الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
د- ومنها ما هو بالفرج .. إلخ.
وكذلك انتهاك الأوامر الإسلامية وعدم امتثالها (أي شامل لأصناف كثيرة).
أ- منها ما هو من أفعال القلب كالكِبْر والعُجْب والحسد والرياء ونحو ذلك.
ب- ومنها ما هو من أفعال اللسان، ككلمة الكفر، وكالغيبة والنميمة ونحو ذلك.
ج- ومنها ما هو من أفعال اليد، وهو جميع أنواع البطش باليد فيما لا يجيزه الشرع الكريم، كالقتل والسرقة ونحو ذلك.
د- ومنها ما هو من أفعال الفروج، كالزنا واللواط .. إلخ، وهو واضح.
وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر المتفق عليه أن الدعائم العظام
والأركان الكبار التي بُني عليها التشريع السماوي خمس وهي:
* شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله.
* وإقام الصلاة.
* وإيتاء الزكاة.
* والحج.
* وصوم رمضان.
أ- أما الشهادتان، فهما متضمنتان لكل ما يجب اعتقاده في الله جل وعلا وفي رسوله صلى الله عليه وسلم، وما يجب لله جل وعلا من الحقوق الخاصة به وما يجب للرسول صلى الله عليه وسلم. كما هو مفصل في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
ب- وأما الصلاة. فهي أعظم دعائم الإسلام بعد الشهادتين، وقد فرضها الله على نبيه فوق سبع سماوات ليلة الإسراء والمعراج، وقد جعلها دون غيرها من الأركان يتكرر رجوعها في كل يوم وليلة خمس مرات لعظم شأنها؛ لأن المصلي يقوم في اليوم والليلة خمس مرات يناجي خالق السموات والأرض، ومناجاته جل وعلا تستلزم أقوالًا وأفعالًا لائقة بذلك المقام.
ولذلك علمه الله جل وعلا في أعظم سورة من كتابه وهي (الفاتحة) التي هي السبع المثاني والقرآن العظيم علمه فيها كيف يناجي خالق السموات والأرض بما هو لائق به وعلمه كيف يسأل ربه حاجته، فأوجب عليه أن يبتدئَ قراءته بقوله:{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة: 2 - 4]. فحمد ربه وأثنى عليه بجميل صفاته، ومجَّدَه ووحَّده في ربوبيته بقوله:{رَبِّ الْعَالمِينَ} [الفاتحة: 2] وفي أسمائه وصفاته بقوله: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} ثم علمه توحيده في عبادته بقوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} لأن معناه لا نعبد إلا إياك وحدك؛ لأن تقديم المعمول يدل على الحصر كما هو مقرر في الأصول والمعانى. وعلمه الاستعانة بربه وإظهار الضعف والعجز بين يديه بقوله: {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} .
ولما أثنى على ربه بما علمه أحسن ثناء، وخضع له به أكمل
خضوع، وأفرده بالعبادة والقصد وأخلص له في ذلك أكملِ إخلاص= علَّمَه كيف يسأله جل وعلا حاجته بقوله:{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيهِمْ} .
وهذا الدعاء القرآني شامل لخير الدنيا والآخرة. وقد ثبت في "صحيح مسلم" من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ما لفظه:
"فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله تعالى: قسمتُ الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل فإذا قال العبد: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالمِينَ (2)} قال الله: حمدني عبدي وإذا قال: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} قال الله تعالى: أثنى علي عبدي. وإذا قال: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}. قال: مجدني عبدِي. وقال مرة: فوَّض إليَّ عبدي. فإذا قال: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5)} قال: هذا بيني وبين عبدي ولعبدِي ما سأل. فإذا قال: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيهِمْ غَيرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)}. قال: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل".
فيكفي المصلي شرفًا وعلوًا ونبلًا لما يرجو من خير الدنيا والآخرة أن الله جل وعلا قسم هذا الركن الأعظم من أركان الإسلام بينه جل وعلا وبين المصلي. فما أعظم شأنها من قسمة! وقد وعَدَه أن له ما سأل، وهو جل وعلا لا يخلف وعده.
ج - وأما الصوم، ففيه رياضة عظيمة للنفوس وإعانة عظيمة على تقوى الله تعالى، كما أشار جل وعلا إلى ذلك في قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ
تَتَّقُونَ (183)} [البقرة: 183]. فقوله {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183)} بعد قوله: {كُتِبَ عَلَيكُمُ الصِّيَامُ} دليل واضح على ذلك. وقد زاده النبي صلى الله عليه وسلم إيضاحًا بقوله: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أحصن للفرج وأغض للبصر. ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وِجَاء".
د- وأما الحج، فقد أشار الله لبعض فوائده بقوله: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ
…
} [الحج: 28] وضرب بعض العلماء له مثلًا فقال -ولله المثل الأعلى-: إن مَلِك الملوك وهو الله جل وعلا عيَّن بيتَه في مكة المكرمة -حرسها الله تعالى- وبقية مواضع النُّسُك كعرفات ومزدلفة ومنى للوفود، يَفِدُون إليه في تلك الأمكنة، فيرفعون إليه حوائجهم فيقضيها. فالحجيج كأنهم الوافدون إلى الملك الحق لِيُحْسِن وفادتهم ويعطيهم أسنى الجوائز وأعظمها، كما قال تعالى:{لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ} . وقال صلى الله عليه وسلم: "والحج المبرور ليس له جزاءٌ إلا الجنة". وقال: "من حجَّ فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه".
ومن حكمة اجتماع المسلمين من أقطار الدنيا كل سنة؛ ليتعارفوا ويستفيد بعضُهم من بعض، ويتبادلون الرأي في حل مشاكلهم، إلى غير ذلك.
هـ - وأما الزكاة، فهي مواساة كريمة للفقراء والمحاويج، أشار الله تعالى إلى بعض فوائدها بقوله:{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة: 103]. وإنما أشرنا إلى حكم هذه الأركان إشارة خاطفة؛ لأن المقام لا يتسع للبسط فيها، ولا يخفى أن الركن الأكبر الذي هو توحيد الله بأنواعه، المستلزم إفراده بالعبادة وحده= هو