المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌38 - كتاب الضحايا ‌ ‌بَابُ الضَّحَايَا - معرفة السنن والآثار - جـ ١٤

[أبو بكر البيهقي]

فهرس الكتاب

‌38 - كتاب الضحايا

‌بَابُ الضَّحَايَا

ص: 7

18862 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو مُحَمَّدِ بْنُ يُوسُفَ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا الْمُزَكِّي، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ.

18863 -

كَذَا قَالُوا

ص: 7

18864 -

أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ، أَخْبَرَنَا أَبُو النَّضْرِ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرِ بْنُ سَلَامَةَ، حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ

⦗ص: 8⦘

عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُضَحِّي بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ»

18865 -

قَالَ أَنَسٌ: وَأَنَا أُضَحِّي بِكَبْشَيْنِ،

18866 -

هَكَذَا وَجَدْتُهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ،

18867 -

وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُظَفَّرِ الْحَافِظُ الْبَغْدَادِيُّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيِّ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ لَيْسَ فِيهِ:«أَمْلَحَيْنِ»

18868 -

وَرَوَاهُ الْمُزَنِيُّ فِي الْمُخْتَصَرِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُضَحِّي بِكَبْشَيْنِ»

18869 -

قَالَ أَنَسٌ: وَأَنَا أُضَحِّي بِكَبْشَيْنِ

18870 -

قَالَ: وَقَالَ أَنَسٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ: «ضَحَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ» ،

18871 -

وَهَذَا فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ أَبُو نُعَيْمِ بْنُ الْحَسَنِ، أَنَّ أَبَا عَوَانَةَ أَخْبَرَهُمْ، عَنِ الْمُزَنِيِّ، عَنِ الشَّافِعِيِّ،

18872 -

وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ بِهَذَا اللَّفْظِ، فَقَدْ رَوَاهُ إِسْحَاقُ الْحَنْظَلِيُّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ هَكَذَا لَيْسَ فِيهِ «أَمْلَحَيْنِ» ،

18873 -

وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ آدَمَ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، بِهَذَا اللَّفْظِ، وَأَخْرَجَ قَوْلَهُ:«أَمْلَحَيْنِ» فِي رِوَايَةِ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ

ص: 7

18874 -

أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ السِّمَرِيُّ، حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ:«ضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، فَرَأَيْتُهُ وَاضِعًا قَدَمَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا يُسَمِّي وَيُكَبِّرُ، فَذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ» ، رَوَاهُمَا الْبُخَارِيُّ، عَنْ آدَمَ، وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ، حَدِيثَ قَتَادَةَ مِنْ وَجْهَيْنِ آخَرَيْنِ، عَنْ شُعْبَةَ

ص: 9

18875 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ، أَخْبَرَنَا أَبُو النَّضْرِ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «كَانَ يُضَحِّي بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ» ،

18876 -

وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْإِسْنَادُ مُرَادَ الْمُزَنِيِّ بِذِكْرِ «أَمْلَحَيْنِ» فِيهِ، وَدَخَلَ لِلرَّبِيعِ حَدِيثٌ فِي حَدِيثٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ حَدِيثَ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ

ص: 9

18877 -

وَقَدْ أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو حَاتِمٍ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ مُحَمَّدٍ الْوَسَفَنْدِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا الْأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنِي

⦗ص: 10⦘

حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ» ،

18879 -

وَرُوِيَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسٍ، وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، وَغَيْرِهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ص: 9

‌الْأَمْرُ بِالْأُضْحِيَةِ

ص: 11

18880 -

أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا أَبُو النَّضْرِ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، حَدَّثَنَا الْأَسْوَدُ بْنُ قَيْسٍ قَالَ: سَمِعْتُ

⦗ص: 12⦘

جُنْدُبًا الْبَجَلِيَّ، يَقُولُ: شَهِدْتُ الْعِيدَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: إِنَّ أُنَاسًا ذَبَحُوا قَبْلَ

⦗ص: 13⦘

الصَّلَاةِ؟ فَقَالَ: «مَنْ كَانَ مِنْكُمْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَلْيُعِدْ ذَبِيحَتَهُ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ ذَبَحَ فَلْيَذْبَحْ عَلَى اسْمِ اللَّهِ» ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، وَأَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ، عَنِ الْأَسْوَدِ

ص: 11

18881 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: وَرَوَى مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، أَنَّ عُوَيْمِرَ بْنَ أَشْقَرَ «ذَبَحَ ضَحِيَّتَهُ قَبْلَ أَنْ يَغْدُوَ يَوْمَ الْأَضْحَى، وَأَنَّهُ ذَكَرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَمَرَهُ أَنْ يَعُودَ بِضَحِيَّةٍ أُخْرَى»

ص: 13

18882 -

قَالَ: وَرَوَى مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّ أَبَا بُرْدَةَ بْنَ نِيَارٍ " ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْأَضْحَى، فَزَعَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَهُ أَنْ يَعُودَ بِضَحِيَّةٍ أُخْرَى قَالَ أَبُو بُرْدَةَ: لَا أَجِدُ إِلَّا جَذَعًا؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «وَإِنْ لَمْ تَجِدْ إِلَّا جَذَعًا فَاذْبَحْهُ»

⦗ص: 14⦘

،

18883 -

هَكَذَا وَجَدْتُ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ فِي رِوَايَةِ الرَّبِيعِ، لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ سَمَاعَهُ مِنْ مَالِكٍ، وَكَأَنَّهُ عَرَضَ لَهُ شَكٌّ، أَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ نُسْخَةُ السَّمَاعِ فَتَرَكَ ذِكْرَهُ

18884 -

وَقَدْ أَخْبَرَنَاهُ أَبُو إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا أَبُو النَّضْرِ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَيْنِ بِالسَّمَاعِ مِنْ مَالِكٍ

ص: 13

18885 -

وَبِإِسْنَادِهِ قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبَّادُ بْنُ تَمِيمٍ، أَنَّ عُوَيْمِرَ بْنَ أَشْقَرَ ذَبَحَ أُضْحِيَتَهُ قَبْلَ أَنْ يَغْدُوَ يَوْمُ الْأَضْحَى، وَأَنَّهُ ذَكَرَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ أَنِ انْصَرَفَ، فَزَعَمَ أَنَّهُ أَمَرَهُ أَنْ يَعُودَ بِأُضْحِيَتِهِ

18886 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَهُمَا مُنْقَطِعَانِ، وَحَدِيثُ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ دِينَارٍ قَدْ ثَبُتَ مَوْصُولًا مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ

18887 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: فَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ إِنَّمَا أَمَرَهُ أَنْ يَعُودَ بِضَحِيَّتِهِ أَنَّ الضَّحِيَّةَ وَاجِبَةٌ، وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ أَمَرَهُ أَنْ يَعُودَ إِنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ؛ لِأَنَّ الضَّحِيَّةَ قَبْلَ الْوَقْتِ لَيْسَتْ بِضَحِيَّةٍ تُجْزِئُهُ، فَيَكُونَ فِي عِدَادِ مَنْ ضَحَّى، فَوَجَدْنَا الدَّلَالَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ الضَّحِيَّةَ لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ لَا يَحِلُّ تَرْكُهَا، وَهِيَ سُنَّةٌ نُحِبُّ لُزُومَهَا وَنَكْرَهُ تَرَكَهَا لَا عَلَى إِيجَابِهَا

ص: 14

18888 -

فَإِنْ قِيلَ: فَأَيْنَ السُّنَّةُ الَّتِي دَلَّتْ عَلَى أَنْ لَيْسَ بِوَاجِبَةٍ؟ قِيلَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ

⦗ص: 15⦘

: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ، وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ، فَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعْرِهِ، وَلَا مِنْ بَشَرِهِ شَيْئًا»

18889 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الضَّحِيَّةَ لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «فَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ» وَلَوْ كَانَتِ الضَّحِيَّةُ وَاجِبَةٌ أَشْبَهَ أَنْ يَقُولَ: فَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعْرِهِ حَتَّى يُضَحِّيَ

ص: 14

18890 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَدْ «بَلَغَنَا أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ وَعُمَرَ رضي الله عنهما كَانَا لَا يُضَحِّيَانِ كَرَاهِيَةَ أَنْ يُقْتَدَى بِهِمَا، فَيَظُنَّ مَنْ رَآهُمَا أَنَّهَا وَاجِبَةٌ»

18891 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ " جَلَسَ مَعَ أَصْحَابِهِ، ثُمَّ أَرْسَلَ بِدِرْهَمَيْنِ فَقَالَ: اشْتَرُوا بِهِمَا لَحْمًا، ثُمَّ قَالَ: هَذِهِ أُضْحِيَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ "

18892 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَدْ كَانَ قَلَّمَا يَمُرُّ بِهِ يَوْمٌ إِلَّا نَحَرَ فِيهِ أَوْ ذَبَحَ بِمَكَّةَ، وَإِنَّمَا أَرَادَ بِذَلِكَ مِثْلَ الَّذِي رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَلَا يَعْدُو الْقَوْلُ فِي الضَّحَايَا هَذَا، أَوْ أَنْ تَكُونَ وَاجِبَةً فَهِيَ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ لَا تُجْزِئُ غَيْرُ شَاةٍ عَنْ كُلِّ أَحَدٍ

ص: 15

18893 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بَالَوَيْهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبٍ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ أَبِي سَرِيحَةَ قَالَ:«أَدْرَكْتُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَكَانَا لِي جَارَيْنِ وَكَانَا لَا يُضَحِّيَانِ»

18894 -

وَرُوِّينَا فِي كِتَابِ السُّنَنِ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ بْنِ سَعِيدٍ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، وَمُطَرِّفٍ، وَإِسْمَاعِيلَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، وَفِي بَعْضِ حَدِيثِهِمْ: كَرَاهِيَةَ أَنْ يُقْتَدَى بِهِمَا

ص: 16

18895 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَاضِرُ بْنُ الْمُوَرِّعِ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيُّ: إِنِّي «لَأَتْرُكُ الْأَضْحَى، وَإِنِّي لَمُوسِرٌ كَرَاهِيَةَ أَنْ يَرَى جِيرَانِي وَأَهْلِي أَنَّهُ عَلَيَّ حَتْمٌ»

ص: 16

18896 -

وَرُوِّينَا عَنْ عِكْرِمَةَ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ " إِذَا حَضَرَ الْأَضْحَى أَعْطَى مَوْلًى لَهُ دِرْهَمَيْنِ؛ فَقَالَ: اشْتَرِ بِهِمَا لَحْمًا، وَأَخْبِرِ النَّاسَ أَنَّهُ أَضْحَى ابْنُ عَبَّاسٍ. أَخْبَرَنَاهُ أَبُو صَالِحِ بْنُ أَبِي الطَّاهِرِ الْعَنْبَرِيُّ ، أَخْبَرَنَا جَدِّي يَحْيَى بْنُ مَنْصُورٍ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، أَخْبَرَنَا الْقَعْنَبِيُّ، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ بُخْتٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ فَذَكَرَهُ،

18897 -

وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ. . .، عَنِ الدَّرَاوَرْدِيِّ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، بِمَعْنَاهُ

⦗ص: 17⦘

،

18898 -

وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ لَيْسَ بِحَتْمٍ، وَلَكِنَّهُ أَجْرٌ وَخَيْرٌ وَسُنَّةٌ

18899 -

وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي رَمْلَةَ عَنْ نَخْنَفِ بْنِ سُلَيْمٍ قَالَ: كُنَّا وُقُوفًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِعَرَفَاتٍ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: " أَيُّهَا النَّاسُ: إِنَّ عَلَى كُلِّ أَهْلِ بَيْتٍ فِي كُلِّ عَامٍ أُضْحِيَةٌ، وَعَتِيرَةٌ. وَهَلْ تَدْرُونَ مَا الْعَتِيرَةُ؟ هِيَ الَّتِي يُسَمُّونَهَا الرَّجَبِيَّةُ " أَخْبَرَنَاهُ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا رَوْحٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، حَدَّثَنَا أَبُو رَمْلَةَ. فَذَكَرَهُ،

18900 -

وَهَذَا إِنْ صَحَّ، فَالْمُرَادُ بِهِ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِحْبَابِ ، فَقَدْ جَمَعَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعَتِيرَةِ، وَالْعَتِيرَةُ غَيْرُ وَاجِبَةٍ بِالْإِجْمَاعِ

18901 -

وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ وَجَدَ سَعَةً لِأَنْ يُضَحِّيَ فَلَمْ يُضَحِّ، فَلَا يَحْضُرْ مُصَلَّانَا» فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ. كَذَا قَالَهُ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ،

18902 -

وَحَدِيثُ زَيْدِ بْنِ الْحُبَابِ غَيْرُ مَحْفُوظٍ،

18903 -

وَالَّذِي رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ مَرْفُوعًا: «نَسَخَ الْأَضْحَى كُلَّ ذَبْحٍ» إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ بِمَرَّةٍ، إِنَّمَا رَوَاهُ الْمُسَيَّبُ بْنُ شَرِيكٍ، وَاخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِي إِسْنَادِهِ

⦗ص: 18⦘

18904 -

وَكَذَلِكَ حَدِيثُ عَائِشَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَسْتَدِينُ وَأُضَحِّي؟ قَالَ: «نَعَمْ فَإِنَّهُ دَيْنٌ مَقْضِيٌّ» إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ ، وَهَدِيرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ لَمْ يُدْرِكْ عَائِشَةَ. قَالَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِيمَا أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْهُ. قَالَ: وَالْمُسَيِّبُ بْنُ شَرِيكٍ مَتْرُوكٌ

ص: 16

18905 -

وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي جَنَابٍ الْكَلْبِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" ثَلَاثٌ هُنَّ عَلَيَّ فَرَائِضُ، وَهُنَّ لَكُمْ تَطَوُّعٌ: النَّحْرُ، وَالْوِتْرُ، وَرَكْعَتَا الضُّحَى "، أَخْبَرَنَاهُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْهَاشِمِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ الْغَضَائِرِيُّ بِبَغْدَادَ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّزَّازُ، حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَدْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو جَنَابٍ الْكَلْبِيُّ فَذَكَرَاهُ،

18906 -

وَرُوِيَ عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَفَعَهُ فِي النَّحْرِ وَصَلَاةِ الضُّحَى بِمَعْنَاهُ،

18907 -

وَرُوِيَ عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَفَعَهُ فِي النَّحْرِ،

18908 -

وَأَمَّا قَوْلُهُ عز وجل: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: 2]

⦗ص: 19⦘

فَفِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ {وَانْحَرْ} [الكوثر: 2] يَقُولُ: فَاذْبَحْ يَوْمَ النَّحْرِ

18909 -

وَفِي رِوَايَةِ رَوْحِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ:«وَضَعَ الْيَمِينَ عَلَى الشِّمَالِ فِي الصَّلَاةِ عِنْدَ النَّحْرِ» ،

18910 -

وَرَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ، مِنْ قَوْلِهِ فِي رِوَايَةِ عُقْبَةَ بْنِ صَهْبَانَ، وَقِيلَ: ابْنُ ظَبْيَانَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، بِمَعْنَى رِوَايَةِ أَبِي الْجَوْزَاءِ،

18911 -

وَرُوِيَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، مِثْلُهُ،

18912 -

وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الْقَمُوصِ

ص: 18

18913 -

وَرُوِيَ عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ، عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّهُ قَالَ لِجِبْرِيلَ عليه السلام: «مَا هَذِهِ النَّحِيرَةُ الَّتِي أَمَرَنِي بِهَا رَبِّي؟» قَالَ: إِنَّهَا لَيْسَتْ بِنَحِيرَةٍ، وَلَكِنَّهُ يَأْمُرُكَ أَنْ تَرْفَعَ يَدَيْكَ إِذَا كَبَّرْتَ، وَإِذَا رَكَعْتَ، وَإِذَا رَفَعْتَ رَأْسَكَ مِنَ الرُّكُوعِ «

⦗ص: 20⦘

18914 -

وَرُوِّينَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ،» {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: 2] قَالَ: رَفْعُ الْيَدَيْنِ "

18915 -

وَرُوِّينَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: «صَلِّ الصَّلَاةَ بِجَمْعٍ، وَانْحَرِ الْبُدْنَ بِمِنًى»

18916 -

وَعَنْ مُجَاهِدٍ، وَعِكْرِمَةَ قَالَا:«فَصَلِّ الصَّلَاةَ، وَانْحَرِ الْبُدْنَ»

18917 -

وَعَنْ قَتَادَةَ قَالَ: «الصَّلَاةُ صَلَاةُ الْأَضْحَى، وَالنَّحْرُ نَحْرُ الْبُدْنِ»

ص: 19

18918 -

وَعَنِ الْكَلْبِيِّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، يَقُولُ:«صَلِّ لِرَبِّكَ قَبْلَ أَنْ تَذْبَحَ، ثُمَّ انْحَرِ الْبُدْنَ»

18919 -

قَالَ الْكَلْبِيُّ: وَيُقَالُ فِي قَوْلِهِ: " {وَانْحَرْ} [الكوثر: 2] يَعْنِي اسْتَقْبَلِ الْقِبْلَةَ بِنَحْرِكَ إِذَا كَبَّرْتَ "،

18920 -

وَذَكَرَهُ الْفَرَّاءُ فِي كِتَابِهِ، وَذَكَرَ مِنْ لِسَانِ الْعَرَبِ وَأَشْعَارِهِمْ مَا يُؤَكِّدُهُ

ص: 20

‌الِاخْتِيَارُ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ أَنْ لَا يَمَسَّ مِنْ شَعْرِهِ شَيْئًا حَتَّى يُضَحِّيَ

ص: 21

18921 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ فَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلَا يَمَسَّنَّ مِنْ شَعْرِهِ، وَلَا مِنْ بَشَرِهِ شَيْئًا» ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَرَ، عَنْ سُفْيَانَ، وَأَخْرَجَهُ عَنْ حَجَّاجِ بْنِ الشَّاعِرِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ كَثِيرٍ الْعَنْبَرِيِّ كَمَا

ص: 21

18922 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ كَامِلٍ، حَدَّثَنَا أَبُو قِلَابَةَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ كَثِيرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ فَأَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يُضَحِّيَ فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ»

⦗ص: 22⦘

18923 -

قَالَ أَحْمَدُ: هَذَا حَدِيثٌ قَدْ ثَبَتَ مَرْفُوعًا مِنْ أَوْجُهٍ لَا يَكُونُ مِثْلُهَا غَلَطًا، وَأَوْدَعَهُ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ كِتَابَهُ

ص: 21

18924 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: مَا دَلَّ عَلَى أَنَّهُ اخْتِيَارٌ لَا وَاجِبٌ؟ قِيلَ لَهُ: رَوَى مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَمْرَةَ قَالَتْ:«أَنَا فَتَلْتُ قَلَائِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدَيَّ، قَلَّدَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ بَعَثَ بِهَا مَعَ أَبِي، فَلَمْ يَحْرُمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَيْءٌ أَحَلَّهُ اللَّهُ لَهُ، حَتَّى نَحَرَ الْهَدْيَ»

18925 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَفِي هَذَا دَلَالَةٌ عَلَى مَا وَصَفْتُ وَعَلَى أَنَّ الْمَرْءَ لَا يُحْرِمُ بِالْبَعْثَةِ بِهَدْيِهِ يَقُولُ: الْبَعْثَةُ بِالْهَدْيِ أَكْثَرُ مِنْ إِرَادَةِ الضَّحِيَّةِ،

18926 -

وَهَذَا الْحَدِيثُ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ مُخَرَّجٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ، مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ

ص: 22

18927 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَنَّ أَبَا أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيَّ قَالَ:«كَانَ الرَّجُلُ يُضَحِّي بِالشَّاةِ الْوَاحِدَةِ عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، ثُمَّ تَبَاهَى النَّاسُ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ، فَصَارَتْ مُبَاهَاةً» ،

18928 -

وَهَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ أَبَا أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيَّ أَخْبَرَهُ قَالَ:«كُنَّا نُضَحِّي بِالشَّاةِ الْوَاحِدَةِ يَذْبَحُهَا الرَّجُلُ عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، ثُمَّ تَبَاهَى النَّاسُ بَعْدُ، فَصَارَتْ مُبَاهَاةً»

⦗ص: 23⦘

18929 -

أَخْبَرَنَاهُ أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ، حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، فِيمَا قَرَأَ عَلَى مَالِكٍ فَذَكَرَهُ

18930 -

وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، أَنَّهُ «كَانَ يُضَحِّي عَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ شَاةً» وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ هِشَامٍ

ص: 22

18931 -

وَرُوِّينَا فِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " أَمَرَ بِكَبْشٍ أَقْرَنَ يَطَأُ فِي سَوَادٍ، وَيَنْظُرُ فِي سَوَادٍ، وَيَبْرُكُ فِي سَوَادٍ، فَأُتِيَ بِهِ لِيُضَحَّى بِهِ، فَقَالَ:«يَا عَائِشَةُ هَلُمِّي الْمُدْيَةَ» ، ثُمَّ قَالَ:«اشْحَذِيهَا بِحَجَرٍ» ، فَفَعَلْتُ، فَأَخَذَهَا وَأَخَذَ الْكَبْشَ، فَأَضْجَعَهُ، وَذَبَحَهُ وَقَالَ:«بِسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ، وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ» ، ثُمَّ ضَحَّى بِهِ،

18932 -

أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: قَالَ حَيْوَةُ: أَخْبَرَنِي أَبُو صَخْرٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ قُسَيْطٍ، بِهَذَا الْحَدِيثِ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ هَارُونَ بْنِ مَعْرُوفٍ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ

ص: 23

18933 -

وَرَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَوْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا ضَحَّى أَتَى بِكَبْشَيْنِ أَقْرَنَيْنِ

⦗ص: 24⦘

أَمْلَحَيْنِ مَوْجُوءَيْنِ فَيَذْبَحُ أَحَدَهُمَا عَنْ أُمَّتِهِ مَنْ شَهِدَ لِلَّهِ بِالتَّوْحِيدِ وَشَهِدَ لَهُ بِالْبَلَاغِ، وَيَذْبَحُ الْآخَرَ عَنْ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ "،

18934 -

أَخْبَرَنَاهُ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ اللَّخْمِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ عَقِيلٍ

ص: 23

18935 -

وَأَخْبَرَنَا عَلِيٌّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ، فَذَكَرَهُ غَيْرَ، أَنَّ فِيَ حَدِيثِ الْفِرْيَابِيِّ:«إِذَا ضَحَّى اشْتَرَى كَبْشَيْنِ سَمِينَيْنِ أَقْرَنَيْنِ أَمْلَحَيْنِ مَوْجُوءَيْنِ»

ص: 24

18936 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ الْإِسْكَنْدَرَانِيُّ، عَنْ عَمْرٍو، عَنِ الْمُطَّلِبِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْأَضْحَى بِالْمُصَلَّى، فَلَمَّا قَضَى خُطْبَتَهُ نَزَلَ مِنْ مِنْبَرِهِ، وَأَتَى بِكَبْشٍ فَذَبَحَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ، وَقَالَ:«بِسْمِ اللَّهِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ، هَذَا عَنِّي، وَعَنْ مَنْ لَمْ يُضَحِّ مِنْ أُمَّتِي»

18937 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَتِنَا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، وَلَوْ زَعَمْنَا أَنَّ الضَّحَايَا وَاجِبَةٌ مَا أَجْزَأَ أَهْلَ الْبَيْتِ أَنْ يُضَحُّوا إِلَّا عَنْ كُلِّ إِنْسَانٍ شَاةً، أَوْ عَنْ كُلِّ سَبْعَةٍ بِجَزُورٍ، وَلَكِنَّهَا لَمَّا كَانَتْ غَيْرَ فَرَضٍ كَانَ الرَّجُلُ إِذَا ضَحَّى فِي بَيْتِهِ كَانَتْ قَدْ وَقَعَتْ ثَمَّ اسْمُ ضَحِيَّةٍ، وَلَمْ تُعَطَّلْ، وَكَانَ مَنْ تَرَكَ ذَلِكَ مِنْ أَهْلِهِ لَمْ يَتْرُكْ فَرْضًا

⦗ص: 25⦘

18938 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَقَوْلُهُ: «مَوْجُوءَيْنِ» أَرَادَ بِهِ مَنْزُوعَيِ الْخِصْيَتَيْنِ،

18939 -

وَقِيلَ: الْوِجَاءُ أَنْ تُرَضَّ أُنْثِيَا الْفَحْلِ، وَقِيلَ: الْوِجَاءُ أَنْ تُوجَأَ الْعُرُوقُ، وَالْخِصْيَتَانِ بِحَالِهِمَا، وَالْخِصَاءُ شَقُّ الْخِصْيَتَيْنِ وَاسْتِئْصَالُهُمَا،

18940 -

وَقَدْ رُوِيَ أَيْضًا فِي حَدِيثِ أَبِي عَيَّاشٍ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ضَحَّى بِهِمَا،

18941 -

وَفِي ذَلِكَ كَالدَّلَالَةِ عَلَى جَوَازِ خِصَاءِ الْبَهَائِمِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَالْحَسَنُ، وَابْنُ سِيرِينَ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ

18942 -

وَرُوِّينَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، " أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ خِصَاءَ الْبَهَائِمِ، وَيَقُولُ:«لَا تَقْطَعُوا نَامِيَةَ خَلَقِ اللَّهِ» ،

18943 -

أَسْنَدَهُ بَعْضُ الضُّعَفَاءِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَبَعْضُهُمْ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَالصَّحِيحُ هُوَ الْمَوْقُوفُ عَلَى ابْنِ عُمَرَ

ص: 24

18944 -

وَرُوِيَ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ صَبْرِ الرُّوحِ» ،

18945 -

قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَخِصَاءُ الْبَهَائِمِ صَبْرٌ شَدِيدٌ،

18946 -

وَقَدْ أَدْرَجَهُ بَعْضُ الرُّوَاةَ فِي الْحَدِيثِ، فَجَعَلَ النَّهْيَ عَنْهُمَا جَمِيعًا، وَالصَّحِيحُ مَا ذَكَرْنَا

⦗ص: 26⦘

،

18947 -

وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ: " {وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} [النساء: 119] يَعْنِي خِصَاءَ الْبَهَائِمِ،

18948 -

فَكَأَنَّهُ عَدَّ ذَلِكَ مِمَّا يَأْمُرُ بِهِ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَعَاصِي، وَاللَّهُ أَعْلَمُ

ص: 25

‌مَا يُضَحَّى بِهِ

ص: 27

18949 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: " فَإِنْ ضَحَّى فَأَقَلُّ مَا يَكْفِيهِ جَذَعُ الضَّأْنِ، أَوْ ثَنِيُّ الْمَعْزِ، أَوْ ثَنِيُّ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ، وَالْإِبِلُ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يُضَحَّى بِهَا مِنَ الْبَقَرِ، وَالْبَقَرُ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يُضَحَّى بِهَا مِنَ الْغَنَمِ،

18950 -

وَكُلُّ مَا غَلَا مِنَ الْغَنَمِ كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا رَخُصَ،

18951 -

وَكُلُّ مَا طَابَ لَحْمُهُ كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا يَخْبُثُ لَحْمُهُ، فَالضَّأْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الْمِعْزَى، وَالْعَفْرِيُّ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ السَّوْدَاءِ،

18952 -

وَإِذَا كَانَتِ الضَّحَايَا إِنَّمَا هِيَ دَمٌ يُتَقَرَّبُ بِهِ فَخَيْرُ الدِّمَاءِ أَحَبُّ إِلَيَّ،

18953 -

وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ أَنَّ قَوْلَ اللَّهِ: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ} [الحج: 32] اسْتِسْمَانُ الْهَدْيِ،

18954 -

وَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَيُّ الرِّقَابِ أَفْضَلُ؟ فَقَالَ: «أَغْلَاهَا ثَمَنًا، وَأَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا» وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِي هَذَا

ص: 27

18955 -

وَالَّذِي حَكَاهُ عَنْ بَعْضِ الْمُفَسِّرِينَ، قَدْ رُوِّينَاهُ عَنْ مُجَاهِدٍ،

18956 -

أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا أَبُو النَّضْرِ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَامَ يَوْمَ النَّحْرِ خَطِيبًا، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:«لَا يُذْبَحُ حَتَّى يُصَلَّى» ، فَقَامَ خَالِي، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا يَوْمٌ اللَّحْمُ فِيهِ مَكْرُوهٌ، وَإِنِّي ذَبَحْتُ نُسُكِي فَأَطْعَمْتُ أَهْلِي وَجِيرَانِي؟ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«قَدْ فَعَلْتَ فَأَعِدْ ذَبِيحًا» ، فَقَالَ: عِنْدِي عَنَاقُ لَبَنٍ هُوَ خَيْرٌ مِنْ شَاتَيْ لَحْمٍ؟ فَقَالَ: «هِيَ خَيْرُ نُسُكِكَ لَا تُجْزِئُ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ»

18957 -

قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ: أَظُنُّ أَنَّهَا مَاعِزٌ

18958 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: الْعَنَاقُ هِيَ مَاعِزَةٌ، كَمَا قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ إِنَّمَا يُقَالُ لِلضَّانِيَةِ: رَحْلٌ

18959 -

وَقَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «هِيَ خَيْرُ نُسُكِكَ» أَنَّكَ ذَبَحْتَهُمَا تَنْوِي بِهِمَا نُسُكَيْنِ، فَلَمَّا قَدَّمْتَ الْأُولَى قَبْلَ وَقْتِ الذَّبْحِ كَانَتِ الْآخِرَةُ هِيَ النَّسِيكَةُ، وَالْأُولَى غَيْرُ نَسِيكَةٍ، وَإِنْ نَوَيْتَ بِهَا النَّسِيكَةَ،

18960 -

وَقَوْلُهُ: «لَا تُجْزِئُ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ» عَلَى أَنَّهَا لَهُ خَاصَّةً،

18961 -

وَقَوْلُهُ: عَنَاقُ لَبَنٍ: يَعْنِي عَنَاقًا تُقْتَنَى لِلَّبَنِ لَا لِلذَّبْحِ

ص: 28

18962 -

وَبِإِسْنَادِهِ قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَحْيَى مَوْلَى الْأَسْلَمِيِّينَ، عَنْ أُمِّهِ قَالَتْ: أَخْبَرَتْنِي أُمُّ بِلَالٍ بِنْتُ هِلَالٍ

⦗ص: 29⦘

، عَنْ أَبِيهَا - هَكَذَا قَرَأَهُ الْمُزَنِيُّ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«يَجُوزُ الْجِذْعُ مِنَ الضَّأْنِ أُضْحِيَةً»

18963 -

قَالَ أَحْمَدُ: أَمَّا حَدِيثُ الْبَرَاءِ فَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، وَاسْتَشْهَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ، وَأَمَّا هَذَا الْحَدِيثُ فَلَيْسَ فِيهِ أَبُوهَا،

18964 -

وَقَدْ أَخْبَرَنَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَارِثِ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَوَّارٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِزِ الْحِزَامِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ وَهُوَ أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، فَذَكَرَهُ، وَلَيْسَ فِيهِ عَنْ أَبِيهَا، وَهُوَ الصَّحِيحُ،

18965 -

كَذَلِكَ رَوَاهُ يَحْيَى الْقَطَّانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَحْيَى، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: وَكَانَ أَبُوهَا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم،

18966 -

وَرُوِّينَا مَعْنَاهُ فِي حَدِيثِ مُجَاشِعٍ رَجُلٍ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ص: 28

18967 -

وَفِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَذْبَحُوا إِلَّا مُسِنَّةً إِلَّا أَنْ يَعْسُرَ عَلَيْكُمْ فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنَ الضَّأْنِ»

⦗ص: 30⦘

، أَخْبَرَنَاهُ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شَاذَانَ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، فَذَكَرَهُ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ، عَنْ زُهَيْرٍ

ص: 29

‌مَا لَا يُضَحَّى بِهِ

ص: 31

18968 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي سُنَنِ حَرْمَلَةَ، أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ فَيْرُوزَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ: مَاذَا

⦗ص: 32⦘

يُتَّقَى مِنَ الضَّحَايَا؟ فَأَشَارَ بِيَدِهِ، وَقَالَ:«أَرْبَعًا» ، وَكَانَ الْبَرَاءُ يُشِيرُ بِيَدِهِ وَيَقُولُ

⦗ص: 33⦘

يَدِي أَقْصَرُ مِنْ يَدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «الْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ ظَلْعُهَا، وَالْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا، وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا، وَالْعَجْفَاءُ الَّتِي لَا تُنْقِي» ، أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا الْمُزَكِّي، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ الطَّرَائِفِيُّ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ، حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، فِيمَا قَرَأَ عَلَى مَالِكٍ فَذَكَرَهُ،

18969 -

وَزَعَمَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْحَارِثِ، إِنَّمَا سَمِعَهُ مِنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ فَيْرُوزَ، وَيَزِيدُ، إِنَّمَا سَمِعَهُ مِنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عُبَيْدٍ، ثُمَّ رَوَاهُ شُعْبَةُ عَنْ سُلَيْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ عُبَيْدَ بْنَ فَيْرُوزَ،

18970 -

وَرَوَاهُ عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الْقَاسِمِ مَوْلَى خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ فَيْرُوزَ،

18971 -

وَرَوَاهُ ابْنُ بُكَيْرٍ، وَسَائِرُ أَصْحَابِ اللَّيْثِ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ فَيْرُوزَ، دُونَ ذِكْرِ الْقَاسِمِ فِيهِ،

18972 -

وَكَانَ الْبُخَارِيُّ يَمِيلُ إِلَى تَصْحِيحِ رِوَايَةِ شُعْبَةَ، وَلَا يَرْضَى رِوَايَةَ عُثْمَانَ بْنِ عُمَرَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ

ص: 31

18973 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ وَكَانَ رَجُلَ صِدْقٍ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ:«أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَسْتَشْرِفَ الْعَيْنَ وَالْأُذُنَيْنِ، وَلَا نُضَحِّي بِعَوْرَاءَ، وَلَا مُقَابَلَةٍ، وَلَا مُدَابَرَةٍ، وَلَا خَرْقَاءَ، وَلَا شَرْقَاءَ»

18974 -

قَالَ زُهَيْرٌ: فَقُلْتُ لِأَبِي إِسْحَاقَ: أَذَكَرَ عَضْبَاءَ؟ قَالَ: لَا، قُلْتُ: فَمَا الْمُقَابَلَةُ؟ قَالَ: يُقْطَعُ طَرَفُ الْأُذُنِ، قُلْتُ: فَمَا الْمُدَابَرَةُ؟ قَالَ: يُقْطَعُ مُؤَخِّرُ الْأُذُنِ، قُلْتُ: فَمَا الشَّرْقَاءُ؟ قَالَ: شَقُّ الْأُذُنِ، قُلْتُ: فَمَا الْخَرْقَاءُ؟ قَالَ: تُخْرَقُ أُذُنُهَا لِلسِّمَةِ

ص: 34

18975 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ: قَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَاسَرْجِسِيُّ فِيمَا قَرَأْتُهُ مِنْ سَمَاعِهِ فِي كِتَابِهِ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مَسْعُودٍ التَّجِيبِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ ابْنِ أَخِي حَرْمَلَةَ، حَدَّثَنَا عَمِّي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْغَنَمِ:. . .، فَذَكَرَ كَلَامًا كَثِيرًا ثُمَّ قَالَ: وَمِنْهُنَّ الشَّرْقَاءُ وَالْخَرْقَاءُ، وَالْمُقَابَلَةُ، وَالْمُدَابَرَةُ، وَالْجَدْعَاءُ، وَالْقَصْوَاءُ، وَالْعَضْبَاءُ، وَالْجَلْحَاءُ، وَذَكَرَ غَيْرَهُنَّ

18976 -

قَالَ: فَأَمَّا الشَّرْقَاءُ: فَالْمَشْقُوقَةُ الْأُذُنِ ثِنْتَيْنِ طُولًا،

18977 -

وَالْخَرْقَاءُ: الَّتِي فِي أُذُنِهَا ثُقْبٌ مُسْتَدِيرٌ،

18978 -

وَالْمُقَابَلَةُ: الَّتِي قُطِعَ مِنْ مُقَدَّمِ أُذُنِهَا وَتُرِكَ مُعَلَّقًا كَأَنَّهُ زَنَمَةٌ،

18979 -

وَالْمُدَابَرَةُ: الَّتِي قُطِعَ مِنْ مُؤَخَّرِ الْأُذُنِ قَلِيلًا وَتُرِكَ مُعَلَّقًا،

18980 -

وَالْجَدْعَاءُ: الَّتِي قَدْ جُدِعَتْ أُذُنُهَا كُلُّهَا،

18981 -

وَالْقَصْوَاءُ: الْمَقْطُوعَةُ الْأُذُنِ بِالْعَرْضِ،

18982 -

وَالْعَضْبَاءُ: الْمَكْسُورَةُ الْقَرْنِ

⦗ص: 35⦘

،

18983 -

وَالْعَرْجَاءُ: الَّتِي لَا تَلْحَقُ الْغَنَمَ،

18984 -

وَالْعَقْصَاءُ: الْمُلْتَوِيَةُ الْقَرْنِ،

18985 -

وَالْجَلْحَاءُ: الْجَمَّاءُ، وَالصَّمْعَاءُ الصَّغِيرَةُ الْأُذُنِ،

18986 -

وَالْعَرْمَاءُ: مَيْلُ الْقَرْنِ إِلَى الْقَرْنِ

18987 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ الرَّبِيعِ: وَإِذَا زَعَمْنَا أَنَّ الْعَرْجَاءَ وَالْعَوْرَاءَ لَا تَجُوزُ فِي الضَّحِيَّةِ كَانَتْ إِذَا كَانَتْ عَمْيَاءُ أَوْ لَا يَدَ لَهَا، وَلَا رِجْلَ دَاخِلَةً فِي هَذَا الْمَعْنَى وَفِي أَكْثَرَ مِنْهُ، وَإِذَا خُلِقَتْ لَهَا أُذُنٌ مَا كَانَتْ أَجْزَأَتْ، وَإِنْ خُلِقَتْ لَا أُذُنَ لَهَا لَمْ تُجْزِئْ، وَكَذَلِكَ لَوْ جُدِعَتْ لَمْ تُجْزِئْ؛ لِأَنَّ هَذَا نَقْصٌ مِنَ الْمَأْكُولِ مِنْهَا. وَلَا تُجْزِئُ الْجَزْبَاءُ

18988 -

قَالَ: وَلَيْسَ فِي الْقَرْنِ نَقْصٌ فَيُضَحَّى بِالْجَلْحَاءِ، وَإِنْ كَانَ قَرْنُهَا مَكْسُورًا قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا يُدْمِي أَوْ لَا يُدْمِي فَهِيَ تُجْزِئُ، وَهَذَا فِيمَا: أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فَذَكَرَهُ،

18989 -

وَعَلَى قِيَاسِ هَذَا قَالَ أَصْحَابُنَا: وَيُنْظَرُ فِي الْخَرْقَاءِ وَالشَّرْقَاءِ وَغَيْرِهِمَا، فَإِنْ كَانَ قَدْ ذَهَبَ مِنْهَا قِطْعَةٌ مِنَ اللَّحْمِ لَمْ تُجْزِ، وَإِنْ لَمْ يَذْهَبْ كَرِهْنَا لَهُ أَنْ يُضَحِّيَ بِهَا، وَإِنْ ضَحَّى جَازَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ نَقْصٌ مِنَ الْمَأْكُولِ مِنْهَا،

18990 -

وَهُوَ قِيَاسُ مَا رُوِّينَا عَنْ عَلِيٍّ، أَنَّهُ قَالَ فِي مَكْسُورَةِ الْقَرْنِ:«لَا يَضُرُّكَ»

ص: 34

18991 -

أَخْبَرَنَاهُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرِ بْنُ دُحَيْمٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَازِمٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، وَقَبِيصَةُ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ حُجَيَّةَ بْنِ عَدِيٍّ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عَلِيٍّ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ الْبَقَرَةُ؟ فَقَالَ: تُجْزِئُ عَنْ سَبْعَةٍ قَالَ: مَكْسُورَةُ الْقَرْنِ؟ قَالَ: لَا يَضُرُّكَ قَالَ: الْعَرْجَاءُ؟ قَالَ: إِذَا بَلَغَتِ الْمَنْسَكَ «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَسْتَشْرِفَ الْعَيْنَ وَالْأُذُنَ»

⦗ص: 36⦘

18992 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَفِي هَذَا دَلَالَةٌ عَلَى ضِعْفِ رِوَايَةِ جُرَيِّ بْنِ كُلَيْبٍ: عَنْ عَلِيٍّ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنْ يُضَحَّى بِعَضْبَاءِ الْأُذُنِ وَالْقَرْنِ. لِأَنَّ عَلِيًّا لَمْ يُخَالِفِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا رُوِيَ عَنْهُ، أَوْ يَكُونُ الْمُرَادُ بِهِ نَهْيُ تَنْزِيهٍ لِتَكُونَ الْأُضْحِيَةُ كَامِلَةً مِنْ جَمِيعِ الْوُجُوهِ، أَوْ يَكُونَ النَّهْيُ رَاجِعًا إِلَيْهِمَا مَعًا، وَيَكُونَ الْمَانِعُ مِنَ الْجَوَازِ مَا ذَهَبَ مِنَ الْأُذُنِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ،

18993 -

وَفِيهِ أَيْضًا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْقَرْحَ إِذَا كَانَ يَسِيرًا لَا يَمْنَعُ الْمَشْيَ لَا يَمْنَعُ مِنَ الْإِجْزَاءِ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ،

18994 -

وَرُوِيَ عَنْ عَمَّارٍ فِي مَكْسُورَةِ الْقَرْنِ مِثْلُ قَوْلِ عَلِيٍّ

ص: 35

‌وَقْتُ الْأَضْحَى

ص: 37

18996 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، ح، وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَاللَّفْظُ لِحَدِيثِهِ هَذَا قَالَ: أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ سَهْلٍ الْبُخَارِيُّ، حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَبِيبٍ الْبَغْدَادِيُّ، حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ النَّحْرِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، ثُمَّ قَالَ:«مَنْ صَلَّى صَلَاتَنَا، وَنَسَكَ نُسُكَنَا فَقَدْ أَصَابَ النُّسُكَ، وَمَنْ نَسَكَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَتِلْكَ شَاةُ لَحْمٍ» قَالَ أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَاللَّهِ لَقَدْ نَسَكْتُ قَبْلَ أَنْ أَخْرُجَ إِلَى الصَّلَاةِ عَرَفْتُ أَنَّ الْيَوْمَ يَوْمُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ فَتَعَجَّلْتُ فَأَكَلْتُ وَأَطْعَمْتُ أَهْلِي وَجِيرَانِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«فَقَدْ فَعَلْتَ فَأَعِدْ ذَبْحًا آخَرَ» قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ عِنْدِي عَنَاقًا لِي خَيْرٌ مِنْ شَاتَيْ لَحْمٍ أَفَأَذْبَحُهَا؟ قَالَ: «نَعَمْ وَهِيَ خَيْرُ نُسُكِكَ، وَلَا تَقْضِي جَذَعَةٌ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ» ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ مُسَدَّدٍ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ هَنَّادٍ،

18997 -

وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي كِتَابِ الْعِيدَيْنِ قَدْرَ صَلَاتِهِ وَوَقْتَهَا

ص: 37

‌ذِكَاةُ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ

ص: 38

18998 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: " كَمَالُ الذَّكَاةِ بِأَرْبَعَةٍ: الْحُلْقُومِ، وَالْمَرِّيءِ، وَالْوَدْجَيْنِ، وَأَقَلُّ مَا يَكْفِي مِنَ الذَّكَاةِ اثْنَانِ: الْحُلْقُومُ، وَالْمَرِّيءُ "

⦗ص: 39⦘

،

18999 -

ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ: وَكُلُّ مَا كَانَ مَأْكُولًا مِنْ طَائِرٍ أَوْ دَابَّةٍ فَإِنْ يُذْبَحْ أَحَبُّ إِلَيَّ، وَذَلِكَ سُنَّتُهُ وَدِلَالَةُ الْكِتَابِ فِيهِ، وَالْبَقَرُ دَاخِلَةٌ فِي ذَلِكَ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} [البقرة: 67] وَحِكَايَتُهُ، فَقَالَ:{فَذَبَحُوهَا} [البقرة: 71]

19000 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: إِلَّا الْإِبِلُ فَقَطْ فَإِنَّهَا تُنْحَرُ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «نَحَرَ بُدْنَةً»

19001 -

وَاحْتُجَّ فِي رِوَايَةِ حَرْمَلَةَ، بِحَدِيثِ حَاتِمِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «نَحَرَ مِنْ هَدْيِهِ بِضْعًا وَسِتِّينَ»

19002 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَتِنَا: وَمَوْضِعُ النَّحْرِ فِي الِاخْتِيَارِ فِي السُّنَّةِ فِي اللَّبَّةِ،

19003 -

وَمَوْضِعُ الذَّبْحِ فِي الِاخْتِيَارِ فِي السُّنَّةِ أَسْفَلُ مِنَ اللِّحْيَيْنِ،

19004 -

وَالذَّكَاةُ فِي جَمِيعِ مَا يَنْحَرُ، وَيَذْبَحُ مَا بَيْنَ اللَّبَّةِ وَالْحَلْقِ

19005 -

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «الذَّكَاةُ فِي اللَّبَّةِ وَالْحَلْقِ» - يَعْنِي لِمَنْ قَدِرَ -

19006 -

قَالَ: وَرُوِيَ مِثْلُ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ، وَزَادَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ:«وَلَا تَعْجَلُوا الْأَنْفُسَ أَنْ تَزْهَقَ»

19007 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَهَذَا قَدْ رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ فِي الْجَامِعِ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الذَّكَاةُ فِي الْحَلْقِ وَاللَّبَّةِ

ص: 38

19008 -

وَعَنْ أَيُّوبَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ فُرَافِصَةَ الْحَنَفِيِّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّهُ قَالَ:«الذَّكَاةُ فِي الْحَلْقِ وَاللَّبَّةِ، وَلَا تَعْجَلُوا الْأَنْفُسَ أَنْ تَزْهَقَ»

⦗ص: 40⦘

، أَخْبَرَنَاهُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْأَصْبَهَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ الْعِرَاقِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ فَذَكَرَهُمَا

19009 -

وَرُوِّينَا عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، أَنَّهُ قَالَ:«يُجْزِئُ الذَّبْحُ مِنَ النَّحْرِ، وَالنَّحْرُ مِنَ الذَّبْحِ فِي الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ»

ص: 39

19010 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ:«وَنَهَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَنِ النَّخَعِ وَأَنْ تَعْجَلَ الْأَنْفُسَ أَنْ تَزْهَقَ»

19011 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَالنَّخْعُ أَنْ تُذْبَحَ الشَّاةُ، ثُمَّ يُكْسَرَ قَفَاهَا مِنْ مَوْضِعِ الذَّبْحِ لِنَخْعِهِ أَوْ لِمَكَانِ الْكِسَرِ فِيهِ، أَوْ تُضْرَبَ لِتَعْجِيلِ قَطْعِ حَرَكَتِهَا، فَأَكْرَهُ هَذَا، وَلَمْ يُحَرِّمْهَا ذَلِكَ لِأَنَّهَا ذَكِيَّةٌ

19012 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَرُوِيَ عَنِ الْمَعْرُورِ الْكَلْبِيِّ، عَنْ عُمَرَ: أَنَّهُ «نَهَى عَنِ الْفَرْسِ فِي الذَّبِيحَةِ» ،

19013 -

وَفَسَّرَهُ أَبُو عُبَيْدٍ بِالْكَسْرِ، وَهُوَ أَنْ تُكْسَرَ رَقَبَةُ الذَّبِيحَةِ قَبْلَ أَنْ تُبْرَدَ، وَفَسَّرَ النَّخَعَ بِأَنْ يُنْتَهَى بِالذَّبْحِ إِلَى النِّخَاعِ، وَهُوَ عَظْمٌ فِي الرَّقَبَةِ

ص: 40

19014 -

أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا شَافِعُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرِ بْنُ سَلَامَةَ، حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْأَشْعَثِ، عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ» ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ إِسْحَاقَ الْحَنْظَلِيِّ، عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ

ص: 40

‌ذَبَائِحُ أَهْلِ الْكِتَابِ

ص: 41

19015 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَحَلَّ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ طَعَامَ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَكَانَ طَعَامُهُمْ عِنْدَ بَعْضِ مَنْ حَفِظْتُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ التَّفْسِيرِ ذَبَائِحَهُمْ، وَكَانَتِ الْآثَارُ عَلَى إِحْلَالِ ذَبَائِحِهِمْ

⦗ص: 42⦘

، فَإِنْ كَانَتْ ذَبَائِحُهُمْ يُسَمُّونَهَا لِلَّهِ فَهِيَ حَلَالٌ، وَإِنْ كَانْ لَهُمْ ذَبْحٌ آخَرُ يُسَمَّوْنَ عَلَيْهِ غَيْرَ اسْمِ اللَّهِ مِثْلَ اسْمِ الْمَسِيحِ لَمْ يَحِلَّ هَذَا مِنْ ذَبَائِحِهِمْ، وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ

19016 -

وَلَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ثُمَّ عَنْ مُجَاهِدٍ، وَمَكْحُولٍ، أَنَّهُمْ قَالُوا: طَعَامُهُمْ ذَبَائِحُهُمْ،

19017 -

وَقَرَأْتُ فِي كِتَابِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحَلِيمِيِّ، أَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى يَذْبَحُونَ لِلَّهِ عز وجل؛ لِأَنَّ مَعْبُودَهُمْ فِي أَصْلِ دِينِهِمَا لَيْسَ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى جَدُّهُ، وَإِيَّاهُ يَنْحُوَانِ بِذَبَائِحِهِمَا

19018 -

قَالَ: وَلَوْ أَنَّ نَصْرَانِيًّا قَالَ: بِاسْمِ الْمَسِيحِ أَوْ بِاسْمِ عِيسَى، فَلَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونَ ذَابِحًا لِلَّهِ تَعَالَى جَدُّهُ، لَأَنَّهُ لَا يَقُولُ هَذَا الْقَوْلَ مِنَ النَّصَارَى إِلَّا مَنْ يَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَالٌّ فِي الْمَسِيحِ وَمُتَّحِدٌ بِهِ، وَلَيْسَ عِيسَى سِوَاهُ، وَلَا مُتَمَيِّزًا عَنْهُ، لَا أَنَّهُ يَقُولُ: لَا شَيْءَ سِوَى عِيسَى،

19019 -

وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ: إِذَا قَالَ: «بِاسْمِ الْمَسِيحِ» ، فَإِنَّمَا يَخُصُّ الْمَسِيحَ بِالتَّسْمِيَةِ لِمَا هُوَ مُخْتَصٌّ بِهِ عِنْدَهُ، وَاخْتِصَاصُهُ عِنْدَهُ بِأَنَّ الْإِلَهَ مُتَّحِدٌ بِهِ، فَقَدْ صَارَ قَصْدُهُ إِذًا مِنْ ذِكْرِ الْمَسِيحِ ذِكْرَ الْإِلَهِ فَحَصَلَ ذَابِحًا لِلَّهِ، فَلِذَلِكَ حَلَّتْ ذَبِيحَتُهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ،

19020 -

وَأَمَّا صَاحِبُ التَّقْرِيبِ، فَإِنَّهُ حَكَى عَنِ الشَّافِعِيِّ، مَا حَكَيْنَاهُ مِنْ ذَبْحِ النَّصَارَى للْمَسِيحِ،

19021 -

ثُمَّ قَالَ: وَمَعْنَاهُ أَنْ يَذْبَحَهُ لَهُ، فَأَمَّا إِنْ ذَكَرَ الْمَسِيحَ عَلَى مَعْنَى الصَّلَاةِ كَالصَّلَاةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَجَائِزٌ

⦗ص: 43⦘

19022 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَأَحَبُّ لِلْمَرْءِ أَنْ يَتَوَلَّى ذَبْحَ نُسُكِهِ، فَإِنَّهُ يُرْوَى: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِامْرَأَةٍ مِنْ أَهْلِهِ: فَاطِمَةَ، أَوْ غَيْرِهَا:«احْضَرِي ذَبْحَ نُسُكِكِ فَإِنَّهُ يُغْفَرُ لَكِ عِنْدَ أَوَّلِ قَطْرَةٍ مِنْهَا»

ص: 41

19023 -

قَالَ أَحْمَدُ قَدْ رَوَى هَذَا النَّضْرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِفَاطِمَةَ:" قَوْمِي فَاشْهَدِي أُضْحِيَتَكِ، فَإِنَّهُ يُغْفَرُ بِأَوَّلِ قَطْرَةٍ تَقْطُرُ مِنْ دَمِهَا كُلُّ ذِئْبٍ عَمِلْتِيهُ، وَقُولِي: {إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ} "

19024 -

أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْعُودِيُّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَائِشَةَ، حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبَجْلِيُّ إِمَامُ مَسْجِدِ الْكُوفَةِ، فَذَكَرَهُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ عِمْرَانُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا لَكَ وَلِأَهْلِ بَيْتِكَ خَاصَّةً، فَأَهْلُ ذَلِكَ أَنْتُمْ، أُمْ لِلْمُسْلِمِينَ عَامَّةً؟ قَالَ «لَا بَلْ لِلْمُسْلِمِينَ عَامَّةً»

19025 -

وَرُوِي ذَلِكَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ضَعِيفٍ

⦗ص: 44⦘

19026 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِنْ ذَبَحَ النَّسِيكَةَ غَيْرُ مَالِكِهَا أَجْزَأَتْ: لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَحَرَ بَعْضَ هَدْيِهِ بِيَدِهِ، وَنَحَرَ بَعْضُهُ غَيْرُهُ،

19027 -

وَهَذَا فِيمَا رَوَاهُ مَالِكٌ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ

19028 -

وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، «أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يَذْبَحَ نَسِيكَةً لِلْمُسْلِمِ الْيَهُودِيُّ وَالنَّصْرَانِيُّ» ،

19029 -

وَرُوِّينَا أَيْضًا عَنْ عَلِيٍّ، وَالْحَكَمِ فِي نَصَارَى بَنِي تَغْلِبٍ، قَدْ مَضَى فِي كِتَابِ الْجِزْيَةِ

ص: 43

‌التَّسْمِيَةُ عَلَى الذَّبِيحَةِ

ص: 45

19030 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: وَأُحِبُّ فِي الذَّبِيحَةِ أَنْ تُوَجَّهَ إِلَى الْقِبْلَةِ قَالَ: «وَإِنِ اسْتَقْبَلَ الذَّابِحُ الْقِبْلَةَ فَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ»

19031 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَرُوِّينَا مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ فِي أُضْحِيَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: فَلَمَّا وَجَّهَهَا قَالَ كَذَا فِي رِوَايَةِ الْقِبْلَةِ

⦗ص: 46⦘

19032 -

وَرُوِّينَا عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ «كَانَ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ إِذَا ذَبَحَ» ،

19033 -

وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ ذَبِيحَةً ذُبِحَتْ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ، وَهَذَا عَلَى التَّنْزِيهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ،

19034 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَالتَّسْمِيَةُ عَلَى الذَّبِيحَةِ «بِسْمِ اللَّهِ» ، فَإِنْ زَادَ بَعْدَ ذَلِكَ شَيْئًا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ فَالزِّيَادَةُ خَيْرٌ،

19035 -

وَلَا أَكْرَهُ مَعَ تَسْمِيَتِهِ عَلَى الذَّبِيحَةِ أَنْ يَقُولَ «صَلَّى اللَّهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ» بَلْ أَحَبُّ لَهُ، وَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يُكْثِرَ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ،

19036 -

فَصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ فِي كُلِّ الْحَالَاتِ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ اللَّهِ وَالصَّلَاةَ عَلَيْهِ إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَعُبَادَةٌ لَهُ يُؤْجَرُ عَلَيْهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ مَنْ قَالَهَا

19037 -

وَقَدْ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ أَنَّهُ كَانَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَتَقَدَّمَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَتَبِعَهُ، فَوَجَدَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ سَاجِدًا، فَوَقَفَ يَنْتَظِرُهُ، فَأَطَالَ، ثُمَّ رَفَعَ: فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ قَبَضَ رُوحَكَ فِي سُجُودِكَ، فَقَالَ: " يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ إِنِّي لَمَّا كُنْتُ حَيْثُ رَزَيْتَنِي لَقِيَنِي جِبْرِيلُ عليه السلام، فَأَخْبَرَنِي عَنِ اللَّهِ عز وجل أَنَّهُ قَالَ:«مَنْ صَلَّى عَلَيْكَ صَلَّيْتُ عَلَيْهِ، فَسَجَدَتُ لِلَّهِ شُكْرًا»

⦗ص: 47⦘

19038 -

وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ نَسِيَ الصَّلَاةَ عَلَيَّ خُطِئَ طَرِيقَ الْجَنَّةِ» ، وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِي هَذَا

ص: 45

19039 -

وَأَمَّا الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ: فَأَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مِلْحَانَ، حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ الْهَادِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَارِجٌ فِي الْمَسْجِدِ فَتَبِعْتُهُ أَمْشِي وَرَاءَهُ وَلَا يَشْعُرُ، حَتَّى دَخَلَ نَخْلًا فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، فَأَطَالَ السُّجُودَ وَأَنَا وَرَاءَهُ، حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّ اللَّهَ قَدْ تَوَفَّاهُ، فَأَقْبَلْتُ أَمْشِي حَتَّى جِئْتُهُ فَطَأْطَأْتُ رَأْسِي أَنْظُرُ فِي وَجْهِهِ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَالَ:«مَا لَكَ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ؟» ، فَقُلْتُ: لَمَّا أَطَلْتَ السُّجُودَ يَا رَسُولَ اللَّهِ حَسِبْتُ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ تَوَفَّى نَفْسَكَ، فَجِئْتُ أَنْظُرَ، فَقَالَ: " إِنِّي لَمَّا دَخَلْتُ النَّخْلَ لَقِيتُ جِبْرِيلَ عليه السلام، فَقَالَ: إِنِّي أُبَشِّرُكَ أَنَّ اللَّهَ يَقُولُ: «مَنْ سَلَّمَ عَلَيْكَ سَلَّمْتُ عَلَيْهِ، وَمَنْ صَلَّى عَلَيْكَ صَلَّيْتُ عَلَيْهِ» ،

19040 -

وَقَدْ رَوَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ وَغَيْرُهُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَفِيهِ مِنَ الزِّيَادَةِ:«فَسَجَدْتُ لِلَّهِ شُكْرًا»

ص: 47

19041 -

وَأَمَّا الْحَدِيثُ الثَّانِي: فَأَخْبَرَنَاهُ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا الْبَاغَنْدِيُّ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ

⦗ص: 48⦘

، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ نَسِيَ الصَّلَاةَ عَلَيَّ خُطِئَ بِهِ طَرِيقُ الْجَنَّةِ»

19042 -

وَأَمَّا حَدِيثُ سُلَيْمَانَ بْنِ عِيسَى، عَنْ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ زَيْدٍ الْعَمِّيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:" لَا تَذْكُرُونِي عِنْدَ ثَلَاثٍ: تَسْمِيَةِ الطَّعَامِ، وَعِنْدَ الذَّبْحِ، وَعِنْدَ الْعُطَاسِ " فَإِنَّهُ بَاطِلٌ مِنْ وُجُوهٍ: مِنْهَا انْقِطَاعُهُ، وَمِنْهَا ضَعْفُ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ زَيْدٍ فِي الرِّوَايَةِ، وَمِنْهَا تَفَرُّدُ سُلَيْمَانَ بْنِ عِيسَى السِّجْزِيِّ بِذَلِكَ وَهُوَ فِي عِدَادِ مَنْ يَضَعُ الْحَدِيثَ

ص: 47

19043 -

وَقَدْ رُوِّينَا فِي الصَّلَاةِ عِنْدَ الْعُطَاسِ مَا: أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الصَّفَّارُ الْأَصْبَهَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ زِيَادٍ الْأَسَدِيُّ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ:" عَطَسَ رَجُلٌ عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ: قَدْ بَخِلْتَ، فَهَلَّا حَيْثُ حَمِدْتَ اللَّهَ، صَلَّيْتَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم "

ص: 48

19044 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ وَجْهٍ لَا يَثْبُتُ مِثْلُهُ أَنَّهُ ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ، فَقَالَ فِي أَحَدِهِمَا بَعْدَ ذِكْرِ اللَّهِ:«اللَّهُمَّ عَنْ مُحَمَّدٍ، وَآلِ مُحَمَّدٍ» ، وَفِي الْآخَرِ:«اللَّهُمَّ عَنْ مُحَمَّدٍ، وَأُمَّةِ مُحَمَّدٍ»

19045 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَهَذَا الْحَدِيثُ إِنَّمَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ

⦗ص: 49⦘

، وَاخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِي إِسْنَادِهِ، فَرَوَاهُ عَنْهُ الثَّوْرِيُّ، عَنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَوْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ

ص: 48

19046 -

أَخْبَرَنَاهُ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْمُقْرِئُ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، حَدَّثَنَا مُؤَمَّلٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَوْ عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُضَحِّي بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ مُوجَأَيْنِ، فَيُضْجِعُ أَحَدَهُمَا، فَيَقُولُ «بِسْمِ اللَّهِ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُمَّ مِنْكَ وَلَكَ، عَنْ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ» ، ثُمَّ يُضْجِعُ الْآخَرَ، فَيَقُولُ:«بِسْمِ اللَّهِ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُمَّ مِنْكَ وَلَكَ، عَنْ مُحَمَّدٍ وَأُمَّتِهِ مَنْ شَهِدَ لَكَ بِالتَّوْحِيدِ وَشَهِدَ لِي بِالْبَلَاغِ» ،

19047 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا سَلْمُ بْنُ الْفَضْلِ الْآدَمِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ نَحْوَهُ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ "، وَلَمْ يَقُلْ: عَنْ عَائِشَةَ

19048 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَرَوَاهُ عَنْهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ أَبِيهِ،

19049 -

وَرَوَاهُ عَنْهُ زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ

19050 -

قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَلَعَلَّهُ سَمِعَ مِنْ هَؤُلَاءِ

19051 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَأَصَحُّ إِسْنَادٍ فِيهِ عِنْدَ مُسْلِمِ بْنِ الْحَجَّاجِ، حَدِيثُ ابْنِ قُسَيْطٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ فِي الْكَبْشِ الَّذِي ذَبَحَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ:«بِسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَمَنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ» ثُمَّ ضَحَّى بِهِ، وَقَدْ مَضَى ذِكْرُهُ فِي هَذَا الْكِتَابِ

⦗ص: 50⦘

19052 -

وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي عَيَّاشٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فِي ذَبْحِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْكَبْشَيْنِ قَالَ: فَلَمَّا وَجَّهَهُمَا قَالَ: «إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِي. . .» إِلَى آخِرِ الدُّعَاءِ، ثُمَّ قَالَ:«اللَّهُمَّ مِنْكَ وَلَكَ، عَنْ مُحَمَّدٍ وَأُمَّتِهِ، بِسْمِ اللَّهِ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ» ، ثُمَّ ذَبَحَ وَهَذَا الْحَدِيثُ مُخْرَجٌ فِي كِتَابِ أَبِي دَاوُدَ

ص: 49

‌الْأُضْحِيَةُ يُصِيبُهَا بَعْدَ مَا يُوجِبُهَا نَقْصٌ

19053 -

قَالَ أَحْمَدُ: " مَنِ اشْتَرَى هَدْيًا، أَوْ ضَحِيَّةً فَأَوْجَبَهَا وَهِيَ تَامَّةٌ، ثُمَّ عَرَضَ لَهَا نَقْصٌ، وَبَلَغَتِ النُّسُكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَجْزَأَتْ عَنْهُ "

ص: 51

19054 -

قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ رُوِّينَا عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ، " رَأَى هَدَايَا لَهُ فِيهَا نَاقَةٌ عَوْرَاءُ، فَقَالَ: إِنْ كَانَ أَصَابَهَا بَعْدَ مَا اشْتَرَيْتُمُوهَا فَأَمْضُوهَا، وَإِنْ كَانَ أَصَابَهَا قَبْلَ أَنْ تَشْتَرُوهَا فَأَبْدِلُوهَا "، أَخْبَرَنَاهُ أَبُو زَكَرِيَّا، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الْفَرَّاءُ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، أَخْبَرَنَا مِسْعَرٌ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، فَذَكَرَهُ

19055 -

وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ

ص: 51

19056 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِئُ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ جَابِرِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَرَظَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: اشْتَرَيْتُ كَبْشًا لِأُضَحِّيَ بِهِ، فَأَفْلَتَ فَعَدَا عَلَيْهِ الذِّئْبُ، فَقَطَعَ أَلْيَتَهُ، فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ؟ فَقَالَ:«ضَحِّ بِهِ» ،

19057 -

فَهَذَا حَدِيثٌ رَوَاهُ سُفْيَانُ، وَشُعْبَةُ، وَإِسْرَائِيلُ، وَشَرِيكٌ، عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ الْجُعْفِيِّ وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي الْحَدِيثِ:«فَقَطَعَ الذِّئْبُ أَلْيَتَهُ، أَوْ مِنْ أَلْيَتِهِ»

⦗ص: 52⦘

19058 -

وَرَوَاهُ الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَأَةَ، عَنْ شَيْخٍ، مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لَا بَأْسَ بِالْأُضْحِيَةِ الْمَقْطُوعَةِ الذَّنَبِ»

19059 -

وَنَحْنُ لَا نَحْتَجُّ بِالْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأَةَ، وَلَا بِجَابِرٍ الْجُعْفِيِّ، وَاعْتِمَادُنَا فِي ذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ الْأَثَرِ عَلَى حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَالَّذِي يَطْعَنُ فِي رِوَايَتِهِمَا قَدْ يُحْتَجُّ بِهِمَا إِذَا رَوَيَا مَا يُوَافِقُ مُذْهَبَهُ، ثُمَّ إِنَّهُ يُعَلِّقُ بِرَاوِيَةِ مَنْ رَوَاهُ بِالشَّكِّ " فِي أَلْيَتِهِ، أَوْ مِنْ أَلْيَتِهِ، وَزَعَمَ أَنَّ فِيَ مَذْهَبِ صَاحِبِهِ إِذَا كَانَ الْمَقْطُوعُ أَقَلَّ مِنَ الرُّبُعِ ضَحَّى بِهِ، وَفِي مَذْهَبِ صَاحِبَيْهِ إِذَا كَانَ أَقَلَّ مِنَ النِّصْفِ ضَحَّى بِهِ، فَإِذَا كَانَ أَكْثَرَ وَإِذَا لَمْ نَقُلْ بِالْحَدِيثِ وَلَا بِالْأَثَرِ، فَمَنْ حَدَّ لَهُمْ هَذَا الْمِقْدَارَ الَّذِي يَرَوْنَهُ، وَالتَّحْدِيدُ لَا يُوجَدُ إِلَّا مِنْ تَوْقِيفٍ

19060 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: إِنَّمَا نَظَرَ فِي هَذَا كُلِّهِ إِلَى يَوْمٍ يُوجِبُهُ، فَإِذَا كَانَ تَامًّا وَبَلَغَ مَا جَعَلَهُ لَهُ، أَجْزَأَ عَنْهُ بِتَمَامِهِ عِنْدَ الْإِيجَابِ وَبُلُوغِهِ أَمَدَهُ

ص: 51

‌الْأُضْحِيَةُ تَضِلُّ ثُمَّ تُوجَدُ

19061 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: ذَبْحَهَا وَإِنْ مَضَتْ أَيَّامُ النَّحْرِ

19062 -

قَالَ أَحْمَدُ: رُوِّينَا عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا سَاقَتْ بَدَنَتَيْنِ فَضَلَّتَا، فَنَحَرَتْ بَدَنَتَيْنِ مَكَانَهُمَا، ثُمَّ وَجَدَتِ الْأُولَيَيْنِ فَنَحَرَتْهَما أَيْضًا، ثُمَّ قَالَتْ:«هَكَذَا السُّنَّةُ فِي الْبُدْنِ»

19063 -

وَرُوِّينَا فِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِنْ قَوْلِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ «هَكَذَا السُّنَّةُ»

ص: 53

19064 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا دَعْلَجُ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْأَبَّارُ، حَدَّثَنَا رِفَاعَةُ بْنُ الْهَيْثَمِ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي طَالِبٍ الْحِجَا الضُّبَعِيِّ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ خَيْرًا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي " الرَّجُلِ تَضِلُّ هَدْيُهُ فَيَشْتَرِي مَكَانَهَا أُخْرَى ثُمَّ يَجِدُ الْأُولَى قَالَ: يَنْحَرُهَا "،

19065 -

وَرُوِيَ فِي ذَلِكَ أَيْضًا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ

ص: 53

‌لُحُومُ الضَّحَايَا

ص: 54

19066 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو بَكْرٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ قَالَ: شَهِدْتُ الْعِيدَ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ:«لَا يَأْكُلَنَّ أَحَدُكُمْ مِنْ لَحْمِ نُسُكِهِ بَعْدَ ثَلَاثٍ»

19067 -

هَكَذَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، مَوْقُوفًا عَلَى عَلِيٍّ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ الْعَلَاءِ، عَنْ سُفْيَانَ بِإِسْنَادِهِ، وَزَادَ فِيهِ: فَبَدَأَ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ، وَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «نَهَى أَنْ نَأْكُلَ مِنْ لُحُومِ نُسُكِنَا بَعْدَ ثَلَاثٍ» ، أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ، فَذَكَرَهُ

⦗ص: 55⦘

، وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، وَغَيْرِهِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ مَرْفُوعًا

ص: 54

19068 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ عَلِيٍّ، أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَأْكُلَنَّ أَحَدُكُمْ مِنْ نُسُكِهِ بَعْدَ ثَلَاثٍ» ، وَبِمَعْنَاهُ رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، وَمِنْ ذَلِكَ الْوَجْهِ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ

ص: 55

19069 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلَاثٍ، ثُمَّ قَالَ بَعْدُ:«كُلُوا وَتَزَوَّدُوا وَادَّخِرُوا» ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، وَأَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ بِمَعْنَاهُ

ص: 55

19070 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ حَرْمَلَةَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الثَّقَفِيُّ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ لَا تَأْكُلُوا لُحُومَ الْأَضَاحِي فَوْقَ ثَلَاثٍ» قَالَ: فَشَكُوا إِلَيْهِ، قَالُوا: عِيَالُنَا وَأَهْلُنَا؟ قَالَ: «فَكُلُوا وَأَطْعِمُوا وَاحْبِسُوا» ،

19071 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْحَاقَ الْبَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ إِيَاسٍ الْجُرَيْرِيُّ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِ الثَّقَفِيِّ وَمَعْنَاهُ

⦗ص: 56⦘

، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ،

19072 -

وَأَبُو سَعِيدٍ إِنَّمَا رَخَّصَ الرُّخْصَةَ، عَنْ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ

ص: 55

19073 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي سُنَنِ حَرْمَلَةَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ:" قَدِمَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ مِنْ سَفَرٍ فَوَجَدَ عِنْدَ أَهْلِهِ مِنْ لَحْمِ الْأَضَاحِي، فَأَنْكَرَهُ، فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: إِنَّهُ قَدْ حَدَثَ بَعْدَكَ أَمْرٌ، فَأَتَى أَخَاهُ مِنْ أُمِّهِ قَتَادَةَ بْنَ النُّعْمَانِ، وَكَانَ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا، فَقَالَ: قَدْ حَدَثَ بَعْدَكَ أَمْرٌ لَا بَأْسَ بِهِ "،

19074 -

وَهَذَا الْحَدِيثُ إِنَّمَا سَمِعَهُ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، كَذَلِكَ رَوَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِهِمَا

ص: 56

19075 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَاقِدٍ، أَنَّهُ قَالَ:«نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلَاثٍ»

19076 -

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَمْرَةَ، فَقَالَتْ: صَدَقَ، سَمِعْتُ عَائِشَةَ، تَقُولُ: دَفَّ النَّاسُ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ حَضْرَةَ الْأَضْحَى فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«ادَّخِرُوا لِثَلَاثٍ وَتَصَدَّقُوا بِمَا بَقِيَ» قَالَتْ: فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَقَدْ كَانَ النَّاسُ يَنْتَفِعُونَ مِنْ ضَحَايَاهُمْ يَجْمُلُونَ مِنْهَا الْوَدَكَ وَيَتَّخِذُونَ مِنْهَا الْأَسْقِيَةَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«وَمَا ذَاكَ؟» ، أَوْ كَمَا قَالَ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ نَهَيْتَ عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلَاثٍ؟

⦗ص: 57⦘

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا نَهَيْتُكُمْ مِنْ أَجْلِ الدَّافَّةِ الَّتِي دَفَّتْ حَضْرَةَ الْأَضْحَى، فَكُلُوا وَتَصَدَّقُوا وَادَّخِرُوا» ،

19077 -

وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، نَهَيْتَ عَنْ إِمْسَاكِ لُحُومِ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلَاثٍ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، مِنْ حَدِيثِ رَوْحٍ، عَنْ مَالِكٍ،

19078 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي أَثْنَاءِ مَبْسُوطِ كَلَامِهِ: الْحَدِيثُ التَّامُّ الْمَحْفُوظُ أَوَّلُهُ وَآخِرُهُ، وَسَبَبُ التَّحْرِيمِ وَالْإِحْلَالِ فِيهِ حَدِيثُ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَعَلَى مَنْ عَلِمَهُ أَنْ يَصِيرَ إِلَيْهِ

19079 -

قَالَ: فَالرُّخْصَةُ بَعْدَهَا لِوَاحِدٍ مِنْ مَعْنَيَيْنِ، أَظُنُّهُ قَالَ: إِمَّا لِاخْتِلَافِ الْحَالَيْنِ، فَإِذَا دَفَّتِ الدَّافَّةُ ثَبَتَ النَّهْيُ عَنْ إِمْسَاكِ لُحُومِ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلَاثٍ، وَإِذَا لَمْ تَدُفَّ دَافَّةٌ فَالرُّخْصَةُ ثَابِتَةٌ بِالْأَكْلِ وَالتَّزَوُّدِ وَالِادِّخَارِ وَالصَّدَقَةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ النَّهْيُ عَنْ إِمْسَاكِ لُحُومِ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلَاثٍ مَنْسُوخًا فِي كُلِّ حَالٍ، فَيُمْسِكَ الْإِنْسَانُ مِنْ ضَحِيَّتِهِ مَا شَاءَ وَيَتَصَدَّقَ بِمَا شَاءَ

19080 -

قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ رُوِّينَا فِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«كُلُوا وَأَطْعِمُوا وَادَّخِرُوا، فَإِنَّ ذَلِكَ الْعَامَ كَانَ فِيهِ شِدَّةٌ» أَوْ كَلِمَةٌ تُشْبِهُهَا «فَأَرَدْتُ أَنْ يَفْشُوَ فِيهِمْ» ،

19081 -

وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ كَانَ لِلْمَعْنَى الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ، كَمَا رُوِّينَا فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ، وَكَذَلِكَ هُوَ فِي حَدِيثِ بُرَيْدَةَ، وَنُبَيْشَةَ بِمَعْنَاهُمَا

⦗ص: 58⦘

19082 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَيُشْبِهُ، لِأَنْ يَكُونَ نَهْيُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ إِمْسَاكِ لُحُومِ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلَاثٍ إِذَا كَانَتِ الدَّافَّةُ عَلَى مَعْنَى الِاخْتِيَارِ لَا عَلَى مَعْنَى الْفَرْضِ، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ عز وجل:{فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا} [الحج: 28]

19083 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَقَدْ رُوِّينَاهُ فِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كُنَّا نُمَلِّحُ مِنْهُ، وَنَقْدُمُ بِهِ الْمَدِينَةَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«لَا تَأْكُلُوا مِنْهُ إِلَّا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ» ،

19084 -

وَلَيْسَتْ بِعَزِيمَةٍ، وَلَكِنْ أَرَادَ أَنْ يَطْعَمُوا مِنْهُ، وَهَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ عَلَى الِاخْتِيَارِ،

19085 -

وَرُوِّينَا فِي حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَقَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ الْأَنْصَارِيَّيْنِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ أَرْخَصَ فِيهِ بَعْدَ مَا نَهَى عَنْهُ مُطْلَقًا

ص: 56

19086 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: " إِنَّا لَنَدَعُ مَا شَاءَ اللَّهُ مِنْ ضَحَايَانَا، ثُمَّ نَتَزَوَّدُ مِنْ بَقِيَّتِهَا إِلَى الْبَصْرَةِ

ص: 58

19086 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: " وَأُحِبُّ لِمَنْ أَهْدَى نَافِلَةً أَنْ يُطْعِمَ الْبَائِسَ وَالْفَقِيرَ، لِقَوْلِ اللَّهِ:{فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} [الحج: 28]، وَلِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:{وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} [الحج: 36]

⦗ص: 59⦘

"

19087 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَالْقَانِعُ هُوَ السَّائِلُ، وَالْمُعْتَرُّ هُوَ الزَّائِرُ وَالْمَارُّ بِلَا وَقْتٍ

19088 -

قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ رُوِّينَا مِثْلَ هَذَا التَّفْسِيرِ عَنِ الْحَسَنِ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَمُجَاهِدٍ،

19089 -

وَرُوِيَ أَيْضًا، عَنْ مُجَاهِدٍ، وَإِبْرَاهِيمَ، الْقَانِعُ: الْجَالِسُ فِي بَيْتِهِ، وَالْمُعْتَرُّ: الَّذِي يَعْتَرِيكَ،

19090 -

وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، الْقَانِعُ: مَنْ أَرْسَلْتَ إِلَيْهِ فِي بَيْتِهِ، وَالْمُعْتَرُّ: الَّذِي يَعْتَرِيكَ

19091 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَإِذَا أَطْعَمَ مِنْ هَؤُلَاءِ وَاحِدًا أَوْ أَكْثَرَ كَانَ مِنَ الْمُطْعِمِينَ، وَأَحَبُّ إِلَيَّ مَا أَكْثَرَ أَنْ يُطْعِمَ ثُلُثًا، وَيُهْدِيَ ثُلُثًا، وَيَدَّخِرَ ثُلُثًا، وَيَهْبِطُ بِهِ حَيْثُ شَاءَ، وَالضَّحَايَا فِي هَذَا السَّبِيلِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ

19092 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَأَكْرَهُ بَيْعَ شَيْءٍ مِنْهَا. . .، وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِي ذَلِكَ

ص: 58

19093 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: " أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ أَقُومَ عَلَى بُدْنِهِ، وَأَنْ أَتَصَدَّقَ بِلُحُومِهَا، وَجُلُودِهَا، وَأَجِلَّتِهَا، وَأَنْ لَا أُعْطِيَ الْجَزَّارَ مِنْهَا، وَقَالَ:«نَحْنُ نُعْطِيهِ مِنْ عِنْدِنَا»

⦗ص: 60⦘

،

19094 -

أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه بِهَذَا، رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ

19095 -

وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ بَاعَ جِلْدَ أُضْحِيَتِهِ فَلَا أُضْحِيَةَ لَهُ»

ص: 59

‌الِاشْتِرَاكُ فِي الْهَدْيِ وَالْأُضْحِيَةِ

ص: 61

19096 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَقُولُ بِحَدِيثِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُمْ «نَحَرُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ، وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ» ،

19097 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ كَانُوا أَهْلَ بَيْتٍ أَوْ غَيْرَهُمْ؛ لِأَنَّ أَهْلَ الْحُدَيْبِيَةَ كَانُوا مِنْ قَبَائِلَ شَتَّى، وَشُعُوبٍ مُتَفَرِّقَةٍ

19098 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَرُوِّينَا عَنْ عَلِيٍّ، وَحُذَيْفَةَ، وَأَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ، وَعَائِشَةَ، أَنَّهُمْ قَالُوا: الْبَقَرَةُ عَنْ سَبْعَةٍ

ص: 61

19099 -

وَأَمَّا حَدِيثُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ، وَالْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «خَرَجَ يُرِيدُ زِيَارَةَ الْبَيْتِ وَسَاقَ مَعَهُ الْهَدْيَ سَبْعِينَ بَدَنَةً عَنْ سَبْعِمِائَةِ رَجُلٍ، كُلُّ بَدَنَةٍ عَنْ عَشَرَةٍ»

ص: 62

19100 -

فَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَعْمَرِ بْنِ رَاشِدٍ، وَسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ أَنَّهُمَا قَالَا:«خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْمَدِينَةِ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي بِضْعِ عَشْرَةَ مِائَةٍ» ،

19101 -

وَعَلَى ذَلِكَ تَدُلُّ رِوَايَةُ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَمَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ، وَسَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، وَالْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، وَكُلُّهُمْ شَهِدُوا الْحُدَيْبِيَةَ، ثُمَّ اخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ عَنْ جَابِرٍ

19102 -

فَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُمْ كَانُوا أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ،

19103 -

وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُمْ كَانُوا أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ،

19104 -

وَهَذَا أَصَحُّ لِمُوَافَقَتِهِ مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ وَسَلَمَةَ وَالْبَرَاءَ

19105 -

ثُمَّ رَوَى أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّهُمْ «نَحَرُوا الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ، وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ»

ص: 62

19106 -

وَبِمَعْنَاهُ رُوِيَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ قَيْسٍ، وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرٍ، فَكَأَنَّهُمْ «نَحَرُوا السَّبْعِينَ عَنْ بَعْضِهِمْ، وَنَحَرُوا الْبَقَرَ عَنِ الْبَاقِينَ عَنْ كُلِّ سَبْعَةٍ وَاحِدَةً»

ص: 62

19107 -

وَفِي رِوَايَةِ زُهَيْرٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ، «فَأَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَشْتَرِكَ فِي الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ كُلُّ سَبْعَةٍ مِنَّا فِي بَدَنَةٍ»

⦗ص: 63⦘

، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الشَّيْبَانِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ وَهُوَ زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ فَذَكَرَهُ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى،

19108 -

وَرُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ، مَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ،

19109 -

وَهُوَ أَصَحُّ مِنْ رِوَايَةِ عِلْبَاءَ بْنِ أَحْمَرَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي إِشْرَاكِهِمْ وَهُمْ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْجَزُورِ عَنْ عَشَرَةٍ، وَالْبَقَرَةِ عَنْ سَبْعَةٍ

19110 -

وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي «النَّاقَةِ عَنْ سَبْعَةٍ»

ص: 62

‌أَيَّامُ النَّحْرِ

ص: 64

19114 -

وَإِنَّمَا أَرَادَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ مَا: أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْمَالِينِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ الصُّوفِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو نَصْرٍ التَّمَّارُ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «فِي كُلِّ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ذَبْحٌ»

19115 -

وَرَوَاهُ أَبُو مَعْبَدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جُبَيْرٍ،

19116 -

وَرُوِّينَا هَذَا الْقَوْلَ، عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَطَاءٍ، وَالْحَسَنِ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ

⦗ص: 65⦘

،

19117 -

وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: «يَوْمَانِ بَعْدَ يَوْمِ الْأَضْحَى» ،

19118 -

وَرُوِيَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ،

19119 -

وَفِي رِوَايَةٍ مُنْقَطِعَةٍ عَنْ عَلِيٍّ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ

19120 -

وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الضَّحَايَا إِلَى آخِرِ الشَّهْرِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَسْتَأْنِيَ ذَلِكَ» ،

19121 -

وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى قَالَ: «إِلَى هِلَالِ الْمُحَرَّمِ»

19122 -

وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، أَنَّهُ قَالَ:«كَانَ الْمُسْلِمُونَ يَشْتَرِي أَحَدُهُمُ الْأُضْحِيَةَ، فَيُسَمِّنُهَا فَيَذْبَحُهَا بَعْدَ الْأَضْحَى آخِرَ ذِي الْحِجَّةِ»

19123 -

قَالَ أَحْمَدُ: هَذِهِ الْأَحَادِيثُ مُنْقَطِعَةٌ، وَإِذَا لَمْ تَثْبُتْ فَالْقِيَاسُ مَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ

ص: 64

‌بَابُ الْعَقِيقَةِ

ص: 66

19124 -

قَرَأْتُ فِيمَا رَوَى أَبُو بَكْرِ بْنُ زِيَادٍ، وَغَيْرُهُ، عَنِ الْمُزَنِيِّ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنِي ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، عَنْ سِبَاعِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ أُمِّ كُرْزٍ قَالَتْ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَسْأَلُهُ عَنْ لُحُومِ الْهَدْيِ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: «عَنِ الْغُلَامِ شَاتَانِ، وَعَنِ الْجَارِيَةِ شَاةٌ، لَا يَضُرُّكُمْ ذُكْرَانًا كُنَّ أَوْ إِنَاثًا» ، وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ

⦗ص: 67⦘

: «أَقِرُّوا الطَّيْرَ عَلَى مُكْنَاتِهَا» ،

19125 -

هَكَذَا رَوَاهُ الْمُزَنِيُّ فِي الْمُخْتَصَرِ، وَفِيهِ خَطَأٌ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا فِي قَوْلِهِ: عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، عَنْ سِبَاعٍ، وَابْنِ عُيَيْنَةَ، إِنَّمَا رَوَاهُ عَنْهُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سِبَاعٍ، وَالْآخَرُ فِي قَوْلِهِ: عَنْ سِبَاعِ بْنِ وَهْبِ، وَإِنَّمَا هُوَ سِبَاعُ بْنُ ثَابِتٍ،

19126 -

وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ سَلَامَةَ الطَّحَاوِيُّ، عَنِ الْمُزَنِيِّ، عَنِ الشَّافِعِيِّ، عَلَى الصِّحَّةِ.

19127 -

أَخْبَرَنَا الْفَقِيهُ أَبُو إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا أَبُو النَّضْرِ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، عَنْ سِبَاعِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أُمِّ كُرْزٍ قَالَتْ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْحُدَيْبِيَةِ أَسْأَلُهُ عَنْ لُحُومِ الْهَدْيِ، فَذَكَرَهُ،

19128 -

وَكَذَلِكَ رَوَاهُ سَائِرُ أَصْحَابِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ،

19129 -

وَرَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، عَنْ سِبَاعِ بْنِ ثَابِتٍ

19130 -

قَالَ أَبُو دَاوُدَ: هَذَا هُوَ الْحَدِيثُ، وَحَدِيثُ سُفْيَانَ وَهْمٌ يَعْنِي حِينَ قَالَ: عَنْ أَبِيهِ.

19131 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَرَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، عَنْ سِبَاعِ بْنِ ثَابِتٍ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ ثَابِتِ بْنِ سِبَاعٍ، أَخْبَرَهُ، أَنَّ أُمَّ كُرْزٍ أَخْبَرَتْهُ

ص: 66

19132 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا أَبُو النَّضْرِ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ حَبِيبَةَ بِنْتِ مَيْسَرَةَ مَوْلَاةِ عَطَاءٍ، عَنْ أُمِّ كُرْزٍ قَالَتْ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ:«عَنِ الْغُلَامِ شَاتَانِ مُكَافَأَتَانِ، وَعَنِ الْجَارِيَةِ شَاةٌ»

ص: 68

19133 -

وَبِإِسْنَادِهِ قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ، عَنِ الرِّبَا، عَنْ سَلْمَانِ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَعَ الْغُلَامِ عَقِيقَةٌ فَأَهْرِيقُوا عَنْهُ دَمًا، وَأَمِيطُوا عَنْهُ الْأَذَى» ،

19134 -

قَدِ اسْتَشْهَدَ الْبُخَارِيُّ بِرِوَايَةِ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، وَهِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ حَفْصَةَ، وَأَخْرَجَهُ مِنْ حَدِيثِ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ سَلْمَانَ مِنْ قَوْلِهِ، وَاسْتَشْهَدَ بِرِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ أَيُّوبَ، وَقَتَادَةَ، وَهِشَامٍ، وَحَبِيبٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ سَلْمَانَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ص: 68

19135 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«كُلُّ غُلَامٍ رَهِينَةٌ بِعَقِيقَتِهِ، يُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ سَابِعِهِ، وَيُحْلَقُ، وَيُسَمَّى»

⦗ص: 69⦘

،

19136 -

وَرَوَاهُ هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى عَنْ قَتَادَةَ، فَقَالَ:«وَيُدَمَّى»

19137 -

قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَيُسَمَّى» أَصَحُّ، وَقَوْلُهُ:«رَهِينَةٌ بِعَقِيقَتِهِ» : يَعْنِي مَرْهُونَةٌ، وَالْهَاءُ فِيهِ لِلْمُبَالَغَةِ،

19138 -

وَبَلَغَنِي عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، أَنَّهُ قَالَ: يُرِيدُ أَنَّهُ إِنْ لَمْ يُعَقَّ عَنْهُ فَمَاتَ طِفْلًا لَمْ يَشْفَعْ فِي أَبَوَيْهِ،

19139 -

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ مَرْهُونٌ بِعَقِيقَتِهِ: أَيْ بِأَذَى شَعْرِهِ، أَلَا تَرَاهُ قَالَ:«فَأَمِيطُوا عَنْهُ الْأَذَى» ، وَهُوَ مَا عَلَقَ بِهِ مِنْ دَمِ الرَّحِمِ قَالَهُ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رحمه الله

19140 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ «عَقَّ عَنِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ وَحَلَقَ شُعُورَهُمَا، وَتَصَدَّقَتْ فَاطِمَةُ بِزِنَتِهِ فِضَّةً»

ص: 68

19141 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَقَّ عَنِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ كَبْشًا كَبْشًا»

ص: 69

19142 -

أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ، حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، فِيمَا قَرَأَ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنْ

⦗ص: 70⦘

أَبِيهِ، قَالَ «وزَنَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَعَرَ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ وَزَيْنَبَ وَأُمِّ كُلْثُومٍ، فَتَصَدَّقَتْ بِزِنَةِ ذَلِكَ فِضَّةً»

19143 -

وَفِي حَدِيثِ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«فِي الْعَقِيقَةِ الَّتِي عَقَّتْهَا فَاطِمَةُ عَنِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ أَنْ يَبْعَثُوا إِلَى الْقَابِلَةِ مِنْهَا بِرَجُلٍ،» وَكُلُوا، وَأَطْعِمُوا، وَلَا تَكْسِرُوا مِنْهَا عَظْمًا "

ص: 69

19144 -

وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبَى إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، فِيمَا قَرَأَ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ رَجُلٍ، مِنْ بَنِي ضَمْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنِ الْعَقِيقَةِ؟ فَقَالَ:«لَا أُحِبُّ الْعُقُوقَ» وَكَأَنَّهُ إِنَّمَا كَرِهَ الِاسْمَ

19145 -

قَالَ: «وَمَنْ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ فَأَحَبَّ أَنْ يَنْسُكَ عَنْ وَلَدِهِ فَلْيَفْعَلْ» ،

19146 -

فَكَذَلِكَ رُوِيَ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ

ص: 70

19147 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو أَحْمَدَ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ قَالَ: قُرِئَ عَلَى بَحْرِ بْنِ نَصْرٍ الْخَوْلَانِيِّ، قَالَ الشَّافِعِيُّ:«الْعَقِيقَةُ مَا عَرَفَ النَّاسُ وَهُوَ ذَبْحٌ كَانَ يُذْبَحُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ عَنِ الْمَوْلُودِ، فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْإِسْلَامِ، وَقَدْ كَرِهَ مِنْهُ الِاسْمَ»

19148 -

وَقَالَ زَيْدٌ يَعْنِي ابْنَ أَسْلَمَ فِي حَدِيثِهِ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ

⦗ص: 71⦘

الْعَقِيقَةِ، فَقَالَ:«لَا أُحِبُّ الْعُقُوقَ» ، فَكَأَنَّهُ إِنَّمَا كَرِهَ الِاسْمَ

ص: 70

19149 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيَّ، يَقُولُ:«يُسْتَحَبُّ الْعَقِيقَةُ وَلَوْ بِعُصْفُورٍ»

19150 -

قَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ عَلَيْهِ الْعَمَلُ يَعْنِي الْعَقِيقَةَ بِالْعُصْفُورِ،

19151 -

وَإِنَّمَا أَوْرَدَهُ الشَّافِعِيُّ إِلْزَامًا لِمَالِكٍ فِيمَا تَرَكَ مِنْ قَوْلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ

19152 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ زِيَادٍ الْعَدْلُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«أَقِرُّوا الطَّيْرَ عَلَى مُكْنَاتِهَا» ، أَنَّ عِلْمَ الْعَرَبِ كَانَ فِي زَجْرِ الطَّيْرِ وَالْبَوَارِحِ وَالْخَطِّ وَالِاعْتِيَافِ، وَكَانَ أَحَدُهُمْ إِذَا غَدَا مِنْ مَنْزِلِهِ يُرِيدُ أَمْرًا نَظَرَ أَوَّلَ طَائِرٍ يَرَاهُ، فَإِنْ سَبَحَ عَنْ يَسَارِهِ، فَاخْتَالَ عَنْ يَمِينِهِ قَالَ: هَذَا طَيْرُ الْأَيَامِنِ فَمَضَى فِي حَاجَتِهِ، وَإِنْ سَبَحَ عَنْ يَمِينِهِ، فَمَرَّ عَنْ يَسَارِهِ قَالَ: هَذَا طَيْرُ الْأَشَائِمِ فَرَجَعَ، وَقَالَ: هَذِهِ حَاجَةٌ مَشْئُومَةٌ،

19153 -

وَقَالَ الْحُطَيْئَةُ يَمْدَحُ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ:

[البحر البسيط]

لَمْ يَزْجُرِ الطَّيْرَ إِنْ مَرَّتْ بِهِ سُنُحًا

وَلَا يُفِيضُ عَلَى قِسْمٍ بِأَزْلَامِ

19154 -

يَعْنِي أَنَّهُ سَلَكَ طَرِيقَ الْإِسْلَامِ فِي التَّوَكُّلِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَتَرَكَ زَجْرَ الطَّيْرِ

⦗ص: 72⦘

،

19155 -

وَقَالَ بَعْضُ شُعَرَاءِ الْعَرَبِ يَمْدَحُ نَفْسَهُ:

[البحر الطويل]

وَلَا أَنَا مِمَّنْ يَزْجُرُ الطَّيْرَ عَنْ وَكْرِهِ

أَصَاحَ غُرَابٌ أَمْ عَرَّضَ أَمْ تَعَرَّضَ ثَعْلَبُ

كَانَ الْعَرَبُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا لَمْ يَرَ طَيْرًا سَابِحًا فَرَأَى طَائِرًا فِي وَكْرِهِ حَرَّكَهُ مِنْ وَكْرِهِ لَيَطِيرَ، فَيَنْظُرُ: أَسَلَكَ لَهُ طَرِيقَ الْأَشَائِمِ، أَوْ طَرِيقَ الْأَيَامِنِ، فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«أَقِرُّوا الطَّيْرَ عَلَى مُكْنَاتِهَا» ، أَنْ لَا تُحَرِّكُوهَا، فَإِنَّ مَا يَعْتَقِدُونَ وَمَا يَعْمَلُونَ بِهِ مِنَ الطِّيَرَةِ لَا تَصْنَعُ شَيْئًا، وَإِنَّمَا يَصْنَعُ فِيمَا يُوَجَّهُونَ لَهُ قَضَاءُ اللَّهِ عز وجل

19156 -

وَقَدْ سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الطِّيَرَةِ، فَقَالَ:«إِنَّمَا ذَلِكَ شَيْءٌ يَجِدُهُ أَحَدُكُمْ فِي نَفْسِهِ فَلَا يَصُدَّنَّكُمْ»

ص: 71

19157 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ، أَنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ مِنَّا رِجَالًا يَتَطَيَّرُونَ؟ قَالَ:«ذَاكَ شَيْءٌ تَجِدُونَهُ فِي أَنْفُسِكُمْ، فَلَا يَصُدَّنَّكُمْ» ، قَالُوا: وَمِنَّا رِجَالٌ يَأْتُونَ الْكُهَّانَ؟ قَالَ: «فَلَا تَأْتُوا كَاهِنًا» ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ

ص: 72

‌الْفَرْعُ وَالْعَتِيرَةُ

ص: 73

19158 -

أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو النَّضْرِ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي الْمُلَيْحِ، عَنْ نُبَيْشَةَ قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا نَعْتِرُ عَتِيرَةً فِي رَجَبٍ فَمَا تَأْمُرُنَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «اذْبَحُوا لِلَّهِ فِي أَيِّ شَهْرٍ مَا كَانَ، وَبَرُّوا لِلَّهِ وَأَطْعِمُوا» ، فَقَالَ: إِنَّا كُنَّا نُفْرِعُ فَرْعًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَمَا تَأْمُرُنَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «فِي كُلِّ سَائِمَةٍ فَرْعٌ تَغْذُوهُ مَاشِيَتُكَ، حَتَّى إِذَا اسْتَجْمَلَ ذَبَحْتَهُ وَأَطْعَمْتَهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ هُوَ خَيْرٌ»

ص: 73

19159 -

وَبِإِسْنَادِهِ قَالَ: حَدَّثَنِي الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ زَيْدَ بْنَ أَسْلَمَ، يُحَدِّثُ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي ضَمْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنِ الْفَرَعَةِ؟ فَقَالَ:«الْفَرَعَةُ حَقٌّ، وَأَنْ تَغْذُوَهُ حَتَّى يَكُونَ ابْنَ لَبُونٍ زُخْرُبًّا، فَتُعْطِيَهُ أَرْمَلَةً أَوْ تَحْمِلَ عَلَيْهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَكْفَأَ إِنَاءَكَ، أَوْ تُوَلِّهَ نَاقَتَكَ وَتَأْكُلَهُ يَلْتَصِقُ لَحْمُهُ بِوَبَرِهِ»

19160 -

قَالَ أَحْمَدُ: حَدِيثُ نُبَيْشَةَ هَذَا قَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابِ السُّنَنِ مِنْ حَدِيثِ بِشْرِ بْنِ الْمُفَضَّلِ، عَنْ خَالِدٍ، وَحَدِيثُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَدْ رَوَاهُ عَنْهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ، وَقَدْ رُوِيَ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ

ص: 73

19161 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ حَرْمَلَةَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا فَرْعَ، وَلَا

⦗ص: 74⦘

عَتِيرَةَ»

19162 -

قَالَ الزُّهْرِيُّ: الْفَرَعَةُ: أَوَّلُ النِّتَاجِ، وَالْعَتِيرَةُ: شَاةٌ تُذْبَحُ عَنْ كُلِّ أَهْلِ بَيْتٍ فِي رَجَبٍ، أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ، أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ

19163 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو أَحْمَدَ بْنُ أَبِي الْحُسَيْنِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ قَالَ: قُرِئَ عَلَى بَحْرِ بْنِ نَصْرٍ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله فِي تَفْسِيرِ الْفَرَعَةِ: شَيْءٌ كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَطْلُبُونَ بِهِ الْبَرَكَةَ فِي أَمْوَالِهِمْ، فَكَانَ أَحَدُهُمْ يَذْبَحُ بِكْرَ نَاقَتِهِ يَعْنِي أَوَّلَ نِتَاجٍ يَأْتِي عَلَيْهِ لَا يَغْذُوهُ رَجَاءَ الْبَرَكَةِ فِيمَا يَأَتِي بَعْدَهُ، فَسَأَلُوا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:«فَرِّعُوا إِنْ شِئْتُمْ» ، أَيِ اذْبَحُوا إِنْ شِئْتُمْ، وَكَانُوا يَسْأَلُونَهُ عَلَى مَا يَصْنَعُونَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خَوْفًا أَنْ يُكْرَهَ فِي الْإِسْلَامِ، فَأَعْلَمَهُمْ أَنَّهُ لَا مَكْرَهَ لَهُمْ فِيهِ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَغْذُوهُ ثُمَّ يَحْمِلُونَ عَلَيْهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ

19164 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَيَذْبَحُهُ وَيُطْعِمُهُ كَمَا فِي حَدِيثِ نُبَيْشَةَ

19165 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: الْفَرَعَةُ حَقٌّ، يَعْنِي أَنَّهَا لَيْسَتْ بِبَاطِلٍ، وَلَكِنَّهُ كَلَامٌ عَرَبِيٌّ يَخْرُجُ عَلَى جَوَّابِ السَّائِلِ

⦗ص: 75⦘

19166 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَرُوِيَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «لَا فَرْعَ وَلَا عَتِيرَةَ» وَلَيْسَ اخْتِلَافٌ مِنَ الرُّوَاةِ، إِنَّمَا هُوَ: أَيْ لَا فَرْعَ، وَلَا عَتِيرَةَ وَاجِبَةٌ،

19167 -

وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ فِي الْفَرَعَةِ وَالْعَتِيرَةِ يَدُلُّ عَلَى مَعْنَى هَذَا أَنَّهُ أَبَاحَ الذَّبْحَ، وَاخْتَارَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ أَرْمَلَةً أَوْ يَحْمِلَ عَلَيْهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ،

19168 -

وَالْعَتِيرَةُ هِيَ الرَّجَبِيَّةُ، وَهِيَ ذَبِيحَةٌ كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَتَبَرَّرُونَ بِهَا، يَذْبَحُونَهَا فِي رَجَبٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«لَا عَتِيرَةَ» ، عَلَى مَعْنَى لَا عَتِيرَةَ لَازِمَةٌ

19169 -

وَقَوْلُهُ حِينَ سُئِلَ عَنِ الْعَتِيرَةِ: «اذْبَحُوا إِنْ شِئْتُمْ وَاجْعَلُوا الذَّبْحَ لِلَّهِ لَا لِغَيْرِهِ فِي أَيِّ شَهْرٍ مَا كَانَ» ، لَا أَنَّهَا فِي رَجَبٍ دُونَ مَا سِوَاهُ مِنَ الشُّهُورِ

ص: 73

‌مَا يُكْرَهُ أَنْ يُكْنَى بِهِ

ص: 76

19170 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْعَبَّاسِ مُحَمَّدَ بْنَ يَعْقُوبَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ الرَّبِيعَ بْنَ سُلَيْمَانَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ:«لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يُكْنَى بِأَبِي الْقَاسِمِ كَانَ اسْمَهُ مُحَمَّدٌ أَوْ غَيْرُهُ» ،

19171 -

وَهَكَذَا رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، عَنِ الشَّافِعِيِّ،

19172 -

وَرَأَيْتُ فِيَ كِتَابِي فِي آخِرِ كِتَابِ اخْتِلَافِ الْأَحَادِيثِ للِشَّافِعِيِّ الَّذِي قَرَأْنَاهُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظِ رحمه الله هَذِهِ الْأَحَادِيثَ مَضْرُوبًا عَلَيْهَا، وَلَعَلَّهَا لَمْ تَكُنْ فِي نُسْخَةِ الْحَاكِمِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ رحمه الله، أَوْ لَمْ يَتَّفِقْ قِرَاءَتُهَا عَلَيْهِ

ص: 76

19173 -

قَالَ الرَّبِيعُ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، وَعَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«تَسَمَّوْا بِاسْمِي، وَلَا تَكَنَّوْا بِكُنْيَتِي»

⦗ص: 77⦘

،

19174 -

أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى بْنِ أَسَدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ

ص: 76

19175 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالْبَقِيعِ، فَنَادَى رَجُلٌ يَا أَبَا الْقَاسِمِ فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: إِنِّي لَمْ أَعْنِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«تَسَمَّوْا بِاسْمِي وَلَا تَكَنَّوْا بِكُنْيَتِي»

ص: 77

19176 -

أَخْبَرَنَاهُ أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْمُحَمَّدْ آبَادِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ السَّعْدِيُّ، أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ بِالْبَقِيعِ، فَنَادَى رَجُلٌ رَجُلًا، فَقَالَ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ، فَالْتَفَتَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ الرَّجُلُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَمْ أَعْنِكَ إِنَّمَا عَنَيْتُ فُلَانًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«تَسَمَّوْا بِاسْمِي، وَلَا تَكَنَّوْا بِكُنْيَتِي» ، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ أَوْجُهٍ عَنْ حُمَيْدٍ

ص: 77

19177 -

وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ أَيْضًا، عَنْ سُفْيَانَ، مَا أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى بْنِ أَسَدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، سَمِعَ جَابِرًا، يَقُولُ: " وُلِدَ لِرَجُلٍ مِنَّا غُلَامٌ، فَسَمَّيْنَاهُ الْقَاسِمَ، فَقُلْنَا: لَا نَكْنِيكَ أَبَا الْقَاسِمِ، وَلَا نُنْعِمُكَ عَيْنًا

⦗ص: 78⦘

، فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ:«أَسْمِ ابْنَكَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ» ، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ

19178 -

وَفِي رِوَايَةِ الشَّافِعِيِّ: " وُلِدَ فِي الْحَيِّ غُلَامٌ فَأُسْمِيَ أَبُو الْقَاسِمِ، فَقُلْنَا لِأَبِيهِ: لَا نُكْنِيهِ أَبُو الْقَاسِمِ، وَلَا نُنْعِمُكَ عَيْنًا، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ:«أَسْمِ ابْنَكَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ»

19179 -

وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ حَدِيثَ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«سَمُّوا بِاسْمِي، وَلَا تَكَنَّوْا بِكُنْيَتِي، فَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ بُعِثْتُ أَقْسِمُ بَيْنَكُمْ» ،

19180 -

وَرَوَى فِي حَدِيثِهِ أَنَّهُمْ سَمَّوْهُ بِاسْمِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ ذَلِكَ، وَالِاعْتِبَارُ بِاللَّفْظِ الْمَنْقُولِ عَنْهُ

ص: 77

19181 -

وَأَمَّا حَدِيثُ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ تَسَمَّى بِاسْمِي، فَلَا يَتَكَنَّى بِكُنْيَتِي، وَمَنْ تَكَنَّى بِكُنْيَتِي، فَلَا يَتَسَمَّى بِاسْمِي» ، فَقَدْ أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي طَاهِرٍ الدَّقَّاقُ، حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَيُّوبَ الْبَزَّازُ، حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، فَذَكَرَهُ

⦗ص: 79⦘

،

19182 -

وَهَذَا فِيمَا لَمْ يُخْرِجْهُ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ فِي الصَّحِيحِ، مَعَ كَوْنِ أَبِي الزُّبَيْرِ مِنْ شَرْطِهِ، وَلَعَلَّهُ إِنَّمَا لَمْ يُخْرِجْهُ لِمُخَالَفَتِهِ رِوَايَةَ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَسَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ جَابِرٍ، ثُمَّ مُخَالَفَتِهِ رِوَايَةَ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ،

19183 -

وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي مَعْنَى مَا رَوَاهُ أَبُو الزُّبَيْرِ، وَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَأَحَادِيثُ النَّهْيِ عَلَى الْإِطْلَاقِ أَكْثَرُ وَأَصَحُّ طَرِيقًا

19184 -

وَحَدِيثُ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ وُلِدَ لِي مِنْ بَعْدِكَ وَلَدٌ أُسَمِّيهِ بِاسْمِكَ، وَأُكْنِيهِ بِكُنْيَتِكَ؟ قَالَ:«نَعَمْ» ،

19185 -

فَهُوَ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ مُنْقَطِعٌ،

19186 -

وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ، أَنَّهُ قَالَ: كَانَتْ رُخْصَةً لِعَلِيٍّ

19187 -

وَحَدِيثُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحَجَبِيِّ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«مَا الَّذِي أَحَلَّ اسْمِي وَحَرَّمَ كُنْيَتِي» ، أَوْ «مَا الَّذِي حَرَّمَ كُنْيَتِي وَأَحَلَّ اسْمِي» ، لَمْ يَثْبُتْ إِسْنَادُهُ،

19188 -

وَأَحَادِيثُ النَّهْيِ عَنِ التَّكَنِّي بِكُنْيَتِهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ مِنَ الْأَحَادِيثِ الثَّابِتَةِ الصَّحِيحَةِ الَّتِي لَا تُعَارَضُ بِأَمْثَالِ هَذَا، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

19189 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَكَانَتْ كُنْيَةَ مِقْسَمٍ: أَبُو الْقَاسِمِ، فَجَعَلَ طَاوُسٌ يَقُولُ: مِقْسَمٌ وَلَا يَقُولُ أَبُو الْقَاسِمِ، فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَا أُكَنِّيهِ بِهَا أَبَدًا

ص: 78

19190 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ حَرْمَلَةَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «نَهَى عَنِ الْقَزْعِ»

⦗ص: 80⦘

19191 -

أَخْبَرَنَاهُ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مِهْرَانِ الدِّينَوَرِيُّ، حَدَّثَنَا الْأُوَيْسِيُّ، حَدَّثَنَا الْعُمَرِيُّ، فَذَكَرَهُ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ:«كَرِهَ الْقَزْعَ لِلصِّبْيَانِ»

ص: 79

19192 -

وَهَذَا الْحَدِيثُ ثَابِتٌ مِنْ جِهَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ نَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ «نَهَى عَنِ الْقَزَعِ» ، أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ السَّمَّاكِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، حَدَّثَنَا شُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، فَذَكَرَهُ، أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ، مِنْ حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ

ص: 80

‌مَا يَحْرُمُ مِنْ جِهَةِ مَا لَا تَأْكُلُ الْعَرَبُ

⦗ص: 82⦘

19193 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: «أَصْلُ التَّحْرِيمِ نَصُّ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ، أَوْ جُمْلَةُ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ أَوْ إِجْمَاعٌ»

19194 -

قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: 157]

19195 -

قَالَ: وَإِنَّمَا تَكُونُ الطَّيِّبَاتُ وَالْخَبَائِثُ عِنْدَ الْآكِلِينَ كَانُوا لَهَا، وَهُمُ الْعَرَبُ الَّذِينَ سَأَلُوا عَنْ هَذَا، وَنَزَلَتْ فِيهِمُ الْأَحْكَامُ، وَكَانُوا يَكْرَهُونَ مِنْ خَبِيثِ الْمَأْكَلِ مَا لَا يَكْرَهُهَا غَيْرُهُمْ

19196 -

قَالَ: وَسَمِعْتُ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُونَ فِي قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَّرَمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ} [الأنعام: 145]- يَعْنِي مَا كُنْتُمْ تَأْكُلُونَ -

19197 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: فَأَهَلُ التَّفْسِيرِ، أَوْ مَنْ سَمِعْتُ مِنْهُمْ يَقُولُ فِي قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: " {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا} [الأنعام: 145] يَعْنِي مَا كُنْتُمْ تَأْكُلُونَ: فَإِنَّ الْعَرَبَ قَدْ كَانَتْ تُحَرِّمُ أَشْيَاءَ عَلَى أَنَّهَا مِنَ الْخَبَائِثِ وَتُحِلُّ أَشْيَاءَ عَلَى أَنَّهَا مِنَ الطَّيِّبَاتِ، فَأُحِلَّتْ لَهُمُ الطَّيِّبَاتُ عِنْدَهُمْ إِلَّا مَا اسْتُثْنِيَ، وَحُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثُ عِنْدَهُمْ قَالَ اللَّهُ عز وجل:{يُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: 157]

ص: 81

19198 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ الْقَاضِي، وَأَبُو زَكَرِيَّا الْمُزَكِّي، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ

⦗ص: 83⦘

، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ، عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «نَهَى عَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ»

ص: 82

19199 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ، عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «نَهَى عَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ» ،

19200 -

وَفِي رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ عَنِ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ،

19201 -

وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ، عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ، وَسُفْيَانَ

ص: 83

19202 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ، عَنْ عُبَيْدَةَ بْنِ سُفْيَانَ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ

⦗ص: 84⦘

: «أَكْلُ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ حَرَامٌ»

19203 -

هَكَذَا رَوَاهُ فِي كِتَابِ الرِّسَالَةِ

ص: 83

19204 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، فَذَكَرَهُ، وَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «كُلُّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ حَرَامٌ» ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، وَغَيْرِهِ، عَنْ مَالِكٍ

ص: 84

19205 -

وَرُوِّينَا فِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:«نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ، وَكُلِّ ذِي مِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ»

19206 -

أَخْبَرَنَاهُ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرِ بْنُ فُورَكٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، وَأَبِي بِشْرٍ، عَنْ مَيْمُونٍ، فَذَكَرَهُ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ،

وَ

19207 -

رَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ الْحَكَمِ الْبُنَانِيُّ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ

⦗ص: 85⦘

19208 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله فِي رِوَايَتِنَا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ: قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبِرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [المائدة: 96] وَكَانَ شَيْئَانِ حَلَالَيْنِ فَأَثْبَتَ تَحْلِيلَ أَحَدِهِمَا وَهُوَ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَالِحُهُ وَكُلُّ مَا فِيهِ مَتَاعٌ لَهُمْ يَسْتَمْتِعُونَ بِأَكْلِهِ، وَحَرَّمَ عَلَيْهِمْ صَيْدَ الْبِرِّ أَنْ يَسْتَمْتِعُوا بِأَكْلِهِ فِي كِتَابِهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لَا يُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ مِنْ صَيْدِ الْبَرِّ فِي الْإِحْرَامِ إِلَّا مَا كَانَ حَلَالًا لَهُمْ قَبْلَ الْإِحْرَامِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ،

19209 -

فَلَمَّا «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمُحْرِمَ بِقَتْلِ الْغُرَابِ، وَالْحِدَأَةِ، وَالْعَقْرَبِ، وَالْفَأْرَةِ، وَالْكَلْبِ الْعَقُورِ، وَقَتْلِ الْحَيَّاتِ دَلَّ أَنَّ لُحُومَ هَذِهِ مُحَرَّمَةٌ» لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ دَاخِلًا فِي جُمْلَةِ مَا حَرَّمَ اللَّهُ قَتْلَهُ مِنَ الصَّيْدِ فِي الْإِحْرَامِ لَمْ يُحِلَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَتْلَهُ، وَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى مَعْنًى آخَرَ أَنَّ الْعَرَبَ لَا تَأْكُلُ مِمَّا أَبَاحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَتْلَهُ فِي الْإِحْرَامِ شَيْئًا

19210 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَمِمَّا يُؤَكِّدُ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ قَتْلِ أَشْيَاءَ كَانَتِ الْعَرَبُ تَسْتَخْبِثُهَا، وَلَوْ كَانَتْ حَلَالًا كَانَتْ، كَبَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فِي جَوَازِ ذَبْحِهَا

ص: 84

19211 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم " نَهَى عَنْ قَتْلِ أَرْبَعٍ مِنَ الدَّوَابِّ: النَّمْلَةِ، وَالنَّحْلَةِ، وَالْهُدْهُدِ، وَالصُّرَدِ «

⦗ص: 86⦘

19212 -

وَرُوِّينَا، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ، أَنَّ» طَبِيبًا سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ ضِفْدَعٍ يَجْعَلُهُ فِي دَوَاءٍ؟ فَنَهَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ قَتْلِهَا «

19213 -

وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم» نَهَى عَنْ قَتْلِ الْخَطَاطِيفِ "، وَهُوَ مُنْقَطِعٌ،

19214 -

وَرَوَاهُ أَيْضًا عَبَّادُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُرْسَلًا

19215 -

وَرُوِّينَا، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّهُ قَالَ:" لَا تَقْتُلُوا الضَّفَادِعَ فَإِنَّ نَقِيقَهَا تَسْبِيحٌ، وَلَا تَقْتُلُوا الْخُفَّاشَ فَإِنَّهُ لَمَّا خَرِبَ بَيْتُ الْمَقْدِسِ قَالَ: يَا رَبِّ سَلِّطْنِي عَلَى الْبَحْرِ حَتَّى أُغْرِقَهُمْ "

ص: 85

‌أَكْلُ الضَّبُعِ وَالثَّعْلَبِ

ص: 87

19216 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مُسْلِمٌ، وَعَبْدُ الْمَجِيدِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَيْرٍ اللَّيْثِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَمَّارٍ قَالَ: سَأَلْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ " الضَّبُعِ، أَصَيْدٌ هِيَ؟ قَالَ:«نَعَمْ» ، قُلْتُ: أَتُؤْكَلُ؟ قَالَ: «نَعَمْ» ، قُلْتُ: أَتُؤْكَلُ؟ قَالَ: «نَعَمْ» ، قُلْتُ: أَسَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: «نَعَمْ»

19217 -

زَادَ أَبُو سَعِيدٍ فِي رِوَايَتِهِ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: «وَمَا يُبَاعُ لَحْمُ الضَّبُعِ إِلَّا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ»

19218 -

قَالَ الرَّبِيعُ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَفِي مَسْأَلَةِ ابْنِ أَبِي عَمَّارٍ جَابِرًا: فَصَيْدٌ هِيَ؟ فَقَالَ: «نَعَمْ» وَمَسْأَلَتِهِ: أَتُؤْكَلُ؟ قَالَ: «نَعَمْ» ، وَمَسْأَلَتِهِ: أَسَمِعْتَهُ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: «نَعَمْ» ، فَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الصَّيْدَ الَّذِي نَهَى اللَّهُ الْمُحْرِمَ عَنْ قَتْلِهِ، مَا كَانَ يَحِلُّ أَكْلُهُ مِنَ الصَّيْدِ، وَأَنَّهُمْ إِنَّمَا يَقْتُلُونَ الصَّيْدَ لِيَأْكُلُوهُ لَا عَبَثًا بِقَتْلِهِ

ص: 87

19219 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَرُوِّينَا عَنْ إِبْرَاهِيمَ الصَّائِغِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الضَّبُعُ صَيْدٌ، وَجَزَاؤُهَا كَبْشٌ مُسِنٌّ، وَتُؤْكَلُ» أَخْبَرَنَاهُ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ الصَّائِغُ، فَذَكَرَهُ

19220 -

وَذَلِكَ يُؤَكِّدُ رِوَايَةَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ، عَنْ جَابِرٍ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ:«يُؤْكَلُ» ، مَرْفُوعٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، خِلَافَ قَوْلِ مَنْ جَعَلَهُ بِالتَّوَهُّمِ مِنْ قَوْلِ جَابِرٍ حِينَ تَرَكَ الْأَخْذَ بِرِوَايَتِهِ، وَعَارَضَهُ بِحَمْلِهِ نَهْيَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ، وَهِلَالٌ اسْتَدَلَّ بِحَدِيثِ جَابِرٍ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ عَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ إِنَّمَا هُوَ عَنْ كُلِّ مَا عَدَا عَلَى النَّاسِ مُكَابَرَةً وَقُوَّةً فِي نَفْسِهِ بِنَابِهِ دُونَ مَا لَا يَعْدُو، كَمَا فَعَلَ الشَّافِعِيُّ لِيَكُونَ قَدْ قَالَ بِالْحَدِيثَيْنِ جَمِيعًا

19221 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى إِحْلَالِ مَا كَانَتِ الْعَرَبُ تَأْكُلُ مِمَّا لَمْ يُبْصَرْ فِيهِ خَبَرٌ، وَتَحْرِيمِ مَا كَانَتْ تُحَرِّمُهُ مِمَّا يَعْدُو مِنْ قِبَلِ أَنَّهَا لَمْ تَزَلْ إِلَى الْيَوْمِ تَأْكُلُ الضَّبُعَ، وَالثَّعْلَبَ، وَتَأْكُلُ الضَّبَّ، وَالْأَرْنَبَ، وَالْوَبَرَ، وَحِمَارَ الْوَحْشِ، وَلَمْ تَزَلْ تَدَعُ أَكْلَ الْأَسَدِ، وَالنَّمِرِ، وَالذِّئْبِ، تَحْرِيمًا بِالتَّقَذُّرِ

ص: 88

19222 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَقَدْ ثَبَتَ فِي الْأَرْنَبِ مَا أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ فُورَكٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: " أَنْفَجْنَا أَرْنَبًا بِمَرِّ الظَّهْرَانٍ، فَسَعَى خَلْفَهَا أَصْحَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَلَغِبُوا، وَأَدْرَكْتُهَا أَنَا، فَذَبَحْتُهَا بِمَرْوَةٍ فَأَتَيْتُ بِهَا أَبَا طَلْحَةَ، فَبَعَثَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِفَخِذَيْهَا أَوْ وَرِكِهَا، فَأَكَلَهُ، قُلْتُ: أَكَلَهُ؟ قَالَ: قَبِلَهُ «

⦗ص: 89⦘

أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ

19223 -

وَحَكَى ابْنُ الْمُنْذِرِ، عَنْ طَاوُسٍ، وَقَتَادَةَ فِي» الثَّعْلَبِ أَنَّهُ يُؤْكَلُ وَهُوَ صَيْدٌ «،

19224 -

وَرُوِّينَاهُ عَنْ عَطَاءٍ

19225 -

وَرُوِّينَا فِي كِتَابِ الْحَجِّ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ شُرَيْحٍ، أَنَّهُ» حَكَمَ فِي الثَّعْلَبِ بِجَدْيٍ "

19226 -

وَعَنْ عَطَاءٍ، وَعَيَّاشِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ، أَنَّهُمَا قَالَا:«فِي الثَّعْلَبِ شَاةٌ»

ص: 88

‌أَكْلُ الضَّبِّ

ص: 90

19227 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو بَكْرٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنِ الضَّبِّ، فَقَالَ:«لَسْتُ بِآكِلِهِ، وَلَا مُحَرِّمِهِ» ،

19228 -

وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، نَحْوَهُ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ اللَّيْثِ، وَغَيْرِهِ، عَنْ نَافِعٍ،

19229 -

وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ مِنْ وَجْهَيْنِ آخَرَيْنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ

19230 -

وَأَخْرَجَا حَدِيثَ الشَّعْبِيِّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: " كَانَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْكُلُونَ عِنْدَهُ مِنْ لَحْمٍ، فَنَادَتْهُمُ امْرَأَةٌ، أَنَّهُ لَحْمُ ضَبٍّ فَأَمْسِكُوا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«كُلُوا وَأَطْعِمُوا فَإِنَّهُ حَلَالٌ» ، أَوْ قَالَ:«لَا بَأْسَ بِهِ» ، تَوْبَةُ الْعُنَيْزِيُّ شَكَّ فِيهِ، «وَلَكِنَّهُ لَيْسَ مِنْ طَعَامِ قَوْمِي»

ص: 90

19231 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو بَكْرٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - أَشُكُّ أَقَالَ مَالِكٌ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، أَوْ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَخَالِدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ؟ -: أَنَّهُمَا دَخَلَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَيْتَ مَيْمُونَةَ، فَأُتِيَ بِضَبٍّ مَحْنُوذٍ، فَأَهْوَى إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ، فَقَالَ بَعْضُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ: أَخْبِرُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَا يُرِيدُ أَنْ يَأْكُلَ، فَقَالُوا: هُوَ ضَبٌّ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ، فَقُلْتُ: أَحَرَامٌ هُوَ؟ فَقَالَ: «لَا، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِأَرْضِ قَوْمِي فَأَجِدُنِي أَعَافُهُ» قَالَ خَالِدٌ: فَاجْتَرَرْتُهُ، فَأَكَلْتُهُ، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَنْظُرُ

19232 -

قَالَ أَحْمَدُ: رَوَاهُ الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، فَقَالَ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، أَنَّهُ دَخَلَ، وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، عَنِ الْقَعْنَبِيِّ، وَكَذَلِكَ قَالَهُ ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، عَنْ مَالِكٍ،

19233 -

وَرَوَاهُ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، فَقَالَ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى،

19234 -

وَرَوَاهُ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ مَالِكٍ، فَقَالَ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، وَخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، أَنَّهُمَا دَخَلَا

⦗ص: 92⦘

،

19235 -

وَكَأَنَّ مَالِكًا كَانَ يَشُكُّ فِيهِ، وَالصَّحِيحُ رِوَايَةُ الْقَعْنَبِيِّ، فَكَذَلِكَ رَوَاهُ يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، وَصَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ

19236 -

وَأَخْرَجَا حَدِيثَ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:«أَهْدَتْ أُمُّ حُفَيْدٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَقِطًا وَسَمْنًا وَأَضُبًّا، فَأَكَلَ مِنَ الْأَقِطِ وَالسَّمْنِ، وَتَرَكَ الْأَضُبَّ تَقَذُّرًا»

19237 -

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَأُكِلَ عَلَى مَائِدَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَوْ كَانَ حَرَامًا مَا كَانَ أُكِلَ عَلَى مَائِدَتِهِ

19238 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ مُوَافِقٌ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «امْتَنَعَ عَنْ أَكْلِ الضَّبِّ؛ لِأَنَّهُ عَافَهُ، لَا لِأَنَّهُ حَرَّمَهُ، وَقَدِ امْتَنَعَ مِنْ أَكْلِ الْبُقُولِ ذَوَاتِ الرِّيحِ؛ لِأَنَّ جِبْرِيلَ عليه السلام يُكَلِّمُهُ، وَلَعَلَّهُ عَافَهَا، لَا أَنَّهُ مُحَرِّمٌ لَهَا» ،

19239 -

وَقَوْلُ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَسْتُ بِآكِلِهِ» - يَعْنِي نَفْسَهُ -، قَدْ بَيَّنَ ابْنُ عَبَّاسٍ؛ لِأَنَّهُ عَافَهُ، وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «وَلَا مُحَرِّمُهُ» ، فَجَاءَ بِمَعْنَى ابْنِ عَبَّاسٍ بَيِّنًا وَإِنْ كَانَ مَعْنَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَبْيَنَ مِنْهُ

19240 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَأَكْلُ الضَّبِّ حَلَالٌ. . . وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِي شَرْحِ ذَلِكَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، وَهُوَ مَنْقُولٌ إِلَى الْمَبْسُوطِ،

19241 -

وَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُحَرِّمْهُ إِنَّمَا عَافَهُ، وَإِنَّ اللَّهَ لَيَنْفَعُ بِهِ غَيْرَ وَاحِدٍ، وَإِنَّهُ لَطَعَامُ عَامَّةِ هَذِهِ الرِّعَاءِ وَلَوْ كَانَ عِنْدِي

⦗ص: 93⦘

لَطَعِمْتُهُ،

19242 -

وَرُوِّينَا فِي إِبَاحَتِهِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ،

19243 -

وَحَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِبْلٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ أَكْلِ الضَّبِّ، لَمْ يَثْبُتْ إِسْنَادُهُ، إِنَّمَا تَفَرَّدَ بِهِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، وَلَيْسَ بِحُجَّةٍ،

19244 -

وَسَائِرُ الْأَحَادِيثِ الَّتِي وَرَدَتْ فِيهِ مَحْمُولَةٌ عَلَى تَقَذُّرِهِ لَهُ، فَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا تَحْرِيمٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ

19245 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَأَمَّا حَدِيثُ عِيسَى بْنِ نُمَيْلَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ شَيْخٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ ذُكِرَ عِنْدَهُ الْقُنْفُذُ فَقَالَ:«خَبِيثَةٌ مِنَ الْخَبَائِثِ» ، فَهُوَ إِسْنَادٌ غَيْرُ قَوِيٍّ، وَرَاوِيهِ شَيْخٌ مَجْهُولٌ،

19246 -

وَفِي هَذَا الْإِسْنَادِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ سُئِلَ عَنْهُ؟ فَتَلَا {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا. . .} [الأنعام: 145]،

19247 -

وَفِي حَدِيثِ غَالِبِ بْنِ حُجْرَةَ، عَنْ مِلْقَامِ بْنِ تَلِبٍّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:«صَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمْ أَسْمَعْ لِحَشَرَةِ الْأَرْضِ تَحْرِيمًا»

⦗ص: 94⦘

،

19248 -

وَهَذَا إِسْنَادٌ غَيْرُ قَوِيٍّ،

19249 -

وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَا دَلَّ عَلَى تَحْرِيمِ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ، فَكَذَلِكَ مَا فِي مَعْنَاهُمَا مِمَّا كَانَتِ الْعَرَبُ تَسْتَخْبِثُهُ، وَلَا تَأْكُلُهُ فِي غَيْرِ الضَّرُورَةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ

ص: 91

‌أَكْلُ لُحُومِ الْخَيْلِ

ص: 95

19250 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ:«أَطْعَمَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لُحُومَ الْخَيْلِ، وَنَهَانَا عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ»

19251 -

قَالَ أَحْمَدُ: هَذَا الْحَدِيثُ لَمْ يَسْمَعْهُ عَمْرٌو مِنْ جَابِرٍ، إِنَّمَا سَمِعَهُ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ جَابِرٍ

ص: 95

19252 -

أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدُوسٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ هُوَ ابْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:«نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ، وَأَذِنَ فِي لُحُومِ الْخَيْلِ» ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، عَنْ عَبَّادٍ

ص: 95

19253 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ

⦗ص: 96⦘

، عَنْ فَاطِمَةَ، عَنْ أَسْمَاءَ قَالَتْ:«نَحَرْنَا فَرَسًا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَكَلْنَاهُ» ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، عَنِ الْحُمَيْدِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ، وَأَخْرَجَاهُ مِنْ أَوْجُهٍ عَنْ هِشَامٍ

ص: 95

19254 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ أَبِي أُمَيَّةَ قَالَ:«أَكَلْتُ فَرَسًا فِي عَهْدِ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَوَجَدْتُهُ حُلْوًا»

19255 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَرُوِّينَا عَنِ الْأَسْوَدِ، أَنَّهُ أَكَلَ لَحْمَ فَرَسٍ

19256 -

وَعَنِ الْحَسَنِ، «لَا بَأْسَ بِلَحْمِ الْفَرَسِ»

19257 -

وَأَمَّا حَدِيثُ صَالِحِ بْنِ يَحْيَى بْنِ الْمِقْدَامِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ قَالَ:«نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ، وَكُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ» ،

19258 -

فَهَذَا حَدِيثٌ إِسْنَادُهُ مُضْطَرِبٌ، وَمَعَ اضْطِرَابِهِ مُخَالِفٌ لِحَدِيثِ الثِّقَاتِ،

19259 -

وَقَدْ قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ: صَالِحُ بْنُ يَحْيَى بْنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ: فِيهِ نَظَرٌ

⦗ص: 97⦘

،

19260 -

وَقَالَ مُوسَى بْنُ هَارُونَ: لَا يُعْرَفُ صَالِحُ بْنُ يَحْيَى وَلَا أَبُوهُ إِلَّا بِجَدِّهِ، وَهَذَا ضَعِيفٌ،

19261 -

وَزَعَمَ الْوَاقِدِيُّ أَنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ أَسْلَمَ بَعْدَ فَتْحِ خَيْبَرَ، وَإِنَّمَا قَوْلُ اللَّهِ عز وجل:{وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} [النحل: 8]، فَإِنَّهُ فِي سُورَةِ النَّحْلِ، وَسُورَةُ النَّحْلِ مَكِّيَّةٌ فِي قَوْلِ أَهْلِ التَّفْسِيرِ، غَيْرَ أَرْبَعِ آيَاتٍ مِنْ آخِرِ السُّورَةِ، وَلَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم امْتَنَعَ مِنْ أَكْلِ لَحْمِ الْخَيْلِ بَعْدَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ، وَلَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ، حَتَّى حَرَّمَهُ زَمَنَ خَيْبَرَ،

19262 -

وَفِي ذَلِكَ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُمْ لَمْ يَعْقِلُوا مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ تَحْرِيمَ لُحُومِ هَذِهِ الدَّوَابِّ، وَأَنْ لَا حُجَّةَ فِيهَا لِمَنْ ذَهَبَ إِلَى تَحْرِيمِ الْخَيْلِ،

19263 -

وَالَّذِي يُؤَكِّدُ مَا رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي نَهْيِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ يَوْمَ خَيْبَرَ " لَا أَدْرِي أَنْهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ كَانَ حَمُولَةَ النَّاسِ، فَكَرِهَ أَنْ تَذْهَبَ حَمُولَتُهُمْ أَوْ حَرَّمَهُ،

19264 -

وَلَوْ كَانَ تَحْرِيمُهَا وَتَحْرِيمُ مَا ذَكَرَ مَعَهَا فِي الْآيَةِ ثَابِتًا بِالْآيَةِ لَمْ يَقَعْ هَذَا الِاشْتِبَاهُ لِابْنِ عَبَّاسٍ - وَهُوَ تُرْجُمَانُ الْقُرْآنِ - فِي النَّهْيِ عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ زَمَنَ خَيْبَرَ،

19265 -

وَهَذَا الْخَبَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ يَدُلُّ عَلَى بُطْلَانِ مَا رُوِيَ عَنْهُ بِخِلَافِ ذَلِكَ،

19266 -

ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ عز وجل كَمَا لَمْ يَذْكُرْ فِي الْآيَةِ وَجْهَ الِانْتِفَاعِ بِهَذِهِ الدَّوَابِّ بِالْأَكْلِ، وَلَمْ يَذْكُرْ وَجْهَ الِانْتِفَاعِ بِهَا بِحَمْلِ الْأَثْقَالِ عَلَيْهَا، وَذَلِكَ لَا يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِهِ كَذَلِكَ الْأَكْلَ إِلَّا فِيمَا قَامَتْ دَلَالَتُهُ،

19267 -

وَفِي الْآيَةِ دَلَالَةٌ عَلَى جَوَازِ إِنْزَاءِ الْخَيْلِ عَلَى الْأُتُنِ رَغْبَةً فِي إِتْيَانِهَا

⦗ص: 98⦘

بِالْبِغَالِ الَّتِي امْتَنَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْنَا بِهَا، كَامْتِنَانِهِ بِالْخَيْلِ وَالْحَمِيرِ

ص: 96

19268 -

وَأَمَّا إِنْزَاءُ الْحُمُرِ عَلَى الْخَيْلِ، فَقَدْ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ شَرِيكٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى هُوَ ابْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي الْخَيْرِ عَنِ ابْنِ زُرَيْرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، أَنَّهُ قَالَ: " أُهْدِيَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَغْلَةٌ فَرَكِبَهَا، فَقَالَ عَلِيٌّ: لَوْ حَمَلْنَا الْحُمُرَ عَلَى الْخَيْلِ لَكَانَ لَنَا مِثْلُ هَذِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ» ،

19269 -

هَكَذَا رَوَاهُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ،

19270 -

وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي الصَعْبَة، عَنْ أَبِي أَفْلَحَ الْهَمَدَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زُرَيْرٍ، عَنْ عَلِيٍّ،

19271 -

وَكَذَلِكَ رُوِيَ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ، عَنِ اللَّيْثِ،

19272 -

وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ، وَعَلْقَمَةَ عَنْ عَلِيٍّ

19273 -

وَكَانَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رحمه الله يَقُولُ: يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى فِي ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ، أَنَّ الْحُمُرَ إِذَا حُمِلَتْ عَلَى الْخَيْلِ تَعَطَّلَتْ مَنَافِعُ الْخَيْلِ وَقَلَّ عَدَدُهَا وَانْقَطَعَ، ثُمَّ ذَكَرَ الْمَنَافِعَ الَّتِي فِي الْخَيْلِ دُونَ الْبِغَالِ، ثُمَّ قَالَ

⦗ص: 99⦘

: فَإِذَا كَانَتِ الْفُحُولُ خَيْلًا، وَالْأُمَّهَاتُ حُمُرًا، فَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَكُونَ دَاخِلًا فِي النَّهْيِ، وَاحْتَجَّ بِالْآيَةِ الَّتِي احْتَجَجْنَا بِهَا، وَضَعَّفَ قَوْلَ مَنْ قَالَ بِخِلَافِ ذَلِكَ

ص: 98

19274 -

وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ:«أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِإِسْبَاغِ الْوُضُوءِ، وَنَهَانَا - وَلَا أَقُولُ نَهَاكُمْ - أَنْ نَأْكُلَ الصَّدَقَةَ، وَلَا نُنْزِيَ حِمَارًا عَلَى فَرَسٍ» ،

19275 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْمَيْمُونِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي جَهْضَمٍ مُوسَى بْنِ سَالِمٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ مِنْ وَلَدِ الْعَبَّاسِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَهُ،

19276 -

كَذَا قَالَهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَرَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ وَغَيْرُهُمَا، عَنْ أَبِي جَهْضَمٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ،

19277 -

وَفِي الْحَدِيثِ إِشَارَةٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، إِلَى أَنَّهُمْ مَخْصُوصُونَ بِهَذَا النَّهْيِ، كَمَا خُصُّوا بِالنَّهْيِ عَنْ أَكْلِ الصَّدَقَةِ، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ جَازَ الْأَمْرَانِ جَمِيعًا لِغَيْرِهِمْ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ

ص: 99

‌أَكْلُ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ

ص: 100

19278 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، وَالْحَسَنِ ابْنَيْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِمَا، عَنْ عَلِيٍّ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «نَهَى عَامَ خَيْبَرَ عَنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ، وَعَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ» ،

19279 -

زَادَ أَبُو سَعِيدٍ فِي رِوَايَتِهِ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلَالَتَانِ: إِحْدَاهُمَا: تَحْرِيمُ أَكَلِ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ، وَالْأُخْرَى: إِبَاحَةُ لُحُومِ حُمُرِ الْوَحْشِ، لَأَنَّهُ لَا صِنْفَ مِنَ الْحُمُرِ إِلَّا أَهْلِيٌّ وَوَحْشِيٌّ، فَإِذَا قَصَدَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالتَّحْرِيمِ قَصَدَ الْأَهْلِيَّ، ثُمَّ وَصْفُهُ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ أَخْرَجَ الْوَحْشِيَّ مِنَ التَّحْرِيمِ

19280 -

ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ: مَعَ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم" إِبَاحَةُ أَكْلِ حُمُرِ الْوَحْشِ، أَمَرَ أَبَا بَكْرٍ أَنْ يَقْسِمَ حِمَارًا وَحْشِيًّا، قَتَلَهُ أَبُو قَتَادَةَ بَيْنَ الرُّفْقَةِ، وَحَدِيثُ طَلْحَةَ: أَنَّهُمْ أَكَلُوا مَعَهُ لَحْمَ حِمَارٍ وَحْشِيٍّ

⦗ص: 101⦘

19281 -

قَالَ أَحْمَدُ: قَوْلُهُ: «قَتَلَهُ أَبُو قَتَادَةَ» ، زِيَادَةٌ وَقَعَتْ مِنَ الْكَاتِبِ أَوْ حَدِيثٌ دَخَلَ فِي حَدِيثٍ، فَإِنَّ الَّذِي قَتَلَهُ أَبُو قَتَادَةَ أَتَى بِهِ أَصْحَابَهُ وَهُمْ مُحْرِمُونَ، وَهُوَ غَيْرُ مُحْرِمٍ حَتَّى أَكَلُوا مِنْهُ، ثُمَّ سَأَلُوا عَنْهُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:«هَلْ أَشَارَ إِلَيْهِ إِنْسَانٌ مِنْكُمْ بِشَيْءٍ؟» ، فَقَالُوا: لَا، فَقَالَ:«كُلُوا» ،

19282 -

وَالَّذِي أَمَرَ أَبَا بَكْرٍ بِقِسْمَتِهِ بَيْنَ الرِّفَاقِ فَهُوَ فِي حِمَارٍ وَحْشِيٍّ، وَجَدُوهُ عَقِيرًا بِالرَّوْحَاءِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«دَعُوهُ فَإِنَّهُ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ صَاحِبُهُ» ، فَجَاءَ الْبَهْزِيُّ وَهُوَ صَاحِبُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ شَأْنَكُمْ بِهَذَا الْحِمَارِ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَبَا بَكْرٍ فَقَسَّمَهُ بَيْنَ الرِّفَاقِ،

19283 -

وَهَذَا الْكِتَابُ مِمَّا لَمْ يَسْمَعْهُ الرَّبِيعُ مِنَ الشَّافِعِيِّ، وَلَوْ كَانَ قُرِئَ عَلَيْهِ، لَأَمَرَ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - بِتَغْيِيرِهِ،

19284 -

وَقَدْ رُوِّينَا نَهْيَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ، زَمَنَ خَيْبَرَ عَنْ سِوَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَخَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَالْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى، وَسَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، وَأَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَالْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ رضي الله عنهم، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ص: 100

19285 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي سُنَنِ حَرْمَلَةَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ: أَصَبْنَا حُمُرًا خَارِجَةً مِنَ الْقَرْيَةِ يَوْمَ خَيْبَرَ

⦗ص: 102⦘

فَنَحَرْنَاهَا، فَنَادَى مُنَادِ النَّبِيِّ:«أَنْ أَكْفِئُوا الْقُدُورَ بِمَا فِيهَا» ، فَكَفَأْنَاهَا، وَإِنَّ الْقُدُورَ لَتَغْلِي

19286 -

قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فَقَالَ: إِنَّمَا تِلْكَ حُمُرٌ كَانَتْ تَأْكُلُ الْقَذَرَ، وَهَذَا حَدِيثٌ قَدْ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، مِنْ حَدِيثِ عَبَّادِ بْنِ الْعَوَّامِ وَعَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زِيَادٍ،

19287 -

وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، مِنْ حَدِيثِ عَبَّادِ بْنِ الْعَوَّامِ، وَعَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زِيَادٍ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، مِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ، وَعَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ الشَّيْبَانِيِّ، وَفِي حَدِيثِهِمْ قَالَ: فَقَالَ نَاسٌ: إِنَّمَا نَهَى عَنْهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِأَنَّهَا لَمْ تُخَمَّسْ، وَقَالَ الْآخَرُونَ: نَهَى عَنْهَا أَلْبَتَّةَ،

19288 -

وَهَذَا شَيْءٌ كَانَ يَذْهَبُ إِلَيْهِ أَصْحَابُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، فَوَاحِدٌ يَقُولُ: نَهَى عَنْهَا لِأَنَّهَا كَانَتْ تَأْكُلُ الْقَذَرَ، وَآخَرُ يَقُولُ: نَهَى عَنْهَا لِأَنَّهَا لَمْ تُخَمَّسْ، وَذَلِكَ لِشَكٍّ وَقَعَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ فِي ذَلِكَ

ص: 101

19289 -

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ، مِنْ أَصْلِهِ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ عَامِرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:«لَا أَدْرِي أَنَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ كَانَ حَمُولَةَ النَّاسِ، فَكَرِهَ أَنْ تَذْهَبَ حَمُولَتُهُمْ أَوْ حَرَّمَهُ فِي يَوْمِ خَيْبَرَ - لَحْمَ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ»

⦗ص: 103⦘

رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يُوسُفَ، وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ،

19290 -

وَقَدْ بَيَّنَ غَيْرُ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّهْيَ عَنْهُ وَقَعَ عَلَى سَبِيلِ التَّحْرِيمِ، فَوَجَبَ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ، مَعَ كَوْنِ الْإِطْلَاقِ يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ

19291 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ حَرْمَلَةَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الثَّقَفِيُّ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ الَّذِي

ص: 102

19292 -

أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَخْتَوَيْهِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: جَاءَ جَاءٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: أُكِلَتِ الْحُمُرُ؟ ثُمَّ جَاءَ، فَقَالَ: أُكِلَتِ الْحُمُرُ؟ ثُمَّ جَاءَ الثَّالِثَةَ فَقَالَ: أُفْنِيَتِ الْحُمُرُ؟ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُنَادِيًا فَنَادَى فِي النَّاسِ: «إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَنْهَيَانِكُمْ عَنِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ فَإِنَّهَا رِجْسٌ» قَالَ: فَأُكْفِئَتِ الْقُدُورُ، وَإِنَّهَا لَتَفُورُ بِاللَّحْمِ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَّامٍ، عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَيُّوبَ

19293 -

وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «حَرَّمَ يَوْمَ خَيْبَرَ كُلَّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ، وَالْمُجَثَّمَةِ، وَالْحِمَارِ الْإِنْسيِّ»

19294 -

وَفِي حَدِيثِ الْمِقْدَامِ: «حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَشْيَاءَ يَوْمَ خَيْبَرَ مِنْهَا الْحِمَارُ

⦗ص: 104⦘

الْأَهْلِيُّ»

19295 -

وَأَمَّا حَدِيثُ غَالِبِ بْنِ أَبْجَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«أَطْعِمْ أَهْلَكَ مِنْ سَمِينِ حُمُرِكَ، فَإِنَّمَا حَرَّمَهَا مِنْ أَجْلِ حَوَالِي الْقَرْيَةِ» ، فَإِسْنَادُهُ مُضْطَرِبٌ،

19296 -

وَفِي إِسْنَادِهِ أَنَّهُ قَالَ: «أَصَابَتْنَا سَنَةٌ فَلَمْ يَكُنْ فِي مَالِي شَيْءٌ أُطْعِمُ أَهْلِي إِلَّا شَيْءٌ مِنْ حُمُرٍ» ، فَكَأَنَّهُ إِنْ صَحَّ إِنَّمَا رَخَّصَ لَهُ فِي أَكْلِهِ بِالضَّرُورَةِ حَيْثُ تُبَاحُ الْمَيْتَةُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ

ص: 103

‌الْجَلَّالَةُ

ص: 105

19297 -

رُوِّينَا عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَقِيلَ عَنْهُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَرُوِّينَا عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «نَهَى عَنْ أَكَلِ الْجَلَّالَةِ، وَأَلْبَانِهَا»

⦗ص: 106⦘

،

19298 -

وَرُوِّينَاهُ عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَقِيلَ: عَنْهُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم،

19299 -

وَرُوِّينَاهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَفِي بَعْضِ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ النَّهْيُ عَنْ رُكُوبِهَا أَيْضًا

ص: 105

19300 -

أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ:" نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ، وَعَنِ الْجَلَّالَةَ: عَنْ رُكُوبِهَا، وَأَكْلِ لُحُومِهَا "

19301 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: فِي الْإِبِلِ الَّتِي أَكْثَرُ عَلَفِهَا الْعُذْرَةُ الْيَابِسَةُ، وَكُلُّ مَا صَنَعَ هَذَا مِنَ الدَّوَابِّ الَّتِي تُؤْكَلُ فَهِيَ جَلَّالَةٌ، وَأَرْوَاحُ الْعُذْرَةِ تُوجَدُ فِي عَرَقِهَا، وَجَرَرِهَا لِأَنَّ لُحُومَهَا تَغَذَّى بِهَا فَتُعِلُّهَا، وَمَا كَانَ مِنَ الْإِبِلِ وَغَيْرِهَا أَكْثَرُ عَلَفِهِ مِنْ غَيْرِ هَذَا، وَكَانَ يَنَالُ هَذَا قَلِيلًا فَلَا يَبِينُ فِي عَرَقِهِ وَجَرَرِهِ؛ لِأَنَّ اغْتِذَاءَهُ مِنْ غَيْرِهِ، فَلَيْسَ بِحَلَالٍ، مَنْهِيٌّ عَنْهُ،

19302 -

ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ فِي عَلَفِ الْجَلَّالَةِ غَيْرَهُ حَتَّى يُعْلَمَ أَنَّ اغْتِذَاءَهَا قَدِ

⦗ص: 107⦘

انْقَلَبَ فَتُؤْكَلُ قَالَ: وَقَدْ جَاءَ فِي بَعْضِ الْآثَارِ بِأَنَّ الْبَعِيرَ تُعْلَفُ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، وَالشَّاةُ عَدَدًا أَقَلَّ مِنْ ذَا، وَالدَّجَاجَةُ سَبْعًا، وَكُلُّهُمْ فِيمَا نَرَى أَرَادَ الْمَعْنَى الَّذِي وَصَفْتُ مِنْ تَغْيِيرِهَا مِنَ الطِّبَاعِ الْمَكْرُوهَةِ إِلَى الطِّبَاعِ غَيْرِ الْمَكْرُوهَةِ الَّذِي هُوَ فِطْرَةُ الدَّوَابِّ

ص: 106

19303 -

قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ رَوَى إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُهَاجِرِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِيَ يُحَدِّثُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَابَاهَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ:" نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْجَلَّالَةِ: أَنْ يُؤْكَلَ لَحْمُهَا، أَوْ يُشْرَبَ لَبَنُهَا. وَلَا يُحْمَلْ عَلَيْهَا " أَظُنُّهُ قَالَ: إِلَّا الْأَدَمُ، وَلَا يَرْكَبُهَا النَّاسُ حَتَّى تُعْلَفَ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شَيْبَانَ الْقَزَّازُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ، فَذَكَرَهُ

19304 -

وَإِسْمَاعِيلُ غَيْرُ قَوِيٍ فِي الْحَدِيثِ

19305 -

وَرُوِّينَا فِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ، عَنْ زَهْدَمٍ قَالَ:" رَأَيْتُ أَبَا مُوسَى يَأْكُلُ الدَّجَاجَ، فَدَعَانِي، فَقُلْتُ: إِنِّي رَأَيْتُهُ يَأْكُلُ نَتِنًا قَالَ: ادْنُ فَكُلْ، فَإِنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَأْكُلُهُ "

ص: 107

‌الْمَصْبُورَةُ

ص: 108

19306 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو النَّضْرِ الْفَقِيهُ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ جَدِّي عَلَى الْحَكَمِ بْنِ أَيُّوبَ، فَإِذَا غِلْمَانٌ قَدْ نَصَبُوا دَجَاجَةً يَرْمُونَهَا، فَقَالَ أَنَسٌ:«نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ تُصْبَرَ الْبَهَائِمُ» ، وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ، عَنْ شُعْبَةَ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ أَوْجُهٍ أُخَرَ، عَنْ شُعْبَةَ،

19307 -

وَرُوِّينَا فِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

19308 -

وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا تَتَّخِذُوا شَيْئًا فِيهِ الرُّوحُ غَرَضًا»

19309 -

وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُقْتَلَ شَيْءٌ مِنَ

⦗ص: 109⦘

الدَّوَابِّ صَبْرًا»

ص: 108

19310 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَدْ " نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْمَصْبُورَةِ، وَالْمَصْبُورَةُ: الشَّاةُ تُرْبَطُ، ثُمَّ تُرْمَى بِالنَّبْلِ "

ص: 109

19311 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو أَحْمَدَ التَّمِيمِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي «نَهْيِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنْ تُصْبَرَ الْبَهَائِمُ» قَالَ: هِيَ أَنْ تُرْمَى بَعْدَ أَنْ تُؤْخَذَ

ص: 109

‌ذَكَاةُ مَا فِي بَطْنِ الذَّبِيحَةِ

ص: 110

19312 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَتِنَا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، إِنَّمَا تَكُونُ ذَكَاةُ الْجَنِينِ فِي الْبَطْنِ ذَكَاةَ أُمِّهِ؛ لِأَنَّهُ مَخْلُوقٌ مِنْهَا وَحُكْمُهُ حُكْمُهَا مَا لَمْ يُزَايِلْهَا،

19313 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنْ أَبِي الْوَدَّاكِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ

⦗ص: 111⦘

قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، نَنْحَرُ النَّاقَةَ، وَنَذْبَحُ الْبَقَرَةَ وَالشَّاةَ فِي بَطْنِهَا الْجَنِينُ، أَنُلْقِيهِ أَمْ نَأْكُلُهُ؟ قَالَ:«كُلُوهُ إِنْ شِئْتُمْ فَإِنَّ ذِكَاتَهُ ذَكَاةُ أُمِّهِ» ، هَكَذَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابِ السُّنَنِ

ص: 110

19314 -

وَرَوَاهُ أَيْضًا بِإِسْنَادٍ لَهُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي زِيَادٍ الْقَدَّاحِ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ» ،

19315 -

وَرُوِّينَا عَنِ الْحَسَنِ بْنِ بِشْرٍ الْبَجْلِيِّ، عَنْ زُهَيْرٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَحَمَّادُ بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ

⦗ص: 112⦘

،

19316 -

وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ الْحَدَّادِ، عَنْ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْوَدَّاكِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، مُخْتَصَرًا،

19317 -

وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ فِي إِبَاحَتِهِ، وَفَسَّرُوا قَوْلَهُ عز وجل {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ} [المائدة: 1] بِذَلِكَ

ص: 111

‌كَسْبُ الْحَجَّامِ

ص: 113

19318 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ الْقَاضِي، وَأَبُو زَكَرِيَّا الْمُزَكِّي، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ هُوَ الْأَصَمُّ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حَرَامِ بْنِ سَعْدِ بْنِ مُحَيِّصَةَ، أَنَّ مُحَيِّصَةَ، سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ كَسْبِ الْحَجَّامِ؟ فَنَهَاهُ عَنْهُ، فَلَمْ يَزَلْ يُكَلِّمُهُ حَتَّى قَالَ:«أَطْعِمْهُ رَقِيقَكَ، وَاعْلِفْهُ نَاضِحَكَ» ،

19319 -

أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ، أَخْبَرَنَا أَبُو النَّضْرِ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حَرَامِ بْنِ سَعْدِ بْنِ مُحَيِّصَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ مُحَيِّصَةَ، فَذَكَرَهُ بِنَحْوِهِ

ص: 113

19320 -

وَبِإِسْنَادِهِ قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حَرَامِ بْنِ سَعْدِ بْنِ مُحَيِّصَةَ الْحَارِثِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ «سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ كَسْبِ الْحَجَّامِ؟ فَنَهَاهُ، فَذَكَرَ لَهُ الْحَاجَةَ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَعْلِفَهُ نَوَاضِحَهُ»

⦗ص: 114⦘

،

19321 -

وَبِإِسْنَادِهِ قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ مُحَيِّصَةَ، أَحَدِ بَنِي حَارِثَةَ، عَنْ أَبِيهِ،

ص: 113

19322 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حَرَامِ بْنِ سَعْدِ بْنِ مُحَيِّصَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ " اسْتَأْذَنَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي إِجَارَةِ الْحَجَّامِ، فَنَهَاهُ عَنْهُ، فَلَمْ يَزَلْ يَسْأَلُهُ وَيَسْتَأْذِنُهُ حَتَّى قَالَ:«أَعْلِفْهَا نَوَاضِحَكَ وَرَقِيقَكَ»

ص: 114

19323 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، «حَجَمَ أَبُو طَيْبَةَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَمَرَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِصَاعٍ مِنْ تَمْرٍ، وَأَمَرَ أَهْلَهُ أَنْ يُخَفِّفُوا عَنْهُ مِنْ خَرَاجِهِ» ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ، عَنْ مَالِكٍ

ص: 114

19324 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، قَالُوا حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، قِيلَ لَهُ: احْتَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ: نَعَمْ، حَجَمَهُ أَبُو طَيْبَةَ

⦗ص: 115⦘

، فَأَعْطَاهُ صَاعَيْنِ، وَأَمَرَ مَوَالِيَهُ أَنْ يُخَفِّفُوا عَنْهُ مِنْ ضَرِيبَتِهِ، وَقَالَ:«إِنَّ أَمْثَلَ مَا تَدَاوَيْتُمْ بِهِ الْحِجَامَةُ، وَالْقُسْطُ الْبَحْرِيُّ لِصِبْيَانِكُمْ مِنَ الْعُذْرَةِ، وَلَا تُعَذِّبُوهُمْ بِالْغَمْزِ» ، أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ مِنْ أَوْجُهٍ عَنْ حُمَيْدٍ

ص: 114

19325 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، انْقَطَعَ مَتْنُهُ مِنَ الْأَصْلِ، وَقَدْ

19326 -

أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ، أَخْبَرَنَا أَبُو النَّضْرِ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «احْتَجَمَ وَأَعْطَى الْحَجَّامَ أَجْرَهُ، وَلَوْ كَانَ خَبِيثًا لَمْ يُعْطِهِ»

19327 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَرُوِّينَا فِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «حَجَمَهُ عَبْدٌ لِبَنِي بَيَاضَةَ، فَأَعْطَاهُ أَجْرَهُ، وَلَوْ كَانَ حَرَامًا لَمْ يُعْطِهِ وَأَمَرَ مَوَالِيَهُ أَنْ يُخَفِّفُوا عَنْهُ مِنْ خَرَاجِهِ»

ص: 115

19328 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ

⦗ص: 116⦘

، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْسَرَةَ، عَنْ طَاوُسٍ، " احْتَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ لِلْحَجَّامِ:«اشْكُمُوهُ»

19329 -

زَادَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ فِي رِوَايَتِهِ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ شَيْءٌ مُخْتَلِفٌ وَلَا نَاسِخٌ وَلَا مَنْسُوخٌ، فَإِنَّهُ قَدْ أَخْبَرَنَا أَنَّهُ رَخَّصَ لِمُحَيِّصَةَ أَنْ يَعْلِفَهُ نَاضِحَهُ، وَيُطْعِمَهُ رَقِيقَهُ، وَلَوْ كَانَ حَرَامًا لَمْ يُجِزْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِمُحَيِّصَةَ أَنْ يَمْلِكَ حَرَامًا، وَلَا يَعْلِفَهُ نَاضِحَهُ، وَلَا يُطْعِمَهُ رَقِيقَهُ، وَرَقِيقُهُ مِمَّنْ عَلَيْهِ فَرْضُ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، وَلَمْ يُعْطِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَجَّامًا عَلَى الْحِجَامَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْطِي إِلَّا مَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ، وَمَا يَحِلُّ لِمَالِكِهِ مِلْكُهُ، وَالْمَعْنَى فِي نَهْيِهِ عَنْهُ وَإِرْخَاصِهِ فِي أَنْ يُطْعِمَهُ النَّاضِحَ وَالرَّقِيقَ: أَنَّ مِنَ الْمَكَاسِبِ دَنِيًّا وَحَسَنًا، فَكَانَ كَسْبُ الْحَجَّامِ دَنِيًّا فَأَحَبَّ لَهُ تَنْزِيهَ نَفْسِهِ عَنِ الدَّنَاءَةِ لِكَثْرَةِ الْمَكَاسِبِ الَّتِي هِيَ أَجْمَلُ مِنْهُ، فَلَمَّا زَادَهُ فِيهِ أَمَرَهُ أَنْ يَعْلِفَهُ نَاضِحَهُ، وَيُطْعِمَهُ رَقِيقَهُ تَنْزِيهًا لَهُ لَا تَحْرِيمًا عَلَيْهِ

19330 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ رَجُلًا ذَا قَرَابَةٍ لِعُثْمَانَ قَدِمَ عَلَيْهِ، فَسَأَلَهُ عَنْ مَعَاشِهِ؟ فَذَكَرَ لَهُ غَلَّةَ حَمَّامٍ وَكَسْبَ حَجَّامٍ أَوْ حَجَّامَيْنِ، فَقَالَ: إِنَّ كَسْبَكُمْ لَوَسِخٌ، أَوْ قَالَ: لَدَنِسٌ، أَوْ: لَدَنِيءٌ، أَوْ كَلِمَةً تُشْبِهُهَا

19331 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَيُسْتَدَلُّ بِمَا ذَكَرْنَا مِنَ الْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ فِي الرُّخْصَةِ فِي كَسْبِ الْحَجَّامِ عَلَى أَنَّ الَّذِيَ رُوِيَ فِي حَدِيثِ أَبِي جُحَيْفَةَ مِنْ نَهْيِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَنْ ثَمَنِ الدَّمِ

⦗ص: 117⦘

19332 -

وَفِي حَدِيثِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «كَسْبُ الْحَجَّامِ خَبِيثٌ» ،

19333 -

وَفِي رِوَايَةٍ «بِئْسَ الْكَسْبُ ثَمَنُ الْحَجَّامِ» إِنْ أَرَادَ بِهِ التَّنْزِيهَ كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ

ص: 115

19334 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِيمَا بَلَغَهُ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ضَمْرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ:«كَسْبُ الْحَجَّامِ مِنَ السُّحْتِ»

19335 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَوْ يَأْخُذُونَ بِهَذَا، وَنَحْنُ نَرْوِي عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ أَعْطَى الْحَجَّامَ أَجْرَهُ، وَلَوْ كَانَ سُحْتًا لَمْ يُعْطِهِ إِيَّاهُ،

19336 -

أَوْرَدَهُ فِيمَا أَلْزَمَ الْعِرَاقِيِّينَ فِي خِلَافٍ عَلِيٍّ، وَإِسْنَادُهُ غَيْرُ قَوِيٍ

19337 -

وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ:«احْتَجَمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَأَمَرَنِي فَأَعْطَيْتُ الْحَجَّامَ أَجْرَهُ» ،

19338 -

وَهَذَا يُوَافِقُ الْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ، وَهُوَ لَا يُخَالِفُ أَمْرَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

19339 -

وَرُوِّينَا عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«مَنِ احْتَجَمَ لِسَبْعَ عَشْرَةَ، وَتِسْعَ عَشْرَةَ، وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ، كَانَ شِفَاءً مِنْ دَاءٍ»

⦗ص: 118⦘

19340 -

وَفِي حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُنْقَطِعًا «مَنِ احْتَجَمَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ، وَيَوْمَ السَّبْتِ، فَرَأَى وَضْحًا فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ»

ص: 117

19341 -

وَرَوَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ أَرْقَمَ وَهُوَ ضَعِيفٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَفِي حَدِيثِ عَطَّافِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ فِي الْجُمُعَةِ سَاعَةً لَا يَحْتَجِمُ فِيهَا مُحْتَجِمٌ إِلَّا عَرَضَ لَهُ دَاءٌ لَا يُشْفَى مِنْهُ» ،

19342 -

وَعَطَّافُ بْنُ خَالِدٍ ضَعِيفٌ

ص: 118

‌الِاكْتُوَاءُ، وَالِاسْتِرْقَاءُ

ص: 119

19343 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي سُنَنِ حَرْمَلَةَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ الْعَقَّارِ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَمْ يَتَوَكَّلْ مَنِ اسْتَرْقَى وَاكْتَوَى»

⦗ص: 121⦘

أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَتِيقِ بْنِ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي سُفْيَانُ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ

19344 -

وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي قُمَاشٍ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، عَنْ سُفْيَانَ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ:«مَنِ اسْتَرْقَى، أَوِ اكْتَوَى فَلَمْ يَتَوَكَّلْ»

19345 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَهَذَا نَظِيرُ مَا رُوِّينَا فِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ» ، فَقِيلَ: مَنْ هُمْ؟ قَالَ: «هُمُ الَّذِينَ لَا يَسْتَرْقُونَ، وَلَا يَكْتَوُونَ، وَلَا يَتَطَيَّرُونَ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ»

19346 -

قَالَ أَحْمَدُ: يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ تَرْغِيبًا فِي التَّوَكُّلِ عَلَى اللَّهِ عز وجل، وَقَطْعِ الْقُلُوبِ عَنِ الْأَسْبَابِ الَّتِي كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَرْجُونَ مِنْهَا الشِّفَاءَ دُونَ مَنْ جَعَلَهَا أَسْبَابًا لَهَا، فَإِذَا كَانَ الْمُسْلِمُ مُتَوَكِّلًا عَلَى اللَّهِ عز وجل بِقَلْبِهِ لَا يَرْجُو الشِّفَاءَ إِلَّا مِنْهُ ثُمَّ اسْتَعْمَلَ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْأَسْبَابِ وَهُوَ يَعْتَقِدُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَهُ سَبَبًا لِلشِّفَاءِ، وَأَنَّهُ لَمْ يَصْنَعْ فِيهِ الشِّفَاءَ لَمْ يَصْنَعِ السَّبَبُ شَيْئًا، لَمْ يَكُنْ بِهِ بَأْسٌ فَقَدْ

19347 -

رُوِّينَا فِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنْ كَانَ فِي أَدْوِيَتِكُمْ خَيْرٌ فَفِي شَرْطَةِ حَجَّامٍ، أَوْ شَرْبَةِ عَسَلٍ، أَوْ لَدْعَةٍ بِنَارٍ

⦗ص: 122⦘

تُوَافِقُ دَاءً، وَمَا أُحِبُّ أَنْ أَكْتَوِيَ»

19348 -

وَعَنْ جَابِرٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «بَعَثَ إِلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ طَبِيبًا، فَقَطَعَ مِنْهُ عِرْقًا، ثُمَّ كَوَاهُ عَلَيْهِ»

19349 -

وَعَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«اعْرِضُوا عَلَيَّ رُقَاكُمْ، لَا بَأْسَ بِالرُّقَى مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شِرْكٌ»

19350 -

وَقَالَ فِي حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فِي الرُّقَى: «مِنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَنْفَعْهُ»

19351 -

وَقَالَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، «إِنَّ اللَّهَ لَمْ يُنْزِلْ دَاءً إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً»

⦗ص: 123⦘

19352 -

وَقَالَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ: «لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ، فَإِذَا أُصِيبَ دَوَاءُ الدَّاءِ بَرَأَ بِإِذْنِ اللَّهِ»

19353 -

وَقَالُوا فِي حَدِيثِ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، نَتَدَاوَى؟ قَالَ:«تَدَاوَوْا فَإِنَّ اللَّهَ عز وجل لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلَّا وَضَعَ دَوَاءً غَيْرَ وَاحِدٍ وَهُوَ الْهَرَمُ»

19354 -

وَفِي حَدِيثِ أَبِي خُزَامَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ دَوَاءً نَتَدَاوَى بِهِ، وَرُقًى نَسْتَرْقِيهَا، وَأَتْقَاءً نَتَّقِيهَا، هَلْ يَرُدُّ ذَلِكَ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّهُ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ»

19355 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: سَأَلْتُ الشَّافِعِيَّ عَنِ الرُّقْيَةِ، فَقَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ أَنْ يَرْقِيَ الرَّجُلُ بِكِتَابِ اللَّهِ وَمَا يُعْرَفُ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ، قُلْتُ: أَيَرْقِي أَهْلُ الْكِتَابِ الْمُسْلِمِينَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، إِذَا رَقُوا بِمَا يُعْرَفُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، أَوْ ذِكْرِ اللَّهِ، فَقُلْتُ: وَمَا الْحُجَّةُ فِي ذَلِكَ؟ فَقَالَ: غَيْرُ حُجَّةٍ، فَأَمَّا رِوَايَةُ صَاحِبِنَا وَصَاحِبِكَ، فَإِنَّ مَالِكًا، أَخْبَرَنَا عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ وَهِيَ تَشْتَكِي، وَيَهُودِيَّةٌ تَرْقِيهَا، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: ارْقِيهَا بِكِتَابِ اللَّهِ "

⦗ص: 124⦘

19356 -

قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ ذَكَرْنَا فِي كِتَابِ السُّنَنِ أَسَانِيدَ مَا أَشَرْنَا إِلَيْهِ فِي هَذَا الْكِتَابِ، وَمَا لَمْ نُشِرْ إِلَيْهِ مِمَّا رُوِيَ فِي النَّهْيِ عَنْ بَعْضِ ذَلِكَ،

19357 -

وَفِيمَا ذَكَرْنَا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا نَهَى عَنْهُ إِذَا كَانَ فِيهِ شِرْكٌ، أَوِ اسْتَعْمَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي كَانُوا يَسْتَعْمِلُونَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ إِضَافَةِ الشِّفَاءِ إِلَيْهِ دُونَ اللَّهِ عز وجل، أَوِ اكْتَوَى قَبْلَ وُقُوعِ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ

ص: 120

‌مَا لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ، وَمَا يَجُوزُ لِلْمُضْطَرِّ، وَالْفَأْرَةُ تَقَعُ فِي السَّمْنِ أَوِ الزَّيْتِ

ص: 125

19358 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله فِي كِتَابِ حَرْمَلَةَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ، يُخْبِرُ عَنْ مَيْمُونَةَ: أَنَّ فَأْرَةً وَقَعَتْ فِي سَمْنٍ فَمَاتَتْ فِيهِ، فَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:«أَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا وَكُلُوهُ» ، أَخْبَرَنَاهُ أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ، أَخْبَرَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ بِلَالٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ الرَّبِيعِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانَ. . . فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، عَنِ الْحُمَيْدِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ،

19359 -

وَرَوَاهُ حَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ، عَنْ سُفْيَانَ، وَزَادَ فِيهِ: وَهُوَ جَامِدٌ، فَمَاتَتْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«خُذُوهَا وَمَا حَوْلَهَا فَأَلْقُوهَا وَكُلُوا مَا بَقِيَ» أَخْبَرَنَاهُ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ، فَذَكَرَهُ

ص: 125

19360 -

وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ

⦗ص: 126⦘

قَالَ: سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ فَأْرَةٍ وَقَعَتْ فِي سَمْنٍ؟ فَقَالَ: «إِنْ كَانَ جَامِدًا أُخِذَتْ وَمَا حَوْلَهَا وَأُلْقِيَتْ، وَإِنْ كَانَ ذَائِبًا - أَوْ مَائِعًا - يُؤْكَلْ» أَخْبَرَنَاهُ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَهْلِ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، فَذَكَرَهُ

19361 -

وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، وَقَالَ فِي الْحَدِيثِ:«فَإِنْ كَانَ مَائِعًا فَلَا تُقْرَبُوهُ» ، وَعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ أَحْفَظُ مِنْهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ

19362 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله فِي أَثْنَاءِ مَبْسُوطِ كَلَامِهِ: فَدُلَّ أَمْرُهُ بِأَكْلِ مَا سِوَاهُ - يَعْنِي فِي الْجَامِدِ - عَلَى أَنَّ مَا حَوْلَهَا - مَا لَصَقَ بِهَا دُونَ مَا كَانَ دُونَهُ - حَائِلٌ عَنِ اللُّصُوقِ بِهَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ،

19363 -

وَأَبَاحَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله الِاسْتِصْبَاحَ بِمَا نَجُسَ مِنْهُ فِي مَوْضِعٍ، وَعَلَّقَ الْقَوْلَ فِيهِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ

ص: 125

19364 -

وَقَدْ رَوَى عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عُمَرَ وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنْ فَأْرَةٍ وَقَعَتْ فِي سَمْنٍ؟ فَقَالَ:«أَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا وَكُلُوا مَا بَقِيَ» ، فَقِيلَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَفَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ السَّمْنُ مَائِعًا؟ قَالَ: «انْتَفِعُوا بِهِ وَلَا تَأْكُلُوهُ»

⦗ص: 127⦘

أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو مُحَمَّدِ بْنُ يُوسُفَ فِي آخَرِينَ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عُمَرَ، فَذَكَرُوهُ

19365 -

وَرُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَالصَّحِيحُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، مِنْ قَوْلِهِ فِي فَأْرَةٍ وَقَعَتْ فِي زَيْتٍ قَالَ: اسْتَصْبِحُوا بِهِ وَادَّهِنُوا بِهِ أُدْمَكُمْ،

19366 -

وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا، وَالْمَوْقُوفُ أَصَحُّ

19367 -

وَقَدْ رُوِّينَا فِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قُلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ شُحُومَ الْمَيْتَةِ فَإِنَّهُ يُطْلَى بِهَا السُّفُنُ، وَتُدْهَنُ بِهَا الْجُلُودُ، وَيَسْتَصْبِحُ بِهَا النَّاسُ؟ فَقَالَ:«لَا، هُوَ حَرَامٌ» ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ ذَلِكَ:«قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ إِنَّ اللَّهَ لَمَّا حَرَّمَ عَلَيْهِمْ شُحُومَهَا أَجْمَلُوهُ، ثُمَّ بَاعُوهُ»

19368 -

وَرُوِّينَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ اللَّهَ إِذَا حَرَّمَ عَلَى قَوْمٍ أَكْلَ شَيْءٍ، حَرَّمَ عَلَيْهِمْ ثَمَنَهُ» ،

19369 -

وَمَنْ أَبَاحَ الِانْتِفَاعَ بِالزَّيْتِ النَّجِسِ فَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَيْتَةِ، فَإِنَّ نَجَاسَةَ الْمَيْتَةِ أَغْلَظُ، وَاسْتَعْمَلَ الْأَخْبَارَ الْوَارِدَةَ فِيهَا عَلَى مَا وَرَدَتْ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

ص: 126

‌مَا يَحِلُّ أَكْلُهُ مِنَ الْمَيْتَةِ بِالضَّرُورَةِ

19370 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: قَالَ اللَّهُ عز وجل: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} [الأنعام: 119]،

19371 -

وَقَالَ: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النحل: 115]،

19372 -

وَقَالَ فِي ذِكْرِ مَا حَرَّمَ: {فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المائدة: 3]

19373 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: فَيَحِلُّ مَا حَرُمَ مِنَ الْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ وَكُلُّ مَا حَرُمَ مِمَّا لَا يُغَيِّرُ الْعَقْلَ مِنَ الْخَمْرِ لِلْمُضْطَرِّ،

19374 -

ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ فِي بَيَانِ الْمُضْطَرِّ إِلَى أَنْ قَالَ: وَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَكُونَ أَكْلُهُ إِنْ أَكَلَ فِعْلَ مَا يَقْطَعُ فِيهِ الْخَوْفَ وَيَبْلُغُ بِهِ بَعْضَ الْقُوَّةِ، وَلَا يَبِينُ أَنْ يَحْرُمَ عَلَيْهِ أَنْ يَشْبَعَ وَيَرْوَى، وَإِنْ أَجْزَأَهُ دُونَهُ؛ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ قَدْ زَالَ عَنْهُ بِالضَّرُورَةِ. . . وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ

ص: 128

19375 -

وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: مَاتَتْ

⦗ص: 129⦘

نَاقَةٌ، أَوْ بَغْلٌ عِنْدَ رَجُلٍ، فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لِيَسْتَفْتِيَهُ، فَزَعَمَ جَابِرٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِصَاحِبِهَا:«أَمَا لَكَ مَا يُغْنِيكَ عَنْهَا؟» قَالَ: لَا قَالَ: «اذْهَبْ فَكُلْهَا» أَخْبَرَنَاهُ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، أَخْبَرَنَا زِيَادُ بْنُ الْخَلِيلِ أَبُو سُهَيْلٍ، حَدَّثَنَا مِسْكٌ، وَسَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: مَاتَ بَغْلٌ عِنْدَ رَجُلٍ، فَذَكَرَهُ

19376 -

وَفِي حَدِيثِ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ: أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا نَكُونُ بِالْأَرْضِ، فَتُصِيبُنَا بِهَا الْمَخْمَصَةُ، فَمَتَى تَحِلُّ لَنَا الْمَيْتَةُ؟ فَقَالَ:«مَا لَمْ تَصْطَبِحُوا» ،

19377 -

وَفِي رِوَايَةٍ: «إِذَا لَمْ تَصْطَبِحُوا، أَوْ تَغْتَبِقُوا، أَوْ تَحْتَفِئُوا بِهَا بَقْلًا، فَشَأْنَكُمْ بِهَا» ،

19378 -

وَهَذَا حَدِيثٌ مُنْقَطِعٌ، لَمْ يَسْمَعْهُ حَسَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ مِنْ أَبِي وَاقِدٍ، إِنَّمَا سَمِعَهُ مِنْ أَبِي مَرْثَدٍ، أَوْ عَنْ أَبِي مَرْثَدٍ، وَهُوَ مَجْهُولٌ،

19379 -

وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ: رَأَيْتُ عِنْدَ الْحَسَنِ: كُتَبَ سَمُرَةَ لِبَنِيهِ: إِنَّهُ يُجْزِئُ مِنَ الِاضْطِرَارِ أَوِ الضَّرُورَةِ صُبُوحٌ أَوْ غُبُوقٌ

⦗ص: 130⦘

19380 -

وَرُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا أَرْوَيْتَ أَهْلَكَ مِنَ اللَّبَنِ غُبُوقًا فَاجْتَنِبْ مَا نَهَاكَ اللَّهُ عَنْهُ مِنَ الْمَيْتَةِ» ،

19381 -

وَفِي ثُبُوتِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ نَظَرٌ، وَحَدِيثُ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ أَصَحُّهَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ

ص: 128

‌تَحْرِيمُ أَكَلِ مَالِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ فِي غَيْرِ حَالِ الضَّرُورَةِ

⦗ص: 132⦘

19382 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله فِي مَبْسُوطِ كَلَامِهِ: فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: «مَا الْحُجَّةُ فِي أَنَّ مَا كَانَ مُبَاحَ الْأَصْلِ يَحْرُمُ بِمَالِكِهِ حَتَّى يَأْذَنَ فِيهِ مَالِكُهُ»

19383 -

فَالْحُجَّةُ فِيهِ أَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ وَعَزَّ قَالَ: {لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: 29]

19384 -

وَقَالَ: {وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ} [النساء: 2]،

19385 -

وَقَالَ: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةٌ} [النساء: 4]،

19386 -

مَعَ آيٍ كَثِيرٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ حَظَرَ فِيهَا أَمْوَالَ النَّاسِ إِلَّا بِطِيبِ أَنْفُسِهِمْ، إِلَّا بِمَا فَرَضَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ، ثُمَّ سُنَّةِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم وَجَاءَتْ بِهِ حُجَّةٌ

ص: 131

19387 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو زَكَرِيَّا الْمُزَكِّي قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدُوسٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، فِيمَا قَرَأَ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا يَحْلُبَنَّ أَحَدٌ مَاشِيَةَ أَحَدٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تُؤْتَى مَشْرُبَتُهُ فَتُكْسَرَ خِزَانَتُهُ فَيُنْتَثَلَ طَعَامُهُ؟ فَإِنَّمَا تَخْزُنُ لَهُمْ ضُرُوعُ مَوَاشِيهِمْ أَطْعِمَتَهُمْ، فَلَا يَحْلُبَنَّ أَحَدٌ مَاشِيَةَ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِهِ»

⦗ص: 133⦘

،

19388 -

لَفْظُ حَدِيثِ الْقَعْنَبِيِّ، وَحَدِيثُ الشَّافِعِيِّ قَدْ سَقَطَ بَعْضُ مَتْنِهِ مِنَ الْكِتَابِ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ، عَنْ مَالِكٍ

19389 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَدْ رَوَى حَدِيثًا لَا يَثْبُتُ مِثْلُهُ: «إِذَا دَخَلَ الْحَائِطَ فَلْيَأْكُلْ، وَلَا يَتَّخِدْ خُبْنَةً» ، وَمَا لَا يَثْبُتُ لَا حُجَّةَ فِيهِ، وَلَبَنُ الْمَاشِيَةِ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ مُبَاحًا إِنْ لَمْ يَثْبُتْ، هَكَذَا مِنْ ثَمَرِ الْحَائِطِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ اللَّبَنَ يُسْتَخْلَفُ كُلَّ يَوْمٍ، وَالَّذِي يَعْرِفُ النَّاسُ أَنَّهُمْ يَبْذِلُونَ مِنْهُ وَيَرْجُونَ مِنْ بَذْلِهِ مَا لَا يَبْذِلُونَ مِنَ الثَّمَرِ، وَلَوْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قُلْنَا بِهِ وَلَمْ نُخَالِفْهُ

ص: 132

19390 -

قَالَ أَحْمَدُ: هَذَا حَدِيثٌ رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ دَخَلَ حَائِطًا فَلْيَأْكُلْ، وَلَا يَتَّخِذْ خُبْنَةً»

19391 -

وَذَهَبَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ إِلَى أَنَّهُ غَلُطَ فِيهِ قَالَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ فِي رِوَايَةِ الْغَلَّابِيِّ عَنْهُ، وَقَالَهُ الْبُخَارِيُّ فِي رِوَايَةِ أَبِي عِيسَى التِّرْمِذِيِّ عَنْهُ،

19392 -

وَإِنَّمَا يُرْوَى هَذَا اللَّفْظُ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه

⦗ص: 134⦘

، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى حَالِ الضَّرُورَةِ، وَكَذَلِكَ مَا رُوِيَ فِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ مُطْلَقًا فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الضَّرُورَةِ

ص: 133

19394 -

فَقَدْ أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الثَّمَرِ الْمُعَلَّقِ؟ فَقَالَ:«مَنْ أَصَابَ بِفِيهِ مِنْ ذِي حَاجَةٍ غَيْرَ مُتَّخِذٍ خُبْنَةً فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَمَنْ خَرَجَ بِشَيْءٍ مِنْهُ، فَعَلَيْهِ غَرَامَةٌ مِثْلَيْهِ وَالْعُقُوبَةُ، وَمَنْ سَرَقَ مِنْهُ شَيْئًا بَعْدَ أَنْ يُؤْوِيَهُ الْجَرِينُ، فَبَلَغَ ثَمَنَ الْمِجَنِّ فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ»

19395 -

قَالَ أَحْمَدُ: قَوْلُهُ: «فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ» ، يُرِيدُ لَا قَطْعَ عَلَيْهِ، وَلَا تَضْعِيفَ الْغَرَامَةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَقَدْ شَرَطَ فِي جَوَازِ الْأَكْلِ أَنْ يَكُونَ ذَا حَاجَةٍ، فَكَذَلِكَ مَا رُوِيَ فِيهِ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ مَعَ أَنَّ شَيْئًا مِنْ تِلْكَ الرِّوَايَاتِ لَمْ يُخَرِّجْهُ صَاحِبُ الصَّحِيحِ فِي الصَّحِيحِ، وَفِيهِ مَا قَدْ وَقَعَ الْإِجْمَاعُ عَلَى نَسْخِهِ

19396 -

وَحَدِيثُ مَالِكٍ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي الْمَنْعِ مِنَ الْحَلْبِ مِنْ أَصَحِّ الْأَسَانِيدِ وَأَثْبَتِهَا، فَالْحُكْمُ لَهُ دُونَهُ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

19397 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَوِ اضْطُرَّ رَجُلٌ فَخَافَ الْمَوْتَ، ثُمَّ مَرَّ بِطَعَامٍ لِرَجُلٍ لَمْ أَرَ بَأْسًا أَنْ يَأْكُلَ مَا يَرُدَّ مِنْ جُوعِهِ، وَيُغَرَّمَ لَهُ ثَمَنَهُ مِنْهُ، وَلَمْ أَرَ لِلرَّجُلِ أَنْ يَمْنَعَهُ فِي تِلْكَ الْحَالِ فَضْلًا مِنْ طَعَامٍ عِنْدَهُ، وَخِفْتُ أَنْ يُضَيِّقَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَيَكُونَ أَعَانَ عَلَى قَتْلِهِ إِذَا خَافَ عَلَيْهِ بِالْمَنْعِ الْقَتْلَ

⦗ص: 135⦘

19398 -

قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ رُوِّينَا فِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ كَانَ عِنْدَهُ فَضْلٌ مِنْ زَادٍ، فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لَا زَادَ لَهُ»

19399 -

وَرُوِّينَا فِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«أَطْعِمُوا الْجَائِعَ، وَعُودُوا الْمَرِيضَ، وَفُكُّوا الْعَانِيَ» - يَعْنِي الْأَسِيرَ -

19400 -

وَرُوِّينَا فِي حَدِيثِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ عَلَى مَاشِيَةٍ فَإِنْ كَانَ فِيهَا صَاحِبُهَا فَلْيَسْتَأْذِنْهُ، فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فَلْيَحْلِبْ وَلْيَشْرَبْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا فَلْيُصَوِّتْ ثَلَاثًا، فَإِنْ أَجَابَهُ فَلْيَسْتَأْذِنْهُ، وَإِلَّا فَلْيَحْتَلِبْ وَلْيَشْرَبْ وَلَا يَحْمِلْ» ،

19401 -

وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا فِي إِيجَابِ الضَّمَانِ بِمَا ثَبَتَ فِي الْأَصْلِ مِنْ تَحْرِيمِ مَالِ الْغَيْرِ، وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَعَهُ مَا يَشْتَرِيهِ بِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ بَدَلُهُ إِلَّا بِعِوَضٍ، كَذَلِكَ إِنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ بِعِوَضٍ فِي ذِمَّتِهِ،

19402 -

وَفِي حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ: فِي قِصَّةِ الْمَزَادَتَيْنِ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حِينَ أَخَذَ مَاءَهَا، وَدَعَا فِيهِمَا بِالْبَرَكَةِ حَتَّى لَمْ يُرَدَّا إِلَّا امْتَلَأَا، أَمَرَ أَصْحَابَهُ فَجَاءُوا

⦗ص: 136⦘

مِنْ زَادِهِمْ حَتَّى مَلَأَ لَهَا ثَوْبَهَا

ص: 134

19403 -

وَأَمَّا مَا أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّغَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ مَنْصُورُ بْنُ سَلَمَةَ الْخُزَاعِيُّ،

19404 -

وَحَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، إِمْلَاءً قَالَ: أَخْبَرَنَا جَدِّي أَبُو عَمْرٍو، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَوَّارٍ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ تَبْعَثُنَا فَنَنْزِلُ بِقَوْمٍ وَلَا يَقْرُونَنَا فَمَا تَرَى فِي ذَلِكَ؟ فَقَالَ لَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِنْ نَزَلْتُمْ بِقَوْمٍ فَأَمَرُوا لَكُمْ بِمَا يَنْبَغِي لِلضَّيْفِ فَاقْبَلُوا، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا فَخُذُوا مِنْهُمْ حَقَّ الضَّيْفِ الَّذِي يَنْبَغِي لَهُمْ» ، فَقَدْ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ قُتَيْبَةَ

19405 -

وَهُوَ إِنْ كَانَ النُّزُولُ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ الَّذِينَ صُولِحُوا عَلَى الضِّيَافَةِ مَعَ الْجِزْيَةِ فَعَلَيْهِمُ الْوَفَاءُ بِمَا وَقَعَ عَلَيْهِ الصُّلْحُ، وَإِنْ كَانَ النُّزُولُ بِالْمُسْلِمِينَ وَوَقَعَتْ لَهُمْ إِلَى الضِّيَافَةِ لِحَاجَةٍ فَإِنَّمَا عَلَيْهِمْ بَذْلُهَا لِمَنِ اضْطُرَّ إِلَيْهَا تُبْذَلُ، كَمَا قُلْنَا فِيمَنِ اضْطُرَّ إِلَى مَالِ الْغَيْرِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ،

19406 -

وَهَذَا الْحَدِيثُ إِنَّمَا وَرَدَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَبْلَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ حِينَ كَانَ يَبْعَثُ السَّرَايَا

ص: 136

19407 -

ثُمَّ قَالَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الْفَوَارِسِ الْحَافِظُ بِبَغْدَادَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الصَّوَّافُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ وَاقِدِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، وَهُوَ يَقُولُ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ وَهُوَ ابْنُ عُمَرَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَلَا، أَيُّ شَهْرٍ تَعْلَمُونَهُ أَعْظَمُ حُرْمَةً؟» ، قَالُوا: شَهْرُنَا هَذَا قَالَ: «أَيُّ بَلَدٍ تَعْلَمُونَهُ أَعْظَمُ حُرْمَةً؟» ، قَالُوا: بَلَدُنَا هَذَا قَالَ: «أَتَعْلَمُونَ أَيَّ يَوْمٍ أَعْظَمَ» ، قَالُوا: يَوْمُنَا هَذَا قَالَ: «فَإِنَّ اللَّهَ عز وجل حَرَّمَ عَلَيْكُمْ دِمَاءَكُمْ، وَأَمْوَالَكُمْ، وَأَعْرَاضَكُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ» ، - ثَلَاثًا - كُلُّ ذَلِكَ يُجِيبُونَهُ: أَلَا نَعَمْ، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عَلِيٍّ نَازِلًا

19408 -

فَيُشْبِهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنْ يَكُونَ الْحَدِيثُ فِي النُّزُولِ بِالْمُسْلِمِينَ فِي غَيْرِ حَالِ الضَّرُورَةِ مَنْسُوخًا.

19409 -

هَذَا الْحَدِيثُ وَغَيْرُهُ فِي تَحْرِيمِ مَالِ الْغَيْرِ، أَوْ يَكُونُ الْمُرَادُ بِهِ النُّزُولَ بِالْمُعَاهِدِينَ دُونَ الْمُسْلِمِينَ بِدَلِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ وَمَا وَرَدَ فِي مَعْنَاهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ

19410 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ مِنَ الضَّرُورَةِ وَجْهًا ثَانِيًا، أَنْ يَمْرَضَ الرَّجُلُ الْمَرَضَ فَيَقُولُ لَهُ أَهْلُ الْعِلْمِ بِهِ أَوْ يَكُونَ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِهِ قَلَّمَا يَبْرَأُ مَنْ كَانَ بِهِ مِثْلُ هَذَا إِلَّا أَنْ يَأْكُلَ كَذَا أَوْ يَشْرَبَهُ، أَوْ يُقَالُ لَهُ: إِنَّ أَعْجَلَ مَا يُبْرِئُكَ أَكْلُ كَذَا، أَوْ شُرْبُ كَذَا، فَيَكُونُ لَهُ أَكْلُ ذَلِكَ وَشُرْبُهُ مَا لَمْ يَكُنْ خَمْرًا، إِذَا بَلَغَ ذَلِكَ مَا أَسْكَرَتْهُ، أَوْ شَيْئًا يُذْهِبُ الْعَقْلَ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ أَوْ غَيْرِهَا، فَإِنَّ إِذْهَابَ الْعَقْلِ مُحَرَّمٌ وَذَهَابَ الْعَقْلِ يَمْنَعُ الْفَرَائِضَ وَيُؤَدِّي إِلَى إِتْيَانِ الْمَحَارِمِ

⦗ص: 138⦘

19411 -

قَالَ: وَمَنْ قَالَ هَذَا؟ قَالَ: أَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْأَعْرَابَ أَنْ يَشْرَبُوا أَلْبَانَ الْإِبِلِ وَأَبْوَالَهَا، وَقَدْ يَذْهَبُ الْوَبَاءُ بِغَيْرِ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا، إِلَّا أَنَّهُ أَقْرَبُ مَا هُنَاكَ أَنْ يَذْهَبَ عَنِ الْأَعْرَابِ لِإِصْلَاحِهِ لِأَبْدَانِهِمْ

19412 -

قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ مَضَى حَدِيثُ الْعُرَنِيِّينَ فِي كِتَابِ السِّيَرِ

ص: 137

19413 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ، عَنْ أَبِيهِ، ذَكَرَ أَنَّ طَارِقَ بْنَ سُوَيْدٍ أَوْ سُوَيْدَ بْنَ طَارِقٍ، سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْخَمْرِ؟ فَنَهَاهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ فَنَهَاهُ، فَقَالَ لَهُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنَّهَا دَوَاءٌ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«لَا وَلَكِنَّهَا دَاءٌ» ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، مِنْ حَدِيثِ غُنْدَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ

19414 -

وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ الدَّاءَ وَالدَّوَاءَ، وَجَعَلَ لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءً، فَتَدَاوَوْا، وَلَا تَدَاوَوْا بِحَرَامٍ» ،

19415 -

وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى تَحْرِيمِ مَا يُذْهِبُ الْعَقْلَ، أَوْ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ وَهُوَ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إِلَيْهِ، فَإِنِ احْتَاجَ إِلَى مَا لَا يُزِيلُ الْعَقْلَ جَازَ بِدَلِيلِ مَا رُوِّينَا فِي حَدِيثِ الْعُرَنِيِّينَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

19416 -

قَالَ أَحْمَدُ: رُوِّينَا فِي الْخَبَرِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ:«أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِجُبْنَةٍ فِي تَبُوكَ فَدَعَا بِسِكِّينٍ فَسَمَّى وَقَطَعَ»

⦗ص: 139⦘

،

19417 -

وَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ، وَابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ مَسْعُودٍ:«كُلُوا مِنَ الْجُبْنِ مَا صَنَعَ الْمُسْلِمُونَ وَأَهْلُ الْكِتَابِ» ،

19418 -

وَأَمَّا الطِّينُ الَّذِي يُؤْكَلُ فَقَدْ رُوِيَ فِي النَّهْيِ عَنْ أَكْلِهِ أَخْبَارٌ لَمْ يَثْبُتْ شَيْءٌ مِنْهَا

19419 -

قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: لَوْ عَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَحَمَلْتُهُ عَلَى الرَّأْسِ وَالْعَيْنِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ

ص: 138

‌مَا حُرِّمَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ

19420 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ تَعَالَى: {كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ} [آل عمران: 93]،

19421 -

وَقَالَ: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ} [النساء: 160]،

19422 -

يَعْنِي - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - طَيِّبَاتٍ كَانَتْ أُحِلَّتْ لَهُمْ،

19423 -

وَقَالَ: {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِبَغْيهِمْ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ} [الأنعام: 146]

19424 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: الْحَوَايَا مَا حَوْلَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ فِي الْبَطْنِ، فَلَمْ يَزَلْ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عز وجل عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ الْيَهُودِ خَاصَّةً، وَغَيْرِهِمْ عَامَّةً مُحَرَّمًا مِنْ حِينِ حَرَّمَهُ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ عز وجل مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم فَفَرَضَ الْإِيمَانَ بِهِ، وَأَمَرَ بِاتِّبَاعِ نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَطَاعَةِ أَمْرِهِ،

19425 -

وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِي هَذَا إِلَى أَنْ تَلَا قَوْلَهُ عز وجل: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ} [الأعراف: 157]، فَقِيلَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَوْزَارُهُمْ وَمَا مُنِعُوا بِمَا أَحْدَثُوا قَبْلَ مَا شُرِعَ مِنْ دِينِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم

⦗ص: 141⦘

،

19426 -

ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ: وَأَحَلَّ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ طَعَامَ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ أَهْلِ التَّفْسِيرِ ذَبَائِحَهُمْ وَلَمْ يَسْتَثْنِ مِنْهَا شَيْئًا، فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَحِلَّ ذَبِيحَةُ كِتَابِيٍ وَفِي الذَّبِيحَةِ حَرَامٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ مِمَّا كَانَ حُرِّمَ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ قَبْلَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم،

19427 -

ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ: لِأَنَّ اللَّهَ عز وجل أَبَاحَ مَا ذَكَرَ عَامَّةً لَا خَاصَّةً

19428 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ فِي الشَّحْمِ الَّذِي وُجِدَ بِخَيْبَرَ دَلِيلٌ عَلَى إِبَاحَتِهِ

ص: 140

‌مَا حَرَّمَ الْمُشْرِكُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ

19429 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَتِنَا، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ:" حَرَّمَ الْمُشْرِكُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ شَيْئًا أَبَانَ اللَّهُ عز وجل أَنَّهَا لَيْسَتْ حَرَامًا بِتَحْرِيمِهِمْ، وَذَلِكَ مِثْلَ الْبَحِيرَةِ، وَالسَّائِبَةِ، وَالْوَصِيلَةِ، وَالْحَامِ، كَانُوا يُنْزِلُونَهَا فِي الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ كَالْعِتْقِ، فَقَالَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ: {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بُحَيْرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ} [المائدة: 103] "،

19430 -

وَقَالَ: {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرِّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ} [الأنعام: 140]،

19431 -

وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ سَائِرَ الْآيَاتِ الَّتِي وَرَدَتْ فِي ذِكْرِ مَا حَرِّمُوا مِنَ الْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ،

19432 -

ثُمَّ قَالَ: فَأَعْلَمَهُمْ إِنَّهُ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ بِمَا حَرَّمُوا

19433 -

قَالَ: وَيُقَالُ: نَزَلَ فِيهِمْ: {قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هَذَا فَإِنْ شَهِدُوا فَلَا تَشَهَدْ مَعَهُمْ} [الأنعام: 150]،

19434 -

فَرَدَّ إِلَيْهِمْ مَا أَخْرَجُوا مِنَ الْبَحِيرَةِ، وَالسَّائِبَةِ، وَالْوَصِيلَةِ، وَالْحَامِ، وَأَعْلَمَهُمْ إِنَّهُ لَمْ يُحَرِّمْ عَلَيْهِمْ مَا حَرِّمُوا بِتَحْرِيمِهِمْ، وَذَكَرَ غَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ الَّتِي وَرَدَتْ فِي مَعْنَاهُ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

⦗ص: 143⦘

،

19435 -

وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ رحمه الله فِي سُنَنِ حَرْمَلَةَ فِي إِبَاحَتِهِ طَعَامَ أَهْلِ الْكِتَابِ بِقَوْلِ اللَّهِ عز وجل: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة: 5]

19436 -

قَالَ: فَاحْتَمَلَ ذَلِكَ الذَّبَائِحَ وَمَا سِوَاهَا مِنْ طَعَامِهِمُ الَّذِي لَمْ يُنْصَبْ مُحَرَّمًا عَلَيْنَا فِيمَا يَعِيبُونَ عَلَى صَنَعْتِهِ مِنْ طَعَامِهِمْ بِأَنَّ يَهُودِيَّةً أَهْدَتْ لَهُ شَاةً مَحْنُوذَةً سَمَّتْهَا فِي ذِرَاعِهَا فَأَكَلَ مِنْهَا هُوَ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«مَا زَالَتِ الْأُكْلَةُ الَّتِي أَكَلْتُ مِنَ الشَّاةِ تُعَاوِدُنِي حَتَّى كَانَ هَذَا أَوَانٌ قُطِعَتْ أَبْهَرِي» ،

19437 -

وَهَذَا اللَّفْظُ فِيمَا رُوِّينَا عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، وَإِهْدَاءُ الْيَهُودِيَّةِ الشَّاةَ وَأَكْلُهُ مِنْهَا فِيمَا رُوِّينَا، عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ

ص: 142

19438 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الرَّزَّازُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى الْقَاضِي، حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ بُرْدٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:«كُنَّا نَغْزُوا فَنَأْكُلُ مِنْ أَوْعِيَةِ الْمُشْرِكِينَ، وَنَشْرَبُ مِنْ أَسْقِيَتِهِمْ»

ص: 143

‌39 - كتاب السبق والرمي

‌السَّبْقُ وَالرَّمْيُ

19439 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: قَالَ اللَّهُ عز وجل فِيمَا نَدَبَ بِهِ أَهْلَ دِينِهِ {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمَنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} [الأنفال: 60] فَزَعَمَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالتَّفْسِيرِ أَنَّ الْقُوَّةَ هِيَ الرَّمْيُ

ص: 147

19440 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَهَذَا التَّفْسِيرُ فِيمَا أَخْبَرَنَاهُ طَلْحَةُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الصُّفْرِ الْبَغْدَادِيُّ بِهَا، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الشَّافِعِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الْآجِرِيُّ، حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي عَلِيٍّ ثُمَامَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال: 60] أَلَا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ، إِلَّا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ "، رَوَاهُ مُسْلِمٌ، عَنْ هَارُونَ بْنِ مَعْرُوفٍ

ص: 147

19441 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ نَافِعِ بْنِ أَبِي نَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا سَبْقَ إِلَّا فِي نَصْلٍ، أَوْ حَافِرٍ

⦗ص: 148⦘

، أَوْ خُفٍّ»

ص: 147

19442 -

وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ: أَخْبَرَنا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا سَبْقَ إِلَّا فِي حَافِرٍ أَوْ خُفٍّ»

19443 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شَيْبَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي فُدَيْكٍ، بِإِسْنَادِهِ هَذَا، وَقَالَ:«إِلَّا فِي نَصْلٍ، أَوْ حَافِرٍ، أَوْ خُفٍّ» ، كَمَا رُوِّينَا فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ

ص: 148

19444 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «سَابَقَ بَيْنَ الْخَيْلِ الَّتِي قَدْ أُضْمِرَتْ»

ص: 148

19445 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ، أَخْبَرَنَا أَبُو النَّضْرِ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «سَابَقَ بَيْنَ الْخَيْلِ الَّتِي قَدْ أُضْمِرَتْ مِنَ الْحَفْيَاءِ، فَكَانَ أَمَدُهَا ثَنِيَّةَ الْوَدَاعِ

⦗ص: 149⦘

، وَسَابَقَ بَيْنَ الْخَيْلِ الَّتِي لَمْ تُضْمَرْ مِنَ الثَّنِيَّةِ إِلَى مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ»، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ

ص: 148

19446 -

أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا أَبُو النَّضْرِ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ:«سَابَقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ الْخَيْلِ فأَرْسَلَ مَا أَضْمَرَ مِنْهَا مِنَ الْحَفْيَاءِ إِلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ، وَمَا لَمْ يُضْمَرْ مِنْهَا مِنْ ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ إِلَى مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ» ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ

ص: 149

19447 -

وَبِإِسْنَادِهِ قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَتْ نَاقَةٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تُسَمَّى الْعَضْبَاءَ، فَكَانَتْ لَا تُسْبَقُ، فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ عَلَى قَعُودٍ لَهُ فَسَبَقَهَا، فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا فِي وُجُوهِهِمْ وَقَالُوا لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الْعَضْبَاءُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«حَقٌّ عَلَى اللَّهِ أَنْ لَا يَرْفَعَ فِي الدُّنْيَا شَيْئًا إِلَّا وَضَعَهُ» ، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ مِنْ أَوْجُهٍ، عَنْ حُمَيْدٍ

⦗ص: 150⦘

19448 -

وَرُوِّينَا فِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى قَوْمٍ مِنْ أَسْلَمَ يَتَنَاضَلُونَ بِالسُّوقِ، فَقَالَ:«ارْمُوا يَا بَنِي إِسْمَاعِيلَ فَإِنَّ أَبَاكُمْ كَانَ رَامِيًا، وَأَنَا مَعَ بَنِي فُلَانٍ» لِأَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ، فَأَمْسَكُوا أَيْدِيَهُمْ قَالَ:«مَا لَكُمْ؟ ارْمُوا» ، قَالُوا: وَكَيْفَ نَرْمِي وَأَنْتَ مَعَ بَنِي فُلَانٍ؟ قَالَ: «ارْمُوا وَأَنَا مَعَكُمْ كُلِّكُمْ» ،

19449 -

وَرُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ فِي الْحَدِيثِ قَالَ: يَرْمُوا عَامَّةَ يَوْمِهِمْ، ثُمَّ يَفَرَّقُوا عَلَى السَّوَاءِ مَا نَضَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا

19450 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ:«مَضَتِ السُّنَّةُ فِي النَّصْلِ، وَالْإِبِلِ، وَالْخَيْلِ، وَالدَّوَابِّ حَلَالٌ» ، وَهَذَا أَظُنُّهُ فِيمَا: أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، إِجَازَةً عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ، عَنِ الرَّبِيعِ، عَنِ الشَّافِعِيِّ

ص: 149

19451 -

أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا أَبُو النَّضْرِ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: " سَابَقْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَبَقْتُهُ، فَلَمَّا حَمَلْتُ اللَّحْمَ سَابَقْتُهُ فَسَبَقَنِي فَقَالَ:«هَذِهِ بِتِلْكَ» ، كَذَا رَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ هِشَامٍ،

19452 -

وَخَالَفَهُ أَبُو أُسَامَةَ، فَرَوَاهُ عَنْ هِشَامٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ

⦗ص: 151⦘

عَائِشَةَ

ص: 150

19453 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الشَّيْبَانِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا حُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَدْخَلَ فَرَسًا بَيْنَ فَرَسَيْنِ، وَلَا يَأْمَنُ أَنْ يَسْبِقَ، فَلَيْسَ بِقِمَارٍ، وَمَنْ أَدْخَلَ فَرَسًا بَيْنَ فَرَسَيْنِ وَقَدْ أَمِنَ أَنْ يَسْبِقَ فَهُوَ قِمَارٌ» ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، عَنْ مُسَدَّدٍ، عَنْ حُصَيْنٍ، وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ الْعَوَّامِ، كِلَاهُمَا عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنِ،

19454 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ بَشِيرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، بِإِسْنَادِ عَبَّادٍ وَمَعْنَاهُ

19455 -

وَرُوِّينَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّهُ قَالَ:«لَيْسَ بُرْهَانِ الْخَيْلِ بَأْسٌ إِذَا دَخَلَ فِيهَا مُحَلِّلٌ، فَإِنْ سَبَقَ أَخَذَ السَّبْقَ، وَإِنْ سُبِقَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ» ،

19456 -

وَرَوَاهُ أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ أَصْحَابِهِ

19457 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي أَثْنَاءِ مَبْسُوطِ كَلَامِهِ: وَذَلِكَ أَنْ يُرِيدَ أَنْ يَخْرُجَا سَبَقَيْنِ مِنْ عِنْدِ أَحَدِهِمَا فَلَا يَجُوزُ حَتَّى يُدْخِلَا بَيْنَهُمَا مُحَلِّلًا، وَالْمُحَلِّلُ فَرَسٌ، أَوْ أَكْثَرُ، وَلَا يَجُوزُ حَتَّى يَكُونَ كُفْئًا لِلْفَرَسَيْنِ لَا يَأْمَنَا أَنْ يَسْبِقَهُمَا الْمُحَلِّلُ، فَإِنْ سَبَقَهُمَا الْمُحَلِّلُ كَانَ مَا أَخْرَجَا جَمِيعًا لَهُ وَإِنْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا الْمُحَلِّلَ أَحْرَزَ السَّابِقُ مَالَهُ

⦗ص: 152⦘

وَأَخَذَ مَالَ صَاحِبِهِ، وَإِنْ آتَيَا مُسْتَوِيَيْنِ لَمْ يَأْخُذْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ شَيْئًا، وَإِنْ سَبَقَ أَحَدُ الْفَارِسَيْنِ صَاحِبَهُ فَإِنْ سَبَقَهُ صَاحِبُهُ كَانَ لَهُ السَّبْقُ، وَإِنْ سَبَقَ صَاحِبَهُ لَمْ يَغْرَمْ صَاحِبُهُ شَيْئًا وَأَحْرَزَ هُوَ مَالَهُ،

19458 -

فَهَذَا أَحَدُ وُجُوهِ الِاسْتِبَاقِ، وَالثَّالِثُ سَبْقٌ يُعْطِيهِ الْوَالِي أَوِ الرَّجُلُ غَيْرُ الْوَالِي مِنْ مَالِهِ مُتَطَوِّعًا بِهِ فَيَجْعَلُهُ لِلسَّابِقِ وَإِنْ شَاءَ جَعَلَ لِلْمُصَلِّي، وَالثَّالِثُ وَالرَّابِعُ وَمَنْ يَلِيهِ بِقَدْرِ مَا يَرَى، فَمَا جَعَلَ لَهُمْ كَانَ لَهُمْ عَلَى مَا جَعَلَ لَهُمْ

ص: 151

‌40 - كتاب الْأَيْمَانُ وَالنُّذُورُ

‌الْأَيْمَانُ وَالنُّذُورُ

19459 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: مَنْ حَلَفَ بِاللَّهِ أَوْ بِاسْمٍ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ، فَحَنِثَ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، وَمَنْ حَلَفَ بِشَيْءٍ غَيْرِ اللَّهِ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ: وَالْكَعْبَةِ، وَأَبِي، وَكَذَا وَكَذَا مَا كَانَ فَحَنِثَ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَمَثَلُ ذَلِكَ قَوْلُهُ: لَعَمْرِي

⦗ص: 156⦘

19460 -

قَالَ: وَكُلُّ يَمِينٍ بِغَيْرِ اللَّهِ فَهِيَ مَكْرُوهَةٌ مَنْهِيٌّ عَنْهَا مِنْ قِبَلِ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ، فَمَنْ كَانَ خَالَفَا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ أَوْ لِيَسْكُتْ»

ص: 155

19461 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ حَرْمَلَةَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ نَافِعٍ، سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: أَدْرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عُمَرَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ وَهُوَ يَقُولُ: وَأُمِّي وَأَبِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ، فَمَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ» ،

19462 -

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ، أَخْبَرَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ بِلَالٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ الرَّبِيعِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ، إِلَّا إِنَّهُ قَالَ: عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: أَدْرَكَ "، رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَرَ، عَنْ سُفْيَانَ

ص: 156

19463 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عُمَرَ يَحْلِفُ بِأَبِيهِ، فَقَالَ:«أَلَا إِنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ» قَالَ عُمَرُ: وَاللَّهِ مَا حَلَفْتُ بِهَا ذَاكِرًا وَلَا آثِرًا

⦗ص: 157⦘

، أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ، مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ

ص: 156

19464 -

وَرُوِّينَاهُ فِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ قَالَ:«مَنْ حَلَفَ بِمِلَّةٍ غَيْرِ الْإِسْلَامِ كَاذِبًا فَهُوَ كَمَا قَالَ، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ عُذِّبَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، وَلَعْنُ الْمُؤْمِنِ كَقَتْلِهِ، وَمَنْ رَمَى مُؤْمِنًا بِكُفْرٍ فَهُوَ كَفِيلُهُ» ،

19465 -

أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ هَانِئٍ، حَدَّثَنَا السَّرِيُّ بْنُ خُزَيْمَةَ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، فَذَكَرَهُ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ

19466 -

وَرُوِّينَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ حَلَفَ أَنَّهُ بَرِيءٌ مِنَ الْإِسْلَامِ فَإِنْ كَانَ صَادِقًا لَمْ يَرْجِعْ إِلَى الْإِسْلَامِ سَالِمًا، وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا فَهُوَ كَمَا قَالَ، وَمَنْ حَلَفَ بِالْأَمَانَةِ فَلَيْسَ مِنَّا»

⦗ص: 158⦘

،

19467 -

وَرُوِّينَا عَنِ الْحَسَنِ، وَقَتَادَةَ، فِيمَنْ حَلَفَ بِالْيَهُودِيَّةِ أَوِ النَّصْرَانِيَّةِ ثُمَّ حَنِثَ لَيْسَ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ،

19468 -

وَالْحَدِيثُ الَّذِي رُوِيَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي دَاوُدَ، بِإِسْنَادِهِ مَرْفُوعًا:«فِيهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ» لَا يَصِحُّ، وَلَا أَصْلَ لَهُ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ، وَلَا غَيْرِهِ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ الْحَرَّانِيُّ مَتْرُوكٌ

ص: 157

‌مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا

ص: 159

19469 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَوَاسِعٌ لَهُ، وَأَخْتَارُ أَنْ يَأْتِيَ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَيُكَفِّرُ عَنْ يَمِينِهِ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى خَيْرًا مِنْهَا فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ»

ص: 159

19470 -

أَخْبَرَنَاهُ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا الْأَسْفَاطِيُّ يَعْنِي الْعَبَّاسَ بْنَ الْفَضْلِ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُطَّلِبِ، حَدَّثَنَا سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ» ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ

⦗ص: 160⦘

،

19471 -

وَأَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

19472 -

وَأَمَّا الَّذِي رُوِيَ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، مَرْفُوعًا فِي هَذَا الْحَدِيثِ:«وَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ فَإِنَّ تَرْكَهَا كَفَّارَتُهَا» ،

19473 -

وَفِي حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، «فَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ فَهُوَ كَفَّارَتُهُ» ،

19474 -

فَإِنَّ ذَلِكَ لَمْ يَثْبُتْ،

19475 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ قَالَ: قَالَ أَبُو دَاوُدَ: الْأَحَادِيثُ كُلُّهَا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ» إِلَّا فِيمَا لَا يَعْبَأُ بِهِ

19476 -

قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: أَحَادِيثُ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ مَنَاكِيرُ، وَأَبُوهُ لَا يُعْرَفُ

ص: 159

‌الْيَمِينُ الْغَمُوسُ

19477 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: وَمَنْ حَلَفَ عَامِدًا لِلْكَذِبِ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَقَدْ كَانَ كَذَا وَكَذَا، وَلَمْ يَكُنْ، كَفَّرَ، وَقَدْ أَثِمَ وَأَسَاءَ، حَيْثُ عَمِدَ الْحَلِفَ بِاللَّهِ بَاطِلًا

⦗ص: 162⦘

،

19478 -

فَإِنْ قَالَ: وَمَا الْحُجَّةُ فِي أَنْ يُكَفِّرَ وَقَدْ عَمَدَ الْبَاطِلَ؟

19479 -

قِيلَ: أَقَرَّ بِهَا قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ» ، فَقَدْ أَمَرَهُ أَنْ يَعْمَدَ الْحِنْثَ، وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى:{وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى} ، نَزَلَتْ فِي رَجُلٍ حَلَفَ أَنْ لَا يَنْفَعَ رَجُلًا فَأَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ يَنْفَعَهُ، وَقَوْلُ اللَّهِ عز وجل:{وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا} [المجادلة: 2]، ثُمَّ جَعَلَ فِيهِ الْكَفَّارَةَ، وَذَكَرَ الْآيَةَ فِي تَحْرِيمِ قَتَلِ الصَّيْدِ وَمَا جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ مِنَ الْكَفَّارَةِ فِي بَابِ لَغْوِ الْيَمِينِ

ص: 161

19480 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَأَمَّا الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ فَ: أَخْبَرَنَاهُ أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ، أَخْبَرَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ بِلَالٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَزْهَرِ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ الْحَسَنِ، وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ كَامِلٍ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا أَبُو قِلَابَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ، وَأَشْهَلُ بْنُ حَاتِمٍ قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَسْأَلِ الْإِمَارَةَ فَإِنَّكَ إِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ وُكِلْتَ إِلَيْهَا، وَإِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْهَا، وَإِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ» ،

19481 -

لَفْظُهُمَا سَوَاءٌ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَوْنٍ وَذَكَرَ رِوَايَةَ أَشْهَلَ، وَأَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ حَسَّانٍ، وَغَيْرِهِ، عَنِ الْحَسَنِ

ص: 162

19482 -

وَأَمَّا الْحَدِيثُ الْآخَرُ فَ

⦗ص: 163⦘

: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ شَرِيكٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ:" كَانَ أَبُو بَكْرٍ يَعُولُ مِسْطَحَ بْنَ أُثَاثَةَ فَلَمَّا قَالَ فِي عَائِشَةَ مَا قَالَ، أَقْسَمَ بِاللَّهِ أَبُو بَكْرٍ أَنْ لَا يَنْفَعَهُ أَبَدًا، فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ: {وَلَا يَأْتَلِ أَولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى} قَالَ أَبُو بَكْرٍ: بَلَى، وَاللَّهِ إِنِّي أُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِي، فَرَدَّ عَلَى مِسْطَحٍ وَكَفَّرَ عَنْ يَمِينِهِ "

19483 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَحَدِيثُ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ فِيمَنْ حَلَفَ بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«وَبَلَى فَقَدْ فَعَلْتَ، وَلَكِنْ قَدْ غُفِرَ لَكَ بِإِخْلَاصِكَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» ، حَدِيثٌ مُخْتَلَفٌ فِي إِسْنَادِهِ عَلَى عَطَاءٍ، فَقِيلَ عَنْهُ، عَنْ أَبِي يَحْيَى، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،

19484 -

وَقِيلَ: عَنْهُ عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ، عَنْ عُبَيْدَةَ، عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ،

19485 -

وَحَدِيثُ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ فِي هَذَا الْمَعْنَى مُخْتَلَفٌ فِي إِسْنَادِهِ، فَرَوَاهُ عَنْهُ أَبُو قُدَامَةَ هَكَذَا،

19486 -

وَرَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ

⦗ص: 164⦘

،

19487 -

وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُنْقَطِعًا، فَاللَّهُ أَعْلَمُ

ص: 162

‌الْحَلِفُ بِصِفَاتِ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ

ص: 165

19488 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: " إِنْ قَالَ: لَعَمْرِ اللَّهِ، فَإِنْ أَرَادَ الْيَمِينَ فَهِيَ يَمِينٌ، فَإِنْ قَالَ: وَحَقِّ اللَّهِ، وَعَظَمَةِ اللَّهِ، وَجَلَالِ اللَّهِ، وَقُدْرَةِ اللَّهِ، يُرِيدُ بِهَذَا كُلَّهُ الْيَمِينَ أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ فَهِيَ يَمِينٌ "

19489 -

قَالَ أَحْمَدُ: رُوِّينَا فِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ، عَنْ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ الْإِفْكِ قَوْلَ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ:«كَذَبْتَ لَعَمْرِ اللَّهِ، لَا تَقْتُلُهُ، وَلَا تَقْدِرُ عَلَى قَتْلِهِ» ،

19490 -

وَقَوْلُ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ: «كَذَبْتَ لَعَمْرِ اللَّهِ لَتَقْتُلَنَّهُ» ، وَكَانَ ذَلِكَ بِمَشْهَدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

19491 -

وَفِي حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي " الَّذِي يُغْمَسُ فِي الْجَنَّةِ فَيُقَالُ لَهُ: هَلْ رَأَيْتَ بُؤْسًا قَطُّ، فَيَقُولُ: لَا وَعِزَّتِكَ وَجَلَالِكَ "

19492 -

وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي قِصَّةِ الشَّفَاعَةِ قَالَ: " فَأَقُولُ يَا رَبُّ ائْذَنْ لِي فِيمَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَيَقُولُ: لَيْسَ ذَلِكَ إِلَيْكَ، وَلَكِنِّي وَعِزَّتِي

⦗ص: 166⦘

وَكِبْرِيَائِي، وَعَظَمَتِي، وَجَلَالِي، لَأُخْرِجَنَّ مِنْهَا مِنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ "

19493 -

وَفِي حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيثِ الِاسْتِخَارَةِ:«اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ، وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ»

19494 -

وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«أَعُوذُ بِعِزَّتِكَ»

19495 -

وَفِي حَدِيثِ خَوْلَةَ بِنْتِ حَكِيمٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ»

19496 -

وَفِي حَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ: أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى حُذَيْفَةَ، فَقَالَ: اعْهَدْ إِلَيَّ، فَقَالَ: أَلَمْ يَأْتِكَ الْيَقِينُ؟، فَقَالَ: بَلَى وَعِزَّةِ رَبِّي

19497 -

وَسُئِلَ ابْنُ عُمَرَ عَنِ الْخَمْرِ، فَقَالَ:«لَا وَسَمْعِ اللَّهِ، لَا يَحِلُّ بَيْعُهَا، وَلَا ابْتِيَاعُهَا»

19498 -

وَرُوِّينَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا يَحْلِفُ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ، فَقَالَ: أَتُرَاهُ مُكَفَّرًا عَلَيْهِ بِكُلِّ آيَةٍ يَمِينٌ

⦗ص: 167⦘

19499 -

وَرُوِّينَا عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ حَلَفَ بِسُورَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ فَعَلَيْهِ بِكُلِّ آيَةٍ كَفَّارَةٌ إِنْ شَاءَ بَرَّ، وَإِنْ شَاءَ فَجَرَ» ،

19500 -

وَعَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ،

19501 -

فَفِي هَذَيْنِ الْمُرْسَلَيْنِ مَعَ قَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْحَلِفَ بِهَا يَكُونُ يَمِينًا فِي الْجُمْلَةِ، وَإِنَّمَا تَرَكَ الْقَوْلَ بِمَا فِيهِ التَّغْلِيظُ اسْتِدْلَالًا بِقَوْلِهِ جَلَّ وَعَزَّ:{فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشْرَةِ مَسَاكِينَ} [المائدة: 89] وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ يَمِينُهُ بِالْقُرْآنِ أَوْ بِغَيْرِهِ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ وَصِفَاتِهِ وَقَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ» ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَمَرَ بَعْدَ الْحِنْثِ بِكَفَّارَةِ وَاحِدٍ، فَلَمْ يَجِبْ قَبْلَهُ، وَلَمْ يَجِبْ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدَةٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ،

19502 -

وَإِنَّمَا قُدِّمَ هَذَا الْخَبَرُ عَلَيْهِ لِثُبُوتِهِ، وَصِحَّةِ أَسَانِيدِهِ، وَذَهَابِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى الْقَوْلِ بِهِ دُونَ مَا هُوَ قَبْلَهُ مِنَ التَّغْلِيظِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ

ص: 165

19503 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو الْفَضْلِ بْنُ أَبِي نَصْرٍ، حَدَّثَنِي حَمَدُ بْنُ عَمْرٍو الْمُعَدِّلُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُورَشٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ سَهْلٍ الرَّمْلِيِّ قَالَ:" سَأَلْتُ مَحَمَّدَ بْنَ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيَّ عَنِ الْقُرْآنِ؟ فَقَالَ: كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ "، وَرَوَاهُ الرَّبِيعُ، عَنْ أَبِي الْأَشْعَثِ الْمِصْرِيِّ، عَنِ الشَّافِعِيِّ

19504 -

وَرُوِّينَا فِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي قِصَّةِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِأَبِي زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ:«وَايْمُ اللَّهِ إِنْ كَانَ لَخَلِيقًا لِلْإِمَارَةِ»

⦗ص: 168⦘

19505 -

وَفِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي قِصَّةِ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ عليه السلام:«وَايْمُ الَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ قَالَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ» ،

19506 -

وَرُوِّينَا فِي حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ، قَوْلَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«لَاهَا اللَّهِ إِذًا»

19507 -

وَرُوِّينَا عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، أَنَّهُ قَالَ:" إِذَا أَقْسَمْتَ فَلَيْسَ بِشَىءٍ حَتَّى تَقُولَ: أَقْسَمْتُ بِاللَّهِ "

19508 -

وَرَوَاهُ رُشْدُ بْنُ كُرَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ:" أُقْسِمُ، وَأَشْهَدُ لَا يَكُونُ يَمِينًا حَتَّى يَقُولَ: بِاللَّهِ "،

19509 -

وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ

ص: 167

‌مَنْ قَالَ: عَلَيَّ نَذْرٌ، وَلَمْ يُسَمِّ شَيْئًا

19510 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: فَلَا نَذْرَ وَلَا كَفَّارَةَ وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِي حُجَّتِهِ،

19511 -

وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ نَذَرَ نَذْرًا لَمْ يُسَمِّهِ فَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ» ،

19512 -

وَاخْتَلَفُوا فِي رَفْعِهِ

19513 -

وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، مَرْفُوعًا. وَالرِّوَايَةُ الصَّحِيحَةُ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«كَفَّارَةُ النَّذْرِ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ» ،

19514 -

وَهُوَ عِنْدَ جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَحْمُولٌ عَلَى نَذْرِ اللَّجَّاجِ الَّذِي يَخْرُجُ مَخْرَجَ الْأَيْمَانِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ

ص: 169

‌الِاسْتِثْنَاءُ فِي الْيَمِينِ

ص: 170

19515 -

أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ، أَخْبَرَنَا شَافِعُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ، يَقُولُ: قَرَأْتُ عَلَى الشَّافِعِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" مَنْ حَلَفَ بِيَمِينٍ، فَقَالَ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَقَدِ اسْتَثْنَى "،

19516 -

وَرَوَاهُ وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ، وَعَبْدُ الْوَارِثِ، وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وَابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ مَرْفُوعًا، ثُمَّ شَكَّ أَيُّوبُ فِي رَفْعِهِ فَتَرَكَهُ قَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ

ص: 170

19517 -

وَرَوَاهُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، مَوْقُوفًا: " مَنْ قَالَ

⦗ص: 171⦘

: وَاللَّهِ، ثُمَّ قَالَ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَلَمْ يَفْعَلِ الَّذِي حَلَفَ عَلَيْهِ لَمْ يَحْنَثْ "،

19518 -

وَرَوَاهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، كَذَلِكَ مَوْقُوفًا، وَقَالَ فِيهِ: ثُمَّ وَصَلَ الْكَلَامَ بِالِاسْتِثْنَاءِ، وَفِي رِوَايَةٍ:" فَقَالَ فِي إِثْرِ يَمِينِهِ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ "

19519 -

وَرُوِيَ عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كُلُّ اسْتِثْنَاءٍ مَوْصُولٌ، وَلَا حَنْثَ عَلَى صَاحِبِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَوْصُولٍ فَهُوَ حَانِثٌ "

ص: 170

‌بَابُ لَغْوِ الْيَمِينِ

ص: 172

19520 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، أَنَّهَا قَالَتْ:" لَغْوُ الْيَمِينِ قَوْلُ الْإِنْسَانِ: لَا وَاللَّهِ، بَلَى وَاللَّهِ "

⦗ص: 173⦘

،

19521 -

وَفِي رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قُلْتُ لِلشَّافِعِيِّ: مَا لَغْوُ الْيَمِينِ؟ قَالَ: اللَّهُ أَعْلَمُ، أَمَّا الَّذِي نَذْهَبُ إِلَيْهِ فَمَا قَالَتْ عَائِشَةُ، ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ،

19522 -

ثُمَّ قَالَ: اللَّغْوُ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ: الْكَلَامُ غَيْرُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فِيهِ، وَجِمَاعُ اللَّغْوِ يَكُونُ الْخَطَأَ،

19523 -

وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ، إِلَى أَنْ قَالَ: وَكَانَتْ عَائِشَةُ أَوْلَى أَنْ تُتَّبَعَ؛ لِأَنَّهَا أَعْلَمُ بِاللِّسَانِ مَعَ عِلْمِهَا بِالسُّنَّةِ

ص: 172

19524 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا عَمْرٌو، وَابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: ذَهَبْتُ أَنَا وَعُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ، إِلَى عَائِشَةَ وَهِيَ مُعْتَكِفَةٌ فِي ثَبِيرٍ، فَسَأَلْنَاهَا عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل:{لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} [البقرة: 225]؟ قَالَتْ: " هُوَ حَلِفُ: لَا وَاللَّهِ، وَبَلَى وَاللَّهِ "،

19525 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: فِي رِوَايَتِنَا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ: لَغْوُ الْيَمِينِ كَمَا قَالَتْ عَائِشَةُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - قَوْلُ الرَّجُلِ: لَا وَاللَّهِ، وَبَلَى وَاللَّهِ، وَذَلِكَ إِذَا كَانَ عَلَى اللِّجَاجِ، وَالْغَضَبِ، وَالْعَجَلَةِ، لَا يَعْقِدُ عَلَى مَا حَلَفَ عَلَيْهِ، وَعَقْدُ الْيَمِينِ: أَنْ يَبْنِيَهَا عَلَى الشَّيْءِ بِعَيْنِهِ، وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ

19526 -

قَالَ أَحْمَدُ: حَدِيثُ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَدْ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ كَذَلِكَ مَوْقُوفًا،

19527 -

وَحَدِيثُ عَطَاءٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَدْ رُوِيَ عَنِ ابْرَاهِيمَ الصَّائِغِ، عَنْهُ مَرْفُوعًا

⦗ص: 174⦘

،

19528 -

وَرُوِيَ عَنْهُ مَوْقُوفًا،

19529 -

وَالصَّحِيحُ مَوْقُوفٌ، كَذَلِكَ رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عَائِشَةَ،

19530 -

وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، مِثْلُ قَوْلِ عَائِشَةَ

ص: 173

19531 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ: قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْمَاسِرْجِيُّ فِيمَا أُخْبِرْتُ عَنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُفْيَانَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ} [البقرة: 225] فِي أَيْمَانِكُمْ، لَيْسَ فِيهِ إِلَّا قَوْلُ عَائِشَةَ:«حَلِفُ الرَّجُلِ عَلَى الشَّيْءِ يَسْتَيْقِنُهُ، ثُمَّ يَجِدُهُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ»

19532 -

قَالَ أَحْمَدُ: هَكَذَا وَجَدْتُهُ فِي رِوَايَةِ يُونُسَ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عُمَرُ بْنُ قَيْسٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عَائِشَةَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَالَتْ:«حَلِفُ الرَّجُلِ عَلَى عِلْمِهِ، ثُمَّ لَا يَجِدُهُ عَلَى ذَلِكَ، فَلَيْسَ فِيهِ كَفَّارَةٌ» ، وَعُمَرُ بْنُ قَيْسٍ ضَعِيفٌ،

19533 -

وَرِوَايَةُ الثِّقَاتِ عَنْ عَطَاءٍ، كَمَا مَضَى،

19534 -

وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ، عَنِ الثِّقَةِ عِنْدَهُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، وَهُوَ مَجْهُولٌ،

19535 -

وَرِوَايَةُ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَلَى مَا مَضَى، وَتِلْكَ الرِّوَايَةُ أَصَحُّ،

19536 -

وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ الرَّبِيعِ عَلَى وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ فِيهِ،

19537 -

وَنَحْنُ قَدْ رُوِّينَاهُ صَحِيحًا، عَنِ الْحَسَنِ، وَمُجَاهِدٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ

ص: 174

‌الْكَفَّارَةُ قَبْلَ الْحِنْثِ

19538 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: «وَمَنْ حَلَفَ بِاللَّهِ عَلَى شَيْءٍ فَأَرَادَ أَنْ يَحْنَثَ، فَأَحَبُّ إِلَيَّ لَوْ لَمْ يُكَفِّرْ حَتَّى يَحْنَثَ، وَإِنْ كَفَّرَ قَبْلَ الْحِنْثِ بِإِطْعَامٍ رَجَوْتُ أَنْ يُجْزِئَ عَنْهُ، وَإِنْ كَفَّرَ بِصَوْمٍ قَبْلَ الْحِنْثِ لَمْ يُجْزِئْ عَنْهُ» ،

19539 -

وَذَلِكَ أَنَّا نَزْعُمُ أَنَّ لِلَّهِ حَقًّا عَلَى الْعِبَادِ فِي أَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ، فَالْحَقُّ الَّذِي فِي أَمْوَالِهِمْ إِذَا قَدَّمُوهُ قَبْلَ مَحِلِّهِ أَجْزَأَ،

19540 -

وَأَصْلُ ذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَسَلَّفَ مِنَ الْعَبَّاسِ صَدَقَةَ عَامٍ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ، وَأَنَّ الْمُسْلِمِينَ قَدْ قَدَّمُوا صَدَقَةَ الْفِطْرِ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ الْفِطْرُ، فَجَعَلْنَا الْحُقُوقَ الَّتِي فِي الْأَمْوَالِ قِيَاسًا عَلَى هَذَا،

19541 -

فَأَمَّا الْأَعْمَالُ الَّتِي عَلَى الْبَدَنِ فَلَا تُجْزِئُ كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ

19542 -

قَالَ أَحْمَدُ: هَذَا هُوَ الْأَصْلُ الَّذِي اعْتَمَدَ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي هَذَا

ص: 175

19543 -

وَقَدْ أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَتَّابٍ الْعَبْدِيُّ بِبَغْدَادَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى الْقَاضِي، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَمُرَةَ

⦗ص: 176⦘

قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم،

19544 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ لَا تَسْأَلِ الْإِمَارَةَ فَإِنَّكَ إِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ وُكِلْتَ إِلَيْهَا، وَإِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْهَا، وَإِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ فَوَجَدْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكِ، وَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ» ،

19545 -

لَفْظُ حَدِيثِهِمَا سَوَاءٌ،

19546 -

رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ شَيْبَانَ بْنِ فَرُّوخٍ، وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، عَنْ أَبِي النُّعْمَانِ، وَغَيْرِهِ، عَنْ جَرِيرٍ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ سُلَيْمَانُ وَقُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ، وَيَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْحَسَنِ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ يُونُسَ، وَحُمَيْدٍ، وَثَابِتٍ، وَحَبِيبٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ،

ص: 175

19547 -

وَرَوَاهُ قَتَادَةُ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ. . . . . فَذَكَرَهُ، وَقَالَ:«فَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ ثُمَّ ائْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ» ،

19548 -

وَرَوَاهُ هُشَيْمٌ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ زَاذَانَ، وَحُمَيْدٍ، وَيُونُسَ، وَرَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ سِمَّاكِ بْنِ عَطِيَّةَ، وَيُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، وَهِشَامٍ، كُلُّهُمْ عَنِ الْحَسَنِ، نَحْوَ رِوَايَةِ ابْنِ عَوْنٍ:«فَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكِ»

⦗ص: 177⦘

،

19549 -

وَاخْتُلِفَ فِيهِ أَيْضًا عَلَى سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم،

19550 -

فَرَوَاهُ عَنْهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُطَّلِبِ كَمَا مَضَى،

19551 -

وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ

ص: 176

19552 -

وَرَوَاهُ مَالِكٌ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ سُهَيْلٍ، «فَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ، وَلْيَفْعَلِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ» ،

19553 -

وَرَوَاهُ أَبُو ثَوْرٍ، عَنِ الشَّافِعِيِّ، عَنْ مَالِكٍ،

19554 -

أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ إِجَازَةً أَنَّ أَبَا الْوَلِيدِ الْفَقِيهُ، حَدَّثَهُمْ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ ذُرَيْحٍ الْعُكْبَرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو ثَوْرٍ إِبْرَاهِيمُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ، وَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ»

ص: 177

19555 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ يَحْيَى بْنُ مَنْصُورٍ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ الْمُبَارَكِ الْمُسْتَمْلِي، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ غَيْلَانَ بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي نَفَرٍ مِنَ الْأَشْعَرِيِّينَ أَسْتَحْمِلُهُ، فَقَالَ: «وَاللَّهِ لَا أَحْمِلُكُمْ

⦗ص: 178⦘

، وَمَا عِنْدِي مَا أَحْمِلُكُمْ»، ثُمَّ لَبِثْنَا مَا شَاءَ اللَّهُ، فَأُتِيَ بِإِبِلٍ، فَأَمَرَ لَنَا بِثَلَاثَةِ ذَوْدٍ، فَلَمَّا انْطَلَقْنَا قَالَ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ: لَا يُبَارِكُ اللَّهُ لَنَا أَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَسْتَحْمِلُهُ فَحَلَفَ لَا يَحْمِلُنَا فَحَمَلَنَا، قَالَ أَبُو مُوسَى: فَأَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ:«مَا أَنَا حَمَلْتُكُمْ بَلِ اللَّهُ حَمَلَكُمْ، إِنَّى وَاللَّهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ فَأَرَى خَيْرًا مِنْهَا إِلَّا كَفَّرْتُ عَنْ يَمِينِي، وَأَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ»

ص: 177

19556 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْمَحْبُوبِيُّ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَسْعُودٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ مُخْتَصَرًا، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: " فَأَعْطَانَا ثَلَاثَةَ ذَوْدٍ غُرَّ الذُّرَى، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ قُتَيْبَةَ،

19557 -

وَكَذَلِكَ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ حَمَّادٍ، وَرَوَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ فِي جَمَاعَةٍ، عَنْ حَمَّادٍ، بِالشَّكِّ، وَرَوَاهُ حَمَّادٌ أَيْضًا عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ زَهْدَمٍ، وَعَنِ الْقَاسِمِ الْكَلْينِيِّ، عَنْ زَهْدَمٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى، وَاخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِيهِ

⦗ص: 179⦘

،

19558 -

وَرَوَاهُ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ:«فَلْيُكَفِّرْهَا، وَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ»

19559 -

قَالَ أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ: رَوَى حَدِيثُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَا دَلَّ عَلَى الْحِنْثِ قَبْلَ الْكَفَّارَةِ وَبَعْضُهَا مَا دَلَّ عَلَى الْكَفَّارَةِ بَعْدَ الْحِنْثِ،

19560 -

وَأَكْثَرُهَا فَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ، وَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ «، أَخْبَرَنَا بِذَلِكَ أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ

19561 -

وَرُوِّينَا عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ» كَانَ رُبَّمَا كَفَّرَ يَمِينَهُ قَبْلَ أَنْ يَحْنَثَ، وَرُبَّمَا كَفَّرَ بَعْدَ مَا حَنِثَ "

ص: 178

‌الْإِطْعَامُ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ، أَوِ الْكِسْوَةُ، أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ

⦗ص: 181⦘

19562 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: وَيُجْزِئُ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ مُدٌّ بِمُدِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ حِنْطَةٍ، وَإِنْ كَانَ أَهْلُ بَلَدٍ يَقْتَاتُونَ الذُّرَةَ أَوِ الْأَرْزَ، أَوِ التَّمْرَ أَوِ الزَّبِيبَ أَجْزَأَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ ذَا مُدٌّ

⦗ص: 182⦘

،

19563 -

وَإِنَّمَا قُلْنَا: يُجْزِئُ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «أُتِيَ بِعَرَقِ تَمْرٍ، فَدَفَعَهُ إِلَى رَجُلٍ وَأَمَرَهُ أَنْ يُطْعِمَهُ سِتِّينَ مِسْكِينًا، وَالْعَرَقُ فِيمَا يُقَدَّرُ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا، وَذَلِكَ سِتُّونَ مُدًّا، فَلِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ»

19564 -

قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ رُوِّينَا هَذَا فِي حَدِيثِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي قِصَّةِ الْمُجَامِعِ قَالَ: فَأُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا قَالَ: «خُذْهُ فَتَصَدَّقْ بِهِ» ،

19565 -

وَقِيلَ فِيهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ فِي تَقْدِيرِهِ بِخَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا،

19566 -

وَأَمَّا حَدِيثُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ حَيْثُ قَالَ: فِيهِ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا، أَوْ عِشْرِينَ صَاعًا، فَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: أَكْثَرُ مَا قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: مَدٌّ وَرُبُعٌ، أَوْ مَدٌّ وَثُلُثٌ، وَإِنَّمَا هَذَا شَكٌّ أَدْخَلَهُ ابْنُ الْمُسَيِّبِ، وَالْعَرَقُ كَمَا وَصَفْتُ كَانَ يُقَدَّرُ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا

19567 -

قَالَ أَحْمَدُ: هَذَا الشَّكُّ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ جِهَةِ رَاوِيهِ عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ وَهُوَ عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ، وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ فِي الْحَدِيثِ، وَقَدْ رَوَاهُ طَلْقُ بْنُ حَبِيبٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ عَامِرٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ: خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا مِنْ غَيْرِ شَكٍّ

19568 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَيْسَ لَهُ إِذَا كَفَّرَ بِالطَّعَامِ - يَعْنِي كَفَّارَةَ الْيَمِينِ - أَنْ يُطْعِمَ أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةٍ

⦗ص: 183⦘

19569 -

قَالَ: وَأَقَلُّ مَا يَكْفِي مِنَ الْكِسْوَةِ كُلُّ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ كِسْوَةٍ مِنْ عِمَامَةٍ، أَوْ سَرَاوِيلَ، أَوْ إِزَارٍ، أَوْ مُقَنَّعَةٍ، وَغَيْرِ ذَلِكَ

19570 -

قَالَ: وَإِذَا أَعْتَقَ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ لَمْ يُجْزِئْهُ إِلَّا رَقَبَةٌ مُؤْمِنَةٌ، وَيُجْزِئُ وَلَدُ الزِّنَا، وَكُلُّ ذِي نَقْصٍ لَا يَضُرُّ بِالْعَمَلِ إِضْرَارًا بَيِّنًا، وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِي شَرْحِ هَذِهِ الْأَصْنَافِ الثَّلَاثَةِ

ص: 180

19571 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ:«مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَوَكَّدَهَا فَعَلَيْهِ عِتْقُ رَقَبَةٍ» ،

19572 -

أَوْرَدَهُ فِيمَا أَلْزَمَ أَصْحَابَ مَالِكٍ فِي خِلَافِ ابْنِ عُمَرَ

ص: 183

19573 -

وَقَدْ أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ عَبْدُوسٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، فِيمَا قَرَأَ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ:«مَنْ حَلَفَ بِيَمِينٍ فَوَكَّدَهَا ثُمَّ حَنِثَ، فَعَلَيْهِ عِتْقُ رَقَبَةٍ، أَوْ كِسْوَةُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ، وَمَنْ حَلَفَ بِيَمِينٍ فَلَمْ يُوَكِّدْهَا فَحَنِثَ، فَعَلَيْهِ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ مِنْ حِنْطَةٍ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ»

19574 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَظَاهِرُ الْكِتَابِ يَدُلُّ عَلَى التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْإِطْعَامِ، وَالْكِسْوَةِ، وَالْإِعْتَاقِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ

19575 -

وَفِي حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ فِي آيَةِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ: «هُوَ بِالْخِيَارِ فِي هَؤُلَاءِ الثَّلَاثِ الْأُوَلِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ

⦗ص: 184⦘

فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ»

ص: 183

19576 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَارٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ إِذَا كَفَّرَ يَمِينَهُ أَطْعَمَ عَشَرَةَ مَسَاكِينَ، لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ، وَهَذَا بِالْمُدِّ الْأَوَّلِ "

19577 -

وَرُوِّينَا عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، أَنَّهُ قَالَ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ:«مُدٌّ مِنْ حِنْطَةٍ لِكُلِّ مِسْكِينٍ»

19578 -

وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ:«لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ مِنْ حِنْطَةٍ رَيْعُهُ إِدَامُهُ»

19579 -

وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ قَالَ:" ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ فِيهِنَّ مُدٌّ مُدٌّ: فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ، وَكَفَّارَةِ الظِّهَارِ، وَفِدْيَةٍ طَعَامِ مِسْكِينٍ "

19580 -

قَالَ أَحْمَدُ: يُرِيدُ بِهَا فِدْيَةَ الْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ وَالشَّيْخِ الْكَبِيرِ

19581 -

وَأَمَّا «فِدْيَةُ الْأَذَى فِي الْإِحْرَامِ فَهِيَ نِصْفُ صَاعٍ لِكُلِّ مِسْكِينٍ» فَبِذَلِكَ وَرَدَ خَبَرُ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَنَقُولُ فِيهَا بِمَا وَرَدَ فِيهِ الْخَبَرُ، وَكَذَلِكَ فِيمَا كَانَ فِي مَعْنَاهَا، وَلَا نَتْرُكُ بِحَمْدِ اللَّهِ وَنِعْمَتِهِ أَحَدَ الْحَدِيثَيْنِ، بَلْ نَقُولُ بِهِمَا جَمِيعًا، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

19582 -

وَأَمَّا الَّذِي رُوِيَ عَنْ يَسَارِ بْنِ نُمَيْرٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، «إِنِّي أَحْلِفُ أَنْ لَا أُعْطِيَ أَقْوَامًا ثُمَّ يَبْدُو لِي، فَإِذَا رَأَيْتَنِي قَدْ فَعَلْتُ ذَلِكَ فَأَطْعِمْ عَنِّي

⦗ص: 185⦘

عَشَرَةَ مَسَاكِينَ، بَيْنَ كُلِّ مِسْكِينَيْنِ صَاعًا مِنْ بُرٍّ، أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ»،

19583 -

فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ اسْتَحَبَّ أَنْ يُعْطِيَ أَكْثَرَ مِمَّا وَرَدَ فِي الْكَفَّارَاتِ، وَإِنْ كَانَ يُجْزِئُ فِي الْيَمِينِ أَقَلُّ مِنْهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ

19584 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ الْمَسْمُوعِ مِنْ أَبِي سَعِيدٍ بِإِسْنَادِهِ: كُلُّ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ صَوْمٌ لَيْسَ بِمَشْرُوطٍ عَلَيْهِ فِي كِتَابِ اللَّهِ أَنْ يَكُونَ مُتَتَابِعًا أَجْزَأَهُ أَنْ يَكُونَ مُفَرَّقًا قِيَاسًا عَلَى قَوْلِ اللَّهِ تبارك وتعالى فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184]، وَالْعِدَّةُ أَنْ يَأْتِيَ بِعَدَدِ صَوْمٍ لَا وَلَا،

19585 -

وَقَالَ فِي كِتَابِ الصِّيَامِ الْكَبِيرِ وَصَوْمِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ مُتَتَابِعٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ

19586 -

قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ رُوِّينَا عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ:(فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ)، وَرُوِيَ أَيْضًا عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَالرِّوَايَةُ عَنْهُمَا وَقَعَتْ مُرْسَلَةً، وَاللَّهُ أَعْلَمُ

ص: 184

‌يَمِينُ الْمُكْرَهِ وَالنَّاسِي وَحَنْثُهُمَا

ص: 186

19587 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: «أَصْلُ مَا أَذْهَبُ إِلَيْهِ أَنَّ يَمِينَ الْمُكْرَهِ غَيْرُ ثَابِتَةٍ عَلَيْهِ لِمَا احْتَجَجْتُ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ» ،

19588 -

أَمَّا الْكِتَابُ فَأَحْتَجُّ مِنْهُ بِقَوْلِ اللَّهِ عز وجل: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ بَعْدَ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ}

19589 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَكَانَ الْمَعْنَى الَّذِي عَقَلْنَا أَنَّ قَوْلَ الْمُكْرَهِ كَمَا لَمْ يَقُلْ فِي الْحُكْمِ

ص: 186

19590 -

وَأَمَّا السُّنَّةُ، فَلَعَلَّهُ أَرَادَ مَا رُوِّينَا عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«تَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ، وَالنِّسْيَانَ، وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ»

19591 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَوْلُ عَطَاءٍ أَنَّهُ يَطْرَحُ عَنِ النَّاسِ الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ،

19592 -

وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ فِيمَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يُكَلِّمَ فُلَانًا، فَمَرَّ عَلَيْهِ فَسَلَّمَ وَهُوَ عَامِدٌ لِلسَّلَامِ عَلَيْهِ وَهُوَ لَا يَعْرِفُهُ، فَفِيهِ قَوْلَانِ: فَأَمَّا قَوْلُ عَطَاءٍ

⦗ص: 187⦘

: فَلَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ اللَّهَ عز وجل وَضَعَ عَنِ الْأُمَّةِ الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَفِي قَوْلِ غَيْرِهِ: وَيَحْنَثُ

ص: 186

19593 -

قَالَ أَحْمَدُ: رُوِّينَا عَنْ عَبَّادِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّمَا الْيَمِينُ عَلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ» ،

19594 -

وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: «يَمِينُكَ عَلَى مَا يُصَدِّقُكَ بِهِ صَاحِبُكَ» ،

19595 -

وَهَذَا يَكُونُ فِي الْأَيْمَانِ الَّتِي تَكُونُ فِي الْحُكُومَاتِ عِنْدَ الْحُكَّامِ

19596 -

قَالَ أَحْمَدُ: رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ فِي الْحِينِ: قَدْ يَكُونُ غُدْوَةً وَعَشِيَّةً،

19597 -

وَعَنْ عَلِيٍّ قَالَ: سِتَّةُ أَشْهُرٍ،

19598 -

وَعَنْ عِكْرِمَةَ فِي قَوْلِهِ: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ} [الإنسان: 1] مَا نَدْرِي كَمْ أَتَى مُنْذُ خَلَقَهُ اللَّهُ،

19599 -

وَفِي قَوْلِهِ: {تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا} [إبراهيم: 25] مَا بَيْنَ صِرَامِ النَّخْلِ إِلَى وَقْتِ ثَمَرِهَا،

19600 -

وَعَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: {وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ} [ص: 88] قَالَ: بَعْدَ الْمَوْتِ،

19601 -

{وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ} [الذاريات: 43]

⦗ص: 188⦘

ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ،

19602 -

وَفِي قَوْلِهِ: {تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا} [إبراهيم: 25] قَالَ: سَبْعَةَ أَشْهُرٍ، وَقَالَ مَرَّةً: سِتَّةَ أَشْهُرٍ،

19603 -

وَعَنِ الْحَسَنِ قَالَ: مَا بَيْنَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَالسَّبْعَةِ،

19604 -

وَعَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: شَهْرَيْنِ، وَقَالَ مَرَّةً: سِتَّةَ أَشْهُرٍ،

19605 -

وَقَالَ رَبِيعَةَ: سِتَّةً،

19606 -

وَفِي كُلِّ ذَلِكَ دِلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْحِينَ لَا حَدَّ لَهُ

19607 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَيْسَ فِي الْحِينِ وَقْتٌ مَعْلُومٌ، وَذَلِكَ أَنَّ الْحِينَ قَدْ يَكُونُ مُدَّةَ الدُّنْيَا كُلِّهَا وَمَا هُوَ أَقَلُّ مِنْهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَالْفُتْيَا لِمَنْ قَالَ هَذَا أَنْ يُقَالَ لَهُ: إِنَّمَا حَلَفْتَ عَلَى مَا لَا تَعْلَمُ وَلَا يُعَلِّمُكَ مَصِيرُكَ إِلَى عِلْمِنَا وَالْوَرَعُ لَكَ أَنْ تَقْضِيَهُ قَبْلَ انْقِضَاءِ يَوْمٍ وَلَا نُحْنِثُكَ أَبَدًا، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِيمَنْ قَالَ: وَاللَّهِ لَأَقْضِيَنَّ حَقَّكَ إِلَى حِينٍ. . . فَذَكَرَهُ

19608 -

قَالَ: وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: «وَإِذَا حَلَفَ الرَّجُلُ مَا لَهُ مَالٌ، وَلَهُ عِرْضٌ أَوْ دِينٌ أَوْ هُمَا، حَنِثَ؛ لِأَنَّ هَذَا مَالٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ نَوَى شَيْئًا»

19609 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ سُوَيْدِ بْنِ هَبِيَرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَهُ قَالَ:«خَيْرُ مَالِ الْمَرْءِ مُهْرَةٌ مَأْمُورَةٌ، أَوْ سِكَّةٌ مَأْبُورَةٌ»

⦗ص: 189⦘

19610 -

وَرُوِّينَا عَنْ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَخَذَ كِسْرَةً مِنْ خُبْزِ شَعِيرٍ فَوَضَعَ عَلَيْهَا تَمْرَةً، وَقَالَ:«هَذِهِ إِدَامُ هَذِهِ» ، وَأَكَلَهَا،

19611 -

وَفِي هَذَا دِلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مَا لَا يَصْطَبِغُ فِيهِ إِذَا سُمِّيَ فِي الْعَادَةِ أَدَمًا

ص: 187

‌مَنْ جَعَلَ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ صَدَقَةً أَوْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ

19612 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله " فِيمَنْ قَالَ: مَالِي هَذَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ دَارِي هَذِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَمْلِكُ صَدَقَةً أَوْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ: إِذَا كَانَ عَلَى مَعَانِي الْأَيْمَانِ فَالَّذِي يَذْهَبُ إِلَيْهِ عَطَاءٌ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ مِنْ ذَلِكَ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وَمَنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ قَالَهُ فِي كُلِّ مَا حَنِثَ فِيهِ سَوَاءٌ عِتْقٌ أَوْ طَلَاقٌ، وَكَانَ مَذْهَبَ عَائِشَةَ وَالْقِيَاسَ، وَمَذْهَبَ عَدَدٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم "، وَاللَّهُ أَعْلَمُ

ص: 190

19613 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَسَنِ، وَأَبُو زَكَرِيَّا بْنُ إِسْحَاقَ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحَجَبِيِّ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهَا سُئِلَتْ عَنِ امْرَأَةٍ جَعَلَتْ مَالَهَا فِي رِتَاجِ الْكَعْبَةِ؟ فَقَالَتْ عَائِشَةُ:«يَمِينٌ تُكَفَّرُ»

19614 -

قَالَ: وَأَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ عَائِشَةَ، مِثْلَهُ

19615 -

وَرَوَاهُ الثَّوْرِيُّ عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أُمِّهِ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَجُلًا أَوِ امْرَأَةً سَأَلَتْهَا عَنْ شَيْءٍ كَانَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ ذِي قَرَابَةٍ لَهَا، فَجَعَلَتْ إِنْ كَلَّمَتْهُ، فَمَالُهَا فِي رِتَاجِ الْكَعْبَةِ؟ فَقَالَتْ عَائِشَةُ:«يُكَفِّرُهُ مَا يُكَفِّرُ الْيَمِينَ»

⦗ص: 191⦘

، وَهُوَ فِي «الْجَامِعِ»

ص: 190

19616 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا حَبِيبٌ الْمُعَلِّمُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ أَخَوَيْنِ مِنَ الْأَنْصَارِ كَانَ بَيْنَهُمَا مِيرَاثٌ، فَسَأَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ الْقِسْمَةَ، فَقَالَ: إِنْ عُدْتَ تَسْأَلُنِي الْقِسْمَةَ فَكُلُّ مَالٍ لِي فِي رِتَاجِ، الْكَعْبَةِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: إِنَّ الْكَعْبَةَ غَنِيَّةٌ عَنْ مَالِكٍ، كَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ وَكَلِّمْ أَخَاكَ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«لَا يَمِينَ عَلَيْكَ، وَلَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةِ الرَّبِّ، وَلَا فِي قَطِيعَةِ الرَّحِمِ، وَلَا فِيمَا لَا تَمْلِكُ»

19617 -

وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي رَافِعٍ فِي امْرَأَةٍ حَلَفَتْ بِأَنَّ مَالَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إِنْ لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ، فَسَأَلَتْ عَائِشَةَ، وَابْنَ عَبَّاسٍ، وَابْنَ عُمَرَ، وَحَفْصَةَ، وَأُمَّ سَلَمَةَ، فَأَمَرُوهَا أَنْ «تُكَفِّرَ يَمِينَهَا، وَتُخَلِّيَ بَيْنَهُمَا» ،

19618 -

وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ: وَعَلَيْهَا الْمَشْيُ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ إِنْ لَمْ تُفَرِّقْ بَيْنَهُمَا

19619 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِيمَنْ حَلَفَ بِالْمَشْيِ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ فَفِيهَا قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا مَعْقُولٌ مَعْنَى قَوْلِ عَطَاءٍ: " أَنَّ مَنْ حَلَفَ بِشَيْءٍ مِنَ النُّسُكِ: صَوْمٍ، أَوْ حَجٍّ، أَوْ عُمْرَةٍ، فَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ إِذَا حَنِثَ، وَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ حَجٌّ، وَلَا عَمْرَةٌ، وَلَا صَوْمٌ "

⦗ص: 192⦘

،

19620 -

وَمَذْهَبُهُ أَنَّ أَعْمَالَ الْبِرِّ لِلَّهِ لَا يَكُونُ إِلَّا بِفَرْضٍ يُؤَدِّيهِ مَنْ فَرْضِ اللَّهِ عَلَيْهِ أَوْ تَبَرُّرًا يُرِيدُ اللَّهَ بِهِ، فَأَمَّا عَلَى غَلْقِ الْأَيْمَانِ فَلَا يَكُونُ تَبَرُّرًا

ص: 191

19621 -

قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ رُوِّينَا فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّمَا النَّذْرُ مَا ابْتُغِيَ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ» ، أَخْبَرَنَاهُ عَبْدُ الْخَالِقِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ الْمُؤَذِّنُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَنْبٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ فَذَكَرَهُ

ص: 192

19622 -

وَرُوِّينَا فِي حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِمَاسَةَ الْمَهْرِيُّ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«كَفَّارَةُ النَّذْرِ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ» ،

19623 -

أَخْبَرَنَاهُ أَبُو زَكَرِيَّا فِي آخَرِينَ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عَلْقَمَةَ، فَذَكَرَهُ غَيْرَ أَنَّ ذِكْرَ أَبِي الْخَيْرِ، سَقَطَ مِنْ إِسْنَادِهِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ هَارُونَ بْنِ سَعِيدٍ، وَغَيْرِهِ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، فَذَكَرَهُ

ص: 192

19624 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: وَسَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، وَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَنِ الْمَشْيِ، فَحَنِثَ بِالْمَشْيِ إِلَى الْكَعْبَةِ، «فَأَفْتَاهُ بِكَفَّارَةِ يَمِينٍ» ، فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: بِهَذَا تَقُولُ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ؟ قَالَ: هَذَا قَوْلُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي قَالَ: مَنْ هُوَ؟ قَالَ: عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ

19625 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَدْ قَالَ غَيْرُ عَطَاءٍ: عَلَيْهِ الْمَشْيُ كَمَا يَكُونُ عَلَيْهِ إِذَا نَذَرَهُ مُتَبَرِّرًا

19626 -

وَقَالَ غَيْرَهُ فِي الصَّدَقَةِ، يَتَصَدَّقُ بِجَمِيعِ مَا يَمْلِكُ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: وَيَحْبِسُ قَدْرَ مَا يَقُوتُهُ، فَإِذَا أَيْسَرَ تَصَدَّقَ الَّذِي حَبَسَ، وَذَهَبَ غَيْرُهُ إِلَى أَنْ يَتَصَدَّقَ بِثُلُثِ مَالِهِ، وَغَيْرُهُ إِلَى أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالزَّكَاةِ

19627 -

قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ رَوَى عُثْمَانُ بْنُ أَبِي حَاضِرٍ فِي امْرَأَةٍ قَالَتْ: مَالُهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَجَارِيَتُهَا حُرَّةٌ إِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ: فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ عُمَرَ، فَقَالَا:" أَمَّا الْجَارِيَةُ فَتُعْتَقُ، وَأَمَّا قَوْلُهَا: مَالِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَتَصَدَّقُ بِزَكَاةِ مَالِهَا "،

19628 -

وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ مَا دَلَّ عَلَى جَوَازِ التَّكْفِيرِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ

19629 -

وَلَا حُجَّةَ لِمَنْ ذَهَبَ إِلَىأَنَّهُ يُتَصَدَّقُ بِثُلُثِ مَالِهِ فِي حَدِيثِ أَبِي لُبَابَةَ حِينَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: " إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ أَهْجُرَ دَارِي، إِنِّي أَصَبْتُ فِيهَا الذَّنْبَ، وَأَنْخَلِعَ مِنْ مَالِي صَدَقَةً إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يُجْزِئُ

⦗ص: 194⦘

عَنْكَ الثُّلُثُ مِنْ مَالِكِ»، فَإِنَّهُ لَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّهُ نَذَرَ شَيْئًا، أَوْ حَلَفَ عَلَى شَيْءٍ فَحَنَثَ لَكِنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِجَمِيعِ مَالِهِ شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى حِينَ تَابَ عَلَيْهِ، فَأَمَرَهُ أَنْ يُمْسِكَ بَعْضَ مَالِهِ كَمَا قَالَ لِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ حِينَ قَالَ ذَلِكَ:«أَمْسِكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ»

ص: 193

‌مَنْ نَذَرَ نَذْرًا فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ

19630 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْلُ مَعْقُولِ عَطَاءٍ فِي مَعَانِي النُّذُورِ مِنْ هَذَا، أَنَّهُ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ مَنْ نَذَرَ نَذْرًا فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ وَلَا كَفَّارَتُهُ، وَذَلِكَ أَنْ يَقُولَ: لِلَّهِ عَلَيَّ إِنْ شَفَانِي أَوْ شَفَى فُلَانًا أَنْ أَنْحَرَ ابْنِي، أَوْ أَفْعَلَ كَذَا مِنَ الْأَمْرِ الَّذِي لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَفْعَلَهُ

19631 -

قَالَ: «وَإِنَّمَا أَبْطَلَ اللَّهُ النَّذْرَ فِي الْبَحِيرَةِ، وَالسَّائِبَةِ لِأَنَّهَا مَعْصِيَةٌ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي ذَلِكَ كَفَّارَةً، وَبِذَلِكَ جَاءَتِ السُّنَّةُ»

ص: 195

19632 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ الْأَيْلِيِّ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلَا يَعْصِهِ» ، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ

ص: 196

19633 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، وَعَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ أَبِي تَمِيمَةَ السِّخْتِيَانِيِّ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ، وَلَا فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ»

19634 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَتِنَا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ: وَكَانَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيِّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ «أَنَّ امْرَأَةً مِنَ الْأَنْصَارِ نَذَرَتْ وَهَرَبَتْ عَلَى نَاقَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِنْ نَجَّاهَا اللَّهُ عَلَيْهَا لَتَنْحَرَنَّهَا» ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم هَذَا الْقَوْلَ، وَأَخَذَ نَاقَتَهُ وَلَمْ يَأْمُرْهَا بِأَنْ تَنْحَرَ مِثْلَهَا، وَلَا تُكَفِّرَ

⦗ص: 197⦘

19635 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَبِذَلِكَ نَقُولُ: إِنَّ مَنْ نَذَرَ تَبَرُّرًا أَنْ يَنْحَرَ مَالَ غَيْرِهِ فَهَذَا نَذَرَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ فَالنَّذْرُ سَاقِطٌ عَنْهُ

ص: 196

19636 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ طَاوُسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِأَبِي إِسْرَائِيلَ وَهُوَ قَائِمٌ فِي الشَّمْسِ، فَقَالَ:«مَا لَهُ؟» ، فَقَالُوا: نَذَرَ أَنْ لَا يَسْتَظِلَّ، وَلَا يَقْعُدَ، وَلَا يُكَلِّمَ أَحَدًا، أَوْ يَصُومَ، فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَسْتَظِلَّ، وَيَقْعُدَ، وَأَنْ يُكَلِّمَ النَّاسَ، وَيُتِمَّ صَوْمَهُ، وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِكَفَّارَةٍ

19637 -

قَالَ أَحْمَدُ: هَذَا مُرْسَلٌ جَيِّدٌ

ص: 197

19638 -

وَقَدْ رَوَى أَيُّوبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بَيْنَمَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ إِذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَائِمٍ فِي الشَّمْسَ، فَسَأَلَ عَنْهُ، فَقَالُوا: هَذَا أَبُو إِسْرَائِيلَ، نَذَرَ أَنْ يَقُومَ وَلَا يَقْعُدَ، وَلَا يَسْتَظِلَّ، وَلَا يَتَكَلَّمَ وَيَصُومَ وَلَا يُفْطِرَ، فَقَالَ:«مُرُوهُ فَلْيَتَكَلَّمْ، وَلْيَسْتَظِلَّ، وَلْيَقْعُدْ، وَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ» ، أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، فَذَكَرَهُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ

19639 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَقَالَ قَائِلٌ فِي رَجُلٍ نَذَرَ أَنْ يَذْبَحَ نَفْسَهُ؟ فَقَالَ

⦗ص: 198⦘

: يَذْبَحُ كَبْشًا، وَقَالَ قَائِلٌ فِي رَجُلٍ آخَرَ: يَنْحَرُ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ، وَاحْتَجَّا مَعًا فِيهِ بِشَيْءٍ رُوِيَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم،

19640 -

ثُمَّ سَاقَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله الْكَلَامُ فِي حَجَّتِهِ إِلَى أَنْ قَالَ: فَإِنْ قَالَ: فَأَجْعَلُهُ أَصْلًا الْقَوْلَ الَّذِي قَالَهُ، قِيلَ لَهُ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ -: فَقَدِ اخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِيهِ، فَأَيُّهَا الْأَصْلُ؟ وَالسُّنَّةُ مَوْجُودَةٌ بِإِبْطَالِهِ وَلَا حُجَّةَ مَعَ السُّنَّةِ

19641 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَهَذَا كَمَا قَالَ

ص: 197

19642 -

فَقَدْ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي رَجُلٍ نَذَرَ أَنْ يَذْبَحَ نَفْسَهُ قَالَ:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ} [الأحزاب: 21] حَسَنَةٌ فَأَفْتَاهُ بِكَبْشٍ

19643 -

وَرَوَاهُ عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، فِيمَنْ نَذَرَ أَنْ يَنْحَرَ ابْنَهُ، وَرِوَايَةُ الثَّوْرِيِّ أَصَحُّ

19644 -

وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ النَّصَارِيِّ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، فِيمَنْ نَذَرَ أَنْ يَنْحَرَ نَفْسَهُ،

19645 -

وَرَوَاهُ عِكْرِمَةُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي رَجُلٍ نَذَرَ نَفْسَهُ أَنْ يَذْبَحَ ابْنَهُ قَالَ: يَذْبَحُ كَبْشًا

⦗ص: 199⦘

19646 -

وَرَوَاهُ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي امْرَأَةٍ نَذَرَتْ أَنْ تَنْحَرَ ابْنَهَا قَالَ:«لَا تَنْحَرِي ابْنَكِ، وَكَفِّرِي عَنْ يَمِينِكِ»

ص: 198

19647 -

وَرَوَاهُ كُرَيْبٌ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: إِنِّي نَذَرْتُ أَنْ أَنْحَرَ نَفْسِي، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ إِلَى أَنْ قَالَ:«أَتَجِدُ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ» قَالَ: نَعَمْ قَالَ: «فَاذْهَبْ فَانْحَرْ فِي كُلِّ عَامٍ ثَلَاثًا لَا يَفْسَدُ اللَّحْمُ» أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ يَعْنِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ، حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. . . فَذَكَرَهُ

19648 -

وَاخْتِلَافُ فَتَاوِيهِ فِي هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَقُولُهَا عَلَى رَأْيِهِ، وَلَوْ كَانَ عُرِفَ فِيهِ تَوْقِيفٌ لَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ فِيهِ

ص: 199

19649 -

وَأَمَّا حَدِيثُ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ، وَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ» ، "

19650 -

فَهَذَا حَدِيثٌ لَمْ يَسْمَعْهُ الزُّهْرِيُّ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ، وَإِنَّمَا سَمِعَهُ مِنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَرْقَمَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، وَبِمَعْنَاهُ رَوَاهُ الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، كَذَلِكَ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَتِيقٍ، وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ

⦗ص: 200⦘

،

19651 -

وَسُلَيْمَانُ بْنُ الْأَرْقَمِ مَتْرُوكٌ، وَالْحَدِيثُ عِنْدَ غَيْرِهِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الزُّبَيْرِ الْحَنْظَلِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

19652 -

كَذَلِكَ رَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، وَبِمَعْنَاهُ رَوَاهُ الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، إِلَّا أَنَّ فِيَ حَدِيثِ الْأَوْزَاعِيِّ:«لَا نَذْرَ فِي غَضَبٍ وَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ»

19653 -

وَكَذَلِكَ رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَقَالَ:«لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ»

ص: 199

19654 -

وَرَوَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَجُلًا حَدَّثَهُ، أَنَّهُ سَأَلَ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ عَنْ رَجُلٍ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي فِي مَسْجِدِ قَوْمِهِ، فَقَالَ عِمْرَانُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ، وَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ» ،

19655 -

وَفِي هَذَا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ أَبَاهُ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ عِمْرَانَ،

19656 -

وَرَوَاهُ ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ رَجُلٍ صَحِبَهُ، عَنْ عِمْرَانَ

ص: 200

19657 -

وَرَوَاهُ الثَّوْرِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنِ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ:«لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ أَوْ فِي غَضَبٍ»

19658 -

فَهَذَا حَدِيثٌ مُخْتَلَفٌ فِي إِسْنَادِهِ وَمَتْنِهِ كَمَا ذَكَرْنَا، وَلَا تَقُومُ الْحُجَّةُ بِأَمْثَالِ ذَلِكَ،

19659 -

وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: مُحَمَّدُ بْنُ

⦗ص: 201⦘

الزُّبَيْرِ الْحَنْظَلِيُّ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ وَفِيهِ نَظَرٌ

19660 -

أَخْبَرَنَاهُ أَبُو سَعِيدٍ الْمَالِينِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ حَمَّادٍ، يَذْكُرُهُ عَنِ الْبُخَارِيِّ

ص: 200

19661 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَإِنَّمَا الْحَدِيثُ فِيهِ عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ هَيَّاجِ بْنِ عِمْرَانَ الْبُرْجُمِيِّ، أَنَّ غُلَامًا لِأَبِيهِ أَبِقَ فَجَعَلَ لِلَّهِ عَلَيْهِ إِنْ قَدِرَ عَلَيْهِ لَيَقْطَعَنَّ يَدَهُ، فَلَمَّا قَدِرَ عَلَيْهِ، بَعَثَنِي إِلَى عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، فَسَأَلْتُهُ؟ فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «يَحُثُّ فِي خُطْبَتِهِ عَلَى الصَّدَقَةِ، وَنَهَى عَنِ الْمُثْلَةِ» ، فَقُلْ لِأَبِيكَ، فَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ، وَلْيَتَجَاوَزْ عَنْ غُلَامِهِ

19662 -

قَالَ: وَبَعَثَنِي إِلَى سَمُرَةَ، فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، عَنْ سَلْمَانَ الْفَقِيهِ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَبِي عُثْمَانَ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شَيْبَانَ الْعَوْفِيُّ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، فَذَكَرَهُ

19663 -

هَذَا أَصَحُّ مَا رُوِيَ فِيهِ عَنْ عِمْرَانَ،

19664 -

وَاخْتُلِفَ فِي الَّذِي رَوَاهُ عَنْهُ الْحَسَنُ، فَقِيلَ هَكَذَا، وَقِيلَ: حَيَّانُ بْنُ عِمْرَانَ الْبُرْجُمِيُّ، وَالْأَمْرُ بِالتَّكْفِيرِ فِيهِ مَوْقُوفٌ عَلَى عِمْرَانَ وَسُمْرَةَ

19665 -

وَالَّذِي رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، مَرْفُوعًا:«مَنْ نَذَرَ نَذْرًا فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ فَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وَمَنْ نَذَرَ نَذْرًا لَمْ يُطِقْهُ فَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ» ، لَمْ يَثْبُتْ رَفْعُهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ

⦗ص: 202⦘

19666 -

وَحَكَيْنَا عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ سُلَيْمَانَ، أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلًا آخَرَ: مَنْ نَذَرَ أَنْ يَفْعَلَ مَعْصِيَةً فَلَا يَفْعَلْهَا، وَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، كَمَا لَوْ قَالَ: وَاللَّهِ لَأَقْتُلَنَّ فُلَانًا فَلَا يَقْتُلْهُ وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ،

19667 -

قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلٌ يُوَافِقُ هَذِهِ الْآثَارَ

ص: 201

‌بَابُ النُّذُورِ

ص: 203

19668 -

رَوَى الشَّافِعِيُّ فِي سُنَنِ حَرْمَلَةَ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، الْحَدِيثَ الَّذِي أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَدِيبُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَزِيدُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى: «إِنَّ النَّذْرَ لَا يَأْتِي عَلَى ابْنِ آدَمَ شَيْئًا لَمْ أُقَدِّرْهُ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ أَسْتَخْرِجُ بِهِ مِنَ الْبَخِيلِ، يُؤْتِيَنِي عَلَيْهِ مَا لَا يُؤْتِينِي عَلَى الْبُخْلِ»

⦗ص: 204⦘

، هَذَا الْحَدِيثُ قَدْ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، مِنْ حَدِيثِ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، عَنِ الْأَعْرَجِ بِمَعْنَاهُ

ص: 203

‌مَنْ نَذَرَ أَنْ يَمْشِيَ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ عز وجل

ص: 205

19671 -

وَأَمَّا الرُّكُوبُ عِنْدَ الْعَجْزِ فَلَمَّا: أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مَهْرَوَيْهِ بْنُ عَبَّاسٍ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنِي حُمَيْدٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: مَرَّ شَيْخٌ كَبِيرٌ يَتَهَادَى بَيْنَ ابْنَيْهِ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:«مَا بَالُ هَذَا؟» ، قَالُوا: نَذَرَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ يَمْشِيَ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ عز وجل عَنْ تَعْذِيبِ هَذَا نَفْسَهُ لَغَنِيٌّ» ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَرْكَبَ، فَرَكِبَ

⦗ص: 206⦘

، أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ، مِنْ حَدِيثِ حُمَيْدٍ،

19672 -

وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ

ص: 205

19673 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّغَانِيُّ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، أَنَّ يَزِيدَ بْنَ أَبِي حَبِيبٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا الْخَيْرِ أَخْبَرَهُ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، أَنَّهُ قَالَ: نَذَرَتْ أُخْتِي أَنْ تَمْشِيَ، إِلَى بَيْتِ اللَّهِ فَأَمَرَتْنِي أَنْ أَسْتَفْتِيَ لَهَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَاسْتَفْتَيْتُ لَهَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:«لِتَمْشِ وَلْتَرْكَبْ»

19674 -

قَالَ: وَكَانَ أَبُو الْخَيْرِ لَا يُفَارِقُ عُقْبَةَ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ أَبِي عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَاتِمٍ، وَغَيْرِهِ، عَنْ رَوْحٍ

19675 -

قَالَ أَحْمَدُ: هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ بِهَذَا اللَّفْظِ لَيْسَ فِيهَا ذِكْرُ الْهَدْيِ

ص: 206

19676 -

وَقَدْ رَوَى مَطَرٌ الْوَرَّاقُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ أُخْتَ عُقْبَةَ نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ مَاشِيَةً، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْ مَشْيِ أُخْتِكِ

⦗ص: 207⦘

، فَلْتَرْكَبْ، وَلْتُهْدِ بَدَنَةً» أَخْبَرَنَاهُ أَبُو الْحَسَنِ الْعَلَوِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ بِلَالٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَفْصِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ مَطَرٍ الْوَرَّاقِ، فَذَكَرَهُ وَهَذَا رَوَاهُ هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنٍ، عَنْهُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ،

19677 -

وَرُوِيَ عَنْهُ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: «وَتُهْدِي هَدْيًا» ،

19678 -

وَخَالَفَهُ هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، فَرَوَيَاهُ عَنْ قَتَادَةَ، دُونَ ذِكْرِ الْهَدْيِ فِيهِ، وَأَرْسَلَهُ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ،

19679 -

وَكَذَلِكَ رَوَاهُ خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ عِكْرِمَةَ، دُونَ ذِكْرِ الْهَدْيِ فِيهِ،

19680 -

وَرَوَاهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، دُونَ ذِكْرِ الْهَدْيِ فِيهِ،

19681 -

وَرَوَاهُ شَرِيكٌ الْقَاضِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَوْلَى آلِ طَلْحَةَ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَالَ فِيهِ: لِتَحُجَّ رَاكِبَةً وَتُكَفِّرْ يَمِينَهَا

⦗ص: 208⦘

،

19682 -

وَهَذَا مِمَّا تَفَرَّدَ بِهِ شَرِيكٌ،

19683 -

وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ حُيَيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَعَافِرِيِّ، عَنْ أَبِي حُيَيٍّ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيُّ، عَنْ عُقْبَةَ، وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ

ص: 206

19684 -

وَرَوَاهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زَحْرٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الرُّعَيْنِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ: نَذَرَتْ أُخْتِي أَنْ تَحُجَّ لِلَّهِ مَاشِيَةً غَيْرَ مُخْتَمِرَةٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«مُرْ أُخْتَكَ فَلْتَخْتَمِرْ، وَلْتَرْكَبْ، وَلْتَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ» ،

19685 -

وَرَوَاهُ الثَّوْرِيُّ عَنْ يَحْيَى، وَاخْتُلِفَ فِي إِسْنَادِهِ

19686 -

قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ: لَا يَصِحُّ فِيهِ الْهَدْيُ يَعْنِي: فِي حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ

19687 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنِ، أَنَّهُ قَالَ فِيمَنْ نَذَرَ أَنْ يَحُجَّ مَاشِيًا «فَلْيُهْدِ هَدْيًا، وَلْيَرْكَبْ» ،

19688 -

وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: فَلْيُهْدِ بَدَنَةً وَلْيَرْكَبْ

ص: 208

19689 -

وَرُوِيَ فِيهِ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عَلِيٍّ، وَكِلَاهُمَا مُنْقَطِعٌ وَمَوْقُوفٌ،

19690 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ، عَنِ ابْنِ عُلَيَّةَ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عَلِيٍّ فِي الرَّجُلِ يَجْعَلُ عَلَيْهِ الْمَشْيَ قَالَ:«يَمْشِي، فَإِنْ عَجَزَ رَكِبَ، وَأَهْدَى بَدَنَةً»

⦗ص: 209⦘

19691 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهُمْ يَقُولُونَ: يَمْشِي إِنْ أَحَبَّ وَكَانَ مُطِيعًا، وَإِلَّا رَكِبَ وَأَهْدَى شَاةً، وَنَحْنُ نَقُولُ: لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَرْكَبَ وَهُوَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَمْشِيَ بِحَالٍ، وَإِنْ عَجَزَ رَكِبَ وَأَهْدَى، فَإِذَا صَحَّ مَشَى الَّذِي رَكِبَ، وَرَكِبَ الَّذِي مَشَى، حَتَّى يَأْتِيَ بِهِ كَمَا نَذَرَهُ، وَكَأَنَّهُ ذَهَبَ إِلَى مَا

ص: 208

19692 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ أُذَيْنَةَ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ جَدَّةٍ لِي عَلَيْهَا مَشْيٌ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ، حَتَّى إِذَا كَانَتْ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ عَجَزَتْ، فَسَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ:«مُرْهَا فَلْتَرْكَبْ، ثُمَّ لِتَمْشِ مِنْ حَيْثُ عَجَزَتْ»

19693 -

قَالَ مَالِكٌ: وَعَلَيْهَا هَدْيٌ

ص: 209

19694 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّهُ قَالَ:" كَانَ عَلَيَّ مَشْيٌ فَأَصَابَتْنِي خَاصِرَةٌ فَرَكِبْتُ حَتَّى أَتَيْتُ مَكَّةَ، فَسَأَلْتُ عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ وَغَيْرَهُ، فَقَالُوا: عَلَيْكَ هَدْيٌ، فَلَمَّا قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ سَأَلْتُ؟ فَأَمَرُونِي أَنْ أَمْشِيَ مِنْ حَيْثُ عَجَزْتُ، فَمَشَيْتُ مَرَّةً أُخْرَى "

19695 -

وَهَذَا إِنَّمَا أَوْرَدَهُ إِلْزَامًا لِأَصْحَابِ مَالِكٍ فِيمَا تَرَكُوا مِنْ قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي إِيجَابِ الْهَدْيِ، وَلَمْ يَرْوُوا عَنْهُمْ أَنَّهُمْ أَمَرُوهَا بِهَدْيٍ، وَفِيمَا تَرَكُوا مِنْ قَوْلِ عَطَاءٍ وَغَيْرِهِ فِي إِيجَابِ الْهَدْيِ، وَهُمْ أَمَرُوهُ بِهَدْيٍ، وَلَمْ يَأْمُرُوهُ بِمَشْيٍ

19696 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَرَوَى الشَّعْبِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، مِثْلَ قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: وَيَنْحَرُ بَدَنَةً

⦗ص: 210⦘

،

19697 -

وَالصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَأَوْلَاهُ بِالسُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ مَا حَكَيْنَاهُ عَنْهُ فِي أَوَّلِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ،

19698 -

وَرُوِّينَا عَنْ عَطَاءٍ، أَنَّهُ قَالَ: يَمْشِي مِنْ مِيقَاتِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ نَوَى مَكَانًا حَتَّى يَصْدُرَ،

19699 -

وَرَوَاهُ الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الِابْتِدَاءِ دُونَ الِانْتِهَاءِ

ص: 209

‌نَذْرُ الْمَشْيِ إِلَى مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ أَوْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ

ص: 211

19700 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: وَأَحَبُّ إِلَيَّ لَوْ نَذَرَ الْمَشْيَ إِلَى مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ أَنْ يَمْشِيَ، وَإِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ أَنْ يَمْشِيَ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدٍ: إِلَى مَسْجِدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ "

ص: 211

19701 -

أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الشَّيْبَانِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدٍ: الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِي هَذَا، وَمَسْجِدِ الْأَقْصَى "،

19702 -

أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ، وَكَانَ سُفْيَانُ يَقُولُ: أَكْثَرُ مَا نُحَدِّثُ بِهِ: «تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدٍ»

⦗ص: 212⦘

19703 -

وَرَوَاهُ قَزَعَةُ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَ الْأَوَّلِ

19704 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَا يَبِينُ لِي أَنْ يَجِبَ الْمَشْيُ إِلَى مَسْجِدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَمَسْجِدِ بَيْتِ الْقُدُسِ، كَمَا يَبِينُ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ، وَذَلِكَ بِأَنَّ الْبِرَّ بِإِتْيَانِ بَيْتِ اللَّهِ فَرْضٌ وَالْبِرُّ بِإِتْيَانِ هَذَيْنِ نَافِلَةٌ،

19705 -

وَأَقَامَ فِي كِتَابِ الْبُوَيْطِيِّ الْأَفْضَلَ مِنْ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ مَقَامَ مَا هُوَ أَدْنَى مِنْهُ

ص: 211

19706 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ دَرَسْتَوَيْهِ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ الْفَارِسِيُّ، حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ الْخَصِيبِ، حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ الشَّهِيدِ، عَنْ عَطَاءٍ، ح،

19707 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنَا حَبِيبٌ الْمُعَلِّمُ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي نَذَرْتُ زَمَنَ الْفَتْحِ إِنْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكَ أَنْ أُصَلِّيَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَقَالَ:«صَلِّ هَاهُنَا» ، فَأَعَادَهَا مَرَّتَيْنِ، أَوْ قَالَ ثَلَاثًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«فَشَأْنَكَ إِذًا» ،

19708 -

هَذَا لَفْظُ حَدِيثِ ابْنِ الشَّهِيدِ وَفِي حَدِيثِ الْمُعَلِّمِ أَنَّ رَجُلًا قَامَ يَوْمَ الْفَتْحِ، وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي نَذَرْتُ لِلَّهِ إِنْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكَ مَكَّةَ أَنْ أُصَلِّيَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ

⦗ص: 213⦘

19709 -

قَالَ أَبُو سَلَمَةَ مَرَّةً: «رَكْعَتَيْنِ»

19710 -

قَالَ: «صَلِّ هَاهُنَا» ثُمَّ أَعَادَ عَلَيْهِ، فَقَالَ:«صَلِّ هَاهُنَا» ، ثُمَّ أَعَادَ عَلَيْهِ قَالَ:«فَشَأْنَكَ إِذًا»

19711 -

وَرُوِّينَا عَنْ مَيْمُونَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ لِامْرَأَةٍ نَذَرَتْ أَنْ تُصَلِّيَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ: صَلِّي فِي مَسْجِدِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«صَلَاةٌ فِيهِ أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الْمَسَاجِدِ إِلَّا مَسْجِدَ الْكَعْبَةِ»

ص: 212

‌نَذْرُ النَّحْرِ بِمَوْضِعٍ

ص: 214

19712 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: «وَإِنْ نَذَرَ أَنْ يَنْحَرَ بِمَكَّةَ لَمْ يُجْزِئْهُ إِلَّا أَنْ يَنْحَرَ بِمَكَّةَ، فَإِنْ نَذَرَ أَنْ يَنْحَرَ بِغَيْرِهَا لِيَتَصَدَّقَ لَمْ يُجْزِئْهُ أَنْ يَنْحَرَ إِلَّا حَيْثُ نَذَرَ» ، وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ

19713 -

وَرُوِّينَا فِي حَدِيثِ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ قَالَ: نَذَرَ رَجُلٌ أَنْ يَنْحَرَ إِبِلًا بِبُوَانَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«هَلْ كَانَ فِيهَا وَثَنٌ مِنْ أَوْثَانِ الْجَاهِلِيَّةِ يُعْبَدُ؟» ، قَالُوا: لَا قَالَ: «فَهَلْ كَانَ فِيهَا عِيدٌ مِنْ أَعْيَادِهِمْ؟» قَالُوا: لَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«أَوْفِ بِنَذْرِكَ» ،

19714 -

وَرُوِيَ ذَلِكَ مُخْتَصَرًا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،

19715 -

وَرَوَتْهُ مَيْمُونَةُ بِنْتُ كَرْدَمٍ أَنَّ أَبَاهَا قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إِنِّي نَذَرْتُ أَنْ أَذْبَحَ عِدَّةً مِنَ الْغَنَمِ عَلَى رَأْسِ بُوَانَةَ، فَذَكَرَهُ وَلَمْ يَذْكُرِ الْعِيدَ

ص: 214

‌مَنْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمٍ فَوَافَقَ يَوْمَ فِطْرٍ أَوْ أَضْحَى

ص: 215

19717 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْمُقْرِئُ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ، حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي حَكِيمُ بْنُ أَبِي حُرَّةَ الْأَسْلَمِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا يَسْأَلُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ عَنْ رَجُلٍ نَذَرَ أَنْ لَا يَأْتِيَ عَلَيْهِ يَوْمٌ سَمَّاهُ إِلَّا وَهُوَ صَائِمٌ فِيهِ، فَوَافَقَ ذَلِكَ يَوْمَ أَضْحَى أَوْ يَوْمَ فِطْرٍ؟ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21]، لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَصُومُ يَوْمَ الْأَضْحَى، وَلَا يَوْمَ الْفِطْرِ، وَلَا يَأْمُرُ بِصِيَامِهِمَا "، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيِّ

19718 -

وَفِي رِوَايَةِ زِيَادِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ: قَدْ أَمَرَ اللَّهُ بِوَفَاءِ النَّذْرِ، وَنُهِينَا أَنْ نَصُومَ هَذَا الْيَوْمَ

⦗ص: 216⦘

،

19719 -

فَكَأَنَّهُ عَلَّقَ فِيهِ الْقَوْلَ، وَقَدْ قَطَعَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى بِأَنَّهُ لَا يَصُومُهُ وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِالْقَضَاءِ، وَقَدْ أَخْبَرَ فِي الرِّوَايَتَيْنِ جَمِيعًا أَنَّ نَذْرَهُ صَادَفَ يَوْمًا لَا يَجُوزُ صَوْمُهُ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلَا يَعْصِهِ» ، وَلَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّهُ أَمَرَ فِيهِ بِكَفَّارَةٍ أَوْ قَضَاءٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ

ص: 215

‌41 - كِتَابُ أَدَبِ الْقَاضِي

ص: 219

‌أَدَبُ الْقَاضِي

19720 -

قَالَ اللَّهُ عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} [النساء: 58]،

19721 -

وَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْعُمَّالَ وَالْقُضَاةَ، وَكَذَلِكَ الْخُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِهِ

ص: 219

19722 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ دَرَسْتَوَيْهِ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ قَالَ: سَمِعْتُ قَيْسَ بْنَ أَبِي حَازِمٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ أَتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَسَلَّطَهُ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الْحَقِّ، وَرَجُلٌ أَتَاهُ اللَّهُ حِكْمَةً فَهُوَ يَقْضِي بِهَا وَيُعَلِّمُهَا "،

19723 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ، أَخْبَرَنَا حَاجِبُ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، فَذَكَرَهُ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، عَنِ الْحُمَيْدِيِّ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ

19724 -

وَهَذَا فِيمَنْ قَوِيَ عَلَى الْقِيَامِ بِوَاجِبَاتِ الْقَضَاءِ، فَإِنْ كَانَ يَضْعُفُ عَنْهُ، أَوْ رُئِيَ أَنَّهُ يَعْجَزُ عَنْهُ، فَقَدْ قَالَ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم لِأَبِي ذَرٍّ:«يَا أَبَا ذَرٍّ، أُحِبُّ لَكَ مَا أُحِبُّ لِنَفْسِي، إِنِّي أَرَاكَ ضَعِيفًا فَلَا تَأَمَّرَنَّ عَلَى اثْنَيْنِ، وَلَا تَوَلَّيَنَّ مَالَ يَتِيمٍ»

19725 -

وَقَالَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: «يَا أَبَا ذَرٍّ، إِنَّكَ ضَعِيفٌ وَإِنَّهَا أَمَانَةٌ، وَإِنَّهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِزْيٌ وَنَدَامَةٌ، إِلَّا مَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا وَأَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ فِيهَا»

ص: 220

19726 -

وَفِي مِثْلِ ذَلِكَ وَرَدَ مَا: أَخْبَرَنَا أَبُو صَالِحِ بْنُ أَبِي طَاهِرٍ الْعَنْبَرِيُّ، أَخْبَرَنَا جَدِّي يَحْيَى بْنُ مَنْصُورٍ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَسْمَرْدُ، أَخْبَرَنَا الْقَعْنَبِيُّ أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ عُثْمَانَ الْأَخْنَسِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ جُعِلَ عَلَى الْقَضَاءِ فَكَأَنَّمَا ذُبِحَ بِغَيْرِ سِكِّينٍ» ،

19727 -

وَقَدْ رَوَاهُ الْمُزَنِيُّ فِي الْجَامِعِ، عَنِ الشَّافِعِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَخْنَسِيِّ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:. . . . بِمَعْنَاهُ

19728 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَهَذَا لِمَا فِيهِ مِنَ الْخَطَرِ، وَلِأَجْلِ ذَلِكَ كَرِهَ مَنْ كَرِهَ التَّسَارُعَ إِلَى طَلَبِهِ

ص: 221

19729 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، عَنْ بِلَالٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ طَلَبَ الْقَضَاءَ وَاسْتَعَانَ عَلَيْهِ وُكِلَ إِلَيْهِ، وَمَنْ لَمْ يَطْلُبْهُ وَلَمْ يَسْتَعِنْ عَلَيْهِ أَنْزَلَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ مَلَكًا يُسَدِّدُهُ»

⦗ص: 222⦘

19730 -

وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ، أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ التَّسَرُّعَ إِلَى الْحُكْمِ

19731 -

وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى، مَرْفُوعًا:«إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَزَّ مَعَ الْقَاضِي مَا لَمْ يَجُرْ، فَإِذَا جَارَ وَكَلَهُ إِلَى نَفْسِهِ»

ص: 221

19732 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَسَّانَ السَّمْتِيُّ، حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" الْقُضَاةُ ثَلَاثَةٌ: وَاحِدٌ فِي الْجَنَّةِ، وَاثْنَانِ فِي النَّارِ: فَأَمَّا الَّذِي فِي الْجَنَّةِ فَرَجُلٌ عَرَفَ الْحَقَّ فَقَضَى بِهِ، وَرَجُلٌ عَرَفَ الْحَقَّ فَجَارَ فِي الْحُكْمِ فَهُوَ فِي النَّارِ، وَرَجُلٌ قَضَى لِلنَّاسِ عَلَى جَهْلٍ فَهُوَ فِي النَّارِ "

ص: 222

19733 -

أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، إِجَازَةً، أَنَّ أَبَا الْعَبَّاسٍ حَدَّثَهُمْ، عَنِ الرَّبِيعِ، عَنِ الشَّافِعِيِّ رحمه الله قَالَ: «أُحِبُّ لِلْقَاضِي أَنْ يَقْضِيَ فِي مَوْضِعٍ بَارِزٍ لِلنَّاسِ لَا يَكُونُ دُونَهُ حِجَابٌ، وَأَنْ يَكُونَ مُتَوَسِّطَ الْمِصْرِ، وَأَنْ لَا يَكُونَ فِي الْمَسْجِدِ لِكَثْرَةِ مَنْ يَغْشَاهُ لِغَيْرِ مَا بُنِيَتْ لَهُ الْمَسَاجِدُ، وَأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي أَرْفَقِ الْأَمَاكِنِ بِهِ وَأَحْرَزِهَا أَنْ لَا تُسْرِعَ مِلَالَتُهُ فِيهِ، وَإِذَا كَرِهْتُ لَهُ أَنْ يَقْضِيَ فِي الْمَسْجِدِ كُنْتُ لِأَنْ يُقِيمَ الْحَدَّ

⦗ص: 223⦘

فِي الْمَسْجِدِ أَوْ يُعَزِّرَ أَكْرَهَ»

19734 -

قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ رُوِّينَا عَنْ أَبِي مَرْيَمَ الْأَسَدِيِّ: أَنَّهُ قَالَ لِمُعَاوِيَةَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ وَلَّاهُ اللَّهُ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ شَيْئًا فَاحْتَجَبَ عَنْ حَاجَتِهِمْ وَخَلَّتِهِمْ وَفَاقَتِهِمُ احْتَجَبَ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَنْ حَاجَتِهِ وَخَلَّتِهِ وَفَاقَتِهِ»

19735 -

وَرُوِّينَا فِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" مَنْ سَمِعَ رَجُلًا يَنْشُدُ ضَالَّةً فِي الْمَسْجِدِ فَلْيَقُلْ: لَا أَدَّاهَا اللَّهُ إِلَيْكَ، فَإِنَّ الْمَسَاجِدَ لَمْ تُبْنَ لِهَذَا "،

19736 -

وَفِي حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ هَذِهِ الْمَسَاجِدَ لَمْ تُتَّخَذْ لِهَذَا الْقَذَرِ إِنَّمَا هِيَ لِذِكْرِ اللَّهِ وَالصَّلَاةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ»

19737 -

وَرُوِيَ فِي حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَغَيْرِهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ، «جَنِّبُوا مَسَاجِدَكُمْ صِبْيَانَكُمْ، وَمَجَانِينَكُمْ، وَخُصُومَاتِكُمْ، وَرَفْعَ أَصْوَاتِكُمْ، وَسَلَّ سُيُوفِكُمْ، وَإِقَامَةَ حُدُودِكُمْ، وَاجْمُرُوهَا فِي الْجُمَعِ، وَاتَّخِذُوا عَلَى أَبْوَابِ مَسَاجِدِكُمْ مَطَاهِرَ»

ص: 222

19738 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا الشَّعْبِيُّ، عَنْ زُفَرَ بْنِ وَثِيمَةَ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ قَالَ:" نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَنْ يُسْتَقَادَ فِي الْمَسْجِدِ، وَأَنْ تُنْشَدَ فِيهِ الْأَشْعَارُ، وَأَنْ تُقَامَ فِيهِ الْحُدُودُ "

19739 -

وَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ زَيْدٍ:«أَنْ لَا تَقْضِيَ فِي الْمَسْجِدِ، فَإِنَّهُ يَأْتِيكَ الْيَهُودِيُّ وَالنَّصْرَانِيُّ وَالْحَائِضُ»

ص: 224

‌التَّثَبُّتُ فِي الْحُكْمِ

19740 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: قَالَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات: 6] الْآيَةَ

19741 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَمَرَ اللَّهُ مَنْ يُمْضِي أَمَرَهُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ يَكُونَ مُتَثَبِّتًا قَبْلَ أَنْ يُمْضِيَهُ،

19742 -

ثُمَّ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْحُكْمِ خَاصَّةً أَنْ لَا يَحْكُمَ الْحَاكِمُ وَهُوَ غَضْبَانُ؛ لِأَنَّ الْغَضْبَانَ مَخُوفٌ عَلَى أَمْرَيْنِ: (أَحَدُهُمَا): قِلَّةُ التَّثَبُّتِ، (وَالْآخَرُ): أَنَّ الْغَضَبَ قَدْ يَتَغَيَّرُ مَعَهُ الْعَقْلُ، وَيَتَقَدَّمُ بِهِ صَاحِبُهُ عَلَى مَا لَمْ يَكُنْ يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ لَوْ لَمْ يَكُنْ غَضِبَ

ص: 225

19743 -

وَذَكَرَ مَا: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ

⦗ص: 226⦘

: «لَا يَحْكُمُ الْحَاكِمُ، أَوْ لَا يَقْضِي الْقَاضِي بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَانُ» ،

19744 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ:«لَا يَقْضِي الْقَاضِي بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَانُ» ، وَلَمْ يَشُكَّ، أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ مِنْ أَوْجُهٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ

ص: 225

19745 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ هُوَ ابْنُ عَوْفٍ، أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِي كَلِمَاتٍ أَعِيشُ بِهِنَّ، وَلَا تُكْثِرْ عَلَيَّ فَأَنْسَى، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«لَا تَغْضَبْ»

19746 -

أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، فِيمَا قَرَأَ عَلَى مَالِكٍ، فَذَكَرَهُ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم،

19747 -

وَهَذَا مُرْسَلٌ،

19748 -

وَقَدْ رَوَاهُ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

⦗ص: 227⦘

19749 -

وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَقِيلَ عَنْهُ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ

19750 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الشَّعْبِيِّ وَكَانَ قَاضِيًا، أَنَّهُ رُئِيَ يَأْكُلُ خُبْزًا بِجُبْنٍ، فَقِيلَ لَهُ؟ فَقَالَ: آخُذُ حِلْمِي

19751 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: كَأَنَّهُ يُرِيدُ أَنَّ الطَّعَامَ يُسْكِنُ حَرَّ الطَّبِيعَةِ، وَأَنَّ الْجُوعَ يُحَرِّكُ حَرَّهَا، وَتَتُوقُ النَّفْسُ إِلَى الْمَأْكَلِ، فَيُشْغَلُ عَنِ الْحُكْمِ

ص: 226

‌مُشَاوَرَةِ الْقَاضِي

19752 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: قَالَ اللَّهُ عز وجل: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} [آل عمران: 159]

ص: 228

19753 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: «مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَكْثَرَ مُشَاوَرَةً لِأَصْحَابِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم»

19754 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَالَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} [الشورى: 38]

19755 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ: قَالَ الْحَسَنُ: إِنْ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ مُشَاوَرَتِهِمِ لَغَنِيًّا، وَلَكِنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَسْتَنَّ بِذَلِكَ الْحُكَّامُ بَعْدَهُ

ص: 228

19756 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا لُوَيْنٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ شُبْرُمَةَ، عَنِ الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَيْ " {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} [آل عمران: 159] قَالَ: وَاللَّهِ مَا كَانَ يَحْتَاجُ إِلَيْهِمْ، وَلَكِنْ أَحَبَّ أَنْ يَسْتَنَّ بِهِ مَنْ بَعْدَهُ "

⦗ص: 229⦘

19757 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: «وَإِنَّمَا أُمِرَ بِهِ - بِالْمَشُورَةِ - لِأَنَّ الْمُشِيرَ يُنَبِّهُهُ لِمَا يَغْفُلُ عَنْهُ وَيَدُلُّهُ مِنَ الْأَخْبَارِ عَلَى مَا لَعَلَّهُ أَنْ يَجْهَلَهَ ، فَأَمَّا أَنْ يُقَلِّدَ مُسْتَنِيرًا، فَلَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ هَذَا لِأَحَدٍ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم»

ص: 228

‌اجْتِهَادُ الْحَاكِمِ

ص: 230

19758 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: " {وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ فَفَهَّمْنَاهَا

⦗ص: 231⦘

سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا}

19759 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَالَ الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ: لَوْلَا هَذِهِ الْآيَةُ لَرَأَيْتُ أَنَّ الْحُكَّامَ قَدْ هَلَكُوا، وَلَكِنَّ اللَّهَ حَمِدَ هَذَا بِصَوَابِهِ، وَأَثْنَى عَلَى هَذَا بِاجْتِهَادِهِ

ص: 230

19760 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي قَيْسٍ، مَوْلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ فَأَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ» ،

19761 -

وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، عَنْ يَزِيدَ بْنَ الْهَادِ قَالَ: فَحَدَّثْتُ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَبَا بَكْرِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ قَالَ: هَكَذَا حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، مِنْ حَدِيثِ الدَّرَاوَرْدِيِّ، وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، مِنْ حَدِيثِ حَيْوَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِ

ص: 231

19762 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ

⦗ص: 232⦘

الشَّافِعِيُّ رحمه الله فِي " الْمُجْتَهِدِينَ إِذَا اخْتَلَفُوا وَكَانُوا مِمَّنْ لَهُ الِاجْتِهَادُ، وَذَهَبُوا مَذْهَبًا مُحْتَمَلًا: لَا يَجُوزُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنْ يُ قَالَ: أَخْطَأَ مُطْلَقًا، وَلَكِنْ يُقَالُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ: قَدْ أَطَاعَ فِيمَا كُلِّفَ وَأَصَابَ فِيهِ، وَلَمْ يُكَلَّفْ عِلْمَ الْغَيْبِ الَّذِي لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ، وَجَعَلَ مِثَالَ ذَلِكَ الْقِبْلَةَ إِذَا اجْتَهَدُوا فِيهَا، فَاخْتَلَفُوا "، وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ،

19763 -

ثُمَّ قَالَ: فَإِنْ قِيلَ: فَيَلْزَمُ أَحَدَهُمَا اسْمُ الْخَطَأِ قِيلَ أَمَّا فِيمَا كُلِّفَ فَلَا، وَأَمَّا خَطَأُ عَيْنِ الْبَيْتِ فَنَعَمْ؛ لِأَنَّ الْبَيْتَ لَا يَكُونُ فِي جِهَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ، فَإِنْ قِيلَ: فَيَكُونُ مُطِيعًا بِالْخَطَأِ، قِيلَ هَذِهِ مَسْأَلَةُ جَاهِلٍ يَكُونُ مُطِيعًا بِالصَّوَابِ لِمَا كُلِّفَ مِنَ الِاجْتِهَادِ، وَغَيْرُ آثِمٍ بِالْخَطَأِ إِذَا لَمْ يُكَلَّفْ صَوَابَهُ لِمَغِيبِ الْعَيْنِ عَنْهُ،

19764 -

وَقَالَ فِي حَدِيثِ الِاجْتِهَادِ: «إِذَا اجْتَهَدَ» ، فَجَمَعَ الصَّوَابَ بِالِاجْتِهَادِ، وَصَوَابُ الْعَيْنِ الَّتِي اجْتَهَدَ كَانَتْ لَهُ حَسَنَتَانِ، وَإِنْ أَصَابَ بِالِاجْتِهَادِ وَأَخْطَأَ الْعَيْنَ الَّتِي أُمِرَ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي طَلَبِهَا كَانَتْ لَهُ حَسَنَةٌ، وَلَا يُثَابُ مَنْ يُؤَدِّي فِي أَنْ يُخْطِئَ الْعَيْنَ، وَمَنْ يُؤَدِّي فَيُخْطِئُ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْهُ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى مَا وَصَفْتُ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يُكَلَّفْ صَوَابَ الْعَيْنِ فِي حَالٍ

19765 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: مَنْ حَكَمَ أَوْ أَفْتَى بِخَبَرٍ لَازِمٍ أَوْ قَاسَ عَلَيْهِ فَقَدْ أَتَى مَا كُلِّفَ، وَحَكَمَ وَأَفْتَى مِنْ حَيْثُ أُمِرَ، فَكَانَ فِي النَّصِّ مُؤَدِّيًا مَا أُمِرَ بِهِ نَصًّا، وَفِي الْقِيَاسِ مُؤَدِّيًا مَا أُمِرَ بِهِ اجْتِهَادًا، وَكَانَ مُطِيعًا لِلَّهِ فِي الْأَمْرَيْنِ، ثُمَّ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَهُمْ بِطَاعَةِ اللَّهِ، ثُمَّ رَسُولِهِ، ثُمَّ الِاجْتِهَادِ، فَيُرْوَى أَنَّهُ قَالَ لِمُعَاذٍ:«بِمَ تَقْضِي؟» قَالَ: بِكِتَابِ اللَّهِ قَالَ: «فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فِي كِتَابِ اللَّهِ؟» قَالَ: فَبِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «فَإِنْ لَمْ يَكُنْ؟» قَالَ: أَجْتَهِدُ قَالَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَفَّقَ رَسُولَ رَسُولِهِ»

⦗ص: 233⦘

19766 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَمَنِ اسْتَجَازَ أَنْ يَحْكُمَ أَوْ يُفْتِيَ بِلَا خَبَرٍ لَازِمٍ وَلَا قِيَاسٍ عَلَيْهِ كَانَ مَحْجُوجًا، فَإِنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: أَفْعَلُ مَا هَوَيْتُ، وَإِنْ لَمْ أُومَرْ بِهِ. وَقَدْ قَضَى اللَّهُ عز وجل بِخِلَافِ مَا قَالَ، وَلَمْ يَتْرُكْ أَحَدًا إِلَّا مُتَعَبِّدًا

19767 -

قَالَ اللَّهُ عز وجل: {أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى} [القيامة: 36]، فَلَمْ يَخْتَلِفْ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْقُرْآنِ فِيمَا عَلِمْتُ أَنَّ السُّدَى: الَّذِي لَا يُؤْمَرُ وَلَا يُنْهَى

19768 -

قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ رُوِّينَا هَذَا التَّفْسِيرَ عَنْ مُجَاهِدٍ،

19769 -

وَرُوِّينَا مَعْنَاهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ

ص: 231

‌إِذَا اجْتَهَدَ الْحَاكِمُ، ثُمَّ رَأَى أَنَّ اجْتِهَادَهُ خَالَفَ كِتَابًا، أَوْ سُنَّةً، أَوْ إِجْمَاعًا، أَوْ شَيْئًا فِي مَعْنَى هَذَا

ص: 234

19770 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: رَدَّهُ، وَلَا يَسَعُهُ غَيْرُ ذَلِكَ

19771 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ حَرْمَلَةَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ» أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ الْجُرْجَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا أَبِي. . . فَذَكَرَهُ مِثْلَهُ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ، وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ

19772 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَحْتَمِلُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ، وَيَحْتَمِلُ غَيْرَهُ لَمْ يَرُدَّهُ. . . .، وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ

19773 -

وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فِي مَسْأَلَةِ الْمُشْرِكَةِ أَنَّهُ لَمَّا أَشْرَكَ

⦗ص: 235⦘

الْإِخْوَةَ مِنَ الْأَبِ وَالْأُمِّ مَعَ الْإِخْوَةِ مِنَ الْأُمِّ فِي الثُّلُثِ قِيلَ لَهُ: لَقَدْ قَضَيْتَ عَامَ أَوَّلَ بِغَيْرِ هَذَا؟ قَالَ: «تِلْكَ عَلَى مَا قَضَيْنَا، وَهَذِهِ عَلَى مَا قَضَيْنَا» ،

19774 -

وَرُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنْ غَيْرِهِ

ص: 234

‌الْمَسْأَلَةُ عَنِ الشُّهُودِ

19775 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ بَعْدَ ذِكْرِ كَيْفِيَّةِ مَسْأَلَةِ الْقَاضِي عَنْ أَحْوَالِ الشُّهُودِ: وَلَا يُقْبَلُ الْجَرْحُ إِلَّا بِالشَّهَادَةِ مِنَ الْجَارِحِ عَلَى الْمَجْرُوحِ وَبِالسَّمَاعِ أَوِ الْعِيَانِ،

19776 -

وَأَكْثَرُ مَنْ نُسِبَ إِلَى أَنْ تَجُوزَ شَهَادَتُهُ نَفْيًا حَتَّى يَعْدُوَ الْيَسِيرَ الَّذِي لَا يَكُونُ جَرْحًا جَرَحَهُ،

19777 -

وَحَكَى فِيهِ حِكَايَةَ الرَّجُلِ الصَّالِحِ الَّذِي جَرَحَ رَجُلًا بِأَنْ رَآهُ بَالَ قَائِمًا

19778 -

قَالَ: وَلَا يُقْبَلُ التَّعْدِيلُ إِلَّا بِأَنْ يُوقَفَ الْمُعَدَّلُ عَلَيْهِ فَيَقُولُ: عَدِّلْ عَلَيَّ وَلِي، ثُمَّ لَا يُقْبَلُ ذَلِكَ هَكَذَا حَتَّى يَسْأَلَهُ عَنْ مَعْرِفَتِهِ بِهِ، فَإِنْ كَانَتْ مَعْرِفَتُهُ بَاطِنَةً مُتَقَادِمَةً قُبِلَ ذَلِكَ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَتْ حَادِثَةً ظَاهِرَةً لَمْ يُقْبَلْ ذَلِكَ مِنْهُ

19779 -

قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ رُوِّينَا عَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّهُ قَالَ: مَرَّ رَجُلٌ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «مَنْ يَعْرِفُهُ؟» ، فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا أَعْرِفُهُ بِوَجْهِهِ، وَلَا أَعْرِفُهُ بِاسْمِهِ قَالَ

⦗ص: 237⦘

: «لَيْسَتْ تِلْكَ مَعْرِفَةً»

ص: 236

19780 -

وَرُوِّينَا عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُسْهِرٍ، عَنْ خَرَشَةَ بْنِ الْحُرِّ قَالَ: شَهِدَ رَجُلٌ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ شَهَادَةً، فَقَالَ لَهُ:«لَسْتُ أَعْرِفُكَ، وَلَا يَضُرُّكَ أَنْ لَا أَعْرِفَكَ، ائْتَ بِمَنْ يَعْرِفُكَ» ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: أَنَا أَعْرِفُهُ قَالَ: «بِأَيِّ شَيْءٍ تَعْرِفُهُ؟» قَالَ: بِالْعَدَالَةِ وَالْفَضْلِ قَالَ: «فَهُوَ جَارُكَ الْأَدْنَى الَّذِي تَعْرِفُ لَيْلَهُ وَنَهَارَهُ، وَمَدْخَلَهُ وَمَخْرَجَهُ؟» قَالَ: لَا قَالَ: «فَمُعَامِلُكَ بِالدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ اللَّذَيْنِ بِهِمَا يُسْتَدَلُّ عَلَى الْوَرَعِ؟» قَالَ: لَا قَالَ: «فَرَفِيقُكَ فِي السَّفَرِ الَّذِي يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ؟» قَالَ: لَا قَالَ: «فَلَسْتَ تَعْرِفُهُ» ، ثُمَّ قَالَ لِلرَّجُلِ:«ائْتَ بِمَنْ يَعْرِفُكَ» أَخْبَرَنَاهُ الْإِمَامُ أَبُو الْفَتْحِ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ السُّرَيْجِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ، حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ. . . .، فَذَكَرَهُ

ص: 237

19781 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِيمَا بَلَغَهُ، عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ حُجْرِ بْنِ عَنْبَسٍ قَالَ:" شَهِدَ رَجُلَانِ عِنْدَ عَلِيٍّ عَلَى رَجُلٍ، فَقَالَ السَّارِقُ: لَوْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَيًّا أُنْزِلَ عُذْرِي مِنَ السَّمَاءٍ، فَأَمَرَ النَّاسَ فَصُرِفُوا حَتَّى اخْتَلَطُوا، ثُمَّ دَعَا الشَّاهِدَيْنِ فَلَمْ يَأْتِيَا فَدَرَأَ الْحَدَّ "

19782 -

أَوْرَدَهُ فِيمَا أَلْزَمَ الْعِرَاقِيِّينَ فِي خِلَافِ عَلِيٍّ

ص: 237

19783 -

وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِيمَا بَلَغَهُ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ طَرِيفٍ الْأَسَدِيِّ قَالَ: دَخَلَ عَلِيٌّ

⦗ص: 238⦘

بَيْتَ الْمَالِ فَأَضْرَطَ بِهِ وَقَالَ: «لَا أُمْسِي وَفِيكَ دِرْهَمٌ» ، فَأَمَرَ رَجُلًا مِنْ بَنِي أَسَدٍ، فَقَسَمَهُ إِلَى اللَّيْلٍ، فَقَالَ النَّاسُ: لَوْ عَوَّضْتَهُ، فَقَالَ:«إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَلَكِنَّهُ سُحْتٌ»

19784 -

وَهَذَا أَيْضًا أَوْرَدَهُ فِيمَا أَلْزَمَهُمْ فِي خِلَافِ عَلِيٍّ،

19785 -

وَهَذَا إِسْنَادٌ ضَعِيفٌ: مُوسَى بْنُ طَرِيفٍ غَيْرُ مُحْتَجٍّ بِهِ،

19786 -

وَقَدْ قِيلَ: عَنْهُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيٍّ

19787 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَا نَرَى عَلِيًّا يُعْطِي شَيْئًا يَرَاهُ سُحْتًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ

19788 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ: فِي الْقِسْمَةِ إِذَا أَرَادَهَا بَعْضُهُمْ وَهُوَ ضَرَرٌ عَلَى كُلِّهِمْ فَلَا يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ قَالَ: وَهَذَا قَوْلُ مَنْ لَقِينَا

ص: 237

19789 -

وَقَدْ رَوَى فِيهِ ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ صِدِّيقِ بْنِ مُوسَى، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، أَوْ عَنْ أَبِي بَكْرٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا تَعْضِيَةَ عَلَى أَهْلِ الْمِيرَاثِ إِلَّا فِيمَا حَمَلَ الْقَسْمُ» أَخْبَرَنَاهُ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّزَّازُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الرِّيَاحِيُّ، حَدَّثَنَا رَوْحٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي صِدِّيقُ بْنُ مُوسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ

⦗ص: 239⦘

أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَهُ

19790 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَا يَكُونُ مِثْلُ هَذَا الْحَدِيثِ حُجَّةً؛ لِأَنَّهُ ضَعِيفٌ، وَهُوَ قَوْلُ مَنْ لَقِينَا مِنْ فُقَهَائِنَا

19791 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَضَعُفَ هَذَا لِانْقِطَاعِهِ، فَأَمَّا رُوَاتُهُ فَكُلُّهُمْ ثِقَاتٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ

ص: 238

‌مَا عَلَى الْقَاضِي فِي الْخُصُومِ وَالشُّهُودِ

ص: 240

19792 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّغَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كُنَاسَةَ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ بَرْقَانَ، عَنْ مَعْمَرٍ الْبَصْرِيِّ، عَنْ أَبِي الْعَوَّامِ الْبَصْرِيِّ قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه إِلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ: «إِنَّ الْقَضَاءَ فَرِيضَةٌ مُحْكَمَةٌ وَسُنَّةٌ مُتَّبَعَةٌ، فَافْهَمْ إِذَا أُدْلِيَ إِلَيْكَ فَإِنَّهُ لَا يَنْفَعُ تَكَلُّمٌ بِحَقٍّ لَا نَفَاذَ لَهُ، وَآسِ بَيْنَ النَّاسِ فِي وَجْهِكَ، وَمَجْلِسِكَ، وَقَضَائِكَ، حَتَّى لَا يَطْمَعَ شَرِيفٌ فِي حَيْفِكَ، وَلَا يَيْأَسَ ضَعِيفٌ مِنْ عَدْلِكَ، الْبَيِّنَةُ عَلَى مَنِ ادَّعَى، وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ، وَالصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، إِلَّا صُلْحًا أَحَلَّ حَرَامًا أَوْ حَرَّمَ حَلَالًا، وَمَنِ ادَّعَى حَقًّا غَائِبًا أَوْ بَيِّنَةً فَاضْرِبْ لَهُ أَمَدًا يَنْتَهِي إِلَيْهِ، فَإِنْ جَاءَ بِبَيِّنَتِهِ أَعْطَيْتَهُ حَقَّهُ، فَإِنْ أَعْجَزَهُ ذَلِكَ اسْتَحْلَلْتَ عَلَيْهِ الْقَضِيَّةَ، فَإِنَّ ذَلِكَ أَبْلَغُ لِلْعُذْرِ وَأَجْلَى لِلْعَمَى، وَلَا يَمْنَعْكَ مِنْ قَضَاءٍ قَضَيْتَهُ الْيَوْمَ فَرَجَعْتَ فِيهِ لِرَأْيِكَ، وَهُدِيتَ فِيهِ لِرُشْدِكَ أَنْ تُرَاجِعَ الْحَقَّ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ قَدِيمٌ لَا يُبْطِلُ الْحَقَّ شَيْءٌ، وَمُرَاجَعَةُ الْحَقِّ خَيْرٌ مِنَ التَّمَادِي فِي الْبَاطِلِ، وَالْمُسْلِمُونَ عُدُولٌ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الشَّهَادَةِ إِلَّا مَجْلُودٌ فِي حَدٍّ أَوْ مُجَرَّبٌ عَلَيْهِ شَهَادَةُ الزُّورِ أَوْ ظِنِّينٌ فِي وَلَاءٍ أَوْ قَرَابَةٍ، فَإِنَّ اللَّهَ عز وجل تَوَلَّى مِنَ الْعِبَادِ السَّرَائِرَ وَسَتَرَ عَلَيْهِمُ الْحُدُودَ إِلَّا بِالْبَيِّنَاتِ وَالْأَيْمَانِ، ثُمَّ الْفَهْمَ فِيمَا أُدِّيَ إِلَيْكَ مِمَّا لَيْسَ فِي قُرْآنٍ أَوْ سُنَّةٍ، ثُمَّ قَايِسِ الْأُمُورَ عِنْدَ ذَلِكَ، وَأَعْرِفِ الْأَمْثَالَ وَالْأَشْبَاهَ، ثُمَّ اعْهَدْ إِلَى أَحَبِّهَا إِلَى اللَّهِ فِيمَا تَرَى وَأَشْبَهِهَا بِالْحَقِّ، وَإِيَّاكَ وَالْغَضَبَ، وَالْقَلَقَ، أَوِ الضَّجَرَ وَالتَّأَذِّي بِالنَّاسِ عِنْدَ الْخُصُومَةِ وَالتَّنَكُّرِ، فَإِنَّ الْقَضَاءَ فِي مَوَاطِنِ الْحَقِّ يُوجِبُ اللَّهُ بِهِ الْأَجْرَ وَيُحْسِنُ بِهِ الذُّخْرَ، فَمَنْ

⦗ص: 241⦘

خَلُصَتْ نِيَّتُهُ فِي الْحَقِّ وَلَوْ عَلَى نَفْسِهِ كَفَاهُ اللَّهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ، وَمَنْ تَزَيَّنَ لَهُمْ بِمَا لَيْسَ فِي قَلْبِهِ شَانَهُ اللَّهُ، فَإِنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى لَا يَقْبَلُ مِنَ الْعِبَادِ إِلَّا مَا كَانَ لَهُ خَالِصًا، وَمَا ظَنُّكَ بِثَوَابِ غَيْرِ اللَّهِ فِي عَاجِلِ رِزْقِهِ وَخَزَائِنِ رَحْمَتِهِ؟»

19793 -

وَهَذَا الْكِتَابُ قَدْ رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ أَبِي بُرْدَةَ،

19794 -

وَرُوِيَ عَنْ أَبِي الْمُلَيْحِ الْهُذَلِيِّ أَنَّهُ رَوَاهُ،

19795 -

وَهُوَ كِتَابٌ مَعْرُوفٌ مَشْهُورٌ لَابُدَّ لِلْقُضَاةِ مِنْ مَعْرِفَتِهِ وَالْعَمَلِ بِهِ

19796 -

وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ قَالَ:«قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ الْخَصْمَيْنِ يَقْعُدَانِ بَيْنَ يَدَيِ الْحَاكِمِ»

ص: 240

19797 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدُ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ حَنَشٍ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْيَمَنِ قَاضِيًا، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ تُرْسِلُنِي وَأَنَا حَدِيثُ السِّنِّ، وَلَا عِلْمَ لِي بِالْقَضَاءِ؟ فَقَالَ:«إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَزَّ سَيَهْدِي قَلْبَكَ، وَيُثَبِّتُ لِسَانَكَ، فَإِذَا جَلَسَ بَيْنَ يَدَيْكَ الْخَصْمَانِ فَلَا تَقْضِيَنَّ حَتَّى تَسْمَعَ مِنَ الْآخَرَ كَمَا سَمِعْتَ مِنَ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يَتَبَيَّنَ لَكَ الْقَضَاءُ»

19798 -

قَالَ: فَمَا زِلْتُ قَاضِيًا، أَوْ مَا شَكَكْتُ فِي قَضَاءٍ بَعْدُ

19799 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْعُمَرِيُّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

⦗ص: 242⦘

مُرْسَلًا: أَنَّهُ " لَمَّا اسْتَعْمَلَ عَلِيًّا عَلَى الْيَمَنِ قَالَ لَهُ: قَدِّمِ الْوَضِيعَ قَبْلَ الشَّرِيفِ، وَقَدِّمِ الضَّعِيفَ قَبْلَ الْقَوِيِّ "

ص: 241

19800 -

وَقَالَ الْمُزَنِيُّ: قَرَأْتُ فِي «الْجَامِعِ» : قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَخْنَسِيِّ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" أَدِّ حَقَّ الضَّعِيفَيْنِ: الْأَرْمَلَةِ، وَالْمِسْكِينِ "، هَذَا فِيمَا رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنِ الْأَخْنَسِيِّ

ص: 242

19801 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْمُقْرِئُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" اللَّهُمَّ إِنِّي أُحَرِّجُ حَقَّ الضَّعِيفَيْنِ: الْمَرْأَةِ وَالْيَتِيمِ "

19802 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُضِيفَ الْخَصْمَ إِلَّا وَخَصْمُهُ مَعَهُ

19803 -

قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ رُوِّينَا عَنْ عَلِيٍّ مَرْفُوعًا فِي «النَّهْيِ عَنْ أَنْ يُضِّيفَ الْخَصْمَ إِلَّا وَمَعَهُ خَصْمُهُ» .

19804 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ هَدِيَّةً، وَإِنْ كَانَ أَهْدَى لَهُ قَبْلَ ذَلِكَ حَتَّى تَنْفُذَ خُصُومَتُهُ.

19805 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَقَدْ مَضَى مَا رَوَى الشَّافِعِيُّ، فِيهِ مِنَ الْأَخْبَارِ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ

ص: 242

19806 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ

⦗ص: 243⦘

قَالَ: حَدَّثَنَا عَبَّاسٌ الدُّورِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ:«لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الرَّاشِيَ وَالْمُرْتَشِيَ» ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابِ السُّنَنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ

ص: 242

19807 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ هِنْدَ بِنْتَ عُتْبَةَ أَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ، وَلَيْسَ لِي مِنْهُ إِلَّا مَا يَدْخُلُ عَلَيَّ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ»

19808 -

وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِهَذَا فِيمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله مِنَ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ وَمِنْ قَضَاءِ الْقَاضِي بِعِلْمِهِ، وَقَدْ قَالَ فِي الْقَوْلِ الْآخَرِ: لَا يَقْضِي بِعِلْمِهِ وَحَكَاهُ عَنْ شُرَيْحِ قَالَ: قَدْ جَاءَهُ رَجُلٌ يُعْلَمُ لَهُ حَقٌّ فَسَأَلَهُ أَنْ يَقْضِيَ لَهُ بِهِ، فَقَالَ: ائْتِنِي بِشَاهِدَيْنِ إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ أَنْ أَقْضِيَ لَكَ قَالَ: أَنْتَ تَعْلَمُ حَقِّي قَالَ: فَاذْهَبْ إِلَى الْأَمِيرِ وَأَشْهَدُ لَكَ

19809 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله فِي الرَّجُلِ إِذَا أَقَرَّ بِأَنْ قَدْ شَهِدَ بِزُورٍ، أَوْ عَلِمَ الْقَاضِي يَقِينًا أَنْ قَدْ شَهِدَ بِزُورٍ عَزَّرَهُ وَشَهَرَ بِأَمْرِهِ، وَوَقَفَهُ - يَعْنِي فِي مَسْجِدِهِ أَوْ قَبِيلِهِ أَوْ سُوقِهِ - وَقَالَ: إِنَّا وَجَدْنَا هَذَا شَاهِدَ زُورٍ فَاعْرِفُوهُ وَاحْذَرُوهُ

⦗ص: 244⦘

،

19810 -

وَحَكَاهُ عَنْ بَعْضِ الْعِرَاقِيِّينَ، عَنِ الْهَيْثَمِ، عَنْ شُرَيْحٍ

19811 -

وَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، أَنَّهُ «أُتِيَ بِشَاهِدِ زُورٍ فَوَقَفَهُ لِلنَّاسِ يَوْمًا إِلَى اللَّيْلِ» ،

19812 -

وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: " فَجَلَدَهُ وَأَقَامَهُ لِلنَّاسِ، وَقَالَ: هَذَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ شَهِدَ بِزُورٍ فَاعْرِفُوهُ، ثُمَّ حَبَسَهُ ".

19813 -

وَرُوِّينَا عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ:«لَمَّا تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا نَزَلَ بِهِ عُذْرِي عَلَى النَّاسِ أَمَرَ بِرَجُلَيْنِ وَامْرَأَةٍ مِمَّنْ كَانَ بَاءَ بِالْفَاحِشَةِ، فَجُلِدُوا الْحَدَّ» ،

19814 -

وَفِي ذَلِكَ دَلَالَةٌ عَلَى جَوَازِ الْحُكْمِ لِزَوْجَتِهِ عَلَى خَصْمِهَا، وَإِذَا جَازَ حُكْمُهُ لَهَا جَازَتْ شَهَادَتُهُ لَهَا كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله، وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ

ص: 243

‌42 - كِتَابُ الشَّهَادَاتِ

ص: 247

‌الشَّهَادَةُ فِي الْبُيُوعِ

ص: 247

19815 -

أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، إِجَازَةً أَنَّ أَبَا الْعَبَّاسِ، حَدَّثَهُمْ، عَنِ الرَّبِيعِ، عَنِ الشَّافِعِيِّ رحمه الله قَالَ: قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: " {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [البقرة: 282]،

19816 -

فَاحْتَمَلَ أَمْرُ اللَّهِ بِالْإِشْهَادِ عِنْدَ الْبَيْعِ أَمْرَيْنِ، أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ دَلَالَةً عَلَى مَا فِيهِ الْحَظُّ بِالشَّهَادَةِ، وَمُبَاحٌ تَرْكُهَا لَا حَتْمًا يَكُونُ مَنْ تَرَكَهُ عَاصِيًا بِتَرْكِهِ، وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ حَتْمًا مِنْهُ يَعْصِي مَنْ تَرَكَهُ بِتَرْكِهِ "،

19817 -

وَالَّذِي أَخْتَارُ أَنْ لَا يَدَعَ الْمُتَبَايعَانِ الْإِشْهَادَ،

19818 -

ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ فِي فَوَائِدِ الْإِشْهَادِ، وَأَنَّ الشَّهَادَةَ سَبَبُ قَطْعِ التَّظَالُمِ وَتَثْبِيتِ الْحُقُوقِ، وَكُلُّ أَمْرِ اللَّهِ، ثُمَّ أَمْرِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم الْخَيْرُ الَّذِي لَا يَعْتَاضُ مِنْهُ مَنْ تَرَكَهُ

19819 -

قَالَ: وَالَّذِي يُشْبِهُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَإِيَّاهُ أَسْأَلُ التَّوْفِيقَ - أَنْ يَكُونَ دَلَالَةً لَا حَتْمًا،

19820 -

وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ اللَّهِ عز وجل: {أَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: 275]

19821 -

قَالَ: فَذَكَرَ أَنَّ الْبَيْعَ حَلَالٌ، وَلَمْ يَذْكُرْ مَعَهُ بَيِّنَهً، وَقَالَ فِي آيَةِ الدَّيْنِ وَالدَّيْنُ تَبَايُعٌ:{إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} [البقرة: 282]

⦗ص: 248⦘

19822 -

ثُمَّ قَالَ فِي سِيَاقِ الْآيَةِ: {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ} [البقرة: 283]،

19823 -

فَلَمَّا أَمَرَ إِذْ لَمْ يَجِدُوا كَاتِبًا بِالرَّهْنِ، ثُمَّ أَبَاحَ تَرْكَ الرَّهْنِ، فَقَالَ:{فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ} [البقرة: 283]، دَلَّ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ الْأَوَّلَ دَلَالَةٌ عَلَى الْحَظِّ لَا فَرْضًا مِنْهُ يَعْصِي مَنْ تَرَكَهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ

19824 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: وَقَدْ حُفِظَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ بَايَعَ أَعْرَابِيًّا فِي فَرَسٍ، فَجَحَدَ الْأَعْرَابِيُّ بِأَمْرِ بَعْضِ الْمُنَافِقِينَ، وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا بَيِّنَةٌ، فَلَوْ كَانَ حَتْمًا لَمْ يُبَايِعْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِلَا بَيِّنَةٍ "

ص: 247

19825 -

أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ قُرْقُوبٍ التَّمَّارُ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنِي شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ، أَنَّ عَمَّهُ حَدَّثَهُ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم " ابْتَاعَ فَرَسًا مِنْ أَعْرَابِيٍّ فَاسْتَتْبَعَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِيَقْضِيَهُ عَنْ فَرَسِهِ، فَأَسْرَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَشْيَ وَأَبْطَأَ الْأَعْرَابِيُّ، فَطَفِقَ رِجَالٌ يَعْتَرِضُونَ الْأَعْرَابِيَّ فَيُسَاوِمُونَهُ بِالْفَرَسِ لَا يَشْعُرُونَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ابْتَاعَهُ، فَنَادَى الْأَعْرَابِيُّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنْ كُنْتَ مُبْتَاعًا هَذَا الْفَرَسَ وَإِلَّا بِعْتُهُ، فَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حِينَ سَمِعَ نِدَاءَ الْأَعْرَابِيِّ، فَقَالَ:«أَوَلَيْسَ قَدِ ابْتَعْتُهُ مِنْكَ؟» قَالَ الْأَعْرَابِيُّ: لَا وَاللَّهِ مَا بِعْتُكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«بَلَى، قَدِ ابْتَعْتُهُ مِنْكَ» ، فَطَفِقَ الْأَعْرَابِيُّ يَقُولُ: هَلُمَّ شَهِيدًا، فَقَالَ خُزَيْمَةُ: أَنَا أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَايَعْتَهُ، فَأَقْبَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى خُزَيْمَةَ، فَقَالَ:«بِمَ تَشَهَدُ؟» ، فَقَالَ: بِتَصْدِيقِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَجَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم شَهَادَةَ خُزَيْمَةَ شَهَادَةَ رَجُلَيْنِ

⦗ص: 249⦘

،

19826 -

وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ زُرَارَةَ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ، عَنْ أَبِيهِ،

19827 -

وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّهُ تَلَا:{إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجْلٍ مُسَمًّى} [البقرة: 282] حَتَّى إِذَا بَلَغَ: {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} [البقرة: 283] قَالَ: هَذِهِ نَسَخَتْ مَا قَبْلَهَا

19828 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَلَيْسَ هَذَا نَسْخًا عَلَى الْحَقِيقَةِ، وَلَكِنَّهُ تَبْيِينُ أَنَّ الْأَمْرَ بِمَا قَبْلَهُ عَلَى الِاخْتِيَارِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ

ص: 248

‌الْإِشْهَادُ عِنْدَ الدَّفْعِ إِلَى الْيَتَامَى

19829 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: قَالَ اللَّهُ عز وجل: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا} [النساء: 6]

19830 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: فِي قَوْلِهِ {وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا} [النساء: 6] كَالدَّلِيلِ عَلَى الْإِرْخَاصِ فِي تَرْكِ الْإِشْهَادِ، فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ:{كَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا} [النساء: 6]، أَيْ لَمْ يُشْهِدُوا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ،

19831 -

وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِي أَنَّهُ «قَدْ يَكُونُ الْمَعْنَى فِي أَمْرِ الْوَلِيِّ بِالْإِشْهَادِ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَبْرَأُ بِالْإِشْهَادِ عَلَيْهِ إِنْ جَحَدَهُ الْيَتِيمُ، وَلَا يَبْرَأُ بِغَيْرِهِ، وَقَدْ يَكُونُ مَأمُورًا بِالْإِشْهَادِ عَلَيْهِ عَلَى الدَّلَالَةِ»

ص: 250

19833 -

أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ سَعْدًا قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ وَجَدْتُ مَعَ امْرَأَتِي رَجُلًا، أُمْهِلُهُ حَتَّى آتِيَ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«نَعَمْ»

19834 -

وَذَكَرَ حَدِيثَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا، فَقَتَلَهُ أَوْ قَتَلَهَا، فَقَالَ:«إِنْ لَمْ يَأْتِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَلْيُعْطَ بِرُمَّتِهِ» وَقَدْ مَضَى إِسْنَادُهُ

19835 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَشَهِدَ ثَلَاثَةٌ عَلَى رَجُلٍ عِنْدَ عُمَرَ بِالزِّنَا، وَلَمْ يُثْبِتِ الرَّابِعُ فَجَلَدَ الثَّلَاثَةَ

ص: 251

19836 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الْفَقِيهُ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ هُوَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، عَنِ ابْنِ عُلَيَّةَ، عَنِ التَّيْمِيِّ، عَنْ

⦗ص: 252⦘

أَبِي عُثْمَانَ قَالَ: لَمَّا شَهِدَ أَبُو بَكْرَةَ وَصَاحِبَاهُ عَلَى الْمُغِيرَةِ جَاءَ زِيَادٌ، فَقَالَ عُمَرُ: رَجُلٌ إِنْ يَشْهَدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ إِلَّا بِحَقٍّ، فَقَالَ: رَأَيْتُ ابْتِهَارًا وَمَجْلِسًا سَيِّئًا، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ:«هَلْ رَأَيْتَ الْمِرْوَدَ دَخَلَ الْمِكْحَلَةَ؟» ، فَقَالَ: لَا، فَأَمَرَ بِهِمْ، فَجُلِدُوا

ص: 251

‌الشَّهَادَةُ فِي الطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةُ وَمَا فِي مَعْنَاهُمَا

19837 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: قَالَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقَوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2]،

19838 -

فَأَمَرَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِي الطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ بِالشَّهَادَةِ، وَسَمَّى فِيهَا عَدَدَ الشَّهَادَةِ، فَانْتَهَى إِلَى شَاهِدَيْنِ،

19839 -

فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ كَمَالَ الشَّهَادَةِ فِي الطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ شَاهِدَانِ،

19840 -

وَسَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ: وَذَلِكَ لَا يَحْتَمِلُ بِحَالٍ أَنْ يَكُونَ إِلَّا رَجُلَيْنِ، وَدَلَّ مَا وَصَفْتُ مِنْ أَنِّي لَمْ أَلْقَ مُخَالِفًا حَفِظْتُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ حَرَامًا أَنْ يُطَلِّقَ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ عَلَى أَنَّهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ دَلَالَةُ اخْتِيَارٍ لَا فَرْضٍ يَعْصِي بِهِ مَنْ تَرَكَهُ، وَيَكُونُ عَلَيْهِ أَدَاؤُهُ إِنْ فَاتَ فِي مَوْضِعِهِ، وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ

ص: 253

19841 -

أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الطَّبَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، أَنَّ رَجُلًا أَتَاهُ فَقَالَ: إِنِّي طَلَّقْتُ

⦗ص: 254⦘

امْرَأَتِي وَلَمْ أُشْهِدْ، وَرَاجَعْتُ وَلَمْ أُشْهِدْ، فَقَالَ:«طَلَّقْتَ فِي غَيْرِ عِدَّةٍ، وَرَاجَعْتَ فِي غَيْرِ سُنَّةٍ، أَشْهِدْ عَلَى طَلَاقِهَا، وَعَلَى رَجْعَتِهَا» ،

19842 -

وَرَوَاهُ أَيْضًا ابْنُ سِيرِينَ، عَنْ عِمْرَانَ قَالَ:«أَشْهِدِ الْآنَ» ،

19843 -

وَفِي ذَلِكَ كَالدَّلَالَةِ عَلَى جَوَازِ نُفُوذِهِمَا، وَجَوَازِ خُلُوِّهِمَا عَنِ الشَّهَادَةِ حِينَ قَالَ:«أَشْهِدِ الْآنَ»

ص: 253

‌الشَّهَادَةُ فِي الدَّيْنِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ

19844 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى: {إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} [البقرة: 282] الْآيَةَ، وَقَالَ فِي سِيَاقِهَا:{وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} [البقرة: 282]

⦗ص: 256⦘

19845 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَذَكَرَ اللَّهُ شُهُودَ الزِّنَا، وَذَكَرَ شُهُودَ الطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ، وَذَكَرَ شُهُودَ الْوَصِيَّةِ، فَلَمْ يَذْكُرْ مَعَهُمُ امْرَأَةً، فَوَجَدْنَا شُهُودَ الزِّنَا يَشْهَدُونَ عَلَى حَدٍّ لَا مَالٍ، وَشُهُودَ الطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ يَشْهَدُونَ عَلَى تَحْرِيمٍ بَعْدَ تَحْلِيلٍ، وَتَثْبِيتِ تَحْلِيلٍ لَا مَالَ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَذَكَرَ شُهُودَ الْوَصِيَّةِ وَلَا مَالَ لِلْمَشْهُودِ لَهُ أَنَّهُ وَصِيٌّ، ثُمَّ لَمْ أَعْلَمْ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ خَالَفَ فِي أَنْ لَا يَجُوزَ فِي الزِّنَا إِلَّا الرِّجَالُ، وَعَلِمْتُ أَكْثَرَهُمْ قَالَ: وَلَا فِي الطَّلَاقِ، وَلَا الرَّجْعَةِ إِذَا تَنَاكَرَ الزَّوْجَانِ، وَقَالُوا ذَلِكَ فِي الْوَصِيَّةِ، فَكَانَ مَا حَكَيْتُ مِنْ أَقَاوِيلِهِمِ دَلَالَةً عَلَى مُوَافَقَةِ ظَاهَرِ كِتَابِ اللَّهِ، وَكَانَ أَوْلَى الْأُمُورِ أَنْ يُصَارَ إِلَيْهِ وَيُقَاسَ عَلَيْهِ

19846 -

قَالَ: وَذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى شُهُودَ الدَّيْنِ، فَذَكَرَ مِنْهُمُ النِّسَاءَ، وَكَانَ الدَّيْنُ أَخْذُ مَالٍ مِنَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ،

19847 -

ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ فِي قِيَاسِ الْقِصَاصِ وَالْحَدِّ، وَغَيْرِهِمَا مِمَّا يُسْتَحَقُّ بِهِ غَيْرُ مَالٍ بِالطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ، وَمَا يُسْتَحِقُّ بِهِ مَالٌ بِالدَّيْنِ،

19848 -

ثُمَّ قَالَ: وَفِي الدَّيْنِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنْ لَا تَجُوزَ شَهَادَةُ النِّسَاءِ - حَيْثُ تُجِيزَهُنَّ - إِلَّا مَعَ رَجُلٍ، وَلَا يَجُوزُ مِنْهُنَّ إِلَّا امْرَأَتَانِ فَصَاعِدًا

19849 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَقَدْ رُوِّينَا فِي حَدِيثِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ فِي الرَّجُلِ الَّذِي قُتِلَ بِخَيْبَرَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«أَلَكُمْ شَاهِدَانِ يَشْهَدَانِ عَلَى قَتْلِ صَاحِبِكُمْ؟» ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنَّمَا هُمْ يَهُودٌ

⦗ص: 257⦘

19850 -

وَرُوِّينَا عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ، وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ» ،

19851 -

وَرُوِّينَاهُ عَنْ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ

ص: 255

‌حُكْمُ الْحَاكِمِ

ص: 258

19852 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدُ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ فَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُحَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، فَأَقْضِيَ لَهُ عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ مِنْهُ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِشَيْءٍ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ فَلَا يَأْخُذْ مِنْهُ» ، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ:«فَلَا يَأْخُذَنَّهُ، فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ» ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، عَنِ الْقَعْنَبِيِّ، عَنْ مَالِكٍ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، عَنْ هِشَامٍ

⦗ص: 259⦘

19853 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ: فَبِهَذَا نَقُولُ، وَفِي هَذَا الْبَيَانُ الَّذِي لَا إِشْكَالَ مَعَهُ بِحَمْدِ اللَّهِ وَنِعْمَتِهِ عَلَى عَالِمٍ، فَنَقُولُ: وَلِيُّ السَّرَائِرِ اللَّهُ تبارك وتعالى، فَالْحَلَالُ وَالْحَرَامُ عَلَى مَا يَعْلَمُ اللَّهُ، وَالْحُكْمُ عَلَى ظَاهِرِ الْأَمْرِ، وَافَقَ ذَلِكَ السَّرَائِرَ أَوْ خَالَفَهَا، فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا زَوَّرَ بَيِّنَةً عَلَى آخَرَ فَشَهِدُوا أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ مِائَةَ دِينَارٍ، فَقَضَى بِهَا الْقَاضِي لَمْ يَحِلَّ لِلْمَقْضِيِّ لَهُ أَنْ يَأخُذَهَا إِذَا عَلِمَهَا بَاطِلًا، وَلَا يَحِلُّ حُكْمُ الْحَاكِمِ عَلَى الْمَقْضِيِّ لَهُ وَالْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ، وَلَا يُجْعَلُ الْحَلَالُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَرَامًا، وَلَا الْحَرَامُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَلَالًا،

19854 -

ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ فِي الطَّلَاقِ وَالْبَيْعِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ عَلَى الْقِيَاسِ

19855 -

وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ شُرَيْحٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لِلرَّجُلِ:«إِنِّي لَأَقْضِي لَكَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ ظَالِمًا، وَلَكِنْ لَا يَسَعُنِي إِلَّا أَنْ أَقْضِيَ بِمَا يَحْضُرُنِي مِنَ السُّنَّةِ، وَإِنَّ قَضَائِي لَا يُحِلُّ لَكَ حَرَامًا»

ص: 258

‌شَهَادَةُ النِّسَاءِ لَا رَجُلَ مَعَهُنَّ

ص: 260

19856 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: الْوِلَادُ وَعِيُوبُ النِّسَاءِ مِمَّا لَمْ أَعْلَمْ مُخَالِفًا لَقِيتُهُ فِي أَنَّ شَهَادَةَ النِّسَاءِ فِيهِ جَائِزَةٌ لَا رَجُلَ مَعَهُنَّ

19857 -

ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ: ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي شَهَادَةِ النِّسَاءِ، فَأَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ قَالَ:«لَا يَجُوزُ فِي شَهَادَةِ النِّسَاءِ لَا رَجُلَ مَعَهُنَّ فِي أَمْرِ النِّسَاءِ أَقَلُّ مِنْ أَرْبَعِ عُدُولٍ» أَخْبَرَنَاهُ أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، فَذَكَرَهُ

19858 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَبِهَذَا نَأْخُذُ،

19859 -

وَذَكَرَ الْحُجَّةَ فِيهِ، وَحَكَى الْخِلَافَ عَمَّنْ أَجَازَ شَهَادَةَ الْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ فِي ذَلِكَ، وَقَوْلَ مَنْ قَالَ مِنْهُمْ

⦗ص: 261⦘

19860 -

فَأَمَّا مَا رُوِّينَا عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه: أَنَّهُ «أَجَازَ شَهَادَةَ الْقَابِلَةِ وَحْدَهَا»

19861 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: قُلْتُ: لَوْ ثَبُتَ عَنْ عَلِيٍّ، لَصِرْنَا إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَلَكِنَّهُ لَا يَثْبُتُ عِنْدَكُمْ، وَلَا عِنْدَنَا عَنْهُ،

19862 -

وَقَالَ أَحْمَدُ: هَذَا إِنَّمَا رَوَاهُ طَارِقٌ الْجُعْفِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ نُجَيٍّ، عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه، وَجَابِرٌ الْجَعْفِيُّ: ضَعِيفٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُجَيٍّ فِيهِ نَظَرٌ

ص: 260

19863 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَافِظُ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ بَطَّةَ الْأَصْبَهَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْأَشْعَرِيُّ الْأَصْبَهَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّد خُلَيْد الْكَرْمَانِيُّ الْمُلَقَّبُ، بِمِرْدَوَيْهِ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ، يَقُولُ: قَالَ الشَّافِعِيُّ. . . فَذَكَرَ مُنَاظَرَةً جَرَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عِنْدَ هَارُونَ الرَّشِيدِ قَالَ: فَقُلْتُ: «أَرَأَيْتَ بِأَيِّ شَيْءٍ قَضَيْتَ بِشَهَادَةِ الْقَابِلَةِ وَحْدَهَا حَتَّى وَرَّثْتَ مِنْ خَلِيفَةٍ مَلِكَ مُلْكًا، وَمَالًا عَظِيمًا؟» قَالَ: لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ،

19864 -

قُلْتُ: فَعَلِيٌّ إِنَّمَا رَوَاهُ عَنْهُ رَجُلٌ مَجْهُولٌ يُقَالُ لَهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُجَيٍّ، وَرَوَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ، وَكَانَ يُؤْمِنُ بِالرَّجْعَةِ قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: دَخَلْتُ عَلَى جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ فَسَأَلَنِي عَنْ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْكَهَنَةِ

ص: 261

19865 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: سَمِعْتُ الرَّبِيعَ بْنَ سُلَيْمَانَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ

⦗ص: 262⦘

الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ قَالَ: «سَمِعْتُ مِنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ كَلَامًا فَبَادَرْتُ، خِفْتُ أَنْ يَقَعَ السَّقْفُ»

19866 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَرَوَاهُ سُوَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ غَيْلَانَ بْنِ جَامِعٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَرْوَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيٍّ، وَسُوَيْدٌ هَذَا ضَعِيفٌ

19867 -

قَالَ إِسْحَاقُ الْحَنْظَلِيُّ: لَوْ صَحَّتْ شَهَادَةُ الْقَابِلَةِ عَنْ عَلِيٍّ لَقُلْنَا بِهِ، وَلَكِنَّ فِي إِسْنَادِهِ خَلَلٌ

ص: 261

19868 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَقَدْ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْوَاسِطِيُّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَدَائِنِيِّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «أَجَازَ شَهَادَةَ الْقَابِلَةِ» ،

19869 -

وَهَذَا لَا يَصِحُّ

19870 -

قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيُّ فِيمَا أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْهُ: أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَدَائِنِيُّ رَجُلٌ مَجْهُولٌ

ص: 262

19871 -

قَالَ أَحْمَدُ وَقَدْ رُوِّينَا فِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَغْلَبَ لِذِي لُبٍّ مِنْكُنَّ» قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا نُقْصَانُ الْعَقْلِ وَالدِّينِ؟ قَالَ: «أَمَّا نُقْصَانُ الْعَقْلِ فَشَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ تَعْدِلُ شَهَادَةَ رَجُلٍ فَهَذَا نُقْصَانُ الْعَقْلِ، وَتَمْكُثُ اللَّيَالِيَ مَا تُصَلِّي، وَتُفْطِرُ فِي رَمَضَانَ فَهَذَا نُقْصَانُ الدِّينِ»

⦗ص: 263⦘

أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ النَّسَوِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ الْهَادِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِهَذَا الْحَدِيثِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رُمْحٍ

ص: 262

‌شَهَادَةُ الْقَاذِفِ

ص: 264

19872 -

أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ إِجَازَةً أَنَّ أَبَا الْعَبَّاسِ، حَدَّثَهُمْ، عَنِ الرَّبِيعِ، عَنِ الشَّافِعِيِّ قَالَ:«تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمَحْدُودِينَ فِي الْقَذْفِ، وَفِي جَمِيعِ الْمَعَاصِي إِذَا تَابُوا»

19873 -

وَالْحُجَّةُ فِي قَبُولِ شَهَادَةِ الْقَاذِفِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِضَرْبِهِ، وَأَمَرَ أَنْ لَا تُقْبَلَ شَهَادَتُهُ، وَسَمَّاهُ فَاسِقًا، ثُمَّ اسْتَثْنَى لَهُ: إِلَّا أَنْ يَتُوبَ، وَالثُّنْيَا فِي سِيَاقِ الْكَلَامِ عَلَى أَوَّلِ الْكَلَامِ وَآخِرِهِ فِي جَمِيعِ مَا يَذْهَبُ إِلَيْهِ أَهْلُ الْفِقْهِ، إِلَّا أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ ذَلِكَ خَبَرٌ، وَلَيْسَ عِنْدَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ لَا يَقْبَلُ شَهَادَتَهُ، وَأَنَّ الثُّنْيَا لَهُ إِنَّمَا هِيَ عَلَى طَرْحِ اسْمِ الْفِسْقِ عَنْهُ خَبَرٌ إِلَّا عَنْ شُرَيْحٍ،

19874 -

وَهُمْ يُخَالِفُونَ شُرَيْحًا فِي رَأْىِ أَنْفُسِهِمْ

ص: 264

19875 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَأَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ، يَقُولُ: زَعَمَ أَهْلُ الْعِرَاقِ أَنَّ شَهَادَةَ الْقَاذِفِ لَا تَجُوزُ، فَأَشْهَدُ لَأَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ لِأَبِي بَكْرَةَ:«تُبْ تُقْبَلْ شَهَادَتُكَ، أَوْ إِنْ تُبْتَ قُبِلَتْ شَهَادَتُكَ»

ص: 264

19876 -

وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ، يُحَدِّثُ بِهِ هَكَذَا مِرَارًا، ثُمَّ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: شَكَكْتُ فِيهِ، فَلَمَّا قُمْتُ سَأَلْتُ، فَقَالَ لِي

⦗ص: 265⦘

عُمَرُ بْنُ قَيْسٍ، وَحَضَرَ الْمَجْلِسَ مَعِي: هُوَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، قُلْتُ لِسُفْيَانَ: أَشَكَكْتَ حِينَ أَخْبَرَكَ أَنَّهُ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ؟ قَالَ: لَا هُوَ كَمَا قَالَ غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ كَانَ دَخَلَنِي الشَّكُّ

19877 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَكَانَ سُفْيَانُ لَا يَشُكُّ أَنَّهُ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ قَالَ: وَغَيْرُهُ يَرْوِيهِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عُمَرَ

ص: 264

19878 -

قَالَ أَحْمَدُ: رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ، عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ كَثِيرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ عُمَرَ قَالَ لِأَبِي بَكْرَةَ، وَشِبْلِ بْنِ مَعْبَدٍ، وَنَافِعٍ:«مَنْ تَابَ مِنْكُمْ قَبِلْتُ شَهَادَتَهُ»

19879 -

وَرَوَاهُ الْأَوْزَاعِيُّ أَيْضًا، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ عُمَرَ، اسْتَتَابَ أَبَا بَكْرَةَ

ص: 265

19880 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: وَأَخْبَرَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، «لَمَّا جَلْدَ الثَّلَاثَةَ اسْتَتَابَهُمْ، فَرَجَعَ اثْنَانِ، فَقَبِلَ شَهَادَتَهُمَا، وَأَبَى أَبُو بَكْرَةَ أَنْ يَرْجِعَ فَرَدَّ شَهَادَتَهُ»

19881 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ: وَبَلَغَنِي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ «كانَ يُجِيزُ شَهَادَةَ الْقَاذِفِ إِذَا تَابَ»

19882 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَهَذَا فِي تَفْسِيرِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} [النور: 4]، ثُمَّ قَالَ:{إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} [البقرة: 160]، «فَمَنْ تَابَ وَأَصْلَحَ فَشَهَادَتُهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ تُقْبَلُ»

ص: 265

19883 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ

⦗ص: 266⦘

فِي " الْقَاذِفِ إِذَا تَابَ قَالَ: تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ " وَقَالَ: كُلُّنَا نَقُولُهُ: عَطَاءٌ، وَطَاوُسٌ، وَمُجَاهِدٌ

19884 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَسُئِلَ الشَّعْبِيُّ عَنِ الْقَاذِفِ، فَقَالَ: يَقْبَلُ اللَّهُ تَوْبَتَهُ، وَلَا تَقْبَلُونَ شَهَادَتَهُ

19885 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَهَذَا فِيمَا رَوَاهُ أَبُو حُصَيْنٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، وَرُوِّينَاهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، وَابْنِ شِهَابٍ، وَأَبِي الزِّنَادِ

19886 -

وَأَمَّا الَّذِي رُوِيَ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ خَائِنٍ، وَلَا خَائِنَةٍ، وَلَا مَحْدُودٍ فِي الْإِسْلَامِ، وَلَا ذِي غَمْرٍ عَلَى أَخِيهِ» ،

19887 -

فَهَذَا حَدِيثٌ ضَعِيفٌ، رَوَاهُ آدَمُ بْنُ فَائِدٍ، وَالْمُثَنَّى بْنُ الصَّبَّاحِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، وَآدَمُ، وَالْمُثَنَّى، لَا يُحْتَجُّ بِهِمَا،

19888 -

وَرُوِيَ مِنْ أَوْجُهٍ أُخَرَ كُلُّهَا ضَعِيفٌ. وَالْمُرَادُ بِهِ إِنْ صَحَّ قَبْلَ أَنْ يَتُوبَ كَمَا هُوَ الْمُرَادُ بِسَائِرِ مَنْ ذُكِرَ مَعَهُ

19889 -

وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِمَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنْ كِتَابِ عُمَرَ إِلَى أَبِي مُوسَى، فَهُوَ الْقَائِلُ لِأَبِي بَكْرَةَ:«تُبْ تُقْبَلْ شَهَادَتُكَ»

19890 -

وَرُوِّينَا عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّ «رَجُلًا مِنْ قُرَيْشٍ سَرَقَ نَاقَةً، فَقَطَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ، وَكَانَ جَائِزَ الشَّهَادَةِ» ،

19891 -

وَهَذَا مُرْسَلٌ،

19892 -

وَهُوَ قَوْلُ الْكَافَّةِ «إِذَا تَابَ وَأَصْلَحَ» وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

ص: 265

‌التَّحَفُّظُ فِي الشَّهَادَةِ وَالْعِلْمُ بِهَا

ص: 267

19893 -

أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، إِجَازَةً، أَنَّ أَبَا الْعَبَّاسِ، حَدَّثَهُمْ عَنِ الرَّبِيعِ، عَنِ الشَّافِعِيِّ قَالَ: قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} وَقَالَ {إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [الزخرف: 86]

19894 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: «وَلَا يَسَعُ شَاهِدًا أَنْ يَشْهَدَ إِلَّا بِمَا عَلِمَ. . . ثُمَّ ذَكَرَ وُجُوهَ الْعِلْمِ»

⦗ص: 268⦘

19895 -

وَقَدْ رُوِّينَا فِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" أَلَا أُحَدِّثُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ: الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَكَانَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ فَقَالَ: وَشَهَادَةُ الزُّورِ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ "

19896 -

وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ:«اشْهَدْ بِمَا تَعْلَمُ»

ص: 267

‌مَا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنَ الْقِيَامِ بِشَهَادَتِهِ إِذَا شُهِّدَ

19897 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: 8]،

19898 -

وَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} [النساء: 135]

⦗ص: 270⦘

،

19899 -

وَقَالَ: {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} [الأنعام: 152]،

19900 -

وَقَالَ: {وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ} [المعارج: 33]،

19901 -

وَقَالَ: {وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} [البقرة: 283]،

19902 -

وَقَالَ: {وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ} [الطلاق: 2]،

19903 -

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: وَالَّذِي أَحْفَظُ عَنْ كُلِّ مَنْ سَمِعْتُ مِنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ أَنَّهُ فِي الشَّاهِدِ قَدْ لَزِمَتْهُ الشَّهَادَةُ وَأَنَّ فَرْضًا عَلَيْهِ أَنْ يَقُومَ بِهَا عَلَى وَالِدَيْهِ، وَوَلَدِهِ، وَالْقَرِيبِ، وَالْبَعِيدِ، وَلِلْبَغِيضِ الْقَرِيبِ، وَالْبَعِيدِ، وَلَا يَكْتُمَ عَنْ أَحَدٍ، وَلَا يُحَابِيَ بِهَا، وَلَا يَمْنَعَهَا أَحَدًا

ص: 269

19904 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَفَّانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَمْرَةَ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ الشُّهَدَاءِ؟: الَّذِي يَأْتِي بِشَهَادَتِهِ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَهَا، أَوْ يُخْبِرُ بِشَهَادَتِهِ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَهَا " أَخْبَرَنَاهُ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو النَّضْرِ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرِ بْنُ سَلَامَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، فَذَكَرَهُ بِنَحْوِهِ

⦗ص: 271⦘

، رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ

19905 -

وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْقُرُونِ قَالَ:«ثُمَّ يَخْلُفُ بَعْدَهُمْ خَلْفٌ تَسْبِقُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ يَمِينَهُ، وَيَمِينُهُ شَهَادَتَهُ»

19906 -

وَالَّذِي رَوَاهُ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْقُرُونِ قَالَ:«ثُمَّ يَنْشَأُ قَوْمٌ يَنْذُرُونَ وَلَا يُوفُونَ، وَيَحْلِفُونَ وَلَا يُسْتَحْلَفُونَ، وَيَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ، وَيَخُونُونَ وَلَا يُؤْتَمَنُونَ» ،

19907 -

فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي كَرَاهِيَةِ التَّسَارُعِ إِلَى أَدَاءِ الشَّهَادَةِ وَصَاحِبُهَا بِهَا عَالِمٌ حَتَّى يُسْتَشْهَدَ،

19908 -

وَحَدِيثُ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ فِي الرَّجُلِ تَكُونُ عِنْدَهُ لِإِنْسَانٍ شَهَادَةٌ وَهُوَ لَا يَعْلَمُهَا

⦗ص: 272⦘

،

19909 -

وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَعِمْرَانَ الرَّجُلَ يَشْهَدُ بِمَا لَا يَعْلَمُ يَكُونُ شَاهِدَ زُورٍ،

19910 -

وَقَدْ قِيلَ: الْمُرَادُ بِهِ كَرَاهِيَةُ الْحَلِفِ فِي الشَّهَادَةِ وَالْإِكْثَارِ مِنْهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ

ص: 270

‌مَا عَلَى مَنْ دُعِيَ لِيَشْهَدَ قَبْلَ أَنْ يُشَهَّدَ أَوْ لِيَكْتُبَ

ص: 273

19911 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَا يَأبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ} [البقرة: 282]،

19912 -

يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ حَتْمًا عَلَى مَنْ دُعِيَ لِلْكِتَابِ، فَإِنْ تَرَكَهُ تَارِكٌ كَانَ عَاصِيًا،

19913 -

وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى مَنْ حَضَرَ مِنَ الْكُتَّابِ أَنْ لَا يُعَطِّلُوا كِتَابَ حَقٍّ بَيْنَ رَجُلَيْنِ، فَإِذَا قَامَ بِهِ وَاحِدٌ أَجْزَأَ عَنْهُمْ، كَمَا حَقَّ عَلَيْهِمْ أَنْ يُصَلُّوا عَلَى الْجَنَائِزِ وَيَدْفِنُوهَا، فَإِذَا قَامَ بِهَا مَنْ يَكْفِيهَا أَخْرَجَ ذَلِكَ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَا مِنَ الْمَأْثَمِ،

19914 -

وَلَوْ كَانَ تَرَكَ كُلُّ مَنْ حَضَرَ الْكِتَابَ خِفْتُ أَنْ يَأْثَمُوا، بَلْ كَأَنِّي لَا أَرَاهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْمَأثَمِ، وَأَيُّهُمْ قَامَ بِهِ أَجْزَأَ عَنْهُمْ، وَهَذَا أَشْبَهُ مَعَانِيهِ بِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ،

19915 -

وَقَوْلُ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ: " {وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} [البقرة: 282]، يَحْتَمِلُ مَا وَصَفْتُ مِنْ أَنْ لَا يَأْبَى كُلُّ شَاهِدٍ ابْتُدِئَ فَيُدْعَى لِيَشْهَدَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فَرْضٌ عَلَى مَنْ حَضَرَ الْحَقَّ أَنْ يَشْهَدَ مِنْهُمْ مِنَ الْكَفَاءَةِ لِلشَّهَادَةِ، فَإِذَا شَهِدُوا أَخْرَجُوا غَيْرَهُمْ مِنَ الْمَأْثَمِ "، وَهَذَا أَشْبَهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ

19916 -

قَالَ: فَأَمَّا مَنْ سَبَقَتْ شَهَادَتُهُ بِأَنْ شَهِدَ، أَوْ عَلِمَ حَقًّا لِمُسْلِمٍ، أَوْ مُعَاهَدٍ، فَلَا يَسَعُهُ التَّخَلُّفُ عَنْ تَأْدِيَةِ الشَّهَادَةِ مَتَى طُلِبَتْ مِنْهُ فِي مَوْضِعِ مَقْطَعِ الْحَقِّ

⦗ص: 274⦘

19917 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ إِجَازَةً: وَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ} [البقرة: 282]، فَأَشْبَهُ أَنْ يَكُونَ يُجَرِّحُ مَنْ تَرَكَ ذَلِكَ ضِرَارًا، وَفَرْضُ الْقِيَامِ بِهَا فِي الِابْتِدَاءِ عَلَى الْكِفَايَةِ

19918 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ: " أَنْ يَجِيءَ فَيَدْعُوَ الْكَاتِبَ وَالشَّهِيدَ فَيَقُولَانِ: إِنَّا عَلَى حَاجَةٍ، فَيُضَارَّ بِهِمَا، فَقَالَ: قَدْ أُمِرْتُمَا أَنْ تُجِيبَا، فَلَا يُضَارَّ بِهِمَا "

ص: 273

‌شَرْطُ الَّذَيْنِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ

ص: 275

19919 -

أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، إِجَازَةً، أَنَّ أَبَا الْعَبَّاسِ، حَدَّثَهُمْ عَنِ الرَّبِيعِ، عَنِ الشَّافِعِيِّ قَالَ: قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} [المائدة: 106]،

19920 -

وَقَالَ: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} [البقرة: 282] إِلَى قَوْلِهِ {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: 282]

19921 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: " فَكَانَ الَّذِي يُعْرَفُ مَنْ خُوطِبَ بِهَذَا إِنَّمَا أُرِيدَ بِهِ: الْأَحْرَارُ الْمَرْضِيُّونَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ قِبَلِ أَنَّ رِجَالَنَا، وَمَنْ نَرْضَى مِنْ أَهْلِ دِينِنَا، لَا الْمُشْرِكُونَ لِقَطْعِ اللَّهِ تَعَالَى الْوَلَايَةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ بِالدِّينِ،

19922 -

وَرِجَالُنَا أَحْرَارُنَا لَا مَمَالِيكُنَا الَّذِينَ يَغْلِبُهُمْ مَنْ يَمْلِكُهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ أُمُورِهِمْ

⦗ص: 276⦘

،

19923 -

وَإِنَّا لَا نَرْضَى أَهْلَ الْفِسْقِ مِنَّا، وَإِنْ أُلْزِمْنَا إِنَّمَا نَقْعُ عَلَى الْعُدُولِ بِنَا، وَلَا يَقَعُ إِلَّا عَلَى الْبَالِغِينَ؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا خُوطِبَ بِالْقَرَائِنِ الْبَالِغُونَ دُونَ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ "، وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِي هَذَا إِلَى أَنْ قَالَ: غَيْرَ أَنَّ مِنَ أَصْحَابِنَا مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنْ يُجِيزَ شَهَادَةَ الصِّبْيَانِ فِي الْجِرَاحِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقُوا،

19924 -

وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {مِنْ رِجَالِكُمْ} [البقرة: 282] يَدُلُّ عَلَى أَنْ لَا تَجُوزَ شَهَادَةُ الصِّبْيَانِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - فِي شَيْءٍ،

19925 -

فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: أَجَازَهَا ابْنُ الزُّبَيْرِ، فَابْنُ عَبَّاسٍ رَدَّهَا

ص: 275

19926 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي " شَهَادَةِ الصِّبْيَانِ: لَا تَجُوزُ "

19927 -

قَالَ: وَزَادَ ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ لِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَزَّ يَقُولُ:{مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: 282]

19928 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَقَالَ أَبُو يَحْيَى: رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ، وَالْحَسَنِ، وَالنَّخَعِيِّ، وَالزُّهْرِيِّ، وَمُجَاهِدٍ، وَعَطَاءٍ، «لَا يَجُوزُ شَهَادَةُ الْعَبِيدِ»

19929 -

قَالَ: قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: «أَرَى أَنْ تُقْبَلَ شَهَادَةُ الْعَبْدِ إِذَا كَانَ عَدْلًا فِي الْحُقُوقِ بَيْنَ النَّاسِ»

⦗ص: 277⦘

19930 -

قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَرُوِيَ قَبُولُ شَهَادَةِ الْعَبْدِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَقَالَهُ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ:«مَا عَلِمْتُ أَنَّ أَحَدًا رَدَّ شَهَادَةَ الْعَبْدِ» ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، وَشُرَيْحٍ

ص: 276

19931 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَفِي قَوْلِ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ. . .} [البقرة: 282] إِلَى: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: 282]، " وَقَوْلِ اللَّهِ:{وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2]، دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ اللَّهَ إِنَّمَا عَنَى الْمُسْلِمِينَ دُونَ غَيْرِهِمْ "،

19932 -

وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ: فَلَمَّا كَانَ الشُّهُودُ مِنَّا دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقْضَى بِشَهَادَةِ شُهُودٍ مِنْ غَيْرِنَا،

19933 -

ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ: وَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَرُدَّ شَهَادَةَ مُسْلِمٍ بِأَنْ نَعْرِفَهُ يَكْذِبُ عَلَى بَعْضِ الْآدَمِيِّينَ، وَيُجِيزُ شَهَادَةَ ذِمِّيٍّ وَهُوَ يَكْذِبُ عَلَى اللَّهِ تبارك وتعالى؟ قَالَ: وَالْمَمَالِيكُ، الْعُدُولُ، وَالْمُسْلِمُونَ الْأَحْرَارُ، وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا عُدُولًا خَيْرٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَكَيْفَ أُجِيزُ شَهَادَةَ الَّذِي هُوَ شَرٌّ، وَأَرُدُّ شَهَادَةَ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ بِلَا كِتَابٍ، وَلَا سُنَّةٍ، وَلَا أَثَرٍ، وَلَا أَمْرٍ اجْتَمَعَتْ عَلَيْهِ عَوَامُّ الْفُقَهَاءِ، وَمَنْ أَجَازَ شَهَادَةَ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَأَعْدَلُهُمْ عِنْدَهُمْ أَعْظَمُهُمْ بِاللَّهِ شِرْكًا، أَسْجَدُهُمْ لِلصَّلِيبِ، وَأَلْزَمُهُمْ لِلْكَنِيسَةِ

19934 -

قَالَ: فَقَالَ لِي قَائِلٌ: إِنَّ شُرَيْحًا أَجَازَ شَهَادَتَهُمْ فِيمَا بَيْنَهُمْ، فَقُلْتُ لَهُ: أَرَأَيْتَ شُرَيْحًا قَدْ قَالَ قَوْلًا لَا مُخَالِفَ لَهُ فِيهِ مِثْلَهُ، وَلَا كِتَابَ فِيهِ يَكُونُ قَوْلُهُ حُجَّةً؟ قَالَ: لَا، قُلْتُ: فَكَيْفَ تَحْتَجُّ عَلَى الْكِتَابِ؟ ثُمَّ عَلَى دَارِ السُّنَّةِ وَالْهِجْرَةِ، وَعَلَى مُخَالِفِينَ لَهُ مِنْ أَهْلِ دَارِ الْهِجْرَةِ وَالسُّنَّةِ؟

⦗ص: 278⦘

19935 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: وَقَدْ أَجَازَ شُرَيْحٌ شَهَادَةَ الْعَبْدِ، فَقَالَ لَهُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ: أَتُجِيزُ عَلَيَّ شَهَادَةَ عَبْدٍ؟ فَقَالَ: قُمْ كُلُّكُمْ بَنُو عَبِيدٍ، وَإِمَاءٍ، وَلَيْسَ فِي الْآيَةِ بِعَيْنِهَا بَيَانُ الْحُرِّيَةِ، وَهِيَ مُحْتَمَلَةٌ لَهَا، وَفِي الْآيَةِ بَيَانُ شَرْطِ الْإِسْلَامِ، فَلِمَ وَافَقَ شُرَيْحًا مَرَّةً، وَخَالَفَهُ أُخْرَى؟

19936 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَتِنَا عَنِ ابْنِ سَعِيدٍ، وَإِنِ احْتَجَّ مَنْ تُجِيزُ شَهَادَتَهُمْ بِقَوْلِ اللَّهِ:{أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} [المائدة: 106]، فَقَالَ: مِنْ غَيْرِ أَهْلِ دِينِكُمْ فَكَيْفَ لَمْ يُجِزْهَا فِيمَا ذُكِرَتْ فِيهِ مِنَ الْوَصِيَّةِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي السَّفَرِ، وَكَيْفَ لَمْ يُجِزْهَا مِنْ جَمِيعِ الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ غَيْرُ أَهْلِ الْإِسْلَامِ؟ وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِي ذَلِكَ

19937 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَدْ سَمِعْتُ مَنْ يَتَأَوَّلُ هَذِهِ الْآيَةَ عَلَى مِنْ غَيْرِ قَبِيلَتِكُمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَيَحْتَجُّ فِيهَا بِقَوْلِ اللَّهِ تبارك وتعالى:{تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لِمِنَ الْآثِمِينَ} [المائدة: 106]، فَيَقُولُ: الصَّلَاةُ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمُونَ يَتَأَثَّمُونَ مِنْ كِتْمَانِ الشَّهَادَةِ، فَأَمَّا الْمُشْرِكُونَ فَلَا صَلَاةَ لَهُمْ قَائِمَةً، وَلَا يَتَأَثَّمُونَ مِنْ كِتْمَانِ الشَّهَادَةِ لِلْمُسْلِمِينَ، وَلَا عَلَيْهِمْ

19938 -

قَالَ: وَقَدْ سَمِعْتُ مَنْ يَذْكُرُ أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ بِقَوْلِ اللَّهِ: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] وَاللَّهُ أَعْلَمُ

19939 -

قَالَ أَحْمَدُ: أَمَّا مَا سُمِعَ فِيهَا مِنَ التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ، فَقَدْ رُوِّينَاهُ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، بِقَوْلِهِ:{تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ} [المائدة: 106]، وَرُوِّينَاهُ عَنْ عِكْرِمَةَ،

19940 -

وَأَمَّا مَا سُمِعَ فِيهَا مِنَ النَّسْخِ فَقَدْ رَوَاهُ عَطِيَّةُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ

⦗ص: 279⦘

19941 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقُلْتُ لِمَنْ خَالَفَنَا فِي هَذَا: إِنَّمَا ذَكَرَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ فِي وَصِيَّةِ مُسْلِمٍ أَفَتُجِيزُهَا فِي وَصِيَّةِ مُسْلِمٍ فِي السَّفَرِ؟ قَالَ: لَا، قُلْتُ: أَوَ تُحَلِّفُهُمْ إِذَا شَهِدُوا؟ قَالَ: لَا، قُلْتُ وَلِمَ قَدْ تَأَوَّلَتْ أَنَّهَا فِي وَصِيَّةِ مُسْلِمٍ؟ قَالَ: لِأَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ، قُلْتُ: فَإِنْ نُسِخَتْ فِيمَا أُنْزِلَتْ فِيهِ لَمْ نَنْسَهَا فِيمَا لَمْ تَنْزِلْ فِيهِ

19942 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَقَدْ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ فِي تَأْوِيلِ الْآيَةِ فِي كِتَابِ الْجِزْيَةِ إِلَى مَا

ص: 277

19943 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ مُعَاذُ بْنُ مُوسَى الْجَعْفَرِيُّ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ مَعْرُوفٍ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ قَالَ بُكَيْرٌ: قَالَ مُقَاتِلٌ: أَخَذْتُ هَذَا التَّفْسِيرَ عَنْ مُجَاهِدٍ وَالْحَسَنِ وَالضَّحَّاكِ فِي قَوْلِ اللَّهِ تبارك وتعالى: {اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ} [المائدة: 106] مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ، أَنَّ " رَجُلَيْنِ نَصْرَانِيَّيْنِ مِنْ أَهْلِ دَارَيْنِ: أَحَدُهُمَا تَمِيمِيٌّ أَوْ قَالَ: تَمِيمٌ، وَالْآخَرُ يَمَانِيٌّ صَحِبَهُمَا مَوْلًى لِقُرَيْشٍ فِي تِجَارَةٍ، فَرَكِبُوا الْبَحْرَ، وَمَعَ الْقُرَشِيِّ مَالٌ مَعْلُومٌ قَدْ عَلِمَهُ أَوْلِيَاؤُهُ مِنْ بَيْنِ آنِيَةٍ وَبَزٍّ وَرِقَّةٍ، فَمَرِضَ الْقُرَشِيُّ، فَجَعَلَ وَصِيَّتَهُ إِلَى الدَّارِيَّيْنِ، فَمَاتَ، وَقَبَضَ الدَّارِيَّانِ الْمَالَ وَالْوَصِيَّةَ، فَدَفَعَاهُ إِلَى أَوْلِيَاءِ الْمَيِّتِ، وَجَاءَا بِبَعْضِ مَالِهِ، فَأَنْكَرَ الْقَوْمُ قِلَّةَ الْمَالِ، فَقَالُوا لِلدَّارِيَّيْنِ: إِنَّ صَاحِبَنَا قَدْ خَرَجَ مَعَهُ بِمَالٍ أَكْثَرَ مِمَّا أَتَيْتُمُونَا بِهِ فَهَلْ بَاعَ شَيْئًا أَوِ اشْتَرَى شَيْئًا فَوَضَعَ فِيهِ؟ أَوْ هَلْ طَالَ مَرَضُهُ فَأَنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ؟ قَالَا: لَا، قَالُوا: فَإِنَّكُمَا خُنْتُمُونَا، فَقَبَضُوا الْمَالَ، وَرَفَعُوا أَمَرَهُمْ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ} [المائدة: 106] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، فَلَمَّا نَزَلَتْ:{تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ} [المائدة: 106] أَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَقَامَا بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَحَلَفَا بِاللَّهِ رَبِّ السَّمَوَاتِ مَا تَرَكَ مَوْلَاكُمْ مِنَ الْمَالِ إِلَّا مَا أَتَيْنَاكُمْ بِهِ، وَإِنَّا لَا نَشْتَرِي بِأَيْمَانِنَا ثَمَنًا قَلِيلًا مِنَ الدُّنْيَا {وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الْآثِمِينَ} [المائدة: 106]، فَلَمَّا حَلَفَا خَلَّى سَبِيلَهُمَا، ثُمَّ إِنَّهُمْ وَجَدُوا بَعْدَ ذَلِكَ إِنَاءً مِنْ آنِيَةِ الْمَيِّتِ، فَأَخَذُوا الدَّارِيَّيْنِ، فَقَالَا: اشْتَرَيْنَاهُ مِنْهُ فِي حَيَاتِهِ، وَكَذَبَا، فَكُلِّفَا الْبَيِّنَةَ فَلَمْ يَقْدِرَا عَلَيْهَا، فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

⦗ص: 280⦘

، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل:{فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا} [المائدة: 107]- يَعْنِي الدَّارِيَّيْنِ - كَتَمَا حَقًّا {فَآخَرَانِ} [المائدة: 107] مِنْ أَوْلِيَاءِ الْمَيِّتِ {يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ} [المائدة: 107]، فَيَحْلِفَانِ بِاللَّهِ مَالُ صَاحِبِنَا كَانَ كَذَا وَكَذَا، وَأَنَّ الَّذِي نَطْلُبُ قِبَلَ الدَّارِيَّيْنِ لَحَقٌّ {وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ} [المائدة: 107] "

19944 -

فَهَذَا قَوْلُ الشَّاهِدَيْنِ أَوْلِيَاءِ الْمَيِّتِ {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا} [المائدة: 108]- يَعْنِي الدَّارِيَّيْنِ - وَالنَّاسَ أَنْ يَعُودُوا لِمِثْلِ ذَلِكَ

19945 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: يَعْنِي مَنْ كَانَ فِي مِثْلِ حَالِ الدَّارِيَّيْنِ مِنَ النَّاسِ، وَلَا أَعْلَمُ الْآيَةَ تَحْتَمِلُ مَعْنًى غَيْرَ جُمْلَةِ مَا قَالَ،

19946 -

ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ فِي بَيَانِ ذَلِكَ، وَقَالَ فِي أَثْنَاءِ ذَلِكَ: إِنَّمَا مَعْنَى {شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ} [المائدة: 106]: أَيْمَانُ بَيْنِكُمْ، كَمَا سُمِّيَتْ أَيْمَانُ الْمُتَلَاعِنِينَ شَهَادَةً، وَاسْتُدِلَّ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّا لَا نَعْلَمُ الْمُسْلِمِينَ اخْتَلَفُوا فِي أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى شَاهِدٍ يَمِينٌ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ أَوْ رُدَّتْ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ إِجْمَاعُهُمْ خِلَافًا لِكِتَابِ اللَّهِ عز وجل

19947 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: {شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمِ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} [المائدة: 106]، الشَّهَادَةَ نَفْسَهَا وَهُوَ أَنْ يَكُونَ لِلْمُدَّعِينَ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَشْهَدَانِ لَهُمْ بِمَا ادَّعَوْا عَلَى الدَّارِيَّيْنِ مِنَ الْخِيَانَةِ، ثُمَّ قَالَ:{أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} [المائدة: 106] يَعْنِي: إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِينَ مِنْكُمْ بَيِّنَةٌ فَالدَّارِيَّانِ اللَّذَانِ ادَّعَيَا عَلَيْهِمَا

⦗ص: 281⦘

يُحْبَسَانِ مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ: - يَعْنِي يَحْلِفَانِ - عَلَى إِنْكَارِ مَا ادُّعِيَ عَلَيْهِمَا عَلَى مَا حَكَاهُ مُقَاتِلٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ،

19948 -

وَهَذَا بَيِّنٌ وَأَصَحُّ وَقَدْ ثَبُتَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، مَعْنَى مَا قَالَ مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ، لَا أَنَّهُ لَمْ يَحْفَظْ فِي حَدِيثِهِ دَعْوَى تَمِيمٍ، وَعَدِيٍّ أَنَّهُمَا اشْتَرَيَاهُ، وَحَفِظَهُ مُقَاتِلٌ

ص: 279

19949 -

أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْقَاسِمِ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:" خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَهْمٍ مَعَ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ وَعَدِيِّ بْنِ بَدَّاءٍ، فَمَاتَ السَّهْمِيُّ بِأَرْضٍ لَيْسَ بِهَا مُسْلِمٌ، فَلَمَّا قَدِمَا بِتَرِكَتِهِ فَقَدُوا جَامَ فِضَّةٍ مُخَوَّصٌ بِالذَّهَبِ، فَأَحْلَفَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ وَجَدَ الْجَامَ بِمَكَّةَ، قَالُوا: اشْتَرَيْنَاهُ مِنْ تَمِيمٍ وَعَدِيٍّ، فَقَامَ رَجُلَانِ مِنْ أَوْلِيَاءِ السَّهْمِيِّ، فَحَلَفَا لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا، وَأَنَّ الْجَامَ لِصَاحِبِهِمْ قَالَ: فَنَزَلَتْ فِيهِمْ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ} [المائدة: 106] "، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ آدَمَ،

19950 -

وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ قَالَ: وَفِيهِمْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ

ص: 281

19951 -

وَأَمَّا الَّذِي رُوِيَ فِيهِ عَنْ أَبِي خَالِدٍ الْأَحْمَرِ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم " أَجَازَ شَهَادَةَ الْيَهُودِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ، أَوْ قَالَ: شَهَادَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ "، فَإِنَّهُ غَلَطٌ

⦗ص: 282⦘

19952 -

وَإِنَّمَا رَوَاهُ غَيْرُهُ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ:«كَانَ شُرَيْحٌ يُجِيزُ شَهَادَةَ كُلِّ مِلَّةٍ عَلَى مِلَّتِهَا، وَلَا يُجِيزُ شَهَادَةَ الْيَهُودِيِّ عَلَى النَّصْرَانِيِّ، وَلَا النَّصْرَانِيِّ عَلَى الْيَهُودِيِّ إِلَّا الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّهُ كَانَ يُجِيزُ شَهَادَتَهُمْ عَلَى الْمِلَلِ كُلِّهَا» ،

19953 -

هَكَذَا رَوَاهُ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ مُجَالِدٍ

ص: 281

19954 -

وَرَوَاهُ دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ شُرَيْحٍ، «إِذَا مَاتَ الرَّجُلُ فِي أَرْضِ غُرْبَةٍ، فَلَمْ يَجِدْ مُسْلِمًا، فَأَشْهَدَ مِنْ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ شَاهِدَيْنِ فَشَهَادَتُهُمَا جَائِزَةٌ، فَإِنْ جَاءَ مُسْلِمَانِ فَشَهِدَا بِخِلَافِ ذَلِكَ أُخِذَ بِهِمَا»

19955 -

وَفِي رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ شُرَيْحٍ، أَنَّهُ «كَانَ لَا يُجِيزُ شَهَادَةَ يَهُودِيٍّ، وَلَا نَصْرَانِيٍّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ إِلَّا فِي الْوَصِيَّةِ، وَلَا يُجِيزُهَا فِي الْوَصِيَّةِ إِلَّا فِي السَّفَرِ»

19956 -

وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ فِي «شَهَادَةِ نَصْرَانِيَّيْنِ عَلَى وَصِيَّةِ مُسْلِمٍ لَمْ يَشْهَدْ مَوْتَهُ غَيْرُهُمْ، فَأَحْلَفَهُمَا بَعْدَ الْعَصْرِ، وَأَجَازَ شَهَادَتَهُمَا» ،

19957 -

وَهَذَا كُلُّهُ يُخَالِفُ مَذْهَبَ الْعِرَاقِيِّينَ فِي شَهَادَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ

ص: 282

19958 -

وَقَدْ رَوَى عُمَرُ بْنُ رَاشِدٍ الْيَمَامِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا يَجُوزُ شَهَادَةُ مِلَّةٍ إِلَّا مِلَّةَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، فَإِنَّهَا تَجُوزُ عَلَى غَيْرِهِمْ»

⦗ص: 283⦘

،

19959 -

فَلَمْ نَرَ أَنْ نَحْتَجَّ بِهِ لِضَعْفِ حَالِ عُمَرَ بْنِ رَاشِدٍ عِنْدَ أَهْلِ النَّقْلِ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

ص: 282

‌الْقَضَاءُ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ

ص: 284

19960 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ

⦗ص: 285⦘

الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ الْمَخْزُومِيُّ، عَنْ سَيْفِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْمَكِّيِّ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ "

19961 -

قَالَ عَمْرٌو: فِي الْأَمْوَالِ

19962 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَتِنَا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ: حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ ثَابِتٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا يَرُدُّ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِثْلَهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ غَيْرُهُ، مَعَ أَنَّ مَعَهَ غَيْرُهُ مِمَّا يَشُدُّهُ

19963 -

قَالَ أَحْمَدُ: هَذَا حَدِيثٌ قَدْ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، مِنْهُمْ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ،

19964 -

وَقَدْ رَوَاهُ زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ عَنْ سَيْفِ بْنِ سُلَيْمَانَ، كَمَا رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ، وَمِنْ ذَلِكَ الْوَجْهِ أَخْرَجَهُ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ فِي الصَّحِيحِ

ص: 284

19965 -

أَخْبَرَنَاهُ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ الْعَدْلُ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّزَّازُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، حَدَّثَنِي سَيْفُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمَكِّيُّ قَالَ

⦗ص: 286⦘

: حَدَّثَنِي قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «قَضَى بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ» ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ الْحُبَابِ، وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ فِي كِتَابِ السُّنَنِ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَغَيْرِهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ الْحُبَابِ

ص: 285

19966 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو تُرَابٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطُّوسِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْذِرِ بْنِ سَعِيدٍ الْهَرَوِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ:" قَالَ لِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: لَوْ عَلِمْتَ أَنَّ سَيْفَ بْنَ سُلَيْمَانَ، يَرْوِي حَدِيثَ الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ لَأَفْسَدْتُهُ عِنْدَ النَّاسِ، قُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ إِذَا أَفْسَدْتَهُ فَسَدَ "

19967 -

قَالَ أَحْمَدُ: سَيْفُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمَكِّيُّ مِنَ الثِّقَاتِ الَّذِينَ احْتَجَّ بِهِمُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا مِمَّنْ جَمَعَ الصَّحِيحَ

ص: 286

19968 -

وَقَدْ قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: " سَأَلْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ الْقَطَّانَ، عَنْ سَيْفِ بْنِ سُلَيْمَانَ، فَقَالَ: كَانَ عِنْدِي ثَبْتًا مِمَّنْ يَصْدُقُ وَيَحْفَظُ "

⦗ص: 287⦘

أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَفِيدُ، حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، فَذَكَرَهُ

19969 -

وَرَأَيْتُ أَبَا جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيَّ رَحِمَنَا اللَّهُ وَإِيَّاهُ أَنْكَرَهُ، وَاحْتَجَّ بِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ قَيْسًا، يُحَدِّثُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارِ بِشَيْءٍ، وَالَّذِي يَقْتَضِيهِ مَذْهَبُ أَهْلِ الْحِفْظِ وَالْفِقْهِ فِي قَبُولِ الْأَخْبَارِ أَنَّهُ مَتَى مَا كَانَ قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ ثِقَةً، وَالرَّاوِي عَنْهُ ثِقَةً، ثُمَّ يَرْوِي عَنْ شَيْخٍ يَحْتَمِلُهُ سِنُّهُ وَلُقِيُّهُ، وَكَانَ غَيْرَ مَعْرُوفٍ بِالتَّدْلِيسِ كَانَ ذَلِكَ مَقْبُولًا،

19970 -

وَقَيْسُ بْنُ سَعْدٍ مَكِّيٌّ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ مَكِّيٌّ، وَقَدْ رَوَى قَيْسٌ، عَنْ مَنْ، هُوَ أَكْبَرُ سِنًّا، وَأَقْدَمُ مَوْتًا مِنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَمُجَاهِدِ بْنِ جَبْرٍ، وَرَوَى عَنْ عَمْرٍو مَا كَانَ فِي قَرْنِ قَيْسٍ وَأَقْدَمَ لُقْيًا مِنْهُ: أَيُّوبُ بْنُ أَبِي تَمِيمَةَ السَّخْتِيَانِيُّ، فَإِنَّهُ رَأَى أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، وَرَوَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، ثُمَّ رَوَى عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، فَمِنْ أَيْنَ جَاءَ إِنْكَارُ رِوَايَةِ قَيْسٍ عَنْ عَمْرٍو،

19971 -

غَيْرَ أَنَّهُ رُوِيَ عَنْهُ، مَا يُخَالِفُ مَذْهَبَ هَذَا الشَّيْخِ، وَلَمْ يُمْكِنْهُ أَنْ يَطْعَنَ فِيهِ بِوَجْهٍ آخَرَ، فَزَعَمَ أَنَّهُ مُنْكَرٌ،

19972 -

وَقَدْ رَوَى جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، وَهُوَ مِنَ الثِّقَاتِ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ حُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسِ، أَنَّ رَجُلًا وَقَصَتْهُ نَاقَتُهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ. . . فَذَكَرَ الْحَدِيثَ

⦗ص: 288⦘

،

19973 -

فَقَدْ عَلِمْنَا قَيْسًا، رَوَى عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، غَيْرَ حَدِيثِ الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ، فَلَا يَضُرُّنَا جَهْلُ غَيْرِنَا،

19974 -

ثُمَّ تَابَعَ قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ عَلَى رِوَايَتِهِ هَذِهِ عَنْ عَمْرٍو: مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيُّ

ص: 286

19975 -

أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ» ،

19976 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، وَسَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، بِإِسْنَادِ قَيْسٍ وَمَعْنَاهُ

19977 -

قَالَ سَلَمَةُ فِي حَدِيثِهِ: قَالَ عَمْرٌو: فِي الْحُقُوقِ،

19978 -

وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ

ص: 288

19979 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَرَجُلٍ، آخَرَ سَمَّاهُ فَلَا يَحْضُرُنِي ذِكْرُ اسْمِهِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ»

ص: 288

19980 -

وَقَدْ رُوِيَ مِنْ أَوْجُهٍ أُخَرَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، مِنْهَا مَا

⦗ص: 289⦘

: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: وَجَدْنَا فِي كِتَابِ سَعْدٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ»

ص: 288

19981 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: ذَكَرَ سَعِيدُ بْنُ الْمُطَّلِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: وَجَدْنَا فِي كِتَابِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ: شَهِدَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «أَمَرَ عَمْرَو بْنَ حَزْمٍ أَنْ يَقْضِيَ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ»

ص: 289

19982 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، وَنَافِعُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، أَنَّهُ وَجَدَ كِتَابًا فِي كُتُبِ آبَائِهِ: هَذَا مَا رَفَعَ أَوْ ذَكَرَ عَمْرُو بْنُ حَزْمٍ، وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ قَالَا:«بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ رَجُلَانِ يَخْتَصِمَانِ مَعَ أَحَدِهِمَا شَاهِدٌ لَهُ عَلَى حَقِّهِ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَمِينَ صَاحِبِ الْحَقِّ مَعَ شَاهِدِهِ، فَاقْتَطَعَ بِذَلِكَ حَقَّهُ»

ص: 289

19983 -

وَمِنْهَا مَا

⦗ص: 290⦘

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ»

19984 -

قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِسُهَيْلٍ، فَقَالَ: أَخْبَرَنِي رَبِيعَةُ وَهُوَ عِنْدِي ثِقَةٌ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ إِيَّاهُ وَلَا أَحْفَظُهُ قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ: وَقَدْ كَانَ أَصَابَ سُهَيْلًا عِلَّةٌ أَذْهَبَتْ بَعْضَ عَقْلِهِ، وَنَسِيَ بَعْضَ حَدِيثِهِ، وَكَانَ سُهَيْلٌ بَعْدُ، يُحَدِّثُهُ عَنْ رَبِيعَةَ، عَنْ أَبِيهِ

19985 -

وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابِ السُّنَنِ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ سُلَيْمَانَ،

19986 -

أَخْرَجَهُ مِنْ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، عَنْ رَبِيعَةَ، وَرَبِيعَةُ ثِقَةٌ حُجَّةٌ،

19987 -

وَقَدْ يَنْسَى الْمُحَدِّثُ حَدِيثَهُ فَلَا يَقْدَحُ ذَلِكَ فِي سَمَاعِ مَنْ سَمِعَهُ مِنْهُ قَبْلَ النِّسْيَانِ

ص: 289

19988 -

هَذَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، يَرْوِي عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:«كُنْتُ أَعْرِفُ انْقِضَاءَ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالتَّكْبِيرِ» قَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: ثُمَّ ذَكَرْتُهُ لِأَبِي مَعْبَدٍ بَعْدُ، فَقَالَ: لَمْ أُحَدِّثْكَهُ قَالَ عَمْرٌو: وَقَدْ حَدَّثَنِيهِ، وَكَانَ مِنْ أَصْدَقِ مَوَالِي ابْنِ عَبَّاسٍ

⦗ص: 291⦘

، أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، فَذَكَرَهُ.

19989 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: كَانَ نَسِيَهُ بَعْدَ مَا حَدَّثَهُ إِيَّاهُ

19990 -

وَلِهَذَا أَمْثَالٌ كَثِيرَةٌ قَدْ ذَكَرْنَا بَعْضَهَا فِي كِتَابِ الْمَدْخَلِ، وَقَدْ رَوَاهُ الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم،

19991 -

وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ

ص: 290

19992 -

وَمِنْهَا مَا: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، قَالُوا حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَنَّهُ قَالَ لِبَعْضِ مَنْ يُنَاظِرُهُ قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: رَوَى الثَّقَفِيُّ وَهُوَ ثِقَةٌ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ» ،

19993 -

وَهَذَا الْحَدِيثُ لَمْ يَحْتَجَّ بِهِ الشَّافِعِيُّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِذَهَابِ بَعْضِ الْحُفَّاظِ إِلَى كَوْنِهِ غَلَطًا

⦗ص: 292⦘

،

19994 -

وَقَدْ رَوَاهُ عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ، جَمَاعَةٌ مِنَ الْحُفَّاظِ مِنْهُمْ: عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ الْأَسْوَدِ، وَعَبْدِ اللَّهِ الْعُمَرِيِّ، وَهِشَامِ بْنِ سَعْدٍ، وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي حَيَّةَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ كَذَلِكَ مَوْصُولًا،

19995 -

وَرَوَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ،

19996 -

وَقِيلَ: عَنْهُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَلِيٍّ

ص: 291

19997 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: سَمِعْتُ الْحَكَمَ بْنَ عُتَيْبَةَ، يَسْأَلُ أَبِي - وَقَدْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى جِدَارِ الْقَبْرِ لَيَقُومَ - أَقَضَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ؟ قَالَ:«نَعَمْ، وَقَضَى بِهَا عَلِيٌّ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ»

19998 -

قَالَ مُسْلِمٌ: قَالَ جَعْفَرٌ: «فِي الدَّيْنِ»

ص: 292

19999 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي كَرِيمَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «قَضَى بِالْيَمِينِ وَالشَّاهِدِ»

ص: 292

20000 -

وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي الشَّهَادَةِ:«فَإِنْ جَاءَ بِشَاهِدٍ حَلَفَ مَعَ شَاهِدِهِ»

⦗ص: 293⦘

20001 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَقَدْ رَوَاهُ مُطَرِّفُ بْنُ مَازِنٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ

ص: 292

20002 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو مَوْلَى الْمُطَّلِبِ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ»

ص: 293

20003 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ، كَتَبَ إِلَى عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ وَهُوَ عَامِلٌ لَهُ بِالْكُوفَةِ «أَنِ اقْضِ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ»

ص: 293

20004 -

وَبِإِسْنَادِهِ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ، كَتَبَ إِلَى عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَهُوَ عَامِلُهُ عَلَى الْكُوفَةِ «أَنِ اقْضِ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ، فَإِنَّهَا السُّنَّةُ»

20005 -

قَالَ أَبُو الزِّنَادِ: فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ كُبَرَائِهِمْ فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ شُرَيْحًا قَضَى بِهَذَا فِي هَذَا الْمَسْجِدِ

ص: 293

20006 -

وَبِإِسْنَادِهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْفَزَارِيُّ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ مَيْمُونٍ الثَّقَفِيُّ قَالَ: خَاصَمْتُ إِلَى الشَّعْبِيِّ فِي مُوَضِّحَةٍ، فَشَهِدَ الْقَائِسُ أَنَّهَا مُوَضِّحَةٌ، فَقَالَ الشَّاجُّ لِلشَّعْبِيِّ: أَتَقْبَلُ عَلَيَّ شَهَادَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ؟ قَالَ الشَّعْبِيُّ: «قَدْ شَهِدَ الْقَائِسُ أَنَّهَا مُوَضِّحَةٌ، وَيَحْلِفُ الْمَشْجُوجُ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ» قَالَ فَقَضَى الشَّعْبِيُّ فِيهَا

ص: 294

20007 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَذُكِرَ عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ مُغِيرَةَ، أَنَّ الشَّعْبِيَّ، قَالَ: إِنَّ «أَهْلَ الْمَدِينَةِ يَقْضُونَ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ»

ص: 294

20008 -

وَبِإِسْنَادِهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ، وَأَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ سُئِلَا: أَيُقْضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ؟ فَقَالَا: «نَعَمْ»

ص: 294

20009 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَذَكَرَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ أَبِي تَمِيمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، أَنَّ شُرَيْحًا «قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ»

ص: 294

20010 -

وَذَكَرَ إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، «قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ»

ص: 294

20011 -

قَالَ: وَذَكَرَ هُشَيْمٌ، عَنْ حُصَيْنٍ قَالَ: خَاصَمْتُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ «قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ»

ص: 294

20012 -

قَالَ: وَذَكَرَ عَبْدُ الْعَزِيزِ الْمَاجِشُونُ، عَنْ زُرَيْقِ بْنِ حَكِيمٍ قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أُخْبِرُهُ أَنِّي لَمْ أَجِدِ الْيَمِينَ مَعَ الشَّاهِدِ إِلَّا بِالْمَدِينَةِ، فَكَتَبَ إِلَيَّ:«أَنِ اقْضِ بِهَا فَإِنَّهَا السُّنَّةُ»

ص: 294

20013 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَذُكِرَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ: أَنَّ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ، «قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ»

ص: 295

20014 -

وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُدَيْرٍ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ قَالَ:«قَضَى زُرَارَةُ بْنُ أَبِي أَوْفَى، فَقَضَى بِشَهَادَتِي وَحْدِي»

ص: 295

20015 -

قَالَ: وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي قَيْسٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، أَنَّ شُرَيْحًا «أَجَازَ شَهَادَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَحْدَهُ»

ص: 295

20016 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَرُوِّينَا عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ، أَنَّهُ «كَانَ يَقْضِي بِشَهَادَةِ شَاهِدٍ وَيَمِينٍ» ،

20017 -

وَرُوِّينَاهُ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَ

ص: 295

20018 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّغَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا كُلْثُومُ بْنُ زِيَادٍ قَالَ: «أَدْرَكْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ حَبِيبٍ وَالزُّهْرِيَّ يَقْضِيَانِ بِذَلِكَ،

20019 -

يَعْنِي بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ»

20020 -

وَقَالَ كُلْثُومٌ: وَكَانَ أَبُو ثَابِتٍ سُلَيْمَانُ بْنُ حَبِيبٍ قَاضِي أَهْلِ الْمَدِينَةِ ثَلَاثِينَ سَنَةً، يَقْضِي بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ ،

⦗ص: 296⦘

20021 -

وَحَكَاهُ أَبُو الزِّنَادِ، عَنْ أَصْحَابِهِ الَّذِينَ يُنْتَهَى إِلَى قَوْلِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ

ص: 295

20022 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: «فَخَالَفَنَا فِي الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ مَعَ ثُبُوتِهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْضُ النَّاسِ» وَذَكَرَ الْجَوَابَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا، وَنَقْلُهَا هُنَا مِمَّا يَطُولُ بِهِ الْكِتَابُ

20023 -

وَمِمَّا حَكَى عَنْ بَعْضِهِمْ، أَنَّهُ قَالَ: فَإِنَّ مِمَّا رَدَدْنَا بِهِ الْيَمِينَ مَعَ الشَّاهِدِ: أَنَّ الزُّهْرِيَّ أَنْكَرَهَا

20024 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَقَدْ قَضَى بِهَا الزُّهْرِيُّ حِينَ وَلِيَ، فَلَوْ كَانَ أَنْكَرَهَا ثُمَّ عَرَفَهَا وَكَتَبَ: إِنَّمَا اقْتَدَيْتُ بِهِ فِيهَا ، كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَثْبَتَ لَهَا عِنْدَكَ أَنْ تَقْضِيَ بِهَا بَعْدَ إِنْكَارِهَا، وَتَعْلَمَ أَنَّهُ إِنَّمَا أَنْكَرَهَا غَيْرَ عَارِفٍ وَقَضَى بِهَا مُسْتَفِيدًا عِلْمَهَا، ثُمَّ نَاقَضَهُمْ بِإِنْكَارِ عَلِيٍّ رضي الله عنه حَدِيثَ بِرْوَعَ بِنْتِ وَاشِقٍ، وَمَعَ عَلِيٍّ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَهُمْ يَقُولُونَ بِحَدِيثِ بِرْوَعَ، وَبِإِنْكَارِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه عَلَى عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ تَيَمُّمَ الْجُنُبِ وَمَعَ عُمَرَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَقَدْ قُلْنَا بِتَيَمُّمِ الْجُنُبِ، وَبِإِنْكَارِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ صَلَاةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْكَعْبَةِ، وَبِهِ كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَفُتِي، وَقَدْ قُلْنَا بِحَدِيثِ بِلَالٍ أَنَّهُ صَلَّى فِيهَا

20025 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: إِذَا كَانَ مَنْ أَنْكَرَ الْحَدِيثَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَا يُبْطِلُ قَوْلَ مَنْ رَوَى الْحَدِيثَ، كَأَنَّ الزُّهْرِيَّ إِذَا لَمْ يُدْرِكْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَوْلَى بِأَنْ لَا يُوهَنَ بِهِ حَدِيثُ مَنْ حَدَّثَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: احْتَجَّ بِهِ أَصْحَابُنَا وَبِأَنَّ عَطَاءً أَنْكَرَهَا

ص: 296

20026 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَالزَّنْجِيُّ بْنُ خَالِدٍ، أَخْبَرَنَا عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، أَنَّهُ قَالَ: «لَا رَجْعَةَ إِلَّا بِشَاهِدَيْنِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ عُذْرٌ، فَيَأْتِيَ بِشَاهِدٍ وَيَحْلِفَ

⦗ص: 297⦘

مَعَ شَاهِدِهِ»، فَعَطَاءٌ يُفْتِي بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ فِيمَا لَا يَقُولُ بِهِ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَلَوْ أَنْكَرَهَا عَطَاءٌ هَلْ كَانَتِ الْحُجَّةُ فِيهِ إِلَّا كَهِيَ فِي الزُّهْرِيِّ. . .، ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ: فَإِنَّهُ بَلَغَنَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ أَنَّ خُزَيْمَةَ بْنَ ثَابِتٍ شَهِدَ بِصَاحِبِ الْحَقِّ، فَسَأَلْتُ مَنْ أَخْبَرَهُ، فَإِذَا هُوَ يَأْتِي بِخَبَرٍ ضَعِيفٍ لَا يَثْبُتُ عِنْدَنَا مِثْلُهُ وَلَا عِنْدَهُ، ثُمَّ أَبْطَلَهُ بِأَنَّهُ أَخْلَفَ صَاحِبَ الْحَقِّ مَعَهُ، وَلَوْ كَانَ يَقُومُ مَقَامَ شَاهِدَيْنِ لَمْ يَحْلِفْ صَاحِبُ الْحَقِّ مَعَهُ، ثُمَّ ذَكَرَ حُجَّتَهُمْ بِالْآيَةِ، وَبِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي، وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» ، فَإِنَّهُ إِنَّمَا رَوَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

20027 -

وَرَوَاهُ عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ «قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ»

20028 -

وَرَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّهُ «قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ»

20029 -

وَرَوَى ذَلِكَ عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

20030 -

وَرَوَى ذَلِكَ أَبُو هُرَيْرَةَ، وَسَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، أَظُنُّهُ قَالَ: وَأَبُو جَعْفَرٍ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم،

20031 -

فَرَدَدْتَهُ، وَهُوَ أَكْثَرُ وَأَثْبَتُ، وَثَبَّتَّهَا وَثَبَّتَّ مَعَنَا الَّذِي هُوَ دُونَهُ

20032 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابِ السُّنَنِ، مِنْ حَدِيثِ الزُّبَيْبِ الْعَنْبَرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم،

20033 -

وَأَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَمِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، وَالْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

⦗ص: 298⦘

، فَحَدِيثُ الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ أَكْثَرُ رُوَاةً كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ

ص: 296

‌مَوْضِعُ الْيَمِينِ

ص: 299

20034 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ هَاشِمِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نِسْطَاسٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ حَلَفَ عَلَى مِنْبَرِي هَذَا بِيَمِينٍ آثِمَةٍ تَبَوَّأَ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» ،

20035 -

وَرَوَاهُ أَبُو ضَمْرَةَ، وَأَبُو زَيْدِ بْنُ شُجَاعِ بْنِ الْوَلِيدِ، عَنْ هَاشِمٍ، وَقَالَا فِي الْحَدِيثِ: عِنْدَ الْمِنْبَرِ

ص: 299

20036 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّزَّازُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ جَعْفَرٍ، أَخْبَرَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ حَلَفَ عِنْدَ مِنْبَرِي عَلَى يَمِينٍ آثِمَةٍ وَلَوْ سِوَاكٍ رَطْبٍ وَجَبَتْ لَهُ النَّارُ» ،

20037 -

هَذَا إِسْنَادٌ حَسَنٌ

ص: 299

20038 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ الْحِزَامِيُّ، عَنْ نَوْفَلِ بْنِ مُسَاحِقٍ الْعَامِرِيِّ

⦗ص: 300⦘

، عَنِ الْمُهَاجِرِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ قَالَ:«كَتَبَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه أَنِ ابْعَثَ إِلَيَّ بِقَيْسِ بْنِ مَكْشُوحٍ فِي وَثَاقٍ، فَأُحْلِفَهُ خَمْسِينَ يَمِينًا عِنْدَ مِنْبَرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَا قَتَلَ دَاذَوَيْهِ» ،

20039 -

وَرَوَاهُ فِي الْقَدِيمِ، فَقَالَ: أَخْبَرَنَا مَنْ نَثِقُ بِهِ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ نَوْفَلِ بْنِ مُسَاحِقٍ، فَذَكَرَهُ بِمَعْنَاهُ وَأَتَمَّ مِنْهُ

ص: 299

20040 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا غَطَفَانَ بْنَ طَرِيفٍ الْمُرِّيَّ قَالَ:" اخْتَصَمَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَابْنُ مُطِيعٍ إِلَى مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ فِي دَارٍ، فَقَضَى بِالْيَمِينِ عَلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَقَالَ زَيْدٌ: احْلِفْ لَهُ مَكَانِي، فَقَالَ مَرْوَانُ لَا وَاللَّهِ إِلَّا عِنْدَ مَقَاطِعِ الْحُقُوقِ، فَجَعَلَ زَيْدٌ يَحْلِفُ إِنَّ حَقَّهُ لَحَقٌّ وَيَأْبَى أَنْ يَحْلِفَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَجَعَلَ مَرْوَانُ يَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ "

20041 -

قَالَ مَالِكٌ: كَرِهَ زَيْدٌ صَبْرَ الْيَمِينِ

20042 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَتِنَا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، وَبَلَغَنِي أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، حَلَفَ عَلَى الْمِنْبَرِ فِي خُصُومَةٍ كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَجُلٍ

20043 -

وَأَنَّ عُثْمَانَ رُدَّتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ عَلَى الْمِنْبَرِ فَاتَّقَاهَا وَافْتَدَى مِنْهَا، وَقَالَ: أَخَافُ أَنْ يُوَافِقَ قَدْرٌ بَلَاءً فَيُقَالُ: بِيَمِينِهِ

20044 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَالْيَمِينُ عَلَى الْمِنْبَرِ مِمَّا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ عِنْدَنَا فِي قَدِيمٍ وَلَا حَدِيثٍ عَلِمْتُهُ

ص: 300

20045 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: وَمِنْ حُجَّتِهِمْ فِيهِ مَعَ إِجْمَاعِهِمْ - يُرِيدُ حُكَّامَ الْمَكِّيِّينَ - أَنَّ مُسْلِمًا، وَالْقَدَّاحَ أَخْبَرَانِي، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ رَأَى قَوْمًا يَحْلِفُونَ بَيْنَ الْمَقَامِ وَالْبَيْتِ، فَقَالَ:«أَعَلَى دَمٍ؟» ، فَقَالُوا: لَا قَالَ: «فَعَلَى عَظِيمٍ مِنَ الْأَمْوَالِ؟» ، قَالُوا: لَا قَالَ: «لَقَدْ خَشِيتُ أَنَّ يَبْهَى النَّاسُ هَذَا الْمُقَامَ»

20046 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَذَهَبُوا إِلَى أَنَّ الْعَظِيمَ مِنْ أَمْوَالِ مَا وَصَفْتُ: مِنْ عِشْرِينَ دِينَارًا فَصَاعِدًا

20047 -

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: يُحْلَفُ عَلَى الْمِنْبَرِ عَلَى رُبْعِ دِينَارٍ ،

20048 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَسْنَا نَقُولُ بِهَذَا

ص: 301

20049 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَدْ رَوَى الَّذِينَ خَالَفُونَا فِي هَذَا حَدِيثًا يُثْبِتُونَهُ عِنْدَهُمْ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، وَعَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، أَنَّ عُمَرَ «حَلَّفَ قَوْمًا مِنَ الْيَمِينِ فَأَدْخَلَهُمُ الْحِجْرَ فَأَحْلَفَهُمْ» ،

20050 -

فَإِنْ كَانَ هَذَا ثَابِتًا عَنْ عُمَرَ، فَكَيْفَ أَنْكَرُوا عَلَيْنَا أَنْ نُحَلِّفَ مَنْ بِمَكَّةَ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ، وَمَنْ بِالْمَدِينَةِ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَنَحْنُ لَا نَجْلِبُ أَحَدًا مِنْ بَلَدِهِ

20051 -

قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ رُوِّينَا مَعْنَى هَذَا عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مَنْصُورِ

ص: 301

20052 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَعَابَ عَلَيْنَا الْيَمِينَ عَلَى الْمِنْبَرِ بَعْضُ النَّاسِ وَقَالَ: إِنَّ زَيْدًا أَنْكَرَ الْيَمِينَ عَلَى الْمِنْبَرِ؟ قُلْتُ لَهُ: زَيْدٌ مِنْ أَكْرَمِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَلَى مَرْوَانَ، فَأَجْزَأَهُمْ أَنْ يَقُولَ لَهُ مَا أَرَادَهُ، وَيَرْجِعَ مَرْوَانُ إِلَى قَوْلِهِ

⦗ص: 302⦘

،

20053 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَنَّ زَيْدًا دَخَلَ عَلَى مَرْوَانَ، فَقَالَ:«أَيَحِلُّ بَيْعُ الرِّبَا؟» ، فَقَالَ مَرْوَانُ: أَعُوذُ بِاللَّهِ، فَقَالَ:«إِنَّ النَّاسَ يَتَبَايَعُونَ بِالصُّكُوكِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضُوهَا» ، فَبَعَثَ عُثْمَانُ حَرَسًا يَرُدُّونَهَا "

20054 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَلَوْ لَمْ يَعْرِفْ زَيْدٌ أَنَّ الْيَمِينَ عَلَيْهِ لَقَالَ لِمَرْوَانَ: مَا هَذَا عَلَيَّ، وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِي الْجَوَابِ عَنْهُ،

20055 -

وَاحْتَجَّ فِي الِاسْتِحْلَافِ بَعْدَ الْعَصْرِ بِقَوْلِ اللَّهِ عز وجل: {تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ} [المائدة: 106]، وَقَالَ الْمُفَسِّرُونَ: صَلَاةُ الْعَصْرِ

20056 -

قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ رُوِّينَا عَنْ أَبِي مُوسَى، أَنَّهُ قَالَ:«لَوْ أَحْلَفَهُمَا بَعْدَ الْعَصْرِ مَا خَانَا»

ص: 301

20057 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُؤَمَّلٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: كَتَبَ إِلَيَّ ابْنُ عَبَّاسٍ مِنَ الطَّائِفِ فِي جَارِيَتَيْنِ ضَرَبَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى وَلَا شَاهِدَ عَلَيْهِمَا، فَكَتَبَ:" أَنِ احْبِسْهُمَا بَعْدَ الْعَصْرِ، ثُمَّ اقْرَأْ عَلَيْهِمَا: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} [آل عمران: 77] "، فَفَعَلْتُ، فَاعْتَرَفَتْ

ص: 302

20058 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: «وَقَدْ كَانَ مِنْ حَكَّامِ الْآفَاقِ مَنْ يَسْتَحْلِفُ عَلَى الْمُصْحَفِ» ، وَذَلِكَ عِنْدِي حَسَنٌ

⦗ص: 303⦘

.

20059 -

قَالَ: وَأَخْبَرَنِي مُطَرِّفُ بْنُ مَازِنٍ، بِإِسْنَادٍ لَا أَحْفَظُهُ أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ، أَمَرَ بِأَنْ يُحْلَفَ عَلَى الْمُصْحَفِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَرَأَيْتُ مُطَرِّفَ بِصَنْعَاءَ يُحَلِّفُ عَلَى الْمُصْحَفِ

ص: 302

‌التَّغْلِيظُ فِي الْيَمِينِ الْفَاجِرَةِ

ص: 304

20060 -

أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو النَّضْرِ شَافِعُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرِ بْنُ سَلَامَةَ، حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ جَامِعِ بْنِ أَبِي رَاشِدٍ، وَعَبْدِ الْمَلِكِ يَعْنِي ابْنَ أَعْيَنَ، سَمِعَا أَبَا وَائِلٍ، يُخْبِرُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ» ، ثُمَّ قَرَأَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ كِتَابِ اللَّهِ:{إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} [آل عمران: 77] الْآيَةَ، أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ، مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ

ص: 304

20061 -

وَبِإِسْنَادِهِ قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مَعْبَدِ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ أَخِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنِ اقْتَطَعَ حَقَّ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ

⦗ص: 305⦘

، وَأَوْجَبَ لَهُ النَّارَ»، قَالُوا: وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «وَإِنْ كَانَ قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ» قَالَهَا ثَلَاثًا، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، مِنْ حَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنِ الْعَلَاءِ

ص: 304

20062 -

وَبِإِسْنَادِهِ قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ يَعْنِي مُحَمَّدًا، عَنْ مَعْبَدِ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ» ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَإِنْ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا؟ قَالَ: «وَإِنْ كَانَ سِوَاكًا مِنْ أَرَاكٍ»

20063 -

وَفِي مَسَائِلِ حَرْمَلَةَ، عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ قَالَ: لَا بَأْسَ أَنْ يَفْتَدِيَ الرَّجُلُ يَمِينَهُ بِالشَّيْءِ يُعْطِيهِ الَّذِي يُرِيدُ أَنْ يَسْتَحْلِفَهُ، وَقَالَهُ الشَّافِعِيُّ

20064 -

قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ رُوِّينَا عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ يَمِينَهُ، وَعَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعَمٍ، أَنَّهُ فَدَى يَمِينَهُ بِعَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ

20065 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ الرَّبِيعِ: وَيَحْلِفُ الذِّمِّيُّونَ فِي بَيْعِهِمْ وَحَيْثُ يُعَظِّمُونَ، وَعَلَى التَّوْرَاةِ، وَالْإِنْجِيلِ، وَمَا عَظَّمُوا مِنْ كُتُبِهِمْ

20066 -

قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ رُوِّينَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي قِصَّةِ الرَّجْمِ: فَقَالَ لَهُمْ: «يَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى مَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاةِ مِنَ الْعُقُوبَةِ عَلَى مَنْ زَنَا وَقَدْ أُحْصِنَ؟»

⦗ص: 306⦘

20067 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَيَحْلِفُ الرَّجُلُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ عَلَى الْبَتِّ، وَعَلَى عِلْمِهِ فِي أَبِيهِ. . .، وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِي شَرْحِهِ

ص: 305

20068 -

وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ أَبِي يَحْيَى، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِرَجُلٍ حَلَّفَهُ:«احْلِفْ بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَّا هُوَ مَا لَهُ عِنْدَكَ شَيْءٌ» - يَعْنِي لِلْمُدَّعِي -

ص: 306

20069 -

وَرُوِّينَا فِي حَدِيثِ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ، أَنَّ رَجُلًا مِنْ كِنْدَةَ، وَرَجُلًا مِنْ حَضْرَمَوْتَ اخْتَصَمَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَرْضٍ بِالْيَمَنِ، فَقَالَ الْحَضْرَمِيُّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرْضِي اغْتَصَبَهَا أَبُو هَذَا؟ فَقَالَ لِلْكِنْدِيِّ: «مَا تَقُولُ؟» قَالَ: أَقُولُ: إِنَّهَا أَرْضِي وَفِي يَدِي، وَرِثْتُهَا مِنْ أَبِي، فَقَالَ لِلْحَضْرَمِيِّ:«هَلْ لَكَ بَيِّنَةٌ؟» قَالَ: لَا، وَلَكِنْ يَحْلِفُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِالَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ مَا يَعْلَمُ أَنَّهَا أَرْضِي اغْتَصَبَهَا أَبُوهُ، فَتَهَيَّأَ الْكِنْدِيُّ لِلْيَمِينِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّهُ لَا يَقْتَطِعُ رَجُلٌ مَالًا بِيَمِينِهِ إِلَّا لَقِيَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَهُوَ أَجْذَمُ» ، فَرَدَّهَا الْكِنْدِيُّ، أَخْبَرَنَاهُ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا تَمْتَامٌ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْكِنْدِيُّ، حَدَّثَنِي كُرْدُوسٌ التَّغْلِبِيُّ، عَنِ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَهُ

ص: 306

‌مَنْ بَدَأَ فَحَلَفَ قَبْلَ أَنْ يُحَلِّفَهُ الْحَاكِمُ، أَعَادَ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ الْيَمِينَ حَتَّى تَكُونَ يَمِينُهُ بَعْدَ خُرُوجِ الْحُكْمِ بِهَا

ص: 307

20070 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: فَالْحُجَّةُ فِيهِ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ شَافِعٍ، أَخْبَرَنَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ نَافِعِ بْنِ عُجَيْرِ بْنِ عَبْدِ يَزِيدَ، أَنَّ رُكَانَةَ بْنَ عَبْدِ يَزِيدَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، ثُمَّ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: إِنِّي طَلَّقْتُ امْرَأَتِي أَلْبَتَّةَ، وَاللَّهِ مَا أَرَدْتُ إِلَّا وَاحِدَةً، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«مَا أَرَدْتَ إِلَّا وَاحِدَةً؟» ، فَقَالَ رُكَانَةُ: وَاللَّهِ مَا أَرَدْتُ إِلَّا وَاحِدَةً، فَرَدَّهَا إِلَيْهِ

20071 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِذَا حَلَّفَ رَسُولُ اللَّهِ رُكَانَةَ فِي الطَّلَاقِ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْيَمِينَ فِي الطَّلَاقِ كَمَا هِيَ فِي غَيْرِهِ

ص: 307

ص: 307

‌الْبَيِّنَةُ بَعْدَ الْيَمِينِ

ص: 308

20073 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْمُدَّعِي: إِذَا سَأَلَ أَنْ يَحْلِفَ لَهُ الْمُدَّعِي أَحْلَفَهُ لَهُ الْقَاضِي، فَإِنْ ثَبَتَ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ أَخَذَ لَهُ بِهَا، وَكَانَتِ الْبَيِّنَةُ الْعَادِلَةُ أَوْلَى مِنَ الْيَمِينِ الْفَاجِرَةِ،

20074 -

وَحَكَى فِي مَوْضِعٍ آخَرَ عَنْ بَعْضِ الْعِرَاقِيِّينَ أَنَّهُ قَالَ: بَلَغَنَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَشُرَيْحٍ، أَنَّهُمَا كَانَا يَقُولَانِ:«الْيَمِينُ الْفَاجِرَةُ أَحَقُّ أَنْ تُرَدَّ مِنَ الْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ»

ص: 308

‌النُّكُولُ وَرَدُّ الْيَمِينِ

ص: 309

20075 -

احْتَجَّ الشَّافِعِيُّ فِي ذَلِكَ بِآيَةِ اللِّعَانِ كَمَا نَقَلَهُ الْمُزَنِيُّ رحمه الله،

20076 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنِ

⦗ص: 310⦘

أَبِي لَيْلَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَهْلٍ، أَنَّ سَهْلَ بْنَ أَبِي حَثْمَةَ، أَخْبَرَهُ، وَرِجَالًا مِنْ كُبَرَاءِ قَوْمِهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِحُوَيِّصَةَ وَمُحَيِّصَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ:«تَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ» قَالُوا: لَا قَالَ: «فَتَحْلِفُ يَهُودُ»

ص: 309

20077 -

وَبِإِسْنَادِهِمْ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، وَالثَّقَفِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وَبَشِيرِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «بَدَأَ بِالْأَنْصَارِيَّيْنِ، فَلَمَّا لَمْ يَحْلِفُوا رَدَّ الْأَيْمَانَ عَلَى الْيَهُودِ» ،

20078 -

وَبِإِسْنَادِهِمْ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ بَشِيرِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ

⦗ص: 311⦘

،

20079 -

هَكَذَا رَوَى الشَّافِعِيُّ، هَذِهِ الْأَخْبَارَ هَاهُنَا مُخْتَصَرَةً وَقَدْ سَاقَهَا بِمُتُونِهَا فِي كِتَابِ الْقَسَامَةِ، وَحَمَلَ هَاهُنَا حَدِيثَ سُفْيَانَ عَلَى حَدِيثِ عَبْدِ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيِّ، وَكَذَلِكَ فَعَلَهُ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ؛ لِأَنَّ سُفْيَانَ كَانَ يَشُكُّ فِيهِ، وَقَدْ بَيَّنَا ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْقَسَامَةِ

ص: 310

20080 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ: قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنِ ابْنِ سَهْلٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ لَيْثٍ أَجْرَى فَرَسًا فَوَطِئَ عَلَى إِصْبَعِ رَجُلٍ مِنْ جُهَيْنَةَ فَنُزِيَ مِنْهَا فَمَاتَ، فَقَالَ عُمَرُ لِلَّذِينَ ادُّعِيَ عَلَيْهِمْ:" تَحْلِفُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا مَا مَاتَ مِنْهَا، فَأَبَوْا وَتَحَرَّجُوا عَنِ الْأَيْمَانِ، فَقَالَ لِلْآخَرِينَ: احْلِفُوا أَنْتُمْ فَأَبَوْا "،

20081 -

زَادَ أَبُو سَعِيدٍ فِي رِوَايَتِهِ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَقَدْ رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْيَمِينَ عَلَى الْأَنْصَارِيَّيْنِ يَسْتَحِقُّونَ، فَلَمَّا لَمْ يَحْلِفُوا حَوَّلَهَا عَلَى الْيَهُودِ يَبْرَؤُنَ بِهَا، وَرَأَى عُمَرُ الْيَمِينَ عَلَى اللَّيْثِيِّينَ يَبْرَؤُنَ بِهَا، فَلَمَّا أَبَوْا حَوَّلَهَا عَلَى الْجُهَنِيِّينَ يَسْتَحِقُّونَ بِهَا، فَكُلُّ هَذَا تَحْوِيلُ يَمِينٍ مِنْ مَوْضِعٍ قَدْ رُئِيَتْ فِيهِ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي يُخَالِفُهُ، فَهَذَا وَمَا أَدْرَكْنَا عَلَيْهِ أَهْلَ الْعِلْمِ قُلْنَا فِي رَدِّ الْيَمِينِ،

20082 -

ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ: فَأَمْضَيْتُ سُنَّتَهُ فِي رَدِّ الْيَمِينِ عَلَى مَا جَاءَتْ، وَسُنَّتَهُ فِي الْبَيِّنَةِ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى مَا جَاءَتْ فِيهِ، وَلَمْ يَكُنْ فِي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: رَدُّ الْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيَانُ أَنَّ النُّكُولَ كَالْإِقْرَارِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مِنَ النُّكُولِ شَيْءٌ يُصَدِّقُهُ،

20083 -

زَادَ فِي الْقَدِيمِ: وَالْيَمِينُ عَلَيْهِ يَبْرَأُ بِهَا إِنْ حَلَفَ، وَلَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ لَا أَنَّهُ إِنْ لَمْ يَحْلِفْ لَزِمَهُ مَا ادَّعَى عَلَيْهِ،

20084 -

ثُمَّ نَاقَضَهُمْ فِي الْجَدِيدِ بِالْقَصَاصِ حَيْثُ لَمْ يَجْعَلُوا النُّكُولَ فِيهِ، وَلَا فِي الْحُدُودِ كَالْإِقْرَارِ

ص: 311

20085 -

وَفِي كِتَابِ الدَّارَقُطْنِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ الْفُرَاتِ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «رَدَّ الْيَمِينَ عَلَى طَالِبِ الْحَقِّ» ،

20086 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَارِثِ الْفَقِيهُ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ الْأَنْطَاكِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدَ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا مَسْرُوقٌ، فَذَكَرَهُ،

20087 -

وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْهَرَوِيُّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الصَّمَدِ الدِّمَشْقِيِّ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ،

20088 -

وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَهُوَ غَرِيبٌ وَفِي إِسْنَادِهِ مَنْ يُجْهَلُ، وَفِيمَا مَضَى كِفَايَةٌ

ص: 312

20089 -

وَرُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَهُوَ فِيمَا رَوَاهُ حُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ضُمَيْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَلِيٍّ، أَنَّهُ قَالَ:«الْيَمِينُ مَعَ الشَّاهِدِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيِّنَةٌ فَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعِي»

ص: 312

20090 -

وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْهُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ: «الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْلَى بِالْيَمِينِ، فَإِنْ نَكَلَ أُحْلِفَ صَاحِبُ الْحَقِّ وَأَخَذَ» ،

20091 -

وَهُوَ فِي كِتَابِ الدَّارَقُطْنِيِّ

ص: 312

20092 -

وَفِي كِتَابِ «الْمَخْرَجِ» لِأَبِي الْوَلِيدِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ وَفِيهِ إِرْسَالٌ: أَنَّ الْمِقْدَادَ اسْتَقْرَضَ مِنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنه سَبْعَةَ آلَافِ

⦗ص: 313⦘

دِرْهَمٍ، فَلَمَّا قَاضَاهُ قَالَ: إِنَّمَا هِيَ أَرْبَعَةُ آلَافٍ، فَخَاصَمَهُ إِلَى عُمَرَ، فَقَالَ الْمِقْدَادُ أَحْلِفْهُ أَنَّهَا سَبْعَةَ آلَافٍ، فَقَالَ عُمَرُ:«أَنْصَفَكَ» ، فَأَبَى أَنْ يَحْلِفَ، فَقَالَ عُمَرُ:«خُذْ مَا أَعْطَاكَ»

ص: 312

‌الشَّهَادَاتُ

ص: 314

20093 -

أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، إِجَازَةً أَنَّ أَبَا الْعَبَّاسِ، حَدَّثَهُمْ عَنِ الرَّبِيعِ، عَنِ الشَّافِعِيِّ قَالَ:«لَيْسَ مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ نَعْلَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَلِيلًا بِمَحْضِ الطَّاعَةِ وَالْمُرُوءَةِ حَتَّى لَا يَخْلِطَهَا بِمَعْصِيَةٍ، وَلَا تَرْكِ الْمُرُوءَةِ، وَلَا بِمَحْضِ الْمَعْصِيَةِ، وَتَرْكِ الْمُرُوءَةِ حَتَّى لَا يَخْلِطَهَا بِشَيْءٍ مِنَ الطَّاعَةِ وَالْمُرُوءَةِ، فَإِنْ كَانَ الْأَغْلَبُ عَلَى الرَّجُلِ الْأَظْهَرُ مِنْ أَمْرِهِ الطَّاعَةَ وَالْمُرُوءَةَ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ، وَإِذَا كَانَ الْأَغْلَبُ الْأَظْهَرُ مِنْ أَمْرِهِ الْمَعْصِيَةَ وَخِلَافَ الْمُرُوءَةِ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ، وَكُلُّ مَنْ كَانَ مُقِيمًا عَلَى مَعْصِيَةٍ فِيهَا حَدٌّ فَلَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ، وَكُلُّ مَنْ كَانَ مُنْكَشِفَ الْحَالِ فِي الْكَذِبِ مُظْهِرَهُ غَيْرَ مُسْتَتِرٍ بِهِ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ جُرِّبَ بِشَهَادَةِ زُورٍ»

ص: 314

20094 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، فِيمَا قَرَأْتُ عَلَيْهِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَاذَانَ الرَّازِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا الْفَضْلِ بْنَ مُهَاجِرٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ الْمُزَنِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ " وَسُئِلَ: مَنِ الْعَدْلُ؟ قَالَ: مَا أَحَدٌ يُطِيعُ اللَّهَ حَتَّى لَا يَعْصِيَهُ، وَمَا أَحَدٌ يَعْصِي اللَّهَ حَتَّى لَا يُطِيعَهُ، وَلَكِنْ إِذَا كَانَ أَكْثَرُ عَمَلِهِ الطَّاعَةَ، وَلَا يُقْدِمُ عَلَى كَبِيرَةٍ فَهُوَ عَدْلٌ "،

20095 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَمْرِو بْنَ مَطَرٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ مُوسَى بْنَ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ الْبُسْتِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبْدِ الْحَكَمِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ مِثْلَهُ

ص: 314

20096 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْوَلِيدِ الْفَقِيهَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا الْعَبَّاسِ بْنَ سُرَيْجٍ، يَقُولُ: وَسُئِلَ عَنْ صِفَةِ الْعَدَالَةِ، فَقَالَ:«يَكُونُ حُرًّا مُسْلِمًا بَالِغًا عَاقِلًا، غَيْرَ مُرْتَكِبٍ لَكَبِيرَةٍ، وَلَا مُصِرٍّ عَلَى صَغِيرَةٍ، وَلَا يَكُونُ تَارِكًا لِلْمُرُوءَةِ فِي غَالِبِ الْعَادَةِ»

⦗ص: 315⦘

،

20097 -

وَهَذَا تَلْخِيصُ مَا قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ

ص: 314

20099 -

وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ فِي رِوَايَةِ الزَّعْفَرَانِيِّ بِحَدِيثٍ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ ذِي الظِّنَّةِ وَالْحِنَةِ» ،

20100 -

أَخْبَرَنَاهُ أَبُو صَالِحِ بْنُ أَبِي طَاهِرٍ الْعَنْبَرِيُّ، أَخْبَرَنَا جَدِّي يَحْيَى بْنُ مَنْصُورٍ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، أَخْبَرَنَا الْقَعْنَبِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، فَذَكَرَهُ، وَزَادَ: وَالْجِنَّةُ

20101 -

قَالَ: وَالْجِنَّةُ: الْجُنُونُ، وَالْحِنَةُ: الَّذِي يَكُونُ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ.

20102 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَبِهَذَا نَأْخُذُ، وَهُوَ الْأَمْرُ الَّذِي لَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا يَقُولُ بِخِلَافِهِ، وَلَا يُحْكَى عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عِنْدَنَا خِلَافُهُ، وَهَذَا قَوِّيٌ عِنْدَنَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَإِنْ كَانَ الْحَدِيثُ فِيهِ مُنْقَطِعًا

20103 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَكَّدَ الشَّافِعِيُّ هَذَا الْمُرْسَلَ بَأَنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُ بِهِ،

20104 -

وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ مُنْقَطِعًا بِبَعْضِ مَعْنَاهُ، وَهُوَ مِمَّا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي الْمَرَاسِيلِ

ص: 315

20105 -

وَأَوْرَدَهُ أَبُو عُبَيْدٍ فِي كِتَابِهِ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ مُنَادِيًا حَتَّى انْتَهَى إِلَى الثَّنِيَّةِ:«إِنَّهُ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ خَصْمٍ، وَلَا ظِنِّينٍ» ،

20106 -

وَرُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ مَوْصُولًا

ص: 316

20107 -

أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «رَدَّ شَهَادَةَ الْخَائِنِ، وَالْخَائِنَةِ، وَذِي الْغِمْرِ عَلَى أَخِيهِ، وَرَدَّ شَهَادَةَ الْقَانِعِ لِأَهْلِ الْبَيْتِ، وَأَجَازَهَا لِغَيْرِهِمْ»

ص: 316

20108 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ يَعْنِي الرُّوذْبَارِيَّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، بِإِسْنَادِهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ خَائِنٍ وَلَا خَائِنَةٍ، وَلَا زَانٍ وَلَا زَانِيَةٍ، وَلَا ذِي غِمْرٍ عَلَى أَخِيهِ»

20109 -

قَالَ أَحْمَدُ: بَلَغَنِي عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، أَنَّهُ قَالَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: لَا نَرَاهُ خَصَّ بِهِ الْخِيَانَةَ فِي أَمَانَاتِ النَّاسِ دُونَ مَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَى عِبَادِهِ وَائْتَمَنَهُمْ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ قَدْ سَمَّى ذَلِكَ كُلَّهُ أَمَانَةً، فَقَالَ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ

⦗ص: 317⦘

وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ، فَمَنْ ضَيَّعَ شَيْئًا مِمَّا أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ، أَوْ رَكِبَ شَيْئًا مِمَّا نَهَاهُ اللَّهُ عَنْهُ، فَلَيْسَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَدْلًا لِأَنَّهُ لَزِمَهُ اسْمُ الْخِيَانَةِ

20110 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ لِأَنَّهُ مِنْهُ، فَكَأَنَّهُ شَهِدَ لِبَعْضِهِ، وَلَا لِآبَائِهِ لِأَنَّهُ مِنْ آبَائِهِ، فَإِنَّمَا شَهِدَ لِشَيْءٍ هُوَ مِنْهُ قَالَ: وَهَذَا مِمَّا لَا أَعْرِفُ فِيهِ خِلَافًا

20111 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ الْمُنْذِرِ الْخِلَافَ فِيهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَغَيْرِهِمَا،

20112 -

وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مِنْ أَصْحَابِنَا: أَبُو ثَوْرٍ، وَالْمُزَنِيُّ

ص: 316

20113 -

وَفِيمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي ذَلِكَ نَظَرٌ، فَمَشْهُورٌ عَنْهُ أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ:«الْمُسْلِمُونَ عُدُولٌ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا مَجْلُودًا فِي حَدٍّ، أَوْ مُجَرَّبًا عَلَيْهِ شَهَادَةُ الزُّورِ، أَوْ ظِنِّينًا فِي وَلَاءٍ أَوْ قَرَابَةٍ»

20114 -

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: الظِّنِّينُ فِي الْوَلَاءِ وَالْقَرَابَةِ: الَّذِي يُتَّهَمُ بِالدَّعَاوِي إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ، أَوِ الْمُتَوَلِّي غَيْرَ مَوَالِيهِ، وَقَدْ يَكُونُ أَنِ اتُّهِمَ فِي شَهَادَتِهِ لِقَرِيبِهِ كَالْوَالِدِ لِلْوَلَدِ وَالْوَلَدِ لِلْوَالِدِ

20115 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَإِذَا لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُ لِنَفْسِهِ، وَوَلَدُهُ بَعْضٌ مِنْهُ وَهُوَ بَعْضُ وَلَدِهِ، فَكَيْفَ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لَهُ؟ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

20116 -

وَأَمَّا شَهَادَةُ الْأَخِ لِأَخِيهِ فَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ أَجَازَهَا، وَهُوَ قَوْلُ شُرَيْحٍ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَالشَّعْبِيِّ، وَالنَّخْعِيِّ

ص: 317

20117 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَرُوِّينَا عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ مُوسَى وَهُوَ ابْنُ شَيْبَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «أَبْطَلَ شَهَادَةَ رَجُلٍ فِي كِذْبَةٍ كَذَبَهَا» ، أَخْبَرَنَاهُ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، فَذَكَرَهُ،

20118 -

وَهَذَا مُرْسَلٌ وَلَهُ شَوَاهِدُ فِي ذَمِّ الْكَذِبِ

ص: 318

20119 -

وَرُوِّينَا فِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أُمِّهِ أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ عُقْبَةَ، أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«لَيْسَ الْكَذَّابُ بِالَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ فَيَنْمِي خَيْرًا أَوْ يَقُولُ خَيْرًا» ،

20120 -

وَقَالَتْ: لَمْ أَسْمَعْهُ يُرَخِّصُ فِي شَيْءٍ مِمَّا يَقُولُ النَّاسُ إِلَّا فِي ثَلَاثٍ: فِي الْحَرْبِ، وَالْإِصْلَاحِ بَيْنَ النَّاسِ، وَحَدِيثِ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ، وَحَدِيثِ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا

ص: 318

‌شَهَادَةُ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ

⦗ص: 320⦘

20121 -

كَلَامُ الشَّافِعِيِّ رحمه الله فِي كِتَابِ «أَدَبِ الْقَاضِي» يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَذْهَبُ إِلَى قَبُولِ شَهَادَتِهِمْ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْهُمْ مَنْ يُعْرَفُ بِاسْتِحْلَالِ شَهَادَةِ الزُّورِ عَلَى الرَّجُلِ لِأَنَّهُ يَرَاهُ حَلَالَ الدَّمِ وَالْمَالِ، فَتُرَدَّ شَهَادَتُهُ بِالزُّورِ،

20122 -

أَوْ يَكُونَ مِنْهُمْ مَنْ يَسْتَحِلُّ الشَّهَادَةَ لِلرَّجُلِ إِذَا وَثِقَ بِهِ، فَيُحَلِّفَهُ لَهُ عَلَى حَقِّهِ، وَيَشْهَدَ لَهُ بِالْبَتِّ بِهِ، وَلَمْ يَحْضُرْهُ وَلَمْ يَسْمَعْهُ، فَتُرَدَّ شَهَادَتُهُ مِنْ قِبَلِ اسْتِحْلَالِهِ لِلشَّهَادَةِ بِالزُّورِ،

20123 -

أَوْ يَكُونَ مِنْهُمْ مَنْ يُبَايِنُ الرَّجُلَ الْمُخَالِفَ لَهُ مُبَايَنَةَ الْعَدَاوَةِ لَهُ، فَتُرَدَّ شَهَادَتُهُ مِنْ جِهَةِ الْعَدَاوَةِ،

20124 -

ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ: وَأَيُّهُمْ سَلِمَ مِنْ هَذَا أَجَزْتُ شَهَادَتَهُ،

20125 -

وَشَهَادَةُ مَنْ يَرَى الْكَذِبَ شِرْكًا بِاللَّهِ أَوْ مَعْصِيَةً لَهُ وَيُوجِبُ عَلَيْهَا النَّارَ أَوْلَى أَنْ تَطِيبَ النَّفْسُ عَلَيْهَا مِنْ شَهَادَةِ مَنْ يُخَفِّفُ الْمَأْثَمَ فِيهَا، وَكَأَنَّهُ لَا يَرَى بِكُفْرِهِمْ،

20126 -

وَقَدْ حَكَيْنَا عَنْهُ، وَعَنْ غَيْرِهِ مِنْ أَئِمَّةِ الدِّينِ أَنَّهُمْ كَفَّرُوا الْقَدَرِيَّةَ، وَمَنْ أَنْكَرَ مِنْهُمْ صِفَاتِ اللَّهِ الذَّاتِيَّةَ نَحْوَ: الْكَلَامِ، وَالْعِلْمِ، وَالْقُدْرَةِ،

20127 -

فَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِالتَّكْفِيرِ مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ مِنْ نَفْيِ الصِّفَاتِ الَّتِي أَثْبَتَهَا اللَّهُ تَعَالَى لِنَفْسِهِ فِي كِتَابِهِ، وَجُحُودِهِمْ لَهَا بِتَأْوِيلٍ بَعِيدٍ، وَلَمْ يُرِدْ كُفْرًا يَخْرُجُونَ بِهِ عَنِ الْمِلَّةِ لِاعْتِقَادِهِمْ إِثْبَاتَ مَا أَثْبَتَ اللَّهُ فِي الْجُمْلَةِ، وَإِنْ كَانُوا تَرَكُوا هَذَا الْأَصْلَ فِي بَعْضِ مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ بِشُبْهَةٍ فَأَخْطَئُوا، كَمَا لَمْ يَخْرُجْ عَنِ الْمِلَّةِ مَنْ أَنْكَرَ إِثْبَاتَ الْمُعَوِّذَتَيْنِ فِي الْمَصَاحِفِ كَسَائِرِ السُّوَرِ، لِمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مِنَ الشُّبْهَةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ

20128 -

وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ: «الْقَدَرِيَّةُ مَجُوسُ هَذِهِ الْأُمَّةِ»

⦗ص: 321⦘

،

20129 -

فَإِنَّمَا سَمَّاهُمْ مَجُوسًا لِمُضَاهَاةِ بَعْضِ مَا يَذْهَبُونَ إِلَيْهِ مَذَاهِبَ الْمَجُوسِ

20130 -

وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً»

20131 -

قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رحمه الله: فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْفِرَقَ كُلَّهَا غَيْرُ خَارِجِينَ مِنَ الدِّينِ؛ إِذِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم جَعَلَهُمْ كُلَّهُمْ مِنْ أُمَّتِهِ، وَأَنَّ الْمُتَأَوِّلَ لَا يَخْرُجُ مِنَ الْمِلَّةِ، وَإِنْ أَخْطَأَ فِي تَأْوِيلِهِ

20132 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَسَمِعْتُ أَبَا حَازِمٍ الْعَبْدَوِيَّ يَقُولُ: لَمَّا قَرُبَ حُضُورُ أَجَلِ أَبِي الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ رحمه الله فِي دَارِي بِبَغْدَادَ دَعَانِي، فَأَتَيْتُهُ، فَقَالَ:«اشْهَدْ عَلَى أَنِّي لَا أُكَفِّرُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الْقِبْلَةِ؛ لِأَنَّ الْكَلَّ يُشِيرُونَ إِلَى مَعْبُودٍ وَاحِدٍ، وَإِنَّمَا هَذَا كُلُّهُ اخْتِلَافُ الْعِبَارَاتِ»

⦗ص: 322⦘

20133 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِنْ كَانُوا هَكَذَا - يَعْنِي أَهْلَ الْأَهْوَاءِ - فَاللَّاعِبُ بِالشَّطَرَنْجِ وَإِنْ كَرِهْنَا لَهُ، وَبِالْحَمَامِ وَإِنْ كَرِهْنَا لَهُ، أَخَفُّ حَالًا مِنْ هَؤُلَاءِ بِمَا لَا يُحْصَى وَلَا يُقَدَّرُ، فَأَمَّا إِنْ قَامَرَ رَجُلٌ بِالْحَمَامِ، أَوْ بِالشَّطَرَنْجِ رَدَدْنَا شَهَادَتَهُ

20134 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَإِنَّمَا لَمْ يَرُدَّ شَهَادَتَهُ إِذَا لَمْ يُقَامِرْ بِهِ لِمَا فِيهِ مِنَ اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ

ص: 319

20135 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْعَبَّاسِ مُحَمَّدَ بْنَ يَعْقُوبَ يَقُولُ: سَمِعْتُ الرَّبِيعَ بْنَ سُلَيْمَانَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: لَعِبَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ بِالشَّطَرَنْجِ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ، فَيَقُولُ:«بِأَيْشٍ دَفَعَ كَذَا؟» قَالَ: بِكَذَا قَالَ: «ادْفَعْ بِكَذَا»

ص: 322

20136 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ رَشِيقٍ، إِجَازَةً، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الرَّبِيعٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ يَلْعَبَانِ بِالشَّطَرَنْجِ اسْتِدْبَارًا "

20137 -

قَالَ أَحْمَدُ: كَذَا وَجَدْتُهُ، وَأَظُنُّهُ أَرَادَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ دُونَ ابْنِ سِيرِينَ فَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ سِيرِينَ أَنَّهُ كَرِهَهُ

20138 -

وَرُوِّينَا عَنِ الشَّعْبِيِّ، أَنَّهُ كَانَ يَلْعَبُ بِهِ، وَعَنِ الْحَسَنِ، أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بِهِ بَأْسًا

⦗ص: 323⦘

20139 -

فَأَمَّا الْكَرَاهِيَةُ فَلِمَا رُوِيَ فِيهِ، عَنْ عَلِيٍّ، أَنَّهُ مَرَّ عَلَى قَوْمٍ يَلْعَبُونَ بِالشَّطَرَنْجِ فَقَالَ: مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ،

20140 -

وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: لِغَيْرِ هَذَا خُلِقْتُمْ

20141 -

وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِي سَعِيدٍ، وَعَائِشَةَ أَنَّهُمْ كَرِهُوا ذَلِكَ وَرُوِّينَا فِي كَرَاهِيَتِهِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، وَابْنِ الْمُسَيِّبِ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَإِبْرَاهِيمَ، وَالزُّهْرِيِّ، وَيَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ

20142 -

وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى رَجُلًا يَتْبَعُ حَمَامَةً فَقَالَ:«شَيْطَانٌ يَتْبَعُ شَيْطَانَةً»

ص: 322

20143 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله نَكْرَهُ مِنْ وَجْهِ الْخَبَرِ: " اللَّعِبَ بِالنَّرْدِ أَكْثَرَ مِمَّا يُكْرَهُ اللَّعِبُ بِشَيْءٍ مِنَ الْمَلَاهِي، وَلَا نُحِبُّ اللَّعِبَ بِالشَّطَرَنْجِ، وَهِيَ أَخَفُّ مِنَ النَّرْدِ، وَنَكْرَهُ اللَّعِبَ بِالْحَزَّةِ، وَالْقَرْقِ، وَكُلَّمَا لَعِبَ النَّاسُ بِهِ؛ لِأَنَّ اللَّعِبَ لَيْسَ مِنْ صِفَةِ أَهْلِ الدِّينِ

⦗ص: 324⦘

، وَلَا الْمُرُوءَةِ، وَمَنْ لَعِبَ بِشَيْءٍ مِنْ هَذَا عَلَى الِاسْتِحْلَالِ لَهُ لَمْ تُرَدَّ شَهَادَتُهُ

20144 -

قَالَ: وَإِنْ غَفَلَ بِهِ عَنِ الصَّلَاةِ فَأَكْثَرَ حَتَّى تَفُوتَهُ، ثُمَّ يَعُودَ لَهُ حَتَّى تَفُوتَهُ، رَدَدْنَا شَهَادَتَهُ عَلَى الِاسْتِخْفَافِ بِمَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ

20145 -

قَالَ: وَالْحِزَّةُ تَكُونُ قِطْعَةً خَشَبِيَّةً يَكُونُ فِيهَا حُفَرٌ يَلْعَبُونَ بِهَا "

ص: 323

20146 -

أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ، حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الْأَزْرَقِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدَشِيرِ فَهُوَ كَمَنْ غَمَسَ يَدَهُ فِي لَحْمِ الْخِنْزِيرِ وَدَمِهِ» ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، مِنْ حَدِيثِ الثَّوْرِيِّ

ص: 324

20147 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، فِيمَا قَرَأَ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ

⦗ص: 325⦘

لَعِبَ بِالنَّرْدِ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ»

ص: 324

20148 -

رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ حَرْمَلَةَ، عَنْ مَالِكٍ، وَرَوَاهُ عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ:«مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدِ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ»

20149 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَرُوِّينَا عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«لَسْتُ مِنْ دَدٍ، وَلَا دَدٌ مِنِّي»

20150 -

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: الدَّدُ: اللَّعِبُ وَاللَّهْوُ

20151 -

قَالَ أَحْمَدُ: رُوِّينَا عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، أَنَّهُ قَالَ:«كُلُّ مَا أَلْهَى عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ، وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهُوَ مَيْسَرٌ»

20152 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَأَمَّا مُلَاعَبَةُ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ، وَإِجْرَاؤُهُ الْخَيْلَ، وَتَأْدِيبُهُ فَرَسَهُ، وَتَعْلِيمُهُ الرَّمْيَ، وَرَمْيُهُ، فَلَيْسَ ذَلِكَ مِنَ اللَّعِبِ، وَلَا نَنْهَى عَنْهُ

ص: 325

20153 -

وَهَذَا لِمَا: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أَخْبَرَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ مَزْيَدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنَ جَابِرٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو سَلَّامٍ الْأَسْوَدُ، عَنْ خَالِدِ بْنِ زَيْدٍ، أَنَّ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ حَدَّثَهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَزَّ يُدْخِلُ بِالسَّهْمِ الْوَاحِدِ ثَلَاثَةَ نَفَرٍ الْجَنَّةَ: صَانِعَهُ يَحْتَسِبُ فِي صَنْعَتِهِ الْخَيْرَ، وَمُنْبِلَهُ، وَالرَّامِيَ بِهِ، ارْمُوا وَارْكَبُوا، وَأَنْ تَرْمُوا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ تَرْكَبُوا، وَلَيْسَ مِنَ اللَّهْوِ إِلَّا ثَلَاثَةٌ: تَأْدِيبُ الرَّجُلِ فَرَسَهُ، وَمُلَاعَبَتُهُ زَوْجَتَهُ، وَرَمْيُهُ بِنَبْلِهِ عَنْ قَوْسِهِ، وَمَنْ عَلِمَ الرَّمْيَ ثُمَّ تَرَكَهُ فَهِيَ نِعْمَةٌ كَفَرَهَا "

⦗ص: 326⦘

،

20154 -

وَرَوَاهُ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَّامٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْأَزْرَقِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ

ص: 325

‌شَهَادَةُ أَهْلِ الْغِنَاءِ

ص: 327

20155 -

أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، إِجَازَةً أَنَّ أَبَا الْعَبَّاسِ، حَدَّثَهُمْ عَنِ الرَّبِيعِ، عَنِ الشَّافِعِيِّ «فِي الرَّجُلِ يُغَنِّي فَيَتَّخِذُ الْغِنَاءَ صِنَاعَةً لَهُ يُؤْتَى عَلَيْهِ وَيَأْتِي لَهُ، وَيَكُونُ مَنْسُوبًا إِلَيْهِ مَشْهُورًا بِهِ مَعْرُوفًا، وَالْمَرْأَةِ، فَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَذَلِكَ أَنَّهُ مِنَ اللَّهْوِ الْمَكْرُوهِ الَّذِي يُشْبِهُ الْبَاطِلَ، وَأَنَّ مَنْ صَنَعَ هَذَا يَكُونُ مَنْسُوبًا إِلَى السَّفَهِ وَسَقَاطَةِ الْمُرُوءَةِ، وَمَنْ رَضِيَ هَذَا لِنَفْسِهِ كَانَ مُسْتَخِفًّا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُحَرَّمًا بَيِّنَ التَّحْرِيمِ»

20156 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ مَسْعُودِ، أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [لقمان: 6] قَالَ: هُوَ وَاللَّهِ الْغِنَاءُ

20157 -

وَرُوِّينَاهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَنْ مُجَاهِدٍ، وَعِكْرِمَةَ، وَإِبْرَاهِيمَ

20158 -

وَرُوِّينَاهُ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّهُ قَالَ:«الْغِنَاءُ يُنْبِتُ النِّفَاقَ فِي الْقَلْبِ كَمَا يُنْبِتُ الْمَاءُ الزَّرْعَ»

20159 -

وَرُوِّينَاهُ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْغِنَاءِ، فَقَالَ:«أَنْهَاكَ عَنْهُ وَأَكْرَهُهُ» قَالَ: أَحَرَامٌ هُوَ؟ قَالَ: " انْظُرْ يَا ابْنَ أَخِي: إِذَا مَيَّزَ اللَّهُ الْحَقَّ مِنَ الْبَاطِلِ فِي أَيِّهِمَا تَجْعَلُ الْغِنَاءَ؟ "

⦗ص: 328⦘

20160 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَوْ كَانَ لَا يَنْسِبُ نَفْسَهُ إِلَيْهِ وَكَانَ إِنَّمَا يُعْرَفُ بِأَنَّهُ يَطْرَبُ فِي الْحَالِ فَيَتَرَنَّمُ فِيهَا، وَلَا يُؤْتَى لِذَلِكَ، وَلَا يَأْتِي عَلَيْهِ، وَلَا يَرْضَى بِهِ لَمْ يُسْقِطْ هَذَا شَهَادَتَهُ، وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ

ص: 327

20161 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحَارِثِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ مِنْ جَوَارِي الْأَنْصَارِ تُغَنِّيَانِ بِمَا تَقَاوَلَتِ الْأَنْصَارُ يَوْمَ بُعَاثٍ قَالَتْ: وَلَيْسَتَا مُغَنِّيَتَيْنِ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمَزْمُورُ الشَّيْطَانِ فِي بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ وَذَلِكَ يَوْمُ عِيدٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«يَا أَبَا بَكْرٍ، إِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا، وَهَذَا عِيدُنَا» ، أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ، مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُسَامَةَ،

20162 -

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ إِشَارَةٌ إِلَى جُمْلَةِ مَا ذَكَرَ الشَّافِعِيُّ، وَذَاكَ لِأَنَّهَا قَالَتْ:«وَلَيْسَتَا مُغَنِّيَتَيْنِ» ، فَأَشَارَتْ إِلَى أَنَّ الْغِنَاءَ لَمْ يَكُنْ مِنْ صِنَاعَتِهِمَا، وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا، وَهَذَا عِيدُنَا» ، فَأَشَارَ إِلَى أَنَّهُ إِنَّمَا يُفْعَلُ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ دُونَ بَعْضٍ،

20163 -

وَقَدْ رَوَاهُ الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُرْوَةَ، وَزَادَ فِيهِ:«وَعِنْدَهَا جَارِيَتَانِ فِي أَيَّامِ مِنًى تُغَنِّيَانِ وَتُدَفِّقَانِ وَتَضْرِبَانِ» ،

20164 -

وَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَأَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ

⦗ص: 329⦘

، وَأَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ تَرَنُّمَهُمْ بِالْأَشْعَارِ فِي أَسْفَارِهِمْ،

20165 -

وَرُوِّينَاهُ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَرْقَمِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ فِي مَجَالِسِهِمْ.

20166 -

وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ بِلَالٍ، وَسُئِلَ عَطَاءٌ عَنِ الْغِنَاءِ بِالشِّعْرِ، فَقَالَ: لَا أَرَى بِهِ بَأْسًا مَا لَمْ يَكُنْ فُحْشًا

20167 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الرَّجُلِ يَتَّخِذُ الْغُلَامَ وَالْجَارِيَةَ الْمُغَنِّيِّينَ: إِنْ كَانَ يَجْمَعُ عَلَيْهِمَا وَيُغَنِّيَا، فَهَذَا سَفَهٌ تُرَدُّ بِهِ شَهَادَتُهُ، وَهُوَ فِي الْجَارِيَةِ أَكْثَرُ مِنْ قِبَلِ أَنَّ فِيهِ سَفَهًا وَدَيَاثَةً

20168 -

قَالَ أَحْمَدُ: رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:" ثَلَاثَةٌ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ: الْعَاقُّ وَالِدَيْهِ، وَالدَّيُّوثُ، وَرَجُلَةُ النِّسَاءِ "

20169 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَأَمَّا اسْتِمَاعُ الْحُدَاءِ وَنَشِيدِ الْأَعْرَابِ فَلَا بَأْسَ بِهِ كَثُرَ أَوْ قَلَّ، وَكَذَلِكَ اسْتِمَاعُ الشِّعْرِ

ص: 328

20170 -

أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَرْدَفَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:«هَلْ مَعَكَ مِنْ شِعْرِ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ شَيْءٌ؟» قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ قَالَ: «هِيهْ» قَالَ: فَأَنْشَدْتُهُ بَيْتًا قَالَ

⦗ص: 330⦘

: «هِيهْ» قَالَ: فَأَنْشَدْتُهُ حَتَّى بَلَغْتُ مِائَةَ بَيْتٍ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، عَنِ ابْنِ أًَبِي عُمَرَ، عَنْ سُفْيَانَ

ص: 329

20171 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: وَسَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْحُدَاءَ وَالرَّجَزَ، وَأَمَرَ ابْنَ رَوَاحَةَ فِي سَفَرِهِ فَقَالَ:«حَرِّكْ بِالْقَوْمِ» ، فَانْدَفَعَ يَرْجُزُ

20172 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَرَجَزُهُ فِي رِوَايَةِ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ رحمه الله:

[البحر الرجز]

وَاللَّهِ لَوْلَا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا

وَلَا تَصَدَّقْنَا وَلَا صَلَّيْنَا

فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا

وَثَبِّتِ الْأَقْدَامَ إِنْ لَاقَيْنَا،

20173 -

وَرَجَزُهُ فِيمَا رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ:

خَلُّوا بَنِي الْكُفَّارِ عَنْ سَبِيلِهْ

قَدْ نَزَّلَ الرَّحْمَنُ فِي تَنْزِيلِهْ

إِنَّ خَيْرَ الْقَتْلِ فِي سَبِيلِهْ

نَحْنُ قَاتَلْنَاكُمْ عَلَى تَأْوِيلِهْ

كَمَا قَاتَلْنَاكُمْ عَلَى تَنْزِيلِهْ

20174 -

وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى:

الْيَوْمَ نَضْرِبُكُمْ عَلَى تَنْزِيلِهْ

ضَرْبًا يُزِيلُ الْهَامَ عَنْ مَقِيلِهْ

وَيُذْهِلُ الْخَلِيلَ عَنْ خَلِيلِهْ

يَا رَبِّ إِنِّي مُؤْمِنٌ بِقِيلِهْ

⦗ص: 331⦘

20175 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَأَدْرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَكْبًا مِنْ بَنِي تَمِيمٍ وَمَعَهُمْ حَادٍ، فَأَمَرَهُمْ بِأَنْ يَحْدُوا، وَقَالَ:«إِنَّ حَادِينَا وَنَى مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ» ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، نَحْنُ أَوَّلُ الْعَرَبِ حُدَاءً بِالْإِبِلِ قَالَ:«وَكَيْفَ ذَاكَ؟» ، قَالُوا: كَانَتِ الْعَرَبُ يُغِيرُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ، فَأَغَارَ رَجُلٌ مِنَّا، فَاسْتَاقَ إِبِلًا فَتَبَدَّدَتْ، فَغَضِبَ عَلَى غُلَامِهِ، فَضَرَبَهُ بِالْعَصَا، فَأَصَابَ يَدَهُ، فَقَالَ الْغُلَامُ: وَايَدَاهُ وَايَدَاهُ قَالَ: فَجَعَلَتِ الْإِبِلُ تَجْتَمِعُ قَالَ: فَهَكَذَا فَعَلَ قَالَ: وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَضْحَكُ، فَقَالَ:«مِمَّنْ أَنْتُمْ؟» ، قَالُوا: نَحْنُ مِنْ مُضَرَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«وَنَحْنُ مِنْ مُضَرَ» ، فَانْتَسَبَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ حَتَّى بَلَغَ فِي النِّسْبَةِ إِلَى مُضَرَ

20176 -

وَهَذَا فِيمَا أَخْبَرَنَاهُ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّزَّازُ، حَدَّثَنَا سَعْدَانُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسِيرُ إِلَى الشَّامِ فَسَمِعَ حَادِيًا مِنَ اللَّيْلِ، فَقَالَ:«أَسْرِعُوا بِنَا إِلَى هَذَا الْحَادِي» ، فَذَكَرَ مَعْنَى مَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ

20177 -

قَالَ سُفْيَانُ: وَزَادَ فِيهِ الْعَلَاءُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ حَادِينَا وَنَا» ،

20178 -

وَهَذَا مُرْسَلٌ

20179 -

وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ أَنْجَشَةُ يَحْدُو بِالنِّسَاءِ، وَكَانَ الْبَرَاءُ بْنُ مَالِكٍ يَحْدُو بِالرِّجَالِ، وَكَانَ أَنْجَشَةُ حَسَنَ الصَّوْتِ، كَانَ إِذَا حَدَا أَعْنَقَتِ الْإِبِلُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«وَيْحَكَ يَا أَنْجَشَةُ، رُوَيْدَكَ سَوْقَكَ بِالْقَوَارِيرِ»

ص: 330

20180 -

وَحَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّزَّازُ، حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ:«كَانَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَادٍ يُقَالُ لَهُ أَنْجَشَةُ، وَكَانَتْ أُمِّي مَعَ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم،» يَا أَنْجَشَةُ ارْفُقْ بِالْقَوَارِيرِ "،

20181 -

وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ حَرْمَلَةَ، عَنْ سُفْيَانَ

20182 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَالْحُدَاءُ مِثْلُ الْكَلَامِ، وَالْحَدِيثُ الْمُحْسَنُ بِاللَّفْظِ وَإِذَا كَانَ هَذَا هَكَذَا بِالشِّعْرِ، كَانَ تَحْسِينُ الصَّوْتِ بِذِكْرِ اللَّهِ أَوِ الْقُرْآنِ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ مَحْبُوبًا.

20183 -

قَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَيْءٍ أَذَنَهُ لِنَبِيٍّ حَسَنِ التَّرَنُّمِ بِالْقُرْآنِ»

20184 -

وَأَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ، يَقْرَأُ فَقَالَ:«لَقَدْ أُوتِي هَذَا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ»

ص: 332

20185 -

وَأَمَّا الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ فَأَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَتَّابٍ الْعَبْدِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الْعَوَّامِ، حَدَّثَنَا يَزِيدَ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ

⦗ص: 333⦘

، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَيْءٍ كَأَذَنِهِ لِنَبِيٍّ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ يَجْهَرُ بِهِ» ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، وَأَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ، وَمُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، وَغَيْرِهِمَا، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ

ص: 332

20186 -

وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، مِنْ حَدِيثِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ» ، أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْبَاقِي بْنُ قَانِعٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ الْمُنْذِرِ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، فَذَكَرَهُ

ص: 333

20187 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْعَبَّاسِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ الرَّبِيعَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ:«لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ» ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَسْتَغْنِي بِهِ، فَقَالَ: لَا، لَيْسَ هَذَا مَعْنَاهُ، وَمَعْنَاهُ يَقْرَأُ حَدْرًا وَتَحْزِينًا

⦗ص: 334⦘

20188 -

قَالَ أَحْمَدُ: الرِّوَايَةُ الْأُولَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، تُؤَكِّدُ مَا قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَكَذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ مَرْفُوعًا:«زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ»

ص: 333

20189 -

وَأَمَّا الْحَدِيثُ الْآخَرُ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: فَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَهْلِ بْنُ زِيَادٍ الْقَطَّانُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، أَخْبَرَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ بْنِ حُصَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ، وَإِذَا هُوَ يَقْرَأُ فِي جَانِبِ الْمَسْجِدِ:«لَقَدْ أُعْطِيَ هَذَا مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ» ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، مِنْ حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ

⦗ص: 335⦘

،

20190 -

وَأَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، وَزَادَ فَقَالَ:«لَوْ عَلِمْتُ لَحَبَّرْتُهُ لَكَ تَجْبِيرًا»

20191 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَأَمَّا الضَّرْبُ بِالْعُودِ وَالطَّبْلِ، فَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ الْخَمْرَ، وَالْمَيْسِرَ، وَالْكُوبَةَ» ،

20192 -

وَهِيَ الطَّبْلُ فِيمَا زَعَمَ بَعْضُ رُوَاتِهِ.

20193 -

قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ رحمه الله: وَيُقَالُ: بَلْ هُوَ النَّرْدُ،

20194 -

وَيَدْخُلُ فِي مَعْنَاهُ كُلُّ وِتَرٍ، وَمُزْهَرٍ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَلَاهِي،

20195 -

وَفِي كِتَابِ الْغَرِيبَيْنِ: قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: الْكُوبَةُ النَّرْدُ، وَيُقَالُ الطَّبْلُ، وَقِيلَ الْبَرْبَطُ

20196 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَرُوِّينَا عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«أَنْ رَبِّي حَرَّمَ عَلَيَّ الْخَمْرَ، وَالْمَيْسِرَ، وَالْقِنِّينَ، وَالْكُوبَةَ» ،

20197 -

وَالْقِنِّينُ: الْعُودُ فِيمَا زَعَمَ بَعْضُ رُوَاتِهِ،

20198 -

وَفِي كِتَابِ الْغَرِيبَيْنِ: الْقِنِّينُ: الطُّنْبُورُ بِالْحَبَشِيَّةِ قَالَهُ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ

⦗ص: 336⦘

20199 -

وَرُوِّينَا عَنْ نَافِعٍ قَالَ: سَمِعَ ابْنُ عُمَرَ مِزْمَارًا فَوَضَعَ أُصْبُعَيْهِ عَلَى أُذُنَيْهِ وَنَأَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَقَالَ لِي:«يَا نَافِعُ هَلْ تَسْمَعُ شَيْئًا؟» ، فَقُلْتُ: لَا، فَرَفَعَ أُصْبُعَيْهِ مِنْ أُذُنَيْهِ قَالَ:«كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَمِعَ مِثْلَ هَذَا، فَصَنَعَ مِثْلَ هَذَا»

ص: 334

‌شَهَادَةُ أَهْلِ الْعَصَبِيَّةِ

ص: 337

20200 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَمَنْ أَظْهَرَ الْعَصَبِيَّةَ بِالْكَلَامِ وَتَأَلَّفَ عَلَيْهَا، وَدَعَا عَلَيْهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يُشْهِرُ نَفْسَهُ فِيهَا، فَهُوَ مَرْدُودُ الشَّهَادَةِ،

20201 -

ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ: قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: 10]،

20202 -

وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا» ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ الْمُزَنِيُّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنِي شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا، وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ، يَلْتَقِيَانِ فَيَصُدُّ هَذَا وَيَصُدُّ هَذَا، وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بالسَّلَامِ» ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ أَبِي الْيَمَانِ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ

20203 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَدْ جَمَعَ اللَّهُ النَّاسَ بِالْإِسْلَامِ وَنَسَبَهُمْ إِلَيْهِ فَهُوَ أَشْرَفُ أَنْسَابِهِمْ، فَإِنْ أَحَبَّ امْرُؤٌ فَلْيُحِبَّ عَلَيْهِ، وَإِنْ خُصَّ امْرُؤٌ بِالْمَحَبَّةِ مَا لَمْ يَحْمِلْ عَلَى

⦗ص: 338⦘

غَيْرِهِمْ مَا لَيْسَ يَحِلُّ لَهُ، فَهَذِهِ صِلَةٌ لَيْسَتْ بِمَعْصِيَةٍ، فَقَلَّ امْرُؤٌ إِلَّا وَفِيهِ مَحْبُوبٌ وَمَكْرُوهٌ، ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ فِي تَفْسِيرِ الْمَكْرُوهِ

20204 -

وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ، أَنَّهُ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْعَصَبِيَّةُ؟ قَالَ: «أَنْ تُعِينَ قَوْمَكَ عَلَى الظُّلْمِ»

20205 -

وَرُوِّينَا عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمِنَ الْعَصَبِيَّةِ أَنْ يُعِينَ الرَّجُلُ قَوْمَهُ عَلَى الْحَقِّ؟ قَالَ: «لَا»

ص: 337

‌شَهَادَةُ الشُّعَرَاءِ

ص: 339

20206 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: «الشِّعْرُ كَلَامٌ حَسَنُهُ كَحَسَنِ الْكَلَامِ، وَقَبِيحُهُ كَقَبِيحِ الْكَلَامِ» ، غَيْرَ أَنَّهُ كَلَامٌ بِاقٍ سَائِرٌ، وَذَلِكَ فَضْلُهُ عَلَى الْكَلَامِ،

20207 -

فَمَنْ كَانَ مِنَ الشُّعَرَاءِ لَا يُعْرَفُ بِبُغْضِ الْمُسْلِمِينَ وَأَذَاهُمْ وَالْإِكْثَارِ مِنْ ذَلِكَ، وَلَا بِأَنْ يَمْدَحَ فَيُكْثِرَ الْكَذِبَ لَمْ نَرُدَّ شَهَادَتَهُ،

20208 -

وَمَنْ أَكْثَرَ الْوَقِيعَةَ فِي النَّاسِ عَلَى الْغَضَبِ أَوِ الْحَرَمَانِ حَتَّى يَكُونَ ذَلِكَ مِنْهُ كَثِيرًا ظَاهِرًا مُسْتَعْلَنًا، وَإِذَا رَضِيَ مَدْحَ النَّاسِ بِمَا لَيْسَ فِيهِمْ حَتَّى يَكُونَ ذَلِكَ كَثِيرًا ظَاهِرًا مُسْتَعْلَنًا كَذِبًا مَحْضًا رُدَّتْ شَهَادَتُهُ بِالْوَجْهَيْنِ، وَبِأَحَدِهِمَا لَوِ انْفَرَدَ بِهِ، وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ

ص: 339

20209 -

وَقَدْ رَوَى الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الْحَجِّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الشِّعْرُ كَلَامٌ حَسَنُهُ كَحَسَنِ الْكَلَامِ، وَقَبِيحُهُ كَقَبِيحِهِ»

ص: 339

20210 -

وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ

⦗ص: 340⦘

، عَنْ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ مِنَ الشِّعْرِ حِكْمَةٌ» ، أَخْبَرَنَاهُ أَبُو زَكَرِيَّا، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَيْنِ مُرْسَلَيْنِ.

20211 -

وَالْحَدِيثُ الْأَوَّلُ قَدْ رَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ ثَابِتٍ فِي آخَرِينَ ضُعَفَاءَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم،

20212 -

وَأَمَّا الْحَدِيثُ الثَّانِي فَقَدْ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ فُورَكٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَرْوَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَوْصُولًا،

20213 -

وَرَوَاهُ أَيْضًا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ، مَوْصُولًا،

20214 -

وَمِنْ ذَلِكَ الْوَجْهِ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ

20215 -

وَأَمَّا الْحَدِيثُ الثَّابِتُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، وَغَيْرِهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ الرَّجُلِ قَيْحًا حَتَّى يَرِيَهُ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا»

⦗ص: 341⦘

،

20216 -

فَقَدْ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَجْهُهُ عِنْدِي أَنْ يَمْتَلِئَ قَلْبُهُ حَتَّى يَغْلِبَ عَلَيْهِ فَيَشْغَلَهُ عَنِ الْقُرْآنِ وَعَنْ ذِكْرِ اللَّهِ، فَيَكُونَ الْغَالِبَ عَلَيْهِ، مِنْ أَيِّ الشِّعْرِ كَانَ

20217 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَرُوِّينَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«مِنْ أَرْبَى الرِّبَا الِاسْتِطَالَةُ فِي عِرْضِ الْمُسْلِمِ بِغَيْرِ حَقٍّ»

20218 -

وَرُوِّينَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ، وَلَا اللَّعَّانِ، وَلَا الْفَاحِشِ الْبَذِيءِ» ،

20219 -

وَمِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ فِيمَا أَخَذَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «وَلَا يَعْضَهُ بَعْضُنَا بَعْضًا»

20220 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم قَالَ:«أَلَا أُنَبِّئُكُمْ مَا الْعِضَةُ؟ هِيَ النَّمِيمَةُ الْقَالَةُ بَيْنَ النَّاسِ» وَأَنَّ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صَدِّيقًا، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يَكْتُبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا»

20221 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَالْمِزَاحُ لَا تُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ مَا لَمْ يَخْرُجْ فِي الْمِزَاحِ إِلَى عِضَةِ النَّسَبِ، أَوْ عِضَةٍ لِحَدٍّ، أَوْ فَاحِشَةٍ، فَإِذَا خَرَجَ إِلَى هَذَا وَأَظْهَرَهُ كَانَ بِهِ مَرْدُودَ الشَّهَادَةِ

⦗ص: 342⦘

20222 -

قَالَ أَحْمَدُ: رُوِّينَا عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنَّكَ تُدَاعِبُنَا؟ قَالَ: «إِنِّي لَا أَقُولُ إِلَّا حَقًّا»

20223 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَتَجُوزُ شَهَادَةُ وَلَدِ الزِّنَا عَلَى رَجُلٍ فِي الزِّنَا.

20224 -

قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ رُوِّينَا عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«الْمُؤْمِنُونَ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ»

20225 -

وَرُوِّينَا عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّهُ قَالَ فِي وَلَدِ الزِّنَا: لَا يَفْضُلُهُ وَلَدُ الرِّشْدَةِ إِلَّا بِالتَّقْوَى

20226 -

وَعَنْ عَطَاءٍ، وَالشَّعْبِيِّ، تَجُوزُ شَهَادَةُ وَلَدِ الزِّنَا

20227 -

وَفِيمَا حَكَى أَبُو الزِّنَادِ، عَنْ أَصْحَابِهِ الَّذِينَ يُنْتَهَى إِلَى قَوْلِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي وَلَدِ الزِّنَا: إِنَّ أَصْلَهُ لَأَصْلٌ سُوءٌ، فَإِذَا حَسُنَتْ حَالَتُهُ، وَمُرُوءَتُهُ جَازَتْ شَهَادَتُهُ

20228 -

قَالَ: وَكَانُوا يَرَوْنَ عِتْقَهُ حَسَنًا

20229 -

قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ رُوِّينَا فِي إِعْتَاقِ وَلَدِ الزِّنَا، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَائِشَةَ

20230 -

وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «وَلَدُ الزِّنَا شَرُّ الثَّلَاثَةِ»

20231 -

رُوِّينَا عَنِ السَّفَرِ بْنِ نُسَيْرٍ الْأَسَدِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا قَالَ:" وَلَدُ الزِّنَا شَرُّ الثَّلَاثَةِ: إِنَّ أَبَوَيْهِ أَسْلَمَا، وَلَمْ يُسْلِمْ هُوَ "

⦗ص: 343⦘

20232 -

وَرُوِّينَا عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّهُ قَالَ: إِنَّمَا سُمِّيَ وَلَدُ الزَّانِيَةِ شَرَّ الثَّلَاثَةِ لِأَنَّ أُمَّهُ قَالَتْ لَهُ: لَسْتَ لِأَبِيكَ الَّذِي تُدْعَى بِهِ فَقَتَلَهَا، فَسُمِّيَ شَرَّ الثَّلَاثَةِ

20233 -

وَرُوِّينَا عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: يَعْنِي إِذَا عَمِلَ بِعَمَلِ وَالِدَيْهِ

20234 -

وَرُوِيَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا، وَرَفْعُهُ ضَعِيفٌ

ص: 339

20235 -

وَرَوَى سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: بَلَغَ عَائِشَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «وَلَدُ الزِّنَا شَرُّ الثَّلَاثَةِ، لَأَنْ أُمْنَعَ بِسَوْطٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُعْتِقَ وَلَدَ الزِّنَا» ، وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«وَلَدُ الزِّنَا شَرُّ الثَّلَاثَةِ، وَإِنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ الْحَيِّ» قَالَتْ عَائِشَةُ: رَحِمَ اللَّهُ أَبَا هُرَيْرَةَ أَسَاءَ سَمْعًا فَأَسَاءَ إِصَابَةً، لَأَنْ أُمَتِّعَ بِسَوْطٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُعْتِقَ وَلَدَ الزِّنَا إِنَّهَا نَزَلَتْ:{فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ، فَكُّ رَقَبَةٍ} [البلد: 12]، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عِنْدَنَا مَا نُعْتِقُ إِلَّا أَنَّ أَحَدَنَا لَهُ الْجَارِيَةُ السَّوْدَاءُ تَخْدُمُهُ وَتَسْعَى عَلَيْهِ، فَلَوْ أَمَرْنَاهُنَّ فَزَنَيْنَ، فَجِئْنَ بِالْأَوْلَادِ فَأَعْتَقْنَاهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«لَأَنْ أُمَتِّعَ بِسَوْطٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ آمُرَ بِالزِّنَا، ثُمَّ أُعْتِقَ الْوَلَدَ» ،

20236 -

وَأَمَّا قَوْلُهُ: «وَلَدُ الزِّنَا شَرُّ الثَّلَاثَةِ» ، فَلَمْ يَكُنِ الْحَدِيثُ عَلَى هَذَا، إِنَّمَا كَانَ رَجُلٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ يُؤْذِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:«مَنْ يَعْذِرُنِي مِنْ فُلَانٍ؟» ، قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَعَ مَا بِهِ وَلَدُ الزِّنَا، فَقَالَ:«هُوَ شَرُّ الثَّلَاثَةِ» ، وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ:{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ} [الأنعام: 164] وِزْرَ أُخْرَى

ص: 343

20237 -

وَأَمَّا قَوْلُهُ: «وَإِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ الْحَيِّ» ، فَلَمْ يَكُنِ الْحَدِيثُ عَلَى هَذَا، وَلَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِدَارٍ رَجُلٍ مِنَ الْيَهُودِ قَدْ مَاتَ، وَأَهْلُهُ يَبْكُونَ

⦗ص: 344⦘

عَلَيْهِ، فَقَالَ:«إِنَّهُمْ لَيَبْكُونَ عَلَيْهِ، وَإِنَّهُ لَيُعَذَّبُ» ، وَاللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ يَقُولُ:{لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286]، أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبٍ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُمَرَ بْنِ شَقِيقٍ، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ، فَذَكَرَهُ،

20238 -

وَسَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ الْأَبْرَشُ غَيْرُ قَوِيٍّ، إِلَّا أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْ بُرْدِ بْنِ سِنَانٍ أَبِي سُلَيْمَانَ الشَّامِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَائِشَةَ، مُرْسَلًا فِي إِعْتَاقِ وَلَدِ الزِّنَا فَدُلَّ أَنَّ الْحَدِيثَ لَهُ أَصْلٌ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ

ص: 343

20239 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَتَجُوزُ شَهَادَةُ الْبَدَوِيِّ عَلَى الْقَرَوِيِّ، وَالْقَرَوِيِّ عَلَى الْبَدَوِيِّ

20240 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ بَدَوِيٍّ عَلَى صَاحِبِ قَرْيَةٍ» ،

20241 -

وَهَذَا الْحَدِيثُ مِمَّا تَفَرَّدَ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، فَإِنْ كَانَ حَفِظَهُ فَقَدْ قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رحمه الله: يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ إِنَّمَا كَرِهَ شَهَادَةَ أَهْلِ الْبَدْوِ لِمَا فِيهِمْ مِنَ الْجَفَاءِ فِي الدِّينِ، وَالْجَهَالَةِ بِأَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ؛ لِأَنَّهُمْ فِي الْغَالِبِ لَا يَضْبِطُونَ الشَّهَادَةَ عَلَى وَجْهِهَا، وَلَا يُقِيمُونَهَا عَلَى حَقِّهَا لِقُصُورِ عِلْمِهِمْ عَمَّا يُحِيلُهَا وَيُغَيِّرُهَا عَنْ جِهَتِهَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ

ص: 344

‌شَهَادَةُ الْمُخْتَبئِ

ص: 345

20242 -

أَشَارَ الشَّافِعِيُّ فِي حِكَايَةِ بَعْضِ أَصْحَابِهِ فِي شَهَادَةِ الْمُخْتَبِئِ إِلَى قَوْلَيْنِ: إِمَّا أَلَّا يُجِيزَ؛ لِأَنَّهُ جَلَسَ غَيْرَ مَجْلِسِ الْعُدُولِ، وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا مَذْهَبُ شُرَيْحٍ،

20243 -

وَإِمَّا أَنْ يُجِيزَ الشَّهَادَةَ عَلَيْهِ لِأَنَّ عُمَرَ أَجَازَ شَهَادَةَ الَّذِينَ رَصَدُوا رَجُلًا زَنَى، وَلَكِنْ لَمْ يُتِمُّوا أَرْبَعَةً قَالَ: وَهَذَا أَشْبَهُ الْقَوْلَيْنِ،

20244 -

أَخْبَرَنَا أَبُو حَازِمٍ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْفَضْلِ بْنُ خَمِيرَوَيْهِ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ نَجْدَةَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا الْأَسْوَدُ بْنُ قَيْسٍ، أَظُنُّهُ عَنْ كُلْثُومٍ، عَنْ شُرَيْحٍ قَالَ:«لَا أُجِيزُ شَهَادَةَ الْمُخْتَبِئِ»

ص: 345

20245 -

قَالَ: وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا الشَّيْبَانِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيِّ، أَنَّ عَمْرَو بْنَ حُرَيْثٍ، " كَانَ يُجِيزُ شَهَادَتَهُ وَيَقُولُ: كَذَا يُفْعَلُ بِالْخَائِنِ وَالْفَاجِرِ "

ص: 345

‌الرُّجُوعُ عَنِ الشَّهَادَةِ

ص: 346

20246 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، أَنَّ رَجُلَيْنِ أَتَيَا عَلِيًّا، فَشَهِدَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ سَرَقَ، فَقَطَعَ عَلِيٌّ يَدَهُ، ثُمَّ أَتَيَاهُ بِآخَرَ، فَقَالَا: هَذَا الَّذِي سَرَقَ وَأَخْطَأْنَا عَلَى الْأَوَّلِ، فَلَمْ يُجِزْ شَهَادَتَهُمَا عَلَى الْآخَرِ، وَغَرَّمَهُمَا دِيَةَ الْأَوَّلِ، وَقَالَ:«لَوْ أَعْلَمُكُمَا تَعَمَّدْتُمَا لَقَطَعْتُكُمَا»

20247 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَبِهَذَا نَقُولُ

ص: 346

‌43 - كِتَابُ الدَّعْوَى

ص: 347

‌الدَّعْوَى

ص: 349

20248 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ الْقَاضِي، وَأَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَكْيَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي»

20249 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَأَحْسِبُهُ - وَلَا أُثْبِتُهُ - أَنَّهُ قَالَ: «وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ»

ص: 349

20250 -

قَالَ أَحْمَدُ: هَذَا حَدِيثٌ قَدْ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، فَمِنْهُمْ مَنْ رَوَاهُ كَمَا:

20251 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ لَادَّعَى نَاسٌ دِمَاءَ قَوْمٍ وَأَمْوَالَهُمْ، وَلَكِنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» ،

20252 -

وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَمِنْ ذَلِكَ الْوَجْهِ أَخْرَجَهُ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ فِي الصَّحِيحِ، وَبِمَعْنَاهُ رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَمِنْ ذَلِكَ الْوَجْهِ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ

ص: 349

20253 -

وَرَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْأَسْوَدِ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَكْيَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَالَ فِيهِ:«وَلَكِنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُدَّعِي، وَالْيَمِينَ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» ،

20254 -

وَبِمَعْنَاهُ رَوَاهُ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ،

20255 -

وَرَوَاهُ نَافِعُ بْنُ عُمَرَ الْجُمَحِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَكْيَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، نَحْوُ رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دَاوُدَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، لَمْ يَذْكُرِ الْبَيِّنَةَ

ص: 350

20256 -

وَرَوَى الْفِرْيَابِيُّ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ نَافِعِ بْنِ عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي، وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» ،

20257 -

وَهُوَ غَرِيبٌ، أَخْبَرَنَاهُ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ اللَّخْمِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ كَثِيرٍ الصُّورِيُّ فِي كِتَابِهِ إِلَيْنَا، حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، فَذَكَرَهُ

ص: 350

20258 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُؤَذِّنِ أَنَّهُ كَانَ يَحْضُرُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِذْ كَانَ عَامِلًا عَلَى الْمَدِينَةِ وَهُوَ يَقْضِي بَيْنَ النَّاسِ، «فَإِذَا جَاءَهُ الرَّجُلُ يَدَّعِي عَلَى الرَّجُلِ حَقًّا نَظَرَ، فَإِنْ كَانَتْ بَيْنَهُمَا مُخَالَطَةٌ وَمُلَابَسَةٌ، حَلَّفَ الَّذِي ادُّعِيَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يُحَلِّفْهُ»

20259 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَهَذَا شَيْءٌ ذَهَبَ إِلَيْهِ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِحْسَانِ، وَالْحَدِيثُ الَّذِي رُوِّينَاهُ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ الْحَالَيْنِ

20260 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: «الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَتْ بَيْنَهُمَا مُخَالَطَةٌ، أَوْ لَمْ تَكُنْ»

ص: 350

‌إِذَا تَنَازَعَا شَيْئًا فِي يَدِ أَحَدِهِمَا

ص: 351

20261 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَهُوَ لِلَّذِي فِي يَدَيْهِ مَعَ يَمِينِهِ إِذَا لَمْ تَقُمْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ،

20262 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دُحَيْمٍ السِّينَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْحُنَيْنِ، حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَتَاهُ خَصْمَانِ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا وَهُوَ امْرُؤُ الْقَيْسِ بْنُ عَابِسٍ الْكِنْدِيُّ، وَخَصْمُهُ رَبِيعَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ هَذَا انْتَزَى عَلَى أَرْضِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَالَ: هِيَ أَرْضِي أَزْرَعُهَا، فَقَالَ:«أَلَكَ بَيِّنَةٌ؟» قَالَ: لَا قَالَ: «يَمِينُهُ» قَالَ: إِنَّهُ لَيْسَ يُبَالِي مَا حَلَفَ عَلَيْهِ قَالَ: «لَيْسَ لَكَ مِنْهُ إِلَّا ذَلِكَ» قَالَ: فَلَمَّا ذَهَبَ لِيَحْلِفَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَمَا إِنَّهُ إِنْ حَلَفَ عَلَى مَالِهِ ظُلْمًا لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ» ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، وَغَيْرِهِ، عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ

ص: 351

20263 -

وَرَوَاهُ سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنْ حَضْرَمَوْتَ، وَرَجُلٌ مِنْ كِنْدَةَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ الْحَضْرَمِيُّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هَذَا قَدْ غَلَبَنِي عَلَى أَرْضٍ كَانَتْ لِأَبِي، فَقَالَ الْكِنْدِيُّ هِيَ أَرْضِي، وَفِي يَدِي أَزْرَعُهَا، لَيْسَ لَهُ فِيهَا حَقٌّ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِلْحَضْرَمِيِّ:«أَلَكَ بَيِّنَةٌ؟» قَالَ: لَا قَالَ: «فَلَكَ يَمِينُهُ؟» قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ الرَّجُلَ فَاجِرٌ، لَا يُبَالِي عَلَى مَا حَلَفَ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ يَتَوَرَّعُ مِنْ شَيْءٍ، فَقَالَ:«لَيْسَ لَكَ مِنْهُ إِلَّا ذَلِكَ» ، فَانْطَلَقَ لِيَحْلِفَ لَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا أَدْبَرَ:«أَمَا لَئِنْ حَلَفَ عَلَى مَالِهِ لِيَأْكُلَهُ ظُلْمًا لَيَلْقَيَنَّ اللَّهَ وَهُوَ عَنْهُ مُعْرِضٌ»

⦗ص: 352⦘

، أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ سِمَاكٍ، فَذَكَرَهُ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ قُتَيْبَةَ، وَغَيْرِهِ

ص: 351

20264 -

وَأَمَّا حَدِيثُ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ، فَفِي رِوَايَةِ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنِ الْأَشْعَثِ قَالَ: كَانَتْ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ خُصُومَةٌ فِي بِئْرٍ، فَاخْتَصَمْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:«شَاهِدَاكَ وَيَمِينُهُ» ، فَقَالَ: إِذًا يَحْلِفُ وَلَا يُبَالِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ يَسْتَحِقُّ بِهَا مَالًا هُوَ فِيهَا فَاجِرٌ لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ» ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَصْدِيقَ ذَلِكَ:{إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} [آل عمران: 77]،

20265 -

وَفِي رِوَايَةِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ، فَقَالَ:«هَلْ لَكَ بَيِّنَةٌ؟» ، فَقُلْتُ: لَا قَالَ: «فَيَمِينُهُ» ، قُلْتُ: إِذًا يَحْلِفُ، وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ الْأَشْعَثِ:«لَيْسَ لَكَ مِنْهُ إِلَّا ذَاكَ» ، وَلَا فِي حَدِيثِ وَائِلٍ «شَاهِدَاكَ»

ص: 352

‌إِذَا تَنَازَعَا شَيْئًا فِي يَدِ أَحَدِهِمَا وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً

ص: 353

20266 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي يَحْيَى، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ «رَجُلَيْنِ تَدَاعَيَا دَابَّةً، فَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا دَابَّتُهُ نَتَجَهَا، فَقَضَى بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِلَّذِي هِيَ فِي يَدَيْهِ» ، وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الْفَقِيهُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، وَالْمُؤَمَّلُ بْنُ الْحَسَنِ قَالَا: حَدَّثَنَا الزَّعْفَرَانِيُّ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا رَجُلٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ

20267 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ: وَهَذِهِ رِوَايَةٌ صَالِحَةٌ لَيْسَتْ بِالْقَوِيَّةِ وَلَا السَّاقِطَةِ، وَلَمْ أَجِدْ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يُخَالِفُ فِي الْقَوْلِ بِهَذَا، مَعَ أَنَّهَا قَدْ رُوِيَتْ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَوِيَّةً

⦗ص: 354⦘

20268 -

قَالَ أَحْمَدُ: رُوِّينَا هَذَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، عَنْ هَيْثَمٍ الصَّيْرَفِيِّ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي نَاقَةٍ،

20269 -

وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ شُرَيْحٍ، مِنْ قَضَائِهِ إِذَا تَنَازَعَا شَيْئًا فِي أَيْدِيهِمَا

ص: 353

20270 -

أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْبَزَّازُ بِالطَّابَرَانِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَنْصُورٍ الطُّوسِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ:«اخْتَصَمَ رَجُلَانِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي بَعِيرٍ لَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ، فَقَضَى بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ» ،

20271 -

هَكَذَا رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، وَرَوَاهُ شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا، فَذَكَرَهُ مُرْسَلًا

ص: 354

20272 -

وَخَالَفَهُمْ هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى فِي مَتْنِهِ، فَرَوَاهُ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي مُوسَى، أَنَّ رَجُلَيْنِ ادَّعَيَا بَعِيرًا، فَبَعَثَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَاهِدَيْنِ، فَقَسَمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ "،

20273 -

وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ حُمْرَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى،

20274 -

وَرُوِيَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى

⦗ص: 355⦘

،

20275 -

وَقِيلَ: عَنْهُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ النَّضْرِ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَلَيْسَ بِمَحْفُوظٍ

ص: 354

20276 -

وَالْأَصْلُ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثُ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ تَمِيمِ بْنِ طَرَفَةَ: أَنَّ «رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَعِيرٍ، فَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَاهِدَيْنِ، فَقَضَى بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ» ، أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الْفَقِيهُ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ سِمَاكٍ، فَذَكَرَهُ.

20277 -

وَهَذَا مُنْقَطِعٌ،

20278 -

وَرَأَيْتُ فِيَ كِتَابِ الْعِلَلِ لِأَبِي عِيسَى التِّرْمِذِيِّ قَالَ: سَأَلْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيَّ، عَنْ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ فِي هَذَا الْبَابِ، فَقَالَ: يَرْجِعُ هَذَا الْحَدِيثُ إِلَى حَدِيثِ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ تَمِيمِ بْنِ طَرَفَةَ قَالَ الْبُخَارِيُّ: رَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: قَالَ سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ: أَنَا حَدَّثْتُ أَبَا بُرْدَةَ بِهَذَا الْحَدِيثِ

20279 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَإِرْسَالُ شُعْبَةَ هَذَا الْحَدِيثِ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ فِي رِوَايَةِ غُنْدَرٍ، عَنْهُ، كَالدَّلَالَةِ عَلَى صِحَّةِ مَا قَالَ الْبُخَارِيُّ رحمه الله، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

20280 -

وَأَمَّا حَدِيثُ خِلَاسٍ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا فِي مَتَاعٍ لَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«اسْتَهِمَا عَلَى الْيَمِينِ» مَا كَانَا أَحَبَّا ذَلِكَ أَوْ كَرِهَا

⦗ص: 356⦘

،

20281 -

فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنْ تَتِمَّةِ الْقَضِيَّةِ الْأُولَى، وَكَأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم جَعَلَ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ بِحُكْمِ الْيَدِ، فَطَلَبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَمِينَ صَاحِبِهِ فِي النِّصْفِ الَّذِي حَصَلَ لَهُ، فَجَعَلَ عَلَيْهِمَا الْيَمِينَ فَتَنَازَعَا فِي الْبِدَايَةِ بِأَخْذِهَا، فَأَمَرَهُمَا أَنْ يَقْتَرِعَا عَلَى الْيَمِينِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ

ص: 355

‌إِذَا تَنَازَعَا شَيْئًا لَيْسَ فِي أَيْدِيهِمَا وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً

ص: 357

20282 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيِّ عَنْهُ فِي الْقَدِيمِ، أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ لَيْثِ بْنِ سَعْدٍ، أَخْبَرَنَا بُكَيْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ، أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ، يَقُولُ: اخْتَصَمَ رَجُلَانِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَمْرٍ، فَجَاءَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِشُهَدَاءَ عُدُولٍ عَلَى عِدَّةٍ وَاحِدَةٍ، فَأَسْهَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَهُمَا، وَقَالَ:«اللَّهُمَّ أَنْتَ تَقْضِي بَيْنَهُمَا» ، أَنْبَأَنِيهِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، إِجَازَةً عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا السَّرَّاجُ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ الْفَسَوِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ اللُّؤْلُؤِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، فَذَكَرَاهُ بِإِسْنَادِهِ، مِثْلُهُ فِي الْمَرَاسِيلِ،

20283 -

وَرَوَاهُ ابْنُ مَرْيَمَ، عَنِ اللَّيْثِ، وَزَادَ:«فَقُضِيَ لِلَّذِي خَرَجَ لَهُ السَّهْمُ» .

20284 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ: وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ بِالْقُرْعَةِ، وَيَرْوِيهَا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَالْكُوفِيُّونَ يَرْوُونَهَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ

20285 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ: وَقَدِ اخْتَصَمَ قَوْمٌ إِلَى مَرْوَانَ فَبَعَثَهُمْ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَقِصَّتُهُمْ شَيِبهَةٌ بِهَذِهِ، فَأَقْرَعَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بَيْنَهُمْ، وَهَكَذَا الَّذِي أَحْفَظُ عَنْ مَنْ لَقِيتُ مِنْ أَصْحَابِنَا

⦗ص: 358⦘

،

20286 -

ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ: وَفِيهَا أَخْبَارٌ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تُشْبِهُهُ، مِنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ، فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهِ وَحَلَفَ الْبَوَاقِي، وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِي التَّقْرِيبِ وَالتَّشْبِيهِ

20287 -

قَالَ: وَأَقْرَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ خَيْبَرَ، وَقَدْ كَانَ النَّاسُ مَلَكُوا مُلْكًا مُشَاعًا، فَلَمَّا كَانَتِ الْقُرْعَةُ زَالَ مُلْكُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَنْ بَعْضِ مَا كَانَ يَمْلِكُ، وَمَلَكَ شَيْئًا لَمْ يَكُنْ يَمْلِكُهُ عَلَى الْكَمَالِ

20288 -

قَالَ: وَأَعْتَقَ رَجُلٌ سِتَّةَ مَمْلُوكِينَ لَهُ عِنْدَ الْمَوْتِ، فَجَزَّأَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءَ، وَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ، فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً، وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ،

20289 -

ثُمَّ قَالَ: وَكُلُّ مَا وَصَفْتُ لَكَ يُشْبِهُ خَبَرَ ابْنِ الْمُسَيِّبِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: فِي الْقُرْعَةِ، وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى الْقُرْعَةَ فِي كِتَابِهِ، فَذَكَرَ قِصَّةَ مَرْيَمَ، وَقِصَّةَ يُونُسَ عليهما السلام

20290 -

قَالَ بَعْضُ مَنْ تَكَلَّمَ مَعَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ: قَدْ رَوَى سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ تَمِيمِ بْنِ طَرَفَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «جَعَلَ شَيْئًا بَيْنَ رَجُلَيْنِ نِصْفَيْنِ أَقَامَا عَلَيْهِ بَيِّنَةً»

20291 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: تَمِيمُ رَجُلٌ مَجْهُولٌ، وَالْمَجْهُولُ لَوْ لَمْ يُعَارِضْهُ أَحَدٌ عِنْدَنَا وَعِنْدَهُ لَا تَكُونُ رِوَايَتُهُ حُجَّةٌ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ يَرْوِي عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَا وَصَفْنَا وَسَعِيدٌ سَعِيدٌ، وَقَدْ زَعَمْنَا أَنَّ الْحَدِيثَيْنِ إِذَا اخْتَلَفَا فَالْحُجَّةُ فِي أَصَحِّ الْحَدِيثَيْنِ، وَلَا أَعْلَمُ عَالِمًا يُشْكِلُ عَلَيْهِ أَنَّ حَدِيثَنَا أَصَحُّ، وَأَنَّ سَعِيدًا مِنْ أَصَحِّ النَّاسِ مُرْسَلًا، وَهُوَ بِالسُّنَنِ فِي الْقُرْعَةِ أَشْبَهُ

20292 -

قَالَ أَحْمَدُ: تَمِيمُ بْنُ طَرَفَةَ الطَّائِيُّ يَرْوِي عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، وَجَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، وَهُوَ مِنْ مُتَأَخِّرِي تَابِعِي أَهْلِ الْكُوفَةِ، وَمَتَى يُدْرِكُ دَرَجَةَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ

⦗ص: 359⦘

فِي التَّقَدُّمِ، وَالسُّنَنِ، وَالْعِلْمِ، وَإِدْرَاكِ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنَ الصَّحَابَةِ فِي دَارِ الْهِجْرَةِ وَالسُّنَّةِ، وَقَدْ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ جَابِرٍ، عَنْ سِمَاكٍ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ: اخْتَصَمَا فِي بَعِيرٍ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَخَذَ بِرَأْسِهِ، فَالْحَدِيثُ فِي شَيْءٍ كَانَ بِأَيْدِيهِمَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ

ص: 357

20293 -

وَفِي كِتَابِ الْبُخَارِيِّ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ نَصْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «عَرَضَ عَلَى قَوْمٍ الْيَمِينَ، فَأَسْرَعُوا، فَأَمَرَ أَنْ يُسْهَمَ بَيْنَهُمْ فِي الْيَمِينِ أَيُّهُمْ يَحْلِفُ» ، أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بِشْرٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، فَذَكَرَهُ

ص: 359

20294 -

وَرَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَقَالَ: عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ:«إِذَا كَرِهَ الِاثْنَانِ الْيَمِينَ أَوِ اسْتَحَبَّاهَا فَيَسْتَهِمَا عَلَيْهَا» ،

20295 -

أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَسَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، فَقَالَ: عَنْ أَحْمَدَ، هَكَذَا، وَقَالَ فِي حَدِيثِ سَلَمَةَ: إِذَا أُكْرِهَ الِاثْنَانِ عَلَى الْيَمِينِ

ص: 359

20296 -

وَقَدْ رَوَى سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ حَنَشٍ قَالَ: أُتِيَ عَلِيٌّ بِبَغْلٍ فِي السُّوقِ، فَقَالَ رَجُلٌ: هَذَا بَغْلِي لَمْ أَبِعْ وَلَمْ أَهَبْ، وَنَزَعَ عَلَى مَا قَالَ خَمْسَةً يَشْهَدُونَ، وَجَاءَ رَجُلٌ آخَرُ يَدَّعِيهِ وَيَزْعُمُ أَنَّهُ بَغْلُهُ وَجَاءَ بِشَاهِدَيْنِ، فَقَالَ عَلِيٌّ: إِنَّ فِيهِ قَضَاءً

⦗ص: 360⦘

وَصُلْحًا، أَمَّا الصُّلْحُ فَيُبَاعُ الْبَغْلُ فَيُقَسَّمُ عَلَى سَبْعَةِ أَسْهُمٍ، لِهَذَا خَمْسَةٌ وَلِهَذَا اثْنَانِ، فَإِنْ أَبَيْتُمَا إِلَّا الْقَضَاءَ بِالْحَقِّ، فَإِنَّهُ يَحْلِفُ أَحَدُ الْخَصْمَيْنِ أَنَّهُ بَغْلُهُ مَا بَاعَهُ وَلَا وَهَبَهُ، فَإِنْ تَشَاحَنْتُمَا أَيُّكُمَا يَحْلِفُ أَقْرَعْتُ بَيْنَكُمَا عَلَى الْحَلِفِ، فَأَيُّكُمَا قَرَعَ حَلَفَ، فَقَضَى بِهَذَا وَأَنَا شَاهِدٌ "،

20297 -

وَهَذَا فِيمَا أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ: حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ سِمَاكٍ

20298 -

قَالَ أَحْمَدُ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْحَدِيثُ الْمَرْفُوعُ وَرَدَ فِي مِثْلِ هَذَا، وَهُوَ أَنَّهُ أَسْقَطَ الْبَيِّنَتَيْنِ عِنْدَ التَّعَارُضِ، ثُمَّ تَنَازَعَا فِي الْيَمِينِ فَأَقْرَعَ بَيْنَهُمَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ،

20299 -

وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلٌ آخَرُ: أَنَّهُ يَقْضِي بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ؛ لِأَنَّ حُجَّةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيهَا سَوَاءٌ،

20300 -

وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّهُ قَضَى بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فِي فَرَسٍ وَاحِدَةٍ مَعَ رَجُلٍ، وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً أَنَّهُ أَنْتَجَ عِنْدَهُ

ص: 359

20301 -

وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَعْدَ ذِكْرِ الْقَوْلَيْنِ: وَهَذَا مِمَّا أَسْتَخِيرُ اللَّهَ فِيهِ، وَأَنَا فِيهِ وَاقِفٌ، ثُمَّ قَالَ: لَا يُعْطَى وَاحِدٌ مِنْهُمَا شَيْئَا، وَيُوقَفُ حَتَّى يَصْطَلِحَا، وَالْأَصْلُ فِي أَمْثَالِ ذَلِكَ حَدِيثُ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: جَاءَ رَجُلَانِ مِنَ الْأَنْصَارِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ يَخْتَصِمَانِ فِي مَوَارِيثَ قَدْ دُرِسَ عَلَيْهَا، وَهَلَكَ مَنْ يَعْرِفُهَا فَقَالَ:«إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أَقْضِي فِيمَا لَمْ يَنْزِلْ عَلَيَّ فِيهِ شَيْءٌ بِرَأْيِي، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ شَيْئًا مِنْ حَقِّ أَخِيهِ فَإِنَّمَا يَقْتَطِعُ إِسْطَامًا مِنْ نَارٍ» قَالَ: فَبَكَيَا، وَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَقِّي لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ

⦗ص: 361⦘

قَالَ: «اذْهَبَا فَاقْسِمَا، وَتَوَخَّيَا الْحَقَّ، ثُمَّ اسْتَهِمَا، ثُمَّ لِيُحْلِلْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا صَاحِبَهُ» ،

20302 -

أَخْبَرَنَاهُ يَحْيَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ يَعْقُوبَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، أَخْبَرَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، فَذَكَرَهُ غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ:«بِرَأْيِي» ،

20303 -

وَقَدْ قَالَهُ عِيسَى بْنُ يُونُسَ، وَغَيْرُهُ، عَنْ أُسَامَةَ

ص: 360

‌الْحَلِفُ مَعَ الْبَيِّنَةِ

ص: 362

20304 -

أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، إِجَازَةً عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ، عَنِ الرَّبِيعِ، عَنِ الشَّافِعِيِّ قَالَ: إِذَا جَاءَ الرَّجُلُ بِشَاهِدَيْنِ عَلَى رَجُلٍ بِحَقٍّ فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ مَعَ شَاهِدَيْهِ، وَلَوْ جَعَلْنَا عَلَيْهِ الْيَمِينَ مَعَ شَاهِدَيْهِ لَمْ يَكُنْ لِاخْتِلَافِنَا مَعَ الشَّاهِدَيْنِ مَعْنًى، وَكَانَ خِلَافًا لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي، وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ»

ص: 362

20305 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِيمَا بَلَغَهُ عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ حَنَشٍ، أَنَّ عَلِيًّا «كَانَ يَرَى الْحَلِفَ مَعَ الْبَيِّنَةِ»

20306 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهُمْ يُخَالِفُونَ هَذَا فَلَا يَسْتَحْلِفُونَ أَحَدًا مَعَ يَمِينِهِ، وَهُمْ يَرْوُونَ عَنْ شُرَيْحٍ أَنَّهُ اسْتَحْلَفَ مَعَ الْبَيِّنَةِ، وَلَا نَعْلَمُهُمْ يَرْوُونَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خِلَافَهُمَا

⦗ص: 363⦘

20307 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَهَذَا إِنَّمَا أَوْرَدَهُ عَلَى طَرِيقِ الْإِلْزَامِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى كَانَ يَرَى الْحَلِفَ مَعَ الْبَيِّنَةِ، وَهَذَا الَّذِي رَوَاهُ عَنْ عَلِيٍّ أَظُنُّهُ فِيمَا وَهِمَ فِيهِ، فَقَدْ رُوِّينَا عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ حَنَشٍ، عَنْ عَلِيٍّ: أَنَّهُ إِنَّمَا رَوَاهُ عِنْدَ تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ

ص: 362

‌الْقَسَامَةُ

ص: 364

20308 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَمَنِ ادَّعَى دَمًا لَا دَلَالَةَ لِلْحَاكِمِ عَلَى دَعْوَاهُ إِلَّا بِدَعْوَاهُ، أَحْلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، كَمَا يَحْلِفُ فِيمَا سِوَى الدَّمِ، وَتَكُونُ دَعْوَى الْمُدَّعِي دَلَالَةً بِصِدْقِ دَعْوَاهُ، كَالدَّلَالَةِ الَّتِي كَانَتْ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «فَقَضَى فِيهَا بِالْقَسَامَةِ، أُحْلِفَ الْمُدَّعُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا، وَاسْتَحَقُّوا دِيَةَ الْمَقْتُولِ، وَلَا يَسْتَحِقُّونَ دَمًا» ،

20309 -

وَقَالَ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى: وَأَيْمَانُ الدِّمَاءِ مُخَالِفَةٌ جَمِيعَ الْأَيْمَانِ، الدَّمُ لَا يَبْرَأُ مِنْهُ إِلَّا بِخَمْسِينَ يَمِينًا وَسَوَاءٌ النَّفْسُ وَالْجُرْحُ فِي هَذَا،

20310 -

وَقَدْ مَضَتِ الْأَخْبَارُ فِي ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْقَسَامَةِ

ص: 364

20311 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْمِصْرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا الزَّنْجِيُّ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الْبَيِّنَةُ عَلَى مَنِ ادَّعَى، وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ إِلَّا فِي الْقَسَامَةِ»

ص: 364

‌الْقَافَةُ وَدَعْوَى الْوَلَدِ

ص: 365

20312 -

كَتَبَ إِلَيَّ أَبُو نُعَيْمٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ، أَنَّ أَبَا عَوَانَةَ أَخْبَرَهُمْ، حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَعْرِفُ السُّرُورَ فِي وَجْهِهِ، فَقَالَ:«أَلَمْ تَرَيْ إِلَى مُجَزِّزٍ الْمُدْلِجِيِّ نَظَرَ إِلَى أُسَامَةَ، وَزَيْدٍ وَعَلَيْهِمَا قَطِيفَةٌ قَدْ غَطَّيَا رُءُوسَهُمَا وَبَدَتْ أَقْدَامُهُمَا» ، فَقَالَ:«إِنَّ هَذِهِ الْأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ»

⦗ص: 366⦘

، وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الْفَقِيهُ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ يَقُولُ: قَالَ الْمُزَنِيُّ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، فَذَكَرَهُ، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ فِي صَحِيحَيْهِمَا، مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ، وَأَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ،

20313 -

وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، مِنْ حَدِيثِ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَزَادَ:«كَانَ مُجَزِّزٌ قَائِفًا»

20314 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ الزَّعْفَرَانِيِّ فَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا يُسَرُّ بِالْحَقِّ وَيَقْبَلُهُ، وَلَوْ كَانَ أَمْرُ الْقَافَةِ بَاطِلًا لَقَالَ: لَا تَقُلْ فِي هَذَا شَيْئًا، فَإِنَّكَ وَإِنْ أَصَبْتَ فِي بَعْضٍ فَلَعَلَّكَ تُخْطِئُ فِي بَعْضٍ، وَلَمْ يُطْلِعِ اللَّهُ عَلَى الْغَيْبِ أَحَدًا، وَلَكِنَّهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ رَآهُ عِلْمًا أُوتِيَهُ مَنْ أُوتِيَهُ وَأَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْتَعْمِلُونَهُ، وَهُوَ الَّذِي أَدْرَكْتُ عَلَيْهِ أَهْلَ الْعِلْمِ وَالْحُكَّامَ بِبَلَدِنَا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ

20315 -

وَفِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْمُنْذِرِ، عَنِ الرَّبِيعِ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْقَافَةِ إِلَّا هَذَا كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِيهِ دَلَالَةٌ لِمَنْ سَمِعَهُ لِأَنَّ الْأَمْرَ لَوْ كَانَ كَمَا قَالَ بَعْضُ النَّاسِ لَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَا تَقُلْ فِي مِثْلِ هَذَا لِأَنَّكَ إِنْ أَصَبْتَ فِي شَيْءٍ لَمْ آمَنْ عَلَيْكَ أَنْ تُخْطِئَ فِي غَيْرِهِ، وَفِي خَطَئِكَ قَذْفٌ لِمُسْلِمَةٍ أَوْ نَفْيُ نَسَبٍ، وَمَا أَقَرَّهُ، إِلَّا أَنَّهُ رَضِيَهُ وَرَآهُ عِلْمًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُقِرُّ إِلَّا حَقًّا، وَلَا يُسَرُّ إِلَّا بِالْحَقِّ

20316 -

قَالَ: وَأَخْبَرَنِي عَدَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَكَّةَ أَنَّهُمْ أَدْرَكُوا الْحُكَّامَ يَقْضُونَ بِقَوْلِ الْقَافَةِ، أَخْبَرَهُمْ مَنْ كَانَ قَبْلَهُمْ أَنَّهُمْ أَدْرَكُوا مِثْلَ مَا أَدْرَكُوا وَلَمْ يَرَوْا بَيْنَ أَحَدٍ يَرْضَوْنَهُ عِنْدَهُمْ تَنَازُعًا فِي الْقَوْلِ بِالْقَافَةِ

ص: 365

20317 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّ رَجُلَيْنِ ادَّعَيَا وَلَدَ امْرَأَةٍ، فَدَعَا عُمَرُ قَائِفًا فَنَظَرَ إِلَيْهِ، فَقَالَ الْقَائِفُ: لَقَدِ اشْتَرَكَا فِيهِ، فَضَرَبَهُ عُمَرُ بِالدِّرَّةِ وَقَالَ:«مَا يُدْرِيكَ» ، ثُمَّ دَعَا الْمَرْأَةَ، فَقَالَ:«أَخْبِرِينِي خَبَرَكِ» ، فَقَالَتْ: كَانَ هَذَا - لِأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ - يَأْتِيهَا

⦗ص: 367⦘

وَهِيَ فِي إِبِلٍ لِأَهْلِهَا، وَلَا يُفَارِقُهَا حَتَّى يَظُنَّ أَنْ قَدِ اسْتَمَرَّ بِهَا حَمْلٌ، ثُمَّ انْصَرَفَ عَنْهَا فَهَرَقَتْ عَلَيْهِ الدِّمَاءُ، ثُمَّ تَخَلَّفَ هَذَا - يَعْنِي الْآخَرَ - وَلَا أَدْرِي مِنْ أَيِّهِمَا هُوَ، فَكَبَّرَ الْقَائِفُ، فَقَالَ عُمَرُ لِلْغُلَامِ:«وَالِ أَيَّهُمَا شِئْتَ» ،

20318 -

أَخْبَرَنَاهُ أَبُو أَحْمَدَ الْمِهْرَجَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ، وَزَادَ فِي أَوَّلِهِ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يُلِيطُ أَوْلَادَ الْجَاهِلِيَّةِ بِمَنِ ادَّعَاهُمْ فِي الْإِسْلَامِ

ص: 366

20319 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ، أَنَّ رَجُلَيْنِ تَدَاعَيَا وَلَدًا، فَدَعَا لَهُ عُمَرُ الْقَافَةَ، فَقَالُوا: قَدِ اشْتَرَكَا فِيهِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ:«وَالِ أَيَّهُمَا شِئْتَ» ،

20320 -

وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عُمَرَ، مِثْلَ مَعْنَاهُ،

20321 -

وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مُطَرِّفُ بْنُ مَازِنٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، مِثْلَ مَعْنَاهُ

ص: 367

20322 -

وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، «أَنَّهُ شَكَّ فِي ابْنٍ لَهُ فَدَعَا لَهُ الْقَافَةَ»

⦗ص: 368⦘

20323 -

قَالَ أَحْمَدُ: حَدِيثُ هِشَامٍ، قَدْ رَوَاهُ أَبُو أُسَامَةَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ، مَوْصُولًا،

20324 -

وَفِي حَدِيثِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ مُتِّبَعًا لِأَحَدِهِمَا يَذْهَبُ.

20325 -

وَرُوِّينَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: " بَاعَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ جَارِيَةً كَانَ يَقَعُ عَلَيْهَا قَبْلَ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا، فَظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ عِنْدَ الْمُشَتَرِي، فَخَاصَمُوهُ إِلَى عُمَرَ قَالَ: فَدَعَا عُمَرُ الْقَافَةَ، فَنَظَرُوا إِلَيْهِ، فَأَلْحَقُوهُ بِهِ "

ص: 367

20326 -

وَرُوِّينَا عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ، وَغَيْرِهِ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّهُ مَرِضَ فَشَكَّ فِي حَمْلِ جَارِيَةٍ لَهُ، فَقَالَ:«إِنْ مِتُّ فَادْعُوا الْقَافَةَ فَصَحَّ»

ص: 368

20327 -

وَرُوِّينَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، أَنَّ أَبَا مُوسَى «قَضَى بِالْقَافَةِ»

20328 -

وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، مَا دَلَّ عَلَى أَنَّهُ أَخَذَ بِقَوْلِ الْقَافَةِ

ص: 368

20329 -

وَأَمَّا مَا رَوَى الْبَصْرِيُّونَ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عُمَرَ، وَعَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عُمَرَ، فَهُوَ فِيمَا: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بِشْرَانَ بِبَغْدَادَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمِصْرِيُّ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ رَجُلَيْنِ اشْتَرَكَا فِي طُهْرِ امْرَأَةٍ، فَوَلَدَتْ وَلَدًا

⦗ص: 369⦘

، فَارْتَفَعَا إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَدَعَا لَهُمَا ثَلَاثَةً مِنَ الْقَافَةِ، فَدَعَوْا بِتُرَابٍ، فَوَطِئَ فِيهِ الرَّجُلَانِ وَالْغُلَامُ، ثُمَّ قَالَ لِأَحَدِهِمُ:«انْظُرْ» ، فَنَظَرَ، فَاسْتَقْبَلَ فَاسْتَعْرَضَ وَاسْتَدْبَرَ، فَقَالَ:«أُسِرُّ أُمْ أُعْلِنُ؟» ، فَقَالَ: بَلْ أَسِرَّ، فَقَالَ:«لَقَدْ أَخَذَ الشَّبَهَ مِنْهُمَا جَمِيعًا فَمَا أَدْرِي لِأَيِّهِمَا هُوَ» ، فَأَجْلَسَهُ، ثُمَّ قَالَ لِلْآخَرِ:«انْظُرْ» ، فَنَظَرَ، ثُمَّ سَاقَ الْحَدِيثَ فِي الثَّانِي وَالثَّالِثِ مِثْلَ مَا سَاقَ فِي الْأَوَّلِ: فَقَالَ عُمَرُ: «إِنَّا نَقُوفُ الْآثَارَ ثَلَاثًا يَقُولُهَا» ، وَكَانَ عُمَرُ قَائِفًا فَجَعَلَهُ لَهُمَا يَرِثَانِهِ وَيَرِثُهُمَا، فَقَالَ سَعِيدٌ أَتَدْرِي مَنْ عَصَبَتُهُ؟ قَالَ:«الْبَاقِي مِنْهُمَا»

ص: 368

20330 -

وَأَخْبَرَنَا ابْنُ بِشْرَانَ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمِصْرِيُّ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عُمَرَ فِي رَجُلَيْنِ وَطِئَا جَارِيَةً فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ، فَجَاءَتْ بِغُلَامٍ، فَارْتَفَعَا إِلَى عُمَرَ فَدَعَا لَهُمَا ثَلَاثَةً مِنَ الْقَافَةِ، فَاجْتَمَعُوا عَلَى أَنَّهُ آخِذٌ الشَّبَهَ مِنْهُمَا جَمِيعًا، وَكَانَ عُمَرُ قَائِفًا، فَقَالَ لَهُ: قَدْ «كَانَتِ الْكَلْبَةُ يَنْزُو عَلَيْهَا الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ وَالْأَصْفَرُ وَالْأَنْمَرُ، فَتُؤَدِّي إِلَى كُلِّ كَلْبٍ شَبَهَهُ، وَلَمْ أَكُنْ أَرَى هَذَا فِي النَّاسِ حَتَّى رَأَيْتُ هَذَا» ، فَجَعَلَهُ عُمَرُ لَهُمَا يَرِثَانِهِ وَيَرِثُهُمَا، وَهُوَ لِلِبَاقِي مِنْهُمَا

20331 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ لِبَعْضِ مَنْ كَانَ يُنَاظِرُهُ: قُلْنَا: فَقَدْ رَوَيْتَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ دَعَا الْقَافَةَ، فَزَعَمْتَ أَنَّكَ لَا تَدْعُو الْقَافَةَ فَخَالَفْتَهُ

20332 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَفِيمَا رُوِّينَا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا أَلْحَقَهُ بِهِمَا لِأَنَّهُ أَخَذَ الشَّبَهَ مِنْهُمَا وَلَمْ تَدْرِ الْقَافَةُ لِأَيِّهِمَا هُوَ، أَلَا تَرَاهُ قَالَ: إِنَّا نَقُوفُ الْآثَارَ،

20333 -

وَقَالَ الرَّاوِي: وَكَانَ عُمَرُ قَائِفًا، فَدُلَّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ أَخَذَ الشَّبَهَ مِنْ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ لَأَلْحَقَهُ بِهِ دُونَ الْآخَرِ، كَمَا فَعَلَ فِي قِصَّهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ

⦗ص: 370⦘

،

20334 -

وَهَذَا يُخَالِفُ مَذْهَبَهُمْ كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَمَّا إِلْحَاقُهُ الْوَلَدَ بِهِمَا فَهُوَ يُخَالِفُ مَا رُوِّينَا عَنْهُ مِنَ أَمْرِهِ الْغُلَامَ بِأَنْ يُوَالِيَ أَحَدَهُمَا عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ عَلَى الْقَافَةِ،

20335 -

وَقَدْ أَجَابَ عَنْهُ الشَّافِعِيُّ بَأَنْ قَالَ: إِسْنَادُ حَدِيثِ هِشَامٍ مُتَّصِلٌ، وَالْمُتَّصِلُ أَثْبَتُ عِنْدَنَا، وَعِنْدَكُمْ مِنَ الْمُنْقَطِعِ، وَإِنَّمَا هَذَا حَدِيثٌ مُنْقَطِعٌ.

20336 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ وَعُرْوَةُ أَحْسَنُ مُرْسَلًا، عَنْ عُمَرَ، مِمَّنْ رَوَيْتَ عَنْهُ يُرِيدُ رِوَايَةَ مُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةِ، عَنِ الْحَسَنِ، - فَإِنَّ مَرَاسِيلَ الْحَسَنِ غَيْرُ قَوِيَّةٍ، وَمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ لَيْسَ بِحُجَّةٍ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ

20337 -

وَرُوِيَ عَنْ عَوْفٍ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ عُمَرَ، وَهُوَ أَيْضًا مُنْقَطِعٌ،

20338 -

وَلَا يَشُكُّ حَدِيثِيٌّ فِي أَنَّ مُرْسَلَ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَعُرْوَةَ أَوْلَى مِنْ مُرْسَلِ أَبِي الْمُهَلَّبِ وَالْحَسَنِ،

20339 -

وَأَمَّا رِوَايَةُ قَتَادَةَ عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، فَهِيَ مُنْقَطِعَةٌ، وَقَدْ عَارَضَهَا رِوَايَةُ الْحِجَازِيِّينَ عَنْ عُرْوَةَ وَسُلَيْمَانِ بْنِ يَسَارٍ،

20340 -

وَرِوَايَةُ أَسْلَمَ الْمَنْقَرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ فِي قِصَّةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فَهَذَا أَثْبَتُ، وَالْحِجَازِيُّونَ أَعْرَفُ بِأَحْكَامِ عُمَرَ

ص: 369

20341 -

وَمَعَ رِوَايَتِهِمْ رِوَايَةُ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَتَى رَجُلَانِ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه يَخْتَصِمَانِ فِي غُلَامٍ مِنْ أَوْلَادِ الْجَاهِلِيَّةِ، يَقُولُ هَذَا: هُوَ ابْنِي، وَيَقُولُ هَذَا: هُوَ ابْنِي، فَدَعَا عُمَرُ قَائِفًا مِنْ بَنِي الْمُصْطَلِقِ، فَسَأَلَ عَنِ الْغُلَامِ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ الْمُصْطَلِقِيُّ وَنَظَرَ، ثُمَّ قَالَ لِعُمَرَ: قَدِ اشْتَرَكَا فِيهِ جَمِيعًا، فَقَامَ عُمَرُ إِلَيْهِ بِالدِّرَّةِ، فَضَرَبَهُ بِهَا

⦗ص: 371⦘

حَتَّى اضْطَجَعَ، ثُمَّ قَالَ:«وَاللَّهِ لَقَدْ ذَهَبَ بِكَ النَّظَرُ إِلَى غَيْرِ مَذْهَبٍ» ، ثُمَّ دَعَا أُمَّ الْغُلَامِ، فَسَأَلَهَا فَقَالَتْ: إِنَّ هَذَا لِأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ وَقَعَ بِي عَلَى نَحْوِ مَا كَانَ يَفْعَلُ، فَحَمَلْتُ فِيمَا أَرَى، فَأَصَابَنِي هِرَاقَةٌ مِنْ دَمٍ حَتَّى وَقَعَ فِي نَفْسِي أَنْ لَا شَيْءَ فِي بَطْنِي، ثُمَّ إِنَّ هَذَا الْآخَرَ وَقَعَ بِي، فَوَاللَّهِ مَا أَدْرِي مِنْ أَيِّهِمَا هُوَ، فَقَالَ عُمَرُ لِلْغُلَامِ:«اتْبَعْ أَيَّهُمَا شِئْتَ» ، فَقَامَ الْغُلَامُ فَاتَّبَعَ أَحَدَهُمَا قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ مُتَّبِعٌ لِأَحَدِهِمَا، فَذَهَبَ بِهِ، وَقَالَ عُمَرُ: قَاتَلَ اللَّهُ أَخَا بَنِي الْمُصْطَلِقِ، أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الْفَقِيهُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْأَكْفَانِيُّ، حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامٍ، فَذَكَرَهُ.

20342 -

وَرَوَاهُ أَيْضًا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ مَوْصُولًا، وَفِيهِ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ حَاطِبٍ، شَهِدَ هَذِهِ الْقِصَّةَ، لَيْسَ فِي رِوَايَتِهِ مَا لَا نَقُولُ بِهِ، وَقَوْلُ الْمُصْطَلِقِيِّ:«قَدِ اشْتَرَكَا فِيهِ» يُرِيدُ أَنَّهُ أَخَذَ الشَّبَهَ مِنْهُمَا، فَلَمْ يَدْرِ مِنْ أَيِّهِمَا هُوَ، فَأَمَرَهُ عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ أَنْ يُوَالِيَ أَحَدَهُمَا، وَهَذَا قَوْلُنَا لَا نُخَالِفُ فِيهِ شَيْئًا بِحَمْدِ اللَّهِ وَنِعْمَتِهِ، وَرِوَايَةُ الْبَصْرِيِّينَ إِنْ كَانَتْ مَحْفُوظَةً حُجَّتُنَا فِي الْقَوْلِ بِالْقَافَةِ وَالْحُكْمِ بِالشَّبَهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَانَ يَرَى اتِّبَاعَ الشَّبَهِ، وَإِنْ كَانَ مِنَ اثْنَيْنِ، ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ الْوَاحِدُ مَخْلُوقًا مِنْ مَاءِ رَجُلَيْنِ، فَأَمَرَ بِاتِّبَاعِ أَحَدِهِمَا عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ، وَحَكَمَ بِقَوْلِ الْقَافَةِ إِذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ اشْتِبَاهٌ،

20343 -

وَفِي هَذَا جَمْعٌ بَيْنَ الْأَخْبَارِ الْوَارِدَةِ فِيهِ عَنْ عُمَرَ، وَحَمْلُ الْمُنْقَطِعِ عَلَى الْمُتَّصِلِ عَلَى وَجْهٍ يَصِحُّ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ،

20344 -

وَأَمَّا الَّذِي رُوِيَ فِيهِ عَنْ عَلِيٍّ، أَنَّهُ جَعَلَ الْوَلَدَ بَيْنَهُمَا وَهُوَ لِلْبَاقِي مِنْهُمَا، فَإِنَّمَا رَوَاهُ سِمَاكٌ، عَنْ مَجْهُولٍ لَمْ يُسَمِّهِ عَنْ عَلِيٍّ، وَقَابُوسٍ، وَهُوَ غَيْرُ مُحْتَجٍّ بِهِ، عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ، عَنْ عَلِيٍّ

⦗ص: 372⦘

،

20345 -

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ فِيهِ حُكْمٌ آخَرُ مَرْفُوعًا

ص: 370

20346 -

أَخْبَرَنَاهُ أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِيمَا بَلَغَهُ عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْأَجْلَحِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ، أَنَّهُ قَالَ: اخْتَصَمَ إِلَيْهِ نَاسٌ ثَلَاثَةٌ يَدَّعُونَ وَلَدًا، فَسَأَلَهُمْ أَنْ يُسْلِمَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ، قَالُوا: فَقَالَ: أَنْتُمْ شُرَكَاءُ مُتَشَارِكُونَ، ثُمَّ أَقْرَعَ بَيْنَهُمْ، فَجَعَلَهُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ خَرَجَ سَهْمُهُ، وَقَضَى عَلَيْهِ بِثُلُثَيِ الدِّيَةِ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: فَقَالَ: «أَصَبْتَ» ، أَوْ «أَحْسَنْتَ»

ص: 372

20347 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَرَوَاهُ يَحْيَى الْقَطَّانُ، عَنِ الْأَجْلَحِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْخَلِيلِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمْ قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْيَمَنِ، فَقَالَ:" إِنَّ ثَلَاثَةَ نَفَرٍ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ أَتَوْا عَلِيًّا يَخْتَصِمُونَ إِلَيْهِ فِي وَلَدٍ وَقَدْ وَقَعُوا عَلَى امْرَأَةٍ فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ، فَقَالَ لِاثْنَيْنِ مِنْهُمَا: طِيبَا بِالْوَلَدِ لِهَذَا فَغَلَبَا، ثُمَّ قَالَ لِاثْنَيْنِ: طِيبَا بِالْوَلَدِ لِهَذَا فَغَلَبَا ثُمَّ قَالَ لِاثْنَيْنِ: طِيبَا بِالْوَلَدِ لِهَذَا فَغَلَبَا، فَقَالَ: أَنْتُمْ شُرَكَاءُ مُتَشَارِكُونَ، إِنِّي مُقْرِعٌ بَيْنَكُمْ، فَمَنْ قَرَعَ فَلَهُ الْوَلَدُ وَعَلَيْهِ لِصَاحِبَيْهِ ثُلُثَا الدِّيَةِ، فَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ فَجَعَلَهُ لِمَنْ قَرَعَ، فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى بَدَتْ أَضْرَاسُهُ، أَوْ قَالَ: نَوَاجِذُهُ "، أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، فَذَكَرَهُ

ص: 372

20348 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِيمَا بَلَغَهُ عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ قَالَ: سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ أَوِ ابْنِ الْخَلِيلِ:«أَنَّ ثَلَاثَةَ نَفَرٍ اشْتَرَكُوا فِي طُهْرٍ، فَلَمْ يُدْرَ لِمَنِ الْوَلَدُ، فَاخْتَصَمُوا إِلَى عَلِيٍّ، فَأَمَرَ أَنْ يَقْتَرِعُوا، فَأَمَرَ الَّذِي أَصَابَتْهُ الْقُرْعَةُ أَنْ يُعْطِيَ الْآخَرَيْنِ ثُلُثَيِ الدِّيَةِ»

20349 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَيْسُوا يَقُولُونَ بِهَذَا، وَهُمْ يُثْبِتُونَ هَذَا عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَيُخَالِفُونَهُ، وَلَوْ ثَبَتَ عِنْدَنَا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قُلْنَا بِهِ

20350 -

قَالَ أَحْمَدُ: هَذَا حَدِيثٌ قَدِ اخْتُلِفَ فِي إِسْنَادِهِ وَفِي رَفْعِهِ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ بِالشَّرْحِ فِي كِتَابِ السُّنَنِ

20351 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَنَحْنُ نَقُولُ بِدُعَاءِ الْقَافَةِ لَهُ، فَإِنْ أَلْحَقُوهُ بِأَحَدِهِمَا فَهُوَ ابْنُهُ، وَإِنْ أَلْحَقُوهُ بِكُلِّهِمْ أَوْ لَمْ يُلْحِقُوهُ بِأَحَدِهِمْ فَلَا إِرْثَ لَهُ، وَيُوقَفُ حَتَّى يَبْلُغَ فَيَنْتَسِبَ إِلَى أَيِّهِمْ شَاءَ

20352 -

وَقَدْ ذَكَرَ الشَّافِعِيُّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ عَنْ عَلِيٍّ فِي الْقَدِيمِ، ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ عَرَفْنَاهَا أَخَذْنَا بِهَا، وَكَانَتِ الْحُجَّةُ فِيهَا، وَإِنَّمَا احْتَجَجْنَا بِرِوَايَتِهِمْ عَلَيْهِمْ أَنَّهُمْ يُثْبِتُونَ مِثْلَهَا، ثُمَّ يَدَعُونَهَا

ص: 373

20353 -

وَقَدْ أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الْفَقِيهُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ أَبُو ثَوْرٍ: قَدْ كَانَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي الشَّافِعِيَّ قَالَ: «إِذَا لَمْ يَكُنْ قَافَةٌ، وَعُدِمَ الَّذِي مِنْ قِبَلِهِ الْبَيَانُ، أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ»

ص: 373

20354 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ، حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ: قَالَ: مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

⦗ص: 374⦘

أَخْبَرَتْهُ: " أَنَّ النِّكَاحَ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَنْحَاءَ: فَنِكَاحٌ مِنْهَا نِكَاحُ النَّاسِ الْيَوْمَ، يَخْطُبُ الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ وَلِيَّتَهُ فَيُصْدِقُهَا، ثُمَّ يَنْكِحُهَا، وَنِكَاحٌ آخَرُ: كَانَ الرَّجُلُ يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ إِذَا طَهُرَتْ مِنْ طَمْثِهَا: أَرْسِلِي إِلَى فُلَانٍ فَاسْتَبْضِعِي مِنْهُ، وَيَعْتَزِلُهَا زَوْجُهَا وَلَا يَمَسُّهَا أَبَدًا حَتَّى يَتَبَيَّنَ حَمْلُهَا مِنْ ذَلِكَ الَّذِي تَسْتَبْضِعُ مِنْهُ، فَإِذَا تَبَيَّنَ حَمْلُهَا أَصَابَهَا زَوْجُهَا إِنْ أَحَبَّ، وَإِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ رَغْبَةً فِي نَجَابَةِ الْوَلَدِ، فَكَانَ هَذَا النِّكَاحُ نِكَاحَ الِاسْتِبْضَاعِ، وَنِكَاحٌ آخَرُ يَجْتَمِعُ الرَّهْطُ دُونَ الْعَشَرَةِ، فَيَدْخُلُونَ عَلَى الْمَرْأَةِ كُلُّهُمْ يُصِيبُهَا، فَإِذَا حَمَلَتْ وَوَضَعَتْ وَمَرَّ لَيَالٍ بَعْدَ أَنْ تَضَعَ حَمْلَهَا أَرْسَلَتْ إِلَيْهِمْ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ رَجُلٌ مِنْهُمْ أَنْ يَمْتَنِعَ حَتَّى يَجْتَمِعُوا عِنْدَهَا، فَتَقُولَ لَهُمْ: قَدْ عَرَفْتُمُ الَّذِي كَانَ مِنْ أَمْرِكُمْ وَقَدْ وَلَدْتُ وَهُوَ ابْنُكَ يَا فُلَانُ - تُسَمِّي مَنْ أَحَبَّتْ مِنْهُمْ بِاسْمِهِ -، فَيَلْحَقَ بِهِ وَلَدُهَا، وَنِكَاحٌ رَابِعٌ: يَجْتَمِعُ النَّاسُ الْكَثِيرُ فَيَدْخُلُونَ عَلَى الْمَرْأَةِ، وَلَا تُمْنَعُ مِمَّنْ جَاءَهَا، وَهُنَّ الْبَغَايَا كُنَّ يَنْصِبْنَ رَايَاتٍ عَلَى أَبُوَابِهِنَّ يَكُنَّ عَلَمًا، فَمَنْ أَرَادَهُنَّ دَخَلَ عَلَيْهِنَّ، فَإِذَا حَمَلَتْ فَوَضَعَتْ حَمْلَهَا جُمِعُوا لَهَا، وَدَعَوْا لَهَا الْقَافَةَ، ثُمَّ أَلْحَقُوا وَلَدَهَا بِالَّذِي يَرَوْنَ فَالْتَاطَتْهُ وَدُعِيَ ابْنَهُ لَا يَمْتَنِعُ مِنْ ذَلِكَ، فَلَمَّا بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم هَدَمَ نِكَاحَ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ كُلَّهُ إِلَّا نِكَاحَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ الْيَوْمَ "، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ

20355 -

وَمَنِ ادَّعَى نَسْخَ الْقَافَةِ بِهَذَا الْحَدِيثِ فَقَدْ أَحَالَ، وَذَلِكَ لِأَنَّ النَّسْخَ مَا كَانَ ثَابِتًا فِي شَرْعِنَا ثُمَّ وَرَدَ عَلَيْهِ النَّسْخُ، وَلَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا فِيهِ إِبْطَالُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حِينَ بُعِثَ نَكْحَةَ الْجَاهِلِيَّةِ دُونَ وَاحِدٍ، وَوَصَفَتْ عَائِشَةُ ذَلِكَ الْوَاحِدَ،

20356 -

وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ النِّكَاحَ لَا يَجُوزُ بِغَيْرِ وَلِيٍّ، فَأَمَّا إِلْحَاقُ الْوَلَدِ بِقَوْلِ الْقَافَةِ فَهُوَ مِثْلُ مَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ بَاطِلٌ لِأَنَّ وَطْأَهَا بَعْدَ مَا حَكَمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم

⦗ص: 375⦘

بِبُطْلَانِ أَنْكِحَتِهِمْ زِنًا وَلَا سَبِيلَ إِلَى إِلْحَاقِ الْوَلَدِ بِالزَّانِي، وَإِنْ كَانَ مَعْرُوفًا، وَإِنَّمَا يُلْحَقُ الْوَلَدُ بِأَحَدِهِمْ بِقَوْلِ الْقَافَةِ عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يُلْحِقُونَهُ بِهِمْ، وَفِي الزِّنَا لَا يُلْحِقُونَهُ بِجَمِيعِ مَنْ زَنَا بِهَا، وَلَا يُلْحِقُهُ بِأَحَدِهِمْ بِقَوْلِ الْقَافَةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

20357 -

وَالَّذِي رَوَى سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، كَانَ يُلِيطُ أَوْلَادَ الْجَاهِلِيَّةِ بِمَنِ ادَّعَاهُمْ فِي الْإِسْلَامِ، فَإِنَّمَا ذَلِكَ فِيمَا سَلَفَ مِنْ أَنْكِحَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا يَعْتَقِدُونَ جَوَازَهَا، فَأَمَّا الْآنَ فَلَوْ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ مُسْلِمٌ لَمْ يُلْحَقْ بِهِ وَلَدُهَا، فَلَيْسَ فِيهِ لِمَنِ اسْتَشْهَدَ بِهِ حُجَّةٌ، وَتَمَامُ الْحَدِيثِ حُجَّةٌ عَلَيْهِ كَمَا سَبَقَ ذِكْرُنَا لَهُ

ص: 373

20358 -

أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، إِجَازَةً عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ، عَنِ الرَّبِيعِ، عَنِ الشَّافِعِيِّ قَالَ: زَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ التَّفْسِيرِ أَنَّ قَوْلَ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ} [الأحزاب: 4]: مَا جَعَلَ لِرَجُلٍ مِنْ أَبَوَيْنِ فِي الْإِسْلَامِ، وَاسْتَدَلَّ بِسِيَاقِ الْآيَةِ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل:{ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ} [الأحزاب: 5] "

20359 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَرَوَى مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي شَأْنِ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةِ، ضَرَبَ لَهُ مِثْلًا يَقُولُ: لَيْسَ ابْنُ رَجُلٍ آخَرَ مِثْلَ ابْنِكَ

20360 -

وَمَعْنَاهُ قَرِيبٌ مِمَّا حَكَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ التَّفْسِيرِ،

20361 -

وَأَخْبَرَنَا بِمَا حَكَاهُ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْكَعْبِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنِي بُكَيْرُ بْنُ مَعْرُوفٍ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ. . . فَذَكَرَ قِصَّةَ تَبَنِّي زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ، وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِي النَّهْيِ عَنْهُ قَالَ: وَقَالَ: {مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ} [الأحزاب: 4]، يَقُولُ:" مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ أَبَوَيْنِ، وَكَذَلِكَ لَا يَكُونُ لِزَيْدٍ أَبَوَانِ: حَارِثَةُ وَمُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم "

ص: 375

20362 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ يَعْنِي ابْنَ الْمُنْذِرِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، وَذَكَرَ الْقَافَةَ، فَقَالَ:" حَمَلَ رَجُلٌ صَبِيًّا مَعَهُ حَتَّى وَقَفَ عَلَى مَنْزِلِ الْقَائِفِ لِيُرِيَهُ إِيَّاهُ مَعَ الْجَمَاعَةِ مِنَ الصِّبْيَانِ، فَخَرَجَتْ إِلَيْهِمْ صَبِيَّةٌ لَهُ صَغِيرَةٌ، فَقَالَتْ: مَنْ تَطْلُبُونَ؟ قُلْنَا: فُلَانًا قَالَتْ: أَنَا ابْنَتُهُ لَعَلَّكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تُلْحِقُوا الصَّبِيَّ، ذَاكَ ابْنُكَ - تَعْنِي الْغُلَامَ الَّذِي كَانُوا قَصَدُوا الْقَائِفَ بِهِ -، فَلَمَّا انْصَرَفَتْ جَاءَ أَبُوهَا، فَقَالَ: مَا حَاجَتُكُمْ؟ فَقُلْنَا: أَرَدْنَا أَنْ نُلْحِقَ بِهَذَا وَلَدَهُ مِنْ هَؤُلَاءِ، فَقَالَ: أَيَّ شَيْءٍ قَالَتْ لَكُمُ ابْنَتِي؟ قَالُوا: نَنْشُدُكَ اللَّهَ أَنْ تَحْمِلَنَا عَلَى مَا قَالَتِ ابْنَتُكَ قَالَ: تَعَالَوْا، فَذَهَبَ بِهِمْ إِلَى دَارٍ فِيهَا غَنَمٌ كَثِيرٌ لَهَا جَدَايَا فَفَرَّقَ جَدَايَاهُمْ: جَعَلَ أَوْلَادَ هَذِهِ عِنْدَ غَيْرِهَا، وَدَعَا ابْنَتَهُ الصَّغِيرَةَ، فَقَالَ: يَا بُنَيَّةُ انْظُرِي هَؤُلَاءِ الْغَنَمَ قَالَتْ: وَاللَّهِ يَا أَبَتِ مَا وَاحِدٌ مِنْهُمْ عِنْدَهَا جَدَاهَا قَالَ: فَرُدِّي كُلَّ وَاحِدَةٍ إِلَى مَوْضِعِهَا، فَجَعَلَتْ تَأْخُذُ كُلَّ جَدْيٍ فَتَرُدُّهُ إِلَى أُمِّهِ، وَوَافَقَهَا فِيمَا قَالَتْ مِنَ الصَّبِيِّ "

20363 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ الْمُزَنِيِّ: وَإِذَا أَسْلَمَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ، وَهُوَ صَغِيرٌ أَوْ مَعْتُوهٌ كَانَ مُسْلِمًا، ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ فِي الْحُجَّةِ فِيهِ إِلَى أَنْ قَالَ: وَكَانَ الْإِسْلَامُ أَوْلَى بِهِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَعْلَى الْإِسْلَامَ عَلَى الْأَدْيَانِ، وَالْأَعْلَى أَوْلَى بِأَنْ يَكُونَ لَهُ الْحُكْمُ

20364 -

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، مَعْنَى ذَلِكَ. وَهَذَا فِيمَا أَرْسَلَهُ الْحَسَنُ، عَنْ عُمَرَ. وَرُوِّينَاهُ عَنْ شُرَيْحٍ، وَالْحَسَنِ، وَالشَّعْبِيِّ

ص: 376

‌مَتَاعُ الْبَيْتِ يَخْتَلِفُ فِيهِ الزَّوْجَانِ

ص: 377

20365 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ، رحمه الله:«إِذَا اخْتَلَفَ الرَّجُلُ، وَالْمَرْأَةُ فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ الَّذِي هُمَا فِيهِ سَاكِنَانِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ فِي أَيْدِيهِمَا، فَيَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ عَلَى دَعْوَاهُ، فَإِنْ حَلِفَا جَمِيعًا فَالْمَتَاعُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ؛ لِأَنَّ الرَّجُلَ قَدْ يَمْلِكُ مَتَاعَ النِّسَاءِ بِالشِّرَاءِ، وَالْمِيرَاثِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَالْمَرْأَةُ قَدْ تَمْلِكُ مَتَاعَ الرَّجُلِ بِالشِّرَاءِ، وَالْمِيرَاثِ وَغَيْرِ ذَلِكَ»

20366 -

وَقَدِ اسْتَحَلَّ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَاطِمَةَ رضي الله عنها بِبَدَنٍ مِنْ حَدِيدٍ، وَهَذَا مِنْ مَتَاعِ الرِّجَالِ، وَقَدْ كَانَتْ فَاطِمَةُ فِي تِلْكَ الْحَالِ مَالِكَةً لِلْبَدَنِ دُونَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ،

20367 -

وَقَدْ رَأَيْتُ امْرَأَةً كَانَ بَيْنِي، وَبَيْنَهَا صِهْرٌ عِنْدَهَا سَيْفٌ اسْتَقَامَتْهُ فِي مِيرَاثِ أَبِيهَا بِمَالٍ عَظِيمٍ وَدِرْعٍ، وَمُصْحَفٍ فَكَانَ لَهَا دُونَ أَخَوَيْهَا،

20368 -

وَرَأَيْتُ مَنْ وَرِثَ أُمَّهُ، وَأُخْتَهُ فَاسْتَحْيَا مِنْ بَيْعِ مَتَاعِهِمَا، وَصَارَ مَالِكًا لِمَتَاعِ النِّسَاءِ،

20369 -

وَإِذَا كَانَ هَذَا مَوْجُودًا فَلَا يَجُوزُ فِيهِ غَيْرُ مَا وَصَفْتُ، وَأَطَالَ الْكَلَامَ فِي هَذَا

ص: 377

20370 -

وَحَكَى فِي رِوَايَةِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بِالْإِجَازَةِ عَنْ بَعْضِ الْعِرَاقِيِّينَ أَنَّهُ: كَانَ يُحَدِّثُ عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّهُ قَالَ:«مَا كَانَ لِلرَّجُلِ مِنَ الْمَتَاعِ فَهُوَ لِلرَّجُلِ، وَمَا كَانَ لِلنِّسَاءِ فَهُوَ لِلْمَرْأَةِ، وَمَا كَانَ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فَهُوَ لِلْبَاقِي مِنْهُمَا، وَذَلِكَ إِذَا تُوُفِّيَ أَحَدُهُمَا وَإِنْ طَلَّقَهَا فَالْبَاقِي لِلزَّوْجِ»

20371 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَرُوِيَ عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ: مَا كَانَ لِلرَّجُلِ فَهُوَ لِلرَّجُلٍ، وَمَا كَانَ لِلنِّسَاءِ فَهُوَ لِلْمَرْأَةِ،

20372 -

وَهُوَ عَنْهُ مُنْقَطِعٌ

ص: 378

‌أَخْذُ الرَّجُلِ حَقَّهُ مِمَّنْ مَنَعَهُ إِيَّاهُ

ص: 379

20373 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّهَا حَدَّثَتْهُ أَنَّ هِنْدَ أُمَّ مُعَاوِيَةَ جَاءَتْ تَسْأَلُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ، وَإِنَّهُ لَا يُعْطِينِي وَوَلَدِي إِلَّا مَا أَخَذْتُ مِنْهُ سِرًّا، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ، فَهَلْ عَلَيَّ فِي ذَلِكَ مِنْ شَيْءٍ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ»

20374 -

زَادَ أَبُو سَعِيدٍ فِي رِوَايَتِهِ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: إِذَا كَانَتْ هِنْدُ زَوْجَةً لِأَبِي سُفْيَانَ، وَكَانَتِ الْقَيِّمَ عَلَى وَلَدِهَا لِصِغَرِهِمْ بِأَمْرِ زَوْجِهَا ، فَأَذِنَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَنْ تَأْخُذَ مِنْ مَالِ أَبِي سُفْيَانَ مَا يَكْفِيهَا وَوَلَدَهَا بِالْمَعْرُوفِ، فَمِثْلُهَا الرَّجُلُ يَكُونُ لَهُ عَلَى الرَّجُلِ الْحَقُّ بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ فَيَمْنَعُهُ إِيَّاهُ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِهِ حَيْثُ وَجَدَهُ سِرًّا، وَعَلَانِيَةً ، ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ فِي التَّفْرِيغِ، وَفِي الْحُجَّةِ فِيهِ مَعَ مَنْ كَلَّمَهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إِلَى أَنْ قَالَ فَإِنَّهُ يُقَالُ: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَدِّ الْأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ، وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ»

⦗ص: 380⦘

20375 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: قُلْنَا: لَيْسَ بِثَابِتٍ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ مِنْكُمْ، وَلَوْ كَانَ ثَابِتًا لَمْ يَكُنْ فِيهِ حُجَّةٌ عَلَيْنَا، ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ فِي بَيَانِ ذَلِكَ إِلَى أَنْ قَالَ: إِذَا دَلَّتِ السُّنَّةُ، وَإِجْمَاعُ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ الرَّجُلُ حَقَّهُ لِنَفْسِهِ سِرًّا مِنَ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ هَذَا دَلَّ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِخِيَانَةٍ، الْخِيَانَةُ أَخْذُ مَا لَا يَحِلُّ أَخْذُهُ، فَلَوْ خَانَنِي دِرْهَمًا فَقُلْتُ: قَدِ اسْتَحَلَّ خِيَانَتِي. لَمْ يَكُنْ لِي أَنْ آخُذَ مِنْهُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ مُكَافَأَةَ خِيَانَتِهِ لِي، وَكَانَ لِي أَنْ آخُذَ دِرْهَمًا ، فَلَا أَكُونُ بِهَذَا خَائِنًا ظَالِمًا كَمَا كُنْتُ خَائِنًا ظَالِمًا بِأَخْذِ تِسْعَةٍ مَعَ دِرْهَمِي لِأَنَّهُ لَمْ يَخُنْهَا، وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ

ص: 379

20376 -

وَهَذَا الْحَدِيثُ إِنَّمَا رَوَاهُ شَرِيكٌ، وَقَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«أَدِّ الْأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ، وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ» أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا حَمْزَةُ بْنُ الْعَبَّاسِ الْعُقَبِيُّ، وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيِّ بْنُ شَاذَانَ، أَخْبَرَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَبَّاسِ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ، حَدَّثَنَا طَلْقُ بْنُ غَنَّامٍ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، وَقَيْسٌ: فَذَكَرَاهُ.

20377 -

زَادَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ فِي رِوَايَتِهِ: قَالَ أَبُو الْفَضْلِ: قُلْتُ: لِطَلْقِ بْنِ غَنَّامٍ: أَكْتُبُ شَرِيكًا، وَأَدَعُ قَيْسًا قَالَ: أَنْتَ أَعْلَمُ

20378 -

قَالَ أَحْمَدُ: قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ ضَعِيفٌ، وَأَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ لَا يَحْتَجُّونَ بِمَا تَفَرَّدَ بِهِ شَرِيكٌ لِكَثْرَةِ أَوْهَامِهِ

20379 -

وَرَوَاهُ يُوسُفُ بْنُ مَاهَكَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَهُوَ مَجْهُولٌ

ص: 380

20380 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ طَارِقٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ أُسَيْدٍ، عَنْ أَبِي حَفْصٍ الدِّمَشْقِيِّ، عَنْ

⦗ص: 381⦘

مَكْحُولٍ: أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِأَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ: الرَّجُلُ أَسْتَوْدِعُهُ الْوَدِيعَةَ أَوْ يَكُونُ لِي عَلَيْهِ فَيَجْحَدُنِي، ثُمَّ يَسْتَوْدِعُنِي أَوْ يَكُونُ لَهُ عِنْدِي الشَّيْءُ أَفَأَجْحَدُهُ؟ قَالَ: لَا. سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «أَدِّ الْأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ، وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ»

20381 -

قَالَ: وَأَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِ ذَلِكَ.

20382 -

وَهَذَا مُنْقَطِعٌ وَأَبُو حَفْصٍ الدِّمَشْقِيُّ هَذَا مَجْهُولٌ، وَمَكْحُولٌ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي أُمَامَةَ. قَالَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِيمَا أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، عَنْهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ

ص: 380

‌44 - كِتَابُ الْعِتْقِ

ص: 385

‌بَابُ الْعِتْقِ

ص: 385

20383 -

أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ، أَخْبَرَنَا شَافِعُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرِ

⦗ص: 386⦘

بْنُ سَلَامَةَ الطَّحَاوِيُّ، حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ شُعْبَةَ

⦗ص: 387⦘

الْكُوفِيِّ قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى، عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ، فَدَعَا بَنِيهِ

⦗ص: 388⦘

فَقَالَ: يَا بَنِيَّ إِنِّي سَمِعْتُ أَبِيَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً أَعْتَقَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهَا عُضْوًا مِنْهُ مِنَ النَّارِ»

20384 -

قَالَ أَحْمَدُ: رَوَى قَتَادَةُ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ: أَنَّ رَجُلًا مِنْ قَوْمِهِ أَعْتَقَ ثُلُثَ غُلَامِهِ، فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:«هُوَ حُرٌّ لَيْسَ لِلَّهِ شَرِيكٌ»

ص: 385

20385 -

وَفِي رِوَايَةِ هَمَّامٍ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ شِقْصًا لَهُ مِنْ غُلَامٍ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:«لَيْسَ لِلَّهِ شَرِيكٌ»

20386 -

وَرُوِيَ فِيهِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ

ص: 388

20387 -

وَحَدِيثُ عَلْقَمَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«يُعْتِقُ الرَّجُلُ مِنْ عَبْدِهِ مَا شَاءَ إِنْ شَاءَ ثُلُثَا، وَإِنْ شَاءَ رُبُعًا» لَا يَصِحُّ إِنَّمَا رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ فَضَاءٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلْقَمَةَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ

ص: 388

20388 -

وَحَدِيثُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، فِيمَنْ أَعْتَقَ نِصْفَ عَبْدِهِ، فَجَاءَ الْعَبْدُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«تُعْتِقُ فِي عِتْقِكَ، وَتَرِقُّ فِي رِقِّكَ» تَفَرَّدَ بِهِ عَمْرُو بْنُ حَوْشَبٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، وَهُوَ مُنْقَطِعٌ: وَعَمْرُو بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ لَيْسَتْ لَهُ صُحْبَةٌ

ص: 389

‌عِتْقُ الشَّرِيكِ، وَمَا فِي الِاسْتِسْعَاءِ

ص: 390

20389 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ فَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ قُوِّمَ عَلَيْهِ قِيمَةَ الْعَدْلِ فَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ، وَعَتَقَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ، وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ» أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ

20390 -

وَهَذَا حَدِيثٌ قَدْ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الثِّقَاتِ، عَنْ نَافِعٍ، ثُمَّ فِي رِوَايَةِ بَعْضِهِمْ مَا دَلَّ أَنَّهُ إِذَا كَانَ مُوسِرًا عَتَقَ كُلُّهُ يَوْمَ تَكَلَّمَ بِالْعِتْقِ،

20391 -

وَفِي رِوَايَةِ بَعْضِهِمْ: «فَيَدْفَعُ ثَمَنَهُ إِلَى شُرَكَائِهِ، وَأُعْتِقَ فِي مَالِ الَّذِي أَعْتَقَهُ»

⦗ص: 391⦘

،

20392 -

وَفِي رِوَايَةِ بَعْضِهِمْ قَالَ: «فَيُعْطِي شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ، وَيُخَلَّى سَبِيلُ الْمُعْتَقِ» ،

20393 -

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: «فَعَلَيْهِ أَنْ يُكْمِلَ عِتْقَهُ بِقِيمَةِ عَدْلٍ» ،

20394 -

فَكَأَنَّهُمْ لَمْ يُرَاعُوا هَذَا، وَإِنَّمَا رَاعَوْا حُصُولَ الْعِتْقِ فِي الْجُمْلَةِ، وَوُجُوبَ الضَّمَانِ إِذَا كَانَ مُوسِرًا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ

ص: 390

20395 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«أَيُّمَا عَبْدٍ كَانَ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ، فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا فَإِنَّهُ يُقَوَّمُ بِأَعْلَى الْقِيمَةِ أَوْ قِيمَةِ عَدْلٍ، لَيْسَتْ بِوَكْسٍ، وَلَا شَطَطٍ، ثُمَّ يَغْرَمُ لِهَذَا حِصَّتَهُ»

20396 -

وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: «بِأَعْلَى الْقِيمَةِ، وَيَعْتِقُ» ، وَرُبَّمَا قَالَ:«قِيمَتُهُ لَا وَكْسَ فِيهَا، وَلَا شَطَطَ» . أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ

ص: 391

20397 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَجِيدِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجِ قَالَ: أَخْبَرَنِي قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ، أَنَّهُ: سَمِعَ مَكْحُولًا، يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ الْمُسَيِّبِ، يَقُولُ: أَعْتَقَتِ امْرَأَةٌ أَوْ رَجُلٌ سِتَّةَ أَعْبُدٍ لَهَا وَلَمْ يَكُنْ لَهَا مَالٌ غَيْرُهُ، فَأُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«فِي ذَلِكَ؟ فَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ فَأَعْتَقَ ثُلُثَهُمْ»

⦗ص: 392⦘

20398 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَكَانَ ذَلِكَ فِي مَرَضِ الْمُعْتَقِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ

ص: 391

20399 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ:" أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ أَوْصَى عِنْدَ مَوْتِهِ فَأَعْتَقَ سِتَّةَ مَمَالِيكٍ، وَلَيْسَ مَالٌ غَيْرُهُمْ. أَوْ قَالَ: أَعْتَقَ عِنْدَ مَوْتِهِ سِتَّةَ مَمَالِيكٍ، وَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ غَيْرُهُمْ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ فِيهِ قَوْلًا شَدِيدًا، ثُمَّ دَعَاهُمْ فَجَزَّأَهُمْ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ، فَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ، فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً " أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيِّ

ص: 392

20400 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ، رحمه الله: وَبِهَذَا كُلِّهِ نَأَخُذُ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ ثَابِتٌ عِنْدَنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم،

20401 -

ثُمَّ ذَكَرَ مَذْهَبَ نَفْسِهِ، ثُمَّ مَذْهَبَ غَيْرِهِ فِي اسْتِسْعَاءِ الْعَبْدِ فِي بَاقِيهِ.

20402 -

ثُمَّ قَالَ: وَسَمِعْتُ مَنْ، يَحْتَجُّ بِأَنْ رُوِيَ عَنْ رَجُلٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«فِي الْعَبْدِ بَيْنَ اثْنَيْنِ يُعْتِقُهُ أَحَدُهُمَا وَهُوَ مُعْسِرٌ يَسْعَى»

ص: 392

20403 -

أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ السَّعْدِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ كَانَ لَهُ شِقْصٌ

⦗ص: 393⦘

فِي مَمْلُوكٍ فَأَعْتَقَهُ، فَعَلَيْهِ خَلَاصُهُ فِي مَالِهِ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ اسْتَسْعَى الْعَبْدُ فِي ثَمَنِ رَقَبَتِهِ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ»

20404 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْإِسْنَادِ الَّذِي تَقَدَّمَ: قُلْتُ لَهُ: أَرَأَيْتَ حَدِيثَكَ عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ لَوْ كَانَ مُنْفَرِدًا بِهَذَا الْإِسْنَادِ فِيهِ الِاسْتِسْعَاءُ

20405 -

وَقَدْ خَالَفَهُ شُعْبَةُ، وَهِشَامٌ؟ فَقَالَ بَعْضُ مَنْ حَضَرَهُ: حَدِيثُ شُعْبَةَ، وَهِشَامٍ هَكَذَا لَيْسَ فِيهِ اسْتِسْعَاءٌ، وَهُمَا أَحْفَظُ مِنَ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ

20406 -

قَالَ أَحْمَدُ: حَدِيثُ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ قَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ: لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الِاسْتِسْعَاءِ، وَحَدِيثُ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ عَنْ قَتَادَةَ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الِاسْتِسْعَاءِ

20407 -

قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيُّ فِيمَا أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَارِثِ، عَنْهُ: شُعْبَةُ، وَهِشَامٌ، أَحْفَظُ مَنْ رَوَاهُ عَنْ قَتَادَةَ، وَلَمْ يَذْكُرَا فِيهِ الِاسْتِسْعَاءَ

20408 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْإِسْنَادِ الَّذِي تَقَدَّمَ: وَلَقَدْ سَمِعْتُ بَعْضَ أَهْلِ النَّظَرِ وَالتَّدَيُّنِ مِنْهُمْ وَالْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ يَقُولُ: لَوْ كَانَ حَدِيثُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ فِي الِاسْتِسْعَاءِ مُنْفَرِدًا لَا يُخَالِفُهُ غَيْرُهُ مَا كَانَ ثَابِتًا

20409 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ: وَقَدْ أَنْكَرَ النَّاسُ حِفْظَ سَعِيدٍ

⦗ص: 394⦘

20410 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَهَذَا كَمَا قَالَ: فَقَدِ اخْتَلَطَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ فِي آخِرِ عُمْرِهِ حَتَّى أَنْكَرُوا حِفْظَهُ، إِلَّا أَنَّ حَدِيثَ الِاسْتِسْعَاءِ قَدْ رَوَاهُ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ قَتَادَةَ وَلِذَلِكَ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ

20411 -

وَاسْتَشْهَدَ الْبُخَارِيُّ بِرِوَايَةِ الْحَجَّاجِ بْنِ الْحَجَّاجِ، وَأَبَانَ بْنِ يَزِيدَ الْعَطَّارِ، وَمُوسَى بْنِ خَلَفٍ الْعَمِّيِّ، عَنْ قَتَادَةَ، بِذِكْرِ الِاسْتِسْعَاءِ فِيهِ. وَإِنَّمَا يُضَعِّفُ أَمْرَ الِاسْتِسْعَاءِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ رِوَايَةُ هَمَّامِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ قَتَادَةَ فَإِنَّهُ فَصَلَهُ مِنَ الْحَدِيثِ، وَجَعَلَهُ مِنْ قَوْلِ قَتَادَةَ،

20412 -

وَلَعَلَّ الَّذِي أَخْبَرَ الشَّافِعِيَّ، بِضَعْفِهِ وَقَفَ عَلَى رِوَايَةِ هَمَّامٍ أَوْ عَرَفَ عِلَّةً أُخْرَى لَمْ يَقِفْ عَلَيْهَا، فَاللَّهُ أَعْلَمُ

ص: 392

20413 -

فَأَمَّا حَدِيثُ هَمَّامٍ فَأَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ الدَّارَابَجِرْدِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:«أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ شِقْصًا لَهُ فِي مَمْلُوكٍ، فَغَرَّمَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، بَقِيَّةَ ثَمَنِهِ»

20414 -

قَالَ هَمَّامٌ: وَكَانَ قَتَادَةُ يَقُولُ: إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ اسْتَسْعَى

20415 -

وَهَذَا حَدِيثٌ رَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْمُنْذِرِ صَاحِبُ «الْخِلَافِيَّاتِ» عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ، وَاعْتَمَدَ عَلَيْهِ،

20416 -

وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ، عَنْ أَبِيهِ

ص: 394

20416 -

وَقَدْ قَالَ أَبُو مُوسَى: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ، يَقُولُ:«أَحَادِيثُ هَمَّامٍ، عَنْ قَتَادَةَ، مِنْ أَصَحِّ الْأَحَادِيثِ؛ لِأَنَّهُ كَتَبَهَا إِمْلَاءً» أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو عَلِيٍّ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حُرَيْثٍ، أَخْبَرَنَا مُوسَى. . . فَذَكَرَهُ

ص: 394

20417 -

وَفِيمَا حَكَى عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ قَالَ:«شُعْبَةُ أَعْلَمُ النَّاسِ بِحَدِيثِ قَتَادَةَ مَا سَمِعَ مِنْهُ وَمَا لَمْ يَسْمَعْ، وَهِشَامٌ أَحْفَظُ وَسَعِيدٌ أَكْثَرُ» أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ كَامِلٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا قِلَابَةَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ الْمَدِينِيِّ، فَذَكَرَهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ.

20418 -

قَالَ أَحْمَدُ: فَقَدِ اجْتَمَعَ هَاهُنَا شُعْبَةُ مَعَ فَضْلِ حِفْظِهِ، وَعِلْمِهِ بِمَا سَمِعَ مِنْ قَتَادَةَ وَمَا لَمْ يَسْمَعْ، وَهِشَامٌ مَعَ فَضْلِ حِفْظِهِ، وَهَمَّامٌ مَعَ صِحَّةِ كِتَابِهِ، وَزِيَادَةِ مَعْرِفَتِهِ بِمَا لَيْسَ مِنَ الْحَدِيثِ عَلَى خِلَافِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، وَمَنْ تَابَعَهُ فِي إِدْرَاجِ السِّعَايَةِ فِي الْحَدِيثِ، وَفِي هَذَا مَا يُضَعِّفُ ثُبُوتَ الِاسْتِسْعَاءِ بِالْحَدِيثِ

ص: 395

20419 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: " وَقِيلَ لِمَنْ حَضَرَ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ: لَوِ اخْتَلَفَ نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَحْدَهُ، وَهَذَا الْإِسْنَادُ أَيُّهُمَا كَانَ أَثْبَتَ؟ " قَالَ: نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. قُلْتُ:«وَعَلَيْنَا أَنْ نَصِيرَ إِلَى الْأَثْبَتِ مِنَ الْحَدِيثَيْنِ» قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: «فَمَعَ نَافِعٍ حَدِيثُ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ بِإِبْطَالِ الِاسْتِسْعَاءِ» قَالَ: فَقَامَ بَعْضُهُمْ يُنَاظِرُنِي فِي قَوْلِنَا، وَقَوْلِكَ. فَقُلْتُ:«أَوَلِلْمُنَاظَرَةِ مَوْضِعٌ مَعَ ثُبُوتِ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، بِطَرْحِ الِاسْتِسْعَاءِ فِي حَدِيثِ نَافِعٍ، وَعِمْرَانَ؟» قَالَ: إِنَّا نَقُولُ: إِنَّ أَيُّوبَ قَالَ: وَرُبَّمَا قَالَ نَافِعٌ: «فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ» وَرُبَّمَا لَمْ يَقُلْهُ قَالَ: وَأَكْثَرُ ظَنِّي أَنَّهُ شَيْءٌ كَانَ يَقُولُ نَافِعٌ بِرَأْيِهِ ، قَالَ الشَّافِعِيُّ:" فَقُلْتُ لَهُ: لَا أَحْسِبُ عَالِمًا بِالْحَدِيثِ وَرُوَاتِهِ يَشُكُّ فِي أَنَّ مَالِكًا أَحْفَظُ لِحَدِيثِ نَافِعٍ مِنْ أَيُّوبَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ أَلْزَمَ لَهُ مِنْ أَيُّوبَ، وَلِمَالِكٍ. فَقِيلَ: حِفْظُهُ لِحَدِيثِ أَصْحَابِهِ خَاصَّةً وَلَوِ اسْتَوَيَا فِي الْحِفْظِ فَشَكَّ أَحَدُهُمَا فِي شَيْءٍ لَمْ يَشُكَّ فِيهِ صَاحِبُهُ، لَمْ يَكُنْ فِي هَذَا مَوْضِعٌ لِأَنْ يُغَلَّطَ بِهِ الَّذِي لَمْ يَشُكَّ إِنَّمَا يُغَلَّطُ الرَّجُلُ بِخِلَافِ مَنْ هُوَ أَحْفَظُ مِنْهُ أَوْ يَأْتِي بِشَيْءٍ فِي الْحَدِيثِ يُشْرِكُهُ فِي مَنْ لَمْ يَحْفَظْ مِنْهُ مَا حَفِظَ مِنْهُ، هُمْ عَدَدٌ وَهُوَ مُنْفَرِدٌ، قَدْ وَافَقَ مَالِكًا فِي زِيَادَةٍ: وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ ". يَعْنِي غَيْرَهُ مِنْ أَصْحَابِ نَافِعٍ

⦗ص: 396⦘

. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَزَادَ بَعْضُهُمْ: «وَرَقَّ مِنْهُ مَا رَقَّ»

20420 -

قَالَ أَحْمَدُ: رُوِّينَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيِّ ، أَنَّهُ قَالَ: أَصَحُّ الْأَسَانِيدِ كُلِّهَا: مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ

20421 -

وَقَالَ أَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ: كَانَتْ لِمَالِكٍ حَلَقَةٌ فِي حَيَاةِ نَافِعٍ

20422 -

وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ لَا يُقَدِّمُ عَلَى مَالِكٍ أَحَدًا

ص: 395

20423 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ الْأَشْنَانِيُّ قَالَا: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ سَعِيدٍ الدَّارِمِيَّ، يَقُولُ: قُلْتُ لِيَحْيَى بْنِ مَعِينٍ: مَالِكٌ أَحَبُّ إِلَيْكَ فِي نَافِعٍ أَوْعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ؟ قَالَ: «مَالِكٌ» قُلْتُ: فَأَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ؟ قَالَ: «مَالِكٌ»

20424 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَرُوِّينَا عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ، وأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، أَنَّهُمَا قَالَا: كَانَ مَالِكٌ مِنْ أَثْبَتِ النَّاسِ فِي حَدِيثِهِ

20425 -

وَقَالَ أَحْمَدُ: وَقَدْ تَابَعَ مَالِكًا عَلَى رِوَايَتِهِ عَنْ نَافِعٍ أَثْبَتُ آلِ عُمَرَ فِي زَمَانِهِ وَأَحْفَظُهُمْ: عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ حَفْصِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ

ص: 396

20426 -

أَخْبَرَنَاهُ أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقَطَّانُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ السُّلَمِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي مَمْلُوكٍ فَعَلَيْهِ عِتْقُهُ كُلِّهِ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ عَتَقَ مِنْهُ مَا أَعْتَقَ»

20427 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ، فَذَكَرَهُ بِمِثْلِهِ

⦗ص: 397⦘

. رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُسَامَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ فِيهِ:«وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ»

ص: 396

20428 -

وَأَمَّا قَوْلُهُ: «وَإِلَّا عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ وَرَقَّ مَا بَقِيَ» فَهُوَ فِيمَا رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ نَافِعٍ، أَخْبَرَنَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَارِثِ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ النَّيْسَابُورِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مَرْزُوقٍ الْكَعْبِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، فَذَكَرَهُ

ص: 397

20429 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: " وَرَوَى يَعْنِي مَنِ احْتَجَّ فِي الِاسْتِسْعَاءِ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ رَجُلٍ، مِنْ بَنِي عُذْرَةَ. فَقِيلَ لَهُ: أَوَثَابِتٌ حَدِيثُ أَبِي قِلَابَةَ لَوْ لَمْ يُخَالِفْ فِيهِ الَّذِي رَوَاهُ عَنْ خَالِدٍ؟ فَقَالَ: مَنْ حَضَرَهُ: هُوَ مُرْسَلٌ. وَلَوْ كَانَ مَوْصُولًا كَانَ عَنْ رَجُلٍ لَمْ يُسَمَّ لَا يُعْرَفُ لَمْ يَثْبُتْ حَدِيثُهُ "

20430 -

وَذَكَرَهُ فِي الْقَدِيمِ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ: قُلْتُ فَعَنْ مَنْ رَوَيْتَ الِاسْتِسْعَاءَ؟ قَالَ: رَوَاهُ هُشَيْمٌ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ: أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي عُذْرَةَ أَعْتَقَ عَبْدًا لَهُ يَعْنِي فِي مَرَضِهِ فَأَعْتَقَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ثُلُثَهُ وَاسْتَسْعَاهُ فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ

20431 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَقُلْتُ لَهُ: قَدْ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ فِي الرَّجُلِ مِنْ بَنِي عُذْرَةَ هَذَا الْخَبَرَ، وَقَالَ أَعْتَقَ ثُلُثَهُ لَيْسَ فِيهِ اسْتِسْعَاءٌ

20432 -

وَذَكَرَهُ ابْنُ عُلَيَّةَ، وَالثَّوْرِيُّ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، لَيْسَ فِيهِ اسْتِسْعَاءٌ، وَثَلَاثَةٌ أَحَقُّ بِالْحِفْظِ مِنْ وَاحِدٍ، وَابْنُ عُلَيَّةَ، وَالثَّوْرِيُّ أَحْفَظُ مِنْ هُشَيْمٍ. وَنَرَى هُشَيْمًا غَلَطَ فِيهِ ثُمَّ ضَعَّفَهُ بِانْقِطَاعِهِ كَمَا قَالَ فِي الْجَدِيدِ

⦗ص: 398⦘

20433 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ فِي رِوَايَتِنَا: فَعَارَضَنَا مِنْهُمْ مُعَارِضٌ بِحَدِيثٍ آخَرَ فِي الِاسْتِسْعَاءِ فَقَطَعَهُ عَلَيْهِ بَعْضُ أَصْحَابِهِ، وَقَالَ: لَا يَذْكُرُ مِثْلَ هَذَا الْحَدِيثِ أَحَدٌ يَعْرِفُ الْحَدِيثَ لِضَعْفِهِ

20434 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَلَعَلَّهُ عُورِضَ بِرِوَايَةِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأَةَ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ بَدْرٍ، عَنْ أَبِي يَحْيَى الْأَعْرَجِ قَالَ: سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ عَبْدٍ أَعْتَقَهُ مَوْلَاهُ عِنْدَ مَوْتِهِ وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَسْعَى فِي الدَّيْنِ،

20435 -

هَذَا مُنْقَطِعٌ، وَرَاوِيهِ الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَأَةَ وَهُوَ غَيْرُ مُحْتَجٍّ بِهِ

20436 -

وَقَدْ رَوَاهُ الْحَجَّاجُ بْنُ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الِاسْتِسْعَاءِ

20437 -

قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ: وَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ الْفِرْيَةِ، كَيْفَ يَكُونُ هَذَا عَلَى مَا رَوَاهُ الْحَجَّاجُ، وَقَدْ رَوَاهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَغَيْرُهُمَا، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ يَعْنِي عَلَى مَا سَبَقَ ذِكْرُنَا لَهُ. وَأَطَالَ الْكَلَامَ فِي إِنْكَارِهِ عَلَى الْحَجَّاجِ

20438 -

وَقَدْ رَوَى الْحَجَّاجُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: كَانَ ثَلَاثُونَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُونَ،. . . . يَعْنِي بِالِاسْتِسْعَاءِ، وَهَذَا أَيْضًا مُنْكَرٌ

20439 -

وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ. وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى بُطْلَانِ الِاسْتِسْعَاءِ.

20440 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ: فَقَالَ لِي: هَلْ رُوِّيتُمْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا شَيْئًا؟ فَقُلْتُ لَهُ: نَعَمْ بِمِثْلِ قَوْلِنَا قَالَ: فَقَدْ رُوِّينَا أَيْضًا بِمِثْلِ قَوْلِنَا كِلْتَا رِوَايَتَيْنِ

⦗ص: 399⦘

.

20441 -

أَمَّا أَحَدُهُمَا مِنَ الصِّحَّةِ بِخِلَافِ قَوْلِكُمْ خِلَافًا بَعِيدًا قَالَ: وَمَا هِيَ؟ قُلْتُ: زَعَمْتُمْ بِأَحْسَنِ إِسْنَادٍ عِنْدَكُمْ أَنَّ عَبْدًا كَانَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ وَهُوَ صَغِيرٌ فِيهِ حَقٌّ فَاسْتَشَارَ شُرَكَاؤُهُ عُمَرَ فِي الْعِتْقِ. فَقَالَ: أَعْتِقُوا فَإِذَا بَلَغَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، فَإِنْ رَغِبَ فِي مِثْلِ مَا رَغِبْتُمْ، وَإِلَّا كَانَ عَلَى حَقِّهِ. . . وَهَذَا خِلَافُ قَوْلِكُمْ.

20442 -

وَرُوِّيتُمْ عَنْ عَلِيٍّ، أَنَّهُ قَالَ: يُعْتِقُ الرَّجُلُ مِنْ عَبْدِهِ مَا شَاءَ. وَهَذَا أَيْضًا خِلَافُ قَوْلِكُمْ قَالَ: فَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ مَسْعُودِ الِاسْتِسْعَاءَ؟، قُلْنَا: لَيْسَ بِصَحِيحٍ عَنْهُ وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، خِلَافُ الِاسْتِسْعَاءِ، وَلَيْسَ فِي أَحَدٍ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حُجَّةٌ

20443 -

قَالَ أَحْمَدُ: أَمَّا الْأَثَرُ الْأَوَّلُ فَقَدْ رَوَاهُ الْأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ إِلَّا أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ فِيهِ حَتَّى يَرْغَبَ فِي مِثْلِ مَا رَغِبْتُمْ فِيهِ أَوْ يَأْخُذَ نَصِيبَهُ، وَرَأَيْتُ فِيَ رِوَايَةِ بَعْضِهِمْ: وَإِلَّا ضَمِنَكُمْ،

20444 -

وَأَمَّا الَّذِي حَكَاهُ عَنْ عَلِيٍّ، فَإِنَّمَا رَوَاهُ الْحَكَمُ، عَنْ عَلِيٍّ، أَنَّهُ قَالَ: إِذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَبْدٌ فَأَعْتَقَ نِصْفَهُ لَمْ يُعْتَقْ مِنْهُ إِلَّا مَا عَتَقَ: وَهَذَا مُنْقَطِعٌ: الْحَكَمُ لَمْ يُدْرِكْ عَلِيًّا

20445 -

وَأَمَّا الَّذِي رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ، عَنْ مَنْ دُونَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي إِبْطَالِ الِاسْتِسْعَاءِ فَهُوَ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ، وَأَمَّا الَّذِي رَوَوْا عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي الِاسْتِسْعَاءِ ، فَقَدْ حَكَى ابْنُ الْمُنْذِرِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ:«فِيمَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا لَهُ فِي مَرَضِهِ لَا مَالَ لَهُ غَيْرَهُ أَنَّهُ يَعْتِقُ ثُلُثَهُ، وَيَرِقُّ ثُلُثَاهُ»

20446 -

وَهَذَا مَا يُخَالِفُ مَا رَوَوْا عَنْهُ. وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ التَّلِبِّ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ نَصِيبًا لَهُ مِنْ مَمْلُوكٍ فَلَمْ يُضَمِّنْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم

⦗ص: 400⦘

20447 -

وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ: أَنَّ عَبْدًا كَانَ بَيْنَ رَجُلَيْنٍ، فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ، فَحَبَسَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى بَاعَ فِيهِ غُنَيْمَةً لَهُ،

20448 -

وَهَذَا مُنْقَطِعٌ. فَإِنْ صَحَّ فَيَكُونُ الْخَبَرُ وَارِدًا فِي الْمُوسِرِ، وَحَدِيثُ ابْنِ التَّلِبِّ فِي الْمُعْسِرِ، وَهُوَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَجْمُوعٌ.

20449 -

وَرُوِّينَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ: أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ عَنِ الْعَبْدِ، يُعْتَقُ نِصْفُهُ؟ قَالَ:«أَحْكَامُهُ أَحْكَامُ الْعَبْدِ حَتَّى يُعْتَقَ كُلُّهُ»

20450 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَقَدْ حَمَلَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ السِّعَايَةَ، الْمَذْكُورَةَ فِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ عَلَى اسْتِسْعَاءِ الْعَبْدِ عِنْدَ إِعْسَارِ الشَّرِيكِ بِاخْتِيَارِ الْعَبْدِ دُونَ الْإِجْبَارِ أَلَا تَرَاهُ قَالَ:«غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ» ، وَفِي إِجْبَارِهِ عَلَى السَّعْيِ فِي قِيمَتِهِ وَهُوَ لَا يُرِيدُهُ مَشَقَّةٌ عَظِيمَةٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ

20451 -

وَقَدْ رُوِيَ فِي بَعْضِ طُرُقِ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إِذَا كَانَ لِلرَّجُلِ شِرْكٌ فِي غُلَامٍ، ثُمَّ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ، وَهُوَ حَيٌّ أُقِيمَ عَلَيْهِ قِيمَةَ عَدْلٍ فِي مَالِهِ، ثُمَّ أَعْتَقَ»

20452 -

وَفِي قَوْلِهِ: «وَهُوَ حَيٌّ» إِنْ كَانَ مَحْفُوظًا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ

ص: 397

‌عِتْقُ الْعَبِيدِ لَا يَخْرُجُونَ مِنَ الثُّلُثِ

20453 -

اسْتَدَلَّ الشَّافِعِيُّ، رحمه الله فِي إِثْبَاتِ الْقُرْعَةِ بِقِصَّةِ يُونُسَ، وَمَرْيَمَ عليهما السلام. وِإِقْرَاعِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، إِذَا أَرَادَ سَفَرًا بَيْنَ نِسَائِهِ فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا

ص: 401

20454 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنِ:" أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ أَوْصَى عِنْدَ مَوْتِهِ فَأَعْتَقَ سِتَّةَ مَمَالِيكَ لَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمْ. أَوْ قَالَ: أَعْتَقَ عِنْدَ مَوْتِهِ سِتَّةَ مَمَالِيكَ لَهُ، وَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ غَيْرُهُمْ. فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ فِيهِ قَوْلًا شَدِيدًا، ثُمَّ دَعَاهُمْ فَجَزَّأَهُمْ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ، فَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ، فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً " أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْوَهَّابِ، وَعَبْدُ الْوَهَّابِ كَانَ يَشُكُّ فِيهِ، وَرَوَاهُ عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى عَلَى اللَّفْظِ الْأَوَّلِ، وَإِسْحَاقُ الْحَنْظَلِيُّ عَلَى مَعْنَى اللَّفْظِ الثَّانِي

ص: 401

20455 -

وَقَدْ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ، رحمه الله فِي الْقَدِيمِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ابْنِ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ: أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ سِتَّةَ أَعْبُدٍ لَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمْ فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «فَجَزَّأَهُمْ أَجْزَاءً، وَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ، فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً» وَهَذَا فِيمَا أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْقَطِيعِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، فَذَكَرُوهُ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ

⦗ص: 402⦘

. رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُجْرٍ وَغَيْرِهِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ، وَبِمَعْنَاهُ أَخْرَجَهُ مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ

20456 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَأَخْبَرَنِي مَنْ، سَمِعَ هُشَيْمًا، يَذْكُرُ عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ

ص: 401

20457 -

حَدَّثَنَاهُ كَامِلُ بْنُ أَحْمَدَ الْمُسْتَمْلِي، أَخْبَرَنَا أَبُو سَهْلٍ الْإِسْفَرَايِينِيُّ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْبَيْهَقِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا هُشَيْمُ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ زَاذَانَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنِ: أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ أَعْتَقَ سِتَّةَ مَمْلُوكِينَ لَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ، وَلَمْ يَتْرُكْ مَالًا غَيْرَهُمْ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَغَضِبَ فَقَالَ:«لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ لَا أُصَلِّيَ عَلَيْهِ» ، ثُمَّ دَعَا بِهِمْ فَجَزَّأَهُمْ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ، فَأَقْرَعَ، فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً

20458 -

رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، وَحُمَيْدٍ، وَسَمَّاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عِمْرَانَ، وَقَالَ فِي الْحَدِيثِ: وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمْ فَأَقْرَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، بَيْنَهُمْ فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ وَرَدَّ أَرْبَعَةً فِي الرِّقِّ، أَخْبَرَنَاهُ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّفَّارُ، وَيَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ الْحِنَّائِيُّ قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ فَذَكَرَهُ،

20459 -

وَعَنْ حَمَّادٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَأَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنِ

ص: 402

20460 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَقَدْ رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، كَمَا: أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَتِيقٍ، وَأَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ سِتَّةَ أَعْبُدٍ عِنْدَ مَوْتِهِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمْ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «فَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ، فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً»

⦗ص: 403⦘

20461 -

وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِئُ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، وَيَحْيَى بْنُ عَتِيقٍ، وَهِشَامٌ، فَذَكَرَهُ. وَزَادَ فِي آخِرِهِ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ: وَلَوْ لَمْ يَبْلُغْنِي عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَكَانَ رَأْيِي أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ

20462 -

وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ سِيرِينَ فَهُوَ مُرْسَلٌ يُؤَكِّدُ رِوَايَةَ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَقَدْ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ كَمَا مَضَى بِإِسْنَادِهِ، وَرَوَاهُ فِي كِتَابِ الْقُرْعَةِ بِإِسْنَادٍ آخَرَ

ص: 402

20463 -

وَذَلِكَ فِيمَا: أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ إِجَازَةً، أَنَّ أَبَا الْعَبَّاسِ، حَدَّثَهُمْ عَنِ الرَّبِيعِ، عَنِ الشَّافِعِيِّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنَ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ: أَنَّ امْرَأَةً، أَعْتَقَتْ سِتَّةَ مَمْلُوكِينَ لَهَا عِنْدَ الْمَوْتِ لَيْسَ لَهَا مَالٌ غَيْرُهُمْ، فَأَقْرَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَهُمْ:«فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً»

ص: 403

20464 -

وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ رِوَايَةَ أَبِي زَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهِيَ فِيمَا: أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي زَيْدٍ: أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ فَذَكَرَهُ قَالَ: وَقَالَ يَعْنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لَوْ شَهِدْتُهُ قَبْلَ أَنْ يُدْفَنَ لَمْ يُدْفَنْ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ»

⦗ص: 404⦘

20465 -

وَرُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ص: 403

20466 -

وَأَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، إِجَازَةً أَنَّ أَبَا الْعَبَّاسِ حَدَّثَهُمْ ، عَنِ الرَّبِيعِ، عَنِ الشَّافِعِيِّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَضَى فِي رَجُلٍ أَوْصَى بِعِتْقِ رَقِيقِهِ، وَفِيهِمُ الْكَبِيرُ، وَالصَّغِيرُ، فَاسْتَشَارَ عُمَرُ رِجَالًا مِنْهُمْ خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، فَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ. فَقَالَ أَبُو الزِّنَادِ: وَحَدَّثَنِي رَجُلٌ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم:«أَقْرَعَ بَيْنَهُمْ»

ص: 404

20467 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَأَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ:«أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ ثُلُثَ رَقِيقِهِ فَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ»

ص: 404

20468 -

قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ رَجُلًا فِي زَمَانِ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ أَعْتَقَ رَقِيقًا لَهُ جَمِيعًا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمْ، «فَأَمَرَ أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ بِذَلِكَ الرَّقِيقِ، فَقُسِّمُوا أَثْلَاثًا، ثُمَّ أَسْهَمَ عَلَى أَيِّهِمْ يَخْرُجُ سَهْمُ الْمَيِّتِ فَيُعْتَقُوا فَخَرَجَ السَّهْمُ عَلَى أَحَدِ أَلَأَثْلَاثِ، فَعُتِقُوا»

20469 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَالَ مَالِكٌ: وَذَلِكَ أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ

20470 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَبِهَذَا كُلِّهِ نَأْخُذُ

ص: 404

‌مَنْ يُعْتَقُ بِالْمِلْكِ

20471 -

أَمَّا عِتْقُ الْوَلَدِ عَلَى وَالِدِهِ، وَالْوَالِدِ عَلَى وَلَدِهِ فَإِنَّ الشَّافِعِيَّ رحمه الله كَانَ يَقُولُ بِهِ وَعَلَّلَ فَقَالَ: وَلَا يَثْبُتُ لَهُ مِلْكٌ عَلَى شَيْءٍ خُلِقَ مِنْهُ، كَمَا إِذَا مَلَكَ نَفْسَهُ عَتَقَ

ص: 405

20472 -

وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مِنْ طَرِيقِ الْإِخْبَارِ مَا أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَجْزِي وَلَدٌ وَالِدَهُ إِلَّا أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا، فَيَشْتَرِيَهُ، فَيُعْتِقَهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ

20473 -

وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ «فَيُعْتِقَهُ» أَيْ بِمَا فَعَلَ مِنَ اشْتِرَائِهِ؛ وَذَلِكَ لِذَهَابِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى عِتْقِهِ بِالْمِلْكِ مِنْ غَيْرِ إِعْتَاقٍ جَدِيدٍ

ص: 405

20474 -

وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: «مَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ فَهُوَ حُرٌّ»

20475 -

وَقَالَ مَرَّةً: «أَوْ ذَا مَحْرَمٍ» . شَكَّ الضَّحَّاكُ.

20476 -

هَكَذَا رَوَاهُ أَبُو عَاصِمٍ الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ، عَنِ الْحَكَمِ

ص: 405

20477 -

وَقَالَ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ: قَرَأْتُ فِي كِتَابِ أَبِي عَوَانَةَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ عُمَرَ قَالَ: «لَا يُسْتَرَقُّ ذُو رَحِمٍ»

20478 -

وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ: الْوَالِدَيْنِ وَالْمَوْلُودِينَ. فَرَاوِيهِ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَكَانَ يَقُولُ: لَا يُعْتَقُ إِلَّا الْوَلَدُ وَالْوَالِدُ

ص: 406

20479 -

وَقَدْ رُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَا: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ فُورَكٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ فَهُوَ حُرٌّ»

20480 -

هَكَذَا رَوَاهُ جَمَاعَةٌ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي لَفْظِهِ: مَنْ مَلَكَ ذَا مَحْرَمٍ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: ذَا رَحِمٍ،

20481 -

وَرَوَاهُ مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ حَمَّادٍ، وَقَالَ: عَنْ سَمُرَةَ: فِيمَا يَحْسِبُ حَمَّادٌ، فَكَأَنَّهُ كَانَ يَشُكُّ فِي ذِكْرِ سَمُرَةَ فِي إِسْنَادِهِ.

20482 -

وَقَدْ خَالَفَهُ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ؛ فَرَوَاهُ عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ:«مَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ فَهُوَ حُرٌّ»

20483 -

وَعَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ:«مَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ فَهُوَ حُرٌّ»

20484 -

وَالْحَدِيثُ إِذَا انْفَرَدَ بِهِ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، ثُمَّ يَشُكُّ فِيهِ، ثُمَّ يُخَالِفُهُ فِيهِ مَنْ هُوَ أَحْفَظُ مِنْهُ وَجَبَ التَّوَقُّفُ فِيهِ

⦗ص: 407⦘

.

20485 -

وَقَدْ أَشَارَ الْبُخَارِيُّ إِلَى تَضْعِيفِ هَذَا الْحَدِيثِ.

20486 -

وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: هَذَا عِنْدِي مُنْكَرٌ

ص: 406

20487 -

وَأَمَّا الَّذِي رَوَاهُ أَبُو عُمَيْرٍ النَّحَّاسُ عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ فَهُوَ عَتِيقٌ» فَهَذَا وَهْمٌ فَاحِشٌ. وَالْمَحْفُوظُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ حَدِيثُ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْوَلَاءِ وَعَنْ هِبَتِهِ، وَضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ لَمْ يَحْتَجَّ بِهِ صَاحِبَا الصَّحِيحِ

ص: 407

20488 -

وَأَمَّا حَدِيثُ الْعَرْزَمِيِّ، عَنِ الْكَلْبِيِّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ صَالِحٌ بِأَخِيهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُعْتِقَ هَذَا فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ أَعْتَقَهُ حِينَ مَلَكْتَهُ» فَهَذَا مِمَّا لَا يَحِلُّ الِاحْتِجَاجُ بِهِ، وَالْإِجْمَاعُ عَلَى تَرْكِ الِاعْتِمَادِ عَلَى رِوَايَةِ الْكَلْبِيِّ، وَالْعَرْزَمِيِّ،

20489 -

وَرُوِيَ عَنْ حَفْصِ بْنِ أَبِي دَاوُدَ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَحَفْصٌ ضَعِيفٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ

ص: 407

20490 -

وَأَصَحُّ شَيْءٍ فِيهِ حَدِيثُ شُعْبَةَ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنِ الْمُسْتَوْرِدِ: أَنَّ رَجُلًا أَتَى ابْنَ مَسْعُودٍ فَقَالَ: إِنَّ عَمِّي زَوَّجَنِي جَارِيَةً لَهُ وَإِنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَسْتَرِقَّ وَلَدِي. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: «لَيْسَ ذَاكَ لَهُ» وَفِي رِوَايَةٍ: «كَذَبَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ»

ص: 407

‌الْوَلَاءُ

ص: 408

20491 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّهَا أَرَادَتْ أَنْ تَشْتَرِيَ جَارِيَةً تُعْتِقُهَا فَقَالَ أَهْلُهَا: نَبِيعُكِهَا عَلَى أَنَّ وَلَاءَهَا لَنَا، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:«لَا يَمْنَعُكِ ذَلِكَ، إِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ

20492 -

وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ حَدِيثَ مَالِكٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ بِطُولِهِ، وَذَلِكَ فِي كِتَابِ الْمُكَاتَبِ، وَكَذَلِكَ حَدِيثَ عَمْرَةَ

ص: 408

20493 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «نَهَى عَنْ بَيْعِ الْوَلَاءِ، وَعَنْ هِبَتِهِ»

⦗ص: 409⦘

أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ

ص: 408

20494 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ، لَا يُبَاعُ، وَلَا يُوهَبُ» ،

20495 -

كَذَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْفَقِيهِ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ الْقَاضِي، وَكَأَنَّهُ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، لِلشَّافِعِيُّ مِنْ حِفْظِهِ فَنَزَلَ عَنْ ذِكْرِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فِي إِسْنَادِهِ،

20496 -

وَقَدْ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي كِتَابِ «الْوَلَاءِ» ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِاللَّفْظِ الَّذِي رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْهُ

ص: 409

20497 -

وَهَذَا اللَّفْظُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ غَيْرُ مَحْفُوظٍ. وَرِوَايَةُ الْجَمَاعَةِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «نَهَى عَنْ بَيْعِ الْوَلَاءِ، وَعَنْ هِبَتِهِ»

20498 -

هَكَذَا رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيِّ، وَغَيْرِهِ، وَمَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَشُعْبَةُ، وَالضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ، وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ ، وَغَيْرُهُمْ

20499 -

وَرَوَاهُ أَبُو عُمَرَ بْنُ النَّحَّاسِ، عَنْ ضَمْرَةَ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَلَى اللَّفْظِ الْأَوَّلِ الَّذِي رَوَاهُ أَبُو يُوسُفَ، وَقَدْ أَجْمَعَ أَصْحَابُ الثَّوْرِيِّ عَلَى خِلَافِهِ،

20500 -

وَرُوِيَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَهُوَ وَهْمٌ عَلَى عُبَيْدِ اللَّهِ فِي الْإِسْنَادِ، وَالْمَتْنِ جَمِيعًا

⦗ص: 410⦘

،

20501 -

وَرُوِيَ مِنْ أَوْجُهٍ أُخَرَ ضَعِيفَةٍ.

20502 -

وَأَصَحُّ مَا رُوِيَ فِيهِ حَدِيثُ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ، لَا يُبَاعُ، وَلَا يُوهَبُ» ،

20503 -

وَهَذَا مُرْسَلٌ

20504 -

وَرُوِيَ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، مِنْ قَوْلِهِ وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ، كَمَا

ص: 409

20505 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّ عَلِيًّا، قَالَ:«الْوَلَاءُ بِمَنْزِلَةِ الْحِلْفِ أَقِرَّهُ حَيْثُ جَعَلَهُ اللَّهُ»

ص: 410

20506 -

هَكَذَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ،

20507 -

وَرَوَاهُ عَبَّاسُ النَّرْسِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ قَالَ:«الْوَلَاءُ بِمَنْزِلَةِ النَّسَبِ لَا يُبَاعُ، وَلَا يُوهَبُ، أَقِرَّهُ حَيْثُ جَعَلَهُ اللَّهُ»

20508 -

وَرَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَعْقِلٍ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: الْوَلَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ النَّسَبِ

ص: 410

20509 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، رحمه الله قَالَ: " قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى: {وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ} [هود: 42] وَقَالَ: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ} [الأنعام: 74]

⦗ص: 411⦘

فَنَسَبَ إِبْرَاهِيمَ إِلَى أَبِيهِ، وَأَبُوهُ كَافِرٌ، وَنَسَبَ ابْنَ نُوحٍ إِلَى أَبِيهِ، وَابْنُهُ كَافِرٌ.

20510 -

قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم فِي زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ، وَمَوَالِيكُمْ} [الأحزاب: 5]. وَقَالَ: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ} [الأحزاب: 37] فَنَسَبَ الْمَوَالِيَ إِلَى نَسَبَيْنِ أَحَدُهُمَا إِلَى الْآبَاءِ، وَالْآخَرُ إِلَى الْوَلَاءِ، وَجَعَلَ الْوَلَاءَ بِالنِّعْمَةِ "

20511 -

وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا بَالُ رِجَالٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ، مَا كَانَ مِنْ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ قَضَاءُ اللَّهِ أَحَقُّ، وَشَرْطُهُ أَوْثَقُ، وَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ»

20512 -

فَبَيَّنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ الْوَلَاءَ إِنَّمَا يَكُونُ لِلْمُعْتِقِ.

20513 -

وَرُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ لَا يُبَاعُ، وَلَا يُوهَبُ»

20514 -

فَدَلَّ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ عَلَى أَنَّ الْوَلَاءَ إِنَّمَا يَكُونُ بِمُتَقَدِّمِ فِعْلٍ مِنَ الْمُعْتِقِ كَمَا يَكُونُ النَّسَبُ بِمُتَقَدِّمٍ، وَلَازِمَ الْأَبِ. أَلَا تَرَى أَنَّ رَجُلًا لَوْ كَانَ لَا أَبَ لَهُ يُعْرَفُ جَاءَ رَجُلًا فَسَأَلَهُ أَنْ يَنْسِبَهُ إِلَى نَفْسِهِ وَرَضِيَ ذَلِكَ الرَّجُلُ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ ابْنًا لَهُ

⦗ص: 412⦘

أَبَدًا فَيَكُونُ مُتَدَخِّلًا بِهِ عَلَى عَاقِلَتِهِ مَظْلَمَةً فِي أَنْ يَعْقِلُوا عَنْهُ، وَيَكُونُ نَاسِبًا إِلَى نَفْسِهِ غَيْرَ مَنْ وَلَدَ، وَإِنَّمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ» ،

20515 -

وَكَذَلِكَ إِذَا لَمْ يَعْتِقِ الرَّجُلُ رَجُلًا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ مَنْسُوبًا إِلَيْهِ بِالْوَلَاءِ فَيُدْخِلَ عَلَى عَاقِلَتِهِ الْمَظْلَمَةَ فِي عَقْلِهِمْ عَنْهُ، وَيَنْسِبُ إِلَى نَفْسِهِ وَلَاءَ مَنْ لَمْ يُعْتِقْ، وَإِنَّمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» وَبَيِّنٌ فِي قَوْلِهِ: «إِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» أَنَّهُ لَا يَكُونُ الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ، وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ

ص: 410

20516 -

فَاحْتَجَّ عَلَيْهِ مَنْ كَلَّمَهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِمَا رُوِيَ عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الرَّجُلِ يُسْلِمُ عَلَى يَدَيِ الرَّجُلِ؟ فَقَالَ: «هُوَ أَوْلَى النَّاسِ بِمَحْيَاهُ، وَمَمَاتِهِ»

20517 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: إِنَّهُ لَيْسَ بِثَابِتٍ، وَإِنَّمَا يَرْوِيهِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ مَوْهَبٍ، عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ، وَابْنُ مَوْهَبٍ لَيْسَ مَعْرُوفًا عِنْدَنَا، وَلَا نَعْلَمُهُ لَقِيَ تَمِيمًا الدَّارِيَّ. وَمِثْلُ هَذَا لَا يَثْبُتُ عِنْدَنَا، وَلَا عِنْدَكَ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ مَجْهُولٌ، وَلَا أَعْلَمُهُ مُتَّصِلًا

20518 -

قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ قَالَ: سَمِعْتُ تَمِيمًا الدَّارِيَّ

20519 -

قَالَ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ: «هَذَا خَطَأٌ، ابْنُ مَوْهَبٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ تَمِيمٍ، وَلَا لَحِقَهُ»

⦗ص: 413⦘

وَهَذَا فِيمَا أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، فَذَكَرَهُ

20520 -

وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَوْهَبٍ، سَمِعَ تَمِيمًا، وَلَا يَصِحُّ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» وَهَذَا فِيمَا أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْفَارِسِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْأَصْبَهَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عنِ الْبُخَارِيِّ، فَذَكَرَهُ.

20521 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَقَدْ رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنِ ابْنِ مَوْهَبٍ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ، عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّنْعَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مُسْهِرٍ عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ مُسْهِرٍ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ الْحَضْرَمِيُّ، فَذَكَرَهُ،

20522 -

وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى خَطَأِ مَنْ ذَكَرَ فِيهِ سَمَاعَ ابْنِ مَوْهَبٍ مِنْ تَمِيمٍ

20523 -

ثُمَّ هَذَا قَدْ رَوَاهُ يَزِيدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ مَوْهَبٍ الرَّمْلِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ حَمْزَةَ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ: أَنَّ تَمِيمًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا السُّنَّةُ فِي الرَّجُلِ يُسْلِمُ عَلَى يَدَيِ الرَّجُلِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ؟، أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ خَالِدٍ، فَذَكَرَهُ

20524 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى إِرْسَالِ الْحَدِيثِ مَعَ ذِكْرِ قَبِيصَةَ فِيهِ، فَإِنَّ قَبِيصَةَ لَمْ يَشْهَدْ سُؤَالَ تَمِيمٍ

20525 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَتِنَا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، بِإِسْنَادِهِ قَالَ: فَإِنَّ مِنْ حُجَّتِنَا أَنَّ عُمَرَ قَالَ فِي الْمَنْبُوذِ: هُوَ حُرٌّ وَلَكَ وَلَاؤُهُ يَعْنِي الَّذِي الْتَقَطُهُ، فَبَسَطَ الْكَلَامَ فِي الْجَوَابِ عَنْهُ. وَوَهَّنَهُ فِي الْقَدِيمِ

⦗ص: 414⦘

20526 -

وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّهُ عَنْ سُنَيْنَ أَبِي جَمِيلَةَ، عَنْ عُمَرَ، وَلَيْسَ بِمَعْرُوفٍ عِنْدَنَا.

20527 -

وَقَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» يَدُلُّ عَلَى أَنْ لَا وَلَاءَ إِلَّا لِمَنْ أَعْتَقَ

20528 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَتِنَا: قَالَ: فَإِنْ قُلْتَ: هُوَ أَعْلَمُ بِمَعْنَى حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قُلْتُ: فَنُعَارِضُكَ بِمَا هُوَ أَثْبَتُ عَنْ مَيْمُونَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ هَذَا عَنْ عُمَرَ قَالَ: وَمَا هُوَ؟ قُلْتُ: وَهَبَتْ مَيْمُونَةُ وَلَاءَ بَنِي يَسَارٍ، لِابْنِ أُخْتِهَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ فَوَهَبَهُ، وَهَذِهِ زَوْجَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَابْنُ عَبَّاسٍ وَهُمَا اثْنَانِ. قَالَ: لَا يَكُونُ فِي أَحَدٍ وَلَوْ كَانُوا أَعْدَادًا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حُجَّةٌ

ص: 412

20529 -

وَفِيمَا حَكَى الشَّافِعِيُّ، عَنْ بَعْضِ الْعِرَاقِيِّينَ، عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ أَبِي الْأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّهُ: سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ يُسْلِمُ عَلَى يَدَيِ الرَّجُلِ، فَيَمُوتُ، وَيَتْرُكُ مَالًا أَظُنُّهُ قَالَ:«فَهُوَ لَهُ، فَإِنْ أَبَى فَلِبَيْتِ الْمَالِ»

ص: 414

20530 -

وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ أَظُنُّهُ ابْنَ الْمُنْتَشِرِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَسْرُوقٍ، أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ وَالَى ابْنَ عُمَرَ لَهُ، فَمَاتَ وَتَرَكَ مَالًا، فَسَأَلُوا ابْنَ مَسْعُودٍ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ:«مَالُهُ لَهُ»

ص: 414

20531 -

وَعَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، أَنَّهُ قَالَ:«لَا وَلَاءَ إِلَّا لِذِي نِعْمَةٍ»

20532 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَبِهَذَا نَقُولُ؛ لِأَنَّهُ يُوَافِقُ قَوْلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ»

⦗ص: 415⦘

20533 -

وَهَذَا الْإِسْنَادُ عَنْ عُمَرَ، مُنْقَطِعٌ: أَبُو الْأَشْعَثِ لَمْ يُدْرِكْ عُمَرَ،

20534 -

وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، مَا دَلَّ عَلَى نَسْخِ آيَةِ الْمُعَاقَدَةِ فِي التَّوْرِيثِ بِهَا

ص: 414

20535 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي إِدْرِيسُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ:" {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} [النساء: 33] قَالَ: كَانَ الْمُهَاجِرُونَ حِينَ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ يُوَرِّثُونَ الْأَنْصَارَ دُونَ ذَوِي رَحِمِهِمْ لِلْأُخُوَّةِ الَّتِي آخَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَهُمْ، فَلَمَّا نَزَلَتِ الْآيَةُ: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ، وَالْأَقْرَبُونَ} [النساء: 33] قَالَ: نَسَخَتْهَا قَالَ: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} [النساء: 33] مِنَ النَّصْرِ، وَالنَّصِيحَةِ وَالرِّفَادَةِ، وَيُوصَى لَهُ وَقَدْ ذَهَبَ الْمِيرَاثُ "

20536 -

وَرُوِّينَا عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُرْسَلًا: أَنَّ رَجُلًا جَاءَهُ فَقَالَ: إِنَّ فُلَانًا أَسْلَمَ عَلَى يَدَيَّ. قَالَ: «هُوَ مَوْلَاكَ فَإِذَا مِتَّ فَأَوْصِ لَهُ»

ص: 415

‌الْمُسْلِمُ يُعْتِقُ نَصْرَانِيًّا أَوِ النَّصْرَانِيُّ يُعْتِقُ مُسْلِمًا

20537 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَالْوَلَاءُ ثَابِتٌ، وَإِنْ مَاتَ الْمُعْتَقُ لَمْ يَرِثْهُ مَوْلَاهُ بِاخْتِلَافِ الدِّينَيْنِ

20538 -

وَاحْتَجَّ فِي الْوَلَاءِ بِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ»

20539 -

وَفِي مَنْعِ الْمِيرَاثِ بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ، وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ»

ص: 416

20540 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ، أَعْتَقَ عَبْدًا لَهُ نَصْرَانِيًّا فَتُوُفِّيَ الْعَبْدُ بَعْدَ مَا عُتِقَ قَالَ إِسْمَاعِيلُ:«فَأَمَرَنِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنْ آخُذَ مَالَهُ، وَأَجْعَلَهُ فِي بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ» أَخْبَرَنَاهُ أَبُو أَحْمَدَ الْمِهْرَجَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ جَعْفَرٍ الْمُزَكِّي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْعَبْدِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، فَذَكَرَهُ بِمَعْنَاهُ

ص: 416

‌مَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا لَهُ سَائِبَةً

20541 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَالْعِتْقُ مَاضٍ لَهُ، وَلَهُ وَلَاؤُهُ لِأَنَّ هَذَا مُعْتَقٌ، وَقَدْ جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ

ص: 417

20542 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: " كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يُبْحِرُونَ الْبَحِيرَةَ، وَيُسَيِّبُونَ السَّائِبَةَ، وَيُوصِلَونَ الْوَصِيلَةَ، وَيُحْمُونَ الْحَامِ. وَهَذِهِ مِنَ الْإِبِلِ، وَالْغَنَمِ.

20543 -

وَكَانُوا يَقُولُونَ فِي الْحَامِ: الْفَحْلُ إِذَا ضَرَبَ فِي إِبِلِ الرَّجُلِ عَشْرَ سِنِينَ فَيُخَلَّى، وَقِيلَ تُنْتَجُ لَهُ عَشَرَةُ حَامٍ. أَيْ تَحْمِي ظَهْرَهُ فَلَا يَحِلُّ أَنْ تُرْكَبَ،

20544 -

وَيَقُولُونَ فِي الْوَصِيلَةِ، وَهِيَ مِنَ الْغَنَمِ إِذَا وَصَلَتْ بُطُونًا تَوْأَمًا وَنَتَجَ لِنَتَاجِهَا، وَكَانُوا يَمْنَعُونَهَا مِمَّا يَفْعَلُونَ بِغَيْرِهَا،

20545 -

وَيُسَيِّبُونَ السَّائِبَةَ، فَيَقُولُونَ: قَدْ أَعْتَقْنَاكِ سَائِبَةً، وَلَا وَلَاءَ لَنَا عَلَيْكِ، وَلَا مِيرَاثَ يَرْجِعُ مِنْكَ لِيَكُونَ أَكْمَلَ لِتَبَرُّرِنَا فِيكِ "،

20546 -

فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ، وَلَا سَائِبَةٍ، وَلَا وَصِيلَةٍ، وَلَا حَامٍ} [المائدة: 103] فَرَدَّ اللَّهُ ثُمَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْغَنَمَ إِلَى مَالِكِهَا إِذِ الْعِتْقُ لَا يَقَعُ عَلَى غَيْرِ الْآدَمِيِّينَ

20547 -

كَذَلِكَ لَوْ أَعْتَقَ بَعِيرَهُ لَمْ يُمْنَعْ بِالْعِتْقِ مِنْهُ، إِذْ حُكْمُ اللَّهِ أَنْ يَرُدَّ ذَلِكَ، وَيُبْطِلَ الشَّرْطَ، فَكَذَلِكَ أُبْطِلُ الشَّرْطَ فِي السَّائِبَةِ، وَأَرَدُّهُ إِلَى وَلَاءِ مِنْ أَعْتَقَهُ "

⦗ص: 418⦘

20548 -

وَذَكَرَهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْأَجْنَاسِ أَكْمَلَ مِنْ ذَلِكَ وَذَكَرَ أَنَّهُمْ ذَكَرُوا أَنَّ حَاطِبًا أَعْتَقَ سَائِبَةً

20549 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَنَحْنُ نَقُولُ: إِنْ أَعْتَقَ رَجُلٌ سَائِبَةً فَهُوَ حُرٌّ وَوَلَاؤُهُ لَهُ

20550 -

قَالَ: وَيَذْكُرُ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ أَنَّ سَائِبَةً أَعْتَقَهُ رَجُلٌ مِنَ الْجَاجِّ، فَأَصَابَهُ غُلَامٌ مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ، فَقَضَى، عُمَرُ: عَلَيْهِمْ بِعَقْلِهِ قَالَ أَبُو الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ: لَوْ أَصَابَ ابْنِي؟ فَقَالَ: «إِذًا لَا يَكُونُ لَهُ شَيْءٌ» قَالَ: هُوَ إِذًا مِثْلُ الْأَرْقَمِ. قَالَ عُمَرُ: «فَهُوَ ذَا مِثْلُ الْأَرْقَمِ»

20551 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَقُلْتُ: هَذَا إِذَا ثَبَتَ بِقَوْلِنَا أَشْبَهُ.

20552 -

قَالَ: وَمِنْ أَيْنَ؟ قُلْتُ: لِأَنَّهُ لَوْ رَأَى وَلَاءَهُ لِلْمُسْلِمِينَ رَأَى عَلَيْهِمْ عَقْلَهُ، وَلَكِنْ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ عَقْلُهُ عَلَى مَوَالِيهِ، فَلَمَّا كَانُوا لَا يَعْرِفُونَ لَمْ يَرَ فِيهِ عَقْلًا حَتَّى يَعْرِفَ مَوَالِيَهُ،

20553 -

ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ: وَنَحْنُ نَرْوِي عَنْ عُمَرَ وَغَيْرِهِ مِثْلَهُ يَعْنِي قَوْلَنَا

ص: 417

20554 -

فَذَكَرَ مَا أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ: أَنَّ طَارِقَ بْنَ الْمُرَقَّعِ، أَعْتَقَ أَهْلَ بَيْتٍ سَوَائِبَ، فَأَتَى بِمِيرَاثِهِمْ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ:«أَعْطُوهُ وَرَثَةَ طَارِقٍ» ، فَأَبَوْا أَنْ يَأْخُذُوهُ، فَقَالَ عُمَرُ:«فَاجْعَلُوهُ فِي مِثْلِهِمْ مِنَ النَّاسِ»

⦗ص: 419⦘

20555 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: حَدِيثُ عَطَاءٍ مُرْسَلٌ

20556 -

قُلْتُ: يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ سَمِعَهُ مِنْ طَارِقٍ، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْهُ فَحَدِيثُ سُلَيْمَانَ مُرْسَلٌ

ص: 418

20557 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مُسْلِمٌ، وَسَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، أَنَّ طَارِقَ بْنَ الْمُرَقَّعِ، «أَعْتَقَ أَهْلَ أَبْيَاتٍ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ سَوَائِبَ، فَانْقَطَعُوا عَنْ بَضْعَةَ عَشَرَ أَلْفًا، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَأَمَرَ أَنْ يُدْفَعَ إِلَى طَارِقٍ أَوْ وَرَثَةِ طَارِقٍ»

20558 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: هَذَا إِنْ كَانَ ثَابِتًا بَذَلِكَ عَلَى أَنَّ عُمَرَ يُثْبِتُ وَلَاءَ السَّائِبَةِ لِمَنْ سَيَّبَهُ

ص: 419

20559 -

وَفِيمَا أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، إِجَازَةً عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ، عَنِ الرَّبِيعِ، عَنِ الشَّافِعِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، أَخْبَرَنِي أَبُو طُوَالَةَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَعْمَرٍ قَالَ: كَانَ سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ مَوْلًى لِامْرَأَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهَا عَمْرَةُ بِنْتُ يَعَارٍ أَعْتَقَتْهُ سَائِبَةً، فَقُتِلَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ، وَأُتِيَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه بِمِيرَاثِهِ، فَقَالَ: " أَعْطُوهُ عَمْرَةَ، فَأَبَتْ أَنْ تَقْبَلَهُ

ص: 419

20560 -

وَعَنِ الشَّافِعِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مِهْرَانَ، عَنِ النَّخَعِيِّ: أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ سَائِبَةً، فَمَاتَ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ:«هُوَ لَكَ» : قَالَ: لَا أُرِيدُهُ قَالَ: «فَضَعْهُ إِذًا فِي بَيْتِ الْمَالِ فَإِنَّ لَهُ وَارِثًا كَثِيرًا»

20561 -

قَالَ أَحْمَدُ: حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ هَذَا رُوِيَ عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، مَوْصُولًا

ص: 419

20562 -

وَأَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي قَيْسٍ، عَنْ هُذَيْلِ بْنِ شُرَحْبِيلَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ: إِنِّي أَعْتَقْتُ غُلَامًا لِي وَجَعَلْتُهُ سَائِبَةً، فَمَاتَ وَتَرَكَ مَالًا فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ:«إِنَّ أَهْلَ الْإِسْلَامِ لَا يُسَيِّبُونَ إِنَّمَا كَانَتْ تُسَيِّبُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ، وَأَنْتَ وَارِثُهُ وَوَلِيُّ نِعْمَتِهِ، فَإِنْ تَحَرَّجْتَ مِنْ شَيْءٍ فَأَدِّنَاهُ، نَجْعَلْهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ»

20563 -

وَأَمَّا حَدِيثُ عَمْرَةَ بِنْتِ يَعَارٍ، وَقَدْ سُمِّيَتْ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَدِيعَةَ بْنِ خِدَامٍ سَلْمَى بِنْتَ يَعَارٍ، وَذَكَرَ فِي حَدِيثِهِ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، دَعَا وَدِيعَةَ بْنَ خِذَامٍ قَالَ:«هَذَا مِيرَاثُ مَوْلَاكُمْ وَأَنْتُمْ أَحَقُّ بِهِ» ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَدْ أَغْنَانَا اللَّهُ عَنْهُ لَقَدْ أَعْتَقَتْهُ صَاحِبَتُنَا سَائِبَةً فَلَا نُرِيدُ أَنْ نُرْزَأَ مِنْ أَمْرِهِ شَيْئًا، فَجَعَلَهُ عُمَرُ فِي بَيْتِ الْمَالِ

20564 -

وَبِمَعْنَاهُ رُوِيَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ

ص: 420

‌الْوَلَاءُ لِلْكُبْرِ

ص: 421

20565 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ: أَخْبَرَهُ أَنَّ الْعَاصِ بْنَ هِشَامٍ: " هَلَكَ، وَتَرَكَ بَنِينَ لَهُ ثَلَاثَةً: اثْنَانِ لِأُمٍّ، وَرَجُلٌ لَعِلَّةٍ، فَهَلَكَ أَحَدُ اللَّذَيْنِ لِأُمٍّ، وَتَرَكَ مَالًا، وَمَوَالِيَ، فَوَرِثَهُ أَخُوهُ الَّذِي لِأُمِّهِ وَأَبِيهِ مَالَهُ وَوَلَاءَ مَوَالِيهِ، ثُمَّ هَلَكَ الَّذِي، وَرِثَ الْمَالَ، وَوَلَاءَ الْمَوَالِي، وَتَرَكَ ابْنَهُ، وَأَخَاهُ لِأَبِيهِ فَقَالَ ابْنُهُ: قَدْ أَحْرَزْتُ مَا كَانَ أَبِي، أَحْرَزَ مِنَ الْمَالِ، وَوَلَاءِ الْمَوَالِي، وَقَالَ أَخُوهُ: لَيْسَ كَذَلِكَ، إِنَّمَا أَحْرَزْتَ الْمَالَ، فَأَمَّا وَلَاءُ الْمَوَالِي فَلَا. أَرَأَيْتَ لَوَ هَلَكَ أَخِي الْيَوْمَ أَلَسْتُ أَرِثُهُ أَنَا؟ فَاخْتَصَمَا إِلَى عُثْمَانَ، فَقَضَى لِأَخِيهِ بِوَلَاءِ الْمَوَالِي "

20566 -

وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ عُمَرَ، وَعُثْمَانَ قَالَا:«الْوَلَاءُ لِلْكُبْرِ»

20567 -

وَقَدْ رَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ عَنْ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَعَبْدِ اللَّهِ ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ

20568 -

وَرُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ عَلِيٍّ، وَعَبْدِ اللَّهِ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ:«أَنَّهُمْ كَانُوا يَجْعَلُونَ الْوَلَاءَ لِلْكُبْرِ مِنَ الْعُصْبَةِ، وَلَا يُؤْثِرُونَ النِّسَاءَ إِلَّا مَا أَعْتَقْنَ أَوْ أَعْتَقَ مَنْ أَعْتَقْنَ»

20569 -

وَرُوِيَ مِثْلُ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ: «فِي النِّسَاءِ أَنَّهُنَّ لَا يَرِثْنَ مِنَ الْوَلَاءِ إِلَّا مَا أَعْتَقْنَ»

ص: 421

20570 -

أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ، حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، فِيمَا قَرَأَ عَلَى مَالِكٍ، وَأَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، إِجَازَةً عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ، عَنِ الرَّبِيعِ، عَنِ الشَّافِعِيِّ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ: أَنَّ أَبَاهُ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ: كَانَ جَالِسًا عِنْدَ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ: فَاخْتَصَمَ إِلَيْهِ نَفَرٌ مِنْ جُهَيْنَةَ، وَنَفَرٌ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، وَكَانَتِ امْرَأَةٌ مِنْ جُهَيْنَةَ عِنْدَ رَجُلٍ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ كُلَيْبٍ، فَمَاتَتِ الْمَرْأَةُ، وَتَرَكَتْ مَالًا، وَمَوَالِيَ فَوَرِثَهَا ابْنُهَا وَزَوْجُهَا، ثُمَّ مَاتَ ابْنُهَا، فَقَالَ وَرَثَتُهُ: لَنَا وَلَاءُ الْمَوَالِي قَدْ كَانَ ابْنُهَا أَحْرَزَهُ. وَقَالَ الْجُهَنِيُّونَ: لَيْسَ كَذَلِكَ إِنَّمَا هُمْ مَوَالِي صَاحِبَتِنَا، فَإِذَا مَاتَ وَلَدُهَا فَلَنَا وَلَاؤُهُمْ وَنَحْنُ نَرِثُهُمْ. فَقَضَى أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ:«لِلْجُهَنِيِّينَ بِوَلَاءِ الْمَوَالِي»

20571 -

وَرُوِّينَا عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«الْمَوْلَى أَخٌ فِي الدِّينِ، وَنِعْمَةٌ، وَأَحَقُّ النَّاسِ بِمِيرَاثِهِ أَقْرَبُهُمْ مِنَ الْمُعْتِقِ»

20572 -

وَرُوِّينَا عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ:«إِذَا تَزَوَّجَ الْمَمْلُوكُ الْحَرَّةَ، فَوَلَدَتْ، فَوَلَدُهَا يُعْتَقُونَ بِعِتْقِهَا، وَيَكُونُ وَلَاؤُهُمْ لِمَوْلَى أُمِّهِمْ، فَإِذَا أُعْتِقَ الْأَبُ جَرَّ الْوَلَاءَ»

20573 -

وَرُوِّينَا فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ عُثْمَانَ، أَنَّهُ:«قَضَى فِي مِثْلِ ذَلِكَ بِوَلَائِهِمْ لِلزُّبَيْرِ»

20574 -

وَرُوِّينَا مَعْنَاهُ عَنْ عَلِيٍّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ،

20575 -

وَرُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ،

20576 -

وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الشُّرُوطِ، وَالْمُكَاتَبِ

ص: 422

‌45 - كِتَابُ الْمُدَبَّرِ

ص: 423

‌بَيْعُ الْمُدَبَّرِ

ص: 423

20577 -

أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا الْمُزَكِّي، وَأَبُو سَعِيدِ بْنَ أَبِي عَمْرٍو، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ، وَعَبْدُ الْمَجِيدِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: إِنَّ أَبَا مَذْكُورٍ، رَجُلًا مِنْ بَنِي عُذْرَةَ كَانَ لَهُ غُلَامٌ قِبْطِيُّ، فَأَعْتَقَهُ عَنْ دُبُرٍ مِنْهُ، وَأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَمِعَ بِذَلِكَ فَبَاعَ الْعَبْدَ، وَقَالَ:«إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ فَقِيرًا فَلْيَبْدَأْ بِنَفْسِهِ فَإِنْ كَانَ لَهُ فَضْلٌ فَلْيَبْدَأْ مَعَ نَفْسِهِ بِمَنْ يَعُولُ، ثُمَّ إِنْ وَجَدَ بَعْدَ ذَلِكَ فَضْلًا فَلْيَتَصَدَّقْ عَلَى غَيْرِهِمْ»

20578 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَزَادَ مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ شَيْئًا هُوَ نَحْوٌ مِنْ سِيَاقِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ

ص: 423

20579 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، عَنِ اللَّيْثِ، وَحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: أَعْتَقَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عُذْرَةَ عَبْدًا عَنْ دُبُرٍ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:": أَلَكَ مَالٌ غَيْرُهُ؟ "، فَقَالَ: لَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّي؟» ، فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ النَّحَّامِ، بِثَمَانِ مِائَةِ دِرْهَمٍ، فَجَاءَ بِهَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:«ابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا، فَإِنْ فَضُلَ عَنْ نَفْسِكِ شَيْءٌ فَلِأَهْلِكَ، فَإِنْ فَضُلَ شَيْءٌ فَلِذَوِي قَرَابَتِكَ، فَإِنْ فَضُلَ شَيْءٌ عَنْ ذِي قَرَابَتِكَ فَهَكَذَا وَهَكَذَا» ، يُرِيدُ عَنْ يَمِينِكَ، وَعَنْ شِمَالِكَ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ قُتَيْبَةَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ رُمْحٍ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ

20580 -

وَبِمَعْنَاهُ رَوَاهُ أَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ، وَزُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، وَغَيْرُهُمَا، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ

ص: 424

20581 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ غُلَامًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّي؟» ، فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ النَّحَّامِ بِثَمَانِ مِائَةِ دِرْهَمٍ، وَأَعْطَاهُ الثَّمَنَ

20582 -

وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ 25 النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ

ص: 424

20583 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنِ أَبِي الزُّبَيْرِ، سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: دَبَّرَ رَجُلٌ مِنَّا غُلَامًا لَيْسَ لَهُ

⦗ص: 425⦘

مَالٌ غَيْرُهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّي؟» ، فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ النَّحَّامِ. قَالَ عَمْرٌو: فَسَمِعْتُ جَابِرًا يَقُولُ: عَبْدًا قِبْطِيًّا مَاتَ عَامَ أَوَّلَ فِي إِمَارَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ. زَادَ أَبُو الزُّبَيْرِ: يُقَالُ لَهُ: يَعْقُوبُ

20584 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: هَكَذَا سَمِعْتُهُ مِنْهُ عَامَّةَ دَهْرِي، ثُمَّ وَجَدْتُ فِي كِتَابِي «دَبَّرَ رَجُلٌ مِنَّا غُلَامًا لَهُ، فَمَاتَ» ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ خَطَأً فِي كِتَابِي، أَوْ خَطَأً مِنْ سُفْيَانَ، فَإِنْ كَانَ مِنْ سُفْيَانَ، فَابْنُ جُرَيْجٍ، أَحْفَظُ لِحَدِيثِ أَبِي الزُّبَيْرِ مِنْ سُفْيَانَ، وَمَعَ ابْنِ جُرَيْجٍ حَدِيثُ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، وَغَيْرِهِ

20585 -

وَأَبُو الزُّبَيْرِ، يَحُدُّ الْحَدِيثَ تَحْدِيدًا، يُخْبِرُ فِيهِ حَيَاةَ الَّذِي دَبَّرَهُ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ،

20586 -

وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ أَحْفَظُ لِحَدِيثِ عَمْرٍو مِنْ سُفْيَانَ وَحْدَهُ،

20587 -

وَقَدْ يُسْتَدَلُّ عَلَى حِفْظِ الْحَدِيثِ مِنْ خَطَئِهِ بِأَقَلَّ مِمَّا وَجَدْتُ فِي حَدِيثِ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَاللَّيْثِ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ،

20588 -

وَفِي حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَغَيْرُ حَمَّادٍ يَرْوِيهِ عَنْ عَمْرٍو، كَمَا رَوَاهُ حَمَّادٌ،

20589 -

وَقَدْ أَخْبَرَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ مِمَّنْ لَقِيَ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ قَدِيمًا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَدْخُلُ فِي حَدِيثِهِ «مَاتَ» ، وَعَجِبَ بَعْضُهُمْ حِينَ أَخْبَرْتُهُ أَنِّي وَجَدْتُ فِي كِتَابِي «مَاتَ» ، وَقَالَ: لَعَلَّ هَذَا خَطَأٌ مِنْهُ، أَوْ زَلَّةٌ مِنْهُ حَفِظْتُهَا عَنْهُ.

20590 -

قَالَ أَحْمَدُ: رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ قُتَيْبَةَ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ، كُلُّهُمْ، عَنْ سُفْيَانَ لَيْسَ فِيهِ هَذَا اللَّفْظُ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَعَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ وَالْحُمَيْدِيُّ، لَيْسَ فِيهِ ذَلِكَ. وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ مِثْلَهُ، وَقَالَ فِيهِ: فَدَفَعَ إِلَيْهِ ثَمَنَهُ

⦗ص: 426⦘

.

20591 -

وَرَوَاهُ شَرِيكٌ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ عَطَاءٍ، وَأَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ:«أَنَّ رَجُلًا مَاتَ، وَتَرَكَ مُدَبَّرًا، وَدَيْنًا»

20592 -

وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى خَطَأِ شَرِيكٍ فِي ذَلِكَ لِإِجْمَاعِ الرُّوَاةِ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، وَحُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَعَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سَهْلٍ ، كُلُّهُمْ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم:«أَخَذَ ثَمَنَهُ فَدَفَعَهُ إِلَى صَاحِبِهِ»

20593 -

وَعِنْدِي أَنَّ هَذَا الْخَطَأَ إِمَّا وَقَعَ لِبَعْضِهِمْ؛ لِأَنَّ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ عَنْ هَؤُلَاءِ الرُّوَاةِ، عَنْ جَابِرٍ: أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ مَمْلُوكَهُ إِنْ حَدَثَ بِهِ حَدَثٌ، فَمَاتَ،

20594 -

وَقَوْلُهُ: «فَمَاتَ» : مِنْ شَرْطِ الْعِتْقِ، وَلَيْسَ إِخْبَارًا عَنْ مَوْتِ الْمُعْتِقِ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ قَوْلِ الْمُعْتِقِ يَوْمَ التَّدْبِيرِ.

20595 -

وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ، نَحْوَ رِوَايَةِ الْجُمْهُورِ، وَبِمَعْنَاهُمْ، رَوَاهُ مُجَاهِدٌ، عَنْ جَابِرٍ

ص: 424

20596 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:«بَاعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، مُدَبَّرًا احْتَاجَ صَاحِبُهُ إِلَى ثَمَنِهِ»

ص: 426

20597 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الرِّجَالِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُمِّهِ عَمْرَةَ: أَنَّ عَائِشَةَ، دَبَّرَتْ جَارِيَةً لَهَا فَسَحَرَتْهَا، فَاعْتَرَفَتْ بِالسِّحْرِ، فَأَمَرَتْ بِهَا عَائِشَةُ:«أَنْ تُبَاعَ مِنَ الْأَعْرَابِ مِمَّنْ يُسِيءُ مِلْكَهَا، فَبِيعَتْ»

ص: 426

20598 -

وَهَذَا حَدِيثٌ قَدْ رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ بِإِسْنَادِهِ هَذَا: أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: كَانَتْ أَعْتَقَتْ جَارِيَةً لَهَا عَنْ دُبُرٍ مِنْهَا، ثُمَّ إِنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، اشْتَكَتْ بَعْدَ ذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَشْتَكِيَ، ثُمَّ إِنَّهُ دَخَلَ عَلَيْهَا رَجُلٌ سِنْدِيٌّ فَقَالَ لَهَا: أَنْتِ مَطْبُوبَةٌ. فَقَالَتْ عَائِشَةُ: «وَمَنْ طَبَّنِي؟» قَالَ: امْرَأَةٌ مِنْ نَعْتِهَا كَذَا وَكَذَا ، فَوَصَفَهَا وَقَالَ: إِنَّ فِي حِجْرِهَا الْآنَ صَبِيًّا قَدْ بَالَ. فَقَالَتِ: «ادْعُوا لِي فُلَانَةً» لَجَارِيَةٍ لَهَا كَانَتْ تَخْدُمُهَا فَوَجَدُوهَا فِي بَيْتِ جِيرَانٍ لَهُمْ فِي حِجْرِهَا صَبِيٌّ قَدْ بَالَ. فَقَالَتْ: حَتَّى أَغْسِلَ بَوْلَ هَذَا الصَّبِيِّ، فَغَسَلَتْهُ، ثُمَّ جَاءَتْ، فَقَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ:«أَسَحَرْتِينِي؟» ، فَقَالَتْ: نَعَمْ. قَالَتْ: «لِمَ؟» قَالَتْ: أَحْبَبْتُ الْعِتْقَ. قَالَتْ عَائِشَةُ: «أَحْبَبْتِ الْعِتْقَ فَوَاللَّهِ لَا تُعْتَقِينَ أَبَدًا» . ثُمَّ أَمَرَتْ عَائِشَةُ ابْنَ أَخِيهَا أَنْ يَبِيعَهَا مِنَ الْأَعْرَابِ مِمَّنْ يُسِيءُ مِلْكَهَا. قَالَتْ: «ثُمَّ ابْتَعْ لِي بِثَمَنِهَا رَقَبَةً فَأَعْتِقْهَا» فَفَعَلَ

20599 -

وَبِهَذَا الْمَعْنَى رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ، عَنْ مَالِكٍ.

20600 -

أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، فِيمَا قَرَأَ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الرِّجَالِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُمِّهِ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّ عَائِشَةَ، زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، كَانَتْ أَعْتَقَتْ جَارِيَةً لَهَا عَنْ دُبُرٍ مِنْهَا، فَذَكَرَهُ

ص: 427

20601 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ:«الْمُدَبَّرُ وَصِيَّةٌ، يَرْجِعُ فِيهِ صَاحِبُهُ مَتَى شَاءَ»

ص: 427

20602 -

وَبِإِسْنَادِهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ:«بَاعَ مُدَبَّرًا فِي دَيْنِ صَاحِبِهِ»

ص: 428

20603 -

وَبِإِسْنَادِهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَاوُسٍ قَالَ:«يَعُودُ الرَّجُلُ فِي مُدَبَّرِهِ»

ص: 428

20604 -

وَبِإِسْنَادِهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ قَالَ: سَأَلَنِي ابْنُ الْمُنْكَدِرِ: كَيْفَ كَانَ أَبُوكَ يَقُولُ فِي الْمُدَبَّرِ؟ أَيَبِيعُهُ صَاحِبُهُ؟ قَالَ: قُلْتُ: «كَانَ يَبِيعُهُ إِذَا احْتَاجَ إِلَيْهِ»

20605 -

قَالَ ابْنُ الْمُنْكَدِرِ: وَيَبِيعُهُ إِنْ لَمْ يَحْتَجْ إِلَيْهِ

ص: 428

20606 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَالَ لِي بَعْضُ مَنْ خَالَفَنَا فِي الْمُدَبَّرِ: عَلَى أَيِّ شَيْءٍ اعْتَمَدْتَ؟ قُلْتُ: «عَلَى سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الَّتِي قَطَعَ اللَّهُ بِهَا عُذْرَ مَنْ عَلِمَهَا»

20607 -

قَالَ: فَعِنْدَنَا فِيهَا حُجَّةٌ أَلَا تَرَى أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيثِكُمْ بَاعَهُ، وَلَمْ يَسْأَلْهُ صَاحِبُهُ بَيْعَهُ؟ قُلْتُ:«نَعَمْ، الْعِلْمُ يُحِيطُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، كَانَ لَا يَبِيعُ عَلَى أَحَدٍ مَالَهُ إِلَّا فِيمَا لَزِمَهُ أَوْ بِأَمْرِهِ؟»

20608 -

قَالَ: فَبِأَيِّهِمَا بَاعَهُ؟

20609 -

قُلْتُ: " أَمَّا الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ آخِرُ الْحَدِيثِ فِي دَفْعِهِ ثَمَنَهُ إِلَى صَاحِبِهِ الَّذِي دَبَّرَهُ، فَإِنَّهُ دَبَّرَهُ، وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ حِينَ دَبَّرَهُ، وَكَانَ يُرِيدُ

⦗ص: 429⦘

بَيْعَهُ إِمَّا مُحْتَاجًا إِلَى بَيْعِهِ، وَإِمَّا غَيْرَ مُحْتَاجٍ، فَأَرَادَ الرُّجُوعَ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَبَاعَهُ. فَكَانَ بَيْعُهُ دَلَالَةً عَلَى أَنَّ بَيْعَهُ جَائِزٌ لَهُ إِذَا شَاءَ، وَأَمَرَهُ: إِذَا كَانَ مُحْتَاجًا أَنْ يَبْدَأَ بِنَفْسِهِ فَيُمْسِكَ عَلَيْهَا، نَرَى ذَلِكَ لِئَلَّا يَحْتَاجَ إِلَى النَّاسِ "

20610 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَالَ قَائِلٌ: رُوِّينَا عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، إِنَّمَا بَاعَ خِدْمَةَ الْمُدَبَّرِ وَذَكَرَهُ فِي كِتَابِ الْقَدِيمِ، عَنْ حَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ

20611 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَقُلْتُ لَهُ: «مَا رَوَى هَذَا، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، فِيمَا عَلِمْتُ أَحَدًا يَثْبُتُ حَدِيثُهُ، وَلَوْ رَوَاهُ مَنْ ثَبُتَ حَدِيثُهُ مَا كَانَ فِيهِ لَكَ الْحُجَّةُ مِنْ وُجُوهٍ»

20612 -

قَالَ: وَمَا هِيَ؟

20613 -

قُلْتُ: «أَنْتَ لَا تُثْبِتُ الْمُنْقَطِعَ لَوْ لَمْ يُخَالِفْهُ غَيْرُهُ، فَكَيْفَ تُثْبِتُ الْمُنْقَطِعَ يُخَالِفُهُ الْمُتَّصِلُ الثَّابِتُ؟»

20614 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: " وَلَوْ ثَبَتَ كَانَ يَجُوزُ أَنْ أَقُولَ: بَاعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَقَبَةَ مُدَبَّرٍ كَمَا حَدَّثَ جَابِرٌ، وَخِدْمَةَ مُدَبَّرٍ كَمَا حَدَّثَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ "

20615 -

ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ: أَتَقُولُ: إِنَّ بَيْعَهُ خِدْمَةَ الْمُدَبَّرِ جَائِزٌ. قَالَا: لَا ، لِأَنَّهَا غَرَرٌ. قُلْتُ:«فَقَدْ خَالَفْتَ مَا رَوَيْتَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم» قَالَ: فَلَعَلَّهُ بَاعَهُ مِنْ نَفْسِهِ؟ قُلْتُ: " جَابِرٌ يُسَمِّي: بَاعَهُ بِثَمَانِ مِائَةِ دِرْهَمٍ مِنْ نُعَيْمِ بْنِ النَّحَّامِ، وَيَقُولُ: عَبْدٌ قِبْطِيٌّ يُقَالُ لَهُ: يَعْقُوبُ مَاتَ عَامَ أَوَّلَ فِي إِمَارَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَكَيْفَ تَوَهَّمَ أَنَّهُ بَاعَهُ مِنْ نَفْسِهِ؟ "، وَقُلْتُ لَهُ: رَوَى أَبُو جَعْفَرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ فَقُلْتُ: " مُرْسَلٌ. وَقَدْ رَوَاهُ مَعَهُ عَدَدٌ فَطَرَحْتُهُ، وَرِوَايَتُهُ يُوَافِقُهُ عَلَيْهَا عَدَدٌ

⦗ص: 430⦘

مِنْهَا حَدِيثَانِ مُتَّصِلَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ صَحِيحَةٌ ثَابِتَةٌ، وَهُوَ لَا يُخَالِفُهُ فِيهِ أَحَدٌ بِرِوَايَةِ غَيْرِهِ، وَأَرَدْتُ تَثْبِيتَ حَدِيثٍ رُوِّيتُهُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، وَيُخَالِفُهُ فِيهِ جَابِرٌ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ شَيْئًا لَا يُخَالِفُهُ فِيهِ غَيْرُهُ، لَزِمَكَ، وَقَدْ بَاعَتْ عَائِشَةُ مُدَبَّرًا لَهَا فَكَيْفَ خَالَفْتَهَا مَعَ حَدِيثِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَأَنْتُمْ تَرْوُونَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ امْرَأَتِهِ، عَنْ عَائِشَةَ شَيْئًا فِي الْبُيُوعِ تَزْعُمُ، وَأَصْحَابُكَ أَنَّ الْقِيَاسَ غَيْرُهُ وَتَقُولُ: لَا أُخَالِفُ عَائِشَةَ، ثُمَّ تُخَالِفُهَا، وَمَعَهَا سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَالْقِيَاسُ "

20616 -

ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ: فَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ؟ قُلْتُ: «بَلَى قَوْلُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ أَنْ يُبَاعَ» .

20617 -

قَالَ: لَسْنَا نَقُولُهُ وَلَا أَهْلُ الْمَدِينَةِ.

20618 -

قُلْتُ: «جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَعَائِشَةُ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَابْنُ الْمُنْكَدِرِ، وَغَيْرُهُمْ يَبِيعُهُ بِالْمَدِينَةِ، وَعَطَاءٌ، وَطَاوُسٌ، وَمُجَاهِدٌ، وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْمَكِّيِّينَ وَعِنْدَكَ بِالْعِرَاقِ مَنْ يَبِيعُهُ، وَقَوْلُ أَكْثَرِ التَّابِعِينَ بِبَيْعِهِ، فَكَيْفَ ادَّعَيْتَ فِيهِ الْأَكْثَرَ، وَالْأَكْثَرُ مِمَّنْ مَضَى عَلَيْكَ مَعَ أَنْ لَا حَجَّةَ لِأَحَدٍ مَعَ السُّنَّةِ، وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ وَفِي الْقِيَاسِ»

20619 -

قَالَ فِي الْقَدِيمِ: قَالَ: فَإِنَّ بَعْضَ أَصْحَابِكَ قَدْ قَالَ هَذَا. قَالَ الشَّافِعِيُّ: قُلْتُ لَهُ: «مَنْ يَتَّبِعْ سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَافَقْتُهُ، وَمَنْ غَلَطَ فَتَرَكَهَا خَالَفْتُهُ صَاحِبِي الَّذِي لَا أُفَارِقُهُ اللَّازِمُ الثَّابِتُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَإِنْ بَعُدَ، وَالَّذِي أُفَارِقُ مَنْ لَمْ يَقُلْ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَإِنْ قَرُبَ»

20620 -

رَحِمَ اللَّهُ الشَّافِعِيَّ مَا كَانَ أَعْظَمَ فِي قَلْبِهِ سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَمَا كَانَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مُوَافَقَتَهَا وَأَشَدَّ عَلَيْهِ مُخَالَفَتَهَا. وَهَذَا هُوَ الْوَاجِبُ عَلَى كَافَّةِ الْمُكَلَّفِينَ، وَهَذَا الْفَرْضُ عَلَيْهِمْ وَاللَّهُ يُوَفِّقُنَا لِذَلِكَ بِمَنِّهِ وَفَضْلِهِ

ص: 428

20621 -

وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ فُضَيْلٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«لَا بَأْسَ بِبَيْعِ خِدْمَةِ الْمُدَبَّرِ إِذَا احْتَاجَ»

20622 -

وَقَدْ أَطَالَ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ الْكَلَامَ فِي تَخْطِئَةِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّ الصَّوَابَ رِوَايَةُ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، ثُمَّ أَطَالَ الْكَلَامَ فِي تَخْطِئَةِ رِوَايَةِ أَبِي جَعْفَرٍ أَيْضًا فِي الْمَتْنِ، ثُمَّ رِوَايَةِ مَنْ رَوَى أَنَّهُ إِنَّمَا بَاعَ الْمُدَبَّرَ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ، وَاسْتَدَلَّ عَلَى خَطأِ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ بِمَا ذَكَرْنَا مِنْ رِوَايَةِ الْحُفَّاظِ هَاهُنَا وَفِي كِتَابِ السُّنَنِ

ص: 431

‌الْمُدَبَّرُ مِنَ الثُّلُثِ

ص: 432

20623 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ ظَبْيَانَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ:«الْمُدَبَّرُ مِنَ الثُّلُثِ»

20624 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَالَ لِي عَلِيُّ بْنُ ظَبْيَانَ: كُنْتُ أُحَدِّثُهُ مَرْفُوعًا، فَقَالَ لِي أَصْحَابِي: لَيْسَ بِمَرْفُوعٍ، هُوَ مَوْقُوفٌ عَلَى ابْنِ عُمَرَ فَوَقَفْتُهُ، وَالْحُفَّاظُ الَّذِينَ حَدَّثُوهُ يَقِفُوا بِهِ عَلَى ابْنِ عُمَرَ

20625 -

قَالَ أَحْمَدُ: رَوَاهُ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي آخَرِينَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ ظَبْيَانَ، مَرْفُوعًا، وَالصَّحِيحُ مَوْقُوفٌ كَمَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ،

20626 -

وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ مُرْسَلًا مَوْقُوفًا،

20627 -

وَرُوِيَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ عَبْدًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ فَجَعَلَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الثُّلُثِ. وَهَذَا مُنْقَطِعٌ

20628 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَرُوِّينَا فِي كِتَابَةِ الْمُدَبَّرِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،

20629 -

وَرُوِّينَا فِي جِنَايَةِ الْمُدَبَّرِ أَنَّهَا عَلَى سَيِّدِهِ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، وَإِسْنَادُهُ غَيْرُ قَوِيٍّ

ص: 432

‌وَطْءُ الْمُدَبَّرَةِ

ص: 433

20630 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ:«دَبَّرَ جَارِيَتَيْنِ لَهُ، فَكَانَ يَطَؤُهُمَا، وَهُمَا مُدَبَّرَتَانِ»

ص: 433

‌وَلَدُ الْمُدَبَّرَةِ مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهَا بَعْدَ تَدْبِيرِهَا

20631 -

ذَكَرَ الشَّافِعِيُّ فِيهِ قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُمْ بِمَنْزِلَتِهَا يُعْتَقُونَ بِعِتْقِهَا وَيُرَقُّونَ بِرِقِّهَا. قَالَ: وَقَدْ قَالَ هَذَا بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ

20632 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَقَدْ رُوِّينَا هَذَا، عَنْ عُثْمَانَ، وَابْنِ عُمَرَ. وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عَطَاءٍ، وَطَاوُسٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَرُوِّينَاهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَالشَّعْبِيِّ، وَالنَّخَعِيِّ

20633 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّهُمْ مَمْلُوكُونَ. قَالَ: وَقَدْ قَالَ هَذَا غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ

ص: 434

20634 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ قَالَ:«أَوْلَادُ الْمُدَبَّرَةِ مَمْلُوكُونَ»

20635 -

قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ رُوِّينَا مِثْلَ هَذَا عَنْ مَكْحُولٍ،

20636 -

وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ

20637 -

وَفِي حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ: أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: ابْنَةُ عَمٍّ لِي أَعْتَقَتْ جَارِيَتَهَا عَنْ دُبُرٍ، وَلَا مَالَ لَهَا غَيْرَهَا؟ قَالَ:«لِتَأْخُذْ مِنْ رَحِمِهَا مَا دَامَتْ حَيَّةً»

⦗ص: 435⦘

20638 -

وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا تَأْخُذُ وَلَدَهَا.

20639 -

وَفِي حَدِيثِ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ قَالَ: مَا أَرَى أَوْلَادَ الْمُدَبَّرَةِ إِلَّا بِمَنْزِلَةِ أُمِّهِمْ. فَعَلَّقَ الْقَوْلَ فِيهِمْ

ص: 434

‌تَدْبِيرُ الصَّبِيِّ الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ

20640 -

عَلَّقَ الشَّافِعِيُّ فِيهِ فِي كِتَابِ الْبُوَيْطِيِّ عَلَى حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فِي وَصِيَّةِ الْغُلَامِ

ص: 436

20641 -

وَهُوَ فِيمَا أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ الْمِهْرَجَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ جَعْفَرٍ الْمُزَكِّي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ عَمْرَو بْنَ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيَّ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ: قِيلَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: إِنَّ هَاهُنَا غُلَامًا يُبَاعُ لَمْ يَحْتَلِمْ مِنْ غَسَّانَ، وَوَارِثُهُ بِالشَّامِ، وَهُوَ ذُو مَالٍ، وَلَيْسَ هَاهُنَا إِلَّا ابْنَةُ عَمٍّ لَهُ. فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ:«فَلْيُوصِ لَهَا» ، فَأَوْصَى لَهَا بِمَالٍ يُقَالُ لَهُ بِئْرُ جُشَمٍ

20642 -

قَالَ عَمْرُو بْنُ سُلَيْمٍ: فَبِعْتُ ذَلِكَ الْمَالَ بِثَلَاثِينَ أَلْفًا. وَابْنَةُ عَمِّهِ الَّتِي أَوْصَى لَهَا هِيَ أُمُّ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ

20643 -

وَهَذَا وَإِنْ كَانَ مُرْسَلًا مِنْ جِهَةِ أَنَّ عَمْرَو بْنَ سُلَيْمٍ لَمْ يُدْرِكْ أَيَّامَ عُمَرَ فَفِيهِ قُوَّةٌ مِنْ حَيْثُ أَنَّهَا كَانَتْ أُمَّ عَمْرٍو، وَالْغَالِبُ أَنَّهُ أَخَذَهُ عَنْ أُمِّهِ، الَّتِي وَقَعَتِ الْوَصِيَّةُ لَهَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ

20644 -

قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: رُوِّينَا فِي إِجَازَةِ وَصِيَّةِ الصَّبِيِّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: وَهُوَ قَوْلُ شُرَيْحٍ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَالزُّهْرِيِّ ، وَعَطَاءٍ، وَالشَّعْبِيِّ، وَالنَّخَعِيِّ

20645 -

قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهَا لَا تَجُوزُ، وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَمُجَاهِدٌ

ص: 436

‌إِعْتَاقُ الْكَافِرِ

ص: 437

20646 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي سُنَنِ حَرْمَلَةَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، أَنَّهُ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَعْتَقْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَرْبَعِينَ مُحَرَّرًا. فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَسْلَمْتَ عَلَى مَا سَبَقَ لَكَ مِنْ خَيْرٍ»

20647 -

كَذَا رُوِيَ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ هِشَامٍ

ص: 437

20648 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو صَالِحِ بْنُ أَبِي طَاهِرٍ الْعَنْبَرِيُّ، أَخْبَرَنَا جَدِّي، يَحْيَى بْنُ مَنْصُورٍ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ شَيْئًا كُنْتُ أَتَحَنَّثُ بِهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَالَ هِشَامٌ: يَعْنِي أَتَبَرَّرُ بِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«أَسْلَمْتَ عَلَى صَالِحِ مَا سَلَفَ لَكَ» ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا أَدَعُ شَيْئًا صَنَعْتُهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لِلَّهِ إِلَّا صَنَعْتُهُ لِلَّهِ فِي الْإِسْلَامِ مِثْلَهَا. قَالَ: وَكَانَ أَعْتَقَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِائَةَ رَقَبَةٍ فَأَعْتَقَ فِي الْإِسْلَامِ مِثْلَهَا مِائَةَ رَقَبَةٍ. وَسَاقَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِائَةَ بَدَنَةٍ فَسَاقَ فِي الْإِسْلَامِ مِائَةَ بَدَنَةٍ أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ مِنْ أَوْجُهٍ عَنْ هِشَامٍ

20649 -

وَقَالَ أَكْثَرُهُمْ فِي الْحَدِيثِ: «أَسْلَمْتَ عَلَى مَا سَلَفَ لَكَ مِنْ خَيْرٍ»

ص: 437

‌46 - كِتَابُ الْمُكَاتَبِ

ص: 438

‌بَابُ الْمُكَاتَبِ

ص: 438

20650 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، رحمه الله قَالَ: قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: 33]

20651 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: «وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا أَذِنَ أَنْ يُكَاتَبَ مَنْ يَعْقِلُ مَا يَطْلُبُ، لَا مَنْ لَا يَعْقِلُ أَنْ يَبْتَغِيَ الْكِتَابَةَ مِنْ مَعْتُوهٍ، وَلَا غَيْرِ بَالِغٍ بِحَالٍ»

ص: 438

20652 -

أَخْبَرَنَاهُ أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَنَّهُ: قَالَ لِعَطَاءٍ: مَا الْخَيْرُ: الْمَالُ؟ أَمِ الصَّلَاحُ؟ أَمْ كُلُّ ذَلِكَ؟ قَالَ: «مَا نَرَاهُ إِلَّا الْمَالُ» . قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَالٌ، وَكَانَ رَجُلَ صِدْقٍ؟ قَالَ:«مَا أَحْسِبُ خَيْرًا إِلَّا ذَلِكَ الْمَالَ، وَالصَّلَاحَ»

20653 -

قَالَ: وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النور: 33] الْمَالُ كَائِنَةٌ أَخْلَاقُهُمْ وَأَدْيَانُهُمْ مَا كَانَتْ

20654 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَالْخَيْرُ كَلِمَةٌ يُعْرَفُ مَا أُرِيدُ مِنْهَا بِالْمُخَاطَبَةِ بِهَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ} [البينة: 7] فَعَقِلْنَا أَنَّهُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ بِالْإِيمَانِ وَعَمَلِ الصَّالِحَاتِ، لَا بِالْمَالِ.

20655 -

وَقَالَ اللَّهُ: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ} [الحج: 36] فَعَقِلْنَا أَنَّ الْخَيْرَ: الْمَنْفَعَةُ بِالْأَجْرِ، لَا أَنَّ فِي الْبُدْنِ لَهَا مَالًا

⦗ص: 439⦘

،

20656 -

وَقَالَ: {إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا} [البقرة: 180] فَعَقِلْنَا أَنَّهُ إِنْ تَرَكَ مَالًا؛ لِأَنَّ الْمَالَ الْمَتْرُوكُ،

20657 -

وَبِقَوْلِهِ: {الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ، وَالْأَقْرَبِينَ} [البقرة: 180] فَلَمَّا قَالَ اللَّهُ: {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النور: 33] كَانَ أَظْهَرُ مَعَانِيهَا بِدَلَالَةِ مَنِ اسْتَدْلَلْنَا بِهِ مِنَ الْكِتَابِ قُوَّةً عَلَى اكْتِسَابِ الْمَالَ وَأَمَانَةً. لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ قَوِيًّا فَيَكْتَسِبُ فَلَا يُؤَدِّي إِذَا لَمْ يَكُنْ ذَا أَمَانَةٍ، وَأَمِينًا فَلَا يَكُونُ قَوِيًّا عَلَى الْكَسْبِ فَلَا يُؤَدِّي.

20658 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَيْسَ الظَّاهِرُ أَنَّ الْقَوْلَ: إِنْ عَلِمْتَ فِي عَبْدِكَ مَالًا. بِمَعْنَيَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ الْمَالَ لَا يَكُونُ فِيهِ إِنَّمَا يَكُونُ عِنْدَهُ، وَلَكِنْ يَكُونُ فِيهِ الِاكْتِسَابُ الَّذِي يُفِيدُهُ الْمَالُ، وَالثَّانِي أَنَّ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِهِ لِسَيِّدِهِ.

20659 -

قَالَ: وَلَعَلَّ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْخَيْرَ الْمَالُ، أَنَّهُ أَفَادَ بِكَسْبِهِ مَالًا لِلسَّيِّدِ فَيُسْتَدَلُ أَنَّهُ يُفِيدُ مَالًا يُعْتِقُ بِهِ كَمَا أَفَادَ أَوَّلًا

20660 -

قَالَ أَحْمَدُ: هَذَا هُوَ الْأَشْبَهُ أَنْ يَكُونَ مُرَادَ مَنْ فَسَّرَهُ بِالْمَالِ مِنَ السَّلَفِ

20661 -

وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ:«إِنْ عَلِمْتَ مُكَاتِبَكَ يُقْضِيكَ»

20662 -

وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: «إِنْ عَلِمْتُمْ لَهُمْ حِيلَةً» ،

20663 -

وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: «أَمَانَةً وَوَفَاءً»

20664 -

وَعَنْ مَكْحُولٍ قَالَ: الْكَسْبُ

20665 -

وَعَنِ الْحَسَنِ قَالَ: صِدْقًا وَوَفَاءً ، أَدَاءً، وَأَمَانَةً

ص: 438

20666 -

وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ فِي الْمَرَاسِيلِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِي عَاصِمٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ:«إِنْ عَلِمْتُمْ مِنْهُمْ حِرْفَةً، وَلَا تُرْسِلُوهُمْ كِلَابًا عَلَى النَّاسِ»

ص: 440

‌هَلْ يَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ مُكَاتَبَةَ عَبْدِهِ قَوِيًّا أَمِينًا

ص: 441

20667 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: أَوَاجِبٌ عَلَيَّ إِذَا عَلِمْتُ فِيهِ خَيْرًا أَنْ أُكَاتِبَهُ؟ قَالَ: «مَا أُرَاهُ إِلَّا وَاجِبًا» ، وَقَالَهَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، فَقُلْتُ لِعَطَاءٍ: أَتَأْثِرُهَا عَنْ أَحَدٍ؟ قَالَ: لَا

20668 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِذَا جَمَعَ الْقُوَّةَ عَلَى الِاكْتِسَابِ وَالْأَمَانَةِ فَأَحَبُّ إِلَيَّ لِسَيِّدِهِ أَنْ يُكَاتِبَهُ وَلَا يَبِينُ لِي أَنْ يُجِيرَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْآيَةَ مُحْتَمِلَةٌ أَنْ تَكُونَ إِرْشَادًا وَإِبَاحَةً

20669 -

وَقَدْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ عَدَدٌ مِمَّنْ لَقِيتُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِي ذَلِكَ،

20670 -

وَاحْتَجَّ فِي جُمْلَةِ مَا ذَكَرَ بِأَنَهُ لَوْ كَانَ وَاجِبًا لَكَانَ مَحْدُودًا بِأَقَلَّ مِمَّا يَقَعُ اسْمُ الْكِتَابِ أَوْ بِغَايَةٍ مَعْلُومَةٍ

20671 -

وَرُوِّينَا عَنِ الْحَسَنِ، وَالشَّعْبِيِّ، أَنَّهَا لَيْسَتْ بِعَزْمَةٍ: إِنْ شَاءَ كَاتَبَ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يُكَاتِبْ

20672 -

وَرُوِّينَا عَنْ حَبَّانَ بْنِ أَبِي جَبَلَةَ الْقُرَشِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُرْسَلًا:«كُلُّ أَحَدٍ أَحَقُّ بِمَالِهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ»

ص: 441

‌مُكَاتَبَةُ الرَّجُلِ عَبْدَهُ عَلَى نِجْمَيْنِ فَأَكْثَرَ بِمَالٍ صَحِيحٍ يَحِلُّ بَيْعُهُ

20673 -

وَاحْتَجَّ فِي «كِتَابِ الْبُوَيْطِيِّ» بِأَنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَاتَبُوا عَلَى نُجُومٍ، وَبَرِيرَةُ كُوتِبَتْ عَلَى تِسْعِ أَوَاقٍ بِعِلْمِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي كُلِّ عَامٍ أُوقِيَّةٌ.

20674 -

قَالَ أَحْمَدُ: رُوِّينَا عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، أَنَّ مَمْلُوكًا لَهُ سَأَلَهُ الْكِتَابَةَ فَقَالَ: نَعَمْ، وَلَوْلَا أَنَّهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا فَعَلْتُ ، أُكَاتِبُكَ عَلَى مِائَةِ أَلْفٍ عَلَى أَنْ تَعُدَّهَا لِي فِي عَدَّتَيْنِ، وَاللَّهِ لَا أَغُضُّكَ مِنْهَا دِرْهَمًا وَفِي الْحَدِيثِ قِصَّةٌ طَوِيلَةٌ،

20675 -

أَخْبَرَنَا بِهِ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنِي أَبُو بِشْرٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ رَجُلٍ قَالَ: كُنْتُ مَمْلُوكًا لِعُثْمَانَ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي سُؤَالِهِ الْكِتَابَةَ، وَجَوَابِهِ

20676 -

وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ سَلْمَانَ، أَنَّهُ قَالَ:«كَاتَبْتُ أَهْلِي عَلَى أَنْ أَغْرِسَ لَهُمْ خَمْسَ مِائَةِ فَسِيلَةٍ فَإِذَا عَلَقَتْ فَأَنَا حُرٌّ»

20677 -

وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ عَنْ سَلْمَانَ قَالَ: «فَكَاتَبْتُ عَلَى ثَلَاثِ مِائَةِ نَخْلَةٍ أُحْيِيهَا، وَأَرْبَعِينَ أُوقِيَّةٍ»

ص: 442

‌كِتَابَةُ الْعَبِيدِ كِتَابَةً وَاحِدَةً

ص: 443

20678 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قَالَ عَطَاءٌ: «إِنْ كَاتَبْتَ عَبْدًا لَكَ، وَلَهُ بَنُونَ يَوْمَئِذٍ فَكَاتَبَكَ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَيْهِمْ، فَمَاتَ أَبُوهُمْ، أَوْ مَاتَ مِنْهُمْ مَيِّتٌ فَقِيمَتُهُ يَوْمَ يَمُوتُ تُوضَعُ مِنَ الْكِتَابَةِ، وَإِنْ أَعْتَقَهُ أَوْ بَعْضَ بَنِيهِ فَكَذَلِكَ»

20679 -

وَقَالَهَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ

20680 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ كَمَا قَالَا: إِذَا كَانَ الْبَنُونَ كِبَارًا، فَكَاتَبَ عَلَيْهِمْ أَبُوهُمْ بِأَمْرِهِمْ، فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حِصَّتُهُ مِنَ الْكِتَابَةِ بِقَدْرِ قِيمَتِهِ، فَأَيُّهُمْ مَاتَ أَوْ أُعْتِقَ وُضِعَ عَنِ الْبَاقِينَ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ مِنَ الْكِتَابَةِ

ص: 443

‌حَمَالَةُ الْعَبِيدِ

ص: 444

20681 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: " كَتَبْتُ عَلَى رَجُلَيْنِ فِي بَيْعٍ أَنَّ حَيَّكُمَا عَلَى مَيِّتِكُمَا أَوْ قَالَ: مَيِّتَكُمَا عَلَى حَيِّكُمَا، وَمَلِيكَكُمَا عَلَى مُعْدِمِكُمَا أَوْ قَالَ: مُعْدِمَكُمَا عَلَى مَلِيكِكُمَا "

20682 -

قَالَ أَحْمَدُ: أَنَا أَشُكُّ قَالَ: يَجُوزُ، وَقَالَهَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى، وَقَالَ: زَعَامَةٌ يَعْنِي حَمَالَةً

ص: 444

20683 -

وَبِإِسْنَادِهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: كَاتَبْتُ عَبْدَيْنِ لِي وَكَتَبْتُ ذَلِكَ عَلَيْهِمَا. قَالَ: «لَا يَجُوزُ» قَالَ: «مِنْ أَجْلِ أَنَّ أَحَدَهُمَا إِنْ أَفْلَسَ رَجَعَ عَبْدًا لَمْ يَمْلِكْ مِنْكَ شَيْئًا»

ص: 444

‌الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ

ص: 445

20684 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: «يُرْوَى أَنَّ مَنْ كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى مِائَةِ أُوقِيَّةٍ، فَأَدَّاهَا إِلَّا عَشْرَ أَوَاقٍ فَهُوَ رَقِيقٌ»

20685 -

وَقَالَ فِي الْقَدِيمِ: رَوَى عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى مِائَةِ أُوقِيَّةٍ فَأَدَّاهَا إِلَّا عَشْرَ أَوَاقٍ فَهُوَ رَقِيقٌ»

20686 -

قَالَ: وَلَمْ أَعْلَمْ أَحَدًا رَوَى هَذَا، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَّا عَمْرًا، وَعَلَى هَذَا فُتْيَا الْمُفْتِينَ

ص: 445

20687 -

أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنِي عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا عَبَّاسُ الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«أَيُّمَا عَبْدٌ كَاتَبَ عَلَى مِائَةِ أُوقِيَّةٍ فَأَدَّاهَا إِلَّا عَشَرَةَ أَوَاقٍ فَهُوَ عَبْدٌ، وَأَيُّمَا عَبْدٌ كَاتَبَ عَلَى مِائَةِ دِينَارٍ فَأَدَّاهَا إِلَّا عَشَرَةَ دَنَانِيرَ فَهُوَ عَبْدٌ»

20688 -

كَذَا فِي كِتَابِي عَبَّاسٌ الْجُرَيْرِيُّ وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَارِثِ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ النَّيْسَابُورِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ صَخْرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا عَبَّاسٌ الْجُرَيْرِيُّ، فَذَكَرَهُ

⦗ص: 446⦘

20689 -

قَالَ عَلِيٌّ: وَقَالَ الْمُقْرِئُ، وَعَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ: عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ عَبَّاسٍ الْجُرَيْرِيِّ

ص: 445

20690 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَرَوَاهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابِهِ دِرْهَمٌ»

20691 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَنَحْنُ نَرْوِي عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَعَائِشَةَ: أَنَّهُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ

ص: 446

20692 -

أَمَّا حَدِيثُ زَيْدٍ، فَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، قَالَ " فِي الْمُكَاتَبِ: هُوَ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ "

20693 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَكَذَلِكَ حَكَاهُ الشَّعْبِيُّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ

ص: 446

20694 -

وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ، فَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرَانَ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ:«الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ»

ص: 446

20695 -

وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ، فَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا سَعْدَانُ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ

⦗ص: 447⦘

، عَنْ عَائِشَةَ قَالَ: اسْتَأْذَنْتُ عَلَيْهَا، فَقَالَتْ:«مَنْ؟» ، فَقُلْتُ: سُلَيْمَانُ. قَالَتْ: «كَمْ بَقِيَ عَلَيْكَ مِنْ مُكَاتَبَتِكَ؟» قَالَ: قُلْتُ: عَشَرَةُ أَوَاقٍ. قَالَتِ: «ادْخُلْ فَإِنَّكَ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْكَ دِرْهَمٌ»

20696 -

وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّهُ قَالَ:«الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ»

20697 -

وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا أَدَّى الْمُكَاتَبُ النِّصْفَ لَمْ يُسْتَرَقَّ»

20698 -

وَرُوِيَ أَنَّ مُكَاتَبًا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، فَأَنْزَلَهُ عُثْمَانُ مَنْزِلَةَ الْعَبْدِ

20699 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «لَا يُقَامُ عَلَى الْمُكَاتَبِ إِلَّا حَدُّ الْعَبْدِ»

ص: 446

20700 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ خَالِدٍ الْخَيَّاطِ، عَنْ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: «إِذَا أَدَّى الْمُكَاتَبُ قِيمَتَهُ فَهُوَ حُرٌّ»

20701 -

أَوْرَدَهُ فِيمَا أَلْزَمَ الْعِرَاقِيِّينَ فِي خِلَافِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ

ص: 447

20702 -

وَبِإِسْنَادِهِ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِيمَا بَلَغَهُ عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ طَارِقٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، أَنَّ عَلِيًّا قَالَ:«فِي الْمُكَاتَبِ يُعْتَقُ مِنْهُ بِحِسَابٍ»

ص: 447

20703 -

وَفِيمَا بَلَغَهُ عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ:«يُعْتَقُ مِنَ الْمُكَاتَبِ بِقَدْرِ مَا أَدَّى، وَيَرِثُ بِقَدْرِ مَا أَدَّى»

20704 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ:«هُوَ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ»

20705 -

وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، فَبِذَلِكَ نَقُولُ وَيَقُولُونَ مَعَنَا، وَهُمْ يُخَالِفُونَ هَذَا الَّذِي رَوَوْهُ عَنْ عَلِيٍّ

ص: 448

20706 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَقَدْ رَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«إِذَا أَصَابَ الْمُكَاتَبُ حَدًّا أَوْ مِيرَاثًا وَرِثَ بِحِسَابِ مَا عَتَقَ مِنْهُ، وَأُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ بِحِسَابِ مَا عَتَقَ مِنْهُ»

20707 -

وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ: «يُؤَدِّي الْمُكَاتَبُ بِحِصَّتِهِ مَا أَدَّى دِيَةَ حُرٍّ وَمَا بَقِيَ دِيَةَ عَبْدٍ»

20708 -

وَالْحَدِيثُ الْأَوَّلُ مِنْ أَفْرَادِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، وَالْحَدِيثُ الثَّانِي قَدْ رَوَاهُ وُهَيْبٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ عَلِيٍّ مَرْفُوعًا، وَرِوَايَةُ عِكْرِمَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، مُرْسَلًا

20709 -

وَرَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُرْسَلًا

⦗ص: 449⦘

،

20710 -

وَرُوِيَ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، مَرْفُوعًا فِي الدِّيَةِ. وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ عَنْ يَحْيَى. فَرَفَعَهُ عَنْهُ جَمَاعَةٌ، وَوَقَفَهُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ بَعْضُهُمْ

ص: 448

20711 -

وَرَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يَحْيَى مَرْفُوعًا، ثُمَّ قَالَ يَحْيَى: قَالَ عِكْرِمَةُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:«يُقَامُ عَلَيْهِ حَدُّ الْمَمْلُوكِ»

20712 -

وَهَذَا يُخَالِفُ رِوَايَةَ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ فِي النَّصِّ وَالرِّوَايَةِ الْمَرْفُوعَةِ فِي الْقِيَاسِ،

20713 -

وَسُئِلَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَنِ الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ، فَقَالَ: أَنَا أَذْهَبُ، إِلَى حَدِيثِ بَرِيرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِشِرَائِهَا يَعْنِي أَنَّهَا بَقِيَتْ عَلَى الرِّقِّ حِينَ أَمَرَ بِشِرَائِهَا وَكَانَ ذَلِكَ بِرِضَاهَا فِيمَا نَحْسِبُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ

ص: 449

20714 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ قَالَ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ - وَثَبَّتَنِيهِ مَعْمَرٌ - يَذْكُرُ عَنْ نَبْهَانَ، مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ مَعَهَا، وَأَنَّهَا سَأَلَتْهُ:«كَمْ بَقِيَ عَلَيْكَ مِنْ كِتَابِكَ؟» . . فَذَكَرَ شَيْئًا قَدْ سَمَّاهُ وَأَنَّهُ عِنْدَهُ فَأَمَرَ بِهِ أَنْ تُعْطِيَهُ أَخَاهَا أَوِ ابْنَ أَخِيهَا، وَأَلْقَتِ الْحِجَابَ وَاسْتَتَرَتْ مِنْهُ، وَقَالَتْ:«عَلَيْكَ السَّلَامُ»

20715 -

وَذَكَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«إِذَا كَانَ لِإِحْدَاكُنَّ مُكَاتَبٌ، وَكَانَ عِنْدَهُ مَا يُؤَدِّي فَلْتَحْتَجِبْ مِنْهُ»

⦗ص: 450⦘

20716 -

أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ، أَخْبَرَنَا أَبُو النَّضْرِ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرِ بْنُ سَلَامَةَ، حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ نَبْهَانَ، مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِنَحْوِهِ وَقَالَ: قَالَ سُفْيَانُ: فَسَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ، وَسَمِعَهُ مَعْمَرٌ.

20717 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ: وَلَمْ أَحْفَظْ عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ سَمَاعَهُ مِنْ نَبْهَانَ، وَلَمْ أَرَ مَنْ رَضِيتُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يُثْبِتُ وَاحِدًا مِنْ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ

20718 -

قَالَ أَحْمَدُ: أَرَادَ هَذَا، وَحَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ فِي الْمُكَاتَبِ. وَحَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ قَدْ رُوِّينَاهُ مَوْصُولًا، وَحَدِيثُ نَبْهَانَ قَدْ ذَكَرَ فِيهِ مَعْمَرٌ سَمَاعَ الزُّهْرِيِّ مِنْ نَبْهَانَ، إِلَّا أَنَّ صَاحِبَيِ الصَّحِيحِ لَمْ يُخْرِجَاهُ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَجِدَا ثِقَةً يَرْوِي عَنْهُ غَيْرَ الزُّهْرِيِّ فَهُوَ عِنْدَهُمَا لَا يَرْتَفِعُ عَنْهُ اسْمُ الْجَهَالَةِ بِرِوَايَةِ وَاحِدٍ عَنْهُ. أَوْ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُمَا مِنْ عَدَالَتِهِ وَمَعْرِفَتِهِ مَا يُوجِبُ قَبُولَ خَبَرِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ

20719 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُمَّ سَلَمَةَ إِنْ كَانَ أَمَرَهَا بِالْحِجَابِ مِنْ مُكَاتِبِهَا إِذَا كَانَ عِنْدَهُ مَا يُؤَدِّي، عَلَى مَا عَظَّمَ اللَّهُ بِهِ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ يَرْحَمُهُنَّ اللَّهُ وَخَصَّهُنَّ بِهِ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُنَّ، وَبَيْنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْنَ. ثُمَّ تَلَا الْآيَاتِ فِي اخْتِصَاصِهِنَّ بِأَنْ جَعَلَ عَلَيْهِنَّ الْحِجَابَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَهُنَّ أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ، وَلَمْ يَجْعَلْ عَلَى امْرَأَةٍ سِوَاهُنَّ أَنْ تَحْتَجِبَ مِمَّنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ نِكَاحُهَا، ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ وَمَعَ هَذَا إِنَّ احْتِجَابَ الْمَرْأَةِ مِمَّنْ لَهُ أَنْ يَرَاهَا وَاسِعٌ لَهَا، وَقَدْ أَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَعْنِي سَوْدَةَ أَنْ تَحْتَجِبَ مِنْ رَجُلٍ قَضَى أَنَّهُ أَخُوهَا. وَذَلِكَ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ لِلِاحْتِيَاطِ وَأَنَّ الِاحْتِجَابَ مِمَّنْ لَهُ أَنْ يَرَاهَا مُبَاحٌ

ص: 449

‌تَفْسِيرُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ}

[النور: 33]

ص: 451

20720 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَ الثِّقَةُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ: كَاتَبَ عَبْدًا لَهُ بِخَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ أَلْفًا، وَوَضَعَ عَنْهُ خَمْسَةَ آلَافٍ أَحْسِبُهُ قَالَ:«مِنْ آخِرِ نُجُومِهِ»

20721 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ عِنْدِي مِثْلُ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 241]

20722 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَكَذَلِكَ رَوَاهُ إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ

20723 -

وَرُوِّينَا فِي الْوَضْعِ عَنِ الْمُكَاتَبِ عَنْ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ

ص: 451

20724 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقَطَّانُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَزْهَرِ، حَدَّثَنَا رَوْحٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، وَهِشَامُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ قَالَا: أَخْبَرَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ فِي قَوْلِ اللَّهِ عز وجل:{وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: 33] قَالَ: «رُبْعُ الْكِتَابَةِ»

20725 -

هَذَا هُوَ الْمَحْفُوظُ، مَوْقُوفٌ. وَرَوَاهُ حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجِ مَرْفُوعًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ص: 451

‌مَوْتُ الْمُكَاتَبِ

ص: 452

20726 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قُلْتُ لَهُ يَعْنِي عَطَاءً: الْمُكَاتَبُ يَمُوتُ وَلَهُ وَلَدٌ أَحْرَارٌ، وَيَدَعُ أَكْثَرَ مِمَّا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ؟ قَالَ:«يُقْضَى عَنْهُ مَا بَقِيَ مِنْ كِتَابَتِهِ، وَمَا كَانَ مِنْ فَضْلٍ فَلِبَنِيهِ» ، فَقُلْتُ: أَبَلَغَكَ هَذَا عَنْ أَحَدٍ؟ قَالَ: «زَعَمُوا أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ كَانَ يَقْضِي بِهِ»

ص: 452

20727 -

وَبِإِسْنَادِهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجِ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ: كَانَ يَقُولُ: «يُقْضَى عَنْهُ مَا عَلَيْهِ ثُمَّ لِبَنِيهِ مَا بَقِيَ»

20728 -

وَقَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: قَالَ: مَا أُرَاهُ لِبَنِيهِ

20729 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: يَعْنِي أَنَّهُ لِسَيِّدِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَبُقُولِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ نَقُولُ: وَهُوَ قَوْلُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ. فَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ عَلِيٍّ فَهُوَ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي الْمُكَاتَبِ يُعْتَقُ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا أَدَّى. وَلَا أَدْرِي أَيَثْبُتُ عَنْهُ أَمْ لَا، وَإِنَّمَا نَقُولُ بِقَوْلِ زَيْدٍ فِيهِ

20730 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَمَعَ قَوْلِ زَيْدٍ قَوْلُ عُمَرَ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ، وَقَوْلُ ابْنِ عُمَرَ، وَعَائِشَةَ

ص: 452

‌إِفْلَاسُ الْمُكَاتَبِ

ص: 453

20731 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قُلْتُ: يَعْنِي لِعَطَاءٍ: أَفْلَسَ مُكَاتَبِي، وَتَرَكَ مَالًا، وَتَرَكَ دَيْنًا لِلنَّاسِ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَدَعْ وَفَاءً، أَنَبْدَأُ بِالْحَقِّ لِلنَّاسِ قَبْلَ كِتَابَتِي؟ قَالَ:«نَعَمْ»

20732 -

وَقَالَهَا لِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ

20733 -

قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: أَمَا أَحَصَاهُمْ بِنَجْمٍ مِنْ نُجُومِهِ حَلَّ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَدْ مَلَكَ عَمَلَهُ لِي بِبَيِّنَةٍ؟ قَالَ: «لَا»

20734 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَبِهَذَا نَأْخُذُ، فَإِذَا مَاتَ الْمُكَاتَبُ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ بُدِئَ بِدُيُونِ النَّاسِ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ رَقِيقًا، وَبَطُلَتِ الْكِتَابَةُ، وَلَا دَيْنَ لِلسَّيِّدِ عَلَيْهِ وَمَا بَقِيَ مَالٌ لِلسَّيِّدِ

20735 -

قَالَ أَحْمَدُ: رُوِّينَا عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، أَنَّهُ قَالَ: يُبْدَأُ بِالدَّيْنِ

ص: 453

‌الْمُكَاتَبُ بَيْنَ قَوْمٍ

ص: 454

20736 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: مُكَاتَبٌ بَيْنَ قَوْمٍ فَأَرَادَ أَنْ يُقَاطِعَ بَعْضَهُمْ؟ قَالَ: «لَا. إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ مِنَ الْمَالِ مِثْلُ مَا قَاطَعَ عَلَيْهِ هَؤُلَاءِ»

20737 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَبِهَذَا نَأْخُذُ فَلَا يَكُونُ لِأَحَدِ الشُّرَكَاءِ فِي الْمُكَاتَبِ أَنْ يَأْخُذَ مِنَ الْمُكَاتَبِ شَيْئًا دُونَ صَاحِبِهِ

ص: 454

‌وَلَدُ الْمُكَاتَبِ، وَالْمُكَاتَبَةِ

ص: 455

20738 -

رُوِّينَا عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ:«وَلَدُهَا بِمَنْزِلَةِ بَعْضِ الْمُكَاتَبِ»

ص: 455

20739 -

وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ شُرَيْحِ، أَنَّهُ: سُئِلَ عَنْ بَيْعِ وَلَدِ الْمُكَاتَبَةِ؟ فَقَالَ: «وَلَدُهَا مِنْهَا إِنْ عَتَقَتْ عَتَقَ، وَإِنْ رَقَّتْ رَقَّ»

20740 -

وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: «يُبَاعُ وَلَدُهَا لِلْعِتْقِ تَسْتَعِينُ بِهِ الْأُمُّ فِي مُكَاتَبَتِهَا»

20741 -

وَعَنْ عَطَاءٍ: فِي وَلَدِ الْمُكَاتَبِ بَعْدَ كِتَابَتِهِ قَالَ: «هُمْ فِي كِتَابَتِهِ»

20742 -

وَقَالَهُ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ

ص: 455

20743 -

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: " إِذَا وُلِدَ لِلْمُكَاتَبِ مِنْ جَارِيَتِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَبِيعَ وَلَدَهُ فَإِذَا أُعْتِقَ عَتَقَ وَلَدُهُ مَعَهُ، وَإِذَا وَلَدَتِ الْمُكَاتَبَةُ فَوَلَدُهَا مَوْقُوفٌ، فَإِنْ أَدَّتْ فَعَتَقَتْ عَتَقَ، وَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَ أَنْ تُؤَدِّيَ فَقَدْ مَاتَتْ رَقِيقًا وَوَلَدُهَا رَقِيقٌ، ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ: وَقَدْ قِيلَ: مَا وَلَدَتِ الْمُكَاتَبَةُ فَهُمْ رَقِيقٌ. وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَحَبُّ إِلَيَّ "

20744 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ. . . فَذَكَرَهُ أَبْسَطَ مِنْ ذَلِكَ

ص: 455

20745 -

وَأَمَّا وَلَدُ الْمُكَاتَبِ وَمَالُهُ قَبْلَ الْكِتَابَةِ فَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: رَجُلٌ كَاتَبَ عَبْدًا لَهُ وَقَاطَعَهُ فَكَتَمَهُ مَالًا لَهُ، وَعَبِيدًا، وَمَالًا غَيْرَ ذَلِكَ؟ فَقَالَ:«هُوَ السَّيِّدُ» ،

20746 -

وَقَالَهَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى

ص: 456

20747 -

وَبِإِسْنَادِهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: فَإِنْ كَانَ السَّيِّدُ قَدْ سَأَلَهُ مَالَهُ فَكَتَمَهُ؟ قَالَ: «هُوَ لِسَيِّدِهِ» قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: وَكَتَمَهُ وَلَدًا لَهُ مِنْ أَمَةٍ لَهُ أَوْ لَمْ يَسْأَلْهُ؟ قَالَ: «هُوَ لِسَيِّدِهِ»

20748 -

وَقَالَهَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى

20749 -

قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قُلْتُ لَهُ: أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ سَيِّدُهُ قَدْ عَلِمَ بِوَلَدِ الْعَبْدِ فَلَمْ يَذْكُرْهُ السَّيِّدُ، وَلَا الْعَبْدُ عِنْدَ الْكِتَابَةِ؟ قَالَ:«فَلَيْسَ فِي كِتَابَتِهِ ، هُوَ مَالُ سَيِّدِهِ»

20750 -

وَقَالَهَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ

20751 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: الْقَوْلُ مَا قَالَ عَطَاءٌ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ فِي وَلَدِ الْعَبْدِ الْمُكَاتَبِ سَوَاءٌ عَلِمَهُ السَّيِّدُ أَوْ لَمْ يَعْلَمْهُ هُوَ مَالٌ لِلسَّيِّدِ، وَكَذَلِكَ مَالُهُ مَالُ السَّيِّدِ

ص: 456

‌تَعْجِيلُ الْكِتَابَةِ

ص: 457

20752 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّ مُكَاتَبًا لِأَنَسٍ جَاءَهُ فَقَالَ: إِنِّي أَتَيْتُ بِمُكَاتَبَتِي إِلَى أَنَسٍ، فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهَا فَقَالَ:«إِنَّ أَنَسًا يُرِيدُ الْمِيرَاثَ» ، ثُمَّ أَمَرَ أَنَسًا أَنْ يَقْبَلَهَا أَحْسِبُهُ قَالَ: فَأَبَى، فَقَالَ:«آخُذُهَا فَأَضَعُهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ» ، فَقَبِلَهَا أَنَسٌ

ص: 457

20753 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَرُوِيَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، أَنَّهُ:«رَوَى شَبِيهًا، بِهَذَا عَنْ بَعْضِ الْوُلَاةِ، فَكَأَنَّهُ أَعْجَبَهُ»

ص: 457

20754 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَرُوِّينَا عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَاتَبَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ عَلَى عِشْرِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَأَتَيْتُ بِكِتَابَتِهِ فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهَا مِنِّي إِلَّا نُجُومًا، فَأَتَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ. فَقَالَ:«أَرَادَ أَنَسٌ الْمِيرَاثَ» ، وَكَتَبَ إِلَى أَنَسٍ:«أَنِ اقْبَلْهَا مِنَ الرَّجُلِ. فَقَبِلَهَا» أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ بَحْرٍ الْقَرَاطِيسِيُّ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سُوَيْدِ بْنِ مَنْجُوفٍ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ سِيرِينَ، عَنْ أَبِيهِ، فَذَكَرَهُ،

20755 -

وَقَدْ رُوِيَ فِي، غَيْرِ هَذَا الْإِسْنَادِ الزِّيَادَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّافِعِيُّ

20756 -

وَرُوِّينَا فِي قِصَّةِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ حِينَ كَاتَبَ عَلَى أَرْبَعِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَأَبَتْ مَالِكَتُهُ أَنْ تَقْبَلَ مَا بَقِيَ مِنْهَا حَتَّى تَأْخُذَهُ شَهْرًا بِشَهْرٍ وَسَنَةً بِسَنَةٍ

⦗ص: 458⦘

فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: «ادْفَعْهُ إِلَى بَيْتِ الْمَالِ» . ثُمَّ بَعَثَ إِلَيْهَا فَقَالَ: «هَذَا مَالُكِ، وَقَدْ عَتَقَ أَبُو سَعِيدٍ، فَإِنْ شِئْتِ فَخِذِي شَهْرًا بِشَهْرٍ وَسَنَةً بِسَنَةٍ» . قَالَ: «فَأَرْسَلَتْ فَأَخَذَتْهُ»

20757 -

وَرُوِّينَا عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، أَنَّهُ: فَعَلَ ذَلِكَ

20758 -

وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ:" كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يَقُولَ: عَجِّلْ لِي مِنْهَا كَذَا وَكَذَا فَمَا بَقِيَ فَلَكَ "

20759 -

وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ: لَمْ يَرَ بِهِ بَأْسًا

20760 -

وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ:«لَا بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مُكَاتَبَتِهِ الْعُرُوضَ»

ص: 457

‌مَا جَاءَ فِي بَيْعِ رَقَبَةِ الْمُكَاتَبِ بِرِضَاهُ

ص: 459

20761 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: جَاءَتْنِي بَرِيرَةُ، فَقَالَتْ: إِنِّي كَاتَبْتُ أَهْلِي عَلَى تِسْعِ أَوَاقٍ فِي كُلِّ عَامٍ أُوقِيَّةٌ فَأَعِينِينِي. فَقَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ: إِنْ أَحَبَّ أَهْلُكِ أَنْ أَعُدَّهَا لَهُمْ عَدَدْتُهَا وَيَكُونُ وَلَاؤُكِ لِي فَعَلْتُ، فَذَهَبَتْ بَرِيرَةُ إِلَى أَهْلِهَا، فَقَالَتْ لَهُمْ ذَلِكَ، فَأَبَوْا عَلَيْهَا، فَجَاءَتْ مِنْ عِنْدِ أَهْلِهَا، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ، فَقَالَتْ: إِنِّي عَرَضْتُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَأَبَوْا إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَلَاءُ لَهُمْ مَعَ ذَلِكَ. فَسَمِعَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَسَأَلَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَأَخْبَرَتْهُ عَائِشَةُ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«خُذِيهَا، وَاشْتَرِطِي لَهُمُ الْوَلَاءَ، فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» ، فَفَعَلَتْ عَائِشَةُ. ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي النَّاسِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:«مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ، مَا كَانَ شَرْطٌ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ، قَضَاءُ اللَّهِ أَحَقُّ، وَشَرْطُهُ أَوْثَقُ، وَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، عَنِ ابْنِ أَبِي أُوَيْسٍ، عَنْ مَالِكٍ. وَأَخْرَجَاهُ مِنْ أَوْجُهٍ أُخَرَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ

20762 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَتِنَا عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ: إِذَا رَضِيَ أَهْلُهَا بِالْبَيْعِ وَرَضِيَتِ الْمُكَاتَبَةُ بِالْبَيْعِ فَإِنَّ ذَلِكَ تَرْكٌ لِلْكِتَابَةِ

ص: 459

20763 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ بَرِيرَةَ، جَاءَتْ تَسْتَعِينُ عَائِشَةَ، فَقَالَتْ

⦗ص: 460⦘

عَائِشَةُ: إِنْ أَحَبَّ أَهْلُكِ أَنْ أَصُبَّ لَهُمْ ثَمَنَكِ صَبَّةً وَاحِدَةً، وَأُعْتِقَكِ فَعَلْتُ. فَذَكَرَتْ ذَلِكَ بَرِيرَةُ لِأَهْلِهَا، فَقَالُوا: لَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ وَلَاؤُكِ لَنَا قَالَ مَالِكٌ: قَالَ يَحْيَى: فَزَعَمَتْ عَمْرَةُ أَنَّ عَائِشَةَ ذَكَرَتْ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «لَا يَمْنَعُكِ ذَلِكَ، اشْتَرِيهَا، وَأَعْتِقِيهَا فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ، عَنْ مَالِكٍ

20764 -

وَأَرْسَلَهُ مَالِكٌ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ. وَأَسْنَدَهُ عَنْهُ مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَسْنَدَهُ أَيْضًا الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ اخْتِلَافِ الْأَحَادِيثِ، وَأَرْسَلَهُ فِي كِتَابِ الْمُكَاتَبِ، وَكِتَابِ الْبَحِيرَةِ، وَالسَّائِبَةِ، وَأَرْسَلَهُ أَيْضًا فِي رِوَايَةِ الْمُزَنِيِّ، وَغَيْرِهِ، وَهُوَ الْمَحْفُوظُ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ، وَكَأَنَّهُ شَكَّ فِيهِ فِي كِتَابِ اخْتِلَافِ الْأَحَادِيثِ، فَكَتَبَ إِسْنَادَهُ وَتَرَكَهُ فَلَمْ يَسُقْ مَتْنَهُ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ،

20765 -

وَقَدْ رَوَاهُ غَيْرُ مَالِكٍ مَوْصُولًا

ص: 459

20766 -

أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْأُرْمَوِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو النَّضْرِ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: أَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِيَ بَرِيرَةَ فَأَعْتِقَهَا فَاشْتَرَطَ عَلَيَّ مَوَالِيهَا أَنْ أَعْتِقَهَا، وَيَكُونَ الْوَلَاءُ لَهُمْ. قَالَتْ عَائِشَةُ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «اشْتَرِيهَا، وَأَعْتِقِيهَا فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» ، ثُمَّ خَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ:«مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَمَنِ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَلَيْسَ لَهُ، وَإِنِ اشْتَرَطَ مِائَةَ شَرْطٍ»

ص: 460

20767 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: حَدِيثُ يَحْيَى عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَثْبَتُ مِنْ حَدِيثِ هِشَامٍ. وَأَحْسِبُهُ غَلَطَ فِي قَوْلِهِ:«وَاشْتَرِطِي لَهُمُ الْوَلَاءَ» . وَأَحْسِبُ حَدِيثَ عَمْرَةَ أَنَّ عَائِشَةَ شَرَطَتْ لَهُمُ الْوَلَاءَ بِغَيْرِ أَمْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَهِيَ تَرَى ذَلِكَ يَجُوزُ، فَأَعْلَمَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهَا إِنْ أَعْتَقَتْهَا فَالْوَلَاءُ لَهَا، وَقَالَ:«لَا يَمْنَعُكِ عَنْهَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ شَرْطِكِ» وَلَا أَرَى أَمْرَهَا يَشْتَرِطُ لَهُمْ مَا لَا يَجُوزُ

20768 -

قَالَ أَحْمَدُ: حَدِيثُ عَمْرَةَ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ سِوَى سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ مَوْصُولًا مِنْهُمْ: يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ وَجَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، وَعَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ كُلُّهُمْ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ

ص: 461

20769 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو سَعِيدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّهَا أَرَادَتْ أَنْ تَشْتَرِيَ جَارِيَةً فَتُعْتِقَهَا فَقَالَ أَهْلُهَا: نَبِيعُكِهَا عَلَى أَنَّ وَلَاءَهَا لَنَا. فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«لَا يَمْنَعُكِ ذَلِكَ فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ قُتَيْبَةَ وَغَيْرِهِ وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى كُلُّهُمْ عَنْ مَالِكٍ

ص: 461

20770 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَحْسِبُ حَدِيثَ نَافِعٍ أَثْبَتَهَا كُلَّهَا لِأَنَّهُ مُسْنَدٌ وَأَنَّهُ أَشْبَهُ، فَكَأَنَّ عَائِشَةَ فِي حَدِيثِ نَافِعٍ شَرَطَتْ لَهُمُ الْوَلَاءَ فَأَعْلَمَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهَا إِنْ أَعْتَقَتْهَا فَالْوَلَاءُ لَهَا

⦗ص: 462⦘

فَكَانَ هَكَذَا، فَلَيْسَ أَنَّهَا شَرَطَتْ لَهُمُ الْوَلَاءَ بِأَمْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَعَلَّ هِشَامًا أَوْ عُرْوَةُ حِينَ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا يَمْنَعُكِ ذَلِكَ» ، رَأَى أَنَّهُ أَمَرَهَا أَنْ تَشْتَرِيَ لَهُمُ الْوَلَاءَ فَلَمْ يَقِفْ مِنْ حِفْظِهِ عَلَى مَا وَقَفَ عَلَيْهِ ابْنُ عُمَرَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ

20771 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَلِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَمَعْنَاهُ شَوَاهِدُ ذَكَرْنَاهَا فِي كِتَابِ السُّنَنِ

ص: 461

20772 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ، رحمه الله: فَقَالَ لِي بَعْضُ النَّاسِ: فَمَا مَعْنَى إِبْطَالِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم شَرْطَ عَائِشَةَ لِأَهْلِ بَرِيرَةَ؟ قُلْتُ: إِنَّا بَيَّنَّا وَاللَّهُ أَعْلَمُ فِي الْحَدِيثِ نَفْسِهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَعْلَمَهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ قَضَى أَنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ، وَقَالَ:{ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ، وَمَوَالِيكُمْ} [الأحزاب: 5]، كَمَا نَسَبَهُمْ إِلَى آبَائِهِمْ، فَكَمَا لَمْ يَجُزْ أَنْ يُحَوَّلُوا عَنْ آبَائِهِمْ فَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُحَوَّلُوا عَنْ مَوَالِيهِمْ، وَمَوَالِيهُمُ الَّذِينَ وَلُوا أَمَانَتَهُمْ. قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى:{وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ} [الأحزاب: 37]، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» فَنَهَى عَنْ بَيْعِ الْوَلَاءِ، وَعَنْ هِبَتِهِ. وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ:«الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ لَا يُبَاعُ، وَلَا يُوهَبُ» ، فَلَمَّا بَلَغَهُمْ هَذَا كَانَ مَنِ اشْتَرَطَ خِلَافَ مَا قَضَى اللَّهُ، وَرَسُولُهُ عَاصِيًا وَكَانَتْ فِي الْمَعَاصِي حُدُودٌ، وَآدَابٌ، وَكَانَ هَذَا مِنْ أَيْسَرِ الْأَدَبِ

ص: 462

20773 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو أَحْمَدَ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ الرَّازِيَّ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ فِي حَدِيثِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«اشْتَرِطِي لَهُمُ الْوَلَاءَ» مَعْنَاهُ: اشْتَرِطِي عَلَيْهِمُ الْوَلَاءَ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَعَزَّ: {أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ} [الرعد: 25]، يَعْنِي عَلَيْهِمُ اللَّعْنَةُ

ص: 462

‌مَا جُنِيَ عَلَى الْمُكَاتَبِ

ص: 463

20774 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: وَقَالَ عَطَاءٌ: " إِذَا أُصِيبَ الْمُكَاتَبُ، لَهُ قَوْدُهُ، هَكَذَا فِي نُسْخَةِ السَّمَاعِ، وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: لَهُ نَذْرُهُ "، وَقَالَهَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ. قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ كَانَ مِنْ مَالِهِ يُحْرِزُهُ كَمَا يُحْرِزُ مَالَهُ. قَالَ: نَعَمْ

20775 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: كَمَا قَالَ عَطَاءٌ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ الْجِنَايَةُ عَلَيْهِ مَالٌ مِنْ مَالِهِ لَا يَكُونُ لِسَيِّدِهِ أَخْذُهَا بِحَالٍ إِلَّا أَنْ يَمُوتَ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ

ص: 463

‌مِيرَاثُ الْمُكَاتَبِ وَوَلَاؤُهُ

ص: 464

20776 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قُلْنَا لِابْنِ طَاوُسٍ: كَيْفَ كَانَ أَبُوكَ يَقُولُ فِي الرَّجُلِ يُكَاتِبُ الرَّجُلَ ثُمَّ يَمُوتُ فَتَرِثُ ابْنَتُهُ ذَلِكَ الْمُكَاتَبَ فَيُؤَدِّي كِتَابَتَهُ، ثُمَّ يُعْتَقُ، ثُمَّ يَمُوتُ؟ قَالَ: كَانَ يَقُولُ: " وَلَاؤُهُ لَهَا، وَيَقُولُ مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنْ يُخَالِفَ عَنْ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ. وَتَعَجَّبَ مِنْ قَوْلِهِمْ: لَيْسَ لَهَا وَلَاؤُهُ "

ص: 464

20777 -

وَبِإِسْنَادِهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: رَجُلٌ تُوُفِّيَ، وَتَرَكَ ابْنَيْنِ لَهُ، وَتَرَكَ مُكَاتَبًا فَصَارَ الْمُكَاتَبُ لِأَحَدِهِمَا، ثُمَّ قَضَى كِتَابَتَهُ الَّذِي صَارَ لَهُ فِي الْمِيرَاثِ، ثُمَّ مَاتَ الْمُكَاتَبُ، مَنْ يَرِثُهُ؟ قَالَ:«يَرِثَانِهِ جَمِيعًا» ، وَقَالَهَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ،

20778 -

وَقَالَ عَطَاءٌ: «رَجَعَ وَلَاؤُهُ إِلَى الَّذِي كَاتَبَهُ فَرَدَدْتُهَا عَلَيْهِ» ، فَقَالَ ذَلِكَ غَيْرَ مَرَّةٍ

20779 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: " وَبِقَوْلِ عَطَاءٍ، وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ نَقُولُ فِي الْمُكَاتَبِ يُكَاتِبُهُ الرَّجُلُ ثُمَّ يَمُوتُ السَّيِّدُ ثُمَّ يُؤَدِّي الْمُكَاتَبُ فَيُعْتَقُ بِالْكِتَابَةِ: إِنَّ وَلَاءَهُ لِلَّذِي عَقَدَ كِتَابَتَهُ. وَلَا يَقُولُ عَطَاءٌ فِي قِسْمَةِ الْمُكَاتَبِ مِنْ قِبَلِ أَنَّ الْقَسَمَ بَيْعٌ، وَبَيْعُ الْمُكَاتَبِ لَا يَجُوزُ " وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ

ص: 464

‌عَجْزُ الْمُكَاتَبِ

ص: 465

20780 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، أَنَّ نَافِعًا، أَخْبَرَ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، كَاتَبَ غُلَامًا لَهُ عَلَى ثَلَاثِينَ أَلْفًا، ثُمَّ جَاءَهُ فَقَالَ: قَدْ عَجَزْتُ. فَقَالَ: «ادْنُ أَمْحُ كِتَابَتَكَ» فَقَالَ: قَدْ عَجَزْتُ فَامْحُها أَنْتَ. قَالَ نَافِعٌ: فَأَشَرْتُ عَلَيْهِ: امْحُهَا، وَهُوَ يَطْمَعُ أَنْ يُعْتِقَهُ فَمَحَاهَا الْعَبْدُ وَلَهُ ابْنَانِ أَوِ ابْنٌ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ:«اعْتَزِلْ جَارِيَتِي» قَالَ: فَأَعْتَقَ ابْنُ عُمَرَ ابْنَهُ بَعْدُ

ص: 465

20781 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ شَبِيبِ بْنِ غَرْقَدَةَ قَالَ:«شَهِدْتُ شُرَيْحًا رَدَّ مُكَاتَبًا عَجَزَ فِي الرِّقِّ»

ص: 465

20782 -

وَفِيمَا أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، إِجَازَةً عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ، عَنِ الرَّبِيعِ، عَنِ الشَّافِعِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنَا الثَّقَفِيُّ، وَابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ:«رَدَّ مُكَاتَبًا لَهُ عَجَزَ فِي الرِّقِّ»

ص: 465

20783 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ عَنْ رَجُلٍ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ خِلَاسٍ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ:«يُسْتَسْعَى الْمُكَاتَبُ بَعْدَ أَنْ يَعْجَزَ بِسَنَتَيْنِ»

20784 -

قَالَ أَحْمَدُ: زَادَ فِيهِ سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فَإِنْ أَدَّى، وَإِلَّا رُدَّ فِي الرِّقِّ

⦗ص: 466⦘

20785 -

وَفِي رِوَايَةِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ:«إِذَا تَتَابَعَ عَلَى الْمُكَاتَبِ نَجْمَانِ فَلَمْ يُؤَدِّ نُجُومَهُ رُدَّ فِي الرِّقِّ»

20786 -

وَقَالَ مَرَّةً أُخْرَى: فَدَخَلَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ أَوْ قَالَ: الثَّالِثَةِ.

20787 -

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَيْسُوا يَقُولُونَ بِهَذَا، إِنَّمَا نَقُولُ: إِذَا عَجَزَ فَهُوَ رَقِيقٌ، وَإِنَّ عَلِيًّا قَالَ: لَا يَعْجَزُ الْمُكَاتَبُ حَتَّى يُدْخِلَ نَجْمًا فِي نَجْمٍ. وَلَيْسُوا يَقُولُونَ بِهَذَا وَلَا أَحَدٌ مِنَ الْمُفْتِينَ

20788 -

أَوْرَدَهُ فِيمَا أَلْزَمَ الْعِرَاقِيِّينَ فِي خِلَافِ عَلِيٍّ. وَرِوَايَاتُ خِلَاسٍ عَنْ عَلِيٍّ غَيْرُ قَوِيَّةٍ، وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى عَنْهُ ضَعِيفَةٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ

ص: 465

‌بَابُ عِتْقِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ

20789 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: إِذَا وَطِئَ الرَّجُلُ أَمَتَهُ بِالْمِلْكِ فَوَلَدَتْ لَهُ فَهِيَ مَمْلُوكَةٌ بِحَالِهَا لَا تَرِثُ، وَلَا تُوَرَّثُ

20790 -

وَسَاقَ الْكَلَامَ فِيهِ إِلَى أَنْ قَالَ: إِلَّا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِسَيِّدِهَا بَيْعُهَا، وَلَا إِخْرَاجُهَا بِشَيْءٍ مِنْ مِلْكِهِ غَيْرِ الْعِتْقِ، وَإِنَّهَا حُرَّةٌ إِذَا مَاتَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ،

20791 -

ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ: وَهُوَ تَقْلِيدٌ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ

ص: 467

20792 -

أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْمِهْرَجَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمُزَكِّي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْعَبْدِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، رضي الله عنه قَالَ:«أَيُّمَا وَلِيدَةٍ وَلَدَتْ مِنْ سَيِّدِهَا فَإِنَّهُ لَا يَبِيعُهَا، وَلَا يَهَبُهَا، وَلَا يُوَرِّثُهَا، وَهُوَ يُسْتَمْتِعُ مِنْهَا، فَإِذَا مَاتَ فَهِيَ حُرَّةٌ»

20793 -

وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَغَيْرُهُ، عَنْ نَافِعٍ،

20794 -

وَكَذَلِكَ رَوَاهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، وَغَيْرُهُمَا، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ وَغَلَطَ فِيهِ بَعْضُ الرُّوَاةِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، فَرَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ وَهْمٌ لَا تَحِلُّ رِوَايَتُهُ

ص: 467

20795 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ، فِيمَا بَلَغَهُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَبِيدَةَ

⦗ص: 468⦘

قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: «اسْشَارَنِي عُمَرُ، فِي بَيْعِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ فَرَأَيْتُ أَنَا وَهُوَ أَنَّهَا عَتِيقَةٌ، فَقَضَى بِهَا عُمَرُ فِي حَيَاتِهِ، وَعُثْمَانُ بَعْدَهُ، فَلَمَّا وُلِّيتُ رَأَيْتُ أَنَّهَا رَقِيقٌ»

ص: 467

20796 -

أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ، مِنْ أَصْلِ كِتَابِهِ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ الزَّعْفَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ مُحَمَّدٍ هُوَ ابْنُ سِيرِينَ، عَنْ عَبِيدَةَ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ:«اجْتَمَعَ رَأْيِي، وَرَأْيُ عُمَرَ عَلَى عِتْقِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ، ثُمَّ رَأَيْتُ بَعْدُ أَنْ أَرِقَّهُنَّ فِي كَذَا وَكَذَا» قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: رَأْيُكَ، وَرَأْيُ عُمَرَ فِي الْجَمَاعَةِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ رَأْيِكَ وَحْدَكَ فِي الْفِتْنَةِ

20797 -

وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الشَّعْبِيُّ، عَنْ عَبِيدَةَ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: مِنْ رَأْيِكَ وَحْدَكَ فِي الْفُرْقَةِ

20798 -

وَأَمَّا الَّذِي رُوِيَ عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ: أَنَّ عُمَرَ، أَعْتَقَ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ، وَقَالَ: أَعْتَقَهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَإِنَّهُ يَنْفَرِدُ بِهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادَةَ الْإِفْرِيقِيُّ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، وَالْإِفْرِيقِيُّ غَيْرُ مُحْتَجٍّ بِهِ

ص: 468

20799 -

وَأَمَّا حَدِيثُ حُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«أَيُّمَا أَمَةٍ وَلَدَتْ مِنْ سَيِّدِهَا فَهِيَ حُرَّةٌ بَعْدَ مَوْتِهِ» فَهَكَذَا رَوَاهُ عَنْهُ شَرِيكٌ، أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ يَعْقُوبَ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا السَّرِيُّ بْنُ خُزَيْمَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَصْبَهَانِيُّ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، فَذَكَرَهُ

⦗ص: 469⦘

،

20800 -

وَبِمَعْنَاهُ رَوَاهُ أَبُو أُوَيْسٍ الْمَدَنِيُّ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ،

20801 -

وَرَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ حُسَيْنٍ، بِإِسْنَادِهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِأُمِّ إِبْرَاهِيمَ حِينَ وَلَدَتْ:«أَعْتَقَهَا وَلَدُهَا» ،

20802 -

وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو أُوَيْسٍ عَنْ حُسَيْنٍ، إِلَّا أَنَّهُ أَرْسَلَهُ،

20803 -

وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَلَمْ يَثْبُتْ فِيهِ شَيْءٌ

ص: 468

20804 -

وَقَدْ رَوَى سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ:«أُمُّ الْوَلَدِ أَعْتَقَهَا وَلَدُهَا، وَإِنْ كَانَ سَقْطًا»

20805 -

وَبِمَعْنَاهُ رَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبَانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ عُمَرَ،

20806 -

وَرَوَاهُ خُصَيْفٌ الْجَزَرِيُّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عُمَرَ، فَعَادَ الْحَدِيثُ إِلَى قَوْلِ عُمَرَ، وَهُوَ الْأَصْلُ فِي ذَلِكَ.

20807 -

وَرُوِيَ فِي حَدِيثِ خَوَّاتِ بْنِ جُبَيْرٍ: أَنَّ رَجُلًا، أَوْصَى إِلَيْهِ، وَكَانَ فِيمَا تَرَكَ أُمُّ وَلَدٍ لَهُ، وَامْرَأَةٌ حُرَّةٌ، فَوَقَعَ بَيْنَ الْمَرْأَةِ، وَبَيْنَ أُمِّ الْوَلَدِ بَعْضُ الشَّيْءِ، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهَا الْحُرَّةُ: لَتُبَاعَنَّ رَقَبَتُكِ يَا لُكَعُ، فَرَفَعَ ذَلِكَ خَوَّاتُ بْنُ جُبَيْرٍ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:«لَا تُبَاعُ» ، وَأَمَرَ بِهَا فَأُعْتِقَتْ

20808 -

وَهَذَا مِمَّا يَنْفَرِدُ بِإِسْنَادِهِ رِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ، وَابْنُ لَهِيعَةَ، وَهُمَا غَيْرُ مُحْتَجٍّ بِهِمَا

ص: 469

20809 -

وَأَحْسَنُ شَيْءٍ رُوِيَ فِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَا

⦗ص: 470⦘

أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ خَطَّابِ بْنِ صَالِحٍ، مَوْلَى الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ سَلَامَةَ بِنْتِ مَعْقِلٍ، امْرَأَةٌ مِنْ خَارِجَةِ قَيْسِ عَيْلَانَ قَالَتْ: قَدِمَ بِي عَمِّي فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَبَاعَنِي مِنَ الْحُبَابِ بْنِ عَمْرٍو أَخِي أَبِي الْيَسَرِ بْنِ عَمْرٍو، فَوَلَدْتُ لَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحُبَابِ، ثُمَّ هَلَكَ، فَقَالَتِ امْرَأَتُهُ: الْآنَ وَاللَّهِ تُبَاعِينَ فِي دَيْنِهِ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي امْرَأَةٌ مِنْ خَارِجَةِ قَيْسِ عَيْلَانَ، قَدِمَ بِي عَمِّي الْمَدِينَةَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَبَاعَنِي مِنْهُ الْحُبَابُ بْنُ عَمْرٍو أَخِي أَبِي الْيَسَرِ بْنِ عَمْرٍو، فَوَلَدْتُ لَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحُبَابِ، فَقَالَتِ امْرَأَتُهُ: الْآنَ وَاللَّهِ تُبَاعِينَ فِي دَيْنِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ وَلِيُّ الْحُبَابِ؟» ، قِيلَ: أَخُوهُ أَبُو الْيَسَرِ بْنُ عَمْرٍو، فَبَعَثَ إِلَيْهِ فَقَالَ:«أَعْتِقُوهَا، فَإِذَا سَمِعْتُمْ بِرَقِيقٍ قَدِمَ عَلَيَّ فَأْتُونِي أُعَوِّضْكُمْ مِنْهَا» . قَالَتْ: فَأَعْتَقُونِي، وَقَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَقِيقٌ فَعَوَّضَهُمْ مِنِّي غُلَامًا

20810 -

قَالَ أَحْمَدُ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عُمَرُ رضي الله عنه بَلَغَهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ حَكَمَ بِعِتْقِهِنَّ بِمَوْتِ سَادَاتِهِنَّ نَصًّا، فَاجْتَمَعَ هُوَ، وَغَيْرُهُ عَلَى تَحْرِيمِ بَيْعِهِنَّ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هُوَ، وَغَيْرُهُ اسْتَدَلُّوا بِبَعْضِ مَا ذَكَرْنَاهُ، وَمَا لَمْ نَذْكُرْهُ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى عِتْقِهِنَّ، فَاجْتَمَعَ هُوَ وَغَيْرُهُ عَلَى تَحْرِيمِ بَيْعِهِنَّ، فَالْأَوْلَى بِنَا مُتَابَعَتُهُمْ فِيمَا اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ قَبْلَ وُقُوعِ الِاخْتِلَافِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ

ص: 469

20811 -

وَأَمَّا مَا: أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ

⦗ص: 471⦘

، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَجِيدِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ: سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ:«كُنَّا نَبِيعُ سَرَارِينَا أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَيٌّ فِينَا لَا نَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا»

20812 -

فَيُحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، لَمْ يَشْعُرْ بِذَلِكَ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ النَّهْيِ أَوْ قَبْلَ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ عُمَرُ، وَغَيْرُهُ مِنْ أَمْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، عَلَى عِتْقِهِنَّ، وَمَنْ فَعَلَهُنَّ مِنْهُمْ لَمْ يَبْلُغْهُ ذَلِكَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ

ص: 470

20813 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِيمَا بَلَغَهُ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ: قَالَ فِي أُمِّ الْوَلَدِ: «تُعْتَقُ مِنْ نَصِيبِ وَلَدِهَا»

20814 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَسْنَا، وَلَا إِيَّاهُمْ نَقُولُ بِهَذَا، نَقُولُ بِحَدِيثِ عُمَرَ أَنَّهُ أَعْتَقَ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ إِذَا مَاتَ سَادَتُهُنَّ وَنَقُولُ جَمِيعًا تُعْتَقُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ

20815 -

قَالَ أَحْمَدُ: رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي أَوْلَادِهَا مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهَا أَنَّهُمْ بِمَنْزِلَتِهَا عَبِيدًا مَا عَاشَ سَيِّدُهَا، فَإِنْ مَاتَ فَهُمْ أَحْرَارٌ

20816 -

وَرُوِّينَا عَنْ شُرَيْحٍ، أَنَّهُ: رُفِعَ إِلَيْهِ رَجُلٌ تَزَوَّجَ أَمَةً فَوَلَدَتْ لَهُ، ثُمَّ اشْتَرَاهَا، فَرَفَعَهُمْ إِلَى عَبِيدَةَ، فَقَالَ عَبِيدَةُ:«إِنَّمَا تُعْتَقُ أُمُّ الْوَلَدِ إِذَا وَلَدَتْهُمْ أَحْرَارًا فَإِذَا وَلَدَتْهُمْ مَمْلُوكِينَ فَإِنَّهَا لَا تُعْتَقُ» وَهَكَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ: لِأَنَّ الرِّقَّ قَدْ جَرَى عَلَى وَلَدِهَا لِغَيْرِهِ

ص: 471

‌أَحَادِيثُ لِلشَّافِعِيِّ لَمْ يَذْكُرْهَا فِي الْكِتَابِ

ص: 472

20817 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ، وَأَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُسْطَنْطِينَ قَالَ:«قَرَأْتُ عَلَى شِبْلٍ» ، وَأَخْبَرَ شِبْلٌ، أَنَّهُ:«قَرَأَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ» ، وَأَخْبَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَثِيرٍ، أَنَّهُ:«قَرَأَ عَلَى مُجَاهِدٍ» ، وَأَخْبَرَ مُجَاهِدٌ، أَنَّهُ:«قَرَأَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ» ، وَأَخْبَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ:«قَرَأَ عَلَى أُبَيٍّ، وَقَرَأَ أُبَيٌّ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم»

20818 -

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَرَأْتُ عَلَى إِسْمَاعِيلَ بْنِ قُسْطَنْطِينَ، وَكَانَ يَقُولُ:«الْقُرْآنُ اسْمٌ وَلَيْسَ بِمَهْمُوزٍ، وَلَمْ يُؤْخَذْ مِنْ» قَرَأْتُ «، وَلَوْ أُخِذَ مِنْ» قَرَأْتُ " كَانَ كُلَّمَا قُرِئَ قُرْآنًا، وَلَكِنَّهُ اسْمٌ لِلْقُرْآنِ مِثْلُ التَّوْرَاةِ، وَالْإِنْجِيلِ، يَهْمِزُ قَرَأْتُ، وَلَا يَهْمِزُ الْقُرْآنَ، وَكَانَ يَقُولُ: إِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ بِهَمْزِ «قَرَأْتَ»، وَلَا تَهْمِزِ الْقُرْآنَ "

ص: 472

20819 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ فِي كِتَابِ الْمُسْتَدْرَكِ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، رحمه الله قَالَ: أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَهُوَ يَقْرَأُ فِي الْمُصْحَفِ قَبْلَ أَنْ يَذْهَبَ بَصَرُهُ، وَهُوَ يَبْكِي، فَقُلْتُ: مَا يُبْكِيكَ يَا أَبَا عَبَّاسٍ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ؟ فَقَالَ لِي: «هَلْ تَعْرِفُ أَيْلَةَ؟» ، فَقُلْتُ: وَمَا أَيْلَةُ؟ فَقَالَ: " قَرْيَةٌ كَانَ بِهَا نَاسٌ مِنَ الْيَهُودِ، فَحَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْحِيتَانَ يَوْمَ السَّبْتِ، فَكَانَتْ حِيتَانُهُمْ تَأْتِيهِمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا بَيْضَاءَ سِمَانًا كَأَمْثَالِ الْمَخْضِ، بِأَفْنَائِهِمْ، وَأَبْنِيَاتِهِمْ، فَإِذَا كَانَ فِي غَيْرِ يَوْمِ السَّبْتِ لَمْ يَجِدُوهَا وَلَمْ يُدْرِكُوهَا إِلَّا فِي مَشَقَّةٍ وَمُؤْنَةٍ شَدِيدَةٍ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ، أَوْ مَنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ: لَعَلَّنَا لَوْ أَخَذْنَاهَا يَوْمَ السَّبْتِ فَأَكَلْنَاهَا فِي غَيْرِ يَوْمِ السَّبْتِ؟ فَفَعَلَ ذَلِكَ أَهْلُ بَيْتٍ مِنْهُمْ، فَأَخَذُوا فَشَوَوْا، فَوَجَدَ جِيرَانُهُمْ رِيحَ الشِّوَاءِ، فَقَالُوا: وَاللَّهِ مَا نَرَى أَصَابَ بَنِي فُلَانٍ شَيْءٌ، فَأَخَذَهَا آخَرُونَ، حَتَّى فَشَا ذَلِكَ فِيهِمْ أَوْ كَثُرَ، فَافْتَرَقُوا فِرَقًا ثَلَاثَةً: فِرْقَةٌ أَكَلَتْ، وَفِرْقَةٌ نَهَتْ، وَفِرْقَةٌ قَالَتْ: لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا؟ فَقَالَتِ الْفِرْقَةُ الَّتِي نَهَتْ: نُحَذِّرُكُمْ غَضَبَ اللَّهِ، وَعِقَابَهُ فَيُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِخَسْفٍ أَوْ قَذْفٍ أَوْ بَعْضِ مَا عِنْدَهُ مِنَ الْعَذَابِ، وَاللَّهِ لَا نُبَايِتُكُمْ فِي مَكَانٍ، وَأَنْتُمْ فِيهِ " قَالَ: " فَخَرَجُوا مِنَ السُّورِ فَغَدَوْا عَلَيْهِ مِنَ الْغَدِ، فَضَرَبُوا بَابَ السُّورِ، فَلَمْ يُجِبْهُمْ أَحَدٌ، فَأَتَوْا بِسُلَّمٍ فَأَسْنَدُوهُ إِلَى السُّورِ، ثُمَّ رَقِيَ مِنْهُمْ رَاقٍ عَلَى السُّورِ، فَقَالَ: يَا عِبَادَ اللَّهِ قِرَدَةٌ، وَاللَّهِ لَهَا أَذْنَابٌ تَعَاوَى. ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. ثُمَّ نَزَلَ مِنَ السُّوَرِ فَفَتَحَ السُّورَ، فَدَخَلَ النَّاسُ عَلَيْهِمْ فَعَرَفَتِ الْقُرُودُ أَنْسَابَهَا مِنَ الْإِنْسِ، وَلَمْ تَعْرِفِ الْإِنْسُ أَنْسَابَهَا مِنَ الْقُرُودِ " قَالَ: " فَيَأْتِي الْقِرْدُ إِلَى نَسِيبِهِ مِنَ الْإِنْسِ فَيَحْتَكُّ بِهِ، وَيَلْصُقُ، وَيَقُولُ الْإِنْسَانُ: أَنْتَ فُلَانٌ؟ فَيُشِيرُ بِرَأْسِهِ: أَيْ نَعَمْ، وَيَبْكِي. وَتَأْتِي الْقِرْدَةُ إِلَى نَسِيبِهَا، وَقَرِيبِهَا مِنَ الْإِنْسِ فَيَقُولُ لَهَا الْإِنْسَانُ: أَنْتِ فُلَانَةُ فَتُشِيرُ بِرَأْسِهَا أَيْ نَعَمْ، وَتَبْكِي. فَيَقُولُ لَهُمُ الْإِنْسُ: إِنَّا حَذَّرْنَاكُمْ غَضَبَ اللَّهِ، وَعِقَابَهُ أَنْ يُصِيبَكُمْ بِخَسْفٍ أَوْ مُسِخٍ أَوْ بِبَعْضِ مَا عِنْدَهُ مِنَ الْعَذَابِ "

⦗ص: 474⦘

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " فَأَسْمَعُ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ} [الأعراف: 165]، فَلَا أَدْرِي مَا فَعَلَتِ الْفِرْقَةُ الثَّالِثَةُ ". قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «فَكَمْ قَدْ رَأَيْنَا مِنْ مُنْكَرٍ لَمْ نَنْهَ عَنْهُ» قَالَ عِكْرِمَةُ: فَقُلْتُ: أَلَا تَرَى جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ أَنَّهُمْ قَدْ أَنْكَرُوا، وَكَرِهُوا حِينَ قَالُوا: لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا؟ فَأَعْجَبَهُ قُولِي ذَلِكَ، وَأَمَرَ لِي بِبُرْدَيْنِ غَلِيظَيْنِ فَكَسَانِيهُمَا

ص: 473

20820 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، قَالُوا حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ قَالَ:" لَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يَسْأَلُ عَنِ السَّاعَةِ حَتَّى أُنْزِلَ عَلَيْهِ {فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا} [النازعات: 43] فَانْتَهَى "

ص: 474

20821 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ فِي كِتَابِهِ الْمُسْتَدْرَكِ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، وَأَسَدُ بْنُ مُوسَى قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: إِنَّمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّهُمْ لَيَعْلَمُونَ الْآنَ أَنَّ الَّذِيَ كُنْتُ أَقُولُ لَهُمْ حَقٌّ فِي الدُّنْيَا لَحَقٌّ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم:{فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى، وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ} [الروم: 52]

⦗ص: 475⦘

"

20822 -

قُلْتُ: قَدْ رُوِّينَا عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّهُ قَالَ:«أَحْيَاهُمُ اللَّهُ يَعْنِي الْمَقْتُولِينَ مِنَ الْكُفَّارِ حَتَّى سَمِعُوا قَوْلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم»

ص: 474

20823 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ فِي الْمَخْرَجِ عَلَى كِتَابِ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ.

20824 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ وَامْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ عَلَى نَاقَةٍ لَهَا فَضَجِرَتْ، فَلَعَنَتْهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«خَلُّوا عَنْهَا، وَأَعْرُوهَا فَإِنَّهَا مَلْعُونَةٌ» . قَالَ: فَكَانَ لَا يُؤْوِيهَا أَحَدٌ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ

ص: 475

20825 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ فِي كِتَابِ الْمُسْتَدْرَكِ، أَخْبَرَنِي أَبُو الْفَضْلِ ابْنُ أَبِي نَصْرٍ، حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الدِّينُورِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْحَاقَ الْمَدَائِنِيُّ، وَأَنَا سَأَلْتُهُ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيَّ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عُيَيْنَةَ، وَعِنْدَهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ، فَذَكَرَ الْبُخْلَ، فَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «كَانَ يَتَعَوَّذُ مِنَ الْبُخْلِ»

ص: 475

20826 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، أَخْبَرَنِي أَبُو الْفَضْلِ بْنُ أَبِي نَصْرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدٍ الدُّورِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ غَالِبٍ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: سَمِعْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَمَّتِيَ عَائِشَةَ، تَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أُعْطِيَ حَظَّهُ مِنَ الرِّفْقِ أُعْطِيَ حَظَّهُ مِنْ خَيْرِ الدُّنْيَا، وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ حُرِمَ حَظَّهُ مِنَ الرِّفْقِ حُرِمَ حَظَّهُ مِنْ خَيْرِ الدُّنْيَا، وَالْآخِرَةِ»

ص: 476

20827 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عِيسَى بْنُ زَيْدِ بْنِ عِيسَى الْعُقَيْلِيُّ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى، وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ أَيُّوبَ الْفَقِيهُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدَةَ الْوَبْرِيُّ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ، رحمه الله: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الْجُنْدِيُّ، عَنْ أَبَانَ بْنِ صَالِحٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا يَزْدَادُ الْأَمْرُ إِلَّا شِدَّةً، وَلَا النَّاسُ إِلَّا شُحًّا، وَلَا الدُّنْيَا إِلَّا إِدْبَارًا، وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلَّا عَلَى شِرَارِ النَّاسِ، وَلَا مَهْدِيَّ إِلَّا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ»

⦗ص: 477⦘

20828 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَقَدْ رَوَاهُ صَامِتُ بْنُ مُعَاذٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ السَّكَنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُنْدِيِّ، فَمُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ يَنْفَرِدُ بِهِ، وَقَدْ حَدَّثَ بِهِ مَرَّةً، عَنْ أَبَانَ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُرْسَلًا. وَهَذَا الْمَتْنُ بِأَبَانَ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ، أَشْبَهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ

ص: 476

20829 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْمَالِينِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ الْمَخْزُومِيُّ، عَنْ سَيْفِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ

20830 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَحَدَّثَنَا الزَّنْجِيُّ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ سَيْفِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، دَخَلَ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وَهُوَ يَمُوتُ، فَقَالَ لَهُ:«يَا مَلَكَ الْمَوْتِ ارْفُقْ بِصَاحِبِنَا أَفْجَعْتَ بِالْأَحِبَّةِ» قَالَ مَلَكُ الْمَوْتِ عَلَى لِسَانِ الْأَنْصَارِيِّ: يَا مُحَمَّدُ إِنِّي بِكُلِّ رَجُلٍ مُسْلِمٍ رَفِيقٌ

20831 -

قَالَ أَبُو أَحْمَدَ: وَهَذَا لَا أَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ

20832 -

قَالَ أَحْمَدُ: الْمَعْرُوفُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ حَدِيثُ الْقَضَاءِ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَهْمًا مِنْ أَبِي نَصْرٍ أَوْ سُلَيْمَانَ فَهُوَ حَدِيثٌ آخَرُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَلَا أَرَاهُ إِلَّا وَهْمًا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ

ص: 477

20833 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ حَرْمَلَةَ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سَعِيدٍ السَّعِيدِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أُمِّ خَالِدٍ بِنْتِ خَالِدٍ قَالَتْ: قَدِمْتُ مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ وَأَنَا جُوَيْرِيَةٌ، فَكَسَانِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خَمِيصَةً لَهَا أَعْلَامٌ، فَكَانَ يَمْسَحُ الْأَعْلَامَ بِيَدِهِ وَيَقُولُ:«سناه سناه» بِالْحَبَشِيَّةَ: يَعْنِي: حَسَنٌ

⦗ص: 478⦘

20834 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَمْسَحُ الْأَعْلَامَ بِيَدِهِ، وَقَالَ:«سناه سناه» يَعْنِي: حَسَنٌ حَسَنٌ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنِ الْحُمَيْدِيِّ

ص: 477

20835 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ أَنَّهُ: سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا، وَيَعْرِفْ حَقَّ كَبِيرِنَا»

20836 -

أَخْبَرَنَاهُ الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَزَادَ: قَالَ سُفْيَانُ: كَانُوا بَنُو عَامِرٍ ثَلَاثَةً بِمَكَّةَ، فَحَدَّثَنَا عَمْرٌو، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ عَامِرٍ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ: وَسَمِعْتُ أَنَا مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَامِرٍ

ص: 478

20837 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ:«حَالَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ، وَالْأَنْصَارِ فِي دَارِنَا»

⦗ص: 479⦘

20838 -

قَالَ سُفْيَانُ: فَسَّرَتْهُ الْعُلَمَاءُ: آخَى بَيْنَهُمْ

ص: 478

20839 -

وَهَذَا فِيمَا: أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ:«حَالَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ، وَالْأَنْصَارِ فِي دَارِنَا» فَقِيلَ لَهُ: أَلَيْسَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا حِلْفَ فِي الْإِسْلَامِ؟» ، فَقَالَ:«حَالَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ، وَالْأَنْصَارِ فِي دَارِنَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا»

20840 -

قَالَ أَحْمَدُ: وَإِنَّمَا أَرَادَ بِقَوْلِهِ: «لَا حِلْفَ فِي الْإِسْلَامِ» : لَا يُعْطَى بِهِ فِي الْإِسْلَامِ مِنَ الْمِيرَاثِ مَا كَانَ يُعْطَى بِهِ قَبْلَ ذَلِكَ. وَذَلِكَ حِينَ نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} [الأحزاب: 6] فَنَسَخَ التَّوَارُثَ بِالْحِلْفِ وَالْمُعَاقَدَةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ

ص: 479

20841 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ، فَقَالَتْ:«أَعَنْ مِيرَاثِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تَسْأَلُ؟ مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَفْرَاءَ، وَلَا بَيْضَاءَ، وَلَا بَعِيرًا، وَلَا عَبْدًا، وَلَا وَلِيدَةً، وَلَا ذَهَبًا، وَلَا فِضَّةً»

20842 -

أَخْبَرَنَاهُ أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ يَعْقُوبَ، أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ الْفَرَّاءُ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْفٍ، أَخْبَرَنَا مِسْعَرٌ، فَذَكَرَ مَعْنَاهُ لَمْ يَقُلْ: صَفْرَاءَ، وَلَا بَيْضَاءَ

ص: 479

20843 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ:«كَانَ فِي لِحْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَعَرَاتٌ بِيضٌ لَوْ شَاءَ الْعَادُّ لَعَدَّهَا»

ص: 480

20844 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«كَانَ إِذَا عَطَسَ خَمَّرَ وَجْهَهُ، وَأَخْفَى عَطْسَتَهُ»

20845 -

أَخْبَرَنَاهُ أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ مَطَرٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ نَصْرٍ الْحَذَّاءُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَجْلَانَ: فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ نَحْوَهُ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: «خَمَّرَ وَجْهَهُ وَغَضَّ أَوْ خَفَضَ صَوْتَهُ»

ص: 480

20846 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبٍ، عَنِ الْأَغَرِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " قَالَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ: الْكِبْرِيَاءُ رِدَائِي، وَالْعِزَّةُ إِزَارِي فَمَنْ نَازَعَنِي وَاحِدًا مِنْهُمَا أَلْقَيْتُهُ فِي النَّارِ "

⦗ص: 481⦘

20847 -

أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّيْرَفِيُّ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ سُهَيْلٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، فَذَكَرَهُ. غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ:«وَالْعَظَمَةُ إِزَارِي»

ص: 480

20848 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، يَقُولُ:«لَيْسَ أَحَدٌ أَصْبَرَ عَلَى أَذًى سَمِعَهُ مِنَ اللَّهِ، يَدْعُونَ لَهُ نِدًّا، ثُمَّ هُوَ يَرْزُقُهُمْ، وَيُعَافِيهِمْ» . قَالَ الْأَعْمَشُ: فَقُلْتُ لَهُ أَوْ فَقِيلَ لَهُ مِمَّنْ سَمِعْتَ هَذَا؟ قَالَ: حَدَّثَنِيهُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. أَخْبَرَنَاهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَيْبَانَ الْعَطَّارُ، بِبَغْدَادَ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الدَّقَّاقُ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْوَلِيدِ الْجَشَّاشُ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ الرَّمَادِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ. . . فَذَكَرَهُ بِنَحْوِهِ

ص: 481

20849 -

أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُفَّاظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ أَبِي مُوسَى: قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا أَحَدَ أَصْبَرُ عَلَى أَذًى سَمِعَهُ مِنَ اللَّهِ عز وجل، يُشْرَكُ بِهِ وَيُجْعَلُ لَهُ وَلَدٌ ثُمَّ هُوَ يُعَافِيهِمْ وَيَرْزُقُهُمْ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ

ص: 481

20850 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا أَبُو فَرْوَةَ قَالَ: سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ، عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «حَلَالٌ بَيِّنٌ، وَحَرَامٌ بَيِّنٌ وَشُبُهَاتٌ بَيْنَ ذَلِكَ»

ص: 482

20851 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ أَبِي فَرْوَةَ الْهَمَدَانِيِّ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ يُحَدِّثُ عَلَى الْمِنْبَرِ حَدِيثًا لَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا قَبْلَهُ يُحَدِّثُ بِهِ وَلَا أَرَانِي أَسْمَعُ أَحَدًا يُحَدِّثُ بِهِ ، قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«حَلَالٌ بَيِّنٌ، وَحَرَامٌ بَيِّنٌ وَبَيْنَ ذَلِكَ مُشْتَبِهَاتٌ، فَمَنْ تَرَكَ الشُّبُهَاتِ كَانَ لِمَا اسْتَبَانَ لَهُ أَتْرَكَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ

ص: 482

20852 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي، وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ، وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا، وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَنْتَهِبُ نُهْبَةً حِينَ يَنْتَهِبُهَا، وَهُوَ مُؤْمِنٌ»

⦗ص: 483⦘

أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ أَيُّوبَ الْفَقِيهُ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ

ص: 482

20853 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: {وَالَّذِينَ يُؤْتَوْنَ مَا آتَوْا، وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} [المؤمنون: 60]، أَهُمُ الَّذِينَ يَسْرِقُونَ، وَيَزْنُونَ، وَيَشْرَبُونَ الْخَمْرَ؟ فَقَالَ:«لَا يَا بِنْتَ الصِّدِّيقِ، هُمُ الَّذِينَ يَصُومُونَ، وَيُصَلُّونَ، وَيَتَصَدَّقُونَ»

20854 -

أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ نَحْوَهُ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَذَكَرَهُ بِلُغَةِ الْوَحْدَانِ، وَزَادَ:«وَهُوَ عَلَى ذَلِكَ يَخَافُ اللَّهَ عز وجل»

ص: 483

20855 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ هَمَّامٍ قَالَ: قِيلَ لِحُذَيْفَةَ: إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ يُبَلِّغُ الْأُمَرَاءَ الْحَدِيثَ، عَنِ النَّاسِ ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَتَّاتٌ»

⦗ص: 484⦘

20856 -

أَخْبَرَنَاهُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْبَصْرِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الْمَدَائِنِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ دُونَ الْقِصَّةِ

ص: 483

20857 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الرُّؤْيَا الْحَسَنَةُ مِنَ الرَّجُلِ الصَّالِحِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جَزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ» أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَخْتَوَيْهِ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيِّ

20858 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلُ ذَلِكَ. أَخْبَرَنَاهُ أَبُو أَحْمَدَ الْمِهْرَجَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ جَعْفَرٍ الْمُزَكِّي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، فَذَكَرَهُ

ص: 484

20859 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ رُؤْيَا يَكْرَهُهَا فَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ وَلَا يُخْبِرْ بِهَا أَحَدًا»

ص: 485

20860 -

أَخْبَرَنَاهُ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" فِي آخِرِ الزَّمَانِ لَا تَكَادُ رُؤْيَا الْمُؤْمِنِ تَكْذِبُ، وَأَصْدَقُهُمْ رُؤْيَا أَصْدَقُهُمْ حَدِيثًا، وَالرُّؤْيَا ثَلَاثَةٌ: الرُّؤْيَا الْحَسَنَةُ بُشْرَى مِنَ اللَّهِ، وَالرُّؤْيَا يُحَدِّثُ بِهَا الرَّجُلُ نَفْسَهُ، وَالرُّؤْيَا تَحْزِينٌ مِنَ الشَّيْطَانِ. فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ رُؤْيَا يَكْرَهُهَا، فَلَا يُحَدِّثْ بِهَا أَحَدًا وَلْيَقُمْ فَلْيُصَلِّ "

20861 -

قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: يُعْجِبُنِي الْقَيْدُ، وَأَكْرَهُ الْغُلَّ، الْقَيْدُ ثَبَاتٌ فِي الدِّينِ قَالَ: وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «رُؤْيَا الْمُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ، وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ

ص: 485

20862 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، يَسْأَلُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ: هَلِ اتَّخَذَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خَاتَمًا؟ قَالَ: «نَعَمْ ، فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى بَرِيقِهِ فِي يَدِهِ فِي لَيْلَةٍ قَمْرَاءَ»

ص: 485

20863 -

أَخْبَرَنَاهُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْمُقْرِئُ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْحَمَّامِيِّ، بِبَغْدَادَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ قَالَ: سُئِلَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ

⦗ص: 486⦘

: أَتَّخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، خَاتَمًا؟ قَالَ: نَعَمْ ، أَخَّرَ لَيْلَةً صَلَاةَ الْعِشَاءِ إِلَى قَرِيبًا مِنْ شَطْرِ اللَّيْلِ، فَلَمَّا صَلَّى أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَقَالَ:«إِنَّ النَّاسَ قَدْ صَلَّوْا، وَنَامُوا، وَلَنْ تَزَالُوا فِي صَلَاةٍ مَا انْتَظَرْتُمُوهَا»

20864 -

قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ خَاتَمِهِ صلى الله عليه وسلم أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ

ص: 485

20865 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: ذُكِرَ لِعَائِشَةَ، أَنَّ امْرَأَةً تَلْبَسُ النَّعْلَيْنِ، فَقَالَتْ:«لَعَنَ اللَّهُ رَجُلَةَ النِّسَاءِ»

ص: 486

20866 -

أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ لُوَيْنٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: قِيلَ لِعَائِشَةَ: إِنَّ امْرَأَةً تَلْبَسُ النِّعَالَ فَقَالَتْ: «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، الرَّجُلَةَ مِنَ النِّسَاءِ»

ص: 486

20867 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا أَخْبَرَنِي رِجَالٌ مِنَ الْأَنْصَارِ قَالُوا: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَانْقَضَّ كَوْكَبٌ، فَتَذَاكَرْنَاهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«مَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ فِي هَذَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ؟» قَالَ: كُنَّا نَقُولُ: يَمُوتُ اللَّيْلَةَ عَظِيمٌ أَوْ يُولَدُ عَظِيمٌ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «فَإِنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ، وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ يَسْتَرِقُونَ السَّمْعَ فَيَرْمُونَ»

⦗ص: 487⦘

أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، وَجَمَاعَةٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ

ص: 486

20868 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ أَبِي عَائِشَةَ، وَكَانَ ثِقَةً عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ حَرَّكَ بِهِ لِسَانَهُ» ، وَوَصَفَ سُفْيَانُ ذَلِكَ يُرِيدُ أَنْ يَحْفَظَهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ} [القيامة: 16] أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ، أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنِ الْحُمَيْدِيِّ، وَأَخْرَجَاهُ مِنْ أَوْجُهٍ أُخَرَ عَنْ مُوسَى

ص: 487

20869 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ أَبْغَضَ الرِّجَالِ إِلَى اللَّهِ الْأَلَدُّ الْخَصِمُ»

⦗ص: 488⦘

أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّغَانِيُّ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، وَأَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجِ فَذَكَرَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: فَذَكَرَهُ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي عَاصِمٍ

ص: 487

20870 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ:«لَمَّا دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، النَّاسَ إِلَى الْبَيْعَةِ» ، وَجَدْنَا رَجُلًا مِنَّا يُقَالُ لَهُ: الْجِدُّ بْنُ قَيْسٍ، مُخْتَبِئًا تَحْتَ إِبِطِ بَعِيرِهِ أَخْبَرَنَاهُ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ إِنَّهُ: سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ

ص: 488

20871 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِأَخِيهِ: جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا فَقَدْ أَبْلَغَ فِي الثَّنَاءِ "

20872 -

أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَعْقُوبَ الْعَدْلُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ الرَّبَذِيُّ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ:«مَنْ قَالَ لِأَخِيهِ»

ص: 488

20873 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَسَّانُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَقِيهُ إِمْلَاءً، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الْأَشْعَثِ، حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ وَهْبُ اللَّهِ بْنُ رِزْقٍ الْمِصْرِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ، وَخَالِدُ بْنُ نِزَارٍ قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، رضي الله عنه قَالَ: " إِنَّمَا مَثَلُنَا وَمَثَلُ الْأَنْصَارِ مَا قَالَهُ الْغَنَوِيُّ لِبَنِي جَعْفَرٍ:

[البحر الطويل]

جَزَى اللَّهُ عَنَّا جَعْفَرًا حِينَ أُزْلِفَتْ

بِنَا نَعْلُنَا فِي الْوَاطِئِينَ فَزَلَّتِ

أَبَوْا أَنْ يَمَلُّونَا، وَلَوْ أَنَّ أُمَّنَا

تُلَاقِي الَّذِي يَلْقَوْنَ مِنَّا لَمَلَّتِ"

زَادَ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، رحمه الله:

هُمُ خَلَطُونَا بِالنُّفُوسِ وَأُلْجِئُوا

إِلَى حُجُرَاتٍ أَدْفَأَتْ، وَأَظَلَّتِ

ص: 489

20874 -

أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ، أَخْبَرَنَا أَبُو النَّضْرِ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرِ بْنُ سَلَامَةَ، حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، يُحَدِّثُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ أَبِي عَوْنٍ الْأَعْوَرِ، أَنَّهُ: أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ، كَانَ يَقُولُ:«مَا بِتُّ مِنْ لَيْلَةٍ فِي الْأَرْضِ فَأَصْبَحْتُ لَمْ يَرْمِنِي النَّاسُ فِيهَا بِدَاهِيَةٍ إِلَّا أَنَّ عَلَيَّ تَمَّ اللَّهُ نِعْمَةًَ»

ص: 489

20875 -

وَبِإِسْنَادِهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ الثَّقَفِيَّ، يُحَدِّثُ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ذَكَرُوا أَبْنَاءَهُمْ فَقَالُوا: أَبْنَاؤُنَا خَيْرٌ مِنَّا، وُلِدُوا فِي الْإِسْلَامِ وَلَمْ يُشْرِكُوا بِاللَّهِ سَاعَةً قَطُّ، فَلَمَّا بَلَغَ

⦗ص: 490⦘

ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُنْ لِيَبْعَثَنِي إِلَّا فِي خَيْرِ أُمَّتِي نَحْنُ خَيْرٌ مِنْ أَبْنَائِنَا، وَأَبْنَاؤُهُمْ خَيْرٌ مِنْ أَبْنَائِهِمْ، وَأَبْنَاءُ أَبْنَائِنَا خَيْرٌ مِنْ أَبْنَائِهِمْ»

ص: 489

20876 -

قَالَ أَحْمَدُ: كَتَبَ إِلَيَّ أَبُو نُعَيْمٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ الْإِسْفَرَايِينِيُّ: أَنَّ أَبَا عَوَانَةَ أَخْبَرَهُمْ: حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ح قَالَ أَبُو عَوَانَةَ: وَحَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَأَبُو حُمَيْدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: أَيُّ حِينٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَنْ أُصَلِّيَ الْعَتَمَةَ إِمَامًا أَوْ خِلْوًا؟ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: أَعْتَمَ، رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ذَاتَ لَيْلَةٍ بِالْعَتَمَةِ حَتَّى رَقَدَ النَّاسُ، وَاسْتَيْقَظُوا فَقَامَ عُمَرُ فَقَالَ: الصَّلَاةَ، الصَّلَاةَ. قَالَ عَطَاءٌ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَخَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ الْآنَ يُغَطِّي رَأْسَهُ وَاضِعًا يَدَهُ عَلَى شِقِّ رَأْسِهِ»

20877 -

فَاسْتَثْبَتُّ عَطَاءً: كَيْفَ وَضَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ؟ فَأَوْمَأَ إِلَيَّ كَمَا أُشَافِهُكَ، فَبَدَّدَ عَطَاءٌ بَيْنَ أَصَابِعِهِ شَيْئًا مِنْ يَدَيْهِ، ثُمَّ وَضَعَهَا فَانْتَهَى أَطْرَافُ أَصَابِعِهِ إِلَى مُقَدَّمِ الرَّأْسِ، ثُمَّ ضَمَّهَا يُمِرُّهَا كَذَلِكَ عَلَى الرَّأْسِ حَتَّى مَسَّتْ إِبْهَامَاهُ أَطْرَافَ الْأُذُنِ مِمَّا يَلِي الْوَجْهَ، ثُمَّ عَلَى الصِّدْغِ، وَنَاحِيَةِ الْجَبِينِ لَا يَقْصُرُ، وَلَا يَبْطِشُ إِلَّا كَذَلِكَ. أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ حَدِيثَ سُفْيَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ

ص: 490

20878 -

وَفِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ أَبُو نُعَيْمٍ: أَنَّ أَبَا عَوَانَةَ أَخْبَرَهُمْ: حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ وَرَّادٍ كَاتِبِ الْمُغِيرَةِ يَقُولُ: كَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى الْمُغِيرَةِ: اكْتُبْ إِلَيَّ بِمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: فِي دُبُرِ صَلَاتِهِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: كَانَ يَقُولُ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ» أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَرَ، عَنْ سُفْيَانَ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ

20879 -

وَقَرَأْتُ فِي كِتَابِ أَبِي الْحَسَنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَاصِمٍ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَمَضَانَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عِيَاضٍ الْقَارِيِّ قَالَ: جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ فَدَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ، وَنَحْنُ عِنْدَهَا جُلُوسٌ لَيَالِي قَتْلِ عَلِيٍّ رضي الله عنه، فَقَالَتْ لَهُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ، هَلْ أَنْتَ صَادِقِي عَمَّا أَسْأَلُكَ عَنْهُ؟ فَذَكَرَ قِصَّةَ أَهْلِ حَرُورَاءَ، وَخُرُوجَهُمْ عَلَى عَلِيٍّ، رضي الله عنه، وَدُخُولَ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه عَلَيْهِمْ وَرُجُوعَ بَعْضِهِمْ وَقَتْلَهُمْ، وَقَتْلَ ذِي الثُّدَيَّةِ

⦗ص: 492⦘

،

20880 -

وَقَدْ أَخْرَجْتُهُ فِي كِتَابِ «الْمَنَاقِبِ» ، وَقَرَأْتُ فِي كِتَابِهِ عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ الْوَزِيرِ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ مِسْعَرِ بْنِ كِدَامٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، حَدَّثَنِي مَسْرُوقٌ، حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ شَجَرَةً أَنْذَرَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، بِالْجِنِّ

ص: 491