المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[[نشأة علم التفسير وتوسعه]] - التفسير الميسر - المقدمة

[مجموعة من المؤلفين]

الفصل: ‌[[نشأة علم التفسير وتوسعه]]

فالقرآن العظيم منجاة لكل مسلم يستبصر بآياته، ويتعظ بمواعظه وأمثاله، ويقف عند حلاله وحرامه، ويستجلي العبرة من أخباره وقصصه؛ مما يزكي بذلك نفسه، ويثبِّت التوحيد في قلبه، ويغرس فيه خشية الله، ويزيل أسباب الكفر والفسوق والعصيان، ويجعل المجتمع كلَّه كالصف الواحد.

[[نشأة علم التفسير وتوسعه]]

وقد يسَّر الله تبارك وتعالى ألفاظه للتلاوة والحفظ، ومعانيه للفهم والتدبر، فقال:{وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} [القمر: 17] .

وبيَّن النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه معانيه كما بيَّن لهم ألفاظه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في «أصول التفسير» :«يجب أن يُعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم بيَّن لأصحابه معاني القرآن، كما بيَّن لهم ألفاظه، فقوله تعالى: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44] يتناول هذا وهذا» . وظلَّ الصحابة رضوان الله عليهم يرجعون إلى النبي صلى الله عليه وسلم في فهم ما يُشكل عليهم من معاني الآيات.

وبعد أن انقضى عهد الصحب الكرام، برز عدد من أعلام التابعين تتلمذوا عليهم، وأخذوا عنهم تفسير كتاب الله، وزادوا عليه ما استنبطوه وفهموه بأنفسهم مما كان غامضاً على الناس في عصرهم.

وما زال علم التفسير في تَوَسُّع حتى تجمَّع منه الشيء الكثير، وبدأت تتضح معالم مدارسه باتجاهاتها المختلفة، وبدا بروزها مواكبةً لمرحلة التدوين للعلوم.

ومن أهمِّ مدارس التفسير: التفسير بالمأثور، ويشمل ما جاء في القرآن نفسه من البيان والتفصيل لبعض آياته، وما نُقل عن الرسول

- د -

ص: 6

صلى الله عليه وسلم، وما نُقل عن صحابته رضوان الله عليهم الذين شهدوا التنزيل، وعرفوا التأويل، وما نُقل عن التابعين الذين نهلوا من مدرسة النبوة عن الصحابة المفسرين النابغين.

ومن أهم كتب التفسير بالمأثور: «جامع البيان» للطبري المتوفى سنة (310 هـ) ، وهو من أجلِّ التفاسير وأعظمها قدراً، كما يصفه شيخ الإسلام ابن تيمية في فتاواه، وكتاب «معالم التنزيل» للبغوي المتوفى سنة (516 هـ) ؛ لأنه تحرَّى الصحة في معظم ما ذكر من الأقوال والروايات، وتفسير الحافظ ابن كثير المتوفى سنة (774 هـ) ، وهو من أجلِّ التفاسير وأعظمها نفعاً.

وقد شهد تدوين التفسير مرحلة جديدة، وهي مرحلة التفاسير التي يغلب عليها الطابع الاجتهادي لعلماء برعوا في مجالات مختلفة من العلوم، فكان منهم من يقتصر في تفسيره على العلم الذي يغلب عليه، فالفقيه يسرد المسائل الفقهية ويفرِّع عليها فروعاً كثيرة، والإخباري يهتم بإيراد القصص، والنحوي يبرز الصناعة النحوية، وصاحب البلاغة يظهر الجانب البلاغي والإعجاز البياني، وهكذا.

وكان منهم من جمع في تفسيره عدَّة علوم لها تعلُّق بالقرآن الكريم، وبعض هؤلاء المفسرين من أهل السنة والجماعة، وبعضهم من غيرهم من ذوي المعتقدات المبتدعة.

ومع تنوُّع اتجاهات التفسير -بعد عصر الصحابة- فُسِّر القرآن الكريم بآراء تخالف ما صحَّ من تفسيره، أو تُصادم قواعد التفسير وأصوله، ووقع الخطأ في تفسير كلام الله تعالى ممَّا أدى إلى البعد عن هداية القرآن وإعجازه.

- هـ -

ص: 7