الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(أخلاقه صلى الله عليه وسلم في القرآن)
تفضل الله تعالى على خليله محمد صلى الله عليه وسلم بتوفيقه للاتصاف بمكارم الأخلاق وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم، ثم أثنى عليه ونوه بذكر ما يتحلى به من جميل الصفات في آيات كثيرة من كتاب الله العزيز أقتصر على إيراد بعضها من ذلك قوله تعالى:{وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} فقد أخبر سبحانه في هذه الآية الكريمة عما كان عليه المصطفى من أخلاق فاضلة ووصف خلقه صلى الله عليه وسلم بأنه عظيم، وأكد ذلك بثلاثة أشياء بالأقسام عليه بالقلم وما يسطرون، وتصديره بأن، وإدخال اللام على الخبر، وكلها من أدوات تأكيد الكلام، وذلك الخلق العظيم الذي كان عليه صلى الله
عليه وسلم ورد تفسيره عن السلف الصالح بعبارات متقاربة، ففسره ابن عباس رضي الله عنه بأن الدين العظيم وهو دين الإسلام وبهذا التفسير فسره أيضا مجاهد والسدي والربيع بن أنس والضحاك وغيرهم، وفسره الحسن بأنه آداب القرآن، وفي الصحيحين وغيرهما عن عائشة رضي الله عنه أنها سئلت عن خلقه صلى الله عليه وسلم فقالت:"كان خلقه القرآن" ومعنى ذلك أن امتثال ماأمره الله به واجتناب ما نهاه عنه في القرآن وصار له خلقا وسجيه، وقد أشارت عائشة رضي الله عنها إلى ما يوضح هذا المعنى في حديث آخر متفق على صحته وهو أنها قالت:"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه: "سبحانك اللهم وبحمدك اللهم أغفر لي" يتأول القرآن أي كان يدعوا بهذا الدعاء امتثالا لما أمره الله به في
سورة النصر في قوله: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْه..} .
وقد نوه سبحانه بما جبل نبيه عليه صلى الله عليه وسلم من الرحمة والرأفة بالمؤمنين والحرص على ما ينفعهم في دينهم وأخراهم، والتألم من كل ما يشق عليهم بقوله سبحانه ممتنا على المؤمنين بإرساله:{لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} وقال: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ} ، وقال:{وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ} . وأشار سبحانه إلى ما اتصف به صلى الله عليه وسلم من اللطف والرفق بأمته بقوله تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ
لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِك} . أما ما اتصف به صلى الله عليه وسلم من النصح والأمانة والقيام بأداء الرسالة على الوجه الذي أراده الله فقد ذكره سبحانه بقوله: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَاّ وَحْيٌ يُوحَى} . ويقول تعالى يعني محمدا صلى الله عليه وسلم: {وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ} وفيها قراءتان -بالظاء - والمراد به المتهم، وبالضاد والمراد به البخيل، وكلا هذين منفي عنه صلى الله عليه وسلم فليس هو - متهم بكتمان ما أرسله الله به وليس ببخيل بما أنزل الله عليه بل يبذله لكل أحد-.