الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وغير ذلك، فهذه أسماء لا تنبئ عن مقصود السورة ولكنها كالشّامة والسّمة تتميز بها مسمياتها، وكانت العرب تسمي الرجال والأشياء هكذا، كالملتمس وتأبَطّ شراً، وهكذا المنطقي يميز المعاني بعرض خاص ليس في شيء من حقيقة المعنى.
الثالث:
تسميتها بلفظ يخبر عن بعض المعاني العظيمة كتسمية سورة النور لاشتمالها على آية النور وتسمية سورة آل عمران، وسورة النساء، وسورة إبراهيم وسورة يونس، وكثير من الأسماء على هذا الأسلوب.
الرابع:
تسمية السورة بما ينبئ عن المقصد الذي تبنيت له السورة، ضمنها تسمية الفاتحة بصورة الصلاة وتسمية براءة بني إسرائيل وسورة محمد بسورة القتال وسورة الإخلاص والمعوذتين، فهذا الوجه الرابع يخبر عن فهم من سمّى السورة به، فلو سموا كل سورة على هذا الوجه لظهر نظام السور لكل متوسم. هذا فإن حصر موضوع السورة في اسمها ربما يؤدي إلى تكلف، إذا كان الاسم من الأنواع الثلاثة التي ذكرها الفراهي، ولا شك أن هذا الخلاف في تعيين موضوع السورة ينعكس على إدراك مناسبات آياتها، ومن ثم يكون اختلاف كبير في وجهات النظر.
رأي دراز والفراهي
…
مع دراز والفراهي:
لا شك أن ما ذهب إليه الدكتور دراز، والمعلم الفراهي، يبدو أنه أقرب للصواب وأدنى من الحكمة، لما قدما من أدلة قوية مقنعة، ولما وضعاه من الأصول والمعالم التي تهدي إلى المناسبة المعقولة، والتي تبعد عن التكلف والتعسف وذلك كما سيأتي معنا فيما بعد، وقد بلغ الأمر عند الفراهي مرتبة اليقين حتى أنه يقول: ((وكيف يشك فيه من وجد مَسّ برده، وشم ريح ورده، وتمتع
بنسيم عرار نجده، ولكنه من لم يذق فإن ارتاب فلا تثريب عليه)) ومع ذلك يبدو أن هذا الاتجاه على أهميته _ وبالرغم من الجهود التي بذلها في توضيح رأيه وإقامة الحجج والبراهين المقنعة _ لم يستطع أن يعبد الطريق أمام الباحثين فما زالت هناك صعوبات كثيرة وعقبات كبيرة، تحتاج إلى مواصلة الجهد ومعودة الدرس. إننا نتعاطف مع هذه الفكرة ونشعر شعورا قويا وغامضا بصحتها، ولكن تحقيقها في عالم الواقع ليس بالأمر الهين اليسير ودون ذلك، أشواك ومشتقات حتى يستوي النظام على سوقه، ويرتفع بنيانه على قواعد علمية محددة، وقد لا يستطيع ذلك إلا أفذاذ من الناس ممن وهبوا حياتهم ووقتهم لمطالعة كتاب الله ودراسته وآتاهم الله فهما وحكمة ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا.