المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ولي على كلا الشيخين ملاحظات: - منهج الأشاعرة في العقيدة - تعقيب على مقالات الصابوني

[سفر الحوالي]

الفصل: ‌ولي على كلا الشيخين ملاحظات:

دَعْوَى وأطرحها للمناقشة وَأَقْبل بِكُل سرُور من يُدْلِي بوجهة نظره فِيهَا.

فَمن وَاقع إسلامي وتخصصي رَأَيْت أَن أَقُول كلمة عَسى الله أَن ينفع بهَا، - وَيعلم الله أنني لَو لم أشعر أَن قَوْلهَا وَاجِب ضَرُورِيّ لما سطرتها - وَلَكِن الْمَوْضُوع أكبر من أَن يسكت عَلَيْهِ أَو يجامل فِيهِ.

‌ولي على كلا الشَّيْخَيْنِ ملاحظات:

(1)

أما الصَّابُونِي فَلَا يؤسفني أَن أَقُول: إِن مَا كتبه عَن عقيدة السّلف والأشاعرة يفْتَقر إِلَى أساسيات بدائية لكل باحث فِي العقيدة، كَمَا أَن أسلوبه بعيد كثيرا عَن الْمنْهَج العلمي الموثق، وَعَن الأسلوب المتعقل الرصين.

وَقد استبشرت بِالْبَيَانِ الْأَخير خيرا وحسبته بَيَان رُجُوع وَبَرَاءَة فَإِذا هُوَ بَيَان إِصْرَار وتوكيد.

ونظراً لكَونه لَيْسَ إِلَّا جُزْءا من تيار بدعيٍّ يُرَاد لَهُ اكتساح الْأمة. ونظراً لتعرضه لقضايا بَالِغَة الخطورة تحْتَاج إِلَى بحث مستفيض لَا تسعه المقالات الصحفية فَسَوف

ص: 6

أرجئ الْكَلَام عَنهُ إِلَى حِين يَتَيَسَّر لي بِإِذن الله إِخْرَاج الرَّد فِي الصُّورَة الَّتِي أَرَاهَا.

وَليكن مَعْلُوما أَن هَذَا الرَّد الْمَوْعُود لَيْسَ مَقْصُودا بِهِ الصَّابُونِي وَلَا غَيره من الْأَشْخَاص، فَالْمَسْأَلَة أكبر من ذَلِك وأخطر، إِنَّهَا مَسْأَلَة مَذْهَب بدعي لَهُ وجوده الواقعي الضخم فِي الْفِكر الإسلامي حَيْثُ تمتلئ بِهِ كثير من كتب التَّفْسِير وشروح الحَدِيث وَكتب اللُّغَة والبلاغة وَالْأُصُول فضلا عَن كتب العقائد والفكر، كَمَا أَن لَهُ جامعاته الْكُبْرَى ومعاهده المنتشرة فِي أَكثر بِلَاد الْإِسْلَام من الفلبين إِلَى السنغال.

وَقد ظَهرت فِي الآونة الْأَخِيرَة محاولات ضخمة متواصلة لترميمه وتحديثه تشرف عَلَيْهَا هيئات رسمية كبرى ويغذوها المستشرقون بِمَا ينبشونه من تراثه وَيخرجُونَ من مخطوطاته.

وَلِهَذَا وَجب على كل قَادر أَن يبين لأمته الْحق وَينْصَح لَهَا مهما لَقِي، فإنّ مِمَّا كَانَ يُبَايع عَلَيْهِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَصْحَابه النصح لكل مُسلم وَأَن يَقُولُوا الْحق لَا تأخذهم فِيهِ لومة لائم.

ص: 7

أما فَضِيلَة الشَّيْخ الفوزان فقد أحسن إِلَى (الْمُجْتَمع) وقرَّائها بِتِلْكَ الْمقَالة الْقيمَة، فقد عرض فِيهَا - على قصرهَا - حقائق أصولية مركزة فِي أسلوب علمي رصين.

وَله الْعذر كل الْعذر؛ إِذا لم يسْتَوْف الرَّد على الصَّابُونِي وَبَيَان التناقضات الَّتِي هِيَ سمة من سمات الْمنْهَج الْأَشْعَرِيّ نَفسه؛ لِأَن الْمَوْضُوع أكبر من أَن تحيط بِهِ مقَالَة صحفية.

وَلِهَذَا رَأَيْت من واجبي أَن أضيف إِلَى مَا كتبه فضيلته مستدركاً مَا لا يجوز تَأْجِيله إِلَى ظُهُور الرَّد المتكامل:-

أَولا: فَاتَ فضيلته أَن يرد على الصَّابُونِي فِيمَا عزاهُ إِلَى شيخ الْإِسْلَام - مكرراً إِيَّاه - من قَوْله: "الأشعرية أنصار أصُول الدّين، وَالْعُلَمَاء أنصار فروع الدّين ".

وَلَعَلَّ الشَّيْخ وثق فِي نقل الصَّابُونِي، مَعَ أَن الصَّابُونِي - على مَا أرجح - أول من يعلم بطلَان نِسْبَة هَذَا الْكَلَام لشيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية، ولغة الْعبارَة نَفسهَا لَيست من أسلوب شيخ الْإِسْلَام، والغريب حَقًا أَنه أعَاد هَذَا الْعزو فِي بَيَانه الْأَخير بِالْعدَدِ 646 مؤكداً إصراره على التمويه والتدليس.

ص: 8

وَأَنا أطلب من كل قَارِئ أَن يُرَاجع النَّص فِي ج4 ص 16 من مَجْمُوع الْفَتَاوَى ليجد بِنَفسِهِ قبل تِلْكَ الْعبارَة نَفسهَا كلمة (قَالَ) فَالْكَلَام محكي مَنْقُول وقائله هُوَ الْمَذْكُور فِي أول الْكَلَام - آخر سطر من ص 15 - حَيْثُ يَقُول شيخ الْإِسْلَام:

"وَكَذَلِكَ رَأَيْت فِي فَتَاوَى الْفَقِيه أبي مُحَمَّد فَتْوَى طَوِيلَة

قَالَ فِيهَا: " إِلَى أَن يَقُول:

"قَالَ: وَأما لعن الْعلمَاء الْأَئِمَّة الأشعرية فَمن لعنهم عزّر وعادت اللَّعْنَة عَلَيْهِ

وَالْعُلَمَاء أنصار فروع الدّين والأشعرية أنصار أصُول الدّين.

"قَالَ: وَأما دُخُولهمْ النَّار

" الخ

وفى آخر هَذِه الْفَتْوَى نَفسهَا يَقُول شيخ الْإِسْلَام (ص 158 - (159)، وَانْظُر أَيْضا 156). "وَأَيْضًا فَيُقَال هَؤُلَاءِ الْجَهْمِية الكلامية كصاحب هَذَا الْكَلَام أبي مُحَمَّد وَأَمْثَاله كَيفَ تدعون طَريقَة السّلف وَغَايَة مَا عِنْد السّلف أَن يَكُونُوا متابعين لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم؟).

ص: 9