الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1 -
ـ
مكانة لَا إِلَه إِلَّا الله فِي الْحَيَاة
إِنَّهَا كلنة يعلنها الْمُسلمُونَ فِي أذانهم وإقامتهم وَفِي خطبهم ومحادثاتهم وَهِي كلمة قَامَت بهَا الأَرْض وَالسَّمَاوَات، وخلقت لأَجلهَا جَمِيع الْمَخْلُوقَات، وَبهَا أرسل الله وَرُسُله وَأنزل كتبه وَشرع شرائعه، ولأجلها نصبت الموازين وَوضعت الدَّوَاوِين وَقَامَ سوق الْجنَّة وَالنَّار، وَبهَا انقسمت الخليقة إِلَى الْمُؤمنِينَ وكفار، فَهِيَ منشأ الْخلق وَالْأَمر وَالثَّوَاب وَالْعِقَاب، وَعَلَيْهَا نصبت الْقبْلَة، وَعَلَيْهَا أسست الْملَّة، ولأجلها جردت سيوف الْجِهَاد، وَهِي حق الله على جَمِيع الْعباد، فَهِيَ كلمة الْإِسْلَام، ومفتاح دَار السَّلَام، وعنها يسْأَل الْأَولونَ وَالْآخرُونَ
…
فَلَا تَزُول قدما العَبْد بَين يَدي الله حَتَّى يسْأَل عَن مَسْأَلَتَيْنِ: (مَاذَا كُنْتُم تَعْبدُونَ، وماذا أجبتم الْمُرْسلين) ، وَالْجَوَاب الأولى بتحقيق لَا إِلَه إِلَّا الله معرفَة وَإِقْرَار وَعَملا، وَجَوَاب الثَّانِيَة بتحقيق مُحَمَّدًا رَسُول الله معرفَة وإنقياداً وَطَاعَة1.
1 - زَاد الْمعَاد لِابْنِ الْقيم (1/2) .
هَذِه الْكَلِمَة هِيَ الفارقة بَين الْكفْر وَالْإِسْلَام، وَهِي كلمة التَّقْوَى. والعروة الوثقي وَهِي الَّتِي جعلهَا إِبْرَاهِيم {كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} 1. وَهِي الَّتِي شهد الله بهَا لنَفسِهِ وَشهِدت بهَا مَلَائكَته وألوا الْعلم من خلقه، قَالَ تَعَالَى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إلاّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلاّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} 2. وَهِي كلمة الْإِخْلَاص وَشَهَادَة الْحق، ودعوة الْحق، وَبَرَاءَة من الشّرك، ولأجلها خلق الْخلق كَمَا قَالَ تَعَالَى:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلاّ لِيَعْبُدُونِ} 3. ولأجلها أرْسلت الرُّسُل وأنزلت الْكتب، كَمَا قَالَ: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إلاّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إلاّ أَنَا فَاعْبُدُونِ} 4.
1 - من الْآيَة (28) من سُورَة الزخرف.
2 -
سُورَة آل عمرَان الْآيَة (18) . وَأنْظر مَجْمُوعَة التَّوْحِيد (105 - 167) .
3 -
سُورَة الذاريات الْآيَة (56) .
4 -
سُورَة الذاريات الْآيَة (56) .
وَقَالَ تَعَالَى: {يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إلاّ أَنَا فَاتَّقُونِ} 1.
قَالَ ابْن عُيَيْنَة: مَا أنعم الله على عبد من الْعباد نعْمَة أعظم من أَن عرفهم لَا إِلَه إِلَّا الله. وَإِن لَا إِلَه إِلَّا الله لأهل الدُّنْيَا2، فَمن قَالَهَا عصم مَاله وَدَمه، وَمن أَبَاهَا فَمَاله وَدَمه هدر، فَفِي الصَّحِيح عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ:" من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله وَكفر بِمَا يعبد من دون الله حرم مَاله وَدَمه وحسابه على الله"3. وَهِي أول مَا يطْلب من الْكفَّار عِنْدَمَا يدعونَ إِلَى الْإِسْلَام فَإِن النَّبِي صلى الله عليه وسلم لما بعث معَاذًا إِلَى الْيمن قَالَ لَهُ: "إِنَّك تَأتي قوما من أهل الْكتاب فَلْيَكُن أول مَا تدعوهم إِلَيْهِ شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله " الحَدِيث أَخْرجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ4.
1 - سُورَة النَّحْل الْآيَة (2) .
2 -
كلمة الْإِخْلَاص لِابْنِ رَجَب ص 52 - 53.
3 -
رَوَاهُ مُسلم فِي الْإِيمَان برقم (23) .
4 -
رَوَاهُ البُخَارِيّ (3/255) . وَمُسلم فِي الْإِيمَان برقم (19) .