَ هَذَا الْحَدِيثِ ، فَلَيْسَ فِيمَا يَرُدُّ بِهِ هَذَا الشَّيْخُ حَدِيثَ أَبِي سَلَمَةَ مَا يُوجِبُ الرَّدَّ ،
17111 -
وَقَدْ أَغْنَانَا اللَّهُ تَعَالَى بِرِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ عَنْ عَمْرَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، وَرِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، عَنْ رِوَايَةِ جَعْفَرَ بْنَ رَبِيعَةَ ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا زِيَادَةٌ بِظَاهِرٍ ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
17112 -
وَالَّذِي يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى انْقِطَاعِ حَدِيثِ أَيْمَنَ مَا أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ يُوسُفَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيُّ ، حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الْأَزْرَقُ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنْ أَيْمَنَ مَوْلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنْ تَبِيعٍ ، عَنْ كَعْبٍ ، قَالَ:" مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ، ثُمَّ صَلَّى الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ ، ثُمَّ صَلَّى بَعْدَهَا أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ ، فَأَتَمَّ رُكُوعَهُنَّ وَسُجُودَهُنَّ يَعْلَمُ مَا يَقْتَرِئُ فِيهِنَّ فَإِنَّ لَهُ أَوْ قَالَ: كُنَّ لَهُ بِمَنْزِلَةِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ " ،
17113 -
كَذَا قَالَ: «مَوْلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ» ، وَقَدْ قِيلَ: مَوْلَى ابْنِ أَبِي عَمْرَةَ: يَرْوِي عَنْ عَائِشَةَ ، وَلَيْسَ لَهُ عَنْ مَنْ فَوْقِهَا رِوَايَةٌ ،
17114 -
وَقَدِ اسْتَدَلَّ الشَّافِعِيُّ بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ عَلَى انْقِطَاعِ حَدِيثِهِ فِي ثَمَنِ الْمِجَنِّ ،
⦗ص: 389⦘
17115 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَأَمَّا رِوَايَتُهُ عَنْ أَيْمَنِ ابْنِ أُمِّ أَيْمَنَ ، عَنْ أُمِّ أَيْمَنَ ، فَإِنَّهَا خَطَأٌ ، وَإِنَّمَا قَالَهُ شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَاضِي وَخَلَطَ فِي إِسْنَادِهِ ، وَشَرِيكٌ مِمَّنْ لَا يُحْتَجُّ بِهِ فِيمَا يُخَالِفُهُ فِيهِ أَهْلُ الْحِفْظِ وَالثِّقَةُ لِمَا ظَهَرَ مِنْ سُوءِ حِفْظِهِ
17116 -
وَقَدْ أَجَابَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله عَنْ أَخْبَارِهِمْ بِمَا فِيهِ كِفَايَةٌ ، وَذَلِكَ فِيمَا أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ رحمه الله ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَقُلْتُ لِبَعْضِ النَّاسِ: هَذِهِ " سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَقْطَعَ فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا ، فَكَيْفَ قُلْتَ: لَا تُقْطَعُ الْيَدُ إِلَّا فِي عَشْرَةِ دَرَاهِمَ فَصَاعِدًا؟ وَمَا حُجَّتُكَ فِي ذَلِكَ؟ " ،
17117 -
قَالَ: قَدْ رُوِّينَا عَنْ شَرِيكٍ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، عَنْ أَيْمَنَ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم شَبِيهًا بِقَوْلِنَا ،
⦗ص: 390⦘
17118 -
قُلْتُ: أَوْ تَعْرِفُ أَيْمَنَ؟ ،
17119 -
أَمَّا أَيْمَنُ الَّذِي رَوَى عَنْهُ ، عَطَاءٌ فَرَجُلٌ حَدَثٌ ، لَعَلَّهَ أَصْغَرُ مِنْ عَطَاءٍ ، رَوَى عَنْهُ عَطَاءٌ حَدِيثًا ، عَنْ تَبِيعٍ ابْنِ امْرَأَةِ كَعْبٍ ، عَنْ كَعْبٍ ،. فَهَذَا مُنْقَطِعٌ ، وَالْحَدِيثُ الْمُنْقَطِعُ لَا يَكُونُ حُجَّةً ،
17120 -
قَالَ: فَقَدْ رُوِّينَا عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، عَنْ أَيْمَنَ ابْنِ أُمِّ أَيْمَنَ أَخِي أُسَامَةَ لِأُمِّهِ ،
17121 -
قُلْتُ: لَا عِلْمَ لَكَ بِأَصْحَابِنَا ، أَيْمَنُ أَخُو أُسَامَةَ ، قُتِلَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ حُنَيْنٍ قَبْلَ مَوْلِدِ مُجَاهِدٍ ، وَلَمْ يَبْقَ بَعْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، فَيُحَدِّثُ عَنْهُ
17122 -
قَالَ: فَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَطَعَ فِي ثَمَنِ الْمِجَنِّ ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو: وَكَانَتْ «قِيمَةُ الْمِجَنِّ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم دِينَارًا» ،
17123 -
قُلْتُ لَهُ: هَذَا رَأْيٌ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فِي رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، وَالْمَجَانُّ قَدِيمًا وَحَدِيثًا سِلَعٌ يَكُونُ ثَمَنُهُ عَشْرَةً، وَمِائَةً، وَدِرْهَمَيْنِ ، وَإِذَا قَطَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي رُبُعِ دِينَارٍ ، قَطَعَ فِي أَكْثَرَ مِنْهُ ، وَأَنْتَ تَزْعُمُ أَنَّ عَمْرَو بْنَ شُعَيْبٍ لَيْسَ مِمَنْ تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ وَتَتْرُكُ عَلَيْنَا سُنَنًا رَوَاهَا تُوَافِقُ أَقَاوِيلَنَا وَيَقُولُ غَلَطٌ. فَكَيْفَ نَرُدُّ رِوَايَتَهُ مَرَّةً ، ثُمَّ نَحْتَجُّ بِهِ عَلَى أَهْلِ الْحِفْظِ وَالصِّدْقِ ، مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَرْوِ شَيْئًا يُخَالِفُ قَوْلَنَا؟ ،
⦗ص: 391⦘
17124 -
قَالَ: فَقَدْ رُوِّينَا قَوْلَنَا ، عَنْ عَلِيٍّ
17125 -
قُلْتُ لَهُ: رَوَاهُ الزَّعَافِرِيُّ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ عَلِيٍّ ، وَقَدْ أَخْبَرَنَا أَصْحَابُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ جَعْفَرٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ عَلِيًّا ، قَالَ:«الْقَطْعُ فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا» وَحَدِيثُ جَعْفَرٍ ، عَنْ عَلِيٍّ أَوْلَى أَنْ يَثْبُتَ مِنْ حَدِيثِ الزَّعَافِرِيِّ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ،
17126 -
قَالَ: فَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، أَنَّهُ قَالَ:«لَا تُقْطَعُ الْيَدُ إِلَّا فِي عَشْرَةِ دَرَاهِمَ»
17127 -
قُلْنَا: فَقَدْ رَوَى الثَّوْرِيُّ ، عَنْ عِيسَى بْنِ أَبِي عَزَّةَ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «قَطَعَ سَارِقًا فِي خَمْسَةِ دَرَاهِمَ» وَهَذَا أَقْرَبُ أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ مِنْ حَدِيثِ الشَّعْبِيِّ ، عَنِ الْقَاسِمِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ،
17128 -
قَالَ: فَكَيْفَ لَمْ تَأْخُذُوا بِهَذَا؟
17129 -
قُلْنَا: هَذَا حَدِيثٌ لَا يُخَالِفُ حَدِيثَنَا إِذَا قَطَعَ فِي ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ قَطَعَ فِي خَمْسَةٍ فَأَكْثَرَ ،
17130 -
قَالَ: فَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، أَنَّهُ لَمْ يَقْطَعْ فِي ثَمَانِيَةٍ؟
17131 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: رِوَايَتُهُ عَنْ عُمَرَ غَيْرُ صَحِيحَةٍ ، وَقَدْ رَوَى مَعْمَرٌ ، عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ ، عَنْ عُمَرَ:«الْقَطْعُ فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا» فَلَمْ نَرَ أَنْ نَحْتَجَّ بِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِثَابِتٍ ، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حُجَّةٌ ، وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ اتِّبَاعُ أَمْرِهِ ،
17132 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَلَا إِلَى حَدِيثٍ صَحِيحٍ ذَهَبَ مَنْ خَالَفَنَا ، وَلَا إِلَى مَا يُذْهَبُ إِلَيْهِ مَنْ تَرَكَ الْحَدِيثَ ، وَاسْتَعْمَلَ ظَاهِرَ الْقُرْآنِ
17133 -
قَالَ أَحْمَدُ: حَدِيثُهُمْ عَنْ عُمَرَ ، إِنَّمَا رَوَاهُ الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَهُوَ مُنْقَطِعٌ. وَقَدْ رَوَى قَتَادَةُ ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ ، عَنْ عُمَرَ ، وَقِيلَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ عُمَرَ ، قَالَ:«لَا تُقْطَعُ الْخَمْسُ إِلَّا فِي الْخَمْسِ»
وَقِيلَ عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَنَسٍ ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ ، وَعُمَرَ أَنَّهُمَا قَطَعَا فِي خَمْسَةٍ
17134 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِيمَا بَلَغَهُ عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ عِيسَى بْنِ أَبِي عَزَّةَ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «قَطَعَ سَارِقًا فِي قِيمَةِ خَمْسَةِ دَرَاهِمَ»
17135 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَنَحْنُ نَأْخُذُ بِهَذَا إِلَّا أَنَّا نَقْطَعُ فِي رُبْعِ دِينَارِ وَخَمْسَةِ دَرَاهِمَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَكْثَرَ مِنْ رُبْعِ دِينَارٍ،
17136 -
وَهُمْ يُخَالِفُونَ هَذَا وَيَقُولُونَ لَا قَطْعَ فِي أَقَلَّ مِنْ عَشْرَةَ دَرَاهِمَ،
17137 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو خَيْثَمَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ
السَّرِقَةُ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ
17138 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ وَلَا كَثَرٍ» ،
17139 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَبِهَذَا نَقُولُ: لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ مُعَلَّقٍ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُحْرَزٍ ، وَلَا فِي جُمَّارٍ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُحْرَزٍ ،
17140 -
وَهُوَ يُشْبِهُ حَدِيثَ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ يَعْنِي عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ مُعَلَّقٍ ، فَإِذَا أَوَاهُ الْجَرِينُ ، فَفِيهِ الْقَطْعُ» ،
17141 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَاحْتَجَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ بَعْضُ النَّاسِ ، وَقَالَ: فَمِنْ هَاهُنَا قُلْنَا: لَا يُقْطَعُ فِي الثَّمَرِ الرَّطْبِ ،
⦗ص: 394⦘
17142 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَالثَّمَرُ اسْمٌ جَاءَ مَعَ الرَّطْبِ مِنَ الثَّمَرِ وَالْيَابِسِ مِنَ التَّمْرِ ، وَالزَّبِيبِ وَغَيْرِهِ ، فَيَسْقُطُ الْقَطْعُ عَنْ مَنْ سَرَقَ تَمْرًا فِي بَيْتٍ ، وَإِنَّمَا أَجَابَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حِينَ قَالَ:«لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ ، وَلَا كَثَرٍ» عَلَى مَا يُسْأَلُ عَنْهُ وَكَانَ حِيطَانُ الْمَدِينَةِ لَيْسَ عَلَيْهَا خَظَّارٌ لِأَنَّهُ يَقُولُ: «فَإِذَا أَوَاهُ الْجَرِينُ ، وَالْمُرَاحُ ، فَفِيهِ الْقَطْعُ» ، وَاحْتُجَّ بِحَدِيثِ عُثْمَانَ فِي الْأُتْرُجَّةِ ، وَقَدْ مَضَى بِإِسْنَادِهِ
السِّنُّ الَّتِي إِذَا بَلَغَهَا الرَّجُلُ أَوِ الْمَرْأَةُ أُقِيمَتْ عَلَيْهَا الْحُدُودُ
17143 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، قَالَ: " عُرِضْتُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَامَ أُحُدٍ ، وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ فَرَدَّنِي ، وَعُرِضْتُ عَلَيْهِ عَامَ الْخَنْدَقِ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ ، فَأَجَازَنِي ، قَالَ: قَالَ نَافِعٌ: فَحَدَّثْتُ بِهِ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَقَالَ عُمَرُ ، هَذَا فَرْقُ مَا بَيْنَ الذُّرِّيَّةِ وَالْمُقَاتِلَةِ. ثُمَّ كَتَبَ إِلَى عُمَّالِهِ أَنْ يَفْرِضُوا لِابْنِ خَمْسَ عَشْرَةَ فِي الْمُقَاتِلَةِ ، وَلِابْنِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ فِي الذُّرِّيَّةِ ، قَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: يَوْمَ أُحُدٍ ، وَيَوْمَ الْخَنْدَقِ ،
17144 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَبِكِتَابِ اللَّهِ ، ثُمَّ بِهَذَا الْقَوْلِ نَأْخُذُ. . . ، فَذَكَرَ آيَةَ الْإِيلَاءِ
17145 -
وَرُوِّينَا عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه فِي مَجْنُونَةٍ زَنَتْ أَنَّهُ قَالَ لِعُمَرَ رضي الله عنه: أَمَا تَذْكُرُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ " قَالَ: نَعَمْ ، فَأَمَرَ بِهَا فَخَلَّى عَنْهَا "
17146 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: عَنْ رَجُلٍ ، عَنْ عَنْبَسَةَ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ ، أَنَّ عَلِيًّا ، أُتِيَ بِصَبِيٍّ قَدْ سَرَقَ بَيْضَةً ، فَشَكَّ فِي احْتِلَامِهِ ، فَأَمَرَ بِهِ ، فَقُطِعَتْ بُطُونُ أَنَامِلِهِ " ،
17147 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَيْسُوا ، وَلَا أَحَدٍ عَلِمْتُهُ يَقُولُ بِهَذَا ، يَقُولُونَ: لَيْسَ عَلَى الصَّبِيِّ حَدٌّ حَتَّى يَحْتَلِمَ ، أَوْ يَبْلُغَ خَمْسَ عَشْرَةَ ،
17148 -
أَوْرَدَهُ فِيمَا أَلْزَمَ الْعِرَاقِيِّينَ فِي خِلَافِ عَلِيٍّ ، وَفِي إِسْنَادِهِ نَظَرٌ
مَا يَكُونُ حِرْزًا وَمَا لَا يَكُونَ
17149 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ ، وَأَبُو زَكَرِيَّا ، وَأَبُو سَعِيدٍ ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ ، قِيلَ لَهُ: مَنْ لَمْ يُهَاجِرْ هَلَكَ ، فَقَدِمَ صَفْوَانُ الْمَدِينَةَ فَنَامَ فِي الْمَسْجِدِ مُتَوَسِّدًا رِدَاءَهُ ، فَجَاءَ سَارِقٌ ، فَأَخَذَ رِدَاءَهُ مِنْ تَحْتِ رَأْسِهِ ، فَأَخَذَ صَفْوَانُ السَّارِقَ فَجَاءَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ، فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تُقْطَعُ يَدُهُ ، فَقَالَ صَفْوَانُ: إِنِّي لَمْ أَرَ هَذَا ، هُوَ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«فَهَلَّا قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنِيَ بِهِ» ،
17150 -
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ عَمْرٍو ، عَنْ طَاوُسٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَ حَدِيثِ مَالِكٍ ،
17151 -
وَكَّدَ الشَّافِعِيُّ أَحَدَ الْمُرْسَلِينَ بِالْآخَرِ ،
17152 -
وَرُوِي مِنَ أَوْجُهٍ أُخَرَ
17153 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ ، وَأَبُو زَكَرِيَّا ، وَأَبُو سَعِيدٍ ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ ، أَنَّ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ وَلَا كَثَرَ» ،
17154 -
هَكَذَا وَقَعَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي كِتَابِ الْقَطْعِ فِي السَّرِقَةِ ، وَهُوَ غَلَطٌ مِنَ الْكَاتِبِ ، وَالصَّوَابُ مَا نَقَلْنَاهُ مَنْقُولًا عَنْ كِتَابِ الْحُدُودِ ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ ،
17155 -
وَقَدْ ذَكَرَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ أَنَّهُ مُرْسَلٌ يَعْنِي بَيْنَ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى ، وَرَافِعٍ وَإِنَّمَا هُوَ مَوْصُولًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ ،
17156 -
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو بَكْرٍ ، وَأَبُو زَكَرِيَّا ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ ، عَنْ عَمِّهِ وَاسِعِ بْنِ حَبَّانَ ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ ،
17157 -
وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ ، أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الطَّبَرَانِيُّ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ حَنْبَلٍ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ. . .، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ مَوْصُولًا فِي جَمْعِ الطَّبَرَانِيِّ أَحَادِيثَ سُفْيَانَ ،
17158 -
وَرَوَاهُ الْفِرْيَابِيُّ وَجَمَاعَةٌ عَنِ الثَّوْرِيِّ ، مُرْسَلًا دُونَ ذِكْرِ وَاسِعِ بْنِ حَبَّانَ ،
17159 -
وَرَوَاهُ أَبُو عِيسَى ، عَنْ قُتَيْبَةَ ، عَنِ اللَّيْثِ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَمِّهِ ، أَنَّ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ ، قَالَ: سَمِعْتُ. . . فَذَكَرَهُ ، مُخْتَصَرًا مَوْصُولًا ،
17160 -
وَقَدْ رَوَاهُ الْمُزَنِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ ، بِطُولِهِ عَلَى الصِّحَّةِ
17161 -
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو النَّضْرِ ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الْمُزَنِيُّ ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ ، عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ
⦗ص: 401⦘
حَبَّانَ ، أَنَّ عَبْدًا سَرَقَ وَدْيًا مِنْ حَائِطِ رَجُلٍ فَغَرَسَهُ فِي حَائِطِ سَيِّدِهِ ، فَجَاءَ صَاحِبُ الْوَدِيِّ يَلْتَمِسُ وَدِيَّهُ ، فَوَجَدَهُ ، فَاسْتَعْدَى عَلَى الْعَبْدِ إِلَى مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ ، فَسَجَنَ الْعَبْدَ ، وَأَرَادَ أَنْ يَقْطَعَ يَدَهُ ، فَانْطَلَقَ سَيِّدُ الْعَبْدِ إِلَى رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ ، فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ ، فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ وَلَا كَثَرٍ» ، فَقَالَ الرَّجُلُ: فَإِنَّ مَرْوَانَ أَخَذَ غُلَامِي ، وَهُوَ يُرِيدُ قَطْعَ يَدِهِ ، وَأَنَا أُحِبُّ أَنْ تَمْشِيَ مَعِي إِلَيْهِ فَتُخْبِرَهُ بِالَّذِي سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَمَشَى مَعَهُ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ ، حَتَّى أَتَى مَرْوَانَ ، فَقَالَ: أَخَذْتُ غُلَامًا لِهَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ ، فَقَالَ: مَا أَنْتَ صَانِعٌ بِهِ؟ قَالَ: أَرَدْتُ قَطْعَ يَدِهِ ، فَقَالَ لَهُ رَافِعٌ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ وَلَا كَثَرٍ» ، فَأَمَرَ مَرْوَانُ بِالْعَبْدِ فَأُرْسِلَ
17162 -
وَبِإِسْنَادِهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ ، عَنْ عَمِّهِ وَاسِعِ بْنِ حَبَّانَ ، أَنَّ عَبْدًا سَرَقَ وَدِيًّا مِنْ
⦗ص: 402⦘
حَائِطٍ ، فَغَرَسَهُ فِي مَكَانٍ آخَرَ ، فَأُتِيَ بِهِ مَرْوَانُ فَأَرَادَ أَنْ يَقْطَعَهُ ، فَشَهِدَ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ:«لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ وَلَا كَثَرٍ»
17163 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ ، وَأَبُو زَكَرِيَّا ، وَأَبُو سَعِيدٍ ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنِ ابْنِ أَبِي حُسَيْنٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ مُعَلَّقٍ ، فَإِذَا أَوَاهُ الْجَرِينُ ، فَفِيهِ الْقَطْعُ»
17164 -
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ ، وَهِشَامُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنَ الثَّمَرِ الْمُعَلَّقِ قَطْعٌ إِلَّا مَا أَوَاهُ الْجَرِينُ فَمَا أُخِذَ مِنَ الْجَرِينِ ، فَبَلَغَ ثَمَنَ الْمِجَنِّ ، فَفِيهِ قَطْعٌ» ،
17165 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَتِنَا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ ، فَانْظُرْ أَبَدًا إِلَى الْحَالِ الَّتِي يَسْرِقُ فِيهَا السَّارِقُ ، فَإِذَا فَرَّقَ بَيْنَ السَّرِقَةِ ، وَبَيْنَ حِرْزِهَا ، فَقَدْ وَجَبَ الْحَدُّ عَلَيْهِ. فَإِنْ وُهِبَتِ السَّرِقَةُ لِلسَّارِقِ قَبْلَ أَنْ يُقْطَعَ قُطِعَ ،
⦗ص: 403⦘
17166 -
وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ صَفْوَانَ ، قَالَ: وَانْظُرْ إِلَى الْمَسْرُوقِ ، فَإِنْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ تَنْسُبُهُ الْعَامَّةُ إِلَى أَنَّهُ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْضِعِ مُحْرَزٌ فَاقْطَعْ فِيهِ ، فَرِدَاءُ صَفْوَانَ كَانَ مُحْرَزًا لِاضْطِجَاعِهِ عَلَيْهِ. . . وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِي بَيَانِ ذَلِكَ
مَنْ سَرَقَ عَبْدًا صَغِيرًا أَوْ أَعْجَمِيًّا
17167 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: يُقْطَعُ ،
17168 -
قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ رُوِّينَاهُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ فِيمَا رَوَاهُ عَنِ الْفُقَهَاءِ التَّابِعِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ،
17169 -
ورُوِّينَاهُ عَنِ الْحَسَنِ ، وَالثَّوْرِيِّ ،
17170 -
وَأَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ، إِجَازَةً ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، قَالَ: أُخْبِرْتُ أَنَّ «عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَطَعَ رَجُلًا فِي غُلَامٍ سَرَقَهُ»
17171 -
قَالَ: وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ هُوَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ ، عَنْ مَعْرُوفِ بْنِ سُوَيْدٍ ، أَنَّ " قَوْمًا كَانُوا يَسْرِقُونَ رَقِيقَ النَّاسِ
⦗ص: 405⦘
بِإِفْرِيقِيَّةَ ، فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ رَبَاحٍ: لَيْسَ عَلَيْهِمْ قَطْعٌ. قَدْ كَانَ هَذَا عَلَى عَهْدِ عُمَرَ ، فَلَمْ يَرَ عَلَيْهِمْ قَطْعًا ، فَقَالَ: هَؤُلَاءِ خَلَّابُونَ " ،
17172 -
قَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو الْوَلِيدِ: قَالَ أَصْحَابُنَا: مَعْنَاهُ أَنَّهُمْ كَانُوا عُقَلَاءَ ، لِأَنَّهُ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَطَعَ رَجُلًا فِي غُلَامٍ سَرَقَهُ
17173 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم " أُتِيَ بِرَجُلٍ كَانَ يَسْرِقُ الصِّبْيَانَ: فَأَمَرَ بِقَطْعِهِ " ،
17174 -
وَهَذَا لَا يَثْبُتُ ، عَبْدُ اللَّهِ هَذَا ضَعِيفٌ ، كَثِيرُ الْخَطَأِ عَلَى هِشَامٍ ،
17175 -
قَالَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ
قَطْعُ الْعَبْدِ إِذَا سَرَقَ
17176 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ ، وَأَبُو زَكَرِيَّا ، وَأَبُو سَعِيدٍ ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنْ نَافِعٍ ، أَنَّ " عَبْدًا لِابْنِ عُمَرَ سَرَقَ وَهُوَ آبِقٌ ، فَأَرْسَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ وَهُوَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ لِيَقْطَعَ يَدَهُ ، فَأَبَى سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ ، أَنْ يَقْطَعَ يَدَهُ ، وَقَالَ: لَا تُقْطَعُ يَدُ الْآبِقِ إِذَا سَرَقَ ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فِي أَيِّ كِتَابِ اللَّهِ وَجَدْتَ هَذَا فَأَمَرَ بِهِ ابْنُ عُمَرَ فَقُطِعَتْ يَدُهُ " هَذَا لَفْظُ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ
17177 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنْ زُرَيْقِ بْنِ حَكِيمٍ ، أَنَّهُ أَخَذَ عَبْدًا آبِقًا قَدْ سَرَقَ ، فَكَتَبَ فِيهِ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: إِنِّي كُنْتُ " أَسْمَعُ أَنَّ الْعَبْدَ الْآبِقَ إِذَا سَرَقَ لَمْ يُقْطَعْ ، فَكَتَبَ عُمَرُ: إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا
⦗ص: 407⦘
مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [المائدة: 38] ، فَإِنْ بَلَغَتْ سَرِقَتُهُ رُبُعَ دِينَارٍ أَوْ أَكْثَرَ ، فَاقْطَعْهُ "
النَّبَّاشُ
17178 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ، وَأَبُو بَكْرٍ ، وَأَبُو زَكَرِيَّا ، وَأَبُو سَعِيدٍ ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنْ أَبِي الرِّجَالِ ، عَنْ أُمِّهِ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «لَعَنَ الْمُخْتَفِيَ ، وَالْمُخْتَفِيَةَ» ،
17179 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَتِنَا عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ، الْمُخْتَفِي: النَّبَّاشُ ،
⦗ص: 409⦘
17180 -
وَقَالَ فِي رِوَايَتِنَا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ ، وَيُقْطَعُ النَّبَّاشُ إِذَا أَخْرَجَ الْكَفَنَ مِنْ جَمِيعِ الْقَبْرِ لِأَنَّ هَذَا حِرْزُ مِثْلِهِ
17181 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَقَدْ رَوَيْنَا هَذَا الْقَوْلَ ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ ، وَعَطَاءٍ ، وَالشَّعْبِيِّ ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، وَإِبْرَاهِيمَ ،
17182 -
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ
17183 -
وَرَوَى سُوَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ عَمْرَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ:«سَارِقُ أَمْوَاتِنَا كَسَارِقِ أَحْيَائِنَا»
أَنْبَأَنِيهِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ إِجَازَةً ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدُ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ ، حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، فَذَكَرَهُ
17184 -
وَرَوَى بِشْرُ بْنُ حَازِمٍ ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ الْبَرَاءِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، فِي حَدِيثٍ ذَكَرَهُ ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«وَمَنْ نَبَشَ قَطَعْنَاهُ»
17185 -
أَنْبَأَنِيهِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ، إِجَازَةً ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ هُوَ ابْنُ سُفْيَانَ ، قَالَ: وَفِيمَا أَجَازَ لِي عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ ، عَنْ بِشْرِ بْنِ حَازِمٍ ،. فَذَكَرَهُ ، وَزَادَ فِيهِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ أَنَّ
⦗ص: 410⦘
النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ حَرَّقَ حَرَقْنَاهُ» زَادَ فِيهِ غَيْرُهُ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدٍ بِإِسْنَادِهِ قَالَ: «وَمَنْ غَرَّقَ غَرَّقْنَاهُ» ،
17186 -
وَفِي هَذَا الْإِسْنَادِ بَعْضُ مَنْ يُجْهَلُ
بَابُ قَطْعِ الْيَدِ وَالرِّجْلِ فِي السَّرِقَةِ
17187 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله فِي الْقَدِيمِ: أَخْبَرَنِي الثِّقَةُ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ذِئْبٍ ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي السَّارِقِ:«إِنْ سَرَقَ فَاقْطَعُوا يَدَهُ ، ثُمَّ إِنْ سَرَقَ فَاقْطَعُوا رِجْلَهُ، ثُمَّ إِنْ سَرَقَ فَاقْطَعُوا يَدَهُ ، ثُمَّ إِنْ سَرَقَ فَاقْطَعُوا رِجْلَهُ» ،
⦗ص: 412⦘
17188 -
وَذَكَرَ أَيْضًا فِي الْجَدِيدِ ، وَسَقَطَ مِنْ رِوَايَةِ الرَّبِيعِ ،
17189 -
وَهُوَ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ أَبُو نُعَيْمٍ الْإِسْفَرَائِينِيُّ أَنَّ أَبَا عَوَانَةَ أَخْبَرَهُمْ عَنِ الْمُزَنِيِّ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا. . . فَذَكَرَهُ ،
17190 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَفِي رِوَايَةِ حَرْمَلَةَ عَنِ الْمُزَنِيِّ ، عَنِ الشَّافِعِيِّ ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حُمَيْدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ
17191 -
وَقَدْ رُوِّينَاهُ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ ثَابِتٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ ، عَنْ جَابِرٍ ، جِيءَ بِسَارِقٍ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ:«اقْتُلُوهُ» ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنَّمَا سَرَقَ؟ قَالَ: «اقْطَعُوهُ» قَالَ: فَقُطِعَ ، ثُمَّ جِيءَ بِهِ الثَّانِيَةَ ، فَقَالَ:«اقْتُلُوهُ» ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا سَرَقَ؟ قَالَ: «اقْطَعُوهُ» ، قَالَ: فَقُطِعَ. ثُمَّ جِيءَ بِهِ الثَّالِثَةَ ، فَقَالَ:«اقْتُلُوهُ» فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا سَرَقَ؟ قَالَ: «اقْطَعُوهُ» قَالَ: ثُمَّ أُتِيَ بِهِ الرَّابِعَةَ فَقَالَ: «اقْتُلُوهُ» فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا سَرَقَ ، فَأُتِيَ بِهِ الْخَامِسَةَ ، فَقَالَ:«اقْتُلُوهُ» قَالَ جَابِرٌ: فَانْطَلَقْنَا بِهِ ، فَقَتَلْنَاهُ ، ثُمَّ اجْتَرَرْنَاهُ ، حَتَّى أَلْقَيْنَاهُ فِي بِئْرٍ وَرَمَيْنَا عَلَيْهِ الْحِجَارَةَ " أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عَقِيلٍ الْهِلَالِيُّ ، حَدَّثَنَا جَدِّي ، حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ ثَابِتٍ. . . فَذَكَرَهُ
17192 -
وَفِي غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ ، عَنْ مُصْعَبٍ ، قَالَ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى: «اقْطَعُوا
⦗ص: 413⦘
يَدَهُ» ، وَفِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ «اقْطَعُوا رِجْلَهُ» ، وَفِي الْمَرَّةِ الثَّالِثَةِ «اقْطَعُوا يَدَهُ» وَفِي الْمَرَّةِ الرَّابِعَةِ «اقْطَعُوا رِجْلَهُ» ،
17193 -
وَرُوِّينَا عَنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُرْسَلًا ، وَهُوَ مُرْسَلٌ جَيِّدٌ يُقَوِّي مَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْمَوْصُولِ ، وَيُرَجِّحُ قَوْلَ مَنْ وَافَقَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ
17194 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ ، وَأَبُو زَكَرِيَّا ، وَأَبُو سَعِيدٍ ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ أَقْطَعَ الْيَدِ وَالرِّجْلِ أَتَى عَلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقٍ رضي الله عنه ، فَشَكَا إِلَيْهِ أَنَّ عَامِلَ الْيَمَنِ ظَلَمَهُ ، وَكَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ فَيَقُولُ أَبُو بَكْرٍ: وَأَبِيكَ مَا لَيْلُكَ بِلَيْلِ سَارِقٍ ، ثُمَّ إِنَّهُمْ فَقَدُوا حُلِيًّا لِأَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ امْرَأَةِ أَبِي بَكْرٍ ، فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَطُوفُ مَعَهُمْ وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِمَنْ بَيَّتَ هَذَا الْبَيْتَ الصَّالِحَ. فَوَجَدُوا الْحُلِيَّ عِنْدَ صَائِغٍ ، وَأَنَّ الْأَقْطَعَ جَاءَ بِهِ ، فَاعْتَرَفَ الْأَقْطَعُ أَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ ، فَأَمَرَ بِهِ أَبُو بَكْرٍ فَقُطِعَتْ يَدُهُ الْيُسْرَى ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاللَّهِ لَدُعَاؤُهُ عَلَى نَفْسِهِ أَشَدُّ عِنْدِي مِنْ سَرِقَتِهِ "
17195 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ: فَبِهَذَا كُلِّهِ نَأْخُذُ ،
17196 -
قَالَ: وَذَكَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَفِي كِتَابِ الْقَدِيمِ: عُبَيْدُ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ مِثْلَهُ
17197 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَرُوِّينَا عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ صَفِيَّةَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ ، قَالَ: " فَأَرَادَ أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَقْطَعَ رِجْلَهُ ، وَيَدَعَ يَدَهُ يَسْتَطِيبُ بِهَا ، فَقَالَ عُمَرُ: لَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتُقْطَعَنَّ يَدُهُ الْأُخْرَى ، فَأَمَرَ بِهِ أَبُو بَكْرٍ فَقُطِعَتْ يَدُهُ «
⦗ص: 414⦘
17198 -
وَفِي حَدِيثِ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ ، عَنْ أَبِيهِ ، فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ أَنَّ» أَبَا بَكْرٍ ، أَرَادَ أَنْ يَقْطَعَ رِجْلًا بَعْدَ الْيَدِ وَالرِّجْلِ ، فَقَالَ عُمَرُ: السُّنَّةُ الْيَدُ "
17199 -
وَرُوِّينَا عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ:«شَهِدْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَطَعَ يَدًا بَعْدَ يَدٍ وَرِجْلٍ» ،
17200 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَالَ قَائِلٌ: إِذَا قُطِعَتْ يَدُهُ وَرِجْلُهُ ، ثُمَّ سَرَقَ حُبِسَ ، وَعُزِّرَ ، وَلَمْ يُقْطَعْ ،
17201 -
قِيلَ: قَدْ رُوِّينَا هَذَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَبِي بَكْرٍ فِي دَارِ الْهِجْرَةِ ، وَعُمَرَ يَرَاهُ ، وَيُشِيرُ بِهِ عَلَى أَبِي بَكْرٍ ،
17202 -
وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ قَطَعَ فَكَيْفَ خَالَفْتُمُوهُ؟ قَالَ: قَالَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، قُلْنَا: قَدْ رَوَيْتُمْ عَنْ عَلِيٍّ فِي الْقَطْعِ أَشْيَاءَ مُسْتَنْكَرَةً لَفَّقْتُمُوهَا عَلَيْهِ مِنْهَا أَنَّهُ قَطَعَ بُطُونَ أَنَامِلِ صَبِيٍّ ، وَمِنْهَا أَنَّهُ قَطَعَ الْقَدَمَ إِلَى نِصْفِ الْقَدَمِ ، وَكُلُّ مَا رَوَيْتُمْ ، عَنْ عَلِيٍّ فِي الْقَطْعِ غَيْرُ ثَابِتٍ عَنْهُ عِنْدَنَا. وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ
17203 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِيمَا بَلَغَهُ عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ ، أَنَّ عَلِيًّا ، قَطَعَ مِنْ شَطْرِ الْقَدَمِ "
17204 -
وَفِيمَا بَلَغَهُ عَنِ الْمُغِيرَةِ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، أَنَّ عَلِيًّا ، كَانَ يَقْطَعُ الرِّجْلَ مِنَ الْقَدَمِ ، وَيَدَعُ الْعَقِبِ يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ "
17205 -
وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، قَالَ:" رَأَيْتُ رَجُلًا يَسْقِي عَلَى بِئْرٍ ، وَقَدْ قُطِعَتْ يَدُهُ ، وَتُرِكَتْ إِبْهَامُهُ. فَقُلْتُ: مَنْ قَطَعَكَ؟ فَقَالَ: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ " ،
17206 -
أَوْرَدَ الشَّافِعِيُّ هَذِهِ الْآثَارَ إِلْزَامًا لِلْعِرَاقِيِّينَ فِي خِلَافِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
17207 -
وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، أَنَّهُ كَانَ يَقْطَعُ رِجْلَ السَّارِقِ مِنَ الْمَفْصِلِ ،
17208 -
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ الْبَغْدَادِيُّ بِبَلْخٍ ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ الْقَاضِي ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ ، عَنْ عَمْرٍو ، قَالَ: كَانَ عُمَرُ. . . . فَذَكَرَهُ.
17209 -
وَذَكَرَ مَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ عَلِيٍّ ،
17210 -
وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَلِيٍّ ، أَنَّهُ قَطَعَ أَيْدِي جَمَاعَةٍ مِنَ الْمَفْصِلِ وَحَسَمَهَا
17211 -
وَرُوِّينَا فِي ، حَدِيثٍ مُرْسَلٍ أَنَّ «النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَطَعَ يَدَ سَارِقٍ مِنَ الْمَفْصِلِ» ،
⦗ص: 416⦘
17212 -
وَرُوِيَ ذَلِكَ ، عَنْ جَابِرٍ
17213 -
وَرُوِّينَا عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ ، أَنَّهُ قَالَ:«رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَطَعَ سَارِقًا ، ثُمَّ أَمَرَ بِيَدِهِ ، فَعُلِّقَتْ فِي عُنُقِهِ»
17214 -
وَرُوِّينَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ. أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ:" لَمْ أَرَ السُّرَّاقَ أَكْثَرَ مِنْهُمْ فِي زَمَانِ عَلِيٍّ ، وَلَا رَأَيْتُهُ قَطَعَ مِنْهُمُ أَحَدًا. قُلْتُ: وَكَيْفَ كَانَ يَصْنَعُ؟ قَالَ: كَانَ يَأْمُرُ بِالشُّهُودِ أَنْ يَقْطَعُوا " ،
17215 -
وَهَذَا أَوْرَدَهُ إِلْزَامًا فِيمَا خَالَفُوا عَلِيًّا ، قَالُوا: إِذَا شَهِدَ الشُّهُودُ فَمَنْ شَاءَ الْحَاكِمُ أَنْ يَأْمُرَ بِقَطْعٍ قُطِعَ وَلَا يَأْمُرُ بِذَلِكَ الشُّهُودَ ، وَنَحْنُ نَقُولُ هَذَا ، وَلَمْ نَعْلَمْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَنْ بَعْدَهُ أَمَرَ شَاهِدًا أَنْ يَقْطَعَ
17216 -
وَبِإِسْنَادِهِ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِيمَا بَلَغَهُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ ، عَنْ رَجُلٍ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ خِلَاسٍ ، عَنْ عَلِيٍّ:«فِي حُرَّيْنِ بَاعَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ ، فَقَطَعَهُمَا عَلِيٌّ جَمِيعَهَا» ،
⦗ص: 417⦘
17217 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهُمْ يُخَالِفُونَ هَذَا ،
17218 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَهَذَا لَا يَثْبُتُ عَنْ عَلِيٍّ أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ،
17219 -
أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا فَلْيَجْلِدْهَا» ، ثُمَّ قَالَ:«لِيَبِيعَهَا» بَعْدَ الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ " ،
17220 -
وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الشَّارِبِ يُجْلَدُ ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا ثُمَّ يُقْتَلُ ، وَحُفِظِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ جَلَدَ الشَّارِبَ الْعَدَدَ الَّذِي قَالَ يُقْتَلُ بَعْدَهُ ، ثُمَّ أُتِيَ بِهِ فَجَلَدَهُ ، وَوَضَعَ الْقَتْلَ فَصَارَتْ رُخْصَتُهُ ،
17221 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: الْقَتْلُ فِيمَنْ أُقِيمَ عَلَيْهِ حَدٌّ فِي شَيْءٍ أَرْبَعًا فَأَتَمَّ بِهِ الْخَامِسَةَ مَنْسُوخٌ بِمَا وَصَفْتُ. وَكَذَلِكَ بَيْعُ الْأَمَةِ بَعْدَ زِنَاهَا ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا ،
17222 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَقَدْ ذَكَرَهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَتَمَّ مِنْ ذَلِكَ ، وَقَدْ نَقَلْنَاهُ فِي الْأَشْرِبَةِ
الْإِقْرَارُ بِالسَّرِقَةِ
17223 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِيمَا بَلَغَهُ عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ:" جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عَلِيٍّ فَقَالَ: إِنِّي سَرَقْتُ ، فَطَرَدَهُ ، ثُمَّ قَالَ: إِنِّي سَرَقْتُ ، فَقَطَعَ يَدَهُ ، وَقَالَ: إِنَّكَ قَدْ شَهِدْتَ عَلَى نَفْسِكَ مَرَّتَيْنِ " ،
17224 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهُمْ يُخَالِفُونَ هَذَا ،
17225 -
قَالَ أَحْمَدُ: خَالَفَهُ أَبُو حَنِيفَةَ ، وَمُحَمَّدٌ ، وَوَافَقَهُ أَبُو يُوسُفَ ، وَأَنْزَلَهُ مَنْزِلَةَ الشَّهَادَةِ ،
17226 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِنَّمَا تَرَكْنَا نَحْنُ أَنْ نَقُولَ: الِاعْتِرَافُ بِمَنْزِلَةِ الشَّهَادَةِ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ أُنَيْسًا الْأَسْلَمِيَّ أَنْ يَغْدُوَ عَلَى امْرَأَةٍ فَإِنِ اعْتَرَفَتْ رَجَمَهَا. وَلَمْ يَقُلْ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ ،
17227 -
قَالَ: وَلَوْ كَانَ الْإِقْرَارُ يُشْبِهُ الشَّهَادَةَ كَانَ لَوْ أَقَرَّ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ بَطَلَ عَنْهُ الْحَدُّ كَمَا لَوْ رَجَعَ الشُّهُودُ عَنِ الشَّهَادَةِ عَلَيْهِ ، ثُمَّ عَادُوا فَشَهِدُوا عَلَيْهِ ، ثُمَّ رَجَعُوا عَنْهُ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمْ وَلَوْ أَقَرَّ ، ثُمَّ رَجَعَ ، ثُمَّ أَقَرَّ قُبِلَ مِنْهُ
17228 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنْ أَبِي الْمُنْذِرِ مَوْلَى أَبِي ذَرٍّ ، عَنْ أَبِي أُمَيَّةَ الْمَخْزُومِيِّ ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم " أُتِيَ بِلِصٍّ قَدِ اعْتَرَفَ اعْتِرَافًا ، وَلَمْ يُوجَدْ مَعَهُ مَتَاعٌ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«مَا أَخَالُكَ سَرَقْتَ» ، فَقَالَ: بَلَى فَأَعَادَ عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ، فَأَمَرَ بِهِ فَقُطِعَ ، وَجِيءَ بِهِ ، فَقَالَ:«اسْتَغْفِرِ اللَّهَ وَتُبْ إِلَيْهِ» ، قَالَ: أسْتَغْفِرُ اللَّهَ وأَتُوبُ إِلَيْهِ ، فَقَالَ:«اللَّهُمَّ تُبْ عَلَيْهِ» ثَلَاثًا ،
17229 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَرَوَاهُ هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى بْنِ إِسْحَاقَ ، وَقَالَ فِيهِ: قَالَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ، لَمْ يَشُكَّ ،
17230 -
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ تَأْقِيتَ الْإِقْرَارِ بِمَرَّتَيْنِ غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ، وَكَأَنَّهُ لَمْ يُفَسِّرْ إِقْرَارَهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ
17231 -
وَرُوِيَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ: " أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِسَارِقٍ سَرَقَ شَمْلَةً ، فَقَالُوا: إِنَّ هَذَا سَرَقَ؟ فَقَالَ: «لَا أَخَالُهُ سَرَقَ» فَقَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ سَرَقْتُ ، قَالَ:«اذْهَبُوا بِهِ فَاقْطَعُوهُ ثُمَّ احْسِمُوهُ ، ثُمَّ ائْتُونِي بِهِ» ، فَأُتِيَ بِهِ ، فَقَالَ:«تُبْ إِلَى اللَّهِ» ، قَالَ: تُبْتُ إِلَى اللَّهِ. قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «تَابَ اللَّهُ عَلَيْكَ» ،
⦗ص: 420⦘
17232 -
وَفِي هَذَا إِنْ صَحَّ دَلَالَةً عَلَى أَنَّهُ أَمَرَ بِالْقَطْعِ حِينَ اعْتَرَفَ عِنْدَهُ مَرَّةً وَاحِدَةً ،
17233 -
وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى عَبْدِ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيِّ عَنْ يَزِيدَ ، مِنْهُمْ مَنْ وَصَلَهُ ، وَمِنْهُمْ مِنْ أَرْسَلَهُ ، فَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ أَبَا هُرَيْرَةَ ، وَأَرْسَلَهُ أَيْضًا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ ، وَهُوَ الْمَحْفُوظُ
قَطْعُ الْمَمْلُوكِ بِإِقْرَارِهِ
17234 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ ، وَأَبُو زَكَرِيَّا ، وَأَبُو سَعِيدٍ ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، أَنَّهَا قَالَتْ: خَرَجَتْ عَائِشَةُ إِلَى مَكَّةَ ، وَمَعَهَا مَوْلَاتَانِ وَغُلَامٌ لِابْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ ، فَبَعَثَ مَعَ الْمَوْلَاتَيْنِ بُرْدَ مُرَجَّلٍ قَدْ خِيطَ عَلَيْهِ خِرْقَةٌ خَضْرَاءٌ ، قَالَتْ: فَأَخَذَ الْغُلَامُ الْبُرْدَ ، فَفَتَقَ عَنْهُ فَاسْتَخْرَجَهُ ، وَجَعَلَ مَكَانَهُ لِبْدًا أَوْ فَرْوَةً وَخَاطَ عَلَيْهِ ، فَلَمَّا قَدِمَتِ الْمَوْلَاتَانِ الْمَدِينَةَ دَفَعَتَا ذَلِكَ إِلَى أَهْلِهِ ، فَلَمَّا فَتَقُوا عَنْهُ وَجَدُوا فِيهِ اللِّبْدَ ، وَلَمْ يَجِدُوا فِيهِ الْبُرْدَ ، فَكَلَّمُوا الْمَوْلَاتَيْنِ ، فَكَلَّمَتَا عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَاتَّهَمَتَا الْعَبْدَ. فَسُئِلَ الْعَبْدُ عَنْ ذَلِكَ فَاعْتَرَفَ ، فَأَمَرَتْ بِهِ عَائِشَةُ فَقُطِعَتْ يَدُهُ ، وَقَالَتْ عَائِشَةُ:«الْقَطْعُ فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا»
بَابُ غُرْمِ السَّارِقِ
17235 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: الْقَطْعُ لِلَّهِ ، فَلَا يُسْقِطُهُ غُرْمُهُ مَا أَتْلَفَ لِلنَّاسِ ،
17236 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ الْحَسَنِ ، وَإِبْرَاهِيمَ ، وَرُوِّينَا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
⦗ص: 423⦘
أَنَّهُ قَالَ: «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ» وَمَنْ حَدِيثِ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ
17237 -
وَأَمَّا حَدِيثُ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْمِسْوَرِ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«لَا يَغْرَمُ السَّارِقُ إِذَا أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ» فَهُوَ إِنْ ثَبَتَ قُلْنَا بِهِ ، لَكِنَّهُ تَفَرَّدَ بِهِ الْمُفَضَّلُ بْنُ فَضَالَةَ قَاضِي مِصْرَ ، اخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِيهِ ، فَقِيلَ عَنْهُ ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ ، عَنْ سَعْدٍ هَكَذَا ، وَقِيلَ عَنْهُ ، عَنْ يُونُسَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ سَعْدٍ ، عَنِ الْمِسْوَرِ ، وَقِيلَ: الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ وَقِيلَ عَنْهُ ، عَنْ يُونُسَ ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَخِيهِ الْمِسْوَرِ ،
⦗ص: 424⦘
17238 -
فَإِنْ كَانَ سَعْدٌ هَذَا هُوَ ابْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ، فَقَدْ قَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ: لَا نَعْرِفُ لَهُ فِي التَّوَارِيخِ أَخًا مَعْرُوفًا بِالرِّوَايَةِ يُقَالُ لَهُ «الْمِسْوَرُ» ، وَكَانَ غَيْرَهُ فَلَا نَعْرِفُهُ وَلَا نَعْرِفُ أَخَاهُ ، وَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ مِنْ مَالِ أَخِيهِ إِلَّا مَا طَابَتْ بِهِ نَفْسُهُ ،
17239 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَقَدْ وَجَدْتُ حَدِيثًا لِسَعْدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمِسْوَرِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ، فَإِنْ كَانَ هَذَا الِانْتِسَابُ صَحِيحًا وَثَبَتَ كَوْنُ الْمِسْوَرِ ، لِسَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ أَخًا ، فَلَمْ يَثْبُتْ لَهُ سَمَاعٌ مِنْ جَدِّهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَلَا رُؤْيَةٌ ، وَذَلِكَ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ صَبِيًّا صَغِيرًا وَمَاتَ أَبُوهُ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ ، فَإِنَّمَا كَانَ أَدْرَكَ أَوْلَادَهُ بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهِ ، إِنَّمَا رِوَايَةُ ابْنَيْهِ الْمَعْرُوفِينَ: صَالِحٍ ، وَسَعْدٍ ، عَنْ أَبِيهِمَا ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، فَهَذَا الَّذِي عَرَفْنَاهُ بِحَفَدَتِهِ ، وَفِيهِ نَظَرٌ لَا يُعْرَفُ لَهُ رُؤْيَةٌ وَلَا رِوَايَةٌ عَنْ جَدِّهِ ، وَلَا عَنْ غَيْرِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ ، فَهُوَ مَعَ الْجَهَالَةِ مُنْقَطِعٌ وَبِمِثْلِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ لَا تُتْرَكُ أَمْوَالُ الْمُسْلِمِينَ تَذْهَبُ بَاطِلًا ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ ،
17240 -
قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْمُنْذِرِ: وَلَا يَثْبُتُ خَبَرُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فِي هَذَا الْبَابِ
مَا جَاءَ فِي تَضْعِيفِ الْغَرَامَةِ
17241 -
قَالَ أَحْمَدُ: رَوَيْنَا فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي «الْمَاشِيَةِ فِيمَا أَوَاهُ الْمُرَاحُ ، وَالثَّمَرُ الْمُعَلَّقُ فِيمَا أَوَاهُ الْجَرِينُ فَمَا أُخِذَ مِنْهُ ، فَبَلَغَ ثَمَنَ الْمِجَنِّ ، فَفِيهِ الْقَطْعُ ، وَمَا لَمْ يَبْلُغْ ثَمَنَ الْمِجَنِّ فَفِيهِ غَرَامَةُ مِثْلَيْهِ وَجَلَدَاتٌ نَكَالًا»
17242 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ ، وَأَبُو زَكَرِيَّا ، وَأَبُو سَعِيدٍ ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ ، أَنَّ " رُفَقَاءَ لِحَاطِبٍ سَرَقُوا نَاقَةً لِرَجُلٍ مِنْ مُزَيْنَةَ ، فَانْتَحَرُوهَا ، فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، فَأَمَرَ كَثِيرَ بْنَ الصَّامِتِ أَنْ تُقْطَعَ أَيْدِيهِمْ. ثُمَّ قَالَ عُمَرُ: إِنِّي أَرَاكَ تُجِيعَهُمْ واللَّهِ لَأُغَرِّمَنَّكَ غُرْمًا يَشُقُّ عَلَيْكَ ثُمَّ قَالَ لِلْمُزَنِيِّ: كَمْ ثَمَنُ نَاقَتِكَ؟ قَالَ: أَرْبَعُ مِائَةِ دِرْهَمٍ ، قَالَ عُمَرُ: أَعْطِهِ ثَمَانِيَ مِائَةٍ دِرْهَمٍ " ،
17243 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي كِتَابِهِ: لَيْسَ عَلَيْهِ الْعَمَلُ فِي شَيْءٍ ،
17244 -
أَوْرَدَهُ الشَّافِعِيُّ إِلْزَامًا لِمَالِكٍ فِيمَا تَرَكَ مِنْ قَوْلِ بَعْضِ الصَّحَابَةِ
⦗ص: 426⦘
17245 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا تُضَعَّفُ الْغَرَامَةُ عَلَى أَحَدٍ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا الْعُقُوبَةُ فِي الْأَبْدَانِ لَا فِي الْأَمْوَالِ ، وَإِنَّمَا تَرَكْنَا تَضْعِيفَ الْغَرَامَةِ مِنْ قِبَلِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «قَضَى فِيمَا أَفْسَدَتْ نَاقَةُ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ أَنَّ عَلَى أَهْلِ الْأَمْوَالِ حِفْظَهَا بِالنَّهَارِ ، وَمَا أَفْسَدَتِ الْمَوَاشِي بِاللَّيْلِ ، فَهُوَ ضَامِنٌ عَلَى أَهْلِهَا» ،
17246 -
قَالَ: فَإِنَّمَا يَضْمَنُونَهُ بِالْقِيمَةِ لَا بِقِيمَتَيْنِ ، وَلَا نَقْبَلُ قَوْلَ الْمُدَّعِي لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي ، وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ»
مَا لَا قَطْعَ فِيهِ
17247 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ أُتِيَ بِإِنْسَانٍ قَدِ اخْتَلَسَ مَتَاعًا، فَأَرَادَ قَطْعَ يَدِهِ ، فَأَرْسَلَ إِلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ يَسْأَلُهُ عَنْ ذَلِكَ؟ فَقَالَ زَيْدٌ:«لَيْسَ فِي الْخُلْسَةِ قَطْعٌ» ،
17248 -
قَالَ مَالِكٌ: الْأَمْرُ عِنْدَنَا أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْخُلْسَةِ قَطْعٌ ،
17249 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَكَذَلِكَ مَنِ اسْتَعَارَ مَتَاعًا فَجَحَدَهُ ، أَوْ كَانَتْ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ ، فَجَحَدَهَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِيهَا قَطْعٌ ، وَإِنَّمَا الْقَطْعُ عَلَى مِنْ أَخْرَجَ مَتَاعًا مِنْ حِرْزٍ بِغَيْرِ شُبْهَةٍ
17250 -
قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ رُوِّينَا عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ ، عَنْ جَابِرٍ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ عَلَى الْمُخْتَلِسِ ، وَلَا عَلَى الْمُنْتَهِبِ ، وَلَا عَلَى الْخَائِنِ قَطْعٌ» أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ عُمَرَ بْنِ بُرْهَانَ الْغَزَّالُ فِي آخَرِينَ ، قَالُوا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ ، حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ. فَذَكَرَهُ ،
⦗ص: 429⦘
17251 -
وَذَكَرَ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنَ أَبِي الزُّبَيْرِ ، إِنَّمَا سَمِعَهُ مِنْ يَاسِينٍ الزَّيَّاتِ. وَقَدْ رَوَاهُ الْمُغِيرَةُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ ، نَحْوَ ذَلِكَ ، وَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ ، وَعَلِيٍّ ، مَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ
17253 -
وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَى مَعْمَرٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُرْوَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ:«كَانَتِ امْرَأَةٌ مَخْزُومِيَّةً تَسْتَعِيرُ الْمَتَاعَ ، وَتَجْحَدُهُ ، فَأَمَرَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِقَطْعِ يَدِهَا»
17254 -
فَقَدْ رَوَاهُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُرْوَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، أَنَّ «قُرَيْشًا ، أَهَمَّهُمْ شَأْنُ الْمَرْأَةِ الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ» ،
⦗ص: 430⦘
17255 -
وَبِمَعْنَاهُ قَالَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ،
17256 -
وَبِمَعْنَاهُ قَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ ، عَنْ جَابِرٍ ،
17257 -
وَبِمَعْنَاهُ قَالَهُ مَسْعُودُ بْنُ الْأَسْوَدِ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ،
17258 -
وَقَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «وَايْمُ اللَّهِ، لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا» ، وَفِي هَذِهِ الْقِصَّةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَخْزُومِيَّةَ كَانَتْ سَرَقَتْ ، وَكَأَنَّهَا كَانَتْ قَدِ اشْتَهَرَتْ بِاسْتَعَارَةِ الْمَتَاعِ ، وَجُحُودِهَا ، ثُمَّ سَرَقَتْ فَعُرِفَتْ بِمَا اشْتَهَرَتْ ، وَالْقَطْعُ مُعَلَّقٌ بِالسَّرِقَةِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ،
17259 -
وَالْحَدِيثُ الَّذِي يُرْوَى عَنْ نَافِعٍ ، فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ كَمَا رَوَى مَعْمَرٌ ، مُخْتَلِفٌ فِيهِ عَلَى نَافِعٍ ، فَقِيلَ عَنْهُ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، وَقِيلَ عَنْهُ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، أَوْ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ ، وَقِيلَ عَنْهُ ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ ،
17260 -
وَحَدِيثُ اللَّيْثِ عَنِ الزُّهْرِيِّ ، أَوْلَى بِالصِّحَّةِ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ مُوَافَقَتِهِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
17261 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ الْوَهْبِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ رُكَانَةَ ، عَنْ أُمِّهِ عَائِشَةَ بِنْتِ مَسْعُودٍ ، عَنْ أَبِيهَا مَسْعُودٍ ، قَالَ: لَمَّا سَرَقَتِ الْمَرْأَةُ تِلْكَ الْقَطِيفَةَ مِنْ بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَعْظَمْنَا ذَلِكَ وَكَانَتِ امْرَأَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ ، فَجِئْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَكَلَّمْنَاهُ ، قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ نَحْنُ نَفْدِيهَا بِأَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً ، قَالَ:«تُطَهَّرُ خَيْرٌ لَهَا» . فَلَمَّا سَمِعْنَا لِينَ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَتَيْنَا أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ فَقُلْنَا: اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي شَأْنِ هَذِهِ الْمَرْأَةِ نَحْنُ نَفْدِيهَا بِأَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً ، فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جِدَّ النَّاسِ فِي ذَلِكَ قَامَ فِينَا خَطِيبًا ، فَقَالَ:«يَا أَيُّهَا النَّاسُ مَا إِكْثَارُكُمْ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ وَقَعَ عَلَى أَمَةٍ مِنَ إِمَاءِ اللَّهِ؟ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ كَانَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ نَزَلَتْ بِالَّذِي نَزَلَتْ بِهِ هَذِهِ الْمَرْأَةُ لَقَطَعَ مُحَمَّدٌ يَدَهَا ، فَأَيِسَ النَّاسُ فَقَطَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَهَا» ،
17262 -
قَالَ مُحَمَّدٌ: فَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ يَرْحَمُهَا ، وَيَصِلُهَا
الْعَبْدُ يَسْرِقُ مِنْ مَالِ سَيِّدِهِ أَوْ مِنْ مَالِ امْرَأَةِ سَيِّدِهِ
17263 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ ، وَأَبُو سَعِيدٍ ، وَأَبُو زَكَرِيَّا ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْحَضْرَمِيِّ ، جَاءَ بِغُلَامٍ لَهُ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، فَقَالَ لَهُ: اقْطَعْ يَدَ هَذَا فَإِنَّهُ سَرَقَ ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: مَاذَا سَرَقَ؟ قَالَ: سَرَقَ مَرْآةً لِامْرَأَتِي ثَمَنُهَا سِتُّونَ دِرْهَمًا ، فَقَالَ عُمَرُ: أَرْسِلْهُ لَيْسَ عَلَيْهِ قَطْعٌ خَادِمُكُمْ سَرَقَ مَتَاعَكُمْ " ،
17264 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَتِنَا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ ، وَقَدْ قَالَ صَاحِبُنَا - يَعْنِي مَالِكًا -: إِذَا سَرَقَ الرَّجُلُ مِنَ امْرَأَتِهِ ، أَوِ الْمَرْأَةِ مِنْ زَوْجِهَا مِنَ الْبَيْتِ هُمَا فِيهِ لَمْ يُقْطَعْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا. وَإِنْ سَرَقَ غُلَامُهُ مِنَ امْرَأَتِهِ ، أَوْ غُلَامُهَا مِنْهُ وَهُوَ يَخْدُمُهُمَا لَمْ يُقْطَعْ لِأَنَّ هَذِهِ خِيَانَةٌ ،
⦗ص: 433⦘
17265 -
فَإِذَا سَرَقَ مِنَ امْرَأَتِهِ ، أَوْ هِيَ مِنْهُ ، مِنْ بَيْتِ مُحْرَزٍ فِيهِ لَا يَسْكُنَانِهِ مَعًا ، أَوْ سَرَقَ عَبْدُهَا مِنْهُ ، أَوْ عَبْدُهُ مِنْهَا ، وَلَيْسَ بِالَّذِي يَلِي خِدْمَتَهَا قُطِعَ أَيُّ هَؤُلَاءِ سَرَقَ ،
17266 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهَذَا مَذْهَبٌ وَأُرَاهُ يَقُولُ: إِنَّ قَوْلَ عُمَرَ: «خَادِمُكُمْ» أَيِ الَّذِي يَلِي خِدْمَتَكُمْ ، وَلَكِنَّ قَوْلَ عُمَرَ «خَادِمُكُمْ» يَحْتَمِلُ عَبْدَكُمْ ،
17267 -
فَأَرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ. عَلَى الِاحْتِيَاطِ: أَنْ لَا يُقْطَعَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ ، وَلَا الْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا ، وَلَا عَبْدٌ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَرَقَ مِنْ مَتَاعِ الْآخَرِ شَيْئًا لِلْأَثَرِ وَالشُّبْهَةِ فِيهِ ،
17268 -
وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ يَسْرِقُ مَتَاعَ أَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ أَوْ أَجْدَادِهِ مِنْ قِبَلِهِمَا ، أَوْ مَتَاعَ وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ لَا يُقْطَعُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا
الرَّجُلُ يَسْرِقُ مِنْ مَالٍ لَهُ فِيهِ شِرْكٌ
17269 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ، وَأَبُو سَعِيدٍ ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، فِيمَا حُكِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ ، قَالَ: أَخْبَرَنَا بَعْضُ مَشَايِخِنَا عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّ عَبْدًا مِنَ الْحَبَشِ سَرَقَ مِنَ الْخُمُسِ فَلَمْ يَقْطَعْهُ ، وَقَالَ:«مَالُ اللَّهِ بَعْضُهُ فِي بَعْضٍ»
17270 -
قَالَ: وَحَدَّثَنَا بَعْضُ أَشْيَاخِنَا ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ ، عَنِ ابْنِ عُبَيْدِ بْنِ الْأَبْرَصِ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّ رَجُلًا سَرَقَ مِغْفَرًا مِنَ الْمَغْنَمِ ، فَلَمْ يَقْطَعْهُ "
17271 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِأَحْرَارٍ بِالسُّهْمَانِ ، وَرَضَخَ
⦗ص: 435⦘
لِلْعَبِيدِ ، فَإِذَا سَرَقَ أَحَدٌ حَضَرَ الْمَغْنَمَ شَيْئًا لَمْ أَرَ عَلَيْهِ قَطْعًا ، لِأَنَّ الشِّرْكَ بِالْكَثِيرِ وَالْقَلِيلِ سَوَاءٌ "
17272 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَرُوِّينَا عَنْ عَلِيٍّ ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: لَيْسَ عَلَى مَنْ سَرَقَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ قَطْعٌ
بَابُ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ
⦗ص: 437⦘
17273 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى: " {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا ، أَوْ يُصَلَّبُوا ، أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ} [المائدة: 33] "
17274 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ، وَأَبُو بَكْرٍ ، وَأَبُو زَكَرِيَّا ، وَأَبُو سَعِيدٍ ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ ، عَنْ صَالِحٍ مَوْلَى التَّوْءَمَةِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، فِي " قُطَّاعِ الطَّرِيقِ إِذَا قَتَلُوا ، وَأَخَذُوا الْمَالَ: قُتِّلُوا وَصُلِّبُوا ، وَإِذَا قَتَلُوا وَلَمْ يَأْخُذُوا الْمَالَ: قُتِّلُوا وَلَمْ يُصَلَّبُوا ، وَإِذَا أَخَذُوا الْمَالَ وَلَمْ يَقْتُلُوا قُطِعَتْ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ مِنْ خِلَافٍ وَإِذَا أَخَافُوا السَّبِيلَ ، وَلَمْ يَأْخُذُوا مَالًا: نُفُوا مِنَ الْأَرْضِ " ،
⦗ص: 438⦘
17275 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَتِنَا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ ، وَبِهَذَا نَقُولُ ، وَهُوَ مُوَافِقٌ مَعْنَى كِتَابِ اللَّهِ عز وجل ،
17276 -
وَذَلِكَ أَنَّ الْحُدُودَ إِنَّمَا نَزَلَتْ فِيمَنْ أَسْلَمَ ، فَأَمَّا أَهْلُ الشِّرْكِ ، فَلَا حُدُودَ فِيهِمْ إِلَّا الْقَتْلُ ، أَوِ السَّبْيُ ، أَوِ الْجِزْيَةُ ،
17277 -
قَالَ: وَاخْتِلَافُ حُدُودِهِمْ بِاخْتِلَافِ أَفْعَالِهِمْ عَلَى مَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ،
17278 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَيْسَ لِأَوْلِيَاءِ الَّذِينَ قَتَلَهُمْ قُطَّاعَ الطَّرِيقِ عَفُوٌّ ، وَكَانَ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَقْتُلَهُمْ ، وَاحْتَجَّ بِالْآيَةِ ،
17279 -
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَرُوِيَ ذَلِكَ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ،
17280 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَنَفْيُهُمْ أَنْ يُطْلَبُوا فَيُنْفَوْا مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ ، فَإِذَا ظَفِرَ بِهِمْ أُقِيمَ عَلَيْهِمُ الْحَدُّ ، أَيُّ هَذِهِ الْحُدُودِ كَانَ حَدَّهُمْ ،
17281 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَالَ اللَّهُ عز وجل: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ} [المائدة: 34] ، فَمَنْ تَابَ قَبْلَ أَنْ يُقْدَرَ عَلَيْهِ سَقَطَ حَدُّ اللَّهِ ، وَأُخِذَ حُقُوقُ بَنِي آدَمَ ،
17282 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الشَّهَادَةِ: فَأَخْبَرَ اللَّهُ بِمَا عَلَيْهِمْ مِنَ الْحَدِّ ، إِلَّا أَنْ يَتُوبُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْدَرَ عَلَيْهِمْ ،
17283 -
ثُمَّ ذَكَرَ حَدَّ الزِّنَا وَالسَّرِقَةَ ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِيمَ اسْتَثْنَى ، فَاحْتَمَلَ ذَلِكَ أَنْ لَا يَكُونَ الِاسْتِثْنَاءُ إِلَّا حَيْثُ جُعِلَ فِي الْمُحَارِبِ خَاصَّةً ، وَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ كُلُّ حَدٍّ لِلَّهِ ، فَتَابَ صَاحِبُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْدَرَ عَلَيْهِ سَقَطَ عَنْهُ ،
⦗ص: 439⦘
17284 -
قَالَ أَحْمَدُ: رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ ، وَأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنهما فِي قَبُولِ تَوْبَةِ الْمُحَارِبِ ،
17285 -
وَرُوِّينَا فِي حَدِيثِ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ فِي قِصَّةِ الْمَرْأَةِ الَّتِي وَقَعَ عَلَيْهَا رَجُلٌ فِي سَوَادِ الصُّبْحِ ، وَهِيَ تَعَمَدُ إِلَى الْمَسْجِدِ ، ثُمَّ فَرَّ ، وَأُخِذَ مَنِ اسْتَغَاثَتْ بِهِ ، فَلَمَّا أُمِرَ بِهِ قَامَ صَاحِبُهَا الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهَا ، فَقَالَ: لَا تَرْجُمُوهُ وَارْجُمُونِي أَنَا الَّذِي فَعَلْتُ بِهَا. . . فَاعْتَرَفَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِلْمَرْأَةِ:«أَمَا أَنْتِ فَقَدْ غُفِرَ لَكِ» وَقَالَ لِلرَّجُلِ الَّذِي أُخِذَ قَوْلًا حَسَنًا ، فَقِيلَ لَهُ: ارْجُمِ الَّذِي اعْتَرَفَ ، فَقَالَ:«لَا إِنَّهُ قَدْ تَابَ إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً لَوْ تَابَهَا أَهْلُ الْمَدِينَةِ لَقُبِلَ مِنْهُمْ» ، فَأَرْسَلَهُمْ ،
17286 -
وَهَذَا حَدِيثٌ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابِ السُّنَنِ وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ ،
17287 -
وَمِثْلُ هَذَا قَدْ وُجِدَ مِنْ مَاعِزٍ ، وَالْجُهَيْنِيَّةِ ، وَالْغَامِدِيَّةِ ، وَجَعَلَ تَوْبَتَهُمْ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ اللَّهِ ، وَأَمَرَ بِرَجْمِهِمْ ، وَقَوْلُهُ فِي مَاعِزٍ:«هَلَّا تَرَكْتُمُوهُ» يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ إِنَّمَا قَالَهُ لَعَلَّهُ يَرْجِعُ ، فَيُقْبَلُ رُجُوعُهُ عَنِ الْإِقْرَارِ فِيمَا كَانَ حَدًّا لِلَّهِ تَعَالَى ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ