الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسلم وغيره: "أنه قدم مكة، فاجتمع بالنبي صلى الله عليه وسلم في أول بعثته فأخبره أن الله بعثه بأن يعبد الله وحده ولا يشرك به شيء، وغير ذلك مما هو مذكور في الحديث من نفي عبادة الأوثان والأمر بمكارم الأخلاق، فقال له عمرو: من معك على هذا؟ قال: حر وعبد ومعه يومئذ أبو بكر وبلال، فما زال الحق يزيد بزيادة من قبله ودخل فيه حتى أكمل الله لهذه الأمة الدين وأتم عليهم النعمة، وقد قال هرقل لأبي سفيان لما سأله عن أتباع النبي صلى الله عليه وسلم: أيزيدون أم ينقصون؟ قال: بل يزيدون، قال هرقل: وكذلك أتباع الرسول، وبهذه المشابهة يتحقق المنصف أن هذا الدين الذي دعا إليه هو الحق، وأنه هو الذي دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم كما دلت عليه الآيات المحكمات التي لا يخفى معناها إلا على من عميت بصيرته وفسدت سريرته، فتأمل حماية الله ونصره لمن قبل هذه الدعوة ونصرها على ضعف منهم في الحال وقلة من العدد والرجال مع كثرة من خالفهم من قريب وبعيد وكثير وقليل مع الكيد الشديد، فأبطل الله كيدهم وصارت الغلبة للحق وأهله ومحق الله الباطل وأهله.
المقام الثالث:
وفيه حجة أيضاًَ ومعتبر ودليل على صحة هذا الدين ومدكر لمن عقل وافتكر، وذلك أن الذين أنكروا هذه الدعوة من الدول الكبار والشيوع وأتباعهم من أهل القرى والأمصار أجلبوا على عداوة هذا العدد القليل في حال تخلف الأسباب عنهم وفقرهم فرموهم عن قوس العداوة من أهل نجد دهام بن دواس المتقدم وابن زامل وآل بجاد أهل الخرج، ومحمد بن راشد راعي الحوطة وتركي الهزاني وزيد ومن والاهم من الأعراب والبوادي، كذلك العنقري في الوشم ومن تبعه وشيوخ قرى سدير والقصيم وبوادي نجد وابن حميد ملك الإحساء ومن تبعه من حاضر وباد، وكلهم تجمعوا لحرب
المسلمين مرارا عديدة مع عريعر وأولاده منها نزولهم على الدرعية وهي شعاب لا يمكن تحصينها بالأبواب والبناء، وقد أشار إلى ذلك العلامة حسين بن غنام رحمه الله حيث يقوله:
وجاؤا بأسباب من الكيد مزعج، مدافعهم يزجي الوحوش رنينها، فنزلوا البلاد واجتمع من اجتمع من أهل نجد حتى من يدعي أنه من العلماء، ولما قيل لرجل منهم وهو من أمثل علمائهم وعقلائهم كيف أشكل عليكم أمر عريعر وفساده وظلمه، وأنتم تعينونه وتقاتلون معه، فقال: لو أن الذي حاربكم إبليس كنا معه، والمقصود أن الله تعالى رد لهم بغيضهم لم ينالوا خيرا، وحمى الله تلك القرية فلم يشربوا من آبارها وأما وزير العراق فمشى مراراً عديدة بما يقدر عليه من الجنود والكيد الشديد وأجرى الله تعالى عليهم من الذل ما لا يخطر ببال قبل أن يقع بهم ما وقع من ذلك أن ثويني في مرة من المرار مشى بجنوده إلى الإحساء بعدما دخل أهلها في الإسلام في حال حداثتهم بالشرك والإضلال، فلما قرب من تلك البلاد أتاه رجل مسكين لا يعرف من غير ممالات أحد من المسلمين فقتله فمات فنصر الله هذا الدين برجل لا يعرف، وذلك مما به يعتبر فانفلت تلك الجنود وتركوا ما معهم من المواشي والأموال خوفاً من المسلمين ورعباً فغنمها من حضر، وقد قال الشيخ حسين بن غنام في ذلك.
تقاسمتم الإحساء قبل منالهاه
…
فللروم شطر والبوادي لها شطر
ثم جددوا أسباباً لحرب المسلمين، وساروا بدول عظيمة يتبع بعضها بعضها وكيد عظيم فنزولوا الإحساء وقائدهم علي كيخيا فتحصن من ثبت على دينه في الكوت وثغر صاهود فنزل بهم وصار يضربهم بالمدافع والقنابل وصفر اللغوب، فأعجزه الله ومن معه ممن ارتد عن الإسلام فولى مدبرا