الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
34 - كتاب الأشربة
كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ وَالْحَدِّ فِيهَا
17288 -
قَالَ أَحْمَدُ: رُوِّينَا عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي مَيْسَرَةَ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ: لَمَّا نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ قَالَ عُمَرُ: «اللَّهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانًا شَافِيًا» ، فَنَزَلَتْ:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ} [البقرة: 219] الَّتِي فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ، فَدُعِيَ عُمَرُ فَقُرِئَتْ عَلَيْهِ فَقَالَ:«اللَّهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانًا شَافِيًا» ، فَنَزَلَتِ الَّتِي فِي النِّسَاءِ:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} [النساء: 43]، فَدُعِيَ عُمَرُ فَقُرِئَتْ عَلَيْهِ، فَنَزَلَتِ الَّتِي فِي الْمَائِدَةِ، فَدُعِيَ عُمَرُ فَقُرِئَتْ عَلَيْهِ، فَلَمَّا بَلَغَ {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [المائدة: 91] قَالَ عُمَرُ: قَدِ انْتَهَيْنَا "
⦗ص: 8⦘
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مِهْرَانَ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، فَذَكَرَهُ
17289 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ الْقَاضِي، وَأَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كُنْتُ أَسْقِي أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ، وَأَبَا طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيَّ وَأُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ شَرَابًا مِنْ فَضِيخٍ وَتَمْرٍ، فَجَاءَهُمْ آتٍ فَقَالَ: إِنَّ الْخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ، فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: يَا أَنَسُ، قُمْ إِلَى هَذِهِ الْجِرَارِ فَاكْسِرْهَا قَالَ أَنَسٌ:«فَقُمْتُ إِلَى مِهْرَاسٍ لَنَا فَضَرَبْتُهَا بِأَسْفَلِهِ حَتَّى تَكَسَّرَتْ» أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ
17290 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنِ ابْنِ وَعْلَةَ الْمِصْرِيِّ، أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ عَمَّا يُعْصَرُ مِنَ الْعِنَبِ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَهْدَى رَجُلٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَاوِيَةَ خَمْرٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ اللَّهَ
⦗ص: 9⦘
حَرَّمَهَا؟» فَقَالَ: لَا، فَسَارَّ إِنْسَانًا إِلَى جَنْبِهِ قَالَ: ثُمَّ سَارَرْتَهُ فَقَالَ: أَمَرْتُهُ أَنْ يَبِيعَهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ الَّذِي حَرَّمَ شُرْبَهَا حَرَّمَ ثَمَنَهَا» ، فَفَتَحَ الْمَزَادَتَيْنِ حَتَّى ذَهَبَ مَا فِيهِمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ
17291 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بَلَغَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَنَّ رَجُلًا بَاعَ خَمْرًا، فَقَالَ: قَاتَلَ اللَّهُ فُلَانًا بَاعَ الْخَمْرَ، أَمَا عَلِمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ، حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ فَجَمَّلُوهَا فَبَاعُوهَا» أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ
17292 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رِجَالًا مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ قَالُوا لَهُ: إِنَّا نَبْتَاعُ مِنْ تَمْرِ النَّخْلِ وَالْعِنَبِ فَنَعْصِرُهُ خَمْرًا فَنَبِيعُهَا، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: «إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتَهُ وَمَنْ سَمِعَ مِنَ
⦗ص: 10⦘
الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَنِّي لَا آمُرُكُمْ أَنْ تَبِيعُوهَا، وَلَا تَبْتَاعُوهَا، وَلَا تَعْصِرُوهَا، وَلَا تُعَتِّقُوهَا، فَإِنَّهَا رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ»
17293 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ لَمْ يَتُبْ مِنْهَا حُرِمَهَا فِي الْآخِرَةِ» أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ
17294 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ: قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْمَاسَرْجِسِيُّ فِيمَا أُخْبِرْتُ عَنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُفْيَانَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: فِي قَوْلِهِ عز وجل: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا} [المائدة: 93] قَالَ: {اتَّقَوْا} [الأنعام: 93]: «لَمْ يَقْرَبُوا مَا حُرِّمَ عَلَيْهِمْ»
17295 -
قَالَ أَحْمَدُ: رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: " هَذِهِ الْآيَةُ أُنْزِلَتْ عُذْرًا لِلْمَاضِينَ؛ لِأَنَّهُمْ لَقُوا اللَّهَ قَبْلَ أَنْ تُحَرَّمَ عَلَيْهِمُ الْخَمْرُ، وَحُجَّةً عَلَى الْبَاقِينَ لِأَنَّ اللَّهَ يَقُولُ
⦗ص: 11⦘
: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ} [المائدة: 90]، فَإِنْ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ نَهَى أَنْ تُشْرَبَ الْخَمْرُ "
17296 -
وَفِي هَذَا بَيَانُ مَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ، وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ أَعَمُّ لِعُمُومِ الْآيَةِ
17297 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سِخْتَوَيْهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الرَّبِيعِ الْعَتَكِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كُنْتُ سَاقِيَ - يَعْنِي الْقَوْمَ - يَوْمَ حُرِّمَتِ الْخَمْرُ فِي بَيْتِ أَبِي طَلْحَةَ، وَمَا شَرَابُهُمْ إِلَّا الْفَضِيخُ الْبُسْرُ وَالتَّمْرُ، فَإِذَا مُنَادٍ يُنَادِي:" إِنَّ الْخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ قَالَ: فَجَرَتْ فِي سِكَكِ الْمَدِينَةِ، فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: اخْرُجْ فَأَهْرِقْهَا، فَقَالُوا - أَوْ قَالَ بَعْضُهُمْ: قُتِلَ فُلَانٌ، قُتِلَ فُلَانٌ وَهِيَ فِي بُطُونِهِمْ قَالَ: أَنَا لَا أَدْرِي مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} [المائدة: 93] " رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي الرَّبِيعِ، وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي النُّعْمَانِ، عَنْ حَمَّادٍ.
17298 -
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ رَفَعَ الْجُنَاحَ فِيمَا طَعِمُوا قَبْلَ التَّحْرِيمِ إِذَا اتَّقَوْا شُرْبَهَا بَعْدَ التَّحْرِيمِ
17299 -
وَرُوِيَ سَبَبُ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ أَيْضًا فِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ
17299 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ فُورَكٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: لَمَّا نَزَلَ تَحْرِيمُ
⦗ص: 12⦘
الْخَمْرِ قَالُوا: كَيْفَ بِمَنْ كَانَ يَشْرَبُهَا قَبْلَ أَنْ تُحَرَّمَ؟ فَنَزَلَتْ: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} [المائدة: 93] "
17300 -
تَابَعَهُ وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ وَغَيْرُهُ عَنْ شُعْبَةَ
بَابُ مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ
17301 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، وَأَبُو نَصْرٍ مَنْصُورُ بْنُ الْحَسَنِ الْمَقْبُرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ فَهُوَ حَرَامٌ» أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ
17302 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْبِتْعِ، فَقَالَ:«كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ فَهُوَ حَرَامٌ» أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ
17303 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَقَدْ رُوِّينَا فِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم
⦗ص: 15⦘
عَنِ الْبِتْعِ وَهُوَ مِنَ الْعَسَلِ، وَعَنِ الْمِزْرِ، وَهُوَ مِنَ الذُّرَةِ وَالشَّعِيرِ، وَهُمَا يُسْكِرَانِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«كُلُّ سُكْرٍ حَرَامٌ»
17304 -
وَهُوَ مُخَرَّجٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَقَدْ مَضَى مِنْ حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كُنْتُ أَسْقِي شَرَابًا مِنْ فَضِيخٍ وَتَمْرٍ
17305 -
وَفِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ:«حُرِّمَتْ عَلَيْنَا الْخَمْرُ وَمَا نَجِدُ خُمُورَ الْأَعْنَابِ إِلَّا الْقَلِيلَ، وَعَامَّةُ خَمْرِهِمُ الْبُسْرُ وَالتَّمْرُ»
17306 -
وَفِي كِتَابِ أَبِي دَاوُدَ: عَنْ أَبِي حَرِيزٍ، عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّ الْخَمْرَ مِنَ الْعَصِيرِ، وَالزَّبِيبِ، وَالتَّمْرِ، وَالْحِنْطَةِ، وَالشَّعِيرِ، وَالذُّرَةِ، وَإِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ كُلِّ مُسْكِرٍ»
17307 -
وَفِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ عَنْ أَبِي حَيَّانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " إِنَّ الْخَمْرَ نَزَلَ تَحْرِيمُهَا يَوْمَ نَزَلَ وَهِيَ مِنْ خَمْسَةٍ: مِنَ الْعِنَبِ، وَالتَّمْرِ، وَالْعَسَلِ، وَالْحِنْطَةِ، وَالشَّعِيرِ، وَالْخَمْرُ مَا خَامَرَ الْعَقْلَ " وَثَلَاثٌ أَيُّهَا النَّاسُ وَدِدْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُفَارِقْنَا حَتَّى يَعْهَدَ إِلَيْنَا عَهْدًا نَنْتَهِي إِلَيْهِ: الْجَدُّ، وَالْكَلَالَةُ، وَأَبْوَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الرِّبَا أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي حَيَّانَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: خَطَبَنَا، فَذَكَرَهُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ مِنْ أَوْجُهٍ عَنْ أَبِي حَيَّانَ
17308 -
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" الْخَمْرُ مِنْ هَاتَيْنِ الشَّجَرَتَيْنِ: النَّخْلَةِ، وَالْعِنَبَةِ " فَقَدْ قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، إِنَّمَا مَعْنَاهُ أَنَّ مُعْظَمَ مَا نَجِدُ مِنَ الْخَمْرِ إِنَّمَا هُوَ مِنَ النَّخْلَةِ وَالْعِنَبَةِ وَإِنْ كَانَتْ قَدْ تُتَّخَذُ أَيْضًا مِنْ غَيْرِهِمَا، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ التَّأْكِيدِ لِتَحْرِيمِ مَا يُتَّخَذُ مِنْهُمَا لِضَرَاوَتِهِ وَشِدَّةِ سَوْرَتِهِ، كَمَا يُقَالُ: الشِّبَعُ فِي اللَّحْمِ، وَالدِّفْءُ فِي الْوَبَرِ، وَلَيْسَ فِيهِ نَفْيُ الشِّبَعِ عَنْ غَيْرِ اللَّحْمِ، وَلَا نَفْيُ الدِّفْءِ مِنْ غَيْرِ الْوَبَرِ، وَلَكِنْ فِيهِ التَّوْكِيدُ لِأَمْرِهِمَا، وَالتَّقْدِيمُ لَهُمَا عَلَى غَيْرِهِمَا فِي نَفْسِ ذَلِكَ الْمَعْنَى، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
17309 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ أَبَا وَهْبٍ الْجَيْشَانِيَّ، سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْبِتْعِ، فَقَالَ:«كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ»
17310 -
كَذَا وَقَعَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ: عَنِ الْبِتْعِ وَقَالَ غَيْرُهُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْمِزْرِ قَالَ:«وَمَا الْمِزْرُ؟» قَالَ: شَيْءٌ يُصْنَعُ مِنَ الْحَبِّ، فَقَالَ:«كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ»
17311 -
وَهُوَ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ مُرْسَلٌ
17312 -
وَهُوَ فِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ رَجُلًا قَدِمَ مِنْ جَيْشَانَ - وَجَيْشَانُ مِنَ الْيَمَنِ - فَسَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ شَرَابٍ يَشْرَبُونَهُ بِأَرْضِهِمْ مِنَ الذُّرَةِ، يُقَالُ لَهُ: الْمِزْرُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«أَوَ مُسْكِرٌ هُوَ؟» قَالُوا: نَعَمْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، وَإِنَّ اللَّهَ عَهِدَ لِمَنْ يَشْرَبُ الْمُسْكِرَ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ» ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا طِينَةُ الْخَبَالِ؟ قَالَ:«عَرَقُ أَهْلِ النَّارِ، أَوْ عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ» أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ غَزِيَّةَ، فَذَكَرَهُ
⦗ص: 18⦘
. رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ قُتَيْبَةَ
17313 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْجُوَيْرِيَةِ الْجَرْمِيَّ، يَقُولُ: إِنِّي لَأَوَّلُ الْعَرَبِ سَأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ وَهُوَ مُسْنِدٌ ظَهْرَهُ إِلَى الْكَعْبَةِ، فَسَأَلْتُهُ عَنِ الْبَاذَقِ، فَقَالَ:«سَبَقَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم الْبَاذَقَ، وَمَا أَسْكَرَ فَهُوَ حَرَامٌ»
17314 -
تَابَعَهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي الْجُوَيْرِيَةِ، وَمِنْ ذَلِكَ الْوَجْهِ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ
17315 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنِ الْغُبَيْرَاءِ، فَقَالَ:«لَا خَيْرَ فِيهَا» وَنَهَى عَنْهَا
17316 -
قَالَ مَالِكٌ، عَنْ زَيْدٍ: هِيَ السَّكَرُ،
17317 -
هَذَا مُرْسَلٌ
⦗ص: 19⦘
17318 -
وَرُوِّينَا فِي حَدِيثٍ مَوْصُولٍ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ، أَنَّ نَاسًا مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنَّ لَنَا شَرَابًا نَصْنَعُهُ مِنَ الْقَمْحِ وَالشَّعِيرِ؟ فَقَالَ: «الْغُبَيْرَاءُ؟» قَالُوا: نَعَمْ قَالَ: «لَا تَطْعَمُوهُ»
17319 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ مَرْثَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْيَزَنِيِّ، عَنْ دَيْلَمٍ الْحِمْيَرِيِّ قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا بِأَرْضٍ بَارِدَةٍ نُعَالِجُ بِهَا عَمَلًا شَدِيدًا، وَإِنَّا نَتَّخِذُ شَرَابًا مِنْ هَذَا الْقَمْحِ نَتَقَوَّى بِهِ عَلَى أَعْمَالِنَا وَعَلَى بَرْدِ بِلَادِنَا؟ قَالَ:«هَلْ يُسْكِرُ؟» قَالَ: نَعَمْ قَالَ: «فَاجْتَنِبُوهُ» ، قُلْتُ: فَإِنَّ النَّاسَ غَيْرُ تَارِكِيهِ؟ قَالَ: «فَإِنْ لَمْ يَتْرُكُوهُ قَاتِلُوهُمْ»
17320 -
قَالَ أَحْمَدُ: قَوْلُهُ فِي شَرَابِ الْقَمْحِ: «فَاجْتَنِبُوهُ» وَذَلِكَ يَتَنَاوَلُ الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ
17321 -
قَالَ أَحْمَدُ: كَقَوْلِ اللَّهِ عز وجل فِي الْخَمْرِ: {فَاجْتَنِبُوهُ} [المائدة: 90] وَتِلْكَ الْأَخْبَارُ كُلُّهَا تَدُلُّ عَلَى مَنْعِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ شُرْبِ الْمُسْكِرِ، وَذَلِكَ يَتَنَاوَلُ الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ، وَقَدْ سَمَّوْهُ خَمْرًا فَهُوَ دَاخِلٌ تَحْتَ قَوْلِهِ:{إِنَّمَا الْخَمْرُ} [المائدة: 90] إِلَى قَوْلِهِ: {فَاجْتَنِبُوهُ} [المائدة: 90]
17322 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا
⦗ص: 20⦘
أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ: كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ "
17323 -
هَكَذَا رَوَاهُ مَالِكٌ مَوْقُوفًا فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ، وَرَوَاهُ رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ عَنْ مَالِكٍ مَرْفُوعًا
17324 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْعَلَوِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ الشَّرْقِيِّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ، حَدَّثَنَا رَوْحٌ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ»
17325 -
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ وَغَيْرِهِ، عَنْ رَوْحٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
17326 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ، عَنْ وَاقِدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، وَعَنْ سَلَمَةَ بْنِ عَوْفِ بْنِ سَلَامَةَ، أَخْبَرَاهُ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، حِينَ قَدِمَ الشَّامَ شَكَى إِلَيْهِ أَهْلُ الشَّامِ وَبَاءَ الْأَرْضِ وَثِقَلَهَا وَقَالُوا: لَا يُصْلِحُنَا إِلَّا هَذَا الشَّرَابُ، فَقَالَ عُمَرُ: اشْرَبُوا الْعَسَلَ، فَقَالُوا: لَا يُصْلِحُنَا الْعَسَلُ، فَقَالَ رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ: هَلْ لَكَ أَنْ نَجْعَلَ لَكَ مِنْ هَذَا الشَّرَابِ شَيْئًا لَا يُسْكِرُ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، فَطَبَخُوهُ حَتَّى ذَهَبَ مِنْهُ الثُّلُثَانِ وَبَقِيَ الثُّلُثُ، فَأَتَوْا بِهِ عُمَرَ فَأَدْخَلَ عُمَرُ فِيهِ إِصْبَعَهُ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَهُ فَتَبِعَهَا يَتَمَطَّطُ، فَقَالَ: هَذَا الطِّلَاءُ، هَذَا مِثْلُ طِلَاءِ الْإِبِلِ، فَأَمَرَهُمْ عُمَرُ أَنْ يَشْرَبُوهُ، فَقَالَ لَهُ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ: أَحْلَلْتَهَا وَاللَّهِ، فَقَالَ عُمَرُ:«كَلَّا وَاللَّهِ، اللَّهُمَّ إِنِّي لَا أُحِلُّ لَهُمْ شَيْئًا حَرَّمْتَهُ عَلَيْهِمْ، وَلَا أُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ شَيْئًا أَحْلَلْتَهُ لَهُمْ»
17327 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ خَرَجَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ:«إِنِّي وَجَدْتُ مِنْ فُلَانٍ رِيحَ شَرَابٍ فَزَعَمَ أَنَّهُ شَرَابُ الطِّلَاءِ، وَأَنَا سَائِلٌ عَمَّا شَرِبَ فَإِنْ كَانَ يُسْكِرُ جَلَدْتُهُ» فَجَلَدَهُ عُمَرُ الْحَدَّ تَامًّا
17328 -
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، خَرَجَ فَصَلَّى عَلَى الْجَنَازَةِ فَسَمِعَهُ السَّائِبُ، يَقُولُ:«إِنِّي وَجَدْتُ مِنْ عُبَيْدِ اللَّهِ وَأَصْحَابِهِ رِيحَ شَرَابٍ، وَأَنَا سَائِلٌ عَمَّا شَرِبُوا، فَإِنْ كَانَ مُسْكِرًا حَدَدْتُهُمْ»
17329 -
قَالَ سُفْيَانُ: فَأَخْبَرَنِي مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، أَنَّهُ حَضَرَهُ يَحُدُّهُمْ
17330 -
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي يَحْيَى، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ:«لَا أُوتَى بِأَحَدٍ شَرِبَ خَمْرًا، وَلَا نَبِيذًا مُسْكِرًا إِلَّا جَلَدْتُهُ الْحَدَّ»
17331 -
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، قَالَ:«إِنْ يُجْلَدْ قُدَامَةُ الْيَوْمَ فَلَنْ يُتْرَكَ أَحَدٌ بَعْدَهُ، وَكَانَ قُدَامَةُ بَدْرِيًّا»
17332 -
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: أَتَجْلِدُ فِي رِيحِ الشَّرَابِ؟ فَقَالَ عَطَاءٌ: «إِنَّ الرِّيحَ لَتَكُونُ مِنَ الشَّرَابِ الَّذِي لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، فَإِذَا اجْتَمَعُوا جَمِيعًا عَلَى شَرَابٍ وَاحِدٍ فَسَكِرَ أَحَدُهُمْ جُلِدُوا جَمِيعًا الْحَدَّ تَامًّا»
17333 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَوْلُ عَطَاءٍ مِثْلُ قَوْلِ عُمَرَ لَا يُخَالِفُهُ، لَا نَعْرِفُ الْإِسْكَارَ فِي الشَّرَابِ حَتَّى يَسْكَرَ مِنْهُ وَاحِدٌ فَنَعْلَمَ أَنَّهُ مُسْكِرٌ، ثُمَّ نَجْلِدُ الْحَدَّ عَلَى شُرْبِهِ، وَإِنْ لَمْ يُسْكِرْ صَاحِبَهُ قِيَاسًا عَلَى الْخَمْرِ
17334 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: " قَالَ لِي بَعْضُ النَّاسِ: الْخَمْرُ حَرَامٌ، وَالسَّكَرُ مِنْ كُلِّ الشَّرَابِ، وَلَا يَحْرُمُ الْمُسْكِرُ حَتَّى يُسْكَرَ مِنْهُ، وَلَا يُحَدُّ مَنْ شَرِبَ نَبِيذًا مُسْكِرًا حَتَّى يُسْكِرَهُ،
17335 -
فَقِيلَ لِبَعْضِ مَنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ: كَيْفَ خَالَفْتَ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَثَبَتَ عَنْ عُمَرَ، وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خِلَافَهُ؟
17336 -
قَالَ: رُوِّينَا فِيهِ، عَنْ عُمَرَ، أَنَّهُ شَرِبَ فَضْلَ شَرَابِ رَجُلٍ حَدَّهُ،
17337 -
قُلْنَا: رُوِّيتُمُوهُ عَنْ رَجُلٍ مَجْهُولٍ عِنْدَكُمْ، لَا تَكُونُ رِوَايَتُهُ حُجَّةً "
⦗ص: 24⦘
17338 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَهَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ الْأَعْمَشُ تَارَةً عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ ذِي لَعْوَةَ، وَتَارَةً عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ ذِي حُدَّانَ، وَابْنِ ذِي لَعْوَةَ: أَنَّ رَجُلًا أَتَى سَطِيحَةً لِعُمَرَ فَشَرِبَ مِنْهَا فَسَكِرَ، فَأَتَى بِهِ عُمَرُ فَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ وَقَالَ: إِنَّمَا شَرِبْتُ مِنْ سَطِيحَتِكَ، فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّمَا أَضْرِبُكَ عَلَى السُّكْرِ، فَضَرَبَهُ عُمَرُ
17339 -
وَمَنْ لَا يُنْصِفُ: يَحْتَجُّ بِرِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ ذِي لَعْوَةَ عَلَى مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ عَنْ عُمَرَ وَغَيْرِهِ
17340 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْفَارِسِيُّ، أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ الْأَصْبَهَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ فَارِسٍ قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ: سَعِيدُ بْنُ ذِي لَعْوَةَ، عَنْ عُمَرَ فِي النَّبِيذِ يُخَالِفُ النَّاسَ فِي حَدِيثِهِ، لَا يُعْرَفُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: سَعِيدُ بْنُ حُدَّانَ، وَهُوَ وَهْمٌ
17341 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَزْهَرِ قَالَ: سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيَّ، يَقُولُ: كُنْتُ
⦗ص: 25⦘
عِنْدَ ابْنِ إِدْرِيسَ - يَعْنِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ إِدْرِيسَ الْكُوفِيَّ - وَعِنْدَهُ جَمَاعَةٌ فَجَرَى «ذِكْرُ الْمُسْكِرِ فَحَرَّمَهُ الْحِجَازِيُّونَ، وَجَعَلَ أَهْلُ الْكُوفَةِ يَحْتَجُّونَ فِي تَحْلِيلِهِ» إِلَى أَنْ قَالَ بَعْضُهُمْ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ ذِي لَعْوَةَ فِي الرُّخْصَةِ، فَقَالَ الْحِجَازِيُّونَ، أَوْ قَالَ ابْنُ إِدْرِيسَ: وَاللَّهِ مَا تَجِيئُونَ بِهِ عَنِ الْمُهَاجِرِينَ، وَالْأَنْصَارِ وَلَا عَنْ أَبْنَائِهِمْ، وَإِنَّمَا تَجِيئُونَ بِهِ عَنِ الْعُورَانِ وَالْعِمْيَانِ وَالْعُرْجَانِ وَالْحُولَانِ وَالْعِمْشَانِ
17342 -
وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرِ، عَنْ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِدْرِيسَ، بِبَعْضِ مَعْنَاهُ وَزَادَ: أَيْنَ أَنْتُمْ عَنْ أَبْنَاءِ الْمُهَاجِرِينَ، وَالْأَنْصَارِ؟ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيُّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ»
17343 -
قَالَ أَحْمَدُ: الْأَحَادِيثُ الَّتِي احْتَجَجْنَا بِهَا أَحَادِيثُ قَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ عَلَى صِحَّتِهَا، وَالْأَحَادِيثُ الَّتِي رُوِيَتْ فِي الْكَسْرِ بِالْمَاءِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ عَنْ عُمَرَ، أَسَانِيدُهَا غَيْرُ قَوِيَّةٍ، فَإِجْرَاءُ مَا رُوِّينَا عَلَى ظَاهِرِهَا، وَحَمْلُ مَا رَوَوْا عَلَى الْأَمْرِ بِالْكَسْرِ بِالْمَاءِ إِذَا خُشِيَ شِدَّتَهُ قَبْلَ أَنْ يَشْتَدَّ أَوْلَى فَقَدْ رُوِيَ فِي بَعْضِ أَلْفَاظِهَا: فَإِنْ خَشِيَ شِدَّتَهُ فَلْيَصُبَّ عَلَيْهِ الْمَاءَ، وَإِنْ كَانَ قَدِ اشْتَدَّ وَبَلَغَ حَدَّ الْإِسْكَارِ، فَقَدْ وَرَدَ فِيهِ مَا
17344 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ فِي كِتَابِ السُّنَنِ لِأَبِي دَاوُدَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ وَاقِدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: عَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَصُومُ، فَتَحَيَّنْتُ فِطْرَهُ بِنَبِيذٍ صَنَعْتُهُ فِي دُبَّاءٍ ثُمَّ أَتَيْتُهُ بِهِ، فَإِذَا هُوَ يَنِشُّ، فَقَالَ:«اضْرِبْ بِهَذَا الْحَائِطَ، فَإِنَّ هَذَا شَرَابُ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ»
17345 -
تَابَعَهُ عُثْمَانُ بْنُ عَلَّاقٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَاقِدٍ، وَذَكَرَ فِيهِ سَمَاعَ خَالِدِ بْنِ حُسَيْنٍ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
17346 -
وَرُوِيَ فِي مَعْنَاهُ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ
17347 -
وَكَيْفَ يُمَكِنُ حَمْلُ أَحَادِيثَ عَلَى تَحْرِيمِ مِقْدَارِ مَا يُسْكِرُ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ فَهُوَ حَرَامٌ» ؟ فَعَمَّ، الشَّرَابَ الَّذِي يُسْكِرُ
⦗ص: 27⦘
بِالتَّحْرِيمِ وَقَالَ: «كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ» فَسَمَّاهُ خَمْرًا، ثُمَّ سَمَّاهُ حَرَامًا فَقَالَ:«وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ» ، فَحَرُمَ بِتَحْرِيمِهِ، وَدَخَلَ بِتَسْمِيَتِهِ خَمْرًا تَحْتَ قَوْلِهِ:{إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ، وَالْأَزْلَامُ، رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ} [المائدة: 90]، ثُمَّ مَنَعَ تَأْوِيلَ الْمُتَأَوِّلِينَ وَتَحْرِيفَ الْمُحَرِّفِينَ فَقَالَ:«مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ» هَكَذَا رُوِيَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
17348 -
وَفِي حَدِيثِ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«أَنْهَاكُمْ عَنْ قَلِيلِ مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ»
17349 -
وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا الْأَسْفَاطِيُّ يَعْنِي عَبَّاسَ بْنَ الْفَضْلِ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ مَهْدِيِّ بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ الْأَنْصَارِيِّ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، وَمَا أَسْكَرَ الْفَرَقُ مِنْهُ فَمِلْءُ الْكَفِّ مِنْهُ حَرَامٌ»
⦗ص: 28⦘
رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابِ السُّنَنِ عَنْ مُسَدَّدٍ وَمُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ مَهْدِيِّ بْنِ مَيْمُونٍ،
17350 -
وَأَبُو عُثْمَانَ مَوْلَى الْأَنْصَارِ قَاضِي مَرْوٍ اسْمُهُ: عُمَرُ بْنُ سَالِمٍ، وَقِيلَ: عَمْرٌو، قَالَهُ الْبُخَارِيُّ
17351 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَالْأَخْبَارُ الْمُطْلَقَةُ فِي النَّبِيذِ لَا يَحْتَجُّ بِهَا مَنْ عَرَفَ صِفَةَ أَنْبِذَتِهِمْ
17352 -
وَرُوِّينَا فِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ:«كُنَّا نَنْبِذُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سِقَاءٍ يُوكَى أَعْلَاهُ، يُنْبَذُ غُدْوَةً فَيَشْرَبُهُ عِشَاءً، وَيُنْبَذُ عِشَاءً فَيَشْرَبُهُ غُدْوَةً»
17353 -
وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ صَبَبْتُهُ
17354 -
وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ الدَّيْلَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قُلْنَا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: مَا نَصْنَعُ بِالزَّبِيبِ؟ قَالَ: «انْبِذُوهُ عَلَى غَدَائِكُمْ، وَلَا تَنْبِذُوهُ فِي الْقُلَلِ، فَإِنَّهُ إِذَا تَأَخَّرَ عَنْ عَصْرِهِ صَارَ خَلًّا»
17355 -
وَفِي حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْبَهْرَانِيِّ قَالَ: سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ، عَنِ الطِّلَاءِ، فَقَالَ: إِنَّ النَّارَ لَا تُحِلُّ شَيْئًا وَلَا تُحَرِّمُهُ قَالَ: «وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُنْبَذُ لَهُ الزَّبِيبُ مِنَ اللَّيْلِ فِي السِّقَاءِ، فَإِذَا أَصْبَحَ شَرِبَهُ يَوْمَهُ وَلَيْلَتَهُ، وَمِنَ الْغَدِ، فَإِذَا كَانَ مَسَاءُ الثَّالِثِ شَرِبَهُ أَوْ سَقَاهُ الْخَدَمَ، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ أَهْرَاقَهُ» أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدٍ أَبِي عُمَرَ الْبَهْرَانِيِّ، فَذَكَرَهُ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ إِسْحَاقَ
17356 -
وَرَوَاهُ زَيْدُ بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدٍ فِي يَوْمَيْنِ
17357 -
وَرَوَاهُ شُعْبَةُ، عَنْ يَحْيَى، وَاخْتَلَفَ عَلَيْهِ، فَقِيلَ: عَنْهُ فِي يَوْمَيْنِ وَقِيلَ: فِي ثَلَاثَةٍ
17358 -
وَكُلُّ ذَلِكَ دُونَ الْأَيَّامِ الَّتِي يَخْشَى فِيهَا شِدَّتَهَا، وَعَائِشَةُ أَعْلَمُ بِشَرَابِهِ، وَمَعَ رِوَايَتِهَا رِوَايَةُ ابْنِ الدَّيْلَمِيِّ
17359 -
وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ كَانَ يَنْبِذُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ مِنَ الصَّحَابَةِ
17360 -
وَرُوِّينَا عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:«كَانَ النَّبِيذُ الَّذِي يَشْرَبُ عُمَرُ كَانَ يُنْقَعُ لَهُ الزَّبِيبُ غُدْوَةً، فَيَشْرَبُهُ عَشِيَّةً، وَيُنْقَعُ لَهُ عَشِيَّةً فَيَشْرَبُهُ غُدْوَةً، وَلَا يُجْعَلُ فِيهِ دُرْدِيٌّ»
⦗ص: 30⦘
17361 -
وَأَمَّا الَّذِي رُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ أُتِيَ بِشَرَابٍ فَوَجَدَهُ قَدِ اشْتَدَّ فَقَالَ: اكْسِرُوهُ بِالْمَاءِ، فَقَدْ قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: إِنَّمَا كَسَرَ عُمَرُ النَّبِيذَ مِنْ شِدَّةِ حَلَاوَتِهِ
17362 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَالَّذِي يَدُلُّ عَلَى هَذَا، أَنَّهُ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ انْتُبِذَ لَهُ فِي مَزَادَةٍ، فَذَاقَهُ فَوَجَدَهُ حُلْوًا
17363 -
وَالَّذِي رُوِيَ عَنْ عُمَرَ، أَنَّهُ دَعَا بِشَرَابٍ فَذَاقَهُ فَقَبَضَ وَجْهَهُ، ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ فَصَبَّ عَلَيْهِ ثُمَّ شَرِبَ فَقَدْ قَالَ نَافِعٌ: وَاللَّهِ مَا قَبَضَ عُمَرُ وَجْهَهُ عَنِ الْإِدَاوَةِ حِينَ ذَاقَهَا إِلَّا أَنَّهَا تَخَلَّلَتْ
17364 -
وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، مَعْنَاهُ
17365 -
وَقَالَ عُتْبَةُ بْنُ فَرْقَدٍ: «كَانَ النَّبِيذُ الَّذِي شَرِبَهُ عُمَرُ قَدْ تَخَلَّلَ»
17366 -
وَأَمَّا الَّذِي رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «حُرِّمَتِ الْخَمْرُ بِعَيْنِهَا، الْقَلِيلُ مِنْهَا وَالْكَثِيرُ، وَالسَّكَرُ مِنْ كُلِّ شَرَابٍ» فَالْمُرَادُ بِهِ: وَالْمُسْكِرُ مِنْ كُلِّ شَرَابٍ "
17367 -
فَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا
⦗ص: 31⦘
شُعْبَةُ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ أَبِي عَوْنٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:«حُرِّمَتِ الْخَمْرُ بِعَيْنِهَا، وَالْمُسْكِرُ مِنْ كُلِّ شَرَابٍ» أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، فَذَكَرَهُ
17368 -
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مُوسَى بْنُ هَارُونَ، عَنْ أَحْمَدَ، وَقَالَ: هَذَا هُوَ الصَّوَابُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَدْ رَوَى عَنْهُ طَاوُسٌ وَعَطَاءٌ وَمُجَاهِدٌ، أَنَّهُ قَالَ:«مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ»
17369 -
وَفِي «الْغَرِيبَيْنِ» فِي تَفْسِيرِ السَّكَرِ قَالَ: هُوَ خَمْرُ الْأَعَاجِمِ، وَيُقَالُ لِمَا أَسْكَرَ: السَّكَرُ
17370 -
وَالَّذِي رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «اشْرَبُوا، وَلَا تَسْكَرُوا» خَطَأٌ فِي
⦗ص: 32⦘
الرِّوَايَةِ وَالصَّحِيحُ رِوَايَةُ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «نَهَيْتُكُمْ عَنِ النَّبِيذِ إِلَّا فِي سِقَاءٍ، فَاشْرَبُوا فِي الْأَسْقِيَةِ كُلِّهَا، وَلَا تَشْرَبُوا مُسْكِرًا»
17371 -
وَالَّذِي رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، «كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ» هِيَ الشَّرْبَةُ الَّتِي تُسْكِرُكَ فَإِنَّمَا رَوَاهُ الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَالْحَجَّاجُ لَا يُحْتَجُّ بِهِ
17372 -
وَذُكِرَ ذَلِكَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ فَقَالَ: هَذَا بَاطِلٌ، وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِأَنَّ ابْنَ الْمُبَارَكِ يَرْوِي عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَمْرٍو الْفُقَيْمِيِّ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: كَانُوا يَقُولُونَ: إِذَا سَكِرَ مِنْ شَرَابِ لَمْ يَحِلَّ لَهُ أَنَّ يَعُودَ فِيهِ أَبَدًا
17373 -
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ قَالَ: قَالَ زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ: لَمَّا قَدِمَ ابْنُ الْمُبَارَكِ الْكُوفَةَ، فَذَكَرَ قِصَّةً وَذَكَرَ فِيهَا هَذِهِ الرِّوَايَةَ
⦗ص: 33⦘
17374 -
فَكَيْفَ يَكُونُ عِنْدَ إِبْرَاهِيمَ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ هَكَذَا، ثُمَّ يُخَالِفُهُ، فَدَلَّ عَلَى بُطْلَانِ مَا رَوَاهُ الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ
17375 -
وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا قَالَ: «السَّكَرُ مَا حُرِّمَ مِنْ ثَمَرَتِهَا، وَالرِّزْقُ الْحَسَنُ مَا حَلَّ مِنْ ثَمَرَتِهَا» أَخْبَرَنَاهُ أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ، أَخْبَرَنَا مَنْصُورٌ النَّضْرَوِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ نَجْدَةَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، وَأَبُو الْأَحْوَصِ، وَسُفْيَانُ، وَشَرِيكٌ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَذَكَرَهُ
17376 -
وَرُوِّينَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: " السَّكَرُ: الْحَرَامُ، وَقَالَ مَرَّةً:«الْخَمْرُ، وَالرِّزْقُ الْحَسَنُ الْحَلَالُ»
17377 -
وَرُوِّينَا عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، وَالشَّعْبِيِّ، وَأَبِي رَزِينٍ فِي قَوْلِهِ: تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا، قَالُوا:«هِيَ مَنْسُوخَةٌ»
17378 -
وَعَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: " السَّكَرُ: الْخَمْرُ قَبْلَ تَحْرِيمِهَا، وَالرِّزْقُ الْحَسَنُ طَعَامُهُ "
⦗ص: 34⦘
17379 -
وَعَنِ الشَّعْبِيِّ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنْهَا فَقَالَ:«هَذِهِ مَكِّيَّةٌ، حُرِّمَتِ الْخَمْرُ بَعْدَهَا»
17380 -
وَعَنْ قَتَادَةَ قَالَ: «هِيَ خُمُورُ الْأَعَاجِمِ، وَنُسِخَتْ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ»
بَابُ مَنْ أُقِيمَ عَلَيْهِ حَدٌّ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ ثُمَّ عَادَ لَهُ
17381 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَاجْلِدُوهُ، ثُمَّ إِنْ شَرِبَ فَاجْلِدُوهُ، ثُمَّ إِنْ شَرِبَ فَاجْلِدُوهُ، ثُمَّ إِنْ شَرِبَ فَاقْتُلُوهُ» لَا يَدْرِي بَعْدَ الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ، ثُمَّ أُتِيَ بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ فَجَلَدَهُ، ثُمَّ أُتِيَ بِهِ قَدْ شَرِبَ فَجَلَدَهُ، ثُمَّ أُتِيَ بِهِ قَدْ شَرِبَ فَجَلَدَهُ، وَوَضَعَ الْقَتْلَ، وَصَارَتْ رُخْصَةً
17382 -
هَكَذَا فِي رِوَايَتِهِمْ، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فِي رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ وَحْدَهُ يَرْفَعُهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلَ الزُّهْرِيِّ قَالَ: فَأُتِيَ بِرَجُلٍ فَجَلَدَهُ، ثُمَّ أُتِيَ بِهِ الثَّانِيَةَ فَجَلَدَهُ، ثُمَّ أُتِيَ بِهِ الثَّالِثَةَ فَجَلَدَهُ، ثُمَّ أُتِيَ بِهِ الرَّابِعَةَ فَجَلَدَهُ، وَوَضَعَ الْقَتْلَ فَكَانَتْ رُخْصَةً
⦗ص: 36⦘
17383 -
وَقَالَ فِي رِوَايَتِهِمْ جَمِيعًا: قَالَ سُفْيَانُ: ثُمَّ قَالَ الزُّهْرِيُّ لِمَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ وَمِخْوَلٍ: كُونَا وَافِدَيِ الْعِرَاقِ بِهَذَا الْحَدِيثِ
17384 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ وَحْدَهُ: وَالْقَتْلُ مَنْسُوخٌ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ وَهَذَا مِمَّا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَيْهِ
⦗ص: 37⦘
17385 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: وَقَدْ بَلَغَنِي عَنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَبْدَةَ، أَحَادِيثُ حِسَانٌ وَلَمْ أَحْفَظْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الرِّوَايَةِ عَنْهُ إِلَّا ابْنَ أَبِي ذِئْبٍ، وَلَا أَدْرِي هَلْ كَانَ مِمَّنْ يَحْفَظُ الْحَدِيثَ أَوْلَا "
17386 -
وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ أُقِيمَ عَلَيْهِ حَدٌّ فِي شَيْءٍ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ أَوْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، أَنَا شَكَكْتُ - ثُمَّ أُتِيَ بِهِ الرَّابِعَةَ أَوِ الْخَامِسَةَ قُتِلَ»
17387 -
وَرُوِيَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الزُّبَيْرِ: «مَنْ أُقِيمَ عَلَيْهِ حَدٌّ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ ثُمَّ أُتِيَ بِهِ الْخَامِسَةَ قُتِلَ،» ثُمَّ أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِرَجُلٍ قَدْ أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ أُتِيَ بِهِ الْخَامِسَةَ فَحَدَّهُ وَلَمْ يَقْتُلْهُ "
17388 -
فَإِنْ كَانَ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ يَثْبُتُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَسْخُهُ بِحَدِيثِ أَبِي الزُّبَيْرِ
17389 -
وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُمَا، وَنَسَخَهُ مُرْسَلًا فَذَكَرَ حَدِيثَ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ
⦗ص: 38⦘
17390 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَهَلْ فِي هَذَا حُجَّةٌ سِوَى مَا وَصَفْتُ؟
17391 -
قِيلَ: نَعَمْ، أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ: كُفْرٍ بَعْدَ إِيمَانٍ، أَوْ زِنًى بَعْدَ إِحْصَانٍ، أَوْ قَتْلِ نَفْسٍ بِغَيْرِ نَفْسٍ "، ثُمَّ بَسَطَ الْكَلَامَ فِي الْحُجَّةِ فِيهِ
17392 -
قَالَ أَحْمَدُ: أَمَّا حَدِيثُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَقَدْ رُوِّينَاهُ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا سَكِرَ فَاجْلِدُوهُ، ثُمَّ إِنْ سَكِرَ فَاجْلِدُوهُ، ثُمَّ إِنْ سَكِرَ فَاجْلِدُوهُ، فَإِنْ عَادَ الرَّابِعَةَ فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ» قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَأُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِرَجُلٍ سَكْرَانَ فَضَرَبَهُ، ثُمَّ أُتِيَ بِهِ فَضَرَبَهُ، ثُمَّ أُتِيَ بِهِ فَضَرَبَهُ أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ فَذَكَرَهُ
17393 -
وَبِمَعْنَاهُ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ حَرْمَلَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، وَقَالَ فِيهِ: قَالَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ: فَحَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ، «أَنَّهُ أُتِيَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَعْدُ فَجَلَدَهُ وَلَمْ يَضْرِبْ عُنُقَهُ»
17394 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ عَبْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا ابْنُ نَاجِيَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْحَرَشِيُّ، حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنْ شَرِبَ الشَّارِبُ فَاضْرِبُوهُ، فَإِنْ عَادَ فَاضْرِبُوهُ، فَإِنْ عَادَ فَاضْرِبُوهُ، فَإِنْ عَادَ الرَّابِعَةَ فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ» فَضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم النُّعَيْمَانَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، فَرَأَى الْمُسْلِمُونَ أَنَّ الْحَدَّ قَدْ وَقَعَ، وَأَنَّ الْقَتْلَ قَدْ أُخِّرَ ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم النُّعَيْمَانَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ
17395 -
وَبِمَعْنَاهُ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الْكَافِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ
17396 -
وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُرْسَلًا
بَابُ الْخَلِيطَيْنِ
17397 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مَعْبَدِ بْنِ كَعْبٍ
⦗ص: 41⦘
، عَنْ أُمِّهِ، وَكَانَتْ قَدْ صَلَّتِ الْقِبْلَتَيْنِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الْخَلِيطَيْنِ وَقَالَ:«انْبِذُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَتِهِ»
17398 -
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ: حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنْ يُنْبَذَ التَّمْرُ وَالْبُسْرُ جَمِيعًا، وَالتَّمْرُ وَالزَّهْوُ جَمِيعًا»
17399 -
قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ رُوِّينَا فِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم " نَهَى عَنْ خَلِيطِ الْبُسْرِ وَالتَّمْرِ، وَعَنْ خَلِيطِ الزَّبِيبِ وَالتَّمْرِ، وَعَنْ خَلِيطِ الزَّهْوِ وَالرُّطَبِ وَقَالَ:«انْتَبِذُوا كُلَّ وَاحِدٍ عَلَى حِدَتِهِ»
17400 -
وَرُوِّينَاهُ فِي حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بِمَعْنَاهُ
⦗ص: 42⦘
17401 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ: الْخَمْرُ الْعِنَبُ الَّذِي لَا يُخَالِطُهُ مَاءٌ، وَلَا يُطْبَخُ بِنَارٍ، وَيُعَتَّقُ حَتَّى يُسْكِرَ، فَتَحْرِيمُهَا نَصٌّ فِي كِتَابِ اللَّهِ عز وجل، أَسْكَرَ أَوْ لَمْ يُسْكِرْ، وَمَا سِوَاهَا مِنَ الْأَشْرِبَةِ مِنَ الْخَلِيطَيْنِ، أَوْ مِمَّا سِوَى ذَلِكَ مِمَّا زَالَ أَنْ يَكُونَ خَمْرًا، فَإِنْ كَانَ يُسْكِرُ كَثِيرُهُ فَمَنْ شَرِبَهُ فَهُوَ عِنْدَنَا مُخْطِئٌ بِشُرْبِهِ آثَمٌ بِهِ "
بَابُ الْأَوْعِيَةِ
17402 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَطَبَ النَّاسَ فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: فَأَقْبَلْتُ نَحْوَهُ، فَانْصَرَفَ قَبْلَ أَنْ أَبْلُغَهُ، فَسَأَلْتُ: مَاذَا قَالَ؟ قَالُوا: «نَهَى عَنْ أَنْ يُنْتَبَذَ فِي الدُّبَّاءِ وَالْمُزَفَّتِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ
17403 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ قَالَ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَنَسًا، يَقُولُ:«نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الدُّبَّاءِ وَالْمُزَفَّتِ، أَنْ يُنْتَبَذَ فِيهِ»
17404 -
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا تَنْتَبِذُوا فِي الدُّبَّاءِ وَالْمُزَفَّتِ» قَالُوا: ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ: «وَاجْتَنِبُوا الْحَنَاتِمَ وَالنَّقِيرَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ عَمْرٍو النَّاقِدِ، عَنْ سُفْيَانَ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ
17405 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنْ يُنْتَبَذَ فِي الدُّبَّاءِ وَالْمُزَفَّتِ»
17406 -
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ نَبِيذِ الْجَرِّ الْأَخْضَرِ، وَالْأَبْيَضِ وَالْأَحْمَرِ " أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ مُخْتَصَرًا
17407 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُنْتَبَذُ لَهُ فِي سِقَاءٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَتَوْرٌ مِنْ حِجَارَةٍ» أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ
17408 -
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَحْوَلِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ:«لَمَّا نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْأَوْعِيَةِ» قِيلَ لَهُ: لَيْسَ كُلُّ النَّاسِ يَجِدُ سِقَاءً؟ «فَأَذِنَ لَهُمْ فِي الْجَرِّ غَيْرِ الْمُزَفَّتِ»
17409 -
سَقَطَ مِنْ إِسْنَادِهِ أَبُو عِيَاضٍ، وَقَدْ أَخْبَرَنَاهُ أَبُو إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ، أَخْبَرَنَا شَافِعُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَحْوَلِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي عِيَاضٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، فَذَكَرَهُ بِنَحْوِهِ أَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ
17410 -
وَبِإِسْنَادِهِ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سُوَيْدٍ، عَنْ مُعَاذَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:«نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الدُّبَّاءِ، وَالْحَنْتَمِ، وَالنَّقِيرِ، وَالْمُزَفَّتِ»
17411 -
لَمْ أَجِدْ لِلشَّافِعِيِّ رحمه الله كَلَامًا عَلَى هَذِهِ الْأَخْبَارِ، وَلَمْ نُفَصِّلْهَا مِمَّا رُوِّينَا قَبْلَهَا فِي الْخَلِيطَيْنِ وَتَحْرِيمِ الْمُسْكِرِ وَالْحَدِّ فِيهِ، وَكَأَنَّهُ سَقَطَ مِنَ الْأَصْلِ
17412 -
وَقَدْ قَالَ فِي كِتَابِ الْبُوَيْطِيِّ: وَلَا أَكْرَهُ مِنَ الْآنِيَةِ إِذَا لَمْ يَكُنِ الشَّرَابُ يُسْكِرُ شَيْئًا سُمِّيَ بِعَيْنِهِ
17413 -
وَكَأَنَّهُ أَرَادَ مَا رَوَاهُ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَقَدْ ثَبَتَ الرُّخْصَةُ فِي الشُّرْبِ مِنَ الْأَوْعِيَةِ بَعْدَ النَّهْيِ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ اسْتِثْنَاءٍ إِذَا لَمْ يَشْرَبْ مُسْكِرًا
17414 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا مُعَرِّفُ بْنُ وَاصِلٍ، عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " نَهَيْتُكُمْ عَنْ ثَلَاثٍ، وَأَنَا آمُرُكُمْ بِهِنَّ: نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا، فَإِنَّ فِي زِيَارَتِهَا تَذْكِرَةً، وَنَهَيْتُكُمْ عَنِ الْأَشْرِبَةِ أَنْ تَشْرَبُوا إِلَّا فِي ظُرُوفِ الْأَدَمِ فَاشْرَبُوا فِي كُلِّ وِعَاءٍ غَيْرَ أَنْ لَا تَشْرَبُوا مُسْكِرًا، وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ بَعْدَ ثَلَاثٍ فَكُلُوا وَاسْتَمْتِعُوا بِهَا أَسْفَارَكُمْ "
⦗ص: 47⦘
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ مُعَرِّفِ بْنِ وَاصِلٍ
17415 -
وَرُوِّينَا فِي حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَغَيْرِهِمَا، الرُّخْصَةَ فِي الْأَوْعِيَةِ
بَابُ عَدَدِ حَدِّ الْخَمْرِ
17416 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَزْهَرَ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ حُنَيْنٍ يَسْأَلُ عَنْ رَحْلِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، فَجَرَيْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ أَسْأَلُ عَنْ رَحْلِ خَالِدٍ حَتَّى أَتَاهُ جَذِعًا، وَأُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِشَارِبٍ قَالَ:«اضْرِبُوهُ» ، فَضَرَبُوهُ بِالْأَيْدِي وَالنِّعَالِ وَأَطْرَافِ الثِّيَابِ وَحَثَوْا عَلَيْهِ التُّرَابَ، ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم «بَكِّتُوهُ» ، فَبَكَّتُوهُ، ثُمَّ أَرْسَلَهُ قَالَ: فَلَمَّا كَانَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه سَأَلَ مَنْ حَضَرَ ذَلِكَ الْمَضْرُوبَ، فَقَوَّمَهُ أَرْبَعِينَ، فَضَرَبَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه فِي الْخَمْرِ أَرْبَعِينَ حَيَاتَهُ، ثُمَّ عُمَرُ رضي الله عنه، حَتَّى تَتَابَعَ النَّاسُ فِي الْخَمْرِ فَاسْتَشَارَ فَضَرَبَهُ ثَمَانِينَ
17417 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَكَذَلِكَ رَوَاهُ هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ الصَّنْعَانِيُّ، عَنْ مَعْمَرٍ
17418 -
وَرَوَاهُ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ
⦗ص: 49⦘
أَزْهَرَ، فَذَكَرَهُ أَوْجَزَ مِنْ ذَلِكَ قَالَ: وَحَثَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم التُّرَابَ ، لَمْ يَذْكُرِ التَّبْكِيتَ قَالَ: ثَمَّ أُتِيَ أَبُو بَكْرٍ بِسَكْرَانَ قَالَ: فَتَوَخَّى الَّذِي كَانَ مِنْ ضَرْبِهِمْ يَوْمَئِذٍ فَضَرَبَ أَرْبَعِينَ
17419 -
قَالَ الزُّهْرِيُّ: ثُمَّ أَخْبَرَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ ابْنِ وَبَرَةَ الْكَلْبِيِّ قَالَ: أَرْسَلَنِي خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ إِلَى عُمَرَ رضي الله عنه فَأَتَيْتُهُ وَمَعَهُ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رضي الله عنهما، وَعَلِيٌّ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ رضي الله عنهم، وَهُمْ مَعَهُ مُتَّكِئُونَ فِي الْمَسْجِدِ، فَقُلْتُ: إِنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ وَهُوَ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ وَيَقُولُ: إِنَّ النَّاسَ قَدِ انْهَمَكُوا فِي الْخَمْرِ، وَتَحَاقَرُوا الْعُقُوبَةَ فِيهِ؟ فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: هُمْ هَؤُلَاءِ عِنْدَكَ فَاسْأَلْهُمْ، فَقَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه:«نَرَاهُ إِذَا سَكِرَ هَذَى، وَإِذَا هَذَى افْتَرَى، وَعَلَى الْمُفْتَرِي ثَمَانُونَ» قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: أَبْلِغْ صَاحِبَكَ مَا قَالَ قَالَ: فَجَلَدَ خَالِدٌ رضي الله عنه ثَمَانِينَ، وَجَلَدَ عُمَرُ رضي الله عنه ثَمَانِينَ
17420 -
قَالَ: وَكَانَ عُمَرُ رضي الله عنه إِذَا أُتِيَ بِالرَّجُلِ الضَّعِيفِ الَّتِي كَانَتْ مِنْهُ الزَّلَّةُ ضَرَبَهُ أَرْبَعِينَ
17421 -
قَالَ: وَجَلَدَ عُثْمَانُ رضي الله عنه أَيْضًا ثَمَانِينَ وَأَرْبَعِينَ أَخْبَرَنَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَارِثِ الْفَقِيهُ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا الْقَاضِي الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ فَذَكَرَهُ
⦗ص: 50⦘
17422 -
وَرُوِيَ عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَزْهَرَ، عَنْ أَبِيهِ، فَذَكَرَ مَعْنَى حَدِيثِ مَعْمَرٍ، وَزَادَ: ثُمَّ جَلَدَ عُثْمَانُ، الْحَدِيثَ كِلَاهُمَا: ثَمَانِينَ، وَأَرْبَعِينَ
17423 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ الدَّيْلَمِيِّ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، اسْتَشَارَ فِي الْخَمْرِ يَشْرَبُهَا الرَّجُلُ، فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ:«نَرَى أَنْ نَجْلِدَهَ ثَمَانِينَ، فَإِنَّهُ إِذَا شَرِبَ سَكِرَ، وَإِذَا سَكِرَ هَذَى، وَإِذَا هَذَى افْتَرَى أَوْ كَمَا قَالَ، فَجَلَدَهُ عُمَرُ ثَمَانِينَ فِي الْخَمْرِ»
17424 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَرَوَاهُ يَحْيَى بْنُ فُلَيْحٍ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ
17425 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: عَنِ ابْنِ عُلَيَّةَ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ حُضَيْنِ بْنِ الْمُنْذِرِ، أَنَّ عَلِيًّا «جَلَدَ الْوَلِيدَ أَرْبَعِينَ فِي الْخَمْرِ»
17426 -
هَكَذَا ذَكَرَهُ فِيمَا أَلْزَمَ الْعِرَاقِيِّينَ فِي خِلَافِ عَلِيٍّ
17427 -
وَقَدْ أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الدَّانَاجِ قَالَ: سَمِعْتُ حُضَيْنَ بْنَ الْمُنْذِرِ الرَّقَاشِيَّ، يُحَدِّثُ قَالَ: لَمَّا جِيءَ بِالْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ إِلَى عُثْمَانَ، وَقَدْ شَهِدُوا
⦗ص: 51⦘
عَلَيْهِ بِشُرْبِ الْخَمْرِ قَالَ لِعَلِيٍّ: دُونَكَ فَأَقِمْ عَلَيْهِ الْحَدَّ فَأَمَرَ بِهِ عَلِيٌّ فَجُلِدَ أَرْبَعِينَ جَلْدَةً، ثُمَّ قَالَ:«جَلَدَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَرْبَعِينَ، وَجَلَدَ أَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ، وَجَلَدَ عُمَرُ ثَمَانِينَ، وَكُلٌّ سُنَّةٌ»
17428 -
أَخْبَرَنَاهُ عَالِيًا أَتَمَّ مِنْ ذَلِكَ أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ شَوْذَبٍ، بِوَاسِطَ، حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَيُّوبَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الدَّانَاجِ، عَنْ حُضَيْنِ بْنِ الْمُنْذِرِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ وَعْلَةَ قَالَ: صَلَّى الْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ بِالنَّاسِ الْفَجْرَ أَرْبَعًا، وَهُوَ سَكْرَانُ، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ: أَزِيدُكُمْ؟ فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: اجْلِدْهُ، فَأَمَرَ بِضَرْبِهِ، فَقَالَ عَلِيٌّ لِلْحَسَنِ: يَا حَسَنُ، قُمْ فَاضْرِبْهُ قَالَ: فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذَلِكَ؟ قَالَ: لَا، بَلْ ضَعُفْتَ وَوَهَنْتَ وَعَجَزْتَ، ثُمَّ قَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ فَاضْرِبْهُ قَالَ: فَقَامَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ فَجَعَلَ يَضْرِبُهُ، وَعَلِيٌّ يَعُدُّ حَتَّى بَلَغَ أَرْبَعِينَ، فَقَالَ: كَفَاكَ - أَوْ كُفَّ - ثُمَّ قَالَ ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَرْبَعِينَ ، وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ صَدْرًا مِنْ خِلَافَتِهِ أَرْبَعِينَ ، ثُمَّ أَتَمَّهَا عُمَرُ ثَمَانِينَ، وَكُلٌّ سُنَّةٌ " رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُجْرٍ وَغَيْرِهِ، وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْمُخْتَارِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ فَيْرُوزَ الدَّانَاجِ وَزَادَ: وَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ
17429 -
وَقَالَ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ: سَأَلْتُ الْبُخَارِيَّ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، فَقَالَ: هُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ
⦗ص: 52⦘
17430 -
قَالَ أَحْمَدُ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ مُخَرَّجٌ فِي مَسَانِيدِ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَمُخَرَّجَاتِ أَكْثَرِهِمْ فِي السُّنَنِ
17431 -
وَالَّذِي يَدَّعِي تَسْوِيَةَ الْأَخْبَارِ عَلَى مَذْهَبِهِ، لَمْ يُمْكِنْهُ صَرْفَ هَذَا الْحَدِيثِ إِلَى مَا وَقَّتَهُ صَاحِبُهُ، فَأَنْكَرَ الْحَدِيثَ أَصْلًا وَاسْتَدَلَّ عَلَى فَسَادِهِ بِمَا جَرَى مِنَ الصَّحَابَةِ فِي حَدِيثِ شَارِبِ الْخَمْرِ، وَأَنَّ عَلِيًّا قَالَ:«مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَجَلَدْنَاهُ فَمَاتَ وَدَيْنَاهُ؛ لِأَنَّهُ شَيْءٌ صَنَعْنَاهُ»
17432 -
وَفِي رِوَايَةٍ: رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُسِنَّ فِيهَا شَيْئًا، وَبِأَنَّ عُمَرَ وَعَلِيًّا جَلَدَا ثَمَانِينَ، وَأَنَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى الثَّمَانِينَ، فَصَارَ الْحَدُّ مُؤَقَّتًا بِهَا فِي الْخَمْرِ، وَقَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مُؤَقَّتًا
17433 -
وَهَذَا الَّذِي ذُكِرَ مِنْ إِنْكَارِ الْحَدِيثِ وَفَسَادِهِ غَيْرُ مَقْبُولٍ مِنْهُ، فَصِحَّةُ الْحَدِيثِ إِنَّمَا تُعْرَفُ بِثِقَةِ رِجَالِهِ وَمَعْرِفَتِهِمْ بِمَا يُوجِبُ قَبُولَ خَبَرِهِمْ
17434 -
وَقَدْ عَرَفَهُمْ حُفَّاظُ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَقَبِلُوا حَدِيثَهُمْ
17435 -
كَيْفَ وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ عُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ رضي الله عنهما فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ لَا يُشَكُّ فِي صِحَّتِهِ: جَلْدُ أَرْبَعِينَ
⦗ص: 53⦘
17436 -
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ بَحْرِ بْنِ بَرِّيٍّ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ، أَخْبَرَهُ، فَذَكَرَ قِصَّةَ دُخُولِهِ عَلَى عُثْمَانَ، وَأَنَّهُ كَلَّمَهُ فِي شَأْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ قَالَ: فَقَالَ عُثْمَانُ: فَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ شَأْنِ الْوَلِيدِ فَسَنَأْخُذُ فِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهِ بِالْحَقِّ، فَجَلَدَهُ أَرْبَعِينَ، وَأَمَرَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ أَنْ يَجْلِدَهُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ يُوسُفَ
17437 -
وَهَذَا وَإِنْ كَانَ مَوْقُوفًا فَفِيهِ قُوَّةُ حَدِيثِ حُضَيْنِ بْنِ الْمُنْذِرِ، وَهُوَ يُوَافِقُهُ فِي الْإِجْمَاعِ عَنْ عُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ رضي الله عنهما عَلَى جَلْدِ أَرْبَعِينَ، وَأَنَّهُ يَجُوزُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْأَرْبَعِينَ بَعْدَمَا أُشِيرَ عَلَى عُمَرَ بِالثَّمَانِينَ
17438 -
وَفِي حَدِيثِ حُضَيْنٍ زِيَادَةٌ: سُنَّةٌ، وَقَدْ وَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ، وَذَلِكَ فِيمَا
17439 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو عَمْرٍو الْحَيُّوِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَضْرِبُ فِي الْخَمْرِ بِالنِّعَالِ، وَالْجَرِيدِ أَرْبَعِينَ»
⦗ص: 54⦘
وَأَبُو بَكْرٍ ضَرَبَ أَرْبَعِينَ، فَلَمَّا وَلِيَ عُمَرُ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَشَاوَرَهُمْ عُمَرُ، فَقَالَ ابْنُ عَوْفٍ: أَرَى أَنْ تَضْرِبَهُ ثَمَانِينَ، فَضَرَبَهُ ثَمَانِينَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ
17440 -
وَرَوَاهُ هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بِرَجُلٍ قَدْ سَكِرَ قَالَ:«فَأَمَرَ قَرِيبًا مِنْ عِشْرِينَ رَجُلًا، فَجَلَدَهُ كُلٌّ رَجُلٍ جَلْدَتَيْنِ بِالْجَرِيدِ وَالنِّعَالِ»
17441 -
وَهَذَا يُوَافِقُ رِوَايَةَ هِشَامٍ فِي الْعَدَدِ، وَهَذَا الْقَائِلُ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَبِلَفْظٍ آخَرَ مُحْتَجًّا بِهِ فِي أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِيهِ جَلْدٌ مَعْلُومٌ حَتَّى كَانَ زَمَنَ عُمَرَ رضي الله عنه
17442 -
وَإِذَا كَانَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ يُخْبِرُ فِي رِوَايَتِهِ بِأَنَّهُ جَلَدَهُ بِجَرِيدَتَيْنِ نَحْوًا مِنَ الْأَرْبَعِينَ
17443 -
وَفِي رِوَايَتِنَا بِأَنَّهُ كَانَ يَضْرِبُ أَرْبَعِينَ
17444 -
وَأَبُو بَكْرٍ ضَرَبَ أَرْبَعِينَ
⦗ص: 55⦘
17445 -
وَعَلِيٌّ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ يُخْبِرُ بِأَنَّهُ جَلَدَ أَرْبَعِينَ
17446 -
وَأَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ سَأَلَ مَنْ حَضَرَهُ، فَقَوَّمَهُ أَرْبَعِينَ
17447 -
وَجَلَدَ هُوَ أَرْبَعِينَ
17448 -
وَجَلَدَ عُمَرُ صَدْرًا مِنْ خِلَافَتِهِ أَرْبَعِينَ
17449 -
وَحِينَ تَكَلَّمَ فِيهِ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُنْكِرُوا جَلْدَ أَرْبَعِينَ، وَقَالَ فِيهِ سَائِلُهُمْ: إِنَّ النَّاسَ قَدِ انْهَمَكُوا فِي الْخَمْرِ وَتَحَاقَرُوا الْعُقُوبَةَ فِيهِ، يَعْنِي الْعُقُوبَةَ الْمَعْهُودَةَ الْمَعْرُوفَةَ بَيْنَهُمْ، وَهِيَ أَرْبَعُونَ، أَفَلَا يَكُونُ هَذَا مَعْلُومًا؟ وَلَئِنْ صَارَ الثَّمَانُونَ حَدًّا مَعْلُومًا بِتَوْقِيتِ الصَّحَابَةِ فِي أَيَّامِ عُمَرَ، فَلِمَ لَمْ تَصِرِ الْأَرْبَعُونَ حَدًّا مَعْلُومًا بِتَقْوِيمِ الصَّحَابَةِ فِي أَيَّامِ أَبِي بَكْرٍ، وَتَحَرِّيهِمْ فِي ذَلِكَ أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَفِعْلَ أَصْحَابِهِ بَيْنَ يَدَيْهِ؟
17450 -
بَلْ هَذَا أَوْلَى أَنْ يَكُونَ حَدًّا مُؤَقَّتًا بِتَوْقِيتِهِمْ، فَلَمْ يَعْدِلْ عَنْهُ أَبُو بَكْرٍ حَيَاتَهُ
17451 -
وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ، أَنَّهُ بَعْدَ تَوْقِيتِهِمْ إِذَا أُتِيَ بِالرَّجُلِ الضَّعِيفِ الَّذِي كَانَتْ مِنْهُ الزَّلَّةَ ضَرَبَهُ أَرْبَعِينَ، وَجَلَدَ عُثْمَانُ بَعْدَهُ ثَمَانِينَ، وَجَلَدَ أَرْبَعِينَ، وَجَلَدَ عَلِيٌّ أَرْبَعِينَ
17452 -
وَكُلُّ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحَدَّ الْمُوَقَّتَ فِي الْخَمْرِ أَرْبَعُونَ، وَأَنَّهُمْ لَمْ يُوَقِّتُوهْ بِالثَّمَانِينَ حَدًّا، وَأَنَّ الزِّيَادَةَ الَّتِي زَادَهَا إِنَّمَا هِيَ عَلَى وَجْهِ التَّعْزِيرِ، وَقَدْ أَشَارَ عَلِيٌّ إِلَى عِلَّةِ التَّعْزِيرِ فِيمَا أَشَارَ بِهِ عَلَى عُمَرَ
17453 -
وَفِي قَوْلِ عَلِيٍّ رضي الله عنه فِيمَنْ مَاتَ فِي حَدِّ الْخَمْرِ: وَدَيْنَاهُ، دَلِيلٌ بَيِّنٌ عَلَى أَنَّهُمْ لَمْ يَجْتَمِعُوا عَلَى الثَّمَانِينَ حَدًّا، إِذْ لَوْ كَانُوا وَقَّتُوهُ بِالثَّمَانِينَ لَمْ يَجِبْ فِيمَنْ مَاتَ مِنْهُ دِيَةٌ، وَإِنَّمَا أَرَادَ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - عِنْدَنَا: إِذَا مَاتَ فِي الْأَرْبَعِينَ الزَّائِدَةِ
⦗ص: 56⦘
17454 -
وَقَوْلُهُ: فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُسِنَّهُ، يَعْنِي لَمْ يُسِنَّ فَوْقَ الْأَرْبَعِينَ، أَوْ لَمْ يُسِنَّ ضَرْبَهُ بِالسِّيَاطِ، وَقَدْ سَنَّهُ بِالْجَرِيدِ وَالنِّعَالِ وَأَطْرَافِ الثِّيَابِ
17455 -
وَنَحْنُ هَكَذَا نَقُولُ: لَا نُخَالِفُ مِنْهُ شَيْئًا بِتَوْفِيقِ اللَّهِ وَبِعِصْمَتِهِ
17456 -
وَالَّذِي يُحْتَجُّ بِهِ فِي إِبْطَالِ حَدِيثِ ابْنِ الْمُنْذِرِ لَا نَقُولُ بِهِ، وَلَا نَرَى فِيمَنْ مَاتَ مِنْهُ دِيَةً
17457 -
وَهَذَا دَأَبُهُ فِي بَعْضِ مَا لَا نَقُولُ بِهِ مِنَ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ يَجْتَهِدُ فِي إِبْطَالِهِ بِحَدِيثٍ آخَرَ، فَإِذَا نَظَرْنَا فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ الْآخَرِ وَجَدْنَاهُ لَا يَقُولُ بِهِ أَيْضًا، فَكَيْفَ نَحْتَجُّ بِهِ فِي إِبْطَالِ غَيْرِهِ؟ فَإِنْ قَالَ: رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ جَلَدَ الْوَلِيدَ بِالْمَدِينَةِ بِسَوْطٍ لَهُ طَرَفَانِ أَرْبَعِينَ، فَيَكُونُ ذَلِكَ ثَمَانِينَ
17458 -
وَذَكَرَ مَا: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسُ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، «جَلَدَ الْوَلِيدَ بِسَوْطٍ لَهُ طَرَفَانِ»
17459 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، فَذَكَرَهُ، وَذَكَرَ فِيهِ أَرْبَعِينَ
17460 -
قُلْنَا: هَذَا حَدِيثٌ مُنْقَطِعٌ وَقَدْ رُوِّينَا فِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ، أَنَّهُ أَمَرَ بِهِ فَجُلِدَ أَرْبَعِينَ جَلْدَةً، وَهَذَا يُشْبِهُ أَنْ لَا يُخَالِفَهُ أَنْ يَكُونَ جَلَدَهُ بِكُلِّ طَرَفٍ عِشْرِينَ، فَيَكُونُ الْجَمِيعُ أَرْبَعِينَ ،
⦗ص: 57⦘
17461 -
وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِمَا رُوِيَ فِي حَدِيثِ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «أُتِيَ بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَجَلَدَهُ بِجَرِيدَتَيْنِ نَحْوًا مِنْ أَرْبَعِينَ، أَيْ بِهِمَا صَارَ الْعَدَدُ أَرْبَعِينَ»
17462 -
وَهَذَا بَيِّنٌ فِي رِوَايَةِ هَمَّامٍ عَنْ قَتَادَةَ، وَقَدْ مَضَى ذِكْرُهُ، وَلِأَنَّهُ خَالَفَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا أَشَارَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ عَلَى عُمَرَ، وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِالْأَوَّلِ ثَمَانِينَ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا مُخَالَفَةٌ
17463 -
وَكَذَلِكَ عَلِيٌّ رضي الله عنه لَمَّا جَلَدَ الْوَلِيدَ بِهَذَا السَّوْطِ - إِنْ كَانَ ثَابِتًا - أَرْبَعِينَ قَالَ فِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ: «جَلَدَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَرْبَعِينَ» وَجَلَدَ أَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ، وَجَلَدَ عُمَرُ ثَمَانِينَ، وَكُلٌّ سُنَّةٌ
17464 -
وَقَالَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْمُخْتَارِ: وَهَذَا أَحَبُّ إِلَيَّ، فَلَوْلَا أَنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى الْأَرْبَعِينَ لَمْ يَقُلْ: وَهَذَا أَحَبُّ إِلَيَّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
خَطَأُ السُّلْطَانِ فِي غَيْرِ حَدٍّ وَجَبَ لِلَّهِ عز وجل
17465 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: «الْحَدُّ فَرْضٌ عَلَى السُّلْطَانِ أَنْ يَقُومَ بِهِ، إِنْ تَرَكَهُ كَانَ عَاصِيًا لِلَّهِ بِتَرْكِهِ وَلَهُ أَنْ يُؤَدِّبَ بِالْحَدِّ، وَالْأَدَبُ أَمْرٌ لَمْ يُبَحْ لَهُ إِلَّا بِالرَّأْيِ، وَحَلَالٌ لَهُ تَرْكُهُ»
17466 -
أَلَا تَرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ ظَهَرَ عَلَى قَوْمٍ أَنَّهُمْ قَدْ غَلُّوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَمْ يُعَاقِبْهُمْ، وَلَوْ كَانَتِ الْعُقُوبَةُ تَلْزَمُ لُزُومَ الْحَدِّ مَا تَرَكَهُمْ، كَمَا قَالَ صلى الله عليه وسلم
17467 -
وَقَطَعَ امْرَأَةً لَهَا شَرَفٌ فَكُلِّمَ فِيهَا فَقَالَ: «لَوْ سَرَقَتْ فُلَانَةُ - لِامْرَأَةٍ شَرِيفَةٍ - لَقَطَعْتُ يَدَهَا»
17468 -
ثُمَّ جَعَلَهُ شَبِيهًا بِالرَّجُلِ يَرْمِي الصَّيْدَ بِالْمِعْرَاضِ، أَوِ الْعَرْضِ، وَلَا يَرَى إِنْسَانًا وَلَا نِبَالًا لِإِنْسَانٍ، فَأَصَابَتِ الرَّمِيَّةُ إِنْسَانًا أَوْ شَاةً لِإِنْسَانٍ ضَمِنَ
17469 -
بَلِ الْعُقُوبَةُ أَوْلَى أَنْ تَكُونَ مَضْمُونَةً إِنْ جَاءَ مِنْهَا تَلَفٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ أَحَدٌ فِي أَنَّ الرَّمِيَّةَ مُبَاحَةٌ
17470 -
وَقَدْ يَخْتَلِفُ النَّاسُ فِي الْعُقُوبَاتِ فَيَكْرَهُهَا بَعْضُهُمْ، وَيَقُولُ بَعْضُهُمْ: لَا نَبْلُغُ بِهَا كَذَا، وَلَا يُزَادُ فِيهَا عَلَى كَذَا
⦗ص: 59⦘
17471 -
ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ: وَقَدْ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: " مَا مِنْ أَحَدٍ يَمُوتُ فِي حَدٍّ فَأَجِدُ فِي نَفْسِي مِنْهُ شَيْئًا؛ لِأَنَّ الْحَقَّ قَتَلَهُ، إِلَّا الْمَحْدُودُ فِي الْخَمْرِ، فَإِنَّهُ شَيْءٌ أَحْدَثْنَاهُ بَعْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَمَنْ مَاتَ فِيهِ فَدِيَتُهُ - لَا أَدْرِي قَالَ - فِي بَيْتِ الْمَالِ، أَوْ عَلَى الَّذِي حَدَّهُ، شَكَّ الشَّافِعِيُّ
17472 -
قَالَ: وَبَلَغَنَا أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ بَعَثَ إِلَى امْرَأَةٍ فِي شَيْءٍ بَلَغَهُ عَنْهَا فَذَعَرَهَا، فَفَزِعَتْ فَأَسْقَطَتْ، فَاسْتَشَارَ فِي سِقْطِهَا، فَقَالَ عَلِيٌّ كَلِمَةً لَا أَحْفَظُهَا، أَعْرِفُ أَنَّ مَعْنَاهَا: أَنَّ عَلَيْهِ الدِّيَةَ، فَأَمَرَ عُمَرُ عَلِيًّا رضي الله عنه أَنْ يَضْرِبَهَا عَلَى قَوْمِهِ
17473 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَدْ كَانَ لِعُمَرَ أَنْ يَبْعَثَ، وَلِلْإِمَامِ أَنْ يَحُدَّ فِي الْخَمْرِ عِنْدَ الْعَامَّةِ، فَلَمَّا كَانَ فِي الْبَعْثَةِ تَلَفٌ عَلَى الْمَبْعُوثِ إِلَيْهَا أَوْ عَلَى ذِي بَطْنِهَا، فَقَالَ عَلِيٌّ وَقَالَ عُمَرُ: إِنَّ عَلَيْهِ مَعَ ذَلِكَ الدِّيَةَ، كَأَنَّ الَّذِي يَرَاهُمْ ذَهَبُوا إِلَيْهِ أَنَّهُ وَإِنْ كَانَتْ لَهُ الرِّسَالَةُ فَعَلَيْهِ أَنْ لَا يَتْلَفَ بِهَا أَحَدٌ، فَإِنْ تَلَفَ ضَمِنَ، وَكَانَ الْمَأْثَمُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ مَوْضُوعًا
17474 -
أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ إِجَازَةً، أَنَّ أَبَا الْعَبَّاسِ، حَدَّثَهُمْ، عَنِ الرَّبِيعِ، عَنِ الشَّافِعِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه قَالَ: مَا مِنْ أَحَدٍ يَمُوتُ فِي حَدٍّ مِنَ الْحُدُودِ فَأَجِدُ فِي نَفْسِي مِنْهُ شَيْئًا، إِلَّا الَّذِي يَمُوتُ فِي حَدِّ الْخَمْرِ، فَإِنَّهُ شَيْءٌ أَحْدَثْنَاهُ بَعْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَمَنْ مَاتَ مِنْهُ فَدِيَتُهُ - إِمَّا قَالَ: فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَإِمَّا: عَلَى عَاقِلَةِ الْإِمَامِ " أَشُكُّ، يَعْنِي الشَّافِعِيَّ رحمه الله.
17475 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَإِنَّمَا أَرَادَ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - فِيمَا أَحْدَثُوهُ مِنَ الزِّيَادَةِ عَلَى الْأَرْبَعِينَ عَلَى وَجْهِ التَّعْزِيرِ
بَابُ الْخِتَانِ وَاجِبٌ
⦗ص: 62⦘
17476 -
رُوِّينَا فِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «اخْتَتَنَ إِبْرَاهِيمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِينَ سَنَةً بِالْقَدُومِ»
17477 -
قُلْتُ: وَقَدْ قَالَ اللَّهُ عز وجل: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} [النحل: 123]
17478 -
وَرُوِّينَا فِي حَدِيثِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أُخْبِرْتُ عَنْ عُثَيْمِ بْنِ كُلَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّهُ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: قَدْ أَسْلَمْتُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«أَلْقِ عَنْكَ شَعْرَ الْكُفْرِ» ، يَقُولُ: احْلِقْ
17479 -
قَالَ: وَأَخْبَرَنِي آخَرُ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِآخَرَ مَعَهُ:«أَلْقِ عَنْكَ شَعْرَ الْكُفْرِ، وَاخْتَتِنَ» أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، فَذَكَرَهُ
17480 -
وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ أَحْمَدُ: وَلَيْسَ بِالْفِهْرِيِّ قَالَ: كَانَتْ بِالْمَدِينَةِ امْرَأَةٌ تَخْفِضُ الْجَوَارِي، يُقَالُ لَهَا أُمُّ
⦗ص: 63⦘
عَطِيَّةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«يَا أُمَّ عَطِيَّةَ، اخْفِضِي وَلَا تَنْهِكِي، فَإِنَّهُ أَسْرَى لِلْوَجْهِ، وَأَحْظَى عِنْدَ الزَّوْجِ» أَخْبَرَنَاهُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، أَخْبَرَنَا أَبُو سَهْلِ بْنُ زِيَادٍ الْقَطَّانُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي مُسْلِمٍ الْحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: كَانَتْ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ
17481 -
وَرَوَاهُ مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَسَّانَ الْكُوفِيِّ، وَهُوَ مَجْهُولٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ، أَنَّ امْرَأَةً كَانَتْ تَخْتِنُ، فَذَكَرَهُ
17482 -
وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، «الْخِتَانُ سُنَّةٌ للِرِّجَالٍ، وَمَكْرُمَةٌ لِلنِّسَاءِ» وَلَا يَثْبُتُ رَفْعُهُ
17483 -
وَرَوَاهُ الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَأَةَ مِنْ وَجْهَيْنِ آخَرَيْنَ مَرْفُوعًا، وَلَا يَثْبُتُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
بَابُ مَا جَاءَ فِي صِفَةِ السَّوْطِ وَغَيْرِ ذَلِكَ
17484 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، أَنَّ رَجُلًا اعْتَرَفَ عَلَى نَفْسِهِ بِالزِّنَا، فَدَعَا لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِسَوْطٍ، فَأُتِيَ بِسَوْطٍ مَكْسُورٍ، فَقَالَ:«فَوْقَ هَذَا» ، فَأُتِيَ بِسَوْطٍ جَدِيدٍ لَمْ تُقْطَعْ ثَمَرَتُهُ، فَقَالَ:«بَيْنَ هَذَيْنِ» ، فَأُتِيَ بِسَوْطٍ قَدْ رُكِبَ بِهِ، فَلَانَ، فَأَمَرَ بِهِ فَجُلِدَ، ثُمَّ قَالَ:«أَيُّهَا النَّاسُ، قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تَنْتَهُوا عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ، فَمَنْ أَصَابَ مِنْكُمْ مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَةِ شَيْئًا فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ مَنْ يُبْدِ لَنَا صَفْحَتَهُ نُقِمْ عَلَيْهِ كِتَابَ اللَّهِ»
⦗ص: 65⦘
17485 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: هَذَا حَدِيثٌ مُنْقَطِعٌ لَيْسَ مِمَّا يَثْبُتُ بِهِ هُوَ نَفْسُهُ حُجَّةٌ، وَقَدْ رَأَيْتُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عِنْدَنَا مَنْ يَعْرِفُهُ وَيَقُولُ بِهِ، فَنَحْنُ نَقُولُ بِهِ
17486 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ قَالَ: أُتِيَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابٍ رضي الله عنه بِرَجُلٍ فِي حَدٍّ، فَأُتِيَ بِسَوْطٍ فِيهِ شِدَّةٌ فَقَالَ: أُرِيدُ أَلْيَنَ مِنْ هَذَا، ثُمَّ أُتِيَ بِسَوْطٍ فِيهِ لِينٌ فَقَالَ: أُرِيدُ أَشَدَّ مِنْ هَذَا، فَأُتِيَ بِسَوْطٍ بَيْنَ السَّوْطَيْنِ فَقَالَ: اضْرِبْ وَلَا يُرَى إِبِطُكَ، وَأَعْطِ كُلَّ عُضْوٍ حَقَّهُ
17487 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، وَأَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْهَاشِمِيُّ بِبَغْدَادَ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْبُحْتِرِيِّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْوَلِيدِ الْفَحَّامُ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَعْوَرُ قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ:«نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الضَّرْبِ فِي الْوَجْهِ» أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ حَجَّاجٍ
17488 -
وَرُوِّينَا عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه، أَنَّهُ قَالَ لِلْجَالِدِ:" اضْرِبْهُ، وَأَعْطِ كُلَّ عُضْو حَقَّهُ، وَاتَّقِ وَجْهَهُ وَمَذَاكِيرَهُ قَالَ: وَدَعْ لَهُ يَدَيْهِ يَتَّقِي بِهِمَا "
⦗ص: 66⦘
17489 -
وَفِي حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ الْجَزَّارِ، أَنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه كَانَ يَقُولُ:«يُضْرَبُ الرَّجُلُ قَائِمًا، وَالْمَرْأَةُ قَاعِدَةً»
17490 -
وَقَدْ حَكَاهُ الشَّافِعِيُّ رحمه الله عَنْ بَعْضِ الْعِرَاقِيِّينَ، عَنْ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
17491 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِيمَا بَلَغَهُ، عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَشْيَاخِهِ، أَنَّ عَلِيًّا «جَلَدَ امْرَأَةً فِي الزِّنَا وَعَلَيْهَا دِرْعٌ حَدِيدٌ»
17492 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: وَكَذَلِكَ يَقُولُ الْمُفْتُونُ
17493 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَرُوِيَ فِي الْجَلْدِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، وَفِي تَرْكِ التَّجْرِيدِ عَنْ عُثْمَانَ، وَأَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَالْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ
17494 -
وَأَمَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابٍ رضي الله عنه بِضَرْبِ امْرَأَةٍ فِي حَدٍّ، فَقَالَ: اضْرِبَاهَا، وَلَا تَخْرِقَا جِلْدَهَا
بَابُ التَّعْزِيرِ
17495 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِيمَا بَلَغَهُ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حَصِينٍ، عَنْ عَامِرٍ الْكَاهِلِيِّ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ عَلِيٍّ رضي الله عنه إِذْ أُتِيَ بِرَجُلٍ، فَقَالَ:«مَا شَأْنُ هَذَا؟» فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَجَدْنَاهُ تَحْتَ فِرَاشِ امْرَأَةٍ، فَقَالَ:«لَقَدْ وَجَدْتُمُوهُ عَلَى نَتْنٍ، فَانْطَلِقُوا بِهِ إِلَى نَتْنٍ مِثْلِهِ فَمَرِّغُوهُ فِيهِ، فَمَرَّغُوهُ فِي عُذْرَةٍ وَخَلَّى سَبِيلَهُ»
17496 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهُمْ يُخَالِفُونَ هَذَا وَيَقُولُونَ: يَضْرِبُ وَيُرْسِلُ وَكَذَلِكَ قَوْلُ الْمُفْتِينَ
17497 -
أَوْرَدَهُ فِيمَا أَلْزَمَ الْعِرَاقِيِّينَ فِي خِلَافِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
17498 -
وَبِإِسْنَادِهِ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه: عَنْ رَجُلٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، " أَنَّهُ وَجَدَ امْرَأَةً مَعَ رَجُلٍ فِي لِحَافِهَا عَلَى فِرَاشِهَا، فَضَرَبَهُ خَمْسِينَ، فَذَهَبُوا فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى عُمَرَ رضي الله عنه، فَقَالَ: لِمَ فَعَلْتَ ذَلِكَ؟ قَالَ: «لِأَنِّي أَرَى ذَلِكَ» قَالَ: «وَأَنَا أَرَى ذَلِكَ»
17499 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: وَأَصْحَابُنَا يَذْهَبُونَ إِلَى أَنَّهُ يَبْلُغُ بِالتَّعْزِيرِ هَذَا وَأَكْثَرَ مِنْهُ إِلَى مَا دُونَ الثَّمَانِينَ بِقَدْرِ الذُّنُوبِ، وَهُمْ يَقُولُونَ: لَا يَبْلُغُ بِالتَّعْزِيرِ فِي شَيْءٍ أَرْبَعِينَ، فَيُخَالِفُونَ مَا رَوَوْا عَنْ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ
17500 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَبِهَذَا الَّذِي حَكَاهُ عَنْهُمْ أَجَابَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ قَالَ فِي
⦗ص: 69⦘
رِوَايَةِ الْمُزَنِيِّ: وَقَدْ رَوَى مِسْعَرُ بْنُ كِدَامٍ حَدِيثًا مُنْقَطِعًا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ قَالَ:«مَنْ بَلَغَ حَدًّا فِي غَيْرِ حَدٍّ فَهُوَ مِنَ الْمُعْتَدِينَ»
17501 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَهَذَا فِيمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الْحَفَرِيُّ، عَنْ مِسْعَرِ بْنِ كِدَامٍ، عَنِ الْوَلِيدِ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُرْسَلًا
17502 -
وَرُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ خَالِهِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
17503 -
وَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، أَنَّهُ كَتَبَ:«أَنْ لَا يَبْلُغَ فِي التَّعْزِيرِ أَدْنَى الْحُدُودِ، أَرْبَعِينَ سَوْطًا»
17504 -
وَأَحْسَنُ مَا يُصَارُ إِلَيْهِ فِي هَذَا مَا يَثْبُتُ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا مَعَ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ فَجَاءَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جَابِرٍ فَكَلَّمَهُ ثُمَّ انْصَرَفَ، فَقَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جَابِرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ نِيَارٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لَا جَلْدَ فَوْقَ عَشَرَةِ أَسْوَاطٍ، إِلَّا فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ»
⦗ص: 70⦘
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو النَّضْرِ الْفَقِيهُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ الْجُعْفِيُّ بِمِصْرَ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، فَذَكَرَهُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمَانَ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عِيسَى، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ
17505 -
وَهَذَا حَدِيثٌ ثَابِتٌ أَقَامَ إِسْنَادَهُ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، فَلَا يَضُرُّهُ تَقْصِيرُ مَنْ قَصَّرَ بِهِ
بَابُ الْحُدُودِ كَفَّارَاتٌ
17506 -
أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، وَأَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ الْفَضْلِ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي مَجْلِسٍ فَقَالَ: «بَايعُونِي عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا» ، وَقَرَأَ عَلَيْهِمُ الْآيَةَ وَقَالَ:«فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَسَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَهُوَ إِلَى اللَّهِ إِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ، وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ» أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ
17507 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: فِي رِوَايَتِنَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى، لَمْ أَسْمَعْ فِي الْحُدُودِ حَدِيثًا أَبْيَنَ مِنْ هَذَا
17508 -
وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ الْحُدُودَ نَزَلَتْ كَفَّارَةً لِلذُّنُوبِ» ، وَهُوَ يُشْبِهُ هَذَا، وَهُوَ أَبْيَنُ مِنْهُ
⦗ص: 73⦘
17509 -
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَدِيثٌ مَعْرُوفٌ عِنْدَنَا، وَهُوَ غَيْرُ مُتَّصِلِ الْإِسْنَادِ فِيمَا أَعْرِفُهُ، وَهُوَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ أَصَابَ مِنْكُمْ مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ شَيْئًا فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ مَنْ يُبْدِ لَنَا صَفْحَتَهُ نُقِمْ عَلَيْهِ كِتَابَ اللَّهِ»
17510 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَرُوِيَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ رَجُلًا أَصَابَ حَدًّا بِالِاسْتِتَارِ، وَأَنَّ عُمَرَ أَمَرَهُ بِهِ
⦗ص: 74⦘
17511 -
وَهَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَنْهُمَا وَنَحْنُ نُحِبُّ لِمَنْ أَصَابَ الْحَدَّ أَنْ يَسْتَتِرَ، وَأَنْ يَتَّقِيَ اللَّهَ، وَلَا يَعُودُ لِمَعْصِيَةِ اللَّهِ، فَإِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ
17512 -
قَالَ أَحْمَدُ: حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْأَمْرِ بِالِاسْتِتَارِ قَدْ مَضَى فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ
17513 -
وَرُوِيَ مَعْنَى هَذَا اللَّفْظِ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَوْصُولًا
17514 -
وَحَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ فِي الِاسْتِتَارِ قَدْ مَضَى فِي بَابِ الِاعْتِرَافِ بِالزِّنَا
17515 -
وَرُوِّينَا فِي السَّتْرِ، عَلَى أَهْلِ الْحُدُودِ حَدِيثَ نُعَيْمِ بْنِ هَزَّالٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«يَا هَزَّالُ، لَوْ سَتَرْتَهُ بِثَوْبِكَ كَانَ خَيْرًا لَكَ مِمَّا صَنَعْتَ»
17516 -
وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ رَأَى عَوْرَةً فَسَتَرَهَا كَانَ كَمَنْ أَحْيَا مَوْءُودَةً مِنْ قَبْرِهَا»
17517 -
وَرُوِّينَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«تَعَافَوْا الْحُدُودَ فِيمَا بَيْنَكُمْ، فَمَا بَلَغَنِي مِنْ حَدٍّ فَقَدْ وَجَبَ»
17518 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«تَجَافَوْا لِذَوِي الْهَيْئَاتِ عَثَرَاتِهِمْ»
17519 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: سَمِعْتُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْ يَعْرِفُ هَذَا الْحَدِيثِ وَيَقُولُ: نَتَجَافَى لِلرَّجُلِ ذِي الْهَيْئَةِ عَنْ عَثْرَتِهِ مَا لَمْ يَكُنْ حَدًّا
17520 -
زَادَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَأَبُو سَعِيدٍ فِي رِوَايَتِهِمَا: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَذَوُو الْهَيْئَاتِ الَّذِينَ يُقَالُونَ عَثَرَاتِهِمْ: الَّذِينَ لَيْسُوا يُعْرَفُونَ بِالشَّرِّ، فَيَزِلُّ أَحَدُهُمُ الزَّلَّةَ
17521 -
قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ رَوَاهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَقِيلُوا ذَوِي الْهَيْئَاتِ عَثَرَاتِهِمْ إِلَّا حَدًّا مِنْ حُدُودِ اللَّهِ» أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ يَزِيدَ، فَذَكَرَهُ
⦗ص: 76⦘
17522 -
هَكَذَا رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنِ ابْنِ أَبِي فُدَيْكٍ، وَرَوَاهُ جَمَاعَةٌ دُونَ ذِكْرِ أَبِيهِ فِيهِ، وَكَذَلِكَ أَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَمْرَةَ
17523 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهَذَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، الْأَئِمَّةُ يُقِيلُونَ ذَوِي الْهَيْئَاتِ عَثَرَاتِهِمْ مَا لَمْ يَكُنْ حَدٌّ، فَإِذَا كَانَ حَدًّا وَبَلَغَ الْإِمَامَ فَلَا يَدَعُهُ، وَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَشْفَعَ فِيهِ
17524 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ الْمَرْأَةِ الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ فَقَالُوا: مَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا؟ قَالُوا: وَمَنْ يَجْتَرِئُ إِلَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَا أُسَامَةُ، أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ عز وجل؟» ، ثُمَّ قَامَ خَطِيبًا فَقَالَ:«إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ، وَايْمُ اللَّهِ لَوْ سَرَقَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ لَقَطَعْتُ يَدَهَا» أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ اللَّيْثِ، وَأَشَارَ إِلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِيمَا مَضَى
17525 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِيمَا بَلَغَهُ عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ نُسَيْرِ بْنِ ذُعْلُوقٍ، عَنْ
⦗ص: 77⦘
خُلَيْدٍ الثَّوْرِيِّ، أَنَّ رَجُلًا أَقَرَّ عِنْدَ عَلِيٍّ - أَظُنُّهُ - بِحَدٍّ فَجَهَدَ عَلَيْهِ أَنْ يُخْبِرَهُ مَا هُوَ فَأَبَى، فَقَالَ:«اضْرِبُوهُ حَتَّى يَنْهَاكُمْ»
17526 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهُمْ يُخَالِفُونَ هَذَا
17527 -
أَوْرَدَهُ فِي إِلْزَامِ الْعِرَاقِيِّينَ فِي خِلَافِ عَلِيٍّ، وَلَعَلَّهُ أَقَرَّ بِحَدٍّ هُوَ حَقٌّ لِآدَمَيٍّ
17528 -
وَقَدْ رُوِّينَا فِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي قَدْ أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْ عَلَيَّ كِتَابَ اللَّهِ قَالَ:«أَلَيْسَ قَدْ صَلَّيْتَ مَعَنَا؟» قَالَ: نَعَمْ قَالَ: «فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لَكَ ذَنْبَكَ»
بَابُ قِتَالِ أَهْلِ الرِّدَّةِ، وَمَا أُصِيبَ فِي أَيْدِيهِمْ
17529 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله فِي الْمُرْتَدِّينَ: عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنَّ يَبْدَءُوا بِجِهَادِهِمْ، وَمَا أَصَابَ أَهْلُ الرِّدَّةِ لِلْمُسْلِمِينَ فَالْحُكْمُ عَلَيْهِمْ كَالْحُكْمِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، لَا يَخْتَلِفُ فِي الْعَقْلِ، وَالْقَوَدِ، وَضَمَانِ مَا يُصِيبُونَ
17530 -
فَإِنْ قِيلَ: فَمَا صَنَعَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه فِي أَهْلِ الرِّدَّةِ؟ قَالَ لِقَوْمٍ جَاءُوهُ تَائِبِينَ: «تَدُونَ قَتْلَانَا، وَلَا نَدِي قَتْلَاكُمْ» فَقَالَ عُمَرُ: لَا نَأْخُذُ لِقَتْلَانَا دِيَةً "
17531 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِذَا ضَمِنُوا الدِّيَةَ فِي قَتْلٍ غَيْرِ مُتَعَمِّدِينَ كَانَ عَلَيْهِمُ الْقِصَاصُ فِي قَتْلِهِمْ مُتَعَمِّدِينَ
⦗ص: 79⦘
17532 -
وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فِي قَوْلِ عُمَرَ: لَا نَأْخُذُ لِقَتْلَانَا دِيَةً: قَدْ يَجِبُ الشَّيْءُ لِلرَّجُلِ فَيَدَعُهُ طَلَبَ الثَّوَابِ، وَلَمْ يُرْوَ عَنْهُمَا أَنَّ أَحَدًا طَلَبَ وَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى الْقَاتِلِ بِعَيْنِهِ فَلَمْ يُعْطَ حَقَّهُ، فَلَا يَدَعُ مَا يَثْبُتُ مِنْ أَصْلِ الْقِصَاصِ
17533 -
قَالَ: وَقَدْ قِيلَ: لَا يُقْتَصُّ مِنْهُمْ، وَلَا يُتَّبَعُوا بِشَيْءٍ إِلَّا أَخْذُ مَا كَانَ قَائِمًا فِي أَيْدِيهِمْ
17534 -
وَمَنْ قَالَ هَذَا احْتَجَّ بِتَرْكِ عُمَرَ إِيَّاهُمْ
17535 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: «قَدِ ارْتَدَّ طُلَيْحَةُ فَقَتَلَ ثَابِتَ بْنَ أَقْرَمَ، وَعُكَّاشَةَ بْنَ مِحْصَنٍ، ثُمَّ أَسْلَمَ فَلَمْ يُقَدْ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَلَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ عَقْلٌ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا»
17536 -
قَالَ أَحْمَدُ: حَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَقَوْلُهُمَا حِينَ جَاءَهُ وَفْدُ بُزَاخَةَ قَدْ رُوِّينَاهُ فِي حَدِيثِ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ وَحَدِيثُ طُلَيْحَةَ وَصَاحِبَيْهِ قَدْ رُوِّينَاهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَذَكَرَهُ الْوَاقِدِيُّ بِإِسْنَادِهِ
بَابُ مَنْعِ الرَّجُلِ نَفْسَهُ وَحَرِيمَهُ
17537 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ»
17538 -
وَبِإِسْنَادِهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أُخْبِرْنَا عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَوْ بَعْضِ أَهْلِهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ مُعَاوِيَةَ، أَوْ بَعْضَ الْولَاةِ، بَعَثَ إِلَى الْوَهْطِ لِيَقُصَّهُ، فَلَبِسَ ابْنُ عَمْرٍو سِلَاحَهُ، وَجَمَعَ مَنْ أَطَاعَهُ وَجَلَسَ عَلَى بَابِهِ، فَقِيلَ: أَتُقَاتِلُ؟ قَالَ: وَمَا يَمْنَعُنِي أَنْ أُقَاتِلَ وَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ؟»
17539 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ»
17540 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَالْحَدِيثُ ثَابِتٌ مِنْ جِهَةِ سُلَيْمَانَ الْأَحْوَلِ، عَنْ ثَابِتٍ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَمِنْ جِهَةِ عِكْرِمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
17541 -
وَرُوِّينَا فِي حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ: «وَمَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ، أَوْ دُونَ دَمِهِ، أَوْ دُونَ دِينِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ»
بَابُ مَا يُسْقِطُ الْقِصَاصَ مِنَ الْعَمْدِ
17542 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مُسْلِمٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ الرَّبِيعُ: أَظُنُّهُ عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ: غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم غَزْوَةً قَالَ: وَكَانَ يَعْلَى يَقُولُ: وَكَانَتْ تِلْكَ الْغَزْوَةُ أَوْثَقَ عَمَلِي فِي نَفْسِي قَالَ عَطَاءٌ: قَالَ صَفْوَانُ: قَالَ يَعْلَى: كَانَ لِي أَجِيرٌ فَقَاتَلَ إِنْسَانًا فَعَضَّ أَحَدُهُمَا يَدَ الْآخَرِ، فَانْتَزَعَ الْمَعْضُوضُ يَدَهُ مِنْ فِي الْعَاضِّ فَذَهَبَتْ إِحْدَى ثَنِيَّتَيْهِ، فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَهْدَرَ ثَنِيَّتَهُ قَالَ عَطَاءٌ: وَحَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَيَدَعُ يَدَهُ فِي فِيكَ فَتَقْضَمَهَا كَأَنَّهَا فِي فَحْلٍ يَقْضَمُهَا؟» قَالَ عَطَاءٌ: وَقَدْ أَخْبَرَنِي صَفْوَانُ أَيُّهُمَا عَضَّ فَنَسِيتُهُ
⦗ص: 83⦘
أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ أَوْجُهٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ
17543 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مُسْلِمٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، أَخْبَرَهُ، أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ، أَنَّ إِنْسَانًا جَاءَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقٍ رضي الله عنه وَعَضَّهُ إِنْسَانٌ، فَانْتَزَعَ يَدَهُ مِنْهُ فَذَهَبَتْ سِنَّتُهُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه:«بَعُدَتْ سِنَّةٌ»
بَابُ الرَّجُلِ يَجِدُ مَعَ امْرَأَتِهِ الرَّجُلَ فَيَقْتُلُهُ
17544 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ سَعْدًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَرَأَيْتَ إِنْ وَجَدْتُ مَعَ امْرَأَتِي رَجُلًا، أَأُمْهِلُهُ حَتَّى آتِيَ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«نَعَمْ»
17545 -
وَبِإِسْنَادِهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، يُقَالُ لَهُ: ابْنُ خَيْبَرِيٍّ، وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا فَقَتَلَهُ، أَوْ قَتَلَهَا، فَأُشْكِلَ عَلَى مُعَاوِيَةَ الْقَضَاءُ فِيهَا، فَكَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى أَبِي مُوسَى يَسْأَلُ لَهُ عَنْ ذَلِكَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، فَسَأَلَ أَبُو مُوسَى عَنْ ذَلِكَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، فَقَالَ لَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: إِنَّ هَذَا الشَّيْءَ مَا هُوَ بِأَرْضِنَا، عَزَمْتُ إِلَيْكَ لَتُخْبِرَنِّي، فَقَالَ أَبُو مُوسَى: كَتَبَ إِلَيَّ فِي ذَلِكَ مُعَاوِيَةُ، فَقَالَ عَلِيٌّ:«أَنَا أَبُو حَسَنٍ» إِنْ لَمْ يَأْتِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَلْيُعْطَ بِرُمَّتِهِ "
17546 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، فِيمَا بَلَغَهُ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي الْمُغِيرَةِ فِي قَوْمٍ دَخَلُوا عَلَى امْرَأَةٍ فِي دَارِ قَوْمٍ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ بَعْضُ أَهْلِ الدَّارِ فَقَتَلُوهُمْ، فَأَصْبَحُوا وَقَدْ جَاءَتْ عَشَائِرُهُمْ إِلَى عَلِيٍّ، فَرَفَعُوهُمْ إِلَيْهِ، فَقَالَ عَلِيٌّ: وَمَا جَمَعَ هَؤُلَاءِ فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ لَيْلًا؟ - وَقَالَ بِيَدِهِ فَقَلَّبَهَا ظَهْرًا لِبَطْنٍ - ثُمَّ قَالَ: لُصُوصٌ قَتَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، قُومُوا فَقَدْ أُهْدِرَتْ دِمَاؤُهُمْ " فَقَالَ الْحَسَنُ: إِنْ أَضْمَنْ هَذِهِ الدِّمَاءَ؟ فَقَالَ: أَنْتَ «أَعْلَمُ بِنَفْسِكَ»
17547 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَيْسُوا يَقُولُونَ بِهَذَا
⦗ص: 86⦘
17548 -
أَمَّا نَحْنُ فَنَرْوِي عَنْ عَلِيٍّ، أَنَّ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا فَقَتَلَهُ، فَسُئِلَ عَلِيٌّ فَقَالَ:«إِنْ لَمْ يَأْتِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَلْيُعْطَ بِرُمَّتِهِ» أَخْبَرَنَا بِذَلِكَ مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ
17549 -
وَبِهَذَا نَقُولُ نَحْنُ وَهُمْ، إِلَّا أَنَّهُمْ يَقُولُونَ فِي اللِّصِّ يَدْخُلُ دَارَ رَجُلٍ فَيَقْتُلُهُ يُنْظَرُ إِلَى الْمَقْتُولِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ يُعْرَفُ بِاللُّصُوصِيَّةِ قُتِلَ الْقَاتِلُ، وَإِنْ كَانَ يُعْرَفُ بِاللُّصُوصِيَّةِ دُرِئَ عَنِ الْقَاتِلِ الْقَتْلُ، وَكَانَتْ عَلَيْهِ الدِّيَةَ، وَهَذَا خِلَافُ مَا رَوَوْا عَنْ عَلِيٍّ كُلَّهُ
17550 -
قَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: فِيمَا قَرَأْنَا عَلَى أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّهُ أَهْدَرَهُ وَقَالَ: هَذَا قَتِيلُ اللَّهِ، وَاللَّهِ لَا يُودَى أَبَدًا
17551 -
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ، حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، أَنَّ رَجُلًا أَضَافَ نَاسًا مِنْ هُذَيْلٍ فَذَهَبَتْ جَارِيَةٌ لَهُمْ تَحْتَطِبُ، فَأَرَادَهَا رَجُلٌ مِنْهُمْ عَلَى نَفْسِهَا، فَرَمَتْهُ بِفِهْرٍ فَقَتَلْتُهُ، فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى عُمَرَ فَقَالَ:«ذَاكَ قَتِيلُ اللَّهِ، وَاللَّهِ لَا يُودَى أَبَدًا»
17552 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهَذَا عِنْدَنَا مِنْ عُمَرَ أَنَّ الْبَيِّنَةَ قَامَتْ عِنْدَهُ عَلَى الْمَقْتُولِ، أَوْ عَلَى أَنَّ وَلِيَّ الْمَقْتُولِ أَقَرَّ عِنْدَهُ بِمَا وَجَبَ لَهُ أَنْ يَقْتُلَ الْمَقْتُولَ
⦗ص: 87⦘
17553 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَأَنْتَ تُخَالِفُ ظَاهِرَهُ، عُمَرُ لَمْ يَسْأَلْ أَنْ يُعْرَفَ الْمَقْتُولُ بِالزِّنَا أَمْ لَا، وَلَمْ يَجْعَلْ فِيهِ دِيَةً، وَأَنْتَ تَجْعَلُ فِيهِ دِيَةً
17554 -
قَالَ: فَإِنِّي إِنَّمَا قِسْتُهُ عَلَى حُكْمٍ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: رَوَى عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، أَنَّ عُمَرَ كَتَبَ فِي رَجُلٍ مِنْ بَنِي شَيْبَانَ قَتَلَ نَصْرَانِيًّا مِنْ أَهْلِ الْحِيرَةِ: إِنْ كَانَ الْقَاتِلُ مَعْرُوفًا بِالْقَتْلِ فَاقْتُلُوهُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَعْرُوفٍ بِالْقَتْلِ فَدُوهُ وَلَا تَقْتُلُوهُ
17555 -
فَقُلْتُ: وَهَذَا غَيْرُ ثَابِتٍ عَنْ عُمَرَ، وَإِنْ كَانَ ثَابِتًا عِنْدَكَ أَفَتَقُولُ بِهِ؟
17556 -
قَالَ: لَا، بَلْ يُقْتَلُ الْقَاتِلُ لِلنَّصْرَانِيِّ كَانَ مَعْرُوفًا بِالْقَتْلِ أَوْ غَيْرَ مَعْرُوفٍ بِهِ
17557 -
قُلْتُ لَهُ: أَوَ يَجُوزُ لِأَحَدٍ يُنْسَبُ إِلَى شَيْءٍ مِنَ الْعِلْمِ أَنْ يَزْعُمَ أَنَّ قَضِيَّةً رَوَاهَا عَنْ رَجُلٍ لَيْسَتْ عِنْدَهُ كَمَا قَضَى بِهِ ثُمَّ يَقِيسُ عَلَيْهَا
17558 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقُلْتُ لَهُ: وَيُخْطِئُ الْقِيَاسُ الَّذِي رَوَيْتَهُ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ أَمَرَ أَنْ يُنْظَرَ فِي حَالِ الْقَاتِلِ أَمَعْرُوفٌ بِالْقَتْلِ فَيُقَادَ مِنْهُ، أَوْ غَيْرَ مَعْرُوفٍ بِهِ فَرَفَعَ عَنْهُ الْقَوَدَ، وَأَنْتَ لَمْ تَنْظُرْ فِي السَّارِقِ إِلَى الْقَاتِلِ إِنَّمَا نَظَرْتَ إِلَى الْمَقْتُولِ، وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِي هَذَا
التَّعَدِّي وَالِاطِّلَاعُ
17559 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَوْ أَنَّ امْرَأً اطَّلَعَ عَلَيْكَ بِغَيْرِ إِذَنْ فَخَذَفْتَهُ بِحَصَاةٍ فَفَقَأْتَ عَيْنَهُ مَا كَانَ عَلَيْكَ جُنَاحٌ» أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ
17560 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ قَالَ
⦗ص: 89⦘
: سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ، يَقُولُ: اطَّلَعَ رَجُلٌ مِنْ حُجْرٍ فِي حُجْرَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَمَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِدْرًى يَحُكُّ بِهِ رَأْسَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكَ تَنْظُرُ لَطَعَنْتُ بِهِ فِي عَيْنِكَ، إِنَّمَا جُعِلَ الِاسْتِئْذَانُ مِنْ أَجْلِ الْبَصَرِ» أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ
17561 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا الثَّقَفِيُّ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ فِي بَيْتِهِ فَرَأَى رَجُلًا اطَّلَعَ عَلَيْهِ، فَأَهْوَى لَهُ بِمِشْقَصٍ فِي يَدِهِ كَأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَتَأَخَّرْ لَمْ يُبَالِ أَنْ يَطْعَنَهُ»
17562 -
وَرَوَاهُ أَيْضًا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَنَسٍ، وَمِنْ ذَلِكَ الْوَجْهِ أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ
⦗ص: 90⦘
17563 -
وَرَوَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَزَادَ فِيهِ: فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَمَا إِنَّكَ لَوْ ثَبَتَّ فَفَقَأْتُ عَيْنَكَ
…
»
17564 -
وَرُوِّينَا عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَوْ أَنَّ رَجُلًا اطَّلَعَ فِي بَيْتِ رَجُلٍ فَفَقَأَ عَيْنَهُ مَا كَانَ عَلَيْهِ فِيهِ شَيْءٌ» أَخْبَرَنَاهُ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ كَامِلٍ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ السُّلَمِيُّ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ، فَذَكَرَهُ
17565 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَارِثِ الْفَقِيهُ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ النَّرْسِيُّ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ
17566 -
قَالَ: وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُعَلَّى الشُّونِيزِيُّ، وَالْحَسَنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَجَمَاعَةٌ، قَالُوا: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَوْ أَنَّ رَجُلًا اطَّلَعَ عَلَى جَارِهِ فَخَذَفَ عَيْنَهُ بِحَصَاةٍ فَلَا دِيَةَ وَلَا قِصَاصَ»
⦗ص: 91⦘
17567 -
وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ
17568 -
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّهُ قَالَ:«مَنِ اطَّلَعَ عَلَى جَارِهِ فَأَصَابَتْهُ جِرَاحَةٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ»
بَابُ الضَّمَانِ عَلَى الْبَهَائِمِ
17569 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، وَأَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الْعَجْمَاءُ جُرْحُهَا جُبَارٌ»
17570 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ، وَالْبِئْرُ جُبَارٌ، وَالْمَعْدِنُ جُبَارٌ وَفِي الرِّكَازِ الْخُمْسُ» أَخْبَرَنَاهُ أَبُو إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ، أَخْبَرَنَا أَبُو النَّضْرِ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ
17571 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْحَافِظُ، بِأَسَدَابَادَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، بِمِصْرَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الْعَجْمَاءُ جُرْحُهَا جُبَارٌ، وَالْبِئْرُ جُبَارٌ، وَالْمَعْدِنُ جُبَارٌ»
17572 -
زَادَ فِيهِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: فِي الرِّكَازِ الْخُمْسُ وَأَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ، أَخْبَرَنَا أَبُو النَّضْرِ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرِ بْنُ سَلَامَةَ، حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، فَذَكَرَهُ بِنَحْوِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ:«جُرْحُهَا»
17573 -
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ لِمَالِكٍ، لَيْسَ فِي الْمُوَطَّأِ، وَلَا فِي الْمَبْسُوطِ
17574 -
قَالَ أَحْمَدُ: هُوَ فِي الْمَبْسُوطِ فِي مَسْأَلَةِ الرِّكَازِ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ مُخْتَصَرًا فِي الرِّكَازِ
17575 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حَرَامِ بْنِ سَعْدِ بْنِ مُحَيِّصَةَ، أَنَّ نَاقَةً لِلْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ دَخَلَتْ حَائِطًا لِقَوْمٍ فَأَفْسَدَتْ فِيهِ، «فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ عَلَى أَهْلِ الْأَمْوَالِ حِفْظَهَا بِالنَّهَارِ، وَمَا أَفْسَدَتِ الْمَوَاشِي بِاللَّيْلِ فَهُوَ ضَامِنٌ عَلَى أَهْلِهَا»
17576 -
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حَرَامِ بْنِ مُحَيِّصَةَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، أَنَّ نَاقَةً لِلْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ دَخَلَتْ حَائِطَ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ فَأَفْسَدَتْ فِيهِ، «فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَهْلِ الْحَوَائِطِ حِفْظَهَا بِالنَّهَارِ، وَعَلَى أَهْلِ الْمَاشِيَةِ مَا أَفْسَدَتْ مَاشِيَتُهُمْ بِاللَّيْلِ»
17577 -
وَهَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ الْفِرْيَابِيِّ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ، وَمُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى، عَنِ الزُّهْرِيِّ، مَوْصُولًا يَذْكُرُ الْبَرَاءَ فِيهِ
17578 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا أَبُو النَّضْرِ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَحَرَامِ بْنِ سَعْدِ بْنِ مُحَيِّصَةَ، أَنَّ نَاقَةً لِلْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ دَخَلَتْ حَائِطَ قَوْمٍ فَأَفْسَدَتْ، " فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ عَلَى أَهْلِ الْأَمْوَالِ حِفْظَ أَمْوَالِهِمْ بِالنَّهَارِ، وَعَلَى أَهْلِ الْمَاشِيَةِ مَا أَفْسَدَتْ مَوَاشِيهِمْ بِاللَّيْلِ، أَوْ قَالَ: مَا أَصَابَتْ مَوَاشِيهِمْ "
17579 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ حَرْمَلَةَ: رَوَاهُ غَيْرُ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حَرَامِ بْنِ سَعْدِ بْنِ مُحَيِّصَةَ، عَنْ أَبِيهِ
17580 -
قَالَ أَحْمَدُ: رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حَرَامِ بْنِ مُحَيِّصَةَ، عَنْ أَبِيهِ، «أَنَّ نَاقَةً لِلْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ دَخَلَتْ حَائِطَ قَوْمٍ فَأَفْسَدَتْ فِيهِ، فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَهْلِ الْمَوَاشِي حِفْظَهَا بِاللَّيْلِ، وَعَلَى أَهْلِ الْأَمْوَالِ حِفْظَهَا بِالنَّهَارِ»
⦗ص: 96⦘
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْمُقْرِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى الْبُوسْنِيِّ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، فَذَكَرَهُ
17581 -
وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابِ السُّنَنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتٍ الْمَرْوَزِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، فَقَدْ صَحَّ وَصْلُ الْحَدِيثِ مِنْ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ، فَالَّذِينَ وَصَلُوهُ ثِقَاتٌ، وَانْضَمَّ إِلَيْهِمَا مُرْسَلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ، وَمُرْسَلُ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، وَهُمَا مِنْ أَكَابِرِ التَّابِعِينَ
17582 -
وَرَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، مَوْصُولًا
17583 -
وَكَانَ شُرَيْحٌ الْقَاضِي يَضْمَنُ مَا أَفْسَدَتِ الْغَنَمُ بِاللَّيْلِ، وَلَا يَضْمَنُ مَا أَفْسَدَتْ بِالنَّهَارِ، وَيَتَنَاوَلُ هَذِهِ الْآيَةَ:{وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ} ، وَيَقُولُ: كَانَ النَّفْشُ بِاللَّيْلِ
17584 -
وَلَا يَجُوزُ دَعْوَى النَّسْخِ فِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ بِحَدِيثِ: «الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ» مِنْ غَيْرِ تَارِيخٍ وَلَا سَبَبٍ يَدُلُّ عَلَى النَّسْخِ وَالْحَكَمُ فِي الْحَدِيثَيْنِ عَلَى مَا قَالَ صَاحِبُنَا رحمه الله، وَهُوَ فِيمَا:
17585 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: فَأَخَذْنَا بِهِ، يَعْنِي بِحَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَضَاءً لِثُبُوتِهِ وَاتِّصَالِهِ وَمَعْرِفَةِ رِجَالِهِ، وَلَا يُخَالِفُ هَذَا الْحَدِيثُ حَدِيثَ:«الْعَجْمَاءُ جُرْحُهَا جُبَارٌ» ، وَلَكِنَّ:«الْعَجْمَاءُ جُرْحُهَا جُبَارٌ» جُمْلَةٌ مِنَ الْكَلَامِ الْعَامِّ الْمَخْرَجِ الَّذِي
⦗ص: 97⦘
يُرَادُ بِهِ الْخَاصَّ، فَلَمَّا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«الْعَجْمَاءُ جُرْحُهَا جُبَارٌ» ، وَقَضَى فِيمَا أَفْسَدَتِ الْعَجْمَاءُ بِشَيْءٍ فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ، دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَا أَصَابَتِ الْعَجْمَاءُ مِنْ جُرْحٍ وَغَيْرِهِ فِي حَالٍ جُبَارٌ، وَفِي حَالٍ غَيْرُ جُبَارٍ
17586 -
وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ إِذَا كَانَ عَلَى أَهْلِ الْعَجْمَاءِ حِفْظُهَا ضَمِنُوا مَا أَصَابَتْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمْ حِفْظُهَا لَمْ يَضْمَنُوا أَشْيَاءَ مِمَّا أَصَابَتْ، فَضَمِنَ أَهْلُ الْمَاشِيَةِ السَّائِمَةِ بِاللَّيْلِ مَا أَصَابَتْ مِنْ زَرْعٍ، وَلَا يَضْمَنُونَهُ بِالنَّهَارِ، وَيَضْمَنُ الْقَائِدُ وَالرَّاكِبُ وَالسَّائِرُ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِمْ حِفْظَهَا فِي تِلْكَ الْحَالِ، وَلَا يَضْمَنُونَ لَوِ انْفَلَتَتْ، ثُمَّ بَسَطَ الْكَلَامَ فِي ذِكْرِ نَظَائِرِهَا
17587 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، فِيمَا أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ إِجَازَةً بِإِسْنَادِهِ: وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنَ «الرِّجْلُ جُبَارٌ» فَهُوَ غَلَطٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ؛ لِأَنَّ الْحُفَّاظَ لَمْ يَحْفَظُوا هَكَذَا
17588 -
قَالَ أَحْمَدُ: الْأَمْرُ فِيهِ عَلَى مَا قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَذَاكَ لِأَنَّ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي «الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ» رَوَاهُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَابْنُ جُرَيْجٍ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَمَعْمَرٌ، وَعُقَيْلٌ، وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَغَيْرُهُمْ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، فَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ أَحَدٌ مِنْهُمُ «الرِّجْلُ جُبَارٌ» إِلَّا سُفْيَانَ بْنَ حُسَيْنٍ، فَإِنَّهُ رَوَاهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الْمَالِينِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الصُّوفِيُّ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ، فَذَكَرَهُ
⦗ص: 98⦘
17589 -
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ: لَمْ يَأْتِ بِهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ، غَيْرُ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ فِيمَا عَلِمْتُ
17590 -
وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيُّ الْحَافِظُ: فِيمَا أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْهُ: لَمْ يُتَابِعْ سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ عَلَى قَوْلِهِ: «الرِّجْلُ جُبَارٌ» أَحَدٌ، وَهُوَ وَهْمٌ؛ لِأَنَّ الثِّقَاتَ خَالَفُوهُ وَلَمْ يَذْكُرُوا ذَلِكَ
17591 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَرُوِيَ ذَلِكَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَهُوَ وَهْمٌ قَالَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِيمَا أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْهُ
17592 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَإِنَّمَا تُعْرَفُ هَذِهِ اللَّفْظَةُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي قَيْسٍ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَرْوَانَ، عَنْ هُزَيْلِ بْنِ شُرَحْبِيلَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُرْسَلًا
17593 -
وَرَوَاهُ قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ مَوْصُولًا بِذِكْرِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِيهِ، وَقَيْسٌ لَا يُحْتَجُّ بِهِ، وَأَبُو قَيْسٍ أَيْضًا غَيْرُ قَوِيٍّ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ
17594 -
وَقَدْ رَوَى أَبُو جُزَيٍّ نَصْرُ بْنُ طَرِيفٍ، عَنِ السَّرِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَوْقَفَ دَابَّةً فِي سَبِيلٍ مِنْ سُبُلِ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ فِي أَسْوَاقِهِمْ، فَأَوْطَتْ بِيَدٍ أَوْ رَجْلٍ فَهُوَ ضَامِنٌ»
17595 -
وَهَذَا لَا يَصِحُّ، أَبُو جُزَيٍّ وَالسَّرِيُّ ضَعِيفَانِ
بَابُ أَخْذِ الْوَلِيِّ بِالْوَلِيِّ
17596 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى، وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [النجم: 37]
17597 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبْجَرَ، عَنْ إِيَادِ بْنِ لَقِيطٍ، عَنْ أَبِي رِمْثَةَ قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ أَبِي عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم
⦗ص: 100⦘
: «مَنْ هَذَا؟» قَالَ: ابْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ أَشْهَدُ بِهِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«أَمَا إِنَّهُ لَا يَجْنِي عَلَيْكَ، وَلَا تَجْنِي عَلَيْهِ»
17598 -
وَبِإِسْنَادِهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ قَالَ:" كَانَ الرَّجُلُ يُؤْخَذُ بِذَنْبِ غَيْرِهِ حَتَّى جَاءَ إِبْرَاهِيمُ فَقَالَ اللَّهُ عز وجل: {وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [النجم: 38] "
17599 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَالَّذِي سَمِعْتُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ فِي قَوْلِ اللَّهِ عز وجل:{أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [النجم: 38] أَنْ لَا يُؤْخَذَ أَحَدٌ بِذَنْبِ غَيْرِهِ فِي بَدَنَهِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ جَزَى الْعِبَادَ عَلَى أَعْمَالِهِمْ أَنْفُسِهِمْ وَعَاقَبَهُمْ عَلَيْهَا، وَكَذَلِكَ أَمْوَالُهُمْ، لَا يَجْنِي أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ فِي مَالٍ إِلَّا حَيْثُ خَصَّ رَسُولُ اللَّهِ بِأَنَّ جِنَايَةَ الْخَطَأِ مِنَ الْحُرِّ عَلَى الْآدَمَيِّينَ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِي شَرْحِهِ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
35 - كِتَابُ السِّيَرِ
مَدْخَلٌ إِلَى السِّيَرِ
17600 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ رحمه الله قَالَ: قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونَ} [الذاريات: 56]
17601 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: «خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ لِعِبَادَتِهِ»
17602 -
قَالَ أَحْمَدُ: يَعْنِي خَلَقَ مَنْ يَعْبُدُهُ لِعِبَادَتِهِ، وَرُوِيَ مَعْنَى ذَلِكَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ
17603 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: ثُمَّ أَبَانَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّ خِيَرَتَهُ مِنْ خَلْقِهِ أَنْبِيَاؤُهُ، فَقَالَ:{كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ} [البقرة: 213]
17604 -
ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ: ثُمَّ اصْطَفَى مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم مِنْ خَيْرِ آلِ إِبْرَاهِيمَ، وَأَنْزَلَ كُتَبَهُ قَبْلَ إِنْزَالِهِ الْفُرْقَانَ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم بِصِفَةِ فَضِيلَتِهِ وَفَضِيلَةِ مَنْ تَبِعَهُ، فَقَالَ:{مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ} [الفتح: 29] إِلَى قَوْلِهِ: {ذَلِكَ مَثَلُهُمْ
⦗ص: 105⦘
فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ} [الفتح: 29] الْآيَةَ
17605 -
وَقَالَ لِأُمَّتِهِ: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: 110]
17606 -
ثُمَّ أَخْبَرَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّهُ جَعَلَهُ فَاتِحَ رَحْمَتِهِ عِنْدَ فَتْرَةِ رُسُلِهِ، فَقَالَ:{يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ} [المائدة: 19]، وَقَالَ:{هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ} [الجمعة: 2]
17607 -
وَكَانَ فِي ذَلِكَ مَا دَلَّ عَلَى أَنَّهُ بَعَثَهُ إِلَى خَلْقِهِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا أَهْلَ كِتَابٍ وَأُمِّيِّينَ، وَأَنَّهُ فَتْحَ بِهِ رَحْمَتَهُ، وَخَتَمَ بِهِ نُبُوَّتَهُ، فَقَالَ:{مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} [الأحزاب: 40]
17608 -
وَقَضَى أَنْ يُظْهِرَ دِينُهُ عَلَى الْأَدْيَانِ، فَقَالَ:{هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ} [التوبة: 33] الْآيَةَ
مُبْتَدَأُ التَّنْزِيلِ وَالْفَرْضِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ عَلَى النَّاسِ
17609 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: «لَمَّا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم أَنْزَلَ عَلَيْهِ فَرَائِضَهُ كَمَا شَاءَ، لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ»
17610 -
وَيُقَالُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ: إِنَّ أَوَّلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابِهِ: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق: 1]
17611 -
ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْهِ بَعْدَهَا مَا لَمْ يُؤْمَرْ فِيهِ بِأَنْ يَدْعُوَ إِلَيْهِ الْمُشْرِكِينَ
17612 -
فَمَرَّتْ لِذَلِكَ مُدَّةٌ، ثُمَّ يُقَالُ: أَتَاهُ جِبْرِيلُ عليه السلام عَنِ اللَّهِ بِأَنْ يُعْلِمَهُمْ نُزُولَ الْوَحْيِ إِلَيْهِ، وَيَدْعُوَهُمْ إِلَى الْإِيمَانِ بِهِ، فَكَبُرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَخَافَ التَّكْذِيبَ وَأَنْ يُتَنَاوَلَ، فَنَزَلَ عَلَيْهِ:{يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكِ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: 67]، فَقَالَ: يَعْصِمُكَ مِنْ قَتْلِهِمْ أَنْ يَقْتُلُوكَ حَتَّى تُبَلِّغَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ
17613 -
فَبَلَّغَ مَا أُمِرَ بِهِ، فَاسْتَهْزَأَ بِهِ قَوْمٌ، فَنَزَلَ عَلَيْهِ:{فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ، إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ} [الحجر: 95]
17614 -
وَأَعْلَمَهُ مَنْ أَعْلَمَهُ مِنْهُمْ أَنَّهُ لَا يُؤْمِنُ بِهِ، فَقَالَ:{وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ} [الإسراء: 90]، الْآيَةَ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيمَا يُثَبِّتُهُ بِهِ إِذْ ضَاقَ مِنْ أَذَاهُمْ:{وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ، فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ، وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر: 97]
⦗ص: 109⦘
17615 -
فَفَرَضَ عَلَيْهِ إِبْلَاغَهُمْ وَعِبَادَتَهُ، وَلَمْ يَفْرِضْ عَلَيْهِ قِتَالَهُمْ، وَأَبَانَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ آيَةٍ مِنْ كِتَابِهِ، وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِعُزْلَتِهِمْ فَأَنْزَلَ عَلَيْهِ:{قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1]
17616 -
وَذَكَرَ سَائِرَ الْآيَاتِ الَّتِي وَرَدَتْ فِي ذَلِكَ قَالَ: وَأَمَرَهُمْ أَنْ لَا يَسُبُّوا أَنْدَادَهُمْ، وَذَكَرَ الْآيَةَ
17617 -
قَالَ: ثُمَّ أَنْزَلَ بَعْدَ هَذَا فِي الْحَالِ الَّتِي فَرَضَ فِيهَا عُزْلَةَ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ} [الأنعام: 68]، وَقَالَ لِمَنْ تَبِعَهُ:{فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ} [النساء: 140]
الْإِذْنُ بِالْهِجْرَةِ
17618 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ مُسْتَضْعَفِينَ بِمَكَّةَ زَمَانًا، لَمْ يُؤْذَنْ لَهُمْ فِيهِ بِالْهِجْرَةِ مِنْهَا، ثُمَّ أَذِنَ اللَّهُ لَهُمْ بِالْهِجْرَةِ وَجَعَلَ لَهُمْ مَخْرَجًا، فَيُقَالُ: نَزَلَتْ: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} [الطلاق: 2]
17619 -
فَأَعْلَمَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُمْ مَخْرَجًا، وَقَالَ:{وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً} [النساء: 100]
17620 -
وَأَمَرَهُمْ بِالْهِجْرَةِ إِلَى الْحَبَشَةِ، فَهَاجَرَتْ إِلَيْهَا مِنْهُمْ طَائِفَةٌ
17621 -
ثُمَّ دَخَلَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ الْإِسْلَامَ، فَأَمَرَ طَائِفَةً فَهَاجَرَتْ إِلَيْهِمْ، غَيْرَ مُحَرِّمٍ عَلَى مَنْ بَقِيَ تَرْكَ الْهِجْرَةِ
⦗ص: 111⦘
17622 -
فَتَلَا الشَّافِعِيُّ فِيهِمْ آيَاتٍ قَالَ: ثُمَّ أَذِنَ اللَّهُ لِرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم بِالْهِجْرَةَ فَهَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ
مُبْتَدَأُ الْإِذْنِ بِالْقِتَالِ
17623 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله فِي الْإِسْنَادِ الَّذِي ذَكَرْنَا: ثُمَّ أَذِنَ لَهُمْ بِأَنْ يَبْتَدِئُوا الْمُشْرِكِينَ بِقِتَالٍ قَالَ اللَّهُ عز وجل: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا} [الحج: 39]، وَأَبَاحَ لَهُمُ الْقِتَالَ بِمَعْنَى آيَاتِهِ فِي كِتَابِهِ، فَقَالَ عَزَّ اسْمُهُ:{وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ} [البقرة: 190] إِلَى قَوْلِهِ: {وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ} [البقرة: 191]
17624 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: يُقَالُ: نَزَلَ هَذَا فِي أَهْلِ مَكَّةَ، وَهُمْ كَانُوا أَشَدَّ الْعَدُوِّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَفُرِضَ عَلَيْهِمْ فِي قِتَالِهِمْ مَا ذَكَرَ اللَّهُ، ثُمَّ يُقَالُ: نُسِخَ هَذَا كُلُّهُ وَالنَّهْيُ عَنِ الْقِتَالِ حَتَّى يُقَاتَلُوا وَالنَّهْيُ عَنِ الْقِتَالِ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ بِقَوْلِ اللَّهِ: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} [البقرة: 193] الْآيَةَ، وَنُزُولُ هَذِهِ الْآيَةِ بَعْدَ فَرْضِ الْجِهَادِ
فَرَضُ الْهِجْرَةِ
17625 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله فِي الْإِسْنَادِ الَّذِي ذَكَرْنَا: وَلَمَّا فَرَضَ اللَّهُ الْجِهَادَ عَلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ إِذْ كَانَ أَبَاحَهُ، وَأَثْخَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَهْلِ مَكَّةَ، وَرَأَوْا كَثْرَةَ مَنْ دَخَلَ فِي دَيْنِ اللَّهِ، اشْتَدُّوا عَلَى مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ، فَفَتَنُوهُمْ عَنْ دِينِهِمْ أَوْ مَنْ فَتَنُوا مِنْهُمْ، فَعَذَرَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ مَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْهِجْرَةِ مِنَ الْمَفْتُونِينَ، فَقَالَ: إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ، «فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ اللَّهَ جَعَلَ لَكُمْ مَخْرَجًا، فَفَرَضَ عَلَى مَنْ قَدِرَ عَلَى الْهِجْرَةِ الْخُرُوجَ إِذَا كَانَ مِمَّنْ يُفْتَنُ عَنْ دِينِهِ وَلَا يُمْنَعُ» ، فَقَالَ فِي رَجُلٍ مِنْهُمْ تُوفِّيَ تَخَلَّفَ عَنِ الْهِجْرَةِ: إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ "
17626 -
وَأَبَانَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عُذْرَ الْمُسْتَضْعَفِينَ فَقَالَ: إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا، فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ قَالَ: وَيُقَالُ: عَسَى مِنَ اللَّهِ وَاجِبَةٌ
17627 -
وَدَلَّتْ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَنَّ فَرْضَ الْهِجْرَةِ عَلَى مَنْ أَطَاقَهَا إِنَّمَا هُوَ عَلَى مَنْ فُتِنَ عَنْ دِينِهِ بِالْبَلْدَةِ الَّتِي يُسْلِمُ بِهَا؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَذِنَ لِقَوْمٍ بِمَكَّةَ أَنْ
⦗ص: 114⦘
يُقِيمُوا بِهَا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ "، مِنْهُمُ: الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَغَيْرُهُ، إِذْ لَمْ يَخَافُوا الْفِتْنَةَ
17628 -
وَكَانَ يَأْمُرُ جُيُوشَهُ أَنْ يَقُولُوا لِمَنْ أَسْلَمَ: إِنْ هَاجَرْتُمْ فَلَكُمْ مَا لِلْمُهَاجِرِينَ، وَإِنْ أَقَمْتُمْ كَأَعْرَابِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَيْسَ يُخَيِّرُهُمْ إِلَّا فِيمَا يَحِلُّ لَهُمْ
أَصْلُ فَرْضِ الْجِهَادِ
17629 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله فِي الْإِسْنَادِ الَّذِي ذَكَرْنَا: " وَلَمَّا مَضَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُدَّةٌ مِنْ هِجْرَتِهِ أَنْعَمَ اللَّهُ فِيهَا عَلَى جَمَاعَاتٍ بِاتِّبَاعِهِ، حَدَثَتْ لَهُمْ بِهَا، مَعَ عَوْنِ اللَّهِ، قُوَّةٌ بِالْعَدَدِ لَمْ تَكُنْ قَبْلَهَا، فَفَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجِهَادَ بَعْدَ إِذْ كَانَ إِبَاحَةً لَا فَرْضًا، فَقَالَ تبارك وتعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: 216] " الْآيَةَ
17630 -
وَقَالَ: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [البقرة: 190]
⦗ص: 116⦘
17631 -
وَقَالَ: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: 41]
17632 -
وَذَكَرَ آيَاتٍ أُخَرَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عز وجل، ثُمَّ قَالَ: مَعَ مَا ذَكَرَ بِهِ: فُرِضَ الْجِهَادُ، وَأَوْجَبَ عَلَى الْمُتَخَلِّفِ عَنْهُ
مَنْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْجِهَادُ
17633 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْإِسْنَادِ الَّذِي ذَكَرْنَا: «فَلَمَّا فَرَضَ اللَّهُ الْجِهَادَ دَلَّ فِي كِتَابِهِ، ثُمَّ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم، أَنْ لَمْ يُفْرَضِ الْخُرُوجَ إِلَى الْجِهَادِ عَلَى مَمْلُوكٍ، أَوْ أُنْثَى، وَلَا حُرٍّ لَمْ يَبْلُغْ»
17634 -
وَذَكَرَ الْآيَاتِ الَّتِي دَلَّتْ عَلَى ذَلِكَ
17635 -
ثُمَّ ذَكَرَ مَا: أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَوْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، الشَّكُّ مِنَ الرَّبِيعِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ:«عُرِضْتُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ، وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ فَرَدَّنِي، وَعُرِضْتُ عَلَيْهِ عَامَ الْخَنْدَقِ، وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ فَأَجَازَنِي»
⦗ص: 118⦘
17636 -
قَدْ رَوَاهُ فِي مَوَاضِعَ عَنِ الشَّافِعِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، لَمْ يَشُكَّ فِيهِ
17637 -
وَأَخْبَرَنَاهُ أَبُو إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ، أَخْبَرَنَا أَبُو النَّضْرِ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ نَحْوَهُ
17638 -
قَالَ: وَحَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ وَالْحَدِيثُ مُخَرَّجٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ.
17639 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله فِي رِوَايَتِنَا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ: وَأَجَازَهُ إِذْ بَلَغَ أَنْ تَجِبَ عَلَيْهِ الْفَرَائِضُ، وَرَدَّهُ إِذْ لَمْ يَبْلُغْهَا، وَفَعَلَ ذَلِكَ مَعَهُ بِبَضْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا، مِنْهُمْ: زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَرَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ، وَغَيْرُهُمْ.
17640 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَرُوِّينَا عَنْ زَيْدِ بْنِ جَارِيَةَ الْأَنْصَارِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: اسْتَصْغَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَاسًا يَوْمَ أُحُدٍ، مِنْهُمْ زَيْدُ بْنُ جَارِيَةَ، يَعْنِي نَفْسَهُ، وَالْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ، وَزَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ، وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ.
17641 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَشَهِدَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْقِتَالَ عَبِيدٌ وَنِسَاءٌ وَغَيْرُ بَالِغِينَ فَرَضَخَ لَهُمْ وَلَمْ يُسْهِمْ، فَدُلَّ عَلَى أَنْ لَا فَرْضَ لِلْجِهَادِ عَلَيْهِمْ
17642 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا حَاتِمٌ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ
⦗ص: 119⦘
مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ هُرْمُزَ، أَنَّ نَجْدَةَ، كَتَبَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَسْأَلُهُ عَنْ خِلَالٍ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّ نَاسًا يَقُولُونَ: إِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ يُكَاتِبُ الْحَرُورِيَّةَ، وَلَوْلَا أَنِّي أَخَافُ أَنْ أَكْتُمَ عِلْمًا لَمَا كَتَبْتُ إِلَيْهِ، فَكَتَبَ نَجْدَةُ إِلَيْهِ: أَمَّا بَعْدُ، فَأَخْبِرْنِي: هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَغْزُو بِالنِّسَاءِ؟ وَهَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَضْرِبُ لَهُنَّ بِسَهْمٍ؟ وَهَلْ كَانَ يَقْتُلُ الصِّبْيَانَ؟ وَمَتَى يَنْقَضِي يُتْمُ الْيَتِيمِ؟ وَعَنِ الْخُمُسِ لِمَنْ هُوَ؟ فَكَتَبَ إِلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّكَ كَتَبْتَ تَسْأَلُنِي: هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَغْزُو بِالنِّسَاءِ؟ وَقَدْ كَانَ يَغْزُو بِهِنَّ يُدَاوِينَ الْمَرْضَى، وَيُحْذَيْنَ مِنَ الْغَنِيمَةِ، وَأَمَّا السَّهْمُ فَلَمْ يَضْرِبْ لَهُنَّ بِسَهْمٍ، وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَقْتُلِ الْوِلْدَانَ، فَلَا تَقْتُلْهُمْ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تَعْلَمُ مِنْهُمْ مَا عَلِمَ الْخَضِرُ مِنَ الصَّبِيِّ الَّذِي قَتَلَ، فَتُمَيِّزُ الْمُؤْمِنَ مِنَ الْكَافِرِ فَتَقْتُلَ الْكَافِرَ وَتَدَعُ الْمُؤْمِنَ "، وَكَتَبْتَ: " مَتَى يَنْقَضِي يُتْمُ الْيَتِيمِ؟ وَلَعَمْرِي إِنَّ الرَّجُلَ لَتَشِيبُ لِحْيَتُهُ، وَإِنَّهُ لَضَعِيفُ الْأَخْذِ ضَعِيفُ الْإِعْطَاءِ، فَإِذَا أَخَذَ لِنَفْسِهِ مِنْ صَالِحِ مَا يَأْخُذُ النَّاسُ فَقَدْ ذَهَبَ عَنْهُ الْيُتْمُ، وَكَتَبْتَ تَسْأَلُنِي عَنِ الْخُمُسِ، وَإِنَّا كُنَّا نَقُولُ: هُوَ لَنَا، فَأَبَى ذَلِكَ عَلَيْنَا قَوْمُنَا فَصَبَرْنَا عَلَيْهِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَغَيْرِهِ، عَنْ حَاتِمِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ
17643 -
وَفِي حَدِيثِ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذِهِ
⦗ص: 120⦘
الْقِصَّةِ: وَأَمَّا النِّسَاءُ وَالْعَبِيدُ فَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ سَهْمٌ مَعْلُومٌ إِذَا حَضَرُوا النَّاسَ، وَلَكِنْ يُحْذَوْنَ مِنْ غَنَائِمِ الْقَوْمِ
17644 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ حَرْمَلَةَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، أَخْبَرَنِي سَلَمَةُ، رَجُلٌ مِنْ وَلَدِ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَ: قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَا أَسْمَعُ اللَّهَ ذَكَرَ النِّسَاءَ فِي الْهِجْرَةِ بِشَيْءٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل:{فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى} [آل عمران: 195] "
17645 -
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ النَّضْرَوِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ نَجْدَةَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، فَذَكَرَهُ وَزَادَ: قَالَ الْأَنْصَارُ: هِيَ أَوَّلُ ظَعِينَةٍ قَدِمَتْ عَلَيْنَا
17646 -
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: يَغْزُو الرِّجَالُ وَلَا نَغْزُوا، وَإِنَّمَا لَنَا نِصْفُ الْمِيرَاثِ، فَنَزَلَتْ:{وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ} [النساء: 32] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، وَنَزَلَتْ:{إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ. . . . . .} [الأحزاب: 35] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ
17647 -
وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ عَقِيبَ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ عَنْ سُفْيَانَ فِي حُرْمَةِ نِسَاءِ الْمُجَاهِدِينَ مَا: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدُوسٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدِ الدَّارِمِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا
⦗ص: 121⦘
قَعْنَبٌ التَّمِيمِيُّ، وَكَانَ ثِقَةً خِيَارًا، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " حُرْمَةُ نِسَاءِ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ فِي الْحُرْمَةِ كَأُمَّهَاتِهِمْ، وَمَا مِنْ رَجُلٍ مِنَ الْقَاعِدِينَ يَخْلُفُ رَجُلًا مِنَ الْمُجَاهِدِينَ فِي أَهْلِهِ إِلَّا نُصِبَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُقَالُ لَهُ: يَا فُلَانُ، هَذَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ خَانَكَ، فَخُذْ مِنْ حَسَنَاتِهِ مَا شِئْتَ "، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَا ظَنُّكُمْ؟» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ، عَنْ سُفْيَانَ
بَابُ مَنْ لَهُ عُذْرٌ بِالضَّعْفِ وَغَيْرِهِ
17648 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله فِي رِوَايَتِنَا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ: قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِي الْجِهَادِ: {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ} [التوبة: 91] الْآيَةَ
17649 -
وَقَالَ: {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ. . . . . . . .} [النور: 61]
17650 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقِيلَ: الْأَعْرَجُ: الْمَقْعَدُ، وَالْأَغْلَبُ أَنَّهُ الْعَرَجُ فِي الرِّجْلِ الْوَاحِدَةِ، وَقِيلَ: نَزَلَتْ أَنْ لَا حَرَجَ عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يُجَاهِدُوا، وَهُوَ يُشْبِهُ مَا قَالُوا غَيْرَ مُحْتَمِلَةٍ غَيْرَهُ، وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ
17651 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَفِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرِ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [النساء: 95] دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَيْدًا، فَجَاءَ
⦗ص: 123⦘
بِكَتِفٍ فَكَتَبَهَا، فَشَكَى ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ ضَرَارَاتَهُ فَنَزَلَتْ:{لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} [النساء: 95] أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَمْرٍو الْأَدِيبُ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، سَمِعْتُ الْبَرَاءَ، فَذَكَرَهُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ
17652 -
أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ، أَخْبَرَنَا أَبُو النَّضْرِ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنْ قُتِلْتُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ صَابِرًا مُحْتَسِبًا مُقْبِلًا غَيْرَ مُدْبِرٍ أَيُكَفِّرُ اللَّهُ عَنِّي خَطَايَايَ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«نَعَمْ» ، فَلَمَّا وَلَّى الرَّجُلُ نَادَاهُ 000 فَنُودِيَ فَقَالَ:«كَيْفَ قُلْتَ؟» قَالَ: فَأَعَادَ عَلَيْهِ الْقَوْلَ، فَقَالَ:«نَعَمْ، إِلَّا الدَّيْنَ، كَذَلِكَ قَالَ لِي جِبْرِيلُ عليه السلام» أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ
17653 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا شَافِعٌ، أَخْبَرَنَا الطَّحَاوِيُّ، حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ ضَرَبْتُ بِسَيْفِي هَذَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ صَابِرًا مُحْتَسِبًا مُقْبِلًا غَيْرَ مُدْبِرٍ أَيُكَفِّرُ اللَّهُ عَنِّي خَطَايَايَ؟ فَقَالَ:«نَعَمْ» قَالَ: فَلَمَّا أَدْبَرَ قَالَ: " تَعَالَ، هَذَا جِبْرِيلُ يَقُولُ: إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَيْكَ دَيْنٌ " رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ
17654 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ الرَّبِيعِ: فَإِذَا كَانَ يَحْجُبُهُ مَعَ الشَّهَادَةِ عَنِ الْجَنَّةِ الدَّيْنُ، فَبَيِّنٌ أَنْ لَا يَجُوزَ لَهُ الْجِهَادُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، إِلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ أَهْلُ الدَّيْنِ
17655 -
ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ: وَعَلَيْهِ أَنْ لَا يُجَاهِدَ إِلَّا بِإِذْنِ أَبَوَيْهِ، وَإِذَا كَانَا عَلَى غَيْرِ دِينِهِ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ أَهْلَ دِينِهِمَا فَلَا طَاعَةَ لَهُمَا عَلَيْهِ فِي تَرْكِ الْجِهَادِ، وَلَهُ الْجِهَادُ وَإِنْ خَالَفَهُمَا
17656 -
قَالَ أَحْمَدُ: رُوِّينَا فِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَاسْتَأْذَنَهُ فِي الْجِهَادِ، فَقَالَ:«أَحَيٌّ وَالِدَاكَ؟» قَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ»
⦗ص: 125⦘
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، وَيَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَسْتَأْذِنُهُ فِي الْجِهَادِ، فَذَكَرَهُ أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ
17657 -
وَرُوِّينَا فِي حَدِيثِ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ: وَتَرَكْتُ أَبَوَيَّ يَبْكِيَانِ، فَقَالَ:«ارْجِعْ فَأَضْحِكْهُمَا كَمَا أَبْكَيْتَهُمَا»
17658 -
وَفِي رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: أَذِنَا لَكَ؟ قَالَ: لَا قَالَ: «فَارْجِعْ فَاسْتَأْذِنْهُمَا»
17659 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: «فَإِذَا كَانَا عَلَى غَيْرِ دِينِهِ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ أَهْلَ دِينِهِمَا فَلَا طَاعَةَ لَهُمَا فِي تَرْكِ الْجِهَادِ»
⦗ص: 126⦘
17660 -
ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ: قَدْ جَاهَدَ ابْنُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَبُوهُ يُجَاهِدُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم " وَلَسْتُ أَشُكُّ فِي كَرَاهِيَةِ أَبِيهِ لِجِهَادِهِ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
17661 -
وَجَاهَدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَبُوهُ مُتَخَلِّفٌ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِأُحُدٍ، وَيَخْذِلُ عَنْهُ مَنْ أَطَاعَهُ مَعَ غَيْرِهِمْ مِمَّا لَا شَكَّ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ - فِي كَرَاهِيَتِهِمْ لِجِهَادِهِمْ أَبْنَاءَهُمْ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
17662 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: «وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَغْزُوَ بِجُعْلٍ مِنْ مَالِ رَجُلٍ، وَإِنْ غَزَا بِهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ وَيَرُدَّ الْجُعَلَ، وَإِنَّمَا أَجَزْتُ لَهُ هَذَا مِنَ السُّلْطَانِ لِأَنَّهُ يَغْزُو بِشَيْءٍ مِنْ حَقِّهِ»
17663 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَهَذَا لِأَنَّهُ إِذَا حَضَرَ الْوَقْعَةَ صَارَ جِهَادُهُ عَنْ نَفْسِهِ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ عَنْ غَيْرِهِ عَنْهُ عِوَضًا
17664 -
وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْجَعَائِلِ؟ قَالَ:«لَمْ أَكُنْ لِأَرْتَشِيَ إِلَّا مَا رَشَانِي اللَّهُ»
17665 -
وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لِلْغَازِي أَجْرُهُ، وَلِلْجَاعِلِ أَجْرُهُ وَأَجْرُ الْغَازِي» فَإِنَّمَا أَرَادَ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنْ يُجَهِّزَ غَازِيًا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ أَنْ يَغْزُوَ بِمَا أَعْطَاهُ
⦗ص: 127⦘
17666 -
وَهُوَ نَظِيرُ مَا: رُوِّينَا عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَدْ غَزَا، وَمَنْ خَلَفَهُ فِي أَهْلِهِ بِخَيْرٍ فَقَدْ غَزَا»
17667 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: «وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يُجَمِّرَ بِالْغَزْوِ، فَإِنْ جَمَّرَهُمْ فَقَدْ أَسَاءَ، وَيَجُوزُ لِكُلِّهِمْ خِلَافُهُ وَالرُّجُوعُ»
17668 -
وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ
17669 -
وَاحْتَجَّ فِي الْقَدِيمِ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْبَغْدَادِيِّ عَنْهُ، وَنَقَلْنَاهُ فِي كِتَابِ الْقَسَمِ بِحَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ قَوْمًا مِنَ الْأَنْصَارِ كَلَّمُوا عُمَرَ فِي أُنَاسٍ مِنْهُمْ، وَأَخْبَرُوهُ بِمَا أَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ إِعْقَابِ السَّرِيَّةِ
17670 -
وَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابِ السُّنَنِ عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ جَيْشًا مِنَ الْأَنْصَارِ كَانُوا بِأَرْضِ فَارِسَ مَعَ أَمِيرِهِمْ، وَكَانَ عُمَرُ يُعَقِّبُ الْجُيُوشَ فِي كُلِّ عَامٍ، فَشُغِلَ عَنْهُمْ عُمَرُ، فَلَمَّا مَرَّ الْأَجَلُ قَفَلَ أَهْلُ ذَلِكَ الثَّغْرِ فَاشْتَدَّ
⦗ص: 128⦘
عَلَيْهِ وَأَوْعَدَهُمْ وَهُمْ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالُوا: يَا عُمَرُ، إِنَّكَ غَفَلْتَ عَنَّا وَتَرَكْتَ فِينَا الَّذِي أَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ إِعْقَابِ بَعْضِ الْغَزِيَّةِ بَعْضًا أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، فَذَكَرَهُ
17671 -
وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ أَيْضًا حَدِيثَ ابْنِ عُلَيَّةَ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي فِرَاسٍ قَالَ:«لَا تُجَمِّرُوا الْمُسْلِمِينَ فَتَفْتِنُوهُمْ» أَخْبَرَنَاهُ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِئُ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ، حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الْجُرَيْرِيُّ، فَذَكَرَهُ
17672 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَالتَّجْمِيرُ عِنْدَنَا جَوْرٌ وَفَسَادٌ وَفِتْنَةٌ عَلَى الرَّعِيَّةِ، وَالَّذِي عَلَيْهِ إِعْقَابُ الْمُسْلِمِينَ فِي كُلِّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَكَذَلِكَ الْأَئِمَّةُ كَانَتْ تَفْعَلُ
17673 -
قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّهُ قَالَ لِحَفْصَةَ:«كَمْ أَكْثَرُ مَا تَصْبِرُ الْمَرْأَةُ عَنْ زَوْجِهَا؟» فَقَالَتْ: سِتَّةَ أَشْهُرٍ أَوْ أَرْبَعَةً، فَقَالَ عُمَرُ:«لَا أَحْبِسُ الْجَيْشَ أَكْثَرَ مِنْ هَذَا»
شُهُودُ مَنْ لَا فَرْضَ عَلَيْهِ الْقِتَالُ
17674 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزَ، أَنَّ نَجْدَةَ، كَتَبَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ: هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَغْزُو بِالنِّسَاءِ، وَهَلْ كَانَ يَضْرِبُ لَهُنَّ بِسَهْمٍ؟ فَقَالَ:«قَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَغْزُو بِالنِّسَاءِ فَيُدَاوِينَ الْجَرْحَى، وَلَمْ يَكُنْ يَضْرِبُ لَهُنَّ بِسَهْمٍ، وَلَكِنْ يُحْذَيْنِ مِنَ الْغَنِيمَةِ»
17675 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَتِنَا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، وَمَحْفُوظٍ أَنَّهُ شَهِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْقِتَالَ الْعَبِيدُ وَالصِّبْيَانُ، وَأَحْذَاهُمْ مِنَ الْغَنِيمَةِ
17676 -
قَالَ أَحْمَدُ: رُوِّينَا فِي حَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فِي الْيَتِيمِ: مَتَى يَخْرُجُ مِنَ الْيُتْمِ؟ وَمَتَى يُضْرَبُ لَهُ بِسَهْمٍ؟ فَقَالَ: إِذَا احْتَلَمَ
مَنْ لَيْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَغْزُوَ بِهِ بِحَالٍ
⦗ص: 132⦘
17677 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: " غَزَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَغَزَا مَعَهُ بَعْضُ مَنْ يُعْرَفُ نِفَاقُهُ فَانْخَذَلَ عَنْهُ يَوْمَ أُحُدٍ ثَلَاثُمِائَةٍ، ثُمَّ شَهِدَ مَعَهُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، فَتَكَلَّمُوا بِمَا حَكَى اللَّهُ مِنْ قَوْلِهِمْ:{مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا} [الأحزاب: 12]
17678 -
ثُمَّ غَزَا بَنِي الْمُصْطَلِقِ فَشَهِدَهَا مَعَهُ مِنْهُمْ عَدَدٌ، فَتَكَلَّمُوا بِمَا حَكَى اللَّهُ مِنْ قَوْلِهِمْ:{لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ} [المنافقون: 8]، وَغَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا حَكَى اللَّهُ مِنْ نِفَاقِهِمِ
17679 -
ثُمَّ غَزَا غَزْوَةَ تَبُوكَ، فَشَهِدَهَا مَعَهُ مِنْهُمْ قَوْمٌ نَفَرُوا لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ لِيَقْتُلُوهُ، فَوَقَاهُ اللَّهُ شَرَّهُمْ، وَتَخَلَّفَ آخَرُونَ مِنْهُمْ فِيمَنْ بِحَضْرَتِهِ
17680 -
ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل عَلَيْهِ غَزَاةَ تَبُوكَ أَوْ مُنْصَرَفَهُ مِنْهَا مِنْ أَخْبَارِهِمْ، فَقَالَ:{وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ} [التوبة: 46] قَرَأَ إِلَى قَوْلِهِ {وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ} [التوبة: 50] فَأَظْهَرَ اللَّهُ لِرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم أَسْرَارَهُمْ وَخَبَرَ السَّمَّاعِينَ لَهُمْ وَابْتِغَاءَهُمْ أَنْ يَفْتِنُوا مَنْ مَعَهُ بِالْكَذِبِ وَالْإِرْجَافِ وَالتَّخْذِيلِ لَهُمْ، فَأَخْبَرَ أَنَّهُ كَرِهَ انْبِعَاثَهُمْ إِذْ كَانُوا عَلَى هَذِهِ إِلَيْهِ، فَكَانَ فِيهَا مَا دَلَّ عَلَى أَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَمَرَ أَنْ يُمْنَعَ مَنْ عُرِفَ بِمَا عُرِفُوا بِهِ مِنْ أَنْ يَغْزُوَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّهُ ضَرَرٌ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ زَادَ فِي تَأْكِيدِ بَيَانِ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ:{فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ} [التوبة: 81] قَرَأَ إِلَى قَوْلِهِ: {فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ} [التوبة: 83]
⦗ص: 133⦘
17681 -
ثُمَّ بَسَطَ الْكَلَامَ فِي ذَلِكَ إِلَى أَنْ قَالَ: وَلَمَّا أَنْزَلَ هَذَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَكُنْ لِيَخْرُجَ بِهِمْ أَبَدًا وَإِذَا حَرَّمَ اللَّهُ أَنْ يَخْرُجَ بِهِمْ فَلَا يُسْهَمُ لَهُمْ لَوْ شَهِدُوا الْقِتَالَ، وَلَا رَضْخَ، وَلَا شَيْءَ
17682 -
ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ: وَمَنْ كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ عَلَى خِلَافِ هَذِهِ الصِّفَةِ فَكَانَتْ فِيهِ مَنْفَعَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُغْزَا بِهِ
17683 -
قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ رَوَى مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نِيَارٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ بَدْرٍ، فَلَمَّا كَانَ بِحَرَّةِ الْوَبَرَةِ أَدْرَكَهُ رَجُلٌ كَانَ يُذْكَرُ مِنْهُ جُرْأَةٌ وَنَجْدَةٌ، فَفَرِحَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ رَأَوْهُ، فَلَمَّا أَدْرَكَهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، جِئْتُ لِأَتَّبِعَكَ وَأُصِيبَ مَعَكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ؟» قَالَ: لَا قَالَ: «فَارْجِعْ فَلَنْ أَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ» ، ثُمَّ مَضَى حَتَّى إِذَا كَانَتِ الشَّجَرَةُ أَدْرَكَهُ الرَّجُلُ فَقَالَ لَهُ كَمَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم كَمَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ قَالَ: لَا قَالَ: «فَارْجِعْ فَلَنْ أَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ» قَالَتْ: فَرَجَعَ ثُمَّ أَدْرَكَهُ بِالْبَْدَاءِ فَقَالَ لَهُ كَمَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ: «تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ؟» قَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«فَانْطَلِقْ»
⦗ص: 134⦘
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، فَذَكَرَهُ وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ وَهْبٍ وَغَيْرِهِ، عَنْ مَالِكٍ
17684 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: الَّذِي رُوِيَ مَالِكٌ، كَمَا رُوِيَ «رَدُّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُشْرِكًا أَوْ مُشْرِكِينَ فِي غَزَاةِ بَدْرٍ، وَأَبَى أَنْ يَسْتَعِينَ إِلَّا بِمُسْلِمٍ» ، ثُمَّ «اسْتَعَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ بَدْرٍ بِسِنِينَ فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ بِعَدَدٍ مِنْ يَهُودِ بَنِي قَيْنُقَاعَ كَانُوا أَشِدَّاءَ، وَاسْتَعَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ حُنَيْنٍ سَنَةَ ثَمَانٍ بِصَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ وَهُوَ مُشْرِكٌ» ، فَالرَّدُّ الْأَوَّلُ إِنْ كَانَ بِأَنَّ لَهُ الْخِيَارَ فَلَيْسَ وَاحِدٌ مِنَ الْحَدِيثَيْنِ مُخَالِفًا لِلْآخَرِ، وَإِنْ كَانَ رَدَّهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَرَ أَنْ يَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ فَقَدْ نَسَخَهُ مَا بَعْدَهُ مِنِ اسْتِعَانَتِهِ بِمُشْرِكِينَ
17685 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَعَلَّهُ رَدَّهُ رَجَاءَ إِسْلَامِهِ، وَذَلِكَ وَاسِعٌ لِلْإِمَامِ، لَهُ أَنْ يَرُدَّ الْمُشْرِكَ وَيَأْذَنَ لَهُ، وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ
تَفْرِيعُ فَرْضِ الْجِهَادِ
17686 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ} [التوبة: 123]
17687 -
قَالَ: «فَفَرَضَ اللَّهُ جِهَادَ الْمُشْرِكِينَ،
17688 -
ثُمَّ أَبَانَ مَنِ الَّذِينَ يُبْدَأُ بِجِهَادِهِمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَاعْلَمْ أَنَّهُمُ الَّذِينَ يَلُونَ الْمُسْلِمِينَ» ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ فِي التَّفْرِيعِ إِلَى أَنْ قَالَ: فَإِنِ اخْتَلَفَ حَالُ الْعَدُوِّ فَكَانَ بَعْضُهُمْ أَنْكَا مِنْ بَعْضٍ، أَوْ أَخْوَفَ، فَلْيَبْدَأْ بِالْأَخْوَفِ أَوِ الْأَنْكَا، فَقَدْ بَلَغَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي ضِرَارٍ أَنَّهُ يَجْمَعُ لَهُ، فَأَغَارَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَقُرْبُهُ عَدُوٌّ أَقْرَبُ مِنْهُ
17689 -
ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ فِي التَّفْرِيعِ، وَأَقَلُّ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَأْتِيَ عَامٌ إِلَّا وَلَهُ فِيهِ غَزْوَةٌ، حَتَّى لَا يَكُونَ الْجِهَادُ مُعَطَّلًا فِي عَامٍ إِلَّا مِنْ عُذْرٍ
17690 -
وَاحْتَجَّ بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَخْلُ مِنْ حِينَ فُرِضَ عَلَيْهِ الْجِهَادُ مِنْ أَنْ غَزَا بِنَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ فِي عَامٍ مِنْ غَزْو أَوْ غَزْوَيْنِ أَوْ سَرَايَا، وَقَدْ
⦗ص: 136⦘
كَانَ يَأْتِي عَلَيْهِ الْوَقْتُ لَا يَغْزُو فِيهِ وَلَا يُسْرَى سَرِيَّةٌ وَقَدْ يُمْكِنُهُ، وَلَكِنَّهُ يَسْتَجِمُّ وَيُجِمُّ لَهُ، وَيَدْعُو أَوْ يُظَاهِرُ الْحُجَجَ عَلَى مَنْ دَعَاهُ
17691 -
ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ فِي التَّفْرِيعِ إِلَى أَنْ قَالَ: وَإِنْ كَانَتْ دَارٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مُمْتَنِعَةً فَأَكْثَرُ مَنْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُغْزِي مِنْ كُلِّ رَجُلَيْنِ رَجُلًا فَيُخَلِّفُ الْمُقِيمَ الظَّاعِنُ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَجْهَرْ إِلَى تَبُوكَ فَأَرَادَ الرُّومَ وَكَثْرَةَ جُمُوعِهِمْ قَالَ:«لِيَخْرُجْ مِنْ كُلِّ رَجُلَيْنِ رَجُلٌ» ، وَالْمَدِينَةُ مُمْتَنِعَةٌ بِأَقَلِّ مِمَّنْ خَلَّفَ فِيهَا
17692 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَقَدْ رُوِّينَا فِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ إِلَى بَنِي لِحْيَانَ وَقَالَ:«لِيَخْرُجْ مِنْ كُلِّ رَجُلَيْنِ رَجُلٌ» ، ثُمَّ قَالَ لِلْقَاعِدِ:«أَيُّكُمْ خَلَفَ الْخَارِجَ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ بِخَيْرٍ كَانَ لَهُ مِثْلُ نِصْفِ أَجْرِ الْخَارِجِ» أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى الْمَهْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، فَذَكَرَهُ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ
17693 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: «وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُوَلِّيَ الْإِمَامُ الْغَزْوَ إِلَّا ثِقَةً فِي دِينِهِ، شُجَاعًا بِبَدَنِهِ، حَسَنَ
⦗ص: 137⦘
الْأَنَاةِ، عَاقِلًا لِلْحَرْبِ بَصِيرًا بِهَا، غَيْرَ عَجِلٍ وَلَا نَزِقٍ، وَأَنْ يَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ وَإِلَى مَنْ وَلَّاهُ أَنْ لَا يَحْمِلَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى مَهْلَكَةٍ بِحَالٍ»
17694 -
وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِي شَرْحِهِ وَذَكَرَ فِي مَوْضِعٍ
17694 -
مَا: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنِي الثَّقَفِيُّ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ سَألَهُ: إِذَا حَاصَرْتُمُ الْمَدِينَةَ كَيْفَ تَصْنَعُونَ؟ قَالَ: نَبْعَثُ الرَّجُلَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَنَصْنَعُ لَهُ هَنَةً مِنْ جُلُودٍ قَالَ: " أَرَأَيْتَ إِنْ رُمِيَ بِحَجَرٍ؟ قَالَ: إِذًا يُقْتَلُ قَالَ: فَلَا تَفْعَلُوا، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا يَسُرُّنِي أَنْ تَفْتَحُوا مَدِينَةً فِيهَا أَرْبَعَةُ آلَافِ مُقَاتِلٍ بِتَضْيِيعِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ "
17695 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: مَا ذَكَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مِنْ هَذَا احْتِيَاطٌ وَحُسْنُ نَظَرٍ لِلْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ بَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ: وَذَكَرَ أَنَّهُ يَحِلُّ لَهُمْ بِأَنْفُسِهِمْ أَنْ يَقْدِمُوا عَلَى مَا لَيْسَ عَلَيْهِمْ بِتَعَرُّضِ الْقَتْلِ لِرَجَاءِ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ
17696 -
أَلَا تَرَى أَنِّي لَا أَرَى ضِيقًا عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يَحْمِلَ عَلَى الْجَمَاعَةِ حَاسِرًا أَوْ يُبَارِزُ الرَّجُلَ، وَإِنْ كَانَ الْأَغْلَبُ أَنَّهُ مَقْتُولٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ بُورِزَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَحَمَلَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ حَاسِرًا عَلَى جَمَاعَةِ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ بَعْدَ إِعْلَامِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِيَّاهُ بِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْخَيْرِ، فَقُتِلَ
⦗ص: 138⦘
17697 -
قَالَ أَحْمَدُ: هُوَ عَوْفُ بْنُ عَفْرَاءَ فِيمَا ذَكَرَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ،
17698 -
وَأَمَّا قَوْلُ اللَّهِ عز وجل: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195] فَـ:
17699 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ هَانِئٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَنَسٍ الْقُرَشِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمَقْبُرِيُّ، أَخْبَرَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، أَخْبَرَنِي أَسْلَمُ أَبُو عِمْرَانَ، مَوْلَى تُجِيبٍ قَالَ: كُنَّا بِقُسْطَنْطِينِيَّةَ وَعَلَى أَهْلِ مِصْرَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ الْجُهَنِيُّ، وَعَلَى أَهْلِ الشَّامِ فَضَالَةُ بْنُ عُبَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ، فَخَرَجَ صَفٌّ عَظِيمٌ مِنَ الرُّومِ فَصَفَفْنَا لَهُمْ صَفًّا عَظِيمًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَحَمَلَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى صَفِّ الرُّومِ حَتَّى دَخَلَ فِيهِمْ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَيْنَا مُقْبِلًا فَصَاحَ فِي النَّاسِ، فَقَالُوا: سُبْحَانَ اللَّهِ أَلْقَى بِيَدِهِ إِلَى التَّهْلُكَةِ، فَقَالَ أَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَيُّهَا النَّاسُ: إِنَّكُمْ تَتَأَوَّلُونَ هَذِهِ الْآيَةَ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ، وَإِنَّمَا أُنْزِلَتْ فِينَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، إِنَّا لَمَّا أَعَزَّ اللَّهُ دِينَهُ وَكَثَّرَ نَاصِرِيهِ قَالَ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ سِرًّا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ أَمْوَالَنَا قَدْ ضَاعَتْ فَلَوْ أَقَمْنَا فِيهَا فَأَصْلَحْنَا مِنْهَا، فَرَدَّ اللَّهُ عَلَيْنَا مَا هَمَمْنَا بِهِ قَالَ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ تبارك وتعالى: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195]، فَكَانَتِ التَّهْلُكَةُ فِي الْإِقَامَةِ عَلَى أَمْوَالِنَا الَّتِي أَرَدْنَا فَأَمَرَنَا بِالْغَزْوِ، فَمَازَالَ أَبُو أَيُّوبَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ
17700 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَالِاخْتِيَارُ أَنْ يَتَحَرَّزَ، وَذَكَرَ مَا: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو سَعِيدٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ظَاهَرَ يَوْمَ أُحُدٍ بَيْنَ دِرْعَيْنِ»
17701 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَرَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ الرَّمَادِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ يَزِيدَ، عَنِ السَّائِبِ، عَنْ رَجُلٍ، مِنْ بَنِي تَيْمٍ، عَنْ طَلْحَةَ
17702 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَقَدْ رُوِّينَا فِيمَا نَدَبَ إِلَيْهِ الشَّافِعِيُّ يَرْحَمُهُ اللَّهُ كُلَّ مَنْ يَلِي أَمْرًا مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْجَهْدِ فِي مَصْلَحَتِهِمْ وَالنُّصْحِ لَهُمْ وَالرَّحْمَةِ عَلَيْهِمْ، حَدِيثَ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَا مِنْ أَمِيرٍ يَلِي أَمْرَ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ لَا يَجْهَدُ لَهُمْ وَلَا يَنْصَحُ إِلَّا لَمْ يَدْخُلْ مَعَهُمُ الْجَنَّةَ»
17703 -
وَحَدِيثُ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا يَرْحَمُ اللَّهُ مَنْ لَا يَرْحَمِ النَّاسَ»
17704 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، ح
17706 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ الْفَقِيهُ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالْأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ عَلَيْهِمْ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُ، وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ، فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ، عَنْ مَالِكٍ وَأَخْرَجَاهُ مِنْ أَوْجُهٍ أُخَرَ
بَابُ النَّفِيرِ
17706 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرِ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} [النساء: 95]
17707 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: «وَبَيِّنٌ إِذْ وَعَدَ اللَّهُ الْقَاعِدِينَ غَيْرَ أُولِي الضَّرَرِ الْحُسْنَى أَنَّهُمْ لَا يَأْثَمُونَ بِالتَّخَلُّفِ، وَيُوعَدُنَ الْحُسْنَى فِي التَّخَلُّفِ
⦗ص: 143⦘
، بَلْ وَعَدَهُمْ لَمَّا وَسَّعَ عَلَيْهِمْ مِنَ التَّخَلُّفِ، الْحُسْنَى إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ لَمْ يَتَخَلَّفُوا شَكًّا وَلَا سُوءَ نِيَّةٍ، وَإِنْ تَرَكُوا الْفَضْلَ فِي الْغَزْوِ» وَأَبَانَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِي قَوْلِهِ فِي النَّفِيرِ:{انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا} [التوبة: 41]، وَقَالَ:{إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [التوبة: 39]
17708 -
وَقَالَ: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ} [التوبة: 122]، فَأَعْلَمَهُمْ أَنَّ فَرْضَهُ الْجِهَادِ عَلَى الْكِفَايَةِ مِنَ الْمُجَاهِدِينَ
17709 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَمْ يَغْزُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَزَاةً عَلِمْتُهَا إِلَّا تَخَلَّفَ فِيهَا عَنْهُ بَشَرٌ، فَغَزَا بَدْرًا وَتَخَلَّفَ عَنْهُ رِجَالٌ مَعْرُوفُونَ
17710 -
وَكَذَلِكَ تَخَلَّفَ عَنْهُ عَامَ الْفَتْحِ وَغَيْرَهُ مِنْ غَزَوَاتِهِ وَقَالَ فِي غَزَاةِ تَبُوكَ وَفِي تَجْهِيزِهِ لِلْجَمْعِ لِلرُّومِ: «لِيَخْرُجْ مِنْ كُلِّ رَجُلَيْنِ رَجُلٌ، فَيُخْلِفِ الْبَاقِي الْغَازِيَ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ»
⦗ص: 144⦘
17711 -
وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: وَخَلَّفَ آخَرِينَ، حَتَّى خَلَّفَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فِي غَزَاةِ تَبُوكَ قَالَ: هَاهُنَا
17712 -
وَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جُيُوشًا وَسَرَايَا تَخَلَّفَ عَنْهَا بِنَفْسِهِ مَعَ حِرْصِهِ عَلَى الْجِهَادِ
17713 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَدَلَّ كِتَابُ اللَّهِ وَسُنَّةُ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ فَرْضَ الْجِهَادِ إِنَّمَا هُوَ عَلَى أَنْ يَقُومَ بِهِ مَنْ فِيهِ كِفَايَةٌ لِلْقِيَامِ بِهِ
17714 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَأَبَانَ أَنْ لَوَ تَخَلَّفُوا مَعًا أَثِمُوا مَعًا بِالتَّخَلُّفِ لِقَوْلِهِ: {إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [التوبة: 39] يَعْنِي، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، إِلَّا أَنْ تَرَكْتُمُ النَّفِيرَ كُلُّكُمْ عَذَّبْتُكُمْ
17715 -
وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، وَجَعَلَهُ شَبِيهًا بِالصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَازَةِ وَرَدِّ السَّلَامِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ فَرَائِضِ الْكِفَايَاتِ "
بَابُ جَامِعِ السَّيْرِ
17716 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: " الْحُكْمُ فِي الْمُشْرِكِينَ حُكْمَانِ: فَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ مِنْ أَهْلِ الْأَوْثَانِ وَمَنْ عَبَدَ مَا اسْتَحْسَنَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ كَانُوا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُمُ الْجِزْيَةَ وَيُقَاتِلَهُمْ إِذَا قَوِيَ عَلَيْهِمْ حَتَّى يَقْتُلَهُمْ أَوْ يُسْلِمُوا، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تبارك وتعالى:{فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: 5]
17717 -
وَلِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَإِذَا قَالُوهَا فَقَدْ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ "
17718 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، قَالُوا: حَدَّثَنَا
⦗ص: 147⦘
أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا أَزَالُ أُقَاتِلُ النَّاسَ» فَذَكَرُوا هَذَا الْحَدِيثَ
17719 -
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ عُمَرَ، قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ فِيمَنْ مَنَعَ الصَّدَقَةَ: أَلَيْسَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " لَا أَزَالُ أُقَاتِلُ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَإِذَا قَالُوهَا فَقَدْ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ "؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذَا مِنْ حَقِّهَا يَعْنِي مَنْعَهُمُ الصَّدَقَةَ.
17720 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: فِي رِوَايَتِنَا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، " مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ الْمُحَارِبِينَ قُوتِلُوا حَتَّى يُسْلِمُوا أَوْ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ، فَإِذَا أَعْطَوْهَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُسْلِمِينَ قَتْلُهُمْ وَلَا إِكْرَاهُهُمْ عَلَى غَيْرِ دِينِهِمْ لِقَوْلِ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29] "
17721 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبَانَ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا بَعَثَ جَيْشًا أَمَّرَ عَلَيْهِمْ أَمِيرًا وَقَالَ: " فَإِذَا لَقِيتَ عَدُوًّا مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَادْعُهُمْ إِلَى ثَلَاثِ خِلَالٍ - أَوْ ثَلَاثِ خِصَالٍ، شَكَّ عَلْقَمَةُ -: ادْعُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ، فَإِنْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى التَّحَوُّلِ مِنْ دَارِهِمْ إِلَى دَارِ الْمُهَاجِرِينَ وَأَخْبِرْهُمْ أَنَّهُمْ إِنْ فَعَلُوا أَنَّ لَهُمُ مَا لِلْمُهَاجِرِينَ وَأَنَّ عَلَيْهِمْ مَا عَلَيْهِمْ، وَإِنِ اخْتَارُوا الْمُقَامَ فِي دَارِهِمْ أَنَّهُمْ كَأَعْرَابِ الْمُسْلِمِينَ يَجْرِي عَلَيْهِمْ حُكْمُ اللَّهِ كَمَا يَجْرِي عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَلَيْسَ لَهُمْ
⦗ص: 148⦘
فِي الْفَيْءِ شَيْءٌ إِلَّا أَنْ يُجَاهِدُوا مَعَ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ لَمْ يُجِيبُوكَ إِلَى الْإِسْلَامِ فَادْعُهُمْ إِلَى أَنْ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ، فَإِنْ فَعَلُوا فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَدَعْهُمْ، وَإِنْ أَبَوْا فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَقَاتِلْهُمْ " أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَشُعْبَةَ، عَنْ عَلْقَمَةَ وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي قِصَّةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ قَدْ أَخْرَجَاهُ كَمَا مَضَى
17722 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: حَدِيثُ ابْنِ بُرَيْدَةَ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ خَاصَّةً كَمَا كَانَ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي أَهْلِ الْأَوْثَانِ خَاصَّةً قَالَ: وَلَيْسَتْ وَاحِدَةٌ مِنَ الِاثْنَتَيْنِ نَاسِخَةً لِلْأُخْرَى، وَلَا وَاحِدٌ مِنَ الْحَدِيثَيْنِ نَاسِخًا لِلْآخَرِ وَلَا مُخَالِفًا لَهُ، وَلَكِنْ إِحْدَى الِاثْنَتَيْنِ وَأَحَدُ الْحَدِيثَيْنِ مِنَ الْكَلَامِ الَّذِي مَخْرَجُهُ مَخْرَجٌ عَامٌّ بِرِوَايَةِ الْخَاصِّ، وَمِنَ الْمُجْمَلِ الَّتِي يَدُلُّ عَلَيْهَا الْمُفَسِّرُ، وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِي شَرْحِهِ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ
17723 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا بَعَثَ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ أَوْصَاهُ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ بِتَقْوَى اللَّهِ وَبِمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا، ثُمَّ قَالَ: «اغْزُوا بِاسْمِ اللَّهِ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ، قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ، اغْزُوا وَلَا تَغُلُّوا وَلَا تَغْدِرُوا وَلَا
⦗ص: 149⦘
تُمَثِّلُوا وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا، وَإِذَا لَقِيتَ عَدُوَّكَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَادْعُهُمْ إِلَى إِحْدَى ثَلَاثِ خِصَالٍ أَوْ خِلَالٍ، فَأَيَّتُهُمْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ»، ثُمَّ ذَكَرَ مَعْنَى رِوَايَةِ الشَّافِعِيِّ
السَّلَبُ لِلْقَاتِلِ
17724 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو سَعِيدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ، مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ يَوْمَ حُنَيْنٍ:«مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ»
⦗ص: 151⦘
17725 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهَذَا حَدِيثٌ ثَابِتٌ صَحِيحٌ لَا مُخَالِفَ لَهُ عَلِمْتُهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا قَالَهُ بَعْدَ نَقْضِ الْحَرْبِ لِأَنَّهُ وَجَدَ سَلَبَ قَتِيلِ أَبِي قَتَادَةَ فِي يَدَيْ رَجُلٍ فَأَخْرَجَهُ مِنْ يَدِهِ، وَقَدْ قَالَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ حُنَيْنٍ، وَفِي غَيْرِ يَوْمٍ مِنْ مَغَازِيهِ، وَقَالَهُ مَنْ بَعْدَهُ مِنَ الْأَئِمَّةَ
17726 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ يُسَمَّى شِيرَ بْنَ عَلْقَمَةَ قَالَ: بَارَزْتُ رَجُلًا يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ فَبَلَغَ سَلَبُهُ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا فَنَفَلَنِيهِ سَعْدٌ
17727 -
قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ ذَكَرْنَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ أَتَمَّ مِنْ هَذَا فِي كِتَابِ قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ
الرَّجُلُ يَمُوتُ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ قَبْلَ الْغَنِيمَةِ
17728 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ اخْتِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْأَوْزَاعِيِّ، قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ:«فِي الرَّجُلِ يَمُوتُ فِي دَارِ الْحَرْبِ، أَوْ يُقْتَلُ، إِنَّهُ لَا يُضْرَبُ لَهُ بِسَهْمٍ فِي الْغَنِيمَةِ»
17729 -
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: «أَسْهَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِرَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ قُتِلَ بِخَيْبَرَ»
17730 -
وَأَجْمَعَتْ أَئِمَّةُ الْهُدَى عَلَى الْإِسْهَامِ لِمَنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ
17731 -
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: حَدَّثَنَا بَعْضُ أَشْيَاخِنَا، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ لَمْ يَضْرِبْ لِأَحَدٍ مِمَّنِ اسْتُشْهِدَ مَعَهُ بِسَهْمٍ فِي شَيْءٍ مِنَ الْمَغَانِمِ قَطُّ، وَأَنَّهُ لَمْ يَضْرِبْ لِعُبَيْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ فِي غَنِيمَةِ بَدْرٍ، وَمَاتَ بِالصَّفْرَاءِ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ الْمَدِينَةَ "
17732 -
قَالَ أَبُو يُوسُفَ: مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَهُوَ كَمَا قَالَ، وَلِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْفَيْءِ وَفِي غَيْرِهِ حَالٌ لَيْسَتْ لِغَيْرِهِ
⦗ص: 153⦘
17733 -
قَدْ أَسْهَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فِي بَدْرٍ وَلَمْ يَشْهَدْهَا قَالَ: وَأَجْرِي يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «وَأَجْرُكَ»
17734 -
وَأَسْهَمَ أَيْضًا لِطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ فِي بَدْرٍ وَلَمْ يَشْهَدْهَا، فَقَالَ: وَأَجْرِي؟ قَالَ: «وَأَجْرُكَ»
17735 -
وَلَوْ أَنَّ إِمَامًا مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ أَشْرَكَ قَوْمًا لَمْ يَغْزُوا مَعَ الْجُنْدِ لَمْ يُسَغْ ذَلِكَ لَهُ، وَكَانَ مُسِيئًا، وَلَا نَعْلَمُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَسْهَمَ لِأَحَدٍ مِنَ الْغَنِيمَةِ مِمَّنْ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ، وَلَا يَوْمَ حُنَيْنٍ، وَلَا يَوْمَ خَيْبَرَ، فَقَدْ قُتِلَ بِهَا رَهْطٌ مَعْرُوفُونَ
17736 -
فَعَلَيْكَ مِنَ الْحَدِيثِ مَا تَعْرِفُهُ الْعَامَّةُ، وَإِيَّاكَ وَالشَّاذَّ مِنْهُ
17737 -
فَإِنَّهُ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ أَبِي كَرِيمَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ دَعَا الْيَهُودَ فَسَأَلَهُمْ فَحَدَّثُوهُ حَتَّى كَذَبُوا عَلَى عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عليه السلام، فَصَعِدَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمِنْبَرِ فَخَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ:«إِنَّ الْحَدِيثَ سَيَفْشُو عَنِّي، فَمَا أَتَاكُمْ عَنَى يُوَافِقُ الْقُرْآنَ فَهُوَ عَنِّي، وَمَا أَتَاكُمْ عَنِّي يُخَالِفُ الْقُرْآنَ فَلَيْسَ عَنِّي»
17738 -
وَعَنْ مِسْعَرِ بْنِ كِدَامٍ، وَالْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ الطَّائِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، أَنَّهُ قَالَ:«إِذَا أَتَاكُمُ الْحَدِيثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَظُنُّوا بِهِ الَّذِي هُوَ أَهْدَى، وَالَّذِي هُوَ أَتْقَى، وَالَّذِي هُوَ أَهْيَا»
⦗ص: 154⦘
17739 -
وَعَنْ أَشْعَثَ بْنِ سَوَّارٍ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ قَرَظَةَ بْنِ كَعْبٍ الْأَنْصَارِيِّ، أَنَّهُ قَالَ:" أَقْبَلْتُ فِي رَهْطٍ مِنَ الْأَنْصَارِ إِلَى الْكُوفَةِ فَتَبِعَنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَمْشِي حَتَّى انْتَهَى إِلَى مَكَانٍ قَدْ سَمَّاهُ ثُمَّ قَالَ: هَلْ تَدْرُونَ لِمَ مَشَيْتُ مَعَكُمْ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ؟ قَالُوا: نَعَمْ، لِحَقِّنَا قَالَ: إِنَّ لَكُمْ لَحَقًّا، وَلَكِنَّكُمْ تَأْتُونَ قَوْمًا لَهُمْ دَوِيُّ بِالْقُرْآنِ كَدَوِيِّ النَّحْلِ، فَأَقِلُّوا الرِّوَايَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا شَرِيكُكُمْ " فَقَالَ قَرَظَةُ: لَا أُحَدِّثُ حَدِيثًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَبَدًا
17740 -
وَكَانَ عُمَرُ فِيمَا بَلَغَنَا لَا يَقْبَلُ الْحَدِيثَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا بِشَاهِدَيْنِ
17741 -
وَكَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ لَا يَقْبَلُ الْحَدِيثَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى يُسْتَحْلَفَ مَعَهُ
⦗ص: 155⦘
17742 -
قَالَ أَبُو يُوسُفَ: حَدَّثَنَا الثِّقَةُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ:«إِنِّي لَا أُحَرِّمُ إِلَّا مَا حَرَّمَ الْقُرْآنُ، وَلَا أُحِلُّ إِلَّا مَا أَحَلَّ الْقُرْآنُ، وَاللَّهِ لَا تُمْسِكُونَ عَلَيَّ بِشَيْءٍ»
17743 -
قَالَ أَبُو يُوسُفَ: فَاجْعَلِ الْقُرْآنَ وَالسُّنَّةَ الْمَعْرُوفَةَ إِمَامًا وَقَائِدًا، وَأَتْبِعْ ذَلِكَ، وَقِسْ بِهِ مَا يَرِدُ عَلَيْكَ
17744 -
حَدَّثَنَا الثِّقَةُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي قِسْمَةِ هَوَازِنَ، أَنَّ وَفْدَ هَوَازِنَ سَأَلُوهُ، فَقَالَ:«أَمَّا مَا كَانَ لِي وَلِبَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَهُوَ لَكُمْ، وَأَسْأَلُ لَكُمُ النَّاسَ إِذَا صَلَّيْتُ الظُّهْرَ، فَقُومُوا» فَقُولُوا: إِنَّا نَسْتَشْفِعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَبِالْمُسْلِمِينَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَفَعَلُوا ذَلِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«أَمَّا مَا كَانَ لِي وَلِبَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَهُوَ لَكُمْ» ، فَقَالَ الْمُهَاجِرُونَ: وَمَا كَانَ لَنَا فَهُوَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ الْأَنْصَارُ مِثْلَ ذَلِكَ وَقَالَ عَبَّاسُ بْنُ مِرْدَاسٍ: أَمَّا مَا كَانَ لَنَا وَلِبَنِي سُلَيْمٍ فَلَا وَقَالَتْ بَنُو سُلَيْمٍ: أَمَّا مَا كَانَ لَنَا فَهُوَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ: أَمَّا مَا كَانَ لِي وَلِبَنِي تَمِيمٍ فَلَا
⦗ص: 156⦘
وَقَالَ عُيَيْنَةُ: أَمَّا مَا كَانَ لِي وَلِبَنِي فَزَارَةَ فَلَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ يُمْسِكُ بِحِصَّتِهِ مِنْ هَذَا الْفَيْءِ فَلَهُ بِكُلِّ رَأْسٍ سِتَّةُ فَرَائِضَ مِنْ أَوَّلِ فَيْءٍ نُصِيبُهُ» ، فَرُدُّوا النَّاسَ أَبْنَاءَهُمْ وَنِسَاءَهُمْ، وَرَدَّ النَّاسُ مَا كَانَ فِي أَيْدِيهِمْ
17745 -
قَالَ أَبُو يُوسُفَ: وَلِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا حَالٌ لَا تُشْبِهُ حَالَ النَّاسِ، وَلَوْ أَنَّ إِمَامًا أَمَرَ جُنْدًا أَنْ يَدْفَعُوا مَا فِي أَيْدِيهِمْ مِنَ السَّبْيِ إِلَى أَصْحَابِ السَّبْيِ بِسِتَّةِ فَرَائِضَ كُلُّ رَأْسٍ، لَمْ يُجَزْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا بَلَغَنَا قَدْ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَةً، وَهَذَا حَيَوَانٌ بِعَيْنِهِ بِحَيَوَانٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ.
17746 -
17747 -
وَأَمَّا مَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَسْهَمَ لِعُثْمَانَ وَلِطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ فَقَدْ فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَسْهَمَ لَتِسْعَةٍ أَوْ ثَمَانِيَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ لَمْ يَشْهَدُوا بَدْرًا، وَإِنَّمَا نَزَلَ تَخْمِيسُ الْغَنِيمَةِ وَقَسْمُ الْأَرْبَعَةِ أَخْمَاسٍ بَعْدَ بَدْرٍ
17748 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَدْ قِيلَ: أَعْطَاهُمْ مِنْ سَهْمِهِ كَسَهْمَانِ مَنْ حَضَرَ، فَأَمَّا الرِّوَايَةُ الْمُتَظَاهِرَةُ عِنْدَنَا فَكَمَا وَصَفْتُ
⦗ص: 157⦘
17749 -
قَالَ اللَّهُ عز وجل: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} [الأنفال: 1] إِلَى: {إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [البقرة: 91]
17750 -
فَكَانَتْ غَنَائِمُ بَدْرٍ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَضَعُهَا حَيْثُ شَاءَ
17751 -
وَإِنَّمَا نَزَلَتْ: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} [الأنفال: 41] بَعْدَ بَدْرٍ، وَقَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كُلَّ غَنِيمَةٍ بَعْدَ بَدْرٍ عَلَى مَا وَصَفْتُ لَكَ بِرَفْعِ خُمُسِهَا، ثُمَّ تَقْسِيمُ أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِهَا، وَافِرًا عَلَى مَنْ حَضَرَ الْحَرْبَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، إِلَّا السَّلَبَ فَإِنَّهُ سَنَّ أَنَّهُ لِلْقَاتِلِ فِي الْإِقْبَالِ، فَكَانَ السَّلَبُ خَارِجًا مِنْهُ، وَإِلَّا الصَّفِيَّ فَإِنَّهُ قَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ فَقِيلَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْخُذُهُ فَارِغًا مِنَ الْغَنِيمَةِ، وَقِيلَ: كَانَ يَأْخُذُهُ مِنْ سَهْمِهِ مِنَ الْخُمُسِ
17752 -
وَإِلَّا الْبَالِغِينَ مِنَ السَّبْيِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَنَّ فِيهِمْ سُنَنًا، فَقَتَلَ بَعْضَهُمْ، وَفَادَى بَعْضَهُمْ، وَمَنَّ عَلَى بَعْضِهِمْ، وَفَادَى بِبَعْضِهِمْ أَسْرَى الْمُسْلِمِينَ
17753 -
وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي سَبْيِ هَوَازِنَ، وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَوْهَبَهُمُ الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ كَمَا قَالَ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ سَلَّمَ لِلْمُسْلِمِينَ حُقُوقَهُمْ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا مَا طَابُوا عَنْهُ أَنْفُسًا
17754 -
وَأَمَّا قَوْلُهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ضَمِنَ سِتَّ فَرَائِضَ لِكُلِّ سَبْيٍ شَحَّ بِهِ صَاحِبُهُ فَكَمَا قَالَ، وَلَمْ يُكْرِهْهُمْ عَلَى أَنْ يَحْتَالُوا عَلَيْهِ بِسِتِّ فَرَائِضَ، إِنَّمَا أَعْطَاهُمْ إِيَّاهَا ثَمَنًا عَنْ رِضًا مِمَّنْ قَبِلَهُ، فَلَمْ يَرْضَهُ عُيَيْنَةُ، فَأَخَذَ عَجُوزًا فَقَالَ: أَعِيرُ بِهَا هَوَازِنَ، فَمَا أَخْرَجَهَا مِنْ يَدِهِ حَتَّى قَالَ لَهُ بَعْضُ مَنْ خَدَعَهُ عَنْهَا، أَرْغَمَ اللَّهُ أَنْفَكَ
⦗ص: 158⦘
، فَوَاللَّهِ لَقَدْ أَخَذْتَهَا مَا ثَدْيُهَا بِنَاهِدٍ، وَلَا بَطْنُهَا بِوَالِدٍ، وَلَا جَدُّهَا بِمَاجِدٍ قَالَ: حَقًّا مَا تَقُولُ قَالَ: إِي وَاللَّهِ قَالَ: فَأَبْعَدَكَ اللَّهُ وَإِيَّاهَا، وَلَمْ يَأْخُذْ بِهَا عِوَضًا
17755 -
وَأَمَّا قَوْلُهُ: نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ الْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَةً، فَهَذَا غَيْرُ ثَابِتٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَدْ كَانَ قَوْلُهُ أَنْ يَبْدَأَ بِنَفْسِهِ فِيمَا أَمَرَ بِهِ أَنْ لَا يُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَّا مِنَ الثِّقَاتِ
17756 -
وَقَدْ أَجَازَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْعَ الْحَيَوَانِ نَسِيئَةً، وَاسْتَسْلَفَ بَعِيرًا، أَوْ قَضَى مِثْلَهُ، أَوْ خَيْرًا مِنْهُ
17757 -
وَهُوَ يُجِيزُ الْحَيَوَانَ نَسِيئَةً فِي الْكِتَابَةِ، وَمُهُورِ النِّسَاءِ، وَالدِّيَاتِ
17758 -
فَإِنْ زَعَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَضَى بِهَا فِي الدِّيَاتِ بِصِفَةٍ إِلَى ثَلَاثِ سِنِينَ فَقَدْ أَجَازَهَا نَسِيئَةً فَكَيْفَ زَعَمَ أَنَّهُ لَا يُجِيزُهَا نَسِيئَةً؟ وَإِنْ زَعَمَ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ أَجَازُوهَا فِي الْكِتَابَةِ وَمُهُورِ النِّسَاءِ نَسِيئَةً، فَكَيْفَ رَغِبَ عَمَّا اخْتَارَ الْمُسْلِمُونَ وَدَخَلَ مَعَهُمْ فِيهَا؟
17759 -
وَأَمَّا مَا ذَكَرَ مِنْ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا يُمْسِكَنَّ النَّاسُ عَلَيَّ بِشَيْءٍ، فَإِنِّي لَا أُحِلُّ لَهُمْ إِلَّا مَا أَحَلَّ اللَّهُ، وَلَا أُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ إِلَّا مَا حَرَّمَ اللَّهُ» ، فَمَا أَحَلَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا قَطُّ لِلَّهِ فِيهِ حُكْمٌ إِلَّا بِمَا أَحَلَّهُ اللَّهُ، وَكَذَلِكَ مَا حَرَّمَ شَيْئًا قَطُّ لِلَّهِ فِيهِ حُكْمٌ إِلَّا بِمَا حَرَّمَ، وَبِذَلِكَ أَمَرَ، وَكَذَلِكَ افْتَرَضَ عَلَيْهِ
17760 -
قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الزخرف: 43]، فَفَرَضَ عَلَيْهِ الِاسْتِمْسَاكَ بِمَا أُوحِيَ إِلَيْهِ، وَشَهِدَ لَهُ بِأَنَّهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ
⦗ص: 159⦘
17761 -
وَكَذَلِكَ قَالَ: {وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الشورى: 52]، فَأَخْبَرَ أَنَّهُ فَرَضَ عَلَيْهِ اتِّبَاعَ مَا أَنْزَلَ، وَشَهِدَ لَهُ بِأَنَّهُ هَادٍ مُهْتَدٍ، وَكَذَلِكَ يَشْهَدُ لَهُ
17762 -
وَأَمَّا قَوْلُهُ: «لَا يُمْسِكَنَّ النَّاسُ عَلَيَّ بِشَيْءٍ» ، فَإِنَّ اللَّهَ أَحَلَّ لَهُ أَشْيَاءَ حَظَرَهَا عَلَى غَيْرِهِ مِنْ عَدَدِ النِّسَاءِ، وَأَنْ يَأْتَهِبَ الْمَرْأَةَ مِنْ غَيْرِ مَهْرٍ،
17763 -
وَفَرَضَ عَلَيْهِ أَشْيَاءَ خَفَّفَهَا عَنْ غَيْرِهِ مِثْلَ فَرْضِهِ عَلَيْهِ أَنْ يُخَيِّرَ نِسَاءَهُ، وَلَمْ يَفْرِضْ هَذَا عَلَى غَيْرِهِ، فَقَالَ:«لَا يُمْسِكَنَّ النَّاسُ عَلَيَّ بِشَيْءٍ» ، يَعْنِي مِمَّا أُخِصَّ بِهِ دُونَهُمْ
17764 -
فَأَمَّا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مِنْ إِبْطَالِ الْحَدِيثِ وَعَرْضِهِ عَلَى الْقُرْآنِ فَلَوْ كَانَ كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ كَانَ مَحْجُوجًا بِهِ، وَلَيْسَ يُخَالِفُ الْحَدِيثُ الْقُرْآنَ وَلَكِنْ حَدِيثُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُبَيِّنًا - يَعْنِي مَا أَرَادَ خَاصًّا وَعَامًّا، وَنَاسِخًا وَمَنْسُوخًا - ثُمَّ يَلْزَمُ النَّاسُ مَا سَنَّ بِفَرْضِ اللَّهِ، فَمَنْ قَبِلَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَعَنِ اللَّهِ قَبِلَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ أَبَانَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِهِ، وَقَرَأَ الْآيَاتِ فِي ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: وَبَيَّنَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
17765 -
أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:" لَا أَعْرِفَنَّ مَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْأَمْرُ مِنْ أَمْرِي مِمَّا أَمَرْتُ بِهِ أَوْ نَهَيْتُ عَنْهُ فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي مَا هَذَا، مَا وَجَدْنَا فِي كِتَابِ اللَّهِ أَخَذْنَا بِهِ "
⦗ص: 160⦘
17766 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَوْ كَانَ كَمَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ دَخْلٌ لِمَنْ رَدَّ الْحَدِيثَ مَا احْتَجَّ بِهِ عَلَى الْأَوْزَاعِيِّ، فَلَمْ يَجُزْ لَهُ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ، وَلَا تَحْرِيمُ الْجَمْعِ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا، وَلَا تَحْرِيمُ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ وَغَيْرُ ذَلِكَ
الْغَنِيمَةُ لِمَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ
17767 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ رحمه الله قَالَ: مَعْلُومٌ عِنْدَ غَيْرِ وَاحِدٍ مِمَّنْ لَقِيتُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالرِّدَّةِ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه قَالَ:«إِنَّمَا الْغَنِيمَةُ لِمَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ»
17768 -
وَأَخْبَرَنَا الثِّقَةُ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ، عَنْ شُعْبَةَ بْنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ:«إِنَّمَا الْغَنِيمَةُ لِمَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ»
17769 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَبِهَذَا نَقُولُ
17770 -
وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم شَيْءٌ يَثْبُتُ فِي مَعْنَى مَا رَوَى عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ لَا يَحْضُرْنِي حِفْظُهُ
17771 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَإِنَّمَا أَرَادَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، مَا
⦗ص: 162⦘
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، أَخْبَرَنِي عَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:" قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ بِخَيْبَرَ بَعْدَمَا فَتَحُوهَا، فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُسْهِمَ لِي مِنَ الْغَنِيمَةِ، فَقَالَ بَعْضُ بَنِي سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ: لَا تُسْهِمْ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: هَذَا قَاتِلُ ابْنِ قَوْقَلٍ، فَقَالَ ابْنُ سَعِيدٍ: يَا عَجَبًا لِوَبْرٍ قَدْ تَدَلَّى عَلَيْنَا مِنْ قَدُومٍ ضَالٍّ يُعَيِّرُنِي عَلَى قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ أَكْرَمَهُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْ، وَلَمْ يُهِنِّي عَلَى يَدَيْهِ "
17772 -
قَالَ سُفْيَانُ: حَدَّثَنَِيهِ السَّعِيدِيُّ أَيْضًا، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنِ الْحُمَيْدِيِّ
17773 -
وَاسْمُ السَّعِيدِيِّ عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ
17774 -
قَالَ أَحْمَدُ: ثُمَّ رُوِّينَا عَنْ خُثَيْمِ بْنِ عِرَاكٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ نُفَيْرٍ، مِنْ بَنِي غِفَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي قِصَّةِ قُدُومِهِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ فَتَحَ خَيْبَرَ قَالَ: وَكَلَّمَ الْمُسْلِمِينَ فَأَشْرَكُونَا فِي سُهْمَانِهِمْ
17775 -
وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْ خُثَيْمٍ، بِإِسْنَادِهِ قَالَ: وَاسْتَأْذَنَ النَّاسَ أَنْ يَقْسِمَ لَنَا مِنَ الْغَنَائِمِ، فَأَذِنُوا لَهُ، فَقَسَمَ لَنَا
17776 -
وَفِي ذَلِكَ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُمْ لَمْ يَسْتَحِقُّوهَا حِينَ كَانَ قُدُومُهُمْ بَعْدَ تَقَضِّي الْحَرْبِ حَتَّى اسْتَأْذَنَ أَصْحَابَهُ فِي الْقَسْمِ لَهُمْ وَقَدْ
⦗ص: 163⦘
أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ الزُّبَيْدِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَنَّ عَنْبَسَةَ بْنَ سَعِيدٍ أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «بَعَثَ أَبَانَ بْنَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ عَلَى سَرِيَّةٍ مِنَ الْمَدِينَةِ قِبَلَ نَجْدٍ» ، فَقَدِمَ أَبَانُ بْنُ سَعِيدٍ وَأَصْحَابُهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِخَيْبَرَ بَعْدَ أَنْ فَتَحَهَا، وَإِنَّ حُزُمَ خَيْلِهِمْ لِيفٌ، فَقَالَ أَبَانُ: اقْسِمْ لَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: لَا تَقْسِمُ لَهُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ أَبَانُ: أَنْتَ بِهَا يَا وَبْرُ تَحَدَّدَ عَلَيْنَا مِنْ رَأْسٍ ضَالٍّ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«اجْلِسْ يَا أَبَانُ» ، «وَلَمْ يَقْسِمْ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم»
17777 -
قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَيُذْكَرُ عَنِ الزُّبَيْدِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، فَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ
17778 -
وَهَذَا لِأَنَّ سَعِيدَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَوَاهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِهَذَا الْمَعْنَى، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ مِنَ الثِّقَاتِ
17779 -
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الزُّهْرِيُّ رَوَاهُ عَنْهُمَا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَأَبَانُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ: لَا تَقْسِمْ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَلَمْ يَقْسِمْ لِأَبَانَ وَقَسَمَ لِأَبِي هُرَيْرَةَ بِإِذْنِ أَصْحَابِهِ كَمَا رُوِّينَا فِي حَدِيثِ خُثَيْمِ بْنِ عِرَاكٍ، وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ كَانَ قَسَمُهُ لِمَنْ قَدِمَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَبَشَةِ مَعَ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ
17780 -
وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ فِي قِصَّةِ جَعْفَرٍ قَالَ: فَوَافَقْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ افْتَتَحَ خَيْبَرَ فَأَسْهَمَ لَنَا، أَوْ قَالَ: أَعْطَانَا مِنْهَا
⦗ص: 164⦘
17781 -
فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمْ صَادَفُوهُ قَبْلَ نَقْضِ الْحَرْبِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَعْطَاهُمْ مِنْ سَهْمِهِ إِنْ كَانَ مَجِيئُهُمْ بَعْضَ مُضِيِّ الْحَرْبِ، أَوْ سَأَلَ أَصْحَابَهُ أَنْ يُشْرِكُوهُ فِي مَقَاسِمِهِمْ، فَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ
17782 -
وَاحْتَجَّ بَعْضُ مَنْ أَشْرَكَ الْمَدَدَ فِي الْغَنِيمَةِ، وَإِنْ لَمْ يَحْضُرِ الْوَقْعَةَ، بِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ضَرَبَ لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فِي غَنَائِمِ بَدْرٍ بِسَهْمٍ وَلَمْ يَحْضُرْهَا؛ لِأَنَّهُ كَانَ غَائِبًا فِي حَاجَةِ اللَّهِ وَحَاجَةِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، فَجَعَلَهُ كَمَنْ حَضَرَهَا، فَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ غَابَ عَنِ الْوَقْعَةِ بِشُغْلٍ شَغَلَهُ بِهِ الْإِمَامُ مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ
17783 -
وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ هَذَا الْقَائِلُ يَبْطُلُ بِطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَسَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نَوْفَلٍ، فَإِنَّهُمَا كَانَا خَرَجَا إِلَى الشَّامِ فِي تِجَارَةٍ لَهُمَا قَبْلَ خُرُوجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى بَدْرٍ، وَقَدِمَا بَعْدَمَا رَجَعَ مِنْ بَدْرٍ، فَكَلَّمَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَهْمِهِمَا، فَجَعَلَ لَهُمَا سَهْمَهُمَا، وَفِي نَصِّ الْكِتَابِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ غَنَائِمَ بَدْرٍ كَانَتْ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خَاصَّةً، فَكَانَ يُعْطِي مِنْهَا مَنْ شَاءَ
17784 -
وَإِنَّمَا نَزَلَتِ الْآيَةُ فِي تَخْمِيسِ الْغَنَائِمِ، وَقَسْمِهَا بَيْنَ الْغَانِمِينَ بَعْدَ بَدْرٍ
17785 -
وَبَعْدَ نُزُولِ الْآيَةِ لَا نَعْلَمُهُ قَسَمَ لِأَحَدٍ لَمْ يَحْضُرِ الْوَقْعَةَ كَمَا قَسَمَ لِمَنْ حَضَرَهَا، وَقَدْ ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، وَقَامَ بِحُجَّتِهِ
17786 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَالَّذِي قَالَهُ هَذَا الْقَائِلُ يَبْطُلُ أَيْضًا بِقِصَّةِ أَبَانَ بْنِ سَعِيدٍ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ بَعَثَهُ عَلَى سَرِيَّةٍ قِبَلَ نَجْدٍ، فَكَانَ قَدْ شَغَلَهُ بِشُغْلٍ مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ لَمْ يَقْسِمْ لَهُ وَلَا لِأَصْحَابِهِ حِينَ قَدِمُوا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ خَرَجَ بِالْغَنِيمَةِ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ
⦗ص: 165⦘
،
17787 -
وَعُذْرُ هَذَا الْقَائِلِ بِأَنَّهُ إِنَّمَا لَمْ يَقْسِمْ لَهُمْ لِأَنَّهُ كَانَ شَغَلَهُمْ بِذَلِكَ قَبْلَ إِرَادَتِهِ الْخُرُوجَ إِلَى خَيْبَرَ يُخَالِفُ قَوْلَ صَاحِبِهِ الَّذِي يَنْصُرُ قَوْلَهُ، فَإِنَّهُ جَعَلَ الْغَنِيمَةَ لِكُلِّ مَنْ دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ مَدَدًا قَبْلَ أَنْ يَخْرُجُوا بِهَا إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ ،
17788 -
ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَانَ وَعَدَ رَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم فَتْحَ خَيْبَرَ حِينَ انْصَرَفَ مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ، فَكَانَ مُرِيدًا لِلْخُرُوجِ إِلَيْهَا بَعْدَمَا قَدِمَ الْمَدِينَةَ فِي ذِي الْحِجَّةِ حِينَ خَرَجَ إِلَيْهَا فِي الْمُحَرَّمِ
17789 -
وَإِنَّمَا بَعَثَ أَبَانَ بْنَ سَعِيدٍ قُبَيْلَ خُرُوجِهِ ،
17790 -
ثُمَّ مَنِ الَّذِي شَرَعَ لِهَذَا الْقَائِلِ مَا يَشْرَعُ لِنَفْسِهِ حَتَّى تَرَكَ بِهِ خَبَرَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي قِصَّةِ أَبَانَ بْنِ سَعِيدٍ، وَتَرَكَ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فِي ذَلِكَ؟
17791 -
وَقَدِ احْتَجَّ فِي تَرْكِ قِسْمَةِ الْأَرَاضِي بَيْنَ الْغَانِمِينَ بِفِعْلِ عُمَرَ، وَلَمْ يَعْتَدَّ بِخِلَافِ الزُّبَيْرِ وَبِلَالٍ فِي جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ إِيَّاهُمْ فِي طَلَبِ الْقِسْمَةِ، وَمَعَهُمْ خَبَرُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي قِسْمَةِ خَيْبَرَ وَبَيَّنَ فِي قَوْلِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَطْلُبُ اسْتِطَابَةَ قُلُوبِهِمْ لِمَا رَأَى مِنَ الْمَصْلَحَةِ فِي وَقْفِهَا
17792 -
ثُمَّ اعْتَدَّ بِخِلَافِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ عُمَرَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ حِينَ جَاءَ مَدَدٌ لِبَنِي عُطَارِدَ بَعْدَ الْوَقْعَةِ فَقَالَ: نَحْنُ شُرَكَاؤُكُمْ فِي الْغَنِيمَةِ، فَكَتَبَ فِي ذَلِكَ إِلَى عُمَرَ فَكَتَبَ: إِنَّ الْغَنِيمَةَ لِمَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ وَلَيْسَ مَعَ عَمَّارٍ فِي ذَلِكَ خَبَرٌ، وَمَعَ عُمَرَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ خَبَرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَكَتَبَ عُمَرُ كِتَابًا قَطَعَ بِأَنَّهَا لِمَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ
⦗ص: 166⦘
17793 -
وَيُشْبِهُ أَنْ لَا يَكُونَ قَطَعَ بِمِثْلِهِ مِنْ جِهَةِ الرَّأْيِ وَمَعَهُ ظَاهَرُ الْقُرْآنِ، حِينَ أَضَافَ الْغَنِيمَةَ إِلَى مَنْ غَنَمِهَا، وَاقْتَطَعَ مِنْهَا الْخُمُسَ لِأَهْلِ الْخُمُسِ، وَإِنَّمَا غَنَمِهَا مَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ فَلَا يَكُونُ لِمَنْ شَهِدَهَا فِيهَا نَصِيبٌ إِلَّا مَا خَصَّتْهُ السُّنَّةُ مِنْ رَدِّ السَّرِيَّةِ عَلَى الْجَيْشِ، وَالْجَيْشُ عَلَى السَّرِيَّةِ إِذَا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا رَدًّا لِصَاحِبِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
17794 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو سَعِيدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: «قَدْ كَانَتْ تَجْتَمِعُ الطَّائِفَتَانِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِأَرْضِ الرُّومِ لَا تُشَارِكُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا صَاحِبَتَهَا فِي شَيْءٍ أَصَابَتْ مِنَ الْغَنِيمَةِ»
وَ
17795 -
قَالَ أَبُو يُوسُفَ: حَدَّثَنَا الْكَلْبِيُّ، وَغَيْرُهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ بَعَثَ أَبَا عَامِرٍ الْأَشْعَرِيَّ يَوْمَ حُنَيْنٍ إِلَى أَوْطَاسَ، فَقَاتَلَ بِهَا مَنْ هَرَبَ مِنْ حُنَيْنٍ، وَأَصَابَ الْمُسْلِمُونَ يَوْمَئِذٍ سَبَايَا وَغَنَائِمَ، فَلَمْ يَبْلُغْنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا قَسَمَ مِنْ غَنَائِمِ أَهْلِ حُنَيْنٍ أَنَّهُ «فَرَّقَ بَيْنَ أَهْلِ أَوْطَاسَ وَأَهْلِ حُنَيْنٍ، وَلَا نَعْلَمُ إِلَّا أَنَّهُ جَعَلَ ذَلِكَ غَنِيمَةً وَاحِدَةً وَفَيْئًا وَاحِدًا»
17796 -
قَالَ أَبُو يُوسُفَ: وَحَدَّثَنَا الْمُجَالِدُ، عَنْ عَامِرٍ، وَزِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ، أَنَّهُ
⦗ص: 167⦘
كَتَبَ إِلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ: «قَدْ أَمْدَدْتُكَ بِقَوْمٍ، فَمَنْ أَتَاكَ مِنْهُمْ قَبْلَ أَنْ تَتَفَقَّأَ الْقَتْلَى فَأَشْرِكْهُمْ فِي الْغَنِيمَةِ»
17797 -
وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رضي الله عنه «بَعَثَ عِكْرِمَةَ بْنَ أَبِي جَهْلٍ فِي خَمْسِ مِائَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مَدَدًا لِزِيَادِ بْنِ لَبِيدٍ وَلِلْمُهَاجِرِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ، فَوَافَقَهُمُ الْجُنْدُ قَدِ افْتَتَحُوا الْبَخِيرَ بِالْيَمَنِ فَأَشْرَكَهُمْ زِيَادُ بْنُ لَبِيدٍ، وَهُوَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا فِي الْغَنِيمَةِ»
17798 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: احْتَجَّ أَبُو يُوسُفَ بِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ أَبَا عَامِرٍ إِلَى أَوْطَاسَ فَغَنِمَ غَنَائِمَ فَلَمْ يُفَرِّقُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ مَنْ كَانَ مَعَ أَبِي عَامِرٍ وَبَيْنَ مَنْ كَانَ مُتَخَلِّفًا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَبِي عَامِرٍ
17799 -
وَهَذَا كَمَا قَالَ، وَلَيْسَ مِمَّا قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَخَالَفَهُ هُوَ فِيهِ بِسَبِيلٍ: أَبُو عَامِرٍ كَانَ فِي جَيْشِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ بِحُنَيْنٍ، فَبَعَثَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي أَتْبَاعِهِمْ، وَهَذَا جَيْشٌ وَاحِدٌ كُلُّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ رَدٌّ لِلْأُخْرَى، وَإِذَا كَانَ الْجَيْشُ هَكَذَا فَلَوْ أَصَابَ الْجَيْشُ شَيْئًا دُونَ السَّرِيَّةِ، أَوِ السَّرِيَّةُ شَيْئًا دُونَ الْجَيْشِ، كَانُوا فِيهِ شُرَكَاءَ
17800 -
ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ: فَأَمَّا جَيْشَانِ مُتَفَرِّقَانِ فَلَا يَرُدُّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ شَيْئًا، وَلَيْسَا بِجَيْشٍ وَاحِدٍ، وَلَا أَحَدُهُمَا رَدٌّ لِصَاحِبِهِ مُقِيمٌ لَهُ وَعَلَيْهِ
⦗ص: 168⦘
17801 -
ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ: وَأَمَّا مَا احْتَجَّ بِهِ مِنْ حَدِيثِ مُجَالِدٍ فَهَذَا غَيْرُ ثَابِتٍ عَنْ عُمَرَ، وَلَوْ ثَبَتَ عَنْهُ كُنَّا أَسْرَعَ إِلَى قَبُولِهِ مِنْهُ، وَهُوَ إِنْ كَانَ يُثْبِتُهُ فَهُوَ مَحْجُوجٌ بِهِ لِأَنَّهُ يُخَالِفُهُ، فَهُوَ يَزْعُمُ أَنَّ الْجَيْشَ لَوْ قَتَلُوا قَتْلَى، وَأَحْرَزُوا غَنَائِمَهُمْ بَكْرَةً، وَأَخْرَجُوا الْغَنَائِمَ إِلَى بِلَادِ الشَّامِ عَشِيَّةً وَجَاءَهُمُ الْمَدَدُ وَالْقَتْلَى يَشْخَطُونَ فِي دِمَائِهِمْ لَمْ يُشْرِكُوهُمْ، وَلَوْ قَتَلُوهُمْ فَنَفَقُوا وَجَاءُوا وَالْجَيْشُ فِي بِلَادِ الْعَدُوِّ، وَقَدْ أَحْرَزُوا الْغَنَائِمَ بَعْدَ الْقَتْلِ بِيَوْمٍ، وَقَبْلَ مَقْدِمِ الْمَدَدِ بِأَشْهُرٍ شَرَكُوهُمْ، فَخَالَفَ عُمَرَ فِي الْأَوَّلِ وَالْآخَرِ وَاحْتَجَّ بِهِ
17802 -
فَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنْ زِيَادِ بْنِ لَبِيدٍ، وَأَنَّهُ أَشْرَكَ عِكْرِمَةَ بْنَ أَبِي جَهْلٍ، فَإِنَّ زِيَادًا كَتَبَ فِيهِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، فَكَتَبَ أَبُو بَكْرٍ:«إِنَّمَا الْغَنِيمَةُ لِمَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ» وَلَمْ يَرَ لِعِكْرِمَةَ شَيْئًا لِأَنَّهُ لَمْ يَشْهَدِ الْوَقْعَةَ، فَكَلَّمَ زِيَادٌ أَصْحَابَهُ فَطَابُوا أَنْفُسًا بِأَنْ أَشْرَكُوا عِكْرِمَةَ وَأَصْحَابَهُ مُتَطَوِّعِينَ عَلَيْهِمْ
17803 -
وَهَذَا قَوْلُنَا، وَهُوَ يُخَالِفُهُ، وَيَرْوِي عَنْهُ خِلَافَ مَا رَوَاهُ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالرِّدَّةِ
سَهْمُ الْفَارِسِ وَالرَّاجِلِ
17804 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو سَعِيدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: الْقَوْلُ مَا قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ فِي الْفَارِسِ: «إِنَّ لَهُ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ»
17805 -
أَخْبَرَنَا أَظُنُّهُ - عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «ضَرَبَ لِلْفَارِسِ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ، وَلِلرَّاجِلِ بِسَهْمٍ»
17806 -
وَأَمَّا تَفْضِيلُ الْأَوْزَاعِيِّ الْفَرَسَ عَلَى الْهَجِينِ - وَاسْمُ الْخَيْلِ يَجْمَعُهَا - فَإِنَّ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ أَخْبَرَنَا عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنِ ابْنِ الْأَقْمَرِ قَالَ: أَغَارَتِ
⦗ص: 170⦘
الْخَيْلُ بِالشَّامِ فَأَدْرَكْتُ الْخَيْلَ مِنْ يَوْمِهَا، وَأَدْرَكْتُ الْكَوَادِنَ ضُحًى، وَعَلَى الْخَيْلِ الْمُنْذِرُ بْنُ أَبِي حُمَيْصَةَ الْهَمْدَانِيُّ فَفَصَلَ الْكَوَدَانَ وَقَالَ: لَا أَجْعَلُ مَا أَدْرَكَ كَمَا لَمْ يُدْرِكْ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابٍ رضي الله عنه فَقَالَ:«ثَكِلَتِ الْوَادِعِيَّ أُمُّهُ، لَقَدْ أَذْكَرَتْ بِهِ، أَمْضُوهَا عَلَى مَا قَالَ»
17807 -
17808 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي كِتَابِ قَسْمِ الْغَنِيمَةِ هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ أَتَمَّ مِنْ هَذَا
17809 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو سَعِيدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَحْفَظُ عَنْ مَنْ لَقِيتُ مِمَّنْ سَمِعْتُ مِنْهُ مِنْ أَصْحَابِنَا، «أَنَّهُمْ لَا يُسْهِمُونَ إِلَّا لِفَرَسٍ وَاحِدٍ، وَبِهَذَا آخُذُ»
⦗ص: 171⦘
17810 -
أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ، " كَانَ يَضْرِبُ فِي الْمَغْنَمِ بِأَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ: سَهْمٍ لَهُ، وَسَهْمَيْنِ لِفَرَسِهِ، وَسَهْمٍ فِي ذِي الْقُرْبَى سَهْمُ أُمِّهِ صَفِيَّةَ، يَعْنِي يَوْمَ خَيْبَرَ "
17811 -
وَكَانَ ابْنُ عُيَيْنَةَ يَهَابُ أَنْ يَذْكُرَ يَحْيَى بْنَ عَبَّادٍ وَالْحُفَّاظُ يَرْوُونَهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّادٍ
17812 -
قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، وَهُوَ مِنَ الْحُفَّاظِ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّادٍ، كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَقَدْ وَصَلَهُ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمُحَاضِرُ بْنُ الْمُوَرِّعِ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّادٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ
17813 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَتِنَا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ، وَرَوَى مَكْحُولٌ، أَنَّ الزُّبَيْرَ، حَضَرَ خَيْبَرَ فَأَسْهَمَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَمْسَةَ أَسْهُمٍ: سَهْمٍ لَهُ، وَأَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ لِفَرَسَيْهِ
17814 -
فَذَهَبَ الْأَوْزَاعِيُّ إِلَى قَبُولِ هَذَا مُنْقَطِعًا
17815 -
وَهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ أَحْرَصُ لَوْ زِيدَ الزُّبَيْرُ لِفَرَسَيْنِ أَنْ يَقُولَ بِهِ، وَأَشْبَهُ إِذْ خَالَفَهُ مَكْحُولٌ أَنْ يَكُونَ أَثْبَتَ فِي حَدِيثِ أَبِيهِ مِنْهُ لِحِرْصِهِ عَلَى زِيَادَتِهِ، وَإِنْ كَانَ حَدِيثُهُ مَقْطُوعًا لَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ فَهُوَ كَحَدِيثِ مَكْحُولٍ، وَلَكِنَّا ذَهَبْنَا إِلَى أَهْلِ الْمَغَازِي
⦗ص: 172⦘
فَقُلْنَا: إِنَّهُمْ لَمْ يَرْوُوا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَسْهَمَ لِفَرَسَيْنِ، وَلَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حَضَرَ خَيْبَرَ بِثَلَاثَةِ أَفْرَاسٍ لِنَفْسِهِ: السَّكْبُ، وَالظَّرِبُ، وَالْمُرْتَجِزُ، وَلَمْ يَأْخُذْ مِنْهَا إِلَّا لِفَرَسٍ وَاحِدٍ
الْعَبِيدُ وَالنِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ يَحْضُرُونَ الْوَقْعَةَ
17816 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو سَعِيدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزَ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَتَبَ إِلَى نَجْدَةَ: كَتَبْتَ تَسْأَلُنِي: " هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَغْزُو بِالنِّسَاءِ؟ وَقَدْ كَانَ يَغْزُو بِهِنَّ فَيُدَاوِينَ الْمَرِيضَ وَذَكَرَ كَلِمَةً أُخْرَى وَكَتَبْتَ تَسْأَلُنِي: هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَضْرِبُ لَهُنَّ بِسَهْمٍ؟ فَلَمْ يَكُنْ يَضْرِبُ لَهُنَّ بِسَهْمٍ، وَلَكِنْ يُحْذَيْنَ مِنَ الْغَنِيمَةِ " أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ كَمَا مَضَى
⦗ص: 174⦘
17817 -
وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْهُ، حَدِيثَ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزَ فِي النِّسَاءِ وَالْعَبِيدِ
17818 -
وَقَدْ: أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ، أَخْبَرَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ بِلَالٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ الرَّبِيعِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزَ، فِيمَا كَتَبَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِلَى نَجْدَةَ:«وَكَتَبْتَ تَسْأَلُ عَنِ الْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ يَحْضُرَانِ الْمَغْنَمَ، هَلْ لَهُمَا مِنَ الْمَغْنَمِ شَيْءٌ؟ لَيْسَ لَهُمَا شَيْءٌ إِلَّا أَنْ يُحْذَيَا» أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ
17819 -
وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ حَدِيثَ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْمُهَاجِرِ، عَنْ عُمَيْرٍ، مَوْلَى أَبِي اللَّحْمِ قَالَ: شَهِدْتُ خَيْبَرَ وَأَنَا مَمْلُوكٌ فَأَعْطَانِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ خُرْثِيِّ الْمَتَاعِ
17820 -
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ نَحْوَهُ، وَزَادَ قَالَ: وَلَمْ يُسْهِمْ لِي
17821 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو سَعِيدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا
⦗ص: 175⦘
الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِنَّمَا ذَهَبَ الْأَوْزَاعِيُّ إِلَى حَدِيثِ رَجُلٍ ثِقَةٍ، وَهُوَ مُنْقَطِعٌ،
17822 -
رَوَى أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «غَزَا بِيَهُودَ وَنِسَاءٍ مِنْ نِسَاءِ الْمُسْلِمِينَ، فَضَرَبَ لِلْيَهُودِ وَالنِّسَاءِ بِمِثْلِ سَهْمَانِ الرِّجَالِ»
17823 -
وَالْحَدِيثُ الْمُنْقَطِعُ عِنْدَنَا لَا يَكُونُ حُجَّةً، وَإِنَّمَا اعْتَمَدْنَا عَلَى حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ لِأَنَّهُ مُتَّصِلٌ، وَقَدْ رَأَيْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ بِالْمَغَازِي قَبْلَنَا يُوَافِقُونَ ابْنَ عَبَّاسٍ فِيهِ
17824 -
قَالَ أَحْمَدُ: رُوِّينَا عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَغَيْرِهِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَزَا بِنَاسٍ مِنَ الْيَهُودِ فَأَسْهَمَ لَهُمْ
17825 -
وَرُوِّينَا عَنْ مَكْحُولٍ، وَخَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَسْهَمَ لِلنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ»
17826 -
وَكِلَاهُمَا مُنْقَطِعٌ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ الرَّضْخَ
⦗ص: 176⦘
17827 -
وَفِيمَا رَوَى الْوَاقِدِيُّ، بِإِسْنَادِهِ فِيمَنِ اسْتَعَانَ بِهِمْ مِنَ الْيَهُودِ: فَأَسْهَمَ لَهُمْ كَسَهْمَانِ الْمُسْلِمِينَ
17828 -
وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ وَمُنْقَطِعٌ
17829 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو سَعِيدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، فِيمَا حَكَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ رَجُلٍ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، كَتَبَ إِلَى نَجْدَةَ فِي جَوَابِ كِتَابِهِ:«كَتَبْتَ إِلَيَّ تَسْأَلُنِي عَنِ الصَّبِيِّ مَتَى يَخْرُجُ مِنَ الْيُتْمِ؟ وَمَتَى يُضْرَبُ لَهُ بِسَهْمٍ؟ وَإِنَّهُ يَخْرُجُ مِنَ الْيُتْمِ إِذَا احْتَلَمَ، وَيُضْرَبُ لَهُ بِسَهْمٍ»
17830 -
وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَأَنَّهُ لَمْ يُجِزْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ، وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً
17831 -
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ حِكَايَةً عَنْ أَبِي يُوسُفَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: اسْتَعَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَهُودِ قَيْنُقَاعَ فَرَضَخَ لَهُمْ، وَلَمْ يُسْهِمْ لَهُمْ.
17832 -
قَالَ أَحْمَدُ: تَفَرَّدَ بِهِ الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ
⦗ص: 177⦘
17833 -
وَقَدْ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ سَعْدِ بْنِ الْمُنْذِرِ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَ قِصَّةَ بَنِي قَيْنُقَاعَ، وَهُمْ رَهْطُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ إِيَّاهُ، وَهُمْ عَلَى دِينِهِمْ، فَقَالَ:«قُلْ لَهُمْ فَلْيَرْجِعُوا، فَإِنَّا لَا نَسْتَعِينُ بِالْمُشْرِكِينَ»
17834 -
وَهَذَا الْإِسْنَادُ أَصَحُّ
17835 -
وَقَدْ كَرِهَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْبَغْدَادِيِّ عَنْهُ الِاسْتِعَانَةَ بِالْمُشْرِكِينَ، وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ مَالِكٍ، وَقَدْ مَضَى ذِكْرُهُ
17836 -
وَبِحَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْضِ غَزَوَاتِهِ فَأَتَيْتُهُ أَنَا وَرَجُلٌ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ فَقَالَ: «أَسْلَمْتُمَا؟» قُلْنَا: لَا قَالَ: «فَإِنَّا لَا نَسْتَعِينُ بِالْمُشْرِكِينَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ» ، فَأَسْلَمْنَا وَشَهِدْنَا أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا مُكْرَمُ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوْحٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ فَذَكَرَهُ
17837 -
وَرَخَّصَ فِي الْجَدِيدِ بِالِاسْتِعَانَةِ بِهِمْ إِذَا كَانَتْ فِيهِمْ مَنْفَعَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ
17838 -
وَاحْتَجَّ بِخُرُوجِ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ مَعَهُ فِي غَزْوَةِ حُنَيْنٍ وَهُوَ مُشْرِكٌ، وَحَمَلَ الْحَدِيثَ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَرْجُو إِسْلَامَهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
17839 -
وَيَرْضَخُ لَهُمْ قِيَاسًا عَلَى النِّسَاءِ، وَالْعَبِيدِ، وَالصِّبْيَانِ
17840 -
وَرُوِيَ عَنْ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّهُ غَزَا بِقَوْمٍ مِنَ الْيَهُودِ فَرَضَخَ لَهُمْ
17841 -
وَهَذَا فِيمَا ذَكَرَهُ وَكِيعٌ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، أَنَّهُ حَكَاهُ
قِسْمَةُ الْغَنِيمَةِ فِي دَارِ الْحَرْبِ
17842 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله بَعْدَ حِكَايَةِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَأَبِي يُوسُفَ فِي ذَلِكَ: الْقَوْلُ مَا قَالَهُ الْأَوْزَاعِيُّ، وَمَا احْتَجَّ بِهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَعْرُوفٌ عَنْ أَهْلِ الْمَغَازِي لَا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ:«أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَسَمَ غَيْرَ مَغْنَمٍ فِي بِلَادِ الْحَرْبِ»
⦗ص: 180⦘
17843 -
فَأَمَّا مَا احْتَجَّ بِهِ أَبُو يُوسُفَ مِنْ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ظَهَرَ عَلَى بَنِي الْمُصْطَلِقِ فَصَارَتْ دَارُهُمْ دَارَ إِسْلَامٍ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَغَارَ عَلَيْهِمْ وَهُمْ غَارُونَ فِي نَعَمِهِمْ، فَقَتَلَهُمْ وَسَبَاهُمْ وَقَسَمَ أَمْوَالَهُمْ وَسَبْيَهُمْ فِي دَارِهِمْ سَنَةَ خَمْسٍ، وَإِنَّمَا أَسْلَمُوا بَعْدَهَا بِزَمَانٍ
17844 -
وَإِنَّمَا بَعَثَ إِلَيْهِمُ الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ مُصَدِّقًا سَنَةَ عَشْرٍ، وَقَدْ رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْهُمْ وَدَارُهُمْ دَارُ حَرْبٍ
17845 -
وَأَمَّا خَيْبَرُ، فَمَا عَلِمْتُهُ كَانَ فِيهَا مُسْلِمٌ وَاحِدٌ، وَمَا صَالِحَ إِلَّا الْيَهُودُ وَهُمْ عَلَى دِينِهِمْ أَنَّ مَا حَوْلَ خَيْبَرَ كُلَّهُ دَارُ حَرْبٍ، وَمَا عَلِمْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَرِيَّةً قَفَلَتْ مِنْ مَوْضِعَهَا حَتَّى تَقْسِمَ مَا ظَهَرَتْ عَلَيْهِ
17846 -
وَأَمَّا حَدِيثُ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ: مَنْ جَاءَكَ مِنْهُمْ قَبْلَ أَنْ تَتَفَقَّأَ الْقَتْلَى فَأَسْهِمْ لَهُ، فَهُوَ إِنْ لَمْ يَكُنْ ثَابِتًا دَاخِلٌ فِيمَا عَابَ عَلَى الْأَوْزَاعِيِّ، فَإِنَّهُ عَابَ عَلَيْهِ أَنْ يَرْوِيَ عَنْ غَيْرِ الثِّقَاتِ الْمَعْرُوفِينَ، وَمَا عَلِمْتُ الْأَوْزَاعِيَّ قَالَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ هَذَا إِلَّا مَا هُوَ مَعْرُوفٌ
17847 -
وَلَقَدِ احْتَجَّ عَلَى الْأَوْزَاعِيِّ بِحَدِيثِ رِجَالٍ وَهُوَ يَرْغَبُ عَنِ الرِّوَايَةِ عَنْهُمْ، فَإِنْ كَانَ حَدِيثُ مُجَالِدٍ ثَابِتًا فَهُوَ يُخَالِفُهُ، فَذَكَرَ وَجْهَ مُخَالَفَتِهِ إِيَّاهُ كَمَا مَضَى فِي مَسْأَلَةِ الْمَدَدِ
⦗ص: 181⦘
17848 -
قَالَ: وَبَلَغَنِي عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: وَإِنْ قَسَمَ بِبِلَادِ الْحَرْبِ ثُمَّ جَاءَ الْمَدَدُ قَبْلَ أَنْ تَتَفَقَّأَ الْقَتْلَى لَمْ يَكُنْ لِلْمَدَدِ شَيْءٌ، وَإِنْ تَفَقَّأَتِ الْقَتْلَى وَهُمْ فِي بِلَادِ الْحَرْبِ لَمْ يَخْرُجُوا وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ
17849 -
فَأَمَّا مَا احْتَجَّ بِهِ مِنْ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَقْسِمْ غَنَائِمَ بَدْرٍ حَتَّى وَرَدَ الْمَدِينَةَ، وَمَا ثَبَتَ مِنَ الْحَدِيثِ بِأَنْ قَالَ: وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَسْهَمَ لِعُثْمَانَ وَطَلْحَةَ، وَلَمْ يَشْهَدْ بَدْرًا، فَإِنْ كَانَ كَمَا قَالَ فَهُوَ يُخَالِفُ سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيهِ؛ لِأَنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يُعْطِيَ أَحَدًا لَمْ يَشْهَدِ الْوَقْعَةَ، وَلَمْ يَكُنْ مَدَدًا قَدِمَ عَلَى الَّذِينَ شَهِدُوا الْوَقْعَةَ بِبِلَادِ الْحَرْبِ، وَقَدْ زَعَمَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَعْطَى هَذَيْنِ وَلَمْ يَكُونَا مَدَدًا، وَلَمْ يَشْهَدَا الْوَقْعَةَ
17850 -
وَلَيْسَ كَمَا قَالَ: قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَنَائِمَ بَدْرٍ بِسَيِّرٍ - شِعْبٍ مِنْ شِعَابِ الصَّفْرَاءِ قَرِيبٍ مِنْ بَدْرٍ - وَكَانَتْ غَنَائِمُ بَدْرٍ كَمَا يَرْوِي عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ غَنِمَهَا الْمُسْلِمُونَ قَبْلَ تَنْزِلَ الْآيَةُ فِي سُورَةِ الْأَنْفَالِ، فَلَمَّا تَشَاحُّوا عَلَيْهَا انْتَزَعَهَا اللَّهُ مِنْ أَيْدِيهِمْ بِقَوْلِهِ:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} [الأنفال: 1]، فَكَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَالِصَةً، وَقَسَمَهَا بَيْنَهُمْ وَأَدْخَلَ مَعَهُمْ ثَمَانِيَةَ نَفَرٍ لَمْ يَشْهَدُوا الْوَقْعَةَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، وَالْأَنْصَارِ وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ، وَإِنَّمَا أَعْطَاهُمْ مِنْ مَالِهِ، وَإِنَّمَا أُنْزِلَتْ:{وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} [الأنفال: 41] بَعْدَ غَنِيمَةِ بَدْرٍ
17851 -
وَلَمْ نَعْلَمْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَسْهَمَ لِخَلْقٍ لَمْ يَشْهَدُوا الْوَقْعَةَ بَعْدَ نُزُولِ
⦗ص: 182⦘
الْآيَةِ، وَمَنْ أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَالِصًا مِنَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَغَيْرِهِمْ، وَإِنَّمَا مِنْ مَالِهِ أَعْطَاهُمْ، لَا مِنْ أَرْبَعَةِ الْأَخْمَاسِ
17852 -
وَأَمَّا مَا احْتَجَّ بِهِ مَنْ وَقْعَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ، وَابْنِ الْحَضْرَمِيِّ، فَذَلِكَ قَبْلَ بَدْرٍ، وَقَبْلَ نُزُولِ الْآيَةِ، وَكَانَ وَقْعَتْهُمْ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنَ الشَّهْرِ الْحَرَامِ، فَتَوَقَّفُوا فِيمَا صَنَعُوا حَتَّى نَزَلَتْ:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ} [البقرة: 217]، وَلَيْسَ مِمَّا خَالَفَهُ فِيهِ الْأَوْزَاعِيُّ بِسَبِيلٍ
17853 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَإِنَّمَا قَالَ هَذَا لِأَنَّ أَبَا يُوسُفَ احْتَجَّ بِأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَحْشٍ حِينَ بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَرِيَّةٍ فَأَصَابَ عَمْرَو بْنَ الْحَضْرَمِيِّ، وَأَصَابَ أَسِيرًا أَوِ اثْنَيْنِ، وَأَصَابَ مَا كَانَ مَعَهُمْ أَدَمًا وَزَبِيبًا، فَقَدِمَ بِذَلِكَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَقْسِمْهُ حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ
17854 -
فَأَجَابَ الشَّافِعِيُّ عَنْهُ بِأَنَّهُمْ إِنَّمَا لَمْ يَقْسِمُوهُ لِأَنَّهُمْ كَانُوا مُتَوَقِّفِينَ فِيمَا صَنَعُوا لِوُقُوعِ قِتَالِهِمْ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ، ثُمَّ إِنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ بَدْرٍ وَقَبْلَ نُزُولِ الْآيَةِ فِي قِسْمَةِ الْغَنِيمَةِ
17855 -
وَأَمَّا احْتِجَاجُ أَبِي يُوسُفَ عَلَى الْأَوْزَاعِيِّ بِحَدِيثِ رِجَالٍ هُوَ يَرْغَبُ عَنِ الرِّوَايَةِ عَنْهُمْ، فَهُوَ أَنَّهُ احْتَجَّ بِحَدِيثِ الْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَقْسِمْ غَنَائِمَ بَدْرٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَقْدِمِهِ الْمَدِينَةَ، وَعَنْ بَعْضِ أَشْيَاخِهِمْ، عَنِ الزُّهْرِيِّ وَمَكْحُولٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ لَمْ يَقْسِمْ غَنِيمَةً فِي دَارِ الْحَرْبِ قَطُّ
⦗ص: 183⦘
17856 -
وَهَذَا مُنْقَطِعٌ، وَالْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ مَتْرُوكٌ
17857 -
وَأَمَّا مَا قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي قِسْمَةِ غَنِيمَةِ بَدْرٍ، فَكَذَلِكَ ذَكَرَهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ صَاحِبُ الْمَغَازِي
17858 -
وَمَا ذَكَرَ مِنْ نُزُولِ الْآيَةِ، فَكَذَلِكَ ذَكَرَهُ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ
17859 -
وَمَا ذَكَرَ مِنْ إِسْهَامِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَثَمَانِيَةٍ لَمْ يَشْهَدُوهَا، فِيهِمْ: عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، وَطَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَسَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ، فَهَؤُلَاءِ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، وَأَمَّا مِنَ الْأَنْصَارِ: فَأَبُو لُبَابَةَ، وَالْحَارِثُ بْنُ حَاطِبٍ، وَعَاصِمُ بْنُ عَدِيٍّ، وَخَوَّاتُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَالْحَارِثُ بْنُ الصِّمَّةِ، سَمَّاهُمْ أَبُو الْأَسْوَدِ فِي الْمَغَازِي عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَسَمَّاهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ
17860 -
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: سَبْعَةٌ أَوْ ثَمَانِيَةٌ، وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِأَنَّ مُوسَى بْنَ عُقْبَةَ لَمْ يَذْكُرِ الْحَارِثَ بْنَ حَاطِبٍ
17861 -
وَأَمَّا احْتِجَاجُ أَبِي يُوسُفَ بِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم افْتَتَحَ بِلَادَ بَنِي الْمُصْطَلِقِ فَصَارَتْ بِلَادُهُمْ دَارَ إِسْلَامٍ، وَبَعَثَ الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ يَأْخُذُ صَدَقَاتَهُمْ، فَهَذَا بِخِلَافِ مَا يَعْرِفُهُ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْمَغَازِي
17862 -
وَقَدْ رُوِّينَا فِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم» أَغَارَ عَلَى بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَهُمْ غَارُونَ وَأَنْعَامُهُمْ تُسْقَى عَلَى الْمَاءِ، فَقَتَلَ مُقَاتِلَهُمْ وَسَبَى سَبْيَهُمْ «
⦗ص: 184⦘
17863 -
وَفِي حَدِيثِ عُرْوَةَ، ثُمَّ فِي حَدِيثِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ ذَلِكَ كَانَ سَنَةَ خَمْسٍ
17864 -
وَرُوِّينَا فِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الْهَمْدَانِيِّ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا افْتَتَحَ مَكَّةَ، وَذَلِكَ سَنَةَ ثَمَانٍ،» جَعَلَ أَهْلُ مَكَّةَ يَأْتُونَهُ بِصِبْيَانِهِمْ فَيَمْسَحُ رُءُوسَهُمْ وَيَدْعُو لَهُمْ، وَأَنَّهُ جِيءَ بِهِ إِلَيْهِ فَلَمْ يَمْسَحْهُ "
17865 -
فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُسْتَدَلَّ بِبَعْثَةِ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ عَلَى أَنَّ بِلَادَهُمْ صَارَتْ دَارَ إِسْلَامٍ حِينَ قَسَمَ بِهَا غَنَائِمَهُمْ، وَالْوَلِيدُ كَانَ صَبِيًّا بَعْدَهُ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ، وَإِنَّمَا بَعَثَهُ إِلَيْهِمْ مُصَدِّقًا بَعْدَ ذَلِكَ بِزَمَانٍ طَوِيلٍ، كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله؟
17866 -
وَقَدْ ذَكَرْنَا أَسَانِيدَ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ فِي كِتَابِ السُّنَنِ
السَّرِيَّةُ تَأْخُذُ الْعَلَفَ وَالطَّعَامَ
17867 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ
⦗ص: 186⦘
الشَّافِعِيُّ رحمه الله فِي مَبْسُوطِ كَلَامِهِ: قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَدُّوا الْخَيْطَ وَالْمَخِيطَ؛ فَإِنَّ الْغُلُولَ عَارٌ وَنَارٌ وَشَنَارٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»
17868 -
وَكَانَ الطَّعَامُ دَاخِلًا فِي مَعْنَى أَمْوَالِ الْمُشْرِكِينَ، وَأَكْثَرُ مِنَ الْخَيْطِ وَالْمَخِيطِ وَالْفِلْسِ وَالْخَرَزَةِ الَّتِي لَا يَحِلُّ أَخْذَهَا لِأَحَدٍ دُونَ أَحَدٍ، فَلَمَّا أَذِنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بِلَادِ الْحَرْبِ فِي الطَّعَامِ، كَانَ الْإِذْنُ فِيهِ خَاصًّا خَارِجًا مِنَ الْجُمْلَةِ الَّتِي اسْتَثْنَى
17869 -
ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ: مَعَ أَنَّهُ يُرْوَى مِنْ حَدِيثِ بَعْضِ النَّاسِ مِثْلَ مَا قُلْتُ: مِنْ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَذِنَ لَهُمْ أَنَّ يَأْكُلُوا فِي بِلَادِ الْعَدُوِّ وَلَا يَخْرُجُوا بِشَيْءٍ مِنَ الطَّعَامِ
17870 -
فَإِنْ كَانَ مِثْلُ هَذَا يَثْبُتُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَا حُجَّةَ لِأَحَدٍ مَعَهُ، وَإِنْ كَانَ لَا يَثْبُتُ لِأَنَّ فِي رِجَالِهِ مَنْ يُجْهَلُ فَكَذَلِكَ فِي رِجَالِ مَنْ رَوَى عَنْهُ إِحْلَالَهُ مَنْ يُجْهَلُ "
17871 -
قَالَ أَحْمَدُ: أَمَّا الْحَدِيثُ فِي إِبَاحَتِهِ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَقَدْ ذَكَرَ الشَّافِعِيُّ
⦗ص: 187⦘
فِي الْقَدِيمِ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْهُ حَدِيثَ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ وَغَيْرِهِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، وَذَلِكَ فِيمَا: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُكْرَمٍ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ
17872 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَا: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ قَالَ: دُلِّيَ جِرَابٌ مِنْ شَحْمِ يَوْمِ خَيْبَرَ، فَأَخَذْتُهُ فَالْتَزَمْتُهُ، فَقُلْتُ: هَذَا لِي، لَا أُعْطِي مِنْ هَذَا أَحَدًا الْيَوْمَ شَيْئًا قَالَ: فَالْتَفَتُّ «فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَبْتَسِمُ إِلَيَّ» أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ، وَأَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ
17873 -
وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ أَيْضًا حَدِيثَ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، وَذَلِكَ فِيمَا: أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا، حَدَّثَنَا الْمُزَكِّي، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي بْنُ قَانِعٍ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ الْحَسَنِ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ:«كُنَّا نَأْتِي الْمَغَازِيَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَنُصِيبُ الْعَسَلَ وَالسَّمْنَ فَنَأْكُلُهُ»
⦗ص: 188⦘
17874 -
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُسَدَّدٍ، عَنْ حَمَّادٍ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: كُنَّا نُصِيبُ فِي مَغَازِينَا الْعَسَلَ وَالْعِنَبَ فَنَأْكُلُهُ وَلَا نَرْفَعُهُ
17875 -
وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ أَيْضًا مَا: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ حَمَّادٍ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي بَرْزَةَ قَالَ:" كُنَّا فِي غَزَاةٍ لَنَا فَلَقِيَنَا أُنَاسٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَأَجْهَضْنَاهُمْ عَنْ مِلَّةٍ لَهُمْ فَوَقَعْنَا فِيهَا قَالَ: فَجَعَلْنَا نَأْكُلُ مِنْهَا وَكُنَّا نَسْمَعُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنَّهُ مَنْ أَكَلَ الْخُبْزَ سَمِنَ، فَلَمَّا أَكَلْنَا تِلْكَ الْخُبْزَةَ جَعَلَ أَحَدُنَا يَنْظُرُ فِي عِطْفَيْهِ هَلْ يُسْمِنُ؟ "
17876 -
وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ حَدِيثَ يَزِيدَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَغْزُونَ فَيُصِيبُونَ مِنَ الطَّعَامِ وَيَعْلِفُونَ مِنَ الْعَلَفِ وَذَكَرَ غَيْرَ ذَلِكَ وَفِيمَا ذَكَرْنَا كِفَايَةٌ
17877 -
فَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ فِي الْجَدِيدِ فِي النَّهْيِ عَنِ الْخُرُوجِ بِشَيْءٍ مِنَ الطَّعَامِ فَكَأَنَّهُ أَرَادَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، حَدِيثَ الْوَاقِدِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْفُضَيْلِ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَشْجَعِيِّ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ
⦗ص: 189⦘
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ خَيْبَرَ: «كُلُوا وَاعْلِفُوا وَلَا تَحْمِلُوا» أَخْبَرَنَاهُ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّزَّازُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْخَلِيلِ، حَدَّثَنَا الْوَاقِدِيُّ فَذَكَرَهُ
17878 -
وَأَرَادَ بِالْحَدِيثِ الَّذِي رُوِيَ فِي مُعَارَضَتِهِ مَا: أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، أَنَّ ابْنَ حَرْشَفٍ الْأَزْدِيَّ، حَدَّثَهُ، عَنِ الْقَاسِمِ مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«كُنَّا نَأْكُلُ الْجَزَرَ فِي الْغَزْوِ وَلَا نَقْسِمُهُ، حَتَّى إِنْ كُنَّا لَنَرْجِعُ إِلَى رِحَالِنَا وَأَخْرِجَتُنَا مِنْهُ مُمْتَلِئَةٌ»
17879 -
وَفِي كِلَا الْإِسْنَادَيْنِ ضَعْفٌ كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ
17880 -
وَرُوِّينَا عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، أَنَّهُ قَالَ:«غَزَوْتُ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ مَعَ رِجَالٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَكَانُوا إِذَا صَعِدُوا إِلَى الثِّمَارِ أَكَلُوا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُفْسِدُوا أَوْ يَحْمِلُوا» أَخْبَرَنَاهُ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَزَّازُ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو حَمْزَةَ الْعَطَّارُ قَالَ: إِنَّى امْرَؤٌ
⦗ص: 190⦘
مَتْجَرِي إِلَى الْأُبُلَّةِ، وَأَنَا أَمْلَأُ بَطْنِي مِنَ الطَّعَامِ فَأَصْعَدُ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ وَآكُلُ مِنْ تَمْرِهِ وَمِنْ بُسْرِهِ، فَمَا تَرَى؟ فَقَالَ الْحَسَنُ فَذَكَرَهُ
17881 -
وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ حَدِيثَ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ
17882 -
أَخْبَرَنَاهُ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرَانَ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا سَعْدَانُ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ دُرَيْكٍ، عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ:«إِنَّ نَاسًا يُرِيدُونَ أَنْ يَسْتَنْزِلُونِيَ عَنْ دِينِي، وَإِنِّي وَاللَّهِ لَأَرْجُو أَنْ لَا أَزَالَ عَلَيْهِ حَتَّى أَمُوتَ، مَا كَانَ مِنْ شَيْءٍ بِيعَ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ فَفِيهِ خُمْسُ اللَّهِ وَسِهَامُ الْمُسْلِمِينَ»
17883 -
وَفِي رِوَايَةِ الشَّافِعِيِّ قَالَ: يُؤْكَلُ الطَّعَامُ فِي أَرْضِ الْحَرْبِ، فَأَمَّا مَا بِيعَ مِنْهُ مِنْ شَيْءٍ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ فَفِيهِ خُمْسُ اللَّهِ وَسِهَامُ الْمُسْلِمِينَ
17884 -
وَبِمَعْنَاهُ رُوِّينَاهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ
أَخْذُ السِّلَاحِ وَغَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِ الْإِمَامِ
17885 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو سَعِيدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ فِي السِّلَاحِ يَأْخُذُهُ مِنَ الْغَنِيمَةِ: «يُقَاتِلُ بِهِ مَا كَانَ النَّاسُ فِي مَعْمَعَةِ الْقِتَالِ، وَلَا يَنْتَظِرُ بِرَدِّهِ الْفَرَاغَ مِنَ الْحَرْبِ فَيُعَرِّضَهُ لِلْهَلَاكِ وَانْكِسَارِ ثَمَنِهِ فِي طُولِ مُكْثِهِ فِي دَارِ الْحَرْبِ»
17886 -
وَرُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِيَّاكَ وَرِبَا الْغُلُولِ أَنْ تَرْكَبَ الدَّابَّةَ حَتَّى يَحْسِرَ قَبْلَ أَنْ تُرَدَّ إِلَى الْمَغْنَمِ، أَوْ تَلْبَسَ الثَّوْبَ حَتَّى يَخْلُقَ قَبْلَ أَنْ يُرَدَّ إِلَى الْمَغْنَمِ»
17887 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «لَوْ نَزَعْتَ سَهْمًا مِنْ جَنْبِكَ فِي بِلَادِ الْعَدُوِّ مَا كُنْتَ بِأَحَقَّ بِهِ مِنْ أَخِيكَ»
17888 -
قَالَ أَحْمَدُ: الْحَدِيثُ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ قَدْ مَضَى بِإِسْنَادِهِ فِي كِتَابِ
⦗ص: 192⦘
الْقَسْمِ، وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي احْتَجَّ بِهِ الْأَوْزَاعِيُّ فَمَعْنَاهُ فِيمَا رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي مَرْزُوقٍ مَوْلَى تُجِيبٍ، عَنْ حَنَشٍ الصَّنْعَانِيِّ، عَنْ رُوَيْفِعِ بْنِ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: قَامَ فِينَا خَطِيبًا فَقَالَ: إِنِّي لَا أَقُولُ لَكُمْ إِلَّا مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ يَوْمَ حُنَيْنٍ قَالَ: قَالَ عليه السلام: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَسْقِي مَاءَهُ زَرْعَ غَيْرِهِ - يَعْنِي إِتْيَانَ الْحَبَالَى مِنَ الْفَيْءِ - وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يُصِيبُ امْرَأَةَ مِنَ السَّبْيِ حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا بِحَيْضَةٍ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَبِيعُ مَغْنَمًا حَتَّى يُقْسَمَ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَلْبَسُ ثَوْبًا مِنْ فَيْءِ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى إِذَا أَخْلَقَهُ رَدَّهُ فِيهِ» أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَغَيْرُهُ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ مُحَمَّدٍ فَذَكَرَهُ
17889 -
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: الْحَيْضَةُ لَيْسَتْ بِمَحْفُوظَةٍ
17890 -
قَالَ أَحْمَدُ: رَوَاهُ غَيْرُهُ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، فَلَمْ يَذْكُرْهَا أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو سَعِيدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: قَالَ أَبُو يُوسُفَ: " هَذَا الْحَدِيثُ عِنْدَنَا عَلَى مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ هُوَ عَنْهُ غَنِيٌّ، يُبْقِي بِذَلِكَ عَلَى دَابَّتِهِ أَوْ عَلَى ثَوْبِهِ، أَوْ يَأْخُذُ ذَلِكَ يُرِيدُ بِهِ الْخِيَانَةَ
17891 -
ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ: وَكَيْفَ يَحِلُّ هَذَا مَادَامَ فِي الْمَعْمَعَةِ، وَيَحْرُمُ بَعْدَ ذَلِكَ؟ وَقَدْ بَلَغَنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ يَغْنَمُ الْغَنِيمَةَ فِيهَا الطَّعَامُ فَيَأْكُلُ أَصْحَابُهُ مِنْهَا، إِذَا احْتَاجَ رَجُلٌ جَاءَ فَأَخَذَ حَاجَتَهُ، فَحَاجَةُ النَّاسِ إِلَى السِّلَاحِ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَإِلَى الدَّوَابِّ وَالثِّيَابِ أَشَدُّ مِنْ حَاجَتِهِمْ إِلَى الطَّعَامِ "
⦗ص: 193⦘
17892 -
وَذَكَرَ حَدِيثَ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْمُجَالِدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِخَيْبَرَ يَأْتِي أَحَدُنَا إِلَى الطَّعَامِ مِنَ الْغَنِيمَةِ فَيَأْخُذُ حَاجَتَهُ "
17893 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: إِنْ كَانَ أَبُو يُوسُفَ إِنَّمَا جَعَلَ السِّلَاحَ وَالدَّوَابَّ وَالثِّيَابَ قِيَاسًا عَلَى الطَّعَامِ، فَمَنْ أَخَذَ الطَّعَامَ مِنْ غَنِيٍّ يَجِدُ مَا يَشْتَرِي بِهِ طَعَامًا وَفَقِيرٍ لَا يَجِدُهُ سَوَاءٌ يَحِلُّ لَهُمْ أَكَلُهُ وَأَكْلُهُ اسْتِهْلَاكٌ لَهُ، وَهُوَ إِذَا قَاسَ السِّلَاحَ وَالدَّوَابَّ عَلَيْهِ جَعَلَ لَهُ أَنْ يَسْتَهْلِكَ السِّلَاحَ وَالدَّوَابَّ كَمَا يَسْتَهْلِكُ الطَّعَامَ، وَيَتَفَكَّهُ بِرُكُوبِ الدَّوَابِّ كَمَا يَتَفَكَّهُ بِالطَّعَامِ
17894 -
وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِي هَذَا إِلَى أَنْ قَالَ: وَمَا أَعْلَمُ مَا قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ إِلَّا مُوَافِقًا لِلسُّنَّةِ مَعْقُولًا؛ لِأَنَّهُ يَحِلُّ فِي حَالِ الضَّرُورَةِ الشَّيْءُ، فَإِذَا انْقَضَتِ الضَّرُورَةُ لَمْ يَحِلَّ
الْحُكْمُ فِي ذَرَارِيِّ مَنْ ظَهَرَ عَلَيْهِ، وَحَّدُّ الْبُلُوغِ فِي أَهْلِ الشِّرْكِ
17895 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: «وَحَّدُّ الْبُلُوغِ فِي أَهْلِ الشِّرْكِ الَّذِينَ يُقْتَلُ بَالِغُهُمْ وَيُتْرَكُ غَيْرُ بَالِغِهِمْ أَنْ يُنْبَتُوا الشَّعْرَ»
17896 -
وَذَكَرَ الْمَعْنَى فِي ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: كَشَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَنِي قُرَيْظَةَ حِينَ قَتَلَ مُقَاتِلَتَهُمْ وَسَبَى ذَرَارِيَّهُمْ، وَكَانَ مِنْ سُنَّتِهِ أَنْ لَا يَقْتُلَ إِلَّا رَجُلًا بَالِغًا، فَمَنْ كَانَ أَنْبَتَ قَتَلَهُ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ أَنْبَتَ سَبَاهُ
17897 -
وَقَالَ فِي الْقَدِيمِ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْهُ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَطِيَّةَ الْقُرَظِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَهُ وَهُوَ، يَقُولُ: كُنْتُ فِيمَنْ حَكَمَ فِيهِ سَعْدٌ، فَلَمْ أُنْبِتْ، فَتُرِكْتُ
17898 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ، أَخْبَرَنَا أَبُو النَّضْرِ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ خَالِدٍ السَّمْتِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُثْمَانَ الْكُوفِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَطِيَّةَ الْقُرَظِيَّ، يَقُولُ:«عُرِضْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ قُرَيْظَةَ، فَمَنْ أَنْبَتَ مِنَّا قَتَلَهُ، وَمَنْ لَمْ يُنْبِتْ مِنَّا اسْتَحْيَاهُ وَسَبَاهُ»
17899 -
وَقَدْ مَضَى فِي كِتَابِ الْحَجْرِ مَا ذَكَرَهُ مِنَ الْأَسَانِيدِ فِي هَذَا الْبَابِ
الْحُكْمُ فِي الرِّجَالِ الْبَالِغِينَ
17900 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: «ظَهَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى قُرَيْظَةَ وَخَيْبَرَ، فَقَسَمَ عَقَارَهَا مِنَ الْأَرَضِينَ وَالنَّخْلِ قِسْمَةَ الْأَمْوَالِ»
⦗ص: 197⦘
17901 -
وَسَبَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وِلْدَانَ بَنِي الْمُصْطَلِقِ، وَهَوَازِنَ وَنِسَاءَهُمْ، فَقَسَمَهُمْ قِسْمَةَ الْأَمْوَالِ ،
17902 -
وَأَسَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَهْلَ بَدْرٍ، فَمِنْهُمْ مَنْ مَنَّ عَلَيْهِ بِلَا شَيْءٍ أَخَذَهُ مِنْهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَ مِنْهُ فِدْيَةً، وَمِنْهُمْ مَنْ قَتَلَهُ "
17903 -
وَكَانَ الْمَقْتُولَانِ بَعْدَ الْإِسَارِ يَوْمَ بَدْرٍ: عُقْبَةَ بْنَ أَبِي مُعَيْطٍ، وَالنَّضْرَ بْنَ الْحَارِثِ
⦗ص: 198⦘
17904 -
وَكَانَ مِنَ الْمَمْنُونِ عَلَيْهِمْ بِلَا فِدْيَةٍ: أَبُو عَزَّةَ الْجُمَحِيُّ، تَرَكَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِبَنَاتِهِ، وَأَخَذَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُقَاتِلَهُ، فَأَخْفَرَهُ وَقَاتَلَهُ يَوْمَ أُحُدٍ، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ لَا يَفْلِتَ، فَمَا أُسِرَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ رَجُلٌ غَيْرُهُ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ امْنُنْ عَلَيَّ، وَدَعْنِي لِبَنَاتِي، وَأُعْطِيكَ عَهْدًا أَنْ لَا أَعُودَ لِقِتَالِكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" لَا تَمْسَحَ عَلَى عَارِضَيْكَ بِمَكَّةَ تَقُولُ: قَدْ خَدَعْتُ مُحَمَّدًا مَرَّتَيْنِ، فَأَمَرَ بِهِ فَضُرِبَتُ عُنُقُهُ "
17905 -
ثُمَّ أَسَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ثُمَامَةَ بْنَ أُثَالٍ الْحَنَفِيَّ بَعْدُ فَمَنَّ عَلَيْهِ، ثُمَّ عَادَ ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ الْحَنَفِيُّ بَعْدُ فَأَسْلَمَ وَحَسُنَ إِسْلَامُهُ
17906 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «فَدَا رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِرَجُلَيْنِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ»
17907 -
هَكَذَا وَقَعَ مَتْنُ هَذَا الْحَدِيثِ فِي كِتَابِ قِتَالِ الْمُشْرِكِينَ، وَأَظُنُّهُ غَلَطٌ مِنَ الْكَاتِبِ، وَالصَّحِيحُ مَا: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ فِي كِتَابِ اخْتِلَافِ الْأَحَادِيثِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ:«أَسَرَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلًا مِنْ بَنِي عَقِيلٍ، وَكَانَتْ ثَقِيفٌ قَدْ أَسَرَتْ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَفَدَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ أَسَرَتْهُمَا ثَقِيفٌ»
17908 -
وَبِإِسْنَادِهِ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَأَخْبَرَنَا عَدَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ قُرَيْشٍ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْمَغَازِي، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَسَرَ النَّضْرَ بْنَ الْحَارِثِ الْعَبْدرِيَّ يَوْمَ بَدْرٍ، وَقَتَلَهُ بِالْبَادِيَةِ، أَوْ بِالنَّازِيَةِ، أَوِ الْأَثِيلِ صَبْرًا «
17909 -
وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَسَرَ عُقْبَةَ بْنَ أَبِي مُعَيْطٍ يَوْمَ بَدْرٍ فَقَتَلَهُ صَبْرًا»
17910 -
وَبِإِسْنَادِهِ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا عَدَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَسَرَ أَبَا عَزَّةَ الْجُمَحِيَّ يَوْمَ بَدْرٍ فَمَنَّ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَسَرَهُ يَوْمَ أُحُدٍ فَقَتَلَهُ صَبْرًا، وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَسَرَ سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو، وَأَبَا وَدَاعَةَ السَّهْمِيَّ، وَغَيْرَهُمْ، فَفَادَاهُمْ بِأَرْبَعَةِ آلَافٍ، أَرْبَعَةِ آلَافٍ، وَفَادَى بَعْضَهُمْ بِأَقَلَّ
⦗ص: 200⦘
17911 -
وَكَأَنَّ مَا وَصَفْتُ مِنْ فِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لِلْإِمَامِ إِذَا أَسَرَ رَجُلًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ أَنْ يَقْتُلَ، وَأَنْ يَمُنَّ بِلَا شَيْءٍ، وَأَنْ يُفَادِي بِمَالٍ يَأْخُذُهُ مِنْهُ، وَأَنْ يُفَادِي بِأَنْ يُطْلِقَ مِنْهُمْ عَلَى أَنْ يُطْلَقَ لَهُ بَعْضُ أَسْرَى الْمُسْلِمِينَ، لَا أَنَّ بَعْضَ هَذَا نَاسِخٌ لِبَعْضٍ، وَلَا مُخَالِفٌ لَهُ بِهِ مِنْ جِهَةِ إِبَاحَتِهِ
17912 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: «وَسَوَاءٌ كَانَ السَّبْيُ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أَوْ غَيْرِ أَهْلِ الْكِتَابِ؛ لِأَنَّ بَنِي قُرَيْظَةَ كَانُوا أَهْلَ كِتَابٍ، وَمَنْ وَصَفْتُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَنَّ عَلَيْهِمْ كَانُوا مِنْ أَهْلِ الْأَوْثَانِ، وَقَدْ مَنَّ عَلَى بَعْضِ الْكَاتِبِينَ فَلَمْ يَقْتُلْ، وَقَتَلَ أَعْمَى مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ بَعْدَ الْإِسَارِ»
17913 -
قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ رُوِّينَا عَنْ عُرْوَةَ، أَنَّ ثَابِتَ بْنَ قَيْسٍ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: هَبْ لِيَ الزُّبَيْرَ الْيَهُودِيَّ أَجْزِهِ بِيَدٍ كَانَتْ لَهُ عِنْدِي، فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ، ثُمَّ إِنَّهُ سَأَلَ ثَابِتًا أَنْ يَقْتُلَهُ حِينَ أَخْبَرَهُ بِقَتْلِ قَوْمِهِ، فَذَكَرَهُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَ بِهِ فَقُتِلَ
17914 -
وَفِي مَغَازِي مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ: أَنَّهُ الزُّبَيْرُ بْنُ بَاطَا الْقُرَظِيُّ، وَكَانَ يَوْمَئِذٍ كَبِيرًا أَعْمَى
قَتْلُهُمْ بِضَرْبِ الْأَعْنَاقِ دُونَ الْمُثْلَةِ
17915 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: " وَإِذَا أَسَرَ الْمُسْلِمُونَ الْمُشْرِكِينَ فَأَرَادُوا قَتْلَهُمْ قَتَلُوهُمْ بِضَرْبِ الْأَعْنَاقِ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الْمُثْلَةِ، وَقَتَلَ مَنْ قَتَلَ كَمَا وَصَفْتُ
17916 -
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: قَدْ قَطَعَ أَيْدِي الَّذِينَ اسْتَاقُوا لِقَاحَهُ وَأَرْجُلَهُمْ، وَسَمَلَ أَعْيُنَهُمْ فَإِنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَرَجُلًا رَوَيَا هَذَا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، رَوَيَا فِيهِ، أَوْ أَحَدُهُمَا: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَخْطُبْ بَعْدَ ذَلِكَ خُطْبَةً إِلَّا أَمَرَ بِالصَّدَقَةِ، وَنَهَى عَنِ الْمُثْلَةِ "
17917 -
أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ، أَخْبَرَنَا أَبُو النَّضْرِ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ نَاسًا، مِنْ عُرَيْنَةَ قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاجْتوَوَا الْمَدِينَةَ، فَقَالَ:«لَوْ خَرَجْتُمْ إِلَى ذَوْدٍ لَنَا فَشَرِبْتُمْ مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا» ، فَنَعَلُوا وَارْتَدُّوا عَنِ الْإِسْلَامِ، وَقَتَلُوا رَاعِيَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَاسْتَاقُوا ذَوْدَهُ، فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي طَلَبِهِمْ، فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ، وَسَمَرَ أَعْيُنَهُمْ وَتَرَكَهُمْ فِي الْحَرَّةِ حَتَّى مَاتُوا "
17918 -
وَبِإِسْنَادِهِ قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، عَنِ الثِّقَةِ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ
⦗ص: 204⦘
، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، بِمِثْلِ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَزَادَ فِيهِ أَنَسٌ: فَمَا خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ هَذَا خُطْبَةً إِلَّا نَهَى فِيهَا عَنِ الْمُثْلَةِ "
17919 -
قَالَ أَحْمَدُ: هَذَا الْحَدِيثُ دُونَ هَذِهِ الزِّيَادَةِ مُخَرَّجٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ
17920 -
وَفِي حَدِيثِ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، «ثُمَّ نَهَى عَنِ الْمُثْلَةِ»
17921 -
وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْ قَتَادَةَ، وَقَالَ:«بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَحُثُّ فِي خُطْبَتِهِ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الصَّدَقَةِ، وَيَنْهَى عَنِ الْمُثْلَةِ»
17922 -
وَرُوِّينَا عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، أَنَّ هَذَا كَانَ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ الْحُدُودُ
17923 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ الرَّبِيعِ: «وَكَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ يُنْكِرُ حَدِيثَ أَنَسٍ فِي أَصْحَابِ اللِّقَاحِ»
17924 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي يَحْيَى، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ قَالَ:«لَا وَاللَّهِ مَا سَمَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَيْنًا، وَلَا زَادَ أَهْلَ اللِّقَاحِ عَلَى قَطْعِ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلِهِمْ»
17925 -
قَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَنَسٌ حَدِيثًا ثَابِتًا صَحِيحًا قَدْ رَوَاهُ عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ
17926 -
وَرُوِيَ أَيْضًا، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَفِيهِمَا جَمِيعًا أَنَّهُ سَمَلَ أَعْيُنَهُمْ، فَلَا مَعْنَى لِلْإِنْكَارِ بَعْدَ صِحَّةِ الْإِسْنَادِ، فَإِمَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى النَّسْخِ كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ ابْنُ سِيرِينَ وَقَتَادَةُ، وَعَلَى ذَلِكَ حَمَلَهُ الشَّافِعِيُّ فِي أَوَّلِ كَلَامِهِ، وَإِمَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّهُ فَعَلَ بِهِمْ مَا فَعَلُوا بِالرِّعَاءِ
17927 -
وَعَلَى ذَلِكَ يَدُلُّ حَدِيثُ يَحْيَى بْنِ غَيْلَانَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «إِنَّمَا سَمَلَ أَعْيُنَ أُولَئِكَ لِأَنَّهُمْ سَمَلُوا أَعْيُنَ الرِّعَاءِ» أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ هَانِئٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مِهْرَانَ، حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ سَهْلٍ الْأَعْرَجُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ غَيْلَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، فَذَكَرَهُ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ سَهْلٍ
17928 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، أَنَّ هَبَّارَ بْنَ الْأَسْوَدِ، كَانَ قَدْ أَصَابَ زَيْنَبَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِشَيْءٍ، فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
⦗ص: 206⦘
سَرِيَّةً فَقَالَ: «إِنْ ظَفِرْتُمْ بِهَبَّارٍ فَاجْعَلُوهُ بَيْنَ حِزْمَتَيْنِ مِنْ حَطَبٍ ثُمَّ أَحْرِقُوهُ» ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«سُبْحَانَ اللَّهِ مَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يُعَذِّبَ بِعَذَابِ اللَّهِ، إِنْ ظَفِرْتُمْ بِهِ فَاقْطَعُوا يَدَهُ ثُمَّ رِجْلَهُ»
17929 -
وَهَذَا مُنْقَطِعٌ وَقَوْلُهُ أَصَابَهَا بِشَيْءٍ يُرِيدُ خُرُوجَهُ خَلْفَهَا حِينَ خَرَجَتْ مِنْ مَكَّةَ، وَرَدَّهَا حَتَّى سَقَطَ بِهَا بَعِيرُهَا، وَأَسْقَطَتْ لِذَلِكَ سِقْطًا
17930 -
وَقَدْ ذَكَرَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْبَغْدَادِيِّ عَنْهُ حَدِيثَ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَشَجِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْثٍ وَقَالَ: «إِنْ وَجَدْتُمْ فُلَانًا وَفُلَانًا - لِرَجُلَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ - فَأَحْرِقُوهُمَا بِالنَّارِ» ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ أَرَدْنَا الْخُرُوجَ:«إِنِّي كُنْتُ أَمَرْتُكُمْ أَنْ تُحْرِقُوا فُلَانًا وَفُلَانًا بِالنَّارِ، وَإِنَّ النَّارَ لَا يُعَذِّبُ بِهَا إِلَّا اللَّهُ، فَإِنْ وَجَدْتُمُوهُمَا فَاقْتُلُوهُمَا»
⦗ص: 207⦘
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، بِهَذَا الْحَدِيثِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ قُتَيْبَةَ وَذَكَرَ أَيْضًا فِي رِوَايَةِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدِيثَ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا الْمَعْنَى
17931 -
وَذَكَرَ حَدِيثَ ابْنِ عُلَيَّةَ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَسَمُرَةَ قَالَا:«مَا خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا أَمَرَنَا بِالصَّدَقَةِ، وَنَهَانَا عَنِ الْمُثْلَةِ»
17932 -
وَحَدِيثُ بُرَيْدَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا بَعَثَ سَرِيَّةً قَالَ: «لَا تُمَثِّلُوا»
⦗ص: 208⦘
17933 -
وَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «نَهَى عَنِ الْمُثْلَةِ» وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «نَهَى عَنْ صَبْرِ الرُّوحِ»
17934 -
وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا تَتَّخِذُوا شَيْئًا فِيهِ الرُّوحُ غَرَضًا»
17935 -
وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ مَرَّ بِقَوْمٍ قَدْ نَصَبُوا دَجَاجَةً وَهُمْ يَرْمُونَهَا، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا تَتَّخِذُوا شَيْئًا فِيهِ الرُّوحُ غَرَضًا»
17936 -
وَحَدِيثُ أَنَسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «نَهَى أَنْ تُصْبَرَ الْبَهَائِمُ»
⦗ص: 209⦘
17937 -
وَحَدِيثُ هُنَيِّ بْنِ نُوَيْرَةَ: أَنَّ ابْنَ مُكَعْبَرٍ مُثِّلَ بِهِ، فَقَالَ عَلْقَمَةُ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ أَعَفَّ النَّاسِ قِتْلَةً أَهْلُ الْإِيمَانِ»
17938 -
وَحَدِيثُهُ عَنِ ابْنِ عُلَيَّةَ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْأَشْعَثَ، عَنْ شَدَّادٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ مُدْيَتَهُ، وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ»
17939 -
وَقَدْ ذَكَرْنَا أَسَانِيدَ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ فِي كِتَابِ السُّنَنِ
17940 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: " وَالْمُثْلَةُ الَّتِي نَهَى عَنْهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هُوَ أَنْ تُقْطَعَ أَيْدِي الْمُشْرِكِينَ إِذَا أُسِرُوا، وَتُجْدَعَ آذَانُهُمْ وَأُنُوفُهُمْ، وَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ أَبُو سُفْيَانَ يَوْمَ أُحُدٍ فَمَثَّلَ بِأَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَأُمَثِّلَنَّ بِكَذَا وَكَذَا مِنْهُمْ» قَالَ: وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ ذَلِكَ عَنِ الْمُثْلَةِ "
⦗ص: 210⦘
17941 -
قَالَ أَحْمَدُ: رُوِّينَا فِي حَدِيثٍ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ حِينَ رَأَى حَمْزَةَ:«لَئِنْ ظَفِرْتُ بِقُرَيْشٍ لَأُمَثِّلَنَّ بِسَبْعِينَ رَجُلًا مِنْهُمْ» ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل:{وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ} [النحل: 126]، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«بَلْ نَصْبِرُ يَا رَبِّ»
17942 -
إِسْلَامُ الْمُشْرِكِ بَعْدَ الْأَسْرِ
17943 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: أَسَرَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلًا مِنْ بَنِي عَقِيلٍ فَأَوْثَقُوهُ فَطَرَحُوهُ فِي الْحَرَّةِ فَمَرَّ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ مَعَهُ، أَوْ قَالَ: أَتَى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى حِمَارٍ وَتَحْتَهُ قَطِيفَةٌ فَنَادَاهُ: يَا مُحَمَّدُ يَا مُحَمَّدُ فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «مَا شَأْنُكَ؟» قَالَ: فَبِمَ أُخِذْتُ؟ وَفِيمَ أَخَذْتَ سَابِقَةَ الْحَاجِّ؟ قَالَ: «أُخِذْتَ بِجَرِيرَةِ حُلَفَائِكُمْ ثَقِيفٍ» ، وَكَانَتْ ثَقِيفٌ قَدِ أَسَرَتْ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَتَرَكَهُ وَمَضَى، فَنَادَاهُ: يَا مُحَمَّدُ يَا مُحَمَّدُ فَرَجَمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَرَجَعَ إِلَيْهِ فَقَالَ: «مَا شَأْنُكَ؟» فَقَالَ: إِنِّي مُسْلِمٌ قَالَ: «لَوْ قُلْتَهَا وَأَنْتَ تَمْلِكُ أَمْرَكَ أَفْلَحْتَ كُلَّ الْفَلَاحِ» قَالَ: فَتَرَكَهُ وَمَضَى، فَنَادَاهُ: يَا مُحَمَّدُ يَا مُحَمَّدُ فَرَجَعَ إِلَيْهِ فَقَالَ: إِنِّي جَائِعٌ فَأَطْعِمْنِي قَالَ: وَأَحْسَبُهُ قَالَ: وَإِنِّي عَطْشَانٌ فَاسْقِنِي قَالَ: «هَذِهِ حَاجَتُكَ» قَالَ: فَفَدَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَفِي نُسْخَةٍ أُخْرَى: فَفَادَاهُ بِالرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ أَسَرَتْهُمَا ثَقِيفٌ، وَأَخَذَ نَاقَتَهُ تِلْكَ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ
⦗ص: 212⦘
17944 -
وَفِي حَدِيثِ إِسْحَاقَ: وَأُخِذَتْ نَاقَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تِلْكَ،
17945 -
وَسُبِيَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَذَكَرَ قِصَّةَ الْمَرْأَةِ
17946 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ وَحْدَهُ فِي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ: «أُخِذْتَ بِجَرِيرَةِ حُلَفَائِكُمْ ثَقِيفٍ» ، " إِنَّمَا هُوَ أَنَّ الْمَأْخُوذَ مُشْرِكٌ مُبَاحُ الدَّمِ وَالْمَالِ لِشِرْكِهِ مِنْ جَمِيعِ جِهَاتِهِ، وَالْعَفْوُ عَنْهُ مُبَاحٌ، فَلَمْ يُنْكِرْ أَنْ يَقُولَ:«أُخِذْتَ أَيْ حُبِسْتَ بِجَرِيرَةِ حُلَفَائِكُمْ ثَقِيفٍ» ، وَيَحْبِسُهُ بِذَلِكَ لِيَصِيرُوا إِلَى أَنْ يُخْلُوا مَنْ أَرَادَ
17947 -
وَقَدْ غَلَطَ بِهَذَا بَعْضُ مَنْ يُشَدِّدُ فِي الْوَلَايَةِ فَقَالَ: يُؤْخَذُ الْوَلِيُّ بِالْوَلِيِّ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَهَذَا مُشْرِكٌ يَحِلُّ أَنْ يُؤْخَذَ بِكُلِّ جِهَةٍ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِرَجُلَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ:«هَذَا ابْنُكَ؟» قَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ:«أَمَا إِنَّهُ لَا يَجْنِي عَلَيْكَ، وَلَا تَجْنِي عَلَيْهِ»
17948 -
وَقَضَى اللَّهُ تبارك وتعالى أَنْ لَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى
17949 -
فَلَمَّا كَانَ حَبْسُهُ هَذَا حَلَالًا بِغَيْرِ جِنَايَةِ غَيْرِهِ، وَإِرْسَالُهُ مُبَاحًا، جَازَ أَنْ يُحْبَسَ بِجِنَايَةِ غَيْرِهِ لِاسْتِحْقَاقِهِ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ
17950 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَأَسْلَمَ هَذَا الْأَسِيرُ، فَرَأَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ أَسْلَمَ بِلَا نِيَّةٍ قَالَ:«لَوْ قُلْتَهَا وَأَنْتَ تَمْلِكُ نَفْسَكَ أَفْلَحْتَ كُلَّ الْفَلَاحِ» ، وَحُقِنَ بِإِسْلَامِهِ دَمُهُ
⦗ص: 213⦘
، وَلَمْ يُحِلَّهُ بِالْإِسْلَامِ إِذْ كَانَ بَعْدَ إِسَارِهِ، وَإِذْ فَدَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ إِسْلَامِهِ بِالرَّجُلَيْنِ فَهَذَا أَنَّهُ أَثْبَتَ عَلَيْهِ الرِّقَّ بَعْدَ إِسْلَامِهِ
17951 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهَذَا رَدٌّ لِقَوْلِ مُجَاهِدٍ؛ لِأَنَّ سُفْيَانَ أَخْبَرَنَا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: إِذَا أَسْلَمَ أَهْلُ الْعُنْوَةِ فَهُمْ أَحْرَارٌ، وَأَمْوَالَهُمْ فَيْءٌ لِلْمُسْلِمِينَ، فَتَرَكْنَا هَذَا اسْتِدْلَالًا بِالْخَبَرِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
17952 -
قَالَ: وَإِذَا فَادَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِرَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِهِ فَإِنَّمَا فَادَاهُ بِهِمَا أَنَّهُ فَكَّ الرِّقَّ عَنْهُ بِأَنْ خَلُّوا صَاحِبَيْهِ
17953 -
وَفِي هَذَا دَلَالَةٌ عَلَى أَنْ لَا بَأْسَ أَنْ يُعْطِيَ الْمُسْلِمُونَ الْمُشْرِكِينَ كُلَّ مَنْ يَجْرِي عَلَيْهِ الرِّقُّ، وَإِنْ أَسْلَمَ، إِذَا كَانَ لَا يَسْتَرِقُّ، وَهَذَا الْعُقَيْلِيُّ لَا يَسْتَرِقُّ لِمَوْضِعِهِ فِيهِمْ
17954 -
وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ إِلَى أَنْ قَالَ: فَدَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم هَذَا الْعُقَيْلِيُّ الَّذِي أَسْلَمَ وَرَدَّهُ إِلَى بَلَدِهِ، وَهِيَ أَرْضُ كُفْرٍ، لِعِلْمِهِ بِأَنَّهُمْ لَا يَصُدُّونَهُ لِقَدْرِهِ فِيهِمْ وَشَرَفِهِ عِنْدَهُمْ "
17955 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَمَنِ ادَّعَى نَسْخَ هَذَا الْحَدِيثِ بِقَوْلِهِ: {فَلَا تُرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} [الممتحنة: 10] فَالْآيَةُ فِي النِّسَاءِ، وَقَدْ رَدَّ أَبَا بَصِيرٍ بَعْدَ نُزُولِ الْآيَةِ حَتَّى انْفَلَتَ بِنَفْسِهِ، وَرَجَعَ الْعَبَّاسُ إِلَى مَكَّةَ بَعْدَ إِسْلَامِهِ وَقَبْلَ الْفَتْحِ لِأَنَّهُ كَانَ لَا يَخَافُ أَنْ يَضُرُّوهُ أَوْ يُفْتَنَ عَنْ دِينِهِ لِشَرَفِهِ فِيهِمْ
مَنْ يَجْرِي عَلَيْهِ الرِّقُّ
؟
17956 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: قَدْ سَبَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَهَوَازِنَ وَقَبَائِلَ مِنَ الْعَرَبِ، وَأَجْرَى عَلَيْهِمُ الرِّقَّ حَتَّى مَنَّ عَلَيْهِمْ بَعْدُ
17957 -
فَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْمَغَازِي، فَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا أَطْلَقَ سَبْيَ هَوَازِنَ قَالَ:«لَوْ كَانَ تَامًّا عَلَى أَحَدٍ مِنَ الْعَرَبِ سَبْيٌ لَتَمَّ عَلَى هَؤُلَاءِ، وَلَكِنَّهُ إِسَارٌ وَفِدَاءٌ»
17958 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَمَنْ ثَبَتَ هَذَا الْحَدِيثَ زَعَمَ أَنَّ الرِّقَّ لَا يَجْرِي عَلَى عَرَبِيٍّ بِحَالٍ، وَهَذَا قَوْلُ الزُّهْرِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَالشَّعْبِيِّ، وَيُرْوَى عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى الْغَسَّانِيِّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ
⦗ص: 215⦘
عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ رَجُلٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، أَنَّ عُمَرَ قَالَ:: «لَا يُسْتَرَقُّ عَرَبِيُّ»
17959 -
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّهُ قَالَ فِي:" الْمَوْلَى يَنْكِحُ الْأَمَةَ، يُسْتَرَقُّ وَلَدُهُ وَفِي الْعَرَبِيِّ يَنْكِحُ الْأَمَةَ: لَا يُسْتَرَقُّ وَلَدُهُ، وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُمْ "
17960 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَمَنْ لَمْ يُثْبِتِ الْحَدِيثَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْعَرَبَ وَالْعَجَمَ سَوَاءٌ، وَأَنَّهُ يَجْرِي عَلَيْهِمُ الرِّقُّ حَيْثُ جَرَى عَلَى الْعَجَمِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
17961 -
قَالَ الرَّبِيعُ: وَبِهِ أَخَذَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله
17962 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَقَدْ ذَكَرَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ فِي رِوَايَةِ الزَّعْفَرَانِيِّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وَقَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: قَالَ عُمَرُ: «لَا يُسْتَرَقُّ عَرَبِيُّ»
⦗ص: 216⦘
17963 -
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى الْغَسَّانِيِّ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ، كَتَبَ إِلَيْهِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، «كَانَ فِيمَا يَقْضِي فِيمَا تَسَابَتِ الْعَرَبُ مِنَ الْفِدَاءِ بِأَرْبَعِمِائَةٍ»
17964 -
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا الثِّقَةُ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، «كَانَ يَقْضِي فِي الْعَرَبِ الَّذِينَ يَنْكِحُونَ الْإِمَاءَ فِي الْفِدَاءِ بِالْغُرَّةِ»
17965 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، وَأَنَا أَظُنُّهُ مُحَمَّدَ بْنَ عُمَرَ الْوَاقِدِيَّ، عَنْ مُوسَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ السَّلُولِيِّ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ يَوْمَ حُنَيْنٍ:«لَوْ كَانَ ثَابِتًا عَلَى أَحَدٍ مِنَ الْعَرَبِ سَبْيٌ بَعْدَ الْيَوْمِ ثَبَتَ عَلَى هَؤُلَاءِ، وَلَكِنْ إِنَّمَا هُوَ إِسَارٌ وَفِدَاءٌ»
17966 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: " وَلَا نَعْلَمُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَبَى بَعْدَ حُنَيْنٍ أَحَدًا، وَلَا نَعْلَمُ أَبَا بَكْرٍ سَبَى عَرَبِيًّا مِنْ أَهْلِ الرِّدَّةِ، وَلَكِنْ أَسَرَهُمْ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى خَلَّاهُمْ عُمَرُ
17967 -
قَالَ: وَقَدْ رُوِيَ شَيْءٌ عَنْ أَبِي بَكْرٍ فِي سَبْيِ بَعْضِ الْعَرَبِ وَلَيْسَ بِثَابِتٍ، إِنَّمَا كَانَ أَسَرَهُمْ، وَأَحْسَبُ أَنَّ مَنْ قَالَ سَبَاهُمْ إِنَّمَا ذَهَبُوا إِلَى هَذَا، وَالْحِجَازُ عِنْدَنَا لَيْسَ فِي أَهْلِهِ عَرَبِيُّ عَلِمْتُهُ جَرَى عَلَيْهِ سَبْيٌ فِي الْإِسْلَامِ
17968 -
قَالَ أَحْمَدُ: أَمَّا قَبْلَ سَبْيِ هَوَازِنَ فَالسَّبْيُ كَانَ يَجْرِي عَلَيْهِمْ، وَالْأَخْبَارُ بِذَلِكَ نَاطِقَةٌ، وَلَوْ صَحَّ حَدِيثُ مُعَاذٍ كَانَتِ الْحُجَّةُ فِيهِ، إِلَّا أَنَّ رَاوِيهِ مُوسَى
⦗ص: 217⦘
بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ، وَالرَّاوِي عَنْهُ الْوَاقِدِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَلَمْ أَجِدْ هَذَا اللَّفْظَ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِ حَدِيثِ سَبْيِ هَوَازِنَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
17969 -
وَمَنِ الْأَحَادِيثِ الَّتِي ثَبَتَتْ فِي جَرَيَانِ الرِّقِّ عَلَيْهِمْ مَا ثَبَتَ عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، سَبَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي نَذْرٍ مُحَرَّرًا مِنْ بَنِي إِسْمَاعِيلَ كَانَ عَلَى عَائِشَةَ، فَسُبِيَ سَبْيٌ مِنْ بَلْعَنْبَرَ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إِنْ سَرَّكِ أَنْ تَفِي بِنَذْرِكِ فَأَعْتِقِي مُحَرَّرًا مِنْ هَؤُلَاءِ» ، فَجَعَلَهُمْ مِنْ بَنِي إِسْمَاعِيلَ
17970 -
إِلَّا أَنَّ هَذَا كَانَ قَبْلَ سَبْيِ هَوَازِنَ فِيمَا زَعَمَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْمَغَازِي، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
تَحْرِيمُ الْفِرَارِ مِنَ الزَّحْفِ
17971 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} ، " فَكَتَبَ عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يَفِرَّ الْعِشْرُونَ مِنَ الْمِئَتَيْنِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} فَخَفَّفَ عَنْهُمْ، وَكَتَبَ أَنْ لَا يَفِرَّ مِائَةٌ مِنْ مِائَتَيْنِ "
⦗ص: 219⦘
أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ
17972 -
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:«مَنْ فَرَّ مِنْ ثَلَاثَةٍ فَلَمْ يَفِرَّ، وَمَنْ فَرَّ مِنَ اثْنَيْنِ فَقَدْ فَرَّ»
17973 -
هَكَذَا وَجَدْتُهُ، وَسَقَطَ مِنْ إِسْنَادِهِ بَيْنَ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ: عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ
17974 -
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شَيْبَانَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، فَذَكَرَهُ بِمَعْنَاهُ، وَفِي إِسْنَادِهِ عَطَاءٌ
17975 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ اللَّهُ عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ
17976 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَالتَّحَرُّفُ لِلْقِتَالِ الِاسْتِطْرَادُ إِلَى أَنْ يُمَكَّنَ الْمُسْتَطْرِدُ الْكَرَّةَ فِي أَيِّ حَالٍ مَا كَانَ الْإِمْكَانُ وَالتَّحَيُّزُ إِلَى الْفِئَةَ، إِنْ كَانَتِ الْفِئَةُ بِبِلَادِ الْعَدُوِّ، أَوْ بِبِلَادِ الْإِسْلَامِ بَعْدَ ذَلِكَ أَقْرَبُ، وَإِنَّمَا يَأْثَمُ بِالتَّوْلِيَةِ مَنْ لَمْ يَنْوِ وَاحِدًا مِنَ الْمَعْنَيَيْنِ
17977 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي
⦗ص: 220⦘
زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَرِيَّةٍ فَلَقُوا الْعَدُوَّ فَحَاصَ النَّاسُ حَيْصَةً، فَأَتَيْنَا الْمَدِينَةَ فَفَتَحْنَا بَابَهَا وَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، نَحْنُ الْفَرَّارُونَ، فَقَالَ:«بَلْ أَنْتُمُ الْعَكَّارُونَ، وَأَنَا فِئَتُكُمْ»
17978 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ:«أَنَا فِئَةُ كُلِّ مُسْلِمٍ»
17979 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْهُ حِكَايَةً عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ، مِنْهُمُ الْحَسَنُ: إِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ أُنْزِلَتْ فِي أَهْلِ بَدْرٍ، وَلَيْسَتْ بِعَامَّةٍ
17980 -
قَالَ أَحْمَدُ: رُوِيَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: نَزَلَتْ فِي يَوْمِ بَدْرٍ
17981 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: آيُ الْقُرْآنِ عَامٌّ لِجَمِيعِ النَّاسِ، وَكُلُّ الْخَلْقِ مُرَادٌ بِهِ، إِلَّا أَنْ يُبَيِّنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ الْفَرْضِ أَنَّ اللَّهَ قَصَدَ بِهِ إِلَى قَوْمٍ دُونَ قَوْمٍ
17982 -
وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ أَحَادِيثَ فِي كَيْفِيَّةِ بَيْعَةِ النَّاسِ إِمَامَهُمْ
⦗ص: 221⦘
، وَمَقْصُودُهُ مِنْهَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ، وَنَحْنُ نَذْكُرُ أَسَانِيدَهَا وَمَا وَقَعَ إِلَيْنَا فِي الْبَيْعَةِ مِنْ جِهَةِ الشَّافِعِيِّ يَرْحَمُهُ اللَّهُ
17983 -
أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ، أَخْبَرَنَا أَبُو النَّضْرِ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرِ بْنُ سَلَامَةَ، حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَادَةُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، أَنَّ أَبَاهُ، أَخْبَرَهُ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ:«بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ، وَالْمَكْرَهِ وَالْمَنْشَطِ، وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ، وَأَنْ نَقُولَ أَوْ نَقُومَ بِالْحَقِّ لَا نَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ» أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ يَحْيَى
17984 -
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْأَشْعَثَ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: أَخَذَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سِتًّا كَمَا أَخَذَ عَلَى النِّسَاءِ: «أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلَا
⦗ص: 222⦘
تَسْرِقُوا، وَلَا تَزْنُوا، وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ، وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، وَلَا تَعْصُوا فِي مَعْرُوفٍ أَمَرْتُكُمْ بِهِ، فَمَنْ أَصَابَ مِنْكُمْ وَاحِدَةً فَعُجِّلَتْ عُقُوبَتُهُ فَهُوَ كَفَّارَةٌ، وَمَنْ أُخِّرَتْ عُقُوبَتُهُ فَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ، وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ» أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ هُشَيْمٍ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ
17985 -
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: كُنَّا إِذَا بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ يَقُولُ لَنَا: «فِيمَا اسْتَطَعْتُمْ» أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ
17986 -
زَادَ فِي الْقَدِيمِ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ أُمَيْمَةَ بِنْتِ رُقَيْقَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي نِسْوَةٍ نُبَايعُهُ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، نُبَايعُكَ عَلَى أَنْ لَا نُشْرِكَ بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلَا نَسْرِقَ، وَلَا نَزْنِيَ، وَلَا نَقْتُلَ أَوْلَادَنَا، وَلَا نَأْتِيَ بِبُهْتَانٍ نَفْتَرِيهِ بَيْنَ أَيْدِينَا وَأَرْجُلِنَا، وَلَا نَعْصِيَكَ فِي مَعْرُوفٍ قَالَتْ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «فِيمَا اسْتَطَعْتُنَّ وَأَطَقْتُنَّ» قَالَتْ: فَقُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَرْحَمُ بِنَا مِنْ
⦗ص: 223⦘
أَنْفُسِنَا، هَلُمَّ نُبَايعْكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إِنِّي لَا أُصَافِحُ النِّسَاءَ، إِنَّمَا قَولِي لِمِائَةِ امْرَأَةٍ كَقَوْلِي لِامْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ»
17987 -
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، فِيمَا قَرَأَ عَلَى مَالِكٍ فَذَكَرَهُ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ:«كَقَوْلِي لِامْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ» ، أَوْ «مِثْلَ قَوْلِي لِامْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ»
17988 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ:«لَمْ نُبَايعْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمَوْتِ، وَلَكِنْ بَايَعْنَاهُ عَلَى أَنْ لَا نَفِرَّ» أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ الْفَقِيهُ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، فَذَكَرَهُ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ
17989 -
وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ مَعْنَى حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ:" لَمَّا كَانَ زَمَانُ الْحَرَّةِ أَتَاهُ آتٍ فَقَالَ لَهُ: هَذَاكَ ابْنُ حَنْظَلَةَ يُبَايعُ النَّاسَ، فَقَالَ: عَلَى أَيِّ شَيْءٍ؟ قَالَ: عَلَى الْمَوْتِ قَالَ: لَا أُبَايعُ عَلَى هَذَا أَحَدًا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "
⦗ص: 224⦘
أَخْبَرَنَاهُ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ، فَذَكَرَهُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ مُوسَى، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ وُهَيْبٍ
17990 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَالسُّنَّةُ أَنْ يُبَايعَ النَّاسُ إِمَامَهُمْ عَلَى أَنْ يُقَاتِلُوا مَعَهُ مَا أَمْكَنَهُمُ الْقِتَالُ وَأَطَاقُوهُ، فَإِذَا لَمْ يُطِيقُوهُ فَلَا سَبِيلَ عَلَيْهِمْ كَمَا وَصَفَهُ ابْنُ عُمَرَ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُبَايعُ النَّاسَ فِيمَا اسْتَطَاعُوا»
17991 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَإِنْ عَجَزُوا عَنِ الْقِتَالِ وَسِعَهُمُ التَّحَيُّزُ وَالْفِرَارُ إِلَى فِئَةٍ، وَكُلُّ الْمُسْلِمِينَ فِئَةٌ
17992 -
وَكَذَلِكَ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: «أَنَا فِئَةُ كُلِّ مُسْلِمٍ»
النَّهْيُ عَنْ قَصْدِ النِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ بِالْقَتْلِ
17993 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ عَمِّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى الَّذِينَ بَعَثَ إِلَى ابْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ
17994 -
وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ: «إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا بَعَثَ إِلَى ابْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ نَهَى عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ»
17995 -
وَذَكَرَ فِي الْقَدِيمِ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْهُ حَدِيثَ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ امْرَأَةً مَقْتُولَةً فَأَنْكَرَ ذَلِكَ وَنَهَى عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ» أَخْبَرَنَاهُ أَبُو أَحْمَدَ الْمِهْرَجَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ
17996 -
هَكَذَا رَوَاهُ مَالِكٌ مُرْسَلًا
17997 -
وَرَوَاهُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، أَخْبَرَهُ، «أَنَّ امْرَأَةً وُجِدَتْ فِي بَعْضِ مَغَازِي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَقْتُولَةً، فَأَنْكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَتْلَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ» أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا اللَّيْثٌ، فَذَكَرَهُ
⦗ص: 227⦘
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، وَقُتَيْبَةَ وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ، عَنِ اللَّيْثِ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ مَوْصُولًا
17998 -
وَذَكَرَ فِي الْقَدِيمِ حَدِيثَ ابْنِ عُلَيَّةَ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ سَرِيعٍ، أَنَّ قَوْمًا قَتَلُوا الذُّرِّيَّةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«لَا تُقْتَلُ ذُرِّيَّةٌ» ، قِيلَ: أَوَ لَيْسَ بِأَوْلَادِ الْمُشْرِكِينَ؟ قَالَ: «خِيَارُكُمْ أَوْلَادُ الْمُشْرِكِينَ»
17999 -
أَخْبَرَنَاهُ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِئُ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ أَتَمَّ مِنْ ذَلِكَ
التَّبْيِيتُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ وَإِصَابَةُ نِسَائِهِمْ وَذَرَارِيِّهِمْ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ
18000 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ - يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ اللَّيْثِيِّ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنْ أَهْلِ الدَّارِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يُبَيَّتُونَ فَيُصَابُ مِنْ نِسَائِهِمْ وَأَبْنَائِهِمْ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«هُمْ مِنْهُمْ»
⦗ص: 229⦘
18001 -
وَرُبَّمَا قَالَ سُفْيَانُ فِي الْحَدِيثِ: «هُمْ مِنْ آبَائِهِمْ»
18002 -
وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنِي الصَّعْبُ بْنُ جَثَّامَةَ، " أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يُسْأَلُ عَنْ أَهْلِ الدَّارِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يُبَيَّتُونَ فَيُصَابُ مِنْ نِسَائِهِمْ وَذَرَارِيِّهِمْ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«هُمْ مِنْهُمْ»
18003 -
قَالَ: وَزَادَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ «هُمْ مِنْ آبَائِهِمْ» أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ
18004 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: " وَكَانَ سُفْيَانُ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ قَوْلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «هُمْ مِنْهُمْ» إِبَاحَةً لِقَتْلِهِمْ، وَأَنَّ حَدِيثَ ابْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ نَاسِخٌ لَهُ قَالَ: وَكَانَ الزُّهْرِيُّ إِذَا حَدَّثَ بِحَدِيثِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ أَتْبَعَهُ حَدِيثَ ابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ
18005 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَحَدِيثُ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ كَانَ فِي عُمْرَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَإِنْ كَانَ فِي عُمْرَتِهِ الْأُولَى فَقَدْ قُتِلَ ابْنُ أَبِي الْحُقَيْقِ قَبْلَهَا، وَقِيلَ فِي سَنَتِهَا، وَإِنْ كَانَ فِي عُمْرَتِهِ الْآخِرَةِ فَهُوَ بَعْدَ أَمْرِ ابْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ غَيْرَ شَكٍّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
18006 -
قَالَ: وَلَمْ نَعْلَمْهُ رَخَّصَ فِي قَتْلِ النِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ ثُمَّ نَهَى عَنْهُ
18007 -
وَمَعْنَى نَهْيهِ عِنْدَنَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، عَنْ قَتَلَ النِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ أَنْ يَقْصِدَ قَتْلَهُمْ بِقَتْلٍ، وَهُمْ يُعْرَفُونَ مُتَمَيِّزِينَ مِمَّنْ أَمَرَ بِقَتْلِهِ مِنْهُمْ
18008 -
وَمَعْنَى قَوْلِهِ: «هُمْ مِنْهُمْ» أَنَّهُمْ يَجْمَعُونَ خَصْلَتَيْنِ: أَنْ لَيْسَ لَهُمْ
⦗ص: 230⦘
حُكْمُ الْإِيمَانِ الَّذِي يَمْنَعُ الدَّمَ، وَلَا حُكْمَ دَارِ الْإِيمَانِ الَّذِي يَمْنَعُ الْغَارَةَ عَلَى الدَّارِ، وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِي شَرْحِ ذَلِكَ
18009 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَقَدْ ذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ صَاحِبِ الْمَغَازِي «أَنَّ قَتْلَ أَبِي رَافِعِ بْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ كَانَ قَبْلَ غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ، وَقَبْلَ عُمْرَةِ الْحُدَيْبِيَةِ»
18010 -
وَفِي حَدِيثِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِهِ وَهُوَ بِالْأَبْوَاءِ، أَوْ بِوَدَّانَ، فَأَهْدَى إِلَيْهِ حِمَارَ وَحْشٍ فَرَدَّهُ وَقَالَ:«إِنَّا حُرُمٌ» ، وَذَكَرَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ ذَرَارِيِّ الْمُشْرِكِينَ، فَذَكَرَهُ
18011 -
وَفِي ذَلِكَ دَلَالَةٌ عَلَى صِحَّةِ مَا قَالَ الشَّافِعِيُّ مِنْ كَوْنِهِ بَعْدَ نَهْيهِ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ، وَأَنَّ وَجْهَ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ مَا ذَكَرَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ
18012 -
وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ رحمه الله أَيْضًا بِجَوَازِ التَّبْيِيتِ بِمَا: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ حَبِيبٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
⦗ص: 231⦘
عَوْنٍ، أَنَّ نَافِعًا كَتَبَ إِلَيْهِ يُخْبِرُهُ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَخْبَرَهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَغَارَ عَلَى بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَهُمْ غَارُونَ فِي نَعَمِهِمْ بِالْمُرَيْسِيعِ، فَقَتَلَ الْمُقَاتِلَةَ وَسَبَى الذُّرِّيَّةَ " أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَوْنٍ
18013 -
وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: سَارَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى خَيْبَرَ فَانْتَهَى إِلَيْهَا لَيْلًا، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا طَرَقَ قَوْمًا لَمْ يُغِرْ عَلَيْهِمْ حَتَّى يُصْبِحَ، فَإِنْ سَمِعَ أَذَانًا أَمْسَكَ، وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا يُصَلُّونَ أَغَارَ عَلَيْهِمْ حِينَ يُصْبِحُ، فَلَمَّا أَصْبَحَ رَكِبَ وَرَكِبَ الْمُسْلِمُونَ، فَخَرَجَ أَهْلُ الْقَرْيَةِ وَمَعَهُمْ مَكَاتِلُهُمْ وَمَسَاحِيهِمْ، فَلَمَّا رَأَوْا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالُوا: مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«اللَّهُ أَكْبَرُ خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ» قَالَ أَنَسٌ: وَإِنِّي لَرِدْفُ أَبِي طَلْحَةَ، وَإِنَّ قَدَمَيَّ لَتَمَسُّ قَدَمَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
18014 -
فَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَتِنَا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، رِوَايَةُ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ لَا يُغِيرُ حَتَّى يُصْبِحَ، لَيْسَ تَحْرِيمًا لِلْإِغَارَةِ لَيْلًا وَلَا نَهَارًا، وَلَا غَارِينَ فِي حَالٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَلَكِنَّهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ بِنَصْرِ مَنْ مَعَهُ كَيْفَ يُغِيرُونَ احْتِيَاطًا مِنْ أَنْ يُؤْتَوْا مِنْ كَمِينٍ أَوْ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ، وَقَدْ تَخْتَلِطُ الْحَرْبُ إِذَا أَغَارُوا لَيْلًا
⦗ص: 232⦘
فَيَقْتُلُ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ بَعْضًا، قَدْ أَصَابَهُمْ ذَلِكَ فِي قَتْلِ ابْنِ عَتِيكٍ فَقَطَعُوا رِجْلَ أَحَدِهِمْ
18015 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَإِنَّمَا أَرَادَ فِي قِتَالِ ابْنِ عَتِيكٍ خُرُوجَهُ فِي قَتْلِ ابْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ، إِلَّا أَنَّ فِيَ تِلْكَ الْقِصَّةِ أَنَّ ابْنَ عَتِيكٍ سَقَطَ فَوَثَبَتْ رِجْلُهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ فِي قَتْلِ كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ فَغَلَطَ الْكَاتِبُ فِي الْقِصَّةِ، فَفِي قِصَّةِ قَتْلِ كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ أَنَّهُ أُصِيبَ الْحَارِثُ بْنُ أَوْسِ بْنِ مُعَاذٍ فَجُرِحَ فِي رَأْسِهِ وَرِجْلِهِ
18016 -
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ: أَصَابَهُ بَعْضُ أَسْيَافِنَا وَقُتِلَ، بَلْ أَصَابُوا عَبَّادَ بْنَ بِشْرٍ فِي وَجْهِهِ أَوْ فِي رِجْلِهِ، وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ وَذَلِكَ فِي قِصَّةِ قَتْلِ كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ
الْمَرْأَةُ تُقَاتِلُ فَتُقْتَلُ
18017 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْهُ: حَدَّثَنَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:«مَا رَأَيْتُ مِثْلَ يَهُودِيَّةٍ مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ، إِنَّهَا لَتُحَدِّثُ عِنْدِي وَتَضْحَكُ إِذَا نُودِيَ بِهَا» ، فَقَالَتْ:«إِنِّي الْآنَ لَمَقْتُولَةٌ» ، قُلْتُ: وَمَا شَأْنُكِ؟ قَالَتْ: «أَحْدَثْتُ حَدَثًا»
18018 -
حَدَّثَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ: قَالَتْ: «مَا قَتَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم امْرَأَةً مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ إِلَّا امْرَأَةً وَاحِدَةً، ثُمَّ ذَكَرَ أَتَمَّ مِنْ ذَلِكَ»
18019 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَحَدَّثَنِي أَصْحَابُنَا أَنَّهَا كَانَتْ دَلَّتْ عَلَى مَحْمُودِ بْنِ مَسْلَمَةَ رَحَا فَقَتَلَتْهُ، فَقُتِلَتْ بِذَلِكَ
18020 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَدْ جَاءَ الْخَبَرُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَتَلَ الْقُرَظِيَّةَ، وَلَمْ يَصِحَّ خَبَرٌ عَلَى أَيِّ مَعْنًى قَتَلَهَا وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ أَسْلَمَتْ ثُمَّ ارْتَدَّتْ وَلَحِقَتْ بِقَوْمِهَا فَقَتَلَهَا لِذَلِكَ وَيُحْتَمَلُ غَيْرُهُ
18021 -
وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ مَحْمُودَ بْنَ مَسْلَمَةَ قُتِلَ بِخَيْبَرَ وَلَمْ يُقْتَلْ يَوْمَ بَنِي
⦗ص: 234⦘
قُرَيْظَةَ، وَذَاكَ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ائْذَنْ لِي أَنْ أَخْرُجَ إِلَى مَرْحَبَ، فَأَنَا وَاللَّهِ الْمَوْتُورُ الثَّائِرُ
18022 -
قَالَ أَحْمَدُ: رُوِّينَا عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، وَالْوَاقِدِيِّ، أَنَّ خَلَّادَ بْنَ سُوَيْدٍ الْخَزْرَجِيَّ، دَلَّتْ عَلَيْهِ فُلَانَةُ - امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ - رَحًا فَشَدَخَتْ رَأْسَهُ، فَقَتَلَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا ذَكَرَ
18023 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَقَدْ ذَكَرَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ حَدِيثَ رَبَاحِ بْنِ يَحْيَى أَخِي حَنْظَلَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى امْرَأَةً ضَخْمَةً مَقْتُولَةً فَقَالَ:«مَا أَرَى هَذِهِ كَانَتْ تُقَاتِلُ»
18024 -
وَفِي ذَلِكَ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهَا إِذَا قَاتَلَتْ حَلَّ قِتَالُهَا وَقَتْلُهَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قَطْعُ الشَّجَرِ وَحَرْقُ الْمَنَازِلِ
18025 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: " كُلُّ مَا كَانَ مِمَّا يَمْلِكُونَ لَا رُوحَ فِيهِ، فَإِتْلَافُهُ بِكُلِّ وَجْهٍ مُبَاحٌ
18026 -
ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ: قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى فِي بَنِي النَّضِيرِ حِينَ حَارَبَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: {هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} [الحشر: 2] الْآيَةَ إِلَى {يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ} [الحشر: 2]، فَوَصَفَ إِخْرَابَهُمْ مَنَازِلَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ، وَإِخْرَابَ الْمُؤْمِنِينَ بُيُوتَهُمْ، وَوَصْفُهُ إِيَّاهُ تبارك وتعالى كَالرِّضَا بِهِ "
18027 -
وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِقَطْعِ أَلْوَانٍ مِنْ أَلْوَانِ نَخْلِهِمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ رِضًا بِمَا صَنَعُوا مِنْ قَطْعِ نَخِيلِهِمْ:{مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ} [الحشر: 5]، فَرَضِيَ الْقَطْعَ وَأَبَاحَ التَّرْكَ "
18028 -
أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّي، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ
⦗ص: 236⦘
، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَطَعَ نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ وَحَرَّقَ، وَهِيَ الْبُوَيْرَةُ» أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ وَغَيْرِهِ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ نُزُولَ الْآيَةِ فِيهِ، وَذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ
18029 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «حَرَّقَ أَمْوَالَ بَنِي النَّضِيرِ» فَقَالَ قَائِلٌ:
[البحر الطويل]
⦗ص: 237⦘
وَهَانَ عَلَى سُرَاةِ بَنِي لُؤَيٍّ
…
حَرِيقٌ بِالْبُوَيْرَةِ مُسْتَطِيرُ
18030 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الشَّعْرُ فِي حَدِيثِ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، مَوْصُولًا
18031 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَتِنَا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَلَعَلَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حَرَّقَ مَالَ بَنِي النَّضِيرِ ثُمَّ تَرَكَهُ؟ قِيلَ: عَلَى مَعْنَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ، وَقَدْ قَطَعَ وَحَرَّقَ بِخَيْبَرَ، وَهِيَ بَعْدَ بَنِي النَّضِيرِ، وَحَرَّقَ الطَّائِفَ، وَهِيَ آخِرُ غَزَاةٍ قَاتَلَ بِهَا، وَأَمَرَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ أَنْ يُحْرِقَ عَلَى أَهْلِ أُبْنَى
18032 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا
⦗ص: 238⦘
أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ شِهَابٍ، يُحَدِّثُ عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ:«أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ أُغِيرَ صَبَاحًا عَلَى أَهْلِ أَبْنَا وَأُحَرِّقَ»
18033 -
قَالَ أَحْمَدُ: كَذَلِكَ رَوَاهُ صَالِحُ بْنُ أَبِي الْأَخْضَرِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَكَانَ أَبُو مُسْهِرٍ، يَقُولُ: نَحْنُ أَعْلَمُ، وَهِيَ يَبْنَا فِلَسْطِينَ
18034 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو سَعِيدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: «أَبُو بَكْرٍ كَانَ أَعْلَمَ بِتَأْوِيلِ هَذِهِ الْآيَةِ، وَقَدْ نَهَى عَنْ ذَلِكَ وَعَمِلَ بِهِ أَئِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ»
18035 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَعَلَّ أَمْرَ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه بِأَنْ يَكُفُّوا عَنْ أَنْ يَقْطَعُوا شَجَرًا مُثْمِرًا، إِنَّمَا هُوَ لِأَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يُخْبِرُ أَنَّ بِلَادَ الشَّامِ تُفْتَحُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَلَمَّا كَانَ مُبَاحًا لَهُ أَنْ يَقْطَعَ وَيَتْرُكَ اخْتَارَ التَّرْكَ نَظَرًا لِلْمُسْلِمِينَ
⦗ص: 239⦘
18036 -
وَقَدْ قَطَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ بَنِي النَّضِيرِ، فَلَمَّا أَسْرَعَ فِي النَّخْلِ قِيلَ لَهُ:«قَدْ وَعَدَكَهَا اللَّهُ فَلَوِ اسْتَبْقَيْتَهَا لِنَفْسِكَ» ، فَكَفَّ عَنِ الْقَطْعِ اسْتِبْقَاءً، لَا لِأَنَّ الْقَطْعَ مُحَرَّمٌ، فَقَدْ قَطَعَ بِخَيْبَرَ، ثُمَّ قَطَعَ بِالطَّائِفِ
18037 -
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: قَالَ أَبُو يُوسُفَ: حَدَّثَنَا بَعْضُ أَشْيَاخِنَا، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ، أَنَّهُ قِيلَ لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ: إِنَّ الرُّومَ يَأْخُذُونَ مَا حَسَرَ مِنْ خَيْلِنَا فَيَسْتَعْجِلُونَهَا وَيُقَاتِلُونَ عَلَيْهَا، أَفَنَعْقِرُ مَا حَسَرَ مِنْ خَيْلِنَا؟ فَقَالَ:«لَا، لَيْسُوا بِأَهْلٍ أَنْ يَنْتَقِصُوا مِنْكُمْ، إِنَّمَا هُوَ غِذَاءُ رَقِيقِكُمْ وَأَهْلِ ذِمَّتِكُمْ»
18038 -
قَالَ: وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ قَالَ: لَمَّا بَعَثَ أَبُو بَكْرٍ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى طُلَيْحَةَ وَبَنِي تَمِيمٍ قَالَ: أَيُّمَا وَادٍ أَوْ دَارٍ غَشِيتَهَا فَأَمْسِكْ عَنْهَا إِنْ سَمِعْتَ أَذَانًا حَتَّى تَسْأَلَهُمْ: «مَا تُرِيدُونَ، وَمَا تَنْقِمُونَ» وَأَيُّمَا دَارٍ غَشِيتَهَا فَلَمْ تَسْمَعْ فِيهَا أَذَانًا فَشُنَّ عَلَيْهِمُ الْغَارَةَ وَاقْتُلْ وَحَرِّقْ
18039 -
قَالَ أَبُو يُوسُفَ: وَلَا نَرَى أَنَّ أَبَا بَكْرٍ نَهَى عَنْ ذَلِكَ بِالشَّامِ إِلَّا لِعِلْمِهِ بِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ سَيَظْهَرُونَ عَلَيْهَا وَيَبْقَى ذَلِكَ لَهُمْ
⦗ص: 240⦘
18040 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ، وَذَكَرَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ فِي الْمَغَازِي، «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِقَطْعِ كُرُومِ ثَقِيفٍ حِينَ حَاصَرَهُمْ بِالطَّائِفِ»
18041 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: «وَإِذَا تَحَصَّنَ الْعَدُوُّ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُرْمُوا بِالْمَجَانِيقِ، وَالْعَرَّادَاتِ، وَالنِّيرَانِ، وَغَيْرِهَا»
18042 -
نَصَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَهْلِ الطَّائِفِ مَنْجَنِيقًا أَوْ عَرَّادَةً، وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ فِيهِمُ النِّسَاءَ وَالْوِلْدَانَ
18043 -
وَذَكَرَ فِي الْقَدِيمِ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْهُ حَدِيثَ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ مَكْحُولٍ، أَوْ غَيْرِهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَصَبَ الْمَنْجَنِيقَ عَلَى أَهْلِ الطَّائِفِ
18044 -
وَحَدِيثُ أَبِي عَبَّادٍ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُلَيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ «نَصَبَ الْمَنْجَنِيقَ عَلَى أَهْلِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ»
18045 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو سَعِيدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي «الْعَدُوِّ يَعْلُوَنَّ الْحِصْنَ بِأَطْفَالِ الْمُسْلِمِينَ يَتَتَرَّسُونَ بِهِمْ»
⦗ص: 241⦘
18046 -
قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: يَكُفُّ الْمُسْلِمُونَ عَنْ رَمْيهِمٍ، فَإِنْ بَرَزَ أَحَدٌ مِنْهُمْ رَمُوهُ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ:{وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ} حَتَّى فَرَغَ مِنَ الْآيَةِ، فَكَيْفَ يَرْمِي الْمُسْلِمُونَ مَنْ لَا يَرَوْنَهُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ؟ "
18047 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَالَّذِي تَأَوَّلَ الْأَوْزَاعِيُّ يَحْتَمِلُ مَا تَأَوَّلَهُ عَلَيْهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ كَفَّهُ عَنْهُمْ لِمَا سَبَقَ فِي عِلْمِهِ مِنْ أَنَّهُ سَيُسْلِمُ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ طَائِعِينَ
18048 -
وَالَّذِي قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ أَحَبُّ إِلَيْنَا إِذْ لَمْ يَكُنْ بِنَا ضَرُورَةٌ إِلَى قِتَالِ أَهْلِ الْحِصْنِ
18049 -
ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ: وَلَكِنْ لَوِ اضْطُرِرْنَا إِلَى أَنْ نَخَافَهُمْ عَلَى أَنْفُسِنَا إِنْ كَفَفْنَا عَنْ حَرْبِهِمِ قَاتَلْنَاهُمْ وَلَمْ نَعْمَدْ قَتْلَ الْمُسْلِمِ، فَإِنْ أَصَبْنَاهُ كَفَرْنَاهُ
تَحْرِيمُ إِتْلَافِ مَا ظَفَرَ بِهِ الْمُسْلِمُونَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَرْوَاحِ وَعَقْرِهِ
"
18050 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ صُهَيْبٍ، مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ قَتَلَ عُصْفُورًا فَمَا فَوْقَهَا بِغَيْرِ حَقِّهَا سَأَلَهُ اللَّهُ عَنْ قَتْلِهِ» ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا حَقُّهَا؟ قَالَ:«أَنْ يَذْبَحَهَا فَيَأْكُلَهَا، وَلَا يَقْطَعَ رَأْسَهَا فَيَرْمِيَ بِهَا»
⦗ص: 243⦘
18051 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَتِنَا عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبِي سَعِيدٍ: وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْمَصْبُورَةِ
18052 -
حَدَّثَنَاهُ أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ دَاوُدَ الْعَلَوِيُّ رحمه الله قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الشَّرْقِيِّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَاشِمٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُقْتَلَ شَيْءٌ مِنَ الْبَهَائِمِ صَبْرًا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَاتِمٍ، عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ
18053 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: «لَا تَعْقِرَنَّ شَاةً وَلَا بَعِيرًا إِلَّا لِأَكْلِهِ، وَلَا تُغْرِقَنَّ نَخْلًا، وَلَا تُحْرِقَنَّهُ»
18054 -
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَقَدْ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَلَا تَقْطَعَنَّ شَجَرًا مُثْمِرًا فَقَطَعْتَهُ، فَإِنِّي إِنَّمَا قَطَعْتُهُ بِالسُّنَّةِ وَاتِّبَاعِ مَا جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ أَوْلَى بِي وَبِالْمُسْلِمِينَ، وَلَمْ أَجِدْ لِأَبِي بَكْرٍ فِي ذَوَاتِ الْأَرْوَاحِ مُخَالِفًا مِنْ كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ وَلَا مِثْلَهُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا حَفِظْتُ، مَعَ أَنَّ السُّنَّةَ تَدُلُّ عَلَى مَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ فِي ذَوَاتِ الْأَرْوَاحِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ، فَذَكَرَ حَدِيثَ الْعُصْفُورِ
⦗ص: 244⦘
18055 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَدْ بَلَغَنَا عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ، «أَنَّهُ أَوْصَى ابْنَهُ أَنْ لَا يَعْقِرَ جَسَدًا»
18056 -
وَعَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، «أَنَّهُ نَهَى عَنْ عَقْرِ الدَّابَّةِ إِذَا هِيَ قَامَتْ»
18057 -
وَعَنْ قَبِيصَةَ، «أَنَّ فَرَسَهُ، قَامَ عَلَيْهِ بِأَرْضِ الرُّومِ فَتَرَكَهُ وَنَهَى عَنْ عَقْرِهِ»
18058 -
وَأَخْبَرَنَا مَنْ سَمِعَ هِشَامَ بْنَ الْغَازِ، يَرْوِي عَنْ مَكْحُولٍ، أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنْهُ فَنَهَاهُ وَقَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الْمُثْلَةِ "
18059 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: «وَبَلَغَنَا أَنَّ مَنْ قَتَلَ نَحْلًا ذَهَبَ رُبْعُ أَجْرِهِ، وَمَنْ قَتَلَ جَرَادًا ذَهَبَ رُبْعُ أَجْرِهِ»
18060 -
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَقَدْ رُوِيَ أَنَّ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه عَقَرَ عِنْدَ الْحَرْبِ، فَلَا أَحْفَظُ ذَلِكَ مِنْ وَجْهٍ ثَبْتٍ عَلَى الِانْفِرَادِ، وَلَا أَعْلَمُهُ مَشْهُورًا عِنْدَ عَوَّامِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْمَغَازِي
⦗ص: 245⦘
18061 -
قَالَ أَحْمَدُ: الْحَدِيثُ الَّذِي أَرْسَلَهُ الْأَوْزَاعِيُّ رُوِيَ، عَنْ أَبِي رُهْمٍ السَّمَاعِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ عَقَرَ بَهِيمَةً ذَهَبَ رُبْعُ أَجْرِهِ، وَمَنْ حَرَّقَ نَخْلًا ذَهَبَ رُبْعُ أَجْرِهِ»
18062 -
وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ
18063 -
وَالْحَدِيثُ الَّذِي رُوِيَ عَنْ جَعْفَرٍ، إِنَّمَا يَرْوِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّادٍ، عَنْ أَبِيهِ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي الَّذِي أَرْضَعَنِي، وَهُوَ أَحَدُ بَنِي مُرَّةَ بْنِ عَوْفٍ، وَكَانَ فِي تِلْكَ الْغَزَاةِ، غَزَاةَ مُؤْتَةَ قَالَ:«وَاللَّهِ لَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى جَعْفَرٍ حِيْنَ اقْتَحَمَ عَنْ فَرَسٍ لَهُ شَقْرَاءَ فَعَقَرَهَا، ثُمَّ قَاتَلَ الْقَوْمَ حَتَّى قُتِلَ» أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، فَذَكَرَهُ
18064 -
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: هَذَا الْحَدِيثُ لَيْسَ بِذَلِكَ الْقَوِيِّ، وَقَدْ جَاءَ فِيهِ نَهْيُ كَثِيرٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
18065 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبِي سَعِيدٍ: فَإِنْ زَعَمَ أَبُو يُوسُفَ أَنَّهَا قِيَاسٌ عَلَى مَا لَا رُوحَ فِيهِ فَلْيَقُلْ لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يَحْرِقُوهَا كَمَا لَهُمْ أَنْ يَحْرِقُوا النَّخْلَ وَالْبُيُوتَ، وَإِنْ زَعَمَ أَنَّ لِلْمُسْلِمِينَ ذَبْحَ مَا يُذْبَحُ مِنْهَا فَإِنَّهُ إِنَّمَا أَحَلَّ ذَبْحَهَا لِلْمَنْفَعَةِ بِأَنْ تَكُونَ مَأْكُولَةً، لَيْسَ بِأَنْ تُعَذَّبَ بِالذَّبْحِ وَلَا تَكُونَ مَأْكُولَةً، وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِي هَذَا
18066 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: " وَلَكِنْ إِنْ قَاتَلُوا فُرْسَانًا، لَمْ نَرَ بَأْسًا إِذْ كُنَّا نَجِدُ السَّبِيلَ إِلَى قَتْلِهِمْ بِأَرْجَالِهِمْ أَنْ نَعْقِرَهُمْ كَمَا نَرْمِيهِمْ بِالْمَجَانِيقِ، وَإِنْ أَصَابَ ذَلِكَ غَيْرَهُمْ،
18067 -
وَقَدْ عَقَرَ حَنْظَلَةُ بْنُ الرَّاهِبِ بِأَبِي سُفْيَانَ يَوْمَ أُحُدٍ فَأَكْسَعَتْ فَرَسُهُ بِهِ فَسَقَطَ عَنْهَا، فَجَلَسَ عَلَى صَدْرِهِ لِيَذْبَحَهُ فَرَآهُ ابْنُ شَعْوَبٍ، فَرَجَعَ إِلَيْهِ يَعْدُو كَأَنَّهُ سَبْعٌ فَقَتَلَهُ وَاسْتَنْقَذَ أَبَا سُفْيَانَ مِنْ تَحْتِهِ
18068 -
فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ: "
[البحر الطويل]
فَلَوْ شِئْتُ نَجَّتْنِي كُمَيْتٌ رَجِيلَةٌ
…
وَلَمْ أَجْهَلِ النَّعْمَاءَ لِابْنِ شَعُوبِ
وَمَا زَالَ مُهْرِي مَزْجَرَ الْكَلْبِ مِنْهُمُ
…
لَدُنْ غُدْوَةً حَتَّى دَنَتْ لِغُرُوبِ
⦗ص: 247⦘
أُقَاتِلُهُمْ طَرًّا وَأَدْعُو يَا لَغَالِبِ
…
وَأَدْفَعُهُمْ عَنِّي بِرُكْنٍ صَلِيبِ
18069 -
وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: عَقَرَ حَنْظَلَةُ بْنُ الرَّاهِبِ بِأَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ يَوْمَ أُحُدٍ فَرَسُهُ، وَذَلِكَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمْ نَعْلَمْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْكَرَ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَلَا نَهَاهُ وَلَا غَيْرَهُ عَنْ مِثْلِ هَذَا"
مَا جَاءَ فِي قَتْلِ مَنْ لَا قِتَالَ مِنْهُ مِنَ الرُّهْبَانِ وَغَيْرِهِ
18070 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: «وَيُتْرَكُ قَتْلُ الرُّهْبَانِ اتِّبَاعًا لِأَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه» وَنَصَّ فِي هَذَا الْكِتَابِ عَلَى قِتَالِ مَنْ لَا قِتَالَ مِنْهُ سِوَى الرُّهْبَانِ، وَنَصَّ عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا قَالَهُ فِي الرُّهْبَانِ اتِّبَاعًا لَا قِيَاسًا.
18071 -
وَقَالَ فِي كِتَابِهِ عَلَى سِيَرِ الْوَاقِدِيِّ الْمَسْمُوعِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ: قَالَ اللَّهُ عز وجل: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ} [التوبة: 29]، وَقَالَ فِي غَيْرِ أَهْلِ الْكِتَابِ:{وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ} [البقرة: 193]، فَحَقَنَ اللَّهُ دِمَاءَ مَنْ لَمْ يَدِنْ دِينَ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ بِالْإِيمَانِ لَا غَيْرِهِ، وَحَقَنَ دِمَاءَ مَنْ دَانَ دِينَ أَهْلِ الْكِتَابِ بِالْإِيمَانِ أَوْ إِعْطَاءِ الْجِزْيَةِ، لَا أَعْرِفُ مِنْهُمْ خَارِجًا مِنْ هَذَا مِنَ الرِّجَالِ
⦗ص: 249⦘
18072 -
وَقُتِلَ يَوْمَ حُنَيْنٍ دُرَيْدُ بْنُ الصِّمَّةِ ابْنَ خَمْسِينَ وَمِائَةٍ، وَهُوَ فِي شِجَارٍ لَا يَسْتَطِيعُ الْجُلُوسَ، فَذُكِرَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يُنْكِرْ قَتْلَهُ
18073 -
وَلَا أَعْرِفُ فِي الرُّهْبَانِ إِلَّا أَنْ يُسْلِمُوا، أَوْ يُؤَدُّوا الْجِزْيَةَ، أَوْ يُقَتَّلُوا وَلَا أَعْرِفُ يَثْبُتُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ خِلَافُ هَذَا، وَلَوْ كَانَ يَثْبُتُ لَكَانَ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ أَمْرُهُمْ بِالْجَدِّ عَلَى قِتَالِ مَنْ يُقَاتِلُهُمْ، وَلَا يَتَشَاغَلُوا بِالْمُقَامِ عَلَى صَوَامِعِ هَؤُلَاءِ
18074 -
وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِي هَذَا قَالَ: وَقُتِلَ أَعْمَى مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ بَعْدَ الْإِسَارِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى قَتْلِ مَنْ لَا يُقَاتِلُ مِنَ الرِّجَالِ الْبَالِغِينَ إِذَا أَبَى الْإِسْلَامَ أَوِ الْجِزْيَةَ
18075 -
قَالَ أَحْمَدُ: حَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقٍ رضي الله عنه إِنَّمَا رُوِيَ عَنْهُ مُنْقَطِعًا
18076 -
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو السُّلَمِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رضي الله عنه بَعَثَ جُيُوشًا إِلَى الشَّامِ، فَخَرَجَ يَمْشِي مَعَ يَزِيدَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، وَكَانَ أَمِيرَ رُبْعٍ مِنْ تِلْكَ الْأَرْبَاعِ، فَزَعَمُوا أَنَّ يَزِيدَ قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ: إِمَّا أَنْ تَرْكَبَ، وَإِمَّا أَنْ أَنْزِلَ، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ: مَا أَنْتَ بِنَازِلٍ، وَمَا أَنَا بِرَاكِبٍ، إِنِّي أَحْتَسِبُ خُطَايَ هَذِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، ثُمَّ قَالَ: " إِنَّكَ سَتَجِدُ قَوْمًا زَعَمُوا أَنَّهُمْ حَبَسُوا أَنْفُسَهُمْ لِلَّهِ فَذَرْهُمْ وَمَا زَعَمُوا أَنَّهُمْ حَبَسُوا أَنْفُسَهُمْ لَهُ، وَسَتَجِدُ قَوْمًا فَحَصُوا عَنْ أَوْسَاطِ رُءُوسِهِمْ مِنَ الشَّعْرِ، فَاضْرِبْ مَا فَحَصُوا عَنْهُ بِالسَّيْفِ، وَإِنِّي
⦗ص: 250⦘
مُوصِيكَ بِعَشْرٍ: لَا تَقْتُلَنَّ امْرَأَةً، وَلَا صَبِيًّا، وَلَا كَبِيرًا هَرِمًا، وَلَا تَقْطَعَنَّ شَجَرًا مُثْمِرًا، وَلَا تُخَرِّبَنَّ عَامِرًا، وَلَا تَعْقِرَنَّ شَاةً وَلَا بَعِيرًا إِلَّا لِمَأْكَلَةٍ، وَلَا تَحْرِقَنَّ نَخْلًا وَلَا تُغْرِقَنَّهُ، وَلَا تَغْلُلْ، وَلَا تَجْبُنْ "
18077 -
وَبِمَعْنَاهُ رَوَاهُ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، وَأَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي مَالِكٍ الشَّامِيُّ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَكُلُّ ذَلِكَ مُنْقَطِعٌ
18078 -
وَرَوَاهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ
18079 -
فَهَذَا وَإِنْ كَانَ أَيْضًا مُنْقَطِعًا، فَمَرَاسِيلُ ابْنِ الْمُسَيِّبِ أَقْوَى مِنْ مَرَاسِيلِ غَيْرِهِ، إِلَّا أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ كَانَ يَقُولُ: هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي لِأَجْلِهِ أَنْكَرَهُ، وَكَانَ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ يَزْعُمُ أَنَّهُ كَانَ يُنْكِرُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
18080 -
وَفِي كُلِّ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ ذَكَرَ الشَّيْخَ الْكَبِيرَ، فَإِنْ كَانَ يَتْبَعُ أَبَا بَكْرٍ فِي الرُّهْبَانِ فَلْيَدْفَعْهُ أَيْضًا فِي الْكَبِيرِ وَحَدِيثُ دُرَيْدِ بْنِ الصِّمَّةِ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا لَمْ يُنْكِرْ قَتْلَهُ لِمَا كَانَ فِيهِ مِنْ رَأْيِ الْحَرْبِ وَتَدْبِيرِ الْقِتَالِ
18081 -
وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَعْنَى مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَأَسَانِيدُهُ غَيْرُ قَوِيَّةٍ
18082 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْهُ: وَقَدْ رَوَى أَصْحَابُنَا عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْمُرَقَّعِ، عَنْ رَبَاحٍ أَخِي حَنْظَلَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ إِلَى خَالِدٍ أَنْ لَا يَقْتُلَ عَسِيفًا "
18083 -
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا مُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَخْزُومِيُّ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، فَذَكَرَهُ فِي حَدِيثٍ أَتَمَّ مِنْهُ، وَقَالَ لِرَجُلٍ:" الْحَقْ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ: فَلَا تَقْتُلَنَّ ذُرِّيَّةً وَلَا عَسِيفًا "
18084 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حُمَيْدٍ، أَنَّ الْجَلَّابَ، حَدَّثَنَا هِلَالُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ الْمُرَقَّعِ بْنِ صَيْفِيِّ بْنِ رَبَاحِ بْنِ الرَّبِيعِ، أَخِي حَنْظَلَةَ الْكَاتِبِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِيَ يُحَدِّثُ، عَنْ جَدِّي رَبَاحِ بْنِ الرَّبِيعِ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزَاةٍ فَرَأَى نَاسًا مُجْتَمِعِينَ عَلَى شَيْءٍ فَقَالَ: «عَلَى مَا اجْتَمَعَ هَؤُلَاءِ؟» فَقَالُوا: عَلَى امْرَأَةٍ مَقْتُولَةٍ، فَقَالَ:«مَا كَانَتْ هَذِهِ لِتُقَاتِلَ وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ عَلَى الْمُقَدِّمَةِ» قَالَ: فَبَعَثَ رَجُلًا فَقَالَ: «قُلْ لِخَالِدٍ لَا يُقْتَلَنَّ ذُرِّيَّةً، وَلَا عَسِيفًا»
18085 -
رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابِ السُّنَنِ عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ:«لَا تَقْتُلَنَّ امْرَأَةً وَلَا عَسِيفًا»
⦗ص: 252⦘
18086 -
وَهَذَا إِسْنَادٌ لَا بَأْسَ بِهِ إِلَّا أَنَّ الشَّافِعِيَّ قَالَ: لَسْتُ أَعْرِفُ مُرَقَّعًا هَذَا، وَمُرَقَّعٌ هُوَ ابْنُ صَيْفِيِّ بْنِ رَبَاحِ بْنِ الرَّبِيعِ، وَيُقَالُ: ابْنُ رِيَاحٍ
18087 -
قَالَ الْبُخَارِيُّ: رِيَاحٌ أَصَحُّ، رَوَى عَنْهُ هَذَا الْحَدِيثَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، وَأَبُو الزِّنَادِ، وَابْنُهُ عُمَرُ
18088 -
وَأَقَامَ إِسْنَادَهُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ابْنُهُ، وَالْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
18089 -
وَرَوَاهُ الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ مُرَقَّعٍ، عَنْ حَنْظَلَةَ الْكَاتِبِ
18090 -
قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَهُوَ وَهْمٌ
18091 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَدْ رَوَى عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِيهِ، «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ قَتْلِ الْعُسَفَاءِ وَالْوُصَفَاءِ»
18092 -
وَهَذَا كَالَّذِي ذَكَرْنَا قَبْلَهُ مِنَ الْمَجْهُولِ
18093 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَهَكَذَا رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وَوُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَهُوَ مَجْهُولٌ كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ
18094 -
وَرَوَى إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ حُصَيْنٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا تَقْتُلُوا الْوِلْدَانَ، وَلَا أَصْحَابَ الصَّوَامِعِ»
⦗ص: 253⦘
18095 -
وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ غَيْرُ مُحْتَجٍّ بِهِ
18096 -
وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابِ السُّنَنِ حَدِيثَ حَسَنِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ الْفِزْرِ قَالَ: حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا تَقْتُلُوا شَيْخًا فَانِيًا، وَلَا طِفْلًا، وَلَا صَغِيرًا، وَلَا امْرَأَةً»
18097 -
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ خَالِدٍ - يَعْنِي ابْنَ الْفِزْرِ الْبَصْرِيَّ - قَالَ: حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«انْطَلِقُوا بِسْمِ اللَّهِ، وَبِاللَّهِ، وَعَلَى سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ، فَقَاتِلُوا أَعْدَاءَ اللَّهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، قَتْلَاكُمْ أَحْيَاءٌ مُرْزَقُونَ فِي الْجِنَانِ، وَقَتْلَاهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، لَا تَقْتُلُنَّ شَيْخًا فَانِيًا، وَلَا طِفْلًا صَغِيرًا، وَلَا امْرَأَةً، وَلَا تَغُلُّوا غَنَائِمَكُمْ، وَأَصْلِحُوا وَأَحْسِنُوا، إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ»
18098 -
وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ فِي مُقَابَلَتِهِ حَدِيثَ حَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «اقْتُلُوا شُيُوخَ الْمُشْرِكِينَ، وَاسْتَبْقُوا شَرْخَهُمْ»
18099 -
وَقَدْ أَخْبَرَنَاهُ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَبِيبٍ، مِنْ أَصْلِهِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ بَحْرٍ أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنِ الْحَجَّاجِ، فَذَكَرَهُ وَقَالَ فِي آخِرِهِ: يَعْنِي الصِّغَارَ وَالذُّرِّيَّةَ
18100 -
فَإِذَا كَانَ الْمُرَادُ بِالشَّرْخِ الصِّغَارَ وَالذُّرِّيَّةَ، فَالْمُرَادُ بِالشُّيُوخِ فِي مُقَابِلِهِمُ: الرِّجَالُ الْبَالِغِينَ
18101 -
وَالْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَأَةَ غَيْرُ مُحْتَجٍّ بِهِ
18102 -
وَالْحَسَنُ عَنْ سَمُرَةَ، مُنْقَطِعٌ فِي غَيْرِ حَدِيثِ الْعَقِيقَةِ فِيمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
18103 -
وَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّهُ قَالَ:«اتَّقُوا اللَّهَ فِي الْفَلَّاحِينَ، وَلَا تَقْتُلُوهُمْ إِلَّا أَنْ يَنْصُبُوا لَكُمُ الْحَرْبَ»
أَمَانُ الْعَبْدِ
18104 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، رحمه الله قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الْمُسْلِمُونَ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ، تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ، وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ»
18105 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَهَذَا فِي حَدِيثِ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَقَدْ مَضَى فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْجِرَاحِ
18106 -
وَذَكَرَ فِي الْقَدِيمِ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْهُ حَدِيثَ وَكِيعٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: فِي الصَّحِيفَةِ الَّتِي أَوْرَثْنَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ»
18107 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خَطَبَنَا عَلِيٌّ فَقَالَ: مَنْ زَعَمَ أَنَّ عِنْدَنَا شَيْئًا نَقْرَأُهُ لَيْسَ كِتَابَ اللَّهِ - وَهَذِهِ الصَّحِيفَةُ مُعَلَّقَةٌ فِي سَيْفِهِ فِيهَا أَسْنَانُ الْإِبِلِ وَشَيْءٌ مِنَ الْجِرَاحَاتِ - فَقَدْ كَذَبَ، وَفِيهَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الْمَدِينَةُ حَرَمٌ مَا بَيْنَ عَيْرٍ إِلَى ثَوْرٍ، فَمَنْ أَحْدَثَ فِيهَا، أَوْ
⦗ص: 256⦘
آوَى مُحْدِثًا، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا، وَمَنِ ادَّعَى غَيْرَ أَبِيهِ، أَوِ انْتَمَى إِلَى غَيْرِ مَوَالِيهِ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا، وَذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ، فَمَنْ أَحْقَرَ مُسْلِمًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يَقْبَلُ اللَّهُ عز وجل مِنْهُ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَغَيْرِهِ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرِ. وَأَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَأَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ الثَّوْرِيِّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، بِإِسْنَادِهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
18108 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو سَعِيدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: قَالَ أَبُو يُوسُفَ، حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ:«كُنَّا مُحَاصِرِينَ حِصْنَ قَوْمٍ فَعَمَدَ عَبْدٌ لِبَعْضِهِمْ فَرَمَى بِسَهْمٍ فِيهِ أَمَانٌ، فَأَجَازَ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ»
18109 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَرَأَيْتَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ حِينَ أَجَازَ أَمَانَ الْعَبْدِ وَلَمْ يُسْأَلْ أَيُقَاتِلُ أَوَّلًا؟ أَلَيْسَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا أَجَازَهُ عَلَى أَنَّهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ؟ وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ
⦗ص: 257⦘
18110 -
وَقَدْ رُوِّينَاهُ عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ زَيْدٍ، وَفِيهِ مِنَ الزِّيَادَةِ: فَكَتَبُوا فِيهِ إِلَى عُمَرَ، فَكَتَبَ عُمَرُ:«إِنَّ الْعَبْدَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَذِمَّتَهُ ذِمَّتُهُمْ»
أَمَانُ الْمَرْأَةِ
18111 -
احْتَجَّ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْهُ بِحَدِيثِ مَالِكٍ - أَظُنُّهُ عَنْ أَبِي النَّضْرِ: أَنَّ أَبَا مُرَّةَ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أُمَّ هَانِئٍ بِنْتَ أَبِي طَالِبٍ تَقُولُ: ذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ الْفَتْحِ فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ وَفَاطِمَةُ ابْنَتُهُ تَسْتُرُهُ بِثَوْبٍ قَالَتْ: فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ: «مَنْ هَذِهِ؟» فَقُلْتُ: أَنَا أُمُّ هَانِئٍ بِنْتُ أَبِي طَالِبٍ، فَقَالَ:«مَرْحَبًا بِأُمِّ هَانِئٍ» ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ غُسْلِهِ قَامَ فَصَلَّى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ مُلْتَحِفًا فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، زَعَمَ ابْنُ أُمِّي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، أَنَّهُ قَاتَلَ رَجُلًا أَجَرْتُهُ - فُلَانَ بْنَ هُبَيْرَةَ - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ يَا أُمَّ هَانِئٍ» - وَذَلِكَ ضُحًى
18112 -
أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ عَبْدُوسٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، فِيمَا قَرَأَ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ
⦗ص: 259⦘
18113 -
وَأَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو عَلِيٍّ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ: عَنْ أَبِي النَّضْرِ، فَذَكَرَاهُ بِطُولِهِ، وَحَدِيثَ الشَّافِعِيِّ مُخْتَصَرًا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنِ الْقَعْنَبِيِّ
18114 -
وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ أَيْضًا حَدِيثَ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي مُرَّةَ، عَنْ أُمِّ هَانِئٍ فِي الْأَمَانِ وَقَدْ أَخْرَجْنَاهُ فِي كِتَابِ السُّنَنِ
18115 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:«إِنْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ لَتُجِيرُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ فَيَجُوزُ»
18116 -
وَقَدْ ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ مِنْ حَدِيثِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، وَقَالَ فِيمَا حَكَى عَنِ الْعِرَاقِيِّينَ: إِنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَّنَتْ زَوْجَهَا أَبَا الْعَاصِ، فَأَجَازَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "
18117 -
وَقَدْ ذَكَرْنَا أَسَانِيدَهُ فِي كِتَابِ السُّنَنِ
كَيْفَ الْأَمَانُ؟ وَمَنْ نَزَلَ عَلَى حُكْمِ مُسْلِمٍ مِنْ أَهْلِ الْقَنَاعَةِ وَالثِّقَةِ
18118 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا الثَّقَفِيُّ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: حَاصَرْنَا تُسْتَرَ فَنَزَلَ الْهُرْمُزَانُ عَلَى حُكْمِ عُمَرَ، فَقَدِمْتُ بِهِ عَلَى عُمَرَ فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَيْهِ قَالَ لَهُ عُمَرُ:«تَكَلَّمْ» قَالَ: كَلَامَ حَيٍّ أَمْ كَلَامَ مَيِّتٍ؟ قَالَ: «تَكَلَّمْ
⦗ص: 261⦘
لَا بَأْسَ» قَالَ: إِنَّا وَإِيَّاكُمْ مَعْشَرَ الْعَرَبِ، مَا خَلَّى اللَّهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ، كُنَّا نَتَعَبَّدُكُمْ وَنَقْتُلُكُمْ وَنَغْصِبُكُمْ، فَلَمَّا كَانَ اللَّهُ مَعَكُمْ لَمْ يَكُنْ لَنَا يَدَانِ، فَقَالَ عُمَرُ:«مَا تَقُولُ؟» فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، تَرَكْتُ بَعْدِي عَدُوًّا كَثِيرًا، وَشَوْكَةً شَدِيدَةً، فَإِنْ قَتَلْتَهُ يَيْأَسِ الْقَوْمُ مِنَ الْحَيَاةِ وَيَكُونُ أَشَدَّ لِشَوْكَتِهِمْ، فَقَالَ عُمَرُ:«أَسْتَحْيِي قَاتِلَ الْبَرَاءِ بْنِ مَالِكٍ وَمَجْزَأَةَ بْنِ ثَوْرٍ؟» فَلَمَّا خَشِيتُ أَنْ يَقْتُلَهُ قُلْتُ: لَيْسَ إِلَى قَتْلِهِ سَبِيلٌ؛ قَدْ قُلْتَ لَهُ: تَكَلَّمْ لَا بَأْسَ، فَقَالَ عُمَرُ:«ارْتَشَيْتَ وَأَصَبْتَ مِنْهُ» ، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ مَا ارْتَشَيْتُ وَلَا أَصَبْتُ قَالَ: لَتَأْتِيَنِّي عَلَى مَا شَهِدْتَ بِهِ بِغَيْرِكَ أَوْ لَأَبْدَأَنَّ بِعُقُوبَتِكَ، قَالَ: فَخَرَجْتُ فَلَقِيتُ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ فَشَهِدَ مَعِي، وَأَمْسَكَ عُمَرُ وَأَسْلَمَ - يَعْنِي الْهُرْمُزَانَ - وَفَرَضَ لَهُ "
18119 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ: وَقَبُولُ مَنْ قَبِلَ مِنَ الْهُرْمُزَانِ أَنْ يَنْزِلَ عَلَى حُكْمِ عُمَرَ يُوَافِقُ سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَبِلَ مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ حِينَ حَصَرَهُمْ وَجَهَدَتْهُمُ الْحَرْبُ أَنْ يَنْزِلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ
18120 -
قَالَ: وَقَوْلُ عُمَرَ يَرْحَمُهُ اللَّهُ: لَتَأْتِيَنِّي بِمَنْ يَشْهَدُ عَلَى ذَلِكَ غَيْرُكَ، يُحْتَمَلُ أَنْ لَمْ يَذْكُرْ مَا قَالَ لِلْهُرْمُزَانِ أَنْ لَا يَقْبَلَ إِلَّا بِشَاهِدَيْنِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ احْتِيَاطًا كَمَا احْتَاطَ فِي الْإِخْبَارِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِي يَدَيْهِ فَجَعَلَ الشَّاهِدَ غَيْرَهُ لِأَنَّهُ دَافِعٌ عَنْ مَنْ فِي يَدَيْهِ، وَأَشْبَهَ ذَلِكَ عِنْدَنَا أَنْ يَكُونَ احْتِيَاطًا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
18121 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَا قَوَدَ عَلَى قَاتِلِ أَحَدٍ بِعَيْنِهِ لِأَنَّ الْهُرْمُزَانَ قَاتِلُ الْبَرَاءِ بْنِ مَالِكٍ وَمَجْزَأَةَ بْنِ ثَوْرٍ، فَلَمْ يَرَ عُمَرُ عَلَيْهِ قَوَدًا، وَقَوْلُ عُمَرَ فِي هَذَا مُوَافِقٌ لِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ جَاءَهُ قَاتِلُ حَمْزَةَ مُسْلِمًا فَلَمْ يَقْتُلْهُ بِهِ قَوَدًا
⦗ص: 262⦘
18122 -
وَاحْتَجَّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فِي رِوَايَتِنَا عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الشَّافِعِيِّ بِقَوْلِ اللَّهِ عز وجل: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يَغْفِرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: 38]، وَمَا سَلَفَ: مَا انْقَضَى وَذَهَبَ
18123 -
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الْإِيمَانُ يَجُبُّ مَا كَانَ قَبْلَهُ»
18124 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَهَذَا فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْهُ ثَابِتَةٍ:«أَمَا عَلِمْتَ يَا عَمْرُو أَنَّ الْإِسْلَامَ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ؟»
18125 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، كَتَبَ إِلَى عَامَلِ جَيْشٍ كَانَ بَعَثَهُ:" إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ الرَّجُلَ مِنْكُمْ يَطْلُبُ الْعِلْجَ، حَتَّى إِذَا اشْتَدَّ فِي الْجَبَلِ وَامْتَنَعَ قَالَ لَهُ الرَّجُلُ: مَتْرَسْ - يَقُولُ: لَا تَخَفْ - فَإِنْ أَدْرَكَهُ قَتَلَهُ وَإِنِّي وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَبْلُغَنِّي أَنَّ أَحَدًا فَعَلَ ذَلِكَ إِلَّا ضَرَبْتُ عُنُقَهُ "
18126 -
قَالَ مَالِكٌ: لَا يُقْتَلُ بِهِ
18127 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: إِنْ كَانَ إِنَّمَا ذَهَبَ إِلَى أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ» ، وَهَذَا كَافِرٌ، لَزِمَهُ إِذَا جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم شَيْءٌ أَنْ يَتْرُكَ كُلَّ مَا خَالَفَهُ
18128 -
قَالَ أَحْمَدُ: هَذَا عَنْ عُمَرَ، مُنْقَطِعٌ
18129 -
وَقَدْ رُوِّينَا بِإِسْنَادٍ مَوْصُولٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ، أَنَّهُ قَالَ: جَاءَنَا كِتَابُ عُمَرَ: " وَإِذَا حَاصَرْتُمْ قَصْرًا، فَأَرَادُوكُمْ أَنْ يَنْزِلُوا عَلَى حُكْمِ اللَّهِ فَلَا تُنْزِلُوهُمْ، فَإِنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ مَا حُكْمُ اللَّهِ فِيهِمْ، وَلَكِنْ أَنْزِلُوهُمْ عَلَى حُكْمِكُمْ، ثُمَّ اقْضُوا فِيهِمْ بِمَا أَحْبَبْتُمْ، وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ: لَا تَخَفْ فَقَدْ أَمَّنَهُ، وَإِذَا قَالَ: مَتْرَسْ، فَقَدْ أَمَّنَهُ، فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ الْأَلْسِنَةَ " أَخْبَرَنَاهُ يَحْيَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، أَخْبَرَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، فَذَكَرَهُ
18130 -
وَقَدْ ثَبَتَ مَا ذَكَرَ عُمَرُ فِي النُّزُولِ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
الْخُرُوجُ إِلَى دَارِ الْحَرْبِ غَازِيًا بِغَيْرِ إِذَنِ الْإِمَامِ وَالتَّقَدُّمُ عَلَى جَمَاعَةِ الْمُشْرِكِينَ وَالْأَغْلَبُ أَنَّهُمْ سَيَقْتُلُونَهُ
18131 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ رحمه الله قَالَ: " أَسْتَحِبُّ أَنْ لَا تَخْرُجُوا إِلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ بِخِصَالٍ فَذَكَرَ مَبْسُوطَ مَا اخْتَصَرَهُ الْمُزَنِيُّ ثُمَّ قَالَ: فَأَمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ فَلَا أَعْلَمُهُ يَحْرُمُ، وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ الْجَنَّةَ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ: إِنْ قُتِلْتُ صَابِرًا مُحْتَسِبًا؟ فَقَالَ: «فَلَكَ الْجَنَّةُ» ، فَانْغَمَسَ فِي جَمَاعَةِ الْعَدُوِّ فَقَتَلُوهُ.
18132 -
وَأَلْقَى رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ دِرْعًا كَانَتْ عَلَيْهِ حِينَ ذَكَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْجَنَّةَ، ثُمَّ انْغَمَسَ فِي الْعَدُوِّ فَقَتَلُوهُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
18133 -
وَأَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ تَخَلَّفَ عَنْ أَصْحَابِ بِئْرِ مَعُونَةَ فَرَأَى الطَّيْرَ عُكُوفًا عَلَى مَقْتَلِهِ أَصْحَابَهُ، فَقَالَ لِعَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ: سَأَتَقَدَّمُ عَلَى هَؤُلَاءِ الْعَدُوِّ
⦗ص: 265⦘
فَيَقْتُلُونِي وَلَا أَتَخَلَّفُ عَنْ مَشْهَدٍ قُتِلَ فِيهِ أَصْحَابُنَا، فَفَعَلَ فَقُتِلَ، فَرَجَعَ عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ فِيهِ قَوْلًا حَسَنًا، وَيُقَالُ: فَقَالَ لِعَمْرٍو: «فَهَلَّا تَقَدَّمْتَ فَقَاتَلْتَ حَتَّى تُقْتَلَ؟»
18134 -
وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ: وَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيَّ وَرَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ سَرِيَّةً وَحْدَهُمَا، وَبَعَثَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُنَيْسٍ سَرِيَّةً وَحْدَهُ
18135 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْمَوْضِعِ الْأَوَّلِ: فَإِذَا حَلَّ لِلرَّجُلِ الْمُنْفَرِدِ أَنْ يَتَقَدَّمَ عَلَى الْجَمَاعَةِ الْأَغْلَبُ عِنْدَهُ وَعِنْدَ مَنْ رَآهُ أَنَّهَا سَتَقْتُلُهُ، كَانَ هَذَا أَكْبَرَ مِمَّا فِي انْفِرَادِ الرَّجُلِ وَالرِّجَالِ بِغَيْرِ إِذَنِ الْإِمَامِ
18136 -
وَقَدْ بَسَطَ الشَّافِعِيُّ الْكَلَامَ فِي قِتَالِ الْوَاحِدِ جَمَاعَةً مِنَ الْمُشْرِكِينَ فِي كِتَابِ الْقَدِيمِ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْهُ، وَانْتَهَى كَلَامُهُ إِلَى أَنْ قَالَ: فَإِنْ كَانَ يَرْجُو النَّجَاةَ بِالْحَالِ الَّتِي قَدْ يَنْجُو مِثْلُهُ بِهَا فَلَهُ ذَلِكَ، وَهُوَ مِثْلُ أَنْ يُقَاتِلَ عَشَرَةً فَقَدْ يَهْزِمُ الْوَاحِدُ الْعَشَرَةَ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَنْجُو مِنْهُ فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ أَلْقَى بِنَفْسِهِ فِي نَارٍ أَوْ بَحْرٍ يُحِيطُ عِلْمُهُ أَنَّهُ لَا يَنْجُو مِنْهُ
⦗ص: 266⦘
18137 -
فَإِنْ قَالُوا: قَدْ بَارَزَ عَاصِمُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ أَبِي الْأَفْلَحِ جَمَاعَةً مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَقَاتَلَهُمْ فَلَمْ يَعِبْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَفَعَلَ ذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ فِي زَمَانِ عُمَرَ فَلَمْ يُعِبْ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: عَاصِمُ بْنُ ثَابِتٍ قَدْ كَانَ عَلِمَ أَنَّ الْقَوْمَ قَاتِلُوهُ لِأَنَّهُ كَانَ قَتَلَ يَوْمَ أُحُدٍ جَمَاعَةً مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ، فَجَعَلَتْ أُمُّهُمْ لِلَّهِ عَلَيْهَا نَذْرًا أَنْ تَشْرَبَ فِي رَأْسِهِ الْخَمْرَ، فَلَمَّا لَقِيَ عَاصِمٌ الْقَوْمَ عَلِمَ أَنَّهُمْ قَاتِلُوهُ لِيَأْتُوا بِرَأْسِهِ الْمَرْأَةَ، فَصَوَّبَا بِهِ فَقَاتَلَهُمْ عَلَى الْإِيَاسَ مِنَ الْحَيَاةِ
18138 -
وَكَذَلِكَ نَقُولُ فِيمَنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ سَيُقْتَلُ، وَلَعَلَّهُ قَبْلَ أَنْ يُقْتَلَ يَقْتُلُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَيَغِيظُهُمْ "
قَلِيلُ الْغُلُولِ وَكَثِيرُهُ مُحَرَّمٌ
18139 -
أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَقِيهُ، أَخْبَرَنَا أَبُو النَّضْرِ شَافِعُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرِ بْنُ سَلَامَةَ، حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ الدِّيلِيِّ، عَنْ أَبِي الْغَيْثِ، مَوْلَى ابْنِ مُطِيعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ خَيْبَرَ فَلَمْ نَغْنَمْ ذَهَبًا وَلَا فِضَّةً إِلَّا الْأَمْوَالَ وَالثِّيَابَ وَالْمَتَاعَ قَالَ: وَوَجَّهَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَحْوَ وَادِي الْقُرَى، وَزُعِمَ أَنَّ رِفَاعَةَ بْنَ زَيْدٍ وَهَبَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَبْدًا أَسْوَدَ يُقَالُ لَهُ: مِدْعَمٌ قَالَ: فَخَرَجْنَا حَتَّى كُنَّا بِوَادِي الْقُرَى، فَبَيْنَمَا مِدْعَمٌ يَحُطُّ رَحْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ جَاءَهُ سَهْمٌ عَائِرٌ فَقَتَلَهُ، فَقَالَ النَّاسُ: هَنِيئًا لَهُ الْجَنَّةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«كَلَّا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ الشَّمْلَةَ الَّتِي أَخَذَهَا يَوْمَ خَيْبَرَ مِنَ الْمَغَانِمِ لَمْ تُصِبْهَا الْمَقَاسِمُ لَتَشْتَعِلُ عَلَيْهِ نَارًا»
⦗ص: 268⦘
18140 -
أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ مَالِكٍ، وَفِيهِ مِنَ الزِّيَادَةِ: فَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِشِرَاكٍ أَوْ شِرَاكَيْنِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«شِرَاكٌ مِنْ نَارٍ، أَوْ شِرَاكَانِ مِنْ نَارٍ» أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكٌ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ، وَذَكَرَ هَذِهِ الزِّيَادَةَ
18141 -
أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا أَبُو النَّضْرِ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَبَّانَ، عَنْ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَمَاتَ رَجُلٌ مِنْ أَشْجَعَ، فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ:«صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ» ، فَنَظَرُوا إِلَى مَتَاعِهِ فَوَجَدُوا خَرَزًا مِنْ خَرَزِ يَهُودَ لَا يُسَاوِي دِرْهَمَيْنِ
18142 -
وَبِإِسْنَادِهِ قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ، أَنَّ رَجُلًا تُوُفِّيَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَشْجَعَ يَوْمَ خَيْبَرَ، وَأَنَّهُمْ ذَكَرُوا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَزَعَمَ أَنَّهُ قَالَ لَهُمْ:«صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ» ، فَتَغَيَّرَتْ وجُوهُ النَّاسِ لِذَلِكَ، فَزَعَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ صَاحِبَكُمْ غَلَّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» قَالَ: فَفَتَّشْنَا مَتَاعَهُ فَوَجَدْنَا خَرَزًا مِنْ خَرَزِ الْيَهُودِ، وَاللَّهِ مَا يُسَاوِي دِرْهَمَيْنِ
18143 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قُلْتُ لِلشَّافِعِيِّ: أَفَرَأَيْتَ الَّذِي يَغُلُّ مِنَ الْغَنَائِمِ شَيْئًا قَبْلَ أَنْ يُقْسَسمَ؟ فَقَالَ: «لَا يُقْطَعُ وَلَا يَغْرَمُ، وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا عَلِمَ وَلَمْ يُعَاقَبْ، فَإِنْ عَادَ عُوقِبَ»
18144 -
قُلْتُ: أَفَيُرَجَّلُ عَنْ دَابَّتِهِ، أَوْ يُحْرَقُ سَرْجُهُ أَوْ مَتَاعُهُ؟ فَقَالَ: " لَا يُعَاقَبُ رَجُلٌ فِي مَالِهِ، إِنَّمَا يُعَاقَبُ فِي بَدَنِهِ، وَإِنَّمَا جَعَلَ اللَّهُ الْحُدُودَ عَلَى الْأَبْدَانِ، وَكَذَلِكَ الْعُقُوبَاتُ، وَقَلِيلُ الْغُلُولِ وَكَثِيرُهُ مُحَرَّمٌ،
18145 -
قُلْتُ لِلشَّافِعِيِّ: فَمَا الْحُجَّةُ فِيمَا قُلْتَ؟ فَقَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، كِلَاهُمَا عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ "
18146 -
قَالَ أَحْمَدُ: انْقَطَعَ الْحَدِيثُ مِنَ الْأَصْلِ، وَهُوَ فِيمَا: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِئُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، سَمِعَ عَمْرَو بْنَ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا قَفَلَ مِنْ غَزْوَةِ حُنَيْنٍ، وَكَانَ يَسِيرُ وَالنَّاسُ يَسْأَلُونَهُ، خَاضَتْ بِهِ النَّاقَةُ فَخَطَفَتْ سَمُرَةٌ رِدَاءَهُ، فَقَالَ:«رُدُّوا عَلَيَّ رِدَائِي، أَتَخْشَوْنَ عَلَيَّ الْبُخْلَ، وَاللَّهِ لَوْ أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ سَمُرِ تِهَامَةَ لَقَسَمْتُهَا بَيْنَكُمْ، ثُمَّ لَا تَجِدُونِي بَخِيلًا، وَلَا جَبَانًا، وَلَا كَذُوبًا» ، ثُمَّ أَخَذَ وَبَرَةً مِنْ ذِرْوَةِ سَنَامِ بَعِيرِهِ فَرَفَعَهَا وَقَالَ: «مَا لِي مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ وَلَا مِثْلِ هَذِهِ إِلَّا الْخُمُسُ، وَهُوَ مَرْدُودٌ
⦗ص: 270⦘
عَلَيْكُمْ»، فَلَمَّا كَانَ عِنْدَ قَسْمِ الْخُمُسِ أَتَاهُ رَجُلٌ يَسْتَحِلُّهُ خِيَاطًا أَوْ مَخِيطًا، فَقَالَ:«رُدُّوا الْخِيَاطَ وَالْمَخِيطَ؛ فَإِنَّ الْغُلُولَ عَارٌ وَنَارٌ وَشَنَارٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»
18147 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَأَمَّا حَدِيثُ صَالِحِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زَائِدَةَ قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ مَسْلَمَةَ أَرْضَ الرُّومِ فَأُتِيَ بِرَجُلٍ قَدْ غَلَّ، فَسَأَلَ سَالِمًا عَنْهُ فَقَالَ: سَمِعْتُ أَبِيَ يُحَدِّثُ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا وَجَدْتُمْ رَجُلًا قَدْ غَلَّ فَأَحْرِقُوا مَتَاعَهُ وَاضْرِبُوهُ» قَالَ: فَوَجَدْنَا فِي مَتَاعِهِ مُصْحَفًا فَسَأَلَ سَالِمًا عَنْهُ؟ فَقَالَ: بِعْهُ وَتَصَدَّقْ بِثَمَنِهِ
18148 -
فَهَكَذَا أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ صَالِحٍ
18149 -
وَرَوَاهُ أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ، عَنْ صَالِحٍ قَالَ: غَزَوْنَا مَعَ الْوَلِيدِ بْنِ هِشَامٍ، فَذَكَرَ إِحْرَاقَ الْوَلِيدِ مَتَاعَ الْغَالِّ وَلَمْ يُسْنِدِ الْحَدِيثَ
18150 -
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: هَذَا أَصَحُّ الْحَدِيثَيْنِ
18151 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: عَامَّةُ أَصْحَابِنَا يَحْتَجُّونَ بِهَذَا فِي الْغُلُولِ، وَهَذَا بَاطِلٌ لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَصَالِحُ بْنُ مُحَمَّدٍ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، تَرَكَهُ سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ
⦗ص: 271⦘
18152 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَرَوَاهُ زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، مَرْفُوعًا، وَقِيلَ: عَنْهُ مُرْسَلًا
18153 -
وَزُهَيْرٌ هَذَا يُقَالُ: هُوَ مَجْهُولٌ وَلَيْسَ بِالْمُنْكَرِ
إِقَامَةُ الْحُدُودِ فِي أَرْضِ الْحَرْبِ
18154 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: قَالَ أَبُو يُوسُفَ: حَدَّثَنَا بَعْضُ أَشْيَاخِنَا، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، أَنَّهُ قَالَ:«لَا تُقَامُ الْحُدُودُ فِي دَارِ الْحَرْبِ مَخَافَةَ أَنْ يَلْحَقَ أَهْلُهَا بِالْعَدُوِّ»
18155 -
قَالَ: وَحَدَّثَنَا بَعْضُ أَشْيَاخِنَا، عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ عُمَيْرٍ، أَنَّ عُمَرَ كَتَبَ إِلَى عُمَيْرِ بْنِ سَعْدٍ الْأَنْصَارِيِّ وَإِلَى عُمَّالِهِ، أَنْ «لَا يُقِيمُوا حَدًّا عَلَى أَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي أَرْضِ الْحَرْبِ حَتَّى يَخْرُجُوا إِلَى أَرْضِ الْمُصَالَحَةِ»
18156 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا فَرْقَ بَيْنَ دَارِ الْحَرْبِ وَدَارِ الْإِسْلَامِ فِيمَا أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَى خَلْقِهِ مِنَ الْحُدُودِ
18157 -
وَاحْتَجَّ بِالْآيَاتِ الَّتِي وَرَدَتْ فِي حَدِّ الزَّانِي، وَقَطْعِ السَّارِقِ، وَجَلْدِ الْقَاذِفِ، لَمْ يَسْتَثْنِ مَنْ كَانَ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ أَوْ بِلَادِ الْكُفْرِ
18158 -
وَقَالَ فِي رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ وَحْدَهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: وَقَدْ أَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْحَدَّ بِالْمَدِينَةِ، وَالشِّرْكُ قَرِيبٌ مِنْهَا، وَفِيهَا شِرْكٌ كَثِيرٌ مُوَادِعُونَ، وَضَرَبَ الشَّارِبَ بِحُنَيْنٍ وَالشِّرْكُ قَرِيبٌ مِنْهُ، وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِي ذَلِكَ
⦗ص: 273⦘
18159 -
وَقَالَ فِي رِوَايَتِهِمَا: فَأَمَّا قَوْلُهُ: يَلْحَقُ بِالْمُشْرِكِينَ، فَإِنْ لَحِقَ بِهِمْ فَهُوَ أَشْقَى لَهُ وَمَنْ تَرَكَ الْحَدَّ خَوْفَ أَنْ يَلْحَقَ الْمَحْدُودُ بِبِلَادِ الْمُشْرِكِينَ تَرَكَهُ فِي سَوَاحِلِ الْمُسْلِمِينَ وَمَسَالِحِهِمُ الَّتِي تَتَّصِلُ بِبِلَادِ الْحَرْبِ
18160 -
وَمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، مُسْتَنْكَرٌ، وَهُوَ يَعِيبُ أَنْ يُحْتَجَّ بِحَدِيثٍ غَيْرِ ثَابِتٍ، وَيَقُولُ: حَدَّثَنَا شَيْخٌ، وَمَنْ هَذَا الشَّيْخُ؟ وَيَقُولُ: مَكْحُولٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَمَكْحُولٌ لَمْ يَرَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ
18161 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ بِحَدِيثِ بُسْرِ بْنِ أَبِي أَرْطَأَةَ، أَنَّهُ أُتِيَ بِسَارِقٍ وَقَدْ سَرَقَ بُخْتِيَّةً، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لَا تُقْطَعُ الْأَيْدِي فِي السَّفَرِ» وَلَوْلَا ذَلِكَ لَقَطَعْتُهُ وَهَذَا إِنَّمَا يُرْوَى بِإِسْنَادٍ شَامِيٍّ عَنْ بُسْرٍ
18162 -
وَكَانَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يُنْكِرُونَ أَنْ يَكُونَ بُسْرٌ سَمِعَ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
18163 -
وَكَانَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ يَقُولُ: بُسْرُ بْنُ أَبِي أَرْطَأَةَ رَجُلُ سُوءٍ
⦗ص: 274⦘
18164 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَذَلِكَ لِمَا قَدِ انْتَشَرَ مِنْ سُوءِ فِعْلِهِ فِي قِتَالِ أَهْلِ الْحَرَّةِ قَالَ أَحْمَدُ: وَرُوِّينَا عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«أَقِيمُوا حُدُودَ اللَّهِ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ، عَلَى الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ، وَلَا تُبَالُوا فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ»
18165 -
وَذَلِكَ فِيمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي الْمَرَاسِيلِ بِإِسْنَادِهِ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ عُبَادَةَ، وَهُوَ بِمَعْنَاهُ فِي تَارِيخِ يَعْقُوبَ بِإِسْنَادٍ مَوْصُولٍ ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِ السُّنَنِ
18166 -
وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ، أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى عُمَرَ فِي إِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَى عَبْدِ بْنِ الْأَزْوَرِ، وَضِرَارِ بْنِ الْخَطَّابِ، وَأَبِي جَنْدَلٍ، وَكَانُوا قَدْ شَرِبُوا، وَكَانَ ذَلِكَ بِحَضْرَةِ الْعَدُوِّ، فَسَأَلَهُ عَبْدُ بْنُ الْأَزْوَرِ أَنْ يُؤَخِّرَ ذَلِكَ حَتَّى يَرْجِعَ الْكِتَابُ، وَلَعَلَّ
⦗ص: 275⦘
اللَّهَ أَنْ يُكْرِمَهُمْ بِالشَّهَادَةِ، فَقُتِلَ عَبْدُ بْنُ الْأَزْوَرِ حِينَ الْتَقَى النَّاسُ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ الْكِتَابُ، فَلَمَّا رَجَعَ حَدَّهُمَا
بَيْعُ الدِّرْهَمِ بِالدِّرْهَمَيْنِ فِي أَرْضِ الْحَرْبِ
18167 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو سَعِيدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ:«الرِّبَا عَلَيْهِ حَرَامٌ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَغَيْرِهَا؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ» وَضَعَ مِنْ رِبَا الْجَاهِلِيَّةِ مَا أَدْرَكَهُ الْإِسْلَامُ مِنْ ذَلِكَ، فَكَانَ أَوَّلُ رِبًا وَضَعَهُ رِبَا الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ «، فَكَيْفَ يَسْتَحِلُّ الْمُسْلِمُ أَكْلَ الرِّبَا فِي قَوْمٍ قَدْ حُرِّمَ عَلَيْهِ دِمَاؤُهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ، وَقَدْ كَانَ الْمُسْلِمُ يُبَايعُ الْكَافِرَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا يَسْتَحِلُّ ذَلِكَ»
18168 -
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: «الْقَوْلُ مَا قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ»
18169 -
وَإِنَّمَا أَحَلَّ أَبُو حَنِيفَةَ هَذَا لِأَنَّ بَعْضَ الْمَشْيَخَةِ حَدَّثَنَا عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«لَا رِبَا بَيْنَ أَهْلِ الْحَرْبِ» ، أَظُنُّهُ قَالَ:«وَأَهْلِ الْإِسْلَامِ»
18170 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: الْقَوْلُ كَمَا قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو يُوسُفَ، وَمَا احْتَجَّ بِهِ أَبُو يُوسُفَ لِأَبِي حَنِيفَةَ لَيْسَ بِثَابِتٍ، فَلَا حُجَّةَ فِيهِ
مَا جَاءَ فِي تَرْكِ دُعَاءِ مَنْ قَدْ بَلَغَتْهُ الدَّعْوَةُ
18171 -
احْتَجَّ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْهُ فِي ذَلِكَ بِحَدِيثِ ابْنِ عُلَيَّةَ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى نَافِعٍ أَسْأَلُهُ عَنْ دُعَاءِ الْمُشْرِكِينَ عِنْدَ الْقِتَالِ؟ فَكَتَبَ: إِنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ، وَقَدْ أَغَارَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَهُمْ غَارُّونَ وَأَنْعَامُهُمْ تُسْقَى عَلَى الْمَاءِ، فَقَتَلَ مُقَاتِلَتَهُمْ وَسَبَى سَبْيَهُمْ، وَأَصَابَ يَوْمَئِذٍ جُوَيْرِيَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ " حَدَّثَنِي بِذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ، وَكَانَ فِي ذَلِكَ الْجَيْشِ أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ - وَهُوَ ابْنُ عُلَيَّةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ،
18172 -
فَذَكَرَهُ أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ مِنْ أَوْجُهٍ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ وَذَكَرَ حَدِيثَ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ، وَحَدِيثَ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ فِي التَّبْيِيتِ
النَّهْيُ عَنِ السَّفَرِ، بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ
18173 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنْ يُسَافَرَ بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ مَخَافَةَ أَنْ يَنَالُوهُ» أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَنْصُورٍ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، فَذَكَرَهُ دُونَ قَوْلِهِ: مَخَافَةَ أَنْ يَنَالُوهُ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنِ الْقَعْنَبِيِّ، عَنْ مَالِكٍ
18174 -
أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا أَبُو النَّضْرِ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا تُسَافِرُوا بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ، فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَنَالَهُ الْعَدُوُّ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَرَ، عَنْ سُفْيَانَ
بَابُ مَا أَحْرَزَهُ الْمُشْرِكُونَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ
18175 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: سَأَلْتُ الشَّافِعِيَّ رحمه الله عَنِ الْعَدُوِّ يَأْبَقُ إِلَيْهِمُ الْعَبْدُ، أَوْ يَشْرِدُ إِلَيْهِمُ الْبَعِيرُ، أَوْ يُغِيرُونَ فَيَنَالُونَهُمَا أَوْ يُمْلِكُونَهُمَا أَسْهُمًا؟ قَالَ:«لَا»
18176 -
فَقُلْتُ لِلشَّافِعِيِّ: إِذَا ظَهَرَ عَلَيْهِمُ الْمُسْلِمُونَ فَجَاءَ أَصْحَابُهُمَا قَبْلَ أَنْ يَقْتَسِمَا؟ فَقَالَ: هُمَا لِصَاحِبِهِمَا
18177 -
فَقُلْتُ: أَرَأَيْتَ إِنْ وَقَعَا فِي الْمَقَاسِمِ؟ فَقَالَ: قَدِ اخْتَلَفَ فِيهِمَا الْمُفْتُونَ: فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: هُمَا قَبْلَ الْمَقَاسِمِ وَبَعْدَهَا سَوَاءٌ لِصَاحِبِهِمَا وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: هُمَا لِصَاحِبِهِمَا قَبْلَ الْمَقَاسِمِ، فَإِذَا وَقَعَتِ الْمَقَاسِمُ وَصَارَا فِي سَهْمِ رَجُلٍ فَلَا سَبِيلَ إِلَيْهِمَا وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: صَاحِبُهُمَا أَحَقُّ بِهِمَا مَا لَمْ يَقْسِمْهَا، فَإِذَا قُسِمَا فَصَاحِبُهُمَا أَحَقُّ بِهِمَا بِالْقِيمَةِ
⦗ص: 281⦘
18178 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَدِلَالَةُ السُّنَّةِ فِيمَا أَرَى، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، مَعَ مَنْ قَالَ: هُوَ لِمَالِكِهِ قَبْلَ الْقَسْمِ وَبَعْدَهُ، فَأَمَّا الْقِيَاسُ فَمَعَهُ لَا شَكَّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
18179 -
فَقُلْتُ لِلشَّافِعِيِّ: فَاذْكُرِ السُّنَّةَ فِيهِ، فَقَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ قَالَ: سُبِيَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَكَانَتِ النَّاقَةُ قَدْ أُصِيبَتْ قَبْلَهَا
18180 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: كَأَنَّهُ يَعْنِي نَاقَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؛ لِأَنَّ آخِرَ الْحَدِيثِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَالَ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ: فَكَانَتْ تَكُونُ فِيهِمْ، وَكَانُوا يَجِيئُونَ بِالنَّعَمِ إِلَيْهِمْ، فَانْفَلَتَتْ ذَاتَ لَيْلَةٍ مِنَ الْوَثَاقِ فَأَتَتِ الْإِبِلَ، فَجَعَلَتْ كُلَّمَا أَتَتْ بَعِيرًا مِنْهَا فَمَسَّتْهُ رَغَا فَتَتْرُكُهُ، حَتَّى أَتَتْ تِلْكَ النَّاقَةَ فَمَسَّتْهَا فَلَمْ تُرْغِ، وَهِيَ نَاقَةٌ هَدِرَةٌ، فَقَعَدَتْ فِي عَجُزِهَا ثُمَّ صَاحَتْ بِهَا فَانْطَلَقَتْ، فَطُلِبَتْ مِنْ لَيْلَتِهَا فَلَمْ يُقْدَرْ عَلَيْهَا، فَجَعَلَتْ لِلَّهِ عَلَيْهَا إِنْ أَنْجَاهَا اللَّهُ عَلَيْهَا لَتَنْحَرَنَّهَا، فَلَمَّا قَدِمَتْ عَرَفُوا النَّاقَةَ وَقَالُوا: نَاقَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: إِنَّهَا قَدْ جَعَلَتْ لِلَّهِ عَلَيْهَا لَتَنْحَرَنَّهَا، فَقَالُوا: وَاللَّهِ لَا تَنْحَرِيهَا حَتَّى يُؤَذَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَتَوْهُ فَأَخْبَرُوهُ أَنَّ فُلَانَةَ قَدْ جَاءَتْ عَلَى نَاقَتِكَ، وَأَنَّهَا قَدْ جَعَلَتْ لِلَّهِ عَلَيْهَا إِنْ نَجَّاهَا اللَّهُ عَلَيْهَا لَتَنْحَرَنَّهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«سُبْحَانَ اللَّهِ بِئْسَمَا جَزَتْهَا، إِنْ أَنْجَاهَا اللَّهُ عَلَيْهَا لَتَنْحَرَنَّهَا، لَا وَفَاءَ لِنَذْرٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ، وَلَا وَفَاءَ لِنَذْرٍ فِيمَا لَا يَمْلِكُ الْعَبْدُ» ، أَوْ قَالَ:«ابْنُ آدَمَ»
⦗ص: 282⦘
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، فَذَكَرُوا هَذَا الْحَدِيثَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَاللَّفْظِ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ
18181 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، وَعَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، أَنَّ قَوْمًا أَغَارُوا فَأَصَابُوا امْرَأَةً مِنَ الْأَنْصَارِ وَنَاقَةً لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَكَانَتِ الْمَرْأَةُ وَالنَّاقَةُ عِنْدَهُمْ، ثُمَّ انْفَلَتَتِ الْمَرْأَةُ فَرَكِبَتِ النَّاقَةَ فَأَتَتِ الْمَدِينَةَ، فَعُرِفَتْ نَاقَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: إِنِّي نَذَرْتُ إِنْ أَنْجَانِي اللَّهُ عَلَيْهَا لَأَنْحَرَنَّهَا، فَمَنَعُوهَا أَنْ تَنْحَرَهَا حَتَّى يَذْكُرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«بِئْسَمَا جَزَيْتِيهَا، إِنْ أَنْجَاكِ اللَّهُ عَلَيْهَا أَنْ تَنْحَرِيهَا، لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ، وَلَا فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ»
18182 -
وَقَالَا مَعًا، أَوْ أَحَدُهُمَا فِي الْحَدِيثِ: وَأَخَذَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم نَاقَتَهُ
18183 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ أَيْضًا فِيمَا
18184 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: فُقِدَتْ نَاقَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْعَضْبَاءُ، فَإِذَا هُمْ بِهَا صَبَاحَ يَوْمٍ وَامْرَأَةٌ قَدْ أَنَاخَتْهَا تُرِيدُ أَنْ تَنْحَرَهَا، فَذَهَبُوا بِهَا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:«مَا شَأْنُكِ؟» قَالَتْ: أَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِمَّنْ حَوْلَ الْمَدِينَةِ، سَبَانِي الْمُشْرِكُونَ وَبِنْتًا لِي، فَشَدُّونَا وَثَاقًا فَحَلَلْتُ مِنَ اللَّيْلِ وَثَاقِي، فَأَتَيْتُ ابْنَتِي لِأَحِلَّهَا فَلَمْ أَسْتَطِعْ حَلَّهَا، فَأَتَيْتُ الْإِبِلَ فَأَخَذْتُ أَسْكَنَهَا بَعِيرًا، فَرَكِبْتُ عَلَيْهِ وَجَعَلْتُ لِلَّهِ عَلَيَّ إِنْ نَجَّانِي اللَّهُ أَنْ أَنْحَرَهَا قَالَ:«بِئْسَ مَا جَزَيْتِيهَا، لَا نَذْرَ لِابْنِ آدَمَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ» ، فَقَبَضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَاقَتَهُ، وَخَلَّى عَنِ الْمَرْأَةِ
⦗ص: 283⦘
18185 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله فِي رِوَايَتِنَا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَحْدَهُ: فَقَدْ أَخَذَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم نَاقَتَهُ بَعْدَمَا أَحْرَزَهَا الْمُشْرِكُونَ، وَأَحْرَزَتْهَا الْأَنْصَارِيَّةُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ، وَلَوْ كَانَتِ الْأَنْصَارِيَّةُ أَحْرَزَتْ عَلَيْهِمْ شَيْئًا لَيْسَ لِمَالِكٍ كَانَ لَهَا فِي قَوْلِنَا أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ، وَخُمْسٌ لِأَهْلِ الْخُمْسِ وَفِي قَوْلِ: غَيْرِ مَا كَانَ لَهَا مَا أَحْرَزَتْ لَا خُمْسَ فِيهِ ، وَقَدْ أَخْبَرَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهَا لَا تَمْلِكُ مَالَهُ بِلَا قِيمَةٍ
18186 -
قَالَ أَحْمَدُ: قَالَ قَائِلٌ: إِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ نَذْرُهَا لِأَنَّهَا قَالَتْ ذَلِكَ وَهِيَ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَمَا لَمْ يَنْجُ بِهَا إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ لَمْ تَمْلِكْهَا قِيلَ لَهُ: أَلَيْسَ قَدْ نَجَتْ إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ فَوَجَبَ أَنْ يَبْطُلَ نَذْرُهَا بِمِلْكِهَا عَلَى أَصْلِكَ، وَلَمْ يُجِزِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِبْطَالَ مِلْكِهَا إِلَّا بِأَنْ يَدْفَعَ إِلَيْهَا قِيمَتَهَا، فَلَمَّا لَمْ يُنْقَلْ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَخْبَارِ أَنَّهُ غَرِمَ لَهَا قِيمَتَهَا دَلَّ أَنَّهَا لَمْ تَمْلِكْهَا قَطُّ، وَلَأَنَّ ظَاهَرَ الْخَبَرِ أَنَّهَا هَرَبَتْ عَلَيْهَا وَطُلِبَتْ مِنْ لَيْلَتِهَا فَلَمْ تَقْدِرْ عَلَيْهَا فَحِينَئِذٍ نَذَرَتْ، وَالْغَالِبُ أَنَّهَا كَانَتْ قَدْ دَخَلَتْ دَارَ الْإِسْلَامِ لِقُرْبِ الشِّرْكِ مِنْ دَارِ الْإِسْلَامِ يَوْمَئِذٍ، إِلَّا أَنَّهَا خَشِيَتْ خُرُوجَهُمْ فِي أَثَرِهَا فِي الصَّحْرَاءِ فَنَذَرَتْ، فَأَبْطَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم نَذْرَهَا وَأَخْبَرَ بِأَنَّهَا نَذَرَتْ مَا لَمْ تَمْلِكْ، وَمَنْ ذَهَبَ إِلَى وقُوعِ الطَّلَاقِ فِي الْمِلْكِ إِذَا عُقِدَ قَبْلَهُ مُضَافًا إِلَيْهِ لَزِمَهُ أَنْ يَقُولَ بِلُزُومِ النَّذْرِ فِي الْمِلْكِ إِذَا عُقِدَ قَبْلَهُ مُضَافًا إِلَيْهِ، وَهَاهُنَا قَدْ أَضَافَتْ نَذْرَهَا إِلَى أَنْ تَنْجُوَ عَلَيْهَا، وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ عِنْدَهُ إِذَا دَخَلَتْ دَارَ الْإِسْلَامِ وَمِلْكِهَا، وَهُوَ لَا يَقُولُ ذَلِكَ
18187 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، «أَنَّ عَبْدًا لَهُ أَبِقَ وَفَرَسًا لَهُ غَارَ فَأَحْرَزَهُ الْمُشْرِكُونَ، ثُمَّ أَحْرَزَهُ عَلَيْهِمُ الْمُسْلِمُونَ فَرُدَّا بِلَا قِيمَةٍ»
18188 -
وَقَدْ أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّغَانِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ:«ذَهَبَ فَرَسٌ لَهُ فَأَخَذَهُ الْعَدُوُّ، فَظَهَرَ عَلَيْهِمُ الْمُسْلِمُونَ، فَرُدَّ عَلَيْهِ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَبَقَ عَبْدٌ لَهُ فَلَحِقَ بِالرُّومِ، فَظَهَرَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ، فَرَدَّهُ عَلَيْهِ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، يَعْنِي بَعْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم»
⦗ص: 284⦘
أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ فَقَالَ: وَقَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ، فَذَكَرَهُ
18189 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ: وَلَوْ كَانَ الْعَدُوُّ مَالِكِينَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ رَدُّهُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ جَعَلَ الْخُمُسَ مِنَ الْغَنِيمَةِ لِابْنِ السَّبِيلِ وَالْيَتِيمِ، وَفِي رَدِّهِمْ ذَلِكَ إِلَى ابْنِ عُمَرَ تَرْكٌ لِإِخْرَاجِ الْخُمُسِ مِنْهُ
18190 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ، عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، - لَا أَحْفَظُ عَمَّنْ رَوَاهُ - أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رضي الله عنه قَالَ فِيمَا أَحْرَزَ الْعَدُوُّ مِنْ مَالِ الْمُسْلِمِينَ مِمَّا غَلَبُوا عَلَيْهِ أَوْ أَبِقَ إِلَيْهِمْ ثُمَّ أَحْرَزَهُ الْمُسْلِمُونَ:«مَالِكُوهُ أَحَقُّ بِهِ قَبْلَ الْقَسْمِ وَبَعْدَهُ»
18191 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِنِ اقْتُسِمَ فَلِصَاحِبِهِ أَخْذُهُ، وَعَوَّضَ الَّذِي صَارَ فِي سَهْمِهِ قِيمَتَهُ مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ
18192 -
وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْهُ حَدِيثَ عَلِيِّ بْنِ الْجَعْدِ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنِ الرُّكَيْنِ بْنِ الرَّبِيعِ، عَنْ أَبِيهِ، «أَنَّ فَرَسًا لَهُ غَارَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ فَصَارَ فِي الْخُمُسِ، فَأَتَيْتُ سَعْدًا فَأَخْبَرْتُهُ فَدَفَعَهُ إِلَيَّ»
18193 -
أَخْبَرَنَاهُ الْإِمَامُ أَبُو الْفَتْحِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي شُرَيْحٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: فَوَجَدَهُ فِي مَرْبِطِ سَعْدٍ
⦗ص: 285⦘
18194 -
وَقَدْ رُوِّينَاهُ عَنْ زَائِدَةَ، عَنِ الرُّكَيْنِ بْنِ الرَّبِيعِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: فَرَدَّهُ عَلَيْنَا بَعْدَ مَا قَسَمَ، وَصَارَ فِي خُمُسِ الْإِمَارَةِ
18195 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ: سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ مَالَ الْمُسْلِمِ لَا يَحِلُّ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ، وَقَالَ:«دِمَاؤُكُمْ وَأَمْوَالُكُمْ حَرَامٌ» ، وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ
18196 -
قَالَ: فَإِنِ احْتَجَّ بِأَنَّ تَمِيمَ بْنَ طَرَفَةَ رَوَى أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حَكَمَ فِي رَجُلٍ اشْتَرَى بَعِيرًا قَدْ أَحْرَزَهُ الْعَدُوُّ أَنَّ صَاحِبَهُ يَأْخُذُهُ بِالثَّمَنِ، قِيلَ لَهُ: تَمِيمُ بْنُ طَرَفَةَ لَمْ يُدْرِكِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ
18197 -
وَالْمُرْسَلُ لَا تَثْبُتُ بِهِ حُجَّةٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُدْرَى عَمَّنْ أَخَذَهُ
18198 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو سَعِيدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: قَالَ أَبُو يُوسُفَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي عَبْدٍ وَبَعِيرٍ أَحْرَزَهُمَا الْعَدُوُّ ثُمَّ ظُفِرَ بِهِمَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِصَاحِبِهِمَا:«إِنْ أَصَبْتَهُمَا قَبْلَ الْقِسْمَةِ فَهُمَا لَكَ بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَإِنْ أَصَبْتَهُمَا بَعْدَ الْقِسْمَةِ فَهُمَا لَكَ بِالْقِيمَةِ»
18199 -
قَالَ أَحْمَدُ: هَكَذَا وَجَدْتُهُ عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ، وَرَوَاهُ غَيْرُهُ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ الزَّرَّادِ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ
⦗ص: 286⦘
عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي بَعِيرٍ وَاحِدٍ وَهَذَا الْحَدِيثُ يُعْرَفُ بِالْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ لَا يُحْتَجُّ بِهِ
18200 -
وَرَوَاهُ مَسْلَمَةُ بْنُ عُلَيٍّ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَهُوَ أَيْضًا ضَعِيفٌ،
18201 -
وَرُوِيَ بِإِسْنَادٍ آخَرَ مَجْهُولٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَلَا يَصِحُّ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ،
18202 -
وَرُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَإِنَّمَا رَوَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ وَيَاسِينُ بْنُ مُعَاذٍ الزَّيَّاتُ عَلَى اخْتِلَافٍ بَيْنَهُمَا فِي لَفْظِهِ، وَكِلَاهُمَا مَتْرُوكٌ لَا يُحْتَجُّ بِهِ.
18203 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ: وَاحْتَجَّ مُحْتَجٌّ بِأَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابٍ رضي الله عنه قَالَ: «مَنْ أَدْرَكَ مَا أَحْرَزَ الْعَدُوُّ قَبْلَ أَنْ يُقْسَمَ فَهُوَ لَهُ، وَمَا قُسِمَ فَلَا حَقَّ لَهُ فِيهِ إِلَّا بِالْقِيمَةِ»
18204 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَيُقَالُ لَهُ: هَذَا إِنَّمَا رُوِيَ عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ، عَنْ عُمَرَ مُرْسَلًا
18205 -
وَذَكَرَهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْوَهَّابِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ أَبِي حَرِيزٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، أَنَّ عُمَرَ قَالَ:«مَنْ أَدْرَكَ مَا أَحْرَزَهُ الْعَدُوُّ مِنْ مَالِهِ قَبْلَ أَنْ يُقْسَمَ فَهُوَ لَهُ، وَإِنْ قُسِمَ لَهُ فَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَيْهِ إِلَّا بِالْقِيمَةِ»
18206 -
وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُلَيَّةَ، عَنْ عُمَرَ، أَوْ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَكِلَاهُمَا لَمْ يُدْرِكْ عُمَرَ، وَلَا قَارَبَ ذَلِكَ
18207 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَقَدْ قِيلَ: عَنْ رَجَاءٍ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ، عَنْ عُمَرَ، وَهُوَ أَيْضًا مُرْسَلٌ
⦗ص: 287⦘
.
18208 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَالْمُرْسَلُ قَدْ يَكُونُ عَنِ الْمَجْهُولِ، وَالْمَجْهُولُ لَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ، وَحَدِيثُ سَعْدٍ أَثْبَتُ مِنَ الْحَدِيثِ عَنْ عُمَرَ لِأَنَّهُ عَنِ الرُّكَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ سَعْدًا فَعَلَهُ بِهِ، وَالْحَدِيثُ عَنْ عُمَرَ مُرْسَلٌ
18209 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِيمَا بَلَغَهُ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ خِلَاسِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَلِيٍّ، " فِيمَنِ اشْتَرَى مَا أَحْرَزَهُ الْعَدُوُّ قَالَ: هُوَ جَائِزٌ "
18210 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهُمْ يَقُولُونَ: صَاحِبُهُ إِذَا جَاءَ بِالْخِيَارِ إِنْ أَحَبَّ أَخْذَهُ بِالثَّمَنِ أَخَذَهُ
18211 -
قَالَ أَحْمَدُ: رِوَايَةُ خِلَاسٍ عَنْ عَلِيٍّ، ضَعِيفَةٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ، يَقُولُونَ: هِيَ مِنْ كِتَابٍ، وَإِنَّهَا مُنْقَطِعَةٌ وَيَرْوُونَ فِيهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَإِنَّمَا رَوَاهُ ابْنُ لَهِيعَةَ بِإِسْنَادِهِ، وَابْنُ لَهِيعَةَ غَيْرُ مُحْتَجٍّ بِهِ
18212 -
قَالَ أَحْمَدُ: حَدِيثُ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ ثَابِتٌ لَا شَكَّ فِيهِ، وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ أَيْضًا ثَابِتٌ
18212 -
إِلَّا أَنَّ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ رَوَاهُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ غُلَامًا لِابْنِ عُمَرَ أَبِقَ إِلَى الْعَدُوِّ فَظَهَرَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ، فَرَدَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى ابْنِ عُمَرَ وَلَمْ يُقْسَمْ هَكَذَا أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ سُهَيْلٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، فَذَكَرَهُ
18213 -
وَفِيهِ أَيْضًا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْعَدُوَّ لَمْ يَمْلِكْهُ بِالْإِحْرَازِ
18214 -
وَحَدِيثُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ مَوْصُولٌ، وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ رَدَّهُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ، وَلَمْ يُنْقَلْ فِيهِ إِيجَابُ الْقِيمَةِ عَلَى صَاحِبِهِ، وَأَمَّا سَائِرُ الرِّوَايَاتِ فَإِنَّهَا مَقَاطِيعُ أَوْ ضَعِيفَةٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
مَنْ أَسْلَمَ عَلَى شَيْءٍ فَهُوَ لَهُ
18215 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ رحمه الله قَالَ: رَوَى ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، مُرْسَلًا، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ أَسْلَمَ عَلَى شَيْءٍ فَهُوَ لَهُ»
18216 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَكَأَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ: مَنْ أَسْلَمَ عَلَى شَيْءٍ يَجُوزُ لَهُ مِلْكُهُ فَهُوَ لَهُ وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ أَحْرَزَ حُرًّا، أَوْ أُمَّ وَلَدٍ، أَوْ مُكَاتَبًا، أَوْ مُدَبَّرًا، أَوْ عَبْدًا مَرْهُونًا، فَأَسْلَمَ عَلَيْهِمْ لَمْ يَكُونُوا لَهُ، فَكَذَلِكَ أَمْوَالُ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَكُنْ لَهُ
18217 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَالَّذِينَ قَتَلَ الْمُغِيرَةُ مُشْرِكُونَ
18218 -
يُرِيدُ مَا رُوِيَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنِ الْمِسْوَرِ فِي قِصَّةِ الْحُدَيْبِيَةِ
⦗ص: 289⦘
، وَمَا جَرَى بَيْنَ عُرْوَةَ بْنِ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيِّ وَالْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ
18219 -
قَالَ: وَكَانَ الْمُغِيرَةُ صَحِبَ قَوْمًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقَتَلَهُمْ وَأَخَذَ أَمْوَالَهُمْ ثُمَّ جَاءَ فَأَسْلَمَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«أَمَّا الْإِسْلَامُ فَأَقْبَلُ، وَأَمَّا الْمَالُ فَلَسْتُ مِنْهُ فِي شَيْءٍ»
18220 -
وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ حَدِيثَ مُوسَى بْنِ دَاوُدَ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ أَسْلَمَ عَلَى شَيْءٍ فَهُوَ لَهُ»
⦗ص: 290⦘
18221 -
وَهَذَا أَيْضًا مُنْقَطِعٌ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ قِصَّةَ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ
18222 -
وَذَكَرَ أَيْضًا حَدِيثَ خَالِدٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَعْيَنَ، عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُمْ:«مَا أَسْلَمُوا عَلَيْهِ مِنْ أَرْضِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ فِي أَرْضِهِمُ الْعُشْرُ»
18223 -
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُؤَمَّلِ، حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الشَّعْرَانِيُّ، حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَعْيَنَ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ، زَادَ: قَالَ فِي أَهْلِ الذِّمَّةِ: «لَهُمْ مَا أَسْلَمُوا عَلَيْهِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَعَبِيدِهِمْ وَأَرْضِهِمْ وَمَاشِيَتِهِمْ، لَيْسَ عَلَيْهِمْ فِيهِ إِلَّا صَدَقَةٌ»
الْحَرْبِيُّ يَدْخُلُ بِأَمَانٍ وَلَهُ مَالٌ فِي دَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ يُسْلِمُ أَوْ يُسْلِمُ فِي دَارِ الْحَرْبِ
18224 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو سَعِيدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: قَدْ أَسْلَمَ ابْنَا سَعْيَةَ الْقُرَظِيَّانِ مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَاثِمٌ عَلَيْهِمْ قَدْ حَصَرَهُمْ، فَتَرَكَ لَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دُورَهُمَا وَأَمْوَالَهُمَا مِنَ النَّخْلِ وَالْأَرْضِ وَغَيْرِهِمَا
18225 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَذَلِكَ مَعْرُوفٌ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ
18226 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَهَذَا فِيمَا رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ صَاحِبُ الْمَغَازِي، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ شَيْخٍ مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ قَالَ:" هَلْ تَدْرِي عَمَّ كَانَ إِسْلَامُ ثَعْلَبَةَ وَأُسَيْدِ ابْنَيْ سَعْيَةَ، وَأَسَدِ بْنِ عُبَيْدٍ؟ فَذَكَرَ قِصَّةً فِي الْيَهُودِيِّ الَّذِي كَانَ أَخْبَرَ بِصِفَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: فَلَمَّا كَانَتْ تِلْكَ اللَّيْلَةُ الَّتِي افْتُتِحَتْ فِيهَا قُرَيْظَةُ، قَالُوا: يَا مَعْشَرَ يَهُودَ، إِنَّهُ وَاللَّهِ لَهُوَ بِصِفَتِهِ، ثُمَّ نَزَلُوا فَأَسْلَمُوا وَخَلَّوْا أَمْوَالَهُمْ وَأَوْلَادَهُمْ وَأَهَالِيهِمْ، وَكَانَتْ فِي الْحِصْنِ، فَلَمَّا فُتِحَ رَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ "
⦗ص: 292⦘
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، حَدَّثَنَا الْعُطَارِدِيُّ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، فَذَكَرَهُ
18227 -
وَرُوِّينَا فِي حَدِيثِ صَخْرِ بْنِ الْعَيْلَةِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«يَا صَخْرُ، إِنَّ الْقَوْمَ إِذَا أَسْلَمُوا أَحْرَزُوا أَمْوَالَهُمْ وَدِمَاءَهُمْ»
18228 -
وَرُوِّينَا فِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:" لَقِيَ نَاسٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ رَجُلًا فِي غَنِيمَةٍ لَهُ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، فَأَخَذُوهُ فَقَتَلُوهُ وَأَخَذُوا تِلْكَ الْغَنِيمَةَ، فَنَزَلَتْ: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا} [النساء: 94]، وَقَرَأَهَا ابْنُ عَبَّاسٍ: السَّلَامَ " أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَذَكَرَهُ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنِ ابْنِ الْمَدِينِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ
الْمُسْلِمُ يَدْخُلُ دَارَ الْحَرْبِ فَيَشْتَرِي دَارًا أَوْ غَيْرَهَا
18229 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو سَعِيدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: سُئِلَ أَبُو حَنِيفَةَ عَنْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ بِأَمَانٍ فَاشْتَرَى دَارًا، أَوْ أَرْضًا، أَوْ رَقِيقًا، أَوْ ثِيَابًا، فَظَهَرَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ؟ قَالَ:«أَمَا الدُّورُ وَالْأَرَضُونُ فَهِيَ مِنْ فَيْءِ الْمُسْلِمِينَ وَأَمَّا الرَّقِيقُ وَالْمَتَاعُ فَهُوَ لِلرَّجُلِ الَّذِي اشْتَرَاهُ»
18230 -
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: «فَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ عَنْوَةً، فَخَلَّى بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَأَرْضِهِمْ وَدُورِهِمْ بِمَكَّةَ، وَلَمْ يَجْعَلْهَا فَيْئًا»
18231 -
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَفَا عَنْ مَكَّةَ وَأَهْلِهَا وَقَالَ: «مَنْ أَغْلَقَ عَلَيْهِ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ» وَنَهَى عَنِ الْقَتْلِ إِلَّا نَفَرًا قَدْ سَمَّاهُمْ، إِلَّا أَنْ يُقَاتِلَ أَحَدٌ فَيُقَاتَلُ، وَقَالَ لَهُمْ حِينَ اجْتَمَعُوا فِي الْمَسْجِدِ:«مَا تَرَوْنَ أَنِّي صَانِعٌ بِكُمْ؟» قَالُوا: خَيْرًا، أَخٌ كَرِيمٌ، وَابْنُ أَخٍ كَرِيمٍ قَالَ:«اذْهَبُوا فَأَنْتُمُ الطُّلَقَاءُ»
⦗ص: 294⦘
، وَلَمْ يَجْعَلْ مِنْهَا فَيْئًا قَلِيْلًا وَلَا كَثِيرًا، لَا دَارًا وَلَا أَرْضًا وَلَا مَالًا، وَلَمْ يَسْبِ مِنْ أَهْلِهَا أَحَدًا، وَقَدْ قَاتَلَهُ قَوْمٌ فِيهَا فَقَتَلُوا وَهَرَبُوا فَلَمْ يَأْخُذْ مِنْ مَتَاعِهِمْ شَيْئًا، وَلَمْ يَجْعَلْهُ فَيْئًا، وَقَدْ أَخْبَرْتُكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْسَ فِي هَذَا كَغَيْرِهِ، فَهَذَا مِنْ ذَلِكَ ، فَتَفَهَّمْ
18232 -
فَأَمَّا الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ الَّذِي دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ، فَالْقَوْلُ فِيهِ كَمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ الدُّورَ وَالْأَرَضِينَ لَا تُحَوَّلُ وَلَا يَحُوزُهَا الْمُسْلِمُ
18233 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: الْقَوْلُ مَا قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَصْنَعْ فِي الْحَجَّةِ بِمَكَّةَ، وَلَا أَبُو يُوسُفَ شَيْئًا
18234 -
لَمْ يَدْخُلْهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْوَةً، وَإِنَّمَا دَخَلَهَا سِلْمًا، وَقَدْ سَبَقَ لَهُمْ أَمَانٌ، وَالَّذِينَ قَاتَلُوا وَأَذِنَ فِي قَتْلِهِمْ بِمَكَّةَ هُمْ أَبْعَاضٌ قَتَلَتْ خُزَاعَةَ، وَلَيْسَ لَهُمْ بِمَكَّةَ دَارٌ وَلَا مَالٌ، وَإِنَّمَا هُمْ قَوْمٌ هَرَبُوا إِلَيْهَا، فَأَيُّ شَيْءٍ يُغْنَمُ مِمَّنْ لَا مَالَ لَهُ؟
18235 -
وَأَمَّا غَيْرُهُمْ مِمَّنْ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ بَدَأَهُمْ بِالْقِتَالِ فَادَّعَوْا أَنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ بَدَأَهُمْ بِالْقِتَالِ وَلَمْ يُنْفِذْ لَهُمْ أَمَانًا، وَادَّعَى خَالِدٌ أَنَّهُمْ بَدَأُوهُ، ثُمَّ أَسْلَمُوا قَبْلَ أَنْ يَظْهَرَ لَهُمْ عَلَى شَيْءٍ
18236 -
وَمَنْ لَمْ يُسْلِمْ صَارَ إِلَى قَبُولِ الْأَمَانِ بِإِلْقَاءِ السِّلَاحِ وَدُخُولِ دَارِهِ، فَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ دَخَلَ دَارَهُ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ أَلْقَى السِّلَاحَ فَهُوَ آمِنٌ»
18237 -
قَالَ: مَنْ يَغْنَمْ مَالَ مَنْ لَهُ أَمَانٌ لَا غَنِيمَةَ عَلَى مَالِ هَذَا وَمَا يُقْتَدَى فِيمَا صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا بِمَا صَنَعَ، وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِي هَذَا
⦗ص: 295⦘
18238 -
وَجَرَى فِي خِلَالِ كَلَامِهِ أَنَّ مَا خُصَّ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مُبَيَّنٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَوْ فِيهِمَا
18239 -
وَلَوْ جَازَ أَنْ يُقَالَ فِي شَيْءٍ لَمْ يُبَيَّنْ أَنَّهُ خَاصٌّ لَهُ: لَعَلَّ هَذَا مِنَ الْخَاصِّ لَهُ، جَازَ هَذَا فِي كُلِّ حُكْمِهِ فَخَرَجَتْ أَحْكَامُهُ مِنْ أَيْدِينَا
18240 -
قَالَ: وَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُغْنَمَ مَالُ الْمُسْلِمِ وَقَدْ مَنَعَهُ اللَّهُ بِدِينِهِ، وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِي هَذَا، وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ ابْنَيْ سَعْيَةَ، وَمَنَعَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الدُّورِ وَالْأَرَاضِي وَغَيْرِهَا مِمَّا تَحَوَّلَ فَرْقٌ
18241 -
قَالَ أَحْمَدُ: احْتَجَّ بَعْضُ مَنْ خَالَفَنَا فِي هَذَا بِأَحَادِيثَ فِي نَقْضِ قُرَيْشٍ عَهْدَهُمْ، وَأَنَّهُمْ لَمْ يَثْبُتُوا عَلَى الصُّلْحِ الَّذِي جَرَى بِالْحُدَيْبِيَةِ وَذَلِكَ مُسَلَّمٌ لَهُ إِلَّا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا نَزَلَ مَرَّ الظَّهْرَانِ وَأَتَاهُ أَبُو سُفْيَانَ وَمَنْ أَتَاهُ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، عَقَدَ لِأَهْلِ مَكَّةَ الْأَمَانَ إِلَّا نَفَرًا يَسِيرًا سَمَّاهُمْ بِشَرْطٍ، فَقَالَ:«مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ أَغْلَقَ عَلَيْهِ دَارَهُ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ كَفَّ يَدَهُ فَهُوَ آمِنٌ» ، فَتَفَرَّقَ النَّاسُ إِلَى دُورِهِمْ وَإِلَى الْمَسْجِدِ
18242 -
فَأَمَّا مَا حَكَى مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِلْأَنْصَارِ حِينَ طَافُوا بِهِ:«انْظُرُوا إِلَى أَوْبَاشِ قُرَيْشٍ وَأَتْبَاعِهِمْ» ، ثُمَّ قَالَ:«إِذَا لَقِيتُمُوهُمْ غَدًا أَنْ تَحْصُدُوهُمْ حَصْدًا» ، فَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ ، لِأَنَّهُ لَمْ نَعْلَمْ أَنَّ قُرَيْشًا قَبِلَتْ مَا عَقَدَ لَهُمْ مِنَ الْأَمَانِ، فَدَخَلَ مَكَّةَ مُسْتَعِدًّا لِلْقِتَالِ خَوْفًا مِنْ غَدْرِهِمْ، وَأَمَرَ الْأَنْصَارَ بِالْقِتَالِ إِنْ قَاتَلُوا
18243 -
وَالَّذِي رُوِيَ فِي حَدِيثِهِ مِنْ قَوْلِهِ لِأَبِي سُفْيَانَ: «مَنْ دَخَلَ دَارَهُ فَهُوَ آمِنٌ» ، فَاخْتِلَافُ رُوَاتِهِ فِي وَقْتِ حِكَايَتِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ قَصَدُوا حِكَايَةَ لَفْظِهِ دُونَ
⦗ص: 296⦘
حِكَايَةِ وَقْتِهِ، وَقَدْ بَيَّنَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَعِكْرِمَةُ وَسَائِرُ أَصْحَابِ الْمَغَازِي، أَنَّ ذَلِكَ الْقَوْلَ كَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ بِمَرِّ الظَّهْرَانِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَعَادَهُ بِمَكَّةَ، وَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ابْتِدَاؤُهُ بَعْدَمَا ظَفَرَ بِهِمْ، وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ ذَلِكَ بَعْدَ الظَّفَرِ بِهِمْ؟
18244 -
وَدَعْوَى التَّخْصِيصِ مِنْ غَيْرِ حُجَّةٍ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ، وَلَا حُجَّةَ فِي تَوَهُّمِ الطُّلَقَاءِ أَنَّ السَّيْفَ لَا يُرْفَعُ عَنْهُمْ
18245 -
وَهُوَ كَقَوْلِ أَبِي سُفْيَانَ لِلْعَبَّاسِ حِينَ وَقَفَهُ لِيَرَى كَثْرَةَ النَّاسِ: أَغَدْرًا يَا بَنِي هَاشِمَ؟ فَقَالَ الْعَبَّاسُ: سَتَعْلَمُ أَنَّا لَسْنَا نَغْدِرُ ،
18246 -
وَلَوْلَا انْعِقَادُ الْأَمَانِ لَهُمْ بِمَا مَضَى لَمَا قَالَ ذَلِكَ، فَلَعَلَّهُمْ كَانُوا يَتَوَهَّمُونَ مَا تَوَهَّمَ أَبُو سُفْيَانَ، فَقَالَ:«أَنْتُمُ الطُّلَقَاءُ» وَهُوَ يُرِيدُ الْأَمَانَ السَّابِقَ وَوُجُودَ شَرْطِهِ
18247 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ لِغَزْوِ قُرَيْشٍ، وَالْفَتْحُ يَكُونُ بِالصُّلْحِ مَرَّةً، وَالْقَهْرِ أُخْرَى، وَقَدْ سَمَّى اللَّهُ تَعَالَى صُلْحَ الْحُدَيْبِيَةِ فَتْحًا
18248 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ: قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [الفتح: 1]، فَلَمْ يَخْتَلِفِ النَّاسُ أَنَّ ذَلِكَ نَزَلَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ، فَسَمَّى صُلْحَهُمْ فَتْحًا ، وَقَدْ يَقُولُ النَّاسُ لِلْمَدِينَةِ تُفْتَحُ: افْتُتِحَتْ صُلْحًا، وَيُقَالُ: افْتُتِحَتْ عَنْوَةً، فَالْفَتْحُ قَدْ يَكُونُ صُلْحًا، وَقَدْ يَكُونُ عَنْوَةً
18249 -
قَالَ أَحْمَدُ: فَلَيْسَ فِي تَسْمِيَةِ النَّاسِ خُرُوجَهُ غَزْوًا، وَدُخُولَهُ مَكَّةَ فَتْحًا، مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا فُتِحَتْ عَنْوَةً، وَقَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ» يُرِيدُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، دُخُولَهَا مُعِدًّا لِلْقِتَالِ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ، إِنْ لَمْ يَقْبَلُوا الْأَمَانَ وَقَاتَلُوهُ
18250 -
وَالَّذِي رُوِيَ فِي حَدِيثِ أُمِّ هَانِئٍ مِنْ إِرَادَةِ عَلِيٍّ قَتْلَ رَجُلٍ أَجَارَتْهُ فَلَعَلَّهُ رَآهُ وَمَعَهُ السِّلَاحَ فَظَنَّ أَنَّهُ لَمْ يَقْبَلِ الْأَمَانَ بِدَلِيلِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بَعْدَ قَوْلِهِ
⦗ص: 297⦘
: «أَنْتُمُ الطُّلَقَاءُ» ، وَخُرُوجِهِ مِنَ الْمَسْجِدِ وَاشْتِغَالِهِ بِالْغُسْلِ وَصَلَاةِ الضُّحَى فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لَمْ يُجِزْ إِلَّا قَتْلَ مَنِ اسْتَثْنَاهُمْ بِالْإِجْمَاعِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
18251 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ الْفَتْحِ جَاءَهُ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بِأَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ فَأَسْلَمَ بِمَرِّ الظَّهْرَانِ، فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ:«يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ يُحِبُّ هَذَا الْفَخْرَ، فَلَوْ جَعَلْتَ لَهُ شَيْئًا» قَالَ: «نَعَمْ، مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ»
18252 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ، عَنْ بَعْضِ أَهْلِهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ الظَّهْرَانِ قَالَ الْعَبَّاسُ: قُلْتُ: وَاللَّهِ لَئِنْ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ عَنْوَةً قَبْلَ أَنْ يَأْتُوهُ فَيَسْتَأْمِنُوهُ إِنَّهُ لَهَلَاكُ قُرَيْشٍ، فَجَلَسْتُ عَلَى بَغْلَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: لَعَلِّي أَجِدُ ذَا حَاجَةٍ يَأْتِي أَهْلَ مَكَّةَ فَيُخْبِرُهُمْ بِمَكَانِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِيَخْرُجُوا إِلَيْهِ فَيَسْتَأْمِنُوهُ، فَإِنِّي لَأَسِيرُ سَمِعْتُ كَلَامَ أَبِي سُفْيَانَ، وَبُدَيْلِ بْنِ وَرْقَاءَ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا حَنْظَلَةَ، فَعَرَفَ صَوْتِي قَالَ: أَبُو الْفَضْلِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ قَالَ: مَا لَكَ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي؟ قُلْتُ: هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالنَّاسُ قَالَ: فَمَا الْحِيلَةُ؟ قُلْتُ: فَارْكَبْ مَعِي، فَرَكِبَ خَلْفِي وَرَجَعَ صَاحِبُهُ، فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَوْتُ بِهِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَسْلَمَ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ يُحِبُّ الْفَخْرَ، فَاجْعَلْ لَهُ شَيْئًا قَالَ: «نَعَمْ
⦗ص: 298⦘
، مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ أَغْلَقَ عَلَيْهِ دَارَهُ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَهُوَ آمِنٌ» قَالَ: فَتَفَرَّقَ النَّاسُ إِلَى دُورِهِمْ، وَإِلَى الْمَسْجِدِ
18253 -
وَهَذَا الَّذِي رُوِيَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَعْرُوفٌ مَشْهُورٌ فِيمَا بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْمَغَازِي
18254 -
وَقَدْ رَوَاهُ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ الْقَاضِي، عَنْ يُوسُفَ بْنِ بُهْلُولٍ، عَنِ ابْنِ إِدْرِيسَ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: قَالَ الزُّهْرِيُّ، فَحَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَذَكَرَهُ بِمَعْنَاهُ وَأَتَمَّ مِنْهُ
18255 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الْبَغْدَادِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عُلَاثَةَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ خَالِدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ،
18256 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ، حَدَّثَنَا جَدِّي، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ
18257 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَتَّابٍ الْعَبْدِيُّ، حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، قَالُوا فِي فَتْحِ مَكَّةَ - وَهَذَا لَفْظُ حَدِيثِ الْقَطَّانِ: ثُمَّ إِنَّ بَنِي نُفَاثَةَ مِنْ بَنِي الدُّئِلِ أَغَارُوا عَلَى بَنِي كَعْبٍ وَهُمْ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَبَيْنَ قُرَيْشٍ، وَكَانَتْ بَنُو كَعْبٍ فِي صُلْحِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَبَنُو نُفَاثَةَ فِي صُلْحِ قُرَيْشٍ، فَأَعَانَتْ بَنُو بَكْرٍ بَنِي نُفَاثَةَ، وَأَعَانَتْهُمْ قُرَيْشٌ بِالسِّلَاحِ وَالرَّقِيقِ
18258 -
فَذَكَرَ قِصَّةَ خُرُوجِ رَكْبِ بَنِي كَعْبٍ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَخُرُوجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
⦗ص: 299⦘
إِلَى مَكَّةَ، وَقِصَّةَ الْعَبَّاسِ، وَأَبِي سُفْيَانَ حِينَ أَتَى بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَرِّ الظَّهْرَانِ وَمَعَهُ حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ، وَبُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ قَالَ: فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ وَحَكِيمٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ النَّاسَ إِلَى الْأَمَانِ، أَرَأَيْتَ إِنِ اعْتَزَلَتْ قُرَيْشٌ وَكَفَّتْ يَدَهَا أَآمِنُونَ هُمْ؟ " قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«نَعَمْ، مَنْ كَفَّ يَدَهُ وَأَغْلَقَ دَارَهُ فَهُوَ آمِنٌ» ، قَالُوا: فَابْعَثْنَا نُؤَذِّنُ بِذَلِكَ فِيهِمْ قَالَ: «انْطَلِقُوا، فَمَنْ دَخَلَ دَارَكَ يَا أَبَا سُفْيَانَ وَدَارَكَ يَا حَكِيمُ وَكَفَّ يَدَهُ فَهُوَ آمِنٌ» ، وَدَارُ أَبِي سُفْيَانَ بِأَعْلَى مَكَّةَ، وَدَارُ حَكِيمٍ بِأَسْفَلِ مَكَّةَ، فَلَمَّا تَوَجَّهَا ذَاهِبَيْنِ قَالَ الْعَبَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي لَا آمَنُ أَبَا سُفْيَانَ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ إِسْلَامِهِ فَارْدُدْهُ حَتَّى يُفَقَّهَ وَيَرَى جُنُودَ اللَّهِ مَعَكَ، فَأَدْرَكَهُ عَبَّاسٌ فَحَبَسَهُ، فَقَالَ لَهُ أَبُو سُفْيَانَ: أَغَدْرًا يَا بَنِي هَاشِمٍ؟ فَقَالَ الْعَبَّاسُ: سَتَعْلَمُ أَنَّا لَسْنَا نَغْدِرُ، وَلَكِنْ لِي إِلَيْكَ حَاجَةٌ فَاصْبِرْ حَتَّى تَنْظُرَ جُنُودَ اللَّهِ "،
18259 -
ثُمَّ ذَكَرَ الْقِصَّةَ فِي مُرُورِ الْجُنُودِ، وَقَالَ فِيهَا: وَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ فِي كَتِيبَةِ الْأَنْصَارِ فِي مُقَدِّمَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ وَلَا يُقَاتِلُوا أَحَدًا إِلَّا مَنْ قَاتَلَهُمْ، وَأَمَرَهُمْ بِقَتْلِ أَرْبَعَةِ نَفَرٍ، مِنْهُمْ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ، وَالْحَارِثُ بْنُ نُقَيْذٍ، وَابْنُ خَطَلٍ، وَمَقِيسُ بْنُ صُبَابَةَ، وَأَمَرَ بِقَتْلِ قَيْنَتَيْنِ لِابْنِ خَطَلٍ كَانَتَا تُغَنِّيَانِ بِهِجَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَمَرَّتِ الْكَتَائِبُ فَنَادَى سَعْدٌ أَبَا سُفْيَانَ: الْيَوْمَ يَوْمُ الْمَلْحَمَةِ، الْيَوْمَ تُسْتَحَلُّ الْحُرْمَةُ، فَلَمَّا مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِأَبِي سُفْيَانَ فِي الْمُهَاجِرِينَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَمَرْتَ قَوْمَكَ أَنْ يَقْتُلُوا، فَإِنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ قَالَ كَذَا وَكَذَا - فَذَكَرَهُ - وَأَنَا أُنَاشِدُكَ اللَّهَ فِي قَوْمِكَ، فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فَعَزَلَهُ وَجَعَلَ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ مَكَانَهُ عَلَى الْأَنْصَارِ مَعَ الْمُهَاجِرِينَ قَالَ: فَانْدَفَعَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ حَتَّى دَخَلَ مِنْ أَسْفَلِ مَكَّةَ فَلَقِيَتْهُ بَنُو بَكْرٍ فَقَاتَلُوهُ فَهُزِمُوا وَقُتِلَ مِنْهُمْ وَفَرَّ قَضِيضُهُمْ حَتَّى دَخَلُوا الدُّورَ قَالَ: وَصَاحَ أَبُو سُفْيَانَ حِينَ دَخَلَ مَكَّةَ: مَنْ أَغْلَقَ دَارَهُ وَكَفَّ يَدَهُ فَهُوَ آمِنٌ "، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ إِلَى أَنْ قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ: «لِمَ قَاتَلْتَ وَقَدْ نَهَيْتُكَ عَنِ الْقِتَالِ؟»
⦗ص: 300⦘
فَقَالَ: هُمْ بَدَأُونَا بِالْقِتَالِ، وَوَضَعُوا فِينَا السِّلَاحَ، وَأَشْعَرُونَا بِالنَّبْلِ، وَقَدْ كَفَفْتُ يَدَيَّ مَا اسْتَطَعْتُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«قَضَاءُ اللَّهِ خَيْرٌ» فَهَذَا الَّذِي عَلَيْهِ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْمَغَازِي يُؤَكِّدُ مَا قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله فِي أَمْرِ مَكَّةَ
18260 -
وَقَدْ رُوِّينَا بَعْضَهُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ
18261 -
وَرُوِّينَا بِإِسْنَادٍ مَوْصُولٍ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ أَمَّنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم النَّاسَ إِلَّا أَرْبَعَةَ نَفَرٍ وَامْرَأَتَيْنِ، فَذَكَرَهُمْ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ بَدَلَ الْحَارِثِ بْنِ نُقَيْذٍ
18262 -
وَقَدْ رُوِّينَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَهْلِ الْمَغَازِي مَتَى عَقَدَ لَهُمُ الْأَمَانَ، وَبِأَيِّ شَرْطٍ عَقَدَهُ، وَأَنَّهُمْ صَارُوا إِلَى قَبُولِ الْأَمَانِ بِتَفَرُّقِهِمْ إِلَى دُورِهِمْ وَإِلَى الْمَسْجِدِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
18263 -
وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ حَدِيثَ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، وَيَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَهُوَ بِبَطْنِ مَرٍّ:«مَنْ أَلْقَى السِّلَاحَ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ دَخَلَ دَارَهُ فَهُوَ آمِنٌ»
18264 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَدَخَلَ مَكَّةَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ قَالَ لَهُمْ مَا قَالَ، فَلَمْ يُنَازِعْهُ أَحَدٌ إِلَّا عِكْرِمَةَ بْنَ أَبِي جَهْلٍ، وَصَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ، وَسُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو، فَإِنَّهُمْ نَازَعُوهُ وَهَرَبُوا، فَمَضَى عِكْرِمَةُ وَصَفْوَانُ، وَجَاءَ سُهَيْلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُسْلِمًا بِمَكَّةَ
18265 -
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَهَلْ غَنِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَالَ عِكْرِمَةَ وَصَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ وَهُمَا مِمَّنْ حَارَبَا وَلَمْ يَقْبَلَا الْأَمَانَ؟ قِيلَ لَهُ: لَمْ يَأْتِنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ظَهَرَ لَهُمَا
⦗ص: 301⦘
عَلَى مَالٍ، فَلَمْ يَقْسِمْهُ، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَحْكُمَ بِالتَّوَهُّمِ، فَإِنْ قَالَ: هَلْ يَجُوزُ أَنْ يَهْرَبَا مِنْ مَكَّةَ وَلَا رِبَاعَ لَهُمَا؟ قِيلَ: قَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْقَوْمُ قَدْ خَرَجُوا مِنْ رِبَاعِهِمْ قَبْلَ ذَلِكَ فَجَعَلُوهَا لِأَوْلَادِهِمْ، وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَدْفَعَ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ إِلَّا بِخَبَرٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ
18266 -
وَسَلَكَ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ سَلَامَةَ رَحِمَنَا اللَّهُ وَإِيَّاهُ فِيهِ طَرِيقَةً أُخْرَى، وَهِيَ أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ كَانُوا أَسْلَمُوا ثُمَّ كَفَرُوا، فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُؤَمِّنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَوْمًا مُرْتَدِّينَ؟
18267 -
وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ ابْنِ لَهِيعَةَ فِي سُجُودِ الْمُشْرِكِينَ بِسُجُودِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَإِسْلَامِهِمْ حَتَّى قَدِمَ رُءُوسُ قُرَيْشٍ، وَكَانُوا بِالطَّائِفِ فَقَالُوا: أَتَدَعُونَ دِينَ آبَائِكُمْ؟ فَكَفَرُوا
18268 -
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، ح
18269 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَقَدْ أَظْهَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْإِسْلَامَ، فَأَسْلَمَ أَهْلُ مَكَّةَ كُلُّهُمْ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تُفْرَضَ الصَّلَاةُ، حَتَّى إِنْ كَانَ لَيَقْرَأُ بِالسَّجْدَةِ فَيَسْجُدُ فَيَسْجُدُونَ " وَمَا يَسْتَطِيعُ بَعْضُهُمْ أَنْ يَسْجُدَ مِنَ الزِّحَامِ وَضِيقِ الْمَكَانِ لِكَثْرَةِ النَّاسِ حَتَّى قَدِمَ رُءُوسُ قُرَيْشٍ، الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، وَأَبُو جَهْلٍ وَغَيْرُهُمَا، وَكَانُوا بِالطَّائِفِ فِي أَرْضِهِمْ، فَقَالُوا: أَتَدَعُونَ دِينَ آبَائِكُمْ؟ فَكَفَرُوا
18270 -
قَالَ أَحْمَدُ: تَفَرَّدَ بِهِ ابْنُ لَهِيعَةَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ
⦗ص: 302⦘
18271 -
وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْمَغَازِي أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حِينَ قَرَأَ بِالنَّجْمِ، وَأَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ مَا أَلْقَى، وَسَمِعَهُ الْمُشْرِكُونَ سَجَدُوا لِسُجُودِهِ تَعْظِيمًا لِآلِهَتِهِمْ، وَفَشَتْ تِلْكَ الْكَلِمَةُ حَتَّى بَلَغَتْ أَرْضَ الْحَبَشَةِ، وَحُدِّثُوا أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ قَدْ أَسْلَمُوا كُلُّهُمْ "، وَصَلُّوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، حَتَّى إِذَا نَسَخَ اللَّهُ تَعَالَى مَا أَلْقَى الشَّيْطَانُ وَبَرَّأَهُ مِنْ سَجْعِهِ انْقَلَبَ الْمُشْرِكُونَ بِصَلَاتِهِمْ، فَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ كَانَ سُجُودُهُمْ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
18272 -
وَلَوْ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا قَالَ لَوَجَبَ أَنْ يَجْرِيَ الْإِرْثُ عَلَى أَصْلِهِ فِي دُورِ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ أَوْ قُتِلَ وَلَهُ إِرْثُ مُسْلِمٍ، مِنْهُمْ: عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ، وَابْنُهُ أَبُو حُذَيْفَةَ مُسْلِمٌ، وَكَذَلِكَ غَيْرُهُ مِمَّنْ أَسْلَمَ وَإِرْثُهُ وَهُوَ كَافِرٌ
18273 -
وَهُوَ لَمْ يَجْعَلْ شَيْئًا مِنْ دُورِ مَكَّةَ مَمْلُوكًا، وَلَوْ كَانُوا مُرْتَدِّينَ لَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا يَمُنُّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ يَوْمَ بَدْرٍ وَلَا يُفَادِيهِمْ، فَإِنَّ الْمَنَّ وَالْمُفَادَاةَ غَيْرُ جَائِزَيْنِ فِي أَهْلِ الرِّدَّةِ، وَقَدْ قَالَ فِي أُسَارَى بَدْرٍ:«لَوْ كَانَ مُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ حَيًّا ثُمَّ كَلَّمَنِي فِي هَؤُلَاءِ النَّتْنَى لَأَطْلَقْتُهُمْ لَهُ»
18274 -
وَمِثْلُ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ فِي أَهْلِ الرِّدَّةِ، وَلَوْ كَانُوا أَهْلَ رَدَّةٍ لَكَانَ لَا يَجْعَلُ لِصَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ:«تَسِيرُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ» ، وَلَا لِغَيْرِهِ مِنَ الطُّلَقَاءِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ فِي أَهْلِ الرِّدَّةِ، فَكُلُّ هَذَا مَعَ غَيْرِهِ مِمَّا يَطُولُ الْكِتَابُ بِذِكْرِهِ يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
18275 -
ثُمَّ إِنْ صَحَّ أَنَّهُمْ كَانُوا مُرْتَدِّينَ فَرِدَّتُهُمْ كَانَتْ قَبْلَ نُزُولِ الْحُكْمِ بِقَتْلِهِمْ إِنْ لَمْ يُسْلِمُوا، فَصَارُوا بِالرِّدَّةِ كَأَنَّهُمْ لَمْ يُسْلِمُوا قَطُّ، وَعَلَى حُكْمِ سَائِرِ الْكُفَّارِ جَرَتْ
⦗ص: 303⦘
أَحْكَامُهُمْ عَلَى أَنَّ أَهْلَ الرِّدَّةِ إِذَا امْتَنَعُوا فَعِنْدَنَا الْإِمَامُ يُحَارِبُهُمْ، وَإِذَا اسْتَأْمَنُوهُ قَبْلَ أَنْ يَظْهَرَ عَلَيْهِمْ وَهُوَ يَرْجُو إِسْلَامَهُمْ فَلَهُ أَنْ يُؤَمِّنَهُمْ، وَإِذَا أَسْلَمُوا كَانُوا عَلَى أَمْلَاكِهِمْ، فَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ يُخَالِفُ أَصْلَنَا بِحَمْدِ اللَّهِ وَنِعْمَتِهِ
مَا قَسَمَ مِنَ الدُّورِ وَالْأَرَاضِي ثُمَّ أَسْلَمَ أَهْلُهَا عَلَيْهَا
18276 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ الدِّيلِيِّ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَيُّمَا دَارٍ أَوْ أَرْضٍ قُسِمَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَهِيَ عَلَى قَسْمِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَأَيُّمَا دَارٍ أَوْ أَرْضٍ أَدْرَكَهَا الْإِسْلَامُ وَلَمْ تُقْسَمْ فَهِيَ عَلَى قَسْمِ الْإِسْلَامِ»
18277 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَنَحْنُ نَرْوِي فِيهِ حَدِيثًا أَثْبَتَ مِنْ هَذَا بِمِثْلِ مَعْنَاهُ
18278 -
قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَعَلَّ الشَّافِعِيَّ أَرَادَ مَا رَوَاهُ مُوسَى بْنُ دَاوُدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمَعْنَاهُ
⦗ص: 305⦘
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو سَهْلِ بْنُ زِيَادٍ النَّحْوِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حُمَيْدٍ الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ بِهَذَا الْحَدِيثِ
تَرْكُ أَخْذِ الْمُشْرِكِينَ بِمَا أَصَابُوا
مِنْ كِتَابِ السِّيَرِ الْقَدِيمِ
18279 -
احْتَجَّ الشَّافِعِيُّ رحمه الله فِي ذَلِكَ بِحَدِيثِ حَاتِمِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي خُطْبَتِهِ: «أَلَا إِنَّ كُلَّ دَمٍ وَمَالٍ أُصِيبَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَهُوَ مَوْضُوعٌ، وَأَوَّلُ دَمٍ وُضِعَ دَمُ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ»
18280 -
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَغَيْرُهُمَا، عَنْ حَاتِمِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ:«أَلَا إِنَّ كُلَّ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ تَحْتَ قَدَمَيَّ مَوْضُوعٌ، وَدِمَاءُ الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعَةٌ، وَأَوَّلُ دَمٍ أَضَعُهُ دِمَاؤُنَا، دَمُ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ»
18281 -
وَقَالَ عُثْمَانُ: «دَمُ ابْنِ رَبِيعَةَ» ، وَكَانَ مُسْتَرْضَعًا فِي بَنِي سَعْدٍ فَقَتَلَتْهُ هُذَيْلٌ «
18282 -
وَرِبَا الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ، وَأَوَّلُ رِبًا أَضَعُهُ رِبَانَا، رِبَا عَمِّي الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ كُلُّهُ» أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ حَاتِمٍ
⦗ص: 307⦘
18283 -
قَالَ أَحْمَدُ: مَنْ قَالَ: «دَمُ رَبِيعَةَ» ، فَإِنَّمَا أَرَادَ دَمًا وَلِيُّهُ رَبِيعَةَ، وَالْمَقْتُولُ ابْنٌ لَهُ صَغِيرٌ قُتِلَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَأَهْدَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم دَمَهُ
18284 -
كَذَا قَالَهُ ابْنُ الْكَلْبِيِّ فِيمَا رَوَاهُ عَنْهُ أَبُو عُبَيْدٍ
بَابُ وقُوعِ الرَّجُلِ قَدْ شَهِدَ الْحَرْبَ عَلَى الْجَارِيَةِ مِنَ السَّبْيِ قَبْلَ الْقَسَمِ
18285 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو سَعِيدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: " كَانَ مَنْ سَلَفَ مِنْ عُلَمَائِنَا يُقِيمُونَ عَلَيْهِ أَدْنَى الْحَدَّيْنِ: مِائَةَ جَلْدَةٍ، وَمَهْرَهَا، وَقِيمَةَ عَدْلٍ، فَيُلْحِقُونَهَا وَوَلَدَهَا بِهِ الَّذِي لَهُ فِيهَا مِنَ الشِّرْكِ "
18286 -
قَالَ أَبُو يُوسُفَ: إِنْ كَانَ لَهُ فِيهَا نَصِيبٌ عَلَى مَا قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ فِيمَا بَلَغَنَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ فِي جَارِيَةٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَطَأَهَا أَحَدُهُمَا، أَنَّهُ قَالَ:«لَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ الْعُقْرُ»
18287 -
قَالَ: وَحَدَّثَنَا أَبُو حَنِيفَةَ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّهُ قَالَ:«ادْرَءُوا الْحُدُودَ عَنِ الْمُسْلِمِينَ مَا اسْتَطَعْتُمْ، فَإِنَّ الْإِمَامَ إِنْ يُخْطِئْ فِي الْعَفْوِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يُخْطِئَ فِي الْعُقُوبَةِ، وَإِذَا وَجَدْتُمْ لِمُسْلِمٍ مَخْرَجًا فَادْرَءُوا عَنْهُ الْحَدَّ»
18288 -
قَالَ أَبُو يُوسُفَ: وَبَلَغَنَا نَحْوًا مِنْ ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَاحْتَجَّ بِهَذَا فِي سُقُوطِ الْحَدِّ
⦗ص: 309⦘
18289 -
ثُمَّ سَاقَ كَلَامَهُ إِلَى أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ لِلْوَلَدِ نَسَبٌ، وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ مَهْرٌ؛ لِأَنَّهُ زَنَى، وَيُدْرَأُ عَنْهُ الْحَدُّ
18290 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: مَا عَلِمْتُ أَبَا يُوسُفَ احْتَجَّ بِحَرْفٍ فِي هَذَا إِلَّا عَلَيْهِ، فَإِنْ زَعَمَ أَنَّ الْوَاقِعَ عَلَى الْجَارِيَةِ مِنَ الْجَيْشِ لَهُ فِيهَا شِرْكٌ فَابْنُ عُمَرَ قَالَ فِي الرَّجُلِ يَقَعُ عَلَى الْجَارِيَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ: عَلَيْهِ الْعُقْرُ، وَيُدْرَأُ عَنْهُ الْحَدُّ وَنَحْنُ وَهُوَ نُلْحِقُ بِهِ الْوَلَدَ، وَإِنْ جَعَلَهُ زَانِيًا كَمَا قَالَ لَزِمَهُ أَنْ يُحَدَّ حَدَّ الزِّنَا، فَجَعَلَهُ زَانِيًا غَيْرَ زَانٍ وَقِيَاسًا عَلَى شَيْءٍ، وَخَالَفَ بَيْنَهُمَا
18291 -
وَالْأَوْزَاعِيُّ ذَهَبَ فِي أَدْنَى الْحَدَّيْنِ إِلَى شَيْءٍ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه فِي مَوْلَاةٍ لِحَاطِبٍ زَنَتْ فَاسْتَهَلَّتْ بِالزِّنَا، فَرَأَى أَنَّهَا تَجْهَلُهُ وَهِيَ ثَيِّبٌ، فَضَرَبَهَا مِائَةً وَهِيَ ثَيِّبٌ، وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِي الْمَسْأَلَةِ
18292 -
وَقَدْ قَالَ فِي رِوَايَتِنَا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، وَحْدَهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: أَخَذَ مِنْهُ عُقْرَهَا وَرُدَّتْ فِي الْمَغْنَمِ، فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَهَالَةِ نُهِيَ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عُزِّرَ، وَلَا حَدَّ مِنْ قِبَلِ الشُّبْهَةِ فِي أَنَّهُ مَلَكَ مِنْهَا شَيْئًا، وَإِنَّمَا قَصَدَ بِمَا قَالَ هَاهُنَا إِيلَاءَ عُذْرِ الْأَوْزَاعِيِّ فِيمَا قَالَ مِنْ أَدْنَى الْحَدَّيْنِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
18293 -
وَقَدْ رَوَى قَتَادَةُ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي عَاصِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابٍ رضي الله عنه قَالَ فِي رَجُلٍ غَشِيَ جَارِيَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَجُلٍ قَالَ:«يُجْلَدُ مِائَةَ سَوْطٍ، وَتُقَوَّمُ وَوَلَدُهَا بِأَعْلَى الْقِيمَةِ»
18294 -
وَأَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، إِجَازَةً قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الْفَقِيهُ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ عُمَرَ، أُتِيَ بِجَارِيَةٍ كَانَتْ بَيْنَ رَجُلَيْنِ، فَوَقَعَ عَلَيْهَا أَحَدُهُمَا فَحَمَلَتْ، قَالَ:«تُقَوَّمُ عَلَيْهِ»
18295 -
قَالَ: وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ عُمَيْرِ بْنِ نُمَيْرٍ قَالَ: سُئِلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَنْ جَارِيَةٍ كَانَتْ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَوَقَعَ عَلَيْهَا أَحَدُهُمَا، فَقَالَ:«لَيْسَ عَلَيْهِ حَدٌّ، تُقَوَّمُ عَلَيْهِ قِيمَةٌ وَيَأْخُذُهَا»
18296 -
وَهَذَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِي الْجَارِيَةِ إِذَا حَمَلَتْ مِنْهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
18297 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّغَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُمَيْرٍ الْهَمْدَانِيِّ، عَنْ أَبِي عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى امْرَأَةً مُجِحَّاءَ عَلَى بَابِ فُسْطَاطٍ فَقَالَ:«لَعَلَّهُ قَدْ أَلَمَّ بِهَا» قَالَ: قَالُوا: نَعَمْ قَالَ: «لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَلْعَنَهُ لَعْنَةً تَدْخُلُ مَعَهُ قَبْرَهُ، كَيْفَ يُوَرِّثُهُ وَهُوَ لَا يَحِلُّ لَهُ؟ وَكَيْفَ يَسْتَخْدِمُهُ وَهُوَ لَا يَحِلُّ لَهُ؟»
18298 -
مُخَرَّجٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ، وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى وجُوبِ الِاسْتِبْرَاءِ بَعْدَ الْقَسَمِ وَالْمُجِحُّ: الْحَامِلُ الْمُقْرِبُ
18299 -
وَقَالَ فِي رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فِي سَبْيِ أَوْطَاسٍ
⦗ص: 311⦘
: «لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ حَمْلَهَا، وَلَا غَيْرُ ذَاتِ حَمْلٍ حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً» ، وَقَدْ ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ
18300 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ، حَدَّثَنَا السَّيْلَحِينِيُّ - يَعْنِي يَحْيَى بْنَ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ قَيْسِ بْنِ وَهْبٍ، وَأَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْوَرَّاسِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي سَبْيِ أَوْطَاسٍ:«لَا يُوقَعُ عَلَى الْأَمَةِ حَتَّى تَحِيضَ، وَلَا عَلَى حَامِلٍ حَتَّى تَضَعَ مَا فِي بَطْنِهَا»
الْمَرْأَةُ تُسْبَى مَعَ زَوْجِهَا
18301 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو سَعِيدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ:«سَبَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَبْيَ أَوْطَاسٍ وَسَبْيَ بَنِي الْمُصْطَلِقِ، وَأَسَرَ مِنْ رِجَالِ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ، وَقَسَمَ السَّبْيَ وَأَمَرَ أَلَّا تُوطَأَ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ، وَلَا حَائِلٌ حَتَّى تَحِيضَ، وَلَمْ يَسْأَلْ عَنْ ذَاتِ زَوْجٍ وَلَا غَيْرِهَا، وَلَا هَلْ سُبِيَ زَوْجٌ مَعَ امْرَأَتِهِ وَلَا غَيْرِهِ»
18302 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَيْسَ قَطْعُ الْعِصْمَةِ بَيْنَهُنَّ وَبَيْنَ أَزْوَاجِهِنَّ بِأَكْثَرَ مِنِ اسْتِبَائِهِنَّ بَعْدَ حُرِّيَّتِهِنَّ
18303 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَتِنَا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، وَحْدَهُ وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ مَسْعُودٍ أَنَّ قَوْلَ اللَّهِ عز وجل:{وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 24]: ذَوَاتُ الْأَزْوَاجِ اللَّاتِي مَلَكْتُمُوهُنَّ بِالسِّبَاءِ
18304 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَدْ سَبَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رِجَالًا مِنْ هَوَازِنَ، فَمَا
⦗ص: 313⦘
عَلِمْنَاهُ سَأَلَ عَنْ أَزْوَاجِ الْمَسْبِيَّاتِ أَسُبُوا مَعَهُنَّ أَوْ قَبْلَهُنَّ أَوْ بَعْدَهُنَّ أَوْ لَمْ يُسْبُوا، وَلَوْ كَانَ فِي أَزْوَاجِهِنَّ مَعْنًى لَسَأَلَ عَنْهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ
18305 -
فَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ: خَلَاهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَرَجَعْنَ إِلَى أَزْوَاجِهِنَّ، فَإِنْ كَانَ الْمُشْرِكُونَ اسْتَحَلُّوا شَيْئًا مِنْ نِسَائِهِمْ فَلَا حُجَّةَ بِالْمُشْرِكِ، وَإِنْ كَانُوا أَسْلَمُوا فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُنَّ رَجَعْنَ إِلَى أَزْوَاجِهِنَّ إِلَّا بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَبَاحَهُنَّ لِمَالِكِيهِنَّ، وَهُوَ لَا يُبِيحُهُنَّ إِلَّا بَعْدَ انْقِطَاعِ النِّكَاحِ، وَإِذَا انْقَطَعَ النِّكَاحُ فَلَا بُدَّ مِنْ تَجْدِيدِ النِّكَاحِ
وَطْءُ السَّبَايَا بِالْمِلْكِ قَبْلَ الْخُرُوجِ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ
18306 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو سَعِيدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: «لَهُ أَنْ يَطَأَهَا وَهَذَا حَلَالٌ مِنَ اللَّهِ عز وجل بِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ وَطَئُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا أَصَابُوا مِنَ السَّبَايَا فِي غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ قَبْلَ أَنْ يَقْفُلُوا»
18307 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَدْ وَطِئَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ فِي بِلَادِ الْعَدُوِّ
18308 -
وَعَرَّسَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِصَفِيَّةَ بِالصَّهْبَاءِ وَهِيَ غَيْرُ بِلَادِ الْإِسْلَامِ يَوْمَئِذٍ
18309 -
وَغَزَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ الْمُرَيْسِيعِ بِامْرَأَةٍ أَوِ امْرَأَتَيْنِ مِنْ نِسَائِهِ، وَالْغَزْوُ بِالنِّسَاءِ أَوْلَى لَوْ كَانَ فِيهِ مَكْرُوهٌ بِأَنْ يَخَافَ عَلَى الْمُسْلِمَاتِ أَنْ يُؤْتَى بِهِنَّ دَارَ الْحَرْبِ فَيُسْبَيْنَ، مِنْ أَنْ يَتَوَقَّى رَجُلٌ إِصَابَةَ جَارِيَةٍ مَلَكَهَا فِي دَارِ الْحَرْبِ
⦗ص: 315⦘
18310 -
يَقُولُ قَائِلٌ: لَعَلَّ أَهْلَ الْحَرْبِ يَغْلِبُونَ عَلَيْهَا فَتُسْتَرَقُّ وَوَلَدٌ إِنْ كَانَ فِي بَطْنِهَا، وَلَيْسَ هَذَا كَمَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ، وَهُوَ كَمَا قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ
18311 -
قَالَ أَحْمَدُ: رُوِّينَا فِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَيْرِيزٍ قَالَ: دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَرَأَيْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ، فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ فَسَأَلْتُهُ عَنِ الْعَزْلِ، فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ فَأَصَبْنَا سَبَايَا مِنْ سَبَايَا الْعَرَبِ، فَاشْتَهَيْنَا النِّسَاءَ وَاشْتَدَّتْ عَلَيْنَا الْعُزُوبَةُ وَأَحْبَبْنَا الْفِدَاءَ، فَأَرَدْنَا أَنْ نَعْزِلَ، ثُمَّ قُلْنَا: نَعْزِلُ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ أَظْهُرِنَا قَبْلَ أَنْ نَسْأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ، فَسَأَلْنَاهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ:«مَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَفْعَلُوا ذَلِكَ، مَا مِنْ نَسَمَةٍ كَائِنَةٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِلَّا وَهِيَ كَائِنَةٌ» أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ عَبْدُوسٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ فِيمَا قَرَأَ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ، فَذَكَرَهُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ، عَنْ مَالِكٍ
التَّفْرِيقُ بَيْنَ ذَوِي الْمَحَارِمِ
18312 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ أَبِي شَبِيبٍ، عَنْ عَلِيٍّ، «أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ جَارِيَةٍ وَوَلَدِهَا، فَنَهَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ وَرَدَّ الْبَيْعَ»
18313 -
وَبِمَعْنَاهُ رَوَاهُ أَبُو مَرْيَمَ عَنِ الْحَكَمِ
18314 -
وَرَوَاهُ الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَأَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مَيْمُونٍ، عَنْ عَلِيٍّ فِي الْأَخَوَيْنِ
⦗ص: 317⦘
18315 -
وَالْحَجَّاجُ لَا يُحْتَجُّ بِهِ لِكَثْرَةِ مُخَالَفَتِهِ غَيْرَهُ فِي الْمُتُونِ وَالْأَسَانِيدِ
18316 -
وَرَوَى ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَلِيٍّ فِي الْأَخَوَيْنِ وَلَا نَدْرِي مَنِ الرَّجُلُ الَّذِي رَوَاهُ عَنْهُ وَقِيلَ: عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، وَهُوَ وَهْمٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَالْحَدِيثُ فِي الْأُمِّ وَوَلَدِهَا لَهُ شَوَاهِدُ
18317 -
وَرُوِّينَا عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ أَبَا أُسَيْدٍ الْأَنْصَارِيَّ، قَدِمَ بِسَبْيٍ مِنَ الْبَحْرَيْنِ فَإِذَا امْرَأَةٌ تَبْكِي وَقَالَتْ: بِيعَ ابْنِي فِي عَبْسٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِأَبِي أُسَيْدٍ:«لَتَرْكَبَنَّ فَلَتَجِيئَنَّ بِهِ كَمَا بِعْتَ بِالثَّمَنِ» فَرَكِبَ أَبُو أُسَيْدٍ فَجَاءَ بِهِ
18318 -
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، فَذَكَرَهُ
18319 -
وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ وَالِدَةٍ وَوَلَدِهَا فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحِبَّتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»
18320 -
وَرُوِّينَا عَنْ حَكِيمِ بْنِ عِقَالٍ قَالَ: نَهَانِي عُثْمَانُ رضي الله عنه، أَنْ أُفَرِّقَ بَيْنَ الْوَالِدِ وَوَلَدِهِ فِي الْبَيْعِ
⦗ص: 318⦘
18321 -
ورُوِّينَاهُ عَنْ عُمَرَ، وَابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما مُرْسَلًا
18322 -
وَرَوَى عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ فَرُّوخٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَتَبَ إِلَيَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابٍ رضي الله عنه: «أَنْ لَا يُفَرَّقَ بَيْنَ أَخَوَيْنِ مَمْلُوكَيْنِ فِي الْبَيْعِ»
18322 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: «وَإِذَا مَلَكَ الرَّجُلُ أَهْلَ الْبَيْتِ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْأُمِّ وَوَلَدِهَا حَتَّى يَبْلُغَ الْوَلَدُ سَبْعَ سِنِينَ أَوْ ثَمَانِ سِنِينَ»
18323 -
رُوِّينَا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «أَنَّهُ خَيَّرَ غُلَامًا بَيْنَ أَبَوَيْهِ»
18324 -
وَعَنْ عُمَرَ،
18325 -
وَالْغُلَامُ غَيْرُ بَالِغٍ عِنْدَنَا
18326 -
وَعَنْ عَلِيٍّ، «أَنَّهُ خَيَّرَ غُلَامًا بَيْنَ أُمِّهِ وَعَمِّهِ»
18327 -
وَكَانَ فِي الْحَدِيثِ عَنْ عَلِيٍّ، وَالْغُلَامُ ابْنُ سَبْعٍ، أَوْ ثَمَانٍ، ثُمَّ نَظَرَ إِلَى أَخٍ لَهُ أَصْغَرَ مِنْهُ فَقَالَ: وَهَذَا لَوْ قَدْ بَلَغَ مَبْلَغَ هَذَا خَيَّرْنَاهُ، فَجَعَلْنَا هَذَا الْحَدَّ لِاسْتِغْنَاءِ الْغُلَامِ وَالْجَارِيَةِ، وَأَنَّهُ أَوَّلُ مُدَّةٍ يَكُونُ لَهُمَا فِي أَنْفُسِهِمَا قَوْلٌ، وَكَذَلِكَ وَلَدُ الْوَالِدِ
18328 -
فَأَمَّا الْأَخَوَانِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِالنَّفَقَةِ وَغَيْرِهَا
18329 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَأَنَا أَكْرَهُ التَّفْرِيقَ بَيْنَهُمَا لِمَا رُوِّينَا فِيهِ، عَنْ عُمَرَ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
بَيْعُ السَّبْيِ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ
18330 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو سَعِيدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، رحمه الله قَالَ:«أَسَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُسَرَاءَ يَوْمَ بَدْرٍ، فَقَبِلَ مِنْهُمْ وَأَخَذَ الْفِدْيَةَ مِنْ بَعْضِهِمْ، وَمَنَّ عَلَى بَعْضٍ»
18331 -
ثُمَّ أَسَرَ بَعْدَهُمْ بِدَهْرٍ ثُمَامَةَ بْنَ أَثَالٍ فَمَنَّ عَلَيْهِ وَهُوَ مُشْرِكٌ، ثُمَّ أَسْلَمَ بَعْدُ
⦗ص: 320⦘
18332 -
وَمَنَّ عَلَى غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ رِجَالِ الْمُشْرِكِينَ، وَوَهَبَ الزُّبَيْرَ بْنَ بَاطَا لِثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ لِيَمُنَّ عَلَيْهِ، فَسَأَلَ الزُّبَيْرُ أَنْ يُقْتَلَ
18333 -
وَسَبَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نِسَاءَ بَنِي قُرَيْظَةَ وَذَرَارِيَّهُمْ، وَبَاعَهُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَاشْتَرَى أَبُو الشَّحْمِ الْيَهُودِيُّ أَهْلَ بَيْتٍ عَجُوزًا وَوَلَدَهَا مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَا بَقِيَ مِنَ السَّبْيِ أَثْلَاثًا ، ثُلُثًا إِلَى تِهَامَةَ، وَثُلُثًا إِلَى نَجْدٍ، وَثُلُثًا إِلَى طَرِيقِ الشَّامِ، فَبِيعُوا بِالْخَيْلِ وَالسِّلَاحِ وَالْإِبِلِ وَالْمَالِ، وَفِيهِمُ الصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنْ أَجْلِ أَنَّ أُمَّهَاتِ الْأَطْفَالِ مَعَهُمْ
18334 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَفَدَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلًا بِرَجُلَيْنِ
18335 -
أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، وَعَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَدَى رَجُلًا بِرَجُلَيْنِ "
18336 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَكَذَلِكَ النِّسَاءُ الْبَوَالِغُ: قَدِ اسْتَوْهَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَارِيَةً بَالِغًا مِنْ أَصْحَابِهِ، فَفَدَى بِهَا رَجُلَيْنِ
18337 -
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ الْأَسْفَاطِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ
⦗ص: 321⦘
قَالَ: حَدَّثَنِي إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه وَأَمَّرَهُ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَغَزَوْنَا فَزَارَةَ، فَلَمَّا دَنَوْنَا مِنَ الْمَاءِ أَمَرَنَا أَبُو بَكْرٍ فَعَرَّسْنَا، فَلَمَّا صَلَّيْنَا الصُّبْحَ أَمَرَنَا أَبُو بَكْرٍ فَشَنَنَّا الْغَارَةَ وَنَزَلْنَا عَلَى الْمَاءِ قَالَ سَلَمَةُ: فَنَظَرْتُ إِلَى عُنُقٍ مِنَ النَّاسِ فِيهِمُ الذُّرِّيَّةُ وَالنِّسَاءُ فَخَشِيتُ أَنْ يَسْبِقُونِي إِلَى الْجَبَلِ، فَأَخَذْتُ فِي إِثَارَتِهِمْ فَرَمَيْتُ بِسَهْمِي بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْجَبَلِ فَقَامُوا، فَجِئْتُ أَسُوقُهُمْ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَفِيهِمُ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي فَزَارَةَ عَلَيْهَا قَشْعٌ مِنْ أَدَمٍ وَمَعَهَا ابْنَةٌ لَهَا مِنْ أَحْسَنِ الْعَرَبِ، فَنَفَّلَنِي أَبُو بَكْرٍ ابْنَتَهَا، فَمَا كَشَفْتُ لَهَا ثَوْبًا حَتَّى قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ وَلَمْ أَكْشِفْ لَهَا ثَوْبًا، وَلَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي السُّوقِ، فَقَالَ:«يَا أَبَا سَلَمَةَ، هَبْ لِيَ الْمَرْأَةَ» ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَقَدْ أَعْجَبَتْنِي وَمَا كَشَفْتُ لَهَا ثَوْبًا، فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَتَرَكَنِي، حَتَّى إِذَا كَانَ مِنَ الْغَدِ لَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي السُّوقِ فَقَالَ:«يَا سَلَمَةُ، هَبْ لِيَ الْمَرْأَةَ لِلَّهِ أَبُوكَ» ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَقَدْ أَعْجَبَتْنِي، وَاللَّهِ مَا كَشَفْتُ لَهَا ثَوْبًا وَهِيَ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ "، فَبَعَثَ بِهَا إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ فَفَدَى بِهَا رِجَالًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِأَيْدِيهِمْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ
18338 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو سَعِيدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: " فَأَمَّا الصِّبْيَانُ إِذَا صَارُوا إِلَيْنَا لَيْسَ مَعَ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَاحِدٌ مِنْ وَالِدَيْهِ، فَلَا نَبِيعُهُمْ مِنْهُمْ، وَلَا نُفَادِي بِهِمْ؛ لِأَنَّ حُكْمَهُمْ حُكْمُ آبَائِهِمْ مَا كَانُوا مَعَهُمْ، فَإِذَا تَحَوَّلُوا إِلَيْنَا وَلَا وَالِدَ مَعَ أَحَدٍ مِنْهُمْ فَإِنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ مَالِكِهِ
18339 -
وَأَمَّا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ: يُقَوَّى بِهِمْ أَهْلُ الْحَرْبِ فَقَدْ يَمُنُّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بِالْإِسْلَامِ وَيَدْعُونَ إِلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: أَرَأَيْتَ صِلَةَ أَهْلِ الْحَرْبِ بِالْمَالِ وَإِطْعَامَهُمْ أَلَيْسَ بِأَقْوَى لَهُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْحَالَاتِ مِنْ بَيْعِ عَبْدٍ أَوْ عَبْدَيْنِ مِنْهُمْ، وَقَدْ أَذِنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِأَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَتْ: إِنَّ أُمِّي أَتَتْنِي وَهِيَ رَاغِبَةٌ فِي عَهْدِ قُرَيْشٍ أَفَأَصِلُهَا؟ قَالَ: «نَعَمْ»
18340 -
وَأْذِنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِعُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَكَسَا ذَا قَرَابَةٍ لَهُ مُشْرِكًا بِمَكَّةَ
⦗ص: 323⦘
18341 -
وَقَالَ اللَّهُ عز وجل: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} [الإنسان: 8]
18342 -
مَعَ مَا وَصَفْتُ مَنْ بَيْعِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْمُشْرِكِينَ سَبْيَ بَنِي قُرَيْظَةَ
18343 -
فَأَمَّا الْكُرَاعُ وَالسِّلَاحُ فَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا أَرْخَصَ فِي بَيْعِهَا «
18344 -
وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْهُ حَدِيثَ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنِ ابْنِ جَابِرٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ» فَادَى بِابْنِ بِطْرِيقٍ مِنَ الْبَطَارِقَةِ صَغِيرًا "
18345 -
قَالَ: وَلَوْ كَانَ بِالْأَخْذِ يَضُرُّ مُسْلِمًا مَا حَلَّ الْفِدَاءُ بِهِ
18346 -
وَذَكَرَ رِوَايَةَ مُبَشِّرٍ الْحَكَمِيِّ، عَنْ فُرَاتِ بْنِ سَلْمَانَ قَالَ:«كُنَّا نَكُونُ مَعَ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى فَيُصِيبُ الصِّبْيَانَ مِنَ السَّبْيِ فَيَمُوتُونَ فَلَا يُصَلِّي عَلَيْهِمْ»
18347 -
قَالَ أَحْمَدُ: الْمَذْهَبُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ فِي الْجَدِيدِ، وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ابْنُ الْبِطْرِيقِ سُبِيَ مَعَ أُمِّهِ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ أَبَوَاهُ وَلَا أَحَدُهُمَا وَلَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ أَنْ يُجْعَلَ تَبَعًا لِغَيْرِهِ فِي الدِّينِ فَاتِّبَاعُهُ لِسَابِيهِ أَوْلَى تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الْإِسْلَامِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
الْحَمِيلُ إِذَا عُتِقَ لَا يُورِّثُ حَتَّى يَقُومَ بِنَسَبِهِ بَيِّنَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ
18348 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ، حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى شُرَيْحٍ: «أَنْ لَا يُورِّثَ حَمِيلًا إِلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَلَا يُجِيزَ عَطِيَّةَ امْرَأَةٍ فِي بَنِيهَا حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ، أَوْ تَلِدَ وَلَدًا، وَفِي الْبَهِيمَةِ تُفْقَأُ عَيْنُهَا رُبُعُ ثَمَنِهَا»
18349 -
قَالَ أَحْمَدُ: هَذَا مُنْقَطِعٌ وَلَهُ فِي الْحَمِيلِ شَوَاهِدُ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَأَسَانِيدُهَا ضَعِيفَةٌ، وَالسُّنَّةُ فِي الْبَيِّنَةِ عَلَى الْمُدَّعِي دَلِيلٌ فِي الْحَمِيلِ
بَابُ الْمُبَارَزَةِ
18350 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: " وَلَا بَأْسَ بِالْمُبَارَزَةِ
18351 -
قَدْ بَارَزَ يَوْمَ بَدْرٍ: عُبَيْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ، وَحَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ بِأَمْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم،
18352 -
وَبَارَزَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ مَرْحَبًا يَوْمَ خَيْبَرَ بِأَمْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
⦗ص: 326⦘
،
18353 -
وَبَارَزَ يَوْمَئِذٍ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ يَاسِرًا
18354 -
وَبَارَزَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، عَمْرَو بْنَ عَبْدِ وُدٍّ
18355 -
ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ: وَقَدْ بَارَزَ عُبَيْدَةُ عُتْبَةَ، فَضَرَبَ عُبَيْدَةُ عُتْبَةَ فَأَرْخَى عَاتِقَهُ الْأَيْسَرَ، فَضَرَبَهُ عُتْبَةُ فَقَطَعَ رِجْلَهُ، فَأَعَانَ حَمْزَةُ، وَعَلِيٌّ عُبَيْدَةَ فَقَتَلَا عُتْبَةَ
18356 -
ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ: إِنَّ مَعُونَةَ حَمْزَةَ، وَعَلِيٍّ عَلَى عُتْبَةَ كَانَتْ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ فِي عُبَيْدَةَ قِتَالًا، وَلَمْ يَكُنْ مِنْهُمْ لِعُتْبَةَ أَمَانٌ يَكُفُّونَ بِهِ عَنْهُ
18357 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ، فَذَكَرَ بأَسَانِيدِهِ مُبَارَزَةَ عُبَيْدَةَ عُتْبَةَ قَالَ: فَاخْتَلَفَا ضَرْبَتَيْنِ كِلَاهُمَا أَثْبَتَ صَاحِبَهُ قَالَ: وَبَارَزَ حَمْزَةُ شَيْبَةَ فَقَتَلَهُ مَكَانَهُ، وَبَارَزَ عَلِيُّ الْوَلِيدَ فَقَتَلَهُ مَكَانَهُ، ثُمَّ كَرَّا عَلَى عُتْبَةَ فَزَفَفَا عَلَيْهِ وَاحْتَمَلَا صَاحِبَهُمَا
18358 -
وَذَكَرَ مُبَارَزَةَ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ مَرْحَبًا وَمُبَارَزَةَ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ يَاسِرًا، وَمُبَارَزَةَ عَلِيٍّ عَمْرَو بْنَ وُدٍّ
18359 -
وَرُوِّينَا عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، وَبُرَيْدَةَ، أَنَّ عَلِيًّا، كَانَ صَاحِبَ مَرْحَبٍ، وَقِيلَ: اشْتَرَكَا فِيهِ، مُحَمَّدٌ أَثْخَنَهُ، وَعَلِيٌّ جَهَزَ عَلَيْهِ، وَهَذَا قَوْلُ الْوَاقِدِيِّ
⦗ص: 327⦘
18360 -
وَأَمَّا نَقْلُ الرُءُوسِ، فَقَدْ رُوِّينَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، أَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ،
18361 -
وَأَمَّا بَيْعُ جِيفَةِ الْمُشْرِكِينَ مِنْهُمْ فَقَدْ رُوِّينَا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ نَهَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ
بَابُ السَّوَادِ وَحُكْمُ مَا نَفَقَهُ الْإِمَامُ مِنَ الْأَرْضِ لِلْمُسْلِمِينَ
18362 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، رحمه الله قَالَ: " وَلَا أَعْرِفُ مَا أَقُولُ فِي أَرْضِ السَّوَادِ إِلَّا ظَنًّا مَقْرُونًا إِلَى عِلْمٍ
18363 -
وَذَلِكَ أَنِّي وَجَدْتُ أَصَحَّ حَدِيثٍ يَرْوِيهِ الْكُوفِيُّونَ عِنْدَهُمْ فِي السَّوَادِ لَيْسَ فِيهِ بَيَانٌ،
18364 -
وَوَجَدْتُ أَحَادِيثَ مِنْ أَحَادِيثِهِمْ يُخَالِفُهُ. مِنْهَا أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: السَّوَادُ صُلْحٌ، وَيَقُولُونَ: السَّوَادُ عَنْوَةً، وَيَقُولُونَ: بَعْضُ السَّوَادِ صُلْحٌ، وَبَعْضُهُ عَنْوَةً، وَيَقُولُونَ: إِنَّ جَرِيرًا الْبَجَلِيَّ، وَهَذَا أَثْبَتُ حَدِيثٍ عِنْدَهُمْ فِيهِ "
18365 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كَانَتْ بَجِيلَةُ رُبُعَ النَّاسِ فَقَسَمَ لَهُمْ رُبُعَ السَّوَادِ، فَاسْتَغَلُّوهُ ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعَ سِنِينَ - أَنَا شَكَكْتُ - ثُمَّ
⦗ص: 329⦘
قَدِمْتُ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَمَعِي فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ - امْرَأَةٌ مِنْهُمْ قَدْ سَمَّاهَا لَا يَحْضُرُنِي ذِكْرُ اسْمِهَا - فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: «لَوْلَا أَنِّي قَاسِمٌ مَسْئُولٌ لَتَرَكْتُكُمْ عَلَى مَا قُسَمَ لَكُمْ، وَلَكِنِّي أَرَى أَنْ تَرُدُّوا عَلَى النَّاسِ»
18366 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَكَانَ فِي حَدِيثِهِ يَعْنِي فِي حَدِيثِ جَرِيرٍ: وَعَاضَنِي مِنْ حَقِّي فِيهِ نَيِّفًا وَثَمَانِينَ دِينَارًا وَكَانَ فِي حَدِيثِهِ: فَقَالَتْ فُلَانَةُ: شَهِدَ أَبِي الْقَادِسِيَّةَ وَثَبَتَ سَهْمُهُ، وَلَا أُسَلَّمُهُ حَتَّى يُعْطِيَنِي كَذَا وَيُعْطِيَنِي كَذَا، فَأَعْطَاهَا إِيَّاهُ
18367 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ إِذَا أَعْطَى جَرِيرًا الْبَجَلِيَّ عِوَضًا مِنْ سَهْمِهِ، وَالْمَرْأَةَ عِوَضًا مِنْ سَهْمِ أَبِيهَا، أَنَّهُ اسْتَطَابَ أَنْفُسَ الَّذِينَ أَوْجَفُوا عَلَيْهِ فَتَرَكُوا حُقُوقَهُمْ مِنْهُ فَجَعَلَهُ وَقَفًا لِلْمُسْلِمِينَ
18368 -
وَهَذَا حَلَالٌ لِلْإِمَامِ لَوِ افْتَتَحَ أَرْضًا عَنْوَةً فَأَحْصَى مَنِ افْتَتَحَهَا وَطَابُوا أَنْفُسًا عَنْ حُقُوقِهِمْ مِنْهَا أَنْ يَجْعَلَهَا الْإِمَامُ وَقَفًا وَحُقُوقُهُمْ مِنْهَا الْأَرْبَعَةُ الْأَخْمَاسِ، وَيُوَفِّي أَهْلَ الْخُمُسِ حُقُوقَهُمْ إِلَّا أَنْ يَدَعَ الْبَالِغُونَ مِنْهُمْ حُقُوقَهُمْ، فَيَكُونُ ذَلِكَ لَهُمْ
18369 -
وَالْحُكْمُ فِي الْأَرْضِ كَالْحُكْمِ فِي الْمَالِ
18370 -
وَقَدْ سَبَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هَوَازِنَ، وَقَسَمَ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِهَا بَيْنَ الْمُوجِفِينَ
18371 -
ثُمَّ جَاءَتْهُ وفُودُ هَوَازِنَ مُسْلِمِينَ، فَسَأَلُوهُ أَنْ يَمُنَّ عَلَيْهِمْ بِأَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ مَا أَخَذَ مِنْهُمْ، فَخَيَّرَهُمْ بَيْنَ الْأَمْوَالِ وَالسَّبْيِ، فَقَالُوا: خَيَّرْتَنَا بَيْنَ أَحْسَابِنَا وَأَمْوَالِنَا، فَنَخْتَارُ أَحْسَابَنَا
⦗ص: 330⦘
18372 -
فَتَرَكَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَقَّهُ وَحَقَّ أَهْلِ بَيْتِهِ
18373 -
وَسَمِعَ بِذَلِكَ الْمُهَاجِرُونَ، فَتَرَكُوا لَهُمْ حُقُوقَهُمْ
18374 -
وَسَمِعَ بِذَلِكَ الْأَنْصَارُ، فَتَرَكُوا لَهُمْ حُقُوقَهُمْ
18375 -
وَبَقِيَ قَوْمٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الْآخَرِينَ وَالْفَتْحِيِّينَ فَأَمَرَ ، فَعَرَّفَ عَلَى كُلِّ عَشَرَةٍ وَاحِدًا، ثُمَّ قَالَ:«ائْتُونِي بِطِيبِ أَنْفُسِ مَنْ بَقِيَ، فَمَنْ كَرِهَ فَلَهُ عَلَيَّ كَذَا وَكَذَا مِنَ الْإِبِلِ» ، إِلَى وَقْتٍ ذَكَرَهُ
18376 -
فَجَاؤُوهُ بِطِيبِ أَنْفُسِهِمْ إِلَّا الْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ وَعُيَيْنَةَ بْنَ بَدْرٍ، فَإِنَّهُمَا أَبَيَا لِيُعَيِّرَا هَوَازِنَ، فَلَمْ يُكْرِهْهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى ذَلِكَ، حَتَّى كَانَا هُمَا تَرَكَا بَعْدَ أَنْ خُدِعَ عُيَيْنَةُ عَنْ حَقَّهِ، وَسَلَّمَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَقَّ مَنْ طَابَ نَفْسُهُ عَنْ حَقِّهِ
18377 -
وَهَذَا أَوْلَى الْأُمُورِ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه عِنْدَنَا فِي السَّوَادِ وَفُتُوحِهِ إِنْ كَانَتْ عَنْوَةً، فَهُوَ عِنْدَنَا كَمَا وَصَفْتُ ظَنٌّ عَلَيْهِ دَلَالَةُ يَقِينٍ، وَإِنَّمَا مَنَعَنَا أَنْ نَجْعَلَهُ يَقِينًا بِالدِّلَالَةِ أَنَّ الْحَدِيثَ الَّذِي فِيهِ مُتَنَاقِضٌ، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ قَسْمٌ إِلَّا عَنْ أَمْرِ عُمَرَ لِكِبَرِ قَدْرِهِ، وَلَوْ تُفُوِّتَ فِيهِ مَا انْتَفَى أَنْ يَغِيبَ عَنْهُ قَسْمُهُ ثَلَاثَ سِنِينَ
⦗ص: 331⦘
18378 -
وَلَوْ كَانَ الْقَسْمُ لَيْسَ لِمَنْ قَسَمَ لَهُ مَا كَانَ لَهُمْ مِنْهُ عِوَضٌ، وَلَكَانَ عَلَيْهِمْ أَنْ تُؤْخَذَ مِنْهُمُ الْغَلَّةُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ كَيْفَ كَانَ، وَلَمْ أَجِدْ فِيهِ حَدِيثًا يَثْبُتُ إِنَّمَا أَجِدُهَا مُتَنَاقِضَةً، وَالَّذِي أَوْلَى بِعُمَرَ عِنْدِي الَّذِي وَصَفْتُ
18379 -
قَالَ أَحْمَدُ: حَدِيثُ جَرِيرٍ حَدِيثٌ صَحِيحٌ، رَوَاهُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، وَهُشَيْمٌ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، وَعَبْدُ السَّلَامِ بْنُ حَرْبٍ وَغَيْرُهُمْ، إِلَّا أَنَّ بَعْضَهُمْ لَمْ يَذْكُرْ قِصَّةَ الْمَرْأَةِ وَقَالُوا: ثَلَاثَ سِنِينَ، وَبَعْضُهُمْ قَالَ: سَنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، وَقَالُوا: فَرَدَّهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَأَعْطَاهُ عُمَرُ ثَمَانِينَ دِينَارًا
18380 -
أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، إِجَازَةً، أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الْفَقِيهُ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ قَالَ: كَانَتْ بَجِيلَةُ رُبُعَ النَّاسِ يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ، فَجَعَلَ لَهُمْ عُمَرُ رضي الله عنه رُبُعَ السَّوَادِ، فَأَخَذَهُ سَنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، فَوَفَدَ عَمَّارٌ إِلَى عُمَرَ وَتَبِعَهُ جَرِيرٌ، فَقَالَ عُمَرُ لِجَرِيرٍ:«لَوْلَا أَنِّي قَاسِمٌ مَسْئُولٌ لَتَرَكْتُكُمْ عَلَى مَا جُعِلَ لَكُمْ، وَإِنَّ النَّاسَ قَدْ كَثُرُوا فَأَرَى أَنْ تَرُدُّوا عَلَيْهِمْ» فَفَعَلَ جَرِيرٌ فَأَجَازَهُ عُمَرُ بِثَمَانِينَ دِينَارًا
18381 -
قَالَ: وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، أَيْضًا، عَنْ قَيْسٍ قَالَ: كَانَتِ امْرَأَةٌ مِنْ بَجِيلَةَ يُقَالُ لَهَا: أُمُّ كُرْزٍ، فَقَالَتْ لِعُمَرَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ أَبِي هَلَكَ وَسَهْمُهُ ثَابِتٌ فِي السَّوَادِ، وَإِنِّي لَمْ أُسَلِّمْ، قَالَ لَهَا:«يَا أُمَّ كُرْزٍ، إِنَّ زَمَانَهُ قَدْ صَنَعُوا مَا قَدْ عَلِمْتِ» قَالَتْ: إِنْ كَانُوا صَنَعُوا مَا صَنَعُوا، فَإِنِّي لَسْتُ أُسَلِّمْ حَتَّى تَحْمِلَنِي عَلَى نَاقَةٍ ذَلُولٍ وَعَلَيْهَا قَطِيفَةٌ حَمْرَاءُ وَتَمْلَأُ كَفِّي ذَهَبًا، فَفَعَلَ ذَلِكَ، فَكَانَتِ الدَّنَانِيرُ نَحْوًا مِنْ ثَمَانِينَ دِينَارًا
18382 -
وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ رِوَايَةَ شُرَيْحٍ، عَنْ هُشَيْمٍ، وَفِيهِ مِنَ الزِّيَادَةَ: فَقَالَ جَرِيرٌ: فَأَنَا ضَامِنٌ لَكَ بَجِيلَةَ، فَأَجَابَتْهُ بَجِيلَةُ إِلَّا امْرَأَةً يُقَالُ لَهَا: أُمُّ كُرْزٍ، فَإِنَّهَا قَالَتْ: مَاتَ أَبِي وَسَهْمُهُ ثَابِتٌ فِي السَّوَادِ وَلَا أُسَلِّمْ، «فَلَمْ يَزَلْ بِهَا عُمَرُ حَتَّى رَضِيَتْ، وَمَلَأَ لَهَا عُمَرُ كَفَّهَا ذَهَبًا» فَقَالَتْ: رَضِيتُ
⦗ص: 332⦘
18383 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَلَمْ يَكُنْ عُمَرُ يَسْتَطِيبُ أَنْفُسَ بَجِيلَةَ وَيَأْخُذُ مِنْ غَيْرِهِمْ بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ لِأَنَّ بَجِيلَةَ وَمَنْ سِوَاهُمْ سَوَاءٌ
18384 -
قَالَ أَحْمَدُ: فَالْأَشْبَهُ بِمَا انْتَهَى إِلَيْنَا مِنْ أَخْبَارِ عُمَرَ رضي الله عنه فِي الْأَرَاضِي الْمَغْنُومَةِ أَنَّهُ كَانَ يَرَى قَسْمَهَا بَيْنَ الْغَانِمِينَ كَمَا قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ، ثُمَّ رَأَى مِنَ الْمَصْلَحَةِ أَنْ يَجْعَلَهَا وَقَفًا لِتَكُونَ لِمَنْ بَعْدَهُمْ أَيْضًا، وَكَانَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِرِضَا الْغَانِمِينَ، فَجَعَلَ يَسْتَطِيبُ قُلُوبَهُمْ
18385 -
وَرُوِّينَا، عَنْ نَافِعٍ، مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ: أَصَابَ النَّاسُ فَتْحًا بِالشَّامِ وَفِيهِمْ بِلَالٌ، وَأَظُنُّهُ قَالَ: وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، فَكَتَبُوا إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابٍ رضي الله عنه أَنَّ هَذَا الْفَيْءَ الَّذِي أَصَبْنَا ، لَكَ خُمُسَهُ وَلَنَا مَا بَقِيَ لَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْهُ شَيْءٌ كَمَا صَنَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِخَيْبَرَ، فَكَتَبَ عُمَرُ: إِنَّهُ لَيْسَ كَمَا قُلْتُمْ، وَلَكِنِّي أَقِفُهَا لِلْمُسْلِمِينَ، فَرَاجَعُوهُ الْكِتَابَ وَرَاجَعَهُمْ، يَأْبَوْنَ وَيَأْبَى، فَلَمَّا أَبَوْا قَامَ عُمَرُ فَدَعَا عَلَيْهِمْ فَقَالَ:«اللَّهُمَّ اكْفِنِي بِلَالًا وَأَصْحَابَ بِلَالٍ» قَالَ: فَمَا حَالَ الْحَوْلُ حَتَّى مَاتُوا جَمِيعًا.
18386 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَقَدْ ذَكَرَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ حَدِيثَ زَيْدِ بْنِ الْحُبَابِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ بِلَالًا وَأَصْحَابَهُ فَتَحُوا فُتُوحًا بِالشَّامِ فَقَالُوا لِعُمَرَ: " اقْسِمْ بَيْنَنَا مَا غَنِمْنَا، فَقَالَ:«اللَّهُمَّ أَرِحْنِي مِنْ بِلَالٍ وَأَصْحَابِهِ»
18387 -
قَالَ أَحْمَدُ رحمه الله: قَوْلُهُ رضي الله عنه: إِنَّهُ لَيْسَ عَلَى مَا قُلْتُمْ، لَا يُرِيدُ: مَا فُتِحَتْ قَرْيَةٌ إِلَّا قَسَمْتُهَا كَمَا قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ
⦗ص: 333⦘
، وَإِنَّمَا أَرَادَ عُمَرُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، لَيْسَتِ الْمَصْلَحَةُ فِيمَا قُلْتُمْ، وَإِنَّمَا الْمَصْلَحَةُ فِي أَنْ أَقِفَهَا لِلْمُسْلِمِينَ وَجَعَلَ يَأْبَى قِسْمَتَهَا لِمَا كَانَ يَرْجُو مِنْ تَطْيِبِ قُلُوبِهِمْ بِذَلِكَ، وَجَعَلُوا يَأْبَوْنَ لِمَا كَانَ لَهُمْ مِنَ الْحَقِّ، فَلَمَّا أَبَوْا لَمْ يَقْطَعْ عَلَيْهِمُ الْحُكْمَ بِإِخْرَاجِهَا مِنْ أَيْدِيهِمْ وَوَقْفِهَا، وَلَكِنْ دَعَا عَلَيْهِمْ حَيْثُ خَالَفُوهُ فِيمَا رَأَى مِنَ الْمَصْلَحَةِ، وَهُمْ لَوْ وَافَقُوهُ وَافَقَهُ أَفْنَاءُ النَّاسِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
18388 -
وَقَدْ رَأَيْنَا أَيْضًا فِي فَتْحِ مِصْرَ أَنَّهُ رَأَى ذَلِكَ وَرَأَى الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ قِسْمَتَهَا كَمَا قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ وَقَوْلُ مَنْ زَعَمَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَقْسِمْ بَعْضَ خَيْبَرَ وَقَسَمَ بَعْضَهَا، وَفِي ذَلِكَ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ فِي ذَلِكَ بِالْخِيَارِ عَلَى مَا وَرَدَ بِالسِّيَرِ، فَإِنَّ الَّذِي لَمْ يَقْسِمْهُ مِنْ خَيْبَرَ هُوَ مَا كَانَ صُلْحًا، وَلَوْ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا زَعَمَ لَكَانَ يَحْتَجُّ بِهِ عُمَرُ عَلَى أَصْحَابِهِ، وَلَمَا احْتَجَّ بِقَسْمِهِ مَا قَسَمَ مِنْهَا الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ وَبِلَالٌ وَمَنْ طَلَبَ الْقِسْمَةَ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
18389 -
وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«أَيُّمَا قَرْيَةٌ افْتَتَحَهَا الْمُسْلِمُونَ عَنْوَةً فَخُمُسُهَا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، وَبَقِيَّتُهَا لِمَنْ قَاتَلَ عَلَيْهَا»
الْإِمَامُ يَهَبُ لِبَعْضِ الْمُسْلِمِينَ جَارِيَةً مِنْ بَعْضِ دُورِ الْحَرْبِ قَبْلَ فَتْحِهَا
18390 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَارِثِ الْفَقِيهُ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَبَّانَ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سِنَانٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «تَمَثَّلَتْ لِيَ الْحِيرَةُ كَأَنْيَابِ الْكِلَابِ، وَأَنَّكُمْ سَتَفْتَحُونَهَا» ، فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَبْ لِي بِنْتَ بُقَيْلَةَ، فَقَالَ:«هِيَ لَكَ، فَأَعْطُوهُ إِيَّاهَا» كَذَا فِي رِوَايَتِنَا: بِنْتَ بُقَيْلَةَ
18391 -
وَرُوِّينَاهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَرَ، فَقَالَ: ابْنَةَ نُفَيْلَةَ، وَزَادَ: فَجَاءَ أَبُوهَا فَقَالَ: أَتَبِيعُهَا؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: بِكَمِ؟ احْكُمْ مَا شِئْتَ قَالَ: أَلْفُ دِرْهَمٍ قَالَ: قَدْ أَخَذْتُهَا، قَالُوا لَهُ: لَوْ قُلْتَ ثَلَاثِينَ أَلْفًا لَأَخَذَهَا قَالَ: وَهَلْ عَدَدٌ أَكْبَرُ مِنْ أَلْفٍ؟ أَخْبَرَنَاهُ أَبُو مَنْصُورٍ الدَّامِغَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ يُوسُفَ الْقَطِيعِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، فَذَكَرَهُ
18392 -
وَهَذَا مِمَّا تَفَرَّدَ بِهِ ابْنُ أَبِي عُمَرَ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، وَرَوَاهُ أَبُو قُدَامَةَ
⦗ص: 335⦘
وَغَيْرُهُ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ جُدْعَانَ، ذَكَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْحِيرَةَ، فَذَكَرَهُ وَكَأَنَّهُ دَخَلَ لِابْنِ أَبِي عُمَرَ إِسْنَادٌ فِي إِسْنَادٍ
18393 -
وَرُوِيَ ذَلِكَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ خُرَيْمِ بْنِ أَوْسٍ، أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم الشَّيْمَاءَ بِنْتَ نُفَيْلَةَ
مَا جَاءَ فِي الْمُسْلِمِ يَأْخُذُ أَرْضَ الْخَرَاجِ
18394 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو سَعِيدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: سُئِلَ أَبُو حَنِيفَةَ: أَتَكْرَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ الرَّجُلُ الْجِزْيَةَ، عَلَى خَرَاجِ الْأَرْضِ؟ فَقَالَ:«لَا، إِنَّمَا الصَّغَارُ خَرَاجُ الْأَعْنَاقِ»
18395 -
قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: بَلَغَنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ قَالَ:«مَنْ أَقَرَّ بِذُلٍّ طَائِعًا فَلَيْسَ مِنَّا»
18396 -
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: «وَهُوَ الْمُرْتَدُّ عَلَى عَقِبَيْهِ»
18397 -
وَأَجْمَعَتِ الْعَامَّةُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى الْكَرَاهِيَةِ لَهَا
18398 -
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: الْقَوْلُ مَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إِنَّهُ كَانَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَلِخَبَّابِ بْنِ الْأَرَتِّ، وَلِحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، وَلِشُرَيْحٍ أَرْضُ خَرَاجٍ
18399 -
حَدَّثَنَا الْمُجَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ عُتْبَةَ بْنِ فَرْقَدٍ السُّلَمِيِّ، أَنَّهُ قَالَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: إِنِّي اشْتَرَيْتُ أَرْضًا مِنْ أَرْضِ السَّوَادِ، فَقَالَ عُمَرُ: أَكُلَّ أَصْحَابِهَا أَرْضَيْتَ؟ قَالَ: لَا قَالَ: فَأَنْتَ فِيهَا مِثْلُ صَاحِبِهَا
⦗ص: 337⦘
18400 -
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي لِيَلِيَ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، أَنَّ دَهَاقِينَ مِنْ دَهَاقِينِ السَّوَادِ مِنْ عُظَمَائِهِمْ أَسْلَمُوا فِي زَمَانِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنهما، «فَفَرَضَ عُمَرُ لِلَّذِينَ أَسْلَمُوا فِي زَمَانِهِ أَلْفَيْنِ، وَفَرَضَ عَلِيُّ لِلَّذِينَ أَسْلَمُوا فِي زَمَانِهِ أَلْفَيْنِ»
18401 -
قَالَ أَبُو يُوسُفَ: وَلَمْ يَبْلُغْنَا عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ أَخْرَجَ هَؤُلَاءِ مِنْ أَرْضِهِمْ
18402 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَمَا الصَّغَارُ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ فَجِزْيَةُ الرَّقَبَةِ الَّتِي تُحْقَنُ بِهِ الدَّمُ، وَهَذِهِ لَا تَكُونُ عَلَى مُسْلِمٍ، وَأَمَّا خَرَاجُ الْأَرْضِ فَلَا يَتَبَيَّنُ أَنَّهُ صَغَارٌ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ لَا يُحْقَنُ بِهِ الدَّمُ، الدَّمُ مَحْقُونٌ بِالْإِسْلَامِ، وَهُوَ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ كَكِرَاءِ الْأَرْضِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْوَرِقِ، وَقَدِ اتَّخَذَ أَرْضَ الْخَرَاجِ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْوَرَعِ وَالدِّينِ، وَكَرِهَهُ قَوْمٌ احْتِيَاطًا
18403 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فِي رِوَايَتِنَا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَحْدَهُ: وَالْحَدِيثُ الَّذِي يُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَنْبَغِي لِمُسْلِمٍ أَنَّ يُؤَدِّيَ خَرَاجًا، وَلَا لِمُشْرِكٍ أَنْ يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ» ، إِنَّمَا هُوَ خَرَاجُ الْجِزْيَةِ، وَلَوْ كَانَ الْكِرَاءَ مَا حَلَّ لَهُ أَنْ يَتَكَارَى مِنْ مُسْلِمٍ وَلَا غَيْرِهِ شَيْئًا
18404 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ كَامِلٍ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا عَمِّي قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ بَرَاءَةَ، وَمَا جَرَى فِي الْعَهْدِ الَّذِي كَانَ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَبَيْنَ الْمُشْرِكِينَ قَالَ:«وَلَا يَنْبَغِي لِمُشْرِكٍ أَنْ يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، وَلَا يُعْطِي الْمُسْلِمُ الْجِزْيَةَ»
⦗ص: 338⦘
18405 -
وَهَذَا إِنْ صَحَّ يُؤَكِّدُ مَا قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله مِنْ أَنَّهُ خَرَاجُ الْجِزْيَةِ قَالَ أَحْمَدُ: وَلَيْسَ فِيمَا بَلَغَنَا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي كَرَاهِيَةِ ذَلِكَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ، إِنَّمَا بَلَغَنَا بِإِسْنَادٍ شَامِيٍّ لَمْ يَحْتَجَّ بِمِثْلِهِ صَاحِبُ الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَخَذَ أَرْضًا بِجِزْيَتِهَا فَقَدِ اسْتَقَالَ هِجْرَتَهُ»
18406 -
وَاخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ مَنْ بَعْدُهُ: مِنْهُمْ مَنِ اتَّخَذَهَا، وَمِنْهُمْ مَنْ كَرِهَهُ كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله، وَالَّذِي ذَكَرَهُ أَبُو يُوسُفَ مِنْ حَدِيثِ عُتْبَةَ بْنِ فَرْقَدٍ عَنْ عُمَرَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ أَرْضَ السَّوَادِ صَارَتْ لِلْمُسْلِمِينَ، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا، وَإِذَا أَسْلَمَ مَنْ هِيَ فِي يَدِهِ لَمْ يَسْقُطْ خَرَاجُهَا
18407 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْهُ: وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ رضي الله عنهما أَنَّهُمَا دَفَعَا إِلَى مُسْلِمٍ مِنْ أَهْلِ الْخَرَاجِ أَسْلَمَ أَرْضَهُ، وَأَمَرَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ مَا كَانَ يُؤَدِّي وَذَكَرَ حَدِيثَ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ وَأَبِي عَوْنٍ، وَقَدْ
18408 -
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَسْلَمَتِ امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِ نَهَرِ الْمَلِكِ قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ، أَوْ كَتَبَ عُمَرُ:«إِنِ اخْتَارَتْ أَرْضَهَا وَأَدَّتْ مَا عَلَى أَرْضِهَا فَخَلُّوا بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَرْضِهَا، وَإِلَّا خَلُّوا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَأَرْضِهِمْ»
18409 -
قَالَ: وَحَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الْمَسْعُودِيِّ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ قَالَ: أَسْلَمَ دِهْقَانٌ مِنْ أَهْلِ عَيْنِ كَذَا، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: «أَمَّا جِزْيَةُ رَأْسِكَ فَنَرْفَعُهَا
⦗ص: 339⦘
، وَأَمَّا أَرْضُكَ فَلِلْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ شِئْتَ فَرَضْنَا لَكَ، وَإِنْ شِئْتَ جَعَلْنَاكَ قَهْرَمَانًا لَنَا، فَمَا أَخْرَجَ اللَّهُ مِنْهَا مِنْ شَيْءٍ أَتَيْتَنَا بِهِ»
18410 -
وَفِي رِوَايَةِ أَبِي عَبَّادٍ، عَنِ الْمَسْعُودِيِّ، وَهِيَ الرِّوَايَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّافِعِيُّ، أَنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه قَالَ لِلرَّفِيلِ حِينَ أَسْلَمَ: إِنْ شِئْتَ دَفَعْنَا لَكَ أَرْضَكَ فَأَدَّيْتَ عَنْهَا مَا كُنْتَ تُؤَدِّي
18411 -
وَفِي رِوَايَةِ الرَّبِيعِ بْنِ عَمِيلَةَ، أَنَّ الرَّفِيلَ أَسْلَمَ فِي عَهْدِ عُمَرَ، فَقَالَ لِعُمَرَ: دَعْ أَرْضِي فِي يَدِي أُعَمِّرْهَا وَأُعَالِجْهَا وَأُؤَدِّ عَلَيْهَا مَا كُنْتُ أُؤَدِّي عَنْهَا، فَفَعَلَ
18412 -
وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْ أَبِي عَوْنٍ الثَّقَفِيِّ قَالَ: كَانَ عُمَرُ، وَعَلِيُّ إِذَا أَسْلَمَ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِ السَّوَادِ تَرَكَاهُ يَقُومُ بِخَرَاجِهِ فِي أَرْضِهِ
18413 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَالذِّمِّيُّ الْمُصَالَحُ عَنِ الْأَرْضِ خِلَافٌ لِلذِّمِّيِّ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِلَّا الْعُشْرَ، وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِي الدَّلَالَةِ عَلَيْهِ
18414 -
وَقَدْ ذَكَرَ قَبْلَ هَذَا حَدِيثَ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي أَهْلِ الذِّمَّةِ:«لَهُمْ مَا أَسْلَمُوا عَلَيْهِ مِنْ أَرْضِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ، وَفِي أَرْضِهِمُ الْعُشْرُ»
18415 -
وَفِي رِوَايَةِ غَيْرِهِ: «لَيْسَ عَلَيْهِمْ فِيهَا إِلَّا صَدَقَةٌ»
الْأُسَارَى يَسْتَعِينُ بِهِمُ الْمُشْرِكُونَ عَلَى قِتَالِ الْمُشْرِكِينَ
18416 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: " قَدْ قِيلَ: يُقَاتِلُونَهُمْ "
18417 -
قَدْ قَاتَلَ الزُّبَيْرُ وَأَصْحَابٌ لَهُ بِبِلَادِ الْحَبَشَةِ مُشْرِكِينَ عَنْ مُشْرِكِينَ
18418 -
ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ: وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ: يُمْنَعُ عَنْ قِتَالِهِمْ لِمَعَانِيَ ذَكَرَهَا كَانَ مَذْهَبًا
18419 -
ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ: وَلَا نَعْلَمُ خَبَرَ الزُّبَيْرِ يَثْبُتُ، وَلَوْ ثَبَتَ كَانَ النَّجَاشِيُّ مُسْلِمًا كَانَ آمَنَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَصَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَيْهِ "
18420 -
قَالَ أَحْمَدُ: النَّجَاشِيُّ كَانَ مُسْلِمًا كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَحَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ فِي قِصَّةِ الزُّبَيْرِ حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ نُزُولِ هَذِهِ الْأَحْكَامِ فِي الْغَنِيمَةِ وَالْخُمُسِ وَالْجِزْيَةِ الَّتِي لِأَجْلِهَا اسْتَحَبَّ الشَّافِعِيُّ أَنْ لَا يُقَاتِلُوا إِنْ لَمْ يَسْتَكْرِهُوهُمْ عَلَى قِتَالِهِمْ
الْأَسِيرُ يُؤْخَذُ عَلَيْهِ الْعَهْدُ أَنْ يَبْعَثَ إِلَيْهِمْ بِفِدَاءٍ، أَوْ يَعُودَ فِي إِسَارِهِمْ
18421 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: " لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَعُودَ فِي إِسَارِهِمْ، وَلَا يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ إِنْ أَرَادَ أَنْ يَعُودَ أَنْ يَدَعَهُ وَالْعَوْدَةَ
18422 -
ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ فِي الْمَالِ إِلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُؤَدِّيَهُ إِلَيْهِمْ إِذَا كَانَ بِغَيْرِ إِكْرَاهٍ
18423 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: إِنَّمَا أَطْرَحُ عَلَيْهِمْ مَا اسْتَكْرَهُوهُ عَلَيْهِ "
⦗ص: 342⦘
18424 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ: وَيُرْوَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَالثَّوْرِيِّ، وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، أَنَّهُمْ قَالُوا:«لَا يَعُودُ فِي إِسَارِهِمْ، وَيَفِي لَهُمْ بِالْمَالِ»
18425 -
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنْ أَرَادَ الْعَوْدَةَ مَنَعَهُ السُّلْطَانُ الْعَوْدَةَ
18426 -
وَقَالَ ابْنُ هُرْمُزَ: يُحْبَسُ لَهُمْ بِالْمَالِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَفِي لَهُمْ، وَلَا يَحْبِسُونَهُ، وَلَا يَكُونُ كَدُيُونِ النَّاسِ
18427 -
وَرُوِيَ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، وَالزُّهْرِيِّ، «يَعُودُ فِي إِسَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُعْطِهِمُ الْمَالَ»
18428 -
وَرُوِيَ ذَلِكَ، عَنْ رَبِيعَةَ،
18429 -
وَعَنِ ابْنِ هُرْمُزَ، خِلَافُ مَا رُوِيَ عَنْهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى
18430 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَمَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ الْأَوْزَاعِيِّ، وَمَنْ قَالَ قَوْلَهُ، فَإِنَّمَا يَحْتَجُّ فِيمَا أُرَاهُ بِمَا رُوِيَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ رُوِيَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَالَحَ أَهْلَ الْحُدَيْبِيَةِ أَنْ يَرُدَّ مَنْ جَاءَهُ مِنْهُمْ بَعْدَ الصُّلْحِ مُسْلِمًا، فَجَاءَهُ أَبُو جَنْدَلٍ فَرَدَّهُ إِلَى أَبِيهِ، وَأَبُو بَصِيرٍ فَرَدَّهُ، فَقَتَلَ أَبُو بَصِيرٍ الْمَرْدُودَ مَعَهُ ثُمَّ جَاءَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: قَدْ وَفَّيْتَ لَهُمْ وَنَجَّانِي اللَّهُ مِنْهُمْ، فَلَمْ يَرُدَّهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَلَمْ يَعِبْ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَتَرَكَهُ، فَكَانَ بِطَرِيقِ الشَّامِ يَقْطَعُ عَلَى كُلِّ مَالٍ لِقُرَيْشٍ حَتَّى سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَضُمَّهُ إِلَيْهِ لِمَا نَالَهُمْ مِنْ أَذَاهُ
⦗ص: 343⦘
18431 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَهَذَا الْحَدِيثُ ثَابِتٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، وَمَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ فِي قِصَّةِ صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ
18432 -
وَسَيَرِدُ كَلَامُ الشَّافِعِيِّ عَلَيْهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِ أَهْلِ الْجِزْيَةِ
مَا لَا يَجُوزُ لِلْأَسِيرِ فِي مَالِهِ، أَوْ مَنْ قُدِّمَ لِيُقْتَلَ، وَالرَّجُلُ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ
18433 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا بَعْضُ، أَهْلِ الْمَدِينَةِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَنَّ مُسْرِفًا، قَدَّمَ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ يَوْمَ الْحَرَّةِ لِيَضْرِبَ عُنُقَهُ، فَطَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا، فَسَأَلُوا أَهْلَ الْعِلْمِ فَقَالُوا:«لَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ، وَلَا مِيرَاثَ لَهَا»
18434 -
وَبِإِسْنَادِهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا بَعْضُ، أَهْلِ الْعِلْمِ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عَامَّةَ صَدَقَاتِ الزُّبَيْرِ تَصَدَّقَ بِهَا وَفَعَلَ أُمُورًا وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى ظَهْرِ فَرَسِهِ يَوْمَ الْجَمَلِ
18435 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَابْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّهُمَا قَالَا:«إِذَا كَانَ الرَّجُلُ عَلَى ظَهْرِ فَرَسِهِ يُقَاتِلُ فَمَا صَنَعَ فَهُوَ جَائِزٌ»
⦗ص: 345⦘
18436 -
وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ": عَطِيَّةُ الْحُبْلَى جَائِزَةٌ حَتَّى تَجْلِسَ بَيْنَ الْقَوَابِلِ "
18437 -
وَقَالَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَابْنُ الْمُسَيِّبِ: «عَطِيَّةُ الْحَامِلِ جَائِزَةٌ»
18438 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَبِهَذَا كُلِّهِ نَقُولُ
18439 -
وَيَجُوزُ لِلْأَسِيرِ فِي بِلَادِ الْعَدُوِّ مَا صَنَعَ فِي مَالِهِ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ وَإِنْ قُدِّمَ لِيُقْتَلَ مَا لَمْ يَنَلْهُ ضَرْبٌ يَكُونُ مَرَضًا وَعَطِيَّةُ رَاكِبِ الْبَحْرِ جَائِزَةٌ مَا لَمْ يَصِرْ إِلَى الْغَرَقِ أَوْ شِبْهِ الْغَرَقِ
18440 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، أَنَّهُ قَالَ:«عَطِيَّةُ الْحَامِلِ مِنَ الثُّلُثِ، وَعَطِيَّةُ الْأَسِيرِ مِنَ الثُّلُثِ» وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ الزُّهْرِيِّ
18441 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَيْسَ يَجُوزُ إِلَّا وَاحِدٌ مِنْ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
18442 -
قَالَ قَائِلٌ فِي الْحُبْلَى: عَطِيَّتُهَا جَائِزَةٌ حَتَّى تُتِمَّ سِتَّةَ أَشْهُرٍ، وَتَأَوَّلَ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى:{حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ} [الأعراف: 189]، وَلَيْسَ فِي قَوْلِ اللَّهِ عز وجل:{فَلَمَّا أَثْقَلَتْ} [الأعراف: 189] دَلَالَةٌ عَلَى مَرَضٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْإِثْقَالُ حُضُورَ الْوِلَادَةِ حِينَ تَجْلِسُ بَيْنَ الْقَوَابِلِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْوَقْتَ الَّذِي يَتَحَيَّنَانِ فِيهِ قَضَاءَ اللَّهِ وَيَسْأَلَانِهِ أَنْ يُؤْتِيَهُمَا صَالِحًا، وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِي ذَلِكَ
18443 -
قَالَ أَحْمَدُ: قَوْلُهُ: وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ الزُّهْرِيِّ، إِنَّمَا أَرَادَ بِهِ عَطِيَّةَ الْأَسِيرِ
⦗ص: 346⦘
18444 -
وَأَمَّا عَطِيَّةُ الْحَامِلِ فَقَدْ حَكَى ابْنُ الْمُنْذِرِ، عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَالزُّهْرِيِّ، أَنَّ عَطِيَّتَهَا كَعَطِيَّةِ الصَّحِيحِ
18445 -
وَكَذَا قَالَ الْحَسَنُ فِي رَاكِبِ الْبَحْرِ
18446 -
قَالَ: وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: «مَا أَعْطَتْهُ الْحَامِلُ وَالْغَازِي فَهُوَ مِنَ الثُّلُثِ»
مَا جَاءَ فِي الْمُسْلِمِ يَدُلُّ الْمُشْرِكِينَ عَلَى عَوْرَةِ الْمُسْلِمِينَ
18447 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا رضي الله عنه يَقُولُ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَا وَالزُّبَيْرُ وَالْمِقْدَادُ فَقَالَ: «انْطَلِقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ، فَإِنَّ بِهَا ظَعِينَةً مَعَهَا كِتَابٌ» ، فَخَرَجْنَا تُعَادِي بِنَا خَيْلُنَا فَإِذَا نَحْنُ بِظَعِينَةٍ فَقُلْنَا: أَخْرِجِي الْكِتَابَ، فَقَالَتْ: مَا مَعِيَ كِتَابٌ، فَقُلْنَا لَهَا: لَتُخْرِجِنَّ الْكِتَابَ أَوْ لَنُلْقِيَنَّ الثِّيَابَ، فَأَخْرَجَهَا مِنْ عُقَاصَتِهَا، فَأَتَيْنَا بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَإِذَا فِيهِ: مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى أُنَاسٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِمَّنْ بِمَكَّةَ يُخْبِرُ بِبَعْضِ أَمْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:«مَا هَذَا يَا حَاطِبُ؟» ، فَقَالَ: لَا تَعْجَلْ عَلَيَّ إِنِّي كُنْتُ امْرَأً مُلْصَقًا فِي قُرَيْشٍ وَلَمْ أَكُنْ مِنْ أَنْفُسِهَا، وَكَانَ مَنْ مَعَكَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ لَهُمْ قَرَابَاتٌ يَحْمُونَ بِهَا قَرَابَاتِهِمْ، وَلَمْ يَكُنْ لِي بِمَكَّةَ قَرَابَةٌ، فَأَحْبَبْتُ إِذْ فَاتَنِي ذَلِكَ أَنْ أَتَّخِذَ عِنْدَهُمْ، وَاللَّهِ مَا فَعَلْتُهُ شَكًّا فِي دِينِي وَلَا رِضًا بِالْكُفْرِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّهُ قَدْ صَدَقَ» ، فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ عَلَى
⦗ص: 348⦘
أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ "، وَنَزَلَتْ:{يَا أَيُّهَا الَّذِينُ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ} [الممتحنة: 1] أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ
18448 -
وَذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ، وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ، وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ
18449 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي مَبْسُوطِ كَلَامِهِ: وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «تَجَافَوْا لِذَوِي الْهَيْئَاتِ» ، وَقِيلَ فِي الْحَدِيثِ:«مَا لَمْ يَكُنْ حَدًّا» ، كَانَ هَذَا مِنَ الرَّجُلِ ذِي الْهَيْئَةِ، وَقِيلَ بِجَهَالَةٍ، كَمَا كَانَ هَذَا مِنْ حَاطِبٍ بِجَهَالَةٍ، وَكَانَ غَيْرَ مُتَّهَمٍ أَحْبَبْتُ أَنْ يُتَجَافَى لَهُ، وَإِذَا كَانَ مِنْ غَيْرِ ذِي الْهَيْئَةِ كَانَ لِلْإِمَامِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، تَعْزِيرُهُ "
صَلَاةُ الْحَرَسِ
18450 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: قَالَ أَبُو يُوسُفَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، وَالْكَلْبِيُّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَزَلَ وَادِيًا فَقَالَ:«مَنْ يَحْرُسُنَا فِي هَذَا الْوَادِي اللَّيْلَةَ؟» فَقَالَ رَجُلَانِ: نَحْنُ، فَأَتَيَا رَأْسَ الْوَادِي، وَهُمَا مُهَاجِرِيٌّ وَأَنْصَارِيٌّ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: أَيُّ اللَّيْلِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ فَاخْتَارَ أَحَدُهُمَا أَوَّلَ اللَّيْلِ وَالْآخَرُ آخِرَهُ، فَنَامَ أَحَدُهُمَا وَقَامَ الْحَارِسُ يُصَلِّي
18451 -
قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ رُوِّينَا هَذَا الْحَدِيثَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ صَدَقَةَ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ جَابِرٍ، عَنْ جَابِرٍ
18452 -
وَمَبْسُوطُ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ إِذَا لَمْ تَشْغَلْ طَرْفَهُ وَسَمْعَهُ عَنْ رُؤْيَةِ الشَّخْصِ وَسَمَاعِ الْحِسِّ فَالصَّلَاةُ أَحَبُّ إِلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مُصَلٍّ حَارِسٌ، فَإِنْ كَانَتْ ، فَشُغْلُهُ بِالْحِرَاسَةِ أَحَبُّ إِلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْحَرَسُ جَمَاعَةً فَيُصَلِّي بَعْضُهُمْ دُونَ بَعْضٍ، فَالصَّلَاةُ أَحَبُّ إِلَيْهِ إِذَا بَقِيَ مَنْ يَحْرُسُ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
بَابُ إِظْهَارِ دِينِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْأَدْيَانِ
18453 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} [التوبة: 33]
18454 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا هَلَكَ كِسْرَى فَلَا كِسْرَى بَعْدَهُ، وَإِذَا هَلَكَ قَيْصَرُ فَلَا قَيْصَرَ بَعْدَهُ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتُنْفِقُونَ كُنُوزَهُمَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَمْرٍو النَّاقِدِ وَغَيْرِهِ، عَنْ سُفْيَانَ وَأَخْرَجَاهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ الزُّهْرِيِّ
⦗ص: 351⦘
18455 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَتِنَا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، وَلَمَّا أُتِيَ كِسْرَى بِكِتَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَزَّقَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«تَمَزَّقَ مُلْكُهُ» ، وَحَفِظْنَا أَنَّ قَيْصَرَ أَكْرَمَ كِتَابَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَوَضَعَهُ فِي مِسْكٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«ثَبُتَ مُلْكُهُ»
18456 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَعَدَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم النَّاسَ فَتْحَ فَارِسَ وَالشَّامِ، فَأَغْزَى أَبُو بَكْرٍ الشَّامَ عَلَى ثِقَةٍ مِنْ فَتْحِهَا لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَفَتَحَ بَعْضَهَا وَتَمَّ فَتْحُهَا زَمَانَ عُمَرَ، وَفَتَحَ عُمَرُ الْعِرَاقَ، وَفَارِسَ
18457 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَقَدْ أَظْهَرَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ دِينَهُ الَّذِي بَعَثَ بِهِ رَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْأَدْيَانِ بِأَنَّ لِكُلِّ مَنْ سَمِعَهُ أَنَّهُ الْحَقُّ، وَمَا خَالَفَهُ مِنَ الْأَدْيَانِ بَاطِلٌ، وَأَظْهَرَهُ بِأَنَّ جِمَاعَ الشِّرْكِ دِينَانِ: دِينُ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَدِينُ الْأُمِّيِّينَ، فَقَهَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْأُمِّيِّينَ حَتَّى دَانُوا بِالْإِسْلَامِ طَوْعًا وَكَرْهًا، وَقَبِلَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَسَبَى حَتَّى دَانَ بَعْضُهُمْ بِالْإِسْلَامِ وَأَعْطَى بَعْضٌ الْجِزْيَةَ صَاغِرِينَ، وَجَرَى عَلَيْهِمْ حُكْمُهُ صلى الله عليه وسلم وَهَذَا ظُهُورُهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ
18458 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَدْ يُقَالُ: لَيُظْهِرَنَّ اللَّهُ دِينَهُ عَلَى الْأَدْيَانِ حَتَّى لَا يُدَانَ اللَّهُ إِلَّا بِهِ، وَذَلِكَ مَتَى شَاءَ اللَّهُ قَالَ: وَكَانَتْ قُرَيْشٌ تَنْتَابُ الشَّامَ انْتِيَابًا كَثِيرًا، وَكَانَ كَثِيرٌ مِنْ مَعَاشِهَا مِنْهُ، وَتَأْتِي الْعِرَاقَ، فَيُقَالُ: لَمَّا دَخَلَتْ فِي الْإِسْلَامِ ذَكَرَتْ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خَوْفَهَا مِنَ انْقِطَاعِ مَعَاشِهَا مِنَ الشَّامِ، وَالْعِرَاقِ إِذَا فَارَقَتِ الْكُفْرَ وَدَخَلَتْ فِي الْإِسْلَامِ مَعَ خِلَافِ مُلْكِ الشَّامِ، وَالْعِرَاقِ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم
⦗ص: 352⦘
: «إِذَا هَلَكَ كِسْرَى فَلَا كِسْرَى بَعْدَهُ» ، فَلَمْ يَكُنْ بِأَرْضِ الْعِرَاقِ كِسْرَى ثَبَتَ لَهُ أَمْرٌ بَعْدَهُ، وَقَالَ:«إِذَا هَلَكَ قَيْصَرُ فَلَا قَيْصَرَ بَعْدَهُ» ، فَلَمْ يَكُنْ بِأَرْضِ الشَّامِ قَيْصَرُ بَعْدَهُ، وَأَجَابَهُمْ عَلَى مَا قَالُوا لَهُ، وَكَانَ كَمَا قَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَقَطَعَ اللَّهُ الْأَكَاسِرَةَ عَنِ الْعِرَاقِ، وَفَارِسَ، وَقَيْصَرَ وَمَنْ قَامَ بَعْدَهُ بِالْأَمْرِ بَعْدَهُ عَنِ الشَّامِ
18459 -
وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي كِسْرَى: «مَزَّقَ اللَّهُ مُلْكَهُ» ، فَلَمْ يَبْقَ لِلْأَكَاسِرَةِ مُلْكٌ، وَقَالَ فِي قَيْصَرَ:«ثَبُتَ مُلْكُهُ» ، فَثَبَتَ لَهُ مُلْكُ بِلَادِ الرُّومِ إِلَى الْيَوْمِ وَتَنَحَّى مُلْكُهُ عَنِ الشَّامِ
18460 -
وَكُلُّ هَذَا مُتَّفِقٌ يُصَدِّقُ بَعْضُهُ بَعْضًا
36 - كِتَابُ الْجِزْيَةِ
الْأَصْلُ فِيمَنْ تُؤْخَذُ مِنْهُ الْجِزْيَةُ وَمَنْ لَا تُؤْخَذُ
18461 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، رحمه الله قَالَ: بَعَثَ اللَّهُ رَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم بِمَكَّةَ وَهُوَ بَلَدُ قَوْمِهِ، وَقَوْمُهُ
⦗ص: 357⦘
أُمِّيُّونَ، وَكَذَلِكَ كَانَ مَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْعَرَبِ، وَلَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مِنَ الْعَجَمِ إِلَّا مَمْلُوكٌ أَوْ مُحَرَّرٌ أَوْ مُخْتَارٌ أَوْ مَنْ لَا يُذْكَرُ
18462 -
قَالَ اللَّهُ عز وجل: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ} [الجمعة: 2]
18463 -
وَفَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِ جِهَادَهُمْ فَقَالَ: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} [الأنفال: 39]
18464 -
فَقِيلَ فِيهِ: فِتْنَةُ شِرْكٍ، وَيَكُونُ الدِّينُ كُلُّهُ وَاحِدًا لِلَّهِ، وَذَكَرَ غَيْرَهَا مِنَ الْآيَاتِ
18465 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَجَاءَتِ السُّنَّةُ بِمَا جَاءَ بِهِ الْقُرْآنُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
⦗ص: 358⦘
قَالَ: " لَا أَزَالُ أُقَاتِلُ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَإِذَا قَالُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَقَدْ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ " أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ مِنْ أَوْجُهٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
18466 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ مُسَاحِقَ، عَنِ ابْنِ عِصَامٍ الْمُزَنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا بَعَثَ سَرِيَّةً قَالَ:«إِنْ رَأَيْتُمْ مَسْجِدًا أَوْ سَمِعْتُمْ مُؤَذِّنًا فَلَا تَقْتُلُوا أَحَدًا»
18467 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما: أَلَيْسَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ "؟ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذَا مِنْ حَقِّهَا، لَوْ مَنَعُونِي عِقَالًا مِمَّا أَعْطُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَيْهِ
⦗ص: 359⦘
.
18468 -
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ عُمَرَ قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ هَذَا الْقَوْلَ أَوْ مَا مَعْنَاهُ.
18469 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَتِنَا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، يَعْنِي مَنْ مَنَعَ الصَّدَقَةَ وَلَمْ يَرْتَدَّ،
18470 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهَذَا مِثْلُ الْحَدِيثَيْنِ قَبْلَهُ فِي الْمُشْرِكِينَ مُطْلَقًا، وَإِنَّمَا يُرَادُ بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ مُشْرِكُو أَهْلِ الْأَوْثَانِ
18471 -
وَلَمْ يَكُنْ بِحَضْرَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا قُرْبِهِ أَحَدٌ مِنْ مُشْرِكِي أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا يَهُودَ الْمَدِينَةِ، وَكَانُوا حُلَفَاءَ لِلْأَنْصَارِ، وَلَمْ تَكُنِ الْأَنْصَارُ اسْتَجْمَعَتْ أَوَّلَ مَا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِسْلَامًا، فَوَادَعَتْ يَهُودُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَمْ تَخْرُجْ إِلَى شَيْءٍ مِنْ عَدَاوَتِهِ بِقَوْلٍ يَظْهَرُ وَلَا فِعْلٍ، حَتَّى كَانَتْ وَقْعَةُ بَدْرٍ، فَكَلَّمَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِعَدَاوَتِهِ وَالتَّحْرِيضِ عَلَيْهِ، فَقَتَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيهِمْ، وَلَمْ يَكُنْ بِالْحِجَازِ عَلِمْتُهُ إِلَّا يَهُودِيُّ أَوْ نَصْرَانِيُّ قَلِيلٌ بِنَجْرَانَ، وَكَانَتِ الْمَجُوسُ بِهَجَرَ وَبِلَادِ الْبَرْبَرِ، وَفَارِسَ نَائِينَ عَنِ الْحِجَازِ دُونَهُمْ مُشْرِكُو أَهْلِ الْأَوْثَانِ كَثِيرٌ
⦗ص: 360⦘
.
18472 -
قَالَ: وَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل عَلَى رَسُولِهِ فَرْضَ قِتَالِ الْمُشْرِكِينَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَقَالَ: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29]،
18473 -
فَفَرَّقَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ كَمَا شَاءَ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ بَيْنَ قِتَالِ أَهْلِ الْأَوْثَانِ، فَفَرَضَ أَنْ يُقَاتَلُوا أَوْ يُسْلِمُوا، وَقِتَالِ أَهْلِ الْكِتَابِ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ أَوْ أَنْ يُسْلِمُوا
18474 -
وَفَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ قِتَالِهِمْ
18475 -
فَذَكَرَ الْحَدِيثَ الَّذِي: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبَانَ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا بَعَثَ جَيْشًا أَمَّرَ عَلَيْهِمْ أَمِيرًا وَقَالَ:«إِذَا لَقِيتَ عَدُوًّا مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَادْعُهُمْ إِلَى ثَلَاثِ خِلَالٍ - أَوْ ثَلَاثِ خِصَالٍ، شَكَّ عَلْقَمَةُ - ادْعُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ فَإِنْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى التَّحَوُّلِ مِنْ دَارِهِمْ إِلَى دَارِ الْمُهَاجِرِينَ، فَإِنْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَأَخْبِرْهُمْ إِنْ هُمْ فَعَلُوا أَنَّ لَهُمُ مَا لِلْمُهَاجِرِينَ وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَيْهِمْ، وَإِنِ اخْتَارُوا الْمَغَانِمَ فِي دَارِهِمْ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّهُمْ كَأَعْرَابِ الْمُسْلِمِينَ فَيَجْرِي عَلَيْهِمْ حُكْمُ اللَّهِ كَمَا يَجْرِي عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَلَيْسَ لَهُمْ فِي الْفَيْءِ شَيْءٌ إِلَّا أَنْ يُجَاهِدُوا مَعَ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ لَمْ يُجِيبُوكَ إِلَى الْإِسْلَامِ فَادْعُهُمْ إِلَى إِعْطَاءِ الْجِزْيَةِ، فَإِنْ فَعَلُوا فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَدَعْهُمْ، وَإِنْ أَبَوْا فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَقَاتِلْهُمْ»
⦗ص: 361⦘
18476 -
زَادَ أَبُو سَعِيدٍ فِي رِوَايَتِهِ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: حَدَّثَنِي عَدَدٌ كُلُّهُمْ ثِقَةٌ، عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ كُلُّهُمْ ثِقَةٌ، لَا أَعْلَمُ إِلَّا أَنَّ فِيهِمْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ، عَنْ عَلْقَمَةَ، بِمِثْلِ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ لَا يُخَالِفُهُ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ الثَّوْرِيِّ وَشُعْبَةَ
مَنْ يَلْحَقْ بِأَهْلِ الْكِتَابِ
18477 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: «انْتَوَتْ قَبَائِلُ مِنَ الْعَرَبِ قَبْلَ أَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم وَيُنَزِّلَ عَلَيْهِ الْفُرْقَانَ، فَدَانَتْ دِينَ أَهْلِ الْكِتَابِ»
18478 -
ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ: فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْجِزْيَةَ مِنْ أُكَيْدِرِ دُومَةَ، وَهُوَ رَجُلٌ يُقَالُ مِنْ غَسَّانَ أَوْ كِنْدَةَ
18479 -
وَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْجِزْيَةَ مِنْ أَهْلِ ذِمَّةِ الْيَمَنِ، وَعَامَّتُهُمْ عَرَبٌ، وَمِنْ أَهْلِ نَجْرَانَ وَفِيهِمْ عَرَبٌ
18480 -
وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْجِزْيَةَ لَيْسَتْ عَلَى النَّسَبِ إِنَّمَا هِيَ عَلَى الدِّينِ
18481 -
وَكَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْعَامَّةِ: أَهْلُ التَّوْرَاةِ مِنَ الْيَهُودِ، وَالْإِنْجِيلُ مِنَ النَّصَارَى، وَكَانُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَأَحَطْنَا بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ كُتُبًا غَيْرَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ
18482 -
قَالَ عز وجل: {أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى} [النجم: 36]،
18483 -
وَقَالَ: {صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى} [الأعلى: 19]
18478 -
فَأَخْبَرَ أَنَّ لِإِبْرَاهِيمَ صُحُفًا وَقَالَ: {وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ} [الشعراء: 196]
18485 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو سَعِيدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ:«أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ أُكَيْدِرٍ الْغَسَّانِيِّ، وَيَرْوُونَ أَنَّهُ صَالَحَ رَجُلًا مِنَ الْعَرَبِ عَلَى الْجِزْيَةِ»
⦗ص: 363⦘
18486 -
وَأَمَّا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَمَنْ بَعْدَهُ مِنَ الْخُلَفَاءِ إِلَى الْيَوْمِ فَقَدْ أَخَذُوا الْجِزْيَةَ مِنْ بَنِي تَغْلِبَ، وَتَنُوخَ، وَبَهْرَا، وَخَلْطٍ مِنْ أَخْلَاطِ الْعَرَبِ، وَهُمْ إِلَى السَّاعَةِ مُقِيمُونَ عَلَى النَّصْرَانِيَّةِ تُضَاعَفْ عَلَيْهِمُ الصَّدَقَةُ، وَلَيْسَ ذَلِكَ جِزْيَةً، وَإِنَّمَا الْجِزْيَةُ عَلَى الْأَدْيَانِ لَا عَلَى الْأَنْسَابِ
18487 -
وَلَوْلَا أَنْ نَأْثَمَ بِتَمَنِّي بَاطِلٍ وَدِدْنَا أَنَّ الَّذِي قَالَ أَبُو يُوسُفَ كَمَا قَالَ، وَأَنْ لَا يَجْرِي صَغَارٌ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَكِنَّ اللَّهَ أَجَلُّ فِي أَعْيُنِنَا مِنْ أَنْ نُحِبَّ غَيْرَ مَا قَضَى بِهِ
18488 -
وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ: فَنَحْنُ كُنَّا عَلَى هَذَا أَحْرَصَ لَوْلَا أَنَّ الْحَقَّ فِي غَيْرِ مَا قَالَ، فَلَمْ يَكُنْ لَنَا أَنْ نَقُولَ إِلَّا بِالْحَقِّ
أَخْذُ الْجِزْيَةِ مِنَ الْمَجُوسِ
18489 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، سَمِعَ بَجَالَةَ، يَقُولُ: وَلَمْ يَكُنْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَخَذَ الْجِزْيَةَ مِنَ الْمَجُوسِ حَتَّى شَهِدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَخَذَهَا مِنْ مَجُوسِ هَجَرَ " أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ
18490 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ: حَدِيثُ بَجَالَةَ مُتَّصِلٌ ثَابِتٌ لِأَنَّهُ أَدْرَكَ عُمَرَ، وَكَانَ رَجُلًا فِي زَمَانِهِ كَاتِبًا لِعُمَّالِهِ،
18491 -
وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ الْحِجَازِ حَدِيثَانِ مُنْقَطِعَانِ بِأَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنَ الْمَجُوسِ
18492 -
فَذَكَرَ مَا: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، ذَكَرَ الْمَجُوسَ فَقَالَ: مَا أَدْرِي كَيْفَ أَصْنَعُ فِي أَمْرِهِمْ؟ فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ»
18493 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَتِنَا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ: إِنْ كَانَ ثَابِتًا فَيَعْنِي فِي أَخْذِ الْجِزْيَةِ، لَا فِي أَنْ نَنْكِحَ نِسَاءَهُمْ وَنَأْكُلَ ذَبَائِحَهُمْ
18494 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَوْ كَانَ أَرَادَ جَمِيعَ الْمُشْرِكِينَ غَيْرَ أَهْلِ الْكِتَابِ لَقَالَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ: سُنُّوا بِجَمِيعِ الْمُشْرِكِينَ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَلَكِنْ لَمَّا قَالَ:«سُنُّوا بِهِمْ» فَقَدْ خَصَّهُمْ، وَإِذَا خَصَّهُمْ فَغَيْرُهُمْ مُخَالِفًا لَهُمْ، وَلَا يُخَالِفُهُمْ إِلَّا غَيْرُ أَهْلِ الْكِتَابِ
18495 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَخَذَ الْجِزْيَةَ مِنْ مَجُوسِ الْبَحْرَيْنِ «وَأَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ أَخَذَهَا مِنَ الْبَرْبَرِ
18496 -
زَادَ فِيهِ ابْنُ وَهْبٍ وَغَيْرُهُ عَنْ مَالِكٍ، وَأَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ» أَخَذَهَا مِنْ مَجُوسِ فَارِسَ
⦗ص: 366⦘
.
18497 -
وَرَوَاهُ يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «أَخَذَ الْجِزْيَةَ مِنْ مَجُوسِ هَجَرَ» ، وَأَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَخَذَهَا مِنْ مَجُوسِ السَّوَادِ، وَأَنَّ عُثْمَانَ أَخَذَهَا مِنْ مَجُوسِ الْبَرْبَرِ
18498 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: «كَانَتِ الْمَجُوسُ يَدِينُونَ غَيْرَ دِينِ أَهْلِ الْأَوْثَانِ، وَيُخَالِفُونَ أَهْلَ الْكِتَابِ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى يَخْتَلِفُونَ فِي بَعْضِ دِينِهِمْ، وَكَانَ الْمَجُوسُ بِطَرَفٍ مِنَ الْأَرْضِ لَا يَعْرِفُ السَّلَفُ مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ مِنْ دِينِهِمْ مَا يَعْرِفُونَ مِنْ دِينِ النَّصَارَى وَالْيَهُودِ حَتَّى عَرَفُوهُ، وَكَانُوا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، أَهْلَ كِتَابٍ»
18499 -
وَذَكَرَ مَا: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي سَعْدٍ سَعِيدِ بْنِ الْمَرْزُبَانِ، عَنْ عِيسَى بْنِ عَاصِمٍ قَالَ: قَالَ فَرْوَةُ بْنُ نَوْفَلٍ الْأَشْجَعِيُّ: " عَلَامَ تُؤْخَذُ الْجِزْيَةُ مِنَ الْمَجُوسِ وَلَيْسُوا أَهْلَ كِتَابٍ؟ فَقَامَ إِلَيْهِ الْمُسْتَوْرِدُ فَأَخَذَ يُلَبِّبُهُ، فَقَالَ: يَا عَدُوَّ اللَّهِ، تَطْعَنُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعَلَى أَمِيرِ
⦗ص: 367⦘
الْمُؤْمِنِينَ، يَعْنِي عَلِيًّا، وَقَدْ أَخَذُوا مِنْهُمُ الْجِزْيَةَ، فَذَهَبَ بِهِ إِلَى الْقَصْرِ، فَخَرَجَ عَلِيُّ عَلَيْهِمَا فَقَالَ: الْبُدَا، فَجَلَسَا فِي ظِلِّ الْقَصْرِ، فَقَالَ عَلِيٌّ: أَنَا أَعْلَمُ النَّاسِ بِالْمَجُوسِ: كَانَ لَهُمْ عِلْمٌ يَعْلَمُونَهُ، وَكِتَابٌ يَدْرُسُونَهُ، وَإِنَّ مَلِكَهُمْ سَكِرَ فَوَقَعَ عَلَى ابْنَتِهِ أَوْ أُخْتِهِ، فَاطَّلَعَ عَلَيْهِ بَعْضُ أَهْلِ مَمْلَكَتِهِ، فَلَمَّا صَحَا جَاءُوا يُقِيمُونَ عَلَيْهِ الْحَدَّ، فَامْتَنَعَ مِنْهُمْ، فَدَعَا أَهْلَ مَمْلَكَتِهِ، فَلَمَّا أَتَوْهُ قَالَ: تَعْلَمُونَ دِينًا خَيْرًا مِنْ دِينِ آدَمَ، وَقَدْ كَانَ يَنْكِحُ بَنِيهِ مِنْ بَنَاتِهِ؟ وَأَنَا عَلَى دِينِ آدَمَ، مَا يَرَغَبُ بِكُمْ عَنْ دِينِهِ؟ فَبَايَعُوهُ وَقَاتَلُوا الَّذِينَ خَالَفُوهُمْ حَتَّى قَتَلُوهُمْ، فَأَصْبَحُوا وَقَدْ أَسْرَى عَلَى كِتَابِهِمْ فَرُفِعَ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِهِمْ، وَذَهَبَ الْعِلْمُ الَّذِي فِي صُدُورِهِمْ وَهُمْ أَهْلُ كِتَابٍ، وَقَدْ أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ مِنْهُمُ الْجِزْيَةَ "
18500 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ: حَدِيثُ نَصْرِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ عَلِيٍّ، مُتَّصِلٌ، وَبِهِ نَأْخُذُ
18501 -
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ عَلِيًّا أَخْبَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَأْخُذِ الْجِزْيَةَ مِنْهُمْ إِلَّا وَهُمْ أَهْلُ كِتَابٍ، وَلَا مَنْ بَعْدَهُ، وَلَوْ كَانَ يَجُوزُ أَخْذُ الْجِزْيَةِ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْكِتَابِ لَقَالَ عَلِيُّ: الْجِزْيَةُ تُؤْخَذُ مِنْهُمْ كَانُوا أَهْلَ كِتَابٍ أَوْ لَمْ يَكُونُوا أَهْلَهُ، وَلَمْ أَعْلَمْ مِنْ سَلَفِ الْمُسْلِمِينَ أَحَدًا أَجَازَ أَنْ تُؤْخَذَ الْجِزْيَةُ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْكِتَابِ
18502 -
قَالَ أَحْمَدُ: هَكَذَا رَوَاهُ غَيْرُ الشَّافِعِيُّ: عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، وَالصَّوَابُ: عِيسَى بْنُ عَاصِمٍ الْأَسَدِيُّ كَذَا قَالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ فِيمَا
⦗ص: 368⦘
:
18503 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الْقَاصِمِيِّ عَنْهُ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى، وَابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ أَبِي سَعْدٍ، عَنْ عِيسَى بْنِ عَاصِمٍ،
18504 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ الشَّيْخَ أَبَا الْوَلِيدِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ، يَقُولُ: تَوَهَّمْتُ أَنَّ الشَّافِعِيَّ، رحمه الله أَخْطَأَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، فَرَأَيْتُ الْحُمَيْدِيَّ تَابَعَهُ فِي ذَلِكَ، فَعَلِمْتُ أَنَّ الْخَطَأَ مِنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ
18505 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الْفَقِيهُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ أَبِي دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: «مَا مِنَ الْعُلَمَاءِ آخِذٌ إِلَّا وَقَدْ أَخْطَأَ فِي حَدِيثِهِ، غَيْرَ ابْنِ عُلَيَّةَ وَبِشْرِ بْنِ الْمُفَضَّلِ، وَمَا أَعْلَمُ لِلشَّافِعِيِّ، حَدِيثًا خَطَأً»
⦗ص: 369⦘
18506 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْحَافِظُ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْقَزْوِينِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ الرَّازِيَّ، يَقُولُ: مَا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ حَدِيثٌ غَلَطَ فِيهِ
18507 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَقَدْ رَوَى جَعْفَرُ بْنُ أَبِي الْمُغِيرَةِ، عَنِ ابْنِ أَبْزَى، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، أَنَّهُ قَالَ فِي الْمَجُوسِ:«قَدْ كَانُوا أَصْحَابَ كِتَابٍ، وَكَانَتِ الْخَمْرُ قَدْ أُحِلَّتْ لَهُمْ فَتَنَاوَلَهَا مَلِكٌ مِنْ مُلُوكِهِمْ حَتَّى ثَمِلَ مِنْهَا» فَتَنَاوَلَ أُخْتَهُ فَوَقَعَ عَلَيْهَا، فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْهُ السُّكْرُ نَدِمَ وَقَالَ لَهَا:«وَيْحَكِ مَا الْمَخْرَجُ فِيمَا ابْتُلِيتُ بِهِ؟» فَقَالَتِ: اخْطُبِ النَّاسَ فَقُلْ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللَّهَ أَحَلَّ نِكَاحَ الْأَخَوَاتِ "
18508 -
وَذَكَرَ الْحَدِيثَ مِنِ امْتِنَاعِ النَّاسِ مِنْ قَبُولِ ذَلِكَ حَتَّى خَدَّ لَهُمُ الْأُخْدُودَ قَالَ: «فَلَمْ يَزَالُوا مُنْذُ ذَلِكَ يَسْتَحِلُّونَ نِكَاحَ الْأَخَوَاتِ» وَهَذَا فِيمَا ذَكَرَهُ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ، عَنْ أَبِي الرَّبِيعِ، عَنْ يَعْقُوبَ الْقُمِّيِّ، عَنْ جَعْفَرٍ، وَهُوَ فِيمَا أَجَازَ لِي أَبُو مَنْصُورٍ الدَّامِغَانِيُّ رِوَايَتَهُ عَنْهُ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيِّ، عَنْ يُوسُفَ الْقَاضِي
18509 -
وَفِيهِ تَأْكِيدٌ لِرِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ الْمَرْزُبَانِ، فَإِنَّ سَعِيدًا يَحْتَاجُ إِلَى دِعَامَةٍ، وَقَدْ وَكَّدَهَا الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ وَالْجَدِيدِ بِمَا ذَكَرَ مَعَهَا
18510 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ: ظَهَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْبَحْرَيْنِ فَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمُ الْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ، وَبَعَثَ إِلَيْهِ بِمَالٍ مِنْ جِزْيَتِهِمْ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَمِنَ الْبَحْرَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ مَجُوسٌ.
18511 -
قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ رُوِّينَا هَذَا فِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ إِلَى الْبَحْرَيْنِ يَأْتِي
⦗ص: 370⦘
بِجِزْيَتِهَا، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هُوَ صَالَحَ أَهْلَ الْبَحْرَيْنِ وَأَمَّرَ عَلَيْهِمُ الْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ، فَقَدِمَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِمَالِ الْبَحْرَيْنِ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ.
18512 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَرُوِّينَا عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: «كَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى مَجُوسِ هَجَرَ يَعْرِضُ عَلَيْهِمُ الْإِسْلَامَ، فَمَنْ أَسْلَمَ قَبِلَ مِنْهُ، وَمَنْ أَبَى ضُرِبَتْ عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ عَلَى أَنْ لَا تُؤْكَلَ لَهُمْ ذَبِيحَةٌ وَلَا تُنْكَحَ لَهُمُ امْرَأَةٌ»
18513 -
وَهَذَا مُرْسَلٌ حَسَنٌ يُؤَكِّدُ مَا رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ فِي نَصَارَى بَنِي تَغْلِبَ وَهَذَا يَرِدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَعَلَى هَذَا عَوَامُّ أَهْلِ الْعِلْمِ
كَمِ الْجِزْيَةُ
؟
18514 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29]
18515 -
وَكَانَ مَعْقُولًا أَنَّ الْجِزْيَةَ شَيْءٌ يُؤْخَذُ فِي أَوْقَاتٍ، وَكَانَتِ الْجِزْيَةُ مُحْتَمِلَةً لِلْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ
18516 -
وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمُبِينَ عَنِ اللَّهِ مَعْنَى مَا أَرَادَ، «فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جِزْيَةَ أَهْلِ الْيَمَنِ دِينَارًا فِي كُلِّ سَنَةٍ، أَوْ قِيمَتَهُ مِنَ الْمَعَافِرِيِّ وَالثِّيَابِ»
18517 -
وَكَذَلِكَ رُوِيَ أَنَّهُ أَخَذَ مِنْ أَهْلِ أَيْلَةَ، وَمِنْ نَصَارَى بِمَكَّةَ: دِينَارًا عَنْ كُلِّ إِنْسَانٍ وَأَخَذَ الْجِزْيَةَ مِنْ أَهْلِ نَجْرَانَ كِسْوَةً، وَلَا أَدْرِي مَا غَايَةُ مَا أَخَذَ مِنْهُمْ،
18518 -
وَقَدْ سَمِعْتُ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَمِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ مِنْ أَهْلِ نَجْرَانَ يَذْكُرُ أَنَّ قِيمَةَ مَا أَخَذَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ أَكْثَرُ مِنْ دِينَارٍ وَأَخَذَهَا مِنْ أُكَيْدِرٍ، وَمِنْ مَجُوسِ الْبَحْرَيْنِ، لَا أَدْرِي كَمْ غَايَةُ مَا أَخَذَ مِنْهُمْ، وَلَمْ أَعْلَمْ أَحَدًا حَكَى عَنْهُ قَطُّ أَنَّهُ أَخَذَ مِنْ أَحَدٍ أَقَلَّ مِنْ دِينَارٍ
18519 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَتَبَ إِلَى أَهْلِ الْيَمَنِ:«أَنَّ عَلَى كُلِّ إِنْسَانٍ مِنْكُمْ دِينَارًا كُلَّ سَنَةٍ، أَوْ قِيمَتَهُ مِنَ الْمَعَافِرِ» ، يَعْنِي أَهْلَ الذِّمَّةِ مِنْهُمْ
18520 -
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنِي مُطَرِّفُ بْنُ مَازِنٍ، وَهِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، بِإِسْنَادٍ لَا أَحْفَظُهُ غَيْرَ أَنَّهُ حَسَنٌ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَرَضَ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ مِنَ الْيَمَنِ دِينَارًا كُلَّ سَنَةٍ، فَقُلْتُ لِمُطَرِّفِ بْنِ مَازِنٍ: فَإِنَّهُ يُقَالُ: وَعَلَى النِّسَاءِ أَيْضًا، فَقَالَ: لَيْسَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَخَذَ مِنَ النِّسَاءِ ثَابِتًا عِنْدَنَا
18521 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: فَسَأَلْتُ مُحَمَّدَ بْنَ خَالِدٍ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ مُسْلِمٍ، وَعَدَدًا مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ، فَكُلُّهُمْ حَكَى لِي عَنْ عَدَدٍ مَضُوا قَبْلَهُمْ، يَحْكُونَ عَنْ عَدَدٍ مَضُوا قَبْلَهُمْ كُلُّهُمْ ثِقَةٌ، " أَنَّ صُلْحَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَهُمْ كَانَ لِأَهْلِ الْيَمَنِ عَلَى دِينَارٍ كُلَّ سَنَةٍ، وَلَا يُثْبِتُونَ أَنَّ النِّسَاءَ كُنَّ فِيمَنْ يُؤْخَذُ مِنْهُ الْجِزْيَةُ
18522 -
وَقَالَ عَامَّتُهُمْ: وَلَمْ تُؤْخَذْ مِنْ زُرُوعِهِمْ، وَقَدْ كَانَتْ لَهُمْ زُرُوعٌ، وَلَا مِنْ مَوَاشِيهِمْ شَيْئًا عَلِمْنَاهُ
18523 -
وَقَالَ لِي بَعْضُهُمْ: قَدْ جَاءَنَا بَعْضُ الْولَاةِ فَخَمَّسَ زُرُوعَهُمْ، أَوْ أَرَادَهَا، فَأُنْكِرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ
18524 -
وَكُلُّ مَنْ وَصَفْتُ أَخْبَرَنِي أَنَّ عَامَّةَ ذِمَّةِ أَهْلِ الْيَمَنِ مِنْ حِمْيَرَ
⦗ص: 373⦘
18525 -
قَالَ: وَسَأَلْتُ عَدَدًا كَبِيرًا مِنْ ذِمَّةِ أَهْلِ الْيَمَنِ مُفْتَرِقِينَ فِي بُلْدَانٍ، وَكُلُّهُمْ أَثْبَتَ لِي، لَا يَخْتَلِفُ قَوْلُهُمْ - أَنَّ مُعَاذًا أَخَذَ مِنْهُمْ دِينَارًا عَنْ كُلِّ بَالِغٍ مِنْهُمْ، وَسَمُّوا الْبَالِغَ حَالِمًا، قَالُوا: وَكَانَ فِي كِتَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَعَ مُعَاذٍ: أَنَّ عَلَى كُلِّ حَالِمٍ دِينَارًا
18526 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَهَذَا الَّذِي حَكَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ أَهْلِ الْيَمَنِ مِنْ أَمْرِ مُعَاذٍ مُوَافِقٌ لِمَا أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ:«بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْيَمَنِ، وَأَمَرَنِي أَنْ آخُذَ مِنْ كُلِّ حَالِمٍ دِينَارًا أَوْ عِدْلَهُ مَعَافِرَ» وَقَدْ أَخْرَجَاهُ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ مِنْ حَدِيثِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ
18527 -
وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ حَدِيثَ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ، وَذَكَرَ حَدِيثَ الْأَعْمَشِ
18528 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ
⦗ص: 374⦘
، عَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ضَرَبَ عَلَى نَصْرَانِيٍّ بِمَكَّةَ يُقَالُ لَهُ: مَوْهِبٌ، دِينَارًا كُلَّ سَنَةٍ، وَأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ضَرَبَ عَلَى نَصَارَى أَيْلَةَ ثَلَاثَمِائَةِ دِينَارٍ كُلَّ سَنَةٍ، وَأَنْ يُضَيِّفُوا مَنْ مَرَّ بِهِمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ثَلَاثًا، وَلَا يَغِشُّوا مُسْلِمًا "
18529 -
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُمْ كَانُوا يَوْمَئِذٍ ثَلَاثَمِائَةٍ، فَضَرَبَ عَلَيْهِمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثَمِائَةِ دِينَارٍ كُلَّ سَنَةٍ
18530 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ وَحْدَهُ: ثُمَّ صَالَحَ أَهْلَ نَجْرَانَ عَلَى حُلَلٍ يُؤَدُّونَهَا إِلَيْهِ، فَدَلَّ صُلْحُهُ إِيَّاهُمْ عَلَى غَيْرِ الدَّنَانِيرِ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ مَا صَالَحُوا عَلَيْهِ
18531 -
قَالَ أَحْمَدُ رُوِّينَا عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرَشِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:«صَالَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَهْلَ نَجْرَانَ عَلَى أَلْفَيْ حُلَّةٍ، النِّصْفُ فِي صَفَرٍ، وَالنِّصْفُ فِي رَجَبٍ، يُؤَدُّونَهَا إِلَى الْمُسْلِمِينَ، وَعَارِيَةٍ ثَلَاثِينَ دِرْعًا، وَثَلَاثِينَ فَرَسًا، وَثَلَاثِينَ بَعِيرًا، وَثَلَاثِينَ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ مِنْ أَصْنَافِ السِّلَاحِ يَغْزُونَ بِهَا ضَامِنُونَ لَهَا حَتَّى يَرُدُّوهَا عَلَيْهِمْ إِنْ كَانَ بِالْيَمَنِ كَيْدٌ، عَلَى أَنْ لَا تُهْدَمَ لَهُمْ بَيْعَةٌ، وَلَا يُخْرَجُ لَهُمْ قَسٌّ، وَلَا يُفْتَنُونَ عَنْ دِينِهِمْ مَا لَمْ يُحْدِثُوا حَدَثًا أَوْ يَأْكُلُوا الرِّبَا» أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا مُصَرِّفُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا يُونُسُ - يَعْنِي ابْنَ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ نَصْرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، فَذَكَرَهُ
18532 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَصَالَحَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَهْلَ الشَّامِ عَلَى أَرْبَعَةِ دَنَانِيرَ «
⦗ص: 375⦘
18533 -
وَرَوَى عَنْهُ بَعْضُ الْكُوفِيِّينَ أَنَّهُ صَالَحَ الْمُوسِرَ مِنْ ذِمَّتِهِمْ عَلَى ثَمَانِيَةٍ وَأَرْبَعِينَ، وَالْوَسَطُ عَلَى أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ، وَالَّذِي دُونَهُ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ فَلَا بَأْسَ بِمَا صَالَحَ عَلَيْهِ أَهْلَ الذِّمَّةِ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ هَذَا، إِذَا كَانَ الْعَقْدُ عَلَى شَيْءٍ مُسَمًّى بِعَيْنِهِ
18534 -
وَذَكَرَ فِي الْقَدِيمِ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْبَغْدَادِيِّ عَنْهُ حَدِيثَ رَوْحِ بْنِ عُبَادَةَ السَّهْمِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ،» جَعَلَ عَلَى الْغَنِيِّ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ ثَمَانِيَةً وَأَرْبَعِينَ، وَعَلَى الْوَسَطِ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ، وَعَلَى الْفَقِيرِ اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا «
18535 -
وَذَكَرَ حَدِيثَ ابْنِ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ أَسْلَمَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ» ضَرَبَ عَلَى أَهْلِ الشَّامْ أَرْبَعَةَ دَنَانِيرَ وَمُدَّيْنِ مِنْ قَمْحٍ، وَعَلَى أَهْلِ مِصْرَ أَرْبَعَةَ دَنَانِيرَ وَإِرْدَبًّا مِنْ قَمْحٍ، وَعَلَى أَهْلِ الْعِرَاقِ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا وَخَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا مِنْ حِنْطَةٍ "
18536 -
وَذَكَرَ حَدِيثَ شَبَابَةَ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ لِعُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ:«وَاللَّهِ لَا تَجْهَدُهُمْ إِنْ أَخَذْتَ مِنْ كُلِّ جَرِيبٍ قَفِيزًا وَدِرْهَمًا، وَكَانَ عَلَيْهِمْ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ فَجَعَلَهَا خَمْسِينَ»
⦗ص: 376⦘
18537 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ عُمَرَ، كَانَ إِذَا اسْتَغْنَى أَهْلُ السَّوَادِ زَادَ عَلَيْهِمْ، وَإِذَا افْتَقَرُوا وَضَعَ عَنْهُمْ
18538 -
وَهَذَا مُنْقَطِعٌ، وَكَذَلِكَ حَدِيثُ أَبِي مِجْلَزٍ
18539 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ بَعْدَ بَسْطِ الْكَلَامِ عَلَى هَذِهِ الْأَخْبَارِ: وَذَلِكَ أَنَّ عُمَرَ لَمْ يُصَالِحْ أَهْلَ السَّوَادِ عَلَى شَيْءٍ مَعْلُومٍ إِلَّا أَهْلَ الْحِيرَةِ فَإِنَّهُمْ صُولِحُوا عَلَى شَيْءٍ مَعْلُومٍ، صَالَحَهُمْ عَلَيْهِ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فَلَمْ يَزِدْ فِيهِ وَلَمْ يَنْقُصْ مِنْهُ
الضِّيَافَةُ فِي الصُّلْحِ
18540 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَيَرْوُونَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم جَعَلَ عَلَى نَصَارَى أَيْلَةَ جِزْيَةً دِينَارًا عَلَى كُلِّ إِنْسَانٍ، وَضِيَافَةَ مَنْ مَرَّ بِهِمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَتِلْكَ زِيَادَةٌ عَلَى الدِّينَارِ، فَإِنْ بَذَلَ أَهْلُ الذِّمَّةِ أَكْثَرَ مِنْ دِينَارٍ بَالِغًا مَا بَلَغَ كَانَ الِازْدِيَادُ لِلْمُسْلِمِينَ أَحَبَّ إِلَيَّ "
18541 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَدْ صَالَحَ عُمَرُ أَهْلَ الشَّامِ عَلَى أَرْبَعَةِ دَنَانِيرَ وَضِيَافَةٍ
18542 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ أَسْلَمَ، مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّ عُمَرَ، «ضَرَبَ الْجِزْيَةَ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَرْبَعَةَ دَنَانِيرَ، مَعَ ذَلِكَ أَرْزَاقُ الْمُسْلِمِينَ وَضِيَافَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ»
18543 -
سَقَطَ مِنْ مَتْنِ الْحَدِيثِ: وَعَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا، ثُمَّ قَالَ: وَمَعَ ذَلِكَ أَرْزَاقُ الْمُسْلِمِينَ وَضِيَافَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ
18544 -
أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، فِيمَا قَرَأَ عَلَى مَالِكٍ، فَذَكَرَهُ بِتَمَامِهِ
18545 -
وَكَلَامُ الشَّافِعِيِّ بَعْدَ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ رَوَاهُ فِي الْحَدِيثِ فَسَقَطَ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ إِلَيْهِ
⦗ص: 378⦘
18546 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ «ضَرَبَ عَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ ثَمَانِيَةً وَأَرْبَعِينَ عَلَى أَهْلِ الْيُسْرِ، وَعَلَى الْأَوْسَاطِ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ، وَعَلَى مَنْ دُونِهِمَا اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا»
18547 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهَذَا فِي الدَّرَاهِمْ أَشْبَهُ بِمَذْهَبِ عُمَرَ لِأَنَّهُ عَدَلَ الدَّرَاهِمَ فِي الدِّيَةِ اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا بِدِينَارٍ
18548 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، فَرَضَ عَلَى أَهْلِ السَّوَادِ ضِيَافَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَمَنْ حَبَسَهُ مَرَضٌ أَوْ مَطَرٌ أَنْفَقَ مِنْ مَالِهِ "
18549 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَحَدِيثُ أَسْلَمَ بِضِيَافَةِ ثَلَاثٍ أَشْبَهُ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَعَلَ الضِّيَافَةَ ثَلَاثًا، وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جَعَلَهَا عَلَى قَوْمٍ ثَلَاثًا، وَعَلَى قَوْمٍ يَوْمًا وَلَيْلَةً، وَلَمْ يَجْعَلْ عَلَى الْآخَرِينَ ضِيَافَةً، كَمَا يَخْتَلِفُ صُلْحُهُ لَهُمْ، فَلَا يَرُدُّ بَعْضُ الْحَدِيثِ بَعْضًا
18550 -
قَالَ أَحْمَدُ: رُوِّيْنَا فِي حَدِيثِ أَبِي شُرَيْحٍ، وَأَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الضِّيَافَةُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، فَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ صَدَقَةٌ»
مَنْ تُرْفَعُ عَنْهُ الْجِزْيَةُ
؟
18551 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ بَعْدَ الِاحْتِجَاجِ بِالْكِتَابِ: وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «أَنْ لَا يُقْتَلَ النِّسَاءُ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ وَلَا الْوِلْدَانِ وَسِبَاهُمْ، وَكَانَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى خِلَافٍ بَيْنَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَالرِّجَالِ، وَلَا جِزْيَةَ عَلَى مَن لَمْ يَبْلُغْ مِنَ الرِّجَالِ، وَلَا عَلَى امْرَأَةٍ، وَكَذَلِكَ لَا جِزْيَةَ عَلَى مَغْلُوبٍ عَلَى عَقْلِهِ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ لَا دِينَ لَهُ يُمْسَكُ بِهِ وَتَرَكَ لَهُ الْإِسْلَامَ، وَكَذَلِكَ لَا جِزْيَةَ عَلَى مَمْلُوكٍ»
18552 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْهُ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ أَسْلَمَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَتَبَ:«أَنْ لَا تُؤْخَذَ الْجِزْيَةُ مِنَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ»
18553 -
وَذَكَرَ حَدِيثَ ابْنِ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ أَسْلَمَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، كَتَبَ إِلَى عُمَّالِهِ:«أَنْ لَا يَأْخُذُوا الْجِزْيَةَ مِنَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ، وَلَا يَأْخُذُوهَا إِلَّا مِمَّنْ جَرَتْ عَلَيْهِ الْمُوسَى»
18554 -
وَذَكَرَ حَدِيثَ أَبِي مُعَاوِيَةَ وَيَعْلَى بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ يَعْلَى: عَنْ مُعَاذٍ، وَقَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ:«إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ مُعَاذًا فَأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ كُلِّ حَالِمٍ دِينَارًا، أَوْ عِدْلَهُ مَعَافِرِيًّا»
18555 -
وَحَدِيثُ مُعَلَّى عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ مُعَاذٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ
18556 -
قَالَ أَحْمَدُ: أَمَّا حَدِيثُ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ فَقَدْ ذَكَرْنَا إِسْنَادَهُ فِي هَذَا الْكِتَابِ، وَحَدِيثُ أَبِي مُعَاوِيَةَ قَدْ ذَكَرْنَا إِسْنَادَهُ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ
18557 -
وَأَمَّا حَدِيثُ يَعْلَى بْنِ عُبَيْدٍ: فَأَخْبَرَنَاهُ ابْنُ بِشْرَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّزَّازُ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ، حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، فَذَكَرَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: قَالَ مُعَاذٌ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
18558 -
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ، أَنَّ فِيَ الْكِتَابِ الَّذِي عِنْدَهُمْ، وَهُوَ الْكِتَابُ الَّذِي كَتَبَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ:«وَعَلَى كُلِّ حَالِمٍ، ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى، حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ، دِينَارًا وَافِيًا، أَوْ عِوَضَهُ مِنَ الثِّيَابِ» ، فَحَدِيثٌ مُنْقَطِعٌ وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي الرِّوَايَةِ الْمَوْصُولَةِ عَنِ الزُّهْرِيِّ
18559 -
وَكَذَلِكَ حَدِيثُ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ، حِكَايَةً عَنْ كِتَابٍ، كَتَبَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى أَهْلِ الْيَمَنِ، فَهُوَ أَيْضًا مُنْقَطِعٌ، وَلَيْسَ مَعَهُمَا مَا يَشُدُّهُمَا
18560 -
وَقَدْ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْأَصْفَهَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ حَمْدَانَ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ أَسْلَمَ، مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، كَتَبَ إِلَى عُمَّالِهِ «أَنْ لَا يَضْرِبُوا الْجِزْيَةَ عَلَى النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ، وَلَا يَضْرِبُوهَا إِلَّا عَلَى مَنْ جَرَتْ عَلَيْهِ الْمُوسَى وَتُخْتَمَ فِي أَعْنَاقِهِمْ» ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ
الشَّرْطُ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ
18561 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: «إِذَا أَرَادَ الْإِمَامُ أَنْ يَكْتُبَ كِتَابَ صُلْحٍ عَلَى الْجِزْيَةِ كَتَبَ، فَحَكَيَا الْكِتَابَ»
18562 -
وَقَدْ نَقَلَهُ إِلَى الْمَبْسُوطِ وَذَكَرَ فِيهِ: عَلَى أَنَّ أَحَدًا مِنْهُمْ إِنْ ذَكَرَ مُحَمَّدًا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَوْ كِتَابَ اللَّهِ أَوْ دِينَهُ بِمَا لَا يَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرَهُ بِهِ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ ذِمَّةُ اللَّهِ عز وجل، وَعَلَى أَنَّ أَحَدًا مِنْ رِجَالِهِمْ إِنْ أَصَابَ مُسْلِمَةً بِزِنًا، وَذَكَرَ أَشْيَاءَ فِي مَعْنَى هَذَا، فَقَدْ نَقْضَ عَهْدَهُ، وَعَلَى أَنْ لَيْسَ لَكُمْ أَنْ تُظْهِرُوا فِي شَيْءٍ مِنْ أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ الصَّلِيبَ، وَلَا تَغْلِبُوا بِالشِّرْكِ، وَلَا تَبْنُوا كَنِيسَةً، وَلَا تَضْرِبُوا بِنَاقُوسٍ، وَسَاقَ الْكِتَابَ
18563 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ، «أَنَّ يَهُودِيَّةً كَانَتْ تَشْتُمُ النَّبِيَّ وَتَقَعُ فِيهِ فَخَنَقَهَا رَجُلٌ حَتَّى مَاتَتْ، فَأَبْطَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَمَهَا»
18564 -
وَفِي رِوَايَةِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْبَغْدَادِيِّ عَنِ الشَّافِعِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: لَمْ يَخْتَلِفْ أَهْلُ السِّيرَةِ عِنْدَنَا: ابْنُ إِسْحَاقَ، وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، وَجَمَاعَةٌ مِمَّنْ رَوَى السِّيرَةَ، أَنَّ بَنِي قَيْنُقَاعَ كَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُوَادَعَةٌ وَعَهْدٌ، فَأَتَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ إِلَى صَائِغٍ مِنْهُمْ لِيَصُوغَ لَهَا حُلِيًّا، وَكَانَتِ الْيَهُودُ مُعَادِيَةً لِلْأَنْصَارِ
⦗ص: 382⦘
، فَلَمَّا جَلَسَتْ عِنْدَ الصَّائِغِ عَمَدَ إِلَى بَعْضِ حَدَائِدِهِ، فَشَدَّ بِهِ أَسْفَلَ ذَيْلِهَا وَجَيْبَهَا وَهِيَ لَا تَشْعُرُ، فَلَمَّا قَامَتْ وَهِيَ فِي سُوقِهِمْ نَظَرُوا إِلَيْهَا مُنْكَشِفَةً، فَجَعَلُوا يَضْحَكُونَ مِنْهَا وَيَسْخَرُونَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «فَنَابَذَهُمْ وَجَعَلَ ذَلِكَ مِنْهُمْ نَقْضًا لِلْعَهْدِ»
18565 -
قَالَ فِي قِصَّةِ بَنِي النَّضِيرِ حِينَ جَلَاهُمْ: وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهُ أَتَاهُمْ فِي عَقْلِ الْكِلَابِيَّيْنِ، ائْتَمَرُوا أَنْ يُلْقُوا عَلَيْهِ حَجَرًا مِنْ فَوْقِ بَيْتٍ، فَأَطْلَعَهُ اللَّهُ عَلَى خِيَانَتِهِمْ وَمَا أَرَادُوا مِنْ ذَلِكَ، فَحَارَبَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَجْلَاهُمْ
18566 -
وَمَا صَنَعَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابٍ رضي الله عنه فِي الْيَهُودِيِّ الَّذِي اسْتَكْرَهَ الْمَرْأَةَ فَوَطَأَهَا، فَأَمَرَ بِهِ فَصُلِبَ وَقَالَ: مَنْ فَعَلَ مِنْهُمْ هَذَا فَلَا عَهْدَ لَهُ
18567 -
وَذَكَرَ حَدِيثَ ابْنِ عُلَيَّةَ، عَنْ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ أَشْوَعَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ يَهُودِيًّا نَخَسَ بِامْرَأَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَهِيَ عَلَى دَابَّةٍ فَلَمْ تَقَعْ، ثُمَّ حَثَى عَلَيْهَا التُّرَابَ يُرِيدُهَا عَلَى نَفْسِهَا، فَضَرَبَهُ عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ، فَأَتَى الْيَهُودِيُّ عُمَرَ فَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ، فَقَالَ:«هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ لَهُمْ عَهْدٌ مَا وَفَّوْا، فَإِذَا بَدَّلُوا فَلَا عَهْدَ لَهُمْ»
18568 -
وَذَكَرَ حَدِيثَ ابْنِ الْمُبَارَكِ، وَقَدْ: أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدِ بْنُ يَحْيَى السُّكَّرِيُّ فِي آخَرِينَ، قَالُوا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ رُفَيْعٍ، عَنْ حَرَامِ بْنِ مُعَاوِيَةَ قَالَ: كَتَبَ إِلَيْنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابٍ رضي الله عنه: «أَنْ أَدِّبُوا الْخَيْلَ وَلَا يُرْفَعَنَّ بَيْنَ ظَهْرَانَيْكُمُ الصَّلِيبُ، وَلَا يُجَاوِرَنَّكُمُ الْخَنَازِيرُ»
18569 -
ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ قَالَ: كَتَبَ إِلَى أَهْلِ الشَّامِ
18570 -
وَذَكَرَ حَدِيثًا عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: أَلَّا يُظْهِرُوا الْخَمْرَ
18571 -
قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: فَرَأَيْتُ قَوْمًا تَعَدَّوْا فِي حَمْلِهَا فَحُرِقَتْ زِقَاقُهُمْ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي جُمْلَةِ مَا يَشْتَرِطُ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ: وَأَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ هَيْئَاتِهِمْ فِي الْمَلْبَسِ وَالْمَرْكَبِ وَبَيْنَ هَيْئَاتِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَنْ يَعْقِدُوا الزَّنَانِيرَ فِي أَوْسَاطِهِمْ
18572 -
وَهَذَا لِمَا رَوَيْنَا فِي الثَّابِتِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى أُمَرَاءِ الْأَجْنَادِ:«أَنِ اخْتِمُوا رِقَابَ أَهْلِ الْجِزْيَةِ فِي أَعْنَاقِهِمْ»
18573 -
وَرُوِيَ عَنْهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى أُمَرَاءِ الْأَجْنَادِ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَخْتِمُوا فِي رِقَابِ أَهْلِ الْجِزْيَةِ بِالرَّصَاصِ، وَيُصْلِحُوا مَنَاطِقَهُمْ يَعْنِي بِالزَّنَانِيرِ، وَيَجِزُّوا نَوَاصِيَهُمْ، وَيَرْكَبُوا عَلَى الْأُكُفِّ عَرْضًا، وَلَا يَتَشَبَّهُوا بِالْمُسْلِمِينَ فِي رُكُوبِهِمْ
الْوَصَاةُ بِأَهْلِ الذِّمَّةِ خَيْرًا
18574 -
رَوَيْنَا فِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّهُ قَالَ:«أُوصِي الْخَلِيفَةَ مِنْ بَعْدِي بِأَهْلِ الذِّمَّةِ خَيْرًا، أَنْ يُوفِيَ لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ، وَأَنْ يُقَاتِلَ مِنْ وَرَائِهِمْ، وَأَنْ لَا يُكَلَّفُوا فَوْقَ طَاقَتِهِمْ»
18575 -
وَرُوِّينَا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «إِلَّا مَنْ ظَلَمَ مُعَاهَدًا، أَوِ انْتَقَصَهُ أَوْ كَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ، أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ، فَأَنَا حَجِيجُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَهُ ذِمَّةُ اللَّهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ رِيحَ الْجَنَّةِ»
سُكْنَى الْحِجَازِ
18576 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِنْ سَأَلَ مَنْ يُؤْخَذُ مِنْهُ الْجِزْيَةَ أَنْ يُعْطِيَهَا وَيَجْرِي عَلَيْهِ الْحُكْمُ عَلَى أَنْ يَسْكُنَ الْحِجَازَ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ
18577 -
وَالْحِجَازُ: مَكَّةُ، وَالْمَدِينَةُ، وَالْيَمَامَةُ وَمَخَالِفُهَا كُلُّهَا؛ لِأَنَّ تَرْكَهُمْ سُكْنَى الْحِجَازِ مَنْسُوخٌ
18578 -
وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَثْنَى عَلَى أَهْلِ خَيْبَرَ حِينَ عَامَلَهُمْ فَقَالَ: «أُقِرُّكُمْ مَا أَقَرَّكُمُ اللَّهُ» ، ثُمَّ أَمَرَنَا بِإِجْلَائِهِمْ مِنَ الْحِجَازِ
18579 -
ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ: يَحْتَمِلُ أَمْرُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِإِجْلَائِهِمْ مِنْهَا أَنْ لَا يَسْكُنُوهَا
18580 -
وَيَحْتَمِلُ لَوْ ثَبَتَ عَنْهُ «لَا يَبْقَيَنَّ دِينَانِ بِأَرْضِ الْعَرَبِ» لَا يَبْقَيَنَّ دِينَانِ مُقِيمَانِ
⦗ص: 386⦘
وَلَوْلَا أَنَّ عُمَرَ وَلِيَ إِخْرَاجَ أَهْلِ الذِّمَّةِ بِمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَنَّ أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَحْتَمِلُ مَا رَأَى عُمَرُ مِنْ أَجْلِ أَنَّ مَنْ قَدِمَ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ تَاجِرًا لَا يُقِيمُ فِيهَا بَعْدَ ثَلَاثٍ، لَرَأَيْتُ أَنْ لَا يُصَالَحُوا بِدُخُولِهَا بِكُلِّ حَالٍ
18581 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، فَانْقَطَعَ الْحَدِيثُ مِنَ الْأَصْلِ، وَكَأَنَّهُ تَرَكَهُ لِشَكٍّ عَرَضَ لَهُ، فَالْحَدِيثُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ أَسْلَمَ مَوْلَى عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ «ضَرَبَ لِلْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسِ بِالْمَدِينَةِ إِقَامَةَ ثَلَاثِ لَيَالٍ يَتَسُوَّقُونَ بِهَا وَيَقْضُونَ حَوَائِجَهُمْ، وَلَا يُقِيمُ أَحَدٌ مِنْهُمْ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ»
18582 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَمْ أَعْلَمْ أَحَدًا أَجْلَى أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ مِنَ الْيَمَنِ، وَقَدْ كَانَتْ بِهَا ذِمَّةٌ وَلَيْسَتِ الْيَمَنُ بِحِجَازٍ
18583 -
أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ السُّكَّرِيُّ، مِنْ أَصْلِهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«أَخْرِجُوا الْيَهُودَ، وَالنَّصَارَى مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، لَا يَبْقَى فِيهَا إِلَّا مُسْلِمٌ»
⦗ص: 387⦘
رَوَاهُ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ
18584 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَقَدْ رَوَيْنَا فِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي مَرَضِهِ:«أَخْرِجُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ»
18585 -
وَقَالَ فِي رِوَايَةِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَابْنِ شِهَابٍ مُنْقَطِعًا:«لَا يَبْقَيَنَّ دِينَانِ بِأَرْضِ الْعَرَبِ»
18586 -
وَالْمُرَادُ بِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، أَرْضُ الْحِجَازِ خَاصَّةً، لِمَا رَوَيْنَا فِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ أَجْلَى الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ
18587 -
وَرُوِّينَا فِي حَدِيثِ سَمُرَةَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ قَالَ: آخِرُ
⦗ص: 389⦘
مَا تَكَلَّمَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَنْ أَخْرِجُوا يَهُودَ الْحِجَازِ، وَأَهْلَ نَجْرَانَ، مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ شَرَّ عِبَادِ اللَّهِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا قُبُورَهُمْ مَسَاجِدَ» أَخْبَرَنَاهُ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ: حَدَّثَنِي سَعْدُ بْنُ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ، فَذَكَرَهُ
18588 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَأَمَّا الرُّسُلُ وَمَنْ أَرَادَ الْإِسْلَامَ فَلَا يُمْنَعُونَ مِنَ الْحِجَازِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} [التوبة: 6]
الذِّمِّيُّ إِذَا اتَّجَرَ فِي غَيْرِ بَلَدِهِ
18589 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَدْ ذُكِرَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، أَنَّهُ أَمَرَ فِيمَا ظَهَرَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَأَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُمْ شَيْءٌ وَقَّتَهُ، وَأَمَرَ أَنْ يُكْتَبَ لَهُمْ بَرَاءَةٌ إِلَى مِثْلِهِ مِنَ الْحَوْلِ، وَلَوْلَا أَنَّ عُمَرَ أَخَذَهُ مِنْهُمْ مَا أَخَذْنَاهُ مِنْهُمْ
18590 -
فَهُوَ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ أَخْذُهُ إِيَّاهُ مِنْهُمْ عَلَى سَبِيلِ صُلْحٍ أَنَّهُمْ إِذَا اتَّجُرُوا أَخَذَ مِنْهُمْ
18591 -
ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُمْ كَمَا أَخَذَ عُمَرُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ رُبْعُ الْعُشْرِ، وَمِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ نِصْفُ الْعُشْرِ، وَمِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ الْعُشْرُ اتِّبَاعًا لَهُ عَلَى مَا أَخَذَ لَا يُخَالِفُهُ
18592 -
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ، أَخْبَرَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ بِلَالٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ الرَّبِيعِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ:«أَمَرَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَنْ آخُذَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ رُبُعَ الْعُشْرِ، وَمِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ نِصْفَ الْعُشْرِ، وَمِمَّنْ لَا ذِمَّةَ لَهُ الْعُشْرَ»
18593 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، «كَانَ يَأْخُذُ مِنَ النَّبَطِ مِنَ الْحِنْطَةِ وَالزَّيْتِ نِصْفَ الْعُشْرِ، يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنْ يُكْثِرَ الْحَمْلَ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَيَأْخُذُ مِنَ الْقِطْنِيَّةِ الْعُشْرَ»
18594 -
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، أَنَّهُ قَالَ:«كُنْتُ عَامِلًا مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَلَى سُوقِ الْمَدِينَةِ فِي زَمَانِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ،» وَكَانَ يَأْخُذُ مِنَ النَّبَطِ الْعُشْرَ "
18595 -
زَادَ أَبُو سَعِيدٍ فِي رِوَايَتِهِ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَعَلَّ السَّائِبَ حَكَى أَمْرَ عُمَرَ أَنْ يُؤْخَذَ مِنَ النَّبَطِ الْعُشْرَ فِي الْقِطْنِيَّةِ كَمَا حَكَى سَالِمٌ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ، فَلَا يَكُونَانِ مُخْتَلِفَيْنِ، أَوْ يَكُونُ السَّائِبُ حَكَى الْعُشْرَ فِي وَقْتٍ آخَرَ، فَيَكُونُ أَخَذَ مِنْهُمْ مَرَّةً فِي الْحِنْطَةِ وَالزَّيْتِ عُشْرًا وَمَرَّةً نِصْفَ الْعُشْرِ، وَلَعَلَّهُ كُلَّهُ بِصُلْحٍ يُحْدِثُهُ فِي وَقْتٍ بِرِضَاهُ وَرِضَاهُمْ
الْمُشْرِكُ لَا يَدْخُلُ الْحَرَمَ
18596 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} [التوبة: 28]، فَسَمِعْتُ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُ: الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ: الْحَرَمُ
18597 -
وَبَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا يَنْبَغِي لِمُسْلِمٍ أَنْ يُؤَدِّيَ الْخَرَاجَ، وَلَا لِمُشْرِكٍ أَنْ يَدْخُلَ الْحَرَمَ»
18598 -
وَسَمِعْتُ عَدَدًا مِنْ أَهْلِ الْمَغَازِي يَرْوُونَ أَنَّهُ كَانَ فِي رِسَالَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَجْتَمِعْ مُسْلِمٌ وَمُشْرِكٌ فِي الْحَرَمِ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا»
18599 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَقَدْ رَوَيْنَا فِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ: بَعَثَنِي أَبُو بَكْرٍ فِيمَنْ يُؤَذِّنُ يَوْمَ النَّحْرِ بِمِنًى أَنْ لَا يَحُجَّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ، وَأَنْ لَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ
18600 -
قَالَ: وَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل فِي الْعَامِ الَّذِي نَبَذَ فِيهِ أَبُو بَكْرٍ إِلَى الْمُشْرِكِينَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} [التوبة: 28]
⦗ص: 393⦘
18601 -
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ الْمُزَنِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ: أَخْبَرَنِي شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، فَذَكَرَهُ وَزَادَ:" وَيَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ: يَوْمُ النَّحْرِ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي الْيَمَانِ
18602 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ النَّيْسَابُورِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ النَّضْرَوِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ نَجْدَةَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيُّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ يُثَيْعٍ قَالَ: سَأَلْتُ عَلِيًّا: بَأَيِّ شَيْءٍ بُعِثْتَ؟ قَالَ: " بِأَرْبَعٍ: أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مُؤْمِنَةٌ، وَلَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ، وَلَا يَجْتَمِعُ مُسْلِمٌ وَمُشْرِكٌ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا فِي الْحَجِّ، وَمَنْ كَانَ لَهُ عَهْدٌ فَعَهْدُهُ إِلَى مُدَّتِهِ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَهْدٌ فَأَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ "
الْحَرْبِيُّ إِذَا لَجَأَ إِلَى الْحَرَمِ
18603 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: " وَلَوْ أَنَّ قَوْمًا مِنْ أَهْلِ دَارِ الْحَرْبِ لَجَأُوا إِلَى الْحَرَمِ أُخِذُوا كَمَا يُؤْخَذُونَ فِي غَيْرِ الْحَرَمِ، وَحُكِّمَ فِيهِمْ مِنَ الْقَتْلِ وَغَيْرِهِ كَمَا يُحَكَّمُ فِيمَنْ كَانَ فِي غَيْرِ الْحَرَمِ
18604 -
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: وَكَيْفَ زَعَمْتَ أَنَّ الْحَرَمَ لَا يَمْنَعُهُمْ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَكَّةَ: «هِيَ حَرَامٌ بِحَرَامِ اللَّهِ، لَمْ تَحْلِلْ لِأَحَدٍ قَبْلِي، وَلَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدِي، وَلَمْ تَحْلِلْ لِي إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، وَهِيَ سَاعَتُنَا هَذِهِ» ؟
18605 -
قِيلَ: إِنَّمَا مَعْنَى ذَلِكَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، أَنَّهَا لَمْ تَحْلِلْ أَنْ تَصُبَّ عَلَيْهَا الْحَرْبَ حَتَّى تَكُونَ كَغَيْرِهَا
18606 -
فَإِنْ قَالَ: مَا دَلَّ عَلَى مَا وَصَفْتَ؟
18607 -
قِيلَ: أَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَمَا قُتِلَ عَاصِمُ بْنُ ثَابِتٍ وَخُبَيْبٌ بِقَتْلِ
⦗ص: 395⦘
أَبِي سُفْيَانَ فِي دَارِهِ بِمَكَّةَ غِيلَةً إِنْ قُدِرَ عَلَيْهِ، وَهَذَا فِي الْوَقْتِ الَّذِي كَانَتْ فِيهِ مُحَرَّمَةً، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا لَا تَمْنَعُ أَحَدًا مِنْ شَيْءٍ وَجَبَ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا تَمْنَعُ مِنْ أَنْ تَنْصِبَ عَلَيْهَا الْحَرْبَ كَمَا تَنْصِبُ عَلَى غَيْرِهَا "
18608 -
أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا أَبُو النَّضْرِ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ
⦗ص: 396⦘
، فَلَمَّا نَزَعَهُ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ ابْنَ خَطَلٍ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«اقْتُلُوهُ» أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ
18609 -
وَفِي رِوَايَةِ حَرْمَلَةَ عَنِ الشَّافِعِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ مَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ غَيْرَ مُحْرِمٍ
18610 -
وَقَدْ رَوَاهُ غَيْرُهُ أَيْضًا عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَالِكٍ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَخَذَهُ عَنْ مَالِكٍ، عَلَى اللَّفْظِ الْأَوَّلِ، وَأَخَذَهُ عَنْ سُفْيَانَ، عَلَى مَا رَوَاهُ عَنْهُ
18611 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله فِي كِتَابِ حَرْمَلَةَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ، عَنْ أَبِيهِ مُطِيعٍ، وَكَانَ مِنْ عُصَاةِ قُرَيْشٍ، وَلَمْ يَكُنْ أَدْرَكَ الْإِسْلَامَ مِنْ عُصَاةِ قُرَيْشٍ غَيْرُهُ فَسَمَّاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَكَانَ الْعَاصِ مُطِيعًا قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ عَامَ الْفَتْحِ: «لَا يُقْتَلُ قُرَشِيُّ صَبْرًا بَعْدَ الْيَوْمِ»
18612 -
قَالَ سُفْيَانُ: يَعْنِي عَلَى الْكُفْرِ أَخْبَرَنَاهُ أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ مَطَرٍ، أَخْبَرَنَا هَارُونُ بْنُ يُوسُفَ
⦗ص: 397⦘
بْنِ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ زَكَرِيَّا، فَذَكَرَهُ، إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ قَوْلَ سُفْيَانَ
18613 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَحَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ مَالِكِ بْنِ الْبَرْصَاءِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تُغْزَى مَكَّةُ بَعْدَ هَذَا الْيَوْمِ أَبَدًا» أَخْبَرَنَاهُ أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْفَقِيهُ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الْفَرَّاءُ قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ
هَدَايَا الْمُشْرِكِينَ
18614 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ حَرْمَلَةَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُدْعَانَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: أَهْدَى أُكَيْدِرُ دُومَةَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم جُبَّةً فَتَعَجَّبَ النَّاسُ مِنْ حُسْنِهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«لَمَنَادِيلُ سَعْدٍ فِي الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنْهَا» أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ
18615 -
وَالْحَدِيثُ ثَابِتٌ مِنْ جِهَةِ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ،
18616 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْهُ: قَدْ كَانَتِ الْمُلُوكُ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ يُهْدُونَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَيَقْبَلُ مِنْهُمْ قَدْ أَهْدَى أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَدَمًا فَقَبِلَ مِنْهُ، وَأَهْدَى إِلَيْهِ صَاحِبُ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ مَارِيَةَ أُمَّ إِبْرَاهِيمَ فَقَبِلَهَا، وَغَيْرُهُمَا قَدْ أَهْدَى إِلَيْهِ وَلَمْ يَجْعَلْ ذَلِكَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ
⦗ص: 399⦘
18617 -
قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ رُوِّينَا فِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ، أَنَّ مَلِكَ أَيْلَةَ أَهْدَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَغْلَةً بَيْضَاءَ، فَكَسَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بُرْدَةً
18618 -
وَرُوِّينَا فِي حَدِيثِ بِلَالٍ فِيمَا أَهْدَى إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَظِيمُ فَدَكٍ مِنْ رَكَائِبَ عَلَيْهِنَّ كِسْوَةٌ وَطَعَامٌ، وَقَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«فَاقْبِضْهُنَّ وَاقْضِ دَيْنَكَ» ، يُرِيدُ مَا اسْتَدَانَ لِأَجْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
18619 -
وَرَوَى ثُوَيْرُ بْنُ أَبِي فَاخِتَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ:«أَهْدَى كِسْرَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَبِلَ مِنْهُ وَأَهْدَى لَهُ الْمُلُوكُ فَقَبِلَ مِنْهُمْ»
18620 -
وَفِي رِوَايَاتِ ثُوَيْرٍ نَظَرٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
18621 -
وَأَمَّا حَدِيثُ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ قَالَ: أَهْدَيْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:«أَسْلَمْتَ؟» ، قُلْتُ: لَا قَالَ: «إِنِّي نُهِيتُ عَنْ زَبْدِ الْمُشْرِكِينَ»
18622 -
فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى التَّنَزُّهِ عَنْهُ، أَوْ فَعَلَ ذَلِكَ لَعَلَّهُ يُسْلِمُ لِمَا يَلْحَقُهُ مِنَ الْغَضَاضَةِ بِرَدِّ هَدِيَّتِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
بَابُ نَصَارَى الْعَرَبِ
18623 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: «صَالَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُكَيْدِرًا الْغَسَّانِيَّ، وَكَانَ نَصْرَانِيًّا عَرَبِيًّا، عَلَى الْجِزْيَةِ، وَصَالَحَ نَصَارَى نَجْرَانَ عَلَى الْجِزْيَةِ، فَهُمْ عَرَبٌ وَعَجَمٌ، وَصَالَحَ ذِمَّةَ الْيَمَنِ عَلَى الْجِزْيَةِ وَفِيهِمْ عَرَبٌ وَعَجَمٌ»
18624 -
وَاخْتَلَفَتِ الْأَخْبَارُ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه فِي نَصَارَى الْعَرَبِ مِنْ تَنُوخَ وَبَهْرَاءَ وَبَنِي تَغْلِبَ، فَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ صَالَحَهُمْ عَلَى أَنْ يُضَاعِفَ عَلَيْهِمُ الصَّدَقَةَ وَلَا يُكْرَهُوا عَلَى غَيْرِ دِينِهِمْ، وَلَا يَصْبُغُوا أَبْنَاءَهُمْ فِي النَّصْرَانِيَّةِ، وَعَلِمْنَا أَنَّهُ كَانَ يَأْخُذُ جِزْيَتَهُمْ نَعَمًا
18625 -
ثُمَّ رَوَى أَنَّهُ قَالَ بَعْدُ: مَا نَصَارَى الْعَرَبِ بِأَهْلِ الْكِتَابِ، فَذَكَرَ مَا: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ الْفَلَحَةِ مَوْلَى عُمَرَ أَوِ ابْنِ سَعْدٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ:«مَا نَصَارَى الْعَرَبِ بِأَهْلِ الْكِتَابِ، وَمَا تَحِلُّ لَنَا ذَبَائِحُهُمْ، وَمَا أَنَا بِتَارِكِهِمْ حَتَّى يُسْلِمُوا أَوْ أَضْرِبَ أَعْنَاقَهُمْ»
18626 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله فِي رِوَايَتِنَا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ: فَأَرَى لِلْإِمَامِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُمُ الْجِزْيَةَ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَخَذَهَا مِنَ النَّصَارَى مِنَ الْعَرَبِ كَمَا
⦗ص: 401⦘
وَصَفْتُ، فَأَمَّا ذَبَائِحُهُمْ فَلَا أُجِيزُ أَكْلَهَا خَبَرًا عَنْ عُمَرَ وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَكَذَلِكَ لَا يَحِلُّ لَنَا نِكَاحُ نِسَائِهِمْ لِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ إِنَّمَا أَحَلَّ لَنَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ الَّذِينَ عَلَيْهِمْ نَزَلَ، وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِي ذَلِكَ، وَجَعَلَهُمْ شَبِيهًا بِالْمَجُوسِ
18627 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ سُفْيَانُ أَوْ عَبْدُ الْوَهَّابِ، أَوْ هُمَا، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ عَبِيدَةَ السَّلْمَانِيِّ قَالَ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: «لَا تَأْكُلُوا ذَبَائِحَ نَصَارَى بَنِي تَغْلِبَ، فَإِنَّهُمْ لَمْ يَتَمَسَّكُوا مِنْ نَصْرَانِيَّتِهِمْ أَوْ مِنْ دِينِهِمْ إِلَّا بِشُرْبِ الْخَمْرِ»
18628 -
الشَّكُّ مِنَ الشَّافِعِيِّ
18629 -
قَالَ أَحْمَدُ: رَوَاهُ فِي كِتَابِ تَحْرِيمِ الْجَمْعِ، عَنِ الثَّقَفِيِّ، وَلَمْ يُجَاوِزْ بِهِ عَبِيدَةَ، وَشَكَّ فِي تَبْلِيغِهِ بِهِ عَلِيًّا
18630 -
وَرَوَاهُ فِي كِتَابِ الضَّحَايَا عَنِ الثَّقَفِيِّ، وَقَالَ: عَنْ عَبِيدَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، لَمْ يَشُكَّ فِيهِ
18631 -
وَهُوَ فِيمَا: أَخْبَرَنَاهُ أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، فَذَكَرُوهُ بِإِسْنَادِهِ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ وَقَالَ: مِنْ دِينِهِمْ، لَمْ يَشُكَّ
18632 -
وَقَدْ رَوَاهُ هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ عَبِيدَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، فَهُوَ عَنْ عَلِيٍّ صَحِيحٌ
18633 -
وَذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْهُ مِنْ رِوَايَةِ هِشَامٍ
⦗ص: 402⦘
18634 -
وَذَكَرَ حَدِيثَ ابْنِ عُلَيَّةَ، عَنْ بُرْدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ، عَنْ غُضَيْفِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي السَّامِرَةِ أَنَّهُمْ يَسْبِتُونَ السَّبْتَ، وَيَقْرَءُونَ التَّوْرَاةَ، وَلَا يُؤْمِنُونَ بِالْبَعْثِ، فَكَتَبَ عُمَرُ:«إِنْ كَانُوا يَقْرَءُونَ التَّوْرَاةَ، وَيَسْبِتُونَ السَّبْتَ فَهُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ»
18635 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ الدِّيلِيِّ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ " سُئِلَ عَنْ ذَبَائِحِ نَصَارَى الْعَرَبِ، فَقَالَ:{وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} [المائدة: 51]
18636 -
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ، حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، فِيمَا قَرَأَ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ الدِّيلِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ " سُئِلَ عَنْ ذَبَائِحِ نَصَارَى الْعَرَبِ، فَقَالَ: " لَا بَأْسَ بِهَا، وَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ:{وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} [المائدة: 51] "
18637 -
وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ حَدِيثًا رَوَاهُ سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، وَحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، مِثْلَهُ، ثُمَّ قَالَ:«جَعَلَ اللَّهُ الْمُتَوَلِّي لِلْقَوْمِ مِنْهُمْ، فَمَنِ انْتَقَلَ إِلَى الْيَهُودِيَّةِ وَالنَّصْرَانِيَّةِ مِنَ الْعَرَبِ أُخِذَتْ مِنْهُ الْجِزْيَةُ وَتُؤْكَلُ ذَبِيحَتُهُ»
18638 -
وَقَدْ رَغِبَ عَنْ هَذَا فِي الْجَدِيدِ وَقَالَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَا: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا
⦗ص: 403⦘
الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: وَالَّذِي يُرْوَى مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَإِحْلَالِ ذَبَائِحِهِمْ، إِنَّمَا هُوَ مِنْ حَدِيثِ عِكْرِمَةَ، أَخْبَرَنِيهِ ابْنُ الدَّرَاوَرْدِيِّ، وَابْنُ أَبِي يَحْيَى، عَنْ ثَوْرٍ الدِّيلِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ ذَبَائِحِ نَصَارَى الْعَرَبِ، فَقَالَ قَوْلًا حَكَيَاهُ هُوَ إِحْلَالُهَا، وَتَلَا:" {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} [المائدة: 51] "
18639 -
وَلَكِنَّ صَاحِبَنَا سَكَتَ عَنِ اسْمِ عِكْرِمَةَ، وَثَوْرٌ لَمْ يَلْقَ ابْنَ عَبَّاسٍ
18640 -
قَالَ أَحْمَدُ: يُرِيدُ بِصَاحِبِنَا مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ،
18641 -
وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ، فَذَكَرَ فِيهِ عِكْرِمَةَ أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ بَالَوَيْهِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَزَّازُ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي مَالِكٌ، فَذَكَرَهُ،
18642 -
وَكَأَنَّهُ لَمْ يَرَ الِاحْتِجَاجَ بِرِوَايَةِ عِكْرِمَةَ فَلَمْ يَذْكُرِ اسْمَهُ فِي الْمُوَطَّأِ، وَهُوَ إِنْ صَحَّ فَقَدْ عَارَضَهُ قَوْلُ عَلِيٍّ وَعُمَرَ.
18643 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ فِي كِتَابِ الضَّحَايَا، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهُوَ لَوْ ثَبَتَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ كَانَ الْمَذْهَبُ إِلَى قَوْلِ عُمَرَ وَعَلِيٍّ أَوْلَى، وَمَعَهُ الْمَعْقُولُ،
18644 -
فَأَمَّا {مَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} [المائدة: 51] فَمَعْنَاهَا عَلَى غَيْرِ حُكْمِهِمْ
الصَّدَقَةُ
18645 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ رَجُلٍ، أَنَّ عُمَرَ «صَالَحَ نَصَارَى بَنِي تَغْلِبَ عَلَى أَنْ لَا يَصْبُغُوا أَبْنَاءَهُمْ، وَلَا يُكْرَهُوا عَلَى غَيْرِ دِينِهِمْ، وَأَنْ تُضَاعَفَ عَلَيْهِمُ الصَّدَقَةُ»
18646 -
قَالَ أَحْمَدُ: هَكَذَا رَوَاهُ، وَرَوَاهُ غَيْرُهُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ، عَنِ السَّفَّاحِ، هُوَ ابْنُ مَطَرٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ كُرْدُوسٍ، عَنْ عُمَرَ.
18647 -
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ:«لَا يَصْبُغُوا فِي دِينِهِمْ صَبِيًّا»
18648 -
وَقَدْ ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ رحمه الله فِي رِوَايَةِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْهُ فِيمَا بَلَغَهُ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: عَنْ دَاوُدَ بْنِ كُرْدُوسٍ، عَنْ أَبِيهِ.
18649 -
وَرَوَاهُ عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ السَّفَّاحِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ كُرْدُوسٍ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ التَّغْلِبِيِّ، أَنَّهُ قَالَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ بَنِي تَغْلِبَ مَنْ قَدْ عَلِمْتَ شَوْكَتَهُمْ، وَإِنَّهُمْ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ، فَإِنْ ظَاهَرُوا عَلَيْكَ الْعَدُوَّ وَاشْتَدَّتْ مُؤْنَتُهُمْ، فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُعْطِيَهُمْ شَيْئًا فَافْعَلْ، قَالَ: فَصَالَحَهُمْ
18650 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهَكَذَا حَفِظَ أَهْلُ الْمَغَازِي وَسَاقُوهُ أَحْسَنَ مِنْ هَذَا السِّيَاقِ فَقَالُوا: رَاضِهِمْ، فَقَالُوا: نَحْنُ عَرَبٌ لَا نُؤَدِّي مَا يُؤَدِّي الْعَجَمُ، وَلَكِنْ خُذْ مِنَّا كَمَا يَأْخُذُ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ، يَعْنُونَ الصَّدَقَةَ، فَقَالَ عُمَرُ:«لَا، هَذَا فَرْضٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ» ، فَقَالُوا: زِدْ مَا شِئْتَ بِهَذَا الِاسْمِ، لَا بِاسْمِ الْجِزْيَةِ، فَفَعَلَ، فَتَرَاضَى هُوَ وَهُمْ عَلَى أَنْ ضَعَّفَ عَلَيْهِمُ الصَّدَقَةَ
بَابُ الْمُهَادَنَةِ
18651 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: «فَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى قِتَالَ غَيْرِ أَهْلِ الْكِتَابِ حَتَّى يُسْلِمُوا، وَأَهْلِ الْكِتَابِ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ»
18652 -
وَقَالَ: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286] "
18653 -
فَهَذَا فَرْضٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مَا أَطَاقُوهُ فَإِذَا عَجَزُوا عَنْهُ كُلِّفُوا مِنْهُ مَا أَطَاقُوهُ
18654 -
فَلَا بَأْسَ أَنْ يَكُفُّوا عَنْ قِتَالِ الْفَرِيقَيْنِ، مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَأَنْ يُهَادِنُوهُمْ
18655 -
وَقَدْ كَفَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ قِتَالِ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْأَوْثَانِ بِلَا مُهَادَنَةٍ إِذِ انْتَاطَتْ دُورُهُمْ عَنْهُ مِثْلَ: بَنِي تَمِيمٍ، وَرَبِيعَةَ، وَأَسَدٍ، وَطَيِّئٍ، حَتَّى كَانُوا هُمُ الَّذِينَ أَسْلَمُوا
18656 -
وَهَادَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَاسًا،
18657 -
وَوَادَعَ حِينَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ يَهُودًا عَلَى غَيْرِ خَرْجٍ أَخَذَهُ مِنْهُمْ "، وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ
الْمُهَادَنَةُ عَلَى النَّظَرِ لِلْمُسْلِمِينَ
18658 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله فِي الْإِسْنَادِ الَّذِي ذَكَرْنَا: قَامَتِ الْحَرْبُ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقُرَيْشٍ، ثُمَّ أَغَارَتْ سَرَايَاهُ عَلَى أَهْلِ نَجْدٍ حَتَّى تَوَقَّى النَّاسُ لِقَاءَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَوْفًا لِلْحَرْبِ دُونَهُ مِنْ سَرَايَاهُ، وَإِعْدَادِ مَنْ يَعْدِلُهُ مِنْ عَدُوِّهِ بِنَجْدٍ، وَمَنَعَتْ مِنْهُ قُرَيْشٌ أَهْلَ تِهَامَةَ، وَمَنَعَ أَهْلُ نَجْدٍ مِنْهُ أَهْلَ نَجْدٍ وَالْمَشْرِقَ
18659 -
ثُمَّ اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عُمْرَةَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي أَلْفٍ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، فَسَمِعَتْ بِهِ قُرَيْشٌ فَجَمَعَتْ لَهُ، وَجَدَّتْ عَلَى مَنْعِهِ، وَلَهُمْ جُمُوعٌ أَكْبَرُ مِمَّنْ خَرَجَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِأَبِي وَأُمِّي هُوَ، فَتَدَاعَوَا الصُّلْحَ فَهَادَنَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى مُدَّةٍ، وَلَمْ يُهَادِنْهُمْ عَلَى الْأَبَدِ؛ لِأَنَّ قِتَالَهُمْ حَتَّى يُسْلِمُوا فَرْضٌ عَلَيْهِمْ إِذَا قَوِيَ عَلَيْهِمْ، وَكَانَتِ الْهُدْنَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ عَشْرَ سِنِينَ، وَنَزَلَ عَلَيْهِ فِي سَفَرِهِ فِي أَمْرِهِمْ:{إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [الفتح: 1]
18660 -
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَمَا كَانَ فِي الْإِسْلَامِ فَتْحٌ أَعْظَمُ مِنْهُ، وَكَانَتِ الْحَرْبُ قَدْ أَحْجَزَتِ النَّاسَ، فَلَمَّا أَمِنُوا لَمْ يُكَلَّمْ بِالْإِسْلَامِ أَحَدٌ يَعْقِلُ إِلَّا قَبِلَهُ، فَلَقَدْ أَسْلَمَ فِي سَنَتَيْنِ مِنْ تِلْكَ الْهُدْنَةِ أَكْثَرُ مِمَّنْ أَسْلَمَ قَبْلَ ذَلِكَ
18661 -
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ، وَالْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ فِي قِصَّةِ الْحُدَيْبِيَةِ قَالَ: فَدَعَتْ قُرَيْشٌ سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو، فَقَالُوا: اذْهَبْ إِلَى هَذَا الرَّجُلِ فَصَالِحْهُ، وَلَا يَكُنْ فِي صُلْحِهِ إِلَّا أَنْ يَرْجِعَ عَنَّا عَامَهُ هَذَا، لَا يُحَدِّثُ الْعَرَبُ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَيْنَا عَنْوَةً، فَخَرَجَ سُهَيْلٌ مِنْ عِنْدِهِمْ، فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُقْبِلًا قَالَ: «قَدْ أَرَادَ الْقَوْمُ الصُّلْحَ
⦗ص: 408⦘
حِينَ بَعَثُوا هَذَا الرَّجُلَ»، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَرَى بَيْنَهُمَا الْقَوْلُ حَتَّى وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى أَنْ تُوضَعَ الْحَرْبُ بَيْنَهُمَا عَشْرَ سِنِينَ، وَأَنْ يَأْمَنَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ، وَأَنْ يَرْجِعَ عَنْهُمْ عَامَهُمْ ذَلِكَ حَتَّى إِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ قَدِمَهَا خَلُّوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ، فَأَقَامَ بِهَا ثَلَاثًا، وَأَنَّهُ لَا يَدْخُلُهَا إِلَّا بِسِلَاحِ الرَّاكِبِ وَالسُّيُوفُ فِي الْقِرَبِ، وَأَنَّهُ مَنْ أَتَانَا مِنْ أَصْحَابِكَ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهِ لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكَ، وَأَنَّهُ مَنْ أَتَاكَ مِنَّا بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهِ رَدَدْتَهُ عَلَيْنَا، وَأَنَّ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ عَيْبَةً مَكْفُوفَةً، وَأَنَّهُ لَا إِسْلَالَ وَلَا إِغْلَالَ
18662 -
وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ، وَفِيهِ: ثُمَّ انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَاجِعًا، فَلَمَّا أَنْ كَانَ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ نَزَلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْفَتْحِ مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى آخِرِهَا:{إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [الفتح: 1]، وَكَانَتِ الْقِصَّةُ فِي سُورَةِ الْفَتْحِ وَمَا ذُكِرَ مِنْ بَيْعَةِ رَسُولِهِ تَحْتَ الشَّجَرَةِ، فَلَمَّا أَمِنَ النَّاسُ وَتَفَاوَضُوا لَمْ يُكَلَّمْ أَحَدٌ بِالْإِسْلَامِ إِلَّا دَخَلَ فِيهِ، فَلَقَدْ دَخَلَ فِي تَيْنِكَ السَّنَتَيْنِ فِي الْإِسْلَامِ أَكْثَرُ مِمَّا كَانَ دَخَلَ فِيهِ قَبْلَ ذَلِكَ، وَكَانَ صُلْحُ الْحُدَيْبِيَةِ فَتْحًا عَظِيمًا
18663 -
قَالَ أَحْمَدُ: رَجَعْنَا إِلَى إِسْنَادِ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ الشَّافِعِيُّ: ثُمَّ نَقَضَ بَعْضُ قُرَيْشٍ، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ غَيْرُهُ، وَلَمْ يَعْتَزِلْ دَارَهُ فَغَزَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ الْفَتْحِ مُخْفِيًا لِوَجْهِهِ، لَيُصِيبَ مِنْهُمْ غِرَّةً
18664 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يُهَادِنَ عَلَى النَّظَرِ إِلَى غَيْرِ مُدَّةٍ، وَلَكِنْ يُهَادِنُهُمْ عَلَى أَنَّ الْخِيَارَ إِلَيْهِ مَتَى شَاءَ أَنْ يَنْبِذَ إِلَيْهِ نَبْذًا، افْتَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
⦗ص: 409⦘
أَمْوَالَ خَيْبَرَ عَنْوَةً، وَكَانَ رِجَالُهَا وَذَرَارِيُّهَا إِلَّا أَهْلَ حِصْنٍ وَاحِدٍ صُلْحًا، فَصَالَحُوهُ عَلَى أَنْ يُقِرَّهُمْ مَا أَقَرَّهُمُ اللَّهُ يَعْمَلُونَ لَهُ وَلِلْمُسْلِمِينَ بِالشَّطْرِ مِنَ التَّمْرِ
18665 -
فَإِنْ قِيلَ: فَفِي هَذَا نَظَرٌ لِلْمُسْلِمِينَ؟ قِيلَ: نَعَمْ، كَانَتْ خَيْبَرُ وَسَطَ مُشْرِكِينَ، وَكَانَتْ يَهُودُ أَهْلَهَا وَمُخَالِفِينَ لِلْمُشْرِكِينَ حَوْلَهَا وَأَقْوِيَاءُ عَلَى مَنْعِهَا مِنْهُمْ، وَكَانَتْ وَبِئَةٌ لَا تُوطَأُ إِلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ فَكَفَوْهُمُ الْمُؤْنَةَ، وَلَمْ يَكُنْ بِالْمُسْلِمِينَ كَثْرَةٌ فَيَنْزِلَهَا مِنْهُمْ مَنْ يَمْنَعُهَا، فَلَمَّا كَثُرَ الْمُسْلِمُونَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِإِجْلَاءِ يَهُودِ الْحِجَازِ، فَثَبَتَ ذَلِكَ عِنْدَ عُمَرَ فَأَجْلَاهُمْ
18666 -
فَإِنْ قِيلَ: فَلِمَ لَا يَقُولُ: أُقِرُّكُمْ مَا أَقَرَّكُمُ اللَّهُ؟ قِيلَ: الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَنَّ أَمْرَ اللَّهِ عز وجل كَانَ يَأْتِي رَسُولَهُ بِالْوَحْي، وَلَا يَأْتِي أَحَدًا غَيْرَهُ بِوَحْي، وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِي خِلَالِ مَا نَقَلْتُ، وَإِنَّمَا نَقَلْتُ مَا عَقَلَهُ بِالْخَبَرِ، وَهَذَا اللَّفْظُ:«نُقِرُّكُمْ مَا أَقَرَّكُمُ اللَّهُ» فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
18667 -
وَرُوِيَ أَيْضًا فِي غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ
18668 -
وَقَدْ رُوِّينَا فِي حَدِيثِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، أَجْلَى الْيَهُودَ مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا ظَهَرَ عَلَى خَيْبَرَ أَرَادَ إِخْرَاجَ الْيَهُودِ مِنْهَا، وَكَانَتِ الْأَرْضُ حِينَ ظَهَرَ عَلَيْهَا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُسْلِمِينَ، فَأَرَادَ إِخْرَاجَ الْيَهُودِ مِنْهَا فَسَأَلَتِ الْيَهُودُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ يُقِرَّهُمْ بِهَا عَلَى أَنْ يُكْفَوْا عَمَلَهَا وَلَهُمْ نِصْفُ التَّمْرِ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «نُقِرُّكُمْ
⦗ص: 410⦘
بِهَا عَلَى ذَلِكَ مَا شِئْنَا»، فَقُرُّوا بِهَا حَتَّى أَجْلَاهُمْ عُمَرُ فِي إِمَارَتِهِ إِلَى تَيْمَا وَأَرِيحَا أَخْبَرَنَاهُ أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقَطَّانُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَزْهَرِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شُرَحْبِيلَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، فَذَكَرَهُ أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ
18669 -
وَرُوِيَ ذَلِكَ أَيْضًا عَنْ غَيْرِ مُوسَى، عَنْ نَافِعٍ
مُهَادَنَةُ مَنْ يُقْوَى عَلَى قِتَالِهِ
18670 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: " لَمَّا قَوِيَ أَهْلُ الْإِسْلَامِ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم مَرْجِعَهُ مِنْ تَبُوكَ: {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [التوبة: 1] فَأَرْسَلَ بِهَذِهِ الْآيَاتِ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَقَرَأَهَا عَلَى النَّاسِ فِي الْمَوْسِمِ، وَكَانَ فَرْضًا أَنْ لَا يُعْطِيَ لِأَحَدٍ مُدَّةً بَعْدَ هَذِهِ الْآيَاتِ إِلَّا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ؛ لِأَنَّهَا الْغَايَةُ الَّتِي فَرَضَهَا اللَّهُ عز وجل، وَجَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِصَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ لَمْ أَعْلَمْهُ زَادَ أَحَدًا بَعْدَ إِذْ قَوِيَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَقِيلَ: كَانَ الَّذِينَ عَاهَدُوا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَوْمًا مُوَادِعِينَ إِلَى غَيْرِ مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ، فَجَعَلَهَا اللَّهُ تَعَالَى أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، ثُمَّ جَعَلَهَا رَسُولُهُ صلى الله عليه وسلم كَذَلِكَ
18671 -
وَأَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم فِي قَوْمٍ عَاهَدَهُمْ إِلَى مُدَّةٍ قَبْلَ نُزُولِ الْآيَةِ أَنْ يُتِمَّ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ مَا اسْتَقَامُوا لَهُ، وَمَنْ خَافَ مِنْهُ خِيَانَةً نَبَذَ إِلَيْهِ أَنْ يَسْتَأْنِفَ مُدَّةً بَعْدَ نُزُولِ الْآيَةِ، وَبِالْمُسْلِمِينَ قُوَّةٌ أَكْبَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لِمَا وَصَفْتُ مِنْ فَرْضِ اللَّهِ فِيهِمْ وَمَا جَعَلَ رَسُولُهُ صلى الله عليه وسلم " قَالَ: وَلَا أَعْرِفُ كَمْ كَانَتْ مُدَّةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَمُدَّةُ مَنْ أَمَرَ أَنْ يُتِمَّ إِلَيْهِ عَهْدَهُ إِلَى مُدَّتِهِ "، وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ
18672 -
قَالَ أَحْمَدُ: إِنَّمَا بَلَغَنِي فِي هَذَا مَا: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنُ مَحْبُوبٍ الدَّهَّانُ، أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ اللَّبَّادُ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ بِلَالٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ، عَنِ الْكَلْبِيِّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي التَّفْسِيرِ قَالَ:«أَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَنْظُرَ، فَمَنْ كَانَ عَهْدُهُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ أَنْ يُقِرَّهُ إِلَى أَنْ يَمْضِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ، وَمَنْ كَانَ لَهُ مِنَ الْعَهْدِ أَكْبَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَمَنْ كَانَ لَهُ مِنَ الْعَهْدِ أَقَلُّ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ أَنْ يَرْفَعَهُ لَهُ فَيَجْعَلُهُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَهْدٌ أَنْ يَجْعَلَهُ خَمْسِينَ لَيْلَةً إِلَّا حَيًّا وَاحِدًا مِنْ بَنِي كِنَانَةَ ثُمَّ مِنْ بَنِي ضَمْرَةَ، كَانَ بَقِيَ لَهُمْ مِنْ عَهْدِهِمْ تِسْعَةُ أَشْهُرٍ لَمْ يَنْقُضُوهُ، فَأَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُتِمَّ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ، وَكَانُوا عَاهَدُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْعُمْرَةِ الَّتِي أُخْلِيَتْ لَهُ فِيهَا مَكَّةُ بَعْدَ الْحُدَيْبِيَةِ بِسَنَةٍ، عَاهَدُوهُ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ عِنْدَ الْبَيْتِ»
18673 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَا خَيْرَ فِي أَنْ يُعْطِيَهُمُ الْمُسْلِمُونَ شَيْئًا بِحَالٍ عَلَى أَنْ يَكُفُّوا عَنْهُمْ، وَاسْتَثْنَى حَالَ الضَّرُورَةِ، وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَدَا رَجُلًا بِرَجُلَيْنِ
18674 -
وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِمَا ذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ إِلَى عُيَيْنَةَ بْنِ حِصْنٍ، وَالْحَارِثِ بْنِ عَوْفٍ قَائِدَيْ غَطَفَانَ فِي حَرْبِ الْخَنْدَقِ فَأَعْطَاهُمَا ثُلُثَ ثِمَارِ الْمَدِينَةِ عَلَى أَنْ يَرْجِعَا وَمَنْ مَعَهُمَا لِيَكْسِرَ عَنْ أَصْحَابِهِ شَوْكَتَهُمْ حِينَ رَمْيِهِمُ الْعَرَبَ عَنْ قَوْسٍ وَاحِدَةٍ حَتَّى سَمِعَ مِنْ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ قَوْلَهُ: وَاللَّهِ لَا نُعْطِيهِمْ إِلَّا السَّيْفَ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ، فَقَالَ:«فَأَنْتَ وَذَاكَ» ، فَتَنَاوَلَ سَعْدٌ الصَّحِيفَةَ فَمَحَاهَا
⦗ص: 413⦘
وَذَلِكَ قَبْلَ عَزِيمَةِ الصُّلْحِ " أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، فَذَكَرَهُ فِي قِصَّةٍ طَوِيلَةٍ
جُمَّاعُ الْهُدْنَةِ عَلَى أَنْ يَرُدَّ الْإِمَامُ مَنْ جَاءَ بَلَدَهُ مُسْلِمًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ
18675 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: ذَكَرَ عَدَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْمَغَازِي «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هَادَنَ قُرَيْشًا عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ عَلَى أَنْ يَأْمَنَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَأَنَّ مَنْ جَاءَ قُرَيْشًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ مُرْتَدًّا لَمْ يَرُدُّوهُ عَلَيْهِ، وَمَنْ جَاءَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِالْمَدِينَةِ مِنْهُمْ رَدَّهُ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يُعْطِهِمْ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ مَنْ خَرَجَ مِنْهُمْ مُسْلِمًا إِلَى غَيْرِ الْمَدِينَةِ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ أَوِ الشِّرْكِ وَإِنْ كَانَ قَادِرًا عَلَيْهِ»
18676 -
قَالَ: وَلَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَنَّهُ أَعْطَاهُمْ فِي مُسْلِمِ غَيْرِ أَهْلِ مَكَّةَ شَيْئًا مِنْ هَذَا الشَّرْطِ، وَذَكَرُوا أَنَّهُ أُنْزِلَ عَلَيْهِ فِي مُهَادَنَتِهِمْ:{إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [الفتح: 1]، فَقَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ: قَضَيْنَا لَكَ قَضَاءً مُبِينًا
18677 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَتَمَّ الصُّلْحُ بَيْنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَبَيْنَ أَهْلِ مَكَّةَ عَلَى هَذَا، حَتَّى جَاءَتْهُ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ مُسْلِمَةً مُهَاجِرَةً، فَنَسَخَ اللَّهُ
⦗ص: 415⦘
الصُّلْحَ فِي النِّسَاءِ وَأَنْزَلَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ} [الممتحنة: 10] إِلَى قَوْلِهِ: {وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا} [الممتحنة: 10]، يَعْنِي الْمُهُورَ إِذَا كَانُوا أَعْطَوْهُنَّ إِيَّاهَا
18678 -
قَالَ: وَجَاءَ أَخَوَاهَا يَطْلُبَانِهَا فَمَنَعَهَمَا مِنْهَا، وَأَخْبَرَ أَنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى نَقَضَ الصُّلْحَ فِي النِّسَاءِ، وَحَكَمَ فِيهِنَّ غَيْرَ حُكْمِهِ فِي الرِّجَالِ
18679 -
قَالَ: وَإِنَّمَا ذَهَبْتُ إِلَى أَنَّ النِّسَاءَ كُنَّ فِي الصُّلْحِ بِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَدْخُلْ رَدُّهُنَّ فِي الصُّلْحِ، لَمْ يُعْطَ أَزْوَاجُهُنَّ فِيهِنَّ عِوَضًا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
18680 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَبِهَذِهِ الْآيَةِ مَعَ الْآيَةِ فِي بَرَاءَةَ قُلْنَا: إِذَا صَالَحَ الْإِمَامُ عَلَى مَا لَا يَجُوزُ، فَالطَّاعَةُ نَقْضُهُ
18681 -
ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ: وَبِهَذَا قُلْنَا: إِذَا ظَفَرَ الْمُشْرِكُونَ بِرَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَأَخَذُوا عَلَيْهِ عُهُودًا وَأَيْمَانًا أَنْ يَأْتِيَهُمْ أَوْ يَبْعَثَ إِلَيْهِمْ بِكَذَا، فَحَلَالٌ أَنْ لَا يُعْطِيَهُمْ قَلِيلًا وَلَا كَثِيرًا؛ لِأَنَّهَا أَيْمَانٌ مُكْرَهَةٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَعْطَى الْإِمَامُ عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَيْهِمْ إِنْ جَاءَهُ
⦗ص: 416⦘
18682 -
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: مَا دَلَّ عَلَى هَذَا؟ قِيلَ لَهُ: لَمْ يَمْنَعْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَبَا بَصِيرٍ مِنْ وَلِيِّهِ حِينَ جَاءَاهُ فَذَهَبَا بِهِ، فَقَتَلَ أَحَدَهُمَا، وَهَرَبَ مِنْهُ الْآخَرُ، فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، بَلْ قَالَ قَوْلًا يُشْبِهُ التَّحْسِينَ لَهُ
18683 -
ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ: حَالُ الْأَسِيرِ وَأَمْوَالُ الْمُسْلِمِينَ فِي أَيْدِي الْمُشْرِكِينَ خِلَافُ مَا أَعْطَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَهْلَ الْحُدَيْبِيَةِ مِنْ رَدِّ رِجَالِهِمُ الَّذِينَ هُمْ أَبْنَاؤُهُمْ وَإِخْوَتُهُمْ وَعَشَائِرُهُمُ الْمَمْنُوعُونَ مِنْهُمْ وَمِنْ غَيْرِهِمْ أَنْ يُنَالُوا بِتَلَفٍ
18684 -
فَإِنْ ذَهَبَ ذَاهِبٌ إِلَى رَدِّ أَبِي جَنْدَلِ بْنِ سُهَيْلٍ إِلَى أَبِيهِ، وَعَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ إِلَى أَهْلِهِ بِمَا أَعْطَاهُمْ قِيلَ لَهُ: آبَاؤُهُمْ وَأَهْلُوهُمْ أَشْفَقُ النَّاسِ عَلَيْهِمْ، وَأَحْرَصُهُ عَلَى سَلَامَتِهِمْ، وَلَعَلَّهُمْ كَانُوا سَيَقُونَهُمْ بِأَنْفُسِهِمْ مِمَّا يُؤْذِيهِمْ، فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونُوا مُهْتَمِّينَ عَلَى أَنْ يَنَالُوهُمْ بِتَلَفٍ، أَوْ أَمْرٍ لَا يَحْتَمِلُونَهُ مِنْ عَذَابٍ، وَإِنَّمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ
⦗ص: 417⦘
خِلَافَهُمْ دِينَهُمْ وَدِينَ آبَائِهِمْ، وَكَانُوا يُشَدِّدُونَ عَلَيْهِمْ لِيَتْرُكُوا دِينَ الْإِسْلَامِ وَقَدْ وَضَعَ اللَّهُ عَنْهُمُ الْمَأْثَمَ فِي الْإِكْرَاهِ فَقَالَ:{إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} [النحل: 106]
18685 -
وَمَنْ أَسَرَ مُسْلِمًا مِنْ غَيْرِ قَبِيلَتِهِ أَوْ قَرَابَتِهِ فَقَدْ يَقْتُلُهُ بِأَلْوَانِ الْقَتْلِ وَيَبْلُوهُ بِالْجُوعِ وَالْجَهْدِ، وَلَيْسَ حَالُهُمْ وَاحِدَةً وَيُقَالُ لَهُ أَيْضًا: أَلَا تَرَى أَنَّ اللَّهَ نَقَضَ الصُّلْحَ فِي النِّسَاءِ إِذْ كُنَّ إِذَا أُرِيدَتْ بِهِنَّ الْفِتْنَةُ ضَعُفْنَ عَنْ عَرْضِهَا عَلَيْهِنَّ، أَوْ لَمْ يَفْهَمْنَ فَهْمَ الرِّجَالَ بِأَنَّ التَّقِيَّةَ تَسَعُهُنَّ فِي إِظْهَارِ مَا أَرَادَ الْمُشْرِكُونَ مِنَ الْقَوْلِ، وَكَانَ فِيهِنَّ أَنْ يُصِيبَهُنَّ أَزْوَاجُهُنَّ وَهُنَّ حَرَامٌ، فَأَسْرَى الْمُسْلِمِينَ فِي أَكْثَرِ مِنْ هَذِهِ الْحَالِ، إِلَّا أَنَّ الرِّجَالَ لَيْسَ مِمَّنْ يُنْكَحُ، وَرُبَّمَا كَانَ فِي الْمُشْرِكِينَ مَنْ يَفْعَلُ فِيمَا بَلَغَنَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
18686 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَإِنَّمَا نَقَلْتُ كَلَامَ الشَّافِعِيِّ رحمه الله فِي الْفَرْقِ بَيْنَ حَالِ أَبِي جَنْدَلٍ وَغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ حَيْثُ شَرَطَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الصُّلْحِ رَدَّهُمْ وَوَفَّى بِمَا شَرَطَ، وَحَالُ غَيْرِهِمْ مِمَّا لَا يَكُونُ لَهُ حَيْثُ يُرَدُّ إِلَيْهِ عَشِيرَةٌ وَمَنَعَةٌ لِغَلَطِ جَمَاعَةٍ مِنَ السَّلَفِ بِحَدِيثِ أَبِي جَنْدَلٍ
18687 -
وَكَانَ الشَّافِعِيُّ أَيْضًا يَذْهَبُ فِي الْأَسِيرِ إِلَى أَنَّهُ يُيَسَّرُ لَهُ مَا شَرَطُوا عَلَيْهِ مِنَ الْمَالِ، وَإِلَّا رَجَعَ إِلَيْهِمْ
18688 -
هَكَذَا رَوَاهُ عَنْهُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْبَغْدَادِيُّ، وَاسْتَدَلَّ بِحَدِيثِ اللَّيْثِ عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ فِي أَمْرِ أَبِي جَنْدَلٍ، وَهُوَ فِيمَا: أَخْبَرَنَاهُ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ عَبْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ شَرِيكٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ
⦗ص: 418⦘
عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّهُ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ، وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ، يُخْبِرَانِ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا كَاتَبَ سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو يَوْمَئِذٍ كَانَ فِيمَا اشْتَرَطَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّهُ لَا يَأْتِيكَ مِنَّا أَحَدٌ، وَإِنْ كَانَ عَلَى دِينِكَ، إِلَّا رَدَدْتَهُ إِلَيْنَا فَخَلَّيْتَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ، فَكَرِهَ الْمُؤْمِنُونَ ذَلِكَ وَأَلْغَطُوا بِهِ وَأَبَى سُهَيْلٌ إِلَّا ذَلِكَ، " فَكَاتَبَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَرَدَّ يَوْمَئِذٍ أَبَا جَنْدَلٍ إِلَى أَبِيهِ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، وَلَمْ يَأْتِهِ أَحَدٌ مِنَ الرِّجَالِ إِلَّا رَدَّهُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ، وَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا، وَجَاءَ الْمُؤْمِنَاتُ وَكَانَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ مِمَّنْ خَرَجَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهِيَ عَاتِقٌ، فَجَاءَ أَهْلُهَا يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُرْجِعُهَا إِلَيْهِمْ فَلَمْ يُرْجِعْهَا إِلَيْهِمْ لِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمْ: {إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٌ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ} [الممتحنة: 10] " أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ
18689 -
وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ: فَقَالَ سُهَيْلٌ: عَلَى أَنْ لَا يَأْتِيَكَ مِنَّا رَجُلٌ، وَإِنْ كَانَ عَلَى دِينِكَ، إِلَّا رَدَدْتَهُ إِلَيْنَا،
18690 -
فَمَنْ زَعَمَ أَنَّ النِّسَاءَ لَمْ يَدْخُلْنَ فِي الصُّلْحِ احْتَجَّ بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ
18691 -
وَرُوِّينَا فِي إِسْنَادِ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ مَرْوَانَ، وَالْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ بِنَحْوٍ مِنْ مَعْنَى رِوَايَةِ عُقَيْلٍ، وَقَالَ: فَإِنَّ الصَّحِيفَةَ لَتُكْتَبُ إِذْ طَلَعَ أَبُو جَنْدَلِ بْنُ سُهَيْلٍ يَرْسُفُ فِي الْحَدِيدِ، وَقَدْ كَانَ أَبُوهُ حَبَسَهُ فَأَفْلَتَ، فَلَمَّا رَآهُ سُهَيْلٌ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ لَقَدْ وَلَجَتِ الْقَضِيَّةُ بَيْنِي وَبَيْنَكَ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكَ هَذَا قَالَ: «صَدَقْتَ» ، وَصَاحَ أَبُو جَنْدَلٍ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، أَأُرَدُّ إِلَى الْمُشْرِكِينَ يَفْتِنُونِي فِي دِينِي؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِأَبِي جَنْدَلٍ
⦗ص: 419⦘
: «أَبَا جَنْدَلٍ، اصْبِرْ وَاحْتَسِبْ، فَإِنَّ اللَّهَ جَاعِلٌ لَكَ وَلِمَنْ مَعَكَ مِنَ الْمُسْتَضْعَفِينَ فَرَجًا وَمَخْرَجًا» أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، حَدَّثَنَا الْعُطَارِدِيُّ، حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، فَذَكَرَهُ
18692 -
ثُمَّ إِنَّ الشَّافِعِيَّ فِي الْجَدِيدِ رَجَعَ عَنْ هَذَا، وَفَرَّقَ بَيْنَ الْحَالَيْنِ بِمَا نَقَلْنَاهُ
18693 -
وَأَمَّا مَا ذَكَرَ مِنْ حَدِيثِ عَيَّاشٍ، أَوْ أَبِي عَيَّاشٍ فَهُوَ عَيَّاشُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ فِيمَا أَعْلَمُ، وَإِنَّمَا الشَّكُّ مِنْ جِهَةِ الرَّبِيعِ، وَالْغَلَطُ مِنْ جِهَةِ الْمُزَنِيِّ، حَيْثُ قَالَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ: ابْنُ عَيَّاشٍ، وَذَاكَ أَنَّ عَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ فِي أَوَّلِ مَا هَاجَرَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَجَاءَهُ أَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ، وَهُوَ أَخُوهُ لِأُمِّهِ، وَرَجُلٌ آخَرُ مَعَهُ، فَقَالَ لَهُ: إِنَّ أُمَّكَ تُنَاشِدُكَ رَحِمَهَا وَحَقَّهَا أَنْ تَرْجِعَ إِلَيْهَا، فَأَقْبَلَ مَعَهُمَا، فَرَبَطَاهُ حَتَّى قَدِمَا بِهِ مَكَّةَ
18694 -
هَكَذَا ذَكَرَهُ مُجَاهِدٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ، صَاحِبُ الْمَغَازِي
18695 -
وَلَا نَرْجِعُ فِيمَا نَظُنُّ إِلَّا بِإِذْنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَانَ الْمَعْنَى فِيهِ مَا فِي أَبِي جَنْدَلٍ مِنْ رُجُوعِهِ إِلَى عَشِيرَتِهِ إِلَّا أَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ الصُّلْحِ، وَلَعَلَّهُ رَجَعَ بِنَفْسِهِ فَلَمْ يَمْنَعْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِلْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
18696 -
وَأَمَّا مَا ذَكَرَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَصِيرٍ، فَهُوَ فِي الْإِسْنَادِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ مَرْوَانَ، وَالْمِسْوَرِ، بِمَعْنَاهُ وَأَتَمَّ مِنْهُ
18697 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: " قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى لِلْمُسْلِمِينَ: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: 10]
⦗ص: 420⦘
18698 -
فَأَبَانَهُنَّ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَأَبَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ ذَلِكَ بِمُضِيِّ الْعِدَّةِ، فَكَانَ الْحُكْمُ فِي إِسْلَامِ الزَّوْجِ الْحُكْمَ فِي إِسْلَامِ الْمَرْأَةِ لَا يَخْتَلِفَانِ
18699 -
وَقَالَ: {وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا} [الممتحنة: 10]، يَعْنِي، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، أَزْوَاجَ الْمُشْرِكَاتِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا مَنَعَهُنَّ الْمُشْرِكُونَ إِتْيَانَ أَزْوَاجِهِنَّ بِالْإِسْلَامِ أَتَوْا مَا دَفَعَ إِلَيْهِنَّ الْأَزْوَاجُ مِنَ الْمُهُورِ كَمَا يُؤَدِّي الْمُسْلِمُونَ مَا دَفَعَ أَزْوَاجُ الْمُسْلِمَاتِ مِنَ الْمُهُورِ، وَجَعَلَهُ اللَّهُ حُكْمًا بَيْنَهُمْ
18700 -
ثُمَّ حَكَمَ لَهُمْ فِي مِثْلِ ذَلِكَ الْمَعْنَى حُكْمًا ثَابِتًا فَقَالَ: {وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ} [الممتحنة: 11]، كَأَنَّهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، يُرِيدُ فَلَمْ يَعْفُوا عَنْهُمْ إِذْ لَمْ يَعْفُوا عَنْكُمْ مُهُورَ نِسَائِكُمْ، فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا، كَأَنَّهُ يَعْنِي مِنْ مُهُورِهُنَّ إِذَا فَاتَتِ امْرَأَةٌ مُشْرِكَةٌ أَتَتْنَا مُسْلِمَةً قَدْ أَعْطَاهَا مِائَةً فِي مَهْرِهَا، وَفَاتَتِ امْرَأَةٌ مُشْرِكَةٌ إِلَى الْكُفَّارِ قَدْ أَعْطَاهَا مِائَةً حُسِبَتْ مِائَةُ الْمُسْلِمِ بمِائَةِ الْمُشْرِكِ، فِعْلَ تِلْكَ الْعُقُوبَةِ، وَيَكْتُبُ بِذَلِكَ إِلَى أَصْحَابِ عُهُودِ الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُعْطِيَ الْمُشْرِكُ مَا قَصَصْنَاهُ بِهِ مِنْ مَهْرِ امْرَأَتِهِ لِلْمُسْلِمِ الَّذِي فَاتَتِ امْرَأَتُهُ إِلَيْهِمْ، لَيْسَ لَهُ غَيْرُ ذَلِكَ
18701 -
ثُمَّ بَسَطَ الْكَلَامَ فِي التَّفْرِيعِ
الْعَبْدُ يَخْرُجُ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ مُسْلِمًا
18702 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، رحمه الله قَالَ: " أَمَّنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حِصَارِ ثَقِيفٍ مَنْ نَزَلَ إِلَيْهِ مِنْ عَبْدٍ فَأَسْلَمَ، وَشَرَطَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَحْرَارٌ، فَنَزَلَ إِلَيْهِ خَمْسَةَ عَشَرَ عَبْدًا مِنْ عَبِيدِ ثَقِيفٍ فَأَعْتَقَهُمْ، ثُمَّ جَاءَ سَادَتُهُمْ بَعْدَهُمْ مُسْلِمِينَ، فَسَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَرُدَّهُمُ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ:«هُمْ أَحْرَارٌ لَا سَبِيلَ عَلَيْهِمْ» ، وَلَمْ يَرُدَّهُمْ
18703 -
أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ، أَخْبَرَنَا أَبُو النَّضْرِ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ خَالِدٍ السَّمْتِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُثْمَانَ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ نَازَلَ أَهْلَ الطَّائِفِ فَنَادَى مُنَادِيهِ أَنَّ:«مَنْ خَرَجَ إِلَيْنَا مِنْ عَبْدٍ فَهُوَ حُرٌّ» ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ نَافِعٌ، وَنُفَيْعٌ فَأَعْتَقَهُمَا
18704 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: كَانَ يُوسُفُ بْنُ خَالِدٍ السَّمْتِيُّ رَجُلًا مِنَ الْخِيَارِ، وَفِي حَدِيثِهِ ضَعْفٌ
18705 -
قَالَ أَحْمَدُ: هَكَذَا يَقُولُهُ سَائِرُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ عُثْمَانَ هَذَا أَبُو شَيْبَةَ الْكُوفِيُّ، وَهُوَ أَيْضًا ضَعِيفٌ
⦗ص: 422⦘
وَقَدْ رَوَاهُ الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَأَةَ، عَنِ الْحَكَمِ
18706 -
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو سَعِيدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: قَالَ أَبُو يُوسُفَ، حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، «أَنَّ عَبْدَيْنِ خَرَجَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الطَّائِفِ فَأَعْتَقَهُمَا»
18707 -
قَالَ أَبُو يُوسُفَ: حَدَّثَنَا بَعْضُ أَشْيَاخِنَا أَنَّ أَهْلَ الطَّائِفِ خَاصَمُوا فِي عَبِيدٍ خَرَجُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَعْتَقَهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«أُولَئِكَ عُتَقَاءُ اللَّهِ»
18708 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَرَوَاهُ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنِ الْحَجَّاجِ، وَقَالَ: أَحَدُهُمَا أَبُو بَكْرَةَ
18709 -
وَرَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنِ الْحَجَّاجِ، أَنَّ أَرْبَعَةَ أَعْبُدٍ
18710 -
وَرَوَاهُ أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْحَجَّاجِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَعْتَقَ مَنْ خَرَجَ إِلَيْهِ يَوْمَ الطَّائِفِ مِنْ عَبِيدِ الْمُشْرِكِينَ
18711 -
وَالِاعْتِمَادُ عَلَى نَقْلِ أَهْلِ الْمَغَازِي فِي ذَلِكَ، وَالَّذِي ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ مَشْهُورٌ بَيْنَهُمْ
18712 -
وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبَانَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: خَرَجَ عَبْدَانِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ قَبْلَ الصُّلْحِ فَكَتَبَ إِلَيْهِ مَوَالِيهِمْ: وَاللَّهِ مَا خَرَجُوا إِلَيْكَ رَغْبَةً فِي دِينِكَ، وَإِنَّمَا خَرَجُوا هَرَبًا مِنَ الرِّقِّ، فَأَبَى أَنْ يَرُدَّهُمُ، وَقَالَ:«هُمْ عُتَقَاءُ اللَّهِ عز وجل» أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى الْحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ فَذَكَرَهُ
18713 -
قَدْ رُوِّينَا فِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، مِنْ قَوْلِهِ:«وَإِنْ هَاجَرَ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ لِلْمُشْرِكِينَ أَهْلِ الْعَهْدِ لَمْ يُرَدُّوا وَرُدَّتْ أَثْمَانُهُمْ، وَإِنْ هَاجَرَ عَبْدٌ مِنْهُمْ - يَعْنِي مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ - أَوْ أَمَةٌ فَهُمَا حُرَّانِ وَلَهُمَا مَا لِلْمُهَاجِرِينَ»
18714 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْإِسْنَادِ الَّذِي مَضَى عَنْ أَبِي سَعِيدٍ: «وَلَا يُعْتَقُ بِالْإِسْلَامِ إِلَّا فِي مَوْضِعٍ، وَهُوَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ بِلَادِ الْحَرْبِ مُسْلِمًا، كَمَا أَعْتَقَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَنْ خَرَجَ مِنْ حِصْنِ ثَقِيفٍ مُسْلِمًا»
18715 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَدْ جَاءَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَبْدٌ مُسْلِمٌ، ثُمَّ جَاءَهُ سَيِّدُهُ يَطْلُبُهُ، فَاشْتَرَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِعَبْدَيْنِ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ يُعْتِقُهُ لَمْ يَشْتَرِ مِنْهُ حُرًّا، وَلَكِنَّهُ أَسْلَمَ غَيْرَ خَارِجٍ مِنْ بِلَادٍ مَنْصُوبٍ عَلَيْهَا الْحَرْبُ
18716 -
قَالَ أَحْمَدُ: هَذَا فِي حَدِيثِ الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: جَاءَ عَبْدٌ فَبَايَعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْهِجْرَةِ وَلَمْ يَشْعُرْ أَنَّهُ عَبْدٌ، فَجَاءَ سَيِّدُهُ يُرِيدُهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم
⦗ص: 424⦘
: «بِعْنِيهِ» ، فَاشْتَرَاهُ بِعَبْدَيْنِ أَسْوَدَيْنِ، ثُمَّ لَمْ يُبَايِعْ أَحَدًا بَعْدُ حَتَّى يَسْأَلَهُ «أَعَبْدٌ هُوَ؟» أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ: أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، فَذَكَرَهُ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى وَغَيْرِهِ
18717 -
قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ ذَكَرْنَا مَا احْتَجَّ بِهِ الْمُزَنِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِيمَنْ دَانَ دِينَ أَهْلِ الْكِتَابِ بَعْدَ نُزُولِ الْفُرْقَانِ فِي بَابِ نَصَارَى بَنِي تَغْلِبَ
جُمَّاعُ الْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ وَالنَّذْرِ وَنَقْضِهِ
18718 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: " جُمَّاعُ الْوَفَاءِ بِالنَّذْرِ وَالْعَهْدِ كَانَ بِيَمِينٍ أَوْ غَيْرِهَا فِي قَوْلِ اللَّهِ تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: 1]، وَفِي قَوْلِهِ:{يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا} [الإنسان: 7] وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ الْوَفَاءَ بِالْعُقُودِ فِي الْأَيْمَانِ فِي غَيْرِ آيَةٍ مِنْ كِتَابِهِ، فَذَكَرَ تِلْكَ الْآيَاتِ
18719 -
ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا مِنْ سَعَةِ لِسَانِ الْعَرَبِ الَّذِي خُوطِبَ بِهِ، فَظَاهِرُهُ عَامٌّ عَلَى كُلِّ عَقْدٍ، وَيُشْبِهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، أَنْ يَكُونَ اللَّهُ أَرَادَ أَنْ يُوَفَّى بِكُلِّ عَقْدٍ إِذَا كَانَتْ فِيهِ لِلَّهِ طَاعَةٌ، أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيمَا أَمَرَ بِالْوَفَاءِ مِنْهَا مَعْصِيَةٌ
18720 -
وَاحْتَجَّ بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَالَحَ قُرَيْشًا بِالْحُدَيْبِيَةِ عَلَى أَنْ يَرُدَّ مَنْ جَاءَهُ مِنْهُمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل فِي امْرَأَةٍ جَاءَتْهُ مُسْلِمَةً مِنْهُمْ:{إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ} [الممتحنة: 10]، فَحَبَسَهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِأَمْرِ اللَّهِ
18721 -
وَعَاهَدَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَوْمًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِيهِ: {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 1]
18722 -
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَكَيْفَ كَانَ صُلْحُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؟
18723 -
قِيلَ: كَانَ صُلْحُهُ لَهُمْ طَاعَةً لِلَّهِ: إِمَّا عَنْ أَمْرِ اللَّهِ بِمَا صَنَعَ نَصًّا، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ اللَّهُ جَعَلَ لَهُ أَنْ يَعْقِدَ لِمَنْ رَأَى بِمَا رَأَى، ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ قَضَاءَهُ عَلَيْهِ
⦗ص: 426⦘
فَصَارَ إِلَى قَضَاءِ اللَّهِ، وَنَسَخَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِعْلَهُ بِفِعْلِهِ بِأَمْرِ اللَّهِ، وَكُلٌّ كَانَ لِلَّهِ طَاعَةٌ فِي وَقْتِهِ
18724 -
ثُمَّ شَبَّهَهُ بِأَمْرِ الْقِبْلَةِ وَمَا وَرَدَ فِيهِ مِنَ النَّسْخِ "
18725 -
ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ: فَلَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَنَاهَتْ فَرَائِضُ اللَّهِ فَمَنْ عَمِلَ مِنْهَا بِمَنْسُوخٍ بَعْدَ عِلْمِهِ بِهِ فَهُوَ عَاصٍ، وَعَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ عَنِ الْمَعْصِيَةِ
18726 -
ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى الِاسْتِدْلَالِ بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلَا يَعْصِهِ» وَأَسَرَ الْمُشْرِكُونَ امْرَأَةً مِنَ الْأَنْصَارِ وَأَخَذُوا نَاقَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَانْفَلَتَتِ الْأَنْصَارِيَّةُ عَلَى نَاقَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَنَذَرَتْ إِنْ نَجَّاهَا اللَّهُ عَلَيْهَا أَنْ تَنْحَرَهَا، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:«لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ، وَلَا فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ»
18727 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا نَذْرَ يُوَفَّى بِهِ
18728 -
ثُمَّ بَسَطَ الْكَلَامَ فِي بَيَانِهِ إِلَى أَنْ قَالَ: قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى فِي الْأَيْمَانِ: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ} [المائدة: 89]
⦗ص: 427⦘
18729 -
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ» ، فَاعْلَمْ أَنَّ طَاعَةَ اللَّهِ أَنْ لَا تَفِيَ بِالْيَمِينِ إِذَا كَانَ غَيْرُهَا خَيْرًا مِنْهَا، وَأَنْ تُكَفِّرَ بِمَا فَرَضَ اللَّهُ مِنَ الْكَفَّارَةِ، وَكُلُّ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا يُوَفَّى بِكُلِّ عَقْدِ نَذْرٍ وَعَهْدٍ لِمُسْلِمٍ أَوْ مُشْرِكٍ كَانَ مُبَاحًا لَا مَعْصِيَةَ لِلَّهِ فِيهِ
18730 -
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ} [الأنفال: 58]
18731 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: نَزَلَتْ فِي أَهْلِ هُدْنَةٍ بَلَغَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْهُمْ شَيْءٌ اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى خِيَانَتِهِمْ
18732 -
فَإِذَا جَاءَتْ دَلَالَةٌ عَلَى أَنْ لَمْ يُوفِ أَهْلُ الْهُدْنَةِ بِجَمِيعِ مَا عَاهَدَهُمْ عَلَيْهِ فَلَهُ أَنْ يَنْبِذَ إِلَيْهِمْ، وَمَنْ قُلْتُ لَهُ أَنْ يَنْبِذَ إِلَيْهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُلْحِقَهُ بِمَأْمَنِهِ، ثُمَّ لَهُ أَنْ يُحَارِبَهَ كَمَا يُحَارِبُ مَنْ لَا هُدْنَةَ لَهُ "
18733 -
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: «وَإِذَا نَقَضَ الَّذِينَ عَقَدَ الصُّلْحَ عَلَيْهِمْ، أَوْ نَقَضَتْ مِنْهُمْ جَمَاعَةٌ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ، فَلَمْ يُخَالِفُوا النَّاقِضَ بِقَوْلٍ وَلَا فِعْلٍ ظَاهِرٍ»
⦗ص: 428⦘
18734 -
ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ: فَلِلْإِمَامِ أَنْ يَغْزُوَهُمَ، فَإِذَا فَعَلَ فَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهُمْ إِلَى الْإِمَامِ خَارِجٌ مِمَّا فَعَلَهُ جَمَاعَتُهُمْ، فَلِلْإِمَامِ قَتْلُ مُقَاتِلَتِهِمْ، وَسَبْي ذَرَارِيِّهِمْ، وَغَنِيمَةُ أَمْوَالِهِمْ
18735 -
وَهَكَذَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِبَنِي قُرَيْظَةَ، عَقَدَ عَلَيْهِمْ صَاحِبُهُمُ الصُّلْحَ بِالْمُهَادَنَةِ فَنَقَضَ وَلَمْ يُفَارِقُوهُ، فَسَارَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي عُقْرِ دَارِهِمْ، وَهِيَ مَعَهُ بِطَرَفِ الْمَدِينَةِ، فَقَتَلَ مُقَاتِلَتَهُمْ، وَسَبَى ذَرَارِيَّهُمْ، وَغَنِمَ أَمْوَالَهُمْ، وَلَيْسَ كُلُّهُمْ أَسْرَفَ فِي الْمَعُونَةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ، وَلَكِنْ كُلُّهُمْ لَزِمَ حِصْنَهُ وَلَمْ يُفَارِقِ الْغَادِرِينَ مِنْهُمْ، أَلَا يَفِرُّ فَحَقَنَ دِمَاءَهُمْ وَأَحْرَزَ عَلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ
18736 -
قَالَ: وَكَذَلِكَ إِنْ نَقَضَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَقَاتَلَ، كَانَ لِلْإِمَامِ قَتْلُ جَمَاعَتِهِمْ، قَدْ أَعَانَ عَلَى خُزَاعَةَ وَهُمْ فِي عَقْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثَةٌ نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ، فَشَهِدُوا قِتَالَهُمْ فَغَزَاهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قُرَيْشًا عَامَ الْفَتْحِ بِغَدْرِ النَّفَرِ الثَّلَاثَةِ، وَتَرْكِ الْبَاقِينَ مَعُونَةَ خُزَاعَةَ، وَأَتَوْ بِهِمْ مِنْ قَبْلُ لِخُزَاعَةَ
18737 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ مِنْ بَعْضِ مَنْ نَقَضَ الْعَهْدَ مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ، وَمَنْ أَعَانَ عَلَى خُزَاعَةَ مِنْ قُرَيْشٍ، وَقِتَالِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْفَرِيقَيْنِ مَعْرُوفٌ مَشْهُورٌ فِيمَا بَيْنَ أَهْلِ السِّيرَةِ، وَنَقَلْنَا إِلَى كِتَابِ السُّنَنِ مِنَ الْأَخْبَارِ مَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ وَتَارِيخِهِ، أَنَّ فِيَ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ، عَنْ رَجُلٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَاهَدَ بَنِي قُرَيْظَةَ
18738 -
ثُمَّ فِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ، عَنْ عُرْوَةَ، وَعَنْ سَائِرِ شُيُوخِهِ، أَنَّ حُيَىَّ بْنَ أَخْطَبَ، وَمَنْ حَزَبَ الْأَحْزَابَ مَعَهُ، قَدِمُوا عَلَى قُرَيْشٍ وَدَعَوْهُمْ إِلَى حَرْبِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَجَاءُوا بِأَبِي سُفْيَانَ وَالْأَحْزَابِ عَامَ الْخَنْدَقِ، ثُمَّ خَرَجَ
⦗ص: 429⦘
حُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ حَتَّى أَتَى كَعْبَ بْنَ أَسَدٍ صَاحِبَ عَقْدِ بَنِي قُرَيْظَةَ وَعَهْدِهِمْ، وَلَمَّا نَزَلَ بِهِ حَتَّى نَقَضَ كَعْبٌ الْعَهْدَ وَأَظْهَرَ الْبَرَاءَةَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
18739 -
وَفِي حَدِيثِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ قَالَ: فَاجْتَمَعَ مَلَأَهُمُ الْغَدْرُ عَلَى أَمْرِ رَجُلٍ وَاحِدٍ غَيْرَ أَسَدٍ، وَأُسَيْدٍ، وَثَعْلَبَةَ خَرَجُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
18740 -
وَذَكَرَ قِصَّةَ خُرُوجِهِمْ أَيْضًا ابْنُ إِسْحَاقَ
18741 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ، مِنْ أَصْلِهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقَطَّانُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَزْهَرِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شُرَحْبِيلَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ يَهُودَ بَنِي النَّضِيرِ، وَقُرَيْظَةَ، حَارَبُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «فَأَجْلَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَنِي النَّضِيرِ وَأَقَرَّ قُرَيْظَةَ وَمَنَّ عَلَيْهِمْ، حَتَّى حَارَبَتْ قُرَيْظَةُ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَتَلَ رِجَالَهُمْ وَقَسَمَ نِسَاءَهُمْ وَأَوْلَادَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ» ، إِلَّا بَعْضَهُمْ لَحِقُوا بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَمَّنَهُمْ وَأَسْلَمُوا، «وَأَجْلَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَهُودَ الْمَدِينَةِ بَنِي قَيْنُقَاعَ، وَهُمْ قَوْمُ عَبْدِ اللَّهِ - يَعْنِي ابْنَ سَلَّامٍ، وَيَهُودَ بَنِي حَارِثَةَ، وَكُلَّ يَهُودِيٍّ بِالْمَدِينَةِ» أَخْرَجَاهُ رَحِمَهُمَا اللَّهُ فِي الصَّحِيحِ
18742 -
وَرُوِّينَا فِي مَغَازِي مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ وَغَيْرِهِ، أَنَّ بَنِيَ نُفَاثَةَ، مِنْ بَنِي الدِّيلِ، أَغَارُوا عَلَى بَنِي كَعْبٍ، وَأَعَانَتْ بَنُو بَكْرٍ بَنِي نُفَاثَةَ، وَأَعَانَتْهُمْ قُرَيْشٌ بِالسِّلَاحِ وَالرَّقِيقِ
18743 -
وَمِمَّنْ أَعَانَهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ: صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ، وَشَيْبَةُ بْنُ عُثْمَانَ، وَسُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو، فَخَرَجَ رَكْبٌ مِنْ بَنِي كَعْبٍ، وَكَانُوا فِي صُلْحِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، حَتَّى أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرُوا لَهُ الَّذِي أَصَابَهُمْ وَمَا كَانَ مِنْ قُرَيْشٍ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ، فَجَهَّزَ
⦗ص: 430⦘
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِلْخُرُوجِ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه: لَعَلَّكَ تُرِيدُ قُرَيْشًا؟ قَالَ: «نَعَمْ» قَالَ: أَلَيْسَ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُمْ مُدَّةٌ؟ قَالَ: «أَلَمْ يَبْلُغْكَ مَا صَنَعُوا بِبَنِي كَعْبٍ؟»
بَابُ الْحُكْمِ بَيْنَ الْمُعَاهَدِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ
18744 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، رحمه الله قَالَ: " لَمْ أَعْلَمْ مُخَالِفًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالسِّيَرِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا نَزَلَ الْمَدِينَةَ وَادَعَ يَهُودَ كَافَّةً عَلَى غَيْرِ جِزْيَةٍ
18745 -
وَأَنَّ قَوْلَ اللَّهِ عز وجل: {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} ، إِنَّمَا نَزَلَتْ فِي الْيَهُودِ الْمُوَادِعِينَ الَّذِينَ لَمْ يُعْطُوا جِزْيَةً، وَلَمْ يُقِرُّوا بِأَنْ يَجْرِيَ عَلَيْهِمْ حُكْمٌ
18746 -
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: نَزَلَتْ فِي الْيَهُودِيَّيْنِ اللَّذَيْنِ زَنَيَا
18747 -
قَالَ: وَالَّذِي قَالُوا يُشْبِهُ مَا قَالُوا لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ} [المائدة: 43]
18748 -
وَقَالَ: {وَأَنِ أَحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا} يَعْنِي، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، إِنْ تَوَلَّوْا عَنْ حُكْمِكَ
18749 -
فَهَذَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ أَتَى حَاكِمًا غَيْرَ مَقْهُورٍ عَلَى الْحُكْمِ وَالَّذِينَ حَاكَمُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي امْرَأَةٍ مِنْهُمْ وَرَجُلٍ زَنَيَا مُوَادِعُونَ، وَكَانَ فِي التَّوْرَاةِ الرَّجْمُ، وَرَجَوْا أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ حُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الرَّجْمُ، فَجَاءُوهُ بِهِمَا فَرَجَمَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
18750 -
أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ، أَخْبَرَنَا أَبُو النَّضْرِ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ
⦗ص: 432⦘
قَالَ: إِنَّ الْيَهُودَ جَاءُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرُوا لَهُ أَنَّ رَجُلًا مِنْهُمْ وَامْرَأَةً زَنَيَا، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ:«مَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاةِ فِي شَأْنِ الرَّجْمِ؟» ، فَقَالُوا: نَفْضَحُهُمْ وَيُجْلَدُونَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامِ: كَذَبْتُمْ، إِنَّ فِيهَا الرَّجْمَ، فَأَتَوْا بِالتَّوْرَاةِ فَنَشَرُوهَا فَوَضَعَ أَحَدُهُمْ يَدَهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ فَقَرَأَ مَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ: ارْفَعْ يَدَكَ، فَرَفَعَ يَدَهُ فَإِذَا فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ، فَقَالُوا: صَدَقَ يَا مُحَمَّدُ، فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ، فَأَمَرَ بِهِمَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَرُجِمَا
18751 -
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: فَرَأَيْتُ الرَّجُلَ يَحْنِي عَلَى الْمَرْأَةِ يَقِيهَا الْحِجَارَةَ
18752 -
وَبِإِسْنَادِهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ:«رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجَمَ يَهُودِيًّا وَيَهُودِيَّةً، وَرَأَيْتُهُ يُجَانِئُ عَلَيْهَا يَقِيهَا الْحِجَارَةَ» أَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ، وَأَيُّوبَ فِي الصَّحِيحِ
18753 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ الرَّبِيعِ: وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ الْخِيَارُ فِي أَحَدٍ مِنَ الْمُعَاهَدِينَ الَّذِينَ يَجْرِي عَلَيْهِمُ الْحُكْمُ إِذَا جَاءُوهُ فِي حَدِّ اللَّهِ، وَعَلَيْهِ أَنْ يُقِيمَهُ
18754 -
ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ: فَإِنْ جَاءَنَا مُحْتَسِبٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَوْ غَيْرِهِمْ فَذَكَرَ أَنَّ الذِّمِّيِّينَ يَعْمَلُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ أَعْمَالًا مِنْ رِبًا، أَوْ غَيْرِهِمْ، لَمْ نَكْشِفْهُمْ
⦗ص: 433⦘
عَنْهَا؛ لِأَنَّ مَا أَقْرَرْنَاهُمْ عَلَيْهِ مِنَ الشِّرْكِ أَعْظَمُ مَا لَمْ يَكُنْ لَهَا طَالِبٌ يَسْتَحِقُّهَا، وَكَذَلِكَ لَا يُكْشَفُونَ عَمَّا اسْتَحَلُّوا مِنْ نِكَاحِ الْمَحَارِمِ
18755 -
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: قَدْ كَتَبَ عُمَرُ رضي الله عنه: «يُفَرَّقُ بَيْنَ كُلِّ ذِي مَحْرَمٍ مِنَ الْمَجُوسِ، فَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يُفَرَّقَ إِذَا طَلَبَتْ ذَلِكَ الْمَرْأَةُ أَوْ وَلِيُّهَا، أَوْ طَلَبَهُ الزَّوْجُ لِيَسْقُطَ عَنْهُ مَهْرُهَا»
18756 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ فِي كِتَابِ تَحْرِيمِ الْجَمْعِ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ عِيسَى الرَّقَاشِيُّ قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى عَدِيٍّ، أَنْ سَلِ الْحَسَنَ: لِمَ أَقَرَّ الْمُسْلِمُونَ بُيُوتَ النِّيرَانِ، وَعِبَادَةَ الْأَوْثَانِ، وَنِكَاحَ الْأُمَّهَاتِ وَالْأَخَوَاتِ؟ " فَسَأَلَهُ، فَقَالَ الْحَسَنُ:«لِأَنَّ الْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ لَمَّا قَدِمَ الْبَحْرَيْنَ أَقَرَّهُمْ عَلَى ذَلِكَ»
18757 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَهَذَا لَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا بَيْنَ أَحَدٍ لَقِيتُهُ
18758 -
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ: وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ الْمُحَدِّثِينَ عَنْ عَوْفٍ الْأَعْرَابِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ، وَانْقَطَعَ الْحَدِيثُ وَإِنَّمَا عَنَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ
18759 -
مَا: أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ، حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الْأَزْرَقُ، عَنْ عَوْفٍ الْأَعْرَابِيِّ قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى عَدِيِّ بْنِ أَرْطَأَةَ: أَمَّا بَعْدُ فَاسْأَلِ الْحَسَنَ بْنَ أَبِي الْحَسَنِ: مَا مَنَعَ مَنْ قَبْلَنَا مِنَ الْأَئِمَّةِ أَنْ يَحُولُوا بَيْنَ الْمَجُوسِ وَبَيْنَ مَا يَجْمَعُونَ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَجْمَعُهُنَّ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْمِلَلِ غَيْرَهُمْ؟
⦗ص: 434⦘
18760 -
قَالَ: فَسَأَلَ عَدِيٌّ الْحَسَنَ، فَأَخْبَرَهُ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ قَبِلَ مِنْ مَجُوسِ أَهْلِ الْبَحْرَيْنِ الْجِزْيَةَ، وَأَقَرَّهُمْ عَلَى مَجُوسِيَّتِهِمْ، وَعَامِلُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْبَحْرَيْنِ الْعَلَاءُ بْنُ الْحَضْرَمِيِّ، وَأَمَرَّهُمْ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَقَرَّهُمْ عُمَرُ بَعْدَ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه، وَأَقَرَّهُمْ عُثْمَانُ رضي الله عنه»
18761 -
أَشَارَ إِلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ بَعْضِ الْمُحَدِّثِينَ فِي جُمْلَةٍ مِنَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي رِوَايَةِ. . . . عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغْدَادِيِّ عَنْهُ، إِنَّمَا هُوَ بَلَاغٌ. . . . سَمَاعٌ، فَقَدْ ذَكَرَ سَمَاعَهُ، وَهُوَ كَالْأَحَادِيثِ الَّتِي ذَكَرَهَا، فَمَا كَانَ لَهُ مِنْهَا سَمَاعٌ عَنْ شُيُوخِهِ، فَقَدْ ذَكَرَ فِيهِ سَمَاعَهُ، فَهُوَ فِيمَا بَلَغَهُ عَمَّنْ سَمَّاهُ
18762 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَغَيْرُهُ، قَالُوا: أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: آيَتَانِ نُسِخَتَا مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ - يَعْنِي الْمَائِدَةَ -: آيَةُ الْقَلَائِدِ، وَقَوْلُهُ:{فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} [المائدة: 42] قَالَ: فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُخَيَّرًا إِنْ شَاءَ حَكَمَ بَيْنَهُمْ، وَإِنْ شَاءَ أَعْرَضَ عَنْهُمْ، فَرَدَّهُمْ إِلَى حُكَّامِهِمْ قَالَ ثُمَّ نَزَلَتْ:{وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ} [المائدة: 49] قَالَ فَأُمِرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَهُمْ بِمَا فِي كِتَابِنَا
18763 -
وَرَوَاهُ أَيْضًا عَطِيَّةُ الْعَوْفِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْحُكْمِ وَهُوَ قَوْلُ عِكْرِمَةَ
18764 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ
⦗ص: 435⦘
عِكْرِمَةَ، {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} قَالَ نَسَخَتْهَا هَذِهِ الْآيَةُ:{وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ} [المائدة: 49]
18765 -
لَا يَحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَبَدًا. . . .، وَيْحَكُمُ عَلَيْهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَتَحَاكَمُوا فِي التَّعَدِّي. . . . إِذَا تَعَدَّوْا
37 - كِتَابُ الصَّيْدِ
بَابُ الصَّيْدِ
18766 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: قَالَ اللَّهُ عز وجل: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ، قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} [المائدة: 4]
18767 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: «الْكَلْبُ الْمُعَلَّمُ الَّذِي إِذَا أَشْلَى اسْتَشْلَى، وَإِذَا أَخَذَ حَبَسَ وَلَمْ يَأْكُلْ، فَإِذَا فَعَلَ هَذَا مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ كَانَ مُعَلَّمًا، يَأْكُلُ صَاحِبُهُ
⦗ص: 441⦘
مَا حَبَسَ عَلَيْهِ، وَإِنْ قَتَلَ مَا لَمْ يَأْكُلْ، فَإِذَا أَكَلَ فَقَدْ قِيلَ يُخْرِجُهُ هَذَا مِنْ أَنْ يَكُونَ مُعَلَّمًا، وَامْتَنَعَ صَاحِبُهُ مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنَ الصَّيْدِ الَّذِي أَكَلَ مِنْهُ الْكَلْبُ؛ لِأَنَّ الْكَلْبَ أَمْسَكَهُ عَلَى نَفْسِهِ، وَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ صَاحِبُ الْكَلْبِ أَكَلَ مِنْ صَيْدٍ غَيْرِ مُعَلَّمٍ،
18768 -
وَيَحْتَمِلُ الْقِيَاسُ أَنْ يَأْكُلَ، وَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ الْكَلْبُ»
18769 -
وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَبَعْضِ أَصْحَابِنَا
18770 -
وَإِنَّمَا تَرَكْنَا هَذَا لِلْأَثَرِ الَّذِي ذَكَرَ الشَّعْبِيُّ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«فَإِنْ أَكَلَ فَلَا تَأْكُلْ» وَإِذَا ثَبَتَ الْخَبَرُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَجُزْ تَرْكُهُ لِشَيْءٍ
18771 -
قَالَ أَحْمَدُ: أَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: فَأَخْبَرَنَاهُ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ، حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ:«إِذَا أَرْسَلَ أَحَدُكُمْ كَلْبَهُ الْمُعَلَّمَ، وَذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ، فَلْيَأْكُلْ مِمَّا أَمْسَكَ عَلَيْهِ، أَكَلَ أَوْ لَمْ يَأْكُلْ»
18772 -
وَأَمَّا حَدِيثُ سَعْدٍ فَهُوَ فِي جَامِعِ الثَّوْرِيِّ: عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ، عَنْ رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ: حُمَيْدُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: سَأَلْتُ سَعْدًا قُلْتُ: إِنَّ لَنَا كِلَابًا ضَوَارِيَ فَيُمْسِكْنَ عَلَيْنَا وَيَأْكُلْنَ وَيُبْقِينَ؟ قَالَ: كُلْ، وَإِنْ لَمْ يُبْقِينَ إِلَّا بَضْعَةً
18773 -
وَرُوِيَ عَنْهُ، عَنْ عَلِيٍّ، وَسَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ
⦗ص: 442⦘
18774 -
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ
18775 -
وَأَمَّا حَدِيثُ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَدِيٍّ، فَـ: أَخْبَرَنَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ فُورَكٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ ابْنِ أَبِي السَّفَرِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَدِيٍّ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْمِعْرَاضِ؟ فَقَالَ: «إِذَا أَصَابَ بِحَدِّهِ فَقَتَلَ فَكُلْ، وَإِذَا أَصَابَ بِعَرْضِهِ فَقَتَلَ فَهُوَ وَقِيذٌ فَلَا تَأْكُلْ» ، قُلْتُ: أُرْسِلُ كَلْبِي؟ قَالَ: «إِذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ عَلَى الصَّيْدِ وَسَمَّيْتَ فَأَخَذَ فَكُلْ، وَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ فَلَا تَأْكُلْ، فَإِنَّمَا أَمْسَكَ عَلَى نَفْسِهِ» ، قُلْتُ: أُرْسِلُ كَلْبِي فَأَجِدُ مَعَ كَلْبِي كَلْبًا آخَرَ لَا أَدْرِي أَيُّهُمَا أَخَذَهُ؟ قَالَ: «فَلَا تَأْكُلْ، فَإِنَّمَا سَمَّيْتَ عَلَى كَلْبِكَ، وَلَمْ تُسَمِّ عَلَى غَيْرِهِ» أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ
18776 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، وَأَبُو عَمْرِو بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عِيسَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، أَخْبَرَنَا عَاصِمٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الصَّيْدِ؟ فَقَالَ: «إِذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ فَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ، فَإِنْ أَدْرَكْتَهُ وَلَمْ يَقْتُلْ فَاذْبَحْ، وَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ وَإِنْ أَدْرَكْتَهُ قَدْ قَتَلَ وَلَمْ يَأْكُلْ فَكُلْ فَقَدْ أَمْسَكَهُ عَلَيْكَ وَإِنْ وَجَدْتَهُ قَدْ أَكَلَ مِنْهُ فَلَا تَطْعَمْ مِنْهُ شَيْئًا، فَإِنَّمَا أَمْسَكَهُ عَلَى نَفْسِهِ فَإِنْ خَالَطَ كَلْبَكَ كِلَابٌ فَقَتَلْنَ وَلَمْ يَأْكُلْنَ فَلَا تَأْكُلْ مِنْهُ شَيْئًا، فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي أَيُّهُمَا قَتَلَ وَإِذَا رَمَيْتَ بِسَهْمِكَ فَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ، فَإِنْ أَدْرَكْتَهُ فَكُلْ إِلَّا أَنْ تَجِدَهُ قَدْ
⦗ص: 443⦘
وَقَعَ فِي مَاءٍ فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي الْمَاءُ قَتَلَهُ أَوْ سَهْمُكَ، فَإِنْ وَجَدْتَهُ بَعْدَ لَيْلَةٍ أَوْ لَيْلَتَيْنِ فَلَمْ تَجِدْ فِيهِ أَثَرًا غَيْرَ أَثَرِ سَهْمِكَ فَشِئْتَ أَنْ تَأْكُلَ مِنْهُ فَكُلْ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَاصِمٍ وَأَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ زَكَرِيَّا وَغَيْرِهِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ
18777 -
وَرَوَاهُ مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَدِيٍّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَا عَلَّمْتَ مِنْ كَلْبٍ أَوْ بَازٍ ثُمَّ أَرْسَلْتَهُ وَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ فَكُلْ مِمَّا أَمْسَكَ عَلَيْكَ» ، قُلْتُ: وَإِنْ قَتَلَ؟ قَالَ: «إِذَا قَتَلَهُ وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنَّمَا أَمْسَكَهُ عَلَيْكَ»
18778 -
وَقَدْ تَفَرَّدَ مُجَالِدٌ بِذِكْرِ الْبَازِيِّ فِيهِ،
18779 -
وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا، وَكَانَ سَلْمَانُ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا فِي الْإِبَاحَةِ
⦗ص: 444⦘
،
18780 -
وَقَدْ رَوَى الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ حَرْمَلَةَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَكَلَ الْكَلْبُ فَلَا تَأْكُلْ، فَإِنَّمَا أَمْسَكَ عَلَى نَفْسِهِ»
18781 -
وَقَدْ ثَبَتَ هَذَا الْحَدِيثُ بِرِوَايَةِ الثِّقَاتِ عَنِ الشَّعْبِيِّ
18782 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ فِي آخَرِينَ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، أَنَّهُ سَمِعَ رَبِيعَةَ بْنَ يَزِيدَ الدِّمَشْقِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيَّ، يُحَدِّثُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيَّ، يَقُولُ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَرْضَنَا أَرْضُ صَيْدٍ أَصِيدُ بِالْكَلْبِ الْمُكَلَّبِ، وَبِالْكَلْبِ الَّذِي لَيْسَ بِمُكَلَّبٍ، فَأَخْبِرْنِي مَاذَا يَحِلُّ لَنَا مِمَّا يَحْرُمُ عَلَيْنَا مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ:«أَمَّا مَا صَادَ كَلْبُكَ الْمُكَلَّبُ فَكُلْ مَا أَمْسَكَ عَلَيْكَ وَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ، وَأَمَّا مَا صَادَ كَلْبُكَ الَّذِي لَيْسَ بِمُكَلَّبٍ فَأَدْرَكْتَ ذَكَاتَهُ فَكُلْ مِنْهُ، وَمَا لَمْ تُدْرِكْ ذَكَاتَهُ فَلَا تَأْكُلْ مِنْهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي الطَّاهِرِ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْمُقْرِئِ، عَنْ حَيْوَةَ
18783 -
وَرُوِيَ عَنْ يُونُسَ بْنِ سَيْفٍ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ، عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا رَدَّتْ عَلَيْكَ قَوْسُكَ وَيَدُكَ وَكَلْبُكَ فَكُلْ ذَكِيٌّ وَغَيْرُ ذَكِيٍّ»
⦗ص: 445⦘
18784 -
وَرَوَاهُ دَاوُدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ بُسْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ، عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي صَيْدِ الْكَلْبِ: «إِذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ وَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ فَكُلْ وَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ، وَكُلْ مَا رَدَّتْ يَدُكَ» وَهَاتَانِ الرِّوَايَتَانِ قَدْ أَخْرَجَهُمَا أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابِ السُّنَنِ
18785 -
وَأَخْرَجَ أَيْضًا حَدِيثَ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ أَبَا ثَعْلَبَةَ قَالَ: " يَا رَسُولَ اللَّهِ - فَذَكَرَ مَعْنَى مَا فِي هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ وَزَادَ وَإِنْ تَغَيَّبَ عَنِّي؟ قَالَ: «وَإِنْ تَغَيَّبَ عَنْكَ مَا لَمْ يَضِلَّ أَوْ تَجِدْ فِيهِ أَثَرًا غَيْرَ سَهْمِكَ»
18786 -
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَارِثِ الْفَقِيهُ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُبَشِّرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَشْعَثَ أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا حَبِيبٌ الْمُعَلِّمُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يُقَالُ لَهُ أَبُو ثَعْلَبَةَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي كِلَابًا مُكَلَّبَةً، فَأَفْتِنِي فِي صَيْدِهَا، فَقَالَ:«إِنْ كَانَتْ كِلَابًا مُكَلَّبَةً فَكُلْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكَ» قَالَ: ذَكِيٌّ وَغَيْرُ ذَكِيٍّ؟ قَالَ: «ذَكِيٌّ وَغَيْرُ ذَكِيٍّ» قَالَ: وَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ؟ قَالَ: «وَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ» قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفْتِنِي فِي قَوْسِي قَالَ:«كُلْ مَا رَدَّتْ عَلَيْكَ قَوْسُكَ» قَالَ: ذَكِيٌّ وَغَيْرُ ذَكِيٍّ؟ قَالَ: «ذَكِيٌّ وَغَيْرُ ذَكِيٍّ» قَالَ: وَإِنْ تَغَيَّبَ عَنِّي؟ قَالَ: «وَإِنْ تَغَيَّبَ عَنْكَ، مَا لَمْ يَضِلَّ أَوْ تَجِدْ فِيهِ أَثَرًا غَيْرَ سَهْمِكَ» قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفْتِنِي فِي آنِيَةِ الْمَجُوسِ إِذَا اضْطُرِرْنَا إِلَيْهَا قَالَ:«اغْسِلْهَا ثُمَّ كُلْ فِيهَا»
18787 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَحَدِيثُ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمْ أَصَحُّ مِنْ هَذَا، وَمَا يُخَالِفُهُ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ لَيْسَ فِي الرَّاوِيَةِ الَّتِي اعْتَمَدَهَا صَاحِبَا الصَّحِيحِ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ
تَسْمِيَةُ اللَّهِ عِنْدَ الْإِرْسَالِ
18788 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَتِنَا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ: أَحْبَبْتُ لَهُ أَنْ يُسَمِّيَ وَهَذَا لِمَا مَضَى فِي حَدِيثِ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمْ، وَأَبِي ثَعْلَبَةَ
18789 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَإِنْ لَمْ يُسَمِّ نَاسِيًا فَقَتَلَ أَكَلَ؛ لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ كَالذَّكَاةِ فَهُوَ لَوْ نَسِيَ التَّسْمِيَةَ فِي الذَّبِيحَةِ أَكَلَ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ يَذْبَحُ عَلَى اسْمِ اللَّهِ وَإِنْ نَسِيَ
⦗ص: 447⦘
18790 -
قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ رُوِّينَا عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ:«إِذَا ذَبَحَ الْمُسْلِمُ وَنَسِيَ أَنْ يَذْكُرَ اسْمَ اللَّهِ فَلْيَأْكُلْ، فَإِنَّ الْمُسْلِمَ فِيهِ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ»
18791 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَارِثِ الْفَقِيهُ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرِ بْنِ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ، عَنْ عَيْنٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ «إِذَا ذَبَحَ الْمُسْلِمُ فَلَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ فَلْيَأْكُلْ، فَإِنَّ الْمُسْلِمَ فِيهِ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ عز وجل»
18792 -
وَقَوْلُهُ: عَنْ عَيْنٍ - يَعْنِي عَنْ عِكْرِمَةَ
18793 -
وَرَوَاهُ مَعْقِلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«يَكْفِيهِ اسْمُهُ، فَإِنْ نَسِيَ أَنْ يُسَمِّيَ حِينَ يَذْبَحُ فَلْيَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ وَلْيَأْكُلْهُ» أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ الطُّرْسُوسِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا مَعْقِلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، فَذَكَرَهُ
18794 -
وَالْمَحْفُوظُ رِوَايَةُ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، مَوْقُوفًا عَلَيْهِ كَمَا مَضَى
18795 -
وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي الْمَرَاسِيلِ بِإِسْنَادٍ عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الصَّلْتِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «ذَبِيحَةُ الْمُسْلِمِ حَلَالٌ، ذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ أَوْ لَمْ يَذْكُرْ، إِنَّهُ إِنْ ذَكَرَ لَمْ يَذْكُرْ إِلَّا اسْمَ اللَّهِ»
⦗ص: 448⦘
18796 -
وَهَذَا الْمُرْسَلُ يُؤَكِّدُ قَوْلَ ابْنِ عَبَّاسٍ
18797 -
وَقَدْ أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، فِيمَا قَرَأْتُ عَلَيْهِ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا ابْنُ مُبَشِّرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَشْعَثَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ قَوْمًا قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ قَوْمًا يَأْتُونَنَا بِاللَّحْمِ لَا نَدْرِي أَذَكَرُوا اسْمَ اللَّهِ أَمْ لَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«سَمُّوا عَلَيْهِ وَكُلُوا» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي الْأَشْعَثَ، وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي خَالِدٍ الْأَحْمَرِ، وَأُسَامَةَ بْنِ حَفْصٍ، عَنْ هِشَامٍ مُوصَلًا
18798 -
وَاسْتَشْهَدَ بِرِوَايَةِ الدَّرَاوَرْدِيِّ عَنْ هِشَامٍ
18799 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: جَاءَتِ الْيَهُودُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: نَأْكُلُ مِمَّا قَتَلْنَا، وَلَا نَأْكُلُ مِمَّا قَتَلَ اللَّهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل:{وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: 121] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ
فِي الْإِرْسَالِ عَلَى الصَّيْدِ يَتَوَارَى عَنْكَ ثُمَّ تَجِدُهُ مَقْتُولًا
18800 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَالْخَبَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَأْكُلَهُ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ قَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ قَتَلَهُ غَيْرُ مَا أَرْسَلَ عَلَيْهِ مِنْ دَوَابِّ الْأَرْضِ، وَقَدْ سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ: إِنِّي أَرْمِي فَأُصْمِي وَأُنْمِي؟ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: «كُلْ مِمَّا أَصْمَيْتَ، وَدَعْ مَا أَنْمَيْتَ»
18801 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: مَا أَصْمَيْتَ: مَا قَتَلَتْهُ الْكِلَابُ وَأَنْتَ تَرَاهُ، وَمَا أَنْمَيْتَ: مَا غَابَ عَنْكَ مَقْتَلُهُ، ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ: وَلَا يَجُوزُ عِنْدِي فِيهِ إِلَّا هَذَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم شَيْءٌ فَإِنِّي أَتَوَهَّمُهُ فَيَسْقُطُ كُلُّ شَيْءٍ خَالَفَ أَمْرَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَا يَقُومُ مَعَهُ رَأْيٌ وَلَا قِيَاسٌ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَطَعَ الْعُذْرَ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
18802 -
قَالَ أَحْمَدُ: أَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ فَـ: أَخْبَرَنَاهُ أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكش بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الْرَّحِيلِ، حَدَّثَهُ أَنَّ عَمْرَو بْنَ مَيْمُونٍ حَدَّثَهُ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ أَعْرَابِيًّا أَتَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ، وَمَيْمُونٌ عِنْدَهُ، فَقَالَ: أَصْلَحَكَ اللَّهُ، إِنِّي أَرْمِي الصَّيْدَ فَأُصْمِي وَأُنْمِي، فَكَيْفَ تَرَى؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:«كُلْ مَا أَصْمَيْتَ، وَدَعْ مَا أَنْمَيْتَ»
18803 -
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ فِي الْمَرَاسِيلِ مِنْ حَدِيثِ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ، وَأَبِي رَزِينٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، مَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى، فَإِنَّهُ قَالَ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ: «بَاتَ عَنْكَ لَيْلَةً
⦗ص: 450⦘
، وَلَا آمَنُ أَنْ يَكُونَ هَامَةٌ أَعَانَتْكَ عَلَيْهِ، لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ»
18804 -
وَقَالَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى: «اللَّيْلُ خَلْقٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ عَظِيمٌ، لَعَلَّهُ أَعَانَكَ عَلَى شَيْءٍ، انْبِذْهَا عَنْكَ»
18805 -
وَأَمَّا الَّذِي تَوَهَّمَهُ الشَّافِعِيُّ مِنَ الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَهُوَ مَا رَوَيْنَا فِي حَدِيثِ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمْ فِي الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا، وَهُوَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم:«فَإِنْ وَجَدْتَهُ بَعْدَ لَيْلَةٍ أَوْ لَيْلَتَيْنِ فَلَمْ تَجِدْ فِيهِ أَثَرًا غَيْرَ أَثَرِ سَهْمِكَ فَشِئْتَ أَنْ تَأْكُلَ مِنْهُ فَكُلْ»
18806 -
وَرَوَاهُ دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، أَنَّهُ قَالَ: أَحَدُنَا يَرْمِي الصَّيْدَ فَيَقْتَفِي أَثَرَهُ الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ، ثُمَّ يَجِدُهُ مَيِّتًا وَفِيهِ سَهْمُهُ، أَيَأْكُلُ؟ قَالَ:«نَعَمْ إِنْ شَاءَ» ، أَوْ قَالَ:«يَأْكُلُ إِنْ شَاءَ»
18807 -
وَرَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، كَمَا أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو بَكْرِ بْنُ فُورَكٍ رحمه الله، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، وَهُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرْمِي الصَّيْدَ فَآخُذُهُ مِنَ الْغَدِ فِيهِ سَهْمِي؟ قَالَ:«إِذَا وَجَدْتَ فِيهِ سَهْمَكَ، وَعَلِمْتَ أَنَّهُ قَتَلَهُ وَلَمْ تَرَ فِيهِ أَثَرَ سَبْعٍ فَكُلْ»
⦗ص: 451⦘
18808 -
قَالَ: وَحَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ يُحَدِّثُ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَهُ نَحْوَهُ
18809 -
وَرَوَاهُ أَبُو ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيُّ، كَمَا أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ خَالِدٍ الْخَيَّاطُ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا رَمَيْتَ الصَّيْدَ فَأَدْرَكْتَهُ بَعْدَ ثَلَاثِ لَيَالٍ وَسَهْمُكَ فِيهِ فَكُلْ مَا لَمْ يُنْتِنْ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ خَالِدٍ
18810 -
وَحَدِيثُ الْبَهْزِيِّ فِي حِمَارِ الْوَحْشِ الْعَقِيرِ، وَفِي الظَّبْيِ الْحَاقِفِ فِيهِ سَهْمٌ قَدْ مَرَّ فِي كِتَابِ الْحَجِّ
مَا أُبِينَ مِنْ حَيٍّ
18811 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: «لَمْ يَأْكُلِ الْعُضْوَ الَّذِي بَانَ مِنْهُ وَفِيهِ الْحَيَاةُ الَّتِي تَبْقَى بَعْدَهُ»
18812 -
حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُؤَمَّلِ، حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَيْهَقِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ، وَالنَّاسُ يُحِبُّونَ أَسْنَامَ الْإِبِلِ وَيَقْطَعُونَ أَلْيَاتِ الْغَنَمِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«مَا قُطِعَ مِنَ الْبَهِيمَةِ وَهِيَ حَيَّةٌ فَهُوَ مَيْتَةٌ»
مَا لَا يَجُوزُ بِهِ الذَّكَاةُ مِنَ السِّنِّ وَالظُّفْرِ
18813 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ: عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا لَاقُو الْعَدُوِّ غَدًا وَلَيْسَ مَعَنَا مُدًى، أَنُذَكِّي بِاللِّيطِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَا أَنْهَرَ الدَّمَ
⦗ص: 454⦘
وَذُكِرَ عَلَيْهِ اسْمُ اللَّهِ فَكُلُوا، إِلَّا مَا كَانَ مِنْ سِنٍّ أَوْ ظُفْرٍ فَإِنَّ السِّنَّ عَظْمٌ مِنَ الْإِنْسَانِ، وَالظُّفْرَ مُدَى الْحَبَشِ»
18814 -
وَرَوَاهُ أَيْضًا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، وَمِنْ ذَلِكَ الْوَجْهِ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِيهِ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ
18815 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ حَرْمَلَةَ: وَمَعْقُولٌ فِي حَدِيثِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ السِّنَّ إِنَّمَا يُذَكَّى بِهَا إِذَا كَانَتْ مُنْتَزَعَةً، فَأَمَّا وَهِيَ ثَابِتَةٌ فَلَوْ أَرَادَ الذَّكَاةَ بِهَا كَانَتْ مُنْخَنِقَةً، وَإِذَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ السِّنَّ عَظْمٌ مِنَ الْإِنْسَانِ» ، وَقَالَ:«إِنَّ الظُّفْرَ مُدَى الْحَبَشِ» ، فَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ ظُفْرَ الْإِنْسَانِ قَالَهُ كَمَا قَالَهُ فِي السِّنِّ، وَلَكِنَّهُ أَرَادَ الظُّفْرَ الَّذِي هُوَ طِيبٌ مِنْ بِلَادِ الْحَبَشَةِ يُجْلَبُ، وَإِذَا نَهَى عَنِ الظُّفْرِ وَكَانَ الْمَعْقُولُ أَنَّهُ مَا وَصَفْتُ فَحَرَامٌ ذَلِكَ الظُّفْرُ وَالْأَسْنَانُ، وَعَظْمُهُ قِيَاسٌ عَلَى سِنِّهِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُذَكَّى مِنَ الْإِنْسَانِ بِعَظْمٍ لِأَنَّ السِّنَّ عَظْمٌ، وَلَيْسَ بِظُفْرٍ لِأَنَّهُ مِنَ الْإِنْسَانِ
18816 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَفِي حَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي إِحْدَادِ الْمَرْأَةِ:«وَلَا تَمَسَّ طِيبًا إِلَّا أَدْنَى طُهْرَتِهَا إِذَا تَطَهَّرَتْ مِنْ حَيْضَتِهَا نُبْذَةً مِنْ قُسْطٍ أَوْ أَظْفَارٍ»
⦗ص: 455⦘
18817 -
وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: وَقَدْ رَخَّصَ فِي طُهْرِهَا: إِذَا اغْتَسَلَتْ إِحْدَانَا مِنْ مَحِيضِهَا فِي نُبْذَةٍ مِنْ قُسْطٍ أَوْ أَظْفَارٍ، وَإِنَّمَا أَرَادَ طِيبًا
مَحَلُّ الذَّكَاةِ فِي الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ وَفِي غَيْرِ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ
18818 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، رحمه الله قَالَ: " الذَّكَاةُ ذَكَاتَانِ: فَمَا قَدَرَ عَلَى ذَكَاتِهِ مِمَّا يَحِلُّ أَكْلُهُ فَذَكَاتُهُ فِي اللَّبَّةِ وَالْحَلْقِ بِالذَّبْحِ وَالنَّحْرِ، وَمَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ فَذَكَاتُهُ أَنْ يُنَالَ بِالسِّلَاحِ حَيْثُ قَدَرَ عَلَيْهِ إِنْسِيًّا كَانَ أَوْ وَحْشِيًّا
⦗ص: 457⦘
،
18819 -
فَإِنْ تَرَدَّى بَعِيرٌ فِي بِئْرٍ أَوْ نَهْرٍ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى مَنْحَرِهِ وَلَا مَذْبَحِهِ حَيْثُ يُذَكَّى فَطُعِنَ فِيهِ بِسِكِّينٍ أَوْ شَيْءٍ يَجُوزُ الذَّكَاةُ فِيهِ فَأَنْهَرَ الدَّمَ مِنْهُ ثُمَّ مَاتَ يَحِلُّ، وَهَكَذَا ذَكَاةُ مَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ
18820 -
وَقَدْ تَرَدَّى بَعِيرٌ فِي بِئْرٍ فَطُعِنَ فِي شَاكِلَتِهِ فَسُئِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، فَأَمَرَ بِأَكْلِهِ وَأَخَذَ مِنْهُ عَبْدُ اللَّهِ عُشَيْرًا بِدِرْهَمَيْنِ
18821 -
وَسُئِلَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ عَنِ الْمُتَرَدِّي، يُنَالُ مِنَ السِّلَاحِ فَلَا يُقْدَرُ عَلَى مَذْبَحِهِ، فَقَالَ: «حَيْثُ مَا نِلْتَ مِنْهُ بِالسِّلَاحِ فَكُلْهُ
18822 -
وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ الْمُفْتِينَ»
18823 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فِي رِوَايَتِنَا: وَأَعْلَمُ فِي الْإِنْسِيِّ يَمْتَنِعُ خَبَرًا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَثْبُتُ بِأَنَّهُ رَأَى ذَكَاتَهُ كَذَكَاةِ الْوَحْشِيِّ، وَإِنَّمَا أَرَادَ
18824 -
مَا: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ قَالَ: وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ، وَاللَّفْظُ لَهُ أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ: أَصَبْنَا إِبِلًا وَغَنَمًا فَكُنَّا نَعْدِلُ الْبَعِيرَ بِعَشْرٍ مِنَ
⦗ص: 458⦘
الْغَنَمِ، فَنَدَّ عَلَيْنَا بَعِيرٌ مِنْهَا فَرَمَيْنَاهُ بِالنَّبْلِ، ثُمَّ سَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:«إِنَّ لِهَذِهِ الْإِبِلِ أَوَابِدَ، كَأَوَابِدِ الْوَحْشِ، فَإِذَا نَدَّ مِنْهَا فَاصْنَعُوا بِهِ ذَلِكَ وَكُلُوهُ»
18825 -
قَالَ سُفْيَانُ: وَزَادَ فِيهِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ: فَرَمَيْنَاهُ بِالنَّبْلِ حَتَّى رَهَضْنَاهُ
18826 -
قَالَ أَحْمَدُ: إِنَّمَا ذَكَرَ الشَّافِعِيُّ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ فِي رِوَايَةِ الرَّبِيعِ حَدِيثَ السِّنِّ وَالظُّفْرِ كَمَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ، وَقَدْ رَوَاهُ هَكَذَا فِي الْإِبِلِ أَيْضًا فِي سُنَنِ حَرْمَلَةَ، وَهَذَا الْإِسْنَادُ يَجْمَعُ الْحَدِيثَيْنِ جَمِيعًا وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ بِتَمَامِهِ
18827 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو خَلِيفَةَ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، عَنْ جَدِّهِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِذِي الْحُلَيْفَةِ فَأَصَابَ النَّاسَ جُوعٌ، فَأَصَبْنَا إِبِلًا وَغَنَمًا، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي أُخْرَيَاتِ النَّاسِ فَعَجِلُوا فَذَكُّوا وَنَصَبُوا الْقُدُورَ، فَدَفَعَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَمَرَ بِالْقُدُورِ فَأُكْفِئَتْ، ثُمَّ قَسَّمَ فَعَدَلَ عَشْرًا مِنَ الْغَنَمِ بِبَعِيرٍ، فَنَدَّ مِنْهَا بَعِيرٌ، وَكَانَ فِي الْقَوْمِ خَيْلٌ يَسِيرَةٌ، فَطَلَبُوهُ فَأَعْيَاهُمْ فَأَهْوَى إِلَيْهِ رَجُلٌ بِسَهْمٍ، فَحَبَسَهُ اللَّهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ لِهَذِهِ الْبَهَائِمِ أَوَابِدَ كَأَوَابِدِ الْوَحْشِ، فَمَا نَدَّ عَلَيْكُمْ فَاصْنَعُوا بِهِ هَكَذَا» قَالَ: وَقَالُوا: إِنَّا نَرْجُو أَوْ نَخَافُ الْعَدُوَّ غَدًا وَلَيْسَ مَعَنَا مُدًى، أَفَنَذْبَحُ بِالْقَصَبِ؟ قَالَ:" مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ فَكُلْ لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفْرَ، وَسَأُحَدِّثُكُمْ عَنْهُ: أَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ، وَأَمَّا الظُّفْرُ فَمُدَى الْحَبَشَةِ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ وَغَيْرِهِ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ
18828 -
وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ فَـ أَخْبَرَنَاهُ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَحْمَوَيْهِ الْعَسْكَرِيُّ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَلَانِسِيُّ، حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، «أَنَّ بَعِيرًا وَقَعَ فِي بِئْرٍ فَلَمْ يَسْتَطِيعُوهُ أَنْ يَنْحَرُوهُ إِلَّا مِنْ قِبَلِ شَاكِلَتِهِ، فَاشْتَرَى ابْنُ عُمَرَ مِنْهُ عُشَيْرًا بِدِرْهَمَيْنِ»
18829 -
وَرُوِّينَا فِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ
18830 -
وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي: أَخْبَرَنَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ فُورَكٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي الْعُشَرَاءِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا تَكُونُ الذَّكَاةُ إِلَّا فِي اللَّبَّةِ أَوِ الْحَلْقِ؟ قَالَ:«لَوْ طَعَنْتَ فِي فَخِذِهَا لَأَجْزَأَ عَنْكَ»
18831 -
فَإِنَّمَا هُوَ إِنْ ثَبَتَ فِي الْمُتَرَدِّيَةِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا فَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ فِي سُنَنِ حَرْمَلَةَ، عَنِ الثِّقَةِ عِنْدَهُ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، مَعَ حَدِيثِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ
18832 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَرُوِّينَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ
⦗ص: 460⦘
، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الْخَذْفَةِ وَقَالَ:«إِنَّهَا لَا يُصَادُ بِهَا صَيْدٌ، وَلَا يُنْكَأُ بِهَا عَدُوٌّ، وَهِيَ تَكْسِرُ السِّنَّ وَتَفْقَأُ الْعَيْنَ»
18833 -
وَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّهُ قَالَ:«وَاتَّقُوا الْأَرْنَبَ أَنْ يَخْذِفَهَا أَحَدُكُمْ بِالْعَصَا، وَلَكِنْ لِيُذَكِّ لَكُمُ الْأَسَلُ الرِّمَاحُ وَالنَّبْلُ»
18834 -
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي الْمَقْتُولَةِ بِالْبُنْدُقَةِ:«تِلْكَ الْمَوْقُوذَةُ»
18835 -
وَحَدِيثُ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ فِي صَيْدِ الْمِعْرَاضِ قَدْ مَضَى
الْحِيتَانُ
18836 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَلَمَةَ، أَنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ
⦗ص: 462⦘
أَبِي بُرْدَةَ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يَعْنِي فِي الْبَحْرِ:«هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ، الْحِلُّ مَيْتَتُهُ»
18837 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَكُلُّ مَا كَانَ يَعِيشُ فِي الْمَاءِ مِنْ حُوتٍ فَأَخْذُهُ ذَكَاتُهُ، وَسَوَاءٌ مَنْ أَخَذَهُ مِنْ مَجُوسٍ أَوْ وَثَنِيٍّ لِأَنَّهُ ذَكِيٌّ فِي نَفْسِهِ
18838 -
ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ: وَلَا أَدْرِي أَيُّ وَجْهٍ لِكَرَاهِيَةِ الطَّافِي، وَالسُّنَّةُ تَدُلُّ عَلَى أَكْلِ مَا لَفَظَ الْبَحْرُ مَيِّتًا بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً
18839 -
وَإِنَّمَا أَرَادَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
18839 -
مَا: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شَيْبَانَ الرَّمْلِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، سَمِعَ عَمْرٌو، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: بَعَثَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي ثَلَاثِمِائَةِ رَاكِبٍ وَأَمِيرُنَا أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ نَطْلُبُ عِيرَ قُرَيْشٍ، فَأَقَمْنَا عَلَى السَّاحِلِ حَتَّى فَنِيَ زَادُنَا فَأَكَلْنَا الْخَبَطَ، ثُمَّ إِنَّ الْبَحْرَ أَلْقَى لَنَا دَابَّةً يُقَالُ لَهَا: الْعَنْبَرُ، فَأَكَلْنَا مِنْهُ نِصْفَ شَهْرٍ حَتَّى صَلُحَتْ أَجْسَامُنَا، وَأَخَذَ أَبُو عُبَيْدَةَ ضِلَعًا مِنْ أَضْلَاعِهِ فَنَصَبَهُ وَنَظَرَ إِلَى أَطْوَلِ بَعِيرٍ فِي الْجَيْشِ وَأَطْوَلِ رَجُلٍ فَحَمَلَهُ عَلَيْهِ، فَجَازَ تَحْتَهُ وَقَدْ كَانَ رَجُلٌ نَحَرَ ثَلَاثَ جَزَائِرَ، ثُمَّ نَهَاهُ أَبُو عُبَيْدَةَ، وَكَانُوا يَرَوْنَهُ قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ "
⦗ص: 463⦘
أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ
18840 -
وَرَوَاهُ الْحُمَيْدِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: فَأَتَيْنَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرْنَاهُ، فَقَالَ:«هَلْ مَعَكُمْ مِنْهُ شَيْءٌ؟» قُلْنَا: لَا
18841 -
وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَمْرٍو قَالَ: فَأَلْقَى الْبَحْرُ حُوتًا مَيِّتًا لَمْ نَرَ مِثْلَهُ، وَقَالَ فِيهِ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَأَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا يَقُولُ: فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: كُلُوا، فَلَمَّا قَدِمْنَا ذَكَرْنَا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:«كُلُوا رِزْقًا أَخْرَجَهُ اللَّهُ، أَطْعِمُونَا إِنْ كَانَ مَعَكُمْ» ، فَأَتَاهُ بَعْضُهُمْ فَأَكَلَهُ
18842 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَتِنَا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ: فَقَالَ - يَعْنِي مَنْ كَرِهَ السَّمَكَ الطَّافِيَ -: «الْقِيَاسُ أَنَّهُ كُلَّهُ سَوَاءٌ، وَلَكِنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ بَعْضَ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم سَمَّى جَابِرًا أَوْ غَيْرَهُ - كَرِهَ الطَّافِيَ فَاتَّبَعْنَا فِيهِ الْأَثَرَ»
18843 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَإِنَّمَا أَرَادَ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: مَا ضَرَبَ بِهِ الْبَحْرُ أَوْ جَزَرَ عَنْهُ، أَوْ صِيدَ مِنْهُ فَكُلْ، وَمَا مَاتَ فِيهِ فَلَا تَأْكُلْ
18844 -
هَكَذَا رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، مَوْقُوفًا وَرَوَاهُ أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، فَرَفَعَهُ وَرِوَايَةُ الْجَمَاعَةِ عَنْ سُفْيَانَ، كَرِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، مَوْقُوفًا عَلَى جَابِرٍ وَرَوَاهُ يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، مَرْفُوعًا وَيَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ سَيِّئُ الْحِفْظِ كَثِيرُ الْوَهْمِ وَرُوِيَ مِنْ أَوْجُهٍ أُخَرَ مَرْفُوعَةٍ، وَكُلُّهَا ضَعِيفٌ وَإِنَّمَا هُوَ قَوْلُ جَابِرٍ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْهُ، وَقَدْ خَالَفَهُ عَدَدٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
18845 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: " قُلْتُ: لَوْ كُنْتَ تَتْبَعُ الْآثَارَ وَالسُّنَنَ حَتَّى تُفَرِّقَ بَيْنَ الْمُجْتَمِعِ مِنْهَا حَمِدْنَاكَ
⦗ص: 464⦘
، وَلَكِنَّكَ تَتْرُكُهَا ثَابِتَةً لَا مُخَالِفَ لَهَا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ، وَتَأْخُذُ زَعَمْتَ بِرِوَايَةٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ كَرِهَ الطَّافِيَ، وَقَدْ أَكَلَ أَبُو أَيُّوبَ سَمَكًا طَافِيًا، وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَمَعَهُ زَعَمْتَ الْقِيَاسَ وَزَعَمْنَا السُّنَّةَ، وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ،
18846 -
ثُمَّ قَالَ: وَذَكَرَ أَيُّوبُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، أَنَّ أَبَا أَيُّوبَ، أَكَلَ سَمَكًا طَافِيًا "
18847 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ، أَخْبَرَنَا أَبُو النَّضْرِ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ إِيَاسِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ، «أَنَّهُ أَكَلَ سَمَكًا طَافِيًا»
18848 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَرُوِّينَا عَنْ ثُمَامَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، أَنَّهُ رَكِبَ الْبَحْرَ فِي رَهْطٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَوَجَدُوا سَمَكَةً طَافِيَةً عَلَى الْمَاءِ فَسَأَلُوا فِيهَا فَقَالُوا: أَطَيِّبَةٌ هِيَ لَمْ تُغَيَّرْ؟ قَالُوا: نَعَمْ قَالَ: «فَكُلُوهَا وَارْفَعُوا نَصِيبِي مِنْهَا، وَكَانَ صَائِمًا»
18849 -
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، وَأَبِي صِرْمَةَ الْأَنْصَارِيِّ، أَنَّهُمَا أَكَلَا الطَّافِيَ
18850 -
وَرُوِّينَا عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: أَشْهَدُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ قَالَ: «السَّمَكَةُ الطَّافِيَةُ عَلَى الْمَاءِ حَلَالٌ لِمَنْ أَرَادَ أَكْلَهَا»
18851 -
وَرُوِّينَا فِيهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ
الْجَرَادُ
18852 -
أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ، أَخْبَرَنَا أَبُو النَّضْرِ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو يَعْفُورٍ الْعَبْدِيُّ قَالَ
⦗ص: 466⦘
: رَأَيْتُ ابْنَ أَبِي أَوْفَى فَسَأَلْتُهُ عَنْ أَكْلِ الْجَرَادِ، فَقَالَ: غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم سِتَّ غَزَوَاتٍ أَوْ سَبْعَ غَزَوَاتٍ، وَكُنَّا نَأْكُلُ الْجَرَادَ " أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ وَأَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي يَعْفُورٍ
18853 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ، الْمَيْتَتَانِ: الْحُوتُ، وَالْجَرَادُ، وَالدَّمَانِ - أَحْسَبُهُ قَالَ - الْكَبِدُ وَالطِّحَالُ "
18854 -
قَالَ أَحْمَدُ: هَكَذَا رَوَاهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَبْدِ اللَّهِ، وَأُسَامَةَ بَنِي زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِمْ، مَرْفُوعًا
18855 -
وَرَوَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ:«أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ»
18856 -
وَهَذَا أَصَحُّ، وَهُوَ فِي مَعْنَى الْمَرْفُوعِ
18857 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَالدَّرَاوَرْدِيُّ، أَوْ أَحَدُهُمَا، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:«النُّونُ وَالْجَرَادُ ذَكِيٌّ كُلُّهُ»
18858 -
قَالَ أَحْمَدُ: وَقَدْ رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ فِي الْجَامِعِ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ:«الْحِيتَانُ وَالْجَرَادُ ذَكِيٌّ كُلُّهُ»
18859 -
وَرُوِّينَا فِي إِبَاحَةِ أَكْلِ الْجَرَادِ عَنْ عُمَرَ، وَابْنِ عُمَرَ، وَالْمِقْدَادِ، وَصُهَيْبٍ
18860 -
وَرُوِّينَا عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ التَّيْمِيِّ قَالَ: سَأَلَ طَبِيبٌ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ ضِفْدَعٍ يَجْعَلُهَا فِي دَوَاءٍ، فَنَهَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ قَتْلِهَا أَخْبَرَنَاهُ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرِ بْنُ فُورَكٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْأَصْبَهَانِيُّ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ خَالِدِ بْنِ قَارِظٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ، فَذَكَرَهُ
18861 -
وَقَدْ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ حَرْمَلَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ