الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عملنا في الكتاب
1 -
تحقيق النص وتصحيح بعض الأخطاء التي وقعت في المخطوطة وأحيانا نشير الى ذلك في التعليق وأحيانا لم نشر.
2 -
بيان مكان الحديث في المصدر الذى ذكره الحافظ إن كان متوفرًا لدينا سواء أكان مطبوعًا أم مخطوطًا.
3 -
ربما زدنا في التخريج من مصادر أخرى.
4 -
التنبيه على بعض الأوهام الذي وقع للحافظ في التخريج.
والكتاب ذكره حاجي خليفة في كشف الظنون (2/ 856) فقال عند الكلام على مختصر ابن الحاجب، وخرّج الشيخ شهاب الدين أحمد بن علي بن حجر العسقلاني أحاديثه ووقع املاؤه في مجلدين.
وقد سبق الحافظ ابن حجر في تخريجه لأحاديث مختصر ابن الحاجب جماعة من العلماء إلا أنها كلها مختصرة ومتوسطة:
1 -
تحفة الطالب بمعرفة أحاديث ابن الحاجب للحافظ ابن كثير. طبع بتحقيق الشيخ عبد الغني الكبيسي، نشرته دار حراء بمكة المكرمة.
2 -
المعتبر في تخريج أحاديث المنهاج والمختصر للحافظ بدر الدين الزركشي المتوفى سنة 794. طبع بتحقيق الشيخ حمدي عبد المجيد السلفي.
3 -
تخريج لسراج الدين ابن اللقن المتوفى سنة 804 هـ مخطوط نسخة منه في مكتبة داماد ابراهيم التابعة لمكتبة السليمانية - اسطنبول.
4 -
تخريج للحافظ محمد بن عبد الهادي وهو من تلامذة شيخ الإِسلام ابن تيمية. ذكره في كشف الظنون (2/ 1856) واللَّه الموفق.
حمدي عبد المجيد السلفي. . . صبحي السامراني
بغداد في 10 رمضان 1407 هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد للَّه الذي [رفع] لمن أيد قصده سندًا معتبرًا، وأشهد أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له شهادة محققة [علمًا ونظرًا، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الذي ساد البرية] خُبْرًا وخَبَرًا، [و] صلى اللَّه عليه وعلى آله وصحبه الذين سلكوا في إدراك المعالي طريقا مختصرًا.
أما بعد فقد عزمت على تخريج الأخبار والآثار الواقعة في المختصر الأصلِى للإِمام أبي عمرو بن الحاجب رحمه الله على ترتيبه، وأنبه في [على] كل حديث منها بعد إملائه على تحريره وتهذيبه، واللَّه الكَريمَ أَسْأَلُ أن ينفع بذلك، ويهدينا الصراط المستقيم إذا تعددت المسالك.
قوله في تعريف الفقه (وإن كان الجميع لم ينعكس لثبوت لا أدري).
قلت: وردت هذه اللفظة في أخبار مرفوعة وآثار موقوفة.
فمن المرفوع ما قرأت على أم يوسف البعلبكية عن أبي نصر بن الشيرازي أنا عبد الحميد بن عبد الرشيد أنا أبو العلاء الهمداني قال: أخبرنا أبو علي الأصبهاني أنا أبو نعيم أنا الطبراني في الأوسط نا محمد بن نوح بن حرب نا محمد بن خالد بن خداش ثنا عبيد بن واقد القيسي عن عمر بن عمارة الأزدي [الأبيدي] نا محمد بن عبيد [عبد] اللَّه عن أنس بن مالك قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لجبريل: "أيُّ الْبِقَاعِ خَيْرٌ؟ " قال: لا أدري، قال:"فَسَلْ رَبَّكَ عَنْ ذَلِكَ" قال: فبكى جبريل عليه السلام، وقال:[يا محمد] أَوَلَنَا أن نسأله إلَّا إذا شاء؟ [هو الذي يخبرنا بما شاء] ثم عرج إلى السماء، ثم أتاه فقال: خير البقاع بيوت اللَّه [في الأرض] قال: "فَأَيُّ الْبِقَاعِ شَرٌّ؟ " فعرج إلى السماء، ثم أتاه فقال: شر البقاع الأسواق (1).
(1) رواه الطبراني في الأوسط (ص 165 مجمع البحرين) قال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 6) وفيه عبيد بن واقد الليثي، وهو ضعيف.
وبه إلى الطبراني قال: لم يروه عن عمار بن عمارة، وهو أبو القاسم صاحب الزعفراني إلا عبيد بن واقد.
قلت: وهو ضعيف.
وله طريق أخرى عن أنس عند ابن مردويه في تفسير سورة مريم، وساقه أخصر من هذا، وفي إسناده زياد النميري، وهو ضعيف أيضا (1).
لكن للحديث شاهد جيد عن جبير بن مطعم.
أخبرني أبو محمد عبد اللَّه بن خليل الحرستاني أنا أحمد بن محمد بن معافى [معالي] أنا محمد بن إسماعيل الخطيب عن فاطمة بنت سعد الخير سماعا قالت: أنا زاهر بن طاهر أنا محمد بن عبد الرحمن أنا أبو عمرو بن حمدان أنا أبو يعلى ثنا أبو خيثمة ثنا أبو عامر (ح).
وقرأته عاليا على فاطمة بنت محمد بن قدامة عن محمد بن عبد الحميد أنا إسماعيل بن عبد القوي قال: قرئ على فاطمة بنت سعد الخير وأنا أسمع عن فاطمة الجوزذانية حضورا وإجازة قالت: أنا أبو بكر بن ريذة أنا الطبراني في الكبير ثنا حفص بن عمر الرقي ثنا أبو حذيفة قالا: ثنا زهير بن محمد (ح).
وبه إلى الطبراني ثنا عمر بن حفص السدوسي ثنا عاصم بن علي ثنا قيس بن الربيع كلاهما عن عبد اللَّه بن محمد بن عقيل عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه رضي الله عنه أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أي البلاد شر؟ قال: "لَا أَدْرِي حَتَّى أَسْأَلَ" فسأل جبريل عن ذلك فقال: لا أدري حتى أسأل ربي، فانطلق فلبس ما شاء اللَّه، ثم جاء، فقال: إني سألت ربي عن ذلك؟ فقال: شر البلاد الأسواق (2).
(1) هو زياد بن عبد اللَّه النميري ذكره ابن حبان في كتاب المجروحين (1/ 306) وقال: منكر الحديث، يروي عن أنس أشياء لا تشبه حديث الثقات، لا يجوز الإِحتجاج به، تركه يحيى بن معين. ومع هذا ذكره في الثقات (4/ 255 - 256) وقال: يخطئ.
(2)
رواه أبو يعلى (2/ 348 - 349/ 1) والطبراني في الكبير (1545 و 1546).
هذا حديث حسن أخرجه أحمد عن أبي عامر العقدي، فوقع لنا موافقة له وبدلا عاليا من الطريق الثاني (1).
وأخرجه الحاكم من وجه آخر عن زهير بن محمد، وقال: احتجا برواته إلا ابن عقيل وهو أصل في قول العالم لا أدري (2).
وله شاهد عن ابن عمر.
قرأت على فاطمة بنت المنجا عن سليمان بن حمزة أنا الضياء أنا أبو جعفر الصيدلاني قرئ على فاطمة بنت عبد اللَّه وأنا أسمع عن محمد بن عبد اللَّه الأصبهاني سماعا أنا سليمان بن أحمد ثنا معاذ بن المثنى ثنا أبو الوليد ثنا جرير عن عطاء بن السائب عن محارب دثار عن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "خَيْرُ البِقَاعِ المَسَاجِدُ وَشَرُّ البِقَاعِ الأَسْوَاقُ"(3).
هذا حديث حسن صحيح أخرجه ابن حبان عن أبي خليفة عن أبي الوليد، فوقع لنا بدلا عاليا (4).
ووقع عنده في [أوله] أصل السؤال والجواب بلا أدري، وكذا وقع عند الحاكم أخرجه من طريق إسحاق بن إسماعيل عن جرير (5).
وأصل الحديث عند مسلم من حديث أبي هريرة بغير قصة واللَّه أعلم.
آخر المجلس الأول والخمسين بعد المائة من الأمالي الشهابية وهو الأول من تخريج أحاديث المختصر استملاء زين الدين رضوان ورواية الشيخ برهان الدين بن خضر العثماني ومن خطه نقلت.
(1) رواه أحمد (4/ 481) ورواه أيضًا البزار (1252 كشف الأستار).
(2)
رواه الحاكم (1/ 87 - 88) والخطيب في الفقيه والمتفقه (2/ 170).
(3)
قال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 6) فيه عطاء بن السائب، وهو ثقة، ولكنه اختلط في آخر عمره، وبقيه رجاله موثقون.
(4)
رواه ابن حبان (1590).
(5)
رواه الحاكم (1/ 90 و 2/ 7 - 8) والآجري في أخلاق العلماء (ص 167).
المجلس الثاني من الإِملاء
وكان في يوم الثلاثاء العاشر من شهر ذي قعدة الحرام
أخبرني أبو الفرج بن حماد أنا أبو الحسن بن قريش أنا أبو الفرج الحراني عن أبي الحسن الجمال أنا أبو علي الحداد أنا أبو نعيم أنا أبو بكر الآجري وأبو العباس المرهبي وأبو بكر محمد بن إبراهيم قال الأول نا جعفر الغريابي ثنا يعقوب بن يعقوب نا حاتم بن إسماعيل وأنس بن عياض ومحمد بن فليح وقال الثاني ثنا أبو عمر محمد بن عثمان الوزان ثنا يحيي بن معين ثنا حاتم بن إسماعيل، وقال الثالث: ثنا كهمس بن معمر الجوهري ثنا أبو الطاهر بن السرح نا أنس بن عياض ثلاثتهم عن الحارث بن أبي ذباب عن عبد الرحمن بن مهران عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أَحَبُّ الْبِلَادِ إلى اللَّهِ مَسَاجِدُهَا، وَأبْغَضُ البِلَادِ إِلى اللَّهِ أَسْواقُها".
هذا حديث صحيح غريب من هذا الوجه، أخرجه مسلم عن هارون بن معروف وإسحاق بن موسى كلاهما عن أنس بن عياض، فوقع لنا بدلا عاليا (1).
وأخرجه إبن خزيمة وابن حبان من طرق عن أنس بن عياض (2).
ولم أر له إسنادا عن أبي هريرة إلا هذا، وما هو في مسند أجمد مع كبره، ولم أر في شيء من الطرق فيه القصة التي تقدمت، فلعل أبا هريرة لم يحضرها، لأنه أحفظ من جميع من رواه، والحارث نسب إلى جد جده، وهو ابن عبد اللَّه بن عبد الرحمن بن سعد بن أبي ذباب بضم المعجمة وموحدتين
(1) رواه مسلم (671).
(2)
رواه ابن خزيمة (1293) وابن حبان (1591) والبزار (408).
الأول خفيفة، وفيه وفي شيخه كلام غير قادح، وهما ممن انفرد مسلم باخراج حديثهما عن البخاري، ولكن يقوى حديثهما بالشواهد المذكورة.
وقد وقع لي حديث ابن عمر بسياق آخر أتم منه.
أنبئت عن إسحاق بن يحيى الآمدي وأبي بكر الدشتي ومحمد بن علي بن ساعدة قال كل منهم أنا يوسف بن خالد الحافظ إجازة إن لم يكن سماعا أنا ناصر بن محمد أنا محمد بن حمد أنا إبراهيم بن منظور أنا أبو بكر المقري ثنا أبو يعلى ثنا زهير بن حرب ثنا جرير عن عطاء بن يسار عن محارب عن ابن عمر قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أي البقاع خير؟ قال: "لَا أَدْرِي" قال: فأي البقاع شر؟ قال: "لَا أدْرِي" فجاء، جبريل فسأله، فقال: لَا أدري، قال:"فَسَلْ رَبَّكَ" قال: ما أسأله عن شيء، فانتفض جبريل انتفاضة كاد يَصْعَكُ [يعصق] منها روح محمد، فلما سأل جبريل صلى الله عليه وسلم سأله ربه عز وجل سألك محمد عن البقاع؟ قال نعم، قال: فحدثه أن خيرها المساجد وشرها الأسواق.
وكذا أخرجه ابن عبد البر في كتاب بيان العلم من طريق إسحاق بن إسماعيل عن جرير بطوله (1).
أخبرني أبو المعالي الأزهري أنا أبو العباس المستولي أنا أبو الفرج الجزيري أنا أبو محمد العمري أنا أبو القاسم الشيباني أنا أبو طالب بن غيلان أنا محمد بن عبد اللَّه الشافعي نا منصور بن محمد الزاهد نا محمد بن الصباح حدثتنا أم عمرو بنت حسان عن سعيد هو ابن يحيى بن قيس الطائفي عن أبيه أن إنسانا سأل النبي صلى الله عليه وسلم أي البقاع خير وأيها شر؟ فسكت، فأتاه جبريل فقال: خير البقاع المساجد وشرها الأسواق.
هذا حديث مرسل اعتضد بما تقدم من الشواهد.
(1) رواه ابن عبد البر في الجامع (2/ 62).
ومن الآثار الموقوفة في مجيء لا أدري ما قرأت على علي بن محمد الخطيب عن أبي الفضل بن أبي الطاهر أنا جعفر بن علي أنا السلفي أنا أبو عبد اللَّه الثقفي أنا أبو الحسين بن بشران أنا أبو محمد الصفار ثنا سعدان بن نصر ثنا معمر بن سليمان ثنا عبد اللَّه بن بشر أن علي بن أبي طالب سئل عن مسألة فقال: لا علم لي بها، قال: وأبردها على الكبد سئلت عما لا علم لي به، فقلت: لا أعلم.
هذا موقوف فيه انقطاع. وقد وقع لي من طرق أخرى موصولا.
أخبرني أحمد بن علي بن يحيى بن تميم أنا أحمد بن أبي طالب أنا عبد اللَّه بن عمر أنا أبو الوقت أنا أبو الحسن بن داود أنا أبو محمد بن أعين أنا أبو عيسى بن عمر أنا أبو محمد الدارمي أنا عمر بن عون أنا خالد بن عبد اللَّه عن عطاء بن السائب عن أبي البختري وزاذان قالا: سئل علي رضي اللَّه عن مسألة فذكر نحوه (1).
وبه إلى الدارمي أنا محمد بن حميد نا جرير عن منصور عن مسلم البطين عن غزرة التميمي عن علي بن أبي طالب فذكر نحوه، لكن قال في آخره أن يسأل الرجل عما لا يعلم فيقول: اللَّه أعلم (2).
آخر المجلس الثاني والخمسين بعد المائة من الأمالي الشهابية وهو الثاني من تخريج أحاديث المختصر.
(1) رواه الدارمي (181).
(2)
رواه الدارمي (184).
[المجلس الثالث]
وبالسند الماضى إلى سعدان بن نصر نا معمر بن سليمان نا عبد اللَّه بن بشر أن ابن عمر رضي الله عنهما سئل عن مسألة فقال: لا أدري، ثم قال: هذا واللَّه هو العلم، سئل ابن عمر عما لا يدري فقال: لا أدري.
هذا منقطع بين ابن بشر وابن عمر، وقدر رويناه من طرق أخرى موصولا.
وبالسند الماضى إلى الدارمي أنا فروة بن أبي المغراء أنا علي بن مسهر ثنا هشام بن عروة عن أبيه عن ابن عمر أن رجلا سأله عن مسألة فقال: لا علم لي بها، فلما أدبر الرجل شال ابن عمر: نعم ما قال ابن عمر، سئل عما لا علم له به فقال: لا أعلم (1).
هذا موقوف صحيح، وإسناده على شرط البخاري.
وبه إلى الدارمي نا عبد اللَّه بن مسلمة نا العمري عن نافع أن رجلا سأل ابن عمر فذكر نحوه (2).
أخرجه ابن عبد البر في بيان العلم من طريق ابن وهب عن العمري، فوقع لنا عاليا (3).
أخبرني أبو بكر بن إبراهيم الغرضى أنا عبد اللَّه بن الحسين أنا عثمان بن علي أنا السلفي في كتابه أنا مكي بن منصور أنا أحمد بن الحسن أنا الحسن
(1) رواه الدارمي (185).
(2)
رواه الدارمي (187).
(3)
رواه ابن عبد البر (2/ 65) في هامش الأصل: قلت: هو عبد اللَّه بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، وله أخ اسمه عبيد اللَّه مصغر العمري ثقة، بخلاف المكبر فإنه ضعيف، وحيث أطلق العمري فالمراد به المكبر كما في هذا الإسناد.
أنا علي العقلي ثنا محمد بن يحيى الذهلي (ح).
وأخبرني أحمد بن علي بن يحيى الهاشمي أنا أحمد بن أبي طالب أنا عبد اللَّه بن المظفر في كتابه أنا محمد بن عبد الباقي نا محمد بن علي بن زيد قالا واللفظ للذهلي أنا أحمد بن شبيب نا أبي عن يونس عن ابن شهاب عن خالد بن أسلم قال: خرجنا نمشي مع ابن عمر، فلحقنا أعرابي، فقال: أنت ابن عمر: قال: نعم، قال: سألت عنك فدللت عليك، أخبرني أترث العمة؟ قال: لا أدري، قال: أنت ابن عمر ولا تدري؟ قال: نعم، اذهب إلى العلماء فسلهم، فلما أدبر قَبَّل ابن عمر يديه وقال: نِعْمَ ما قال أبو عبد الرحمن، سئل عما لا يدري، فقال: لا أدري. قال: أخبرني عن قول اللَّه تعالى {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ} الآية قال: من كنزها فلم يؤد زكاتها فويل له، إنما كان هذا قبل أن تنزل الزكاة، فلما نزلت جعلها اللَّه طهرة للأموال، ثم التفت ابن عمر إليَّ وقال: ما أبالي لو كان لي أُحُدٌ ذهبا أعلم عدده أزكيه وأعمل فيه بطاعة اللَّه تعالى.
هذا حديث صحيح أخرجه البخاري مقتصرا على قصة الزكاة عن أحمد بن شبيب (1).
وأخرجه أبو داود في كتاب الناسخ والمنسوخ عن محمد بن يحيى الذهلي، فوقع لنا موافقة عاليه (2).
وأخرجه ابن مردويه في التفسير المسند عن دعلج بن أحمد، فوافقناه بعلو أيضا.
قرأت على فاطمة وعائشة ابنتي محمد بن قدامة أن أحمد بن نعمة أخبرهم عن عبد اللَّه بن عمر أنا أبو الوقت أنا أبو إسماعيل الأنصاري نا الحسن بن محمد نا أبو أحمد الحاكم نا حرمي بن العلاء نا الزبير بن بكار نا
(1) رواه البخاري (1404 و 4661) وابن ماجه (1786).
(2)
انظر فتح الباري (3/ 273).
سعيد بن داود أنا مالك عن داود بن الحصين عن طاووس عن ابن عمر قال: العلم ثلاثة كتاب ناطق وسنة محكمة ولا أدري (1).
هذا موقوف حسن الإسناد أخرجه الدارقطني في غرائب مالك عن المحاملي عن هارون بن محمد عن الزبير بن بكار، فوقع لنا عليا، وأخرجه هو وأبو إسماعيل الأنصاري من وجهين آخرين ضعيفين عن مالك عن نافع عن ابن عمر. قال أبو إسماعيل: رواية سعيد بن داود أشبه بالصواب، وكان مدينا من خيارهم حظيا عند مالك، خصه بأشياء من حديثه.
قلت: وهو من رجال البخاري، أخرج له في المتابعات، وهو صدوق كثير الغرائب.
آخر المجلس الثالث والخمسين بعد المائة وهو الثالث من تخريج أحاديث المختصر.
(1) ورواه ابن عبد البر في بيان العلم (2/ 30) وعنه ابن حزم في الإحكام (8/ 1071) من طريق آخر عن مالك به. ورواه الطبراني في الأوسط (1005) عن حصين عن مالك عن نافع عن ابن عمر. ووقع في الأوسط عمر بن حصين وهو خطأ. ورواه الخطيب في الفقيه والمتفقه (2/ 172) ولكنه عنده "عمر بن عصام" بدل "حصين" ورواه ابن حزم في الإحكام (8/ 1072) لكنه قال: "طاهر بن عصام" ووثقه.
ورواه أبو حذافة -وهو مجهول- عن مالك عن نافع به، علقة ابن عبد البر (2/ 29) ووصله الهروي (58/ 1). فهو أثر ضعيف لم يقوه تعدد الطرق.
والظاهر أن قصد المصنف الحافظ بالطريقين الضعيفين طريق الأوسط وأبي ذر الهروي.
[المجلس الرابع]
قال رضي الله عنه:
وبالسند الماضى إلى أبي إسماعيل الأنصاري ثنا محمد بن جبريل وعلي بن أبي طالب قالا ثنا حامد بن محمد ثنا بشر بن موسى ثنا الحميدي ثنا سفيان بن عيينة حدثني الأعمش أو أخبرت عنه عن مسلم بن صبيح عن مسروق قال قال عبد اللَّه يعني ابن مسعود رضي الله عنه: من علم شيئا فليقل به، ومن لم يعلم فليقل اللَّه أعلم، فإن من علم الترجل أن يقول لما لا يعلم اللَّه أعلم (1).
هذا حديث صحيح أخرجه البخاري في أول حديث طويل مرفوع فيه ذكر الإِستسقاء وغير ذلك عن الحميدي على الموافقة، وأخرجه من طرق أخرى عن الأعمش (2).
وقد وقع لنا من وجه آخر أعلى من هذا.
وبالسند الماضى إلى الدارمي ثنا جعفر بن عون ثنا الأعمش فذكر هذا القدر الموقوف غير أنه قال: فان العالم إذا سئل عما لا يعلم قال اللَّه أعلم (3).
وبه إلى أبي إسماعيل ثنا الحسن بن محمد ثنا محمد بن عبد اللَّه أنا أحمد بن نجدة ثنا سعيد بن منصور ثنا خلف بن خليفة ثنا أبو زيد عن
(1) رواه الحميدي (116) مطولًا.
(2)
رواه البخاري (4693) مختصرًا ليس فيه محل الشاهد عن الحميدي به. ورواه (1007 و 1020 و 4767 و 4820 و 4821 و 4823 و 4824 و 4825) مختصرًا ومطولًا ليس في واحد منها محل الشاهد ورواه (4774 و 4809 و 4822) مطولًا، وفيه محل الشاهد.
(3)
رواه الدارمي (179).
الشعبي قال قال ابن مسعود: إذا سئل أحدكم عما لا يدري فليقل لا أدري، فإنه ثلث العلم.
هكذا جاء في هذه الرواية، وهي منقطعة بين الشعبي وابن مسعود، وقد جاء عن الشعبي أنها نصف العلم.
وبه إلى أبي إسماعيل ثنا محمد بن موسى ثنا الأصم ثنا هارون بن سليمان ثنا عبد الرحمن بن مهدي (ح).
وبه إلى الدارمي ثنا يحيى بن حماد قالا: ثنا أبو عوانة عن مغيرة عن الشعبي قال: لا أدري نصف العلم (1).
وبه إلى الدارمي نا محمد بن أحمد ثنا إسحاق بن منصور ثنا عمر بن أبي زائدة قال: ما رأيت أحدًا أكثر من قول لا أدري إذا سئل من الشعبي (2).
وبه إلى الدارمي ثنا هارون بن معاوية (معروف) ثنا حفص عن أشعث عن محمد بن سيرين قال: ما أبالي إذا سئلت عما أعلم أو عما لا أعلم، لأني إذا سئلت عما أعلم قلت الذي أعلم، وإذا سئلت عما لا أعلم قلت: لا أعلم (3).
وبه إلى الدارمي ثنا مخلد بن مالك ثنا حكام بن سلم عن أبي خيثمة عن عبد العزيز بن رفيع قال: سئل عطاء عن مسألة فقال: لا أدري، فقيل قل فيها برأيك، فقال: إني لأستحصي من اللَّه أن يدان في الأرض برأي (4).
أخبرني عمر بن محمد قرئ على زينب بنت الكمال وأنا أسمع عن عبد الخالق بن أنجب أنا الحافظ أبو بكر الحازمي سماعا عليه في كتاب سلسلة
(1) رواه الدارمي (186).
(2)
رواه الدارمي (134).
(3)
رواه الدارمي (189).
(4)
رواه الدارمي (108) وبهامش الأصل: حكام بفتح الحاء المهملة وتشديد الكاف بعدها ألف ثم ميم ابن سلم بفتح السين وسكون اللام بعدها ميم. هكذا رأيته بخط العلامة برهان الدين بن خضر.
الذهب له أنا محمد بن محمد أنا أشرف بن أسعد أنا الحسن بن علي نا علي بن عبد العزيز نا أبو محمد بن أبي حاتم نا صالح بن أحمد بن حنبل ثنا أبي ثنا الشافعي عن مالك عن محمد بن عجلان قال: إذا أخطأ العالم لا أدري أصيبت مقاتله (1).
هذا حديث صحيح اجتمع فيه ثلاثة من أئمة المسلمين. وقد وقع لي أعلى من هذا إلى الإِمام أحمد أيضا.
وبالسند الماضى إلى أبي إسماعيل الأنصاري ثنا محمد بن أحمد الجارودي ثنا أبو إسحاق القَرَّاب (2) ثنا أبو زكريا الساجي ثنا أبو داود السجزي ثنا أحمد بن حنبل فذكر مثله.
وفيه مع علوه لطيفة أخرى، وهو أن رجال إسناده من أبي إسماعيل فصاعدا من أئمة الحفاظ، ورواية أحمد عن الشافعى عن مالك فى غاية العزة، وقد تتبعت ما وقع لي منها فبلغ عشرة أحاديث بهذا الأثر (3).
وقد روينا عن عبد اللَّه بن أحمد عن أبيه قال: سمعت الموطأ عن الشافعي. وكأنه لم يحدث به عنه تاما، أو حدث به وانقطع.
هذه الأحاديث المرفوعة والآثار الموقوفة عن الصحابة والتابعين في ثبوت لا أدري فيها كفاية، وقد تركت عنهم وعمن تقدمهم آثارًا أخرى في معنى ذلك خشية التطويل، واللَّه الموفق.
آخر المجلس الرابع والخمسين بعد المائة وهو الرابع من تخريج أحاديث المختصر.
(1) رواه ابن أبي حاتم في مناقب الشافعي (ص 107) ورواه الآجري في أخلاق العلماء (ص 174) والبيهقي في المدخل (812) والخطيب في الفقيه والمتفقه (2/ 172 - 173) وابن عبد البر في بيان العلم (2/ 67).
(2)
بهامش الأصل: هكذا رأيته بخط الشيخ برهان الدين بن خضر.
(3)
منها حديث رواه مالك (2/ 86) وعنه الشافعي (2/ 155) وعنه أحمد (5862) ولفظه "لا يبع بعضكم على بيع بعض" وآخر رواه مالك (2/ 70) وعنه الشافعي (2/ 152) وعنه أحمد (5862) ولفظه: نهي عن حبل الحبلة.
[المجلس الخامس]
قال المملي رضي الله عنه:
قوله (مسألة في القرآن المعرّب، وهو عن ابن عباس وعكرمة).
قلت: لم أر التصريح بذلك عن واحد منهما، وإنما جاء عنهما تفسير ألفاظ وقعت في القرآن أطلقا أنها بلسان غير العرب، وذلك يحتمل التوافق الذي استبعده المصنف، وجاء عن غير ابن عباس وعكرمة مثل ذلك.
فمن الصحابة البراء بن عازب وأبو موسى الأشعري وغيرهما، ومن التابعين أبو ميسرة وسعد بن عياض وسعيد بن جبير ومجاهد وغيرهم.
أخبرني أبو المعالي الأزهري أنا أحمد بن أبي أحمد أنا النجيب أنا خليل بن بدر في كتابه أنا الحسن بن أحمد أنا أحمد بن عبد اللَّه ثنا أبو بكر بن خلاد ثنا الحارث بن أبي أسامة ثنا الأسود بن عامر ثنا شريك عن سالم هو الأفطس عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى {طه} أي يا رجل بالنبطية أخرجه البغوي في الجعديات عن علي بن الجعد عن شريك، لكن وقفه على سعيد بن جبير (1).
وهكذا أخرجه ابن أبي شيبة عن وكيع عن سفيان الثوري عن سالم الأفطمس عن سعيد بن جير قوله (2). وعن الثوري عن عمر بن أبي زائدة عن عكرمة كذلك (3) وعلقه البخاري عن عكرمة (4). وقال أيضا في باب قيام الليل
(1) رواه البغوي في مسند علي بن الجعد (2259).
(2)
رواه ابن أبي شية في المصنف (10/ 472).
(3)
روإه ابن أبي شية في المصنف (10/ 470) عن وكيع عن عمر بن أبي زائدة. وليس عن الثوري، اللهم إلا أن يكون الثوري سقط من الإسناد، كما هو الظاهر من تغليق التعليق (4/ 252).
(4)
انظر الفتح (8/ 432) وتغليق التعليق (4/ 251 - 253).
من كتاب الصلاة قال اببن عباس في قوله تعالى {نَاشِئَةَ اللَّيْلِ} نشأ قام بالحبشية، ووصله البيهقي من طريق إسرائيل عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس (1).
وأخبرنيه أحمد بن بلغان أنا إسحاق بن يحيى بن إسحاق أنا عبد اللَّه بن بركات أنا يحيى بن محمود أنا أبو علي المقرئ أنا أبو بكر بن مصعب أنا محمد بن أحمد الكسائي أنا أحمد بن محمد ثنا أبو عامر ثنا الوليد بن مسلم ثنا شيبان عن أبي إسحاق فذكره موصولا (2).
وقال البخاري في ترجمة مريم من أحاديث الأنبياء: قال وكيع عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء بن عازب رضي الله عنه في قوله تعالى {سَرِيًّا} قال نهر صغير بالسريانية (3).
وذكر خلف الأطراف أن البخاري أخرجه في التفسير عن يحيى عن وكيع به وما رأيناه في شيء من النسخ التي من رواية الفربري، فلعله في رواية غيره، ولم يذكر خلف ولا من بعده من مصنفي الأطراف الطريق التي في أحاديث الأنبياء.
ؤقد وصله ابن مردويه من وجه آخر عن إسرائيل (4).
وأخبرني أبو الحسن بن أبي المجد عن سليمان بن حمزة أنا جعفر بن علي أنا السلفي أنا جعفر السراج أن أبو الحسن القزويني أنا أبو بكر بن شاذان ثنا عمر بن محمد ثنا محمد بن إسماعيل الحساني نا وكيع نا أبي وإسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه في قوله
(1) انظر الفتح (3/ 23) وتغليق التعليق (2/ 429 - 430) ووصله البيهقي (3/ 20).
(2)
انظر تغليق التعليق (2/ 430).
(3)
انظر الفتح (6/ 479).
(4)
انظر تغليق التعليق (4/ 37 - 38).
تعالى {يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ} قال: ضعفين بالحبشية (1).
وبه إلى وكيع ثنا أبو إسرائيل يعيني يونس بن أبي إسحاق عن أبي ميسرة عمرو بن شرحبيل في قوله تعالى {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ} قال: الأواه الرحيم بلسان الحبشة (2).
وبه إلى أبي إسحاق عن سعد بن عياض الثمالي قال: المشكاة الكوة بالحبشية (3).
وأخبرني عبد القادر بن محمد بن علي الدمشقي أنا أحمد بن علي بن الحسن أنا محمد بن إسماعيل الخطيب أنا علي بن حمزة أنا هبة اللَّه بن محمد أنا أبو طالب البزاز أنا أبو بكر الشافعي ثنا إسحاق بن الحسن ثنا أبو حذيفة ثنا سفيان الثوري عن رجل عن مجاهد قال: القسطاس العدل بالرومية (4).
أخرجه الفريابي في تفسيره عن الثوري فوافقناه بعلو، وأخرجه أيضا عن ورقاء بن عمر عن ابن أبي نجيح عن مجاهد (5).
وعلقه البخاري في آخر ترجمة من صحيحه عن مجاهد (6)، وكذا علق
(1) ورواه ابن أبي شيبة في المصنف (10/ 471) عن وكيع به، ورواه ابن جرير في تفسيره (27/ 243) بإسناد آخر عن أبي إسحاق به.
(2)
ورواه ابن جرير في تفسيره (17389) من طريق آخر عن أبي إسحاق به.
(3)
ورواه الحاكم (2/ 397) وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وانظر فتح الباري (8/ 447) وتغليق التعليق (4/ 264). والذي وقع في الصحيح سعيد بن عياض بالياء في نسخة الزركشي والذي في صحيح البخاري المطبوع مع الفتح (8/ 447) سعد بن عياض، وهو كذلك عند ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (2/ 1/ 88 - 89) وانظر المعتبر (ص 30) بتحقيقنا.
(4)
انظر تغليق التعليق (5/ 382) والفتح (13/ 537 - 539).
(5)
ورواه ابن أبي شيبة في المصنف (10/ 471) عن وكيع عن سفيان عن جابر عن مجاهد. وهو في تفسير مجاهد (ص 362) من طريق ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(6)
فتح الباري (13/ 537).
جميع ما أوردته، وأسانيد الجميع صحيحة (1).
وقد جمع القاضى تاج الدين السبكي ما وقع له من تلك في القرآن قال: وذلك محصور في سبع وعشرين كلمة ونظمها في أبيات رأيته، وقد استدركت عليه قريبا مما ذكر ونظمته مذيلا عليه في أوائل شرح التفسير من فتح الباري (2).
آخر المجلس الخامس والخمسين بعد المائة وهو الخامس من تخريج أحاديث المختصر.
(1) لم يعلق البخاري جميع ما أورده، يعلم ذلك مما تقدم.
(2)
وهي هذه الأبيات، وليست في النسخة التي نقلت منها هذا التخريج:
من المعرَّب عد التاج [كز] وقد
…
ألحقت [كد] وضمتها الأساطير
السلسبيل وطه كورت بيع
…
روم وطوبى وسجيل وكافور
والزنجبيل ومشكاة سرادق مع
…
استبرق صلوات سندس طور
كذا قراطيس ربانيهم وغسا
…
ق ثم دينار القسطاس مشهور
كذاك قسورة واليم ناشئة
…
ويؤت كفلين مذكور ومسطور
له مقاليد فردوس يعد كذا
…
فيما حكى ابن دريد منه تنور
وزدت حرم ومهك والسجل كذا
…
السرى والأب ثم الجبت مذكور
وقطنا وإناه ثم متكأً
…
دارست يصهر منه فهو مصهور
وهيت والسكر الأوَّاه مع حصب
…
وأَوّبي معه والطاغوت منظور
صرهن إصري وغيض الماء مع وزر
…
ثم الرقيم مناص والسنانور
هكذا ألحق كاتب الأصل ما تقدم بآخر المجلس، وقال فيما كتب في الهامش: أقول: إنما أثبتت هذه الأبيات في هذا الخريج، لأني رأيت الشيخ برهان الدين بن خضر كاتب النسخة التي نقلت منها بيض فيها مكانا هذه الأبيات قريبًا من صفحة، وإني كنت رأيت الأبيات بخط شيخي المخرج تغمده اللَّه برحمته على ظهر مصنف له يقال له "السبعة السيارة" ما نصه:
ذكر تاج الدين السبكي في شرح مختصر ابن الحاجب عند الكلام على المعرب أن جميع ما ورد في القرآن مما قيل إنه بغير العربية سبعة وعشرون موضعًا، يجمعه فيهما نظمه، وهو الأبيات.
وقد تتبعت عليه مواضع كثيرة قاربت العدد الذي ذكره. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= فالبيت الأول لشيخنا المخرج، ثم الخمسة الأبيات التي تليه للشيخ تاج الدين السبكي، والثلاثة [الأربعة] الأبيات التي تلي الخمسة لمولانا المخرج، تغمده اللَّه برحمته، فأردت إيرادها تتميمًا للفائدة، ودفعًا لما لو وقف أحد على نسخ التخريج، فيعترض بأنها لم تكن مثبتة في النسخ. انتهى ما بهامش الأصل.
ونحن رأينا أن نثبت الأبيات وقول الناسخ في الهامش.
وقال الحافظ في الفتح (8/ 253) والمراد بقولي [كز] أن عدة ما ذكره التاج سبعة وعشرون، وبقولي [كد] أن عدة ما ذكرته أربعة وعشرون، وإني معترف أنني لم أستوعب ما يستدرك عليه، فقد ظفرت بعد نظمي هذا بأشياء تقدم منها في هذا الشرح "الرحمن" و"راعنا" وقد عزمت أني إذا أتيت على آخر شرح هذا التفسير إن شاء اللَّه تعالى ألحق ما وقفت عليه من زيادة في ذلك منظومًا إن شاء اللَّه تعالى.
[المجلس السادس]
قال المملي رضي الله عنه:
قوله (مسألة الواو للجمع المطلق) إلى أن قال {قالوا: إِنَّ الصَّفَا وَالمَرْوَةَ} وقال: "ابْدَأُوا بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ".
أشار بذلك إلى ما أخبرني أبو عبد اللَّه محمد بن علي البزاعي بصالحية دمشق قرئ على زينب بنت إسماعيل بن إبراهيم وأنا أسمع أن أحمد بن أبي أحمد النابلسي أخبرهم أنا يحيى بن محمود أنا عبد الواحد بن محمد أنا أبو الحسن بن منصور أنا أبو طاهر محمد بن الفضل بن أبي بكر ثنا جدي أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة ثنا علي بن حجر (ح).
وأخبرني الشيخ أبو إسحاق التنوخي أنا أيوب بن نعمة أنا إسماعيل بن أحمد أنا أبو المحاسن الجوهري في كتابه أنا عبد الرحمن بن حمد أنا أحمد بن الحسين أنا أحمد بن محمد بن إسحاق أنأ أحمد بن شعيب واللفظ له أنا علي بن حجر أنا إسماعيل بن جعفر عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر رضي الله عنه قال: طاف رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بالبيت سبعا، رمل ثلاثا ومشى أربعا ثم قرأ {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} فصلى سجدتين جعل المقام بينه وبين الكعبة، ثم استلم الركن، ثم خرج إلى الصفا فقرأ {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} "فَابْدَأُوا بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ".
هذا حديث صحيح أخرجه النسائي وابن خزيمة هكذا عن علي بن حجر (1).
(1) رواه النسائي (5/ 236) ولم أره عند ابن خزيمة في صحيحه. وأما قول شيخنا في الإرواء (4/ 317) هذا اللفظ ليس في الصغرى أصلًا فوهم، فإنه فيها كما ترى.
وهو طرف من حديث جابر الطويل في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أخرجه مسلم بطوله، لكن وقع عنده بلفظ "أَبْدَأُ" بصيغة الفعل المضارع للمتكلم، وهو عنده من طريق حاتم بن إسماعيل عن جعفر بن محمد (1).
وأخرجه مالك عن جعفر بلفظ "بَنْدَأُ" وهو يؤيد الضبط المذكور، وأنه ليس بصيغة الأمر للواحد (2).
وهكذا أخرجه النسائي وغيره من طرق عن جعفر.
نعم وقد أخرجه الدارقطني من طريق أخرى عن حاتم بن إسماعيل بلفظ "ابْدَأُوا"(3) واللَّه أعلم.
قوله (قالوا رد على من قال ومن عصاهما وقال: "قُلْ وَمَنْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ").
أشار بذلك إلى ما أخبرني أبو الفرج بن حماد أنا أبو الحسن بن قريش أنا أبو الفرج بن الصيقل أنا أبو الحسن الكمال في كتابه أنا أبو علي الحداد أنا أبو نعيم في المستخرج ثنا أبو عمرو بن حمدان ثنا الحسن بن سفيان ثنا أبو بكر بن أبي شيبة (ح).
وبه إلى أبي نعيم أنا أبو محمد بن حيان ثنا محمد بن يحيى ثنا هناد (ح).
وأخبرني عبد اللَّه بن عمر أنا أحمد بن محمد بن عمر أنا عبد اللطيف بن عبد المنعم أنا عبد اللَّه بن أحمد أنا هبة اللَّه بن محمد أنا الحسن بن علي أنا أحمد بن جعفر ثنا عبد اللَّه بن أحمد حدثني أبي واللفظ له قالوا ثنا وكيع ثنا
(1) رواه مسلم (1218).
(2)
رواه مالك (1/ 267) وعبد بن حميد في المنتخب في المسند (1133) وأحمد (3/ 320 - 321 و 388) والنسائي (5/ 232 و 239 و 241) والترمذي (863) وابن ماجه (3074) وأبو داود (1905) وأبو يعلى (2027 و 2126) وابن الجارود (465) والبغوي في شرح السنة (1918 و 1919) والبيهقي (1/ 85 و 5/ 7 و 93).
(3)
ورواه أحمد (3/ 394) والدارقطني (2/ 254) والبيهقي (1/ 85).
سفيان هو الثوري عن عبد العزيز بن رفيع (ح).
وأنا عاليا أبو الحسن الجوزي عن أبي بكر الدشتي أنا يوسف بن خليل أنا خليل بن بدر أنا الحسن بن أحمد أنا أحمد بن عبد اللَّه ثنا عبد اللَّه بن جعفر ثنا يوسف بن حبيب ثنا سليمان داود ثنا قيس هو ابن الربيع ثنا عبد العزيز عن تميم بن طرفة عن عدي بن حاتم رضي اللَّه أن رجلا خطب عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: من يطع اللَّه ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فقد غوي فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"بِئْسَ الخَطِيبُ أَنْتَ قُلْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ"(1).
هذا حديث صحيح، أخرجه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة (2).
فوافقناه بعلو درجة من الطريق الأولى، ووقع لنا عاليا بدرجتين من الطريق الأخيرة.
وأخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجة وابن حبان والحاكم من طرق عن سفيان، ووهم الحاكم في استدراكه (3).
وفي سياق هذا المتن رد على من أنكر الزيادة التي في آخره، وقد نقل ذلك عن أبي بكر بن العربي في شرح الترمذي، وهو عجب منه، فإنها ثابتة في صحيح مسلم. وكذا زعم ابن عطية في تفسير سورة براءة أن الإنكار على الخطيب بسبب وقوفه على ومن يعصهما، فأوهم اشتراك العاصي مع المطيع، وكأنه تمسك بما في بعض طرقه، لكن الزيادة من الثقة من الثقة مقبولة، ولا سيما إن كان حافظا (4).
(1) رواه أبوداود الطيالسي (13) وأحمد (4/ 256 و 379).
(2)
رواه مسلم (870).
(3)
ورواه أبو داود (1099 و 4981) والنسائي (6/ 90) ولم يروه ابن ماجه ولم ينسبه إليه الحافظ المزي في تحفة الأشراف. ورواه الحاكم (1/ 289) والطبراني في الكبير (ج 17 رقم 234 و 235) والبيهقي (3/ 216) والبغوي في شرح السنة (8891).
(4)
انظر المعتبر للزركشي (ص 33) بتحقيقنا.
أخبرني عبد اللَّه بن عمر بالإسناد المذكور إلى أحمد ثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا سفيان فذكر الحديث بلفظ: جاء رجلان إلى النبي صلى الله عليه وسلم فتشهد أحدهما فقال من يطع اللَّه ورسوله فقد رشد ومن يعصهما فقد غوى فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "بِئْسَ الخَطِيبُ أَنْتَ فقُمْ" وهكذا أخرجه أبو عوانة والنسائي من طريق عبد الرحمن بن مهدي، وفيه تعقيب علي من زعم أن الإنكار بسبب خلو الخطبة من التشهد واللَّه أعلم
آخر المجلس السادس والخمسين بعد المائة من الأمالي وهو الساس من تخريج أحاديث المختصر.
[المجلس السابع]
قال المملي رضي الله عنه:
وإذا تقرر ذلك ظهر رجحان ما جنح إليه المصنف من أن المراد بالإفراد التعظيم، لكن يعكر عليه ما أخرجه أبو داود من حديث ابن مسعود أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خطب فقال فِي خطبته:"مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ رَشِدَ، وَمَنْ يَعْصِهِمَا فَإِنَّهُ لا يَضُرُّ إِلَّا نَفْسَهُ"(1).
ويجاب عنه من ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه لا يصح، لأنه من رواية أبي عياض وهو مجهول لا يعرف اسمه ولا حاله.
ثانيها: يحتمل أن يكون في الأصل بالإفراد والإتيان بالضمير اختصار من الراوي، ولعله لم يبلغه الخبر الأول.
ثالثها: علي تقدير الصحة والضبط المحذور من الجمع إيهام التسوية وهو منتف فى حق المعصوم بخلاف غيره واللَّه أعلم (2).
(تنبيه)
لم أر في شيء من طرق الحديث الماضى اللفظ الذي ذكره المصنف بصيغة الماضى في الموضعين وإنما هو بصيغة الفعل المضارع فيهما.
قوله قبل ذلك (قالوا اركعوا واسجدوا قلنا: الترتيب مستفاد من غيره).
(1) رواه أبو داود (1084 و 2105) والطبراني في الكبير (10499) والبيهقي (3/ 215 و 7/ 146).
(2)
انظر المعتبر (ص 33 - 34) للزركشي بتحقيقنا.
يحتمل أن يريد حديث "صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي" وسيأتي تخريجه، ومحتمل أن يريد الإِجماع.
قوله (مسألة يستحيل كون الشيء واجبا حراما) إلى أن قال (قالوا: لو صحت -أي الصلاة في الدار المغصوبة- لصح صوم يوم النحر يعني وهو منهي عنه. وقد ورد في أحاديث.
منها: ما أخبرني أبو الفرج بن حماد بالإِسناد الماضي إلى أبي نعيم ثنا أبو محمد بن فارس ثنا يونس بن حبيب ثنا أبو داود ثنا وهيب بن خلاد عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام يومين يوم الفطر ويوم النحر.
هذا حديث صحيح أخرجه البخاري وأبو داود جميعا عن موسى بن إسماعيل عن وهيب. وأخرجه مسلم من وجه آخر عن عمرو بن يحيى (1).
وأخبرنا أبو عبد اللَّه بن قوام أنا الحسن بن هلال أنا إبراهيم عمر أنا المؤيدين محمد أنا هبة اللَّه بن سهل أنا سعيد بن محمد أنا زاهر بن أحمد أنا إبراهيم بن عبد الصمد ثنا أبو مصعب أنا مالك عن ابن شهاب عن أبي عبيد مولى ابن أزهر قال: شهدتُ العيد مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه فجاء فصلى ثم انصرف فخطب الناس فقال: إِنَّ هَذيْن يَوْمَانِ نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن صيامهما يوم فطركم من صيامكم ويوم تأكلون فيه من نسككم (2).
هذا حديث صحيح متفق عليه من حديث مالك. وأخرجه أحمد عن عبد الرحمن بن مهدي عن مالك.
وأخرجه ابن حبان عن عمر بن سعيد عن أبي مصعب، فوقع لنا بدلا عاليا على الطريقين (3).
(1) رواه البخاري (1991) ومسلم (828) وأبو داود (2417) ورواه الترمذي (772).
(2)
رواه مالك (1/ 146) والبغوي في شرح السنة (1795).
(3)
رواد البخاري (1990 و 5571) ومسلم (1137) وأبو داود (2416) والترمذي (771).
وقرأت على أم يوسف المقدسية عن الحسن بن عمر بن خليل أنا ابو المنجا بن اللتي أنا أبو المعالي بن النحاس أنا الحسن بن محمد أنا الحسن بن أحمد أنا عثمان بن أحمد ثنا الحسن بن مكرم ثنا عثمان بن عمر ثنا ابن أبي ذئب عن سعيد بن خالد عن أبي عبيد قال: شهدت العيد مع عثمان وعلي فكانا يصليان تينك الركعتين ثم ينصرفان فيخطبان الناس، فسمعتهما يقولان: إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم نهى عن صوم ذين اليومين يوم الفطر ويوم الأضحى.
هذا حديث صحيح أخرجه أحمد عن عثمان بن عمر (1).
فوافقناه بعلو.
وأخرجه النسائي من وجه آخر عن ابن أبي ذئب (2).
قوله (مسألة المندوب مأمور به) إلى أن قال (لما صح لأمرتهم بالسواك).
أخبرني أبو الحسن علي بن محمد الخطيب عن أبي الرموز قدامة أنا أبو الحسن بن الحميري قرئ على شهدة وأنا أسمع أن حسن بن طلحة أخبرهم أنا أبو عمر بن مهدي ثنا المحاملي ثنا يوسف بن موسى ثنا جرير عن محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن زيد بن خالد الجهنى رضي الله عنه قال قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِيَ لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ".
وكان زيد بن خالد يضع السواك منه موضع القلم من أَذن الكاتب لا يقوم إلى الصلاة إلا استن ثم صلى.
هذا حديث حسن أخرجه أحمد وأصحاب السنن من طرق عن ابن
(1) رواه أحمد (435 و 510) وابنه فى زوائد المسند (427).
(2)
رواه النسائي في الصوم من السنن الكبرى كما في تحفة الأشراف (7/ 465).
إسحاق (1). ووقع في طرقه عند أحمد إدراج الموقوف في المرفوع (2) والحديث مخرج في الصحيحين وغيرهما من طرق عن أبي هريرة بدون الزيادة.
آخر المجلس السابع والخمسين بعد المائة من الأمالي وهو السابع من تخريج أحاديث المختصر.
(1) رواه أحمد (4/ 114 و 116 و 5/ 193) وأبو داود (47) والترمذي (23) والطبراني في الكبير (5223 و 5224).
(2)
ليس عند أحمد إدراج الموقوف في المرفوع.
[المجلس الثامن]
قال المملي رضي الله عنه:
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد الفارقي وفاطمة بنت محمد الدمشقية قراءة عليها وإجازة من الأول قالا أنا أبو نصر بن الشيرازي وأبو محمد بن عساكر قال الأول سماعا والأخرى إجازة كلاهما عن محمد بن عبد الواحد المدني أنا إسماعيل بن علي أنا أبو مسلم النحوي أنا أبو بكر بن المقرئ ثنا مأمون بن هارون ثنا الحسن بن عيسى ثنا أسباط بن محمد ثنا محمد بن عمرو وعن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتي لأَمَرْتُهُمْ بالسواك عند كل صلاة".
هذا حديث حسن صحيح أخرجه أحمد عن عبدة بن سليمان عن محمد بن عمرو (1).
فوقع لنا بدلا عليا وأخرجه الترمذي عن أبي كريب عن عبدة (2)، وقال: رواه محمد بن إسحاق فذكر الرواية التى سقناها قبل هذا عن زيد بن خالد، قال: وكلا الحديثين عندي صحيح، وقال محمد يعني البخاري: حديث أبي سلمة عن زيد بن خالد أصح.
وبالاسناد الماضى إلى أبي مصعب أنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَي أُمَّتِي أَوْ عَلَي النَّاس لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ"(3).
هذا حديث صحيح هكذا أخرجه مالك عند أكثر رواة الموطأ. وأخرجه
(1) رواه أحمد (2/ 287 و 399).
(2)
رواه الترمذي (22).
(3)
رواه مالك (1/ 65) وليس عنده "أو على الناس".
ابن حبان عن عمر بن سعيد عن أبي مصعب (1).
فوقع لنا بدلا عاليا.
وأخرجه البخاري عن عبد اللَّه بن يوسف عن مالك فزاد في آخره "مع كل صلاة أو مع كل وضوء"(2).
وقد وقع لنا من وجه آخر مرفوعا بغير شك.
أخبرني أبو بكر بن أبي عمر أنا عبد اللَّه بن الحسن أنا عثمان بن علي عن السلفي أنا مكي بن منصور أنا أبو بكر الحيري أنا أبو علي المعقاب ثنا محمد بن يحيى الذهاب ثنا بشر بن عمر أنا مالك عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لأَمَرْتُهُمْ بالسِّوَاكِ عند كُلِّ وضُوُءٍ". (3).
أخرجه النسائي عن محمد بن يحيى (4).
فوقع لنا موافاتة عالية، وعلقه البخاري في كتاب الصيام (5).
وأخرجه ابن خزيمة من طريق روح بن عبادة (6).
والدارقطني من طريق عبد الرحمن بن مهدي ومطرف وإسماعيل بن أبي أويس وغيرهم كلهم عن مالك (7).
(1) رواه ابن حبان (1054) وليس عنده "أو على الناس".
(2)
رواه البخاري (887) ولكن ليس عنده "أو مع كل وضوء" وهذه الزيادة عند النسائي في الصوم من الكبرى كما في تحفة الأشراف (9/ 334).
(3)
ورواه ابن عبد البر في التمهيد (7/ 197) من طريق بشر بن عمر به. وانظر التمهيد (7/ 194 - 202) وتغليق التعليق (3/ 160).
(4)
رواه النسائي في الصوم من الكبرى كما في تحفة الأشراف (9/ 334).
(5)
انظر فتح الباري (4/ 158) وتغليق التعليق (3/ 160 - 161).
(6)
رواه ابن خزيمة (140).
(7)
في غير سننة. وانظر التمهيد (7/ 196).
وقوله في خطاب الوضع (كالحكم على الوصف بالسببية الوقتية كالزوال).
كأنه يشير إلى الحديث الذي:
أخبرني أبو عبد اللَّه بن منيع أنا محمد بن أبي الباب أنا محمد بن أبي بكر البلخي عن السلفي أنا أبو ياسر الخياط أنا أبو القاسم بن بشران أنا أبو محمد الفاكهي أنا أبو يحيى عبد اللَّه بن أحمد بن أبي ميسرة ثنا خلاد بن يحيى ثنا يونس بن أبي إسحاق حدثني سعيد بن وهب حدثني خباب بن الأرت رضي الله عنه قال: شكونا إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الرمضاء فما أشكانا، وقال:"إِذا زَالَتِ الشَّمْسُ فَصَلُّوا"(1)
هذا حديث صحيح غريب من هذا الوجه عن أبي الحسن المقرئ عن الفاكهي، فوقع لنا بدلا عاليا.
قال أبو الحسن بن القطان: رجال هذا الحديث رجال الصحيح. وأصله عند مسلم دون الزيادة التي في آخره (2).
قلت: في سياق مسلم من طريق زهير بن معاوية عن أبي إسحاق بعد قوله فما أشكانا قلت لأبي إسحاق: أفي الظهر؟ قال: نحم، وهذا يحتمل أن يقوي رفع الزيادة إن كان التفسير عند أبي إسحاق منقولا، ويحتمل أن يكون من قبله.
قوله في الكلام على الرخصة (القصر في السفر مندوب).
كأنه يشير إلى حديث "إقْبَلُوا صَدَقَتَهُ". (3)
(1) ورواه الطبراني في الكبير (3701 و 3703) من طريقين عن زهير بن حرب عن أبي إسحاق به. ومن طريق أبي بكر الحنفي عن يونس بن أبي إسحاق به مع الزيادة.
(2)
رواه مسلم (619) ورواه أيضًا أحمد (5/ 108 و 110) والحميدي (152 و 153) والنسائي (1/ 247).
(3)
رواه مسلم (686).
أخبرني أحمد بن علي بن يحيى العلوي أنا أحمد بن أبي طالب أنا أبو المنجا أنا أبو الوقت أنا أبو الحسن بن داود أنا أبو محمد بن أمين أنا أبو العباس السمرقندي أنا أبو محمد الدارمي ثنا أبو عاصم ثنا ابن جريج عن ابن أبي عمار عن عبد اللَّه بن بابيه عن يعلى بن أمية رضي الله عنه أنه قال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه (أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ) وقد أمن الناس، قال: عجبت مما عجبت منه فسألت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: "صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بهَا عَلَيْكُمْ فَاقْبَلُوا صدَقَتَهُ".
هذا حديث صحيح أخرجه مسلم من رواية عبد اللَّه بن ادريس ويحيى بن سعيد القطان.
وأبو داود والنسائي من روايتهما زاد أبو داود وعبد الرزاق ومحمد بن بكر. والترمذي من رواية عبد الرزاق، وابن ماجة من رواية يحيى بن سعيد. وعلقه أبو داود لأبي عاصم (1).
فوقع لنا عاليا بدرجتين.
آخر المجلس الثامن والخمسين بعد المائة وهو الثامن من تخريج أحاديث المختصر.
(1) رواه أبو داود (1199 و 1200) والنسائي في التفسير من الكبري في المجتبى (3/ 116 - 117)، والترمذي (3037) كما قال المصنف، وابن ماجه (1065) من طريق عبد اللَّه بن إدريس لا من طريق يحيي بن سعيد.
[المجلس التاسع]
قال المملي رضي الله عنه:
قوله (المحكوم عليه) إلى أن قال (اعتبر طلاق السكران وقتله).
قلت: كأنه اعتمد على ما في الموطأ.
وبالإِسناد الماضى إلى أبي مصعب أنا مالك أنه بلغه أن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار سئلا عن طلاق السكران، فقالا: يجوز طلاقه وإذا قتل قتل.
قال مالك: وذلك الأمر عندنا انتهى (1).
وقد ثبت عن عثمان رضي الله عنه أن طلاق السكران لا يقع.
قرئ على سارة بنت الإمام أبي الحسن السبكي وأنا أسمع أن أحمد بن علي الجزري أخبرهم أن أحمد بن عبد الدائم أنا أبو طاهر الخشوعي أنا أبو محمد الأكفاني أنا عبد العزيز الكتاني أنا عبد الرحمن بن عثمان أنا أبو الميمون بن راشد ثنا أبو زرعة الدمشقي حدثني آدم بن أبي إياس ثنا ابن أبي ذئب عن ابن شهاب قال قال رجل لعمر بن عبد العزيز إني طلقت امرأتي وأنا سكران قال: فكان رأي عمر بن عبد العزيز مع رأينا أن يجلده ويفرق بينه وبين امرأته، حتى حدثه أبان بن عثمان عن أبيه قال: ليس على مجنون ولا سكران طلاق، قال فقال عمر بن عبد العزيز: كيف تأمروني أن أفرق بينه وبين امرأته وهذا يخبر عن عثمان بهذا؟
قال: فجلده ولم يفرق بينه وبين امرأته (2).
(1) الموطأ (2/ 35).
(2)
انظر تغليق التعليق (4/ 454 - 455) ورواه البيهقي (7/ 359).
وهذا موقوف صحيح، أخرجه ابن أبي شيبة عن وكيع عن ابن أبي ذئب (1).
فوقع لنا بدلا عاليًا. ويمكن الجمع بين القولين بالحمل على الطافح والنشوان واللَّه أعلم.
قوله (الأدلة الشرعية) إلى أن قال (مكتوبة بخط المصحف) يعني البسملة.
أخبرني أبو العباس الزينبي أنا أبو عبد اللَّه الفارقي أنا أبو بكر بن العماد أنا أبو البركات بن ملاعب أنا أبو الفضل الأرموي أنا أبو جعفر بن المسلمة أنا أبو عمرو الأدمي ثنا أبو بكر بن أبي داود ثنا محمد بن بشار واللفظ له ثنا يحيى بن سعيد ومحمد بن جعفر وابن أبى عدي وسهل بن يوسف قالوا ثنا عوف بن أبي جميلة حدثني يزيد الفارسي (ح).
وبه إلى ابن أبي داود ثنا زياد بن أيوب ثنا مروان بن معاوية حدثني عوف الأعرابي عن يزيد الفارسي حدثني ابن عباس رضي الله عنهما قال: قلت لعثمان بن عفان رضي الله عنه: ما حملكم على أن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثاني وإلى براءة وهي من المئين فقرنتم بينهما ولم تكتبوا بينهما سطر (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ووضعتموها في السبع الطوال؟ فقال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مما يأتي عليه الزمان تنزل عليه الآيات ذوات العدد، فيدعو بعض من كان يكتب، فيقول:"ضَعُوا هَؤُلاءِ في السُّورَةِ الَّتي يُذْكَرُ فِيهَا كَذَا وَكَذَا".
وتنزل عليه الآية، فيقول:"ضَعُوا هَذِهِ السُّورَةِ الَّتى يُذْكَرُ فيهَا كذَا وَكذَا" وكانت الأنفال من أول ما نزل بالمدينة، وكانت براءةَ من آخر ما نزل من القرآن، وكانت قصتها شبيهة بقصتها، فظننت أنها منها، ومات رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ولم يبين لنا أنها منها، فلذلك قرنت بينهما ولم أكتب بينهما سطر بسم اللَّه
(1) رواه ابن أبي شيبة في المصنف (5/ 30 و 39).
الرحمن الرحيم، ووضعتها في السبع الطوال (1).
هذا حديث حسن، أخرجه أبو داود عن زياد بن أيوب والترمذي عن محمد بن بشار (2).
فوقع لنا موافقة لهما عالية. وأخرجه ابن حبان من طريق عوف الأعرابي (3)، ورجاله رجال الصحيح إلا يزيد الفارسي، فإنه بصري مقل، قال أبو حاتم: لا بأس به. وقد قيل: إنه يزيد بن هرمز الذي أخرج له مسلم، فإن ثبت ذلك فهو علي شرطه واللَّه أعلم.
آخر المجلس التاسع والخمسين بعد المائة وهو التاسع من تخريج أحاديث المختصر.
(1) رواه ابن أبي داود في كتاب المصاحف (ص 31 - 32) هكذا. والقبيطي بضم القاف وتشديد الموحدة بعدها ياء مثناة من تحت ساكنة بعدها طاء مهملة ثم ياء مشددة. هكذا ضبطه الشيخ العلامة ابن خضر. كذا في هامش الأصل.
(2)
رواه أبو داود (786 و 787) والترمذي (3086).
(3)
ورواه أحمد (399 و 499) وابن حبان (452) والحاكم (1/ 231 و 232) والبيهقي (2/ 42) وحكم المرحوم أحمد محمد شاكر على الحديث بأنه لا أصل له في تعليقه على مسند أحمد (1/ 329 - 331) مستندًا إلى جهالة يزيد الفارسي، وفيه تشكيك في معرفة سور القرآن الثابتة بالتواتر القفعي، وتشكيك في إثبات البسملة في أوائل السور.
ولم يعتبر المرحوم بتحسين الترمذي وتصحيح ابن حبان والحاكم له وموافقة الذهبي له.
[المجلس العاشر]
قال المملي رضي الله عنه: أخبرني إبراهيم بن أحمد الدمشقي بالمسجد الحرام أنا أحمد بن أبي طالب، أنا ابو طالب القُبَيْطىِ في كتابه أنا طاهر بن محمد أنا محمد بن الحسَن أنا الزبير بن محمد أنا علي بن محمد ثنا علي بن عبد العزيز ثنا أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب فضائل القرآن له أنا مروان بن معاوية ثنا عوف بن أبي جميلة فذكر حديث ابن عباس عن عثمان كما تقدم.
وبه إلى أبي عبيد ثنا هشام بن إسماعيل ثنا محمد بن شعيب قال: إنما جمع بين الأنفال وبراءة لذكر القتال فيهما.
وبه إلى أبي عبيد ثنا إسحاق الأزرق ثنا سفيان هو الثوري عن سلمة بن كهيل عن أبي الزعراء عن عبد اللَّه يعني ابن مسعود رضي الله عنه قال: "جردوا القرآن ولا تخلطوه بشيء يعني في كتابته". هذا حديث حسن موقوف، أخرجه ابن أبي داود من طرق إلى سفيان (1).
وأبو الزعراء بفتح الزاي وسكون العين المهملة بعدها راء ومد كوفي اسمه عبد اللَّه بن هانئ. وهو خال سلمة الراوي عنه، وقد رواه شعبة عن سلمة بن كهيل فقال: عن أبي الأحوص بدل أبي الزعراء، أخرجه ابن أبي داود أيضا (2)، وكأن لسلمة فيه شيخين. قوله (وقول ابن عباس: سرق الشيطان من الناس آية).
أخبرني الحافظ أبو الحسن بن أبي بكر أنا محمد بن إسماعيل الحموي أنا أبو الحسن المقدسي أنا أبو المعالي الفراوي في كتابه أنا محمد بن إسماعيل
(1) رواه ابن أبي داود في كتاب المصاحف (ص 138 - 139).
(2)
رواه ابن أبي داود (ص 139).
الفارسي أنا أبو بكر بن الحسين أنا أبو الحسين بن الفضل أنا أبو سهل بن زياد ثنا عبيد بن عبد الواحد ثنا سعيد بن أبي مريم ثنا محمد بن جعفر أخبرني عمر بن ذر عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "استرق الشيطان من الناس أعظم في القرآن بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ"(1).
رجاله ثقات لكنه منقطع بين ذر وهو ابن عبد اللَّه المرهبي وابن عباس، فإن بينهما سعيد بن جبير.
قال البيهقي بعد أن أخرجه في المغرفة لعله سقط من كتابي أو كتاب شيخي.
قلت: وقد أخرجه ابن خزيمة في كتابه الكبير في البسملة هكذا، وأخرجه أيضًا من وجه أصح منه من طريق أيوب عن عكرمة عن ابن عباس بنحوه. وكذا أخرجه ابن المنذر في الأوسط. وأخرجه سعيد بن منصور من وجه ثالث عن ابن عباس.
ولعل ابن عباس أشار بذلك إلى القصة التي: أخبرني بها أبو عبد اللَّه بن قوام أنا أبو بكر بن أحمد المغاري أنا أبو الحسن السعدي عن أبي سعد الصفار أنا أبو الفضل بن محمد أنا محمد بن أحمد أنا أبو الحسن الدارقطني ثنا أبو بكر النيسابوري ثنا الحسن بن يحيى ثنا عبد الرزاق (ح).
وأخبرني أبو علي محمد بن محمد بن علي عن ست الوزراء التنوخية أن الحسن بن أبي بكر أخبرهم أنا أبو زرعة بن أبي الفضل أنا أبو الحسن الكرجي أنا أبو بكر الحرشي ثنا أبو العباس الأصم أنا الربيع بن سليمان أنا الشافعي أنا عبد المجيد بن أبي رواد كلاهما عن ابن جريج أخبرني عبد اللَّه بن عثمان بن خثيم أن أبا بكر بن حافص بن عمر أخبره أن أنس بن مالك رضي
(1) رواه البيهقي في سننه (2/ 50) وقال: كذا كان في كتابي عن أبيه عن ابن عباس، وهو منقطع.
اللَّه عنه أخبره قال: "صلى معاوية رضي الله عنه صلاة جهر فيها بالقراءة فلم يقرأ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) لأم القرآن ولا للسورة التى بعدها. ولم يكبر حين يهوي، فلما قضى الصلاة ناداه من حضر ذلك من المهاجرين والأنصار من كل مكان: يا معاوية أسرقت الصلاة أم نسيت؟ قال: فما صلى بعد ذلك صلاة إلا جهر فيها ببِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لأم القرآن وللسورة التي بعدها، وكبر حين يهوي ساجدًا". لفظ عبد الرزاق (1).
هذا حديث حسن أخرجه الحاكم عن الأصم على الموافقة (2). وأخرجه البيهقي عن أبي بكر بن الحارث عن الدارقطني، رجاله ثقات (3).
قلت: لكن اختلف في إسناده على ابن خثيم، فقيل عنه هكذا، وقيل عنه عن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة عن أبيه عن معاوية بالقصة، ومنهم من قال فيه: عن أبيه عن جده. قال البيهقي: يحتمل أن يكون لابن خثيم فيه إسنادان واللَّه أعلم.
آخر المجلس الستين بعد المائة.
(1) رواه عبد الرزاق (2618).
(2)
رواه الحاكم (1/ 233) وعنه البيهقي (2/ 49).
(3)
رواه البيهقي (2/ 49).
[المجلس الحادي عشر]
قال المملي رضي الله عنه: أخبرني أبو الحسن علي بن محمد الخطيب وفاطمة بنت محمد بن عبد الهادي فيما قرأت عليهما متفرقين قالا أنا أحمد بن أبي طالب قال الأول إجازة إن لم يكن سماعا والأخرى سماعا زاد الأول وسليمان بن حمزة إذ نا مكاتبة قالا أنا أبو المنجا بن اللتي قال الأول إجازة إن لم يكن سماعا والثاني سماعا أنا أبو المعالي بن النحاس عن أبي القاسم بن البُسْري أنا أبو الحسن بن الصلت أنا أبو إسحاق الهاشمي ثنا خلاد بن أسلم ثنا معتمر بن سليمان عن ليث عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أغفل الناس آية من كتاب اللَّه لم ينزل على أحد سوى النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن يكون سليمان بن داود عليهما السلام (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ).
هذا حديث حسن، أخرجه ابن مردويه عن محمد بن إسحاق عن عبد اللَّه بن ناجية عن خلادين أسلم، فوقع لنا عاليا بدرجتين. وليث هو ابن أبي سليم فيه مقال، لكنه يعتضد بما تقدم.
قوله (مسألة العمل بالشاذ غير جائز مثل فصيام ثلاثة أيام متتابعات).
أخبرني أبو العباس أحمد بن الحسن القدسي أنا محمد بن خالد أنا محمد بن إبراهيم بن عبد الواحد أنا داود بن أحمد أنا محمد بن عمر أنا محمد بن أحمد ثنا عثمان بن محمد بن القاسم ثنا عبد اللَّه بن سليمان أنا الأشعث ثنا محمد بن أيوب ثنا أحمد بن عبد الرحمن ثنا عبد اللَّه بن أبي جعفر ثنا أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس يعني عن أبي العالية قال في قراءة أبي بن كعب (فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتتَابِعَاتٍ) في كفارة اليمين.
أخرجه عبد بن حميد والطبري والحاكم من طريق أبي جعفر الرازي عن
الربيع عن أبي العالية عن أبي بن كعب، قال الحاكم صحيح الإِسناد (1).
قلت: وله طريق أخرى عن أبي. أخبرني أبو عبد اللَّه بن قوام بالاسناد الماضى إلى أبي مصعب. أنا مالك عن حميد بن قيس قال: كنت أطوف مع مجاهد فسأله رجل عن صيام الكفارة أيتابعِ؟ فقلت: لا، فضرب مجاهد على صدري وقال: إنها قراءة أبي (فَصِيَامُ ثَلَاثةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ).
وأخرجه سعيد بن منصور من وجه آخر عن مجاهد عن أبي بدون القصة. وجاء ذلك أيضًا عن ابن مسعود.
أخبرني إبراهيم بن محمد الدمشقي بالإسناد الماضى إلى أبي عبيد ثنا هشيم عن مغيرة عن إبراهيم يعني النخعي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قرأ (فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ).
أخرجه الطبري من طريق مغيرة، ورجاله ثقات، لكن إبراهيم لم يدرك ابن مسعود، وإنما حمل عن أصحابه، وقد أخرج الطبري من طريق الأعمش قال: كان أصحاب ابن مسعود يقولون فذكره (2).
وأخرج عبد الرزاق باسناد صحيح عن عائشة رضي الله عنها قالت: نزلت (فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ) ثم سقطت متتابعات.
قوله في المحكم والظاهر (الوقف على والراسخون في العلم).
أخبرني أبو العباس القدسي بالسند الماضى آنفا إلى عبد اللَّه بن سليمان بن الأشعث نا حشيش بن أصرم ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن ابن طاووس عن أبيه قال: كان ابن عباس رضي الله عنهما يقرؤها (وَمَا يْعَلمُ
(1) رواه ابن جرير في تفسيره (12497 و 12498) والحاكم (2/ 276) وصححه ووافقه الذهبي.
(2)
الرواية الأولى عند ابن جرير في تفسيره (12502) من طريق مغيرة عن إبراهيم في قراءة أصحاب عبد اللَّه، وليس عن ابن مسعود كما يوهم كلام الحافظ. والرواية الثانية عند ابن جرير (12505).
تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّه) ويقول (الرَّاسِخُونَ فيِ العِلْمِ آمَنَّا بِهِ)(1).
هذا إسناد صحيح، أخرجه سعيد بن منصور عن سفيان بن عيينة عن معمر.
وأخرجه الطبري عن الحسن بن يحيى عن عبد الرزاق (2).
وأخرجه الطبري وابن أبي حاتم باسناد صحيح عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت في قوله تعالى {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} انتهى علمهم إلى أن آمنوا بمتشابهه ولم يعلموا تأويله (3).
وقال الطبري حدثنا يونس بن عبد الأعلى عن أشهب بن عبد العزيز عن مالك أنه قال: "وَما يَعْلمُ تأْويلَهُ إِلَّا اللَّه" ثم ابتدأ فقال {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ} وليس يعلمون تأويله (4).
آخر المجلس الحادي والستين بعد المائة وهو الحادي عشر من تخريج أحاديث المختصر.
(1) رواه ابن أبي داود في كتاب المصاحف (ص 75 - 76).
(2)
رواه ابن جرير في تفسيره (6627).
(3)
رواه ابن جرير (6626).
(4)
رواه ابن جرير (6631).
[المجلس الثاني عشر]
قال المملي رضي الله عنه: قوله (مسألة فعله صلى الله عليه وسلم) إلى أن قال (أو تخصيصه كالضحى والوتر والتهجد).
قلت: وردت في ذلك أحاديث متعارضة.
منها ما أخبرني الشيخ أبو إسحاق التنوخي أنا أبو محمد بن أبي الثابت أنا إسماعيل بن أحمد عن شهدة أنا طراد أنا علي بن عبد اللَّه بن إبراهيم ثنا محمد بن عمرو ثنا سعدان بن نصر ثنا أبو بدر ثنا أبو جناب عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ثَلَاث هُنَّ عَلَيَّ فَرائِضُ، وَهُنَّ لَكُمْ تَطَوُّعٌ: الوِتْرُ وَالأَضْحَى وصَلَاةُ الضُّحَى".
هذا حديث غريب، أخرجه أحمد عن شجاع بن الوليد وهو أبو بدر المذكور في روايتنا (1).
فوقع لنا موافقة عالية، وأخرجه ابن عدي والدارقطني والحاكم من طرق عن أبي بدر. (2).
أورده ابن عدي في منكرات أبي جناب، وأورده الحاكم شاهدا لحديث علي "ليس الوتر بحتم" ولم يتكلم عليه.
وأبو جَنَاب بفتح الجيم والنون الخفيفة وآخرى موحدة اسمه يحيى بن أبي حية بمهملة وتحتانية، واسم أبي حية حي، كلبي كوفي ضعيف الحديث لكثرة تدليسه. قال يحيى القطان: لا أستحل الرواية عنه. وقال أحمد: كثير
(1) رواه أحمد (2050).
(2)
رواه ابن عدي (7/ 2670) والدارقطني (2/ 12) والحاكم (1/ 300) والبيهقي (2/ 468).
المناكير. وقال أبو حاتم: لا يكتب حديثه. وقال يحيى بن معين: صدوق لكنه كثير التدليس. وذكره ابن حبان في الثقات (1)، وذكره أيضًا في الضعفاء فقال: كان يدلس عن الثقات ما سمعه من الضعفاء فالتزقت به تلك المناكير (2).
قلت: وللحديث طريق أخرى.
أخبرني محمد بن إبراهيم الدمشقي أنا أحمد بن نعمة عن محمد بن مسعود أنا أبو الوقت أنا عبد الرحمن بن محمد أنا عبد اللَّه بن أحمد أنا أبو محمد الشاشي أنا أبو محمد الكشي أنا أبو نعيم ثنا الحسن بن صالح (ح).
وأخبرني عاليا إبراهيم بن أحمد البعلي وأبو هريرة ابن الذهبي قراءة على الأول وإجازة من الثاني قالا أنا محمد بن أبي بكر الصفار قال الأول إجازة والثاني سماعًا قال قرئ على صفية بنت عبد الوهاب وأنا أسمع عن محمود بن عبد الكريم أنا أبو بكر بن ماجة أنا أبو جعفر المرزبان أنا أبو جعفر الجَزَوَّري أنا أبو جعفر المصيصي ثنا شريك كلاهما عن جابر عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "كُتِبَ عَلَيَّ الأَضْحَى وَلَمْ يُكْتَبْ عَلَيْكُم، وَأُمِرْتُ بِصَلَاةِ الضُّحَى وَلَمْ تُؤْمَرُوا بِهَا"(3).
وهذا أيضًا ضعيف لضعف جابر وهو ابن يزيد الجعفي.
ويدل على عدم وجوبها عليه ما اتفق عليه الشيخان من حديث عائشة رضي الله عنها قال: مما سبح رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم سبحة الضحى (4).
(1) الثقات (7/ 597).
(2)
كتاب المجروحين (3/ 111).
(3)
رواه عبد بن حميد في المنتخب من المسند (586) هكذا، ورواه أيضًا أحمد (2065 و 2081 و 2918 و 2919 و 2920) والبزار (2434) والطبراني في الكبير (11802 و 11803).
(4)
رواه البخاري (1128 و 1177) ومسلم (718).
ولمسلم عن عبد اللَّه بن شقيق قال "قلت لعائشة رضي الله عنها: أكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى؟ قالت: لا إلا أن يجيء من مغيبه"(1).
وله عن معاذة عن عائشة قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى أربعا ويزيد ما شاء اللَّه (2).
فيجمع بين الأول والثالث بما دل عليه الثاني، وذلك كاف فى الدلالة على عدم المواظبة.
وروى الترمذي عن أبي سعيد قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى حتى نقول لا يدعها، ويدعها حتى نقول لا يصليها (3).
وجاء في الوتر أيضًا: ما أخبرني عبد اللَّه بن عمر بن علي عن زينب بنت الكمال أن يوسف بن خليل أخبرهم في كتابه أنا خليل بن بدر أنا الحسن بن أحمد أنا أحمد بن عبد اللَّه ثنا الطبراني ثنا بكر بن سهل ثنا عبد الغني بن سعيد الثقفي ثنا موسى بن عبد الرحمن الصنعاني عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "ثَلَاثُ هُنَّ عَلَيَّ فَرائِضُ: الوِتْرُ وَالسِّوَاكُ وَقِيَامُ اللَّيْلِ"(4).
وبه إلى الطبراني قال: لم يروه عن هشام إلا موسى، تفرد به عبد الغني.
وأخرجه البيهقي عن الحاكم عن الأصم عن بكر بن سهل. (5).
فوقع لنا عاليا على طريقه، وقال: موسى ضعيف جدًا:
(1) رواه مسلم (717).
(2)
رواه مسلم (719).
(3)
رواه الترمذي (477) وأحمد (3/ 21 و 36) وفي إسناده عطية العوفي وهو ضعيف. ومع ذلك حسنه الترمذي.
(4)
رواه الطبراني في الأوسط (ص 317 مجمع البحرين) قال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد (8/ 264) وفيه موسى بن عبد الرحمن الصنعاني، وهو كذاب.
(5)
رواه البيهقي (7/ 39).
قلت: رماه ابن حبان بالوضع، وقال ابن حبان: أحاديثه بواطيل، والراوي عنه ضعيف أيضًا.
قال البيهقي في باب تخصيصه بقيام الليل: لا يثبت في هذا إسناد واللَّه أعلم (1).
آخر المجلس الثاني والستين بعد المائة وهو الثاني عشر من تخريج أحاديث المختصر.
(1) السنن (7/ 39) للبيهقي.
[المجلس الثالث عشر]
ويدل على أن الوتر ليس واجبا عليه صلى الله عليه وسلم ما ثبت في الصحيحين أنه كان يوتر على راحلته ولا يصلي عليها المكتوبة (1).
ودعوى خصوصيته بإيقاع هذا الواجب على الراحلة يحتاج إلى دليل، وكذا دعوى أن الواجب عليه في الحضر دون السفر.
وأما قيام الليل فحكى الشيخ أبو حامد عن الشافعي أن وجوبه في حقه نسخ كما نسخ في حق الأمة، وكأنه أشار إلى حديث عائشة قالت: نزلت سورة المزمل فقام النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من الليل حتى ورمت أقدامهم وأمسك اللَّه خاتمتها اثني عشر شهرًا، ثم نزل التخفيف، فصار قيام الليل تطوعا بعد أن كان فريضة.
أخبرني أبو الفرج بن العزي أنا أبو الحسن بن قريش أنا أبو الفرج بن الصيقل عن أبي الحسين بن أبي منصور أنا أبو علي الحداد أنا أبو نعيم أنا أبو عمرو بن حمدان ثنا عبد اللَّه بن محمد بن شيرويه ثنا إسحاق بن إبراهيم بن راهويه (ح).
وبه إلى أبي نعيم قال وثنا عاليا سليمان بن أحمد أنا الدبرى قالا أنا عبد الرزاق أنا معمر عن قتادة عن زرارة بن أبي أوفى عن سعد بن هشام أنه دخل على عائشة رضي الله عنها فذكر حديثا طويلا فيه هذا (2).
أخرجه مسلم عن إسحاق بن راهويه وابن حبان عن ابن شيرويه، فوافقناهما بعلو، ووقع لنا عاليا بدرجتين من الطريق الأخرى (3).
(1) رواه البخاري (999 و 1000 و 1095 و 1096 و 1098 و 1105) ومسلم (700).
(2)
رواه عبد الرزاق (4714) وأحمد (6/ 53 - 54) والنسائي (3/ 199 - 201).
(3)
رواه مسلم (746).
قوله (والمشاورة والتخيير).
أما المشاورة فلم أر لها دليلًا في الأخبار، وقوله تعالى {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} لا يدل بمجرده على الخصوصية.
وقد حكى الشافعي عن الحسن البصري قال: إن كان النبي صلى الله عليه وسلم لغنيًا عن المشاورة، ولكن أراد اللَّه أن يستن به الحكام بعده.
وروى الشافعي أيضًا عن أبي هريرة قال: ما رأيت أحدا أكثر مشاورة لأصحابه من النبي صلى الله عليه وسلم (1).
ولم يذكر البيهقي في هذا الباب غير هذين الأثرين، وقد أثنى اللَّه تعالى على أصحاب المشاورة بقوله تعالى {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} .
آخر المجلس الثالث والستين بعد المائة وهو الثالث عشر من أمالي تخريج المختصر.
(1) السنن الكبرى (7/ 45 - 46) للبيهقي.
[المجلس الرابع عشر]
وقد وقع لي حديث أبي هريرة موصولًا.
أخبرني العماد أبو بكر بن إبراهيم بن العز أنا أبو عبد اللَّه بن الزراد أنا أحمد بن عبد الدائم أنا عبد الرحمن بن علي اللخمي أنا أبو الحسين بن المسلم السلمي أنا أبو الحسين أحمد بن عبد الواحد بن أبي بكر بن أبي الحديد أنا جدي ثنا محمد بن جعفر ثنا أبو بكر بن الطباع ثنا عبد اللَّه بن بكر ثنا يحيى بن أنيسة عن الزهري عن سعيد بن المسيب أو عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ما رأيت أحدا بعد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أكثر استشارة للرجال من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.
أخرجه الشافعي عن ابن عبيدة عن الزهري قال قال أبو هريرة فذكره منقطعا.
وراوي هذه الطريق الموصولة مع شكه فيها ضعيف.
ووقع لي أثر آخر من طريق أخرى مرفوعًا.
أخبرنا عبد اللَّه بن محمد النيسابوري إذ نا عن محمد بن رزين أنا أبو الحسن المقير في كتابه عن أبي الكرم الشهرزوري أنا إسماعيل بن مسعدة أنا حمزة بن يوسف ثنا أبو أحمد بن عدي أنا أحمد بن خالد بن عبد الملك بحران ثنا الوليد بن عبد الملك ثنا مخلد هو ابن يزيد الحراني ثنا عباد بن كثير الرملي عن ابن طاووس عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما نزلت {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "أَمَا إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَغَنَّيانِ عَنْهَا، وَلَكِنْ جَعَلَهَا اللَّهُ رَحْمَةً لأُمَّتِي، فَمَنِ اسْتَشَارَ مِنْهُمْ لَمْ يُعْدَمْ رُشْدًا، وَمَنْ تَركَهَا لَمْ يْعْدَمْ غَيًّا"(1)
(1) رواه ابن عدي في الكامل (4/ 1644).
هذا حديث غريب، أخرجه البيهقي في الشعب عن أبي سعد الماليني عن ابن عدي، وقال: تفرد به الحرانيون، وابن عدي أخرجه في ترجمة عباد بن كثير وهو مختلف فيه وثقه يحيى بن معين، وأخرج له البخاري، في كتاب الأدب خارج الصحيح، وضعفه أبو حاتم وجماعة، ولهم شيخ آخر يقال له عباد بن كثير بصري سكن مكة، اتفقوا على توهينه، وبقية رجاله رجال الصحيح، إلا الوليد والراوي عنه، فأما الوليد فلا أعرف فيه جرحًا ولا تعديلا، وأما ابن أخيه فلينه الدارقطني.
قوله (وأما التخيير) فأشار إلى قوله تعالى {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا} الآية.
وقد ورد في ذلك أحاديث.
منها ما أخبرني أبو الفرج بن الغزي بالاسناد الماضى إلى أبي نعيم نا محمد بن إبراهيم نا محمد بن الحسن نا حرملة نا ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن (ح).
وقرأته عاليا على أم يوسف الصالحية بها عن الحسن بن عمر الكردي أنا عبد اللَّه بن عمر بن علي قراءة عليه وأنا حاضر وإجازة أنا أبو المعالي بن النحاس أنا الحسين بن محمد السراج أنا الحسين بن أحمد ثنا عثمان بن أحمد نا الحسن بن مكرم نا عثمان بن عمر ثنا يونس عن الزهري عن أبي سلمة عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: لما أمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بتخيير أزواجه بدأ بي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: "يَا عائِشَةُ إِنِّي ذَاكِرُ لَكِ أَمْرًا" وفي رواية عثمان: "إِنِّي مُخُبِرُكِ خَبَرًا فَلَا عَلَيْكِ أَلَّا تَعْجلي حَتَّى تَسْتَأْمِري أَبَوَيْكِ" قالت: وقد علم أن أبوي لم يكونا يأمراني بفراقه، قال: "إِنَّ اللَّهَ عز وجل يَقُولُ {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ} إلى قوله {أَجْرًا عَظِيمًا} قلت: في أي هذا وفي رواية عثمان أفي هذا أستأمر أبوي؟ فإني أريد اللَّه ورسوله والدار الآخرة، قالت: ثم فعل أزواج النبي
-صلى الله عليه وسلم مثل ما فعلت، وفي رواية عثمان كما فعلت.
هذا حديث صحيح أخرجه البخاري من رواية شعيب عن الزهري، ومسلم عن حرملة، وأحمد عن عثمان بن عمر (1).
فوافقناهما بعلو.
وأخرجه الترمذي عن عبد بن حميد وابن الجارود عن الذهلي كلاهما عن عثمان بن عمر (2).
فوقع لنا بدلا عاليا، قال الترمذي: وقد رواه معمر عن الزهري فقال: عن عروة عن عائشة.
قلت: هي رواية عبد الرزاق عنه علقها البخاري (3).
وأخرجها مسلم عقب رواية الزهري عن عبيد اللَّه عن ابن عباس عن عمر (4). وأغفلها المزي.
قال البخاري: وقال موسى بن أعين عن معمر عن الزهري عن أبي سلمة يعني مثل رواية الجماعة، وطريق موسى هذه وصلها النسائي وقال: إنها الصواب واللَّه أعلم (5).
آخر المجلس الرابع والستين بعد المائة وهو الرابع عشر من تخريج أحاديث المختصر.
(1) رواه البخاري (4785 و 4786) ومسلم (1475) وأحمد (6/ 77 - 78 و 152 - 153 و 163 و 211 - 212 و 248 و 263 - 264) من هذه الطرق وغيرها.
(2)
رواه الترمذي (3202) وابن الجارود (739).
(3)
بعد الحديث (4786) وانظر الفتح (8/ 522 - 523).
(4)
رواه مسلم (1479).
(5)
رواه النسائي (6/ 55 - 56).
[المجلس الخامس عشر]
قال المملي رضي الله عنه: قوله (والوصال).
يريد أن من خصائصه صلى الله عليه وسلم جواز الوصال بخلاف الأمثلة المتقدمة، فإنها من قسم ما اختص به من الواجبات عليه.
والدليل على جوازه له دون غيره: ما أخبرنا أبو علي الجيزي وأبو الحسن الجوزي سماعا عليهما مفترقين، كلاهما عن ست الوزراء بنت عمر بن أسعد إجازة إن لم يكن سماعا قالت: أخبرنا الحسين بن المبارك أخبرنا أبو زرعة الهمداني أخبرنا أبو الحسن الكرجي أخبرنا أحمد بن الحسن حدثنا محمد بن يعقوب أخبرنا الربيع بن سليمان (ح).
وأخبرنا أبو هريرة بن الذهبي وفاطمة بنت محمد المقدسية إجازة من الأول وسماعا على الأخرى [قالا: أخبرنا يحيى بن محمد بن سعد قال الأول: سماعا والأخرى: إجازة قال:] أخبرنا الحسن بن يحيى في كتابه أخبرنا أبو محمد بن رفاعة أخبرنا أبو الحسن الخلعي أخبرنا أبو عبد اللَّه بن النظيف أخبرنا أبو الفوارس الصابوني [حدثنا] المزني قالا: أخبرنا الشافعي (ح).
وأخبرني أبو الفرج بن حماد أخبرنا علي بن إسماعيل أخبرنا عبد اللطيف الحراني عن مسعود الجمال أخبرنا أبو علي الحداد أخبرنا أبو نعيم حدثنا أحمد بن يوسف حدثنا محمد بن غالب حدثنا القعنبي (ح).
وأخبرنا أبو عبد اللَّه بن قوام أخبرنا أبو الحسن بن هلال أخبرنا الرضى بن البرهان أخبرنا أبو الحسن الطوسي أخبرنا هبة اللَّه بن سهار أخبرنا سعيد بن محمد أخبرنا زاهر بن أحمد أخبرنا إبراهيم بن عبد الصمد حدثنا أبو مصعب قالوا: أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول
اللَّه صلى الله عليه وسلم نهي عن الوصال، قيل: فإنك تواصل؟ قال: "إِنِّي لَسْتُ مِثْلَكُمْ، إِنِّي أُطْعَمُ وَأُسْقَى"(1).
هذا حديث صحيح متفق عليه، أخرجه البخاري عن عبد اللَّه بن يوسف، ومسلم عن يحيى بن يحيى، وأبو داود عن القعنبي، ثلاثتهم عن مالك (2).
فوقع لنا بدلًا، وموافاقة لأبي داود بعلو.
وأخرجه الشيخان أيضًا من طرق أخرى عن نافع (3).
وأخرجاه أيضًا من حديث أنس وأبي هريرة وعائشة.
وفي رواية كل منهم ما ليس عند الآخر.
أما حديث أنس فأخبرنا أحمد بن علي بن يحيى الدمشقي بها وقرئ على أبي إسحاق البعلي وأنا أسمع بالقاهرة قالا: أخبرنا أحمد بن أبي طالب أخبرنا عبد اللَّه بن عمر بن علي أخبرنا عبد الأول بن عيسى أخبرنا عبد الرحمن بن محمد أخبرنا أبو محمد بن أعين أخبرنا عيسى بن عمر أخبرنا أبو محمد الدارمي حدثنا سعيد بن الربيع حدثنا شعبة عن قتادة عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لَا تُواَصِلُوا" قالوا: فانك تفعل ذلك؛ قال: "إِنِّي لَسْتُ كَأَحَدِكُمْ، إنِّي أُطْعَمُ وَأُسْقَى"(4). أخرجه البخاري عن مسدد عن يحيى بن القطان عن شعبة (5).
فوقع لنا عاليا بدرجة.
واتفقا عليه من رواية ثابت عن أنس بزيادة سبب النهى.
(1) رواه مالك (1/ 220) ولفظه "إني لست كهيئتكم" وكذلك لفظ مسلم وأبي داود.
(2)
رواه البخاري (1962) ومسلم (1102) وأبو داود (2360).
(3)
رواه البخاري (1922) ومسلم (1102).
(4)
رواه الدارمي (1711) وعنده قيل: إنك تفعك ذلك.
(5)
رواه البخاري (1961).
أخبرني الشيخ أبو إسحاق البعلي بالسند الذي قبله إلى أبي محمد بن أعين أخبرنا إبراهيم بن خزيم أخبرنا عبد بن حميد حدثنا هاشم بن القاسم حدثنا سليمان بن المغيرة (ح).
وأخبرني أبو الفرج بن حماد بالإسناد الماضى قبل إلى أبي نعيم حدثنا أبو أحمد الغطريفي حدثنا ابن يس حدثنا أبو الأشعث (ح).
وبه إلى أبي نعيم قال وحدثنا أبو حامد النيسابوري حدثنا ابن خزيمة عمرو بن علي قالا حدثنا خالد بن الحارث (ح).
وبه إلى أبي نعيم قال وحدثنا عاليا أبو بكر بن خلاد حدثنا الحارث بن أبي أسامة حدثنا عبد اللَّه بن بكر قال هو وخالد حدثنا حميد واللفظ له كلاهما عن ثابت عن أنس رضي الله عنه قال: واصل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في آخر الشهر، فواصل ناس، فبلغ ذلك النبى صلى الله عليه وسلم فقال:"لَوْ مُدَّ لَنَا في الشَّهْر لَوَاصَلْتُ وِصَالًا لَا يَدَعُ المُتَعَمِّقُونَ تَعَمُّقَهُمْ، إِنَّكُمْ لَسْتُمْ كَهَيْأتِي إِنِّي يُطْعِمنُي رَبِّي وَيَسْقِيني"(1).
أخرجه البخاري من رواية عبد الأعلى بن عبد الأعلى عن حميد، وعلقمة لسليمان بن المغيرة (2).
وأخرجه مسلم عن عاصمٍ بن النضر عن خالد بن الحارث، فوقع لنا بدلا عاليا بدرجة، وأخرجه أيضًا عن أبي خيثمة، زهير بن حرب عن أبي النضر هاشم بن القاسم، فوقع لنا بدلا عاليا بدرجتين واللَّه أعلم (3).
آخر المجلس الخامس عشر من تخريج أحاديث المختصر وهو الخامس والستون بعد المائة من الأمالي.
(1) رواه ابن خزيمة (2070).
(2)
رواه البخاري (7241).
(3)
رواه مسلم (1104).
[المجلس السادس عشر]
قال المملي رضي الله عنه: وأما حديث أبي هريرة فأخبرنا أبو عبد اللَّه بن قوام بالسند الماضى إلى أبي مصعب أخبرنا مالك (ح). وأخبرني أحمد بن علي بن يحيى العلوي بالسند الماضى إلى الدارمي حدثنا خالد بن مخلد حدثنا مالك (ح).
وأخبرني أبو الفرج بن حماد بالسند الماضى إلى أبي نعيم حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن حدثنا بشر بن موسى حدثنا سعيد بن منصور حدثنا مغيرة بن عبد الرحمن كلاهما عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"إِيَّاكُمْ وَالْوصَالَ" مرتين، قالوا: فإنك تواصل، قال:"إنِّي لَسْتُ مِثْلَكُمْ، إِنِّي أَبِيتُ يُطْعِمُني رَبِّي وَيَسْقِيني"(1).
إنفرد باخراجه مسلم من رواية أبي الزناد عن الأعرج، فأخرجه عن قتيبة عن مغيرة. (2)
فوقع لنا بدلًا عاليا.
وأخرجه أبو عوانة عن يونس بن عبد الأعلى عن عبد اللَّه بن وهب عن مالك. وأخرجه البخاري من رواية همام. ومسلم من رواية أبي زرعة بن عمرو كلاهما عن أبي هريرة (3)، واتفقا عليه من رواية أبي سلمة بن عبد الرحمن عنه، وسياقه أتم.
وبه إلى أبي نعيم حدثنا أبو عمرو بن حمدان ومحمد بن إبراهيم قال الأول: حدثنا الحسن بن سفيان والثاني: حدثنا محمد بن الحسن قالا:
(1) رواه مالك (1/ 220).
(2)
رواه مسلم (1103).
(3)
رواه البخاري (1966) ومسلم (1103).
حدثنا حرملة بن يحيى حدثنا ابن وهب حدثني يونس بن يزيد أخبرنا ابن شهاب أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن الوصال، فقال رجل من المسلمين: فإنك يا رسول اللَّه تواصل، قال:"إِنِّي أَبيتُ يُطْعِمُني رَبِّي وَيَسْقيني" فلما أبوا أن ينتهوا عن الوصال، واصل بهم يوما ثم يوما، ثم رأوا الهلال، فقال:"لَوْ تأَخَّرَ الهلَّالُ لَزِدْتُكُمْ" كالمنكل لهم حين أبوا أن ينتهوا عن الوصال.
أخرجه مسلم عن حرملة بن يحيى، فوافقناه بعلو درجة، وأخرجه البخاري من رواية شعيب عن الزهري. وأخرجه مسلم أيضًا من رواية أبي صالح عن أبي هريرة ولم يسق لفظه، وفيه زيادة يكثر السؤال عنها ونفى بعضهم صحتها (1).
وبه إلى أبي نعيم حدثنا محمد بن علي بن جيش حدثنا القاسم بن زكريا حدثنا إبراهيم بن سعيد (ح).
وأخبرني أبو المعالي الأزهري أخبرنا أبو العباس الحلبي أخبرنا أبو الفرج الحراني أخبرنا أبو محمد الحربي أخبرنا أبو القاسم الشيباني أخبرنا أبو علي التميمي أخبرنا أبو بكر المالكي حدثنا عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل حدثني أبي قالا: حدثنا ابن غير حدثنا الأعمش عن [أبي] صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن الوصال، فقالوا: إنك تواصل، قال:"إِنِّي لَسْتُ مِثلكُمْ، إِنِّي أَظَلُّ عِنْدَ رَبِّي يُطْعِمنُي وَيَسْقِيني، فَاكْلفُوا مِنَ العَمَلِ مَا تُطِيقُونَ"(2).
أخرجه مسلم عن محمد بن عبد اللَّه بن نمير عن أبيه، فوقع لنا بدلا عاليا. وقال مسلم في روايته نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بمثله. وأحال به علي ما قبله وهو لفظ أبي زرعة عن أبي هريرة، وليس فيه عند ربي، بل لفظه: "إِنِّي أَبيتُ
(1) رواه البخاري (1965) ومسلم (1103).
(2)
رواه أحمد (2/ 495 - 496).
يُطْعِمنُي رَبي وَيَسْقِيني" والباقي مثله (1). وقد رواه أيضًا أبو معاوية عن الأعمش فزادها، وسياقه أتم.
وبه إلى أحمد حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: واصل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فبلغ ذلك الناس، فواصلوا فبلغ ذلك رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فنهاهم وقال:"إِنِّي لَسْت مِثْلَكُمْ" فذكر باقي الحديث مثله سواء. (2)
وهكذا أخرجه أبو عوانة عن علي بن حرب عن أبي معاوية، وأخرجه سعيد بن منصور عن أبي معاوية مثله. وأخرجه ابن خزيمة من طريق عبيدة بن حميد عن الأعمش كذلك. (3) ولم ينفرد به الأعمش، بل تابعه عاصم بن أبي النجود عن أبي صالح، أخرجه أحمد أيضًا عن أسود بن عامر عن أبي بكر بن عياش عن عاصم (4). ووقع معنى اللفظة المذكورة أيضًا في حديث عائشة كما سأذكره إن شاء اللَّه تعالى واللَّه أعلم.
آخر المجلس السادس عشر من تخريج أحاديث المختصر وهو السادس والستون بعد المائة من الأمالي.
(1) رواه مسلم (1103).
(2)
رواه أحمد (2/ 253).
(3)
رواه ابن خزيمة (2072).
(4)
رواه أحمد (2/ 377).
[المجلس السابع عشر]
قال المملي رضي الله عنه: وأما حديث عائشة فأخبرني أبو الفرج بن الغزي بالسند الماضى إلى أبي نعيم حدثنا أبو عمرو بن حمدان وأبو أحمد الغطريفي وأبو محمد بن حيان قال الأول: حدثنا الحسن بن سفيان حدثنا عثمان بن أبي شيبة، وقال الثاني: حدثنا عبد اللَّه بن محمد الأزدي حدثنا إسحاق بن راهويه، وقال الثالث: حدثنا أبو يعلى وأحمد بن هارون، قال الأول: حدثنا أبو خثيمة، والثاني: حدثنا هارون بن إسحاق، قال الأربعة: حدثنا الا إسحاق فقال: أخبرنا عبدة بن سليمان حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في الوصال، قالوا: فإنك تواصل، قال:"إِنَّما هِيَ رَحْمَةٌ رَحِمَكُمُ اللَّهِ بها، إِنِّي أَظَلُّ عِنْدَ اللَّهِ يُطْعمِنُي وَيَسْقيني".
هكذا أورده أبو نعيم، واقتضى إيراده أن ألفاظ الأربعة سواء، فأما إسحاق فقد أخرجه مسلم عنه بلفظ:"أَظَلُّ يُطْعُمني رَبِّي وَيَسقيني"(1).
وأما هارون فأخرجه الإسماعيلي عن القاسم بن زكريا وعبد اللَّه بن ناجية كلاهما عن هارون مثل رواية إسحاق.
وأما رواية أبي خيثمة فهي في مسند أبي يعلي عنه كذلك (2).
وأما رواية عثمان فأخرجها البخاري عنه وعن محمد بن سلام كلاهما عن عبدة مثل رواية إسحاق (3).
وكذا أخرجها مسلم عنه مقرونا باسحاق، فيحتمل أن يكون الشيخان
(1) رواه مسلم (1105) ولفظه "إني يطعمني ربي ويسقيني".
(2)
الذي في مسند أبي يعلى (4378) عن عثمان عن عبدة، فلعل الرواية التي ذكرها الحافظ في المسند الكبير.
(3)
رواه البخاري (1964).
حملا رواية عثمان على رواية غيره. ويحتمل أن يكون عثمان حدث به على الوجهين.
وقد أخرجه الإسماعيلي عن الحسن بن سفيان وعمران بن موسى وجعفر الفريابي ثلاثتهم عن عثمان بن أبي شيبة. وبين أن لفظ الحسن "عند اللَّه" ولفظ عمران "عند ربي"، ولفظ جعفر مثل إسحاق، وتمسك بقوله:"إِنَّما هِيَ رَحْمَةٌ" من ذهب إلى أن النهي عن الوصال ليس للتحريم، بل لخشية المشقة. وأصرح من ذلك ما أخبرني أبو المعالي الأزهري بالسند الماضى إلى عبد اللَّه بن أحمد قال حدثني أبي حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ووكيع فرقهما قالا: حدثنا سفيان الثوري عن عبد الرحمن بن عابس عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: حدثني رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الحجامة والمواصلة في الصيام إبقاء على أصحابه ولم يحرمهما، فقيل يا رسول اللَّه إنك تواصل، قال:"إِنِّي لَسْتُ كَأَحَدٍ مِنْكُمْ، إِنِّي أَظَلُّ يُطْعِمنُي رَبِّي وَيَسْقيني"(1).
أخرجه أبو داود عن أحمد بن حنبل عن عبد الرحمن بن مهدي على الموافقة (2) وإسناده على شرط الصحيح، إذ لا يضر ترك تسمية الصحابي.
لكن يعارضه ما أخبرني عبد اللَّه بن عمر بن علي عن زينب المقدسية أن يوسف بن خليل الحافظ أخبرهم في كتابه قال أخبرنا خليل بن أبي الرجاء أخبرنا الحسن بن أحمد أخبرنا أحمد بن عبد اللَّه بن أحمد قال حدثنا سليمان بن أحمد حدثنا بكر بن سهل حدثنا عبد اللَّه بن يوسف حدثني يحيى بن حمزة حدثنا ثور بن يزيد حدثنا علي بن أبي طلحة عن عبد الملك عن أبي ذر رضي الله عنه قال: واصل النبي صلى الله عليه وسلم بين يومين وليلة ثم أتاه جبريل فقال: إن اللَّه
(1) رواه أحمد (4/ 314 و 315) وليس عنده عن وكيع وإنما عن عبد الرزاق، وهذا اللفظ ليس له.
(2)
رواه أبو داود (2374) ولفظه "إني أواصل إلى السحر وربي يطعمني ويسقيني".
قبل وصالك، ولا يحل لأحد بعدك، وذلك أن اللَّه تعالى يقول {أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} فلا صيام بعد دخول الليل (1).
قال سليمان: لا يروى عن أبي ذر إلا بهذا الإسناد.
قلت: رواته ثقات إلا عبد الملك فلم أقف له على ترجمه.
ويدخل في هذا ما قرأت على فاطمة بنت محمد بن عبد الهادي عن محمد بن عبد الحميد أخبرنا إسماعيل بن عبد القوي عن فاطمة بنت سعد الخير سماعا على فاطمة الجوزذانية قراءة عليها أن محمد بن عبد اللَّه التاجر أخبرهم أخبرنا الطبراني حدثنا. [أبو] مسلم الكجي ومحمد بن محمد التمار وعمر بن حفص السدوسي قال الأولان: حدثنا أبو الوليد الطيالسي والثالث: حدثنا عاصم بن علي قالا: حدثنا عبيد اللَّه بن إياد بن لقيط عن أبيه عن ليلى امرأة بشير بن الخصاجية قالت: كنت أصوم فأواصل، فنهاني عنه بشير رضي الله عنه، وقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنه، وقال:"إنَّما يَفْعَلُهُ النَّصَارَى" ولكن صومي فإذا جاء الليل فأفطري كما أمر اللَّه تعالى ثم أتموا الصيام إلى الليل (2).
هذا حديث حسن أخرجه أحمد عن أبي الوليد (3).
فوافقناه بعلو، ورجاله رجال الصحيح إلا ليلى فلم أر فيها جرحا لأحد (4) واللَّه أعلم.
آخر المجلس السابع عشر من تخريج أحاديث المختصر وهو السابع والستون بعد المائة من الأمالي.
(1) رواه الطبراني في الأوسط (ص 134 - 135 مجمع البحرين) قال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد (3/ 158) ولم أعرف عبد الملك، وبقية رجاله رجال الصحيح.
قلت: بكر بن سهل فيه كلام.
(2)
رواه الطبراني في الكبير (1231).
(3)
رواه أحمد (5/ 225).
(4)
وهي جهدمة اختلف في صحبتها.
[المجلس الثامن عشر]
قال المملي رضي الله عنه:
ومما يدخل في هذا الباب ما قرئ علي أم الفضل بنت الشيخ أبي إسحاق بن سلطان وأنا أسمع بدمشق عن القاسم بن مظفر بن عساكر إجازة إن لم يكن سماعا وهي آخر من حدث عنه بالسماع أنا أبو الوفاء بن مندة في كتابه أنا أبو الخير الباغبان أنا أبو عمرو بن أبي عبد اللَّه بن مندة أنا أبي أنا أحمد بن الحسن بن عتبة أنا يحيى بن عثمان بن صالح نا سعيد بن أبي مريم نا عبد اللَّه بن فروخ (ح).
وبه إلى أبي عبد اللَّه بن مندة نا محمد بن عمرو نا عمران بن موسى ثنا محمد بن حميد ثنا الفضل بن موسى قالا: ثنا أبو فروة يزيد بن سنان الرهاوي عن معقل الكناني عن عبادة بن نسي عن أبي سعد الخير رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَكْتُبْ صِيَامَ اللَّيْل، فَمَنْ صَامَ فَلْيَتَعَنَّ وَلَا أجْرَ لَهُ"(1).
وبه إلى ابن منده قال: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه انتهى.
وأخرجه الترمذي في العلل المفرد عن محمد بن حميد، فوقع لنا موافقة عالية. قال الترمذي: سألت محمدا عنه يعني البخاري، فقال: لا أعلم لعبادة سماعا لأبي سعد الخير، وأبو فروة صدوق.
قلت: ومعقل الكناني لا أعرفه إلا في هذا الحديث، وقد ذكره البخاري وابن أبي حاتم وابن حبان فلم يعرفوه بأكثر مما في هذا الإسناد، وأبو سعد الخير ذكره الحاكم أبو أحمد فى الكنى فيمن لا يعرف اسمه، وأخرج حديثه
(1) ونسبه السيوطي في الجامع الصغير إلى ابن قانع والشيرازي في الألقاب.
هذا من وجه آخر عن الفضل بن موسى كما أخرجناه، وعبادة بن نسي شامي تابعي ثقة مشهور، وأبوه بالنون والمهملة مصغر.
قوله (والزيادة على أربع).
قلت: يؤخذ من حديثين، الأول:
أخبرني عبد الرحمن بن عمر بن عبد الحافظ الصالحي فيما قرأت عليه بها، وكتب إلى أخوه عبد اللَّه قالا أنا أبو بكر بن محمد بن عبد الجبار وأحمد بن محمد بن معافى قالا أنا محمد بن إسماعيل قرئ على فاطمة بنت سعد الخير وأنا أسمع أنا أبو القاسم المستملي أنا أبو سعد الكنجروذي أنا أبو عمرو بن حمدان أنا أبو يعلى نا عبيد اللَّه القواريري ثنا معاذ بن هشام ثنا أبي عن قتادة عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطوف على نسائه في الساعة من الليل والنهار وهن إحدى عشرة، قلت لأنس: أكان يطيق ذلك؟ قال: كنا نتحدث أنه أعطي قوة ثلاثين (1).
هذا حديث صحيح أخرجه البخاري عن بندار، والنسائي عن إسحاق بن راهويه، وابن خزيمة عن محمد بن منصور ثلاثتهم عن معاذ بن هشام (2).
وقال البخاري: وقال سعيد عن قتادة: وهن تسع نسوة، ثم أسنده في موضع آخر من طريق يزيد بن زريع عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس (3). والجمع بينهما أن الزائدتين على التسع سريتان، وذكرتا في النساء تغليبا.
(1) رواه أبو يعلى (2941) وعنده "يدور" بدل "يطوف" و"له" بدل "أعطي".
(2)
رواه البخاري (268) والنسائي في عشرة النساء من الكبرى كما في تحفة الأشراف (1/ 352) وابن خزيمة (231).
(3)
رواه البخاري (284) متصلًا. وبهامش الأصل هنا: ورأيت في هذا المحل بخط العلامة ابن خضر تغمده اللَّه برحمه ما نصه:
أنشدنا شيخنا شيخ الإسلام من لفظه لنفسه:
مات رسول اللَّه من تسع وهن
…
زينب وحفصة وسودة
عائشة صفية جويرية
…
هند كذا ميمونة ورملة
هند أم سلمة، وميمونة بنت الحارث، ورملة أم حبيبة بنت أبي سفيان.
الحديث الثاني:
أخبرني الشيخ أبو إسحاق التنوخي عن عبد اللَّه بن أحمد بن تمام أنا أبو القاسم بن القميرة قرئ على شهدة وأنا أسمع أن الحسين بن أحمد بن طلحة أخبرهم أنا أبو الحسين بن بشران أنا إسماعيل الصفار ثنا محمد بن عبد الملك بن مروان ثنا يزيد بن هارون أنا سعيد بن أبي عروبة عن معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه رضي الله عنه قال: أسلم غيلان بن سلمة وتحته عشر نسوة كن عنده في الجاهلية وأسلمن معه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"اخْتَرْ أَرْبَعًا".
هذا حديث حسن أخرجه أحمد عن يزيد بن هارون (1)، فوافقناه بعلو.
وأخرجه الترمذى من رواية عبدة بن سليمان عن سعيد بن أبي عروبة (2)، فوقع لنا عاليا.
وحكى عن البخاري أنه أعله بالاختلاف على الزهري في إسناده.
وقد أخرجه النسائي من وجه آخر عن أيوب عن سالم ونافع كلاهما عن ابن عمر (3)، فثبت أن للحديث أصلا واللَّه أعلم.
آخر المجلس الثامن والستين [بعد المائة] من الأمالي، وهو الثامن عشر من تخريج أحاديث المختصر.
(1) رواه أحمد (5558).
(2)
رواه الترمذي (1128).
(3)
وكذا نسبه المصنف إلى النسائي في التلخيص (3/ 169) وليس هو عند النسائي في الصغرى ولا الكبرى، ولم يذكره الحافظ المزي فلعله في كتاب آخر له. وهو عند الدارقطني (3/ 271 - 272) بهذا الإسناد.
[المجلس التاسع عشر]
(قوله أو قرينة مثل صلوا).
قلت: هو طرف من حديث أخبرني به أبو بكر بن إبراهيم بن العز أخبرنا أبو عبد اللَّه بن الزراد أخبرنا أبو علي البكري أخبرنا أبو روح الهروي أخبرنا زاهر بن طاهر أخبرنا محمد بن محمد بن يحيى أخبرنا محمد بن الفضل بن محمد بن إسحاق بن خزيمة أخبرنا جدي حدثنا محمد بن بشار ويحيى بن حكيم فرقهما (ح).
وبالسند الماضى إلى أبي نعيم حدثنا علي بن هارون حدثنا جعفر بن محمد حدثنا قتيبة بن سعيد قالوا: حدثنا عبد الوهاب الثقفي حدثنا أيوب عن أبي قلابة حدثنا مالك بن الحويرث رضي الله عنه قال: أتينا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ونحن شببة متقاربون فأقمنا عنده عشرين ليلة، وكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم رحيما رفيقا، فلما رآنا اشتقنا إلى أهلنا سألنا عمن خلفنا بعدنا، فأخبرناه فقال:"ارْجعُوا إِلى أهْليكُم فَأَقيمُوا فيهمْ وَمروُهُمْ وَعَلِّموهَمْ" وذكر أشياء أحفظها وأشياء لا أحفظها قال: "وَصَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُوني أُصَلِّي، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُم أَحُدكُمْ وَلْيَؤْمَّكم أَكبَرُكُمْ". (1)
هذا حديث صحيح أخرجه البخاري ومسلم من رواية عبد الوهاب الثقفي. وأخرجه البخاري أيضًا من رواية وهيب بن خالد عن أيوب، ولم يقع مقصود الترجمة لمسلم، لأنه أحال به على رواية إسماعيل بن علية وليس فيها "وَصَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمونُى أُصَلِّي"(2).
(قوله وخذوا).
قلت: هو طرف من حديث آخر.
(1) رواه ابن خزيمة (586).
(2)
رواه البخاري (631 و 6008 و 7246) ومسلم (674).
وبالإِسناد الماضى إلى أبي نعيم حدثنا أبو أحمد هو الغطريفي حدثنا عبد اللَّه بن شيرويه حدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا عيسى بن يونس حدثنا ابن جريج (ح).
وقرأته عاليا على أم الحسن التنوخية عن إسماعيل بن يوسف بن مكتوم أخبرنا عبد اللَّه بن عمر بن علي أخبرنا أبو المالكي بن النحاس عن أبي القاسم بن البسري أنبأنا أبو طاهر المخلص شفاها حدثنا ابن بنت منيع هو أبو القاسم البغوي أخبرنا سعيد هو ابن يحيى بن سعيد الأموي حدثنا أبي عن ابن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد اللَّه رضي الله عنهما يقول: رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يرمي الجمرة على راحلته ويقول لنا: "خُذُوا عَنِّي مَنَاسكَكُمْ فَإِنِّي لَا أَدْري لَعَلِّي لَا أَحُجُّ بَعْدَ حَجَّتِي هَذِهِ".
هذا حديث صحيح أخرجه مسلم عن إسحاق بن إبراهيم (1)، فوافقناه بعلو درجة.
وأخرجه مسلم أيضًا وابن خزيمة وأبو داود والنسائي من طرق عن ابن جريج (2)، فوقع لنا عاليا بدرجتين بالنسبة للطريق الأخرى.
ووقعت هذه اللفظة في حديث آخر.
وبه إلى أبي نعيم حدثنا أبو بكر بن خلاد حدثنا الحارث بن أبي أسامة حدثنا عبد الوهاب بن عطاء حدثنا سعيد هو ابن أبي عروبة (ح).
وأخبرني عبد الرحمن بن أحمد بن المبارك بن حماد أخبرنا يوسف بن عمر بن حسين وهو آخر من حدث عنه بالسماع أخبرنا عبد الوهاب بن ظافر الأزدي وهو آخر من حدث عنه بالسماع عن السلفي أخبرنا أبو الخطاب القاري أخبرنا أبو محمد بن البيع حدثنا المحاملي حدثنا يعقوب الدورقي حدثنا يحيى بن سعيد هو القطان عن ابن أبي عروبة عن قتادة (ح).
(1) رواه مسلم (1297) بلفظ "لتأخذوا مناسككم".
(2)
رواه مسلم (1297) وابن خزيمة (2877) وأبو داود (1970) والنسائي (5/ 270).
وأخبرني أبو عبد اللَّه بن منيع أخبرنا عبد اللَّه بن الحسين أخبرنا محمد بن أبي بكر عن السلفي أخبرنا أبو غالب الباقلاني أخبرنا أبو الطاهر القاسم بن بشران أخبرنا أبو محمد الفاكهي حدثنا أبو يحيى بن أبي ميسرة حدثنا العلاء بن عبد الجبار حدثنا حماد بن سلمة عن قتادة وحميد عن الحسن عن حطان بن عبد اللَّه الرقاشي عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه وكان عقبيا بدريا أحد نقباء الأنصار قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه الوحي كرب لذلك وتربد له وجهه فأنزل عليه فلقي ذلك، ثم سري عنه فقال:"خُذُوا عَنِّي، قَدْ جَعَلَ اللَّه لَهُنَّ سبيلًا، الثَّيِّبُ بِالثيِّب والبِكْرُ بالِبكْرِ، الثَّيِّبُ جلْدُ مِئَةٍ ثُمَّ الرَّجْمُ، وَالبكْرُ جَلْدُ هِلئةٍ ثُمَّ نَفْيُ سَنَةٍ" لفظ عبد الوهاب، ولفظ حماد قريب منه. وأول حديث يحيى بن سعيد:"خُذُوا عَنِّي خُذوا عَنِّي" ولم يذكر ما قبله، وكذا وقعت مكررة [في رواية حماد].
هذا حديث صحيح أخرجه مسلم من رواية عبد الأعلى عن سعيد بن أبي عروبة (1)، فوقع لنا عاليا بدرجتين. وأخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه من رواية يحيى بن سعيد القطان (2)، فوقع لنا بدلا عاليا. وأخرجه أبو عوانة عن الحارث فوافقناه بعلو. ووقع لنا من وجه آخر أعلى إلى الحسن بدرجة أخرى.
وأخبرني علي بن محمد الخطيب عن الدشتي أخبرنا يوسف بن خليل أخبرنا محمد بن أبي زيد أخبرنا الحسن بن أحمد أخبرنا أحمد بن عبد اللَّه حدثنا عبد اللَّه بن جعفر حدثنا يونس بن حبيب حدثنا أبو داود الطيالسي حدثنا جرير بن حازم وذكره مبارك بن فضالة كلاهما عن الحسن فذكر الحديث بنحوه وقال فيه: "خُذُوا خُذُوا" مرتين لم يقل فيهما عني (3).
(1) رواه مسلم (1690).
(2)
رواه أبو داود (4415) وابن ماجه (2550) والنسائى في فضائل القرآن (5) والرجم والتفسير من الكبرى.
(3)
رواه أبو داود الطيالسي (1514).
أخرجه أبو عوانة عن يونس بن حبيب بهذا الإِسناد، فوافقناه بعلو واللَّه أعلم.
آخر المجلس التاسع عشر من تخريج أحاديث المختصر.
[المجلس العشرون]
قال المملى رضي الله عنه: (قوله كالقطع من الكوع) أي في السرقة.
أخبرني أبو محمد عمر بن محمد بن أحمد بن سلمان أخبرنا أبو بكر بن أحمد بن أبي محمد أخبرنا على بن أحمد السعدي أخبرنا عبد اللَّه بن عمر الصغار في كتابه أخبرنا الفضل بن محمد العطار أخبرنا أبو منصور النوقاني أخبرنا أبو الحسن الدارقطني (ح).
وقرأته عاليا على أبي عبد اللَّه بن قوام عن أبي العباس الصالحي عن أبي الحسن القطيعي أخبرنا أبو الكرم الشهر زوري في كتابه عن أبي الحسين المهتدي أخبرنا الدارقطني حدثنا القاضى أبو بكر أحمد بن كامل حدثنا أحمد بن عبيد اللَّه النرسي حدثنا أبو نعيم النخعي حدثنا محمد بن عبيد اللَّه العرزمي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال: كان صفوان بن أمية بن خلف نائما في مسجد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وثيابه تحت رأسه، فأتاه سارق فأخذها، فأتي به النبي صلى الله عليه وسلم فأقر السارق، فأمر به النبي صلى الله عليه وسلم أن يقطع من المفصل (1).
هذا حديث غريب تفرد به العَرْزَمي أحد الضعفاء بهذا الإسناد والسياق، وهو بفتح العين المهملة والزاي بينهما راء ساكنة، والراوي عنه اسمه عبد الرحمن بن هانئ ضعيف أيضًا، وليس هو أبا نعيم الفضل بن دكين شيخ البخاري، لكنه من طبقته وبلديه.
وأصل قصة صفوان عند النسائي [بإسناد حسن] عن حديث صفوان نفسه (2)، لكن ليس فيه موضع الحاجة.
(1) رواه الدارقطني (3/ 204 - 205).
(2)
رواه النسائي (8/ 69).
وللحديث طريق أخرى عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص أخرجها ابن عدي في ترجمة خالد بن عبد الرحمن بلفظ قطع سارقا من المفصل (1)، وفي الإسناد ليث بن أبي سليم وهو ضعيف أيضًا. وله شاهد من حديث ابن عمر أخرجه أبو الشيخ في كتاب السرقة، وإسناده ضعيف أيضًا، وله شاهد أمثل مما مضى.
أخبرنا أبو العباس أحمد بن أبي بكر في كتابه عمن سمع يوسف بن خليل أخبرنا خليل بن بدر أخبرنا جعفر بن عبد الواحد أخبرنا أبو طاهر بن عبد الرحيم حدثنا أبو محمد بن حيان حدثنا أبو محمد بن صاعد حدثنا أحمد بن محمد بن أبي رجاء حدثنا وكيع حدثنا مسرّة بن معبد قال سمعت إسماعيل بن أبي المهاجر يقول حدثنا رجاء بن حيوة عن عدي رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قطع يد سارق من المفصل.
وبه إلى وكيع حدثنا سفيان عن ابن جريج عن أبي الزبير في جابر فذكر مثله.
هذا حديث حسن أخرجه البيهقي بالاسنادين جميعا عن أبي بكر بن الحارث عن أبي محمد بن حيان (2). فوقع لنا بدلا عاليا، والإسناد الأول مرسل، عدي هو ابن عدي تابعي ثقة، كان عامل عمر بن عبد العزيز على الموصل، وإياه عنى البخاري بقوله في أوائل صحيحه: وكتب عمر بن عبد العزيز إلى عدي بن عدي (3). ومسرة الذي في إسناده بفتح الميم والمهملة وتشديد الراء شامي لا بأس به عند أبي حاتم الرازي وأبي داود، واختلف فيه قول ابن حبان، وسائر رواته ثقات. وفي الإسناد الثاني عنعنة أبي الزبير وابن جريج.
(1) رواه ابن عدي (3/ 809) والبيهقي (8/ 271).
(2)
رواهما البيهقي (8/ 270 - 271).
(3)
انظر الفتح (1/ 45) وتغليق التعليق (2/ 19 - 20).
(قوله والغسل إلى المرافق).
قلت: في العبارة مناقشة لأنها مساوية للفظ الآية، والمراد بيان ما أجمل، فحق العبارة أن يقال: وإدخال المرفق في غسل اليد. وقد ورد في ذلك أحاديث:
منها ما قرأت على عمرو أبي عبد اللَّه بالإسنادين الماضيين إلى الدارقطني قال حدثنا الحسين بن إسماعيل حدثنا عبيد اللَّه بن سعد بن إبراهيم حدثنا عمي يعقوب بن إبراهيم بن سعد حدثنا أبي حدثنا محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم عن معاذ بن عبد الرحمن عن حمران مولى عثمان أن عثمان رضي الله عنه قال: هلموا أتوضأ لكم وضوء رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فغسل وجهه ويديه إلى المرفقين حتى مس أطراف العضدين ثم مسح برأسه وأدار يديه على أذنيه ثم غسل رجليه (1).
هذا حديث حسن أخرجه أحمد عن يعقوب بن إبراهيم وسياقه أتم (2)، لكن ليس فيه حتى مس أطراف العضدين وهو المقصود هنا. واللَّه أعلم.
آخر المجلس السبعين بعد المائة وهو العشرون من تخريج أحاديث المختصر.
(1) رواه الدارقطني (1/ 83) وعنده "ثم أَمَرَّ يديه على أذنيه ولحيته".
(2)
رواه أحمد (489).
[المجلس الحادي والعشرون]
قال المملي رضي الله عنه مكملا للمجلس الذي قبله:
ومنها ما أخبرني عبد الرحمن بن أحمد بن المبارك أخبرنا علي بن إسماعيل بن إبراهيم أخبرنا عبد اللطيف بن عبد المنعم أخبرنا أبو الحسن بن أبي منصور في كتابه أخبرنا أبو علي المقري أخبرنا أبو نعيم فى المستخرج حدثنا جعفر بن محمد بن عمرو حدثنا أبو الحصين الوادعي حدثنا يحيى بن عبد الحميد حدثنا سليمان بن بلال وعبد العزيز بن محمد كلاهما عن عمارة بن غزية عن نعيم المجمر قال: رأيت أبا هريرة رضي الله عنه يتوضأ فغسل وجهه، ثم غسل يده اليمنى حتى أسبغ في العضد، ثم غسل يده اليسر كذلك، ثم مسح برأسه، ثم غسل رجله اليمنى حتى أسبع في الساق، ثم غسل رجله اليسرى كذلك، ثم قال: هكذا رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يتوضأ.
هذا حديث صحيح أخرجه مسلم عن أبي كريب والقاسم بن زكريا وعبد بن حميد ثلاثتهم عن خالد بن مخلد عن سليمان بن بلال (1). فوقع لنا عاليا بدرجتين، ووقع في روايته حتى أشرع في الموضعين، وأشرع بشين معجمة يقال: أشرع في كذا أي أحل به الماء.
(قوله لنا القطع بأن الصحابة كانوا يرجعون إلى فعله المعلوم صفته).
قلت: الأحاديث في ذلك كثيرة جدا، ولا سيما في أبواب العبادات.
فمنها ما أخبرنا أبوهريرة بن الذهبي وأم الحسن بنت المنجى قراءة عليها وإجازة من الأول قالا أخبرنا أبو نصر الشيرازي قال الأول سماعا والثاني إجازة أخبرنا محمد بن عبد الواحد الأصبهاني في كتابه أخبرنا إسماعيل بن علي أخبرنا أبو مسلم النحوي قال أخبرنا أبو بكر بن المقري
(1) رواه مسلم (246).
حدثنا مأمون بن هارون حدثنا الحسين بن عيسى حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث حدثنا أبي حدثنا محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد اللَّه رضي الله عنه قال: دخلنا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على امرأة من الأنصار فذبحت لنا شاة، فأكل منها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ثم توضأ وصلى الظهر، ثم رجعت إلينا ببقيتها، فأكل منها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ثم صلى العصر ولم يتوضأ، ثم دخلت على أبي بكر رضي الله عنه بعد موت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فدعا بغدائه فلم يؤت بشيء، فقال: أين شاتكم الوالد؟ فجيء بها فحلبها، ثم طبخوا لنا لباء فأكل منه ثم صلى ولم يتوضأ، ثم دخلت على عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعد موت أبي بكر رضي الله عنه فوضعت بين يديه قصعتان من ثريد [و] بين يدي القوم، فأكلوا ثم صلى ولم يتوضأ.
هذا حديث صحيح أخرجه أحمد وأبو داود وابن حبان من طرق عن ابن جريج، وابن حبان أيضًا من طريق روح بن القاسم كلاهما عن محمد بن المنكدر (1). فوقع لنا عاليا.
(قوله قالوا: خلع نعله فخلعوا نعالهم فأقرهم على استدلالهم وبين العلة).
أخبرني أبو الحسن بن أبي المجد عن أبي بكر الدشتي أخبرنا يوسف بن خليل الحافظ بالإسناد الماضى إلى أبي داود الطيالسي (ح).
وأخبرني إبراهيم بن محمد الدمشقي أخبرنا أبو العباس الصالحي أخبرنا أبو المنجى البغدادي أخبرنا أبو الوقت أخبرنا أبو الحسن الداودي أخبرنا أبو محمد السرخسي أخبرنا أبو إسحاق الشاشي أخبرنا عبد بن حميد حدثنا محمد بن الفضل قالا حدثنا حماد بن سلمة عن نعامة العدوي عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يصلي إذ خلع
(1) رواه أحمد (3/ 322) وأبو داود (191) وابن حبان (1116) ورواه ابن حبان (1125) من طريق روح بن القاسم.
نعله، فخلع أصحابه نعالهم فلما قضى صلاته قال:"ما حملكم على أن ألقيتم نعالكم؟ " قالوا رأيناك ألقيت فألقينا، قال:"إِنَّ جبريل أتاني فأخبرني أن فيهما أذى، فإذا أتى أحدكم إلى المسجد فلينظر، فان كان في نعليه أذى فليمسحه، وإلا فليصل فيهما"(1).
هذا حديث صحيح أخرجه أحمد وأبو داود وابن خزيمة وابن حبان من طرق عن حماد بن سلمة، منها لابن خزيمة عن محمد بن يحيى عن أبي النعمان وهو محمد بن الفضل المذكور في روايتنا (2)، فوقع لنا بدلا عاليا، وأبو نعامة العدوي اسمه عمرو بن عيسى، وفي طبقته أبو نعامة السعدي واسمه عبد ربه، وكلاهما من أهل البصرة، وأخرج لهما مسلم واللَّه أعلم.
آخر المجلس الحادي والسبعين بعد المائة وهو الحادي والعشرون من تخريج أحاديث المختصر.
(1) رواه أبو داود الطيالسي (360).
(2)
رواه أحمد (3/ 20 و 92) وأبو داود (650) وابن خزيمة (1017) وابن حبان (360 موارد) وكذلك رواه أبو يعلي (1194) والدارمي (1385) والحاكم (1/ 260) والبيهقي (2/ 402) وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
[المجلس الثاني والعشرون]
قال المملي رضي الله عنه:
قوله (قلنا لقوله صلوا) يشير إلى حديث: "صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي" وقد تقدم قريبا.
وفى الاستدلال به نظر، لأنه يتوقف على أن هذا الأمر صدر قبل الواقعة المذكورة، ولم نقف في الأخبار على ما يصرح بذلك، ولا يدل عليه.
(قوله قالوا: لما أمرهم بالتمتع، تمسكوا بفعله) يشير إلى الحديث الذى أخبرني عبد الرحمن بن أحمد بالإسناد الماضى قريبا إلى أبي نعيم في المستخرج حدثنا أبو بكر بن خلاد حدثنا الحارث بن أبي أسامة (ح).
وقرأت على أم الفضل بنت إبراهيم بن إسحاق بدمشق عن القاسم بن عساكر وأبي نصر بن الشيرازي قالا أخبرنا أبو الوفاء بن منده في كتابه أخبرنا الحسن بن العباس الرستمى أخبرنا إبراهيم بن محمد أخبرنا إبراهيم بن عبد اللَّه حدثنا الحسين بن إسماعيل حدثنا يعقوب الدورقي قالا: حدثنا روح بن عبادة حدثنا ابن جريج عن عطاء قال: من أهل بالمتعة فهي سنة اللَّه ورسوله، ثم قال: سمعت جابر بن عبد اللَّه رضي الله عنهما يقول: أهللنا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بالحج خالصا لا نعرف غيره، قال: فقدم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه مكة صبيحة رابعة من ذي الحجة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْىٌ فَلْيَتَحلَّلْ" قال: فبلغه أنا نقول: لما لم يكن بيننا وبين عرفة إلا خمس ليال أمرنا الإحلال، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"قَدْ عَلِمْتم أَنِّي أَتْقَاكُمْ للَّهِ وَأَبَرُّكُمْ وَأَصْدَقُكُمْ حَدِيثًا، وَلَوْلَا أَنَّ مَعي الهَدْى لأَحْلَلْتُ، ولَو اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْري ما اسْتَدْبْرتُ مَا سُقْتُ الْهْدَي" قال: فسمعنا وأطعنا وأحللنا.
هذا حديث صحيح أخرجه مسلم عن محمد بن حاتم عن يحيى بن
سعيد عن ابن جريج (1)، فوقع لنا عاليا بدرجتين. وله طرق أخرى عن عطاء وعن ابن جريج في الصحيحين وغيرهما (2)
وبه إلى أبي نعيم حدثنا أبو عمرو بن حمدان حدثنا الحسن بن سفيان حدثنا بندار حدثنا غندر (ح).
وبه إلى أبي نعيم قال وحدثنا عاليا عبد اللَّه بن جعفر حدثنا يونس بن حبيب حدثنا أبو داود قالا حدثنا شعبة عن الحكم عن على بن حسين عن ذكوان مولى عائشة عن عائشة رضي الله عنها قالت: قدم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لأربع أو خمس مضين من ذي الحجة فدخل علي وهو غضبان، فقلت: من أغضبك يا رسول اللَّه؟ قال: "أشعرت أني أمرت الناس بأمر فاذا هم يترددون؟ ولو استقبلت مِنْ أمري ما استدبرت ما سقت الهدي معي حتى أحل كما أحلوا"(3).
هذا حديث صحيح أخرجه أحمد عن غندر ومسلم وابن خزيمة عن بندار (4) وأبو عوانة عن يونس بن حبيب، فوقع لنا موافقة للجميع عالية.
(قوله قلنا: لقوله خذوا) يشير إلى الحديث المتقدم وهو قوله: "خُذُوا عَنِّي مَنَاسِككُمْ" لكن وقع فيه أنه قال ذلك حين رمى جمرة العقبة، فلا يتم الإِستدلال به لتأخره. نعم وقع عند أحمد مني وجه آخر عن عطاء عن جابر في الحديث المذكور عقب قوله:"وَلَوْلَا أَنِّي سُقْتُ الْهَدْيَ لأَحْلَلْتُ، أَلَا فَخُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ" فلعله قالها مرارا. واللَّه أعلم.
آخر المجلس الثاني والسبعين بعد المائة وهو الثاني والعشرون من تخريج أحاديث المختصر.
(1) رواه مسلم (1216).
(2)
عند البخاري (1651) وعند مسلم (1214 و 1216).
(3)
رواه أبو داود الطيالسي (1051).
(4)
رواه أحمد (6/ 175) ومسلم (1211) وابن خزيمة (2606).
[المجلس الثالث والعشرون]
قال المملي رضي الله عنه:
قوله (قالوا: لما اختلفوا في الغسل بغير إنزال سأل عمر عائشة رضي الله عنها فقالت: فعلته أنا ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فاغتسلنا.
قلت: هذا مركب من حديثين الأول سؤال عمر.
أخبرني عبد اللَّه بن عمر بن علي أنا أحمد بن محمد بن عمر أنا عبد اللطيف بن عبد المنعم أنا عبد اللَّه بن أحمد بن أبي المجد وأبو طاهر المبارك بن المبارك قالا: أنا هبة اللَّه بن محمد أنا الحسن بن علي أنا أحمد بن جعفر ثنا عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل حدثني أبي ثنا يحيى بن آدم ثنا ابن إدريس هو عبد اللَّه وزهير هو ابن معاوية كلاهما في محمد بن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن معمر بن أبي حيية عن عبيد بن رفاعة عن أبيه قال زهير في روايته رفاعة بن رافع وكان عقبيا بدريا رضي الله عنه قال: كنت عند عمر رضي الله عنه فقيل له إن زيد بن ثابت يفتي الناس في المسجد قال زهير في روايته يفتي الناس برأيه في الذي يجامع ولا ينزل، يعني لا غسل عليه، فقال عمر: عجل به، فأتي به فثال: يا عدو نفسه أو بلغ من أمرك أن تفتي الناس في مسجد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم برأيك؟ قال: ما فعلت يا أمير المؤمنين؟ وإنما حدثني عمومتي عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، قال: أي عمومتك؟ قال: أبي بن كعب، قال زهير في روايته: وأبو أيوب ورفاعة بن رافع قال: فالفت إلي عمر فقال: ما يقول هذا الفتى؟ قلت: كنا نفعله على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقال عمر: هل سألتم عن ذلك رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ قال: كنا نفعله على عهده، قال: فاتفقوا على أن الماء لا يكون إلا من الماء إلا رجلين علي بن أبي طالب ومعاذ بن جبل رضي الله عنهما، فقالا: إذا التقى الختانان فقد وجب
الغسل، وقال علي رضي الله عنه: يا أمير المؤمنين سل عن هذا أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، فأرسل إلى حفصة رضي الله عنها فقالت: لا علم لي به، فأرسل إلى عائشة رضي الله عنها فقالت: إذا جاوز الختان الختان وجب الغسل، قال: فتحطم عمر يعني تغيظ، قال: لا أوتى بأحد فعله ولم يغتسل إلا أنهكته عقوبة (1).
وبه إلى عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل قال: وحدثنا به عاليا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى قال: ثنا محمد بن إسحاق فذكر نحوه (2).
وقرأته عاليا بدرجة أخرى على فاطمة بنت محمد المقدسية عن محمد بن عبد الحميد أنا إسماعيل بن أبي العز عن فاطمة الأندلسية سماعا قالت قرئ على فاطمة بنت عبد اللَّه أنا أبا بكر بن ريذة أخبرهم أنا الطبراني ثنا مطلب بن شعيب ثنا عبد اللَّه بن صالح ثنا الليث حدثني يزيد بن أبي حبيب فذكر الحديث بطوله بنحوه، وسياقه أتم، لكن قال فيه: عن عبيد بن رفاعة قال: كان زيد بن ثابت يقص في المسجد فقال في قصصه: إذا خالط الرجل المرأة ولم يمن فليس عليه غسل، فقام رجل من المجلس إلى عمر، وقال فيه: فالتفت عمر إلى رفاعة بن رافع، وقال فيه بعد قول على ومعاذ: فقال عمر: قد اختلفتم وأنتم أهل بدر الأخيار، وليس في آخره كلام عمر الأخير (3).
وقوله فيه فتحطم عمر بالحاء المهملة وقد فسره بتغيظ كأنه مأخوذ من الحطمة وهي من أسماء النار يعني توقد غيظا، ورأيته في بعض الأصول بالخاء المعجمة، كأنه مأخوذ من الخطم وهو الأنف لأن الغيظ غالبا يظهر فيه، وفي كلامهم ورم أنفه إذا اشتد غَيْظُهُ، وهذا مما فات صاحب النهاية التنبيه عليه مع ذكره أصل المادتين.
(1) رواه أحمد (5/ 114 - 115).
(2)
رواه عبد اللَّه بن أحمد في زوائد المسند (5/ 115).
(3)
رواه الطبراني في المعجم الكبير (4536).
هذا حديث حسن، أخرجه أبو بكر بن أبي شيبة في مصنفه ومسنده جميعا بطوله (1). وقد جود محمد بن إسحاق إسناده حيث قال: عن عبيد بن رفاعة هو الذي حضر الاقصة عند عمر، وسياق الليث مشعر بذلك، لكن سياق ابن إسحاق أصرح في الإتصال. وقد أخرجه الطحاوي من طريق ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب فقال في روايته: كنت عند زيد بن ثابت فذكر القصة بطولها (2).
فالذي يظهر أن عبيدًا حضر ما وقع عند زيد وحمل ما وقع عند عمر عن أبيه، وعبيد ذكره مسلم في الطبقة الأولى من التابعين، وذكره البغوي في الصحابة، فقال: ولد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فعلى هذا لا يبعد حضوره القصة، والراوي عنه تقدم ذكره في المجلس السادس والتسعين من هذه الأمالي، ورأيت اسم أبيه بصيغة التصغير وكأنه يقال بالوجهين.
آخر المجلس الثالث والسبعين من الأمالي وهو الثالث والعشرون من تخريج أحاديث المختصر.
(1) رواه ابن أبي شيبة في المصنف (1/ 87).
(2)
رواه الطحاوي في المشكل (2/ 373) وفي شرح معاني الآثار (1/ 58).
[المجلس الرابع والعشرون]
ثم حدثنا سيدنا ومولانا قاضى القضاة شيخ الإِسلام نفع اللَّه المسلمين ببركته آمين.
قال: الحديث الثاني أخبرني الشيخ أبو الفرج بن حماد أخبرنا أبو المحاسن الختني أخبرنا صالح بن شجاع عن السلفي أخبرنا أبو عبد اللَّه الثقفي أخبرنا الحسين بن الحسن الغضائري حدثنا محمد بن عبد اللَّه بن إبراهيم حدثنا عبيد بن عبد الواحد وجعفر بن محمد قال الأول حدثنا محمد بن عبد العزيز والثاني حدثنا الفتح بن هشام (ح).
وقرأته عاليا على فاطمة بنت محمد المقدسية عن أبي نصر الفارسي أخبرنا أبو الوفاء بن منده في كتابه أخبرنا مسعود بن الحسن الثقفي أخبرنا أبو عمرو بن أبي عبد اللَّه بن منده عن أبي الحسن الخفاف حدثنا محمد بن إسحاق السراج حدثنا الفتح بن هشام ومحمد بن الصباح قال الثلاثة: حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا الأوزاعي حدثني عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: إذا جاوز الختانُ الختانَ وجب الغسل، فعلته أنا ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فاغتسلنا.
هذا حديث صحيح أخرجه أحمد عن الوليد على الموافقة (1)، وأخرجه الترمذي عن أبي موسى محمد بن المثنى، والنسائي عن أبي قدامة عبيد اللَّه بن سعيد، وابن ماجة عن علي بن محمد وعبد الرحمن بن إبراهيم أربعتهم عن الوليد بن مسلم (2).
فوقع لنا بدلا عاليا، وإسناده على شرط الصحيح، فقد صرح الوليد
(1) رواه أحمد (6/ 161).
(2)
رواه الترمذي (108) والنسائي في الكبرى (240) وابن ماجه (608).
فيه بالتحديث له ولشيخه، فأمن التدليس والتسوية، وتابعه بشر بن بكر عند ابن الجارود والطحاوي، وعبد اللَّه بن كثير الدمشقي عند ابن حبان، والوليد بن مزيد عند الدارقطني، ثلاثتهم عن الأوزاعي.
وحكى الترمذي في العلل المفرد عن البخاري أنه أعله بأن أبا الزناد قال: سألت القاسم بن محمد أتعرف في هذا شيئا؟ قال: لا، والذي يظهر أنها علة غير قادمة لاحتمال أن يكون ما سأل عنه أخص مما دل عليه الحديث، أو كان ذا هلا عند السؤال أو ناسيا، ولهذا صححه الترمذي في الجامع مع حكايته العلة فى العلل، وصححه أيضًا ابن حبان وابن القطان.
وورد من قول النبي صلى الله عليه وسلم معنى قول عائشة المذكور، بل أصرح في الدلالة على المراد. وبالإسناد الماضى إلى أبي نعيم في المستخرج حدثنا أبو عمرو بن حمدان حدثنا الحسن بن سفيان حدثنا حرملة بن يحيى وإبراهيم بن المنذر (ح).
وبه إلى أبي نعيم حدثنا حبيب بن الحسن حدثنا يوسف القاضى حدثنا أحمد بن عيسى (ح).
وأخبرني أبو عبد اللَّه بن منيع أخبرنا أبو محمد بن أبي التائب أخبرنا أبو عبد اللَّه البلخي عن السلفي أخبرنا أبو ياسر الخياط أخبرنا أبو القاسم بن بشران أخبرنا أبو محمد الفاكهي حدثنا أبو يحيى بن [أبي] مسرة حدثنا يعقوب بن محمد الزهري قالوا حدثنا ابن وهب أخبرني عياض بن عبد اللَّه زاد أحمد بن عيسى وابن لهيعة كلاهما عن أبي الزبير عن جابر قال حدثتني أم كلثوم عن عائشة رضي الله عنها أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن الرجل يجامع ثم يكسل هل عليه غسل؟ وعائشة جالسة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"إِنِّي لأَفْعَلُهُ أَنَا وَهَذِهِ ثُمَّ نَغْتَسِلُ".
هذا حديث صحيح أخرجه مسلم عن هارون بن معروف وهارون بن سعيد، والنسائي عن أبي الطاهر بن السرح ثلاثتهم عن ابن وهب ولم يذكر
مسلم في إسناده ابن لهيعة وكنى عنه النسائي فقال وذكره آخر (1). وأخرجه الدارقطني من طريق أحمد بن عبد الرحمن والطحاوي عن يونس بن عبد الأعلى كلاهما عن ابن وهب عن عياض وابن لهيعة (2)، وأخرجه أحمد عن حسن بن موسى وموسى بن داود كلاهما عن ابن لهيعة (3).
وفي الإسناد لطيفة وهي رواية صحابي عن تابعية، وجابر بن عبد اللَّه الصحابي المشهور عن أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وهي تابعية ولدت بعد النبي صلى الله عليه وسلم بقرب ثلاث سنين مات أبوها وهي حمل.
آخر المجلس الرابع والسبعين من الأمالي وهو الرابع والعشرون من تخريج أحاديث المختصر.
(1) رواه مسلم (350) والنسائي في عشرة النساء من الكبرى.
(2)
رواه الدارقطني (1/ 112) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 55).
(3)
رواه أحمد (6/ 74).
[المجلس الخامس والعشرون]
قال المملي رضي الله عنه:
قوله (قلنا: إنما استفيد من إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل).
وبالسند الماضى الي أبي نعيم ثنا أبو عمرو بن حمدان ثنا الحسن بن سفيان ثنا عبيد اللَّه بن فضاء (ح).
قال أبو نعيم وحدثنا أبو محمد بن حيان ثنا سلمة بن عصام ثنا بشر بن آدم قالا: ثنا محمد بن عبد اللَّه الأنصاري (ح).
وأنبأنا به عاليا عمر بن محمد بن أحمد بن سلمان شفاها قرئ على زينب بنت الكمال وأنا أسمع عن عجيبة (ح).
وقرأت على أم يوسف الصالحية بها عن محمد بن محمد الفارسي أنا محمود بن إبراهيم العبدى في كتابه قالا: أنا مسعود بن الحسن أنا عبد الوهاب بن محمد بن إسحاق أنا أحمد بن محمد بن عمر في كتابه ثنا محمد بن إسحاق الثقفي ثنا الفضل بن سهل ثنا الأنصاري ثنا هشام بن حسان ثنا حميد بن هلال عن أبي بردة هو ابن أبي موسى الأشعري عن أبي موسى عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إِذَا التَقَى الخِتَانَانِ وَجَبَ الْغُسْلُ".
هذا حديث صحيح أخرجه مسلم عن أبي موسى محمد بن المثنى عن الأنصاري (1)، فوقع لنا بدلا عاليا.
وأخرجه من وجه آخر عن هشام وفيه قصة.
وبه إلى الثقفي ثنا أبو إسماعيل الترمذي ثنا الأنصاري ثنا هشام ثنا حميد
(1) رواه مسلم (349).
عن أبي بردة عن أبي موسى قال: قلت لعائشة: يا أم المؤمنين ما يوجب الغسل؟ قالت: على الخبير سقطت، قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"إِذا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الأَرْبَع وَمَسَ الْخِتَانُ الْخِتَانَ فَقَدْ وَجَبَ الغُسْلُ".
أخرجه ابن خزيمة من طريق الأنصاري هكذا (1)، فوقع لنا بدلا عاليا.
قوله (لقول المدلجي وقد بدت له أقدام زيد وأسامة: إن هذه الأقدام بعضها من بعض).
أخبرني أبو الحسن علي بن محمد الخطيب عن أبي بكر الدشتي أنا يوسف بن خليل الحافظ أنا خليل بن بدر أنا الحسن بن أحمد أنا أحمد بن عبد اللَّه ثنا عبد اللَّه بن جعفر ثنا يونس بن حبيب أنا سليمان بن داود ثنا ابن سعد (ح) وبالسند الماضى إلى أبي نعيم ثنا أبو أحمد -هو الجرجاني- ثنا الحسن بن سفيان والصوفي هو أحمد بن الحسن والمنيعي هو عبد اللَّه بن محمد قالوا ثنا منصور بن أبي مزاحم ثنا إبراهيم بن سعد ثنا بن شهاب عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخل قائف على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فإذا أسامة بن زيد وزيد بن حارثة عليهما قطيف قد غطيا رؤوسهما وبدت أقدامهما، فقال القائف: إن هذه الأقدام بعضها من بعض، فسر بذلك رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأعجبه وأخبر به عائشة.
هذا حديث صحيح أخرجه البخاري عن يحيى بن قزعة ومسلم عن منصور بن أبي مزاحم والإِسماعيلي عن الحسن بن سفيان والصوفي (2)، وأخرجه البيهقي عن أبي بكر بن فورك عن عبد اللَّه بن جعفر (3)، فوقع لنا موافقة وبدلا بعلو.
(1) رواه ابن خزيمة (227).
(2)
رواه البخاري (3731) ومسلم (1459).
(3)
رواه البيهقي (10/ 262).
وجاءت تسمية القائف من وجه آخر.
وبه إلى أبي نعيم ثنا محمد بن أحمد بن الحسن ثنا بشر بن موسى ثنا الحميدي (ح).
قال أبو نعيم وثنا أبو بكر الطلحي ثنا عبيد بن غنام ثنا أبو بكر بن أبي شيبة قالا: ثنا سفيان بن عيينة عن الزهري (ح).
وبالسند الماضى إلى عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل ثنا أبي ثنا سفيان ثنا الزهري عن عروة عن عائشة قالت: دخل علي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ذات يوم مسرورا فقال: "أَلَمْ تْرَيْ أَنَّ مُجَززًّا المدِلجىَّ دَخَلَ علَيَّ فَرَأَى زَيْدًا وَأُسَامَةَ". فذكر مثله إلى بعض (1).
أخرجه البخاري عن قتيبة ومسلم وابن ماجة عن أبي بكر بن أبي شيبة وأبو داود عن مسدد والترمذي عن سعيد بن عبد الرحمن والنسائي عن إسحاق بن إبراهيم وأبو عوانة والطحاوي عن يونس بن عبد الأعلى كلهم عن سفيان بن عيينة (2)، فوقع لنا موافقة لمسلم وابن ماجة وبدلا للباقين.
وبه إلى أبي نعيم ثنا محمد بن إبراهيم ثنا محمد بن ربان ثنا محمد بن رمح ثنا الليث بن سعد ثنا ابن شهاب فذكر نحو رواية ابن عيينة وزاد مسرورا تبرق أسارير وجهه، ولم يقل المدلجي ولابدت أقدامهما، أخرجه مسلم عن محمد بن رمح (3). فوافقناه بعلو. وأخرجه أيضا من طريق يونس عن الزهري نحو رواية ابن عيينة وقال في آخره وكان مجزر قائفا (4). وأخرجه
(1) رواه الحميدي (239).
(2)
رواه البخاري (6771) ومسلم (1459) وابن ماجه (2349) وأبو داود (2267) والترمذي (2130) والنسائي في الطلاق (6/ 184) والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 160) ورواه أيضًا أحمد (6/ 82 و 226) وابن حبان (1167 و 1171 و 1172 و 1173 موارد) والبغوي في شرح السنة (2381).
(3)
رواه مسلم (1459).
(4)
رواه مسلم (1459).
البيهقي من طريق عبد اللَّه بن وهب عن إبراهيم بن سعد كما أخرجناه أولا، وزاد في آخره قال إبراهيم بن سعد: كان أسامة مثل الليل وكان زيد أبيض أحمر أشقر (1)، وكذا ذكر أبو داود في السنن عن أحمد بن صالح.
ومجزز بفتح الجيم وزايين معجمتين الأولى مشددة مكسورة وهو ابن الأعور بن جعدة من بني مدلج بن مرة بن عبدمناة بن كنانة له صحبة.
وذكر ابن يونس أنه شهد فتح مصر واللَّه أعلم.
آخر المجلس الخامس والسبعين بعد المائة وهذا هو الخامس والعشرون من تخريج أحاديث المختصر.
(1) رواه البيهقي (10/ 262).
[المجلس السادس والعشرون]
قال المملي رضي الله عنه:
(قوله مثل صَلُّوا وَخُذُوا عَنِّي).
يعني حديث "صلُّوا كَمَا رَأَيْتُموُنيِ أُصَلِّي" وحديث "خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ".
وقد تقدم تخريجهما.
(قوله بقوله صلى الله عليه وسلم:"لَا تَجْتَمِعُ أُمتَي عَلَي ضَلَالَةٍ").
قلت: هو حديث مشهور المتن، له أسانيد كثيره من رواية جماعة من الصحابة بألفاظ مختلفة.
فقد أخرجه أحمد من حديث أبي بَصْرَهَ الغفاري، وأبو داود من حديث أبي مالك الأشعري، والترمذي من حديث عبد اللَّه بن عمر، وابن ماجة من حديث أنس، والحاكم من حديث ابن عباس وغيره.
أما حديث أبي بَصْرَةَ فأخبرنا به أبو العباس أحمد بن أبي بكر الفقيه وقريء على فاطمة بنت محمد المقدسية وأنا أسمع بالصاحلية كلاهما عن محمد بن عبد الحميد المصري قال أخبرنا إسماعيل بن عبد القوي قال قريء على فاطمة بنت سعد الخير وأنا أسمع قالت أخبرتنا فاطمة بنت عبد اللَّه بقراءة أبي عليها بأصبهان قالت أخبرنا محمد بن عبد اللَّه التاجر أخبرنا الطبراني في المعجم الكبير حدثنا مطلب بن شعبيب حدثنا عبد اللَّه بن صالح حدثنا الليث بن سعد عن أبي هاني الخولاني عمن أخبره عن أبي بصرة
الغفاري رضي الله عنه قال قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "سَأَلْتُ رَبِّي أَرْبَعًا، فَأَعْطَاني ثَلَاثًا وَمَنَعَني وَاحِدَةً، سَأَلْتُهُ أَنْ لَا تَجْتَمِعَ أَمَّتي عَلَى ضَلَالَةٍ فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يُهْلكَهُمْ بالسِّنِين كَمَا أَهْلَكَ الأُمَمَ الَّذيَنَ مِنْ قَبْلِهمْ فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُهُ
أنْ لَا يُظْهرَ عَلَيْهمْ عَدُوًا مِنْ غَيْرهِمْ فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يَلْبِسُهم شيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَهُمْ بأَسَ بَعْضِ فَمَنَعنِيهَا".
أخرجه أحمد عن يونس بن محمد وأبو بكر بن أبي خيثمة في تاريخه عن عاصم كلاهما عن الليث (1)، فوقع لنا بدلا عاليا، ورجاله رجال الصحيح إلا التابعي المبهم، وله شاهد مرسل رجاله رجال الصحيح أيضا، أخرجه الطبري في تفسير سورة الأنعام عن يعقوب الدورقي عن ابن علية عن يونس بن عبيد عن الحسن البصري فذكره مرسلا (2).
وأما حديث أبي مالك الأشعري فقرأته على فاطمة المقدسية بهذا الإِسناد إلى الطبراني قال حدثنا هاشم بن مرثد الطبراني حدثنا محمد بن إسماعيل بن عياش حدثني أبي حدثني ضمضم بن زرعة عن شريح بن عبيد عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ عز وجل قَدْ أَجَارَكُمْ مِنْ ثَلَاثٍ، أَنْ لَا يَدْعُوِ عَلَيْكُمْ نَبيُّكُمْ فَتُهْلَكُوا جَميعًا، وَأَنْ لَا يَظْهَر أَهْلُ البَاطِل عَلَى أَهْلِ الْحَقِّ، وَأنْ لَا تَجْتَمَعُوا عَلَى ضَلَالَةٍ، فَهَؤُلَاءِ أَجَاركُمُ الَّلهِ مِنْهنَّ، وَإِنّ رَبَّكُمْ أَنْذَرَكُمْ ثَلاثًا الدُّخَان يَأْخُذُ المُؤمِنُ مِنْهُ كَالزَّمكَةِ ويَأْخُذُ الكَافِرُ فيَنْتَفحُ، وَالثَّانِيَةُ الدَّابَّةُ، وَالثَّالثَة الدَّجَّالُ"(3).
أخرجه أبو داود وأبو بكر بن أبي عاصم في كتاب السنة له عن محمد بن عوف عن محمد بن إسماعيل بن عياش (4)، فوقع لنا بدلا عاليا. وسكت عليه أبو داود، لكن قال أبو عبيد الآجرىِ: سألت أبا داود عن محمد بن إسماعيل بن عياش [فقال] لم يكن بذاك، ولعله أشار إلى قول أبي حاتم لم
(1) رواه أحمد (6/ 396) والطبراني في الكبير (2171).
(2)
رواه ابن جرير في تفسيره (13373).
(3)
رواه الطبراني في الكبير (3440) وفي مسند الشاميين (1663).
(4)
رواه أبو داود (4253) وابن أبي عاصم في السنة (92) إلا أنه قال: عن كعب بن عاصم بدل أبي مالك الأشعري.
يسمع محمد بن إسماعيل من أبيه. وهذا يشكل على قوله في هذا الإِسناد حدثني أبي، فلعله كان يستجيز إطلاق التحديث في الإِجازة، وقد وقع في سياق أبي داود عن محمد بن عوف أنه قرأ هذا الحديث في أصل إسماعيل بن عياش، وإسماعيل فيه مقال، وتحرير القول فيه أن روايته عن الشاميين قوية، وهذا منها، فإن شيخه حمصي صدوق. وللحديث علة أخرى وهي قول أبي حاتم الرازي: لم يسمع شريح بن عبيد من أبي مالك الأشعري.
واختلف في أبي مالك الأشعري راوي هذا الحديث من هو من الثلاثة المذكورين في الصحابة بهذه الكنية وهم أبو مالك الأشعري راوي حديث المعازف مشهور بكنيته مختلف في اسمه على أقوالٍ، وأبو مالك الأشعري واسمه الحارث بن الحارث مشهور باسمه أكثر من كنيته، وأبو مالك الأشعري واسمه كعب بن عاصم مشهور باسمه دون كنيته حتى قال المزي في ترجمته: لا تعرف له كنية. وتعقب بأن البخاري ومسلما والنسائي وغيرهم كنوه أبا مالك، ولقد أطنب الحاكم أبو أحمد في كتابه الكبير في الكنى في تقرير ذلك، وذكر المزي الحديث الذي سقناه في ترجمة أبي مالك الأشعري المبدأ بذكره، وذكره الطبراني في ترجمة الحارث بن الحارث المثنى بذكره. والذي وضح لي أنه الثالث، لأن ابن أبي عاصم لما أخرج الحديث المذكور عن محمد بن عوف شيخ أبي داود فيه قال في سياق سنده عن كعب بن عاصم الأشعري بدل أبي مالك الأشعري، فهذا يدل على أنه هو، إلا أن يكون ابن أبي عاصم تصرف في تسميته بحسب ظنه، وهو بعيد واللَّه أعلم.
آخر المجلس السادس والسبعين بعد المائة وهو السادس والعشرون من تخريج أحاديث المختصر.
[المجلس السابع والعشرون]
قال المملي:
وأما حديث ابن عمر فقرئ على أم الحسن التنوخية وأنا أسمع عن سليمان بن حمزة أخبرنا الحافظ ضياء الدين المقدسي أخبرنا يوسف بن معمر أخبرنا أحمد بن عبد الكريم أخبرنا المطهر بن عبد الواحد أخبرنا أبو عبد اللَّه بن منده أخبرنا محمد بن محمد المعداني حدثنا جعفر بن محمد بن شاكر حدثنا خالد بن يزيد حدثنا معتمر بن سليمان عن أبيه عن عبد اللَّه بن دينار عن عبد اللَّه بن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ لَا يَجْمَعُ هَذهِ الأُمَّةَ عَلَى ضَلَالَةٍ أَبَدًا، وَإِنَّ يَدَ اللَّهِ مَعَ الجَمَاعَةِ، واتَّبِعُوا السَّوادَ الأَعْظَمَ، فإِنَّهُ مَنْ شَذَّ شَذَّ فِي النَّارِ".
هذا حديث غريب أخرجه أبو نعيم في الحلية عن محمد بن أحمد الجرجاني عن محمد بن شاذان، وأخرجه أبو القاسم اللالكائي في السنة عن محمد بن على بن النضر عن الحسين بن صفوان كلاهما عن جعفر كما أخرجناه (1)، ورجاله رجال الصحيح، لكنه معلول كما سنبينه، وقد جرى الحافظ الضياء على ظاهر الإِسناد فأخرجه في الأحاديث المختارة مما ليس في الصحيحين كما سقته من طريقه، وأخرجه الحاكم عن أبي الحسين القنطري عن جعفر وقال: لو كان محفوظا لحكمت بصحته على شرط الصحيح، لكن اختلف فيه على معتمر على سبعة أقوال فذكرها (2).
وحاصلها أنه قيل عن معتمر عن أبيه كما تقدم. وقيل عنه عن سليمان غير منسوب. وقيل عنه عن سفيان غير منسوب. وقيل عنه عن سلم بن أبي
(1) رواه أبو نعيم في الحلية (3/ 37) واللالكائي في السنة (154).
(2)
رواه الحاكم (1/ 115 و 116).
الذيال. وقيل عنه عن سليمان بن سفيان [وقيل عن سفيان أو أبي سفيان بالشك. وقيل عنه عن أبي سفيان سليمان بن سفيان] هذا حاصل ما ذكره الحاكم.
وقد وقع لنا من وجه آخر [عاليا] قيل فيه عن سلم غير منسوب، أخبرني إبراهيم بن محمد بن أبي بكر الدمشقي أخبرنا أحمد بن أبي طالب أخبر أبو المنجا بن اللتي إجازة إن لم يكن سماعا أخبرنا الحسن بن جعفر أخبرنا أبو غالب الباقلاني أخبرنا أبو القاسم بن بشران أخبرنا أبو علي بن خزيمة حدثنا أحمد بن الهيثم حدثنا خالد بن يزيد حدثنا معتمر بن سليمان عن سلم عن عبد اللَّه بن دينار فذكر مثله سواء، غير أنه قال "هَذِهِ الأُمَّةُ" أو قال "أُمَّتي".
وهكذا أخرجه الترمذي عن أبي بكر بن نافع وابن أبي عاصم عن المسيب بن واضح كلاهما عن معتمر (1)، لكن وقع في روايتهما عن سليمان.
قال الترمذي: غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وسليمان عندي هو ابن سفيان المدني. ونقل في العلل المفرد عن البخاري ما جزم به هنا.
وقال الحاكم بعد حكايته الإِختلاف على معتمر: لا يتهيأ الحكم عندنا لطريق من هذه الطرق على بقيتها، غير أن شيخنا أبا علي النيسابوري كان يرجح قول من قال عن سليمان بن سفيان، قال: فلو أخذنا بذلك لاقتضى ضعف الحديث.
قلت: وما فر منه وقع في مثله، لأنه إذا لم يرجح ولم يمكنه الجمع اقتضى الإِضطراب والمضطرب من أقسام الضعيف، وقد اتفق الحفاظ البخاري والترمذي وأبو علي على ترجيح قول من قال سليمان بن سفيان، ووافقهم الدارقطني في العلل الكبير، وكأن قول من قال: عن أبيه ظن أن قوله عن سليمان يعني أباه فإن اسمه سليمان، وقول من قال: عن سلم
(1) رواه الترمذي (2167) وابن أبي عاصم في السنة (80).
صحف، ومن قال ابن أبي الذيال نسبه ظنا، ومن قال سفيان قلب اسمه من كنيته، وأما بقية الإِختلاف فلا يخالف ولا عبرة بالشك، وإذا وضح أنه سليمان بن سفيان فهو ضعيف ضعفه يحيى بن معين وأبو زرعة وأبو حاتم وآخرون، وقال البخاري: منكر الحديث، ولم أر فيه توثيقا لأحد غير أن ابن حبان ذكره في الثقات وقال: يخطئ (1)، وإذا كان يخطئ وهو مقل فكيف يذكر في الثقات، فالمعتمد ما قال الجماعة. واللَّه أعلم.
آخر المجلس السابع والسبعين بعد المائة وهو السابع والعشرون من تخريج أحاديث المختصر.
(1) أورده في الثقات (6/ 384).
[المجلس الثامن والعشرون]
ثم حدثنا سيدنا ومولانا قاضى القضاة شيخ الإِسلام نفع اللَّه ببركته وبركة علومه آمين.
قال: وأما حديث أنس فأخبرني الشيخ أبو إسحاق التنوخي أخبرنا أبو العباس الصالحي أخبرنا أبو المنجى بن اللثي أخبرنا أبو الوقت أخبرنا أبو الحسن بن المظفر أخبرنا أبو محمد بن أعين أخبرنا أبو إسحاق الشاشي أخبرنا أبو محمد الكشي أخبرنا يزيد بن هارون أخبرنا بقية بن الوليد (ح).
وقرأته عاليا على فاطمة بنت محمد بن عبد الهادي عن محمد بن محمد بن محمد الفارسي أخبرنا الشيخ شهاب الدين عمر السهروردي في كتابه أخبرنا أبو زرعة طاهر بن محمد أخبرنا عبدوس بن عبد اللَّه أخبرنا محمد بن أحمد الطوسي حدثنا أبو العباس الأصم حدثنا أبو عتبة هو أحمد بن الفرج حدثنا بقية بن الوليد حدثنا معان بن رفاعة عن أبي خلف المكفوف أنه سمعه يقول سمعت أنس بن مالك يقول قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ أُمَّتي لَا تَجْتَمِعُ عَلى ضَلَالَةٍ، فَإِذَا رَأَيْتم الإِختلِافَ فَعَليْكُمْ بالسَّوَادِ الأعْظَمِ".
هذا حديث غريب أخرجه ابن ماجة عن العباس بن عثمان عن الوليد بن مسلم (1).
وأخرجه ابن أبي عاصم عن محمد بن المصفى عن أبي المغيرةكلاهما عن معان بن رفاعة (2)، فوقع لنا عاليا ولاسيما من الطريق الثانية. وأخرجه اللالكائي عن أحمد بن محمد عن الأصم (3)، فوقع لنا بدلا عاليا. وأخرجه
(1) رواه ابن ماجه (3950).
(2)
رواه ابن أبي عاصم في السنة (84).
(3)
رواه اللالكائي في السنة (153) والحديث رواه أيضًا عبد بن حميد في المنتخب من المسند (1216).
الدارقطني في الأفراد وقال: تفرد به معان بن رفاعة عن أبي خلف واسمه حازم بن عطاء.
قلت: ومعان بضم الميم وتخفيف العين المهملة وآخره نون وهو صدوق فيه لين، ولكن شيخه ضعيف.
ولحديث أنس طريقان أيضا، أحدهما عند الحاكم من طريق عبد العزيز بن صهيب عن أنس والراوي عنه ضعيف، وقد اعترف الحاكم بذلك، واعتذر بأنه أخرجه شاهدا (1)، والطريق الآخر عند ابن أبي عاصم من رواية قتادة عن أنس، وفي إسناده مصعب بن إبراهيم وهو ضعيف (2).
وأما حديث ابن عباس فأخرجه الحاكم من طريق عبد الرزاق عن إبراهيم بن ميمون عن عبد اللَّه بن طاووس عن أبيه عنه ولفظه: "لَا يَجْمَعُ اللَّهُ هَذِهِ الأُمَّةَ عَلى ضَلَالَةٍ وَيَدُ اللَّهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ"(3) ورجاله رجال الصحيح إلا إبراهيم بن ميمون فإنهما لم يخرجا له، وأخرج له الترمذي هذا الحديث من هذا الوجه مقتصرا على قوله:"يَدُ اللَّهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ" وقال: غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه (4).
وقد وقع لي من حديث أبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري لكن موقوفا.
وبالإِسناد الماضي إلى الأصم قال حدثنا أبو عتبة حدثنا بقية حدثنا إبراهيم بن محمد الفزاري حدثنا الأعمش عن المسيب بن رافع عن يسير بن عمرو قال: شيعنا أبا مسعود إلى القادسية فقلنا له: إن أصحابنا قد ذهبوا فاعهد إلينا شيئا نأخذ به عنك، فقال: اصبروا حتى يستريح بر أو يستراح
(1) رواه الحاكم (116 - 117).
(2)
رواه ابن أبي عاصم في السنة (83).
(3)
رواه الحاكم (1/ 116).
(4)
رواه الترمذي (2166).
من فاجر، وعليهم بالجماعة فإن اللَّه لا يجمع هذه الأمة على ضلالة. هذا موقوف صحيح أخرجه ابن أبي عاصم من طريق الأعمش بهذا الإسناد (1)، فوقع لنا عاليا. ويسير بمثناة تحتانية وقد تبدل همزة وبعدها سين مهملة مصغر، وهو من كبار التابعين أدرك من حياة النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين.
وبه إلى الأصم حدثنا أبو عتبة حدثنا بقية حدثنا سعيد بن عبد العزيز حدثنا ابن حلبس -يعني يونس بن ميسرة- وحلبس جده بمهملة وموحدة ومهملة وزن جعفر- عن بشير بن أبي مسعود يعني عن أبيه صاحب النبي صلى الله عليه وسلم-قال: "عليكم بالجماعة" فذكر نحو الموقوف المتقدم وزاد: "وَإِيَّاكُمْ وَالتَّلوُّنَ في دين اللَّهِ" وإسناده حسن، وسقط من أصل سماعي عن أبيه ولابد منه فألحقتها، لأن هذا الكلام مشهور عن أبي مسعود. وقد أخرجه الحاكم من طريق أخرى عنه. وأما بشير بن أبي مسعود فتابعي مشهور، وحديثه في الصحيحين وغيرهما عن أبيه، وقد ذكره بعضهم في الصحابة لرواية وقعت عنه بلفظ عن بشير بن أبي مسعود صاحب النبي صلى الله عليه وسلم جريا على أن الوصف له، وإنما هو لأبيه، وقد قيل إنه ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يثبت ذلك واللَّه أعلم.
آخر المجلس الثامن والسبعين بعد المائة وهو الثامن والعشرون من تخريج أحاديث المختصر.
(1) رواه ابن أبي عاصم في السنة (85) قال شيخنا: إسناده جيد موقوف، رجاله رجال الشيخين.
[المجلس التاسع والعشرون]
قال المملي رضي الله عنه:
ويدخل في هذا الباب ما أخبرني الشيخ أبو الفرج بن حماد أخبرنا أبو الحسن بن قريش أخبرنا أبو الفرج بن الصيقل عن أبي الحسن الجمال أخبرنا أبو علي الحداد أخبرنا أبو نعيم حدثنا فاروق بن عبد الكبير حدثنا أبو مسلم الكجي حدثنا أبو عمرو (ح).
وأخبرنا عاليا أبو هريرة بن الذهبي إجازة وقرأت على علي بن محمد الخطيب كلاهما عن القاسم بن عساكر قال الأول: سماعا، والثاني: إجازة إن لم يكن سماعا أخبرنا علي بن الحسين العراقي قراءة عليه وأنا في الرابعة عن أبي بكر بن الزاغوني أخبرنا أبو القاسم بن البسري أخبرنا أبو طاهر المخلص حدثنا محمد بن يحيى بن صاعد حدثنا أبو الأشعث قالا: حدثنا حماد بن زيد حدثنا ثابت البناني عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: مُرَّ على النبي صلى الله عليه وسلم-بجنازة فأثنوا عليها خيرا فقال: "وَجَبَتْ" ثم مر بأخرى فأثنوا عليها شرا فقال: "وَجَبَتْ" ثم قال: "أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ في الأَرْضِ" هذا لفظ أبي عمرو. وزاد أبو الأشعث في روايته: فقالوا: يارسول اللَّه قلت لهذه "وحَبَبَتْ" ولهذه "وَحَبَبتْ"؟ فقال: "شَهَادَةُ الْقَوْمِ، المُؤْمِنُونَ شُهَدَاءُ اللَّهِ في الأَرْض".
هذا حديث صحيح أخرجه البخاري عن سليمان بن حرب ومسلم عن أبي الربيع الزهراني وابن ماجه عن أحمد بن عبدة ثلاثتهم عن حماد بن زيد (1)، فوقع لنا بدلا عاليا ولا سيما من الطريق الثاني.
(1) رواه البخاري (2642) وله عنده طريق أخرى (1367) ومسلم (949) وله عنده طرق أخرى، وابن ماجه (1491).
[قوله] وبحديث معاذ حيث لم يذكره يعني الإِجماع.
وأشار إلى ما أخبرني أبو العباس أحمد بن علي بن يحيى بن تميم أخبرنا أبو العباس أحمد بن أبي طالب أخبرنا عبد اللَّه بن عمر أخبرنا عبد الأول بن عيسى أخبرنا عبد الرحمن بن محمد أخبرنا عبد اللَّه بن أحمد أخبرنا عيسى بن عمر أخبرنا عبد اللَّه بن عبد الرحمن الدارمي أخبرنا يحيى بن حماد حدثنا شعبة عن محمد بن عبيد اللَّه الثقفي عن الحارث بن عمرو بن أخي المغيرة عن ناس من أهل حمص عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بعثه إلى اليمن قال له: "كَيفَ تَقْضي إذا عُرضَ لَكَ أَمْرٌ؟ " قال: أقضي بما في كتاب اللَّه، قال:"فَإِنْ لَمْ يَكُنْ في كِتَابَ اللَّهِ؟ [قال]: فبسنة رسول اللَّه، قال: "فَإِنْ لَمْ يَكُنْ في سُنَّةِ رَسُول اللَّهِ؟ " قال: أجتهد رأيي ولا آلو، قال: فضرب في صدره. وقال: "الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذي وَفَّقَ رَسُولَ رَسُولِ اللَّهِ لمَا يُرْضي رَسُول اللَّهِ" (1).
هذا حديث غريب أخرجه أحمد عن محمد بن جعفر عن شعبة (2)، فوقع لنا بدلا عاليا، وأخرجه أبو داود والترمذي من طرق عن شعبة، قال الترمذي: حديث غريب، وليس إسناده عندي بمتصل، كذا قال، وكأنه نفى الإِتصال باعتبار الإِبهام الذي في بعض رواته وهو أحد القولين في حكم المبهم، وقال البخاري في التاريخ: الحارث بن عمرو الثقفي ابن أخي المغيرة بن شعبة عن ناس من أهل حمص وعنه أبو عون -يعنى محمد بن عبيد اللَّه الثقفي- لا يعرف ولا يصح. إنتهى (3).
(1) رواه الدارمي (170) وانقلب على الكاتب أو الطابع فكتب عمرو بن الحارث وهو خطأ.
(2)
رواه أحمد (5/ 230) ورواه أيضًا (5/ 236 و 242) عن وكيع وعفان عن شعبة به. وقد فصلت القول على حديث معاذ في تعليقي على المعتبر (ص 63 - 71) وفي مقال نشر في الرسالة الإسلامية.
(3)
التاريخ الكبير (1/ 2/ 277) والصغير (1/ 268 - 269).
وقد أطلق صحته جماعة من الفقهاء كالباقلاني وأبي الطيب الطبري وإمام الحرمين لشهرته وتلقي العلماء له بالقبول. وله شاهد صحيح الإِسناد لكنه موقوف.
وبه إلى الدارمي أخبرنا يحيى بن حماد حدثنا شعبة حدثنا سليمان هو الأعمش عن عمارة بن عمير عن حريث بن ظهير فيما أحسب (1).
وبه إلى الدارمي أخبرنا يحيى بن حماد حدثنا أبو عوانة عن الأعمش عن عمارة عن عبد الرحمن بن يزيد أن عبد اللَّه بن مسعود رضي الله عنه قال: لقد أتى علينا زمان وما نسأل ولسنا هناك، ثم بلغنا اللَّه ما ترون، فإذا سئل أحدكم عن شيء فلينظر في كتاب اللَّه فإن لم يجده في كتاب اللَّه فلينظر في سنة رسول اللَّه، فإن لم يجده في كتاب اللَّه ولا في سنة رسول اللَّه فلينظر فيما اجتمع عليه المسلمون فإن لم يكن فليجتهد رأيه، ولا يقل أحدكم إني أخشى فإن الحلال بين والحرام بين وبين ذلك أمور مشتبهة، فدع ما يريبك إلى ما لا يريبك (2).
هذا موقوف صحيح، ولا يضر الإِختلاف فيه على الأعمش فإن كلًّا من التابعين ثقة معروف من أصحاب ابن مسعود. وقد أخرجه البيهقي من طريق الثوري عن الأعمش فقال: عن عمارة عن حريث بن ظهير أو عبد الرحمن بن يزيد عن عبد اللَّه بن مسعود (3)، فلعل الأعمش كان يشك فيهما تارة وبحزم بأحدهما أخري.
وفي الباب عن عمر بن الخطاب نحو حديث عبد اللَّه بن مسعود دون
(1) رواه الدارمي (171).
(2)
رواه الدارمي (172).
(3)
رواه البيهقي (10/ 115) والذي في السنن المطبوعة عن عمارة بن عمير عن عبد الرحمن بن يزيد.
ما في أوله وآخره أخرجه الدارمي والبيهقي أيضا بإسناد صحيح (1). وأخرج البيهقي عن زيد بن ثابت أنه قال ذلك لمسلمة بن مخلد لما سأله عن القضاء وإسناده حسن واللَّه أعلم (2).
آخر المجلس التاسع والسبعين بعد المائة وهو التاسع والعشرون من تخريج أحاديث المختصر.
(1) رواه الدارمي (169) والبيهقي (10/ 115).
(2)
رواه البيهقي (10/ 115).
[المجلس الثلاثون]
قال المملي رضي الله عنه:
وقد وقع لي حديث معاذ من وجه آخر، وهو وارد على من ادعى أنه لا يعرف إلا من الوجه الماضى.
أنبئت عن غير واحد عن عبد اللطيف بن محمد القبيطي أخبرنا عبد اللَّه بن منصور أخبرنا المبارك بن عبد الجبار أخبرنا محمد بن عبد الواحد أخبرنا أحمد بن إبراهيم أخبرنا أحمد بن محمد بن المغلس حدثنا سعيد بن يحيى بن سعيد حدثني أبي حدثني رجل عن عبادة بن نسي عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: لما بعثني النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن قلت: أرأيت ما سئلت عنه أو أختصم إليَّ فيه مما ليس في كتاب اللَّه ولم أسمعه منك؟ قال: "اجْتَهدْ فَإِنَّ اللَّه إِنْ عَرَفَ مِنْكَ الصِّدْقَ وَفَّقَكَ لِلْحقِّ، فَإنْ أُشْكِلَ عَلَيْكَ أَمْرٌ فَتَوَقَّفْ حَتَّى تَتَبَيَّنَهُ أَوْ تَكْتُبَ إلَيَّ فيهِ، وَلَا تَقْضِيَنَّ إلَّا بِمَا تَعْلَمُ".
هذا حديث غريب أخرجه سعيد الأموي في كتاب المغازي بهذا الإِسناد. ومن هذا الوجه أخرجه الخطيب في كتاب الفقيه والمتفقة وعليه اعتمد من قوى الطريق الأولى، وزعم أن بعض التابعين الذين لم يسموا من أصحاب معاذ هو عبد الرحمن بن غنم، قال: وهو ثقة مشهور.
قلت: نعم هو كذلك، بل قيل: إن له صحبة والراوي عنه أيضا ثقة لكن الراوي عنه ليس بثقة، فقد أخرج ابن ماجه بعض هذا الحديث من طريق يحيى بن سعيد بهذا الإِسناد (1) وسمى الرجل المبهم محمد بن
(1) رواه ابن ماجه (55) ومن طريقته الجوزقاني في الأباطيل (1/ 108 - 109).
سعيد بن حسان وهو المعروف بالمصلوب كذبه أحمد والفلاس والنسائي وأبو حاتم وآخرون فلا يصلح حديثه لاستشهاد ولا متابعة، وغنم والد عبد الرحمن بفتح المعجمة وسكون النون، ونسي والد عبادة بنون ومهملة مصغر.
(قوله في مسألة ندرة المخالف: كاجماع غير ابن عباس على العول وغير أبي موسى على أن النوم ينقض الوضوء).
أما ابن عباس فجاء ذلك عنه من طرق.
وبالسند الماضى إلى الدارمي قال: حدثنا محمد بن يوسف حدثنا سفيان هو الثوري عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: الفرائض لا نعيلها (1).
هذا موقوف صحيح أخرجه أبو بكر بن أبي شيبة عن وكيع عن ابن جريج (2). وأخرج سعيد بن منصور عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن ابن عباس قال: لا تعول فريضة (3).
وهذا أيضا موقوف صحيح. وقد وقع لنا من وجه آخر عن ابن عباس مطولا. أنبأنا أبو الفرج بن أبي العباس التاجر شفاها قال: أخبرنا أبو الحسن الأرموي أخبرنا أبو الحسن السعدي أخبرنا أبو سعد الصفار في كتابه أخبرنا أبو القاسم المستملي أخبرنا أبو بكر البيهقي أخبرنا أبو عبد اللَّه الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا أحمد بن عبد الجبار حدثنا يونس بن بكير حدثنا محمد بن إسحاق حدثنا الزهري عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة قال: دخلت أنا وزفر بن الحدثان على ابن عباس بعد ما ذهب بصره، فتذاكرنا فرائض المواريث، فقال ابن
(1) رواه الدارمي (3166).
(2)
رواه ابن أبي شيبة (11/ 282).
(3)
رواه سعيد بن منصور في سننه (35).
عباس: أترون من أحصى رمل عالج عددا لم يحص في مال نصفا ونصفا وثلثا؟ إذا ذهب نصف ونصف فأين الثلث؟ فقال له زفر: يا أبا العباس من أول من أعال الفرائض؟ قال: عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: وَلِمَ؟ قال: لما تدافعت عليه الفراض وركب بعضها بعضا قال: واللَّه ما أدري ما أصنع بكم، ولا أدري من قدم اللَّه منكم ومن أَخَّرَ، وما أرى في هذا المال أحسن من أن أقسمه بينكم بالحصص. قال ابن عباس: وأيم اللَّه لو قدم من قدم اللَّه وأخر من أخر اللَّه ما عالت فريضة أبدا، فقال له زفر: وأيهم قدم؟ قال ابن عباس: كل فريضة لا تزول إلا إلى فريضة، فذلك الذي قدم. وكل فريضة لا تزول إلى فريضة فذاك الذي أخر، فقال له زفر: فما منعك أن تشير عليه بهذا الرأي؟ قال: هبته واللَّه. قال ابن إسحاق: فقال لي الزهري: لولا أنه تقدمه إمام هدى مبني أمره على الورع ما اختلف على ابن عباس إثنان من أهل العلم (1).
هذا موقوف حسن أخرجه سعيد بن منصور عن سفيان بن عيينة عن الزههري مختصرا (2). وأخرجه بطولة إسماعيل بن إسحاق القاضى في أحكام القرآن عن علي بن المديني عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد عن أبيه عن ابن إسحاق، فوقع لنا عاليا. وقال بقول ابن عباس بعض التابعين كعطاء وأبي جعفر الباقر. فلعل المصنف يريد غير ابن عباس من الصحابة واللَّه أعلم.
آخر المجلس الثمانين بعد المائة وهو الثلاثون من تخريج أحاديث المختصر.
(1) رواه البيهقي (6/ 253).
(2)
أخرجه سعيد بن منصور في سننه (36) عن سفيان عن محمد بن إسحاق عن الزهري.
[المجلس الحادي والثلاثون]
قال المملي رضي الله عنه:
وأما أبو موسى فأنبئت عن غير واحد عن إبراهيم بن إسماعيل بن الدرجي أخبرنا سفيان بن أبي الفضل في كتابه أخبرنا إبراهيم بن الحسن أخبرنا منصور بن الحسن أخبرنا محمد بن إبراهيم بن علي أخبرنا محمد بن إبراهيم بن المنذر حدثنا محمد بن نصر حدثنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا الفضل بن موسى حدثنا حسين بن واقد حدثنا يزيد النحوي عن قيس بن عباد قال: رأيت أبا موسى الأشعري رضي الله عنه صلى الظهر ثم استلقى فنام حتى سمعت غطيطه، فلما حضرت الصلاة قام فقال: هل وجدتم مني ريحا أو سمعتم صوتا؟ قلنا: لا، فقام فصلى العصر ولم يتوضأ.
هذا موقوف صحيح أخرجه ابن أبي شيبة بمعناه من وجه آخر عن أبي موسى (1). وقد تعقب هذا المثال بأن غير أبي موسى من الصحابة ذهب إلى ذلك، وصح عن جماعة من التابعين منهم سعيد بن المسيب.
(قوله (2) وعن أبي سلمة يعني ابن عبد الرحمن بن عوف قال: تذاكرت مع ابن عباس وأبي هريرة في عدة الحامل للوفاة فقال ابن عباس: أبعد الأجلين، وقلت أنا بالوضع).
أخبرني الشيخ أبو عبد اللَّه بن قوام أخبرنا أبو الحسن بن هلال أخبرنا أبو إسحاق بن مصر أخبرنا أبو الحسن الطوسي أخبرني أبو محمد السيدي أخبرنا أبو عثمان البحيري أخبرنا أبو علي السرخسي أخبرنا أبو إسحاق الهاشمي أخبرنا أبو مصعب الزهري أخبرنا مالك (ح).
(1) رواه ابن أبي شيبة في المصنف (1/ 133).
(2)
في الأصل قلت، وهو خطأ صححناه من النسخ الأخرى.
وبالإِسناد الماضى إلى أبي نعيم في المستخرج حدثنا أبو عمرو بن حمدان ومحمد بن إبراهيم قال الأول: حدثنا الحسن بن سفيان، والثاني: حدثنا محمد بن زبان قالا: حدثنا محمد بن رمح حدثنا الليث بن سعد كلاهما عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار أن أبا هريرة وابن عباس وأبا سلمة بن عبد الرحمن تذاكروا المتوفى عنها الحامل تضع (ح).
وأخبرني عاليا الشيخ أبو إسحاق التنوخي أخبرنا أحمد بن أبي طالب أخبرنا أبو المنجى بن اللتي أخبرنا أبو الوقت ومسعود بن محمد بن شنيف قال الأول: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد أخبرنا عبد اللَّه بن أحمد أخبرنا عيسى بن إبراهيم الدارمي أخبرنا يزيد بن هارون. وقال الثاني: أخبرنا الحسين بن محمد السراج أخبرنا أبو علي بن شاذان أخبرنا على بن محمد بن الزبير أخبرنا الحسن بن على بن عفان حدثنا جعفر بن عون قالا: أخبرنا يحيى بن سعيد الأنصاري أن سليمان بن يسار أخبره أن أبا سلمة بن عبد الرحمن أخبره أنه اجتمع هو وابن عباس عند أبي هريرة فذكروا الرجاد يموت عن المرأة فتلد بعده بأيام قلائل، فقال ابن عياس: حلها آخر الأجلين، وقال أبو سلمة: إذا وضعت فقد حلت، فقال أبو هريرة: أنا مع ابن أخي يعني أبا سلمة، فبعثوا كريبا مولى ابن عباس إلى أم سلمة رضي الله عنها، فذكرت أن سبيعة بنت الحارث الأسلمية مات عنها زوجها، فنفست بعده بليال، وأن رجلا من بني عبد الدار يكنى أبا السنابل خطبها وذكر لها أنها قد حلت فأرادت أن تتزوج غيره، فقال لها: إنك لا تحلين، فذكرت ذلك سبيعة للنبي صلى الله عليه وسلم، فأمرها أن تتزوج (1).
هذا لفظ يزيد بن هارون، ولم يذكر الباقون قصة أبي السنابل. وفي رواية جعفر بن عون: فبعثنا كريبا إلى أم سلمة فجاء عندها، فذكر لنا أنها قالت. ولم يسم الباقون كريبا.
(1) رواه مالك (2/ 36).
هذا حديث صحيح أخرجه أحمد عن يزيد بن هارون ومسلم عن محمد بن رمح فوافقناهما بعلو فيهما (1).
وأخرجه مسلم أيضا عن أبي بكر بن أبي شيبة وعمرو بن محمد الناقد كلاهما عن يزيد بن هارون (2).
وأخرجه الترمذي والنسائي عن قتيبة بن سعيد عن الليث (3).
وأخرجه النسائي أيضا عن الحسين بن منصور عن جعفر بن عون (4).
وأخرجه ابن حبان عن عمر بن سعيد بن سنان عن أبي مصعب، فوقع لنا بدلا للجميع عاليا بدرجة في الطريقين الأوليين وبدرجتين في الطريقين الأخريين، وأخرجه البخاري من وجه آخر عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة بالحديث والقصة نحو رواية الليث، وسمى كريبا، أورده في تفسير سورة الطلاق (5).
وخفي على بعض الناس فذكر أنه من أفراد مسلم، وكذا وهم من عكس، وأصل الحديث بقصته في الصحيحين (6) وغيرهما من حديث سبيعة نفسها، ولم أر في شيء من طرقه أن أبا السنابل خطبها إلا في الرواية الماضية، وكأنه لم يكن عنده نقل في المسألة فلذلك تغير إجتهاده، واللَّه أعلم.
آخر المجلس الحادي والثمانين بعد المائة وهو الحادي والثلاثون من تخريج أحاديث المختصر.
(1) رواه أحمد (6/ 314) ومسلم (1485).
(2)
رواه مسلم (1485).
(3)
رواه الترمذي (1194) والنسائي (6/ 192 - 193).
(4)
رواه النسائي (6/ 193).
(5)
رواه البخاري (4909).
(6)
رواه البخاري (5319) ومسلم (1484).
[المجلس الثاني والثلاثون]
قال المملى رضي الله عنه:-
قوله (واستدل بنحو إن المدينة طيبة تنفي خبثها).
هذا ورد في أحاديث أقر بها إلى لفظ المصنف ما أخبرني الشيخ أبو إسحاق التنوخي بالسند الماضي إلى عبد بن حميد حدثنا سليمان بن حرب (ح).
وأخبرني أبو الفرج بن حماد بالسند الماضى إلى أبي نعيم في المستخرج ثنا أبو أحمد الغطريفي وعبد اللَّه بن جعفر وفاروق الخطابي قال الأول ثنا أبو خليفة ثنا أبو الوليد الطيالسي وقال الثاني حدثنا يونس بن حبيب ثنا أبو داود الطيالسي وقال الثالث ثنا أبو مسلم الكجي ثنا سليمان بن حرب قالوا ثنا شعبة عن عدي بن ثابت قال سمعت عبد اللَّه بن يزيد يحدث عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إِنَّهَا يعني المدينة طِيْبَةُ وَإِنَّها تَنْفي خُبُثَهَا كَمَا تَنْفي النَّارُ خَبَثَ الفِضَّةِ".
هذا حديث صحيح أخرجه البخاري عن سليمان بن حرب وأبي الوليد على الموافقة. وأخرجه أيضا عن محمد بن بشار بندار عن محمد بن جعفر غندر. وأخرجه مسلم عن عبيد اللَّه بن معاذ عن أبيه كلاهما عن شعبة (1). وأخرجه الترمذي والنسائي عن جابر كذلك، فوقع لنا عاليا.
وفي الباب عن جابر وأبي هريرة.
أما حديث جابر وعليه اقتصر من خرج أحاديث المختصر.
فأخبرني الشيخ أبو عبد اللَّه بن قوام بالسند الماضى إلى أبي مصعب أنا مالك (ح).
(1) رواه البخاري (1884 و 4050 و 4589) ومسلم (1384).
وبالسند الماضى إلى أبي نعيم ثنا على بن هارون ثنا جعفر بن محمد الفريابي ثنا قتيبة عن مالك عن محمد بن المنكدر (ح).
وقرأت على فاطمة بنت المنجى عن سليمان بن حمزة أنا جعفر بن علي أنا السلفي أنا عبد الرحمن بن عمر أنا الحسن بن أحمد أنا أحمد بن كامل ثنا أحمد بن سعيد ثنا عبد اللَّه بن نافع عن المنكدر بن محمد بن المنكدر عن أبيه عن جابر بن عبد اللَّه رضي الله عنهما أن أعرابيا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فبايعه على الإِسلام، فأصاب الأعرابي وعك بالمدينة فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد أقلني بيعتي فأبى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ثم جاءه من الغد فقال: أقلني بيعتي فأبى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ثم جاءه فقال: أقلني بيعتي فأبى تسول اللَّه فخرج الأعرابي، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"إِنَّما المَدِيَنةُ كَالِكْيِرِ تَنْفِي خَبَثَها وَتَنْصَعُ طِيُبَها" لفظ مالك.
هذا حديث صحيح أخرجه البخاري عن عبد اللَّه بن يوسف عن مالك، وأخرجه مسلم والترمذي والنسائي عن قتيبة (1)، وأخرجه ابن حبان عن عمر بن سعيد بن سنان والحسن بن إدريس فرقهما كلاهما عن أبي مصعب، فوقع لنا موافقة وبدلا بعلو.
وقوله تنصع بنون وصاد وعين مهملتين ضبط في أكثر الروايات بفتح أوله من الثلاثي وطيبها بالرفع، وفي بعضها بضم أوله من الرباعي وطيبها بالنصب، ونصع معناه خلص، وأنصع معناه أظهر ما عنده، وكلا المعنيين ظاهر في هذا السياق.
وأما حديث أبي هريرة، فبهذين الإِسنادين إلى مالك عن يحيى بن سعيد قال سمعت أبا الحباب سعيد بن يسار يقول سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يقول قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"أُمِرْتُ بقَرْيةٍ تأَكُلُ القُرىَ، تَقُولُون يَثْرِب وَهِيَ المَديِنَةُ تَنْفي النَّاسَ كما يَنْفي الكيرُ خَبَثَ الحَديِدِ".
(1) رواه مالك (2/ 201) والبخاري (1883 و 7209 و 7211 و 7216 و 7323) ومسلم (1383) والترمذي (3916) والنسائي (7/ 151).
هذا حديث صحيح، أخرجه البخاري عن عبد اللَّه بن يوسف. ومسلم عن يحيى بن يحيى. والنسائي عن قتيبة (1)، فوقع لنا موافقة وبدلا.
ويدخل في قول المصنف بنحو عدة أحاديث.
منها ما قرأت على فاطمة بنت محمد بن عبد الهادي عن أبي نصر بن العماد أنا عبد الحميد بن عبد الرشيد في كتابه أنا الحافظ أبو العلاء العطار أنا الحسن بن أحمد أنا أحمد بن عبد اللَّه أنا أبو القاسم الطبراني في الأوسط ثنا محمد بن عبد اللَّه الحضرمي ثنا عيسى بن ميناء قالون ثنا عبد اللَّه بن نافع عن أبي المثنى عن سعيد المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "المَديِنَةُ قُبَّةُ الإِسْلامِ وَدَارُ الإِيمَانِ وَأَرْضُ الهِجْرَةِ وَمُتَبَوَّأُ الْحَلَالِ وَالْحَرامِ"(2) قال الطبراني: لا يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم-إلا بهذا الإِسناد، تفرد به قالون (ع).
قلت: هو القارئ المشهور صاحب نافع، وهو صدوق، وكذا شيخه مع لين فيه، وأبو المثنى اسمه سليمان بن يزيد الخزاعي مدني ضعيف. والحديث غريب جدا سندا ومتنا واللَّه أعلم.
آخر المجلس الثاني والثمانين بعد المائة من الأمالي وهو الثاني والثلاثون من تخريج أحاديث المختصر.
(1) رواه مالك (2/ 201 - 202) والبخاري (1871) ومسلم (1382) والنسائي في المناسك والتفسير من الكبرى.
(2)
رواه الطبراني في الأوسط (ص 154 - 155 مجمع البحرين) وانظر سلسلة الضعيفة (2/ 183).
[المجلس الثالث والثلاثون]
قال المملي رضي الله عنه:
ومنها ما أخبرني الشيخ أبو إسحاق التنوخي بالسند الماضى آنفا إلى عبد بن حميد قال: حدثني ابن أبي شيبة حدثنا عبد اللَّه بن نمير (ح).
وأخبرني الإِمام حافظ العصر أبو الفضل بن الحسين أخبرني أبو محمد بن القيم أخبرنا أبو الحسن المقدسي عن محمد بن معمر أخبرنا سعيد بن أبي الرجاء أخبرنا أحمد بن محمد بن النعمان أخبرنا أبو بكر بن المقري أخبرنا إسحاق بن أحمد الخزاعي حدثنا محمد بن محمد بن أبي عمر حدثنا مروان بن معاوية كلاهما عن عثمان بن حكيم عن عامر بن سعد بن أبي وِقاص عن أبيه رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "لَا يَخْرُجُ أَحَدٌ عَنِ المَدِينة رَغْبَةً عَنْها إِلَّا أَبْدَ لَهَا اللَّهُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ، وَالْمدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوَا يَعْلَموُنَ".
هذا حديث صحيح أخرجه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة وابن أبي عمر (1)، فوافقناه فيهما بعلو.
وبالسند الماضى إلى أبي نعيم في المستخرج حدثنا علي بن هارون حدثنا جعفر بن محمد حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا عبد العزيز بن محمد عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكر نحوه.
[و] أخرجه مسلم أيضا عن قتيبة (2)، فوقع لنا موافقة عالية.
ومنها بالإِسناد الماضى أيضا إلى أبي نعيم حدثنا حبيب بن الحسن حدثنا يوسف بن يعقوب حدثنا محمد بن أبي بكر حدثنا معتمر بن سليمان (ح).
(1) رواه مسلم (1363).
(2)
رواه مسلم (1381) ..
وبه قال وحدثنا أبو عمرو بن حمدان حدثنا الحسن بن سفيان حدثنا أبو بكر بن أبي شبة حدثنا أبو أسامة وعبد اللَّه بن نمير قالوا: حدثنا عبيد اللَّه بن عمر عن ضبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الإِيَمانَ لَيأْرِزُ إِلى الْمَدينَةِ كَمَا تَأُرِزُ الحَيَّةُ إِلى حُجِرْهَا".
هذا حديث صحيح أخرجه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة (1) فوافقناه بعلو.
وأخرجه البخاري من وجه آخر عن عبيد اللَّه بن عمر (2)
وجاء في حديث آخر بلفظ آخر.
وبه إلى أبي نعيم حدثنا إبراهيم بن عبد اللَّه حدثنا محمد بن إسحاق السراج حدثنا محمد بن رافع حدثنا شبابة عن عاصم بن محمد بن زيد عن أبيه عن عبد اللَّه بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الإسْلَامَ بَدَأَ غَريبًا وَسَيَعُودُ غَريبًا، وِإِنَّهُ لَيَأْرِزُ بَيْنَ المَسجِدَيْنِ كَمَا تَأْرِزُ الحيَّةُ إِلَى جُحرِهَا".
هذا حديث صحيح أخرجه مسلم عن محمد بن رافع (3)، فوقع لنا موافقة عالية. وله شاهد من حديث عبد الرحمن بن سنة أتم سياقا منه.
أخبرني أبو المعالي الأزهري أخبرنا أبو العباس الحلبى أخبرنا أبو الفرج الحراني أخبرنا أبو محمد الحربي أخبرنا أبو القاسم الشيباني أخبرنا أبو علي التميمي أخبرنا أبو بكر المالكي أخبرنا أبو عبد الرحمن الشيباني حدثني أبو أحمد الهيثم بن خارجة حدثنا إسماعيل بن عياش عن إسحاق بن عبد اللَّه بن
(1) رواه مسلم (147).
(2)
رواه البخاري (1876).
(3)
رواه مسلم (146).
أبي فروة عن يوسف بن سليمان عن جدته ميمونة عن عبد الرحمن بن سنة الأسلمي أنه سمع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم-يقول: "إِنَّ الإِسُلَامَ بَدَأَ غَريبًا وَسَيَعُودُ غَريبًا كما بَدَأَ، فَطوُبَى لِلْغُرَبَاء" قيل: يا رسول اللَّه ومن الغرباء؟ قال: "الَّذينَ يُصْلِحونَ إذا فَسَدَ النَّاسُ، وَليأْرِزَنَّ الإِسُلَامُ إِلَى مَا بَيْنَ المَسجِدينِ كمَا تَأْرِزُ الحيَّةُ إِلَى جُحْرِهَا".
هذا حديث غريب أخرجه أبو القاسم البغوي في معجم الصحابة عن أحمد بن منيع عن الهيثم بن خارجة، فوقع لنا بدلا عاليا.
وأخرجه ابن السكن من وجه آخر عن إسماعيل بن عياش وقال: مخرج هذا الحديث عن إسحاق بن أبي فروة لا يعرف إلا من حديثه، وهو غير معتمد عليه.
وسنة والد عبد الرحمن بفتح المهملة وبالنون الثقيلة، وقيل بالعجمة والموحدة حكاه ابن السكن، والأول هو المعروف، واللَّه أعلم.
آخر المجلس الثالث والثمانين بعد المائة وهو الثالث والثلاثون من تخريج أحاديث المختصر.
[المجلس الرابع والثلاثون]
(قوله في الإِجماع الخاص قالوا "عَلَيْكُمْ بِسُنَّتي وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشدينَ مِنْ بَعْدي""وَاقْتدوُا بِاللَّذَيْن مِنْ بَعْدي".
قلت: هما طرفان من حديثين، لكن لم أر في شيء من طرق الأول لفظ من بعدي (1).
الحديث الأول:
قرأت على فاطمة بنت محمد بن قدامة عن أحمد بن أبي طالب سماعا قال: أنبأنا عبد اللَّه بن عمر مشافهة ومحمد بن مسعود مكاتبة قالا: أخبرنا عبد الأول بن عيسى أخبرنا أبو إسماعيل الأنصاري حدثنا محمد بن جبريل وعلى أبي طالب قالا: حدثنا حامد بن محمد حدثنا بشىر موسى حدثنا الحميدي (ح).
وبالسند الماضى قريبا إلى أبي بكر المالكي حدثنا عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل حدثني أبي قالا: حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا ثور بن يزيد حدثنا خالد بن معدان حدثنا عبد الرحمن بن عمرو وحجر بن حجر قالا: أتينا العرباض بن سارية رضي الله عنه وهو ممن نزل فيه {وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ} الآية فلسلمنا فقلنا أتيناك زائرين وعائدين ومقتبسين، فقال: صلى الله عليه وسلم صلى بنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الصبح ذات يوم ثم أقبل علينا فوعظنا موعظة بليغة، ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، فقال: "أُوصِيكُمْ بتَقْوىَ اللَّهِ وَالسَّمْع والطَاعَةِ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا حَبَشيًّا، فَإِنَّهُ مَن يَعشْ مِنْكُمْ بَعْدي فَسَيَرى اختلَافًا كثيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتي
(1) بل ورد ذلك عند أبي نعيم في الحلية (5/ 220 - 221) والحاكم في المستدرك (1/ 96) والمدخل (1/ 81).
وَسنَّةِ الخُلفَاءِ الرَّاشدينَ المَهْدِيَّين، تَمَسَّكُوا بهَا، وَعَضُّوا عَلَيْها بِالنَّواجِذ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثاتِ الأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَة".
هذا حديث صحيح رجاله ثقات، قد جود الوليد بن مسلم إسناده، فصرح بالتحديث في جميعه، ولم ينفرد به مع ذلك.
أخرجه أبو داود عن أحمد بن حنبل (1).
فوافقناه بعلو.
وأخرجه ابن حبان والحاكم من وجهين آخرين عن الوليد (2).
وقد وقع لنا من وجه آخر أعلى من الذي قبله بدرجة.
أخبرني أبو العباس أحمد بن علي بن يحيى الهاشمي أخبرنا أبو العباس الصالحي أخبرنا أبو المنجى أخبرنا أبو الوقت أخبرنا أبو الحسن أخبرنا أبو محمد أخبرنا أبو العباس السمرقندي أخبرنا أبو محمد الدارمي أخبرنا أبو عاصم الضحاك بن مخلد (ح).
وبالسند المذكور قبل إلى أبي إسماعيل الأنصاري حدثنا محمد بن محمد بن عبد اللَّه الفقيه إملاء حدثنا دعلج بن أحمد قال: وحدثنا يحيى بن عمار إملاء حدثنا حامد بن محمد قالا: حدثنا أبو مسلم الكجي حدثنا أبو عاصم حدثنا ثور بن يزيد فذكر مثله، غير أنه عنعن ولم يذكر حجر بن حجر وقال في أول الحديث: وعظنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى آخره. ولم يذكر ما قبله (3).
أخرجه الإمام أحمد عن الضحاك بن مخلد (4)، فوقع لنا موافقة عالية بدرجة.
(1) رواه أحمد (4/ 126 - 127) وعنه أبو داود (4607)
(2)
رواه ابن حبان (5) والحاكم (1/ 97).
(3)
رواه الدارمي (96).
(4)
رواه أحمد (4/ 126).
وأخرجه الترمذي عن الحسن بن على الخلال وغير واحد (1).
والطحاوي عن أبي أمية الطرسوسي كلهم عن أبي عاصم، فوقع لنا بدلا عاليا بدرجتين فلم ينفرد به ثور.
وبهذا السند إلى أبي إسماعيل حدثني يحيى بن عمار حدثنا محمد بن الفضل بن محمد بن إسحاق بن خزيمة حدثنا جدي حدثنا علي بن حجر حدثنا بقية عن بحير بن سعد عن خالد بن معدان فذكر مثله، أخرجه أحمد أيضا [عن حيوة بن شريح عن بقية (2)، فوقع لنا بدلا عاليا. وأخرجه الترمذي أيضا] عن على بن حجر (3)، فوافقناه أيضا، ولم ينفرد به خالد بن معدان.
وبه إلى أبي إسماعيل حدثنا القاسم بن سعيد حدثنا محمد بن عبد الرحمن حدثنا أبو بكر بن أبي داود حدثنا أحمد بن صالح حدثنا أسد بن موسى (ح).
وبه إلى الإِمام أحمد حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قالا: حدثنا معاوية بن صالح حدثنا ضمرة بن حبيب حدثنا عبد الرحمن بن عمرو فذكر نحوه.
وزاد فيه: "لَقَدْ تَركْتكُمْ عَلى البَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لَا يَزِيغُ عَنْها إِلَّا هَالِكٌ" أخرجه ابن ماجه عن إسماعيل بن بشر وإسحاق السواق كلاهما عن عبد الرحمن بن مهدي (4). ووقع لنا من وجه آخر عن العرباض بن سارية وهو أعلى من الطريق الأولى بدرجتين.
قرأت على أم عيسى الأسدية عن أبي الحسن الواني سماعا أخبرنا [أبو]
(1) رواه الترمذي (2678).
(2)
رواه أحمد (4/ 127).
(3)
رواه الترمذي (2677).
(4)
رواه ابن ماجه (43).
محمد بن رواج (1) أخبرنا السلفي أخبرنا أبو عبد اللَّه الثقفي حدثنا محمد بن الفضل بن نظيف حدثنا أحمد بن إبراهيم الحداد حدثنا أبو عبد الملك القرشي حدثنا إبراهيم بن عبد اللَّه بن العلاء حدثنا أبي حدثني يحيى بن أبي المطاع عن العرباض بن سارية فذكر الحديث نحو سياق أبي عاصم.
أخرجه الحاكم من رواية عمرو بن أبي سلمة عن عبد اللَّه بن العلاء (2)، فوقع لنا عاليا وصححه أيضا الترمذي وأبو العباس الدغولي. وقال أبو إسماعيل الأنصاري: هو من أجود حديث لأهل الشام واللَّه أعلم.
آخر المجلس الرابع والثمانين بعد المائة وهو الرابع والثلاثون من تخريج أحاديث المختصر.
(1) في الأصل محمد بن رواد وهو خطأ صححناه من النسخ الأخرى. وإنما هو أبو محمد رشيد الدين عبد الوهاب بن ظافر الرواجي.
(2)
رواه الحاكم (1/ 97) وانظر المعتبر (ص 76 - 78) بتحقيقنا.
[المجلس الخامس والثلاثون]
قال المملي رضي الله عنه:
وذكر البيهقي أن المراد بالخلفاء في هذا الحديث الأربعة واستدل لذلك بحديث سفينة. أخبرني أبو الحسن علي بن محمد الدمشقي أخبرنا أبو بكر الدشتي في كتابه أخبرنا يوسف بن خليل الحافظ أخبرنا أحمد بن محمد أخبرنا الحسن بن أحمد أخبرنا أحمد بن عبد اللَّه حدثنا عبد اللَّه بن جعفر حدثنا يونس بن حبيب حدثنا سليمان بن داود (ح).
وقرأت على فاطمة بنت المنجى عن أبي الربيع بن أبي الطاهر أخبرنا الضياء المقدسي أخبرنا محمد بن معمر قال أخبرنا سعيد بن أبي الرجاء أخبرنا عبد الواحد بن أحمد أخبرنا عبيد اللَّه بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم بن جميل حدثنا جدي حدثنا أحمد بن منيع حدثنا سريج بن النعمان قالا: حدثنا الحشرج بن نباتة حدثني سعيد بن جمهان حدثني سفينة رضي الله عنه قال: خطبنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: "الخِلَافَةُ في أُمَّتي ثَلَاثُونَ سَنَةً ثُمَّ يكونُ مُلْكًا" قال سعيد: قال لي سفينة: أمسك خلافة أبي بكر وعمر ثنتا عشرة سنة ونصف، وخلافة عثمان ثنتا عشرة سنة، وخلافة علي تكملة الثلاثين (1).
هذا حديث حسن أخرجه الترمذي عن أحمد بن منيع (2)، فوقع لنا موافقة عالية.
وأخرجه البيهقي عن أبي بكر بن فورك عن عبد اللَّه بن جعفر (3)، فوقع لنا بدلا عاليا.
(1) رواه أبو داود الطيالسي (2594).
(2)
رواه الترمذي (2227).
(3)
لم أره في السنن الكبرى له، ورواه في الإِعتقاد (ص 333) وفي الدلائل (6/ 341 - 342) من غير هذه الطريق، فلعله رواه هكذا في كتاب آخر له. ثم رأيته هكذا في المدخل (52).
قال الترمذي: حديث حسن لا نعرفه إلا من حديث سعيد بن جمهان.
قلت: هو تابعي صغير بصري صدوق، وثقه ابن معين وأبو داود، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به، وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به، وصحح حديثه هذا ابن حبان والحاكم على عادتهما في تسمية كل ما يقبل صحيحا (1).
وجمهان والد سعيد بضم الجيم وسكون الميم. والراوي عنه بمهملة ثم معجمة وأخره جيم بوزن جعفر.
وبه إلي الضياء قال أخبرنا أبو جعفر الصيدلاني أخبرتنا فاطمة الجوزذانية قالت أخبرنا ابن ريذة أخبرنا الطبراني حدثنا زكريا بن يحيى حدثنا سوار بن عبد اللَّه حدثنا عبد الوارث بن سعيد حدثنا سعيد بن جمهان عن سفينة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "خِلَافَةُ النُّبُوَّةِ ثَلَاثُونَ سَنَةً، ثُمَّ يُؤْتي اللَّهُ المُلْكَ -أو قال ملكه- مَنْ يَشَاءُ"(2). أخرجه أبو داود عن سوار بن عبد اللَّه (3)، فوقع لنا موافقة عالية بدرجة. ووقع لنا من وجه آخر أعلى من هذا بدرجة أخرى.
قرأت على أم الفضل البعلية عن القاسم بن عساكر إجازة إن لم يكن سماعا. وكتب إلينا أحمد بن أبي بكر الفقيه قال أخبرنا سليمان بن حمزة قالا: أخبرنا أبو الوفاء بن مندة في كتابه أخبرنا أبو الخير الباغبات أخبرنا أبو عمرو بن أبي عبد اللَّه بن مندة أخبرني أبي أخبرنا محمد بن يعقوب حدثنا أبو قلابة حدثنا يحيى بن طلحة أبو طلحة قال: حدثني جدي سعيد بن جمهان عن سفينة فذكر الحديث مختصرا.
وأما الحديث الثاني فأخبرني أبو الفرج بن الغزي أخبرنا يونس بن أبي
(1) رواه ابن حبان (1534 و 1535) والحاكم (3/ 7 و 145).
(2)
رواه الطبراني في الكبير (6444).
(3)
رواه أبو داود (4646).
إسحاق أخبرنا أبو الحسن بن المقير إجازة إن لم يكن سماعا (ح).
وكتب إلينا أبو الخير بن أبي سعيد قال: أخبرنا أبو العباس بن نعمة عن أبي الحسن القطيعي قالا: أخبرنا أبو بكر بن الزاغوني وأبو القاسم العكبري قال الأول: إجازة والثاني: سماعا قال الزاغوني: أخبرنا أبو نصر الزينبي وقال العكبري: أخبرنا أبو القاسم البندار قالا: أخبرنا أبو طاهر المخلص (ح).
وأخبرني الشيخ أبو إسحاق التنوخي أخبرنا أحمد بن أبي طالب وعيسى بن عبد الرحمن قالا: أخبرنا ابن اللتي قال الأول: إجازة والثاني: سماعا أخبرنا أبو الوقت قال: قرئ على أم الفضل بنت عبد الصمد وأنا أسمع قالت: أخبرنا عبد الرحمن بن أبي شريح قالا: حدثنا عبد اللَّه بن محمد البغوي حدثنا مصعب الزبيري حدثنا إبراهيم بن سعد حدثنا سفيان الثوريث عن عبد الملك بن عمير عن هلال مولى ربعي عن ربعي عن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "اقْتَدُوا بِاللَّذَيْن مِنْ بَعْدي أَبي بَكْرٍ وَعُمرَ".
وأخبرني إبراهيم بن محمد الدمشقي قال: أخبرنا أحمد بن أبي طالب أخبرنا إبراهيم بن عثمان الكاشغري في كتابه أخبرنا محمد بن عبد الباقي وعلي بن عبد الرحمن قالا: أخبرنا مالك بن علي أخبرنا أبو الحسن بن الصلت أخبرنا أبو إسحاق الهاشمي حدثنا عبيد بن محمد بن أسباط بن محمد حدثنا أبي حدثنا سفيان الثوري فذكر مثله. غير أنه لم يذكر في الإِسناد هلالا.
هذا حديث حسن أخرجه أبو يعلى عن مصعب، فوافقناه فيه بعلو درجة. وأخرجه أحمد عن وكيع عن سفيان. والترمذي وابن ماجة من طريق وكيع (1)، قال الترمذي: حديث حسن صحيح. وقد روي من غير وجه عن
(1) رواه أحمد (5/ 385 و 402) والترمذي (3663 و 3801) وابن ماجه (97).
ربعي. وفي الباب عن ابن مسعود وابن عمر، وصححه أيضا ابن حبان والحاكم (1) واللَّه أعلم.
آخر المجلس الخامس والثمانين بعد المائة وهو الخامس والثلاثون من تخريج أحاديث المختصر.
(1) رواه ابن حبان (2193) والحاكم (3/ 75).
[المجلس السادس والثلاثون]
قال المملي رضي الله عنه:
(قوله ومعارض بمثل أصحابي كالنجوم، وخذوا شطر دينكم عن الحميراء)
قلت: هما حديثان.
أما الأول فله طرق من زواية ابن عمر وجابر وابن عباس وعمر وأنس بألفاظ مختلفة أقربها إلى لفظ المصنف حديث ابن عمر وجابر.
أخبرني أبو إسحاق بن كامل أخبرنا أبو العباس بن الشحنة وإسماعيل بن يوسف سماعًا على الأول وإجازة من الثاني قالا: أخبرنا عبد اللَّه بن عمر قال الأول: إجازة والثاني سماعا قال: أخبرنا عبد الأول بن عيسى أخبرنا عبد الرحمن بن محمد أخبرنا عبد اللَّه بن أحمد أخبرنا إبراهيم بن خزيم أخبرنا عبد بن حميد أخبرني أحمد بن يونس حدثنا أبو شهاب عن حمزة الجزري عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "مَثَلُ أَصْحَابي مَثَلُ النُّجُومِ يُهْتَدي بِهَا فَبِأَيِّهمْ أَخَذْتُمْ بِقَوْلِهِ اهْتَدَيْتُمْ"(1).
هذا حديث غريب أخرجه ابن عدي في الكامل عن عبد اللَّه بن محمد البغوي عن عمرو بن محمد الناقد عن عمرو بن عثمان الكلابي عن أبي شهاب (2). واسمه عبد ربه بن نافع، فوقع لنا عاليا.
وذكره ابن عبد البر في كتاب بيان العلم عن أبي شهاب بسنده وقال: هذا اسناد ضعيف، الراوي له عن نافع لا يحتج به (3).
(1) رواه عبد بن حميد فى المنتخب من المسند (782).
(2)
رواه ابن عدي في الكامل (2/ 785 - 786).
(3)
كتاب بيان العلم (2/ 111).
قلت: هو متفق على تركه، بل قال ابن عدي إنه يضع.
وأما حديث جابر فأخبرنا أبو هريرة بن الذهبي إجازة أخبرنا القاسم بن عساكر سماعا عليه عن محمود بن إبراهيم أخبرنا أبو الرشيد أحمد بن محمد أخبرنا عبد الوهاب بن محمد بن إسحاق أخبرنا أبي أخبرنا عمر بن الحسن حدثنا عبد اللَّه بن روح حدثنا سلام بن سليمان حدثنا الحارث بن غصن حدثنا الأعمش عن أبي سفيان عن جابر بن عبد اللَّه رضي الله عنهما قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "مَثَلُ أَصْحَابي في أُمَّتي مَثَلُ النُّجومِ فَبِأَيِّهمُ اقْتَدَيْتُمْ اهْتَديْتُمْ".
هذا حديث غريب أخرجه الدارقطني عن أحمد بن كامل عن عبد اللَّه بن روح (1). فوقع لنا بدلا عاليا. وأخرجه ابن عبد البر من هذا الوجه وقال: هذا إسناد لا تقوم به حجة والحارث مجهول (2).
قلت: الآفة فيه من الراوي عنه، وإلا فالحارث قد ذكره ابن حبان في الثقات، وقال: روى عنه حسين الجعفي.
وأما حديث ابن عباس فأخرجه البيهقي في المدخل من رواية جويبر عن الضحاك عن ابن عباس (3)، وجويبر ضعيف جدا، والضحاك عن ابن عباس منقطع. وأخرجه البيهقي أيضا من وجه آخر عن جويبر عن جواب بن عبد اللَّه عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو مرسل أو معضل (4).
وأما حديث عمر فأنبأنا أبو عبد اللَّه محمد بن عبد الرحيم بن عبد الغني الجزري ثم الأسكندراني مشافهة بها قال أخبرني العلامة أبو العباس أحمد بن محمد بن قيس أخبرنا عبد الرحيم بن يوسف أخبرنا عمر بن محمد أخبرنا
(1) رواه الدارقطني فى المؤتلف والمختلف (4/ 1778).
(2)
رواه ابن عبد البر في بيان العلم (2/ 111).
(3)
رواه البيهقي في المدخل (152).
(4)
رواه البيهقي في المدخل (153).
محمد بن عبد الباقي أخبرنا الحسن بن على أخبرنا أبو الحسن بن دؤدؤ أخبرنا حمزة بن محمد الكاتب حدثنا نعيم بن حماد حدثنا عبد الرحيم بن زيد العمي عن أبيه عن سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "سَأَلْتُ رَبِّي عَمَّا يَخْتَلفُ فيهِ أَصْحَابي مِنْ بَعْدي، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّ أَصْحَابَكَ عِنْدي بِمَنزْلَة النُّجُوم بَعْضُهاَ أَضْوَأُ مِنْ بَعْضٍ، فَمَنْ أَخَذَ بِشيْءٍ مِمَّا اخْتَلَفُوا فِيه فهُوَ عِنْدي عَلَى هُدًى".
هذا حديث غريب أخرجه ابن عدي عن حمزة الكاتب على الموافقة (1). وأخرجه البييقي عن أبي بكر بن الحارث عن أبي الشيخ عن حمزة [و] من طريق بكر بن سهل عن نعيم بن حماد أيضا (2). وزيد العمي بفتح المهملة وتشديد الميم وابنه أضعف منه.
وقد سئل البزار عن هذا الحديث فقال: لا يصح هذا الكلام عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد رواه عبد الرحيم مرة أخرى فقال عن أبيه عن ابن عمر.
قلت: وخالفه سلام الطويل فرواه عن زيد بإسناد آخر ولفظ آخر.
وأما حديث أنس فأخبرني الحافظان أبو الفضل بن الحسين وأبو الحسن بن أبي بكر قالا: أخبرنا عبد اللَّه بن محمد العطار أخبرنا أبو الحسن السعدي عن محمد بن معمر أخبرنا سعيد بن أبي الرجاء أخبرنا أحمد بن محمد بن النعمان أخبرنا محمد بن إبراهيم أخبرنا إسحاق بن أحمد حدثنا محمد بن يحيى حدثنا عبد اللَّه بن على حدثنا سلام الطويل عن زيد العمي عن يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَثَلُ أَصْحَابي مَثَلُ النُّجُومِ يُهْتَدى بِهَا، فَإِذا غَابَتْ تَحَيَروُا".
هكَذا أخرجه ابن أبي عمر في مسنده، وفي إسناده ثلاث ضعفاء في
(1) رواه ابن عدي في الكامل (3/ 1057).
(2)
رواه البيهقي في المدخل (151).
نسق سلام وزيد ويزيد، وأشدهم ضعفا سلام (1) واللَّه أعلم.
آخر المجلس السادس والثمانين بعد المائة وهو السادس والثلاثون من تخريج أحاديث المختصر.
(1) المطالب العالية (4/ 146).
[المجلس السابع والثلاثون]
قال المملي رضي الله عنه:
وأما الحديث الثاني فلا أعرف له إسنادًا ولا رأيته في شيء من كتب الحديث إلا في النهاية لابن الأثير ذكره في مادة ح م ر، ولم يذكر من خرجه (1)، ورأيته أيضا في كتاب الفردوس لكن بغير لفظه، ذكره من حديث أنس بغير إسناد أيضا ولفظه:"خُذُوا ثُلُثَ دِينكُمْ مِنْ بَيْتِ الحُمَيْراءِ" وبيض له صاحب مسند الفردوس فلم يخرج له إسنادًا، وذكر الحافظ عماد الدين بن كثير أنه سأل الحافظين المزي والذهبي عنه فلم يعرفاه (2).
(قوله مسألة يجوز أن يجمع عن قياس -إلى أن قال- والظاهر الوقوع كإمامة أبي بكر).
يريد أن الصحابة أجمعوا على خلافة أبي بكر وهي الإِمامة العظمى، ومستندهم القياس على الإِمامة الصغرى، وهي الصلاة بالناس لتعيين النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر لذلك، وقد ورد تعيينه لذلك في عدة أحاديث.
منها ما أخبرني الشيخ أبو إسحاق البعلي عن عيسى بن عبد الرحمن السمسار أخبرنا جعفر بن على أخبرنا أبو طاهر السلفي أخبرنا أبو طالب البصري حدثنا أبو القاسم بن بشران أخبرنا أبو سهل بن زياد حدثنا محمد بن إسماعيل الترمذي حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن العلاء حدثني عمرو بن الحارث حدثني عبد اللَّه بن سالم حدثني محمد بن الوليد الزبيدي حدثني محمد بن مسلم الزهري أن حمزة بن عبد اللَّه بن عمر أخبره أن عبد اللَّه بن عمر رضي الله عنهما قال: لما اشتد برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وجعه قال:
(1) النهاية (1/ 438) لابن الأثير.
(2)
انظر المعتبر (ص 85 - 86) بتحقيقنا.
"مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بالنَّاس" فقالت عائشة: إن أبا بكر رجل رقيق لا يملك عينيه حين يقرأَ القرآنَ، فمر عمر يصلي بالناس، فقال:"إِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ، مُروُا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ".
هذا حديث صحيح أخرجه البخاري من طريق يونس بن يزيد عن الزهري وقال: تابعه الزبيدى (1). وأصله في الصحيحين مطولا ومختصرا من حديث عائشة (2) وابن عباس وأبي موسى الأشعري (3) وغيرهم.
وجاء أن غير أبا بكر صلى بالناس فأنكر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك (4). قرأت على فاطمة بنت المنجي عن سليمان بن حمزة أخبرنا الضياء محمد بن عبد الواحد الحافظ أخبرنا أبو جعفر الصيدلاني قال قرئ [على] فاطمة الجوزذانية وأنا أسمع أن محمد بن عبد اللَّه التاجر أخبرهم أخبرنا أبو القاسم الطبراني حدثنا أبو شعيب الحراني حدثنا أبو جعفر النفيلى حدثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق حدثني الزهري عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أبيه عن عبد اللَّه بن زمعة بن الأسود بن المطلب رضي الله عنه قال: لما استعر برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأنا عنده في نفر من المسسلمين دعا بلال إلى الصلاة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "مُرُوا مَنْ يُصَلِّي بِالنَّاس" قال: فخرجت فإذا عمر في الناس، فقلت: يا عمر صل بالناس، وكان أبو بكر غائبًا، فتقدم فكبر، وكان رجلا جهيرا، فسمع النبي صلى الله عليه وسلم صوته فقال:"وَأَيْنَ أَبُو بَكْرٍ؟ يَأْبَى اللَّهُ ذَلِكَ وَالمُسْلمِوُنَ" فبعث إلى أبي بكر، فجاء وقد صلى عمر بالناس تلك الصلاة، قال فقال لي عمر: ويحك يا ابن زمعة ماذا صنعت بي؟ واللَّه ما ظننت حين أمرتني أن أصلى بالناس إلا أن رسول
(1) رواه البخاري (682).
(2)
رواه البخاري (198 و 664 و 665 و 679 و 683 و 687 و 712 و 713 و 716 و 2588 و 3099 و 3384 و 4442) ومسلم (418).
(3)
رواه البخاري (678 و 3385) ومسلم (420).
(4)
انظر حديث عائشة السابق فإنه ورد ضمنه.
اللَّه صلى الله عليه وسلم أمرك بذلك، فقلت: واللَّه ما أمرني، ولكن لما لم أر أبا بكر ما رأيت فيمن حضر أحق بذلك منك.
هذا حديث حسن أخرجه أبو داود عن النفيلي (1)، فوقع لنا موافقة عالية.
ويدل على المدعى من القياس ما قرأت على أم الحسن التنوخية عن أبي الربيع بن قدامة أخبرنا أبو عبد اللَّه الحافظ أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن نصر أن أبا علي الحداد أخبرهم أخبرنا أبو نعيم حدثنا عبد اللَّه بن جعفر حدثنا محمد بن عاصم حدثنا حسين بن علي الجعفي حدثنا زائدة عن عاصم عن زر عن عبد اللَّه بن مسعود رضي الله عنه قال: لما قبض النبي صلى الله عليه وسلم قالت الأنصار: منا أمير ومنكم أمير، فأتاهم عمر فقال: ألستم تعلمون أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أمر أبا بكر أن يصلي بالناس؟ فأيكم تطيب نفسه أن يتقدم أبا بكر؟ فقالوا: نعوذ باللَّه أن نتقدم أبا بكر.
هذا حديث حسن أخرجه أحمد عن الجعفي، فوقع لنا موافقة عالية. وأخرجه النسائي عن إسحاق بن إبراهيم وهناد بن السري كلاهما عن الجعفي (2)، فوقع لنا بدلا عاليا.
وجاء عن علي رضي الله عنه ما هو أصرح من ذلك.
قرأت على فاطمة بنت محمد الصالحية بها عن محمد بن محمد بن سعد أخبرنا الحسن بن يحيى في كتابه أخبرنا عبد اللَّه بن رفاعة أخبرنا أبو الحسن الخلعي أخبرنا محمد بن الحسن الفراء أخبرنا الدارقطني حدثنا أبو عمر محمد بن يوسف حدثنا سعدان بن نصر حدثنا إسماعيل بن يحيى عن أبي
(1) رواه أبو داود (4660) وانظر المعتبر (ص 86 - 93) بتحقيقنا.
(2)
رواه أحمد (1/ 396) والنسائي (2/ 74 - 75) ورواه أيضًا أحمد (1/ 21 و 405) وابن سعد في الطبقات (3/ 178 - 179) والفسوي في المعرفة والتاريخ (4/ 451) وابن أبي عاصم في السنة (2/ 553) والحاكم (3/ 67) والبيهقي في المدخل (56) والاعتقاد (ص 348 - 349).
سنان عن الضحاك هو ابن مزاحم عن النزال هو ابن سبرة قال: وافقنا من علي طيب نفس فقلنا: حدثنا عن أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث. وفيه فقلنا: حدثنا عن أبي بكر، قال: ذاك رجل سماه اللَّه الصديق على لسان جبريل، خليفة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على الصلاة، رضيه لديننا، فرضيناه لدنيانا رضي الله عنه (1).
آخر المجلس السابع والثمانين بعد المائة وهو السابع والثلاثون من تخريج أحاديث المختصر.
(1) لكن إسماعيل بن يحيى هو الشيباني متهم بالكذب.
[المجلس الثامن والثلاثون]
ثم أملانا سيدنا ومولانا قاضى القضاءة وشيخ الإِسلام نفع اللَّه المسلمين ببركته وبركة علومه آمين.
قال: (قوله وإراقة نحو الشيرج).
يعني بالقياس على السمن وذلك في الحديث الذي أخبرني العماد أبو بكر بن إبراهيم بن العز أخبرنا عبد اللَّه بن الحسين أخبرنا عثمان بن علي عن السلفي أخبرنا مكي بن منصور أخبرنا أحمد بن الحسين أخبرنا محمد بن أحمد المعقلي حدثنا محمد بن يحيى الذهاب حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سئل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن الفأرة تقع في السمن فقال: "إِنْ كَانَ جَامِدًا فَأَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَها وَكُلُوهُ، وَإِنْ كَانَ مَائِعًا فَلَا تَقْرَبُوهُ".
هذا حديث غريب تفرد به معمر عن الزهري، وخالف أصحاب الزهري في إسناده. أخرجه أبو داود عن أحمد بن صالح والحسن بن علي كلاهما عن عبد الرزاق (1)، فوقع لنا بدلا عاليا، وعلقه الترمذي لمعمر وقال: سمعت محمدا يعني البخاري يقول: أخطأ فيه معمر، والصحيح حديث ميمونة (2). يعني الحديث الذي أخبرني أبو عبد الرحمن عبد اللَّه بن خليل الحرستاني أخبرنا أحمد بن محمد الذبداني وأبو بكر بن محمد بن عبد الجبار قالا أخبرنا محمد بن إسماعيل بن أبي الفتح قال قريء على فاطمة بنت الخير وأنا أسمع أن زاهر بن طاهر أخبركم أخبرنا محمد بن عبد الرحمن أخبرنا عمرو بن حمدان حدثنا أبو يعلى حدثنا أبو خيثمة حدثنا سفيان بن عيينة (ح).
(1) رواه أبو داود (3842).
(2)
علقه بعد الحديث (1799).
وأخبرنا عاليا عبد الرحمن بن محمد الفارقي إجازة أخبرنا أبو محمد بن أبي غالب عن محمود بن إبراهيم أخبرنا محمد بن أحمد أخبرنا عبد الوهاب بن محمد بن إسحاق أخبرنا أبي أخبرنا أحمد بن إسماعيل حدثنا يونس بن عبد الأعلى حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة عن ابن عباس عن ميمونة رضي الله عنها قالت: سئل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن فأرة وقعت في سمن، فقال:"أَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَها وَكُلُوُه"(1).
هذا حديث صحيح أخرجه البخاري عن الحميدي وأبو داود عن مسدد والترمذي عن أبي عمار والنسائي عن قتيبة كلهم عن سفيان بن عيينة (2). فوقع لنا بدلا عاليا ولاسيما من الطريق الثاني، زاد الحميدي في روايته، قيل لسفيان: أن معمرا حدث به عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة، فقال: لم أسمعه من الزهري إلا عن عبيد اللَّه، ولقد سمعته منه مرارا، وهكذا حكم بخطأ معمر فيه أبو زرعة وأبو حاتم الرازيان والدارقطني وغير واحد، ومال الذهلي إلى تصحيح الطريقين وأيد ذلك بأن معمرا كان يحدث به على الوجهين، ووقع عند أبي داود بعد تخريج طريق أبي هريرة، قال الحسن بن علي: قال عبد الرزاق: وربما حدث به معمر عن الزهري عن عبيد اللَّه فذكره (3). وكذا أخرجه ابن حبان في صحيحه من طريق عبد الرزاق بالوجهين وأفاد أن عبد الرزاق لم يسمعه من صحيحه وإنما سمعه من عبد الرحمن بن بوذويه عن معمر أعنى عن طريق ميمونة، ولم يقع التفصيل في حديث ميمونة في معظم الطرق.
وأما تعبير المصنف بالإِراقة فلم أره في شيء من صالح الحديث، بل وقع في بعض طرقه ما يخالفه.
(1) رواه أبو يعلى (328/ 2).
(2)
رواه الحميدي (312) والبخاري (5538) وأبوداود (3841) والترمذي (1799) والنسائي (7/ 178).
(3)
قاله أبو داود بعد الحديث (3842).
وذلك فيما قرأت على أبي المعالي الأزهري عن زينب بنت الكمال أن يوسف بن خليل الحافظ كتب إليهم أنا خليل بن بدر أنا الحسن بن أحمد أنا أحمد بن عبد اللَّه ثنا سليمان بن أحمد ثنا بكر بن سهل ثنا شعيب بن يحيى ثنا عبد الجبار بن عمر عن الزهري عن سالم بن عبد اللَّه بن عمر عن أبيه رضي الله عنهما قال: سئل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن الفأرة تقع في السمن، فقال:"إِنْ كَانَ جَامِدًا فَاطْرَحُوهَا وَمَا حولها وَكُلُوهُ" قالوا: يا رسول اللَّه فإن كان مائعا؟ قال: "فَانَتفِعُوا بِهِ". (1)
هذا حديث غريب، أخرجه الدارقطني عن عبيد اللَّه بن عبد الصمد بن المهتدي عن بكر بن سهل (2) فوقع لنا بدلا عاليا، لكن وقع في روايته عن يحيى بن أيوب بدل عبد الجبار بن عمر، ويحيى بن أيوب صدوق له أوهام، وأما عبد الجبار بن عمر فضعيف عندهم، وقد ذكر ابن عدي في ترجمته أنه تفرد بهذا عن الزهري وساق عن أحمد بن الحارث بن مسكين عن أبيه عن عبد اللَّه بن وهب عن عبد الجبار بن عمر، وزاد في آخر المتن "ولا تأكلوه"(3) فلو كانت هذه الرواية محفوظه حمل قوله في حديث أبي هريرة "ولَا تَقْرَبُوهُ" على خصوص الأكل واللَّه أعلم.
آخر المجلس الثامن والثمانين بعد المائة من الأمالي وهو الثامن والثلاثون من تخريج أحاديث المختصر.
(1) رواه الطبراني في الأوسط (ص 46 مجمع البحرين) وقال: هكذا رواه عبد الجبار، ورواه معمر عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة، ورواه أصحاب الزهري عن الزهري عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه عن ابن عباس.
(2)
رواه الدارقطني (4/ 291).
(3)
رواه ابن عدي في الكامل (5/ 1961).
[المجلس التاسع والثلاثون]
قوله (إذا أجمع على قولين وأحدث ثالث منع [منعه] الأكثر كوطء البكر، قيار: بمنع الرد، وقياد: مع الإِرش، فالرد مجانا ثالث).
قلت: في هذا المثال نظر، فإن الذين روي ذلك عنهما من الصحابة لم يثبت عنهم، وأما التابعون فصحت عنهما الأقوال الثلاثة، وإن كان الأكثر قائلين بالثاني.
أخبرنا الحافظ أبو الحسن بن أبي بكر إجازة إن لم أكن قرأته عليه أنا أبو الفضل [محمد بن عمر بن الحموي أنا أبو الحسن علي بن أحمد أنا عبد اللَّه بن عمر الصفار أنا زاهر بن طاهر أنا منصور بن عبد المنعم أنا] محمد بن إسماعيل الفارسي أنا الحافظ أبو بكر البيهقي أنا أبو طاهر الزيادي أنا عبد اللَّه بن يعقوب الكرماني ثنا محمد بن أبي يعقوب ثنا يحيى بن سعيد عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده علي بن الحسين عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في رجل اشترى جارية فوطئها ثم وجد بها عيبا قال: وجبت له، وله الإِرش ما بين الصحة والداء.
قال البيقهي: هذا منقطع، علي بن الحسين لم يدرك جده، وقد روى مسلم خالد عن جعفر بن محمد، فزاد في إسناده حسين بن علي، قال: ولا أظنه محفوظا (1).
وأخبرني عمر بن محمد بن أحمد الصالحي بدمشق أنا أبو بكر بن أحمد المغاري أنا علي بن أحمد السعدي عن عبد اللَّه بن عمرو الصفار أنا الفضل بن محمد أنا أبو منصور النوقاني أنا أبو الحسن الدارقطني ثنا جعفر
(1) السنن الكبرى (5/ 322) للبيهقي.
الواسطي ثنا موسى بن إسحاق ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا شريك عن جابر عن عامر عن عمر رضى اللَّه عنه قال: إن كانت بكرا رد (1).
هذا موقوف ضعيف جدا، عامر هو الشعبي لم يدرك عمر، وجابر هو الجعفي واهي الحديث.
وأنا أبو العباس أحمد بن أبي بكر الفقيه إجازة مكاتبة عن أبي بكر بن مشرق أنا محمد بن عبد الواحد في كتابه أنا مسعود بن النادر أنا عبد الوهاب بن المبارك أنا أبو طاهر الباقلاني أنا الحسن بن أحمد أنا دعلج بن أحمد ثنا محمد بن علي ثنا سعيد بن ثنا هشيم أنا جويبر عن الضحاك عن علي رضي الله عنه قال: إذا وطئها وجبت عليه.
هذا موقوف ضعيف جدا، الضحاك لم يدرك عليا، وجويبر واهي الحديث.
فهذا ما جاء في ذلك عن الصحابة.
وأما التابعون فصح القول الأول عن عمر بن عبد العزيز، وروي عن الحسن البصري، وأما القول الثاني فصح عن سعيد بن المسيب وشريح بن سيرين وعدد كثير، وأما القول الثالث فصح عن الحارث العكلي، وهو من فقهاء الكوفة من أقران إبراهيم النخعي.
وبه إلى سعيد بن منصور ثنا جرير عن حديرة ثنا مقسم عن الحارث العكلي فذكره، قال: ولا يرد إن شاء، وكذا إذا خرجت مستحقة.
(قوله وكالجد مع الأخ، قيل: المال للجد، وقيل: المقاسمة، فالحرمان ثالث) أي حرمان الجد.
قلت: وفي هذا المثال أيضا نظر، فإن الأحوال الثلاثة مشهورة عن الصحابة.
(1) رواه الدارقطني (3/ 309).
أما القول الأول عن أبي بكر الصديق وتابعه عمر وعثمان وابن عباس وابن الزبير وغيرهم. ثم رجع بعضهم إلى المقاسمة، وهو قول الأكثر.
وأما القول بالحرمان فجاء عن زيد بن ثابت وعلي بن أبي طالب وعبد الرحمن بن غنم، ثم رجع علي وزيد إلى المقاسمة.
أخبرني الشيخ أبو إسحاق التنوخي بالإسناد الماضى إلى الدارمي ثنا عبيد بن موسى ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي بردة بن أبي موسى قال: لقيت مروان بن الحكم بالمدينة فقال لي: ألم أخبر أن الجد عندكم بالكوفة لا ينزل منزلة الأب وأنت لا تنكر، قال فقلت به: وأنت لو كنت لم تنكر، فقال مروان: أشهد على عثمان أنه شهد على أبي بكر رضي الله عنهما أنه أنزل الجد أبا إذا لم يكن دونه أب (1).
هذا موقوف صحيح، وثبت عن أبي بكر من طرق أخرى من رواية ابن عباس وابن الزبير وأبي سعيد الخدري وغيرهم، وبعضها في البخاري.
وبالإسناد الماضى إلى البيهقي أنا أبو الحسن بن الفضل أنا عبد اللَّه بن جعفر النحوي ثنا يعقوب بن سفيان حدثني أبو الطاهر بن الفرج أنا ابن وهب أخبرني عبد الرحمن بن أبي الزناد قال: أخذ أبو الزناد هذه الرسالة من خارجة بن زيد بن ثابت ومن كبراء آل زيد عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أنه كتب إلى معاوية في شأن الجد قال: وجرى بيني وبين عمر كلام في الجد مع الأخوة وكنت أرى يومئذ أن الأخوة أقرب حقا إلى أخيهم من الجد، وكان هو يرى أن الجد أقرب (2).
(1) رواه الدارمي (2911) عن الأسود بن عامر عن شعبة عن عمرو بن مرة عن أبي بردة بهذا اللفظ، والإسناد الذي ذكره المصنف هو لأثر مختصر عند الدارمي (2910) ولفظه عن مروان عن عثمان أن أبا بكر كان يجعل الجد أبا. فلعل الحافظ وقع عينه على الإسناد الأول فوضعه للمتن الثاني.
(2)
رواه البيهقي (6/ 247) مطولًا وكذا رواه (6/ 248).
وأنبأنا أبو علي الفاضلي شفاها عن يونس أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن مكي أنا خلف بن عبد الملك في كتابه أنا عبد الرحمن بن محمد بن عتاب حدثني أبي ثنا عبد الرحمن بن مروان ثنا أحمد بن خالد ثنا علي بن عبد العزيز ثنا حجاج بن منهال ثنا حماد بن سلمة عن داود عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم أن عمر ذاكره في الجد قال: فقلت له: إن دون الجد شجرة أخرى، فما خرج منها فهو أحق بها.
هذا موقوف حسن الإِسناد وكذا الذي قبله واللَّه أعلم.
آخر المجلس التاسع والثمانين بعد المائة من الأمالي وهو التاسع والثلاثون من تخريج أحاديث مختصر ابن الحاجب.
[المجلس الأربعون]
قال المملي رضي الله عنه:
قول (وكالنية في الطهارات قيل تعتبر وقيل في البعض، فالتعميم بالنفي ثالث).
قلت: هذا مثال جيد، والذي نقل عنه أن النية لا تشترط في جميع الطهارات هو الحسن بن حي من فقهاء الكوفة، وهو إحدى الروايتين عن الأوزاعي فيما ناقله أبن المنذر، ولم ينقل ذلك عن أحد من الصحابة ولا التابعين.
قوله (وكالفسخ بالعيوب الخمسة قيل يفسح بها وقيل لا، فالفرق ثالث).
قلت: في هذا المثال نظر، فإن الأقوال الثلاثة مشهورة عن الصحابة، والذين قالوا. بالتفريق اختلفوا فيما يفسخ به، وجاء عن بعض التابعين قول رابع، وهو الرد بكل عيب.
وبالسند الماضى إلى الدارقطني ثنا عبد اللَّه بن محمد بن عبد العزيز ثنا عبد الأعلى بن حماد ثنا داود العطار عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: من غر بنكاح امرأة فوجد بها جنونا أو جذاما أو برصا فلها المهر بما أصاب منها ويرجع بالصداق على من غره (1).
هذا موقوف صحيح، أخرجه عبد الرزاق عن ابن جريج وسعيد بن منصور عن هشيم كلاهما عن يحيى بن سعيد (2)، وأخرجه وكيع في مصنفه عن الثوري عن يحيى بن سعيد فذكر فيه العمياء، وروى عبد الرزاق عن
(1) رواه الدارقطني (3/ 266 - 267).
(2)
رواه عبد الرزاق (10679) وسعيد بن منصور (818)
معمر عن الزهري قال: يفسخ من كل داء عضال. وأخرج ابن أبي شيبة عن شريح نحوه (1).
(قوله وكأم مع زوج أو زوجه وأب، قيل: ثلث، وقيل: ثلث ما بقي، فالفرق ثالث) ثم قال في آخر المسألة (وقد قال ابن سيرين -مسألة- الأم مع زوج وأب بقول ابن عباس وعكس آخر).
قلت: هذا مثال جيد، فإن المنقول عن الصحابة القولان الأولان فقط.
وبالسند الماضى إلى الدارمي ثنا حجاج بن منهال ثنا حماد بن سلمة ثنا حجاج هو ابن أرطاة عن الشعبي وعن عطاء عن ابن عباس أنهما قالا في زوج وأبوين للزوج النصف وللأم ثلث جميع المال (2).
أخرجه ابن المنذر عن علي بن عبد العزيز عن حجاج بن منهال، فوقع لنا بدلا عاليا. وجاء عن علي نحو قول ابن عباس.
وبه إلى الدارمي ثنا حجاج بن منهال أنا أبو عوانة عن الأعمش عن إبراهيم عن علي رضي الله عنه قال: للأم ثلث جميع المال (3).
هذا موقوف رجاله ثقات، لكنه منقطع بين إبراهيم وعلي، وكأن الذي أخبر به إبراهيم غير موقوف به عنده، ولهذا كان يجزم بأن ابن عباس تفرد به.
وبه إلى الدارمي [ثنا] محمد بن عيسى ثنا عبد اللَّه بن إدريس عن أبيه (ح).
وقرأت على فاطمة بنت المنجى عن سليمان حمزة أنا جدي أحمد بن عمر بن أبي عمر أنا أبو السعادات القزاز أنا أبو الحسين بن الطيوري أنا أبو علي بن الشاذان أنا أبو عمرو بن السماك أنا أبو بكر الواسطي ثنا قبيصة ثنا سفيان الثوري عن أبي عبد اللَّه هو إدريس الأزدي عن الفضل بن عمرو عن
(1) رواه ابن أبي شيبة (4/ 176).
(2)
رواه الدارمي (2879).
(3)
رواه الدارمي (2880).
إبراهيم قال: خالف ابن عباس أهل القبلة فقال: للأم ثلث جميع المال (1).
وبه إلى الدارمي أنا سعيد بن الربيع أنا شعبة عن الحكم عن عكرمة قال: أرسل ابن عباس إلى زيد بن ثابت: أتجد في كتاب اللَّه للأم ثلث ما بقي؟ فقال: إنما أنت رجار تقول برأيك وأنا رجل أقول برأيي (2).
هذا موقوف صحيح، أخرجه ابن أبي شيبة من وجه آخر، وزاد فيه عن زيد: ما كنت لأفضل أَمًّا على أب (3).
وبالإِسناد المذكور إلى قبيصة ثنا سفيان عن أبيه سعيد بن مسروق عن المسيب بن رافع عن عبد اللَّه بن مسعود رضى اللَّه عنه قال: ما كان اللَّه ليراني أفضل أما على أب (4).
قلت: وكأن ابن سيرين أخذ التفضيل من هذا التعليل.
أنبأنا أبو علي الفاضلي بالإِسناد الماضى إلى حماد بن سلمة أنا أيوب عن ابن سيرين في زوج وأبوين قال: للزوج النصف وللأم ثلث ما بقي وللأب ثلثاه. وفي امرأة وأبوين للمرأة الربع وللأم ثلث جميع المال وللأب ما بقي.
وأما قوله (وعكس آخر) فحكاه صاحب الكافي عن شريح، ولم أره عنه صريحا، إلا أن ابن المنذر لما حكى قول ابن عباس في زوج وأبوين قال: وبه قال شريح، فاحتمل أن يريد هذه الصورة دون الأخرى، وهو الذي فهمه من نقل عنه ذلك، وهو رأي بعيد من حيث النظر.
آخر المجلس التسعين بعد المائة من الأمالي وهو تمام الأربعين من تخريج أحاديث المختصر.
(1) رواه الدارمي (2881) ووقع في الأصل محمد بن قيس وهو خطأ وإنما هو محمد بن عيسى كما في سنن الدارمي.
(2)
رواه الدارمي (2878).
(3)
رواه ابن أبي شيبة (11/ 241 - 242).
(4)
رواه الدارمي (2877) عن محمد عن سفيان به، ورواه ابن أبي شيبة (11/ 241) عن وكيع عن سفيان به.
[المجلس الحادي والأربعون]
قوله (كالاختلاف في أم الولد ثم زال).
قلت: كأنه يشير إلى اختلاف الصحابة هل تباع أولا؟
وقد جاء ذلك صريحا فيما أنبأنا الشيخ أبو الفرج عبد الرحمن بن أحمد بن المبارك رحمه الله شفاها أنا أبو الحسن علي بن الحسن الأموي أنا أبو الحسن علي بن أحمد المقدسي عن منصور بن عبد المنعم أنا محمد بن إسماعيل أنا البيهقي أنا أبو عبد اللَّه الحافظ وأبو بكر القاضى قالا: ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا محمد بن إسحاق الصغاني ثنا إسحاق بن إبراهيم الرازي (ح).
وقرأت عاليا على أم يوسف الصالحية عن محمد بن عبد الحميد أن إسماعيل بن عبد القوي قال قرئ على فاطمة بنت سعد الخير وأنا أسمع عن فاطمة الجوزذانية سماعا قالت: أنا أبو بكر بن ريذة أنا الطبراني (ح).
وقرأت على أم الفضل البعلبكية عن القاسم بن عساكر إجازة إن لم يكن سماعا وعن أبي نصر الشيرازي قالا: أنا محمود بن إبراهيم مكاتبة أنا أبو الخير الباغبان أنا أبو عمرو بن عبيد اللَّه بن منده أنا أبي أنا أحمد بن الحسن الرازي قال هو والطبراني: ثنا علي بن سعيد بن بشير ثنا محمد بن حميد قال هو وإسحاق: ثنا سلمة بن الفضل ثنا محمد بن إسحاق عن الخطاب بن صالح عن أمه قالت: حدثتني سلامة بنت معقل رضي الله عنها قالت: كنت للحباب بن عمرو فمات ولي منه ولد، فقالت لي امرأته: الآن تباعين في دينه، فأتيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فقال:"مَنْ صَاحِبُ تَرِكَةِ الحُبَاب بْن عَمْرو؟ " فقالوا: أخوه أبو اليسر كعب بن عمرو، فدعاه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال:"لَا تَبيعُوها وَأَعْتِقُوهَا، فَإِذَا سَمِعْتُمْ بِرَقيقٍ جَاءَني فَائْتُوني أُعَوِّضْكُمْ مْنِهَا" ففعلوا فاختلفوا فيما بينهم بعد وفاة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقال
بعضهم: أم الولد مملوكة، ولولا ذلك لم يعوضهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وقال بعضهم: بل هي حرة قد أعتقها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، زاد إسحاق في روايته: ففي ذا كان الإِختلاف (1).
وبه إلى ابن منده أنا أحمد بن إسحاق بن أيوب ثنا عبد اللَّه بن الحسن الحراني ثنا عبد اللَّه بن محمد النفيلي ثنا محمد بن سلمة ثنا محمد بن إسحاق فذكر الحديث مختصرا، وسياقه في أوله أتم، ولفظه: عن سلامة قالت: قدم بي عمي في الجاهلية المدنية فباعني من الحاب بن عمرو فاستسرني فولدت له عبد الرحمن بن الحباب.
وبه قال ابن منده: هذا حديث غريب لا يعرف إلا بهذا الإِسناد.
قلت: أخرجه أبو داود عن النفيلي على الموافقة ولم يذكر ما في آخره (2).
وأما قوله (ثم زال) فلعله يشير إلى ما أخرجه أبو داود من رواية عطاء عن جابر رضي الله عنه قال: كنا نبيع أمهات الأولاد على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فلما كان عمر نهانا فانتهينا (3).
ورجاله رجال مسلم، وقد صححه ابن حبان والحاكم (4). وله طريق أخرى صحيحة.
أخبرني أبو بكر بن إبراهيم بن أبي عمر أنا أحمد بن علي الجزري وأبو بكر بن محمد بن الرضى قالا: أنا محمد بن إسماعيل الخطيب قرئ على فاطمة بنت أبي الحسن الأندلسي وأنا أسمع قال أنا زاهر بن طاهر أنا محمد بن عبد الرحمن أنا أبو عمرو بن حمدان أنا أبو يعلى ثنا أبو خيثمة ثنا روح بن عبادة ثنا ابن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابرا رضي الله عنه
(1) رواه الطبراني في الكبير (3596) والبيهقي (10/ 345).
(2)
رواه أبو داود (3953) وهو عند الطبراني في الكبير (ج 24 رقم 780).
(3)
رواه أبو داود (3954).
(4)
رواه ابن حبان (1216) والحاكم (2/ 18 - 19).
يقول: كنا نبيع أمهات الأولاد ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حي، لا يرى بذلك بأسا (1).
هذا حديث صحيح، أخرجه النسائي وابن ماجه والدارقطني والحاكم من طرق عن ابن جريج (2). وإسناده على شرط مسلم. وله شاهد عند النسائي من حديث أبي سعيد الخدري (3).
فإن أراد المصنف أن الإِختلاف بين الصحابة ارتفع بنهي عمر فليس كذلك، فقد أخرج البيهقي بإسناد صحيح عن الشعبي عن عبيدة بن عمرو عن علي رضي الله عنه قال: ناظرني عمر رضي الله عنه في بيع أمهات الأولاد، فقلت يبعن وقال: لا يبعن، فلم يزل يراجعني حتى قلت بقوله، فقضى به حياته، فلما أفضي الأمر إِليَّ رأيت أن يبعن (4).
وأخرج عبد الزراق عن علي أنه عهد في وصيته، فقال: إني تركت تسع عشرة سرية فأيتهن كانت ذات ولد فلتقوم في حصة ولدها ثم تعتق (5). وبهذا قال ابن مسعود واللَّه أعلم.
آخر المجلس الحادي والتسعين من الأمالي وهو الحادي والأربعون من تخريج أحاديث المختصر.
(1) رواه أبو يعلى (2229) وعنه ابن حبان (1215 موارد).
(2)
رواه النسائي في العتق من الكبرى كما في تحفة الأشراف (2/ 224) وابن ماجه (2517) والبيهقي (10/ 248) من طريق عبد الرزاق في المصنف (13211) وعنه أيضًا أحمد (3/ 321) ولم أره في المستدرك من طريق ابن جريج ورواه الدارقطني (4/ 135) ورواه أيضًا الشافعي (1205).
(3)
رواه النسائي في العتق من الكبرى كما في تحفة الأشراف (3/ 336) ورواه أيضًا أحمد (3/ 22) والدارقطني (4/ 135 - 136) والحاكم (2/ 19) والبيهقي (10/ 348) قال المصنف في التلخيص (4/ 218) وإسناده ضعيف.
(4)
رواه البيهقي في السنن الكبرى بهذا الإسناد (10/ 341) ورواه ابن أبي شيبة في المصنف (6/ 436 - 437) من طريق الشعبي عن عبيدة به.
(5)
رواه عبد الرزاق (13212).
[المجلس الثاني والأربعون]
قال المملي رضي الله عنه:
وبالسند الماضى إلى البيهقي أنا أبو عبد اللَّه الحافظ ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا علي أبي طالب ثنا عبد الوهاب بن عطاء ثنا سعيد هو ابن أبي عروبة عن الحكم بن عتيبة عن زيد بن وهب قال: انطلقت أنا ورجل إلى ابن مسعود رضي الله عنه فسألناه عن أم الولد، فقال: تعتق من نصيب ولدها (1).
هذا موقوف رجاله ثقات، أخرجه ابن المنذر من هذا الوجه، فهذا عبد اللَّه بن مسعود عاش بعد عمر دهرا وأفتى بخلاف قوله وكذلك علي.
وأما ما ذكره بعض من خرج أحاديث المختصر أن حماد بن زيد روى عن أيوب عن محمد بن سيرين عن عبيدة بن عمرو قال: كتب إِليَّ علي وإلى شريح أن اقضوا كما كنتم تقضون يعني في أم الولد وإني أكره الاختلاف حتى يكون للناس جماعة أو أموت كما مات أصحابي (2).
فإسناده صحيح، لكني لا أعرف القائل -يعني في أم الولد- فقد أخرجه ابن المنذر عن علي بن عبد العزيز عن أبي نعيم عن حماد بن زيد، وليس فيه يعني في أم الولد، وكذلك أخرجه البخاري في مناقب علي من الصحيح من طريق شعبة عن أيوب (3). وعلي تقدير أن تكون محفوظة فلا تصريح برجوع علي، بل الظاهر أنه أمرهم أن لا يقلدوه. وهذا ابن عباس عاش بعدهم دهرا وجاء منه في ذلك قولان. أحدهما على وفاق ابن مسعود
(1) رواه البيهقي (10/ 348).
(2)
يقصد الزركشي في المعتبر (ص 96) بتحقيقنا.
(3)
رواه البخاري (3707) وانظر فتح الباري (7/ 73).
أخرجه ابن أبي شيبة بإسناد حسن (1). والآخر فيه جواز البيع مطلقا، أخرجه عبد الرزاق بإسناد صحيح (2)، وأخرجة ابن المنذر من طريقه، وقال: هذا يضعف الحديث المرفوع الذي جاء عن ابن عباس.
يعني ما أخبرني به أبو الحسن علي بن محمد الخطيب أنا أبو الفضل بن قدامة في كتابه أنا جعفر بن علي أنا السلفي أنا أبو القاسم بن بيان أنا طلحة بن علي ثنا أحمد بن عثمان ثنا أحمد بن سعد (ح).
وأخبرني الشيخ أبو إسحاق بن كامل أنا أبو العباس بن الشحنة أنا أبو المنجى أنا أبو الوقت أنا أبو الحسن الداودي أنا أبو محمد السرخسي أنا عيسى بن عمر أنا أبو محمد الدارمي قالا: ثنا أبو نعيم ثنا شريك عن حسين بن عبد اللَّه عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "أَيُّما رَجُلٍ أَصَابَ أَمَتَهُ فوَلَدَتْ مِنْهُ فَهِيَ مُعْتَقَةٌ عَنْ دُبْرٍ مِنْهُ"(3).
هذا حديث غريب أخرجه ابن ماجة من طريق وكيع عن شريك (4)، فوقع لنا عاليا، وفي إسناده ضعف. واستدل البيهقي على ضعف المرفوع أيضا بما أخرجه من طريق عكرمة أنه سئل عن أمهات الأولاد فقالت: هن أحرار، قيل له بماذا؟ قال: بالقرآن، قال اللَّه تعالى {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} وكان عمر من أولي الأمر وقد قال بذلك. (5)
قال البيهقي: فرجع الحديث إلى عمر، ولو كان عند عكرمة حديث مرفوع لما استنبط. وقد عاش عبد اللَّه بن الزبير أيضا بعدهم دهرا وكان يفتي بجواز بيعهن.
(1) رواه ابن أبي شيبة في المصنف (6/ 440).
(2)
رواه عبد الرزاق في المصنف (13218).
(3)
رواه الدارمي (2577) وابن أبي شيبة (6/ 436) وعبدالرزاق (13219) والبيهقي (10/ 346).
(4)
رواه ابن ماجه (2515) وحسين بن عبد اللَّه بن عبيد اللَّه ضعيف.
(5)
رواه البيهقي (10/ 346).
أخبرني أبو محمد عبد الواحد بن ذي النون أنا علي بن عمر أنا عبد الرحمن بن علي أنا السلفي أنا مكي بن منصور أنا القاضى أبو بكر أنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا زكريا بن يحيى بن أسد ثنا سفيان بن عيينة عن عبيد اللَّه بن عمر عن نافع قال: لقي ابن عمر رجلان بطريق المدينة فقالا: تركنا هذا الرجل يعنيان ابن الزبير يبيع أمهات الأولاد، قال: لكن أبا حفص عمر أتعرفانه؟ قالا: نعم، قال: قضى في أمهات الأولاد أن لا يبعن ولا يوهبن ولا يورثن، يستمتع بها صاحبها ما عاش، فإذا مات فهي حرة.
هذا موقوف صحيح، أخرجه البيهقي عن القاضى أبي بكر (1) فوقع لنا موافقة عالية. وأخرج أيضا من طريق عبد اللَّه بن دينار عن ابن عمر بتمامه وقال فيه فقال لهما من أين أقبلتما قالا من قبل ابن الزبير فأحل لنا أشياء وذكر باقي الحديث نحوه (2).
قال البيهقي: وقد غلط فيه بعض الرواة عن عبد اللَّه بن دينار فقال عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قلت: أخرجه الدارقطني من طريق عبد اللَّه بن جعفر السعدي أحد الضعفاء عن عبد اللَّه بن دينار كذلك (3).
وتبين بمجموع ما ذكرناه أن الخلاف بين الصحابة ما زال. وإن كان المراد أن الخلاف بعد الصحابة زال ففيه نظر، فإن للشافعي قولا بالجواز، وهو مذهب داود وأتباعه إلا ابن حزم، فإنه وافق الجمهور واللَّه أعلم.
آخر المجلس الثاني والتسعون بعد المائة من الأمالي وهو الثاني والأربعون عن التخريج.
(1) رواه البيهقي (10/ 348).
(2)
رواه البيهقي (10/ 348).
(3)
رواه الدارقطني (4/ 135).
[المجلس الثالث والأربعون]
قوله (وفي الصحيح أن عثمان رضي الله عنه كان ينهى عن المتعة، قال البغوي: ثم صار إجماعا).
أما الحديث فأخبرني به أبو الحسن علي بن محمد الخطيب أنا أبو بكر الدشتي أنا يوسف بن خليل الحافظ أنا أبو المكارم اللبان أنا أبو علي الحداد أنا أبو نعيم ثنا عبد اللَّه بن جعفر ثنا يونس بن حبيب ثنا أبو داود الطيالسي ثنا شعبة عن عمرو بن مرة سمعت سعيد بن المسيب يقول: اجتمع علي وعثمان رضي الله عنهما بعسفان، وكان عثمان ينهى عن المتعة، فقال له علي: ما تريد إلى أمر فعله رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم تنهى عنه؟ فقال عثمان: دعنا عنك، فقال: إني لا أستطيع أن أدعك، فلما رأى علي ذلك أهل بهما جميعا. (1)
هذا حديث صحيح، أخرجه البخاري من طريق حجاج بن محمد ومسلم من طريق غندر كلاهما عن شعبة (2)، فوقع لنا عاليا. وأخرجه النسائي من وجه آخر عن سعيد بن المسيب وسياقه أتم، وفيه نهي عثمان عن التمتع بالعمرة إلى الحج (3). ولشعبة فيه إسناد آخر بين فيه أن عثمان نهى عن التمتع والقرآن.
وبه إلى الطيالسي ثنا شعبة (ح).
وبالسند الماضى إلى الدارمي ثنا سهل بن حماد أنا شعبة عن الحكم عن مروان بن الحكم قال سمعت عليا بين مكة والمدينة وكان عثمان ينهى عن المتعة وأن يجمع بينهما، فلما رأى علي ذلك أهل بهما جميعا (4).
(1) رواه أبو داود الطيالسي (1005).
(2)
رواه البخاري (1569) ومسلم (1223).
(3)
رواه النسائي (5/ 152).
(4)
رواه الطيالسي (1004) والدارمي (1929).
هذا حديث صحيح، أخرجه البخاري عن محمد بن بشار عن محمد بن جعفر والنسائي عن إسحاق بن إبراهيم عن النضر بن شميل وأبي عامر العقدي ثلاثتهم عن شعبة (1)، فوقع لنا عاليا. ولشعبة فيه. إسناد ثالث، أخرجه مسلم من روايته عن قتادة عن عبد اللَّه بن شقيق قال: كان عثمان ينهى عن المتعة، وكان علي يأمر بها، فقال علي لعثمان: لقد علمت أنا تمتعنا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، قال: أجل ولكنا كنا خائفين (2).
وقد استشكل هذا الجواب بأنه إن أراد حجة الوداع فلم يكن هناك خوف، بل قال ابن مسعود: كنا آمن ما كان الناس، وهو في الصحيحين (3). وإن أراد عمرة القضاء فلم يكن هناك حج، وقد حمله القرطبي على إرادة الخوف من بعض الأجر أي تمتعنا خائفين من أن ينقص أجر التمتع عن الإِفراد.
وعلى هذا فيحمل نهى عثمان على التنزيه. ومثله قول عمر: "افصلوا حجكم عن عمرتكم، فإنه أتم لحجكم وعمرتكم"، أخرجه مسلم من حديث جابر (4).
وأما ما عزاه المصنف للبغوي فهو بالمعنى من كلامه في شرح السنة، فإنه لما ساق حديث عثمان وعلي قال: كان هذا الخلاف بين الصحابة، والأكثر على الجواز، ثم اتفقت الأمة عليه (5).
(1) رواه البخاري (1563) والنسائي (5/ 148).
(2)
رواه مسلم (1223) والبزار (407) وقال: ولا نعلم أسند عبد اللَّه بن شقيق عن عثمان غير هذا الحديث.
(3)
رواه البخاري (1083 و 1656) ومسلم (696) لكن من حديث حارثة بن وهب لا من حديث ابن مسعود.
(4)
رواه مسلم (1217).
(5)
انظر شرح السنة (7/ 70) ولفظه: هذا اخلاف محكي، وأكثر الصحابة على جوازها، واتفقت الأمة عليه.
وفي كلامه إشعار بنقل المنع عمن نهى عن ذلك من الصحابة، ولا يتبين عن أحد منهم التصريح بالتحريم، وإنما الخلاف في الأفضل فيما يظهر، وقد بقي عبد اللَّه بن الزبير بعد عثمان وعلي دهرا، وكان ينهى في خلافته عن المتعة، وكان ابن عباس يخالفه ويأمر بها، أخرجه مسلم من رواية أبي نضرة عنهما (1).
وأخرجه أحمد من طريق أخرى عنهما مطولا. وفيه ما يشعر برجوع ابن الزبير، ولفظه من طريق إسحاق بن يسار قال: خرج علينا عبد اللَّه بن الزبير فنهى عن التمتع، وأنكر أن يكون الناس فعلوا ذلك مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فبلغ ذلك ابن عباس فقال: وما علم ابن الزبير بذلك فليرجع إلى أمه أسماء فليسألها فذكر الحديث (2). وفيه أن أسماء صدقت ابن عباس رضي الله عنهم.
وفيما أوردناه بيان لرد قول من حمل المتعة في هذا الموضع على متعة النكاح واللَّه أعلم.
آخر المجلس الثالث والتسعين بعد المائة من الأمالي وهو الثالث والأربعون من تخريج أحاديث المختصر.
(1) رواه مسلم (1217).
(2)
رواه أحمد (3/ 4 - 4).
[المجلس الرابع والأربعون]
قال المملي رضي الله عنه:
قوله في مسألة الإرتداد (لنا دليل السمع).
كأنه يشير إلى حديث "لَا تَجْتَمعُ أُمَّتي عَلَى ضَلَالَةٍ" وقد تقدم تخريج طرقه.
وإلى حديث "لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتي ظَاهِرَةً عَلَى الحَقِّ" وله أيضا طرق كثيرة.
منها ما أخبرني أبو الفرج عبد الرحمن بن أحمد بن المبارك أنا علي بن إسماعيل أنا عبد اللطيف [بن] عبد المنعم أنا مسعود بن أبي منصور في كتابه أنا الحسن بن أحمد المقري أنا أبو نعيم ثنا مخلد بن جعفر ثنا جعفر بن محمد الغريابي ثنا دحيم هو عبد الرحمن بن إبراهيم ثنا الوليد بن مسلم (ح).
وقرأت على فاطمة بنت محمد المقدسية أن أحمد بن أبي طالب أخبرهم أنا عبد اللَّه بن عمر إجازة إن لم يكن سماعا أنا أبو الوقت أنا أبو إسماعيل الأنصاري ثنا عمر بن إبراهيم والحسين بن محمد قالا: ثنا أحمد بن إبراهيم ثنا المنعي ثنا منصور بن أبي مزاحم ثنا يحيى بن حمزة قالا: أنا ابن جابر هو عبد الرحمن بن يزيد قال: سمعت عمير بن هانئ يقول: سمعت معاوية رضي الله عنه يقول على هذا المنبر: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتي قَائِمةً بأَمْرِ اللَّهِ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتيهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ".
هذا حديث صحيح أخرجه البخاري من حديث الوليد. وأخرجه مسلم عن منصور بن أبي مزاحم (1). فوقع لنا موافقة عالية بدرجة. وأخرجه
(1) رواه البخاري (3641 و 7460) ومسلم (1037) في الإمارة.
أحمد عن إسحاق بن عيسى عن يحيى بن حمزة، فوقع لنا بدلا عاليا، ووقع لنا من طريق أخرى أعلى بدرجة أخرى.
(1)
وبه إلى أبي إسماعيل ثنا محمد بن موسى ثنا الأصم هو محمد بن يعقوب ثنا عباس بن الوليد بن مزيد حدثني أبي ثنا ابن جابر فذكره.
وبالسند الماضى ألى أبي داود الطيالسي ثنا شعبة ثنا معاوية بن قرة سمعت أبي يقول قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتي يُقَاتِلوُن عَلى الحَقِّ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ"(2)
هذا حديث صحيح أخرجه الترمذي عن محمود بن غيلان عن أبي داود الطيالسي (3)، فوقع لنا بدلا عاليا.
وفي الباب عن المغيرة بن شعبة وجابر وأنس وعقبة بن عامر وغيرهم. وفي حديث عقبة بن عامر قصة لعبد اللَّه بن عمرو وقد تمسك بها من يقول بالجواز.
وبهذا الإِسناد إلى أبي نعيم ثنا أبو عمرو بن حمدان ثنا الحسن بن سفيان قال: وحدثنا محمد بن إبراهيم ثنا محمد بن الحسن قالا: ثنا حرملة بن يحيى ثنا ابن وهب (ح).
وبالسند الآخر إلى أبي إسماعيل ثنا سعيد بن إبراهيم ثنا محمد بن الفضل بن محمد ثنا جدي محمد بن إسحاق بن خزيمة ثنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب أنا عمي أخبرني عمرو بن الحارث أن يزيد بن أبي حبيب حدثه أن عبد الرحمن بن شماسة حدثه أنه كان عند مسلمة بن مخلد وعنده عبد اللَّه بن عمرو بن العاص فقال عبد اللَّه: لا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق هم شر من الجاهلية لا يدعون اللَّه بشيء إلا رده عليهم،
(1) رواه أحمد (4/ 101).
(2)
رواه أبو داود الطيالسي (2/ 197 - 198) قريبًا من هذا اللفظ.
(3)
رواه الترمذي (2193) بلفظ أبي داود الطيالسي.
فبيناهم على ذلك إذ أقبل عقبة بن عامر، فقال له مسلمة: أتسمع ما يقول عبد اللَّه؟ فقال: هو أعلم بما يقول، أما أنا فسمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول:"لَا تَزَالُ طَائِفةٌ مِنْ أُمَّتي ظَاهرينَ عَلَى الْحَقِّ قَاهِرينَ لِعَدُوِّهِمْ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ أَوْ خَالَفَهُمْ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ".
وفي رواية أحمد بن عبد الرحمن "حَتَّى يَأْتي أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ عَلَى ذَلكِ" فقال عبد اللَّه بن عمرو: أجل ثم يبعث اللَّه ريحا ريحها ريح المسك ومسها مس الحرير لا تترك نفسا فيها مثقال حبة من إيمان إلا قبضته فيبقى شرار الناس، فعليهم تقوم الساعة".
هذا حديث صحيح، أخرجه مسلم عن أحمد بن عبد الرحمن (1)، فوافتناه بعلو، ووقع بدلا في الرواية الأخرى.
وحديث عبد اللَّه بن عمرو وهذا وإن كان موقوفًا لكن له شواهد مرفوعة.
منها في حديث أنس "ولَا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلَّا عَلَى شِرارِ النَّاس"(2) ولمسلم من وجه آخر عن أنس "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ عَلَى أَحَدٍ يَقُولُ: اللَّهُ اللَّهُ"(3) وهذا كله لا يثبت المراد من خصوص دعوى الإِرتداد واللَّه أعلم.
آخر المجلس الرابع التسعين بعد المائة من الأمالي وهو الرابع والأربعون من تخريج أحاديث المختصر.
(1) رواه مسلم (1924).
(2)
رواه ابن ماجه (4039) والحاكم (4/ 441) وانظر مسند الشهاب (2/ 68 - 71) بتحقيقنا.
(3)
رواه مسلم (148).
[المجلس الخامس والأربعون]
قال المملي رضي الله عنه:
قوله (مسألة يجب العمل بالإِجماع بنقل الواحد) إلى أن قال (نحن نَحْكُمُ بِالظَّاهِرِ).
قلت: هذا حديث اشتهر بين الأصوليين والفقهاء وتكملته "واللَّهُ يَتَوَلَّى السَّرائِرَ" ولا وجود له في كتب الحديث المشهورة ولا الأجزاء المنثورة. وقد سئل المزي عنه فلم يعرفه. والذهبي قال: لا أصل له (1). قال ابن كثير: يؤخذ معناه من حديث أم سلمة في الصحيحين.
قلت: رأيت في الأم للشافعي بعد أن أخرج حديث أم سلمة رضي الله عنها، فأخبر صلى الله عليه وسلم أنه إنما يحكم بالظاهر وأن أمر السرائر إلى اللَّه، فأظن بعض من رأى كلامه ظن أن هذا حديث آخر، وإنما هو كلام الشافعي استنبطه من الحديث الآخر. ونقل عن مغلطاي أنه رأى له في كتاب يسمى إدارة الأحكام لإِسماعيل بن علي الجنزوي في قصة الحضرمي والكندي اللذين اختصما في الأرض قال: فقال أحدهما: قضيت له بحقي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"إِنَّما أَحْكُمُ بالظَّاهِرِ واللَّهُ يَتَولَّى السَّرائِرَ" ولم أقف على هذا الكتاب، ولا أدري هل ساق له إسماعيل المذكور إسنادًا أم لا؟.
والحديث المشار إليه أولا:
أخبرني أبو المعالي الأزهري أنا أبو العباس الحلبي أنا أبو الفرج الحراني أنا أبو محمد الحربي أنا أبو القاسم الشيباني أنا أبو علي التميمي أنا أبو بكر المالكي ثنا عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل ثنا أبي ثنا أبو معاوية ووكيع فرقهما (ح).
(1) انظر المعتبر (ص 99 - 100) للزركشي بتحقيقنا.
وأنا أبو عبد اللَّه بن قوام أنا أبو الحسن بن هلال أنا أبو إسحاق بن مضر أنا أبو الحسن الطوسي أنا أبو محمد السندي أنا أبو عثمان البحيري أنا أبو علي السرخسي أنا أبو إسحاق الهاشمي أنا أبو مصعب الزهري أنا مالك واللفظ له ثلاثتهم عن عبد اللَّه بن عروة عن أبيه عن زينب بنت أم سلمة عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إِنَّما أَنَا بَشَرٌ وَإِنَّكُمْ تَخْتَصمِوُنَ إِلَيَّ فَلَعَلَّ بَعْضكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بُحَّجتهِ مِنْ بَعْضِ فَأَقْضِي لَهُ عَلَى نَحْو مَا أَسْمَعُ، فَمَنْ قَضيْتُ لَهُ بِشَيْء مِنْ حَقِّ أَخِيه فَلَا يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا، فَإِنَّما أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ"(1).
هذا حديث صحيح، أخرجه البخاري من رواية مالك. ومسلم من رواية أبي معاوية ووكيع (2)، فوقع لنا بدلا وعاليا بالنسبة لرواية مسلم. وأخرجاه من أخرى عن هشام. ومن طرق أخرى عن الزهري عن عروة (3).
وبهذا الإِسناد إلى الإِمام أحمد ثنا وكيع (ح).
وقرأت على فاطمة بنت المنجا عن أبي بكر بن أحمد بن عبد الدائم أنا جعفر بن علي أنا السلفي أنا أحمد بن الحسن بن أيوب ومحمد بن أحمد الثقفي قالا: أنا أبو بكر بن أبي عاصم ثنا يعقوب بن حميد ثنا عبد اللَّه بن موسى واللفظ له قالا ثنا أسامة بن زيد هو الليثي عن عبد اللَّه بن رافع مولى أم سلمة عن أم سلمة قالت: جاء رجلان عن الأنصار إلى النبي صلى الله عليه وسلم يختصمان في مواريث لهما قد درست فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما أنا بشر وانكم تختصمون إلى، وإنما أقضي برأيي فيما لم ينزل علي فيه، فمن قضيت له بشيء
(1) رواه مالك (2/ 106 - 107) وأحمد (6/ 290 - 291 و 307 و 320).
(2)
رواه البخاري (2680) ومسلم (1713).
(3)
رواه البخاري (2458 و 6967 و 7169 و 7181 و 7185) ومسلم (1713) والنسائي (8/ 233 و 247) وأبو داود (3583) وابن ماجه (2317) والترمذي (1339) وأحمد (6/ 203 و 208).
من حق أخيه فلا يأخذه فإنما أقطع له قطعة من النار يأتي بها يوم القيامة على عنقه" قالت فبكى الرجلان وقال كل منهما: حقي له يارسول اللَّه فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "أما إذ فعلتما فاذهبا فتوضيا ثم اقتسما واستهما وليحلل كل منكما صاحبه" (1).
هذا حديث حسن من هذا الوجه، أخرجه أبو داود من طريق عبد اللَّه بن المبارك وغيره عن أسامة بن زيد (2)، وهو مدني صدوق في حفظه شيء، وقد أخرج له مسلم استشهادا، وبقية رواته من رواة الصحيح.
وفي الباب عن أبي هريرة، أخرجه أحمد وابن ماجه من رواية محمد بن عمرو عن أبي سلمة عنه نحو حديث أم سلمة، لكن باختصار (3) واللَّه أعلم.
آخر المجلس الخامس والتسعين بعد المائة من الأمالي وهو الخامس والأربعون من تخريج أحاديث المختصر.
(1) رواه أحمد (6/ 320).
(2)
رواه أبو داود (3584 و 3585).
(3)
رواه أحمد (2/ 332) وابن ماجه (2318) وإسناده صحيح.
[المجلس السادس والأربعون]
قال المملي رضي الله عنه:
قوله في المسألة التي قبلها (قالوا: اشتمل الكامل والنصف عليه) أي على الثلث.
يشير بذلك إلى الاختلاف في دية الذمي، فإنه جاء أن ديته كدية مسلم، وجاء على النصف منها، وجاء على الثلث.
فأما الأولى فأخبرني أبو المعالي الأزهري عن زينب بنت الكمال أن يوسف بن خليل كتب إليهم أنا خليل بن بدر أنا الحسن بن أحمد أنا أحمد بن عبد اللَّه ثنا الطبراني أنا أحمد بن يحيى الحلواني ثنا علي بن الجعد ثنا أبو كرز عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "دِيَّةُ الذُّمِيِّ مِثْل دِيَةِ المُسْلمِ"(1).
هذا حديث غريب، قال الطبراني: لم يروه عن نافع إلا أبو كرز تفرد به علي بن الجعد. وأخرجه الدارقطني عن علي بن إبراهيم بن حماد عن أحمد بن يحيى الحلواني (2)، فوقع لنا بدلا عاليا. وأخرجه من وجه آخر عن علي بن الجعد، وقال: أبو كرز متروك الحديث ولم يروه عن نافع غيره (3).
قلت: اسمه عبد اللَّه بن عبد الملك الفهري، وقد وهاه أيضا العقيلي وابن حبان وغيرهما. وأخرج أبو داود في المراسيل عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن قال: كان عاقل الذمي مثل عقل المسلم في زمن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر الحديث (4).
وأما الثاني فأخبرني عبد اللَّه بن عمر بن علي بإسناد الماضى إلى
(1) رواه الطبراني في الأوسط (795).
(2)
رواه الدارقطني (3/ 145).
(3)
رواه الدارقطني (3/ 129).
(4)
انظر تحفة الأشراف (13/ 192).
عبد اللَّه بن أحمد حدثني أبي ثنا أبو النضر هو هاشم بن القاسم وعبد الصمد هو ابن عبد الوارث قالا: ثنا محمد بن راشد ثنا سليمان بن موسى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قضى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن عقل أهل الكتابين نصف عقل المسلمين، وهم اليهود والنصارى (1).
هذا حديث حسن الإِسناد، أخرجه أبو داود من وجه آخر عن عمرو بن شعيب به (2)، وله علة فقد أخرجه عبد الرزاق عن ابن جريج عن عمرو بن شعيب فخالف في المتن ولم يذكر فوق عمرو بن شعيب أحدا (3).
وأما الثالث فأخبرني عمر بن محمد بن أحمد أنا أبو بكر بن أحمد أنا علي بن أحمد قال: كتب إلينا عبد اللَّه بن عمر بن أحمد أنا أبو الفضل بن محمد أنا أبو منصور محمد بن محمد أنا الدارقطني ثنا الحسن بن صفوان ثنا عبد اللَّه بن أحمد ثنا زكريا بن يحيى ثنا شريك عن ثابت أبي المقدام ويحيى بن سعيد كلاهما عن سعيد بن المسيب أن عمر رضي الله عنه كان يجعل دية اليهودي والنصراني أربعة آلاف أربعة آلاف (4).
وهكذا أخرجة الشافعي من وجه آخر عن ثابت وهو لفظ رواية ابن جريج المذكورة آنفا (5).
وبيان كون الأربعة آلاف ثلثا يظهر فيما أخبرني الشيخ أبو إسحاق التنوخي بالسند الماضى إلى الدارمي ثنا معاذ بن هانئ ثنا محمد بن مسلم ثنا عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قتل رجل رجلا على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ديته اثني عشر ألفا (6).
(1) رواه أحمد (6716).
(2)
رواه أبو داود (4583).
(3)
رواه عبد الرزاق (18474).
(4)
رواه الدارقطني (3/ 131).
(5)
ومن طريقه رواه البيهقي (8/ 100).
(6)
رواه الدارمي (2368).
هذا حديث غريب، أخرجه الترمذي وابن ماجه عن محمد بن بشار (1). وأخرجه النسائي عن محمد بن المثنى وأبي داود الحربي ثلاثتهم عن معاذ بن هانئ (2)، فوقع لنا بدلا عاليا. وأخرجه ابن ماجه أيضا عن العباس بن جعفر عن محمد بن سنان. وأخرجه أبو داود عن محمد بن سليمان عن زيد بن الحباب كلاهما عن محمد بن مسلم (3)، وهو الطائفي صدوق له أغاليط. قال أبو داود: رواه ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن عكرمة مرسلا. وأخرجه الترمذي عن سعيد بن عبد الرحمن عن ابن عيينة كذلك، وقال: هذا هو الصواب (4).
وبالسند الماضى إلى الدارقطني ثنا أبو محمد بن صاعد ثنا محمد بن ميمون ثنا سفيان بن عيينة وذكره موصولا، قال محمد بن ميمون: وصله لنا سفيان مرة واحدة، وكثيرا ما كان يرسله (5). وأخرجه النسائي عن محمد بن ميمون على الموافقة (6) وقال: هذا خطأ، ومحمد بن ميمون ليس بقوي، وكذا محمد بن مسلم.
قوله (التمسك بالإِجماع فيما لا يتوقف صحته عليه) إلى أن قال (لنا دليل السمع).
كأنه يشير إلى الأدلة الواردة في حجية الإِجماع، وقد تقدم بيانها واللَّه أعلم.
آخر المجلس السادس والتسعين بعد المائة من الأمالي وهو السادس والأربعون من تخريج أحاديث المختصر.
(1) رواه الترمذي (1388) وابن ماجه (2639).
(2)
رواه النسائي (8/ 44).
(3)
رواه ابن ماجه (2632) وأبو داود (4546).
(4)
رواه الترمذي (1389).
(5)
رواه الدارقطني (3/ 130).
(6)
رواه النسائي (8/ 44).
[المجلس السابع والأربعون]
قال المملي رضي الله عنه:
قوله (ويشترك الكتاب والسنة) إلى أن قال (قالوا: قالت عائشة: ما كذب ولكنه وهم).
قلت: وقع في الوسيط وتبعه الرافعي، قالت عائشة: ما كذب عمر ولكنه أخطأ أو نسي. وتعقبه الشيخ محي الدين في تهذييه، فقال: هذا غلط ولا أعذر الغزالي فيه. ثم قال: لعله أراد ابن عمر.
قلت: ورد بلفظه وبلفظ المختصر في حق ابن عمر، وورد بمعناه في حق عمر وابن عمر جميعا وكلها صحيحة.
أما لفظ المختصر فأخبرني الشيخ أبو إسحاق التنوخي أنا أبو الحسن البندنيجي أنا أبو عبد اللَّه بن الهني أنا أبو محمد بن الأخضر (ح).
قال البندنيجي وأنا به عاليا أبو محمد بن أنجب في كتابه قالا: أنا عبد الملك بن أبي القاسم قال الأول: سماعا والثاني: إجازة أنا محمود بن القاسم أنا عبد الجبار بن محمد أنا محمد بن محبوب ثنا محمد بن عيسى ثنا قتيبة ثنا عباد بن عباد واللفظ له (ح).
وأخبرني به عاليا عبد اللَّه بن عمر الهندي أنا أحمد بن محمد أنا عبد اللطيف بن عبد المنعم أنا عبد اللَّه بن أحمد أنا هبة اللَّه بن محمد أنا الحسن بن علي أنا أحمد بن جعفر ثنا أبو عبد الرحمن الشيباني حدثني أبي ثنا يزيد بن هارون قالا: ثنا محمد بن عمرو عن يحيى بن عبد الرحمن عن عبد اللَّه بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الميتُ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ" فقالت عائشة رضي الله عنها: رحمه الله لم يكذب ولكنه وهم، إنما قال
رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لرجل مات يهوديًا: "إِنَّ الميتَ لَيُعَذَّبُ وَإِنَّ أَهْلَهُ لَيَبكْوُنَ عَلَيْهِ"(1).
هكذا أخرجه الترمذي وقال: حسن صحيح. وقد روى من غير وجه عن عائشة.
وأما لفظ الوسيط فأخبرني أبو الفرج بن الغزي أنا علي بن إسماعيل أنا عبد اللطيف بن عبد المنذر عن مسعود بن محمد أنا الحسىن بن أحمد أنا أبو نعيم. ثنا أبو بكر بن خلاد ثنا محمد بن غالب ثنا القعنبي (ح).
وبه إلى أبي نعيم ثنا أبو عمرو بن حمدان ثنا الحسن بن سفيان ثنا قتيبة (ح).
وأخبرني الشيخ أبو عبد اللَّه بن قوام بالسند الماضى إلى أبي مصعب قالوا: أنا مالك عن عبد اللَّه بن أبي بكر يعني ابن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن عمرة بنت عبد الرحمن أنها أخبرته أنها سمعت عائشة وذكر لها أن عبد اللَّه بن عمر يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الميتَ يُعَذَّبُ ببُكَاءِ الحَيِّ" فقالت: يغفر اللَّه لأبي عبد الرحمن أما إنه لم يكذب ولكنه أخطأ أَو نسي، إنما مر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على يهودية يُبكي عليها فقال:"إِنَّهُمْ لَيَكْوُنَ عَلَيْهَا، وَإِنَّهَا لَتُعَذَّبُ في قَبْرِهَا"(2).
هذا حديث صحيح أخرجه البخاري من وجه آخر عن مالك (3). وأخرجه مسلم والترمذي والنسائي عن قتيبة (4)، فوقع لنا موافقة عالية وبدلا عاليا من الطريقين الآخرين.
وأما الرواية التي بالمعنى فأخبرني الشيخ أبو المعالي عبد اللَّه بن عمر
(1) رواه الترمذي (1004).
(2)
رواد مالك (1/ 182).
(3)
رواه البخاري (1289).
(4)
رواه مسلم (932) والترمذي (1003) والنسائي (4/ 17 - 18).
بالسند المذكور قبل إلى أبي عبد الرحمن الشيباني حدثني أبي ثنا إسماعيل بن علية عن أيوب عن عبد اللَّه بن أبي مليكة قال: كنا في جنازة أم أبان بنت عثمان بن عفان رضي الله عنه فذكر القصة بطولها. وفيها حديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الميتَ يُعَذَّبُ ببَعْض بُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ". وفيها حديث ابن عباس عن عائشة في إنكار ذلك واحتجاجها بقوله تعالى {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} وَأَنَّ اللَّهَ {هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى} قال ابن أبي مليكة: فحدثني القاسم بن محمد قال: لما بلغ عائشة قول عمر وابن عمر قالت: إنكم لتحدثونني عن غير كاذبين ولا مكذبين ولكن السمع يخطئ (1).
هذا حديث صحيح، أخرجه مسلم بطوله عن داود بن رشيد عن إسماعيل بن عليه (2). فوقع لنا بدلا عاليا. وأخرجه من طريق أخرى عن ابن أبي مليكة (2). وكذلك البخاري بطوله ومختصرا، وليس فيه مقصود الترجمة واللَّه أعلم (3).
آخر المجلس السابع والتسعين بعد المائة من الأمالي وهو السابع والأربعون من تخريج أحاديث المختصر.
(1) رواه أحمد (288).
(2)
رواه مسلم (928).
(3)
رواه البخاري (1286 و 1287 و 1288).
[المجلس الثامن والأربعون]
قوله (مسألة المتواتر إذا اختلف) إلى أن قال (كوقائع حاتم وعلي).
يشير إلى التواتر المعنوي، ومثله بالأخبار الواردة في سخاء حاتم، فإنها كثيرة لكنها لم تتفق على سياق واحد، ومجموعها يفيد القطع بأنه كان سخيا، وكذلك الأخبار الواردة في شجاعة علي، واستيعاب ذلك متعسر فرأيت أن أشير إلى شيء من ذلك وفاء بالتخريج.
وبالسند الماضى إلى عبد اللَّه بن أحمد ثنا أبي ثنا يعقوب هو ابن إبراهيم بن سعد حدثني أبي عن محمد بن إسحاق حدثني عبد اللَّه بن الحسن عن بعض أهله عن أبي رافع رضي الله عنه مولى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: خرجنا مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه حين بعثه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم برايته -يعني يوم خبير- فلما دنا من الحصن خرجوا إليه فقاتلهم، فضرب رجل من يهود خيبر عليا ضربة فألقى ترسه من يده، فتناول علي بابا كان عند الحصن فترس به، فلم يزل في يده وهو يقاتل، حتى فتح اللَّه عليه فألقاه، فلقد رأيتني في سبعة سواي نَجْتهدُ على أن نقلب ذلك الباب فلا نقلبه (1).
هذا حديث حسن، أخرجه الإِمام أحمد هكذا والحاكم في الإِكليل والبيهقي في الدلائل من طريق يونس بن بكير عن ابن إسحاق (2)، وسقط من رواية البيهقي من إسناده عبد اللَّه بن الحسن ولابد منه، والبعض المبهم لم أقف على اسمه، لكن السياق يقتضي أنه تابعي من أهل البيت، فالذي يظهر أنه صدوق.
وأخبرني عبد اللَّه بن عمر بن علي بن المبارك عن عائشة بنت على بن
(1) رواه أحمد (6/ 8) وهو عند ابن هشام في السيرة (3/ 386 - 387).
(2)
رواه البيهقي في الدلائل (4/ 212).
عمر سماعا أن أحمد بن علي الدمشقي أخبركهم أنا هبة اللَّه بن علي بن مسعود ومحمد بن حمد بن حامد قالا: أنا علي بن الحسين بن عمر قال الأول: سماعا والثاني: إجازة أنا عبد العزيز بن الحسن بن إسماعيل بن الضراب أنا أبي أنا أبو بكر أحمد بن مروان ثنا عامر بن عبد اللَّه الزبيري ثنا مصعب بن عبد اللَّه عن أبيه عن جده قال: كان علي بن أبي طالب حذرا في الحرب جدا، وكان يتحفظ من جمعيع جوانبه إذا حمل، فإذا رجع، كان لظهره أشد تحفظ، لا يكاد أحد يتمكن منه، وكانت درعه صدرة لا ظهر لها، فقيل له: ألا تخاف أن يتمكن منك عدوك؟ فقال: إذا مكنت عدوي من ظهري فلا أبقى اللَّه عليه إن أبقى علي (1).
وأخبرني الشيخ أبو الحسن علي بن محمد الخطيب عن أبي بكر الدشتي ثنا يوسف بن خليلى الحافظ أنا خليل بن أبي الرجا، أنا الحسن بن أحمد أنا أحمد بن عبد اللَّه ثنا عبد اللَّه بن جعفر ثنا يونس بن حبيب ثنا أبو داود الطيالسي (ح).
وأخبرني أبو الحسن هذا أنا الحافظ أبو محمد البرزالي أنا أبو الحسن السعدي أنا أبو حفص بن طبرزد أنا أبو محمد الأنماطي وأبو الحسن بن صرما قالا: أنا الخطيب أبو محمد الصريفيني (ح).
قال شيخنا: وأنا به عاليا أبو محمد بن عساكر وأبو بكر بن مشرق قالا: أنا أبو الحسن بن المقير قال الأول إجازة إن لم يكن سماعا والثاني إجازة أنا أبو الكرم الشهر زوري في كتابه عن الصريفيني أنا أبو القاسم بن حبابة أنا القاسم البغوي ثنا علي بن الجعد قالا: ثنا شعبة عن سماك بن حرب سمعت مري بن فطري يحدث عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال:
(1) مصعب هو ابن ثابت بن عبد اللَّه بن الزبير، وهو لين الحديث كما قال الحافظ. وأحمد بن مروان هو الدينوري صاحب المجالس اتهمه الدارقطني في غرائب مالك بالوضع. والحسن بن إسماعيل الضراب ضعفه الدارقطني، ولم أر ترجمة لعبد العزيز بن الحسن الضراب فيما لدي من المراجع.
قلت: يا رسول اللَّه إن أبي كان يصل الرحم وكان يفعل وكان يفعل، فقال:"إِنَّ إِبَاكَ أَرَادَ أَمرًا فَأَدْرَكَهُ" يعني الذكر بالسخاء (1).
هذا حديث صحيح أخرجه البيهقي عن أبي بكر بن فورك عن عبد اللَّه بن جعفر (2). وأخرجه ابن حبان في صحيحه عن أبي يعلى عن علي بن الجعد (3)، فوقع لنا بدلا عاليا من الطريقين ولا سيما من الطريق الأخيرة.
آخر المجلس الثامن والتسعين بعد المائة من الأمالي وهو الثامن والأربعون من تخريج أحاديث المختصر.
(1) رواه أبو داود الطيالسي (2826) والبغوي في مسند علي بن جعد (579).
(2)
ورواه في سننه الكبرى (7/ 279) بإسناد آخر عن شعبة.
(3)
رواه ابن حبان (332) ورواه أيضًا عبد بن حميد في المنتخب من المسند (1180) وأحمد (4/ 258 و 377 و 379) والطبراني في الكبير (ج 17 رقم 240).
[المجلس التاسع والأربعون]
قال المملي رضي الله عنه:
أخبرني الإِمام أبو محمد بن أبي الفتح الكناني عن يوسف بن عبد الرحمن الحافظ أنا محمد بن أبي بكر أنا عبد الصمد بن محمد أنا محمد بن الفضل في كتابه أنا أبو بكر البيهقي أنا أبو عبد اللَّه الحافظ أنا أبو بكر محمد بن عبد اللَّه بن يوسف العماني ثنا عبيد بن كثير ثنا ضرار بن صرد ثنا عاصم بن حميد عن أبي حمزة الثمالي عن عبد الرحمن بن جندب عن حميد بن زياد قال: قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: يا سجان اللَّه ما أزهد كثيرا من الناس في خير، عجبا لرجل يجيئه أخوه المسلم في الحاجة فلا يرى نفسه للخير أهلا فلو كان لا يرجو ثوابا ولا يخشى عقابا لكان ينبغي له أنك يسعى إلى مكارم الأخلاق فانها تدعو إلى سبيل النجاح فقام إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين أسمعت هذا من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم وخير منه لما أتي بسبايا طيء وقعت جارية جماء حمراء تَعْسَاءُ عَيْطَاءُ دَلْفَاءُ شَمَّاء الأنف معتدلة القامة والهامة دَرْمَاء الكعبين خَدَلَّكة الساقين لغَاءُ الفخذين خميصة الخصرين ضامرة الكشح مصقولة المتنين، فلما رأيتها أعجبت بها، فقلت لأطلبن إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن يجعلها في سهمي، فلما تكلمت نسيت ما رأيت من جمالها لفصاحتها، فقالت: يا محمد إن رأيت أن تخلي عنا ولا تشمت بي أحياء العرب، فإني ابنة سيد قومي، إن أبي كان يحمي الذمار ويفك العاني ويشبع الجائع ويكسو العاري ويقري الضيف ويفشي السلام ويطعم الطعام، ولم يرد طالب حاجة قط، أنا ابنة حاتم طيء، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"يا جارية هذه صفة المؤمنين حقا، لو كان أبوك مسلما لترحمنا عليه خلوا عنها، فإن أباها كان يحب مكارم الأخلاق، وإن اللَّه عز وجل يحب مكارم الأخلاق".
هذا حديث غريب، أخرجه الحاكم في الاكليل هكذا والبيهقي في الدلائل من طريقه (1)، ورجال إسناده كلهم كوفيون إلى العماني، وهو منسوب إلى عمان بضم المهملة وتخفيف الميم بلدة بالبحرين. وأبو حمزة الثمالي بضم المثلثة وتخفيف الميم منسوب إلى ثمالة بطن من الأزد واسمه ثابت بن أبي صفية، وفيه مقال، وكذا في ضرار بن صرد وهو بكسر المعجمة مخفف، وأبوه بضم المهملة.
ولأصل قصة بنت حاتم شواهد لا يظل بذكرها، واسمها سغاتة بضم المهملة وتشديد الفاء وبعد الألف نون، وبها كان يكنى أبوها.
وقوله في الحديث (جماء) أي ذات جمة وهو الشعر الذي لا يجاوز المنكبين، ويحتمل أن يكون كنى بذلك عن ترك تضفير شعرها، لأن الضفائر تسمى القرون، والجماء ضد القرناء، وهي حالة لائقة بالأسيرة.
وقوله (حمراء) أي مشرب بياضها بحمرة ظاهرة.
و (تعساء) التي تخالط شفتيها سمرة.
و (العيطاء) بمهملتين [بينهما] تحتانية تعساء الطويلة العنق.
و (الدلفاء) بمهلمة ولام ساكنة ثم فاء الصغيرة الأنف.
و (الشمم) ارتفاع قصبة الأنف.
وقول (درماء) بفتح الدال الهملة وسكون الراء ممتلئة لحم الكعب.
وقوله (خدلة) بفتخ الخاء المعجمة والدال المهملة وتشديد اللام هو امتلاء الساقين.
وقوله (لغاء) يريد أنها وسط بين الامتلاء والضمور.
وقوله (خميصة الخصرين) أي نحيفتهما.
وقوله (ضامرة الكشح) أي البطن.
(1) رواه البيهقي في الدلائل (5/ 341) قال الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية (5/ 68) هذا حديث حسن المتن، غريب الإسناد جدًا، عزيز المخرج.
قلت: عبد الرحمن بن جندب مجهول، ضرار بن صرد وأبو حمزة الثمالي ضعيفان.
وقوله (مصقولة المتنين) يريد أن لجسمها بريقًا وكأن التثنية لما اقتبل منه وأدبر، ويحتمل أنه يريد الوجنتن.
وقوله (يحمي الذمار) بالمعجمة إي الحريم و (العاني) الأسير واللَّه أعلم.
قوله (مسألة إذا أخبر واحد بحضرته صلى الله عليه وسلم ولم ينكر لم يدل على صدقه قطعا) أي لم يدل على القطع بصدقة.
ويحسن أن يمثل له بما أخبرني أبو الفرج بن حماد أنا علي بن إسماعيل أنا عبد اللطيف بن عبد المنعم عن مسعود بن محمد أنا الحسن بن أحمد أنا أحمد بن عبد اللَّه ثنا علي بن الفضل بن شهريار وأبو محمد بن حيان وإسحاق بن أحمد بن علي قال الأول ثنا محمد بن أيوب والثاني: ثنا يحيى بن محمد وعبدان والثالث: ثنا إبراهيم بن يوسف قالوا: ثنا عبيد اللَّه بن معاذ بن معاذ ثنا أبي ثنا شعبة ثنا سعد بن إبراهيم ثنا محمد بن المنكدر أنه سمع جابرا رضي الله عنه يحلف أن ابن صياد الدجال، فقلت له: تحلف باللَّه، فقال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فسمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يحلف على ذلك فلم ينكره النبي صلى الله عليه وسلم.
هذا حديث غريب صحيح أخرجه مسلم وأبو داود عن عبيد اللَّه بن معاذ (1). فوقع لنا موافقة لهما عالية. وأخرجه البخاري عن حماد بن حميد عن عبيد اللَّه بن معاذ (2). فوقع لنا بدلا عاليا. وأخرجه أبو عوانة عن المثنى بن معاذ بن معاذ بن معاذ عن أبيه عن جده، ولم نره إلا من رواية معاذ عن شعبة
(1) رواه مسلم (2929) وأبو داود (4331).
(2)
رواه البخاري (7355).
بهذا الإِسناد. وقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمر لما استأذنه في قتل ابن صياد: "إِنْ يَكُنْ هُوَ فَلَنْ تُسَلَّطَ عَلَيْهِ، وَإِنْ يَكُنْ غَيْرَهُ فَلَا خَيْرَ لَكَ في قَتْلِهِ"(1) فدل أن سكوته عند حلف عمر لم يكن للقطع بذلك بل ساغ لعمر على غلبة ظنه، وقد أشار إلى ذلك المصنف بقوله في آخر المسألة (أو ما علمه) أي بطريق الوحي واللَّه أعلم.
آخر المجلس التاسع والتسعين بعد المائة من الأمالي وهو التاسع والأربعون من تخريج أحاديث المختصر.
(1) رواه البخاري (1354 و 3055 و 6173 و 6618) ومسلم (2930) والترمذي (2250).
[المجلس الخمسون]
قال المملي رضي الله عنه:
قوله (مسألة إذا انفرد واحد فيما تتوفر الدواعي على نقله) إلى أن قال (ونقل انشاق القمر وتسبيح الحصى وحنين الجذع وتسليم الغزالة وإفراد الإقامة وإفراد الحج وترك البسملة آحادا).
أما انشقاق القمر فنوزع في التمثيل به.
قال القاضى عياض: قال اللَّه تعالى {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (1) وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ (2)} فذكر الإنشقاق بلفظ الماضى وأخبر أن الكفار أعرضوا عن آياته، وزعموا أنها سحر. قال: وأجمع المفسرون وأهل السير على وقوعه (1). ورواه من الصحابة على وابن مسعود وحذيفة وجبير بن مطعم وابن عمر وابن عباس وأنس.
وقال القرطبي في المفهم: رواه العدد الكثير من الصحابة ونقله عنهم الجم الغفير من التابعين فمن بعدهم أنتهى.
فأما حديث علي فلم أقف عليه. ونقل بعض من أدركناه أن عبد بن حميد وابن بريج أخرجا في تفسيريهما حديث علي، وحديث المغيرة في ذلك أيضا، فراجعت التفسيرين فلم أر واحدا منهما في المظنة.
وأما حديث ابن مسعود فجاء عنه من طرق كثيرة.
منها ما قرأت على أبي الحسن على بن محمد الخطيب عن سليمان بن حمزة وعيسى بن عبد الرحمن قالا: أنا جعفر بن على (ح).
وأنبأنا أبو محمد عبد اللَّه بن محمد المكي شفاها أنا إبراهيم بن محمد الطبري أنا أبو الحسن بن بنت الحميري قالا: أنا السلفي أنا أبو عبد اللَّه
(1) انظر نسيم الرياض شرح الشفاء (3/ 2 - 3) وليس عنده "وزعموا أنها سحر".
الثقفي انا أبو الحسين بن بشران أنا إسماعيل بن محمد ثنا سعدان بن نصر (ح).
وقرأت على خديجة بنت الشيخ أبي إسحاق بن سلطان بن القاسم بن عساكر أنا محمود بن إبراهيم في كتابه أنا أبو الخير الباغبان أنا أبو بكر بن السمسار أنا إبراهيم بن عبد اللَّه ثنا الحسين بن إسماعيل المحاملي ثنا علي بن مسلم قالا: ثنا سفيان ين عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن أبي معمر قال: قال عبد اللَّه بن مسعود: انشق القمر على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم شقتين فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "اشْهدُوا".
هذا حديث صحيح أخرجه أحمد عن ابن عيينة. (1)
وأخرجه البيهقي عن أبي الحسين بن بشران (2)، فوافقاهما فيهما بعلو.
وأخرجه البخاري عن علي بن المديني وصدقة بن الفضل ومسلم عن زهير بن حرب وعمرو بن محمد.
والترمذي عن ابن أبي عمرو.
والنسائي عن عبيد اللَّه بن سعيد ستتهم عن ابن عيينة (3).
[فوقع لنا بدلا عاليا.
وأخرجه عبد الرزاق عن ابن عيينة. ومحمد بن مسلم كلاهما عن ابن أبي نجيح.
وعلق البخاري طريق محمد بن مسلم (4).
(1) رواه أحمد (1/ 377).
(2)
رواه البيهقي في الدلائل (2/ 364).
(3)
رواه البخاري (3636) ومسلم (2800) والترمذي (3283) والنسائي في التفسير من الكبرى كما في تحفة الأشراف (7/ 68).
(4)
علاقه بعد الحديث (3869).
وأخرجه الشيخان أيضا من طريق الأعمش عن إبراهيم عن أبي معمر (1).
ورواه عن عبد اللَّه بن مسعود مسروق وسياقه أتم.
وبه إلى المحاملي قال حدثنا يوسف بن موسى حدثنا يحيى بن حماد (ح).
وأخبرني عمر بن محمد أخبرنا أبو بكر بن محمد عن عبد الرحمن بن مكي أخبرنا السلفي أخبرنا أبو عبد اللَّه الرازي حدثنا علي بن محمد الفارسي حدثنا أبو الطاهر الذهاب ثنا جعفر بن محمد ثنا معلى بن مهدي قالا: ثنا أبو عوانة عن مغيرة بن مسلم عن أبي الضحى عن مسروق عن عبد اللَّه بن مسعود قال: انشق القمر على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال المشركون: هذا سحر سحركم ابن أبي كبشة، ولكن انظروا إلى من يقدم من السفار فسلوهم، فقوموا فسألوهم فقالوا: رأيناه قد انشق.
هذا حديث صحيح أخرجه البزار عن يوسف بن موسى (2) فوافقناه بعلو. وأخرجه البيهقي من طريق أبي داود الطيالسي عن أبي عوانة (3). ووقع لنا من وجه آخر عن مغيره بن مسلم أعلى بدرجة أخرى.
وبه إلى المحاملي حدثنا عبد اللَّه بن أيوب حدثنا عاب بن عاصم حدثنا مغيرة عن مسلم بن صبيح هو أبو الضحى عن مسروق بن الأجدع عن عبد اللَّه بن مسعود قال: انشق القمر ونحن مع النبي صلى الله عليه وسلم بمكة، فقال كبار أهل مكة: سحر محمد القمر، فقيل لهم: إنه لن يستطيع أن يسحر الأرض كلها، فسلوا من يقدم عليكم، فلم يقدم عليهم أحد إلا قالوا: رأينا مثل ما رأيتم. وهكذا أخرجه يحيى بن عبد الحميد في مسنده عن هشيم عن مغيرة.
(1) رواه البخاري (3869 و 4864) ومسلم (2800).
(2)
رواه البزار (1/ 300 - 301).
(3)
رواه أبو داود الطيالسي (2447) ومن طريقه البيهقي في الدلائل (2/ 264).
وأخرجه ابن أبي عاصم عن محمد بن أبي غالب عن سعيد بن سليمان عن هشيم، فوقع لنا عاليا بدرجتين، وعلق البخاري طرفا منه فقال: وقال أبو الضحى عن مسروق عن عبد اللَّه ونحن بمكة (1). ورواه عن عبد اللَّه بن مسعي أيضا علقمة والأسي وزر بن حبيش وزيد بن وهب وعتبة بن عبد اللَّه. وقد استوفاها أبو نعيم في دلائل النبوة تخريجا وتطريقا واللَّه أعلم.
آخر المجلس المائتين من الأمالي وهو الخمسون من تخريج أحاديث المختصر.
(1) الذي في البخاري (7/ 182) مع فتح الباري بلفظ "انشق بمكة" ولفظ المصنف عند أبي نعيم في الدلائل (ص 235 - 236).
[المجلس الحادي والخمسون]
قال المملي رضي الله عنه:
ولأبي الضحى بهذا الإسناد حديث آخر، أخبرني أبو الفرج بن حماد أخبرنا أبو الحسن بن قريش أخبرنا أبو الفرج بن نصر عن أبي الحسن الجمال أخبرنا أبو علي الحداد أخبرنا أبو نعيم في المستخرج حدثنا إبراهيم بن عبد اللَّه حدثنا محمد بن إسحاق هو السراج حدثنا قتيبة حدثنا جرير حدثنا الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق عن عبد اللَّه بن مسعود رضي الله عنه قال: خمس قد مضين الدخان واللزام والروم والبطشة والقمر.
هذا حديث صحيح أخرجه مسلم عن قتيبة (1)، فوافقناه بعلو درجة.
وأخرجه البخاري من وجه آخر عن الأعمش (2)، والمراد بالدخان الذي في قوله تعالى {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} ففي الصحيحين عن ابن مسعود أن المراد به ما كان أصاب المشركين من شدة الجوع حيث دعا عليهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم (3)، وباللزام هلاكهم يوم بدر، وهو في قوله تعالى:{يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى} ففي الصحيحين عن ابن مسعود أيضا أن ذلك وقع يوم بدر (4). والمراد بالقمر إنشقاقه، وهو قريب مما في حديث حذيفة ويأتي نحوه في حديث أنس.
أخبرني أبو العباس أحمد بن الحسن بن محمد أخبرنا محمد بن غالي أخبرنا أبو الفرج الحراني عن أبي المكارم اللبان أخبرنا أبو علي المقري أخبرنا أبو نعيم في الحلية حدثنا أبو بكر بن مالك حدثنا عبد اللَّه بن أحمد حدثنا
(1) رواه مسلم (2798).
(2)
رواه البخاري (4767).
(3)
رواه البخاري (1007 و 4809 و 4821) ومسلم (2798).
(4)
انظر ما قبله.
هدبة بن خالد حدثنا همام حدثنا عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: خرجت مع أبي إلى الجمعة في المدائن وبيننا وبينها فرسخ وعلى المدائن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما، فصعد المنبر فحمد اللَّه وأثنى عليه ثم قال:{اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ} ثم قال: "ألَا وإِنَّ القَمَرَ قَدِ انْشَقَّ، ألَا وِإِنَّ الدُّنْيَا آذَنَتْ بِفرِاقٍ"(1).
هذا حديث حسن أخرجه الطبري من رواية إسماعيل بن علية عن عطاء بن السائب (2)، وصححه الحاكم من هذا الوجه (3).
وأما حديث جبير بن مطعم فأخبرني الشيخ أبو إسحاق التنوخي قال: قرئ على أسماء بنت محمد بن صصري وأنا أسمع عن جدها لأمها مكي بن المسلم بن مكي سماعا أخبرنا أبو الحسن بن خلدون أخبرنا أبو الحسن الموازيني أخبرنا محمد بن عبد الرحمن بن أبي نصر أخبرنا يوسف بن القاسم حدثنا أبو العباس محمد بن شاذل حدثنا إسحاق بن راهويه قال: قرأت على أبي أسامة قلت له: حدثكم يحيى بن المهلب ويكنى أبا كدينة والمفضل هو ابن يونس (ح).
وقرأت على فاطمة بنت محمد بن عبد الهادي عن محمد بن عبد الحميد أخبرنا إسماعيل بن عبد القوي قال: قرئ على فاطمة بنت سعد الخير وأنا أسْمع قالت: أخبرتنا فاطمة الجورذانية قالت: أخبرنا أبو بكر بن ريذة أخبرنا الطبراني حدثنا العباس بن حمدان ثنا أبو مسعود الرازي حدثنا عبد الرحمن الدشتكي حدثنا أبو جعفر الرازي قال الثلاثة: حدثنا حصين بن عبد الرحمن عن جبير بن محمد بن جبيبر بن مطعم عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال:
(1) رواه أبو نعيم في الحلية (1/ 280 - 281) باختلاف قليل في اللفظ.
(2)
رواه ابن جرير في تفسيره (27/ 86).
(3)
وصححه الحاكم (4/ 609) ووافقه الذهبي.
انشق القمر ونحن بمكة حتى رأيناه (1) وفي رواية أبي جعفر ونحن مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.
وقرأته عاليا على فاطمة بنت محمد بن المنجى عن سليمان بن حمزة قال: أخبرنا الحافظ الضياء المقدسي أخبرنا أبو جعفر الصيدلاني أخبرنا أبو علي الحداد أخبرنا أبو نعيم حدثنا أبو بكر بن خلاد بانتخاب الدارقطني حدثنا إسحاق بن الحسن الحربي حدثنا محمد بن الصلت حدثنا أبو كدنية. ووقع لنا من وجه آخر بلفظ آخر عاليا أيضا.
وبالسند المذكور إلى الطبراني حدثنا يوسف القاضى حدثنا محمد بن كثير حدثنا سليمان بن كثير حدثنا حصين بن عبد الرحمن عن محمد بن جبير عن أبيه قال: انشق القمر على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم (2).
هذا حديث حسن أخرجه أحمد عن محمد بن كثير (3). فوافقنا بعلو درجة. وأخرجه الترمذي ش عبد بن حميد عن محمد بن كثير (4)، فوقع لنا بدلا عاليا، قال الترمذي: رواه جماعة عن حصين فزادوا فيه بينه وبين محمد بن جبير جبير بن محمد.
قلت: قد أخرجناه من رواية ثلاثة عن حصين كذلك. ورواه محمد بن فضيل كرواية سليمان بن كثير، أخرجه من طريقه الطبري (5) وابن أبي حاتم وابن حبان في صحيحه (6). لكن أخرجه الطبراني من رواية محمد بن فضيل فأدخل بين حصين ومحمد بن جبير سالم بن أبي الجعد (7).
(1) رواه الطبراني في الكبير (1560).
(2)
رواه الطبراني في الكبير (1559).
(3)
رواه أحمد (4/ 81 - 82).
(4)
رواه الترمذي (3282) والبيهقي (2/ 268).
(5)
رواه الطبري في تفسيره (27/ 86).
(6)
رواه ابن حبان (2108 موارد).
(7)
رواه الطبرني في الكبير (1561).
وأما حديث ابن عمر فوقع لنا مع حديث ابن مسعود.
وبه إلى أبي نعيم في المستخرج حدثنا عبد اللَّه بن محمد حدثنا أبو بكر بن أبي عاصم حدثنا عبيد اللَّه بن معاذ حدثنا أبي حدثنا شعبة عن الأعمش عن إبراهيم عن أبي معمر عن عبد اللَّه وهو ابن مسعود قال: انشق القمر على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فلقتين فستر الجبل فلقة وصارت فلقة فوق الجبل.
وبه إلى شعبة قال: وأخبرنا الأعمش عن مجاهد عن ابن عمر رضي الله عنهما بمثل ذلك.
هذا حديث صحيح أخرجه مسلم عن عبيد اللَّه بن معاذ بالإسنادين معا (1)، فوافقناه بعلو درجة، ووقع لنا حديث ابن عمر من وجه آخر عن شعبة أعلى بدرجة أخرى سيأتي مع حديث أنس إن شاء اللَّه تعالى.
آخر المجلس الحادي بعد المائتين وهو الحادي والخمسون من تخريج أحاديث المختصر.
(1) رواه مسلم (2801).
[المجلس الثاني والخمسون]
قال المملي رضي الله عنه:
وقرأته عاليا على فاطمة بنت المنجى عن عيسى بن عبد الرحمن قال قرئ على كريمة وأنا أسمع عن أبي الخير الباغبان أخبرنا عبد الوهاب بن محمد بن إسحاق أخبرنا أبي أخبرنا عبد اللَّه بن إبراهيم حدثنا أبو مسعود الرازي حدثنا أبو داود الطيالسي حدثنا شعبة فذكره بإسنادين، وقال في آخره: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "اشهدوا"(1).
أخرجه أحمد عن أبي داود الطيالسي (2)، فوقع لنا موافقة عالية.
ذكر حديث ابن عباس، وبالإسناد الماضى إلى أبي نعيم في المستخرج حدثنا عبد اللَّه بن جعانر وسليمان بن أحمد قال الأول: حدثنا إسماعيل بن عبد اللَّه حدثنا عثمان بن صالح، وقال الثاني: حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح حدثنا أبي قال: وحدثنا أبو الزنباع حدثنا يحيى بن بكير قالا: حدثنا بكر بن مضر.
وبه إلى يحيى بن عثمان حدثنا إسحاق بن بكر بن مضر حدثنا أبي حدثنا جعفر بن ربيعة حدثنا عراك به. مالك حدثنا عبيد اللَّه بن عبد اللَّه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: انشق القمر على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.
هذا حديث صحيح أخرجه البخاري عن يحيى بن بكير عثمان بن صالح على الموافقة (3). وأخرجه مسلم عن موسى بن قريش عن إسحاق بن بكر بن مضر (4)، فوقع لنا بدلا عاليا بدرجتين.
(1) رواه أبو داود الطيالسي (2448).
(2)
لم أره في مسند أحمد بالنسبة لحديث ابن عمر وأما حديث أنس فيأتي.
(3)
رواه البخاري (3870 و 4866).
(4)
رواه مسلم (2803).
ذكر حديث أنس، أخبرني عبد الرحمن بن أحمد أنا أحمد بن منصور أنا علي بن أحمد أنا أحمد بن محمد اجازة مكاتبة أنا الحسن أخبرنا أحمد بن عبد اللَّه حدثنا يونس بن حبيب (ح).
وأخبرني عمر بن محمد البالسي قال قرئ على زبيب بنت أحمد المقدسية وأنا أسمع قرئ على تجني بنت عبد اللَّه وأنا اسمع (ح).
وأخبرنا أحمد بن أبي بكر الفقيه في كتابه أخبرنا أبو بكر بن أحمد النابلسي عيسى عبد الرحمن بن معالِى سماعا عليهما قالا: أخبرنا محمد بن إبراهيم الأربلي قال: قرئ على شهدة وأنا أسمع قالت أخبرنا طراد بن محمد الزينبي أخبرنا هلال بن محمد الحفار أخبرنا الحسين بن عياش حدثنا علي بن مسلم قالا: حدثنا أبو داود حدثنا شعبة عن قتادة عن أنس رضي الله عنه قال شعبة وحدثنا الأعمش قال سمعت مجاهدا يحدث عن ابن عمر رضي الله عنهما قالا: انشق القمر على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"اشهدوا"(1).
هذا حديث صحيح أخرجه أحمد عن أبي داود مقتصرا على حديث أنس (2). وأخرجه أبو عوانة عن يونس بن حبيب بالإسنادين. وأخرجه البيهقي عن هلال الحفار كذلك (3)، فوافقناهم بعلو. وأخرجه الترمذي عن محمود بن غيلان عن أبي داود (4)، فوقع لنا بدلا عاليا. وأخرجه مسلم عن بتدار عن غندر يحيى بن سعيد وأبي داود ثلاثتهم عن شعبة. ورواه شيبان بن عبد الرحمن عن قتادة وسياقه أتم من شعبة (5).
(1) رواه أبو داود الطيالسي (2448 و 2449).
(2)
رواه أحمد (3/ 275) ورواه ابنه عبد اللَّه في زوائد المسند (3/ 278) عن أبي عبد اللَّه السلمي عن أبي داود به، ومن طريق أبي داود رواه البيهقي في الدلائل (2/ 264).
(3)
لم أره في اللَّه الدلائل من رواية هلال الحفار.
(4)
رواه الترمذي (3284).
(5)
رواه مسلم (2802) عنهم وعن غيرهم.
أخبرني عبد القادر بن محمد بن علي وكتب إلينا أبو الخير بن أبي سعيد قالا: أخبرنا عبد اللَّه بن الحسين الأنصاري أخبرنا إسماعيل بن أحمد العراقي عن شهدة الكاتبة قالت: أخبرنا أبو الحسن الربعي قال: أخبرنا أبو الحسن بن مخلد حدثنا أبو جعفر الرزاز حدثنا محمد بن عبيد اللَّه بن النادي حدثنا يونس بن محمد حدثنا شيبان بن عبد الرحمن حدثنا قتادة عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن أهل مكة سألوا النبي صلى الله عليه وسلم آية فأراهم إنشقاق القمر مرتين.
أخرجه أحمد عن يونس بن محمد (1) وأبو عوانة عن ابن المنادي، فوافقناهما بعلو. وأخرجه البخاري عن عبد اللَّه بن محمد. ومسلم عن أبي خيثمة كلاهما عن يونس (2). وأخرجه البيهقي عن أبي الحسين بن بشران عن ابن مخلد (3)، فوقع لنا بدلا للجميع عاليا. ورواه معمر عن قتادة مثل رواية شيبان وأتم منه.
أخبرني في الشيخ أبو إسحاق التنوخي أخبرنا أبو العباس الصالحي أخبرنا أبو المنجى أخبرنا أبو الوقت أخبرنا أبو الحسن الداودي أخبرنا أبو محمد السرخسي أخبرنا أبو عثمان الشاشي حدثنا عبد بن حميد حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن قتادة فذكر مثله وزاد فأنزل اللَّه تعالى {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ} إلى قوله {سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ} يقول ذاهب.
أخرجه أحمد عن عبد الرزاق والترمذي عن عبد بن حميد (4)، فوافقناهما بعلو. وأخرجه مسلم عن محمد بن رافع والنسائي عن إسحاق بن إبراهيم كلاهما عن عبد الرزاق (5)، فوقع لنا بدلا عاليا. وليس في روايتهم يقول
(1) رواه أحمد (3/ 207).
(2)
رواه البخاري (4867) ومسلم (2802).
(3)
رواه البيهقي في الدلائل (2/ 262).
(4)
رواه أحمد (3/ 165) والترمذي (3282).
(5)
رواه مسلم (2802) والنسائي في التفسير من الكبرى كما في تحفة الأشراف (1/ 344).
ذاهب، وهي من تفسير قتادة. وأخرج ابن المنذر في التفسير من طريق سعيد بن بشير عن قتادة نحو رواية معمر، وزاد في آخره: وهي في قراءة حذيفة (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَقَدِ انْشَقَّ).
وأما قوله: مرتين فاختلف الرواة فيه على قتادة، فمنهم من قال هكذا ومنهم من قال فرقتين وهي توافق حديث ابن مسعود فلقتين وهي الراجحة أو تحمل الرواية الأخرى عليها وقد بسطت ذلك في فتح الباري. واللَّه أعلم (1).
آخر المجلس الثاني بعد المائتين وهو الثاني والخمسون من تخريج أحاديث المختصر.
(1) انظر فتح الباري (7/ 183).
[المجلس الثالث والخمسون]
ثم حدثنا سيدنا ومولانا قاضى القضاة شيخ الإسلام نفع اللَّه المسلمين ببركته وبركة علومه آمين.
قال المملي رضي الله عنه:
وأما تسبيح الحصى فالمعروف فيه حديث أبي ذر وعليه اقتصر أبو نعيم والبيهقي في الدلائل، وقد ورد من حديث أنس أيضا. والمعروف في حديث أبي ذر رواية الزهري مع الإختلاف عليه فيه. وقد ورد حديث غيره أيضا.
قرئ على فاطمة بنت محمد بن عبد الهادي الصالحية بها وأنا أسمع عن أبي نصر بن الشيرازي أخبرنا عبد الحميد بن عبد الرشيد في كتابه أخبرنا أبو العلاء العطار أخبرنا [أبو] علي الحداد أخبرنا أبو نعيم أخبرنا الصبراني في الأوسط حدثنا علي بن سعيد حدثنا موهب بن يزيد حدثنا عبد اللَّه بن وهب حدثنا محمد بن أبي حميد عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي ذر رضي الله عنه قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فأخذ حصى بيده فسبحن في يده ثم وضعهن في الأرض فخرسن، ثم أخذهن فسبحن في يده، ثم دفعهن إلى أبي بكر فسبحن في يده، ثها وضعهن في الأرضر فخرسن، ثم أخذهن النبي صلى الله عليه وسلم فدفعهن إلى عمر فسبحن في يده، ثم وضعهن في الأرض فخرسن، ثم أخذهن النبي صلى الله عليه وسلم فدفعهن إلى عثمان فسبحن في يده.
وبه إلى الطبراني قال: لم يروه عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب إلا محمد بن أبي حميد ولا عن محمد بن أبي حميد إلا عبد اللَّه بن وهب تفرد به موهب إنتهى (1).
(1) رواه الطبراني في الأوسط (عمر 317 مجمع البحرين).
هذا حديث غريب من هذا الوجه، أخرجه الدارقطني في الأفراد من طريق ابن وهب وقال نحوا مما قال الطبراني (1).
ومحمد بن أبي حميد هذا مدني ضعيف الحديث، وروايته هذه معدودة من نوع المقلوب، لأن المحفوظ في هذا عن الزهري عن غير سعيد بن المسيب.
أخرجه البزار وابن أبي عاصم في كتاب السنة وخثيمة بن سليمان في فضائل الصحابة وأبو نعيم والبيهقي في الدلائل كلهم من طريق قريش بن أنس عن صالح بن أبي الأخضر عن الزهري عن سويد بن يزيد عن أبي ذر (2).
قلت: وهو أيضا من نوع المقلوب، وصالح ضعيف. وقد رواه أربعة من حفاظ أصحاب الزهري [منهم شعيب بن أبي حمزة ومحمد بن أبي عتيق وعبيد اللَّه بن أبي زياد فقالوا] عن الزهري عن الوليد بن سويد عن رجل من بني سليم كبير السن عن أبي ذر. قال البيهقي: هذا هو المحفوظ عن الزهري إنتهى.
ورواية شعيب في الزهريات للذهلي وأخرجها من طريقه ابن عساكر (3).
ورواية محمد بن أبي عتيق ذكرها البخاري وترجمة الوليد بن سويد من تاريخه (4)، ورواية عبيد اللَّه بن أبي زياد ذكرها الدارقطني في العلل.
وأما الطريق الأخرى عن أبي ذر فأخبرني أبو المعالي الأزهري عن زينب
(1) ومن طريقه رواه ابن الجوزي في العلل المتناهية (1/ 202 - 203).
(2)
رواه البزار (2413 كشف الأستار) وخيثمة بن سليمان في فضائل الصحابة (ص 105 - 106) والبيهقي في الدلائل (6/ 64 - 65) وابن الجوزي في العلل المتناهية (325). وأما ابن أبي عاصم فرواه في السنة (1146) بإسناد آخر.
(3)
ورواه الطبراني في مسند الشاميين (3193).
(4)
التاريخ الكبير (8/ 144) للبخاري.
بنت الكمال أن يوسف بن خليل الحافظ أخبرهم في كتابه أخبرنا خليل بن بدر أخبرنا الحداد أخبرنا أبو نعيم أخبرنا الطبراني حدثنا أحمد هو ابن محمد بن صدقة حدثنا المنذر بن الوليد الجارودي حدثنا أبي حدثنا حميد بن مهران حدثنا داود بن أبي هند عن رجل من أهل الشام يعني الوليد بن عبد الرحمن الجرشي عن جبير بن نفير الحضرمي عن أبي ذر رضي الله عنه قال: إني لشاهد عند النبي صلى الله عليه وسلم وفي يده حصى فسبحن، ثم دفعهن إلى أبي بكر فسبحن في يده، ثم دفعهن إلى عمر فسبحن في يده، ثم دفعهن إلى عثمان فسبحن في يده ثم دفعهن إلينا فلم يسبحن في يد أحد منا.
وبه إلى الطبراني قال: كل يروه عن داود إلا حميد بن مهران تفرد به الجارودي عن أبيه عنه (1).
قلت: كلهم موثقون، لكن الرجل الشامي ما عرفت من سماه هل هو الطبراني أو شيخه، وقد أخرجه أبو نعيم في الدلائل من وجه آخر عن الجارودي فلم يسم الرجار الشامي، فإن كان هو الوليد بن عبد الرحمن فالإِسناد صحيح. وقد صحح الترمذي وابن خزيمة وابن حبان من رواية داود بن أبي هند بهذا الإسناد إلي ذر حديثا غير هذا، والجارودي وأبو أخرج لهما البخاري، ووجدت في مسند البزار من طريق عبد اللَّه بن سالم عن الزبيدى عن الوليد بن عبد الرحمن الجرشي نحو حديث الباب (2)، فإن يكن محفوظا تأيد التفسير المذكور وقوي القول بصحة الإسناد.
وأما حديث غير أبي ذر هو حديث أنس فأنبأنا أبو عبد اللَّه البراعي بالصالحية مشافهة عن زينب بنت إسماعيل عن إبراهيم بن ركاب إجازة إن لم يكن سماعا قال: أخبرنا أحمد بن عبد الرحمن الشيرازي قال: أخبرنا أبو
(1) رواه الطبراني في الأوسط (1211).
(2)
رواد البزار (2414) وابن أبي عاصم والسنة (1146) والطبراني في مسند الشاميين (1837) وصححه شيخنا في تعليقه على كتاب السنة، فراجعه.
العباس الحرستاني أخبرنا أبو محمد بن طاووس أخينا أبو القاسم بن أبي العلاء أخبرنا أبو محمد بن أبي نصر حدثنا خيثمة بن سليمان حدثنا أحمد بن سليمان الصوري حدثنا محمد بن مصفى حدثنا يوسف بن الصباح حدثنا جرير بن عبد الحميد عن سعيد القاقلاني عن الحسن عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: أخذ النبي صلى الله عليه وسلم سبع حصيات في يده فسبحن فذكر نحو ما تقدم.
هذا حديث غريب أخرجه خيثمة في فضائل الصحابة هكذا (1)، وفي إسناده من لا يعرف حاله. قال البيهقي: إن لم يثبت الحديث في تسبيح الحصى فقد ثبت الحديث وتسبيح الطعام واللَّه أعلم.
آخر المجلس الثالث بعد المائتين وهو الثالث والخمسون من تخريج أحاديث المختصر.
(1) رواه خيثمة في فضائل الصحابة (ص 106).
[المجلس الرابع والخمسون]
قال المملي رضي الله عنه:
ذكر الحديث الوارد في تسبيح الطعام.
أخبرني الشيخ أبو إسحاق التنوخي أخبرنا عبد الرحمن بن عبد الحليم بن تيمية أخبرنا يحيى بن أبي منصور أخبرنا عبد القادر بن عبد اللَّه الحافظ أخبرنا أبو الفتح نصر بن سيار (ح).
قال شيخنا وأنبأنا عاليا أبو نصر بن العماد عن جده أبي نصر أخبرنا أبو عامر الأزدي أخبرنا أبو محمد بن الجراح أخبرنا أبو العباس بن محبوب حدثنا أبو عيسى الترمذي حدثنا محمد بن بشار (ح).
قال شيخنا وأخبرنا عاليا بدرجة أخرى أحمد بن أبي طالب عن عبد اللَّه بن عمر أخبرنا سعيد بن أحمد أخبرنا أبو نصر الزنيبي أخبرنا أبو بكر بن خلف حدثنا أبو محمد بن صاعد حدثنا أحمد بن منصور وبكار بن قتيبة قال الثلاثة: حدثنا أبو أحمد الزبيري حدثنا إسرائيل عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد اللَّه بن مسعود رضي الله عنه قال: إنكم تعدون الآيات عذابا وإنا كنا نعدها بركة على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ولقد كنا نأكل الطعام مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ونحن نسمع تسبيح الطعام (1).
هذا حديث صحيح أخرجه أحمد عن الوليد بن قاسم عن إسرائيل (2)، وأخرجه البخاري والبزار محمد بن المثنى كلاهما عن أبي أحمد (3)، فوقع لنا بدلا عاليا. وأخرجه ابن خزيمة عن محمد بن بشار على الموافقة. قال
(1) رواه الترمذي (3637) والبيهقي في الدلائل (6/ 62).
(2)
رواه أحمد (4393).
(3)
رواه البخاري (3579) والبزار (1/ 244).
البزار: لم يروه عن منصور إلا إسرائيل. وكأنه عنى الإتصال وإلا فقد رواه جرير عن منصور، ولكن لم يذكر في إسناده علقمة، ذكره أبو نعيم في الدلائل، ووقع لنا من وجه آخر عن إسرائيل عاليا أيضا.
وبه إلى ابن صاعد حدثنا يوسف بن موسى ومحمد بن سهل بن عسكر ومحمد بن عثمان بن كرامة (ح).
وأخبرني أبو العباس أحمد بن علي بن تميم أخبرنا أبو العباس الصالحي أخبرنا أبو المنجى أخبرنا أبو الوقت أخبرنا أبو الحسن بن داود أخبرنا عبد اللَّه بن أحمد أخبرنا عيسى بن عمر أخبرنا الدارمي قال الأربعة: حدثنا عبيد اللَّه بن موسى حدثنا إسرائيل فذكر نحوه (1). أخرجه جعفر الغريابي في دلائل النبوة عن عثمان بن أبي شيبة عن عبيد اللَّه بن موسى، فوقع لنا بدلا عاليا.
يلتحق بهذا ويدخل في هذا تأمين أسكفة الباب وحوائط البيت على دعاء رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وتسليم الحجر والشجر عليه.
أما التسليم فأخبرني أبو العباس بن تميم بهذا الإسناد إلى الدارمي حدثنا فروة بن أبي المغراء حدثنا الوليد بن أبي ثور حدثنا إسماعيل السدي عن عباد بن أبي يزيد عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: كنا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بمكة، فخرجنا معه في بعض نواحيها فمررنا بين الجبال والشجر فلم نمر بجبل ولا شجر إلا قال: السلام عليك يا رسول اللَّه.
هذا حديث حسن غريب أخرجه الترمذي عن عباد بن يعقوب عن الوليد (2)، فوضع لنا بدلا عاليا، ورجاله موثقون إلا التابعي فإنه لا يعرف إلا في هذه الرواية، وإنما حسنت الحديث لأن عند مسلم في حديث جابر بن
(1) رواه الدارمي (29) ورواه أيضًا أبو نعيم في الدلائل (ص 346) من طريق آخر عن إسرائيل به.
(2)
رواه الترمذي (3630) والدارمي (21) وأبو نعيم في الدلائل (ص 331 - 332).
سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إِنِّي لأَعرِفُ حَجَرًا بِمَكَّةَ كَان يُسَلِّمُ عَلَيَّ" الحديث (1).
وأما التأمين فأخبرني عبد اللَّه بن عمر بن علي أخبرنا أحمد بن علي بن أيوب أخبرنا عبد اللطيف بن عبد المنعم أخبرنا عبد الوهاب بن علي (ح).
وقرأت على فاطمة بنت المنجى عن عبد الرحيم بن يحيى قال: أخبرنا عمي أحمد بن المفرح أخبرنا الحافظ أبو القاسم بن عساكر قالا: أخبرنا أبو القاسم بن الحصين أخبرنا أبو طالب بن غيلان حدثنا أبو بكر الشافعي حدثنا محمد بن يونس حدثنا عبد اللَّه بن عثمان بن إسحاق بن سعد بن أبي وقاص حدثنا جدي لأمي مالك بن حمزة بن أبي أسيد يعني عن أبيه عن جده أبي أسيد رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال للعباس بن عبد المطلب: "يَا أَبَا الْفَضْل لَا تَرُمْ مَنْزلَكَ أَنْتَ وَبَنُوك فإِنَّ لِي فِيكُمْ حَاجَةً" فانتظروه فجاء فقال: "السَّلَامُ عَليْكُمْ" فقالوا: وعليك السلام ورحمة اللَّه وبركاته فقال: "كَيْفَ أَصْبَحتُمْ؟ " قالوا: بخير بحمد اللَّه فكيف أصبحت أنت يا رسول اللَّه؟ قال: "بِخَيْر أَحْمَدُ اللَّه رَبِّي -ثم قال- اجْتَمعُوا وَلْيَزْحَفْ بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ -فقال- اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِى اسْتُرهُمْ مِنَ النَّارِ كَسَتْري بمَلَاءَتي هَذِه" قال: فأمنت أسكفة الباب وحوائط البيت آمين آمين ثلاثا (2).
هذا حديث حسن غريب أخرجه ابن ماجة مختصرا عن إبراهيم بن عبد اللَّه بن حاتم الهروي عن عبد اللَّه بن عثمان (3). فوقع لنا بدلا عاليا. وسقط من روايتنا من الإسناد قوله عن أبيه ولا بد منه فلذلك أثبته وقلت يعني، وقد ثبت ذلك في رواية ابن ماجه وكذا في رواية محمد بن الحسن بن أبي حبر عن محمد بن يونس عن عبد اللَّه بن عثمان [عند أبي نعيم في
(1) رواه مسلم (2277).
(2)
رواه ابن عساكر في ترجمة العباس بن عبد المطلب من تاريخ دمشق (ص 138).
(3)
رواه ابن ماجه (3711).
الدلائل. وأخرج له طريقا أخرى عن عبد اللَّه بن عثمان] كذلك (1). وأخرجه أيضا من طريق أبي داود السجستاني عن عبد العزيز بن السري عن عبد اللَّه بن عثمان، لكن وقعت عنده مخالفة في اسم شيخ عبد اللَّه، فإنه قال فيه: عن حمزة بن سعيد بن أبي أسيد عن أبيه عن جده، فإن كان محفوظا احتمل أن يكون لعبد اللَّه فيه شيخان، حدثه كل منهما به عن أبيه عن جده، وجدهما واحد وهو أبو أسيد الأنصاري مشهور في الصحابة، واسمه مالك بن ربيعة واللَّه أعلم.
آخر المجلس الرابع بعد المائتين وهو الرابع والخمسون من تخريج أحاديث المختصر.
(1) رواه أبو نعيم (ص 370 - 371) من الدلائل والبيهقي في الدلائل (6/ 71 - 72).
[المجلس الخامس والخمسون]
ثم حدثنا سيدنا ومولانا قاضى القضاة شيخ الإسلام نفع اللَّه المسلمين ببركته آمين.
قال: ثم وجدت لحديث علي شاهدين أحدهما من حديث عائشة في مسند البزار والآخر من حديث جابر بن سمرة في الدلائل لأبي نعيم.
وأما حنين الجذع فقد نوزع في التمثيل به، فإن طرقه كثيرة. قال البيهقي: أمره ظاهر نقله الخلف عن السلف إيراد الأحاديث فيه كالتكلف يعني لشدة شهرته، وهو كما قال، فقد وقع لنا من حديث عبد اللَّه بن عمر وعبد اللَّه بن عباس وأنس بن مالك وجابر بن عبد اللَّه وسهل بن سعد وأبي بن كعب وأبي سعيد وبريدة وعائشة وأم سلمة.
أما حديث عبد اللَّه بن عمر فأخبرني المحب محمد بن محمد بن محمد بن منيع أخبرنا عبد اللَّه بن الحسين الأنصاري أخبرنا محمد بن أبي بكر البلخي عن السلفي أخبرنا أبو ياسر الخياط وأبو القاسم بن بيان قالا: أخبرنا أبو القاسم بن بشران أخبرنا أبو محمد الفاكهي أخبرنا أبو يحيى بن أبي سبرة حدثنا بدل بن المحبر (ح).
وبالسند الماضى آنفا إلى الدارمي حدثنا عثمان بن عمر قالا: حدثنا معاذ بن العلاء عن نافع عن ابن عمر رضى اللَّه عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب إلى جذع، فلما اتخذ المنبر حَنَّ الجذع حتى نزل إليه فمسحه (1).
هذا حديث صحيح أخرجه البخاري عن محمد بن المثنى عن يحيى بن كثير عن أبي حفص بن العلاء عن نافع قال: وقال عبد الحميد حدثنا عثمان بن عمر به (2).
(1) رواه الدارمي (31).
(2)
رواه البخاري (3583).
وأخرجه الترمذي عن عمرو بن علي عن يحيى بن كثير وعثمان بن عمر كلاهما عن أبي حفص بن العلاء به (1). وهذا يشعر بأن أبا حفص كنية معاذ، لكن وقع في سياق البخاري عن أبي حفص بن العلاء واسمه عمرو وهو أخو أبي عمرو بن العلاء، فيحتمل أن يكون يحيى بن كثير سمعه من الأخوين إن كانت هذه التسمية محفوظة.
وقد رواه البيهقي وأبو نعيم من رواية عبد اللَّه بن رجاء عن أبي حفص بن العلاء بغير تسمية (2)، وتردد فيه أبو أحمد الحاكم في الكنى.
وأما قول البخاري: وقال عبد الحميد فلم أر من ترجمه في رجاله، لكن المزي وليت تبعه جزموا بأنه عبد بن حميد، وقد راجعت تفسيره من المظنة وبها وجد من مسنده فلم أجد هذا الحديث. وقال البخاري بعد ذلك: رواه أبو عاصم عن عبد العزيز بن أبي دواد عن نافع، ورواية أبي عاصم هذه أخرجها أبو داود مختصرة، والحسن بن سفيان والبيهقي مطولة (3).
وأما حديث ابن عباس فأخبرني الشيخ أبو إسحاق التنوخي أخبرنا أحمد بن نعمت أخبرنا عبد اللَّه بن عمر أخبرنا عبد الأول بن عيسى أخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا عبد اللَّه بن أحمد أخبرنا إبراهيم بن خزيم حدثنا عبد بن حميد حدثنا الحسن بن موسى (ح).
وبالسند الماضى إلى الدارمي أخبرنا الحجاج بن منهال (ح).
وقرأت على فاطمة بنت المنجى عن سليمان بن أخبرنا الحافظ ضياء الدين المقدسي أنا محمد بن أحمد بن نصر عن فاطمة الجوزذانية سماعا أخبرنا أبو بكر بن ريذه قال: أخبرنا الطبراني حدثنا علي بن عبد العزيز حدثنا الحجاج بن منهال (ح).
وبه إلى الضياء أخبرنا أبو محمد بن الأخضر وسليمان بن محمد الموصلي
(1) رواه الترمذي (505).
(2)
رواه البيهقي في دلائل النبوة (6/ 66 - 67).
(3)
رواه أبو داود (1081) وانظر تغليق التعليق (3/ 53 - 54)(3/ 195 - 196).
وأبو محمد بن جوالق (ح).
وقرأت على الحافظ أبي الفضل بن الحسين أنه قرأ على أبي الحرم بن أبي الفتح الحنبلي عن أبي عبد اللَّه بن حمدان سماعا عن سليمان الموصلي قال: هو وابن الأخضر: أخبرنا يحيى بن الطراح زاد ابن الأخضر وإسماعيل بن أحمد وقال ابن جوالق: أخبرنا أبو الفتح البيضاوي قال الثلاثة: أخبرنا أبو الحسن بن النقور أخبرنا أبو القاسم بن حبابة أخبرنا أبو القاسم البغوي حدثنا هدبة بن خالد قال الثلاثة: حدثنا حماد بن سلمة عن عمار بن أبي عمار عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب إلى جذع قبل أن يتخذ المنبر فلما اتخذ المنبر وتحول إليه من الجذع، قال: فنزل إليه فاحتضنه فسكن. وقال: "لَوْ لَمْ أَحْتَضِنْهُ لَحَنَّ إِلَى يَوْمِ القِيَامةِ"(1).
وبهذه الأسانيد إلى حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن أنس ابن مالك قال بمثله.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم بالإِسنادين معا، وعجبت للحاكم إذ أغفل استدراكه وهو يكثر من استدراك ما دونه. أخرجه أحمد عن الحسن بن موسى، فوافقناه بعلو، وأخرجه أيضا عن عفان ويونس بن محمد وأبي كامل الخزاعي ثلاثتهم عن حماد بن سلمة بالإسنادين معا (2). وأخرجه ابن ماجه عن أبي بكر بن خلاد عن بهز بن أسد عن حماد بن سلمة (3)، فوقع لنا عاليا.
وأما حديث أنس بن مالك فتقدمت له هذه الطريق وله طرق أخرى.
آخر المجلس الخامس بعد المائتين وهو الخامس والخمسون من تخريج أحاديث المختصر.
(1) رواه الدارمي (39 و 1571) والطبراني في الكبير (12841) وليس عند الطبراني رواية أنس.
(2)
رواه أحمد (2236 و 2401) و (2400) حديث أنس فقط.
(3)
رواه ابن ماجه (1415) ورواه ابن سعد (1/ 188).
[المجلس السادس والخمسون]
أخبرني العماد بن أبي بكر بن أبي عمر الفرضى أخبرنا أبو عبد اللَّه بن الزراد إجازة إن لم يكن سماعا أخبرنا الحافظ أبو علي البكري أخبرنا عبد المعز بن محمد أخبرنا زاهر بن طاهر أخبرنا أحمد بن إبراهيم المقري أخبرنا محمد بن الفضل بن محمد بن إسحاق بن خزيمة حدثنا جدى حدثنا محمد بن بشار (ح).
وقرأت على فاطمة بنت المنجى عن سليمان بن حمزة أخبرنا محمد بن عبد الواحد الحافظ أخبرنا زاهر بن أبي طاهر أخبرنا الحسين بن عبد الملك أخبرنا إبراهيم بن منصور أخبرنا محمد بن إبراهيم حدثنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا أبو خيثمة (ح).
وبالسند الماضي إلى الدارمي حدثنا محمد بن أحمد بن أبي خلف واللفظ له قال الثلاثة: حدثنا عمر بن يونس حدثنا عكرمة بن عمار حدثنا إسحاق بن أبي طلحة قال: حدثنا أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان نبي اللَّه صلى الله عليه وسلم يقوم يوم الجمعة إلى جذع منصوب في المسجد فيسند ظهره إليه فيخطب الناس، فجاءه رومي فقال: ألا أصنع لك شيئا تقعد عليه وكأنك قائم؟ قال: فصنع له منبرا له درجتان ويقعد في الثالثة، فلما قام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على ذلك المنبر خار الجذ كخوار الثور حزنا على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حتى ارتج المسجد لخواره، فنزل إليه النبي صلى الله عليه وسلم فالتزمه وهو يخور، فلما التزمه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم سكت، ثم قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:" [وَالَّذي نَفْسي بيده] لَوْ أَلْتَزِمهُ مَا زَالَ هكَذَا حَتَّى تَقُومَ الْقِيَامَةُ حُزْنًا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم" فأمر به رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فدفن (1).
هذا حديث صحيح أخرجه ابن خزيمة في صحيحه هكذا. وأخرجه
(1) رواه الدارمي (42) وابن خزيمة (777).
الترمذي عن محمود بن غيلان عن عمر بن يونس وقال صحيح غريب من هذا الوجه (1) قال: وفي الباب عن جابر وأبي بن كعب وابن عمر وسهل بن سعد وابن عباس، هكذا اقتصر على ستة، وقد زدت عليه أربعة كما قدمت.
وأخبرني أبو محمد بن عبد اللَّه المقدسي أخبرنا أبو عبد اللَّه بن الزراد إجازة إن لم يكن سماعا أخبرنا محمد بن إسماعيل المرداوي قال فريء على فاطمة بنت سعد الخير وأنا أسمع قالت: أخبرنا أبو القاسم المستملي أخبرني أبو سعد الكنجروذي أخبرنا أبو عمرو بن حمدان حدثنا أبو يعلى حدثنا شيبان بن فروخ (ح).
قال شيخنا: وأخبرنا به عاليا أحمد بن أبي طالب إجازة إن لم يكن سماعا عن أحمد بن يعقوب الحرستاني وأبي الفضل بن السباك قالا: أخبرنا أبو المعالي بن اللحاس عن أبي القاسم بن البسري أخبرنا أبو طاهر المخلص حدثنا أبو القاسم البغوي حدثنا شيبان حدثنا مبارك بن فضالة حدثنا الحسن عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة فيسند ظهره إلى جنب خشبة في المسجد، فلما أكثر الناس قال:"ابْنُوا لي مِنْبَرًا لَهُ عَتَبتَانِ" فلما قام النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر حنت الخشبة، قال أنس: وأنا في المسجد فسمعت الخشبة وهي تحن حنين الواله، فلم تزل تحن حتى نزل إليها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فاحتضنها فسكنت، قال: فكان الحسن إذا حدث بهذا الحديث قال: يا عباد اللَّه الخشبة تحن إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم شوقًا إليه لمكانه من اللَّه عز وجل، فأنتم أحق أن تشتاقوا إلى لقائه (2).
هذا حديث أخرجه أحمد عن هاشم بن القاسم عن مبارك بن فضالة (3)، فوقع لنا بدلا عاليا بدرجة من الطريق الأولى وبدرجتين من
(1) رواه الترمذي (3631) وقال: حسن صحيح غريب من هذا الوجه.
(2)
رواه أبو يعلى (2756).
(3)
رواه أحمد (3/ 226).
الطريق الثانية. وأخرجه ابن حبان عن أبي يعلى (1)، فوقع لنا موافقة عالية بدرجة وبدلا عاليا بدرجتين [أيضا] من الطريق الثانية. وأخرجه ابن خزيمة من طريق عيسى بن يونس والبزار من طريق يزيد بن هارون كلاهما عن مبارك (2)، فوقع لنا عاليا جدا. قال البزار: لم يرو هذا الحديث عن الحسن إلا مبارك وسالم الخياط.
[قلت]: وفي الحصر نظر فقد وقع لنا من رواية حبيب بن الشهيد والصعق بن حزن ويزيد بن إبراهيم التستري ثلاثتهم عن الحسن، لكن الأولان أرسلا فيتمحض الإستدراك عليه بالثالث. ورواية سالم الخياط التي ذكرها أخرجها أبو نعيم في الدلائل.
وبالسند الماضى إلى الدارمي أخبرنا مسلم بن إبراهيم حدثنا الصعق بن حزن عن الحسن فذكر الحديث مختصرًا مرسلا (3).
وبالسند الماضي إلى هدبة بن خالد حدثنا حماد بن سلمة حدثنا حبيب بن الشهيد حدثنا الحسن قال فذكره مثل حديث ابن عباس.
وأخبرني أبو المعالي الأزهري عن زينب بنت الكمال أن يوسف بن خليل أخبرهم في كتابه قال أخبرنا خليل بن بدر أخبرنا أبو علي المقري أخبرنا أبو نعيم أخبرنا الطبراني في الأوسط حدثنا أحمد بن محمد بن صدقة البغدادي حدثنا يحيى بن محمد بن السكن حدثنا حبان بن هلال حدثنا يزيد بن إبراهيم قال: سمعت الحسن يحدث عن أنس فذكر مثل حديث مبارك بن فضالة سواء. وفيه كلام الحسن. قال الطبراني: لم يروه عن يزيد إلا حبان تفرد به ابن السكن (4).
(1) رواه ابن حبان (574 موارد).
(2)
رواه ابن خزيمة (1776) ومبارك بن فضالة مدلس تدليس تسوية فلا يفيده تصريحه بالتحديث عند أبي يعلى. والحسن أيضًا مدلس.
(3)
رواه الدارمي (38).
(4)
رواه الطبراني في الأوسط (1430).
قلت: هو من شيوخ البخاري ومن فوقه من رجال الصحيحين واللَّه أعلم.
آخر المجلس السادس بعد المائتين وهو السادس والخمسون من تخريج أحاديث المختصر.
[المجلس السابع والخمسون]
قال المملي رضي الله عنه:
أخبرني عبد اللَّه بن عمر الأزهري أخبرنا أحمد بن عبيد أخبرنا عبد اللطيف بن عبد المنعم (ح).
وقرأت على فاطمة بنت محمد الصالحية بها عن إبراهيم بن صالح الحلبي أخبرنا يوسف بن خليل الحافظ قالا أخبرنا خليل بن بدر قال الأول: إجازة والثاني: سماعا أخبرنا أبو علي الحداد أخبرنا أبو نعيم حدثنا أبو بكر بن خلاد حدثنا الحارث بن أبي أسامة حدثنا يعلى بن عباد حدثنا عبد الحكم عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يخطب إلى جذع فلما اتخذ المنبر حَنَّ الجذع فاحتضنه فسكن، فقال:"لَوْ لَمْ احْتَضِنْه لَحَنَّ إِلى يَوْمِ القِيَامَةِ".
هذا حديث غريب من هذا الوجه، وعبد الحكم هو ابن عبد اللَّه القسملي بصري ضعيف، لكن يقوى حديثه بمتابعاته، ووقع لنا عاليا إليه.
ذكر حديث جابر.
أخبرني أبو الحسن بن أبي بكر الحافظ أخبرنا محمد بن إسماعيل الأنصاري أخبرنا المسلم بن علان أخبرنا أبو علي المكبر أخبرنا أبو القاسم الكاتب أخبرنا أبو علي الواعظ أخبرنا أبو بكر بن مالك أخبرنا عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي حدثنا ابن أبي عدي حدثنا سليمان التيمي عن أبي نَضْرَةً عن جابر بن عبد اللَّه رضي الله عنهما قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يخطب إلى أصل شجرة أو إلى جذع ثم اتخذ المنبر، فحن الجذع حتى سمع أهل المسجد حنينه، حتى أتاه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم[فمسحه فسكن] فقال بعضهم: لو لم يأته لحن إلى يوم القيامة (1).
(1) رواه أحمد (3/ 306).
هذا حديث صحيح أخرجه ابن ماجه عن بكر بن خلف عن ابن أبي عدي، فوقع لنا بدلا وعاليا بالنسبة لاتصال السماع، وأخرجه ابن حبان من طريق معتمر بن سليمان التيمي عن أبيه، والبعض المبهم [أظنه] أنس بن مالك فإن سليمان التيمي ممن سمع منه، وقد ثبت ذلك من حديث أنس مرفوعا كما تقدم، فعلى هذا فالقائل فقال بعضهم هو سليمان التيمي ويحتمل غير ذلك.
قرأت على فاطمة بنت محمد بن أحمد التنوخية بدمشق عن أبي الفضل بن أبي الطاهر أخبرنا محمود واسماء وحميراء أولاد إبراهيم بن سفيان إجازة مكاتبة قالوا أخبرنا أبو الخير الباغبان أخبرنا أبو بكر السمسار أخبرنا أبو إسحاق بن خرشيد قوله حدثنا الحسين بن إسماعيل المحاملي حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني حدثنا عمرو بن محمد هو العنقزي حدثنا إسرائيل (ح). (1)
وبالسند الماضى إلى الدارمي أخبرنا فروة بن أبي المغراء أخبرنا يحيى بن زكريا هو ابن أبي زائدة عن أبيه كلاهما عن أبي إسحاق عن سعيد بن أبي كريب عن جابر قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يخطب إلى خشبة فلما وضع المنبر حنت الخشبة حنين الناقة الخلوج إلى ولدها، فوضع النبي صلى الله عليه وسلم يده عليها فسكنت. لفظ إسرائيل (2).
هذا حديث صحيح أخرجه أحمد عن يحيى بن آدم عن إسرائيل (3)، فوقع لنا بدلا عاليا. والخلوج بفتح المعجمة وضم اللام وآخره جيم هي التي اختلج ولدها أي انتزع منها.
وبه إلى الدارمي حدثنا محمد بن كثير حدثنا سليمان بن كثير عن
(1) رواه ابن ماجه (1417).
(2)
رواه الدارمي (35).
(3)
رواه أحمد (3/ 293).
الزهري عن سعيد بن المسيب [عن جابر] قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقوم إلى جذع قبل أن يجعل المنبر، فلما جعل المنبر حَنَّ ذلك الجذع حتى سمعنا حنينه، فوضع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يده عليه فسكن (1).
وبه إلى الدارمي حدثنا محمد بن كثير حدثنا سليمان بن كثير عن يحيى بن سعيد عن حفص بن عبيد اللَّه بن أنس عن جابر فذكر نحوه (2).
هذا حديث صحيح بالإسنادين جميعا. أما الإسناد الأول فغريب من حديث الزهري، ما رأيته إلا من رواية سليمان بن كثير عنه، وقد ذكر الدارقطني في العلل أن سليمان بن كثير روى هذا الحديث عن يحيى بن سعيد [عن سعيد بن المسيب، وأن الصواب رواية من رواه عن يحيى بن سعيد] عن حفص بن عبيد اللَّه انتهى.
قلت: ورواية الدارمي تبين أن سليمان رواه عن يحيى على الصواب. وأما الإسناد الثاني فأخرجه البخاري من رواية سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد عن حفص (3)، وقال في موضع آخر قال سليمان: عن يحيى بن سعيد فذكره (4) فاحتمل أن يكون سليمان الذي ذكره هو ابن بلال الذي وصله من طريقه أو ابن كثير الذي أوردناه من عند الدارمي، وأخرجه البخاري أيضا من رواية محمد بن جعفر بن أبي كثير عن يحيى بن سعيد عن ابن أنس عن جابر (5). قال أبو مسعود في الأطراف: إنما قال البخاري عن ابن أنس لأن محمد بن جعفر بقلبه فيقول عبيد اللَّه بن حفص وإنما هو حفص بن عبيد اللَّه فابهمه البخاري فرارا من الخطأ.
(1) رواه الدارمي (33 و 1570).
(2)
رواه الدارمي (34).
(3)
رواه البخاري (3585).
(4)
قاله بعد الحديث (918).
(5)
رواه البخاري (918).
قلت: وقد أخرجه أبو نعيم في المستخرج من طريق محمد بن مسكين عن سعيد بن أبي مريم شيخ البخاري فيه عن محمد بن جعفر فقال عبيد اللَّه بن حفص كما ذكر أبو مسعود، وأخرج البخاري حديث جابر في حنين الجذع أيضا مطولا من طريق عبد الواحد بن أيمن عن أبيه عن جابر (1)، وأخرجه أبو نعيم من الطريق التي قدمناها ومن طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن وأبي صالح السمان وأبي الزبير أيضًا كلهم عن جابر واللَّه أعلم.
آخر المجلس السابع بعد المائتين وهو السابع والخمسون من تخريج أحاديث المختصر.
(1) رواه البخاري (3584).
[المجلس الثامن والخمسون]
قال المملي رضي الله عنه:
ذكر حديث سهل بن سعد.
وبالسند الماضى إلى الدارمي أخبرنا عبد اللَّه بن يزيد أخبرنا المسعودي عن أبي حازم عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال: لما كثر الناس بالمدينة جعل الرجل يجيء وجعل القوم يجيئون فلا يكادون يسمعون كلام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حتى يرجعوا من عنده، فقال له الناس: إن الناس قد كثروا وإن الجائي يجيء فلا يكاد يسمع كلامك، قال:"فَما شِئْتُمْ" فأرسل إلى غلام امرأة من الأنصار نجار فعمل له منبرًا مرقاتين أو ثلاثا، فكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يجلس عليه ويخطب عليه، فلما فقدته الخشبة التي كان يقوم عندها حنت، فقام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فوضع يده عليها. فسكنت (1).
هذا حديث حسن أخرجه الطبراني من طريق عاصم بن علي عن المسعودي (2).
وقع لنا بعلو من حديث المسعودي واسمه عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن عتبة بن عبد اللَّه مسعود وكان صدوقا [و] لكنه ممن اختلط. وقد أخرج الحديث في إتخاذ المنبر دون. كما في آخره من الزيادة في الحنين الشيخان وغيرهما من رواية ابن عيينة وغيره عن أبي حازم (3)، وأخرجه أبو نعيم في الدلائل من وجه آخر عن ابن عيينة وفيه الزيادة. وأخرجه أحمد من رواية عبد العزيز بن
(1) رواه الدارمي (1573).
(2)
رواه الطبراني في الكبير (5977) وكذلك رواه أبو نعيم في الدلائل (ص 343) وأحمد (5/ 331).
(3)
رواه البخاري (377 و 448 - 917 و 2094 و 2569) ومسلم (544).
أبي حازم عن أبيه بقصة إتخاذ المنبر، وفي آخره قيل لسهل فما يتحدث الناس به من شأن الجذع؟ فقال: قد كان من أمره الذي كان (1).
ووقع لنا من وجه آخر عن سهل بن سعد.
أخبرني أبو عبد الرحمن عبد اللَّه بن خليل الصالحي بها أخبرنا أحمد بن محمد الزبداني أخبرنا محمد بن إسماعيل الخطيب عن فاطمة بنت سعد الخير سماعا قالت: أخبرنا زاهر بن طاهر أخبرنا محمد بن عبد الرحمن أخبرنا محمد بن أحمد أخبرنا أبو يعلى حدثنا كامل هو ابن طلحة حدثنا ابن لهيعة عن عمارة بن غزية أنه سمع العباس بن سهل بن سعد يحدث عن أبيه قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يخطب إلى خشبة فذكر الحديث نحو رواية أبي حازم، لكن قال فيه: فواللَّه ما هو إلا أن قعد عليه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وفقدته الخشبة فخارت كخوار الثور حتى فزع الناس وأكثروا الدعاء، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"انْزَعُوهَا فَاجْعَلوُهَا تَحْتَ المِنْبِر".
هذا حديث حسن أخرجه إسحاق بن راهويه عن عبد المهيمن بن العباس بن سهل بن سعد عن ابيه مختصرا، وطرقه يقوي بعضها ببعض، والزيادة التي في آخره، تقدم ما يوافقها في حديث أنس من رواية إسحاق بن أبي طلحة عنه حيث قال في آخره: فأمر به فدفن (2).
ذكر حديث أبي بن كعب.
وبالسند الماضى إلى الدارمي أخبرنا زكريا بن عدي حدثنا عبيد اللَّه بن عمرو وهو الرقي (ح).
وأخبرنا أبو الحسن الجوزي وأبو علي الجيزي كلاهما عن ست الوزراء التنوخية قال كل منهما: إجازة إن لم يكن سماعا قالت: أخبرنا الحسين بن أبي
(1) رواه أحمد (5/ 339).
(2)
ومن طريق أبي يعلى رواه أبو نعيم في الدلائل (ص 344).
بكر أخبرنا أبو زرعة بن أبي الفضل أخبرنا أبو الحسن السلار أخبرنا أبو بكر الحيري حدثنا أبو العباس الأصم أخبرنا الربيع بن سليمان أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد كلاهما عن عبد اللَّه بن محمد بن عقيل عن الطفيل بن أبي بن كعب عن أبيه رضي الله عنه قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يخطب إلى جذع في المسجد، وكان المسجد عريشا فقيل له: ألا نجعل لك منبرا تقوم عليه يراك الناس ويسمع من خطبتك؟ فأمر بعمل المنبر، فلما وضع موضعه الذي وضعه فيه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وجاء رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يريده، فلما جاوز ذلك الجذع خار حتى تصدع وانشق، فرجع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فمسحه فسكن، فلما هدم المسجد أخذ ذلك الجذع أبي بن كعب، فلم يزل عنده حتى بلى وأكلته الأرضة وعاد رفاتا (1).
هذا حديث حسن أخرجه أحمد عن زكريا بن عدي والبيهقي عن الحيري (2)، فوافقناهما فيهما بعلو، وكأن أخذ أبي له عند هدم المسجد ليوسع في زمن عمر أو عثمان، فاستخرجه من مكانه للصيانة [له] أو للتبرك به واللَّه أعلم.
آخر المجلس الثامن بعد المائتين وهو الثامن والخمسون من تخريج أحاديث المختصر.
(1) رواه الدارمي (36).
(2)
رواه أحمد (5/ 137) وأبو نعيم في الدلائل (ص 342 - 343) والبيهقي في الدلائل (2/ 67).
[المجلس التاسع والخمسون]
قال المملي رضي الله عنه:
ذكر حديث أبي سعيد.
أخبرنا الشيخ أبو إسحاق بن كامل سماعا عليه بالقاهرة وقرأت على أبي العباس أحمد بن علي بن يحيى بدمشق قالا: أخبرنا أبو العباس الصالحي أخبرنا أبو المنجى البغدادي أخبرنا أبو الوقت أخبرنا أبو الحسن البوشنجي أخبرنا أبو محمد السرخسي أخبرنا عيسى بن عمر أخبرنا الدارمي أخبرنا عبيد اللَّه بن سعيد حدثنا أبو أسامة حدثنا مجالد عن أبي الوداك عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن يقوم إلى لزق جذع يخطب إليه، فأتاه رجل رومي فقال له: ألا أصنع لك منبرا تجلس عليه؟ فصنع له هذا المنبر الذي ترون، فلما فقده الجذع حن كما تحن الناقة إلى ولدها، فأتاه فوضع يده عليه فسكن، فأمر به أن يحفر له ويدفن (1).
هذا حديث حسن أخرجه أبو بكر بن أبي شيبة في مسنده عن أبي أسامة، فوقع لنا موافقة عالية. وأخرجه ابن أبي عاصم عن ابن أبي شيبة ومن طريقه أبو نعيم في الدلائل (2).
وأبو الوداك بفتح الواو وتشديد الدال المهملة وآخره كاف اسمه جبر بفتح الجيم وسكون الموحدة ابن نوف بفتح النون وسكون الواو آخره فاء كوفي صدوق والراوي عنه بضم الميم وتخفيف الجيم مجالد بن سعيد الهمداني كوفي كثير الحديث، لكن فيه ضعف وحسن حديثه لشواهده.
ذكر حديث بريدة.
(1) رواه الدارمي (37).
(2)
رواه أبو نعيم في الدلائل (ص 343 - 344).
وبه إلى الدارمي حدثنا محمد بن حميد حدثنا تميم بن عبد المؤمن حدثنا صالح بن حيان عن ابن بريدة عن أبيه رضي الله عنه قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا خطب قام فأطال القيام وكان يشق عليه قيامه، فأتي بجذع فحفر له في المسجد وأقيم إلى جنبه، فكان إذا خطب قام إليه واتكأ عليه، فرآه رجل كان قد قدم المدينة، فقال: لو أعلم أن محمدا يجيبني إلى شيء لصنعت له شيئا يرفق به، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"ائْتوُني بِهِ" فأتؤه به فأمره فصنع له هذا المراقي التي في منبر المدينة، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم عليها، فوجد بذلك راحة، فلما فقده ذلك الجذع حن كما تحن الناقة، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم فوضع يده عليه فقال:"مَا شِئْتَ إنْ شِئْتَ غَرَسْتُكَ في المَكَانِ الَّذي كُنْتَ فِيهِ، فَتَكوُنَ كَمَا كَنُتَ، وإِنْ شِئْتَ أَنْ اغْرسَكَ في الجَنَةِ فَتَشْرَبَ مِنْ أنْهَارهَا وَعُيُونِها فَيَحْسُنُ نَبْتُكَ وَتُثْمِرُ فَيَأْكُلُ مِنْكَ أَوْلَيَاء اللَّهِ وَعِبَادُهُ الصَّالِحوُنَ فَعَلتُ" فزعم ابن بريدة عن أبيه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "نَعَمْ قَدْ فَعَلْتُ" مرتين فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إِنَّهُ اخْتَارَ أَنْ اغْرِسَهُ فِي الْجَنَّةِ"(1).
هذا حديث غريب واسناده ضعيف. وصالح بن حيان بمهملة وتحتانية ثقيلة كوفي ضعيف والراوي عنه لم أر من ترجمه ولا أعرف له راويا إلا محمد بن حميد وهو رازي من الحفاظ وقد تكلموا فيه، وخولف تميم شيخه في صحابي هذا الحديث كما سأذكره.
ذكر حديث عائشة.
أخبرني عبد اللَّه بن عمر بن علي عن زينب بنت أحمد بن عبد الرحيم أن يوسف بن خليل أخبرهم في كتابه أخبرنا خليل بن أبي الرجاء أخبرنا الحسن بن أحمد أخبرنا أحمد بن عبد اللَّه أخبرنا الطبراني في الأوسط حدثنا أحمد بن محمد بن أحمد الجواربي حدثنا عمي علي بن أحمد حدثنا قبيصة بن عاتبة حدثنا حبان بن علي حدثنا صالح بن حيان عن عبد اللَّه بن بريدة عن
(1) رواه الدارمي (32).
عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقوم إلى جذع فذكر نحو حديث ابن بريدة عن أبيه بطوله، لكن ليس بتمامه.
وبه قال الطبراني: لم يروه عن صالح بن حيان إلا حبان بن علي ولا عنه إلا قبيصة ولا عنه إلا علي بن أحمد تفرد به أحمد (1).
قلت: إن أراد بقيد كونه عن عائشة قبل وإلا رد برواية الدارمي السابقة. وحبان بن علي بكسر المهملة وتشديد الموحدة كوفي ضعيف كشيخه واللَّه أعلم.
آخر المجلس التاسع بعد المائتين وهو التاسع والخمسون من تخريج أحاديث المختصر.
(1) رواه الطبراني في الأوسط (ص 84 مجمع البحرين) وأبو نعيم في الدلائل (ص 344 - 345).
[المجلس الستون]
ثم حدثنا سيدنا ومولانا قاضى القضاة شيخ الإسلام نفع اللَّه المسلمين ببركته وبركة علومه آمين.
قال: وفي دعوى الطبراني أن شيخه أحمد تفرد به عن عمه نظر فقد أخرجه أبو نعيم في الدلائل قال أخبرنا محمد بن علي المؤذن إجازة أخبرنا أبو محمد بن صاعد حدثنا علِى بن أحمد الجواربي فذكره.
ذكر حديث أم سلمة.
أخبرني الإمام أبو محمد بن أبي الفتح الكناني عن يوسف بن عبد الرحمن الحافظ أخبرنا محمد بن أبي بكر العامري أخبرنا أبو القاسم الحرستاني أخبرنا محمد بن الفضل الصاعدي في كتابه أخبرنا البيهقي أخبرنا أبو عبد اللَّه الحافظ ومنصور بن عبد الوهاب قال الأول: أخبرنا أبو علي الحافظ حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن وقال الثاني: حدثنا أبو عمرو بن حمدان حدثنا عمران بن موسى قالا: حدثنا تميم بن المنتصر حدثنا إسحاق الأزرق حدثنا شريك عن عمار الدهني عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: كان لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خشبة يستند إليها إذا خطب، فصنع له منبر أو كرسي، فلما فقدته الخشبة حنت حنين الناقة حتى سمعها أهل المسجد، فنزل إليها فاحتضنها فسكنت (1).
هذا حديث حسن أخرجه ابن أبي عاصم عن تميم بن المنتصر على الموافقة ومن طريقة أبو نعيم. وأخرجه أبو نعيم أيضا من طريق عمرو بن أبي قيس ومن طريق معلى بن هلال كلاهما عن عمار الدهني، وعمار صدوق أخرج له مسلم.
(1) رواه البيهقي في دلائل النبوة (6/ 563) من غير هذه الطريق.
ذكر طريق أخرى لحديث جابر فيها تسمية النجار الذي صنع المنبر.
قرئ على فاطمة بنت محمد بن قدامة وأنا أسمع عن أبي نصر بن العماد أخبرنا عبد الحميد بن عبد الرشيد في كتابه أخبرنا الحافظ أبو العلاء العطار أخبرنا أبو علي الحداد أخبرنا أبو نعيم أخبرنا الطبراني في الأوسط حدثنا محمد بن الفضل السقطي حدثنا العلاء بن سلمة الهذلي حدثنا شيبة أبو قلابة حدثنا الجريري عن أبي نضرة عن جابر بن عبد اللَّه رضي الله عنهما قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يخطب إلى جذع نخلة يتكئ عليها، فقيل له: إن الإسلام قد تناهى وكثر الناس وتأتيك الوفود من الآفاق، فلو أمرت بصنعة شئ تشخص عليه فيراك الناس، فقال لرجل:"أَتَصْنَعُ المِنْبَر؟ " فقال: نعم إن شاء اللَّه، قال:"مَا اسْمُكَ؟ " قال: "مَا اسْمُكَ؟ " قال: إبراهيم، قال:"أَنْتَ صَاحِبُهُ" فانطلق فصنع المنبر، فلما قام عليه النبي صلى الله عليه وسلم خار ذلك الجذع خوار الثور، فنزل إليه النبي صلى الله عليه وسلم فلمسه فسكن، فقال:"وَالَّذِي نَفْسي بيَدِهِ لَوْ تَرَكْتُهُ لَحَنَّ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ"(1).
وبه قال الطبراني: لم يروه عن الجريري إلا شيبة أبو قلابة.
قلت: الجريري اسمه سعيد بن إياس بصري ثقة، لكنه اختلط أخيرًا، والراوي عنه لم يذكره أحد ممن صنف في الكنى إلا الدولابي، فإنه أخرج له بهذا الإسناد حديثا غير هذا، وقال إنه بصري قيسي (2). ولم أر له في تاريخ البخاري ولا كتاب ابن أبي حاتم ذكرا ولا للراوي عنه.
ذكر طريق لحديث سهل بن سعد أصح إسنادا مما مضى.
وبالإسناد المذكور آنفا إلى البيهقي قال أخبرنا عبد الخالق بن علي بن عبد الخالق حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن خنب ثنا أبو إسماعيل الترمذي ثنا أيوب بن سليمان بن بلال حدثني أبو بكر بن أبي أويس حدثنا سليمان بن
(1) رواه الطبراني في الأوسط (ص 85 مجمع البحرين).
(2)
الكنى (2/ 84) للدولابي.
بلال حدثنا سعد بن سعيد الأنصاري عن عباس بن سهل بن سعد الساعدي عن أبيه رضي الله عنه قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقوم يوم الجمعة إذا خطب إلى خشبة ذات فرضتين أراها من دوم، وكان يتكئ عليها ويستند اليها، فقال له أصحابه إن الناس قد كثروا فلو أمرت بمنبر تقوم عليه يراك الناس، قال:"مَا شِئْتُمْ" قال سهل: ولم يكن بالمدينة إلا نجار واحد، فانطلقت أنا وذلك النجار إلى الغابة، فقطعناه من أثلته، فلما صعد النبي صلى الله عليه وسلم عليه حنت الخشبة حنين الناقة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"أَلَا تَعْجَبُونَ لِهَذِهِ الْخَشَبَةِ؟ " فرق الناس وكثر بكاؤهم، فنزل إليها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فوضع يده عليها فسكنت، فأمر بها فدفنت تحت المنبر أو جعلت في السقف (1).
هذا حديث صحيح رجاله رجال مسلم، وهو متابع قوي لرواية ابن لهيعة الماضية.
وقوله: أو جعلت في السقف شك من الراوي، وكونها جعلت تحت المنبر موافق للأحاديث المتقدمة فهو أولى واللَّه أعلم.
آخر المجلس العاشر بعد المائتين وهو الستون من تخريج أحاديث المختصر.
(1) رواه البيهقي في الدلائل (2/ 559 - 560) بغير هذا الإسناد عن أبي إسماعيل الترمذي.
[المجلس الحادي والستون]
قال المملي رضي الله عنه:
وأما تسليم الغزالة فمشتهر في الألسنة وفي المدائح النبوية، ولم أقف لخصوص السلام على سند، وإنما ورد الكلام في الجملة.
وبالسند الماضى إلى البيهقي قال: باب كلام الظبية إن صح الخبر.
أخبرنا أبو عبد اللَّه الحافظ إجازة أخبرنا محمد بن علي بن دحيم حدثنا أحمد بن حازم بن أبي غرزة حدثنا علي بن قادم حدثنا أبو العلاء خالد بن طهمان عن عطية عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بظبية مربوطة إلى خباء فقالت: يا رسول اللَّه حلني حتى أذهب فأرضع خشفي ثم أرجع فتربطني، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"صيد قوم وربيطه قوم" ثم أخذ عليها فحلفت، فحلها، فلم تمكث إلا قليلا حتى رجعت وقد نفضت ضرعها، فربطها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ثم جاء أصحابها، فاستوهبها النبي صلى الله عليه وسلم منهم، فوهبوها له، يعني فأطلقها ثم قال:"لو تعلم البهائم من الموت ما تعلمون ما أكلتم منها سمينا أبدا"(1).
هذا حديث غريب أخرجه الحاكم في الإكليل هكذا، وعلي بن قادم وشيخه وشيخ شيخه كوفيون شيعيون فيهم مقال، وأشدهم ضعفا عطية، ولو توبع لحكمت بحسنه.
وقد وقعت لي هذه القصة بإسناد أقوى من هذا ينتهي إلى تابعي، نسب ذلك لعيسى بن مريم عليهما السلام.
أخبرني الشيخ أبو إسحاق التنوخي أخبرنا أحمد ومحمد ابنا أبي بكر بن طرخان قالا أخبرنا أبو العباس النابلسي أخبرنا يحيى بن محمود أخبرنا
(1) رواه البيهقي في الدلائل (6/ 34).
الحسن بن أحمد أخبرنا أحمد بن عبد اللَّه حدثنا أبو علي الصواف حدثنا هارون بن يوسف حدثنا محمد بن أبي عمر حدثنا سفيان بن عيينة عن مالك يعني ابن دينار قال: عيسى بن مريم عليهما السلام بظبية مشدودة فذكر مثله سواء حتى الكلام الأخير، فهذه علة للخبر المرفوع، لكن يجوز تعدد القصة. وقد ورد كلام الظبية من طرق أخرى أشد وهاءً من الأول.
وبه إلى أبي علي بن الصواف حدثنا بشر بن موسى حدثنا عمرو بن علي الفلاس حدثنا يعلى بن إبراهيم الغزالي حدثنا الهيثم بن جماز عن أبي كثير عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: كنت مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في بعض سكك المدينة فمررنا بخباء أعرابي، فإذا ظبية مشدودة فقالت: يا رسول اللَّه إن هذا الأعرابي صادني فلا هو يذبحني فأستريح ولا هو يتركني فأذهب ولي خشفان في البرية وقد تعقد هذا اللبن في أخلافي، فقال لها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"إن أطلقتك ترجعي؟ " فقالت: نعم وإلا عذبني اللَّه عذاب العشار، قال: فأطلقها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فذهبت ثم رجعت وهي تلخط، فلم نلبث أن جاء الأعرابي ومعه قربة، فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"أتبيعها مني؟ " قال: هي لك يا رسول اللَّه، قال: فأطلقها فأنا واللَّه رأيتها وهي تسيح في البرية وهي تقول: أشهد أن لا إله إلا اللَّه وأن محمد رسول اللَّه.
هذا حديث غريب أخرجه البيهقي عن أبي بكر الحيري عن حامد الهروي عن بشر بن موسى (1)، فوقع لنا عاليا بدرجة. وأخرجه الخطيب في تلخيص المتشابه عن أبي علي بن شاذان عن أبي علي بن الصواف، فوقع لنا بدلا عاليا. والهيثم بن جماز بصري ضعيف، والراوي عنه مقل لم أر فيه تعديلا، وأبو كثير لم يذكره أحد ممن صنف في الكنى ولا وقفت له على ترجمة سوى قول الخطيب هو والراوي عنه مجهولان، وهذا بناه على ما وقع في روايته، فإنه وقع عنده فيها الهيثم بن حماد بالحاء والدال المهملتين وفرق بينه
(1) رواه البيهقي في الدلائل (6/ 34 - 35) ورواه أبو نعيم في الدلائل (ص 320).
وبين الهيثم بن جماز البصري الضعيف الذي بالجيم والزاي، وأيا ما كان فالإسناد ضعيف.
وأخبرنا أبو هريرة بن الذهبي وأم يوسف الصالحية قراءة عليها وإجازة من الأول قالا: أخبرنا يحيى بن محمد بن سعد قال الأول: سماعا والأخرى: إجازة عن الحسن بن يحيى أخبرنا عبد اللَّه بن رفاعة أخبرنا الخلعي أخبرنا عبد الرحمن بن عمر حدثنا سعيد بن الفضل حدثنا [محمد بن] عثمان بن أبي شيبة (ح).
وبالسند الماضى إلى الطبراني في الأوسط حدثنا محمد بن عثمان حدثنا إبراهيم بن محمد بن ميمون حدثنا عبد الكريم بن هلال عن صالح المري عن ثابت البناني عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فذكر نحو حديث أبي سعيد دون الكلام الأخير.
قال الطبراني: لم يروه عن ثابت البناني إلا صالح المري تفرد به عبد الكريم انتهى (1).
وصالح ضعيف الحديث، والراوي عنه ضعفه الازدي، وفي محمد بن عثمان مقال أيضا مع أنه كان من الحفاظ.
وفي الباب عن أم سلمة أخرجه الطبراني في الكبير، وإسناده في الوهي كالذين قبله (2)، ولم يخرج البيهقي في الدلائل غير حديثي أبي سعيد وزيد بن أرقم واللَّه أعلم.
آخر المجلس الحادي عشر بعد المائتين وهو الحادي والستون من تخريج أحاديث المختصر.
(1) رواه الطبراني في الأوسط (ص 320) مجمع البحرين ومن طريقه أبو نعيم في الدلائل (ص 321).
(2)
رواه الطبراني في الكبير (ج 23 رقم 763).
[المجلس الثاني والستون]
قال المملي رضي الله عنه:
قلت: (1) ذكر بعض من خرج أحاديث المختصر من المتأخرين (2) أن حديث كلام الظبية أخرجه ابن أبي خيثمة عن ابن الأصبهاني عن شريك عن عمر بن عبد اللَّه بن يعلى بن مرة عن أبيه عن جده قال: رأيت من النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة أشياء فذكرها، وهي قصة الصبي الذي به لمم واجتماع الشجرتين ثم افتراقهما وشكوى البعير، قال: ورواه من طرق أخرى وفيه: أنه مر بظبية مشدودة قال: فذكر نحو ما سبق. وقد راجعت تاريخ ابن أبي خيثمة فلم أجد للظبية ذكرا في شيء من حديث يعلى، وقد استوعب الطبراني طرق حديث يعلى وليس في شيء منها ذكر الظبية.
وأما قول ابن الحاجب: (وإفراد الإقامة) فمراده وتثنيتها لقوله في آخر المسألة: لو كان الأمران سائغين، وقد أفصح بذلك في المختصر الكبير فقال: وإفراد الاقامة وتثنيتها.
فأما الإفراد فأخبرني أبو بكر بن العز الفرضى أخبرنا أبو بكر بن الرضى وأحمد بن علي الجزري قالا: أخبرنا محمد بن إسماعيل بن أبي الفتح عن فاطمة بنت سعد الخير سماعا قالت: أخبرنا زاهر بن طاهر أخبرنا محمد بن عبد الرحمن أخبرنا أبو عمرو النيسابوري حدثنا أبو يعلى حدثنا إبراهيم بن الحجاج حدثنا وهيب وحدثنا جعفر بن مهران حدثنا عبد الوارث قالا: حدثنا أيوب (ح).
(1) في النسختين الأخريين "تنبيه" بدت "قلت".
(2)
يقصد الزركشي في المعتبر (ص 119) بتحقيقنا.
وأخبرنا الشيخ أبو إسحاق التنوخي أخبرنا أحمد بن أبي طالب وإسماعيل بن يوسف سماعا على الأول وإجازة من الثاني قالا: أخبرنا عبد اللَّه بن عمر بن علي بن زيد قال الأول: إجازة والثاني: سماعا أخبرنا أبو الوقت أخبرنا أبو الحسن بن المظفر أخبرنا أبو محمد بن أعين أخبرنا عيسى بن عمر أخبرنا الدارمي حدثنا أبو الوليد وعفان قالا: حدثنا شعبة (ح).
وأخبرنا أبو هريرة بن الذهبي وفاطمة بنت المنجى إجازة من الأول وقراءة على الأخرى [قال: أخبرنا أبو نصر بن العماد وأبو محمدين عساكر] قال الأول: سماعا والأخرى إجازة قالا: أخبرنا محمد بن عبد الواحد المديني في كتابه أخبرنا إسماعيل بن علي أخبرنا أبو مسلم النحوي أخبرنا أبو بكر بن المقري حدثنا مأمون بن هارون حدثنا الحسين بن عيسى حدثنا قبيصة حدثنا سفيان الثوري قالا: حدثنا خالد الحذاء كلاهما عن أبي قلابة عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: أمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة. وفي رواية عبد الوارث أن يثني الأذان ويفرد الإقامة (1).
هذا حديث صحيح متفق على صحته أخرجه الستة وغيرهم من طرق متعددة إلى خالد وأيوب (2).
وأخرجه أحمد والشيخان من رواية إسماعيل بن علية عن خالد الحذاء به. قال إسماعيل: فحدثت به أيوب فقال: إلا الإقامة (3). ومراد أيوب بذلك أنه في رواية أبي قلابة عن أنس لا أنه قال من قبل نفسه، وكأنه لم يسمع الاستثناء من أبي قلابة، وقد بين ذلك حماد بن زيد فرواه عن
(1) رواه أبو يعلى (2792 و 2804) والدارمي (1196).
(2)
رواه البخاري (603 و 605 و 606 و 3457) ومسلم (378) وأبو داود (508 و 509) والترمذي (193) والنسائي (2/ 3) وابن ماجه (729 و 730). وأحمد (3/ 103) وعبد الرزاق (1794) وغيرهم.
(3)
رواه أحمد (3/ 189) والبخاري (607) ومسلم (378) وغيرهم.
سماك بن عطية عن أيوب عن أبي قلابة بالزيادة، أخرجه الشيخان (1). ووقع لنا من وجه آخر عن أيوب عن أبي قلابة بالزيادة بغير واسطة. فلعله حملها عن أبي قلابة بعد أن حدثه بها سماك بن عطية، فإنه ذكر أن سماك المذكور مات قبل أبي قلابة (2).
أخبرني أبو بكر بن إبراهيم بن أبي عمر عن أبي عبد اللَّه بن الزراد أخبرنا أبو علي البكري أخبرنا أبو روح البزاز أخبرنا أبو القاسم المستملي أخبرنا أبو سعد النيسابوري أخبرنا أبو طاهر محمد بن الفضل حدثنا جدي أبو بكر بن خزيمة حدثنا محمد بن رافع حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس رضي الله عنه قال: كان بلال يثني الأذان ويفرد الإقامة إلا قولى قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة.
هكذا أخرجه ابن خزيمة في صحيحه، وأخرجه أبو عوانة في صحيحه من طريق عبد الرزاق أيضا (3).
وبالسند الماضى إلى الخلعي أخبرنا الحسن بن جعفر بن القاسم أخبرنا الحسن بن رشيق حدثنا أحمد بن داود حدثنا العباس بن الوليد حدثنا وهيب حدثنا أيوب وخالد عن أبي قلابة عن أنس قال: أمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بلالا أن يشفع الأذان ويفرد الإقامة.
هذا حديث صحيح أخرجه النسائي بهذا اللفظ عن قتيبة [عن عبد الوهاب الثقفي عن أيوب وحده (4).
(1) رواه البخاري (605) ولم يروه مسلم فإنه سبق قلم من الحافظ رحمه الله. كما سيأتي.
(2)
ما بين المعكوفين ليس في الأصل، وإنما هو من النسختين الأخريين.
(3)
رواه ابن خزيمة (375) وأبو عوانة (1/ 328).
(4)
رواه النسائي (2/ 3).
وأخرجه الحاكم من طريق قتيبة] وقال: صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه بهذا اللفظ (1).
يريد التصريح بأن النبي صلى الله عليه وسلم هو الآمر بذلك، وهو كما قال، فان الشيخين إنما أخرجاه بلفظ: أمر بلال واللَّه أعلم.
آخر المجلس الثاني عشر بعد المائتين وهو الثاني والستون من تخريج أحاديث المختصر.
(1) رواه الحاكم (1/ 198) وما بين المعكوفين سقط من الأصل وهو في النسختين الأخريين.
[المجلس الثالث والستون]
قال المملى رضي الله عنه
أخبرنا أبو على محمد ين محمد بن الأمين أخبرنا أبو العباس الصالحي أم محمد بنت سعد قالا أخبرنا الحسين بن أبي بكر أخبرنا أبو الوقت أخبرنا عبد الرحمن بن محمد أخبرنا عبد اللَّه بن أحمد أخبرنا محمد بن يوسف حدثنا محمد بن إسماعيل (ح).
وأخبرني أبو الحسن على بن أحمد المرداوي عن زينب بنت الكمال حضورا وإجازة أن إبراهيم بن محمود أخبرهم في كتابه أخبرنا أبو الحسين يوسف أخبرنا أبو غالب الباقلاني أخبرنا أبو علي بن شاذان أخبرنا محمد بن عبد اللَّه الصفار حدثنا سماك بن عطية عن أيوب بن أبي قلابة عن أنس رضي الله عنه قال: أمر بلال أن يشفع الأذان وأن يوتر الإقامة إلا الإقامة.
أخرجه البخاري وأبو داود عن سليمان بن حرب على الموافقة (1). وأخرجه مسلم عن خلف بن هشام عن حماد بن زيد (2) فوقع لنا بدلا عاليا. ووقع لنا من وجه آخر أعلى من الطرق المتقدمة.
أخبرنا أحمد بن أبي بكر بن عبد الحميد فى كتابه وقرأت على أبي الحسن بن [أبي] المجد كلاهما عن يحيى بن محمد بن سعد قال الأول: سماعا والثاني: إجازة أخبرنا جعفر بن علي أخبرنا السلفي أخبرنا أبو عبد اللَّه الثقفي أخبرنا علي بن محمد بن خلف حدثنا محمد بن عبد اللَّه الشافعي حدثنا موسى بن سهل حدثنا إسماعيل بن علية حدثنا خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أنس قال: أمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة.
(1) البخاري (605) وأبو داود (508).
(2)
رواه مسلم (378) لكن حماد عنده عن خالد الحذاء عن أبي قلابة به.
أخرجه أحمد عن إسماعيل (1)، فوقع لنا [موافقة عالية. وأخرجه البخاري عن علي بن عبد اللَّه. ومسلم عن يحيى بن يحيى. وأبو داود عن حميد بن مسعدة ثلاثتهم عن إسماعيل (2)، فوقع لنا] بدلا عاليا.
وفي الباب عن عبد اللَّه بن زيد رائي الأذان وبلال وسعد القرظ وأبي محذورة المؤذنين وعن علي بن أبي طالب وعبد اللَّه بن عمر وسلمة بن الأكوع وجابر وأبي رافع وأبي هريرة وأبي جحيفة.
أما حديث عبد اللَّه بن زيد بن عبدربه فأخبرني أبو المعالي الأزهري أخبرنا أبو العباس الحلبي أخبرنا أبو الفرج الحراني أخبرنا أبو محمد الحربي أخبرنا أبو القاسم الشيباني أخبرنا أبو علي التميمي أخبرنا أبو بكر القطيعي حدثنا عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل حدثني أبي حدثنا يعقوب حدثنا أبي هو إبراهيم بن سعد حدثنا محمد بن إسحاق حدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن محمد بن عبد اللَّه بن زيد حدثني [أبي] عبد اللَّه بن زيد رضي الله عنه قال: لما أمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بالناقوس يضرب به للناس للجمع في الصلاة أطاف بي وأنا نائم رجل معه ناقوس، فقلت: يا عبد اللَّه أتبيع الناقوس؟ قال: فقال: ما تصنع به؟ فقلت: لجمع الناس إلى الصلاة، قال: فقال: ألا أدلك على خير من ذلك؟ فقلت: بلى، قال: تقول: اللَّه أكبر اللَّه أكبر اللَّه أكبر اللَّه أكبر، أشهد أن لا إله إلا اللَّه، أشهد أن لا إله إلا اللَّه، أشهد أن محمدا رسول اللَّه، أشهد أن محمدا رسول اللَّه، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي علي الفلاح، اللَّه أكبر اللَّه أكبر، لا إله إلا اللَّه. قال: ثم استأخر عني غير بعيد، فقال: تقول إذ أقيمت الصلاة: اللَّه أكبر اللَّه أكبر، أشهد أن لا إله إلا اللَّه، أشهد أن محمدا رسول اللَّه، حي على الصلاة، حي على الفلاح، قد قامت الصلاة، قد
(1) رواه أحمد (3/ 189).
(2)
رواه البخاري (607) ومسلم (378) وأبو داود (509).
قامت الصلاة، اللَّه أكبر اللَّه أكبر لا إله إلا اللَّه. قال: فلما استيقظت أتيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فأخبرته بما رأيت، فقال:"إِنَّها لَرُؤْيَا حَقٍّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَقُمْ مَعَ بِلالٍ فَألْقِهَا عَلَيْهِ فَلْيُؤذنْ بِهَا، فَإِنَّهُ أَنْدىَ صَوْتًا مِنْكَ" قال: فقمت مع بلال فجعل يؤذن وألقي عليه. قال: فسمع بذلك عمر بن الخطاب وهو في بيته، فخرج يجر رداءه، فقال: والذي بعثك بالحق لقد رأيت مثل ما أري. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "فَلِلَّهِ الْحَمْدُ".
وأخبرنا به عاليا الشيخ أبو إسحاق التنوخي بالسند الماضى إلى الدارمي حدثنا محمد بن حميد حدثنا سلمة بن الفضل حدثنا محمد بن إسحاق فذكره بطوله، وزاد في آخره بعد قوله "فاللَّه الحمد" وذلك أثبت (1).
هذا حديث حسن صحيح أخرجه ابن خزيمة عن محمد بن عيسى عن سلمة بن الفضل (2). وأخرجه البخاري في كتاب خلق أفعال العباد خارج الصحيح عن عبد اللَّه بن محمد الجعفي. وأخرجه ابن خزيمة أيضا عن محمد بن يحيى الذهلي وأبو داود عن محمد بن منصور الطوسي ثلاثتهم عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد (3)، فوقع لنا بدلا عاليا من الوجهين. وأخرجه الترمذي وابن ماجه من وجهين آخرين عن محمد بن إسحاق. قال الترمذي: حسن صحيح (4)، وقال في العلل المفرد: سألت محمد بن إسماعيل عنه يعني البخاري، فقال: هو عندي صحيح. وقال ابن خزيمة سمعت محمد بن يحيى يقول: ليس في أسانيد حديث عبد اللَّه بن زيد في الأذان أصح من هذا، لأن محمد بن عبد اللَّه بن زيد سمع من أبيه.
قلت: وإنما قال ذلك لأنه جاء من طرق متعددة من رواية المدنيين
(1) رواه أحمد (4/ 43) والدارمي (1190).
(2)
رواه ابن خزيمة (370).
(3)
رواه البخاري في خلق أفعال العباد (180) وابن خزيمة (371) وأبو داود (499).
(4)
رواه الترمذي (189) وابن ماجه (706).
والكوفيين عن عبد اللَّه بن زيد، وقد صحح حديثه أيضا ابن الجارود وابن حبان والدارقطني والحاكم، وأخرجه عن القطيعي على الموافقة (1).
أخبرنا أبو الخير بن أبي سعيد في كتابه وأبو الحسن بن الجوزي قراءة علية قالا: أخبرنا أحمد بن أبي طالب قال الأول سماعا، والثاني إن لم يكن سماعًا فاجازة عن عبد اللطيف بن محمد أخبرنا طاهر بن محمد أخبرنا محمد بن الحسين أخبرنا القاسم بن أبي المنذر أخبرنا علي بن إبراهيم حدثنا محمد بن يزيد حدثنا محمد بن عبيد أخبرنا أبو بكر الحكمي قال: فقال عبد اللَّه بن زيد في ذلك شعرا:
أَحْمَدُ اللَّهَ ذَا الْجَلَالِ وَذَا الإِكْرَامِ
…
حَمْدًا عَلَى الأَذَانِ كَثيرًا
إِذْ أتَانِي بهِ الْبَشْيرُ مِنَ اللَّهِ
…
فَأَكْرمْ بهِ لَدَيَّ بَشيَرًا
فِي لَيَالٍ وَالَى بِهَنَّ ثَلَاث
…
كُلَّمَا جَاءَ زَادَنِي تَوْقِيرًا
آخر المجلس الثالث عشر بعد المائتين وهو الثالث والستون من تخريج أحاديث المختصر من الأمالي.
(1) رواه ابن الجارود (158) وابن حبان (1671) والدارقطني (1/ 241) ولم أره عند الحاكم.
ورواه أيضًا ابن خزيمة (373) والبخاري في خلق أفعال العباد (181) والبيهقي (1/ 390 - 391) والدارمي (1191).
[المجلس الرابع والستون]
قال المملي رضي الله عنه:
ذكر حديث بلال:
قرئ على فاطمة بنت محمد الصالحية [بها] وأنا أسمع عن محمد بن عبد الحميد أخبرنا إسماعيل بن عبد القوي قال: قرئ على فاطمة بنت سعد الخير وأنا أسمع أن فاطمة الجوزذانية أخبرتهم قالت: أخبرنا أبو بكر التاجر أخبرنا الطبراني في الكبير حدثنا محمد بن علي الصائغ حدثنا يعقوب بن حميد حدثنا عبد الرحمن بن سعد بن عمار حدثني عبد اللَّه بن محمد يعني ابن عمار وعمر وعمار أبناء حفص يعني ابن عمر عن آبائهم عن أجدادهم عن بلال رضي الله عنه أنه كان يؤذن للنبي صلى الله عليه وسلم، فذكر الأذان نحو ما تقدم، قال: وكان يقيم للنبي صلى الله عليه وسلم فيفرد الإقامة (1).
هذا حديث غريب أخرجه الدارقطني من رواية الحميدي عن عبد الرحمن بن سعد بهذا الإسناد مطولا (2).
ذكر حديث سعد القرظ.
أخبرني عبد اللَّه بن محمد بن أحمد بن عبيد اللَّه عن عبد اللَّه بن الحسين الأنصاري أخبرنا إبراهيم بن خليل [أخبرنا يحيى بن محمود] أخبرنا أبو عدنان بن أبي نزار أخبرنا محمد بن عبد اللَّه التاجر أخبرنا الطبراني في الصغير حدثنا يحيى بن محمد الحلبي حدثنا هشام بن عمار حدثنا عبد الرحمن بن سعد بن عمار بن سعد القرظ عن أبيه عن جده عن سعد القرظ رضي الله عنه أن بلالا كان يؤذن مثنى مثنى ويتشهد مضعفا وإقامته مفردة (3).
(1) رواه الطبراني في الكبير (1073).
(2)
رواه الدارقطني (1/ 236).
(3)
رواه الطبراني في الصغير (1171).
هذا حديث حسن أخرجه الحاكم من رواية الحميدي عن عبد الرحمن بن سعد مطولا (1)، وعند ابن ماجه بعضه عن هشام بن عمار بهذا الإِسناد على الموافقة، لكن ليس فيه مقصود الباب (2).
ذكر حديث أبي محذورة.
أخبرني أبو الحسن بن أبي بكر الحافظ أخبرنا أبو الحرم بن أبي الفتح أخبرنا عبد المؤمن بن خلف الحافظ أخبرنا يوسف بن خليل الحافظ أخبرنا ناصر بن أحمد (ح).
وأخبرنيه عاليا أبو عبد اللَّه محمد بن محمد بن محمد وعمر بن محمد بن أحمد البالسيان قالا: أخبرنا أبو بكر بن أحمد بن أبي أحمد أخبرنا علي بن أحمد السعدي عن محمد بن معمر بن الفاخر قالا: أخبرنا إسماعيل بن الفضل بن الإخشيد أخبرنا أبو طاهر بن عبد الرحيم أخبرنا أبو الحسن الدارقطني حدثنا أبو بكر الشافعي حدثنا جعفر بن عمد بن الحسن حدثنا يزيد بن عبد العزيز حدثنا إسماعيل بن عياش عن إبراهيم بن عبد العزيز عن أبيه عن جده أبي محذورة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم دعاه فعلمه الأذان مرتين مرتين وعلمه الإقامة مرة [مرة].
هذا حديث غريب أخرجه الدارقطني هكذا (3)، وإسماعيل بن عياش حمصي من كبار الحدثين، لكن في روايته عن غير الشامبين ضعف. وقد روى الشافعي عن إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة أنه سمعه يؤذن الأذان مثنى مثنى ويخبر عن أبيه عن جده بذلك. قال: وسمعته يقيم مرة مرة، وأحسبه يحكي الإقامة خبرا كما يحكي الأذان خبرا إنتهى (4).
(1) رواه الحاكم (3/ 607 - 608).
(2)
رواه ابن ماجه (710).
(3)
رواه الدارقطني (1/ 237).
(4)
رواه الشافعي (159).
وقد أخرجه إسحاق بن راهويه في مسنده عن إبراهيم هذا فذكر الأذان والإقامة عن أبيه عن جده، والضمير في عن جده يعود إلى عبد العزيز. وأخرج البيهقي من وجه آخر عن إبراهيم هذا قال سمعت أبي وجدي يحدثان عن أبي محذورة فذكر الحديث في الأذان والإقامة وأنها مرة مرة، قال: إلا أنه يقول قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة (1).
ذكر حديث علي.
وبهذين الإسنادين إلى الدارقطني حدثنا أبو عبيد القاسم بن إسماعيل حدثنا محمد بن الحارث حدثنا يحيى بن خالد حدثنا عمر بن حفص عن عثمان بن عبد الرحمن عن محمد بن علي عن أبيه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: نزل جبريل عليه السلام بالإقامة مفردة وبين النبي صلى الله عليه وسلم الأذان مثنى مثنى (2).
هذا حديث غريب أخرجه الدارقطني هكذا، وقاله: عثمان بن عبد الرحمن هو الوقاصي متروك.
ذكر حديث ابن عمر.
أخبرني أبو الحسن علي بن محمد الخطيب عن أبي بكر الدشتي أخبرنا يوسف بن خليل الحافظ أخبرنا أحمد بن محمد التيمي أخبرنا الحسن بن أحمد أخبرنا أحمد بن عبد اللَّه أخبرنا عبد اللَّه بن جعفر حدثنا يونس بن حبيب حدثنا أبو داود الطيالسي (ح).
وبالسند الماضى إلى الدارمي حدثنا سهل بن حماد قالا: والسياق لأبي داود حدثنا شعبة قال سمعت أبا جعفر المؤذن يحدث عن مسلم بن المثنى عن عبد اللَّه بن عمر رضي الله عنهما قال: كان الأذان على عهد رسول اللَّه
(1) رواه البيهقي (1/ 414).
(2)
رواه الدارقطني (1/ 241).
-صلى الله عليه وسلم مثنى مثنى والإقامة مرة مرة إلا قوله قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة (1).
هذا حديث حسن أخرجه أبو عوانة في صحيحه عن يونس بن حبيب (2)، فوافقناه بعلو. وأخرجه أصحاب السنن والحاكم من طرق عن شعبة (3)، وأبو جعفر لا يعرف اسمه، وزعم الحاكم أنه عمير بن يزيد الخطمي فوهم في ذلك، فإن شعبة قال في روايته إنه لم يسمع من أبي جعفر المؤذن إلا هذا الحديث، وعنده عن الخطمي عدة أحاديث. ومسلم بن المثنى هو جد أبي جعفر الراوي عنه، واختلف في اسم أبيه فقيل مهران وقيل غير ذلك واللَّه أعلم.
آخر المجلس الرابع عشر بعد المائتين وهو الرابع والستون من تخريج أحاديث المختصر.
(1) رواه أبو داود الطيالسي (331) والدارمي (1195).
(2)
لم أره عنده في باب الأذان.
(3)
رواه أبو داود (510 و 511) والنسائي (2/ 3) ولم يروه غيرهما من أصحاب السنن. ورواه الحاكم (1/ 197 - 198).
[المجلس الخامس والستون]
قال المملي رضي الله عنه:
أخبرني أبو العباس أحمد بن عبد القادر بن عبد الرحمن بن يوسف البعلي بدمشق أخبرنا الحافظ أبو الحجاج المزي أخبرنا عبد الرحمن بن يوسف أخبرنا عبد الرحمن بن إبراهيم (ح).
قال شيخنا وأخبرنا به عاليا أحمد بن علي الجزري عن المبارك بن محمد الخواص قالا أخبرنا أبو الفتح عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن يحيى أخبرنا أحمد بن المظفر أخبرنا الحسن بن أحمد أخبرنا محمد بن العباس حدثنا أحمد بن حرب حدثنا عبد اللَّه بن خيران حدثنا شعبة قال: سمعت أبا جعفر يقول سمعت أبا المثنى يقول: سمعت ابن عمر رضي الله عنهما يقول: كان الأذان على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مثنى مثنى والإقامة مرة [مرة]، غير أنه إذا قال قد قامت الصلاة ثنى بها.
أخرجه أحمد عن محمد بن جعفر وحجاج بن محمد فرقهما كلاهما عن شعبة (1)، وله طريق أخرى عن ابن عمر.
أخبرني الإمام أبو الفضل بن الحسين أخبرني علي بن أحمد البزار أخبرنا علي بن أحمد المقدسي أخبرنا أبو القاسم بن الحرستاني أخبرنا الحسن بن المسلم أخبرنا عبد العزيز بن محمد أخبرنا تمام بن محمد أخبرنا خيثمة بن سليمان (ح).
وأخبرنا به عاليا أبو الخير بن أبي سعيد المقدسي في كتابه أخبرنا أحمد بن أبي طالب عن إبراهيم بن عثمان أخبرنا أبو المظفر أحمد بن محمد أخبرنا
(1) رواه أحمد (5569 و 5560).
المبارك بن عبد الجبار أخبرنا أبو علي بن شاذان أخبرنا أبو عمرو بن السماك قالا: حدثنا عبد الكريم بن الهيثم حدثنا سعيد بن المغيرة الصياد حدثنا عيسى بن يونس عن عبيد اللَّه بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال: كان الأذان على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مرتين مرتين والإقامة مرة مرة.
أخرجه الدارقطني عن ابن السماك (1)، فوقع لنا موافقة عالية. وقال: تفرد به سعيد بن المغيرة ولا بأس به انتهى. وأخرجه أبو عوانة في صحيحه عن محمد بن عامر الرملى عن سعيد بن المغيرة (2)، فوقع لنا بدلا عاليا وهو من زوائده على مسلم. وأخرجه أبو الشيخ في كتاب الأذان عن عبدان حدثنا الحسن بن الصباح حدثنا سعيد بن المغيرة وكان من خيار الناس.
قلت: ووثقه أبو حاتم الرازي وقال: كفى به فضلًا، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: ربما أغرب إنتهى. ومن فوقه من الرواة كلهم من رجال الصحيحين.
ذكر حديث جابر.
أخبرني عبد الكريم بن محمد بن عبد الكريم الحلبي أخبرنا البدر محمد بن أحمد الفارقي حضورا وإجازة أخبرنا محمد بن إبراهيم بن عبد الواحد المقدسي أخبرنا أبو البركات بن ملاعب أخبرنا أبو الفضل الأرموي أخبرنا أبو الغنائم بن المأمون أخبرنا أبو الحسن الدارقطني حدثنا محمد بن علي بن حمزة حدثنا محمد بن حماد الرازي حدثنا عامر بن سياد حدثنا محمد بن عبد الملك عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد اللَّه رضي الله عنهما قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لبلال: "اشْفَعِ الأذَانِ وَأَوْتِرِ الإِقَامَةَ".
وبه قال الدارقطني: لم يروه عن ابن المنكدر إلا محمد بن عبد الملك تفرد به عامر بن سيار.
(1) رواه الدارقطني (1/ 239).
(2)
رواه أبو عوانة (1/ 329).
قلت: وابن عبد الملك ضعيف جدا.
ذكر حديث سلمة بن الأكوع.
أخبرني الشيخ أبو عبد اللَّه بن قوام وفاطمة بنت عبد اللَّه الحورانية قالا أخبرنا أبو بكر بن أحمد المغاري أخبرنا أبو الحسن بن البخاري عن عبد اللَّه بن عمر الصفار أخبرنا الفضار بن محمد العطار أخبرنا أبو منصور محمد بن محمد أخبرنا علي بن عمر الحافظ حدثنا الحسين بن إسماعيل حدثنا أبو حاتم الرازي حدثنا عمر بن علي بن أبي بكر حدثنا محمد بن سعدان حدثنا يزيد بن أبي عبيد عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: كان الأذان على عهد رسول اللَّه- صلى الله عليه وسلم مثني مثني والإقامه فرده (1).
هذا حديث حسن أخرجه البيهقي في الخلافيات عن أبي بكر بن الحارث عن علي بن عمر بهذا الإسناد. وأخرجه من وجه آخر بنحوه عن ابن سعدان وهو عندي لا بأس به.
ذكر حديث أيى رافع.
وبهذا الإسناد إلى علي بن عمر قال: حدثنا أحمد بن عبد اللَّه حدثنا عمر بن شبه حدثنا معمر بن محمد بن عبيد اللَّه بن أبي رافع عن أبيه عن جده عن أبي رافع رضي الله عنه قال: رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ورأيت بلالا يؤذن بين يديه مرتين ويقيم واحدة وحدة (2).
هذا حديث غريب أخرجه ابن ماجة من رواية معمر بن محمد بهذا الإسناد (3) وفي معمر وأبيه مقال واللَّه أعلم.
آخر المجلس الخامس بعد المائتين وهو الخامس والستون من تخريج أحاديث المختصر.
(1) رواه الدارقطني (1/ 241).
(2)
رواه الدارقطني (1/ 241).
(3)
رواه ابن ماجه (732).
[المجلس السادس والستون]
قال المملي رضي الله عنه.
ذكر حديث أبي هريرة.
وبالسند الماضى إلى أبي منصور أخبرنا أبو الحسن الدارقطني حدثنا علي بن الفضل بن طاهر حدثنا عبد الصمد بن الفضل البلخي حدثنا خالد بن عبد الرحمن المخزومي حدثنا كاهل أبو العلاء عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أمر أبو محذورة أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة (1).
هذا حديث غريب تفرد به خالد عن كامل وهما ضعيفان، وحديث أبي جحيفة تأتي الإشارة إليه قريبًا.
ذكر ما جاء في تثنية الإقامة.
أخبرني أبو محمد عبد اللَّه بن محمد بن إبراهيم الخطيب أخبرنا محمد بن إسماعيل بن عبد العزيز أخبرنا عبد العزيز بن عبد المنعم عن عفيفة بنت أحمد قالت قرئ على فاطمة الجوزذاينة وأنا أسمع عن أبي بكر بن ريدة سماعا أخبرنا الطبراني في الكبير حدثنا علي بن عبد العزيز حدثنا حجاج بن منهال (ح).
قال: وحدثنا محمد بن يحيى بن المنذر حدثنا حفص بن عمر (ح).
قال: وحدثنا معاذ بن المثنى حدثنا أبو الوليد (ح).
قال: وحدثنا زكريا بن حمدويه حدثنا عفان (ح).
وأخبرنا أبو العباس بن تميم أخبرنا أبو العباس بن نعمة أخبرنا أبو
(1) رواه الدارقطني (1/ 239).
المنجى بن اللتي إجازة إن لم يكن سماعا أخبرنا أبو الوقت أخبرنا أبو الحسن بن داود أخبرنا أبو محمد السرخسي أخبرنا عيسى بن عمر أخبرنا الدارمي حدثنا حجاج بن منهال وأبو الوليد وسعيد بن عامر قالوا: جميعا وهم خمسة: حدثنا همام حدثنا عامر الأحول حدثني مكحول حدثني عبد اللَّه بن محيريز أن أبا محذورة رضي الله عنه حدثه أن النبي صلى الله عليه وسلم علمه الأذان تسع عشر كلمة والإقامة سبع عشرة كلمة فذكر الأذان بالتربيع والترجع، قال: والإقامة مثنى مثنى (1).
هذا حديث صحيح أخرجه أحمد عن عفان (2)، فوافقناه بعلو. وأخرجه أبو داود عن الحسن بن علي الحلواني عن سعيد بن عامر وحجاج وعفان (3). وأخرجه الترمذي عن أبي موسى بن المثنى. وابن ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة وابن الجارود عن محمد بن يحيى الذهلي وأبو عوانة عن الصغاني والطحاوي عن بكار بن قتيبة وعلي بن عبد الرحمن ستتهم عامر عن عفان (4). وأخرجه ابن خزيمة عن يعقوب بن إبراهيم عن سعيد بن عامر والطحاوي عن ابن أبي داود (5). فوقع لنا بدلا للجميع عاليا في الجميع وأصل هذا الحديث عند مسلم من طريق هشام الدستوائي عن عامر الأحول بهذا الإسناد (6)، لكن لم يذكر فيه الإقامة أصلا، وسائر الطرق عن أبي محذورة ليس فيها ذكر الإقامة، بل في بعضها إفرادها كما تقدم، وجاءت تثنيه الإقامة أيضا من حديث عبد اللَّه بن زيد وبلال وأبي جحيفة وسلمة بن الأكوع على اختلاف عنهم أيضا.
(1) رواه الطبراني في الكبير (6728) والدارمي (1199 و 1200).
(2)
رواه أحمد (3/ 409).
(3)
رواه أبو داود (502).
(4)
رواه التزمذي (192) وابن ماجه (709) وابن الجارود (162) وأبوعوانة (1/ 330 - 331) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 135).
(5)
رواه ابن خزيمة (377) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 135).
(6)
رواه مسلم (379).
أخبرني أبو محمد عبد اللَّه بن محمد بن أحمد بن عبيد الصالحي بها أخبرنا أبو عبد اللَّه بن الزراد إجازة إن لم يكن سماعا أخبرنا أبو علي البكري أخبرنا القاسم بن عبد اللَّه الصغار (ح).
قال شيخنا وأخبرنا به عاليا أبو الحسن البندنيجي في كتابه عن عبد الخالق بن أنجب قالا: أخبرنا أبو الأسعد القشيري قال الأول: سماعا والثاني: إجازة أخبرنا عبد الحميد بن عبد الرحمن أخبرنا عبد الملك بن الحسن أخبرنا أبو عوانة حدثنا عمر بن شبة حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث حدثنا شعبة عن مغيرة عن الشعبي عن عبد اللَّه بن زيد رضي الله عنه قال: سمعت أذان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فكان شفعا شفعًا الأذان والإقامة (1)
هذا حديث فيه انقطاع بين الشعبي وعبد اللَّه بن زيد قاله الترمذي وغيره، وتقدم أن الرواية المتصلة عن عبد اللَّه بن زيد فيها التصريح بإفراد الإقامة، وقد أخرج الترمذي وابن خزيمة من رواية محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عمرو بن مرة [عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عبد اللَّه بن زيد حديث الأذان مطولا وفيه تثنية الإقامة (2)، ومحمد فيه ضعف، وقد خالفه المسعودي عن عمرو بن مرة] فقال عن معاذ بدل عبد اللَّه بن زيد وعبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمع من عبد اللَّه بن زيد ولا من معاذ.
وبالسند الماضى إلى الدارقطني حدثنا أبو عمر القاضى حدثنا ابن الجنيد حدثنا أبو عاصم عن يزيد بن أبي عبيد قال: كان سلمة بن الأكوع إذا لم يدرك الصلاة مع القوم أذن وأقام وثنى الإقامة (3).
(1) رواه أبو عوانة (1/ 331). ولفظه "فكان أذانه وإقامته مثنى مثنى".
(2)
رواه الترمذي (194) وابن خزيمة (380) وما بين المعكوفين ليس في الأصل وزدناه من النسختين الأخريين.
(3)
رواه الدارقطني (1/ 241).
هذا حديث صحيح موقوف، وقد تقدم عن سلمة أن الإقامة فرادى فيمكن الجمع بينهما.
وبه إلى الدارقطني حدثنا محمد بن إسماعيل الفارسي حدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن حماد قال وأخبرنا الثوري عن أبي معشر كلاهما عن إبراهيم عن الأسود قال: أذن بلال وأقام مثنى مثنى (1).
[هكذا أخرجه الدارقطني وقال: لم يسمعه الثوري من أبي معشر، واختلف على حماد وهو ابن أبي سليمان فقال حماد بن سلمة عنه عن ثوبان] بدل بلال أخرجه الطحاوي (2) واللَّه أعلم.
آخر المجلس السادس عشر بعد المائتين وهو السادس والستون من تخريج أحاديث المختصر.
(1) رواه الدارقطني (1/ 242).
(2)
رواه الطحاوي (1/ 136).
[المجلس السابع والستون]
قال المملي رضي الله عنه:
ذكر حديث أبي جحيفة.
قرئ على فاطمة بنت محمد بن عبد الهادي وأنا أسمع عن أبي نصر بن الشيرازي أخبرنا عبد الحميد بن عبد الرشيد في كتابه أخبرنا أبو العلاء العطار أخبرنا أبو علي الحداد أخبرنا أبو نعيم أخبرنا الطبراني في الأوسط حدثنا محمود بن محمد الواسطي حدثنا زكريا بن يحيى حدثنا زياد البكائي حدثنا إدريس الأودي عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه رضي الله عنه قال: أذن بلال للنبي صلى الله عليه وسلم مثنى مثنى وأقام مثل ذلك (1).
وبه قال الطبراني: لم يروه عن إدريس إلا زياد.
قلت: هو ابن عبد اللَّه بن الطفيل كوفي صدوق في المغازي مختلف فيه في غيرها. قال ابن معين: لا بأس به في المغازي وأما في غيرها فلا. وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به، وأطلق جماعة تضعيفه وهو محمود على ما قال ابن معين، وحكى الترمذي عن البخاري عن وكيع قال: زياد مع شرفه يكذب في الحديث. والذي في تاريخ البخاري قال وكيع: زياد أشرف من أن يكذب (2) في الحديث. فلعل لا سقطت من جامع الترمذي. وقد أخرج له البخاري حديثا واحدا عن حميد توبع عليه عنده. وقد اختلف عليه في حديث أبي جحيفة متنا وإسنادا، فأخرجه البيهقي في الخلافيات من وجه آخر عنه عن محمد بن إسحاق عن عون بن أبي جحيفة بلفظ، كان الأذان مثنى مثنى والإقامة فرادى.
(1) رواه الطبراني في الأوسط (ص 60 مجمع البحرين).
(2)
إلى هنا كلام البخاري في التاريخ الكبير (2/ 1/ 360).
والحاصل أن كل من جاء عنه تثنية الإقامة جاء عنه إفرادها من غير عكس، قال: لم يختلف عن أنس في الإفراد ولا عن سعد القرظ، وللعلماء في ذلك طريقان:
إما سلوك طريق الجمع بالحمل على جواز الأمرين، وهذه طريق ابن خزيمة في آخرين ومنهم من جمع بأن حمل تثنية الإقامة على تكرير قد قامت الصلاة، وهذا إن سلم في بعض الروايات لا يسلم في بقيتها، ولا سيما الرواية التي فيها وإلإقامة سبع عشرة كلمة.
وإما سلوك طريق الترجيح، فإن رواة إفرادها أكثر عددا وأثبت أسانيد، ولاسيما حديث أنس، وعليه اقتصر صاحبا الصحيح. ومنه من سلك في الترجيح دعوى النسخ لتأخر قصة أبي محذورة، لكن لا تخلو من نظر واللَّه أعلم.
وأما قول ابن الحاجب: وإفراد الحج، فزاد في المختصر الكبير وقرانه.
وهذه مسألة شهيرة أكثر العلماء القول فيها قديما وحديثا، وأفردها بعضهم بالتصنيف، والسبب في ذلك اختلاف الأحاديث، هل كان النبي صلى الله عليه وسلم مفردًا أو قارنا أو متمتعا؟ وبحسب ذلك اختلفت المذاهب في أي الثلاثة أفضل؟.
(1)
ذكر أحاديث الإفراد.
أخبرني الشيخ أبو عبد اللَّه بن قوام سماعا عليه بالصالحية أخبرنا الحافظ أبو الحجاج المزي وأبو الحسن بن هلال الأزدي وأبو عبد اللَّه العسقلاني قال الأول: أخبرنا محمد بن عبد الرحيم المقدسي وأحمد بن عبد اللَّه الدمشقي وقال الآخران: أخبرنا إبراهيم بن عمر الواسطي قالوا: أخبرنا المؤيد بن محمد قال الأولان: في كتابه وقال الثالث: سماعا عليه أخبرنا هبة اللَّه بن سهل أخبرنا سعيد بن محمد أخبرنا زاهر بن أحمد أخبرنا إبراهيم بن عبد الصمد أخبرنا أبو مصعب أحمد بن أبي بكر الزهري (ح).
وأخبرني أبو المعالي الأزهري أخبرنا محمد بن غالي أخبرنا عبد اللطيف بن عبد المنعم أخبرنا عبد الرحمن بن أحمد أخبرنا هبة اللَّه بن محمد أخبرنا أبو طالب محمد بن محمد أخبرنا أبو بكر الشافعي حدثنا إسحاق بن الحسن الحربي حدثنا القعنبي كلاهما عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم أفرد الحج.
هذا حديث صحيح أخرجه أبو داود عن العقنبي والترمذي وابن ماجه عن أبي مصعب (1). فوقع لنا موافقة عالية بالنسبة لاتصال السماع، وأخرجه أبو عوانة عن الحارث بن أبي مصعب عن أبيه وعن أبي داود عن القعنبي. وأخرجه أحمد عن عبد الرحمن بن مهدي. ومسلم عن يحيى بن يحيى وإسماعيل بن أبي أويس ثلاثتهم عن مالك (2)، فوقع لنا بدلا عاليا للثلاثة. وأخرجه النسائي عن إسحاق بن منصور وأبي قدامة كلاهما عن عبد الرحمن بن مهدي (3). وقد وقع لنا من وجه آخر عن عائشة أعلى بدرجة أخرى.
أخبرني إبراهيم بن محمد الدمشقي أخبرنا أحمد بن أبي طالب أخبرنا أبو المنجى بن اللتي سماعا عليه أخبرنا أبو المعالي بن اللحاس أخبرنا أبو القاسم بن البسري إجازة أخبرنا أبو الحسن بن الصلت أخونا إبراهيم بن عبد الصمد حدثنا خلاد بن أسلم حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن هشام بن عروة عن أبيه وعن علقمة بن أبي علقمة عن أمه كلاهما عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم أفرد الحج.
(1) رواه مالك (1/ 245) وأبو داود (1777) والترمذي (820) وابن ماجه (2964).
(2)
رواه أحمد (6/ 36) ومسلم (1211).
(3)
رواه النسائي (5/ 145) ورواه أبو يعلى (4361) عن عبد الأعلي بن حماد النرسي عن مالك.
هذا حديث صحيح غريب من هذا الوجه، أخرجه الدارقطني عن محمد بن عبد اللَّه بن غيلان والحسين والقاسم ابني إسماعيل المحاملي ثلاثتهم عن خلاد بن أسلم (1). فوقع لنا بدلا عاليا واللَّه أعلم.
آخر المجلس السابع عشر بعد المائتين وهو السابع والستون من تخريج أحاديث المختصر.
(1) رواه الدارقطني (2/ 238).
[المجلس الثامن والستون]
قال المملي رضي الله عنه:
قال الترمذي عقب حديث عائشة: وفي الباب عن جابر وابن عمر.
قلت: وقع لنا عنهما بلفظ حديث عائشة وبغير لفظه ومن حديث عامر بن ربيعة بلفظه ومن حديث جماعة من الصحابة بغير لفظه، منهم ابن عباس وأبو سعيد.
فأما حديث جابر فأخبرني عبد الكريم بن محمد بن عبد الكريم أخبرنا محمد بن أحمد بن خالد حضورا وإجازة أخبرنا محمد بن إبراهيم المقدسي أخبرنا داود بن أحمد أخبرنا محمد بن عمر أخبرنا عبد الصمد بن محمد أخبرنا أبو الحسن علي بن عمر الحافظ حدثنا محمد بن أحمد بن أسد حدثنا جُيَشْ بن مبشر حدثنا يونس بن محمد حدثنا حماد بن زيد حدثنا أيوب عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أفرد الحج.
وبه إلى أبي الحسن الحافظ قال: هذا حديث غريب تفرد به حماد عن أيوب وتفرد به يونس عن حماد ولم يروه عنه إلا حبيش بن مبشر وكان من الثقات.
قلت: هو بمهملة ثم موحدة وآخره شين معجمة مصغر، وأبوه بموحدة وتشديد المعجمة المكسورة والراوي عنه ثقة من الحفاظ وشيخه يونس فمن فوقه من رجال الصحيح، وعجبت للحاكم كيف أغفل استدراكه. وقد رواه الحارث بن أبي أسامة عن يونس بن محمد فخالف جيشًا في الإسناد وفي لفظ المتن.
أخبرني أبو الفرج بن الغزي أخبرنا أبو الحسن المخزومي أخبرنا أبو
الفرج الحراني أخبرنا أبو الحسن الحمال في كتابه أخبرنا أبو علي المقري أخبرنا أبو نعيم في المستخرج حدثنا أبو بكر بن خلاد حدثنا الحارث بن أبي أسامة حدثنا يونس بن محمد حدثنا الليث بن سعد عن أبي الزبير عن جابر رضى اللَّه عنه قال: أقبلنا مع النبي صلى الله عليه وسلم مهلين بالحج مفردا.
وليست هذه علة قادمة لاحتمال أن يكون عند يونس بالإسنادين معا، وطريق الليث أخرجها مسلم عن قتيبة ومحمد بن رمح كلاهما عنه ولفظه بحج مفرد (1)، ووقع لنا من وجه آخر عن جابر.
قرأت على فاطمة بنت المنجى عن سليمان بن حمزة أخبرنا أبو الوفاء بن منده في كتابه أخبرنا أبو الخير الباغبان أخبرنا أبو بكر السمسار أخبرنا إبراهيم بن عبد اللَّه حدثنا الحسين بن إسماعيل حدثنا الحسن بن محمد حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم عن جعفر بن محمد بن علي عن أبيه عن جابر رضى اللَّه عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أفرد الحج.
هذا حديث صحيح أخرجه ابن ماجه عن هشام بن عمار عن عبد العزيز بن أبي حازم وحاتم بن إسماعيل كلاهما عن جعفر (2)، فوافقناه في أحد شيخي شيخه بعلو، وكأنه حمل لفظ حاتم على لفظ عبد العزيز، وإلا فالمحفوظ عن حاتم بلفظ: خرجنا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ننوي الحج لسنا نعرف العمرة. كذلك أخرجه مسلم وغيره في أثناء حديث جابر الطويل في صفة الحج (3). ووقع لنا من وجه آخر عن جابر.
أخبرني أبو بكر بن أبي عمر المقدسي أخبرني أبو بكر بن محمد بن عبد الجبار وأحمد بن علي بن الحسن قالا أخبرنا محمد بن إسماعيل قال قرئ على فاطمة بنت سعد الخير وأنا أسمع عن أبي القاسم المستملي سماعا أخبرنا
(1) رواه مسلم (1213).
(2)
رواه ابن ماجه (2966) قال في الزوائد: إسناد حديث جابر صحيح.
(3)
رواه مسلم (1218).
محمد بن عبد الرحمن أخبرنا محمد بن أحمد أخبرنا أحمد بن علي حدثنا زهير حدثنا محمد بن خازم حدثنا الأعمش عن أبي سفيان عن جابر رضي الله عنه قال: إنما أهل النبي صلى الله عليه وسلم بالحج (1).
هذا حديث صحيح أخرجه البيهقي من طريق العطاردي عن أبي معاوية وهو محمد بن خازم المذكور في روايتنا (2). وهو بالخاء المعجمة.
وأما حديث ابن عمر فأخبرنا الشيخ أبو عبد اللَّه بن قوام بالإسناد الماضى إلى الدارقطني حدثنا أبو عبيد القاسم بن إسماعيل ومحمد بن مخلد قالا: حدثنا علي بن محمد بن معاوية حدثنا عبد اللَّه بن نافع حدثنا عبد اللَّه بن عمر عن نافع عن ابن عمر رضى اللَّه عنهما قال: استعمل النبي صلى الله عليه وسلم عتاب بن أسيد يعني عام الفتح سنة ثمان، فأفرد الحج، ثم استعمل أبا بكر على الحج سنة تسع فأفرد الحج، ثم حج النبي صلى الله عليه وسلم سنة عشر فأفرد الحج، ثم استخلف أبو بكر فبعث عمر فأفرد، ثم حج أبو بكر فأفرد الحج [ثم استخلف [عمر فبعث عبد الرحمن بن] عوف فأفرد الحج] ثم حج عمر سنيه كلها فأفرد الحج، ثم استخلف عثمان فأفرد الحج، ثم حصر فأقام عبد اللَّه بن عباس للناس فأفرد الحج (3).
هذا حديث غريب أخرجه الترمذي عن قتيبة عن عبد اللَّه بن نافع مختصرًا ولفظه أن النبي صلى الله عليه وسلم أفرد الحج هو وأبو بكر وعمر وعثمان (4). وعبد اللَّه بن عمر المذكور في الإسناد هو العمري مكبر الاسم وفيه مقال، وهو أصغر سنا من أخيه عبيد اللَّه الثقة الثبت فهو عكسه في الأمور الثلاثة لأنه مصغر الإسم، وقد وقع لنا الحديث من روايته باختصار.
(1) رواه أبو يعلى (1944).
(2)
رواه البيهقي (5/ 4).
(3)
رواه الدارقطني (2/ 239).
(4)
رواه الترمذي (820).
أخبرني الحافظ أبو الفضل بن الحسن أخبرني أبو الحسن الدمشقي أخبرنا أبو الحسن المقدسي أخبرنا أبو القاسم الحرستاني أخبرنا عبد الكريم بن حمزة أخبرنا عبد العزيز بن محمد أخبرنا تمام بن محمد أخبرنا إبراهيم بن أحمد بن الحسن بن علي بن حسنون ومحمد بن إبراهيم بن سهل بن يحيى البزار ومحمد بن موسى بن إبراهيم القرشي قالوا: حدثنا أحمد بن بشر حدثنا سليمان بن عبد الرحمن حدثنا بقية بن الوليد عن مسلم بن خالد عن عبيد اللَّه بن عمر عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم أفرد الحج.
هذا حديث غريب تفرد به بقية عن مسلم وهو ابن خالد الزنجي الفقيه المكي وهو صدوق في حفظه مقال، وبقية صدوق لكنه يدلس ويسوي وقد عنعنه عن شيخه وعن شيخ شيخه.
وبالسند الماضى إلى الدارقطني حدثنا عبد اللَّه بن محمد بن عبد العزيز (ح).
وبالسند الماضى قبل إلى أبي نعيم حدثنا مخلد بن جعفر وعبد اللَّه بن محمد قال الأول حدثنا جعفر بن محمد والثاني حدثنا محمود بن محمد قال الثلاثة حدثنا الصلت بن مسعود حدثنا عباد بن عباد حدثنا عبيد اللَّه بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال: أهللنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بالحج مفردا (1).
هذا حديث صحيح أخرجه مسلم عن يحيي بن أيوب وعبد اللَّه بن عون كلاهما عن عباد بن عباد (2). فوقع لنا بدلا عاليا. وهذا اللفظ هو المحفوظ عن ابن عمر واللَّه أعلم.
آخر المجلس الثامن عشر بعد المائتين وهو الثامن والستون في تخريج أحاديث المختصر.
(1) رواه الدارقطني (2/ 238).
(2)
رواه مسلم (1230).
[المجلس التاسع والستون]
قال المملي رضي الله عنه:
ولابن عمر حديث آخر أنكر أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين الحج والعمرة، وحديث آخر أن النبي صلى الله عليه وسلم قرن وسأذكرهما بعد.
وأما حديث عامر بن ربيعة فأخرجه البزار بلفظ حديث عائشة وسنده ضعيف (1)
(2)
ذكر أحاديث القران:
أخبرني الشيخ أبو إسحاق التنوخي أخبرنا أبو العباس الصالحي أخبرنا عبد اللَّه بن عمر أخبرنا عبد الأول بن عيسى أخبرنا عبد الرحمن بن محمد أخبرنا عبد اللَّه بن أحمد أخبرنا أبو إسحاق الشاشي أخبرنا أبو محمد الكشي حدثنا هارون بن إسماعيل حدثنا علي بن المبارك حدثنا يحيى بن أبي كثير حدثني عكرمة مولى ابن إسماعيل عن ابن عباس قال: حدثني عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: حدثني رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "أتَانِي اللَّيْلَةَ آتٍ مِنْ رَبِّي وَهُوَ بِالعَقِيقِ أَنْ صَلِّ في هَذَا الْوَادي المُبَارَكِ وَقُلْ عمرَة فِي حَجَّةٍ"(2).
هذا حديث صحيح أخرجه البخاري عن سعيد بن الربيع عن علي بن المبارك وقال في آخره: "وَقُلْ عُمْرَةٌ وَحَجَّةٌ" قال: وقال هارون بن إسماعيل عن علي بن مبارك "عُمْرَةٌ في حَجَّةٍ"(3). وأخرجه أبو عوانة عن ابن مرزوق عن هارون بن إسماعيل. فَوقع لنا بدلا عاليا. وأخرجه البخاري أيضا وأبو داود وابن خزيمة وابن ماجه وابن حبان من طرق عن الأوزاعي عن يحيى بن
(1) رواه البزار (1123 كشف الأستار) وفيه عاصم بن عبيد اللَّه، وهو ضعيف.
(2)
رواه عبد بن حميد في المنتخب من المسند (16).
(3)
رواه البخاري (7343).
أبي كثير قال بعضهم "وَقُلْ عُمْرةٌ في حَجَّةٍ" وقال بعضهم "وَقَالَ عُمْرةٌ فِي حَجَّةٍ" وقال الترمذي بعد إخراج حديث أنس الآتي ذكره: وفي الباب عن عمر وعمران بن حصين. فكانه أشار إلى حديث عمر هذا، ولعمر حديث آخر أنه قال لمن جمع بين الحج والعمرة: هديت لسنة نبيك، أخرجه أبو داود والنسائي (1). وليس في الصراحة كالأول.
وأما حديث عمران بن حصين فقرأت على علي بن محمد الصائغ عن أبي بكر الدشتي أخبرنا يوسف بن خليل الحافظ أخبرنا خليل بن بدر أخبرنا الحسن بن أحمد أخبرنا أحمد بن عبد اللَّه حدثنا عبد اللَّه بن جعفر حدثنا يونس بن حبيب حدثنا سليمان بن داود حدثنا شعبة أخبرني حميد بن هلال قال سمعت مطرف بن عبد اللَّه بن الشخير يحدث عن عمران بن حصين رضي الله عنهما قال: قال لي: ألا أحدثك حديثا لعل اللَّه ينفعك به؟ إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم جمع بين حج وعمرة ثم لم ينه عنه بعد، ولم ينزل قرآن يحرمه (2).
هذا حديث صحيح أخرجه مسلم وابن ماجه والنسائي من طرق عن شعبة (3). وأخرجه أحمد عن محمد بن جعفر عن شعبة (4). فوقع لنا بدلا عاليا. وأخرجه أبو عوانة عن يونس بن حبيب بهذا الإسناد، فوافقناه بعلو.
وأما حديث أنس فأخبرني عبد الواحد بن ذي النون أخبرنا علي بن عمر أخبرنا عبد الرحمن بن مكي أخبرنا السلفي أخبرنا مكي بن منصور أخبرنا أحمد بن (الحسن)(ح).
(1) رواه البخاري (1798) والنسائي (5/ 146 - 148) وابن ماجه (2970) والطيالسي (1002 و 1003).
(2)
رواه أبو داود الطيالسي (1006).
(3)
رواه مسلم (1226) والنسائي (5/ 149).
(4)
رواه أحمد (4/ 427).
وأخبرني أبو الحسن بن أبي المجد عن أبي بكر الدشتي أخبرنا أبو البركات بن رواحة أخبرنا عبد المنعم بن عبد اللَّه أخبرنا عبد الغفار بن محمد أخبرنا أحمد بن الحسن الحيري حدثنا أبو العباس الأصم حدثنا زكريا بن يحيى حدثنا سفيان بن عيينة عن مصعب بن سليم قال: سمعت أنس بن مالك رضي الله عنه يقول: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يهل بالحج والعمرة جميعًا.
هذا حديث صحيح أخرجه أحمد عن وكيع عن مصعب بن سليم (1)، فوقع لنا بدلا عاليا. وأخرجه أبو عوانة عن زكريا بن يحيى، فوافقناه بعلو. وأخرجه أيضا عن أبي إسماعيل الترمذي عن الحميدي عن سفيان، فوقع لنا عاليا بدرجتين.
وبهذين الإسنادين إلى الحيري قال: حدثنا الأصم حدثنا زكريا حدثنا سفيان (ح).
وبالسند الماضى إلى الدارمي أخبرنا يزيد بن هارون كلاهما عن حميد الطويل عن أنس رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم بالبيداء قال: وأنا رديف أبي طلحة يهل بالحج والعمرة جميعا (2).
أخرجه أحمد عن سفيان وعن يزيد (3).
وأخرجه أبو عوانة عن زكريا، فوافقناهما فيهم بعلو. وأخرجه مسلم وأبو داود من طريق هشيم. والترمذي من طريق حماد بن زيد. وابن ماجه من طريق عبد الوهاب الثقفي كلهم عن حميد، زاد هشيم في روايته:
(1) رواه أحمد (3/ 183).
(2)
رواه الدارمي (1930) مختصرًا.
(3)
رواه أحمد (3/ 111) عن سفيان، ولم أر عنده عن يزيد بن هارون في مسند أنس. ثم رأيته في مسند ابن عمر (2/ 41).
وعبد العزيز بن صهيب ويحيى بن أبي إسحاق أنهم سمعوا أنسا (1)، وظاهره أن حميدا سمعه من أنس. لكن جاء عنه من وجه آخر بواسطة بينهما، فيحتمل أن يكون لأجل الزيادة التي في رواية الواسطة واللَّه أعلم.
آخر المجلس التاسع عشر بعد المائتين وهو التاسع والستون من تخريج أحاديث المختصر.
(1) رواه مسلم (1251) وأبو داود (1795) والترمذي (821) وابن ماجه (2969).
[المجلس السبعون]
قال المملي رضي الله عنه:
أخبرني أبو العباس أحمد بن عبد القادر البعلبكي أخبرنا أبو العباس أحمد بن علي الهكاري عن المبارك بن محمد أخبرنا أبو الفتح بن شاتيل أخبرنا أبو بكر بن سوسن أخبرنا أبو علي بن شاذان حدثنا محمد بن العباس حدثنا يحيى بن جعفر حدثنا يزيد بن هارون حدثنا حميد عن بكر بن عبد اللَّه المزني قال: ذكرت لابن عمر رضي الله عنه أن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: أهل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بالحج والعمرة جميعا، فقال: وهَل أنس، إنما أهل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بالحج وحده وأهللنا معه، فلما قدم مكة قال:"مَنْ لَمْ يكن معه هَدْي فَلْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً" فأحللنا، وكان مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم هدي فلم يحل.
هذا حديث صحيح آخرجه أحمد عن يزيد بن هارون (1)، فوافقناه بعلو. وأخرجه البخاري من رواية بشر بن المفضل. ومسلم من رواية هشيم كلاهما عن حميد (2).
وأخبرني أبو العباس أحمد بن علي الهاشمي أخبرنا أبو العباس الصالحي بالسند الماضى إلى الدارمي حدثنا سعيد بن عامر حدثنا حبيب بن الشهيد عن بكر بن عبد اللَّه المزني عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أهل بهما يعني الحج والعمرة، قال: فلقيت ابن عمر قال: إنما أهل بالحج، فرجعت إلى أنس فأخبرته فقال: ما تعدوننا إلا صبيانا (3).
هذا حديث صحيح أخرجه أبو عوانة عن عمار بن رجاء في آخرين
(1) رواه أحمد (4996).
(2)
رواه البخاري (4353 و 4354) ومسلم (1232).
(3)
رواه الدارمي (1931).
كلهم عن سعيد بن عامر، فوقع لنا بدلا عاليا. وأخرجه مسلم عن أمية بن بسطام عن يزيد بن زريع عن حبيب بن الشهيد (1)، فوقع لنا عاليا بدرجتين.
وقد أشكل إنكار ابن عمر هذا مع ورود التصريح عنه بأن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر في حجته. ففي الصحيحين من رواية الزهري عن سالم بن عبد اللَّه بن عمر أن ابن عمر قال: تمتع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بالعمرة إلى الحج، وفيه فبدأ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فأهل بالعمرة ثم أهل بالحج الحديث (2). وكذلك جاء عنه التصريح بالقران.
أخبرني الشيخ أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الواحد أخبرنا أيوب بن نعمت أخبرنا إسماعيل بن محمد عن محمد بن عبد الخالق أخبرنا عبد الرحمن بن أحمد أخبرنا أحمد بن الحسين أخبرنا أبو بكر بن محمد بن إسحاق أخبرنا أحمد بن شعيب أخبرنا محمد بن منصور حدثنا سفيان عن أيوب بن موسى عن نافع أن ابن عمر قرن بين الحج والعمرة، فطاف لهما طوافا واحدا، وقال: هكذا فعل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم (3).
هذا حديث صحيح أخرجه ابن خزيمة عن عبد الجبار بن العلاء عن سفيان (4). وأصله في الصحيح بغير هذا السياق، فلعل إنكار ابن عمر محمول على الجمع في ابتداء الإحرام لأعلى ما انتهى إليه الحال.
ولأنس بن مالك حديث آخر مخرج في الصحيحين من رواية قتادة عنه في عدد ما اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه وعمرته التي مع حجته (5).
(1) رواه مسلم (1232).
(2)
رواه الجاري (1691) ومسلم (1227) والنسائي (5/ 151 - 152).
(3)
رواه النسائي (5/ 225 - 226).
(4)
رواه ابن خزيمة (2743).
(5)
رواه البخاري (1778 و 1779 و 1780 و 3066 و 4148) ومسلم (1253).
وروى الترمذي وغيره من حديث ابن عباس نحوه (1).
ولأحمد من حديث البراء بن عازب قال: اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث عمر فقالت عائشة: لقد علم أنه اعتمر أربعا بالتي مع حجته (2)، ورجال إسناده ثقات مخرج لهم في الصحيح.
فهذه عائشة وابن عمر وهما ممن روى الإفراد كما يثبتان القران، وكذلك جاء عن جابر [وهو] راوي الإفراد أيضا.
قرأت على فاطمة بنت المنجى عن سليمان بن حمزة وهي آخر من حدث عنه عن محمد [بن] عماد الحراني وهو آخر من حدث عنه أخبرنا أبو القاسم بن أبي شريك في كتابه وهو آخر من حدث عنه أخبرنا أبو الحسين بن النقور وهو آخر من حدث عنه بالسماع حدثنا عيسى بن علي بن الجراح قال: قرئ على أبي بكر بن أبي داود وأنا أسمع حدثنا أحمد بن يحيى حدثنا زيد بن الحباب حدثنا سفيان هو الثوري عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر رضى اللَّه عنه قال: حج النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث حجج، حجتين قبل هجرته وحجة بعد هجرته قرن معها عمرة.
هذا حديث حسن أخرجه الترمذي عن عبد اللَّه بن أبي زياد عن زيد بن الحباب (3)، فوقع لنا بدلا عاليا. وقال: رأيت عبد اللَّه بن عبد الرحمن أخرج هذا الحديث في كتبه عن عبد اللَّه بن أبي زياد. وسألت محمدًا يعني البخاري عنه فلم يعرفه. وقال: إنما روى الثوري هذا بإسناد آخر مرسل انتهى.
وكأن المراد بالحجتين قبل الهجرة، ما اطلع عليه جابر وغيره من الأنصار ممن حضر معه بيعة العقبة، وإلا فلا يُظَنُّ به صلى الله عليه وسلم أنه يتخلف عن الحج في
(1) رواه الترمذي (816) وأبو داود (1993) وابن ماجه (3003).
(2)
رواه أحمد (4/ 297).
(3)
رواه الترمذي (814).
إقامته بمكة لا بعد البعثة ولا قبلها واللَّه أعلم (1).
آخر المجلس العشرين بعد المائتين وهو السبعون من تخريج أحاديث المختصر.
(1) بهامش الأصل ما يلي:
لقائل أن يقول: إن ما كان قبل البعثة، فهو من أفعال الجاهلية، فإنهم كانوا لا يحجون الحج المشروع الذي شرعه إبراهيم صلوات اللَّه عليه، بدليل قوله تعالى:{إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ} والنسيء يحلون أشهر الحج عامًا، ويحرمون أشهر الحج عامًا، وقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يوافق أهل الجاهلية قبل البعثة، وبعد البعثة فهو أشد، وكذا ما نقل أنه بعد البعثة حج، ولو كان لنقل مع من كان معه من المسلمين، مع أن داعي النقل في ذلك أشد، خصوصًا عند فرض الحج بالمدينة، وبعد الفتح من المهاجرين من مثل أبي بكر وعمر وعثمان وغيرهم.
فقول المخرج: (فلا يظن به إلى آخره) فيه نظر، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب مخالفة المشركين، بدليل أنهم كانوا يعدون العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور، ويجعلونها حرامًا، فخالفهم النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، وأمر أصحابه أن يعتمروا، فكأنهم ظنوا أنه لم يكن ذكر منه إلا استحبابًا، حتى غضب ودخل على عائشة، وذكر ذلك لها، وكانت الجاهلية تقول: إذا أدبر الدبر، وعفا الأثر، وانسلخ صفر، حلت العمرة لمن اعتمر، حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم:"إن الزمان قد استدار كهيأته يوم خلق اللَّه السماوات".
[المجلس الحادي والسبعون]
قال المملي رضي الله عنه:
ولجابر حديث آخر صريح في القران:
وبالسند الماضى إلى الدارقطني حدثنا محمد بن أحمد بن أسد حدثنا محمد بن عبد الملك الدقيقي حدثنا إسماعيل بن أبان الوراق حدثنا محمد بن أبان هو الجعفي عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر رضي الله عنه قال: قرن النبي صلى الله عليه وسلم بين الحج والعمرة وطاف لهما طوافا واحدا (1).
هذا حديث حسن رجاله موثقون، وفي إسماعيل وشيخه مقال، وقد أخرجه البزار من وجه آخر أحسن من هذا بنحوه عن جابر (2)، ولابن عمر حديث آخر.
أخبرنا الشيخ أبو إسحاق التنوخي أخبرنا أحمد بن أبي طالب وعيسى بن عبد الرحمن سماعا على الأول وإجازة من الثاني قالا أخبرنا عبد اللَّه بن عمر بن علي قال الأول إجازة إن لم يكن سماعا والثاني سماعا أخبرنا عبد الأول بن عيسى قال قرئ على بيبي بنت عبد الصمد وأنا أسمع عن أبي محمد بن أبي شريح سماعا أخبرنا أبو القاسم البغوي حدثنا مصعب بن عبد اللَّه حدثنا مالك عن نافع عن ابن عمر عن حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ورضى اللَّه عنها أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: ما شأن الناس حلوا ولم تحل أنت من عمرتك؟ قال: "إنِّي لَبّدَتُ رَأْسِي وَقَلَّدْتُ هَدْيي فَلا أَحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ".
(1) رواه الدارقطني (2/ 261).
(2)
رواه البزار (1125 كشف الأستار).
هذا حديث صحيح متفق على صحته، أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي من حديث مالك (1)، فوقع لنا عاليا. وفيه دلالة على الجمع الذي تقدم، إن إنكار ابن عمر الجمع بين الحج والعمرة إنما هو في الإبتداء لا فيما آل إليه الحال. ولأنس بن مالك حديث آخر فيه التصريح بالقران من لفظ النبي صلى الله عليه وسلم.
قرأت على فاطمة بنت المنجى عن سليمان بن حمزة أخبرنا محمد بن عبد الواحد الحافظ أخبرنا أبو جعفر الصيدلاني أخبرنا أبو علي المقرئ أخبرنا أبو نعيم حدثنا سليمان بن أحمد حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن عقال حدثنا أبو جعفر النفيلي حدثنا زهير عن أبي إسحاق عن أبي أسماء عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: خرجنا نصرخ بالحج مع النبي صلى الله عليه وسلم، فلما قدمنا مكة أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نجعلها عمرة وقال:"لَوْ اسْتَقْبلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ لَحلَلَتُ، وَلَكِنِّي سُقْتُ الْهَدْيَ وَقَرَنْتُ الحَجَّ وَالْعُمْرَةَ"(2).
هذا حديث حسن أخرجه أحمد عن أحمد بن الملك عن زهير (3). وأخرجه أبو عوانة في صحيحه عن أبي أمية عن أبي جعفر النفيلي، فوقع لنا بدلا لها عاليا. وله شاهد من حديث علي.
قرأت على فاطمة بنت محمد الصالحية بها عن أبي نصر محمد بن محمد أخبرنا عبد الحميد بن عبد الرشيد في كتابه أخبرنا أبو العلاء العطار أخبرنا أبو علي الحداد أخبرنا أبو نعيم أخبرنا الطبراني حدثنا محمد بن علي (ح).
وأخبرنا إبراهيم بن أحمد بن عبد الهادي في كتابه أخبرنا أبو بكر بن
(1) رواه البخاري (1566) ومسلم (1229) وأبو داود (1806) والنسائي (5/ 172) كلهم من طريق مالك (1/ 278). وهو عند البخاري (1697 و 1725 و 4398 و 5916) وابن ماجه (3046) والنسائي (5/ 136) من غير طريقه.
(2)
رواه الطبراني في الأوسط (1073).
(3)
رواه أحمد (3/ 266).
الرضى عن عبد الرحمن بن مكي أخبرنا السلفي أخبرنا أبو عبد اللَّه الرازي أخبرنا أبو القاسم الفارسي أخبرنا أبو أحمد بن الناصح أخبرنا أبو بكر المروزي قالا: حدثنا يحيى بن معين حدثنا حجاج بن محمد (ح).
وأخبرنا به عاليا أبو الحسن بن الجوزي عن أبي بكر بن أحمد بن عبد الدائم أخبرنا سالم بن الحسن أخبرنا نصر اللَّه بن عبد الرحمن أخبرنا أبو علي بن نبهان أخبرنا أبو علي بن شاذان أخبرنا أبو عمر بن السماك حدثنا محمد بن عيسى بن حيان حدثنا الحسن بن قتيبة قالا: حدثنا يونس بن أبي إسحاق عن أبي إسحاق عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: كنت مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه حين أَمَّرَهُ النبي صلى الله عليه وسلم على اليمن، فأصبت معه أَوَاقِي، فلما قدم مكة قال علي: دخلت على فاطمة فإذا هي قد نضحت البيت بنضوح فتخطيته فقالت لي: ما لك؟ فقلت: إني أهللت باهلال النبي صلى الله عليه وسلم، قالت: فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه فأحلوا، قال: فإتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "بِمَ أهْلَلْتَ؟ " قلت: باهلال النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"فَإنِّي سُقْتُ الْهَدْيَ وَقَرَنْتُ" وَذكر باقي الحديث (1).
هذا حديث صحيح أخرجه النسائي عن أحمد بن محمد بن جعفر ومعاوية بن صالح كلاهما عن يحيى بن معين (2)، فوقع لنا بدلا عاليا. وله شاهد في صحيح مسلم من حديث جابر في قصة علي وفاطمة وليس فيه قوله:"وقَرَنْتُ"(3) وفي الإسناد الذي سقت ثلاثة من الصحابة في نسق البراء عن علي عن فاطمة. ولعلي حديث آخر في الجمع بين الحج والعمرة.
(1) رواه الطبراني في الأوسط (ص 150 مجمع البحرين) وهو ليس على شرطه إذ رواه النسائي.
(2)
رواه النسائي (5/ 157 - 158) عن أحمد بن محمد بن جعفر، وأما رواية معاوية بن صالح فهي عنده (5/ 148 - 149) ولكن ليس فيها ذكر فاطمة.
(3)
رواه مسلم (1216).
وبالسند الماضى إلى الدارمي حدثنا سهل بن حماد (ح).
وأخبرني عبد الرحمن بن أحمد البزار أخبرنا أحمد بن منصور الجوهري أخبرنا علي بن أحمد عن أحمد بن محمد أخبرنا الحسن بن أحمد أخبرنا أحمد بن عبد اللَّه حدثنا عبد اللَّه بن جعفر حدثنا يونس بن حبيب حدثنا أبو داود الطيالسي قالا: حدثنا شعبهَ عن الحكم عن علي بن الحسين عن مروان بن الحكم قال: شهدت عليا وعثمان رضي الله عنهما بين مكة والمدينة وعثمان ينهى عن المتعة وأن يجمع بينهما، فلما رأى ذلك علِى أهل بهما جميعا بالحج والعمرة، فقال له عثمان: تراني أنهى الناس عن شيء وأنت تفعله، قال: ما كنت لأدع سنة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لقول أحد من الناس (1).
هذا حديث صحيح أخرجه أحمد عن غندر عن شعبة (2)، فوقع لنا بدلا عاليا. وأخرجه البخاري والنسائي من حديث غندر (3). وأخرجه أبو عوانة عن يونس بن حبيب، فوافقناه بعلو. واللَّه أعلم.
آخر المجلس الحادي والعشرين بعد المائتين وهو الحادي والسبعون من تخريج أحاديث المختصر.
(1) رواه أبو داود الطيالسي (1004) والدارمي (1929).
(2)
رواه أحمد (1139).
(3)
رواه البخاري (1563) والنسائي (5/ 148).
[المجلس الثاني والسبعون]
قال المملي رضي الله عنه:
ولما ذكر الدارقطني في الأفراد حديث البراء عن علي الماضى آنفا أورده عن أحمد بن محمد بن أسد عن جعفر بن أبي عثمان عن يحيى بن معين مختصرا وقال قال جعفر: سألتي أحمد بن حنبل ما عند صاحبك عن حجاج بن محمد فذكرت له هذا الحديث فقال: وددت أني سمعته من حجاج بن محمد بأربع مئة حديث.
قال الدارقطني: هذا حديث غريب من حديث البراء عن علي عن فاطمة رضي الله عنهم، لم يروه عن أبي إسحاق السبيعي إلا ابنه يونس، تفرد به حجاج عن يونس، وكذا قال الطبراني في الأوسط أن حجاج بن محمد تفرد به، وأغفلا جميعا رواية الحسن بن قتيبة التي شقتها، إما لأنها تقع لهما، وإما لشدة ضعف الراوي عنه، والثاني بعيد لعدم توقفهما على ذلك في كثير من الأسانيد.
وجاء عن عائشة رضي الله عنها في المعنى حديث آخر.
قرئ على أم يوسف الصالحية بها وأنا أسمع عن أبي نصر بن مهل أنا أبو محمد بن بنيمان أنا الحسن بن أحمد الهمداني أنا الحسن بن أحمد الأصبهاني أنا أحمد بن عبد اللَّه أنا الطبراني في الأوسط ثنا محمد بن أبان ثنا إسحاق بن وهب العلاف ثنا عمر بن يونس ثنا سليمان بن أبي سليمان عن يحيى بن أبي كثير عن عروة عن عائشة قالت: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: "لَوْلَا أَنَّ مَعِي الْهَدْيَ لأَحْلَلْتُ" وكان قد أهل بعمرة وحج (1).
(1) رواه الطبراني في الأوسط (ص 150 مجمع البحرين) قال في مجمع الزوائد (3/ 237) ورجاله ثقات رجال الصحيح.
وجاء عن جماعة من الصحابة في المعنى سوى من تقدم، منهم سراقة بن مالك.
ققرأت على خديجة بنت إبراهيم بن إسحاق بن سلطان عن القاسم بن عساكر إجازة إن لم يكن سماعا أنا أبو الوفاء بن مندة في كتابه أنا أبو الخير الباغبان أنا عبد الوهاب بن محمد بن إسحاق أنا أبي أنا محمد بن يعقوب البيكندي ثنا إسماعيل بن بشر ثنا مكي بن إبراهيم ثنا داود بن يزيد سمعت عبد الملك بن ميسرة يقول: سمعت النزال بن سبرة يقول: سمعت سراقة بن مالك رضي الله عنه يقول: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "دَخَلَت العُمْرَةُ في الحَجِّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ" قال: وقرن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.
هذا حديث غريب، أخرجه البزار عن إبراهيم بن عبد اللَّه بن الجنيد، والطحاوي عن بكار كلاهما عن مكي (1)، فوقع لنا بدلا عاليا. وقال: تفرد به داود عن عبد الملك هكذا.
قلت: وداود فيه مقال وقد خالفه شعبة ومسعر.
أما حديث شعبة فأخبرني أبو الحسن الخطيب أنا الحافظ أبو محمد البرزالي أنا أبو الحسن بن البخاري أنا ابن طبرزد أنا الحافظ أبو محمد الأنماطي أنا أبو محمد الخطيب الصريفيني (ح).
قال شيخنا: وأنا عاليا أبو عبد اللَّه بن مشرق عن أبي الحسن بن المقير أنا أبو الكرم الشهرزوري في كتابه عن الخطيب أبي محمد أنا أبو القاسم بن حبابة أنا القاسم البغوي ثنا علي بن الجعد ثنا شعبة عن عبد الملك بن ميسرة عن طاووس عن سراقة فذكر الحديث دون ما في آخره (2).
(1) رواه الفحاوي في شرح معاني الآثار (2/ 154) ورواه أيضًا الطبراني في الكبير (6597) ولكن ليس عنده "وقرن رسول اللَّه".
(2)
رواه البغوي في مسند علي بن الجعد (475).
ورواية مسعر أخرجه الطبراني مثل ما قال شعبة (1). وفي سماع طاووس من سراقة نظر.
ومنهم عبد اللَّه بن أبي أوفى.
وبهذا السند الماضى إلى الطبراني في الأوسط ثنا سعيد بن محمد بن المغيرة ثنا سعيد بن سليمان ثنا يزيد بن عطاء عن إسماعيل بن أبي خالد عن عبد اللَّه بن أبي أوفى رضي الله عنهما قال: إنما جمع النبي صلى الله عليه وسلم بين الحج والعمرة لأنه علم أنه لم يكن يحج بعد ذلك (2).
هذا حديث غريب، أخرجه البزار من رواية سعيد بن سليمان (3)، فوقع لنا بدلا عاليا، وقال هو والطبراني: لم يروه عن إسماعيل عن ابن أبي أوفى إلا يزيد، وكذلك قال ابن عدي، وزاد هو والبزار: أن المحفوظ في هذا عن إسماعيل عن عبد اللَّه بن أبي قتادة مرسلا، وزاد فيه [ابن] عدي أنه روي عن ابن عيينة ومروان بن معاوية ويحيى القطان ثلاثتهم عن إسماعيل مثل ما قال يزيد بن عطاء، وأشار إلى أنه لا يثبت عنهم، ويزيد بن عطاء واسطي مشهور وهو مولى أبي عوانة الوضاح من فوق اختلف فيه قول ابن معين فقال: مرة: لا بأس به، وقال مرة: ليس بالقوي، وأخرى: ليس بشيء، ولذا اختلف فيه عن أحمد، وقال ابن عدي: له غرائب ويكتب حديثه، وضعفه مطلقا النسائي وابن حبان واللَّه أعلم.
آخر المجلس الثاني والعشرين بعد المائتين من الأمالي وهو الثاني والعشرون من تخريج أحاديث المختصر.
(1) رواه الطبراني في الكبير (6595).
(2)
رواه الطبراني في الأوسط (ص 150 مجمع البحرين) ورواه أيضًا في الكبير، قال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد (3/ 236) وفيه يزيد بن عطاء وثقه أحمد وغيره وفيه كلام.
(3)
رواه البزار (1124 كشف الأستار) وابن عدي في الكامل (7/ 2728).
[المجلس الثالث والسبعون]
قال المملي رضي الله عنه:
وأما (قوله: وترك البسملة) فيريد ترك قراءتها في الصلاة، وورد ذلك من حديث أنس مع اختلاف كثير عنه، فجاء عنه النفي مطلقا، وجاء عنه نفي الجهر، فيمكن رد الأول إليه، ويؤيده مجيء التصريح بالإسرار عنه، وجاء عنه أيضا التصريح بالجهر، وجاء عنه التردد في المسألة.
فأما رواية الترك المطلق فاشتهرت من رواية قتادة عنه، ثم من رواية الأوزاعي عن قتادة.
أخبرني عبد الرحمن بن أحمد بن المبارك أخبرنا علي بن إسماعيل أخبرنا عبد اللطيف بن عبد المنعم أخبرنا مسعود بن محمد في كتابه أخبرنا الحسن بن أحمد أخبرنا أحمد بن عبد اللَّه حدثنا عبد اللَّه بن محمد بن حيان حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن حدثنا موسى بن عامر حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا الأوزاعي قال: كتب إلي قتادة عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر فكانوا يفتتحون القراءة بالحمد للَّه رب العالمين لا يذكرون (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) في أول القراءة ولا في آخرها.
أخرجه مسلم عن محمد بن مهران عن الوليد بن مسلم (1)، فوقع لنا بدلا عاليا.
وأعله بعضهم بعلتين الأولى تدليس الوليد وتسويته، وليست بواردة لأنه صرح بالتحديث، فانتفى التدليس، وبين أن رواية الأوزاعي عن قتادة مكاتبه فانتفت التسوية، وقد صرح قتادة بالتحديث عن أنس لهذا الحديث وسماعه له منه كما سيأتي فانتفت التسوية.
(1) رواه مسلم (399).
العلة الثانية: إبهام من كتب إلى الأوزاعي بإذن قتادة، لأن قتاده ولد أكمه، فتعين أن يكون أملى على من كتب عنه إلى الأوزاعي، ولم يسم هذا الكاتب، فيحتمل أن يكون مجروحا أو غير ضابط، فلا تقوم به الحجة، وقد روى هذا الحديث جماعة من أصحاب الأوزاعي عنه، فمنهم من عنعنه، ومنهم من أفصح بصورة الحال كما أفصح الوليد. أخرجه أحمد عن أبي المغيرة عبد القدوس بن الحجاج وهو من شيوخ البخاري [في الصحيح عن الأوزاعي] مثل رواية الوليد أسواء، في سياق الإسناد والمتن، لكنه قال قتادة: حدثني أنس (1). وهكذا أخرجه أبو عوانة في صحيحه من طريق بشر بن بكر عن الأوزاعي (2)، وكل ذلك مما يقوي رواية الوليد، وكنت أظن العلة الثانية واردة حتى وقفت على رواية أخرى عن قتادة أصح من رواية الأوزاعي.
قرأت على عبد الرحمن بن عمر بن عبد الحافظ وكتب إلي أخوه عبد اللَّه بن عمر قالا: أخبرنا أبو بكر بن محمد بن عبد الجبار وأحمد بن محمد بن معالي قالا: أخبرنا محمد بن إسماعيل بن أبي الفتح عن فاطمة بنت سعد الخير سماعا قالت: أخبرنا أبو القاسم الشحامي أخبرنا أبو سعيد الأديب أخبرنا أبو عمرو بن حمدان حدثنا أبو يعلى حدثنا محمد هو أبو موسى بن المثنى حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن قتادة عن أنس قال: صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم وخلف أبي بكر وخلف عمر وخلف عثمان رضي الله عنهم فلم يكونوا يستفتحون القراءة ببِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. قال شعبة: قلت لقتادة: أسمعته من أنس؟ قال: نعم سألناه عنه (3).
أخرجه أحمد عن محمد بن جعفر غندر (4). وأخرجه الإسماعيلي عن أبي
(1) رواه أحمد (3/ 223 - 224).
(2)
رواه أبو عوانة (2/ 134 - 135).
(3)
رواه أبو يعلى (3005).
(4)
رواه أحمد (3/ 177).
يعلى، فوافقناهما بعلو. ووقع لي من وجه آخر عن شعبة أعلى بدرجة.
قرأت على فاطمة بنت محمد الصالحية بها عن أبي نصر بن العماد أخبرنا محمود بن إبراهيم العبدي في كتابه قال قرئ على مسعود بن الحسن الثقفي وأنا أسمع أن عبد الوهاب بن مندة أخبرهم عن أبي الحسين الخفاق حدثنا أبو العباس السراج حدثنا يعقوب بن إبراهيم هو الدورقي حدثنا أبو داود هو الطيالسي ووكيع قالا: حدثنا شعبة عن قتادة عن أنس مثل رواية محمد بن جعفر، لكن قال: يفتتحون. أخرجه أحمد عن وكيع (1)، فوافقناه بعلو.
وأما رواية ترك الجهر فقرأت على فاطمة بنت المنجى عن أبي الفضل بن أبي طاهر أخبرنا عمر بن كرم في كتابه أخبرنا أبو الوقت أخبرنا محمد بن عبد العزيز الفارسي أخبرنا أبو محمد بن أبي شريح أخبرنا أبو القاسم البغوي حدثنا علي بن الجعد حدثنا شعبة وشيبان قالا: حدثنا قتادة عن أنس قال: صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان فلم أسمع أحدا منهم يجهر ببِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (2).
أخرجه الدارقطني عن أبي القاسم البغوي (3)، فوافقناه بعلو. وأخرجه ابن حبان عن أحمد بن الحسن الصوفي وغيره عن علي بن الجعد (4).
فوقع لنا بدلا عاليا. وجاء ذلك من غير رواية قتادة عن أنس.
وبالسند الماضى إلى الطبراني في الأوسط حدثنا عبد اللَّه بن محمد [بن سعيد] بن أبي مريم وإبراهيم بن أبي سفيان قالا: حدثنا الغريابي حدثنا سفيان هو الثوري حدثنا خالد هو الحذاء عن أبي نعامة عن أنس رضي اللَّه
(1) بل رواه (3/ 278) عن أبي داود، ورواه (3/ 179 و 275) عن وكيع به.
(2)
رواه البغوي في مسند علي بن الجعد (953).
(3)
رواه الدارقطني (1/ 314 - 315).
(4)
رواه ابن حبان (1790).
عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر لا يجهرون ببِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. أخرجه أحمد من رواية الثوري (1)، وهكذا أخرجه ابن حبان من روايته (2)، لكن وقع عنده عن أبي قلابة بدل أبي نعامة وهو خطأ نبه عليه علي بن المديني وقال: إن يحيى بن آدم وهم فيه على الثوري انتهى.
ومن طريق يحيى بن آدم أخرجه ابن حبان. وأبو نعامة بفتح النون وتخفيف المهملة اسمه قيس بن عباية بفتح المهملة وتخفيف الموحدة وبعد الألف آخر الحروف وهو بصري ثقة واللَّه أعلم.
آخر المجلس الثالث والعشرين بعد المائتين وهو الثالث والسبعون من تخريج أحاديث المختصر.
(1) رواه أحمد (3/ 216).
(2)
رواه ابن حبان (1793).
[المجلس الرابع والسبعون]
قال المملي رضي الله عنه:
وأما التصريح بالإسرار فهو فيما أخبرني أبو العباس أحمد بن الحسن القدسي أخبرنا إبراهيم بن علي القطبي أخبرنا أبو الفرج بن الصيقل عن أبي المكارم اللبان أخبرنا أبو علي المقرئ أخبرنا أبو نعيم في الحلية حدثنا أبو أحمد الأنماطي حدثنا أحمد بن سهل حدثنا علي بن بحر حدثنا سويد بن عبد العزيز حدثنا عمران القصير عن الحسن عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسر ببِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وأبو بكر وعمر (1).
هذا حديث غريب من حديث [سويد عن] عمران. أخرجه ابن خزيمة عن أحمد بن رجاء عن سويد (2). وسويد فيه ضعف، لكن جاء من طريق أخرى عن الحسن.
قرأت على فاطمة بنت محمد بن عبد الهادي عن محمد بن عبد المجيد أنا إسماعيل بن عبد القوي عن فاطمة بنت سعد الخير سماعا قرئ على فاطمة بنت عبد اللَّه بن عقيل وأنا أسمع أن محمد بن عبد اللَّه أخبرهم أنا الطبراني ثنا عبد اللَّه بن وهيب الغزي ثنا محمد بن أبي السري ثنا معتمر بن سليمان عن أبيه عن الحسن فذكر مثله (3).
وأما التصريح بالجهر فتقدم في المجلس العاشر من الكلام على أحاديث المختصر من وجه آخر عن أنس إنكار المهاجرين والأنصار على معاوية حين
(1) رواه أبو نعيم في الحلية (6/ 179).
(2)
رواه ابن خزيمة (498).
(3)
رواه الطبراني في الكبير (739) ورواه الطبراني في الأوسط (ص 70 مجمع البحرين). من طريق أخرى عن سويد.
ترك الجهر بها، وفيه ثم عاد فجهر بها للفاتحة والسورة التي تليها.
وأما ما أخرجه البخاري من طريق جرير بن حازم وهمام عن قتادة قال: سئل أنس عن قراءة النبي صلى الله عليه وسلم فقال: كانت مدا، ثم قرأ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ يمد بسم اللَّه ويمد الرحمن ويمد الرحيم (1)، فلا دلالة فيه لاحتمال أن يكون قصد المثل إذ لم يقيد بالصلاة ولا بأول السورة ثم جاء التقييد بأول السورة من وجه آخر عن أنس أيضا.
أخبرني أبو العباس أحمد بن علي بن عبد الحق الدمشقي بها أنا أبو الحسن علي بن محمد البندنيجي أنا عبد الخالق بن أنجب في كتابه عن وجيه بن طاهر أنا الأستاذ أبو القاسم القشيري (ح).
وقرأت على فاطمة بنت محمد القدسية عن أبي نصر بن الشيرازي أنا أبو الوفاء العبدي في كتابه أنا مسعود بن الحسن الثقفي أنا أبو عمرو بن منده قالا: أنا عمرو بن منده قالا أنا أبو الحسن الخفاف قال أبو القاسم: سماعا وأبو عمرو: إجازة ثنا أبو العباس السراج ثنا هناد بن السري ثنا محمد بن فضيل عن المختار بن فلفل عن أنس قال: أغفي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إغفاءة فرفع رأسه مبتسما، فإما قال لهم وإما قالوا له: مم ضحكت يا رسول اللَّه؟ قال: "أَنْزلَتْ عَلَيَّ آنِفًا سُوَرةٌ" ثم قرأ {بسْمِ اللَّهِ الرحْمِنَ الرحِيمِ إنَّا أعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَر} حتى ختمها، ثيم قال:"أَتَدْرُونَ ما الْكَوْثَرُ؟ " قالوا: اللَّه ورسوله أعلم قال؟ "هُوَ نَهْرُ فِي الجَنَّةِ عَلَيْهِ خَيْرٌ كَثِرٌ حَوْضى، تَرِدُ عَلَيْهِ أُمَّتِي آنِيَتُهُ عَدَدُ الْكَوَاكِبِ".
هذا حديث صحيح، أخرجه أحمد عن محمد بن فضيل. وأبو داود عن هناد (2)، فوافقناهما بعلو. وأخرجه مسلم عن أبي كريب عن محمد بن
(1) رواه البخاري (5045).
(2)
رواه أحمد (3/ 102) وأبو داود (4747).
فضيل، فوقع لنا بدلا عاليا. وأخرجه مسلم أيضا والنسائي من وجه آخر عن المختار (1).
وأما رواية الترديد فأخرجها أحمد من رواية أبي مسلمة سعيد بن يزيد قال: سألت أنس بن مالك: أكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يفتتح الصلاة ببِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أو بالحمد للَّه رب العالمين؟ فقال: إنك لتسألني عن شيء ما أحفظه وما سألني عنه أحد قبلك (2)، وهو حديث صحيح على شرط الشيخين وصححه ابن خزيمة والدارقطني وغيرهما (3). وقد جاء عن أنس الجزم بأحد الأمرين، أخرجه البخاري عن الحوضى عن شعبة عن قتادة عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا يفتتحون القراءة بالحمد للَّه رب العالمين (4). وقد رجح الشافعي هذه الرواية على غيرها وحمل اللفظ على إرادة السورة، ويؤيده ثبوت تسمية الفاتحة بالحمد للَّه رب العالمين، وهو عند البخاري في حديث أبي سعيد بن المعلى (5). وورود الجهر بالتسمية من وجه صحيح من غير حديث أنس.
أخبرني العماد أبو بكر بن إبراهيم بن العز أنبأنا أبو عبد اللَّه بن الزراد مشافهة أنا الحافظ أبو علي البكري أنا أبو روح البزاز أن أبو القاسم المستملي أنا محمد بن محمد بن يحيى الوراق أنا محمد بن الفضل بن محمد بن إسحاق بن خزيمة أنا جدي ثنا محمد بن عبد اللَّه بن عبد الحكم ثنا أبي وشعيب بن الليث (ح).
وبه إلى ابن خزيمة ثنا الذهاب ثنا سعيد بن أبي مريم (ح).
(1) رواه مسلم (400) والنسائي (2/ 133 - 134).
(2)
رواه أحمد (3/ 166).
(3)
سنن الدارقطني (1/ 316).
(4)
رواه البخاري (743).
(5)
رواه البخاري (4474 و 4647 و 4703 و 5006).
وقرأته عاليا على فاطمة بنت محمد المقدسية بالسند الماضى آنفا إلى السراج ثنا أبو الأحوص ثنا يحيى بن بكير قال الأربعة: ثنا الليث بن سعد عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن نعيم المجمر قال: صلى بنا أبو هريرة فقرأ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَن الرَّحيمِ) حتى بلغ (وَلَا الضَّالِّينَ) فقال: "آمين" ويكبر إذا ركع وإذا سجد فلما سلم قال: والذي نفسي بيده إني لأشبهكم صلاة برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم (1).
هذا حديث صحيح، أخرجه النسائي عن محمد بن عبد اللَّه بن عبد الحكم على الموافقة (2). وأخرجه ابن حبان عن ابن خزيمة والدارقطني عن أبي بكر النيسابوري والحاكم عن أبي العباس الأصم كلهم عن ابن عبد الحكم (3). وثبت عن أبي هريرة أنه كان يتبع في الإعلان والإسرار.
وبه إلى أبي العباس السراج ثنا محمد بن رافع أنا عبد الرزاق أنا ابن جريج سمعت عطاء يحدث أن أبا هريرة حدثه قال: في كل صلاة قراءة، فما أعلن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أعلنا لكم، وما أخفى علينا أخفينا عنكم (4).
هذا حديث صحيح، أخرجه أحمد عن عبد الرزاق (5)، فوافقناه بعلو. وأخرجه البخاري من وجه آخر عن ابن جريج (6).
وبه إلى السراج ثنا أبو الأشعث ثنا يزيد بن زريع عن حبيب بن الشهيد عن عطاء عن أبي هريرة فذكر مثله، وزاد: وإن لم تقرأ إلَّا بأمِّ القرآن أجزأت وإن زدت فهو أفضل. أخرجه مسلم عن يحيى بن يحيى عن يزيد بن
(1) رواه ابن خزيمة (499).
(2)
رواه النسائي (2/ 134).
(3)
رواه ابن حبان (1792) والدارقطني (1/ 305 - 306) والحاكم (1/ 232).
(4)
رواه عبد الرزاق (2743).
(5)
رواه أحمد (7682).
(6)
رواه البخاري (772).
زريع (1)، فوقع لنا بدلًا عاليًا واللَّه أعلم.
آخر المجلس الرابع والعشرين بعد المائتين من الأمالي.
وهو الرابع والسبعون من تخريج أحاديث المختصر.
(1) رواه مسلم (396).
[المجلس الخامس والسبعون]
قال المملي رضي الله عنه:
قوله (مسألة يجب العمل بخبر الواحد) إلى أن قال (أنكر أبو بكر خبر المغيرة حتى رواه محمد بن مسلمة).
يريد الحديث الذي أخبرني الشيخ أبو إسحاق التنوخي أنا إسماعيل بن يوسف القيسي في كتابه أنا مكرم بن محمد بن أبي الصقر أنا حمزة بن محمد أنا الشيخ أبو الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي أنا محمد بن جعفر الميماسي أنا الحسن بن الفرج أنا محمد بن وصيف ثنا يحيى بن عبد اللَّه بن بكر (ح).
وأخبرني عبد اللَّه بن عمر الأزهري أنا أحمد بن محمد بن عمر أنا أبو الفرج الحراني أنا أبو محمد الحربي أنا أبو القاسم الشيباني أنا أبو علي التميمي [ثنا] أحمد بن جعفر ثنا عبد اللَّه بن أحمد حدثني مصعب بن عبد اللَّه الزبيري كلاهما عن مالك عن ابن شهاب عن عثمان بن إسحاق بن خرشة عن قبيصة بن ذؤيب قال: جاءت الجدة إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه تسأله ميراثها، فقال: مالك في كتاب اللَّه شيء، وما علمت لك في سنة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم شيئًا، فارجعي حتى أسأل الناس، فسأل الناس، فقال المغيرة بن شعبة حضرت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أعطاها السدس، فقال: هل معك على هذا أحد؟ فقال محمد بن مسلمة مثل ما قال المغيرة، فأنفذه لها أبو بكر (1).
هذا حديث حسن، أخرجه أحمد عن إسحاق بن سليمان وإسحاق بن عيسى. وأخرجه أبو داود عن القعنبي. وابن ماجه عن سويد بن سعيد كلهم عن مالك (2)، فوقع لنا بدلًا عاليًا. وأخرجه الترمذي عن إسحاق بن
(1) رواه مالك (1/ 335).
(2)
رواه أحمد في المسند (4/ 225 - 226) وأبو داود (2894) وابن ماجه (2724).
موسى والنسائي عن هارون بن عبد اللَّه كلاهما عن معن بن عيسى عن مالك (1). وأخرجه الترمذي أيضًا عن ابن أبي عمر عن سفيان بن عيينة عن ابن شهاب قال ابن أبي عمر قال لنا سفيان مرة عن ابن شهاب عن قبيصة ومرة عن ابن شهاب عن رجل عن قبيصة (2)، قال الترمذي: وحديث مالك أصح. وأخرجه النسائي من طريق يونس بن يزيد وشعيب بن أبي حمزة ومعمر والأوزاعي وصالح بن كيسان كلهم عن ابن شهاب عن قبيصة لم يذكروا بينهما واسطة، بل وقع في رواية صالح عن ابن شهاب أخبرني قبيصة. قال النسائي: هذا خطأ والصواب رواية مالك، فإن ابن شهاب لم يسمعه من قبيصة انتهى (3).
وعثمان شيخ ابن شهاب فيه قرشي عامري مدني، قال ابن عبد البر: هو معروف في النسب لكنه غير مشهور بالرواية. وجده بخاء معجمة ثم راء ثم شين معجمة مفتوحات، وقبيصة بن ذؤيب خزاعي لأبيه صحبة، وولد هو في أيام حنين فأدرك من حياة النبي صلى الله عليه وسلم سنتين ونحوا من نصف سنة، وقد ذكر في الصحابة لذلك، ويقال إن له رواية.
قوله (وأنكر عمر خبر أبي موسى في الإستئذان حتى رواه أبو سعيد).
يريد الحديث الذي أخبرني عبد الرحمن بن أحمد بن المبارك أنا علي بن إسماعيل أنا عبد اللطيف بن عبد المنعم أنا أبو الحسن الجمال في كتابه أنا أبو علي الحداد ثنا أبو نعيم ثنا عبد اللَّه بن محمد بن جعفر ثنا الحسن بن محمد الداركي ثنا صالح بن مسمار ثنا النضر بن شميل (ح).
وبالسند المذكور قبل إلى عبد اللَّه بن أحمد حدثني أبي ثنا يحيى بن سعيد قالا: أنا ابن جريج أخبرني عطاء عن عبيد بن عمير أن أبا موسى الأشعري
(1) رواه الترمذي (2101) والنسائي في الفرائض من الكبرى كما في تحفة الأشراف (8/ 361).
(2)
رواه الترمذي (2100).
(3)
انظر تحفة الأشراف (8/ 361 - 362).
استأذن على عمر بن الخطاب رضي الله عنه ثلاثًا. فلم يؤذن له فرجع، ففرغ عمر فقال: ألم أسمع صوت عبد اللَّه بن قيس؟ ائذنوا له، فقالوا: رجع، فدعاه فقال: ما هذا؟ فقال: كنا نؤمر بذلك، فقال: لتأتيني على هذا ببينة، فانطلق إلى مجلس الأنصار فسألهم فقالوا: لا يشهد لك على ذلك إلا أصغرنا، فانطلق أبو سعيد الخدري، فشهد له، فقال عمر لمن حوله: خفي علي هذا من أمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ألهاني الصفق بالأسواق (1).
هذا حديث صحيح، أخرجه مسلم عن محمد بن حاتم عن يحيى بن سعيد القطان (2)، فوقع لنا بدلًا عاليًا. وأخرجه البخاري من طريق مخلد بن يزيد عن ابن جريج (3). وله طرق أخرى عن أبي سعيد وعن أبي موسى رضي الله عنهما.
أخبرني أحمد بن عبد القادر البعلي أنا أحمد بن علي الهكاري أنا المبارك بن محمد في كتابه أنا أبو الفتح بن نجا أنا أبو بكر التمار أنا أبو علي بن شاذان أنا أبو العباس بن نجيح ثنا أحمد بن حرب ثنا عبد اللَّه بن خيران ثنا شعبة عن سعيد الجريري وسعيد بن يزيد (ح).
وقرأته عاليًا على أم الحسن التنوخية عن أبي الفضل بن أبي طاهر أنا محمود وأسماء وحميراء أولاد إبراهيم بن منده إجازة مكاتبة قالوا أنا محمد بن أحمد بن عمر أنا أبو إسحاق الطيان وأبو بكر السمسار قالا: أنا إبراهيم بن عبد اللَّه ثنا الحسين بن إسماعيل المحاملي ثنا يعقوب هو الدورقي ثنا إسماعيل بن علية عن الجريري كلاهما عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال: جاء أبو موسى الأشعري يستأذن على عمر فسلم واحدة فلم يؤذن له، ثم سلم ثانية ثم ثلث ثم انصرف فذكر الحديث نحوه. وقال فيه: لتأتين
(1) رواه أحمد (4/ 400).
(2)
رواه مسلم (2153).
(3)
رواه البخاري (2062).
على ذلك ببرهان أو لأفعلن بك، وليس فيه كلام عمر الأخير.
أخرجه أحمد عن محمد بن جعفر عن شعبة (1)، فوقع لنا بدلًا عاليًا. وأخرجه مسلم عن أحمد بن الحسن عن شبابة عن شعبة (2)، فوقع لنا عاليًا على طريقه بدرجتين وبثلاث واللَّه علم.
آخر المجلس الخامس والعشرين بعد المائتين من الأمالي وهو الخامس والسبعون من تخريج أحاديث مختصر ابن الحاجب.
(1) رواه أحمد (4/ 403).
(2)
رواه مسلم (2153).
[المجلس السادس والسبعون]
[قال المملي رضي الله عنه]:
وجاءت قصة أبي موسى من طرق أخرى.
منها ما أخبرني أبو عبد الرحمن عبد اللَّه بن خليل الحرستاني فيما قرأت عليه بالصالحية أنا أبو العباس الزبداني أنا أبو عبد اللَّه بن أبي الفتح قرئ على أم عبد الكريم بنت أبي الحسن وأنا أسمع قالت أنا أبو القاسم المستملي ثنا أبو سعيد الأديب أنا أبو عمرو النيسابوري أنا أبو يعلى ثنا خلف بن هشام ثنا حماد بن زيد ثنا يحيى بن سعيد عن عبد اللَّه بن سالم أن أبا موسى الأشعري استأذن على عمر رضي الله عنهما، فذكر الحديث، وفيه فقالوا: لا يشهد لك إلا أصغرنا، فقام معه أبو سعيد فشهد له بذلك عند عمر، [فقال عمر]: إنا لا نتهمك ولكن الحديث عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم[شديد].
وجاء أن أبي بن كعب رضي الله عنه شهد لأبي موسى أيضًا.
وبالسند الماضى قريبًا إلى أبي نعيم ثنا عبد اللَّه بن محمد ومحمد بن إبراهيم قالا ثنا أبو يعلى أحمد بن علي ثنا عبد اللَّه بن عمر بن أبان ثنا علي بن هاشم (ح).
وقرأته عاليًا على أم الحسن بنت المنجى بالسند الماضى قبل إلى المحاملي ثنا محمد بن يحيى الأزدي ثنا عبد اللَّه بن داود كلاهما عن طلحة بن يحيى عن أبي بردة عن أبي موسى أنه أستأذن على عمر فقال: يستأذن أبو موسى يستأذن عبد اللَّه بن قيس يستأذن الأشعري فلم يؤذن له، فرجع، فبعث إليه عمر فقال: ما ردك؟ فقال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "يَسْتَأْذِنُ أَحَدُكُمْ ثَلاثًا فَإِنْ أُذِنَ لَهُ وِإِلَّا فَلْيَرْجِعْ" فقال: لتأتيني على هذا ببينه [فذهب ثم جاء] فقال: هذا أُبي، فقال له أُبَي: يا عمر لا تكن عذابًا على أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وزاد
في رواية علي بن هاشم فقال: أنت سمعت هذا من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ [قال: نعم، أبي القائل].
هذا حديث صحيح، أخرجه مسلم عن عبد اللَّه بن عمر بن أبان (1). فوقع لنا موافقة عالية. وأخرجه من طريق الفضل بن موسى عن طلحة بن يحيى أيضًا، فوقع لنا عاليًا بدرجتين بالنسبة للطريق الثانية. وأخرجه أبو داود عن مسدد عن عبد اللَّه بن داود (2)، فوقع لنا بدلًا عاليًا.
قوله (وأنكر يعني عمر خبر فاطمة بنت قيس).
يعني الذي أخبرني الشيخ أبو إسحاق التنوخي أنا أحمد بن أبي طالب أنا عبد اللَّه بن عمر أنا عبد الأول بن عيسى أنا عبد الرحمن بن محمد أخبرنا عبد اللَّه بن أحمد أخبرنا عيسى بن عمر أخبرنا الدارمي حدثنا محمد بن يوسف حدثنا سفيان هو الثوري عن سلمة بن كهيل [عن الشعبي عن فاطمة بنت قيس رضي الله عنها أن زوجها طلقها ثلاثًا فلم يجعل لها النبي صلى الله عليه وسلم نفقة ولا سكنى، قال سلمة بن كهيل] فذكرت ذلك لإبراهيم يعني النخعي فقال: قال عمر: لا ندع كتاب ربنا وسنة نبينا لقول امرأة [فجعل] لها السكني والنفقة (3).
وبه إلى الدارمي قال حدثنا طلق بن غنام حدثنا حفص بن غياث حدثنا الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عمر نحوه (4).
هذا حديث صحيح أخرجه أحمد عن عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان الثوري (5)، فوقع لنا بدلًا عاليًا. وأخرجه مسلم من طريق عبد الرحمن بن
(1) رواه مسلم (2154).
(2)
رواه أبو داود (5181).
(3)
رواه الدارمي (2279) وما بين القوسين ليس في الأصل، زدناه من سنن الدارمي.
(4)
رواه الدارمي (2282).
(5)
رواه أحمد (6/ 411).
مهدي. وأبو عوانة من طريق عبد الرزاق. وابن حبان من طريق مؤمل بن إسماعيل كلهم عن سفيان الثوري. وأخرجه مسلم أيضًا من طريق أبي إسحاق السبيعي عن الشعبي عن فاطمة بنت قيس، قال أبو إسحاق: فسمعه الأسود فقال: قال عمر فذكر نحوه، وزاد: لا ندري حفظت أو نسيت (1)، ودلت رواية الأعمش على أن رواية سلمة فيها قصور، فإن إبراهيم لم يدرك عمر، وإنما حمله عن خاله الأسود بن يزيد عن عمر.
(قوله وأنكرت عائشة خبر ابن عمر).
كذا ذكره غير معين، وعينه في المختصر الكبير فقال: في تعذيب الميت، يعني ببكاء الحي وقد سقت الحديث عن عائشة وابن عمر في ذلك في المجلس السابع والأربعين من هذه الأمالي على المختصر، وورد عن عائشة إنكار على ابن عمر في أخبار غير هذا نذكر ما تيسر منها إن شاء اللَّه تعالى.
آخر المجلس السادس والعشرين بعد المائتين وهو السادس والسبعون من التخريج.
(1) رواه مسلم (1480).
[المجلس السابع والسبعون]
قال المملي رضي الله عنه:
فمن ذلك إنكارها على ابن عمر قوله: إن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر عمرتين وقوله إنه اعتمر أربعًا إحداهن في رجب.
أما الأول فأخبرني الشيخ أبو إسحاق بن كامل أخبرنا إسماعيل بن يوسف بن مكتوم في كتابه أخبرنا عبد اللَّه بن عمر بن علي أخبرنا أبو الوقت أخبرنا أبو الحسن بن داود أخبرنا أبو محمد السرخسي أخبرنا أبو إسحاق الشافعي حدثنا عبد بن حميد حدثنا مالك بن إسماعيل حدثنا زهير بن معاوية عن أبي إسحاق هو السبيعي عن مجاهد عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه سئل كم اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال: اعتمر مرتين، فقالت عائشة رضي الله عنها: لقد علم أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر ثلاثًا سوى التي قرنها بحجة الوداع.
هذا حديث صحيح أخرجه أبو داود عن عبد اللَّه بن محمد النفيلي عن زهير بن معاوية. وأخرجه النسائي عن أبي داود الحراني عن الحسن بن محمد بن أعين عن زهير (1)، فوقع لنا عاليًا، وقد تقدم في المجالس الماضية قريبًا في الكلام على الإفراد والقران إنكار عائشة على البراء بن عازب نحو هذا الذي أنكرته على ابن عمر.
وأما الثاني فأخبرني الشيخ أبو الفرج بن الغزي بالسند الماضى إلى أبي نعيم في المستخرج حدثنا أبو عمرو بن حمدان حدثنا عبد اللَّه بن محمد بن شيرويه حدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا جرير عن منصور عن مجاهد قال: دخلت أنا وعروة بن الزبير المسجد فإذا عبد اللَّه بن عمر جالس في المسجد
(1) رواه أبو داود (1992) والنسائي في المناسك من الكبرى كما في تحفة الأشراف (6/ 26 - 27).
وإذا الناس يصلون الضحى في المسجد، فسألنا ابن عمر عن صلاتهم فقال: بدعة، فسأله عروة كم اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: أربع عمر إحداهن في رجب، يأتي: فكرهنا أن نكذبه أو نرد عليه، فسمعنا استنان عائشة في الحجرة، فقال لها عروة: يا أم المؤمنين ألا تسمعين ما يقول أبو عبد الرحمن؟ فقالت: وما يقول؟ قال: يقول: اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم أربعًا إحداهن في رجب، فقالت: يرحم اللَّه أبا عبد الرحمن [واللَّه] ما اعتمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قط إلَّا وهو معه، وما اعتمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في رجب قط.
هذا حديث صحيح أخرجه مسلم عن إسحاق (1)، فوقع لنا موافقة عالية. وأخرجه البخاري عن عثمان بن أبي شيبة عن جرير (2). وأخرجه أحمد عن يحيى بن آدم عن مفضل بن مهلهل عن منصورين المعتمر نحوه (3).
وكأن ابن عمر نسي العدد أولًا فذكرته عائشة، ثم أخبر بعد التذكر بالواقع وزاد الصفة وهي تعيين الشهر، فأنكرته عائشة أيضًا، فبهذا يجمع بين الحديثين واللَّه أعلم.
ومن ذلك إنكارها على ابن عمر روايته الشهر تسع وعشرون.
أخبرني عبد اللَّه بن عمر بن علي أخبرنا أحمد بن أبي بكر بن طي أخبرنا عبد الرحيم بن يوسف أخبرنا أبو علي المكبر أخبرنا هبة اللَّه بن محمد أخبرنا الحسن بن علي أخبرنا أحمد بن جعفر حدثنا عبد اللَّه بن أحمد حدثني أبي حدثنا يحيى بن سعيد عن محمد بن عمرو عن يحيى بن عبد الرحمن قال: بلغ عائشة رضي الله عنها أن ابن عمر يحدث أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "الشَّهْرُ
(1) رواه مسلم (1255).
(2)
رواه البخاري (4253) ولكن ليس في تلك الرواية صلاة الضحى، وهي المقصودة هنا، وإنما رواه البخاري (1775) عن قتية عن جرير به وبه قضية صلاة الضحى والعمرة.
(3)
رواه أحمد (2/ 155).
تِسْعُ وَعِشْروُنَ" فقالت: إنَّما قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الشَّهْرَ يَكوُنُ تِسْعًا وَعِشْرِين" (1).
هذا حديث حسن أخرجه أحمد من وجه آخر عن عائشة وفي إسناده رجل مبهم (2)، وقد وقع لنا حديث ابن عمر من وجه آخر أصح إسنادًا وأوضح سياقًا وثبت مثل ما روى في الصحيحين عن عمر وعن أنس.
أخبرني أبو عبد اللَّه محمد بن علي البزاعي عن زينب بنت إبراهيم بن إسماعيل بن سالم سماعًا قالت أخبرنا أحمد بن عبد الدائم أخبرنا يحيى بن محمود أخبرنا عبد الواحد بن محمد أخبرنا عبيد اللَّه بن المعتز أخبرنا أبو طاهر بن الفضل أخبرنا جدي أبو بكر بن خزيمة حدثنا علي بن حجر حدثنا إسماعيل بن جعفر (ح).
وأخبرنا به عاليًا أحمد بن خليل المقدسي وفاطمة وعائشة ابنتا محمد بن قدامة سماعًا عليهما ومكاتبة من الأول قالوا أخبرنا أبو العباس بن الشحنة عن أبي الحسن القطيعي أخبرنا أحمد بن محمد بن عبد العزيز أخبرنا الحسن بن عبد الرحمن أخبرنا أحمد بن إبراهيم بن فراس أخبرنا محمد بن إبراهيم الديبلي حدثنا محمد بن أبي الأزهر حدثنا إسماعيل بن جعفر حدثنا عبد اللَّه بن دينار عن ابن عمر قال قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْروُنَ لَيْلَةً، فَإِذَا رَأَيْتموُهُ فَصُومُوا، وَإِذَا رَأَيْتموُهُ فَأفْطِروُا، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكمْ فَاقْدرُوا لَهُ ثَلَاثينَ".
هذا حديث صحيح أخرجه مسلم عن يحيى بن يحيى ويحيى بن أيوب وقتيبة وعلي بن حجر كلهم عن إسماعيل بن جعفر (3)، فوقع لنا موافقة عالية
(1) رواه أحمد (2/ 56 و 6/ 51) ورواه (2/ 31) عن يزيد بن هارون عن محمد بن عمرو به.
(2)
رواه أحمد (6/ 243).
(3)
رواه مسلم (1080).
بدرجة لمسلم في أحد شيوخه، وبدلًا عاليًا بدرجتين بالنسبة لروايتنا الثانية. ودل سياقه على وفق ما قالت عائشة، فلا يتوجه الإنكار إلَّا على ما وقع من الإقتصار واللَّه أعلم.
آخر المجلس السابع والعشرين بعد المائتين وهو السابع والسبعون من تخريج أحاديث المختصر.
[المجلس الثامن والسبعون]
قال المملي رضي الله عنه:
ومن ذلك إنكارها حديث ابن عمر في موت الفجأة.
أخبرني عبد اللَّه بن عمر الهندي عن زينب بنت الكمال قالت: أخبرنا يوسف بن خليل الحافظ في كتابه أخبرنا أبو سعيد بن أبي الرجاء أخبرنا أبو علي المقرئ أخبرنا أبو نعيم أخبرنا الطبراني حدثنا بكر بن سهل حدثنا سعيد بن منصور حدثنا صالح بن موسى حدثنا عبد الملك بن عمير عن موسى بن طلحة قال: بلغ عائشة رضي الله عنها أن ابن عمر رضي الله عنهما يقول: إن موت الفجأة سخطة على المؤمن، فقالت: يغفر اللَّه لابن عمر إنما قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "مَوْتُ الفَجْأةِ تَخْفِيفٌ عَلَى المُؤْمِنينَ وَسَخْطَةٌ عَلَى الكَافِرينَ"(1).
هذا حديث غريب، قال الطبراني: لم يروه عن عبد الملك إلا صالح بن موسى.
قلت: رواته ثقات سوى صالح فهو ضعيف عندهم، وقد جاء عن عائشة نحو هذا من وجه آخر.
أخبرني أبو الحسن بن أبي بكر الحافظ أخبرنا محمد بن إسماعيل بن الحموي أخبرنا علي بن أحمد عن منصور بن عبد المنعم أخبرنا محمد بن إسماعيل أخبرنا أحمد بن الحسين أخبرنا أحمد بن الحسن حدثنا محمد بن يعقوب حدثنا محمد بن إسحاق حدثنا معاوية بن عمرو حدثنا أبو إسحاق هو الفزاري عن عبيد اللَّه بن الوليد عن عبد اللَّه بن عبيد بن عمير قال: سئلت عائشة عن موت الفجأة أيكره؟ فقالت: لأي شيء يكره، سألت
(1) رواه الطبراني في الأوسط (ص 103 مجمع البحرين).
رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: "هُوَ رَحْمَةٌ لِلْمُؤمِنِ وَسَخْطَةٌ عَلَى الكَافِرِ"(1).
هذا حديث غريب أخرجه أحمد عن وكيع عن عبيد اللَّه بن الوليد مختصرًا (2). وعبيد اللَّه بن الوليد متفق على ضعفه. لكن للحديث شواهد. منها حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص.
وبهذا الإسناد المذكور قبل إلى الطبراني حدثنا أحمد بن حماد حدثنا سعيد بن أبي مريم حدثنا ابن لهيعة عن أبي قبيل عن عبد اللَّه بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم تعوذ من سبع موتات منها موت الفجأة (3).
هذا حديث غريب أخرجه البزار من رواية ابن لهيعة (4)، فوقع لنا عاليًا على طريقه بدرجتين أو بثلاث، وقال: تفرد به ابن لهيعة عن أبي قبيل.
قلت: وفيهما ضعف.
ومنها حديث أنس.
أخبرني أبو الفرج بن الغزي أخبرنا أحمد بن منصور أخبرنا أبو الحسن السعدي عن أبي المكارم التيمي أخبرنا الحسن بن أحمد أخبرنا أحمد بن عبد اللَّه حدثنا عبد اللَّه بن جعفر حدثنا يونس بن حبيب حدثنا سليمان بن داود حدثنا درست بن زياد حدثنا يزيد بن أبان عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رجلًا كان عند النبي صلى الله عليه وسلم فسأل عنه، فأخبر أنه مات، فقال:"الَّذي كَانَ عِنْدَنا آنِفًا؟ " قالوا: نعم، ففزع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وقال:"كَأنَّها أخْذَةٌ عَلَى غَضَبٍ".
(1) رواه البيهقي (3/ 379) ولفظه "راحة للمؤمن وأخذ أسف للفاجر".
(2)
رواه أحمد (6/ 136).
(3)
رواه الطبراني في الكبير (ص 25 من قطعة بخط يدي) والأوسط (175).
(4)
رواه البزار (782 كشف الأستار) وكذلك رواه أحمد (6594) وزاد في الإسناد بين أبي قبيل وعبد اللَّه بن عمرو مالك بن عبد اللَّه.
هذا حديث غريب أخرجه أبو يعلى من طريق درست بن زياد (1)، وهو بضم الدال المهملة والراء وسكون السين المهملة بعدها مثناة بصري ضعيف، وكذا شيخه.
ومنها حديث أبي أمامة أن رسول اللَّه-صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ من موت الفجأة، وكان يحب أن يمرض قبل أن يموت. أخرجه الطبراني (2). وفي سنده عثمان الوقاصي وهو متروك.
ومنها حديث ابن مسعود رفعه: "مَا أُحِبُّ أنْ أَمُوتَ مَوْتًا كَمَوْتِ الحِمارِ" قيل: يا رسول اللَّه وما موت الحمار؟ قال: "مَوْتُ الفْجأةِ" أخرجه البيهقي موقوفًا ومرفوعًا وسندًا لمرفوع ضعيف (3).
ومنها حديث أبي هريرة أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مر بجدار مائل فأسرع، فسئل فقال:"أكْرَهُ مَوْتَ الفَوَاتِ" أخرجه أحمد (4). وفي سنده إبراهيم بن إسحاق وهو الذي يقال له إبراهيم بن الفضل وهو ضعيف، ووهم من جعلهما اثنين.
ومنها حديث عبيد بن خالد رفعه مرة ومرة لم يرفعه قال: "مَوْت الفَجْأَةِ أخْذَةُ أَسَفٍ" أخرجه أبو داود هكذا (5). وسنده صحيح، وليس في الباب حديث صحيح غيره. ولا منافاة بينه وبين حديث عائشة، فإن الأسف يجيء بمعنى الغضب، ويجيء بمعنى الندم، وهو المراد هنا، ولعل من رواه بلفظ السخط أو الغضب حمله على المعنى الأول، وهو كذلك في حق الكافر، وأما
(1) انظر المطالب العالية (1/ 229).
(2)
رواه الطبراني في الكبير (7602) وفي مسند الشاميين (3430). وله طريق أخرى عنده (7603) ضعيف.
(3)
انظر سنن البيهقي (3/ 379).
(4)
رواه أحمد (2/ 356).
(5)
رواه أبو داود (3110) ورواه أيضًا أحمد (3/ 424 و 4/ 219) والبيهقي (3/ 378).
المؤمن فيمكن فيه المعنى الثاني بأن يندم على فوقه فعل خير كالوصية وغيرها، ولعل إلى ذلك الإشارة بما في حديث أبي هريرة من تسميته موت الفوات، واللَّه أعلم.
آخر المجلس الثامن والعشرين بعد المائتين وهو الثامن والسبعون من تخريج أحاديث المختصر.
[المجلس التاسع والسبعون]
قال المملي رضي الله عنه:
(قوله التواتر، أنه صلى الله عليه وسلم كان يبعث [ينفذ] الآحاد إلى النواحي لتبليغ الأحكام).
قلت: تخريج الأحاديث لذلك يطول. وفي الصحيحين منها بعث معاذ وبعث أبي موسى وبعث علي إلى اليمن وغير ذلك، وكتب السير المعتمدة كافلة بذلك (1).
(قوله قالوا: توقف في خبر ذي اليدين حتى أخبره أبو بكر وعمر).
قلت: قصة ذي اليدين في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة من طرق متعددة في قصة السهو في الصلاة، وليس في شيء منها التصريح بأن أبا بكر وعمر هما اللذان أخبرا (2). وخرجت في السنن من حديث ابن عمر كذلك (3).
وأصل قصة السهو ورد من طرق أخرى، والذي أشار إليه المصنف موجود في حديث ذي اليدين نفسه وغفل عنه من اعترض عليه (4).
فأما حديث أبي هريرة فأخبرني به أبو الفرج بن حماد أخبرنا يونس بن أبي إسحاق أخبرنا عبد الوهاب بن ظافر في كتابه أخبرنا السلفي أخبرنا
(1) انظر المعتبر (ص 124 - 125) بتحقيقنا.
(2)
رواه البخاري (482 و 714 و 715 و 1227 و 1228 و 1229 و 6051 و 7200) ومسلم (573) وأبو داود (1008) والترمذي (399) وغيرهم.
(3)
رواه أبو داود (1017) وابن ماجه (1213).
(4)
يريد الزركشي في المعتبر (ص 125) بتحقيقنا.
نصر بن أحمد أخبرنا محمد بن أحمد بن أحمد بن رزق حدثنا إسماعيل بن محمد حدثنا محمد بن عبد الملك حدثنا يزيد بن هارون (ح).
وأخبرنا أحمد بن علي بن يحيى أخبرنا أحمد بن نعمت أخبرنا أبو المنجى الحريمي أخبرنا أبو الوقت أخبرنا أبو الحسن بن المظفر أخبرنا عبد اللَّه بن أحمد بن أعين أخبرنا عيسى بن عمر أخبرنا الدارمي أخبرنا يزيد بن هارون أخبرنا ابن عون عن محمد هو ابن سرين (ح).
وأخبرني عبد الرحمن بن أحمد بن المبارك أخبرنا يونس بن إبراهيم بن عبد القوي أخبرنا علي بن الحسين بن علي إجازة إن لم يكن سماعًا عن محمد بن عبيد اللَّه بن الزاغوني أخبرنا أبو نصر الزينبي أخبرنا أبو طاهر المخلص حدثنا يحيى يعني ابن صاعد حدثنا أبو الأشعث حدثنا يزيد بن زريع أخبرنا عبد اللَّه بن عون عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: صلى بنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتي العشي فصلى بنا ركعتين ثم سلم، ثم انطلق إلى خشبة معروضة في مقدم المسجد فقال بيديه عليها هكذا، كأنه غضبان، وخرجت السرعان من أبواب المسجد فقالوا: قصرت الصلاة وفي القوم أبو بكر وعمر، فهاباه أن يسألاه، وفي القوم رجل في يديه طول يسمى ذا اليدين فقال: يا رسول اللَّه أنسيت أم قصرت الصلاة؟ قال: "لَمْ أَنْسَ وَلم تُقْصَرِ الصَّلَاةُ" قال: صليت ركعتين فقال: "أَكَمَا يَقوُلُ ذُو اليَدَيْن؟ " قالوا: نعم، فتقدم فصلى ركعتين فسجد مثل سجوده أو أطول ثم رفع رأسه ثم كبر فسجد مثل ما سجد ثم انصرف (1).
هذا حديث صحيح، أخرجه أحمد عن ابن أبي عدي عن ابن عون. والنسائي عن حميد بن مسعدة عن يزيد بن زريع (2)، فوقع لنا بدلًا عاليًا.
(1) رواه الدارمي (1504).
(2)
رواه أحمد (7200).
وأخرجه البخاري أيضًا ومسلم من طرق أخرى عن ابن سيرين وأبي هريرة (1).
وأما حديث ابن عمر فقرأت على العماد أبي بكر الفرضى بالصالحية عن محمد بن أحمد بن الزراد إجازة إن لم يكن سماعًا أنا الحافظ أبو علي البكري أنا أبو روح البزاز أنا أبو القاسم المستملي أنا أبو سعد الأديب أنا محمد بن الفضل بن محمد بن إسحاق بن خزيمة نا جدي ثنا أبو كريب وبشر بن خالد (ح).
وقرأت على فاطمة بنت المنجى عن سليمان بن حمزة أنا الضياء المقدسي في المختارة أنا زاهر بن أحمد أنا سعيد بن أبي الرجاء أنا أبو طاهر الثقفي أنا أبو بكر بن المقري ثنا جعفر بن أحمد بن سنان ثنا أبي (ح).
وأخبرني الحافظ أبو الفضل بن الحسين أخبرني أبو الحرم بن أبي الفتح قرئ على سيدة بنت موسى وأنا أسمع عن إسماعيل بن عثمان أنا وجيه بن طاهر (ح).
وقرأته عاليًا على محمد بن عبد الرحيم الشروطي عن أبي الحسن البندنيجي أنا عبد الخالق بن أنجب في كتابه عن وجيه أنا أبو القاسم القشيري أنا أبو الحسن الخفاف ثنا أبو العباس السراج ثنا أبو كريب وأبو جعفر المخرمي وعبد اللَّه بن عمر يعني ابن أبان قالوا: أنا أبو أسامة عن عبيد اللَّه بن عمر عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: صلى النبي صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتي العشى ركعتين فقال له ذو اليدين: نسيت يا رسول اللَّه أم قصرت الصلاة؟ قال: "مَا نسِيتُ وَلَا قَصُرَتِ الصَّلَاةُ" قال: فإنك قد صليت ركعتين، فأقبل على القوم فقال:"أَكَمَا يَقُولُ ذوُ اليَدَيْن؟ " قالوا: نعم، فصلى ركعتين ثم كبر فسجد سجدتي السهو (2).
(1) رواه البخاري (482 و 1714 و 715 و 1227 و 1228 و 1229 و 6051 و 7200) ومسلم (573).
(2)
رواه ابن خزيمة (1034).
هذا حديث صحيح، أخرجه أبو داود عن أبي كريب وأحمد بن محمد بن ثابت، وأخرجه ابن ماجه عن أبي كريب وعلي بن محمد الطنافسي كلهم عن أبي أسامة (1)، فوقع لنا موافقة وبدلًا بعلو ولا سيما في الطريق الأخيرة. وأخرجه الدارقطني في الأفراد عن أبي صالح الأصبهاني عن أحمد بن سنان. وقال: هذا حديث غريب تفرد به أبو أسامة عن عبيد اللَّه بن عمر، ولا نعرف حدث به عنه إلا أحمد بن سنان. وتعقبه الضياء في المختارة بعد أن أخرجه من طريقه ومن طريق ابن خزيمة التي أخرجناها ومن طريق أحمد بن القاسم عن أبي أسامة وقال: أنا أتعجب من أبي الحسن مع كثرة معرفته وسعة حفظه كيف يقول: تفرد به أحمد بن سنان مع رواية ثلاثة غيره.
قلت: والعجب من الحافظ الضياء أكثر، فإنَّه أغفل تخريج أبي داود وابن ماجه له وروايتهما نصب عينية في الأطراف. وكذا السراج الذي أخرجناه من طريقه وهو داخل في روايته، وقد اشتملت رواية الثلاثة على أربعة أنفس تزيد على الأربعة التي ذكرها، فسبحان من لا يسهو ولا يذهل.
آخر المجلس التاسع والعشرين بعد المائتين من الأمالي وهو والتاسع السبعون من التخريج.
(1) رواه أبو داود (1017) وابن ماجه (1213).
[المجلس الثمانون]
قال المملي رضي الله عنه:
وذكر ابن عبد البر في التمهيد أن ابن أبي شيبة رواه عن أبي أسامة كذلك (1).
وأما حديث ذي اليدين نفسه فأخبرني عبد اللَّه بن عمر بن علي أنا أحمد بن محمد بن عمر أنا عبد اللطيف بن عبد المنعم الحراني أنا عبد اللَّه بن أحمد الحربي أنا هبة اللَّه بن محمد الشيباني أنا الحسن بن علي التميمي أنا أحمد بن جعفر بن حمدان ثنا عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل حدثني نصر بن علي ثنا معدي بن سليمان قال: أتيت وادي القرى لأسأل مطيرا عن حديث ذي اليدين فأتيته فسألته فإذا هو شيخ كبير لا ينفذ الحديث من الكبر فقال له ابنه شعيث: بلى يا أبه أنت حدثتني أن ذا اليدين رضي الله عنه لقيك بذي خشب، محدثك أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم صلى بهم إحدى صلاتي العشي وهي العصر ركعتين ثم سلم، وخرج السرعان من المسجد فقالوا: قصرت الصلاة أم نسيت؟ فقال: "لم أنس ولم تقصر الصلاة" ثم أقبل على أبي بكر وعمر فقال: "ماذا يقول ذو اليدين؟ " قالا: صدق يا رسول اللَّه، فرجع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وثاب الناس فصلى بهم ركعتين ثم سلم وسجد سجدتي السهو.
وبه إلى عبد اللَّه بن أحمد حدثني محمد بن المثني ثنا معدي بن سليمان فذكر نحوه (2).
هذا حديث غريب تفرد به مطير بن سليمان عن ذي اليدين، وهو شيخ مقل ما رأيت فيه تضعيفًا، وذكر بعض الرواة عن معدي أنه حين لقيه كان
(1) التمهيد (1/ 361).
(2)
رواهما عبد اللَّه بن أحمد في زوائد المسند (4/ 77) وفي الإسناد الأول بعد معدي بن سليمان كلمة "معه" هكذا في الأصل.
ابن مئة سنة وتسع سنين وابنه شعيث آخره شاء مثلثة وهو بصيغة التصغير كأبيه، ومعدي الراوي عنهما بصري مختلف فيه وقد وثقه نصر بن علي وقال بعض الرواة عنه: كان يعد من الأبدال.
أخرجه ابن أبي خيثمة عن علي بن بحر عن معدي. وأخرجه الطبراني عن الحسين بن إسحاق عن محمد بن المثني (1).
قوله (الشرائط) يعني شرائط قبول خبر الواحد إلى أن قال (لقبول ابن عباس وابن الزبير وغيرها).
يعني قبل الأئمة عنهم ما تحملوه في الصغر وأدوه بعد البلوغ، وقد أعترض على تمثيله بابن عباس بما ثبت في الصحيحين أنه كان في حجة الوداع قد ناهز الإحتلام (2). وفي البخاري ما يقتضي أنه أدرك في حياة النبي صلى الله عليه وسلم.
أخبرني أبو الحسن علي بن محمد الخطيب عن أبي الفضل بن أبي طاهر أنا جعفر بن علي أنا أبو الطاهر السلفي أنا أبو القاسم بن سنان أنا طلحة بن علي أنا عبد الخالق بن الحسن ثنا ابن هارون ثنا بشر بن الوليد ثنا أبو عوانة عن أبي بشر (ح).
وقرأت على أبي بكر بن أبي عمر عن أبي نصر بن العماد أنا أبو القاسم بن أبي الفرج في كتابه أنا يحيى بن ثابت بن بندار أنا أبي أنا أبو بكر البرقاني أنا أبو بكر الجرجاني ثنا إسحاق بن إسماعيل الرازي ثنا أبو سعيد الأشج ويوسف بن موسى قالا: ثنا عبد اللَّه بن إدريس بن يزيد الأودي ثنا أبي عن أبي إسحاق كلاهما عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قبض النبي صلى الله عليه وسلم وأنا ختين.
(1) رواه الطبراني في الكبير (4224).
(2)
رواه البخاري (76 و 493 و 861 و 1857 و 4412) ومسلم (504).
هذا حديث صحيح، علقه البخاري قال قال ابن إدريس (1). ووصله من وجه آخر عن محمد بن عبد الرحيم عن عباد بن موسى عن إسماعيل بن جعفر عن إسرائيل بن يونس عن أبي إسحاق بلفظ وأنا مختون، وزاد وكانوا لا يختنون الرجل حتى يدرك (2).
والجواب عن الإعتراض أن المراد أنه تحمل صغيرًا وأدى كبيرًا. وقد جاء ذلك صريحًا.
وبالسند الماضى إلى عبد اللَّه بن أحمد حدثني أبي ثنا يزيد هو ابن هارون أنا سفيان هو الثوري عن عبد الرحمن بن عابس قال سمعت ابن عباس رضي الله عنهما وسئل: هل شهدت العيد مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم ولولا قرابتي منه ما شهدته من الصغر، صلى العيد ركعتين ثم خطب ثم أتى النساء فذكرهن، فجعلن يلقين في ثوب بلال صدقة تصدقن بها (3).
وبه إلى أحمد ثنا عبد الرحمن بن مهدي ووكيع فرقهما قالا: ثنا سفيان سمعت عبد الرحمن بن عابس فذكر نحوه. وقال: لولا مكاني منه ما شهدته لصغري (4).
هذا حديث صحيح، أخرجه البخاري من طرق عن سفيان. منها عن عمرو بن عباس عن عبد الرحمن بن مهدي (5).
وعابس والد عبد الرحمن بموحدة ثم بمهملة كوفي يلتبس بعبد الرحمن بن عايش بمثناة بمعجمة بصري مختلف في صحبته، مع أن
(1) علقه البخاري (6300) قال الحافظ في الفتح (11/ 91) وهذا الطريق وصله الإسماعيلي من طريق عبد اللَّه بن إدريس.
(2)
رواه البخاري (6299).
(3)
رواه أحمد (3487).
(4)
رواه أحمد (2062 و 3522 و 3358) ولكن ليس في رواية ابن مهدي محل الاستشهاد.
(5)
رواه البخاري (863 و 977 و 5249 و 7325).
التمثيل بصغار الصحابة في هذا الباب ليس حتمًا، فإنه يتصور فيمن هو أكبر منهم كما في البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: لم أعقل أبواي إلا وهما يدينان الدين، ولم يمض يوم إلا ويأتينا فيه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم طرفي النهار بكرة وعشية الحديث في شأن الهجرة إلى المدينة (1). فهذا مما تحملته عائشة وسنها يومئذ ثمان سنين فأقل، وعاشت بعد ذلك في حياة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وأدته بعده بنحو ثلاثين سنة.
آخر المجلس الثلاثين بعد المائتين من الأمالي وهو الثمانون من التخريج.
(1) رواه البخاري (3905).
[المجلس الحادي والثمانون]
قال المملي رضي الله عنه:
ومن أحاديث ابن عباس التي حملها وهو صغير ما أحبرني أبو الحسن علي بن محمد الخطيب فيما قرأت عليه عن أبي الفضل بن أبي طاهر ثنا محمد بن رفاعة أنا أبو الحسن الخلعي أنا عبد الرحمن بن عمر ثنا أبو الطاهر المدني ثنا يونس بن عبد الأعلى ثنا عبد اللَّه بن وهب ثنا الليث وابن لهيعة (ح).
وقرأت على أم الحسن التوخية بدمشق عن سليمان بن حمزة أنا أبو عبد اللَّه الحافظ المقدسي أنا زاهر بن أحمد أنا غانم بن محمد أنا عبد الرزاق بن عمر أنا محمد بن إبراهيم ثنا محمد بن زبان ثنا محمد بن رمح ثنا الليث كلاهما عن قيس بن الحجاج عن حنش بن عبد اللَّه الصنعاني عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ردفت النبي صلى الله عليه وسلم فأخلف يده ورائي فقال: "يَا غُلَامُ أَلَا أُعَلِّمِكَ كَلِماتٍ يَنْفُعُكَ اللَّهُ بِهِنَّ؟ احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظ اللَّه تَجِدْهُ أَمَامَكَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسَتَعِنْ باللَّه، وَإِذَا سَألْتَ فَاسْألِ اللَّهَ، رُفِعَتِ الأَقْلَامُ وَجَفَّتِ الصُّحُفُ، ولَوْ جَهَدتِ الأُمَّةُ عَلَى أَنْ تَنْفَعَكَ بِشَيءٍ لَمْ تَنْفَعكَ إِلَّا بِشَيءٍ قد كَتَبَهُ اللَّهُ لكَ وَلَو جَهَدتْ عَلَى أنْ تَضُرَّكَ بِشَيءٍ لَم تَضرُّكَ إِلَّا بشَيءٍ كَتَبَهُ اللَّه لَكَ" لفظ يونس بن عبد الأعلى والآخر بنحوه، وزاد يونس قال: وزادنا ابن وهب في حديث غيره قال: "تَعرَّفْ إِلَى اللَّه فِي الرَّخَاءٍ يَعْرفْكَ فِي الشِّدةِ، وَاعْلَمْ أنَّ فِي الصَّبْرِ عَلَى مَا تَكْرَهُ خَيْرًا كَثيرًا، وَاعْلَمْ أَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وَأَنَّ الفَرَجَ مَعَ الكَرْبِ، وَأَنَّ مَعَ العُسْر يُسْرًا".
هذا حديث حسن أخرجه أحمد عن يونس بن محمد عن الليث وعن يحيى بن إسحاق عن ابن لهيعة (1). فوقع لنا بدلًا عاليًا من الوجهين.
(1) رواه أحمد (2669 و 2763).
وأخرجه الترمذي عن أبي محمد الدارمي عن أبي الوليد الطيالسي عن الليث وعن أحمد بن محمد عن عبد اللَّه بن المبارك عن الليث وابن لهيعة (1)، فوقع لنا عاليًا على طريقيه، ولم تقع الزيادة التي ذكرها يونس في رواية أحمد ولا الترمذي.
وقد وقعت لنا من وجه آخر عن قيس بن الحجاج شيخ الليث وابن لهيعة موصولة بالحديث.
قرأت على أبي اليسر أحمد بن عبد اللَّه الأنصاري بدمشق عن أحمد بن علي بن الحسن العابد فيما قرئ عليه وهو في الرابعة وإجازة أخبرنا المبارك بن محمد الخواص في كتابه أخبرنا أبو الفتح بن شاتيل أخبرنا الحسين بن علي بن البسري أخبرنا عبد اللَّه بن يحيى بن عبد الجبار أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار حدثنا عباس بن عبد اللَّه الترقفي حدثنا أبو عبد الرحمن هو عبد اللَّه بن يزيد المقرئ حدثنا نافع بن يزيد وابن لهيعة وكهمس بن الحسن وهمام بن حمير كلهم عن قيس بن الحجاج عن حنش عن ابن عباس قال: كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم فقال لي: "يَا غُلَامُ أَوْ يَا بُنَيَّ أَلَا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ بهِنَّ؟ " فقلت بلى، قال:"احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ أَمَامَكَ، تَعَرَّف إِليْهِ فِي الرَّخَاءِ يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ، وَإِذَا سَألْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِن بِاللَّهِ، جَفَّ القَلَمُ بِمَا هُو كَائِنٌ، فَلَوْ أَنَّ الخَلْقَ اجْتَمعَوُا عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ أَوْ يَضُرُّوكَ بِشَيءٍ لَم يَقْضَهِ اللَّهُ لَكَ لَمْ يَقْدِروُا عَلَيْهِ، وَاعْمَلْ للَّهِ بِالشُّكْر في اليَقِين، وَاعْلَمْ أنَّ النَّصْرَ في الصَّبْرِ" فذكر مثل بقية ما تقدم في الزيادة. والإسناد إلى قيس صحيح، فإن نافع بن يزيد من رجال الصحيح، ومن ذكر معه يكتب حديثهم في المتابعات، لكن يحتمل أن تكون الزيادة من رواية أحدهم، فيتقوى تفصيل ابن وهب، وقد وقعت لنا [نفس] الزيادة في نفس الحديث أيضًا من وجه آخر عن ابن عباس.
(1) رواه الترمذي (2518).
وبالاسناد الأول إلى الخلعي أخبرنا أبو محمد بن النحاس حدثنا عثمان بن محمد السمرقندي حدثنا أبو عبد المؤمن أحمد بن شيبان حدثنا عبد اللَّه بن ميمون القداح حدثنا شهاب بن خراش حدثنا عبد الملك بن عمير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أهديت إلى النبي صلى الله عليه وسلم بغلة، أهداها له كسرى أو قيصر، فركبها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بحبل من شعر، ثم أردفني خلفه، ثم سار بي مليا، ثم التفت إلي فقال:"يَا غُلَامُ" فقلت: لبيك يا رسول اللَّه، فذكر مثل سياق الترقفي سواء، غير أنه قال:"مَضَى الْقَلمُ بِمَا كَائِنٌ، فَلَو أَنَّ الْخَلْقَ اجْتَمعَوُا عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ لَمْ يَنْفعُوكَ بشَيءٍ لَمْ يَقْضِهِ اللَّهُ لَكَ، وَلَوْ أنَّ الْخَلْقَ اجْتَمعِوُا عَلى أَنْ يُضرُّوكَ لَمْ يَضُرُّوكَ بشيءٍ لَم يَقْضِيه اللَّهُ عَلَيْكَ، فَإِن اسْتَطَعْتَ أَنْ تَعْمَلَ بِالصَّبْرِ مَعَ اليَقين فَافْعَلْ، وَإِلَّا فإِنَّ فِي الصَّبْرِ عَلَى مَا تَكْرَهُ خَيْرًا كَثِيرًا" وذكر فيه الحديث مثله.
هذا حديث غريب من هذه الطريق. أخرجه الدارقطني في الأفراد من هذا الوجه، وقال: تفرد به شهاب بن خراش عن عبد الملك بن عمير ولم يروه عنه إلا عبد اللَّه بن ميمون.
قلت: شهاب بن خراش وثقه يحيى بن معين والجمهور، وشذ ابن حبان فذكره في الضعفاء وبالغ في توهينه، وأما القداح فاتفقوا على ضعفه، فطرق هذه الزيادة تقوى بعضها ببعض واللَّه أعلم.
آخر المجلس الحادي والثلاثين بعد المائتين من الأمالي وهو الحادي والثمانون من التخريج.
[المجلس الثاني والثمانون]
قال المملي رضي الله عنه:
وأما عبد اللَّه بن الزبير فأخبرني أبو المعالي الأزهري أنا أبو نعيم الأسعردي أنا أبو الفرج الحراني أنا أبو محمد الحربي أنا أبو القاسم الشيباني أنا أبو علي التميمي أنا أبو بكر المالكي أنا أبو عبد الرحمن الشيباني حدثني أبي ثنا أبو أسامة ثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عبد اللَّه بن الزبير رضي الله عنهما قال: لما كان يوم الخندق كنت أنا وعمر بن أبي سلمة في الأطم الذي فيه نساء رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وكان يرفعني وأرفعه، فإذا رفعني رأيت أبي حين يمر إلى بني قريظة، فذهب الزبير فلما رجع قلت له: يا أبه لقد رأيتك وأنت تمر إلى بني قريظة، فقال: أما واللَّه إن كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ليجمع لي أبويه يتفداني بهما يقول: "فِدَاكَ أبي وَأُمِّي"(1).
هذا حديث صحيح، أخرجه مسلم عن أبي كريب عن أبي أسامة (2)، فوقع لنا بدلًا عاليًا. وأخرجه البخاري ومسلم أيضًا والترمذي والنسائي وابن ماجه من طرق أخرى عن هشام بن عروة مطولًا ومختصرًا (3). وذهل الحاكم فأخرجه في المستدرك من طريق حماد بن زيد عن هشام (4). وهذه القصة التي ضبطها ابن الزبير كان فيها صغيرًا جدًا لأن مولده إما في السنة الأولى أو الثانية، والخندق إما في السنة الرابعة أو الخامسة، فأكثر ما يكون عمره إذ ذاك أربع سنين وبعض أشهر.
(1) رواه أحمد (1409).
(2)
رواه مسلم (2416).
(3)
رواه البخاري (3720) ومسلم (2416) والترمذي (3744) والنسائي في فضائل الصحابة (109) وفي عمل اليوم والليلة (199 و 200 و 201 و 202) وابن ماجه (123).
(4)
رواه الحاكم (3/ 555).
وأما قول ابن الحاجب (وغيرهما) فقد وقع ذلك لجماعة أعني الضبط في الصغر والأداء في الكبر، منهم الحسن بن علي والنعمان بن بشير وعمر بن أبي سلمة المذكور في حديث عبد اللَّه بن الزبير.
أما الحسن بن علي فأخبرني الشيخ أبو إسحاق بن علوان أنا أبو العباس بن بيان أنا أبو النجا البغدادي أنا أبو الوقت أنا أبو الحسن بن داود أنا عبد اللَّه بن أحمد أنا أبو العباس السمرقندي أنا أبو محمد الدارمي أنا عثمان بن عمر ثنا شعبة عن بُريَدْ بن أبي مريم عن أبي الحوراء السعدي فقال: قلت للحسن بن علي رضي الله عنهما: ما تذكر من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ قال: حملني على عاتقه فأخذت تمرة من تمر الصدقة فأدخلتها في فمي فقال: "أَلْقِهَا أَمَا شَعِرْتَ أَنَّا لَا تَحِلُّ لَنَا الصَّدَقَة؟ "(1).
هذا حديث صحيح أخرجه أحمد عن محمد بن جعفر عن شعبة (2)، فوقع لنا بدلًا عاليًا. وصححه ابن خزيمة وابن حبان وأخرجاه من رواية محمد بن جعفر المذكور (3).
ووللقصة شاهد في الصحيح من حديث أبي هريرة أنه شاهد ذلك (4).
وأبو الحوراء بالحاء المهملة والراء اسمه ربيعة بن سنان، وبُرَيدْ الراوي عنه بموحدة وراء وهو كوفي يلتبس بيزيد بن أبي مريم بتحتانية وزاي وهو شامي، وكذلك شيخه كوفي يلتبس بأبي الجوزاء بجيم وزاي واسمه أوس بن عبد اللَّه وهو بصري وكلهم ثقات.
وبه إلى الدارمي أنا عبيد اللَّه بن موسى ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن بُرَيْد بن أبي مريم عن أبي الحوراء عن الحسن بن علي قال: علمني رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم دعاء أدعو به في القنوت (ح).
(1) رواه الدارمي (1599).
(2)
رواه أحمد (1727).
(3)
رواه ابن خزيمة (2348) وابن حبان (513 موارد).
(4)
رواه البخاري (1485 و 1419 و 3072) ومسلم (1069).
وأخبرني أبو الفرج عبد الرحمن بن أحمد بن المبارك أنا أبو الحسن علي بن إسماعيل بن إبراهيم أنا إسماعيل بن عبد القوي عن عَزُّون عن فاطمة بنت سعد الخير سماعا قالت: أخبرتنا فاطمة الجوزذانية قالت أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد اللَّه بن ريذة أنا أبو القاسم الطبراني أنا عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل ومحمد بن عبد اللَّه الحضرمي وأبو الحسن بن المتوكل قال الأول: ثنا علي بن حكيم والثاني: ثنا أبو بكر بن أبي شيبة قالا: ثنا شريك وقال الثالث: ثنا عفان ثنا أبو الأحوص كلاهما عن أبي إسحاق عن بريد بن أبي مريم عن أبي الحوراء عن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال: علمني جدي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم دعاء أدعو به في قنوت الوتر: "اللَّهُمَّ اهْدِني فِيَمنْ هَدَيْتِ وَعَافِني فِيمَنْ عَافَيْتَ، وَتَولَّني فِيمَنْ تَوَلَّيتَ، وَبَاركَ لِي فِيمَا أَعطَيْتَ، وَقِني شَرَّ مَا قَضيْتَ، فَإِنَّكَ تَقْضي وَلَا يُقْضَى عَلَيْكَ، وإنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَاليُتَ وَلَا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ تَبَارَكَتَ رَبَّنَا وَتَعالَيْتَ"(1).
لفظ أبي الأحوص إلا أنه لم يقع في روايته لفظة جدي ووقعت في رواية شريك، لكن لم تقع في روايته لفظة قنوت ولا قوله وتولني فيمن توليت.
هذا حديث صحيح، أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي جميعا عن قتيبة عن أبي الأحوص (2). فوقع لنا بدلًا عاليًا، ولم تقع في أكثر الروايات قوله:"وَلَا يَعِزُّ مَنْ عَاديْتَ" وهي ثابتة فيما سقناه ورجاله ثقات واللَّه أعلم.
آخر المجلس الثاني والثلاثين بعد المائتين من الأمالي.
وهو الثاني والثمانون من التخريج.
(1) رواه الدارمي (1600) والطبراني في الكبير (2703 و 2075).
(2)
رواه أبو داود (1425) والترمذي (464) والنسائي (3/ 248) وانظر تعليقنا على المعجم الكبير (3/ 73).
[المجلس الثالث والثمانون]
قال المملي رضي الله عنه:
وأما النعمان بن بشير فهو من أقران ابن الزبير في السن، وقد حدث عن النبي صلى الله عليه وسلم بأحاديث صرح بسماعها منه.
منها ما أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد البعلي أخبرنا أبو العباس أحمد بن أبي طالب الصالحي بالإسناد الماضى إلى الدارمي أخبرنا أبو نعيم (ح). وقرأت على أم عيسى الأسدية عن أبي الحسن علي بن الواني سماعا عليه وهي آخر من حدث عنه بالسماع قال: أخبرنا أبو محمد بن رواج أخبرنا الحافظ أبو طاهر السلفي أخبرنا أبو عبد اللَّه القاسم بن الفضل الثقفي في كتاب الأربعين حدثنا يحيى بن إبراهيم المزكي حدثنا أبو بكر بن أبي دارم حدثنا أحمد بن موسى بن إسحاق حدثنا أبو نعيم حدثنا زكريا بن أبي زائدة عن الشعبي قال: سمعت النعمان بن بشير رضي الله عنهما يقول: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "الَحلَالُ بَيِّنُ وَالحَرَامُ بَيِّن وَبَيْنَ ذَلِكَ مُتَشَابِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهَا كَثيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنْ تَرَكَ الشُّبُهاتِ اسْتِبْرأ لِدِينِه وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَات وَقَعَ في الْحَرَام، كَالرَّاعي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشَكُ أنْ يُواقِعَهُ، أَلَا وَإنَّ لكُلِّ مَلِكٍ حِمَى، أَلَا وَإنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ، أَلَا وَإِنَّ فِي الجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كلُّهُ، أَلَا وَهِيَ القَلْبُ"(1).
هذا حديث صحيح أخرجه أحمد والبخاري عن أبي نعيم (2)، فوقع لنا
(1) رواه الدارمي (2524).
(2)
رواه أحمد (4/ 270) والبخاري (52).
موافقة عالية على طريق أحمد. وأخرجه مسلم والترمذي وغيرهما من طرق عن زكريا، فوقع لنا موافقة عالية على طريق أحمد. وأخرجه مسلم والترمذي وغيرهما من طرق عن زكريا (1). وأخرجه أبو عوانة عن أبي داود الحراني وغيره عن أبي نعيم، فوقع لنا بدلًا عاليًا واتفقا على تخريجه من طرق أخرى عن الشعبي.
منها رواية عبد اللَّه بن عون وساقه بألفاظ أخرى واختصر آخره.
أخبرني الشيخ أبو إسحاق التنوخي أخبرنا عبد اللَّه بن أحمد بن تمام في كتابه أخبرنا يحيى بن أبي السعود عن شهدة الكاتبة سماعا قالت أخبرنا الحسين بن أحمد بن طلحة أخبرنا أبو الحسن بن بشران أخبرنا إسماعيل الصفار حدثنا محمد بن عبد الملك أخبرنا يزيد بن هارون أخبرنا ابن عون (ح).
وقرأت على أبي الحسن بن أبي المجد عن أبي الربيع بن قدامة أخبرنا جعفر بن علي أخبرنا السلفي أخبرنا أبو عبد اللَّه الثقفي أخبرنا علي بن محمد أخبرنا إسماعيل بن محمد حدثنا يحيى بن جعفر حدثنا عبد الوهاب بن عطاء (ح).
وقرأت على إبراهيم بن محمد المؤذن بالمسجد الحرام أن أحمد بن أبي طالب أخبرهم أخبرنا عبد اللَّه بن عمر بن علي سماعا عليه أخبرنا أبو المعالي اللحاس أخبرنا أبو القاسم بن البسري إجازة أخبرنا أبو الحسن بن الصلت أخبرنا إبراهيم بن عبد الصمد بن موسى الهاشمي حدثنا أبي حدثنا النضر بن شميل (ح).
وقرأت على إبراهيم بن أحمد القاري أن أحمد بن نعمت أخبرهم أخبرنا أبو المنجى بن اللتي أخبرنا أبو العباس بن بُنَيْمَان أخبرنا أبو غالب الباقلاني أخبرنا أبو علي بن شاذان حدثنا شجاع بن جعفر حدثنا إبراهيم بن عبد اللَّه
(1) رواه مسلم (1599) والترمذي (1205) وأبو داود (3330).
حدثنا محمد بن عبد اللَّه الأنصاري، قال كل من الثلاثة: حدثنا أبو عون عن الشعبي قال: سمعت النعمان بن بشير يقول: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "إنَّ الْحَلَالَ بَيِّن وإِنَّ الحَرَامَ بَيِّن وإِنَّ بَيْنَ ذَلِكَ أُمُورًا مُشْتَبَهَاتٍ، وَسَأُضْرِبُ لَكُمْ فِي ذَلِكَ مَثَلًا، إِنَّ اللَّهَ حَمَى حِمًى، وإِنَّ حِمَاهُ مَا حَرَّمَ، وَإِنَّهُ مَنْ يَرْتَعْ حَوْلَ الحِمَى يُوشَكُ أَنْ يُخالِطَهُ الحِمَى، وَإِنَّهُ مَنْ يُخَالِطِ الرِّيبَة يُوشَكُ أنْ يجيز".
ألفاظهم متقاربة، لكن قال ابن عبد الصمد في آخره: لا أدري قوله من يخالط الريبة في الحديث أو شيء قاله الشعبي.
قلت: الذي يظهر أنه بالمعنى من قوله في الرواية الماضية "وَمَنْ وَقَع في الشُّبُهَات وَقَعَ في الحَرَامِ" فلا إدراج فيه. وقد أخرجه البخاري من رواية محمد بن أبي عدي وأبو داود من رواية أبي شهاب الحناظ كلاهما عن ابن عون (1)، فوقع لنا عاليًا. وأخرجه أبو عوانة عن علي بن حرب عن عبد الوهاب بن عطاء عن عمار بن رجاء عن يزيد بن هارون وعن عيسى بن أحمد العسقلاني عن النضر بن شميل، فوقع لنا بدلًا عاليًا من الطرق الثلاثة.
وأما عمر بن أبي سلمة فهو ربيب النبي صلى الله عليه وسلم وأمه سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وكان أسن من ابن الزبير بيسير.
قرأت على خديجة بنت إبراهيم بن إسحاق بن القاسم بن مظفر بن عساكر إجازة إن لم يكن سماعا عن محمود بن إبراهيم العبدي قال: أخبرنا الحسن بن العباس الرستمي (ح).
وقرأت على عمر بن محمد الصالحي قال: قرئ على زينب بنت الكمال وأنا أسمع عن عجيبة (ح).
وأخبرنا أبو هريرة بن الذهبي وأبو إسحاق بن كامل إجازة من الأول
(1) رواه البخاري (2051) وأبو داود (3329).
وقراءة على الثاني قالا: أخبر محمد بن أبي بكر الصفار قال الأول: سماعا والثاني: إجازة مكاتبة قال: قرئ على صفية بنت عبد الوهاب قالت هي وعجيبة: أخبرنا أبو الخير محمد بن أحمد بن عمر الموقت [إجازة مكاتبة] قالا: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد الزيادي والمطهر بن عبد الواحد البزاني وزاد الموقت أبو بكر محمد بن أحمد بن الحسن بن ماجة قالوا: أخبرنا أبو جعفر أحمد بن محمد بن المرزبان أخبرنا أبو جعفر محمد بن إبراهيم الحزوري حدثنا أبو جعفر محمد بن سليمان المعروف بلوين حدثنا سليمان بن بلال عن أبي وَجْزَةَ السعدي عن عمر بن أبي سلمة رضي الله عنهما قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: "أدْنُ يا بُنَيَّ وَسَمِّ اللَّهَ وَكُلْ بِيَمينَكَ وَكُلْ مِمَّا يَليكَ".
هذا حديث صحيح أخرجه أحمد عن أبي سعيد مولى بني هاشم، ومنصور بن سلمة وموسى بن داود ثلاثتهم عن سليمان بن بلال (1)، فوقع لنا بدلًا عاليًا بدرجتين. وأخرجه أبو داود وعبد اللَّه بن أحمد في زيادات المسند كلاهما عن لوين (2)، فوقع لنا موافقة عالية. وأخرجه البخاري وغيره من طرق أخرى عن عمر بن أبي سلمة مطولًا ومختصرًا (3).
وأبو وجرة بفتح الواو وسكون الجيم بعدها زاي تابعي ثقة واسمه يزيد بن عبيد واللَّه أعلم.
آخر المجلس الثالث والثلاثين من الأمالي وهو الثالث والثمانون من تخريج أحاديث المختصر.
(1) رواه أحمد (6/ 27) ووقع في المسند هنا نقص في الأسانيد.
(2)
رواه أبو داود (3777) وعبد اللَّه بن أحمد في زيادات المسند (4/ 27).
(3)
رواه البخاري (5376 و 5377 و 5378) ومسلم (2022) والترمذي (1858) وابن ماجه (3267) ومالك (2/ 226) والحميدي (570) والطبراني في الكبير (8298 - 8306) وأحمد (4/ 26).
[المجلس الرابع والثمانون]
قال المملي رضي الله عنه:
أخبرني الشيخ أبو إسحاق بن كامل أخبرنا محمد بن أبي بكر النحاس في كتابه قال قرئ على صغية الزبيرية وأنا أسمع عن أبي الخير الباغبان والحسن بن العباس ومسعود بن الحسن ومحمود بن عبد الكريم وعلي بن أحمد اللباد قال الثلاثة الأول أخبرنا المطهر بن عبد الواحد زاد الأولان وعبد الرحمن بن محمد وقال الأول والأخيران: أخبرنا أبو بكر بن ماجه قالوا: أخبرنا أبو جعفر بن المرزبان أخبرنا أبو جعفر الحزوري حدثنا أبو جعفر المصيصي حدثنا سفيان بن عيينة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عمر بن أبي سلمة رضي الله عنهما قال: أكلت مع النبي صلى الله عليه وسلم فطاشت يدي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"يَا غُلَامُ سَمِّ اللَّهَ وَكُلْ بِيَمينَكَ وَكُلْ مِمَّا يَليكَ".
أخرجه النسائي عن محمد بن منصور وابن ماجه عن محمد بن الصباح كلاهما عن سفيان بن عيينة (1)، فوقع لنا بدلًا عاليًا، واختلق فيه على سفيان فقيل عنه هكذا، وقيل عنه عن هشام بن عروة عن أبي وجزة عن رجل من مزينة عن عمر بن أبي سلمة. أخرجه أحمد عن سفيان (2). وأخرجه النسائي من وجه آخر عن سفيان (3). وقال: هذا هو الصواب عندنا [انتهى]. وهكذا
(1) رواه النسائي في عمل اليوم والليلة (274) والوليمة من الكبرى هكذا. أما بن ماجه فرواه (3267) عن محمد بن الصباح عن سفيان بن عيينة عن الوليد بن كثير عن وهب بن كيسان عن عمر به، وليس عن هشام به.
(2)
رواه أحمد (4/ 26) ولكن عن أبي معاوية ووكيع وليس عن سفيان.
(3)
رواه النسائي في عمل اليوم والليلة (276) من طريق أبي معاوية به. ورواه (277) عن محمد بن آدم عن عبدة عن هشام به. ورواه (278) عن محمد بن منصور عن سفيان عن الوليد بن كثير به كما رواه أحمد.
رواه معمر عن هشام (1)، وهذا التعليل إنما وقع في رواية هشام، وإلا فالحديث ثابت في الصحيح من وجه أخر عن عمر بن أبي سلمة، وقد صححه ابن حبان من رواية أبي وجزة التي سبقت أولًا، فكأنه ثابت عنده سماع أبي وجزة من عمر، أخرجه عن إبراهيم بن إسحاق الأنماطي عن لوين (2)، فوقع لنا بدلًا عاليًا.
وممن حفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم صغيرًا وأدى عنه كبير السائب بن يزيد الكندي المعروف بابن أخت النمر، وكان له في حجة الوداع سبع سنين كما ثبت في صحيح البخاري (3).
أخبرني الشيخ أبو الفرج بن الغزي قال أخبرنا أبو الحسن بن قريش قال: أخبرنا عبد اللطيف بن عبد المنعم عن مسعود الحمال أخبرنا الحسن بن أحمد أخبرنا أحمد بن عبد اللَّه حدثنا محمد بن أحمد وأبو محمد بن حيان قال الأول: حدثنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار حدثنا محمد بن عباد وقال الثاني: حدثنا ابن أبي عاصم حدثنا هشام بن عمار قالا: حدثنا حاتم بن إسماعيل حدثنا الجعيد بن عبد الرحمن قال: سمعت السائب بن يزيد رضي الله عنه يقول: ذهبت بي خالتي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول اللَّه إن ابن أختي وجع، فمسح رأسي ودعا لي بالبركة، ثم توضأ فشربت من فضل وضوئه، ثم قمت من خلف ظهره فنظرت إلى خاتم النبوة بين كتفيه مثل زر الحجلة.
هذا حديث صحيح أخرجه مسلم عن محمد بن عباد (4)، فوقع لنا
(1) رواه الترمذي (1858) والنسائي في عمل اليوم والليلة (275).
(2)
رواه ابن حبان (1338 موارد) عن إبراهيم بن إسحاق الأنماطي عن أبي همام الوليد بن شجاع عن محمد بن سواء عن هشام به، وليس عن لوين كما وهم المصنف الحافظ.
(3)
رواه البخاري (1858) والطبراني في الكبير (6678).
(4)
رواه مسلم (2345).
موافقة عالية، وأخرجه البخاري ومسلم أيضًا والترمذي والنسائي جميعا عن قتيبة عن حاتم بن إسماعيل (1).
(قوله القائل نحن نحكم بالظاهر).
يعني الذين قبلوا رواية المبتدعة مطلقًا احتجوا بهذا الحديث، وقد تقدم التنبيه عليه في أواخر الكلام على الإجماع قبيل الكلام على الخبر.
(قوله قالوا أجمعوا على قبول قتلة عثمان، ورد بالمنع إذ أنه مذهب بعض).
قلت: الذي ادعى الإجماع في هذا لمجازف، فإنه إن كان المراد من باشر قتله فليس لأحد منهم ممن ثبت عنه ذلك رواية أصلًا، وإن كان المراد من حاصره أو رضي بقتله، فأهل الشام قاطبة مع من كان فيهم من الصحابة وكبار التابعين إما مكفر لأولئك، وإما مفسق، وأما غير أهل الشام فكانوا ثلاث فرق، فرقة على هذا الرأي، وفرقة ساكتة وفرقة على رأي أولئك فأين الإجماع؟
(قوله وأما نحو خلاف البسملة وبعض الأصول، وإن ادعى القطع فليس من ذلك لقوة الشبهة من الجانبين).
يعني الخلاف في إثبات البسملة في أول الفاتحة وغيرها وفي نفي ذلك وفي إثبات الجهر بها في الصلاة أول الفاتحة وفي نفيه، وقد سقت من ذلك جملة فيما مضى من هذا التخريج.
وأما بعض الأصول فأشار به إلى الأحاديث الواردة في الصفات، وبعض أحوال يوم القيامة، وهي معروفة في كتب أصول الدين، ويطول تتبعها في هذا التخريج واللَّه المستعان.
آخر المجلس الرابع والثلاثين بعد المائتين وهو الرابع والثمانون من التخريج.
(1) رواه البخاري (6352) ومسلم (2345) والترمذي في الجامع (3646) وفي الشمائل (16) والنسائي في الطب من الكبرى كما في تحفة الأشراف (3/ 258).
[المجلس الخامس والثمانون]
قال المملي رضي الله عنه:
(قوله وقد اضطرب في الكبائر فروى ابن عمر الشرك باللَّه وقتل النفس وقذف المحصنة والزنا والفرار من الزحف والسحر وأكل مال اليتيم وعقوق الوالدين المسلمين والإلحاد في الحرم، وزاد أبو هريرة أكل الربا، وزاد علي السرقة وشرب الخمر).
أما حديث ابن عمر فقال التاج السبكي في شرح المختصر: روي مرفوعًا وموقوفًا، ولم أجد ما ذكره المصنف مجموعًا في رواية، وتبع في بعض ذلك ابن كثير في تخريجه، وما عنى المصنف إلا الرواية المرفوعة، فإني قرأت بخطه في المختصر الكبير: قد روى ابن عمر عنه صلى الله عليه وسلم، وقد وقع لنا مجموع ما ذكره المصنف في رواية موقوفة وفي أخرى مرفوعة لكنه تصحفت عليه خصلة كما سأبينه.
قرأت على أبي بكر بن عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم بن سعد اللَّه بمصر أن جده أخبرهم عن مكي بن علان القيسي وإسماعيل بن أحمد العراقي قالا: أخبرنا الحافظ أبو طاهر السلفي في كتابه أخبرنا أبو غالب الباقلاني أخبرنا أبو العلاء الواسطي أخبرنا أبو نصر النيازكي أخبرنا أبو الخير العبقسي حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري في كتابه الأدب المفرد حدثنا مسدد حدثنا إسماعيل بن إبراهيم حدثنا زياد بن مخراق حدثني طيسلة بن مياس قال: كنت مع النجدات فأصبت ذنوبًا لا أراها إلا من الكبائر، فأتيت ابن عمر فذكرت ذلك له، فقال: ما هو؟ قلت: كذا وكذا، قال: ليس من الكبائر، قال: إنما هي تسع الإشراك باللَّه وقتل نسمة يعني بغير حق، وقذف المحصنة، والفرار من الزحف، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والذي يستسحر، والإلحاد في المسجد يعني الحرام، وبكاء الوالدين من
العقوق، قال ابن عمر: أتفر من النار وتحب أن تدخل الجنة؟ قلت: إي واللَّه، قال: أحي والداك؟ قلت: عندي أمي، قال: فواللَّه لئن ألنت لها الكلام، وأطعمتها الطعام لتدخلن الجنة ما اجتنبت الكبائر (1).
هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث طيسلة، وهو بفتح الطاء المهملة وسكون التحتانية وفتح السين المهملة وتخفيف اللام، ووهم من قدم اللام على السين، وأبوه مياس بفتح الميم وتشديد التحتانية وآخره مهملة، قال الحافظ أبو بكر البرديجي: هو لقب واسمه علي، وجعله المزي ترجمتين وفرق بين طيسلة بن علي وطيسلة بن مياس، والذي يترجح أنه واحد وهو مقتضى صنيع البخاري وابن أبي حاتم وابن حبان وغيرهم، ويؤيده أن أيوب بن عتبة روى الحديث المذكور قبل عن طيسلة بن علي قال: أتيت ابن عمر وهو بعرفة في ظل الأراك فذكر قصة وفيها قال ابن عمر: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "الكَبَائِرُ تِسْعٌ" فَذَكر مثل السياق الماضى في الموقوف، لكن بتقديم وتأخير، والموقوف أصح إسنادًا، فإن زياد بن مخراق متفق على توثيقه بخلاف أيوب بن عتبة، فإنه موصوف بسوء الحفظ، وقد اختلف عليه في عدة الخصال، فرواه البغوي في الجعديات عن علي بن الجعد عن أيوب بن عتبة كما ذكرنا (2). ورواه حسين بن محمد عن أيوب بن عتبة فأسقط خصلتين.
أخبرني الشيخ أبو إسحاق التنوخي أخبرنا أحمد بن علي العابد أخبرنا إبراهيم بن خليل أخبرنا إسماعيل بن علي أخبرنا أبو الحسن بن المسلم الفقيه وأبو الحسن بن قبيس قالا: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن عبد الواحد بن أبي الحديد أخبرنا جدي أبو بكر حدثنا محمد بن جعفر بن سهل حدثنا
(1) رواه البخاري في الأدب المفرد (8).
(2)
رواه البغوي في مسند علي بن الجعد (3426) ومن طريقه ابن عبد البر في التمهيد (5/ 69 - 70) والبيهقي (3/ 409) ورواه ابن جرير (9188) بإسناد آخر عن أيوب به.
عباس بن محمد الدوري حدثنا حسين بن محمد حدثنا أيوب بن عتبة عن طيسلة بن مياس قال: سألت ابن عمر عن الكبائر، فقال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "الإشْرَاكُ بِاللَّهِ وَقَذْف المُحصَنَةِ" قلت: أقبل الدم؟ قال: نعم ورغما "وَقتلُ النَّفسِ وَالفِرارُ يَوْمَ الزَّحْفِ وَأكْلُ الرِّبا وَأَكْلُ مَالِ اليتَيم وَعُقُوقُ الوَالدِيْنِ".
وهكذا أخرجه الخطيب في الكفاية من طريق الأصم عن عباس الدوري (1). وخالفه حسن بن موسى عن أيوب بن عتبة، فذكر الزنا بدل خصلة من السبع.
أخرجه البرديجي من طريق محمد بن إسحاق الصغاني عن الحسن.
وقد وجدت للحديث طريقًا أخرى أخرجه عبد الرزاق عن معمر عن سعيد الجريري أن رجلًا جاء إلى ابن عمر فقال: كنت مع النجدات فذكر الحديث وعد الخصال كما في رواية الحسين بن محمد، لكن ذكر بدل الفرار من الزحف اليمين الفاجرة (2).
ورجال هذا الإسناد رجال الصحيح، لكن الجريري لم يلق ابن عمر، فإن كان حمله عن ثقة فهي متابعة قوية لرواية طيسلة، وإذا جمعت الخصال المذكورة في هذه الطرق زادت خصلتين على التسع وهما الزنا واليمين الفاجرة، وأقوى طرقه رواية زياد بن مخراق الأولى، وقد ذكر البرديجي أن يحيى بن أبي كثير تابعه عن طيسلة فرواه موقوفًا، وقد أخرجه إسحاق بن راهويه في مسنده وتفسيره معًا عن إسماعيل بن إبراهيم على الموافقة، وأخرجه إسماعيل القاضي في كتاب أحكام القرآن عن علي بن المديني والطبري في التفسير عن يعقوب الدوري كلاهما عن إسماعيل (3)، فوقع لنا بدلًا عاليًا.
(1) رواه الخطيب في الكفاية (ص 105).
(2)
رواه عبد الرزاق (19705).
(3)
رواه ابن جرير في تفسيره (9187).
والنيازكي في الرواية الأولى بكسر النون وتخفيف التحتاتية وبعد الألف زاي مفتوحة ثم كاف نسبة إلى النيازك، وهي جمع نيزك وهو الرمح الصغير، فَنِيزٌ هو الرمح والكاف علامة التصغير بالفارسية، والنجدات نسبة إلى نجدة بن عامر اليمامي أحد رؤوس الخوارج واللَّه أعلم.
آخر المجلس الخامس والثلاثين بعد المائتين وهو الخامس والثمانون من تخريج أحاديث المختصر.
[المجلس السادس والثمانون]
قال المملي رضي الله عنه:
قال الشيخ أبو محمد عبد اللَّه بن محمد المسيلي في شرح المختصر في هذا الموضع: روى ابن عمر عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الكَبَائِر تِسْعُ" فسردها كما في المختصر، وهذا الحديث لا يعرف من مسند عمر بن الخطاب رضي للَّه عنه أصلًا فضلًا عن كونه من رواية ابنه عنه، وأظنه أراد حديث عبيد بن عمير عن أبيه فتحرف عليه كما تصحفت خصلة الربا بالزنا في الأصل، ويؤيد هذا الظن أنه وقع في هذه الرواية وصف الوالدين وفي العقوق بالمسلمين.
حدثنا شيخ الإسلام أبو الفضل بن الحسين إملاء من حفظه في تخريجه على مستدرك الحاكم أخبرنا أحمد بن عبد الرحمن المرداوي مشافهة بظاهر دمشق أخبرنا إسماعيل بن عبد القوي بن أبي العربي في كتابه أخبرتنا فاطمة بنت سعد الخير قالت: أخبرتنا فاطمة بنت عبد اللَّه الجوزذانية قالت: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد اللَّه بن ريذة أخبرنا أبو القاسم الطبراني حدثنا أحمد بن داود المكي حدثنا عباس بن الفضل الأزرق حدثنا حرب بن شداد حدثنا يحيى بن أبي كثير عن عبد الجبار بن سنان في عبيد بن عمير الليثي عن أبيه رضي الله عنه قال قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ أَوْلَياءَ اللَّه المُصَلَّونَ، وَمَنْ يُقيمُ الصَّلَوَاتِ الخَمْسَ الَّتي كَتَبَها اللَّهُ عَلَى عِبَادِهِ، وَمَنْ يُؤتي زَكَاةَ مَالِهِ طَيِّبَةً بِهَا نَفْسُهُ، وَمَنْ يَصومُ رَمَضَانَ يَحتَسبُ صَوْمَهُ وَيَجْتَنِبُ الكَبَائر" فقال رجل من أصحابه: يا رسول اللَّه وكم الكبائر؟ قال: "هُنَّ تِسْعٌ أَعْظَمُهُنَّ الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ وَقتلُ المُؤْمِن بغَير حَقٍّ وَالغِرارُ يَوْمَ الزَّحْفِ وَقَذْفُ المُحصَنَةِ وَالسِّحْرُ وَأَكْلُ مَالِ اليَتيمِ وَأَكْلُ الرِّبَا وَعُقُوقُ الوْالِدَيْن المُسْلِمَينْ وَاسْتِحلَالُ البَيْتِ الحَرَام قبْلَتِكُمْ أَحْيَاءً وَأَمْواتًا، لَا يَموُتُ رَجُلٌ لَمْ يَعْمَلْ بِهَذِهِ الخِصَال وَيُقيمُ الصَّلَاةَ
وَيُؤتي الزَّكَاةَ وَيَصوُمُ رَمَضَانَ إِلَّا رَافَقَ مُحُمَّدًا فِي بُحْبوُحَةِ جَنَّةٍ أَبْوابُهَا مَصَارِيعُ الذَّهَبِ" (1).
قال شيخنا هذا حديث حسن أخرجه أبو داود عن إبراهيم بن يعقوب عن معاذ بن هانئ عن حرب بن شداد مقتصرًا على ذكر الكبائر دون أول الحديث وآخره (2). وأخرجه النسائي عن العباس بن عبد العظيم عن معاذ بن هانئ ببعضه (3). ورواه الحاكم بتمامه عن أحمد بن كامل القاضي عن أبي قلابة عبد الملك بن محمد عن معاذ بن هانئ وقال: قد احتجا برواة هذا الحديث غير عبد الحميد بن سنان، فأما عمير بن قتادة فهو صحابي وابنه عبيد بن عمير قد أخرجاه للإحتجاج (4).
قال شيخنا لكن لم يرو عن عمير بن قتادة غير ابنه عبيد ولا عن عبد الحميد بن سنان غير يحيى بن أبي كثير، وقد قال البخاري: في حديثه نظر، وذكره ابن حبان في الثقات انتهى كلام شيخنا.
وقد أخرجه البغوي في معجم الصحابة عن محمد بن إسحاق وهو الصنعاني عن العباس بن الفضل تاما كما أخرجناه، فوقع لنا بدلًا عاليًا. وأخرجه الحارث بن أبي أسامة في مسنده وسمويه في فوائده جميعا عن العباس بن الفضل على الموافقة. وأخرجه الحاكم في موضع آخر من مستدركه من طريق عبد اللَّه بن رجاء عن حرب بن شداد (5). وقد خولف عبد الحميد بن سنان في وصله أخرجه الطبري في تفسيره وإسماعيل القاضي في أحكام القرآن جميعا من طريق أبي إسحاق السبيعي عن عبيد بن عمير
(1) رواه الطبراني في الكبير (ج 17 رقم 101).
(2)
رواه أبو داود (2875).
(3)
رواه النسائي (7/ 89).
(4)
رواه الحاكم (1/ 51).
(5)
رواه الحاكم (4/ 259 - 260).
بنحوه، لكن لم يقل عن أبيه ولا صرح برفعه (1).
وأما حديث أبي هريرة فظاهر كلام المصنف أن خصلة الربا التي نسبت زيادتها لأبي هريرة لم تقع في حديث ابن عمر، وليس كذلك لثبوتها في جميع طرق حديث ابن عمر كما تقدم.
قرئ على أبي علي محمد بن محمد بن علي وأنا أسمع بشاطئ النيل قال قرئ على ست الوزراء التوخية وأنا أسمع أن أبا عبد اللَّه بن المبارك أخبرهم أخبرنا أبو الوقت أخبرنا عبد الرحمن بن محمد أخبرنا عبد اللَّه بن أحمد أخبرنا محمد بن يوسف قال: قريء علي أبي عبد اللَّه محمد بن إسماعيل الجعفي وأنا أسمع حدثنا عبد العزيز بن عبد اللَّه واللفظ له (ح).
وقرأت على فاطمة بنت محمد بن عبد الهادي عن أبي نصر بن الشيرازي أخبرنا محمود بن إبراهيم العبدي في كتابه أخبرنا الحسن بن العباس الفقيه أخبرنا عبد الوهاب بن محمد بن إسحاق أخبرنا أبي أخبرنا محمد بن يعقوب أخبرنا الربيع بن سليمان حدثنا عبد اللَّه بن وهب قال: أخبرني وقال عبد العزيز: حدثني سليمان بن بلال عن ثور بن زيد عن أبي الغيث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المْوُبقَات" قالوا: وما هن يا رسول اللَّه؟ قال: "الشِّرْكُ باللَّهِ وَقتلُ النَّفْس الَّتي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بالحَقِّ وَالسِّحْرُ وَأَكْلُ الرِّبا وَأَكْلُ مَالِ اليَّتِيمِ والتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحفِ وَقذْفُ المُحْصَنَاتِ الغَافِلَاتِ المُؤْمِنَاتِ".
هذا حديث متفق على صحته ورواته من عبد العزيز إلى منتهاه مدنيون. أخرجه البخاري هكذا (2). وأخرجه مسلم عن هارون بن سعيد الأبلي. وأبو داود عن أحمد بن سعيد الهمداني كلاهما عن عبد اللَّه بن
(1) رواه ابن جرير في تفسيره (9180 و 9181) وتحرف عنده أبو إسحاق إلى ابن إسحاق، ولم يتنبه لذلك المرحوم أحمد محمد شاكر.
(2)
رواه البخاري (2766).
وهب (1). وأخرجه ابن حبان عن عبد اللَّه بن عمرو الغزي عن البخاري، فوقع لنا بدلًا عاليًا على طرق الجميع. وأخرجه النسائي عن الربيع بن سليمان (2)، فوافقناه بعلو واللَّه أعلم.
آخر المجلس السادس والثلاثين بعد المائتين وهو السادس والثمانون من تخريج أحاديث المختصر.
(1) رواه مسلم (89) وأبو داود (2874).
(2)
رواه النسائي (6/ 257).
[المجلس السابع والثمانون]
قال المملي رضي الله عنه:
قال القاضى تاج الدين السبكي رحمه الله في شرحه بعد أن ذكر هذا الحديث: الموبقة أخص من الكبيرة، وليس في حديث أبي هريرة أنها الكبائر.
قلت: بل ورد في حديث أبي هريرة أنها الكبائر، لكن من طريق أخرى أخرجها البزار في مسنده وابن المنذر في تفسيره ونسبت لتخريج الإمام أحمد لكني ما وجدتها في مسنده كلهم من رواية عمر بن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة ولفظه "الكَبَائِرُ الشِّرْكُ باللَّهِ" وذكر مثل الحديث الماضى، لكن لم يذكر السحر، وذكر بدله الإنتقال إلى الأعراب بعد الهجرة (1). فيستفاد من ذلك الكبيرة والموبقة مترادفان، ويصح ذلك على طريقه من تفسير الكبيرة بأنها ما توعد عليها بالنار، فإن الموبقة بمعنى أنها تدخل صاحبها النار فلا تكون إحداهما على هذا المعنى أخص من الأخرى.
وقد جاء عن أبي هريرة ذكر الكبائر السبع من وجه آخر مجملة.
قرأت على أبي بكر بن العز الفرضى عن أبي عبد اللَّه بن الزراد إجازة إن لم يكن سماعا أنا الحافظ أبو علي البكري أنا أبو روح الهروي أنا أبو القاسم المستملي أنا محمد بن محمد بن يحيى أنا محمد بن الفضل بن محمد بن إسحاق بن خزيمة أنا جدي ثنا يونس بن عبد الأعلى واللفظ له (ح).
وقرأت على فاطمة بنت محمد بن المنجى عن سليمان بن حمزة أنا الحافظ الضياء أنا زاهر بن أحمد أن سعيد بن أبي الرجاء أخبرهم أنا أبو طاهر الثقفي
(1) رواه البزار (109 كشف الأستار) وفي إسناده خالد بن يوسف بن خالد السمتي ضعيف، وفي راو آخر كلام.
أنا أبو بكر بن أبي عاصم أنا محمد بن الحسن بن قتيبة ثنا حرملة بن يحيى قالا: أنا عبد اللَّه بن وهب أخبرني عمرو بن الحارث أن سعيد بن أبي هلال حدثه (ح).
وحدثنا الحافظ أبو الفضل بن الحسين إملاء أنا عبد اللَّه بن محمد مشافهة أنا علي بن أحمد أنا أبو جعفر الصيدلاني في كتابه أنا أبو علي الحداد أنا أبو نعيم أنا عبد اللَّه بن جحفر ثنا إسماعيل بن عبد اللَّه ثنا عبد اللَّه بن صالح ثنا الليث عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال أن نعيم بن عبد اللَّه المجمر حدثه عن صهيب مولى العتواريين أنه سمع أبا هريرة وأبا سعيد الخدري رضي الله عنهما يقولان: إن النبي صلى الله عليه وسلم جلس على المنبر ثم قال: "وَالَّذي نَفْسي بيَدِهِ" ثم سكت فأكب كل رجل منا يبكي حزنا ليمين رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ثم قال: "مَا مِنْ عَبْدٍ يُصَلِّي الصَّلَوَات الخَمْسَ، وَيَصُومُ رمَضَانَ، وَيُؤَدِيِّ الزَّكَاةَ، وَيَجْتَنِبُ الكَبَائِرَ السَّبْعَ إِلَّا فُتِحَتْ لَهُ أبْوابُ الجَنَّةِ، حَتَّى إِنَّها لَتَصْطَفِقُ" ثم تلا {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا} " السياق لابن وهب، وانتهى سياق الليث إلى قوله "أبْوابُ الجَنةِ" وزاد "ثُمَّ قِيلَ لَهُ ادْخُلِ الجَنَّة بِسَلَامٍ".
هذا حديث حسن، أخرجه النسائي عن محمد بن عبد اللَّه بن عبد الحكم عن شعيب بن الليث عن أبيه (1). فوقع لنا عاليا بدرجة. وأخرجه ابن خزيمة عن يونس كما سقته (2). وأخرجه ابن حبان عن عبد اللَّه بن محمد بن سلم عن حرملة، فوقع لنا بدلا عاليا. وأخرجه الحاكم عن أبي العباس الأصم عن ابن عبد الحكم عن ابن وهب، وفي موضع آخر عن الأصم أيضا عن ابن عبد الحكم أنا أبي وشعيب بن الليث عن الليث قال
(1) رواه النسائي (5/ 8 - 9).
(2)
رواه ابن خزيمة (315).
الحاكم: هذا حديث صحيح ولم يخرجاه من أجل صهيب فإنه ما روى عنه سوى نعيم (1).
قلت: هو مدني مقل، ذكره البخاري في تاريخه فقال: سمع أبا هريرة وأبا سعيد سمع منه نعيم ولم يذكر فيه جرحا، وذكر حديثه عن عبد اللَّه بن صالح كما تقدم، وكذا ذكره ابن أبي حاتم بروايته عن أبي هريرة وأبي سعيد، ورواية نعيم عنه، ولم يذكر فيه جرحا ولا قال مجهول على عادته فيمن لم يرو عنه إلا واحد، والراوي نعيم بن عبد اللَّه بن المجمر ثبت سماعه في الصحيح من أبي هريرة وأدخل بينه وبين أبي هريرة في هذا صهيبا، فلولا أنه عنده ثقة ما حدث عنه عن شيخه مع إمكان سؤاله لشيخه.
وقوله (مولى العتواريين) هم بطن من بني كنانة ينتسبون إلى عتوارة بضم العين المهملة وسكون المثناة بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة واللَّه أعلم.
آخر المجلس السابع والثلاثين بعد المائتين وهو السابع والثمانون من تخريج أحاديث المختصر.
(1) رواه الحاكم (2/ 240).
[المجلس الثامن والثمانون]
قال المملي رضي الله عنه:
وأما حديث علي فقال ابن كثير: لم أقف عليه، وسألت المشايخ عنه، فلم يحضرهم فيه شيء، وقال السبكي: أما إسناد السرقة فلا يعرف عن علي، وأما الخمر فجاء عنه حديث "مُدْمِنُ الخَمْرِ كَعَابِدِ وثنٍ".
قلت: فيه نظر، فقد حمله أبو نعيم على المستحل، وهذا بناء منه على التسوية بين المشبه والمشبه به، ويحتمل أن يكون التشبيه لمحض الغرابة، والمحبة والملازمة، ويحتمل أن يكون للمبالغة في الزجر والتنفير، وهو قريب من الحديث الآخر المخرج في الصحيحين:"لا يَزْنِي الزَّانِي وَهُوَ مُؤْمِن" وفيه السرقة والخمر، وقد أخرج الطبري من طريق محمد بن سهل بن أبي خيثمة عن أبيه انه سمع عليا رضي الله عنه يخطب فقال: أيها الناس إن الكبائر سبع، فذكر مثل حديث أبي سلمة عن أبي هريرة الذي قدمته قريبا، وليس فيه الخصلتان المذكورتان (1)، فالذي أظنه أن المصنف حرف عليه اسم الصحابي، فقد وقع لي حديث فيه ذكر السرقة والخمر.
أخبرني عبد اللَّه بن عمر بن علي أخبرنا أحمد بن كشتغدي أخبرنا عبد اللطيف بن عبد المنعم قال: كتب إلينا خليل بن بدر أخبرنا الحسن بن أحمد أخبرنا أحمد بن عبد اللَّه حدثنا أحمد بن يوسف حدثنا الحارث بن أبي أسامة حدثنا عمر بن سعيد حدثنا سعيد بن بشير عن قتادة عن الحسن عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "أَرَأَيْتُمُ الزَّانِي وَالسَّارِقَ وشَارِبَ الْخَمْر مَا تَقُوُلُونَ فِيْهمْ؟ قالوا: اللَّه ورسوله أعلم، قال: "هُنَّ فَواحِشُ وَفِيهنَّ عُقوُبَة، أَلَا أُنَبئُكُمْ بِأَكْبَر الكَبَائِر؟ الإِشْرَاكُ باللَّهِ وَعُقوُقُ
(1) رواه ابن جرير في تفسيره (9179).
الوَالِدَيْنِ" وكان متكئا فاحتفز فقال: "أَلَا وَقَوْل الزُّورِ، أَلَا وَقَوْلَ الزُّورِ".
هذا حديث حسن غريب من حديث الحسن عزيز من حديث قتادة أخرجه الطبراني في مسند الشاميين عن أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة عن أبي الجماهر (1). وأخرجه ابن أبي حاتم في التفسير عن أبي زرعة عن محمد بن بكار كلاهما عن سعيد بن بشير. وأخرجه البيهقي من وجه آخر عن عمر بن سعيد كما أخرجناه، وقال: تفرد به عمر بن سعيد وهو منكر الحديث، كذا قال، ولم ينفرد به كما ترى، بل تابعه عليه ثقتان، وشيخهم سعيد بن بشير صدوق فيه لين ولم ينفرد به فقد أخرجه البخاري في الأدب المفرد عن الحسن بن بشر عن الحكم بن عبد الملك عن قتادة (2)، فوقع لنا عاليا على طريقه بدرجة. واختلف في سماع الحسن من عمران، لكن له شاهد مرسل من حديث النعمان بن مرة أخرجه مالك في الموطأ عن يحيى بن سعيد عنه دون آخره (3). ولآخره شاهد في الصحيحين من حديث أبي بكرة (4).
وقد وقع لنا حديث علي في المدمن.
قرأت على أبي الحسن بن أبي عبد اللَّه الخطيب عن عيسى بن عبد الرحمن أخبرنا محمد بن عبد الواحد الحافظ أخبرنا أبو الحسين بن حمزة أخبرنا أبو بكر الغزالي قال: سمعت أبا الفضل حمد بن أحمد الحداد يقول أخبرنا أبو نعيم (ح).
وأخبرنيه عاليا أحمد بن الحسن المقدسي أخبرنا محمد بن غالي أخبرنا أبو الفرج الحراني عن أبي المكارم اللبان أخبرنا أبو علي الحداد أخبرنا أبو نعيم حدثني أبو الحسن علي بن محمد القزويني ببغداد حدثنا محمد بن أحمد بن
(1) رواه الطبراني في مسند الشاميين (2633) وفي الكبير (ج 18 رقم 293).
(2)
رواه البخاري في الأدب الفرد (30).
(3)
رواه مالك فى الموطأ (1/ 139 - 140).
(4)
رواه البخاري (2654 و 5976 و 6273 و 6274 و 6919) ومسلم (87).
عبد اللَّه بن قضاعة حدثنا القاسم بن العلا، حدثني الحسن بن علي حدثني أبي علي بن محمد حدثني أبي محمد بن علي حدثني أبي علي بن موسى حدثني أبي موسى بن جعفر حدثني أبي جعفر بن محمد حدثني أبي محمد بن علي حدثني أبي علي بن الحسين حدثني أبي الحسين بن علي حدثني علي بن أبي طالب رضي الله عنهم قال: حدثني رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "قَالَ لِي جِبْريلُ عليه السلام: يَا مُحَمَّدُ إِنَّ مُدْمِنَ خَمْرٍ كَعَابدِ وَثنٍ"(1).
وبالسند الثاني إلى أبي نعيم قال: هذا حديث صحيح غريب لم نكتبه على هذا الشرط إلا عن هذا الشيخ، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير طريق. انتهى.
وأراد بقوله على هذا الشرط شرط التسلسل وهو قول كل راو في الإسناد المذكور أشهد باللَّه وأشهد للَّه لقد حدثني فلان هكذا إلى منتهاه، وأراد بقوله صحيح وصف المتن لمجيئه من غير وجه، وبقوله غريب تفرد رواة هذا الإسناد به، فإنه لا يعرف إلا من هذا الوجه، وشيخ أبي نعيم وشيخه وشيخ شيخه لا يعرفون، وأما الحسن بن علي وآباؤه فهم فضلاء ثقات، وهم الأئمة عند الإمامية الإثني عشرية يضيفون إليهم محمد بن الحسن هذا الذي يدعون أنه المنتظر، والحسن بن علي بن أبي طالب.
وأما الأحاديث التي أشار إليها فقد جاء المتن المذكور من حديث أبي هريرة في سنن ابن ماجه (2). ومن حديث ابن عباس في صحيح ابن حبان (3). ومن حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص في الأشربة لابن أبي عاصم واللَّه أعلم.
آخر المجلس الثامن والثلاثين بعد المائتين وهو الثامن والثمانون من تخريج أحاديث المختصر.
(1) رواه أبو نعيم في الحلية (3/ 203 - 204).
(2)
رواه ابن ماجه (3375).
(3)
رواه ابن حبان (1379 موارد).
[المجلس التاسع والثمانون]
قال المملي رضي الله عنه:-
أخبرني أبو محمد عبد القادر بن محمد بن القمر قال قرئ على أم عبد اللَّه الكمالية وأنا أسمع عن أبي القاسم بن أبي السعود بن القميرة أخبرنا أبو الرضى محمد بن بدر أخبرنا علي بن محمد العلاف أخبرنا علي بن أحمد الحمامي بانتقاء أبي الفتح بن أبي الفوارس أخبرنا أحمد بن عثمان الأدمي حدثنا عباس بن محمد الدوري حدثنا الحسن بن بشر حدثنا الحكم بن عبد الملك عن قتادة عن الحسن عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "مَا تَقُولُون في الزِّنَا وَالسَّرِقَة وَشُرْب الخَمْر؟ " قالوا اللَّه ورسوله أعلم، قال:"هُنَّ فَواحِشُ وَفِيهنَّ عُقُوَبةٌ، أَلَا أُنبئكُمُ بِأَكْبَر الكَبَائِر؟ الشِّرْكُ بِاللَّهِ وَعُقوُقُ الوَالديْنِ" وكان متكئا فاحتفز فقال: "وَقَوْل الزُّورِ (1) ".
قال ابن أبي الفوارس: هذا حديث غريب من حديث قتادة عن الحسن تفرد به الحكم بن عبد الملك.
قلت: قد تقدم من طريق سعيد بن بشير عن قتادة فلم ينفرد به الحكم، وتابع قتادة يونس بن عبيد والسري بن يحيى، فروياه عن الحسن، لكنهما أرسلاه، أخرجه إسماعيل القاضى في أحكام القرآن له من طريقهما. وأخرجه البخاري في الأدب المفرد عن الحسن بن بشر (2)، فوقع لنا موافقة عالية بدرجة.
أخبرنا الشيخ أبو عبد اللَّه بن قوام البالسي بالصالحية أخبرنا أبو
(1) تقدم آنفًا أن البخاري رواه في الأدب المفرد (30) عن الحسن بن بشر عن الحكم بن عبد الملك به.
(2)
رواه (30) كما تقدم آنفًا مرتين.
الحسن بن هلال أخبرنا أبو إسحاق بن مضر أخبرنا أبو الحسن الطوسي أخبرنا أبو محمد سهل أخبرنا أبو عثمان البحيري أخبرنا أبو علي السرخسي أخبرنا أبو إسحاق الهاشمي أخبرنا أبو مصعب الزهري أخبرنا مالك أخبرنا يحيى بن سعيد عن النعمان بن مرة عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكر نحوه إلى قوله وفيهن عقوبة وقال بعده: "أَلَا أُخْبركُمْ بِأَسْوَءِ النَّاسِ سَرِقَةً؟ الَّذَي يَسْرِقُ صَلَاتَهُ، فَلَا يُتمَ رُكُوعَهَا وَلَاسُجُودَهَا"(1).
هذا حديث مرسل قوي الإسناد شاهد لحديث الحسن يعتضد كل منهما بالآخر، ولآخره شاهد في الصحيح من حديث أبي هريرة، وقد جاء التصريح بأن شرب الخمر من الكبائر.
قرأت على عبد اللَّه بن عمر عن زينب بنت أحمد عن عجيبة أن مسعود بن الحسن كتب اليهم قال: أخبرنا المطهر بن عبد الواحد أخبرنا أبو عمر بن عبد الوهاب أخبرنا عبد اللَّه بن محمد بن عمر بن يزيد الزهري أخبرنا عمي عبد الرحمن الملقب رسته في كتاب الإيمان له حدثنا أبو قتيبة هو سلم بن قتيبة حدثنا ابن أبي ذئب حدثنا شعبة مولى ابن عباس رضي الله عنهما قال: قلت لابن عباس رضي الله عنهما: أن الحسن بن علي رضي الله عنهما سئل عن الخمر أمن الكبائر هي؟ قال: لا، فقال ابن عباس: فلم قالها؟ قد قالها النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا شرب سكر وزنا وترك الصلاة فهي من أكبر الكبائر" هكذا وقع في أصل سماعنا، لكن ضبب على لفظ النبي صلى الله عليه وسلم، فكأن الصواب أنه موقوف. وكذلك أخرجه إسماعيل القاضى في أحكامه من وجه آخر عن ابن أبي ذئب، وفيه إشعار بوهم من نقل عن علي رضي الله عنه ما ذكره المصنف، وإلا لما خفي على الحسن ولده، وما ذكره المصنف في الإضطراب فى الكبائر يظهر من إيراده أنه أراد به الإختلاف في التنصيص، وقد بقي مما ورد النص به أشياء تزيد على ما ذكره مرتين فأكثر، وقد وقع الإختلاف أيضا بين العلماء
(1) رواه مالك (1/ 203 - 204).
هل تلحق بالمنصوص غيره أو لا؟ وقد أشار المصنف إلى ذلك بقوله [وقيل ما توعد الشارع عليه بخصوصه] وهذا القول جاء عن جماعة من السلف وأعلاهم ابن عباس، فأ [خر] ج الطبري في التفسير من طريق معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: كل ذنب ختمه اللَّه بنار أو غضب أو لعن أو عذاب فهو كبيرة (1). ولعل هذا هو السبب في قول ابن عباس لما سئل عن الكبائر أسبع هي؟ فقال: هي إلى السبعين أقرب. أخرجه الطبري وإسماعيل وغيرهما بأسانيد مختلفة عنه وبألفاظ مختلفة أيضا في بعضها أو سبعمائة (2)، وكأنها شك من الراوي أو مبالغة.
(قوله مسألة مجهول الحال -إلى أن قال- نحن نحكم بالظاهر).
يعني احتجوا بهذا الحديث، وقد تقدم الكلام عليه في المجلس الرابع والأربعين من هذا التخريج.
(قوله مسألة الأكثر على عدالة الصحابة إلى أن قال: لنا والذين معه، أصحابي كالنجوم).
يشير إلى الآية التي في آخر سورة الفتح ففيها الدلالة الواضحة على المطلوب إذ لم يخص بعضا من بعض، وكذلك الحديث وقد تقدم تخريجه في المجلس السادس والثلاثين من هذا التخريج واللَّه أعلم.
آخر المجلس التاسع والثلاثين بعد المائتين من الأمالي وهو التاسع والثمانون من تخريج أحاديث المختصر.
(1) رواه ابن جرير في تفسيره (9212).
(2)
رواه الطبري في تفسيره (9206 - 9209).
[المجلس التسعون]
(قوله مسألة العدد ليس بشرط إلى أن قال ولا العلم بفقه أو عربية أو معنى الحديث لقوله: "نَضَّر اللَّهُ امْرَءًا").
قلت: الدلالة المطلوبة تظهر من بقية الحديث وهو حديث مشهور خرج في السنن أو بَعْضِهَا من حديث ابن مسعود وزيد بن ثابت وجبير بن مطعم وصححه ابن حبان والحاكم، وذكر أبو القاسم بن مندة في تذكرته: رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم أربعة وعشرون صحابيًا، ثم سرد أسماءهم، وقد تتبعت طرقه فوقع لي أكثرها وزيادة ستة، فأقتصر هنا على القوي منها.
فمنها حديث ابن مسعود.
أخبرنا أبو عبد اللَّه محمد بن محمد بن علي الجيزي وأبو الحسن علي بن محمد بن محمد الجوزي سماعا عليه مفترقين كلاهما عن وزيرة بنت عمر التنوخية إجازة إن لم يكن سماعا قالت: أخبرنا أبو عبد اللَّه بن المبارك أخبرنا طاهر بن محمد أخبرنا مكي بن منصور أخبرنا أحمد بن الحسن حدثنا أبو العباس الأصم أخبرنا الربيع بن سليمان أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة (ح).
وأخبرني أبو الحسن بن أبي بكر أخبرنا عبد اللَّه بن محمد العطار أخبرنا أبو الحسن بن البخاري أخبرنا محمد بن معمر في كتابه أخبرنا سعيد بن أبي الرجاء أخبرنا أحمد بن محمد بن النعمان أخبرنا أبو بكر بن المقري حدثنا إسحاق بن أحمد الخزاعي حدثنا محمد بن يحيى بن أبي عمر حدثنا سفيان بن عيينة (ح).
وقرأت على أبي الحسن بن أبي المجد عن سليمان بن حمزة أن ابن التي أخبرهم قال: أخبرنا أبو الوقت أخبرنا أبو الفضيل بن يحيى أخبرنا أبو محمد بن أبي شريح حدثنا أبو محمد بن صاعد حدثنا علي بن حرب حدثنا
خالد بن يزيد حدثنا سفيان الثوري كلاهما عن عبد الملك بن عمير قال: سمعت عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن مسعود يحدث عن أبيه رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "نَضَّرَ اللَّهُ عَبْدًا سَمِعَ مَقَالتِي فَحَفِظَهَا فَأدَّاهَا، فَرُبَّ حَامِل فِقه غَيْر فَقِيهٍ، وَرُبَّ حَامِل فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أفقَهُ مِنْهُ، ثَلَاثٌ لَا يَغَلَّ عَلَيْهنَّ قَلْبُ مُسْلِمٍ: إِخْلَاصُ العَمَلِ لِلَّهِ وَمُنَاصَحَةُ أَئِمَّةِ المُسْلِمينَ وَلُزُومُ جَماعَتِهِمْ، فَإِنَّ دَعْوَتهُمْ تُحِيُطُ مَنْ وَرَاءَهُمْ"(1).
هذا حديث صحيح أخرجه الترمذي عن ابن أبي عمر (2)، فوقع لنا موافقة عالية. وأخرجه ابن أبي خيثمة عن الحميدي عن ابن عيينة (3)، وكذا أخرجه ابن أبي حاتم في مقدمة الجرح والتعديل عن أبيه عن الحميدي (4). وصرح الحميدي في مسنده بسماع ابن عيينة له عن عبد الملك بن عمير، وتابع عبد الملك سماك بن حرب فرواه عن عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن مسعود أخرجه أحمد والترمذي وابن ماجه وابن حبان من طرق عن سماك (5)، وعبد الرحمن سمع من أبيه عند الأكثر. وهو بخلاف أخيه أبي عبيدة، فإنه عند الأكثر لم يسمع من أبيه. وقد جاء عن ابن مسعود من وجه آخر.
أخبرني أبو المعالي بن عمر أخبرنا أحمد بن محمد بن عمر أخبرنا أبو الفتوح بن عبد المنعم أخبرنا ضياء بن أبي القاسم أخبرنا أبو بكر بن عبد الباقي أخبرنا أبو بكر الخطيب أخبرنا أبو جعفر محمد بن جعفر بن علان حدثنا أبو الفتح محمد بن الحسين الموصلي حدثنا أبو يعلى حدثنا عبد اللَّه بن محمد بن سالم حدثنا عبيدة بن الأسود حدثنا القاسم بن الوليد حدثنا الحارث هو ابن يزيد العكلي عن إبراهيم هو النخعي عن الأسود هو ابن
(1) رواه الشافعي في الرسالة (ص 401) والمسند (1/ 4).
(2)
رواه الترمذي (2659).
(3)
رواه الحميدي (88).
(4)
رواه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (1/ 1/ 10).
(5)
رواه أحمد (4157) والترمذي (2660) وابن ماجه (232) وابن حبان (66 و 68 و 69).
يزِيد عن عبد اللَّه بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "نَضَّر اللَّهُ امْرَءًا سَمِعَ مَقَالتي فَوَعَاهَا فَبَلَّغهَا، فَإِنَّهُ رُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لَيْسَ بفَقِيهٍ، وَرَبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ"(1).
وبه إلى الخطيب قال: بلغني عن عبد الغني أنه قال: هذا الطريق أصح طرق هذا المتن.
قلت: أخرجه عبد الغني بن سعيد في كتاب أدب المحدث عن يعقوب بن مسدد عن أبي يعلي كما أخرجناه، وقال: تذاكرت أنا وأبو الحسن الدارقطني طرق هذا الحديث، فقال: هذا أصح شيء روي فيه انتهى. وأخرجه أبو جعفر العقيلي عن عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل وجعفر بن محمد الغريابي كلاهما عن عبد اللَّه بن محمد بن سالم، ورجال إسناده كلهم كوفيون موثقون، وليس فيه رجحان على ما قبله إلا ما في الذي قبله من الإختلاف في سماع -اسناد- عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن مسعود من أبيه وفي إنضمام الطريقين ما يقوي الحكم بصحته عن ابن مسعود اللَّه أعلم.
آخر المجلس الأربعين بعد المائتين من الأمالي وهو التسعون من تخريج أحاديث المختصر.
(1) رواه الخطيب في شرف أصحاب الحديث (ص 18 - 19).
[المجلس الحادي والتسعون]
قال المملي رضي الله عنه:
وقد وقع لي حديث الأسود من وجه آخر عاليا.
قرأت على أبي الحسن بن أبي المجد أن القاسم بن المظفر أخبرهم أخبرنا محمد بن غسان حضورا وإجازة أخبرنا الحافظ أبو القاسم بن عساكر أخبرنا أبو القاسم النسيب أخبرنا محمد بن عبد الرحمن التميمي قال: قرئ على يوسف بن القاسم وأنا أسمع عن أحمد بن علي بن المثنى سماعا عليه وهو أبو يعلى الموصلي المذكور في السند الأول.
وأما حديث زيد بن ثابت.
فأخبرني أبو الحسن بن أبي بكر الحافظ قال: أخبرنا أبو الحسن بن أحمد البزار أخبرنا أبو الحسن بن أحمد المقدسي أخبرنا عبد الصمد بن محمد أخبرنا عبد الكريم بن حمزة أخبرنا عبد العزيز بن أحمد أخبرنا تمام بن محمد حدثنا خيثمة بن سليمان (ح).
وقرأته عاليا على فاطمة بنت محمد التنوخية عن عيسى بن عبد الرحمن قال: قرئ على كريمة الزبيرية وأنا أسمع عن أبي الخير الباغبان أخبرنا أبو عمرو بن أبي عبد اللَّه بن مندة أخبرنا أبي أخبرنا خيثمة أخبرنا أبو عتبة أحمد بن الفرج حدثنا بقية بن الوليد (ح).
وقرأت على خديجة بنت إبراهيم بدمشق عن القاسم بن عساكر إجازة إن لم يكن سماعا قال: أخبرنا عبد العزيز بن دلف في كتابه أخبرنا علي بن المبارك أخبرنا أبو نعيم بن أبي البركات أخبرنا أحمد بن يزداد أخبرنا عبد اللَّه بن محمد بن عباس -عثمان- حدثنا أبو خليفة حدثنا مسدد حدثنا يحيى بن سعيد القطان (ح).
وقرأته عاليا على فاطمة بنت المنجى عن سليمان بن حمزة وأبي بكر بن أحمد قال الأول: أخبرنا الحافظ الضياء أخبرنا أبو جعفر الصيدلاني عن فاطمة الجوزذانية سماعا قالت: أخبرنا أبو بكر بن ريذة أخبرنا الطبراني، وقال الثاني: أخبرنا محمد بن إبراهيم الأربلي عن شهدة الكاتبة سماعا قالت: أخبرنا أبو ياسر البقال أخبرنا أبو طالب بن بكير أخبرنا أبو محمد بن ماسي قالا: حدثنا يوسف بن يعقوب القاضى حدثنا عمرو بن مرزوق (ح).
وأخبرني علي بن محمد الخطيب عن أبي بكر الدشتي أخبرنا يوسف بن خليل الحافظ أخبرنا أبو المكارم اللبان أخبرنا أبو علي الحداد أخبرنا أبو نعيم حدثنا عبد اللَّه بن جعفر حدثنا يونس بن حبيب حدثنا أبو داود الطيالسي قالوا: [وهم أربعة] حدثنا شعبة حدثنا عمر بن سليمان حدثنا عبد الرحمن بن أبان بن عثمان عن أبيه عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "نَضَّرَ اللَّهُ امْرَءًا سَمِعَ مِنَّا حَديثًا فبَلَّغَهُ، فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لَيسْ بِفَقيهٍ، وَرُبَّ حامِلِ فِقْهٍ إِلى مَنْ هُوَ أفْقَهُ مِنْهُ"(1).
هذا حديث صحيح أخرجه أحمد عن يحيى بن سعيد وأبو داود عن مسدد وابن حبان عن أبي خليفة وابن أبي حاتم عن يونس بن حبيب والخطيب عن أبي نعيم (2)، فوقع لنا موافقة الجميع. وأخرجه النسائي وابن ماجة وابن حبان أيضا من طرق أخرى عن شعبة (3). وأخرجه الترمذي عن محمود بن غيلان عن أبي داود الطيالسي (4) فوقع لنا بدلا عاليا. وقال:
(1) رواه الطبراني في الكبير (4890).
(2)
رواه أحمد (5/ 183) وأبو داود (3360) وابن حبان (67) وابن أبي حاتم (1/ 1/ 11) والخطيب في شرف أصحاب الحديث (ص 18).
(3)
ورواه النسائي في العلم من الكبرى كما في تحفة الأشراف (3/ 201) وابن ماجه (230) وابن حبان (680).
(4)
رواه الترمذي (2658).
حديث حسن صحيح. قال: وفي الباب عن ابن مسعود ومعاذ بن جبل وجبير بن مطعم وأبي الدرداء وأنس انتهى.
وقد تقدم حديث ابن مسعود.
وأما حديث معاذ.
فأخبرني التقي عبد اللَّه بن محمد بن عبيد اللَّه أخبرنا أبو عبد اللَّه الزراد إجازة إن لم يكن سماعا أخبرنا الحافظ أبو علي البكري أخبرنا أبو روح الهروي أخبرنا أبو القاسم المستملي أخبرنا أبو سعيد الكنجروذي حدثنا أبو أحمد الحاكم حدثنا محمد بن مروان حدثنا هشام بن عمار حدثنا عمرو بن واقد حدثنا يونس بن ميسرة عن أبي إدريس الخولاني عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم "نَضَّر اللَّه عَبْدًا سَمعَ كَلَامي فَبَلَّغَهُ ثُمَّ لَمْ يَزِدْ فِيهِ، فَرُبَّ حَامِلِ كَلِمَةٍ إِلى مَنْ هُوَ أوْعَى لَهَا مِنْهُ" الحديث.
هذا حديث غريب من هذا الوجه أخرجه الطبراني في الأوسط عن محمد بن أبي زرعة عن هشام بن عمار وقال: لا يروى عن معاذ إلا بهذا الإسناد، تفرد به عمرو بن واقد. وأخرجه أيضا عن موسى بن عيسى عن محمد بن المبارك عن عمرو. وأخرجه أبو نعيم في الحلية عن الطبراني بهذا الإسناد الثاني (1)، وفيه رد على من زعم أن هشام بن عمار تفرد به، ورجاله ثقات إلا عمرو بن واقد الذي تفرد به، فإنه ضعيف جدًا.
وأما حديث جبير بن مطعم.
فأخبرني الشيخ أبو إسحاق التنوخي قال قرئ على أسماء بنت محمد وأنا أسمع أن مكي بن علان قال: أخبرنا أبو المعالي بن خلدون أخبرنا أبو
(1) رواه الطبراني في الأوسط (ص 23 مجمع البحرين) ورواه في مسند الشاميين (2210) وفي الكبير (ج 20 رقم 155) عن أحمد بن المعل الدمشقي عن هشام به. ورواه القضاعي في مسند الشهاب (1422) من طريق أخرى عن هشام به. وأبو نعيم في الحلية (9/ 308).
الحسن الموازيني أخبرنا محمد بن عبد الرحمن بن أبي نصر أخبرنا القاضى أبو بكر الميانجي حدثنا أبو العباس محمد بن شادل حدثنا إسحاق بن راهويه (ح).
وأخبرنا عاليا أبو الحسن الجوزي وأبو هريرة بن الذهبي سماعا على الأول وإجازة من الثاني قالا أخبرنا يحيى بن محمد بن سعد قال الأول: إجازة والثاني: سماعا أخبرنا جعفر بن علي أخبرنا السلفي أخبرنا أبو عبد اللَّه الثقفي حدثنا أبو الحسن علي بن محمد إملاء قال: أخبرنا أبو عمرو أحمد بن محمد حدثنا أبو أمية قالا: حدثنا يعلى بن عبيد حدثنا محمد بن إسحاق عن الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه رضي الله عنه قال: قام فينا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بالخيف من منى فقال: "نضَّر اللَّه عَبْدًا سَمِعَ مَقَالَتي فَوَعَاهَا فَأدَّاهَا إِلى مَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا" الحديث بطوله واللَّه أعلم.
آخر المجلس الحادي والأربعين بعد المائتين من الأمالي وهو الحادي والتسعون من تخريج أحاديث المختصر.
[المجلس الثاني والتسعون]
قال المملي رضي الله عنه:
أخبرني أبو العباس بن تميم أخبرنا أبو العباس بن نعمة أخبرنا أبو المنجى بن عمر أنا أبو الوقت أنا أبو الحسن بن المظافر أخبرنا أبو محمد بن أعين أخبرنا أبو العباس بن عمر أخبرنا أبو محمد الدارمي حدثنا أحمد بن خالد ثنا محمد بن إسحاق عن الزهري فذكر مثله (1).
هذا حديث صحيح المتن، لكنه بهذا الإسناد معلول أخرجه أحمد عن يعلى بن عبيد (2). وأبو عبيد في كتاب الواعظ عن أحمد بن خالد، فوافقناهما بعلو. وأخرجه الذهلي في الزهريات عن يعلى بن عبيد وأحمد بن خالد على الموافقة. وأخرجه ابن ماجة عن علي بن محمد الطنافسي عن يعلى بن عبيد (3)، فوقع لنا بدلا عاليا. وأخرجه أيضا عن هشام بن عمار عن يحيى بن سعيد الأموي (4). وأخرجه الطبراني من رواية عيسى بن يونس وعبدة بن سليمان كلهم عن محمد بن إسحاق (5). وأخرجه أحمد أيضا عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد عن أبيه عن ابن إسحاق (6). وأخرجه الحاكم من طريق أحمد هذه ومن طريق هشام بن عمار ومن طريق الذهلي ومن غير هذه الطرق، وقال: اتفق هؤلاء وهم أئمة ثقات عن ابن إسحاق وخالفهم
(1) رواه الدارمي (234).
(2)
رواه أحمد (4/ 80).
(3)
رواه ابن ماجه (231).
(4)
رواه ابن ماجه (231).
(5)
رواه الطبراني في الكبير (1541).
(6)
رواه أحمد (4/ 82) وأبو يعلى (349/ 1).
عبد اللَّه بن نمير فقال عن ابن إسحاق عن عبد السلام بن أبي الجنوب عن الزهري انتهى (1).
ورجح رواية ابن نمير، ويؤيد أن ابن إسحاق دلسه ما وقع في رواية أحمد عن يعقوب بن إبراهيم عن أبيه عن ابن إسحاق قال: ذكر الزهري، وهذه عادة ابن إسحاق فيما لم يسمعه من شيوخه يقول: ذكر فلان قاله ابن خزيمة، وعبد السلام بن أبي الجنوب الذي حدثه به عن الزهري ضعيف، وقد وقع لنا الحديث من طريقه.
أخبرني أبو الفرج بن حماد أخبرنا أبو الحسن بن قريش أخبرنا إسماعيل بن أبي العز قرئ على فاطمة بنت أبي الحسن الأندلسي وأنا أسمع عن فاطمة بنت عبد اللَّه سماعا قالت أخبرنا محمد بن عبد اللَّه أخبرنا الطبراني حدثنا جعفر بن محمد حدثنا محمد بن عبد اللَّه بن نمير حدثنا أبي حدثنا محمد بن إسحاق عن عبد السلام بن أبي الجنوب عن الزهري فذكره. أخرجه ابن ماجه وأبو يعلى وابن أبي عاصم جميعا عن محمد بن عبد اللَّه بن نمير (2)، فوقع لنا موافقة وعاليا بالنسبة لاتصال السماع. وله طريق أخرى عن الزهري اعتمدها الحاكم وهي معلولة أيضا.
قرأت على أم يوسف الصالحية بها عن محمد بن عبد الحميد أن إسماعيل بن أبي العز أخبرهم بالسند الماضى إلى الطبراني حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح حدثنا نعيم بن حماد حدثنا إبراهيم بن سعد عن صالح بن كيسان عن الزهري فذكره. أخرجه الحاكم من طريقين عن نعيم وقال: صحيح على شرط الشيخين كذا قال (3).
ونعيم ما له في مسلم سوى شيء مقطوع في المقدمة. وأخرج عنه
(1) رواه الحاكم (1/ 87).
(2)
رواه ابن ماجه (231) والطبراني في الكبير (1542).
(3)
رواه الحاكم (1/ 87) والطبراني في الكبير (1544).
البخاري مويضعات متابعات وأثرا واحدا موقوفا، وقد وصف بكثرة الخطأ على إمامته وجلالته، وهذا الإسناد مما شذ فيه، فإن يعقوب بن إبراهيم بن سعد أثبت منه وأتقن وأعرف بحديث أبيه، وقد قال فيه: عن أبيه عن ابن إسحاق فهو المعتمد، ولابن إسحاق فيه شيخ آخر رواه عن عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب عن محمد بن جبير وهو معلول أيضا.
وبه إلى الطبراني حدثنا محمد بن عبد اللَّه الحضرمي حدثنا عقبة بن مكرم حدثنا يونس بن بكير حدثنا محمد بن إسحاق فذكره، ولم يسمعه عمرو من محمد بن جبير، بينهما واسطة بينه أحمد في روايته عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد أيضا عن أبيه عن ابن إسحاق قال حدثني عمرو بن أبي عمرو عن عبد الرحمن بن الحويرث عن محمد بن جبير بن مطعم (1). وهكذا رواه إسماعيل بن جعفر عن عمرو بن أبي عمرو، فظهر أن في رواية يونس بن بكير تسوية، وعبد الرحمن بن الحويرث نسب إلى جده واسم أبيه معاوية وهو مدني ضعيف.
وبالسند الماضى إلى الدارمي حدثنا سليمان بن داود حدثنا إسماعيل بن جعفر حدثنا عمرو بن أبي عمرو عن عبد الرحمن بن الحويرث فذكره موصولا (2)، وذكر الدارقطني في العلل أن إسماعيل بن جعفر رواه مرسلا لم يقل في الإسناد عن أبيه، ورواية الدارمي هذه ترد عليه.
ولكن رويناه في فوائد علي بن حجر عن اسماعيل بن جعفر مرسلا كما قال الدارقطني، فكأنه اختلف في وصله وإرساله على إسماعيل بن جعفر واللَّه أعلم.
وأما حديث أبي الدرداء.
فأخبرني أبو العباس بن تميم بالسند الماضى الى الدارمي حدثنا يحيى بن
(1) رواه الطبراني في الكبير (1543).
(2)
رواه الدارمي (233).
موسى حدثنا عمرو بن محمد حدثنا إسرائيل عن عبد الرحمن بن زبيد عن أبي العجلان عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "نَضَّرَ اللَّه امْرَءًا سَمِعَ مِنَّا حَديثًا فَبَلَّغَهُ كَمَا سَمِعَهُ، فَرُبَّ مُبَلَّغ أَوْعَى مِنْ سَامعٍ" الحديث. أخرجه الدارمي هكذا (1)، وعبد الرحمن بن زبيد ذكره ابن حبان في الطبقة الثالثة من الثقات، ونقل صاحب الميزان في ترجمته أن البخاري قال فيه: منكر الحديث، ولم أر ذلك في التاريخ ولا في كتاب ابن أبي حاتم، وإنما ذكر ذلك البخاري في ترجمة يحيى بن عقبة فقال: يحيى بن عقبة بن أبي العيزار عن عبد الرحمن بن زبيد بن الحارث منكر الحديث فالوصف إنما هو ليحيى لا لعبد الرحمن، ولو كان لعبد الرحمن لما أغفله ابن أبي حاتم كعادته، وأبو العجلان هو المحاربي لا يعرف اسمه وهو معروف بالرواية عن ابن عمر، وقال العجلي: شامي تابعي ثقة.
قلت: لكن لا أدري أسمع من أبي الدرداء أو لا؟
وأبو الجنوب الماضى في رواية ابن إسحاق بفتح الجيم وضم النون الخفيفة وآخره موحدة، وزبيد والد عبد الرحمن بمعجمة وموحدة مصغر واللَّه أعلم.
آخر المجلس الثاني والأربعين بعد المائتين من الأمالي وهو الثاني والتسعون من تخريج أحاديث المختصر.
(1) رواه الدارمي (236).
[المجلس الثالث والتسعون]
وأما حديث أنس.
فأخبرني الشيخ أبو الفرج بن أبي العباس الغزي أخبرنا يونس بن أيى إسحاق أنبأنا أبو الحسن بن المقير مشافهة عن أبي بكر بن الزاغوني أخبرنا أبو نصر الزينبي أخبرنا أبو طاهر المخلص حدثنا عبد اللَّه بن محمد البغوي حدثنا عبد الجبار بن عاصم حدثنا هانئ بن عبد الرحمن بن أبي عبلة عن إبراهيم بن أبي عبلة عن عقبة بن وساج عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "نَضَّر اللَّهُ مَنْ سَمِعَ قَوْلِي ثُمَّ لَمْ يزَد فيه، ثَلَاثٌ لَا يَغلَّ عَلَيْهن قَلْبُ امْرئٍ مُسْلِم إخْلَاصُ العَمَلِ للَّهِ، وَمُنَّا صَحَةُ وُلَّاةِ الأَمْرِ، وَلُزُومُ جَمَاعَةِ المُسْلمِينَ، فَإِنَّ دَعْوَتَهُمْ تُحِيطُ مَنْ وَرَاءَهُمْ".
هذا حديث حسن أخرجه الدارقطني في الأفراد عن البغوي، فوافقناه بعلو. وأخرجه الطبراني في مسند الشاميين عن عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة كلاهما عن عبد الجبار بن عاصم (1)، فوقع لنا بدلا عاليا. وعبد الجبار يكنى أبا طالب أثنى عليه ابن أيى حاتم وذكره ابن حبان في الثقات، وكذا ذكر شيخه في الثقات وقال: ربما أغرب.
وأما إبراهيم بن أبي عبلة فهو ثقة من صغار التابعين، وعبلة بفتح المهملة وسكون الموحدة، واسم أبي عبلة شمر بن يقظان، ووسّاج بتشديد المهملة بعد الألف جيم. وأخرج البخاري من وجه آخر عن إبراهيم بن أبي عبلة بهذا الإسناد حديثا آخر (2). ولحديث أنس طرق أخرى أخرجها أبو يعلى
(1) رواه الطبراني في مسند الشاميين (87) والحاكم في المدخل (1/ 85 - 86).
(2)
انظر صحيح البخاري (3919 و 3920).
وابن أبي حاتم من طريق عبد الوهاب بن بخت (1) بضم الموحدة وسكون المعجمة بعدها مثناة عن أنس ورجاله موثقون، وله طريق ثالثة أخرجها الطبراني في الأوسط وتمام في الفوائد والحاكم في التاريخ من طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن أنس (2)، وعبد الرحمن ضعيف الحفظ، لكن يكتب حديثه فى المتابعات.
ومن طرق الحديث أيضا ما أخبرني أبو العباس أحمد بن محمد بن عبد الغني بن شافع الاسكندراني بها أخبرنا أبو العباس أحمد بن أبي الحسن بن المصفى أخبرنا عثمان بن هبة اللَّه الزهري أخبرنا أبو القاسم بن مُوَقَّي أخبرنا أبو عبد اللَّه الرازي أخبرنا محمد بن الحسين بن السري أخبرنا الحسن بن رشيق حدثنا بشر بن موسى الغزي حدثنا أيوب بن علي حدثنا زياد بن سيار حدثتنا عَزَّةَ بنت عياض بن أبي قرصافة قالت: حدثنا جدي أبو قرصافة رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "نَضَّرَ اللَّه عَبْدًا سَمِعَ مَقَالَتي فَوعَاهَا وَحَفظَهَا فَأدَّاهَا، فَرُبَّ رَجُلٍ يَحْمُل عِلْمًا إِلَى مَنْ هُوَ أَعْلَمُ بِهِ مِنْهُ، ثَلَاثٌ لَا يَغلُ عَلَيْهنَّ قَلْبُ رَجُلٍ مُسُلِمٍ، الحديث. أخرجه الطبراني في الأوسط والصغير عن بشر بن موسي الغزي (3). على الموافقة، وقال: لا يروى عن أبي قرصافة إلا بهذا الإسناد انتهى.
وأبو قرصافة بكسر القاف وسكون الراء بعدها صاد مهملة وبعد الألف فاء واسمه جندرة بفتح الجيم وسكون بن خيشنة بمعجمة ثم ياء تحتانية ثم معجمة ثم نون بوزن أبينة، وقد قيل إنه لا نظير لهما في الأسماء.
(1) رواه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (1/ 1/ 11) والآجري في الشريعة (ص 2؛ وابن ماجه (236) وأحمد (3/ 225) وابن عبد البر (1/ 50).
(2)
رواه الطبراني في الأوسط (ص 23 مجمع البحرين) وخيثمة بن سليمان الأطرابلسي في المنتخب من فوائده (ص 65 - 66).
(3)
رواه الطبراني في الصغير (300) الأوسط (ص 23 مجمع البحرين).
وبهذا الإسناد إلى أبي عبد اللَّه الرازى قال: أخبرنا أحمد بن علي بن هاشم أخبرنا الحسن بن إسماعيل أخبرنا أبو بكر الدينوري أخبرنا يحيى بن المختار عن بشر بن الحارث قال: سمعت الفضيل بن عياض يقول: ما من أحد من أهل الحديث إلا وفي وجهه نضرة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "نَضَّر اللَّه امْرَءًا سَمعَ مِنَّا حَديثًا".
وأخبرني أبو المعالي الأزهري أخبرنا أبو العباس الحلبي أخبرنا أبو الفرج بن عبد المنعم أخبرنا أبو علي بن أبي القاسم أخبرنا القاضى أبو بكر بن عبد الباقي أخبرنا الحافظ أبو بكر الخطيب أخبرنا أبو حازم العبدوي حدثنا نصر بن محمد بن يعقوب حدثنا أحمد بن مروان حدثنا محمد بن اسماعيل بن سالم حدثنا الحميدي قال سمعت سفيان بن عيينة يقول: ما أحد يطلب الحديث إلا وفي وجهه نضرة لهذا الحديث (1).
وأخبرني الشيخ أبو إسحاق التنوخي أخبرنا عيسى بن عبد الرحمن في كتابه أخبرنا جعفر بن علي إجازة إن لم يكن سماعا أخبرنا السلفي قال: سمعت عبد اللَّه بن علي الأبنوسي يقول: سمعت القاضى أبا الطيب الطبري يقول: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول اللَّه أنت قلت: "نَضَّر اللَّه امرَءًا سَمِعَ مِنَّا حَديثًا" وتلوت عليه الحديث جميعه ووجه يتهلل؟ فقال لي: "نَعْم أَنَا قُلْتُهُ".
وقرأت على الشيخ أبي إسحاق بن كامل عن أبي الفتح المخزومي أخبرنا أبو محمد بن رباح [رواج] أخبرنا السلفي أخبرنا أبو الحسين الصيرفي أخبرنا أبو الحسن الغالي أخبرنا أحمد بن إسحاق النهاوندي أخبرنا القاضى أبو محمد الحسن بن عبد الرحمن الرامهرمزي في كتاب المحدث الفاصل بعد أن ساق هذا الحديث قوله: "نضر اللَّه" هو بتخفيف الضاد والمحدثون يثقلونها إلا من ضبط منهم، وهو من النضرة، ويحتمل معنيين، أحدهما أنه دعى له أن يجعل
(1) رواه الخطيب في شرف أصحاب الحديث (ص 19).
اللَّه في وجهه نضرة، أي يجمله ويزينه، ويحتمل أن يكون أخبر أنه من أهل نضرة النعيم، قال اللَّه تعالى {وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا} انتهى كلامه ملخصا (1).
ويؤيد الوجه الأول ما تقدم من الأثرين عن الفضيل وسفيان، وما وقع في بعض طرق الحديث بلفظ "نَضَر اللَّه وَجْهَ عَبْدٍ" رويناه كذلك في المختارة للضياء من حديث جابر، ولا مانع من إرادة المعنيين معا بالخبر عن حال الدنيا والآخرة أو الدعاء بهما.
وبه إلى الرامهرمزي قال: وقوله لا يَغِلُّ بفتح أوله وكسر الغين وتشديد اللام من الغل وهو الحقد، وبضم أوله من الإغلال وهو الخيانة انتهى ملخصا (2).
وجوز غيره فتح الغين مع ضم أوله وهو واضح، وفتح أوله وكسر ثانيه كالأول لكن بتخفيف اللام من الوغول يعنى به الدخول في مضايق الشر والأول أشهر واللَّه أعلم.
آخر المجلس الثالث والأربعين بعد المائتين من الأمالي وهو الثالث والتسعون من تخريج أحاديث المختصر.
(1) المحدث الفاصل (ص 167 - 168).
(2)
المحدث الفاصل (ص 164).
[المجلس الرابع والتسعون]
قال المملي رضي الله عنه:
(قوله مسألة إذا قال كنا نفعل) إلى أن قال (ومستند غير الصحابي) إلى أن (قال وقرأته عليه من غير نكير ولا ما يوجب سكوتا من إكراه أو غفلة أو غيرها معمول به خلافا لبعض الظاهرية، لأن العرف تقريره ولأن فيه إيهام الصحة، فيقول حدثنا وأخبرنا مقيدا ومطلقا على الأصح، ونقله الحاكم عن الأئمة الأربعة).
قلت: يريد أصل المسألة وهو تسويغ القراءة على الشيخ ولو لم يقر بما قرئ عليه لا بخصوص قوله حدثنا وأخبرنا، وهذا هو الذي نقله الحاكم عن الأئمة الأربعة وغيرهم. وبعض الظاهرية الذي أشار إليه هو أبو عبد اللَّه الحميدي الأندلسي نزيل بغداد صاحب ابن حزم، وله في ذلك جزء مفرد رأيته بخط السلفي، وقال بمثل ذلك جماعة من الأئمة قليل، كالشيخ أبي إسحاق الشيرازي [واللَّه أعلم].
قوله (فأما الإجازة للموجود المعين فالأكثر على تجويزها) إلى أن قال: (وأيضا فإنه صلى الله عليه وسلم كان يرسل بكتبه مع الآحاد وإن لم يعلموا ما فيها).
قلت: إرسال النبي صلى الله عليه وسلم بكتبه إلى الملوك وغيرهم مخرج في الصحيحين وغيرهما في عدة أحاديث.
منها ما أخبرنا أبو عبد اللَّه محمد بن محمد بن علي قال قرئ على ست الوزراء ونحن نسمع أن أبا عبد اللَّه الزبيدي أخبرهم قال أخبرنا أبو الوقت أخبرنا عبد الرحمن بن محمد أخبرنا أبو محمد بن حمويه أخبرنا أبو عبد اللَّه بن مطر أخبرنا أبو عبد اللَّه الجعفي أخبرنا إسماعيل بن عبد اللَّه حدثنا إبراهيم بن سعد عن صالح هو ابن كيسان عن ابن شهاب عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن
عتبة أن ابن عباس رضي الله عنهما [أخبره] قال: بعث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بكتابه رجلا يعني إلى كسرى وأمره فدفعه إلى عظيم البحرين، فدفعه عظيم البحرين إلى كسرى، فلما قرأه مزقه، قال: فحسبت ان ابن المسيب قال: فدعا عليهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن يمزقوا كل ممزق.
هذا حديث صحيح أخرجه أحمد عن موسى بن داود عن إبراهيم بن سعد (1). فوقع لنا بدلا عاليا. وأخرجه البخاري أيضا والنسائي من طريق يعقوب بن إبراهيم بن سعد عن أبيه، ومن طريق يونس بن يزيد وغيره عن ابن شهاب (2)، ووقع في بعض طرقهم تسمية المبعوث بالكتاب وهو عبد اللَّه بن حذافة، وفي بعض طرقهم أيضا بيان أن القائل فحسبت هو ابن شهاب (1).
ومنها ما أخبرني أبو الفرج بن الغزي أخبرنا علي بن إسماعيل أخبرنا عبد اللطيف بن عبد المنعم أخبرنا مسعود الجمال في كتابه أخبر الحسن بن أحمد أخبرنا أحمد بن عبد اللَّه حدثنا عبد اللَّه بن محمد حدثنا محمد بن الحسن بن علي بن بحر حدثنا يوسف بن حماد حدثنا عبد الأعلى هو ابن عبد الأعلى عن سعيد هو ابن أبي عروبة عن قتادة عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى كسرى وإلى قيصر وإلى النجاشي وإلى كل جبار عنيد يدعوهم إلى اللَّه عز وجل، وليس بالنجاشي الذي صلى عليه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.
هذا حديث صحيح أخرجه مسلم والترمذي والنسائي جميعا عن يوسف بن حماد (3). فوقع لنا موافقة عالية. وأخرجه أبو عوانة من طريق يوسف المذكور، فوقع لنا بدلا عاليا.
(1) رواه أحمد (1/ 355).
(2)
رواه البخاري في (64 و 2939 و 4424 و 7264) والنسائي في السير والعلم من الكبرى كما في تحفة الأشراف (5/ 67).
(3)
رواه مسلم (1774) والترمذي (2717) والنسائي في السير من الكبرى كما في تحفة الأشراف (1/ 310).
ومنها ما أخبرني الشيخ أبو إسحاق المقري أخبرنا أحمد بن أبي طالب أخبرنا عبد اللَّه بن عمر أخبرنا سعيد بن أحمد أخبرنا عاصم بن الحسن أخبنا عبد الواحد بن محمد حدثنا محمد بن مخلد حدثنا طاهر بن خالد بن نزار حدثنا أبي حدثنا إبراهيم بن طهمان عن الحجاج بن الحجاج عن قتادة عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: لما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يكتب إلى الملوك قال له ناس من العجم عنده: يا رسول اللَّه إنهم لا يقبلون كتابا إلا بخاتم، فاتخذ خاتما من فضة كأني انظر إلى بصيصة في كفه ونقش فيه محمد رسول اللَّه.
هذا حديث صحيح أخرجه أبو عوانة في صحيحه عن طاهر بن خالد، فوقع لنا موافقة عالية. وأصله في الصحيحين وغيرهما من طرق أخرى عن قتادة (1). وفي الصحيحين أيضا حديث ابن عباس في شأن هرقل، وفي بعض طرقه أنه صلى الله عليه وسلم بعث بكتابه إليه مع دحية بن خليفة فدفعه إلى عظيم بصرى، فدفعه عظيم بصرى إلى هرقل، فذكر حديث ابن عباس عن أبي سفيان في قصتهم مع قيصر بطوله، وفي بعض طرقه أن ابن عباس حدث بالحديث كله عن أبي سفيان (2). واللَّه أعلم.
آخر المجلس الرابع والأربعين بعد المائتين من الأمالي وهو الرابع والتسعون من تخريج أحاديث مختصر ابن الحاجب.
(1) رواه أحمد (3/ 170) والبخاري (65 و 2938 و 5870 و 5872 و 5874 و 5875 و 5877 و 7162) ومسلم (2092).
(2)
رواه البخاري (7) ومسلم (1773).
[المجلس الخامس والتسعون]
قال المملي رضي الله عنه:
وبالسند الماضى إلى عبد اللَّه بن محمد ثنا بهلول بن إسحاق ثنا إبراهيم بن حمزة ثنا إبراهيم بن سعد عن صالح بن كيسان عن ابن شهاب عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كتب إلى قيصر يدعوه إلى الإسلام وبعث بكتابه مع دحية الكلبي وأمره أن يدفعه إلى عظيم بصرى ليدفعه عظيم بصرى إلى قيصر، فدفعه عظيم بصرى إلى قيصر، وكان قيصر لما كشف اللَّه عنه جنود فارس مشى من حمص إلى إيليا شكرا للَّه تعالى على ما أبلاه فلما قرأ كتاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: التمسوا لي ههنا أحدا من قومه ليسألهم عنه، قال ابن عباس: فأخبرني أبو سفيان أنه كان في نفر من قريش بالشام فذكر الحديث بطوله.
هذا حديث صحيح، أخرجه البخاري عن إبراهيم بن حمزة على الموافقة (1). وأخرجه مسلم عن الحسن بن علي الحلواني. والنسائي عن أبي داود سليمان بن سيف الحراني كلاهما عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد عن أبيه (2)، فوقع لنا عاليا.
ومنها وهو أوضح في المراد ما أخبرني أبو الحسن علي بن محمد بن أبي المجد رحمه الله أنا أبو محمد القاسم بن أبي غالب بن عساكر سماعا عليه، وهو آخر من حدث عنه بالسماع من الرجال أنا أبو القاسم بن رواحة في كتابه أنا السلفي أنا سعيد بن إبراهيم الصفار أنا علي بن القاسم أنا أبو الحسين بن فارس أنا علي بن محمد بن بهرويه ثنا أبو بكر بن أبي خيثمة ثنا
(1) رواه البخاري (51 و 2681 و 2941).
(2)
رواه مسلم (1773) والنسائي في التفسير من الكبرى كما في تحفة الأشراف (4/ 159).
أحمد بن محمد بن أيوب ثنا إبراهيم بن سعد ثنا محمد بن إسحاق عن يزيد بن رومان عن عروة بن الزبير قال: بعث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عبد اللَّه بن جحش إلى بطن نخلة ولم يأمره بقتال، وكتب له كتابا قبل أن يعلمه أن يسير، فقال:"اخْرُجْ أَنْتَ وَأَصْحَابكَ حَتَّى إِذَا سِرْتَ يَوْمَيْن فَافْتَح الكِتَاب وَانْظُرْ مَا فِيه، فَمَا أَمَرْتُكَ بِهِ فَامْضِ لَهُ، وَلَا تَسْتَكْرهَنَّ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابكَ" فَلَما سَارَ يَوْمَيْن فَتَحَ الكْتَابَ فَإِذَا فيه "امْض أَنْتَ وَأَصْحَابُكَ حَتَّى تَنْزِلَ بَطْنَ نَخْلَةَ فَتَأْتِينا مِنْ أَخْبَارِ قُرَيْشٍ" فذكر الحدَيث بقصته (1).
هذا حديث مرسل، أخرجه ابن إسحاق في المغازي هكذا (2)، وإسناده قوي، ورويناه في نسخة أبي اليمان عن شعيب عن الزهري عن عروة نحوه (4)، وله شاهد موصول بإسناد حسن.
قرأت على فاطمة بنت محمد بن عبد الهادي رحمها اللَّه بالصالحية عن محمد بن عبد الحميد أن إسماعيل بن أبي العز أخبرهم قال قرئ على فاطمة بنت أبي الحسن الأندلسي (ح).
وقرأت على فاطمة بنت محمد بن المنجى رحمها اللَّه بدمشق عن سليمان بن حمزة أنا الحافظ ضياء الدين المقدسي أنا أبو جعفر الصيدلاني كلاهما عن فاطمة الجوزذانية سماعا عليها أن محمد بن عبد اللَّه التاجر أخبرهم أنا الطبراني ثنا إبراهيم بن نائلة ثنا محمد بن أبي بكر المقدمي ثنا معتمر بن سليمان عن أبيه عن الحضرمي عن أبي السوار عن جندي بن عبد اللَّه رضي الله عنه قال: بعث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم رهطا، فبعث عبد اللَّه بن جحش مكانه فذكر الحديث بنحوه، وفيه فلما قرأ الكتاب استرجع وقال: سمع وطاعة لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وخير أصحابه، فرجع منهم رجلان ومضى الباقون فلقوا ابن الحضرمي فقتلوه الحديث (3).
(1) السيرة (2/ 238 - 242) لابن هشام ورواه البييهقي في الدلائل (3/ 18 - 20).
(2)
رواه البيهقي في الدلائل (3/ 17 - 18).
(3)
رواه الطبراني في الكبير (1670).
هذا حديث حسن رجاله رجال الصحيح إلا الحضرمي وهو اسم بلفظ النسب ذكره ابن حبان في الثقات، وذكر فيها أيضا حضرمي بن لاحق. وأما علي بن المديني ويحيى بن معين فجعلاهما واحدا، وأبو السوار بفتح المهملة وتشديد الواو بصري تابعي ثقة مشهور بكنيته، وقد قيل إن اسمه حريب. وفي الإسناد ثلاثة من التابعين في نسق أولهم سليمان التيمي، واسم ابن الحضرمي المقتول في السرية المذكورة عمرو واسم أبيه الحضرمي عبد اللَّه بن عماد، وكان حليف أبي سفيان، وقد أسلم العلاء بن الحضرمي هذا، وكان من كبار الصحابة وفضلائهم رضي الله عنه.
قوله (مسألة الأكثر على جواز نقل الحديث بالمعنى) إلى أن قال (وعن ابن سيرين منعه).
أخبرني الشيخ أبو إسحاق التنوخي رحمه الله فيما قرأت عليه عن أبي الفتح محمد بن عبد الرحيم أنا عبد الوهاب بن طاهر أنا السلفي أنا أبو الحسين بن عبد الجبار أنا علي بن أحمد أنا أحمد بن إسحاق أنا الحسن بن عبد الرحمن أنا أحمد بن محمد بن سهيل ثنا زيد بن أخرم ثنا الأصمعي عن ابن عون: أدركت ثلاثة يرخصون في الحروف، إبراهيم النخعي والحسن البصري وعامر الشعبي، وثلاثة يشددون، القاسم بن محمد ومحمد بن سيرين ورجاء بن حيوة.
هذا أثر حسن، أخرجه الترمذي في العلل التي في آخر الكتاب (1)، والبيهقي في المدخل كلاهما من رواية محمد بن عبد اللَّه الأنصاري عن عبد اللَّه بن عون بنحوه واللَّه أعلم.
آخر المجلس الخامس والأربعين بعد المائتين من الأمالي.
وهو الخامس والتسعون من تخريج أحاديث مختصر ابن الحاجب.
(1) رواه الترمذي في العلل بآخر الجامع (10/ 490).
[المجلس السادس والتسعون]
قال المملي رضي الله عنه:
(قوله وعن مالك أنه كان يشدد في الباء والتاء).
أخبرني الشيخ أبو إسحاق التنوخي رحمه الله أخبرنا عبد الرحمن بن عبد الحليم أخبرنا يحيى بن أبي منصور أخبرنا عبد القادر بن عبد اللَّه الحافظ أخبرنا أبو الفتح بن سيار أخبرنا محمود بن القاسم أخبرنا عبد الجبار بن محمد أخبرنا محمد بن أحمد حدثنا محمد بن عيسى حدثنا إسحاق بن موسى قال: سمعت معن بن عيسى يقول: كان مالك رحمه الله يشدد في الباء والتاء ونحوه في حديث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم (1).
أخرجه البيهقي في المدخل والخطيب في الكفاية من طريق أبي عبد اللَّه البوشنجي عن إسحاق بن موسى. وأخرج الخطيب في الكفاية أيضا من طريق عبد الرحمن بن يعقوب بن يحيى: كان مالك يفرق ما بين الذي والتي في الحديث.
ومن طريق أشهب وغيره عن مالك قال: ما كان من حديث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فيتبع لفظه، وما كان من حديث غيره فأصبتم المعنى فلا بأس (2).
(قوله [قلت] (3) وأيضا ما روي عن ابن مسعود وغيره أنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كذا أو نحوه).
أما ابن مسعود فأخبرني أبو الحسن علي بن محمد الخطيب رحمه الله أخبرنا أبو بكر الدشتي في كتابه أخبرنا يوسف بن خليل الحافظ أخبرنا محمد بن أبي زيد أخبرنا أبو علي بن مهرة أخبرنا أبو نعيم حدثنا عبد اللَّه بن
(1) رواه الترمذي في العلل بآخر الجامع (10/ 497) وأبو نعيم في الحلية (6/ 318).
(2)
رواه الخطيب في الكفاية (ص 178 - 179).
(3)
في الأصل "قلت" بدل "قوله" والتصحيح من النسخ الأخرى.
جعفر حدثنا يونس بن حبيب حدثنا أبو داود الطيالسي حدثنا المسعودي عن مسلم البطين عن عمرو بن ميمون قال: اختلفت إلى عبد اللَّه بن مسعود سنة، فما سمعته يقول [فيها] قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، إلا أنه قال يوما قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فعلاه كرب وجعل العرق يتحدر منه، ثم قال: إما فوق ذا وإما دون ذا أو شبيه به (1).
هذا إسناد معضل رواته من أهل الصدق، لكن المسعودي واسمه عبد الرحمن بن عبد اللَّه كان قد اختلط، وقد سقط عليه من هذا الإسناد رجلان.
أخبرني أبو العباس أحمد بن علي بن يحيى الدمشقي رحمه الله أخبرنا أبو العباس بن بيان أخبرنا عبد اللَّه بن عمر أخبرنا أبو الوقت أخبرنا أبو الحسن الفقيه أخبرنا أبو محمد السرخسي أخبرنا عيسى بن عمر أخبرنا الدارمي حدثنا عثمان بن عمر أخبرنا عبد اللَّه بن عون عن مسلم أبي عبد اللَّه هو البطين عن إبراهيم التيمي عن أبيه هو يزيد بن شريك عن عمرو بن ميمون قال كنت لا تفوتني عشية خميس لا آتي فيها عبد اللَّه بن مسعود رضي الله عنه فما سمعته يقول لشيء قط قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حتى كانت ذات عشية فقال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فاغرورقت عيناه وانتفخت أوداجه ثم قال: أو مثله أو نحوه أو شبيه به، قال: فأنا رأيته وأزراره محلولة (2).
هذا موقوف صحيح أخرجه أحمد عن معاذ بن معاذ ومحمد بن أبي عدي كلاهما عن ابن عون (3) فوقع لنا بدلا عاليا. وأخرجه ابن ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة عن معاذ (4)، وأخرجه الخطيب من طريق النضر بن شميل
(1) رواه أبو داود الطيالسي (87).
(2)
رواه الدارمي (276).
(3)
رواه أحمد (4321).
(4)
رواه ابن ماجه (53).
عن ابن عون (1)، واختلف في إسناده على مسلم البطين، فأخرجه أحمد أيضا [والحاكم] من طريق أبي العميس عنه عن أبي عمرو الشيباني عن ابن مسعود (2). وأخرجه أحمد أيضا من وجه آخر عن مسلم عن أبي عبد الرحمن السلمي عن ابن مسعود (3). قال البيهقي في المدخل بعد أن حكى الإختلاف فيه على مسلم: رواية ابن عون أكملها متنا وإسنادا وأحفظها [انتهى].
وله طريق أخرى عن ابن مسعود أخرجها أحمد والطبراني من طريق يحيى بن وثاب عن مسروق عنه باختصار، وإسنادها صحيح أيضا (4).
وأما غير ابن مسعود فوقع لنا عن أبي الدرداء.
وبهذا السند إلى الدارمي أخبرنا محمد بن كثير عن الأوزاعي عن إسماعيل بن عبيد اللَّه بن أبي المهاجر عن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه كان إذا حدث عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال أو نحوه أو شبهه (5).
هذا موقوف منقطع رجاله ثقات، لكن إسماعيل لم يدرك أبا الدرداء. وقد أخرجه الخطيب في الكفاية من وجه آخر عن أبي الدرداء موصولا (6).
وجاء عن أنس شيء من ذلك.
أخبرني عبد اللَّه بن عمر بن علي رحمه الله أخبرنا أحمد بن أبي بكر وزهرة بنت الختني كلاهما أو أحدهما عن عبد اللطيف بن عبد المنعم سماعا أخبرنا أبو المجد الحربي أخبرنا هبة اللَّه بن محمد أخبرنا الحسن بن علي أخبرنا أحمد بن
(1) رواه الخطيب في الجامع (2/ 8 - 9).
(2)
رواه الحاكم (3/ 314) ولم أره في مسند أحمد. ورواه الطبراني في الكبير (8613).
(3)
رواه أحمد (3670).
(4)
رواه أحمد (4015) ولم أره عند الطبراني في الكبير.
(5)
رواه الدارمي (274).
(6)
رواه الخطيب في الكفاية (ص 205).
جعفر حدثنا عبد اللَّه بن أحمد حدثني أبي حدثنا أبو قطن هو عمرو بن الهيثم حدثنا ابن عون عن محمد هو ابن سيرين قال: كان أنس بن مالك رضي الله عنه إذا حدث عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ففرغ قال: أو كما قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم (1).
هذا موقوف صحيح، أخرجه ابن ماجة عن أبي بكر بن أبي شيبة عن معاذ بن معاذ عن ابن عون (2)، فوقع لنا عاليا بالنسبة لاتصال السماع واللَّه أعلم.
آخر المجلس السادس والأربعين بعد المائتين من الأمالي وهو السادس والتسعون من تخريج أحاديث مختصر ابن الحاجب.
(1) رواه أحمد (3/ 235) وله طرق أخرى عند أحمد (3/ 250) والدارمي (282 و 283) وأبي يعلي (2839) وابن سعد (7/ 1/ 13).
(2)
رواه ابن ماجه (24).
[المجلس السابع والتسعون]
ثم حدثنا سيدنا ومولانا قاضى القضاة شيخ الإسلام نفع اللَّه المسلمين ببركته وبركة علومه آمين.
قال: (قوله قالوا قال: "نَضَّرَ اللَّه امْرَءًا")
يعني احتج من منع الرواية بالمعنى بحديث: "نَضَّر اللَّه امْرءًا سَمِعَ مَقَالَتي فَأدَّاهَا كَمَا سَمِعَها" وقد أجاب المصنف عنه بأنه محمول على الدعاء لمن فعل ذلك، فلا يستلزم وجوب النقل باللفظ، وقد تقدم تخريج الحديث المذكور قريبا من طرق عديدة وتقدم أيضا النقل عمن وافق على أنه دعاء [وغير ذلك] وقد استدل الخطيب في الكفاية بهذا الحديث على جواز الرواية بالمعنى بمجيئه بألفاظ مختلفة مثل "نضر اللَّه ورحم اللَّه" وَامْرَءًا وَعَبْدًا وَمَنْ وَمَقَالَتِي وَكَلَامِي" وغير ذلك (1).
قوله (مسألة إذا كذب الأصل الفرع) إلى أن قال (واستدل بأن سهيل بن أبي صالح روى عن أبيه عن أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم قضى باليمين مع الشاهد، ثم قال لربيعة: لا أدري، فكان يقول: حدثنى ربيعة عني).
هكذا وقع في أصل المختصر وشرحه على ذلك جماعة، فوقع في كلام بعضهم أن سهيلا قال لربيعة: لا أدري أني حدثتك بهذا، فقال له ربيعة: نعم أنت حدثتني، فكان سهيل بعد ذلك يحدث به عن ربيعة عنه انتهى. ولم أقف عليه في شيء من الطرق بهذا السياق. وأعجب من ذلك أن الحافظ عماد الدين ابن كثير قال في تخريجه وتبعه ابن السبكي: رواه أبو داود هكذا سواء، ورواه الترمذي وابن ماجه فلم يذكرا، فقال سهيل لربيعة انتهى (2).
(1) انظر الكفاية (ص 190 - 193).
(2)
رواه أبو داود (3610) والترمذي (1343) وابن ماجه (2368).
فأما النفي فهو كما قال، وأما الإثبات فليس عن أبي داود أن الكلام دار بين ربيعة وسهيل، وإنما عنده وكذا عند غيره فيما وقفت عليه أنه دار بين سهيل وبين من روى عنه غير ربيعة، ولفظ أبي داود قال سليمان بن بلال: فلقيت سهيلا فسألته عن هذا الحديث فقال: ما أعرفه، فقلت له: إن ربيعة حدثني به عنك، فقال: إن كان ربيعة حدثك عني فحدث به عن ربيعة عني (1)، وأما كون سهيل كان يحدث به عن ربيعة عن نفسه فوقع لنا من وجه آخر.
أخبرنا أبو علي محمد بن محمد بن الأمين الجيزي وأبو الحسن علي بن محمد بن الصائغ سماعا عليهما مفترقين كلاهما عن ست الوزراء بنت عمر بن أسعد إجازة إن لم يكن سماعا عن أبي عبد اللَّه الزبيدي سماعا عليه قال أخبرنا أبو زرعة بن أبي الفضل أخبرنا أبو الحسن الكرجي أخبرنا القاضى أبو بكر أحمد بن الحسن حدثنا أبو العباس الأصم أخبرنا الربيع بن سليمان أخبرنا الشافعي أخبرنا عبد العزيز بن محمد هو الدراوردي عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى باليمين مع الشاهد، قال عبد العزيز: فذكرت ذلك لسهيل فقال أخبرني ربيعة عني وهو عندي ثقة أني حدثته بهذا ولا أحفظه، قال عبد العزيز: وكانت أصابت سهيلا علة أذهبت بعض عقله ونسي بعض حديثه، فكان سهيل بعد ذلك يحدث به عن ربيعة عنه عن أبيه (2).
هذا حديث صحيح أخرجه أبو داود عن الربيع بن سليمان والبيهقي عن القاضى أبي بكر (3)، فوافقناهما في شيخيهما بعلو. وأخرجه أبو عوانة في صحيحه عن بحر بن نصر عن الشافعي، فوقع لنا بدلا عاليا.
وأخبرني به أيضا أبو عبد اللَّه محمد بن محمد بن محمد بن منيع الصالحي
(1) رواه أبو داود (3611).
(2)
رواه الشافعي (1406).
(3)
رواه أبو داود (3610) والبيهقي (10/ 169).
بها قال: أخبرنا عبد اللَّه بن الحسين أخبرنا محمد بن أبي بكر عن السلفي أخبرنا أبو غالب محمد بن الحسن وأبو ياسر محمد بن عبد العزيز قالا: أخبرنا أبو القاسم بن بشران أخبرنا أبو محمد الفاكهي أخبرنا أبو يحيى بن أبي مَسَرَّة حدثنا أحمد بن محمد الأزرقي حدثنا الدراوردي عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن فذكر الحديث مثله. قال عبد العزيز الدراوردي: ثم لقيت سهيلا فسألته عنه فقال: حدثني ربيعة عني عن أبي بكر فذكره. أخرجه أبو عوانة أيضا عن ابن أبي مَسَرَّة، فوقع لنا موافقة عالية. وأخرجه أبو داود أيضا والترمذي وابن ماجه والطحاوي والدارقطني من طرق عن الدراوردي (1). وأخرجه أبو عوانة أيضا وابن حبان في صحيحه من طريق سليمان بن بلال (2)، وهو من زوائد أبي عوانة، وإنما أخرج مسلم المتن من حديث ابن عباس واللَّه أعلم (3).
آخر المجلس السابع والأربعين بعد المائتين وهو السابع والتسعون من تخريج مختصر ابن الحاجب.
(1) رواه الطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 144) والدارقطني (4/ 213).
(2)
ورواه الطحاوي (4/ 144).
(3)
بهامش الأصل ما يلي: أقول: في تمثيل ابن الحاجب بأثر عن سهيل في تكذيب الأصل الفرع فيه نظر، لأن سهيلًا لم يصرح بتكذيبه، بل صرح بتوثيقه عنده، وإنما يمثل لتكذيب الأصل الفرع بما وقع لمحمد بن الحسن مع أبي يوسف، فإن أبا يوسف صرح بتكذيب محمد، فقال: لم أرو لك عن أبي حنيفة في تلك المسائل، بل المعروف كذا، وأما مثل ربيعة عن سهيل فليس من تلك، وقال محمد: بل رويت لي عن أبي حنيفة خصوصًا، وقد وقع في بعض طرقه أن سهيلًا أصابته علة أذهبت عقله، ونسي بعض حديثه، فكأن هذا من جملة ما نسي، لكن وافقه محمد على المراد بهذا التمثيل، واللَّه أعلم.
[المجلس الثامن والتسعون]
قال المملي رضي الله عنه:
قوله (مسألة حذف بعض الخبر جائز عند الأكثر إلا في الغاية والإستثناء ونحوه مثل "حَتَّى تُزْهِيَ" وإِلَّا سَواءٌ بسَوَاءٍ).
أما الخبر الذي فيه "حَتَّى تُزْهِيَ" فأخبرنا الشيخ أبو عبد اللَّه بن قوام أنا أبو الحسن بن هلال أنا أبو إسحاق بن مضر أنا الحسن الطوسي أنا أبو محمد السيدي أنا أبو عثمان البحيري أنا أبو علي السرخسي أنا أبو إسحاق الهاشمي أنا أبو مصعب الزهري أنا مالك عن حميد (ح).
وقرئ على أبي عبد اللَّه محمد بن علي البزاعي وأنا أسمع عن زينب بنت إسماعيل سماعا أن أحمد بن عبد الدائم أخبرهم أنا يحيى بن محمود أنا عبد الواحد بن محمد أنا عبيد اللَّه بن المعتز أنا أبو طاهر محمد بن الفضل بن أبي بكر بن خزيمة أنا جدي ثنا علي بن حجر ثنا إسماعيل بن جعفر (ح).
وأخبرنيه عاليا الشيخ أبو اسحاق التنوخي رحمه الله عن فاطمة بنت محمد بن جميل سماعا عن عبد الرحمن بن مكي أنا السلفي أنا مكي بن منصور أنا أبو سعيد بن أبي عمرو ثنا أبو العباس الأصم ثنا محمد بن هشام ثنا مروان بن معاوية ثنا حميد عن أنس رضي الله عنه قال: نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن ثمرة النخل حتى تُزْهِيَ، قيل: وما زهوها؟ قال: "تَحْمارُّ أوْ تَصْفَارُّ" لفظ مروان، وحديث مالك نحوه الا أن فيه زيادة فقال إنها مدرجة، وفي رواية إسماعيل بن جعفر حتى تزهو بفتح أوله وبالواو (1).
هذا حديث صحيح، اتفق الشيخان على تخريجه من رواية مالك
(1) رواه مالك (2/ 51).
وإسماعيل بن جعفر (1). وأخرجه ابن حبان عن عمر بن سعيد بن سنان عن أبي مصعب، فوقع لنا بدلا عاليا بدرجة وعاليا بدرجتين من الطريق الثالث. وأخرجه البخاري عن علي بن الهيثم عن معلى بن منصور عن هشيم عن حميد (2)، فوقع لنا عاليا بدرجتين، وإنما نزل فيه البخاري درجتين بالنسبة لحديث حميد ودرجة بالنسبة لحديث هشيم لتصريح حميد فيه بالتحديث.
وأما الخبر الذي فيه إلا سواء بسواء فأخبرنا الشيخ أبو محمد عبد اللَّه بن محمد بن أحمد بن عبد اللَّه المقدسي رحمه الله أنا عبد اللَّه بن الحسن أنا محمد بن سعد ومحمد بن اسماعيل قالا: أنا يحيى بن محمود أنا الحسن بن أحمد أنا أحمد بن عبد اللَّه أنا أحمد بن يوسف ثنا إسماعيل بن إسحاق ثنا سليمان بن حرب وعارم قالا: ثنا حماد بن زيد عن أيوب عن أبي قلابة قال: كنت بالشام في حلقة فبها مسلم بن يسار فجاء أبو الأشعث الصنعاني فأوسع له الناس، فقلت: يا أبا الأشعث حدث أخاك بحديث عبادة بن الصامت، فقال: كنا في غزاة مع معاوية فغنمنا غنائم كثيرة، فكان فيها آنية من فضة، فأمر معاوية رجلا أن يبيعها في أعطيات الناس، فبلغ ذلك عبادة بن الصامت رضي الله عنه فقام فقال: إني سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ينهى عن بيع الذهب بالذهب والورق بالورق والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح إلا سواء بسواء مثلا بمثل عينا بعين، فمن زاد أو استزاد فقد أربى.
هذا حديث صحيح، أخرجه مسلم عن عبيد اللَّه بن عمر القواريري عن حماد بن زيد (3)، فوقع لنا بدلا عاليا.
وأخبرني الشيخ أبو الفرج بن حماد أنا أبو الحسن بن قريش أنا أبو
(1) رواه البخاري (2198 و 2208) ومسلم (1555).
(2)
رواه البخاري (2167).
(3)
رواه مسلم (1587).
الفرج بن الصيقل أنا أبو الحسن الجمال في كتابه أنا أبو علي الحداد أنا أبو نعيم أنا أبو عمرو بن حمدان ثنا الحسن بن سفيان ثنا قتيبة ثنا يعقوب بن عبد الرحمن عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بالذَّهَب وَلَا الوَرقَ بِالورقِ إِلَّا سَوَاءً بِسَواءٍ مِثْلًا بمثْلٍ".
هذا حديث صحيح، أخرجه مسلم عن قتيبة (1)، فوافقناه بعلو، ووقع لنا من وجه آخر عن أبي سعيد عاليا جدا.
قرأت على فاطمة بنت محمد بن عبد الهادي بصالحية دمشق عن أحمد بن نعمت سماعا عليه أنا أبو المنجى العتابي إجازة إن لم يكن سماعا أنا أبو علي الجبان عن علي بن أحمد البندار أنا أبو الحسن بن الصلت أنا إبراهيم بن عبد الصمد أنا أحمد بن أبي بكر أنا مالك عن نافع عن أبي سعيد الخدري فذكر نحوه، وزاد "وَلَا تُشِفُّوا بَعْضَها عَلَى بَعْضٍ، وَلَا تَبِيعُوا مِنْهَا غَائِبًا بنَاجِزٍ".
هذا حديث صحيح، أخرجه البخاري عن عبد اللَّه بن يوسف. ومسلم عن يحيى بن يحيى كلاهما عن مالك (2). فوقع لنا بدلا عاليا، وأخرجه ابن حبان عن الحسين بن إدريس عن أحمد بن أبي بكر، فوافقناه في شيخ شيخه بعلو درجتين. وأخرجه ابن خزيمة وابن الجارود من طريق ابن وهب أخبرني رجال من أهل العلم منهم مالك عن نافع فذكره (3).
وله طرق أخرى في الصحيحين وغيرهما واللَّه أعلم.
آخر المجلس الثامن والأربعين بعد المائتين من الأمالي وهو الثامن والتسعون من تخريج أحاديث مختصر ابن الحاجب.
(1) رواه مسلم (1584).
(2)
رواه مالك (2/ 58) والبخاري (2177) ومسلم (1584).
(3)
رواه ابن الجارود (649).
[المجلس التاسع والتسعون]
قوله (مسألة خبر الواحد فيما يعم به البلوى كابن مسعود في مس الذكر وأبي هريرة في غسل اليدين وفي رفع اليدين مقبول عند الأكثر).
أما حديث ابن مسعود فقال ابن كثير في تخريجه: لا يعرف عنه النقض [بمس الذكر]، بل نقل عنه عدم النقض به، ولما ذكر الترمذي حديث بسرة في نقض الوضوء بمس الذكر قال: وفي الباب. فعد جماعةً ليس فيهم ابن مسعود انتهى.
ولم يأت عن ابن مسعود في النقض ولا عدمه شيء مرفوع، وإنما أخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وأبو بكر بن أبي شيبة والطبراني من طرق عنه أنه كان يقول: ما أبالي مسست ذكري أو أنفي، وفي بعضها أنه قال لمن سأله عن مسه في الصلاة: إنما هو بضعة منك، وفي بعضها: إن علمت في بدنك شيئا نجسا فاقطعه (1). وكل ذلك خلاف مراد المصنف أن لو كان فيها شيء مرفوعا فضلا عن كونها موقوفة، فإن عبارته في المختصر الكبير كابن مسعود في نقض الوضوء بمس الذكر، والذي أظنه أنه انتقل من صحابي إلى صحابي كما تقدم نظيره في مسألة الكبائر، فإن الحديث معروف من رواية عبد اللَّه بن عمرو بن العاص.
أخبرني الشيخ أبو عبد اللَّه بن قوام وعمر بن محمد بن أحمد البالسيان رحمهما اللَّه قالا: أنا أبو بكر بن أحمد الدقاق أنا علي بن أحمد أنا أبو سعد الصفار في كتابه أنا الفضل بن محمد أنا أبو منصور النوقاني أنا أبو الحسن الدارقطنى ثنا الحسن بن إسماعيل ثنا أحمد بن الفرج (ح).
(1) رواه عبد الرزاق (431) وابن أبي شيبة في المصنف (1/ 164) والطبراني في الكبير (9214 - 9218).
وكتب إلينا أحمد بن أبي بكر الحنبلي عن مسعود بن أحمد الفقيه أنا أحمد بن شيبان عن عبد الواحد أن ابن [ابن أبي] المطهر [قال] أنا إسماعيل بن الفضل أنا أبو طاهر بن عبد الرحيم ثنا أبو حفص بن شاهين ثنا أبو بكر بن أبي داود ثنا أبو التقي هو هشام بن عبد الملك قالا: ثنا بقية حدثني الزبيدي حدثنى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أَيُّما رَجُلٍ مَسَّ فَرْجَهُ فَلْيَتَوَضأ، وَأيُّما امرَأةٍ مَسَّتْ فَرْجَهَا فَلتَتَوَضَّأ"(1).
هذا حديث حسن، أخرجه إسحاق في مسنده عن بقية على الموافقة (2). وأخرجه أحمد عن عبد الجبار بن محمد عن بقية (3)، فوقع لنا بدلا عاليا، ووقع عنده معنعنا، فتوقف فيه بعضهم لذلك، وقد زال بهذه الرواية من تدليس بقيته وتسويته.
وأما حديث أبي هريرة الأول فأخبرني أبو الحسن بن أبي المجد عن سليمان بن حمزة أنا جعفر بن علي أنا السلفي أنا أبو عبد اللَّه الثقفي أنا أبو الحسين بن بشران أنا علي بن محمد المصري ثنا يوسف بن يزيد ثنا سعيد بن منصور ثنا مغيرة بن عبد الرحمن (ح).
وأخبرنا الشيخ أبو عبد اللَّه بن قوام بالسند الماضى قريبا إلى أبي مصعب أحمد بن أبي بكر الزهري أنا مالك (ح).
وأخبرنا أبو هريرة بن الذهبي وفاطمة بنت المنجى رحمهما اللَّه قراءة عليهما وإجازة من الأول كلاهما عن سليمان بن حمزة زاد أبو هريرة وأخبرنا أبو نصر بن الشيرازي سماعا عليه كلاهما عن [محمد بن] عبد الواحد الأصبهاني
(1) رواه الدارقطني (1/ 147).
(2)
وعن طريقة رواه الطبراني في مسند الشاميين (1831) والحازمي في الإعتبار (ص 41 - 42).
(3)
رواه أحمد (7076) والبيهقي (1/ 132 - 133).
أنا إسماعيل بن علي الحمامي ثنا أبو مسلم النحوي أنا أبو بكر بن المقرئ ثنا مأمون بن هارون ثنا حسين بن عيسى ثنا معن بن عيسى ثنا مالك كلاهما عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلْيَغْسلْ يَدَهُ قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَها في وَضُوئهِ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لا يَدْري أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ"(1).
هذا حديث صحيح متفق عليه، أخرجه البخاري من رواية مالك. ومسلم من رواية مغيرة (2)، وأخرجه النسائي عن حسين بن عيسى كما أخرجنا (3)، فوقع لنا موافقة عالية.
وبالسند الماضي إلى أبي نعيم ثنا سليمان بن أحمد أنا إسحاق بن إبراهيم أنا عبد الرزاق أخبرني ابن جريج ثنا زياد. هو ابن سعد عن ثابت مولى عبد الرحمن أنه أخبره أنه سمع أبا هريرة فذكر نحوه.
وبه إلى عبد الرزاق أنا معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة فذكر نحوه.
وبه إلى عبد الرزاق أنا معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب [عن أبي هريرة] فذكر معناه، أخرجهما أحمد عن عبد الرزاق، فوافقناه فيهما بعلو. وأخرجهما مسلم عن محمد بن رافع عن عبد الرزاق (4). فوقعتا لنا بدلا عاليا. وأطنب مسلم في تخريج طرقه عن أكثر من عشرة من الرواة عن أبي هريرة، من ألطفها رواية جابر الصحابي عن أبي هريرة.
وبه إلى أبي نعيم ثنا محمد بن علي بن جيش ثنا ابن أبي داود (ح).
(1) رواه مالك (1/ 34).
(2)
رواه البخاري (162) ومسلم (278).
(3)
رواه النسائي (1/ 99) من طريق معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعًا. ولم أره عنده من طريق مالك، ولا ذكره المزي في تحفة الأطراف.
(4)
رواه مسلم (278).
قال: وثنا أبو محمد بن حيان ثنا زكريا الساجي قالا ثنا سلمة بن شبيب ثنا الحسن بن محمد بن أعين عن معقل بن عبيد اللَّه عن أبي الزبير عن جابر عن أبي هريرة رضي الله عنهما قال قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَنامِهِ فَلْيُفْرِغْ عَلَى يَدِهِ ثَلاثًا قَبْل أَنْ يُدخِلَ الإِنَاءَ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لا يَدْري فِيمَ باتَتْ يَدُهُ".
رواه مسلم عن سلمة بن شبيب (1)، فوقع لنا موافقة عالية، وتفرد به معقل موصولا، وتابعة عبد الملك بن سليمان عن أبي الزبير، لكن قصر به فلم يذكر أبا هريرة. أخرجه ابن ماجة والدارقطني من روايته (2) واللَّه أعلم.
آخر المجلس التاسع والأربعين بعد المائتين من الأمالي وهو التاسع والتسعون من تخريج أحاديث مختصر ابن الحاجب.
(1) رواه مسلم (278).
(2)
رواه ابن ماجه (395) والدارقطني (1/ 49).
[المجلس المئة]
قال المملي رضي الله عنه:
(تنبيه) أطلق المصنف غسل اليدين، لكن بين في المختصر الكبير أن مراده ما ذكرته وهو غسلهما عند الإستيقاظ، وذكره بلفظ التثنية أيضًا.
أخبرني الكمال أبو العباس أحمد بن علي بن عبد الحق الدمشقي بها رحمه الله أنا الحافظ أبو الحجاج المزي وأبو محمد البرزالي سماعا عليهما بدمشق قالا أنا أبو العز الحراني بمصر أنا أبو علي بن أبي القاسم ببغداد أنا أبو بكر بن عبد الباقي أنا أبو محمد الجوهري أنا الحسين بن عمر الدقاق ثنا محمد بن يحيى المروزي أنا أبو عبيد القاسم بن سلام أنا إسماعيل بن جعفر ثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إِذَا قَامَ أَحَدكُمْ مِنَ النَّوْم فَلْيُفْرغْ عَلَى يَدَيْهِ مِنْ وَضُوئهِ، فإنَّ أَحَدَكُمْ لا يَدرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ" فقال له قين الأشجعي: كيف تصنع بمهراسكم هذا؟ فقال له أبو هريرة: نعوذ باللَّه من شَرِّكَ (1).
هذا حديث حسن صحيح، أخرجه سعيد بن منصور عن إسماعيل بن جعفر بتمامه، فوقع لنا. موافقة عالية بالنسبة لاتصال السماع، ووقع لنا من وجه آخر أعلى بدرجة.
وبالسند المتقدم قريبًا إلى مأمون بن هارون ثنا الحسين بن عيسى البسطامي ثنا يزيد بن هارون ثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة فذكره مختصرا، وليست فيه القصة. وهكذا أخرجه أبو بكر بن أبي شيبة عن عبد الرحيم بن سليمان عن محمد بن عمرو (2)، فوقع لنا بدلا عاليا. وقين
(1) رواه البيهقي (1/ 47).
(2)
رواه ابن أبي شيبة (1/ 98).
الأشجعي ذكره ابن منده في الصحابة، فقال: له ذكر في حديث أبي سلمة عن أبي هريرة، يعني هذا. وتعقبه أبو نعيم بأنه ليس فيه ما يدل على صحبته.
قلت: بل ولا على إدراكه، وكلامه هذا وقع مثله لغيره. فأخرج ابن أبي شيبة من طريق الشعبي قال: كان أصحاب عبد اللَّه يعني ابن مسعود يقولون: ماذا يصنع أبو هريرة بالمهراس (1). وأخرج البيهقي من طريق أبي بدر شجاع بن الوليد عن سليمان الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة حديث الباب، وفيه قال سليمان: قال إبراهيم يعني النخعي: كان أصحاب عبد اللَّه فذكر نحو قول الشعبي (2). والمهراس بكسر الميم وسكون الهاء وآخره مهملة. وذكر أبو عبيد في الغريب عن الأصمعي: هو حجر منقور مستطيل عظيم كالحوض لا يقدر أحد على تحريكه انتهى. وقد وقع لابن عمر نحو ما وقع لأبي هريرة.
أخبرني العماد أبو بكر بن العز الصالحين بها أنا محمد بن أبي الهيجاء إجازة إن لم يكن سماعا أنا الحافظ أبو علي البكري أنا أبو روح البزاز أنا أبو القاسم المستملي أنا أبو سعد النيسابوري أنا أبو طاهر الخزيمي أنا جدي أنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب ثنا عمي ثنا ابن لهيعة وجابر بن إسماعيل قالا: ثنا عقيل عن ابن شهاب عن سالم بني عبد اللَّه بن عمر عن أبيه رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَنَاحِهِ فَلا يُدخِلْ يَدَهُ الإِنَاءَ حَتَّى يَغْسِلَها ثَلاثًا، فَإنَّ أَحَدَكُمْ لا يَدْري أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ أَوْ أَيْنَ طَافَتْ يَدُهُ" فقال له رجل: أرأيت إن كان حوضا؟ قال: فحصبه ابن عمر وقال: أقول: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وتقول: أرأيت إن كان حوضًا؟ (3).
(1) رواه ابن أبي شيبة (1/ 99).
(2)
رواه البيهقي (1/ 47 - 48).
(3)
رواه ابن خزيمة (146) ولفظه "إذا استيقظ".
هذا حديث حسن صحيح، أخرجه ابن خزيمة في صحيحه هكذا وقال: لست احتج بابن لهيعة، وإنما ذكرته لأن معه جابر بن إسماعيل انتهى.
وجابر المذكور بصري قليل الحديث، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن، وذكره ابن حبان في الثقات.
وأحمد بن عبد الرحمن شيخ ابن خزيمة فيه مقال، لكن قال ابن خزيمة إنه أخذ عنه قبل التغير، وقد تابعه حرمله عن ابن وهب، أخرجه ابن ماجة عنه (1). وأخرجه الدارقطني عن أبي بكر النيسابوري عن أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، وقال: إسناده حسن (2).
وقال في العلل: المحفوظ في هذا حديث ابن شهاب عن سعيد وأبي سلمة عن أبي هريرة.
يعني الحديث الذي أخبرني به أبو بكر بن إبراهيم الفرضى أنا أبو نصر [بن] الشيرازي في كتابه عن محمد بن عبد الواحد المديني أنا أبو الخير الموقت أنا إبراهيم بن محمد أنا إبراهيم بن عبد اللَّه ثنا عبد اللَّه بن محمد بن زياد ثنا العباس بن الوليد بن مزيد حدثني أبي ثنا الأوزاعي عن الزهري عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنَ اللَّيْلِ فَلا يُدْخِلْ يَدَهُ الإِنَاءَ حَتَّى يَغْسِلَها" الحديث.
هذا حديث صحيح أخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجه من غير وجه عن الأوزاعي (3)، فوقع لنا عاليا. والذي يظهر أن هذه الطريق لا تعلُّ
(1) رواه ابن ماجه (394).
(2)
رواه الدارقطني (1/ 49 - 50) ومن طريقه البيهقي (1/ 46).
(3)
رواه الترمذي (24) والنسائي (1/ 215) وعده عن سعيد بن المسيب وحده، وابن ماجه (393).
الرواية الأخرى لإختلاف السياقين، ولأن ابن شهاب من المكثرين، فلا يستبعد أن يكون عنده من طرق متعددة، وقد وقع لابن وهب فيه إسناد آخر أخرجه أبو داود من روايته عن معاوية بن صالح عن أبي مريم عن أبي هريرة (1) واللَّه أعلم.
آخر المجلس الخمسين بعد المائتين من الأمالي وهو تمام المائة من تخريج أحاديث مختصر ابن الحاجب.
(1) رواه أبو داود (105).
[المجلس الأول بعد المئة]
قال المملي رضي الله عنه:
وأما حديث أبي هريرة الثاني فتردد ابن كثير هل المراد به رفع اليدين عند افتتاح الصلاة أو عند الركوع، ثم اعترض على الأول بأنه متواتر (1) بخلاف الثاني، وذكر في تخريج الأول الحديث الذي أخبرنا به الشيخ أبو إسحاق بن كامل أخبرنا أحمد بن أبي طالب أخبرنا أبو المنجى أخبرنا أبو الوقت أخبرنا أبو الحسن بن المظفر أخبرنا أبو محمد بن أعين أخبرنا أبو العباس بن عيسى بن عمر أخبرنا أبو محمد عبد اللَّه بن عبد الرحمن الدارمي حدثنا أبو علي عبيد اللَّه بن عبد المجيد الحنفي حدثنا ابن أبي ذئب عن محمد بن عمرو بن عطاء عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لم يكن يقوم إلى الصلاة إلا رفع يديه مدا (2).
هذا حديث صحيح أخرجه أحمد عن حسين بن محمد عن ابن أبي ذئب (3)، فوقع لنا بدلا عاليا. وأخرجه الترمذي عن الدارمي (4)، فوقع لنا موافقة عالية، لكن وقع عنده بين ابن أبي ذئب وأيى هريرة سعيد بن سمعان بدل محمد بن عمرو عن محمد بن عبد الرحمن.
(1) بهامش الأصل ما يلي: أقول: أين المتواتر، فإن جميع من ذكر لم يروه إلا عن أبي هريرة وفي بعضها عن ابن عمر، والمتواتر أن يرويه الجم الفقير عن الجم الفقير إلى آخره، فأين المتواتر؟ فإن الذي مال إليه المصنف أن أقل التواتر أن يكونوا أربعين، فأين هذا؟ واستواء الطرفين وتعدد النقلة، وليس هنا شيء من ذلك. قلت: وفيما يأتي من كلام المصنف رد على هذا.
(2)
رواه الدارمي (1240) وأحمد (2/ 500) من طريق أخرى عن ابن أبي ذئب.
(3)
رواه أحمد (2/ 375).
(4)
رواه الترمذي (245) ورواه أحمد (2/ 500) وأبو داود (753).
واستشكل ذلك اليعمري في شرح الترمذي فقال: إما أن يكون عيسى بن عمر وهم على الدارمي وإما أن يكون الحديث عند الدارمي على الوجهين.
قلت: الثاني هو المعتمد، فإن أبا داود الطيالسي رواه عن ابن أبي ذئب بالإسنادين معا، ونقل الترمذي عن الدارمي في الكلام على الحديث شيئًا ما هو في مسند الدارمي، فلا يستغرب أن يأتي عنه بما ليس في مسنده.
أخبرني عبد الرحمن بن أحمد بن المبارك رحمه الله أخبرنا أحمد بن منصور أخبرنا أبو الحسن السعدي قال كتب إلينا أبو المكارم اللبان أخبرنا أبو علي المقري أخبرنا أبو نعيم حدثنا عبد اللَّه بن جعفر حدثنا يونس بن حبيب حدثنا أبو داود حدثنا ابن أبي ذئب حدثنا محمد بن عمرو بن عطاء عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يرفع يديه مدًا إذا قام يعني إلى الصلاة كذا في الأصل (1).
وبه إلى أبي داود قال حدثنا ابن أبي ذئب حدثنا سعيد بن سمعان قال: دخل علينا أبو هريرة مسجد الزرقيين فقال: ترك ثلاث مما كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يفعل، كان إذا قام إلى الصلاة رفع يديه مدا، ثم سكت هنيهة يسأل اللَّه من فضله، ثم يكبر إذا خفض وإذا رفع (2).
هذا حديث حسن أخرجه أحمد عن يحيى بن سعيد ويزيد بن هارون كلاهما عن ابن أبي ذئب (3)، فوقع لنا بدلا عاليا. وأخرجه الترمذي. والنسائي. وابن خزيمة. وابن ماجه. وابن حبان من طرق عن ابن أبي ذئب (4)، فوقع لنا عاليا.
(1) ومن طريق أبي داود الطيالسي رواه البيهقي (2/ 27).
(2)
رواه أبو داود الطيالسي (392).
(3)
رواه أحمد (2/ 434).
(4)
رواه الترمذي (240) والنسائي (2/ 124) وابن خزيمة (459 و 460) وابن حبان (1760).
وفي دعوى ابن كثير أن حديث رفع اليدين في أول الصلاة دون حديث رفع اليدين عند الركوع متواتر نظر، فإن كل من روى الأول روى الثاني إلا اليسير.
وقد ذكر الحاكم أن حديث رفع اليدين رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم الخلفاء الأربعة وباقي العشرة وأكابر الصحابة على تفرقهم في البلاد الشاسعة.
وجمع أبو القاسم بن مندة طرق حديث رفع اليدين فلم يذكر من بقية العشرة إلا عبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص، ثم ذكر ستة وعشرين نفسا من الصحابة غير طريق أبي حميد في عشرة من الصحابة، فيكون مجموعهم بغير تداخل نحو الأربعين، وفيهم من اقتصر على الرفع عند الإفتتاح كابن مسعود والبراء، ومن عداهما ذكر الجميع، فإن استفيد التواتر من الأول فليستفد من الثاني.
وقد راجعت المختصر الكبير، فوجدته قيد كلامه بالرفع عند الركوع.
أخبرني العماد أبو بكر بن أبي عمر المقدسي ثم الصالحي بها عن محمد بن أحمد أخبرنا الحسن بن محمد أخبرنا عبد المعز بن محمد أخبرنا زاهر بن طاهر أخبرنا أبو سعد أحمد بن إبراهيم أخبرنا محمد بن الفضل بن محمد بن إسحاق بن خزيمة حدثنا جدي حدثنا أبو زهير بن عبد المجيد بن إبراهيم المصري حدثنا شعيب بن يحيى حدثنا يحيى بن أيوب عن ابن جريج عن ابن شهاب عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث أنه سمع أبا هريرة يقول: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا افتتح الصلاة كبر ثم جعل يديه حذو منكبيه، وإذا ركع فعل مثل ذلك، وإذا سجد فعل مثل ذلك، وإذا قام من الركعتين فعل مثل ذلك (1).
وبه إلى ابن خزيمة قال: ورواه عثمان بن الحكم الجذامي عن ابن جريج أن ابن شهاب أخبره فذكر مثله، لكنه قال رفع بدل جعل (2).
(1) رواه ابن خزيمة (694).
(2)
رواه ابن خزيمة (695).
وبه إلي ابن خزيمة قال: حدثنيه أبو اليمان [اليمن] يس بن [أبي] زرارة حدثنا جدي أبو زرارة الليث بن عاصم حدثنا عثمان بن الحكم فذكره.
قال: وحدثنا أحمد بن البرقي حدثنا ابن أبي مريم حدثنا عثمان بن الحكم، وكان من خيار الناس (1).
هذا حديث صحيح أخرجه أبو داود عن عبد الملك بن شعيب بن الليث بن سعد عن أبيه عن جده عن يحيى بن أيوب به (2). فوقع لنا عاليا، وقال في روايته: وإذا ركع وإذا رفع للسجود، وهو مفسر للرواية الأولى التي فيها وإذا سجد، وأن المراد بها وإذا رفع من الركوع ليسجد.
ولحديث أبي هريرة طريق أخرى، أخرجها البخاري في جزء رفع اليدين. وابن ماجه من طريق الأعرج عنه (3). وثالثة في حديث أبي حميد كما سأذكره، واللَّه أعلم.
آخر المجلس الحادي والخمسين بعد المائتين من الأمالي وهو الأول بعد المائة من التخريج.
(1) صحيح ابن خزيمة (1/ 345).
(2)
رواه أبو داود (738).
(3)
رواه البخاري في جزء رفع اليدين (19) وابن ماجه (680).
[المجلس الثاني بعد المئة]
ثم حدثنا إملاء من حفظه سيدنا ومولانا شيخ الإِسلام نفع اللَّه المسلمين ببركته وبركة علومه آمين.
قال: أخبرني الشيخ أبو إسحاق التنوخي وكتب إلينا أحمد بن أبي بكر الفقيه رحمة اللَّه عليهما كلاهما عن أبي بكر بن أحمد بن عبد الدائم قال الأول: كتابة والثاني: سماعا أخبرنا محمد بن إبراهيم الأربلي قال: قرئ على شهدة وأنا أسمع (ح).
وأخبرني عمر بن محمد البالسي رحمه الله قال: قرئ على زينب المقدسية وأنا أسمع عن إبراهيم بن محمود ومحمد بن عبد الكريم قالا قرئ على تجني الوهبانية ونحن نسمع قالتا: أخبرنا طراد بن محمد الزيبني أخبرنا هلال بن محمد أخبرنا الحسين بن يحيى حدثنا علي بن إشكاب حدثنا أبو بدر شجاع بن الوليد قال: حدثني أبو خيثمة هو الجعفي قال: حدثني الحسن بن الحر قال: حدثني عيسى بن عبد اللَّه بن مالك عن محمد بن عمرو بن عطاء عن عباس بن سهل بن سعد الساعدي أنه كان في مجلس فيه أبوه وفي المجلس أبو هريرة وأبو أسيد الساعدي رضي الله عنهم، فقال: أبو حميد الساعدي رضي الله عنه وتذاكروا صلاة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنا أعلمكم بصلاة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، قالوا: كيف؟ قال: اتبعت ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم، قالوا: فأرنا، فقام فصلى وهم ينظرون، فبدأ فكبر ورفع يديه نحو المنكبين، ثم كبر للركوع فرفع يديه أيضًا، ثم ركع فمكن يديه من ركبتيه غير مقنع رأسه ولا مصوبه، ثم رفع رأسه ورفع يديه أيضًا وقال:"سَمعَ اللَّه لِمَنْ حَمِدَهُ اللَّهُمَّ رَبنَّا لَكَ الْحَمْدُ" ثم سجد وذكر الحديث بطوله.
هذا حديث صحيح أخرجه أبو داود عن علي بن الحسين بن إبراهيم
وهو ابن إشكاب المذكور في روايتنا (1)، فوقع لنا موافقة عالية [وأخرجه الطحاوي عن نصر بن عمار عن علي بن إشكاب (2)، فوقع لنا بدلا عاليا] وأخرجه ابن حبان في صحيحه عن أبي العباس السراج عن أبي همام الوليد بن شجاع بن الوليد عن أبيه (3). وأخرجه أبو داود أيضًا والترمذي وابن خزيمة وابن ماجه من غير وجه عن عباس بن سهل بن سعد (4). وأخرجه البخاري وأصحاب السنن وابن خزيمة وابن حبان من رواية محمد بن عمرو بن عطاء عن أبي حميد بغير واسطة.
أخبرني أبو العباس أحمد بن علي بن يحيى رحمه الله بدمشق أخبرنا أبو العباس أحمد بن أبي طالب أخبرنا أبو المنجى ابن اللتي مشافهة ومحمد بن سعيد بن بهروز [فيروز] مكاتبة قالا أخبرنا أبو الوقت أخبرنا عبد الرحمن بن محمد أخبرنا عبد اللَّه بن أحمد أخبرنا عيسى بن عمر أخبرنا الدارمي أخبرنا أبو عاصم حدثنا عبد الحميد بن جعفر حدثنا محمد بن عمرو بن عطاء قال
سمعت أبا حميد الساعدي رضي الله عنه في عشرة من أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أحدهم أبو قتادة قال: أنا أعلمكم بصلاة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، قالوا: لم؟ فما كنت أكثرنا له تبعة فذكر الحديث بطوله، وفي آخره فقالوا جميعا: صدقت، هكذا كانت صلاة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم (5)، أخرجه البخاري في جزء رفع اليدين عن عبد اللَّه بن محمد. وأخرجه أبو داود عن أحمد بن حنبل.
وأخرجه الترمذي وابن خزيمة وابن ماجه عن بندار زاد الترمذي والحسن بن علي الخلال وغير واحد وزاد ابن خزيمة وأحمد بن سعيد
(1) رواه أبو داود (733).
(2)
رواه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 260).
(3)
رواه ابن حبان (1857).
(4)
رواه أبو داود (735) والترمذي (259) وابن خزيمة (589) وابن ماجه (863) والدارمي (1313) والبخاري في جزء رفع اليدين (5).
(5)
رواه الدارمي (1363).
ومحمد بن يحيى. وأخرجه الطحاوي عن بكار بن قتيبة كلهم عن أبي عاصم (1). فوقع لنا بدلا عاليا.
وأخبرني الشيخ أبو إسحاق بن كامل أخبرنا عبد اللَّه بن أحمد بن تمام في كتابه أخبرنا يحيى بن أبي السعود قال قرئ على شهدة الكاتبة وأنا أسمع عن الحسين بن أحمد بن طلحة سماعا أخبرنا أبو الحسين بن بشران أخبرنا إسماعيل بن محمد النحوي أخبرنا عبد اللَّه بن محمد بن شاكر حدثنا أبو أسامة حدثنا عبد الحميد بن جعفر فذكر الحديث نحوه. أخرجه ابن ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة عن أبي أسامة (2)، فوقع لنا بدلا عاليا.
قوله (لنا قبول الأمة له في تفاصيل الصلاة) يعني خبر الواحد.
قلت: ذكر صاحب الهداية أن من واجبات الصلاة قراءة الفاتحة وضم السورة إليها وقراءة التشهد في القعدة الأخيرة والجهر فيما يجهر فيه والمخافتة وذكر غير ذلك، فنقتصر على إيراد أدلة ذلك من أخبار الآحاد.
فأما قراءة الفاتحة:
فقرأت على فاطمة بنت محمد المقدسية رحمها اللَّه بالصالحية عن أبي نصر بن محمد بن أبي نصر أخبرنا محمود بن إبراهيم في كتابه أخبرنا مسعود بن الحسن أخبرنا أبو عمرو بن أبي عبد اللَّه بن مندة عن أبي الحسين الخفاف حدثنا أبو العباس السراج حدثنا محمد بن الصباح وهارون بن عبد اللَّه (ح).
وأخبرنا أبو هريرة بن الذهبي رحمه الله فيما أجاز لنا قال: أخبرنا القاسم بن عساكر سماعا عليه عن أبي الوفاء بن مندة أخبرنا أبو الخير الباغبان أخبرنا عبد الوهاب بن محمد بن إسحاق أخبرنا أبي أخبرنا أحمد بن
(1) رواه البخاري في جزء رفع اليدين (4) وأبو داود (730) والترمذي (304) وابن خزيمة (587 و 588) وابن ماجه (862) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 258).
(2)
لم أره عند ابن ماجه. والمصنف تبع الحافظ المزي في تحفة الأشراف (9/ 151).
محمد بن زياد حدثنا الحسن بن محمد هو الزعفراني قالوا: حدثنا سفيان عن الزهري عن محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا صَلاةَ لمنْ لا يَقْرأ بفاتحةِ الكِتابِ"(1).
هذا حديث صحيح أخرجه البخاري عن علي بن عبد اللَّه. ومسلم عن إسحاق بن إبراهيم وأبي بكر بن أبي شيبة وعمرو بن محمد. وأبو داود عن قتيبة وأبي الطاهر بن السرح. والترمذي عن علي بن حجر وابن أبي عمر. والنسائي عن محمد بن منصور. وابن ماجه عن هشام بن عمار وسهل بن أبي سهل وإسحاق بن إسماعيل. وابن خزيمة عن سعيد بن عبد الرحمن والحسن بن محمد الزعفراني كلهم عن سفيان بن عيينة (2). ووقع لنا بدلا عاليا وموافقة عالية لابن خزيمة في أحد شيخيه. وأخرجه الدارقطني عن يحيى بن صاعد عن زياد بن أيوب عن سفيان بلفظ "لا تُجْزِئ صَلاةٌ لا تُقْرأُ فِيها بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ"(3) وظن قوم [جمع] أن زياد انفرد بهذه اللفظة، لكني وجدته في مستخرج الإسماعيلي من رواية العباس بن الوليد عن سفيان مثل رواية زياد، والعباس وزياد كلاهما من شيوخ البخاري واللَّه أعلم.
آخر المجلس الثاني والخمسين بعد المائتين من الأمالي وهو الثاني بعد المائة من التخريج.
(1) رواه السراج في حديثه (189/ 2 و 195/ 1).
(2)
رواه البخاري (756) ومسلم (394) وأبو داود (822) والترمذي (247) والنسائي (2/ 137) وابن ماجه (837) وابن خزيمة (488).
(3)
رواه الدارقطني (1/ 321 - 322).
[المجلس الثالث بعد المئة]
قال المملي رضي الله عنه:
أخبرني أبو العباس أحمد بن الحسن بن محمد المقدسي رحمه الله أخبرنا يحيى بن فضل اللَّه أخبرنا أحمد بن المفرج في كتابه عن يحيى بن ثابت بن بندار أخبرنا أبي أخبرنا أبو بكر بن غالب أخبرنا أبو بكر الإسماعيلي حدثنا عمران بن موسى من أصل كتابه حدثنا عباس بن الوليد النرسي حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا تُجْزئ صَلَاةُ مَنْ لَمْ يَقْرأ فِيَها بِفاتِحَةِ الكِتَاب"(1).
وعباس هذا يلتبس بعياش بن الوليد وكلاهما من شيوخ البخاري في الصحيح، وهما بصريان، ويفترقان بأن الأول بالموحدة والمهملة ويقال له النرسي، والثاني بالتحتانية والمعجمة ويقال له الرقام، وهما وإن كانا من طبقة واحدة، لكن الرقام أسن وأقدم موتا من النرسي، وقد أدرك مسلم النرسي، وأخرج عنه في صحيحه، ولم يدرك الرقام.
قلت: ومن شواهد حديث عبادة.
ما قرأت على أبي الفرج بن حماد عن أبي الحسن بن قريش سماعا قال أخبرنا النجيب عن الجمال قال أخبرنا الحداد أخبرنا أبو نعيم حدثنا
(1) رواه المصنف في نتائج الأفكار (1/ 430 - 431).
وحديث عبادة رواه أيضًا عبد الرزاق (2623) وابن أبي شيبة (1/ 360) والحميدي (386) وأحمد (5/ 314) والدارمي (1245) والنسائي (2/ 137 - 138) وابن حبان (1784) وابن الجارود (185) وأبو عوانة (2/ 124 و 125 و 133) والطبراني في الصغير (211) والبيهقي (2/ 38 و 164 و 374 و 375) والبغوي في شرح السنة (576 و 577).
سليمان بن أحمد حدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا ابن جريج عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبي السائب مولى بني هشام بن زهرة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَلى صَلاةً لَمْ يَقْرأ فِيها بأُمَ القُرآنِ فَهِي خِداجٌ فَهِيَ خِداجٌ فَهِيَ خِداجٌ غَيْر تَامٌّ".
هذا حديث صحيح أخرجه مسلم عن محمد بن رافع عن عبد الرزاق (1)، فوقع لنا بدلا عاليا. وأخرجه مسلم أيضًا. وأصحاب السنن من رواية مالك عن العلاء بن عبد الرحمن هكذا (2). وتابعهما جماعة عن العلاء. وخالفهم سفيان بن عيينة، فرواه عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة، وتابعه جماعة أيضًا على ذلك. وصحح مسلم الطريقين، وأيد ذلك بما أخرجه من رواية أبي أويس عن العلاء بن عبد الرحمن قال: أخبرني أبي وأبو السائب كلاهما عن أبي هريرة.
وقد وقع لي من طريق سفيان عاليا.
قرأت على فاطمة وعائشة ابنتي محمد بن قدامة عن أحمد بن نعمة سماعا قال أنبأنا عبد اللَّه بن عمر مشافهة أخبرنا أبو المعالي اللحاس عن أبي القاسم بن البسري أخبرنا أبو الحسن بن الصلت أخبرنا إبراهيم بن عبد الصمد حدثنا سعيد بن عبد الرحمن المخزومي حدثنا سفيان بن عيينة عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة فذكره. أخرجه مسلم والنسائي عن إسحاق بن إبراهيم عن ابن عيينة (3)، فوقع لنا بدلا عاليا.
وأما ضم السورة إلى الفاتحة.
فأخبرني الحافظ أبو الحسن بن أبي بكر أخبرنا محمد بن أزبك أخبرنا
(1) رواه مسلم (395).
(2)
رواه مسلم (395) وأبو داود (821) والتزمذي (5924) والنسائي (2/ 135 - 136) وفي فضائل القرآن (37) وابن ماجه (838).
(3)
رواه مسلم (395) والنسائي في فضائل القرآن (38).
محمد بن عبد المؤمن أخبرنا أبو البركات بن ملاعب أخبرنا أبو الفضل الأرموي أخبرنا أبو الغنائم بن المأمون أخبرنا أبو نصر محمد بن أحمد أخبرنا محمود بن إسحاق الخزاعي حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري في كتابه القراءة خلف الإمام حدثنا أبو الوليد هو الطيالسي حدثنا همام حدثنا قتادة عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: أمرنا نبينا صلى الله عليه وسلم أن نقرأ بفاتحة الكتاب وما تيسر (1).
هذا حديث حسن أخرجه أبو داود عن أبي الوليد على الموافقة (2)، وأخرجه أحمد عن عبد الصمد بن عبد الوارث عن همام (3). وأخرجه ابن حبان في صحيحه عن أبي يعلى عن أبي خيثمة عن عبد الصمد (4)، فوقع لنا عاليا على طريقه. وإسناده على شرط مسلم، لكن أعله البخاري بعنعنة قتادة وهو مدلس، وأشار الدارقطني في العلل إلى أن الراجح وقفه.
وله طريق أخرى عن أبي نفرة.
أخبرني عمر بن محمد بن أحمد بن سلمان أخبرنا أبو بكر بن محمد بن عبد الجبار أخبرنا محمد بن إسماعيل الخطيب أخبرنا يحيى بن محمود أخبرنا محمد بن خالد في آخرين قالوا أخبرنا أبو الطيب عبد الرزاق بن عمر أخبرنا أبو بكر بن المقري حدثنا محمد بن جعفر بن يحيى حدثنا إبراهيم بن العلاء حدثنا إسماعيل بن عياش حدثنا أبو حنيفة عن أبي سفيان هو السعدي عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا تَصُحَّ صَلاةٌ إلا بِأُمِّ القُرآنِ وَمَعَها غَيْرهُا".
هذا حديث غريب. أخرجه الترمذي وابن ماجه وابن عدي في الكامل
(1) رواه البخاري في جزء القراءة (ص 6).
(2)
رواه أبو داود (818).
(3)
رواه أحمد (3/ 3) هكذا، ورواه (3/ 97) عن عفان عن همام به.
(4)
رواه أبو يعلى (1210) وعنه ابن حبان (1777 و 1784).
من طرق عن أبي سفيان (1). واسمه طريف بن شهاب وهو ضعيف عندهم. وأورد ابن عدي الحديث المذكور عنه بألفاظ مختلفة، أحدها يوافق رواية قتادة، ولم أره في شيء متن الطرق بلفظ نفي الصحة إلا من الطريق التي سقتها، وهي من كتاب الأربعين لابن المقرئ. وفي رواية إسماعيل بن عياش عن غير الشاميين مقال وهذا منها، ولفظ ابن ماجة "لا صَلاةَ لِمَنْ لَا يَقْرأ بالْحَمِد وَسُورةٍ في فَريضَةٍ وَغَيْرِها".
وقد ورد في بعض طرق حديث عبادة ما يدخل في هذا.
وبالسند الماضي من قبل إلى أبي العباس السراج حدثنا محمد بن رافع ومحمد بن يحيى (ح).
وقرأت على العماد أبي بكر بن قدامة أن عبد اللَّه بن الحسين أخبرهم أخبرنا عثمان بن علي عن السلفي أخبرنا أبو الحسن الكرجي أخبرنا أبو بكر الحرشي أخبرنا أبو علي المعقلي حدثنا محمد بن يحيى الذهلي قالا: أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن محمود عن عبادة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا صَلاةَ لِمَنْ يَقْرأ بأُمِّ القُرآنِ فَصَاعَدًا"(2).
أخرجه مسلم عن محمد بن رافع (3)، فوافقناه بعلو. وأخرجه ابن خزيمة عن الذهلي، فوافقناه أيضًا.
قال البخاري في كتاب القراءة خلف الإمام: لم يتابع أحد من الثقات معمرا على هذه الزيادة، قال: ويقال إن عبد الرحمن بن إسحاق رواه عن
(1) رواه الترمذي (238) وابن ماجه (839) وابن عدي (4/ 1436 - 1437).
(2)
رواه عبد الرزاق (2623) ومن طريقه ابن حبان (1784).
(3)
رواه مسلم (394) عن إسحاق بن إبراهيم وعبد بن حميد عن عبد الرزاق به، وليس عن محمد بن رافع كما توهم الحافظ.
الزهري كذلك (1)، وجزم ابن حبان بأن معمرا تفرد بها واللَّه أعلم (2).
آخر المجلس الثالث والخمسين بعد المائتين من الأمالي وهو الثالث بعد المائة من التخريج.
(1) جزء القراءة (ص 4) للبخاري.
(2)
صحيح ابن حبان (3/ 208).
[المجلس الرابع بعد المئة]
قال المملي رضي الله عنه:
أخبرني الحافظ شيخ الإسلام أبو الفضل بن الحسين رحمه الله قال: قرأت على محمد بن أبي محمد الخزنداري أن محمد بن عبد المؤمن أخبرهم [أخبرنا داود بن أحمد] أخبرنا محمد بن عمر بن يوسف أخبرنا عبد الصمد بن محمد أخبرنا أبو نصر محمد بن أحمد أخبرنا محمود بن إسحاق حدثنا أبو عبد اللَّه محمد بن إسماعيل حدثنا مسدد حدثنا يحيى بن سعيد قال محمد: وحدثنا قبيصة حدثنا سفيان هو الثوري (ح).
وقرأته عاليا على أم يوسف المقدسية بالسند الماضي إلى أبي العباس السراج حدثنا محمد بن رافع حدثنا أبو أسامة ثلاثتهم عن جعفر بن ميمون عن أبي عثمان النهدي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أمرني رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن أخرج فأنادي في الناس: "لا صَلاةَ إِلا بِفَاتِحَةِ الكِتَاب فَمَا زَادَ".
هذا حديث حسن أخرجه البخاري في كتاب القراءة خلف الإمام من الوجهين المذكورين وغيرهما (1). وأخرجه أحمد عن يحيى بن سعيد. وأبو داود عن مسدد على الموافقة لهما (2). وأخرجه ابن حبان من رواية عيسى بن يونس عن جعفر (3). وأخرجه الحاكم من رواية يحيى بن سعيد وقال: حديث صحيح (4).
وجعفر من ثقات البصريين، ويحيى بن سعيد كان لا يروي إلا عن ثقة.
(1) رواه البخاري في جزء القراءة (ص 5 و 72).
(2)
رواه أحمد (2/ 428) وأبو داود (820) عن محمد بن بشار عن يحيى وليس عن مسدد عن يحيى كما توهم الحافظ المصنف.
(3)
رواه ابن حبان (1782) ورواه أبو داود (819) من طريق عيسى به.
(4)
رواه الحاكم (1/ 239).
قلت: هو كذلك لكن عنده، وقد قال أحمد والنسائي فيه: ليس بقوي.
وفي الباب عن رفاعة بن رافع في قصة المسيء صلاته عند أحمد بلفظ "ثُمَّ اقْرَأَ بأُمِّ القُرآنِ وَبِمَا شَاءَ اللَّهُ"(1). وعند أبي داود مثله، لكن قال:"بِمَا شِئْتَ" وحديث رفاعة عند أحمد وأصحاب السنن أيضًا وابن خزيمة وابن حبان من طرق متعددة بمثل لفظ حديث أبي هريرة في الصحيحين "ثُمَّ اقْرأ بِما تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ"(2).
وفيه أيضًا عن ابن عمر وعمران بن حصين بسندين ضعيفين جدًا عند ابن عدي. وعن عبادة بن الصامت كذلك عند الطبراني في الأوسط (3).
واحتج من لم يوجب زيادة على الفاتحة بحديث أبي هريرة.
وبالسند الماضي إلى السراج حدثنا أبو الأشعث هو أحمد بن المقدام حدثنا يزيد بن زريع حدثنا حبيب حدثنا عطاء عن أبي هريرة قال: في كل صلاة قراءة، فما أسمعنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أسمعناكم، وما أخفى منا أخفينا منكم، وإن لم تزد على فاتحة الكتاب أجزت، ومن زاد فهو أفضل.
هذا حديث صحيح أخرجه مسلم عن يحيى بن يحيى عن يزيد بن زريع (4)، فوقع لنا بدلا عاليا. وأخرجه الطحاوي عن محمد بن النعمان عن يحيى بن يحيى (5). وهو عند البخاري ومسلم أيضًا من طرق عن عطاء، وفي بعضها التصريح برفعه (6).
(1) رواه أحمد (4/ 340) ولكن لفظه ليس كاللفظ الذي ذكره الحافظ. بل هو لفظ أبي داود، فانقلب اللفظان على الحافظ، فاللفظ الأولى لأبي داود والثاني لأحمد.
(2)
رواه عبد الرزاق (3739) وأبو داود (857 و 858 و 859 - 861) والنسائي (2/ 193 و 225 - 226) والترمذي (301) وابن خزيمة (545) وابن حبان (1778).
(3)
رواه الطبراني في الأوسط (ص 71 مجمع البحرين).
(4)
رواه مسلم (396).
(5)
رواه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 208).
(6)
رواه البخاري (772) ومسلم (396).
وفي الباب أيضًا عن ابن عباس.
أخبرني أبو عبد الرحمن عبد اللَّه بن خليل الحرستاني رحمه الله أخبرنا أحمد بن محمد بن معالي وأبو بكر محمد بن عبد الجبار قالا أخبرنا محمد بن إسماعيل المرداوي قال قرئ على فاطمة بنت أبي الحسن وأنا أسمع أن زاهر بن طاهر أخبرهم أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الكنجروذي أخبرنا أبو عمرو بن حمدان أخبرنا أبو يعلى حدثنا زهير بن حرب حدثنا القاسم بن مالك حدثنا حنظلة السدوسي عن شهر بن حوشب عن عبد اللَّه بن عباس رضي الله عنهما قال: صلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ركعتين قرأ فيهما بفاتحة الكتاب لم يزد شيئا (1).
هذا حديث غريب أخرجه الطبراني من طريق أخرى عن القاسم بن مالك (2). وأخرجه البزار عن أبي موسى محمد بن المثنى عن أبي بحر البكراوي عن حنظلة وقال: لا نعرفه إلا عن ابن عباس، تفرد به حنظلة عن شهر وشهر تكلم فيه بعض الناس، ولا نعلم أحدا ترك حديثه (3).
قلت: لكن الراوي عنه أضعف منه، لكنه في الأصل كما قال الساجي صدوق، وترك يحيى القطان الرواية عنه لاختلاطه، وضعفه لذلك يحيى بن معين والنسائي، وذكره ابن حبان في الثقات، ثم ذكره في الضعفاء لاختلاطه. وقد اختلف عليه مع هذا في الواسطة بينه وبين ابن عباس. فأخرجه أحمد من رواية عبد الوارث بن سعيد وابن عدي من رواية عبد الملك بن الخطاب كلاهما عن حنظلة عن عكرمة عن ابن عباس (4). ويمكن أن يستشهد له بحديث عائشة رضي الله عنها أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان
(1) رواه أبو يعلى (2561).
(2)
رواه الطبراني في الكبير (13016) ورواه أحمد (1/ 243) أيضًا من طريق القاسم ولكن عنده أن هذه الصلاة كانت صلاة عيد.
(3)
رواه البزار (490 كشف الأستار) ورواه البيهقي (2/ 61 - 62).
(4)
رواه أحمد (1/ 282) وابن عدي (2/ 829) والبيهقي (2/ 61).
يصلي ركعتي الفجر فيخفف القراءة حتى أقول: أقرأ فيهما بفاتحة الكتاب؟ أخرجه مسلم وغيره واللَّه أعلم (1).
آخر المجلس الرابع والخمسين بعد المائتين من الآمالي وهو الرابع بعد المائة من التخريج.
(1) رواه مسلم (724).
[المجلس الخامس بعد المئة]
قال المملي رضي الله عنه:
وأما التشهد فقد جاء من رواية جماعة من الصحابة منها عن ابن مسعود في الصحيحين وهو أشهرها. ومنها عن ابن عباس وأبي موسى الأشعري عند مسلم.
أخبرني أبو الحسن علي بن محمد الخطيب رحمه الله أخبرنا أبو بكر الدشتي في كتابه أخبرنا يوسف بن خليل الحافظ أخبرنا أبو عبد اللَّه الكراني أخبرنا أبو علي الحداد أخبرنا أبو نعيم حدثنا أبو محمد بن فارس حدثنا يونس بن حبيب حدثنا أبو داود الطيالسي حدثنا شعبة عن أبي إسحاق أنه سمع أبا الأحوص (ح).
وأخبرني عاليا شيخنا أبو الحسن المذكور عن سليمان بن حمزة وعيسى بن عبد الرحمن والقاسم بن مظفر إجازة إن لم يكن سماعا من القاسم (ح).
وقرأت على فاطمة بنت محمد بن قدامة عن أحمد بن أبي طالب سماعا قالوا: أخبرنا أبو المنجى عبد اللَّه بن عمر سماعا عليه إلا أحمد فقال: إجازة إن لم يكن سماعا قال: أخبرنا أبو المعالي الجَبَّان أخبرنا أبو القاسم علي بن أحمد إجازة أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد المجبر حدثنا أبو إسحاق الهاشمي حدثنا أبو سعيد الأشج حدثنا أبو بكر بن عياش حدثنا أبو إسحاق عن أبي الأحوص قال: قال عبد اللَّه بن مسعود رضي الله عنه قال: كنا لا ندري ما نقول في كل ركعتين غير أنا نسبح اللَّه ونهلله ونحمده، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم علم فواتح الخير وخواتمه، أو قال: وجوامعه، فأمرنا أن نقول في كل ركعتين: "التَّحيَّاتُ للَّه والصَّلَواتُ والطَّيِّباتُ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّها النَّبِيُّ
وَرَحمَةُ اللَّه وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنا وَعَلَى عِبَادِ اللَّه الصَّالحِين، أَشْهَدُ أنْ لا إِلهَ إِلَّا اللَّه، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ" قال: ثُمَّ لِيَتَخَيَّر أَحَدُكُمْ مِنَ الدُّعَاءِ أَعْجَبَه إلَيْهِ فَيَدعُو بهِ" لفظ شعبة (1).
هذا حديث صحيح أخرجه أحمد عن محمد بن جعفر عن شعبة (2)، فوقع لنا بدلا عاليا من الطريق الأولى، وعاليا بدرجتين من الطريق الأخرى. وأخرجه أبو داود عن تميم بن المنتصر عن إسحاق بن يوسف عن شريك. والترمذي والنسائي جميعا عن قتيبة عن عبثر بن القاسم عن الأعمش (3). وأخرجه ابن ماجه عن محمد بن يحيى عن عبد الرزاق عن سفيان الثوري ثلاثتهم عن أبي إسحاق واسمه عمرو بن عبد اللَّه واسم شيخه عوف بن مالك (4). فوقع لنا عاليا، ولا سيما من الطريق الثاني. وأخرجه النسائي أيضًا. وابن خزيمة من طريق محمد بن جعفر عن شعبة (5)، وله عندهم طرق أخرى من هذا الوجه. وأخرجه الشيخان من رواية أبي وائل شقيق بن سلمة عن ابن مسعود.
وبهذا الإسناد إلى الطيالسي حدثنا هشام بن أبي عبد اللَّه حدثنا حماد بن أبي سليمان (ح).
وقرأت على أم الحسن بنت المنجى عن عيسى بن عبد الرحمن قال قرئ علي كريمة بنت عبد الوهاب وأنا أسمع عن محمد بن أحمد بن عمر أخبرنا عبد الوهاب بن محمد بن أسحاق أخبرنا أبي أخبرنا محمد بن أحمد بن محبوب
(1) رواه أبو داود الطيالسي (459).
(2)
رواه أحمد (4160).
(3)
رواه أبو داود (969) والترمذي (1105) والنسائي (2/ 238).
(4)
رواه عبد الرزاق (2061) ومن طريقه ابن ماجه (899) ورواه أيضًا ابن حبان (1947).
(5)
رواه النسائي (2/ 238) وابن خزيمة (720).
حدثنا سعيد بن مسعود حدثنا النضر بن شميل حدثنا شعبة عن أبي هاشم الرماني وحصين بن عبد الرحمن فرقهما (ح).
وأخبرني عاليا عبد القادر بن محمد بن علي الدمشقي قال قرئ على زينب بنت أحمد المقدسية وأنا أسمع عن محمد بن عبد الكريم قال: قرئ على تجني الوهبانية وأنا أسمع أن الحسين بن أحمد بن طلحة أخبرهم قال: أخبرنا أبو عمر بن مهدي حدثنا أبو عبد اللَّه المحاملي حدثنا سلم بن جنادة حدثنا عبد اللَّه بن إدريس عن الأعمش وحصين فرقهما (ح).
وبالسند الماضي قبل إلى أبي العباس السراج حدثنا قتيبة حدثنا جرير عن منصور قال: وحدثنا زياد بن أيوب ويوسف بن موسى قالا: حدثنا أبو معاوية زاد يوسف وأبو أسامة قالا: حدثنا الأعمش أربعتهم عن شقيق أبي وائل عن عبد اللَّه قال: كنا إذا صلينا خلف رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قلنا السلام على اللَّه قبل عباده السلام على جبريل السلام على ميكائيل، فالتفت إلينا النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"لَا تَقوُلوُا السَّلَامُ عَلَى اللَّهِ، فَإِنَّ اللَّهَ هُو السَّلامُ، وَلَكِنْ قُولوُا التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ" فذكر مثله إلى قوله ورسوله، قال:"ثُمَّ لَيتَخَّير مِنَ المَسْألةِ مَا شَاءَ"(1).
هذا حديث صحيح أخرجه البخاري ومسلم جميعا عن عثمان بن أبي شيبة زاد مسلم وإسحاق بن إبراهيم وزهير بن حرب (2). وأخرجه ابن خزيمة عن يوسف بن موسى أربعتهم عن جرير (3)، فوقع لنا بدلا عاليا. وأخرجه أحمد عن أبي معاوية (4)، فوافقناه بعلو. وأخرجه مسلم أيضًا من
(1) رواه أبو داود الطيالسي (457).
(2)
رواه البخاري (6328) ومسلم (402).
(3)
رواه ابن خزيمة (704).
(4)
رواه أحمد (3622).
حديث أبي معاوية، فوقع لنا بدلا أيضا عاليا. وأخرجه ابن خزيمة عن سلم بن جنادة (1)، فوافقناه بعلو. وأخرجه النسائي من طريق خالد بن الحارث عن هشام (2). وله في الصحيحين والسنن الأربعة طرق أخرى غير هذه.
وبهذا الإسناد إلى الهاشمي قال: حدثنا عبد اللَّه بن سعيد حدثنا محمد بن فضيل حدثنا خصيف عن أبي عبيدة بن عبد اللَّه بن مسعود عن أبيه فذكر مثل حديث أبي الأحوص. أخرجه أحمد عن محمد بن فضيل (3)، فوقع لنا موافقة عالية واللَّه أعلم.
آخر المجلس الخامس والخمسين بعد المائتين من الأمالي وهو الخامس بعد المائة من تخريج مختصر ابن الحاجب.
(1) رواه ابن خزيمة (703).
(2)
رواه النسائي (2/ 240).
(3)
رواه أحمد (3562).
[المجلس السادس بعد المئة]
قال المملي رضي الله عنه:
أخبرني أبو الحسن علي بن محمد الخطيب أنا أبو الفضل بن أبي طاهر في كتابه أنا محمد بن عماد إذنا وهو آخر من حدث [عنه] أنا عبد اللَّه بن رفاعة أنا أبو الحسن الخلعي أنا الحصيب بن محمد بن عبد اللَّه ثنا أبي إملاء ثنا أحمد بن يحيى بن إسحاق ثنا سعيد بن سليمان (ح).
وبالسند الماضي إلى السراج ثنا عبيد اللَّه بن سعد ثنا عمي يعقوب هو ابن إبراهيم بن سعد قالا: ثنا شريك عن جامع بن أبي راشد عن أبي وائل عن عبد اللَّه بن مسعود رضي الله عنه قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن فذكره كما تقدم إلى قوله [ورسوله قال: وكان يعلمنا ولم يكن يعلمنا التشهد: "اللَّهُمَّ أَصْلِح ذَاتَ بَيْننِا، وأَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِنَا، وَنَجِّنَا مِنَ الظُّلُماتِ إلَى النُّور، وَبَارِكْ لَنَا فِي أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَاتِنَا، وَتُبْ عَلَيْنا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوابُ الرَّحيم](1) وأَجْعَلْنا شَاكِرين لأَنْعُمِكَ قَائِلينَ بِهَا مُثْنينَ بِهَا عَلَيْكَ".
ذكر حديث أبى موسى في التشهد.
أخبرني الشيخ أبو الفرج عبد الرحمن بن أحمد أنا علي بن إسماعيل أنا عبد اللطيف بن عبد المنعم أنا أبو منصور الأصبهاني في كتابه أنا أبو علي المقري أبنا أبو نعيم حدثنا إبراهيم بن عبد اللَّه ثنا محمد بن إسحاق السراج (ح).
وقرأته عاليا على فاطمة بنت محمد بن عبد الهادي عن أبي نصر بن العماد أنا أبو الوفاء بن مندة في كتابه أنا مسعود بن الحسن أنا أبو عمرو بن أبي
(1) ما بين المعكوفين ليس في الأصل، زدناه من النسخ الأخرى.
عبد اللَّه بن مندة عن أبي الحسين الخفاف ثنا السراج ثنا قتيبة ثنا أبو عوانة (ح).
وبه إلى أبي نعيم ثنا سليمان بن أحمد ثنا إسحاق بن إبراهيم (ح).
وبه إلى السراج ثنا محمد بن رافع قالا: أنا عبد الرزاق أنا معمر (ح).
وقال السراج وثنا عبيد اللَّه بن سعيد ثنا معاذ بن هشام ثنا أبي (ح).
قال: وثنا يحيى بن سعيد ثنا هشام الدستوائي ثلاثتهم عن قتادة عن يونس بن جبير عن حطان بن عبد اللَّه قال: صلى بنا أبو موسى الأشعري رضي الله عنه فذكر القضية وفيها فقال: إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم علمنا سنتنا وعلمنا صلاتنا فذكر الحديث. وفيه: "فَإِذَا كَانَ عِنْدَ القَعْدَةِ فَلْيكُنْ أَوَّلَ قَوْلِ أَحَدِكُمْ التَّحِيَّاتُ للَّه" فذكر مثل حديث ابن مسعود ولكن بغير واو في الطيبات ولا في الصلوات.
هذا حديث صحيح أخرجه أحمد عن يحيى بن سعيد. والنسائي عن عبيد اللَّه بن سعيد (1). ومسلم عن قتيبة (2)، فوقع لنا موافقة لهم عالية. وأخرجه مسلم أيضًا عن إسحاق بن راهويه ومحمد بن أبي عمر كلاهما عن عبد الرزاق، فوقع لنا بدلا عاليا.
وأنا أبو العباس أحمد بن علي الهاشمي أنا أبو العباس بن الشحنة أنا عبد اللَّه بن عمر ومحمد بن مسعود مشافهة من الأول ومكاتبة من الثاني قالا أنا عبد الأول بن عيسى أنا عبد الرحمن بن محمد أنا عبد اللَّه بن أحمد أنا أبو العباس السمرقندي أنا أبو محمد الدارمي ثنا سعيد بن عامر ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة فذكر الحديث بطوله. أخرجه الطحاوي عن بكار بن قتيبة عن سعيد بن عامر (3)، فوقع لنا موافقة عالية، وأخرجه مسلم وأصحاب
(1) رواه أحمد (/ 409) والنسائي (2/ 241 - 242).
(2)
رواه مسلم (404).
(3)
رواه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 264).
السنن من طرق عن سعيد بن أبي عروبة (1)، فوقع لنا عاليا بدرجتين.
ذكر حديث ابن عباس في التشهد.
وبالسندين الماضيين إلى أبي العباس السراج ثنا قتيبة ثنا الليث بن سعد عن أبي الزبير عن سعيد بن جبير وطاووس كلاهما عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن يقول: "قُولُوا التَّحِيَّاتُ المُبَارَكاتُ الصَّلَواتُ الطيِّباتُ للَّه، سَلامٌ عَلَيْكَ أيُّها النَّبيُّ وَرَحْمَةُ اللَّه وَبَرَكاتُهُ، سَلامٌ عَلَيْنا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا اللَّه، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسوُلُهُ".
هذا حديث صحيح أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي كلهم عن قتيبة (2).
فوافقناهم بعلو. وأخرجه مسلم وابن ماجة عن محمد بن رمح عن الليث (3).
فوقع لنا بدلا عاليا.
آخر المجلس السادس والخمسين بعد المائتين من الأمالي وهو السادس بعد المئة من تخريج أحاديث أصول ابن الحاجب.
(1) رواه مسلم (404) والنسائي (2/ 196 - 197) وابن ماجه (901) ولم يروه من هذه الطريق الترمذي ولا أبو داود.
(2)
رواه مسلم (403) وأبو داود (974) والنسائي (2/ 242 - 243).
(3)
رواه مسلم (403) وابن ماجه (900).
[المجلس السابع بعد المئة]
قال المملي رضي الله عنه:
وأما الجهر والإسرار.
فأخبرني الشيخ أبو الفرج عبد الرحمن بن أحمد بن المبارك أنا أبو الحسن المخزومي أنا أبو الفرج الحراني كتب إلينا أبو الحسن الجمال أنا أبو علي المقرئ أنا أبو نعيم ثنا محمد بن إبراهيم ثنا أحمد بن علي ثنا عمرو الناقد (ح).
وبه إلى أبي نعيم ثنا أبو محمد بن حيان ثنا أبو يعلى ثنا أبو خيثمة قالا: ثنا إسماعيل بن إبراهيم أبنا ابن جريج عن عطاء قال: قال أبو هريرة رضي الله عنه: في كل صلاة قراءة فما أسمعنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أسمعناكم، وما أخفى عنا أخفينا عنكم.
هذا حديث صحيح أخرجه مسلم عن أبي خيثمة والناقد (1)، فوافقناه فيهما بعلو. وأخرجه الشيخان من طرق أخرى عن عطاء (2).
وبه إلى أبي نعيم ثنا عبد اللَّه بن الحسن بن بندار وسليمان بن أحمد قال الأول: ثنا محمد بن إسماعيل الصائغ ثنا حجاج بن محمد قال: قال ابن جريج، وقال الثاني: أنا إسحاق بن إبراهيم، أنا عبد الرزاق أنا ابن جريج قال: سمعت محمد بن عباد بن جعفر يقول أخبرني أبو سلمة بن سفيان وعبد اللَّه بن عمرو وعبد اللَّه بن المسيب عن عبد اللَّه بن السائب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الصبح بمكة، فافتتح سورة المؤمنين، فلما جاء ذكر
(1) رواه مسلم (396).
(2)
رواه البخاري (772) ومسلم (396) وعند البخاري من طريق ابن جريج. وتقدم هذا الحديث مرتين.
موسى وهارون أو ذكر عيسى أخذت النبي صلى الله عليه وسلم سعلة، فحذف ثم ركع وعبد اللَّه بن السائب حاضر لذلك.
هذا حديث صحيح أخرجه مسلم عن هارون بن عبد اللَّه عن الحجاج بن محمد وعن محمد بن رافع وعبد بن حميد كلاهما عن عبد الرزاق (1)، فوقع لنا بدلا عاليا بدرجتين من الطريقين وعلقه البخاري لعبد اللَّه بن السائب (2).
وبه إلى أبي نعيم ثنا أبو محمد بن حيان ثنا عبدان ثنا أبو موسى بن أبي عدي عن حجاج بن أبي عثمان عن يحيى بن أبي كثير عن عبد اللَّه بن [أبي] قتادة عن أبيه وعن أبي سلمة عن أبي قتادة رضي اللَّه عن قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يصلي بنا فيقرأ في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورة ويسمعنا الآية أحيانا.
هذا حديث صحيح أخرجه مسلم عن أبي موسى (3)، فوقع لنا موافقة عالية.
ووقع لنا من وجه آخر أعلى من هذا.
وبه إلى أبي نعيم ثنا حبيب هو ابن الحسن ثنا أبو مسلم ثنا أبو عاصم ثنا الأوزاعي (ح).
وأخبرني الشيخ أبو الحسن علي بن محمد الخطيب أنا أبو بكر الدشتي في كتابه أنا يوسف بن خليل الحافظ أنا أحمد بن محمد التيمي أنا الحسن بن أحمد أنا أحمد بن عبد اللَّه بن جعفر ثنا يونس بن حبيب ثنا أبو داود ثنا هشام كلاهما عن يحيى بن أبي كثير عن عبد اللَّه بن [أبي] قتادة عن أبيه بنحوه.
(1) رواه عبد الرزاق (2667 و 2707) ومسلم (455) وليس عند مسلم عن عبد بن حميد فهو من الأوهام. ووقع عند المصنف في تغليق التعليق (2/ 312) على الصواب.
(2)
انظر فتح الباري (2/ 255 - 256) وتغليق التعليق (2/ 310 - 313).
(3)
رواه مسلم (451).
وأخرجه البخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجه من طرق عن هشام (1). وأخرجه النسائي من رواية الأوزاعي (2). وله عندهم طرق أخرى (3).
وبه إلى أبي نعيم ثنا سليمان أنا إسحاق عن عبد الرزاق أنا معمر عن الزهري عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة عن عبد اللَّه ابن عباس عن أم الفضل وهي أمه رضي الله عنهم قالت: آخر ما سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب سورة والمرسلات (4).
هذا حديث صحيح أخرجه مسلم عن عبد بن حميد عن عبد الرزاق (5)، فوقع لنا بدلا عاليا. وأخرجه الشيخان من طرق أخرى عن الزهري (6). وهكذا قال جمهور أصحاب الزهري عنه، وخالفهم محمد بن عمرو بن علقمة.
أخبرني الشيخ أبو إسحاق التنوخي أخبرنا أبو العباس بن أبي طالب أنا أبو المنجى أنا أبو الوقت أنا أبو الحسن الفقيه أنا أبو محمد السرخسي أنا أبو إسحاق الشاشي أنا عبد بن حميد ثنا محمد بن عبيد ثنا محمد بن عمرو عن الزهري عن تمام بن العباس قال: سمعتني أمي أم الفضل أقرأ سورة (والمرسلات عرفا) فقالت: أي بني إن هذه السورة آخر ما سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يؤم بها في صلاة المغرب.
(1) رواه البخاري (762 و 779) وأبو داود (798) والنسائي (2/ 165) وابن ماجه (829).
(2)
رواه النسائي (2/ 164 - 165) لكن رواه البخاري (778).
(3)
رواه البخاري (759 و 776) ومسلم (451) وأبو داود (799 و 800) والنسائي (2/ 155 و 166).
(4)
رواه عبد الرزاق (2694) والطبراني في الكبير (ج 25 رقم 17).
(5)
رواه مسلم (462).
(6)
رواه البخاري (763 و 4429) ومسلم (462).
أخرجه ابن حبان عن جعفر بن أحمد بن سنان عن أبيه عن يزيد بن هارون عن محمد بن عمرو (1)، فوقع لنا عاليا بدرجتين.
وكأنه يجوز أن يكون عند الزهري من الوجهين وإلا فهو عند غيره شاذ.
وبالسند الماضي إلى أبي داود ثنا شعبة (ح).
وبالسند الآخر إلى أبي نعيم ثنا أبو علي بن الصواف ثنا بشر بن موسى ثنا خلاد بن يحيى ثنا مسعر واللفظ له كلاهما عن عدي بن ثابت قال: سمعت البراء بن عازب يقول: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في العشاء بالتين والزيتون.
هذا حديث صحيح أخرجه البخاري عن خلاد. وأخرجه مسلم عن محمد بن عبد اللَّه بن نمير عن أبيه عن مسعر (2)، فوقع لنا عاليا على طريقه بدرجتين. وأخرجاه من أوجه أخرى عن عدي بن ثابت واللَّه أعلم (3).
آخر المجلس السابع والخمسين بعد المائتين من الأمالي وهو السابع بعد المائة من تخريج أحاديث أصول ابن الحاجب.
(1) لم أره عنده بهذا الإسناد، وإنما عنده بهذا الإسناد (1825) عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه. ورواه الطبراني في الكبير (ج 25 رقم 24) من طريقين أخريين عن محمد بن عمرو به.
(2)
رواه البخاري (769) ومسلم (464).
(3)
رواه البخاري (767 و 4952 و 7546) ومسلم (464).
[المجلس الثامن بعد المئة]
[ثم حدثنا سيدنا ومولانا شيخ الإِسلام ابن حجر المذكور بتاريخ يوم الثلاثاء رابع عشر شهر رجب سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة].
قال المملي رضي الله عنه:
وأما قول ابن الحاجب: (وفي نحو القصد والحجامة) فقد فهم كثير من الشراح أن المراد أن الحنفية احتجوا بأخبار وردت في نقض الوضوء بالفصد والحجامة وليس كذلك فيما أحسب، فإنه لم يرد التصريح بذلك في شيء من الأخبار لا الثابتة ولا الواهية، وإنما احتجوا لذلك بطريق العموم من الخبر الوارد في النقض بالدم السائل، أو بالتنظير من الخبر الوارد في النقض بالرعاف والقيء. ولعل هذا هو السر في قول المصنف في نحو.
(فأما الرعاف قول).
فأخبرنا مسند الشام أبو هريرة بن الحافظ أبي عبد اللَّه الذهبي وأم الحسن بنت المنجى إجازة من الأول وقراءة على الأخرى قالا: أنا الثقفي سليمان بن حمزة والقاسم بن المظفر وأبو كثير بن العماد قال الأول: إجازة من الأول وسماعا على الآخرين وقالت الأخرى: إجازة منهم قالوا: أنا محمد بن عبد الواحد المديني في كتابه أنا إسماعيل بن علي أنا أبو مسلم النحوي أنا أبو بكر بن المقرئ ثنا مأمون بن هارون ثنا الحسين بن عيسى ثنا إسماعيل بن أبان ثنا جعفر الأحمر عن أبي خالد عن أبي هاشم الرماني عن زاذان عن سلمان الفارسي رضي الله عنه أنه رعف فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "أَحْدِثْ لِذَلِكَ وُضوُءًا".
هذا حديث غريب أخرجه الدارقطني من طريق مريم بن سفيان عن عمرو بن خالد القرشي وهو أبو خالد المذكور في روايتنا بسنده المذكور (1)،
(1) رواه الدارقطني (1/ 156).
فوقع لنا عاليا وقال: عمرو بن خالد متروك انتهى. وقد كذبه يحيى بن معين وغيره.
وأخبرني الشيخ أبو عبد اللَّه محمد بن محمد بن محمد بن قوام البالسي رحمه الله أنا أبو بكر بن أحمد الدقاق أنا علي بن أحمد السعدي أنا عبد اللَّه بن عمر الصفار في كتابه أنا الفضل بن محمد أنا أبو منصور محمد بن محمد أنا علي بن عمر بن مهدي ثنا محمد بن أحمد بن عبد الخالق ثنا أبو علاثة محمد بن عمرو بن خالد ثنا أبي ثنا محمد بن سلمة ثنا ابن أرقم عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إِذَا رَعِفَ أَحَدُكُمْ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَلْيَنْصَرِفْ وَليعِدِ الوُضُوءَ ثُمَّ ليَمْضِ في صَلاتِهِ".
هذا حديث غريب أخرجه الدارقطني هكذا، وقال: ابن أرقم هو سليمان متروك (1). وأخرجه البيهقي من طرق أخرى عن سليمان (2). وأخرجه الدارقطني أيضًا من رواية عمر بن رياح عن عبد اللَّه بن طاووس عن أبيه عن ابن عباس بنحوه (3). وعمر كذبه أحمد وابن معين.
وأما الدم السائل:
فأخبرني أبو الحسين بن أبي بكر الحافظ رحمه الله أنا محمد بن إسماعيل الحموي أنا أبو الحسن المقدسي عن منصور بن عبد المنعم أنا محمد بن أسماعيل أنا أحمد بن الحسين أنا أبو عبد اللَّه الحافظ ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا أحمد بن الفرج ثنا بقية بن الوليد عن يزيد بن خالد عن يزيد بن محمد عن عمر بن عبد العزيز قال: قال تميم الداري رضي الله عنه قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "الوُضوُءُ مِنْ كُلِّ دَمٍ سَائِلٍ".
(1) رواه الدارقطني (1/ 152 - 153).
(2)
لم أره عند البيهقي في السنن الكبرى، وذكره في معرفة السنن والآثار (1/ 353) بقوله ورواه سليمان بن أرقم عن عطاء عن ابن عباس، وعمر بن رياح عن ابن طاووس عن أبيه عن ابن عباس.
(3)
رواه الدارقطني (1/ 156 - 157).
هذا حديث غريب أخرجه الدارقطني من طريق عيسى بن المنذر عن بقية (1). وقال: عمر بن عبد العزيز لم يسمع من تميم ولا رآه ويزيد بن خالد ويزيد بن محمد مجهولان. وأخرج الدارقطني أيضًا من حديث أبي هريرة رفعه قال: "لَيْسَ فِي القَطْرَةِ وَلا القَطْرَتَينْ مِنَ الدَّم وُضُوء، لَكِنْ إِذَا سَالَ"(2). وإسناده واه جدا.
وأما الْقَيْءُ:
فأخبرني حافظ العصر أبو الفضل بن الحسين رحمه الله أخبرني عبد اللَّه بن محمد العطار أنا علي بن أحمد بن عبد الواحد أنا الخضر بن كامل وزيد بن الحسن قالا: أنا الحسين بن علي المقرئ أنا أحمد بن محمد البزاز أنا محمد بن عبد اللَّه الدقاق ثنا أبو القاسم البغوي ثنا داود بن رشيد ثنا إسماعيل بن عياش عن ابن جريج عن أبيه عن ابن أبي مليكه عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إِذَا قَاءَ أَحَدُكُمْ أَوُ قَلَسَ وَهُوَ فِي الصَّلاةِ فَلْيَنْصَرِفْ ثُمَّ لِيَتوَضَّأ ثُمَّ لِيَبْنِ عَلَى مَا مَضَى مِنْ صَلاِتهِ".
هذا حديث غريب أخرجه الدارقطني عن البغوي على الموافقة (3)، ووقع لنا عاليا بالنسبة لاتصال السماع. وأخرجه ابن ماجه عن محمد بن يحيى الذهلي عن الهيثم بن خارجة عن إسماعيل بن عياش (4)، فوقع لنا عاليا.
وإسماعيل بن عياش فيه مقال، ومن مشاه استثنى روايته عن غير الشاميين فضعفها، وهذا منها.
وأسند الدارقطني عن الذهلي قال: الصواب رواية من قال عن ابن
(1) رواه الدارقطني (1/ 157).
(2)
رواه الدارقطني (1/ 157). وفي إسناده محمد بن الفضل بن عطية وهو كذاب.
(3)
رواه الدارقطني (1/ 153).
(4)
رواه ابن ماجه (1221).
جريج عن أبيه مرسل، والرواية التي فيها ابن أبي مليكة عن عائشة ليست بشيء (1).
وأخرج الدارقطني أيضًا من طريق عبد الرزاق وأبي عاصم والأنصاري وعبد الوهاب بن عطاء كلهم عن ابن جريج عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم ليس فيهم ابن أبي مليكة ولا عائشة، وهؤلاء أعرف بابن جريج من إسماعيل ولا سيما عبد الرزاق واللَّه أعلم (2).
آخر المجلس الثامن والخمسين بعد المائتين من الأمالي وهو الثامن بعد المائة من التخريج.
(1) سنن الدارقطني (1/ 155).
(2)
رواه الدارقطني (1/ 155).
[المجلس التاسع بعد المئة]
قال المملي رضي الله عنه:
وقد ورد في النقض بالْقَيْءِ حديث قوي الإسناد، لكنه ليس نصا في ذلك.
أخبرنا أبو العباس بن تميم أنا أبو العباس بن نعمة أنا عبد اللَّه بن عمر أنا عبد الأول بن عيسى أنا عبد الرحمن بن محمد أنا عبد اللَّه بن أحمد أنا عيسى بن عمر أنا عبد اللَّه بن عبد الرحمن ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث (ح).
وبالسند الذي قبله إلى مأمون بن هارون ثنا الحسين بن عيسى ثنا عبد الصمد ثنا أبي ثنا حسين المعلم عن يحيى بن أبي كثير عن الأوزاعي عن يعيش بن الوليد بن هشام عن أبيه عن معدان بن أبي طلحة عن أبي الدرداء رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قاء فأفطر، فلقيت ثوبان رضي الله عنه بمسجد دمشق فذكرت له ذلك فقال: صدق أنا صببت له الوضوء.
هذا حديث صحيح، أخرجه الإمام أحمد عن عبد الصمد بن عبد الوارث. وابن خزيمة عن الحسين بن عيسى (1). فوقعت لنا موافقة عالية فيهما. وأخرجه الترمذي عن إسحاق بن منصور وأبي عبيدة بن أبي السفر والنسائي عن عمرو بن علي وابن خزيمة أيضًا عن محمد بن يحيى القطيعي وغيره كلهم عن عبد الصمد (1)، فوقع لنا بدلا عاليا. وأخرجه النسائي وابن خزيمة أيضًا عن أبي موسى محمد بن المثنى عن عبد الصمد (2)، لكن لم يقل
(1) رواه أحمد (6/ 443) وابن خزيمة (1956) والترمذي (87) والنسائي في الصوم من الكبرى كما في تحفة الأشراف (8/ 234) وابن خزيمة (1956).
(2)
رواه النسائي في الصوم من الكبرى وابن خزيمة (1956).
في الإسناد عن أبيه. وأخرجه ابن حبان والحاكم من طريق أبي موسى هذه ورجحها الحاكم. وأخرجه أيضًا من طريق حرب بن شداد عن يحيى بن أبي كثير كذلك (1).
قلت: أما رواية حرب فلم يختلف عليه فيها، ووافقه معمر وهشام الدستوائي في رواية. لكن أبهم الأوزاعي، وأما رواية عبد الصمد فالراجح فيها إثبات قوله عن أبيه. وهكذا أخرجه أبو داود عن معمر عن عبد الوارث. والنسائي من طريق أبي معمر (2). وأخرجه أحمد عن إسماعيل بن إبراهيم عن هشام فلم يقل في الإسناد عن أبيه ولا ذكر الأوزاعي (3). وأخرجه النسائي من طرق أخرى عن هشام قال في بعضها عن خالد بن معدان، وفي بعضها عن ابن معدان عن أبيه (4). قال الإمام أحمد: جود حسين المعلم إسناده. وقال الدارقطني. إن كان حسين حفظه فهو صحيح.
قلت: ويعيش بن الوليد وثقه النسائي والعجلي وأبوه الوليد بن هشام بن معاوية بن هشام بن عقبة بن أبي معيط كان من عمال عمر بن عبد العزيز ووثقه يحيى بن معين. ورواية يحيى بن أبي كثير عن الأوزاعي من رواية الكبار عمن هو أصغر منهم، فإن يحيى مشهور في شيوخ الأوزاعي قد أكثر عنه من الرواية، وإن كان الأوزاعي أشهر في الفقه منه واللَّه أعلم.
قوله (مسألة خبر الواحد مقبول في الحد) إلى أن قال (قالوا: ادرؤوا الحدود بالشبهات).
قلت: هذا الحديث مشهور بين الفقهاء وأهل أصول الفقه، ولم يقع لي مرفوعًا بهذا اللفظ، لكن ذكر البيهقي في المعرفة أنه بهذا اللفظ جاء من
(1) رواه ابن حبان (908) عن ابن خزيمة عن محمد بن المثنى به. والحاكم (1/ 426).
(2)
رواه أبو داود (2381) والنسائي في الصوم من الكبرى.
(3)
رواه أحمد (5/ 195).
(4)
رواه النسائي في الصوم من الكبري.
حديث علي مرفوعًا، ثم لما ساقه في السنن الكبير أورده من وجهين أحدهما بلفظ:"ادْرؤوُا الحُدُودَ" أي فقط (1) والآخر كذلك، وزاد زيادة سيأتي نحوها من حديث عائشة، وليس في واحد منها بالشبهات، وكذا هو عند الدراقطني.
وذكر القاضى تاج الدين في شرحه أن أبا محمد الحارثي ذكره في مسند أبي حنيفة من حديث ابن عباس ووهم بعض من أخذ كلامه نفسه إلى أبي محمد الدارمي، فكأنه تحرف عليه (2).
ورويناه في مسند مسدد ثنا يحيى القطان عن شعبة عن عاصم عن أبي وائل عن ابن مسعود قال: ادرؤوا الحد بالشبهة.
وهذا موقوف حسن الإسناد. وقد أخرجه البيهقي من رواية سفيان الثوري عن عاصم لكن بلفظ ادفعوا الحدود ما استطعتم.
وقد وقع لنا بهذا اللفظ من حديث أبي هريرة مرفوعًا.
قرأت على فاطمة بنت محمد القدسية عن أبي عبد اللَّه بن أبي الهيجاء قال أنا أبو عبد اللَّه المرداوي قرئ على فاطمة بنت سعد الخير وأنا أسمع أن زاهر بن طاهر أخبرهم أنا أبو سعد الأديب أنا أبو عمرو النيسابوري أنا أبو يعلى ثنا إسحاق بن أبي إسرائيل ثنا وكيع ثنا إبراهيم بن الفضل المخزومي عن سعيد المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "ادْفَعُوا الحُدُودَ مَا اسْتَطَعْتُمْ"(3).
هذا حديث غريب، أخرجه ابن ماجه عن عبد اللَّه بن الجراح عن وكيع بلفظ "ادْفَعُوا الحَدَّ مَا وجدْتُمْ لَهُ مَدفَعًا"(4) وإبراهيم بن الفضل مدني
(1) رواه البيهقي (8/ 238).
(2)
يقصد الزركشي في المعتبر (ص 136) كذا في الأصل ونظنه خطأ، والصواب «ونسبه إلى أبي محمد الدارمي» .
(3)
رواه أبو يعلى (203/ 2).
(4)
رواه ابن ماجه (2545).
ضعيف. وقد أخرجه ابن عدي في الكامل فعله من منكراته، وساقه من رواية سفيان الثوري حدثني رجل من أهل المدينة عن سعيد المقبري (1)، قال ابن عدي: هذا الرجل هو إبراهيم بن الفضل أبهمه الثوري لضعفه.
وجاء هذا الحديث عن عائشة رضي الله عنها بسياق أتم من هذا.
أخبرنا أبو محمد عمر بن محمد الصالحين الملقن أنا أبو بكر بن أحمد المغاري أنا أبو الحسن بن البخاري عن أبي سعد النيسابوري أنا أبو محمد الأبيوردي أنا أبو منصور النوقاني أنا أبو الحسن الدارقطني ثنا عبد اللَّه بن محمد بن عبد العزيز ثنا داود بن رشيد ثنا محمد بن ربيعة عن يزيد بن زياد الدمشقي عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "ادْرؤُوا الحُدُودَ عَن الْمُسْلِمينَ مَا اسْتَطَعْتُم، فَإنْ وَجَدْتُمْ لِلْمُسْلِم مَخْرجًا فَخَلوُّا سَبِيلَهُ، فَإِنَّ الإِمَام لأَنْ يُخْطَيءَ في العَفْوِ خيْرٌ مِنْ أَنْ يُخُطيءَ فِي العُقُوَبَة"(2).
هذا حديث غريب، أخرجه الترمذي عن عبد الرحمن بن الأسود عن محمد بن ربيعة (3). وقال: لا نعرفه إلا من رواية محمد بن ربيعة عن [يزيد بن] زياد ويزيد يضعف في الحديث.
قلت: لم ينفرد به محمد بن ربيعة، فقد أخرجه الحاكم من رواية الفضل بن موسى عن يزيد بن زياد مرفوعًا أيضًا وقال: صحيح الإسناد. وأخرجه الترمذي والبيهقي من رواية وكيع عن يزيد موقوفًا ورجحاها على الرواية المرفوعة (4). وذكر البيهقي أن رشدين بن سعد رواه عن عقيل عن الزهري مرفوعًا أيضًا، ورشدين وان كان فيه ضعف لكنه يحتمل في المتابعات. وأخرج البيهقي نحوه موقوفًا عن عقبة بن عامر ومعاذ بن جبل
(1) رواه ابن عدي (1/ 232 - 233).
(2)
رواه الدارقطني (3/ 84) وعنه البيهقي (8/ 238).
(3)
رواه الترمذي (1424).
(4)
رواه الحاكم (4/ 384) والترمذي (1424) والبيهقي (8/ 238).
موقوفًا بمعناه (1). وأخرجه أبو مسلم الكشي من مرسل عمر بن عبد العزيز بنحوه واللَّه أعلم.
آخر المجلس التاسع والخمسين بعد المائتين من الأمالي وهو التاسع بعد المائة من تخريج أحاديث مختصر ابن الحاجب.
(1) رواه البيهقي (8/ 238).
[المجلس العاشر بعد المئة]
قال المملي رضي الله عنه:
وقد وجدت خبر ابن عباس في موضع آخر ذكره شيخنا الحافظ أبو الفضل رحمه الله في شرح الترمذي قال: وأما حديث ابن عباس فرواه أبو أحمد بن عدي في جزء خرجه من حديث أهل مصر والجزيرة من رواية ابن لهيعة عن يزيد بن حبيب عن عكرمة [عن] ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ادْرؤوا الحُدُودَ بِالشُّبُهاتِ وأَقِيلوُا الْكِرَامَ عَثَراتِهِمْ إِلَّا فِي حَدٍّ".
وهذا الإسناد إن كان من بين ابن عدي وابن لهيعة مقبولين فهو حسن.
قوله (مسألة الأكثر على أن الخبر المخالف للقياس من كل وجه مقدم) إلى أن قال (لنا أن عمر ترك القياس للخبر في الجنين وقال: لولا هذا لقضينا فيه برأينا).
أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن محمد وأبو علي محمد بن محمد [بن] علي سماعا عليهما مقترقين عن ست الوزراء بنت عمر بن أسعد قال كل منهما: إجازة إن لم يكن سماعا قالت: أنا أبو عبد اللَّه الزبيدي أنا أبو زرعة طاهر بن محمد أنا أبو الحسن بن علان أنا أبو بكر الحيري ثنا أبو العباس الأصم أنا الربيع بن سليمان أنا الشافعي أنا سفيان عن عمرو هو ابن دينار عن طاووس أن عمر رضي الله عنه قال: ذكر اللَّه امرءًا سمع من النبي صلى الله عليه وسلم في الجنين شيئًا، فقام حمل بن مالك بن النابغة فقال: كنت بين جاريتن فضربت إحداهما الأخرى بمسطح، فألقت جنينا ميتا، فقضى فيه النبي صلى الله عليه وسلم بغرة فقال عمر: إن كدنا أن نقضي في هذا برأينا (1).
(1) رواه الشافعي في الأم (6/ 93) ولفظه "في مثل هذا بآرائنا".
هكذا أخرجه الشافعي رحمه الله في جراح الخطأ من كتاب الأم، وهو أقرب إلى لفظ المصنف، وأخرجه أيضًا في كتاب الرسالة لكن بلفظ آخر.
وبهذا الإسناد إلى الشافعي أنا سفيان عن عمرو بن دينار وابن طاووس عن طاووس فذكر مثله (1). ولكن زاد بين قوله بين جاريتين يعني ضرتين، وقال في آخره فقال عمر: لو لم نسمع هذا لقضينا فيه بغير هذا. وهكذا أخرجه أبو داود عن أبي بكر الحيري على الوجهين (2)، فوافقناه بعلو. وفي الإسناد إنقطاع، فإن طاووسا لم يحضر القصة بل ولا أدركها، وقد وقع لنا متصلا.
قرأت على فاطمة بنت محمد بن أحمد بدمشق عن أبي الفضل بن أبي طاهر أنا محمد بن عبد الواحد الحافظ أنا محمد بن أحمد بن نصر أنا فاطمة الجوزذانية قالت أنا محمد بن عبد اللَّه التاجر أنا سليمان بن أحمد أنا إسحاق بن إبراهيم الدبري أنا عبد الرزاق أنا ابن عيينة أخبرني عمرو بن دينار عن طاووس عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قام عمر على المنبر فقال: أنشد اللَّه امرءًا سمع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قضى في الجنين، فقام حمل بن مالك بن النابغة الهذلي فقال: نحت بين جاريتين يعني ضرتين فضربت إحداهما الأخرى بعمود ظلتها فقتلتها وقتلت ما في بطنها، فقضى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في الجنين بغرة عبد أو أمة، فقال عمر: اللَّه أكبر لو لم نسمع هذا ما قضينا فيه بغير هذا (3).
هكذا أورده عبد الرزاق، فخالف في نقل كلام عمر، والأول أولى
(1) رواه الشافعي في الرسالة (1174 و 1175) بهذا اللفظ وبلفظ آخر.
(2)
كذا في الأصل، "وهكذا رواه أبو داود عن أبي بكر الحيري" وهو خطأ واضح، والصواب "رواه البيهقي عن أبي بكر الحيري"(8/ 114) ولم يروه البيهقي من طريق أبي بكر الحيري على الوجهين بل روايته عن أبي العباس الأصم به فقط، وأما الرواية الموصولة فرواه البيهقي (8/ 114) من طريق أبي داود (4572).
(3)
رواه عبد الرزاق (18343) ومن طريقه الطبراني في الكبير (3482).
لاتفاق اثنين عليه، مع أن عبد الرزاق أفاد في الإسناد قائدتين إحداهما تصريح سفيان بن عيينة بالإخبار والأخرى إثبات ابن عباس في السند، وقد تابعه على وصله أبو عاصم الضحاك بن مخلد وغير واحد عن ابن جريج عن عمرو بن دينار. وهكذا رواه حماد بن زيد عن عمرو.
أخبرنا الشيخ أبو إسحاق التنوخي رحمه الله أنا أحمد بن أبي طالب أنا عبد اللَّه بن عمر أنا أبو الوقت أنا أبو الحسن بن المظفر أنا أبو محمد بن أعين أنا أبو العباس السمرقندي أنا أبو محمد الدارمي أنا أبو عاصم (ح).
وقرئ على أم الفضل بنت الشيخ أبي إسحاق بن سلطان وأنا أسمع عن أبي نصر بن الشيرازي أنا أبو الوفاء بن منده في كتابه أنا أبو الخير بن الموقت أنا عبد الوهاب بن محمد بن إسحاق أنا أبي ثنا محمد بن عمر بن حفص ثنا الحسين بن الحسن ثنا أبو عاصم أنا ابن جريج عن عمرو بن دينار عن طاووس عن ابن عباس فذكر الحديث نحو سياق عبد الرزاق، لكن لم يذكر كلام عمر الأخير.
هذا حديث حسن صحيح، أخرجه أبو داود عن محمد بن مسعود. وابن ماجه عن أحمد بن سعيد كلاهما عن أبي عاصم (1)، فوقع لنا بدلا عاليا. وأخرجه ابن حبان والدارقطني من طرق عن أبي عاصم (2). وأخرجه النسائي من رواية محمد بن بكر كلاهما عن ابن جريج (3). وأخرج الدارقطني أيضًا من طريق عبد الرزاق عن محمد بن إسماعيل الفارسي (4). وأخرجها الحاكم عن محمد بن علي الصنعاني كلاهما عن إسحاق بن إبراهيم (5)، فوقع لنا بدلا عاليا.
(1) رواه أبو داود (4572) وابن ماجه (2641) والدارمي (2386).
(2)
رواه ابن حبان (1525 موارد) والدارقطني (3/ 115 - 117).
(3)
لم يروه النسائي من طريق محمد بن بكر ولا نسبه إليه كذلك الحافظ المزي في تحفة الأشراف (3/ 84) بل رواه في الكبرى من طريق حجاج عن ابن جريج.
(4)
رواه الدارقطني (3/ 117).
(5)
رواه الحاكم (3/ 575).
وأصل هذه القصة في الصحيحين من رواية هشام بن عروة عن أبيه عن المسور بن مخرمة أن عمر نشد الناس فذكر الحديث، وفيه فقام المغيرة بن شعبة فقال: شهدت النبي صلى الله عليه وسلم قضى فيه بغرة، وفيه موافقة محمد بن مسلمة للمغيرة (1). وأخرجه مسلم وأصحاب السنن من طرق أخرى كذلك (2).
وأفاد أبو داود والنسائي في بعض طرق حديث ابن عباس تسمية المرأتين وأنهما مليكة وأم غطيف (3). وإنما لم أخرج حديث المغيرة وإن كان أصح إسنادا لأنه لم يقع فيه كلام عمر الأخير. وأوهم كلام بعض المخرجين أنهما حديث واحد في بعض طرقه زيادة، وليس كذلك لما بينته، وليس بين الحديثين مخالفة لجواز تعدد من حدث عمر بذلك.
وقد أخرج الشيخان أصل الحديث من رواية سعيد بن المسيب عن أبي هريرة (4). وسياقه أتم. لكن ليس فيه تسمية أحد منهم.
وحمل بفتح الحاء المهملة والميم بعدها لام، له صحبة. وأم غطيف بغين معجمة وطاء مهملة وآخره فاء مصغر. والمسطح بكسر الميم وسكون السين وفتح الطاء بعدها حاء مهملات عود من آلات الخيمة. واللَّه أعلم.
آخر المجلس الستين بعد المائتين من الأمالي وهو العاشر بعد المائة من تخريج أحاديث مختصر ابن الحاجب.
(1) رواه البخاري (6905 - 6908 و 7317 و 7318).
(2)
رواه مسلم (1683) وأبو داود (4570) وابن ماجه (2640) ورواه أيضًا ابن أبي شيبة (9/ 251) وأحمد (4/ 253) والطبراني في الكبير (ج 20 رقم 860).
(3)
رواه أبو داود (4574) والنسائي (8/ 51 - 52).
(4)
رواه البخاري (6909) ومسلم (1681).
[المجلس الحادي عشر بعد المئة]
قال المملي رضي الله عنه:
قوله (وفي دية الأصابع باعتبار منافعها بقوله في كل إصبع عشر).
يعني أن عمر رجع عن رأيه في دية الأصابع إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم.
أخبرني الشيخ أبو إسحاق التنوخي رحمه الله فيما قرأته عليه ثم سمعته منه مرة أخرى أنا أبو العباس بن الشحنة أنا أبو المنجى بن اللتي أنا أبو الفتح بن شنيف أنا أبو غالب العطار أنا أبو علي بن شاذان أنا أبو الحسن بن الزبير ثنا الحسن بن علي بن عفان ثنا جعفر بن عون عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب قال: قضى عمر رضي الله عنه في الإبهام بثلاث عشرة وفي الخنصر بست حتى وجد كتابا عند آل عمرو بن حزم يذكرون أنه من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فيه وفيما هنالك من الأصابع عشر عشر.
هذا حديث حسن، أخرجه الشافعي عن عبد الوهاب الثقفي وسفيان بن عيينة. وأخرجه النسائي عن حسين بن منصور عن عبد اللَّه بن نمير. وأخرجه البيهقي من طريق أبي أحمد محمد بن عبد الوهاب الغراء عن جعفر بن عون كلهم عن يحيى بن سعيد (1)، فوقع لنا عاليا.
وقد وقع لنا حديث عمرو بن حزم من طريق موصولة.
وبالسند الماضى إلى الدارمي ثنا الحكم بن موسى ثنا يحيى بن حمزة ثنا سليمان بن داود عن الزهري عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال: كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى أهل اليمن كتابا في
(1) رواه الشافعي (1466) والنسائي (8/ 56) والبيهقي (8/ 93).
العقول، وفيه "وَفي كُلِّ إِصْبَعٍ مِنَ أَصَابِعِ اليَدَيْنِ وَالرِّجْليْنِ عَشْرٌ مِنَ الإِبِلِ"(1).
هذا حديث حسن مختلف في وصله وإرساله، أخرجه أبو داود في كتاب المراسيل عن الحكم بن موسى (2). فوافقناه بعلو درجة ودرجتين. ووتع لي من وجه آخر أعلى من الطريق التي سقتها بدرجة أخرى.
قرأت على أم الحسن التنوخية عن سليمان بن حمزة أنا محمد بن عبد الواحد الأصبهاني في كتابه أنا إسماعيل بن علي أنا أبو مسلم النحوي أنا أبو بكو بن المقرئ ثنا أبو يعلى وابن بنت منيع وحامد بن شعيب قالوا: أنا الحكم. وأخرجه ابن حبان في صحيحه عن أبي يعلى وحامد بن شعيب، فوقع لنا موافقة عالية في شيخه. ومشى ابن حبان على ظاهر الإسناد، لأن سليمان بن داود هو الخولاني وثقوه وباقي رجاله رجال الصحيح، لكن يقال أن الحكم بن موسى وهم في نسب سليمان فأخرجه النسائي عن عمرو بن منصور عن الحكم بن موسى (3). فوقع لنا بدلا عاليا جدا، ثم أخرجه من رواية محمد بن بكار، عن يحيى بن حمزة فقال عن سليمان بن أرقم عن الزهري (4). قال النسائي: هذا أشبه بالصواب وسليمان بن أرقم متروك. وهكذا أخرجه أبو داود في المراسيل من رواية محمد بن بكار، قال أبو داود: وحدثني أبو هبيرة. قرأت في أصل يحيى بن حمزة حدثني سليمان بن أرقم. وهذا أيضًا مما يبين وهم الحكم بن موسى. وقد أخرجه أبو داود والنسائي أيضًا من رواية ابن وهب عن يونس بن يزيد عن الزهري عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم فذكره مرسلا (5). وأخرجه النسائي من طريق
(1) رواه الدارمي (2376).
(2)
انظر تحفة الأشراف (8/ 147).
(3)
رواه النسائي (8/ 57 - 58).
(4)
رواه النسائي (8/ 58 - 59).
(5)
رواه النسائي (8/ 59).
سعيد بن عبد العزيز عن الزهري قال: جاءني أبو بكر بن محمد بكتاب فذكره (1). وهذا هو المحفوظ أنه مأخوذ من كتاب. وهكذا أخرجه مالك عن عبد اللَّه بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه قال: في الكتاب الذي كتبه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم، فذكر بعضه (2). والذي يظهر من مجموع الروايات اشتهار هذا الكتاب عندهم، والأخذ من الكتاب إذا كان معروفًا أحد وجوه التحمل المعتمدة وإن كان قاصرا عن السماع.
وقد جاء هذا المتن مرفوعًا من حديث أبي موسى وعبد اللَّه بن عباس، وفي نسخة عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.
أخبرني أبو المعالي الأزهري رحمه الله أنا يحيى بن يوسف المقدسي أنا أبو الحسن بن بنت الجميزي في كتابه وهو آخر من حدث عنه أنا أبو الحسين بن يوسف أنا أبو الغنائم الكوفي الحافظ أنا أبو محمد الجوهري أنا أبو الحسين بن المظفر أنا أبو جعفر الطحاوي ثنا أبو إبراهيم المزني أنا الشافعي أنا إسماعيل بن إبراهيم ثنا غالب التمار عن مسروق بن أوس عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "فِي الأَصَابِعِ عَشْرٌ عَشْرٌ"(3).
هذا حديث حسن، أخرجه أبو داود وابن ماجه وابن حبان من طرق عن غالب التمار (4). وقد وقع لنا من وجه آخر له لا من الذي سقته بدرجة.
وبالسند الماضى إلى الدارمي ثنا أبو الوليد ثنا شعبة عن غالب التمار فذكره (5).
(1) رواه النسائي (8/ 59 - 60).
(2)
رواه مالك (2/ 181).
(3)
رواه الشافعي (1465).
(4)
رواه أبو داود (4557) وابن ماجه (2654) ورواه البغوي في مسند علي بن الجعد (1525) ومن طريق علي بن الجعد ابن حبان (1527 موارد).
(5)
رواه الدارمي (2374).
أخرجه النسائي والدارقطني من طريق قتادة عن مسروق بن أوس أيضًا (1).
وأما حديث ابن عباس فأخرجه البخاري بلفظ "هذه وهذه سواء" يعني الخنصر والإبهام (2) وأخرجه الترمذي وابن حبان بلفظ "أَصَابِعُ اليَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْن سَوَاءٌ، عَشْرٌ مِنَ الإِبِلِ لِكُلِّ إِصْبعٍ". وفي رواية "دِيَةُ الأَصَابِعِ" والباقي مثله (3).
وأما حديث عمرو بن شعيب فأخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه موصولا (4). وأخرجه أبو داود أيضًا من رواية ابن جريج عن عمرو بن شعيب مرسلا واللَّه أعلم.
آجر المجلس الأول والستين بعد المائتين من الأمالي وهو الحادي عشر بعد المائة من تخريج أحاديث مختصر ابن الحاجب.
(1) رواه النسائي (8/ 56) والدارقطني (3/ 211).
(2)
رواه البخاري (6895).
(3)
رواه الترمذي (1391 و 1392) وأبو داود (4558) والنسائي (8/ 56 - 57).
(4)
رواه أبو داود (4562) والنسائي (8/ 57) وابن ماجه (2653).
[المجلس الثاني عشر بعد المائة]
قال المملي رضي الله عنه:
قوله (و [في] ميراث الزوجة من الدية).
قرأت على فاطمة بنت المنجى عن أبي الفضل بن أبي طاهر أنا محمد بن عبد الواحد الحافظ أنا زاهر بن طاهر أنا محمد بن أبي ذر أنا أبو طاهر بن عبد الرحيم أنا أبو بكر القباب ثنا أبو بكر بن أبي عاصم ثنا أبو بكر بن أبي شيبة (ح).
وأخبرني عبد اللَّه بن عمر بن علي أنا أحمد بن أبي الفرج أنا أبو الفرج بن نصر أنا أبو محمد بن أبى المجد أنا هبة اللَّه بن محمد أنا الحسن بن علي أنا أحمد بن جعفر ثنا عبد اللَّه بن أحمد حدثني أبي واللفظ له قالا: ثنا سفيان قال: سمعته من الزهري عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: لا ترث المرأة من دية زوجها حتى أخبره الضحاك بن سفيان الكلابي أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كتب إلَيَّ أن أورث امرأة أشيم الضبابي من دية زوجها، فرجع عمر عن قوله (1).
هذا حديث صحيح، أخرجه أبو داود عن أحمد بن صالح. والترمذي والنسائي عن قتيبة. والترمذي أيضًا عن أحمد بن منيع وأبي علي بن الحسين بن حريث في آخرين. والنسائي أيضا عن محمد بن منصور. وابن ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة كلهم عن سفيان بن عيينة (2). فوقع لنا موافقة بدلا بعلو.
(1) رواه أبو بكر بن أبي شيبة في المصنف (9/ 313) ومن طريقه الطبراني في الكبير (8142) وأحمد (3/ 452).
(2)
رواه أبو داود (2927) والترمذي (1412 و 2111) والنسائي في الفرائض من الكبرى كما في تحفة الأشراف (4/ 202) وابن ماجه (2642).
وبهذا الإِسناد إلى محمد بن عبد الواحد أنا محمد بن أحمد بن نصر أخبرتنا فاطمة الجوزذانية قالت أنا أبو بكر بن ريذة أنا الطبراني أنا إسحاق بن ابراهيم أنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب قال: قال عمر رضي الله عنه: ما أرى أن ترث الدية الا عصبة الرجل، لأنهم يعقلون عنه، فهل سمع أحد منكم من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في ذلك شيئا؟ فقال الضحاك بن سفيان، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد استعمله على الأعراب إن عندي في ذلك علما فذكر بقية الحديث نحوه (1).
أخرجه أبو داود عن أحمد بن صالح عن عبد الرزاق (2). وأخرجه الدارقطني عن محمد بن إسماعيل الفارسي عن إسحاق بن إبراهيم (3)، فوقع لنا بدلا عاليا على الطريقين. وأخرجه أحمد عن عبد الرزاق (4). فوقع لنا موافقة عالية. ورواه يحيى بن سعيد الأنصاري مع تقدمه عن الزهري، وهو من رواية الأقران.
وبه إلى ابن أبي عاصم ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ثنا يحيى بن سعيد فذكره (5). وأخرجه ابن منده في المعرفة من طريق حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد وقال: مشهور عن الزهري عزيز عن يحيى بن سعيد. ورواه مالك عن الزهري لكنه أرسله، وزاد فيه قال الزهري: وكان قتل أشيم خطأ (6).
(1) رواه عبد الرزاق (17764) ومن طريقه الطبراني في الكبير (8139).
(2)
رواه أبو داود بعد الحديث (2927).
(3)
رواه الدارقطني (4/ 77).
(4)
رواه أحمد (3/ 452).
(5)
رواه ابن أبي شيبة (9/ 313) ومن طريقه الطبراني في الكبير (8140) وابن أبي عاصم في الديات (ص 199) الومضات.
(6)
رواه مالك (2/ 190).
قلت: أشيم بمعجمة ثم بتحتانية وزن أحمد، ولم أقف على اسم امرأته.
وأما قوله (وغير ذلك).
فيحتمل أن يُريد من قضايا عمر وغيرها. ويحتمل ما هو أعم من ذلك.
فمن قضايا عمر رضي الله عنه ما قرأت على أبي المعالي الأزهري أن أحمد بن عمر أخبرهم أنا عبد اللطيف بن عبد المنعم أنا أبو محمد بن صاعد أنا أبو القاسم الشيباني أنا أبو علي التميمي أنا أبو بكر القطيعي ثنا عبد اللَّه بن أحمد حدثني أبي ثنا أسباط بن محمد ثنا هشام بن سعد عن عبيد اللَّه بن عباس قال: كان للعباس بن عبد المطلب رضي الله عنه ميزاب في داره على طريق عمر إلى المسجد فلبس عمر ثيابه يوم الجمعة وتوجه إلى المسجد، وكان قد ذبح للعباس فرخان فلما وافى الميزاب صب ماء على دم الفرخين فأصاب ثياب عمر، فأمر بقلع الميزاب ورجع إلى بيته فطرح ثيابه ولبس ثيابا غيره ومضى إلى المسجد فصلى بالناس، فقال له العباس: واللَّه إنه للموضع الذي وضعه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فيه، فقال عمر وأنا أعزم عليك لتصعدن على ظهري حتى تضعه في الموضع الذي وضعه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ففعل ذلك (1).
هذا حديث حسن، أخرجه ابن سعد في ترجمة العباس من الطبقات عن أسباط بن محمد على الموافقة. وأخرجه أيضًا من طريق يعقوب بن يزيد بنحو هذه القصة (2). وأخرجه أبو داود في المراسيل من وجه آخر، وفي كل من الأسانيد الثلاثة انقطاع، لكن ينجبر بعضها ببعض ويدل على أن له أصلا.
(1) رواه أحمد (1790) وعنده "صب ماء بدم الفرخين" وابن عساكر في ترجمة العباس بن عبد المطلب (ص 191).
(2)
رواه ابن سعد (4/ 20) وعنده "يعقوب بن زيد" وكذلك هو عند ابن عساكر (ص 191) وهو الصواب.
ومما جاء في ذلك عن غير عمر حديث ابن عباس في الصرف حتى أخبره أبو سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم في النهي عنه إلا ما كان يدا بيد مثلا بمثل (1).
وحديث ابن عمر في المزارعة حتى أخبره رافع بن خديج بنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، إلى غير ذلك من الأحاديث، وهي مشهورة في الصحيحين والسنن واللَّه أعلم (2).
آخر المجلس الثاني والستون بعد المائتين من الأمالي وهو الثاني عشر بعد المائة من تخريج أحاديث مختصر ابن الحاجب.
(1) رواه مسلم (1594).
(2)
رواه البخاري (2327 و 2339 و 2346 و 4012) ومسلم (1547 و 1548 و 1550) وغيرهما.
[المجلس الثالث عشر بعد المائة]
قال المملي رضي الله عنه:
قوله (وأما مخالفة ابن عباس خبر أبي هريرة "تَوَضَّأُوا مِمَّا مَسَّتْهُ النَّارُ" فاستبعاد لظهوره).
يعني لظهور مقابله عنده، لأنه روى أن النبي صلى الله عليه وسلم أكل كتف شاة ثم صلى ولم يتوضأ هكذا أفصح به المصنف في المختصر الكبير.
أخبرني الإمام حافظ العصر أبو الفضل بن الحسين رحمه الله فيما قرأت عليه أخبرني أبو محمد بن القيم أنا الفخر علي بن البخاري أنا محمد بن معمر في كتابه أنا سعيد بن أبي الرجاء أنا أحمد بن محمد بن النعمان إنا أبو بكر بن المقرئ أنا اسحاق بن أحمد الخزاعي ثنا محمد بن يحبى بن أبي عمر ثنا ابن عيينة والدراوردي عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تَوَضَّأُوا مِمَّا مَسَّت النَّارُ وَلَوْ مِنْ أَثْوَارِ أَقِطٍّ" فقال له ابن عباس: يا أبا هريرة أتوضأ من الدهن أتوضأ من الحميم، فقال له أبو هريرة: يا ابن أخي إذا سمعت من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حديثا فلا تضرب له مثلا.
هذا حديث حسن، أخرجه الترمذي عن ابن أبي عمر بهذا الإسناد، لكن لم يذكر الدراوردي (1)، فوقع لنا موافقة عالية بالنسبة لطريق السماع. وأخرجه البزار من رواية يزيد بن هارون. والطحاوي من رواية حماد بن سلمة وسعيد بن عامر كلهم عن محمد بن عمرو (2). ورواه شعبة أيضًا عن محمد بن عمرو.
(1) رواه الترمذي (97).
(2)
رواه البزار (3/ 23/ 1) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 63).
وبهذا الإِسناد إلى الفخر أنا أبو المكارم التيمي في كتابه أنا أبو علي الحداد ثنا أبو نعيم ثنا مطهر بن أحمد ثنا محمد بن العباس ثنا محمد بن يزيد أنا أبو عتاب سهل بن حماد ثنا شعبة فذكر نحوه (1). وأخرجه ابن ماجه مختصرا عن محمد بن عباد بن آدم عن أبيه عن شعبة (2).
قرأت على الشيخ أبي إسحاق التنوخي رحمه الله عن أحمد بن أبي طالب سماعا وعيسى بن عبد الرحمن قراءة قالا أنا أبو المنجا البغداد قال عيسى سماعا وأحمد إجازة أنا عبد الأول بن عيسى قرئ على بيبي بنت عبد الصمد وأنا أسمع أن عبد الرحمن بن أبي شريح أخبرهم أنا يحيى بن صاعد ثنا عبد اللَّه بن عمران ثنا داود بن عجلان عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم أكل كتف شاة ثم صلى ولم يتوضأ (3).
تابعه مالك في الموطأ وجماعة عن زيد بن أسلم (4)، وهو حديث صحيح من حديث زيد بن أسلم وإن كان في داود مقال. أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود من طريق مالك (5). وأخرجه الطحاوي من طريق روح بن القاسم. وابن حبان من طريق الدراوردي كلهم عن زيد بن أسلم (6)، فوقع لنا عاليا من طريقه بدرجة أو درجتين، وهو مختصر من الحديث الذي
أخبرني الشيخ أبو الفرج بن حماد أنا علي بن إسماعيل أنا عبد اللطيف بن عبد المنعم أنا مسعود الجمال في كتابه أنا الحسن بن أحمد أنا أحمد بن عبد اللَّه ثنا عبد اللَّه بن محمد بن جعفر ثنا محمد بن يحيى يعني ابن
(1) رواه أبو نعيم في الحلية (7/ 160 - 161).
(2)
رواه ابن ماجه (485).
(3)
روته بيبي الهرثمية في جزئها (66).
(4)
رواه مالك (1/ 37).
(5)
رواه البخاري (207) ومسلم (354) وأبو داود (187).
(6)
رواه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 64) وابن حبان (1128).
منده ثنا أبو كريب ثنا أبو أسامة عن الوليد بن كثير ثنا محمد بن عمرو بن عطاء قال: كنت عند ابن عباس في بيت ميمونة رضي الله عنها فجعل يتعجب ممن يقول: الوضوء مما مست النار، ثم قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم في هذا البيت. فجاءه المؤذن فتوضأ ولبس ثيابه وخرج إلى الصلاة، فلما كان في الحجرة خارج البيت استقبلته هدية عضو شاة، فأكل منها لقمة أو لقمتين، ثم صلى ولم يتوضأ.
هذا حديث صحيح، أخرجه مسلم عن أبي كريب بهذا الإسناد (1)، فوقع لنا موافقة عالية.
وقد روى الوضوء مما مست النار جماعة من الصحابة غير أبي هريرة، وعمل به طائفة منهم، ومن غيرهم، وروى النسخ ابن عباس وجابر وغيرهما، وهو الذي استقر عليه الأمر.
قوله (وكذلك هو وعائشة في إذا استيقظ ولذلك قالا: كيف يصنع بالمهراس).
يعني أن ابن عباس وعائشة رضي الله عنهم خالفا حديث أبي هريرة في الأمر بغسل اليد لمن استيقظ قبل إدخالها الإناء، واستشكلاه بما ذكر، وتبع المصنف في ذلك كلام الأمدي ولا وجود لذلك في شيء من كتب الحديث، والذي قال لأبي هريرة: كيف نصنع بالمهراس رجل يقال له قين الأشجعي، وقد تقدم ذكر ذلك مسندا عنه في المجلس المائة من تخريج المختصر. وكذا جاء عن أصحاب ابن مسعود أنهم كانوا يقولون ذلك، وتقدم أيضًا.
ذكر أبو إسماعيل الهروي في كتاب ذم الكلام بعد أن ساق قصة قين مع أبي هريرة ما نصه: وروي أن ابن عباس قال لأبي هريرة: أرأيت إن كان حوضا؟ فقال: لا يضرب لحديث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الأمثال، ولم يقع لي هذا الأثر موصولا إلى الآن.
(1) رواه مسلم (359).
قوله (وأيضا أخر معاذ العمل بالقياس).
يشير إلى حديث معاذ بن جبل لما بعثه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى اليمن وقال له: "كَيْفَ تَقْضي" وقد تقدم موصولا في المجلس التاسع والعشرين واللَّه أعلم.
آخر المجلس الثالث والستين بعد المائتين من الأمالي وهو الثالث عشر بعد المائة من تخريج أحاديث مختصر ابن الحاجب.
[المجلس الرابع عشر بعد المئة]
قال المملي رضي الله عنه:
قوله في مسائل الأمر (الندب "إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرِ فَائْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ").
يعني أنا الذين قالوا: إن الأمر للندب احتجوا بهذا الحديث.
أخبرني عبد اللَّه بن عمر بن علي رحمه الله أن أحمد بن محمد بن عمر أنا عبد اللطيف بن عبد المنعم أنا عبد اللَّه بن أحمد أنا هبة اللَّه بن محمد أنا الحسن بن علي أنا أحمد بن جعفر أنا عبد اللَّه بن أحمد حدثني أبي ثنا عبد الرزاق (ح).
وقرأته عاليا على أبي الفرج بن الغزي عن أبي الحسن بن قريش سماعا أنا أبو الفرج بن الصيقل عن أبي الحسن الجمال (ح).
وقرأت على عبد الرحمن بن عمر بن عبد الحافظ الوراق بالصالحية وكتب إلينا أخوه عبد اللَّه كلاهما عن عبد اللَّه بن الحسن بن الحافظ قال عبد اللَّه سماعا وقال عبد الرحمن حضورا وإجازة أنا محمد بن سعد أنا يحيى بن محمود قالا أنا أبو علي الحداد أنا أبو نعيم ثنا سليمان بن أحمد ثنا إسحاق بن إبراهيم أنا عبد الرزاق عن معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "ذَروُني مَا تَرَكْتُكُمْ فَإِنَّما هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِسُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبيائِهَمْ، فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبوُهُ، وَإِذَا أَمرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَائْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ" وفي رواية أحمد "بِالأَمْرِ فَائْتَمِروُا مَا اسْتَطَعْتُمْ"(1).
هذا حديث صحيح، أخرجه مسلم عن محمد بن رافع عن
(1) رواه أحمد (2/ 313 - 314).
عبد الرزاق (1)، فوقع لنا بدلا عاليا. واتفقا عليه من وجه آخر عن أبي هريرة (2). وقد أورده البخاري في كتاب الاعتصام من رواية الأعرج عن أبي هريرة بلفظ "وَإِذَا أَمْرَتُكمْ بِأَمْرِ فَائْتَوا مِنْهُ ما اسْتَطعَتْم"(3).
قوله في مسائل النهى (والشرعي الصحيح كصوم يوم النحر والصلاة في الأوقات المكروهة).
أما صوم يوم النحر فتقدم في أوائل هذا التخريج وهو في المجلس السابع منه.
وأما الصلاة في الأوقات المكروهة فورد من رواية جماعة من الصحابة تزيد على العشرين أجلها.
ما أخبرني أبو العباس بن تميم أنا أبو العباس بن بيان أنا عبد اللَّه بن عمر أنا أبو الوقت أنا عبد الرحمن بن محمد أنا عبد اللَّه بن أحمد أنا عيسى بن عمر أنا الدارمي أنا عفان ثنا همام ثنا قتادة عن أبي العالية عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: حدثني رجال مرضيون منهم عمر وأرضاهم عندي عمر رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "لَا صَلَاةَ بعْدَ صَلَاةِ الصُّبْح حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَلَا صَلَاةَ بَعْدَ صَلَاةِ العَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ"(4).
وأخبرني أبو الحسن علي بن محمد الخطيب أنا أبو بكر الدشتي في كتابه أنا يوسف بن خليل الحافظ أنا أبو المكارم اللبان أنا أبو علي المقري أنا أبو نعيم ثنا عبد اللَّه بن جعفر ثنا يونس بن حبيب ثنا أبو داود الطيالسي ثنا همام
(1) رواه مسلم (1337) في الفضائل.
(2)
رواه البخاري (7288) ومسلم (1337) في باب فرض الحج مرة في العمر، وفي الفضائل.
(3)
رواه البخاري (7288) ولم يروه إلا بهذا الإسناد.
(4)
رواه الدارمي (1440).
فذكره. لكن لفظه شهد عندي رجال مرضيون وأرضاهم عندي عمر أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة بعد الصبح الحديث (1).
هذا حديث صحيح متفق عليه، أخرجه الأئمة كلهم من طرق متعددة عن قتادة، منها للبخاري ومسلم من رواية شعبة وهشام الدستوائي. ومنها لمسلم والترمذي والنسائي من رواية منصور بن زاذان. ومنها لأبي داود من رواية أبان العطار كلهم عن قتادة. وأخرجه ابن ماجة عن أبي بكر بن أبي شيبة عن عفان كما أخرجناه، فوقع لنا بدلا عاليا. قال الترمذي: لم يسمع قتادة من أبي العالية إلا أحاديث هذا منها (2).
قلت: أبو العالية من كبار التابعين واسمه رفيع بفاء مصغر، ورجال هذا السند كلهم بصريون إلا عمر وفيه تابعيان وصحابيان في نسق. وقد أنكرت عائشة رضي الله عنها إطلاق عمر في روايته هذه.
قرأت على فاطمة بنت محمد بن عبد الهادي عن يحيى بن محمد بن سعد أنا الحسن بن يحيى في كتابه أنا عبد اللَّه بن رفاعة أنا أبو الحسن الحنفي أنا أبو سعد أحمد بن محمد هو الماليني أنا محمد بن الحسن السراج ثنا الحسن بن المثنى بن معاذ ثنا عفان ثنا وهيب عن ابن طاووس عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: أوهم عمر بن الخطاب، إنما نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن يتحرى أحد طلوع الشمس أو غروبها.
هذا حديث صحيح، أخرجه أحمد عن عفان (3). فوافقناه بعلو. وأخرجه مسلم من وجه آخر عن وهيب (4). ووافق عائشة على رواية التقييد
(1) رواه أبو داود الطيالسي (308).
(2)
رواه البخاري (581) ومسلم (126) وأبو داود (1276) والترمذي (183) والنسائي (1/ 276 - 277) وابن ماجه (1250) وأحمد (110).
(3)
رواه أحمد (6/ 124).
(4)
رواه مسلم (833).
بالتحري عبد اللَّه بن عمر. أخرجه البخاري من رواية عروة بن الزبير عنه مرفوعًا. ومن وجه آخر عن ابن عمر موقوفا (1). ووافق عمر رضي الله عنه على الإِطلاق أبو سعيد وأبو هريرة وأبو قتادة وأبو ذر وعبد اللَّه بن عمرو وسلمة بن الأكوع وزيد بن ثابت وسمرة بن جندب وعمرو بن عبسة وعقبة بن عامر وآخرون. وفي هذين الأخيرين زيادة النهي عن الصلاة عند الإستواء وهما عند مسلم. فأخرج حديث عمرو بن عبسة مطولا، ذكر فيه سؤاله عن الوضوء وغر ذلك، وفي أوله قصة بدء إسلامه. وأخرج حديث
عقبة بن عامر مختصرا واللَّه أعلم (2).
آخر المجلس الرابع والستين بعد المائتين من الأمالي وهو الرابع عشر بعد المائة من تخريج أحاديث مختصر ابن الحاجب.
(1) رواه البخاري (582) مرفوعًا. ورواه (589) موقوفًا.
(2)
روى مسلم حديث عمرو بن عبسة (832) وحديث عقبة بن عامر (831).
[المجلس الخامس عشر بعد المئة]
قال المملي رضي الله عنه:
أخبرني المحب محمد بن محمد بن محمد بن منيع الوراق رحمه الله أنا عبد اللَّه بن الحسين بن أبي العيش أنا محمد بن أبي بكر عن السلفي أنا أبو ياسر الخياط أنا أبو القاسم بن بشران أنا أبو محمد الفاكهي أنا أبو يحيى بن أبي مَسَرَّة ثنا عبد اللَّه بن يزيد هو المقرئ (ح).
وبالسند الماضى إلى أبي نعيم في المستخرج ثنا أبو عمرو بن حمدان ثنا الحسن بن سفيان ثنا سعد بن يزيد الغراء (ح).
وأخبرني الشيخ أبو إسحاق التنوخي عن إسماعيل بن يوسف القيسي أنا عبد اللَّه بن عمر أنا محمد بن محمد الجبان عن أبى القاسم البندار أنا أبو طاهر المخلص ثنا أبو القاسم بن بنت منيع ثنا سليمان بن أيوب وعبيد اللَّه بن محمد العيشي قال الأول: ثنا سفيان بن حبيب والثاني: ثنا عبد اللَّه بن المبارك (ح).
وبالسند الماضى إلى الدارمي ثنا وهب بن جرير خمستهم عن موسى بن عُلَيِّ بن رَباح عن أبيه عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: ثلاث ساعات كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن وأن نقبر فيهن موتانا، حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس، وحين تَضَيَّفُ الشمس للغروب حتى تغيب (1).
هذا حديث صحيح، أخرجه مسلم من طريق ابن وهب. وأبو داود والترمذي وابن ماجه من طريق وكيع. والنسائي من طريق عبد الرحمن بن
(1) رواه الدارمي (1439).
مهدي ثلاثتهم عن موسى بن علي (1)، فوقع لنا عاليا. وأخرجه النسائي أيضًا عن حميد بن سعدة عن سفيان بن حبيب وعن سويد بن نصر (2). وأخرجه ابن ماجة أيضًا عن عمرو بن رافع كلاهما عن عبد اللَّه بن المبارك (3)، فوقع لنا بدلا عاليا من الطريقين. وموسى وأبوه مصريان ممن انفرد مسلم بالإخراج لهما عن البخاري، والمشهور في علي التصغير ويقال إنه لقبه، وكان يكرهه، واسمه في الأصل علي بفتح أوله على الجادة، ورباح بفتح الراء وتخفيف الموحدة. وقوله (تضيف) أصله تتضيف ومعناه تميل أو تدخل.
وفي الصحيحين عن عروة بن الزبير عن ابن عمر النهي عن الصلاة إذا طلع حاجب الشمس حتى ترتفع، وإذا غاب حاجب الشمس حتى تغرب (4).
قوله (لقوله دَعي الصَّلَاةَ).
قرأت على فاطمة بنت محمد بن عبد الهادي عن أبي نصر بن سهيل والقاسم بن مظفر قالا: أنا أبو الوفاء بن منده في كتابه أنا مسعود بن الحسن الثقفي أنا أبو عمرو بن منده عن أبي الحسين الخفاف ثنا أبو العباس السراج ثنا إسحاق بن إبراهيم ثنا وكيع وعبدة قال: وثنا هناد بن السري ثنا أبو معاوية (ح).
وبالسند الماضى إلى أبي نعيم في المستخرج ثنا أحمد بن يوسف ثنا الحارث بن محمد ثنا محمد بن عبد اللَّه بن كناسة (ح).
وبالسند الآخر إلى الدارمي أنا جعفر بن عون خمستهم عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: جاءت فاطمة بنت أبى
(1) رواه مسلم (831) وأبو داود (3192) والترمذي (1030) والنسائى (2/ 82) وابن ماجه (1519).
(2)
رواه النسائي (1/ 275 - 276 و 277).
(3)
رواه ابن ماجه (1519).
(4)
رواه البخاري (582) ومسلم (829).
حُبَيْشٍ إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقالت: إني امرأة أستحاض فلا أطهر أفأدع الصلاة؟ قال: "لَا، إِنَّما ذَلِكَ عِرْقٌ، فَإِذَا أَقْبَلَتْ الحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلاة، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغِسلِي عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّي"(1).
هذا حديث صحيح، أخرجه البخاري عن محمد بن سلام ومسلم عن يحيى بن يحيى كلاهما عن أبي معاوية. وأخرجه الترمذي عن هناد بن السري كما أخرجناه (2). وأخرجه مسلم أيضًا والترمذي والنسائي وابن ماجه من طريق وكيع. منها للنسائي عن إسحاق بن إبراهيم كما أخرجناه (3)، فوقع لنا موافقة عالية للترمذي وللنسائي، وبدلا عاليا للباقين.
قوله (مسألة النهي يقتضى الدوام) إلى أن قال (قالوا: نهيت الحائض عن الصوم والصلاة) قلت: أما الصلاة فيؤخذ من الحديث الذي قبله.
وأما الصوم فلم أر فيه تنصيصا، وإنما يؤخذ من مقتضيات أدلة أخرى.
منها: ما أخرجه البخاري من حديث أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أَلَيْسَتْ إِذَا حاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ" ذكره في أثناء حديث طويل (4).
وأخرج مسلم بعضه عن أبي هريرة (5).
ومنها: حديث حمنة بنت جحش أنها قالت: يا رسول اللَّه أستحاض حيضة شديدة منعتني الصوم والصلاة. . الحديث.
أخرجه أبو داود والترمذي (6).
(1) رواه الدارمي (780).
(2)
رواه البخاري (228) ومسلم (333) والترمذي (125).
(3)
رواه مسلم (829) والترمذي (125) والنسائي (1/ 184) وابن ماجه (621).
(4)
رواه البخاري (304 و 1462 و 1951 و 2658).
(5)
رواه مسلم (80).
(6)
رواه أبو داود (287) والترمذي (128) وابن ماجه (622 و 627) وأحمد (6/ 439) وغيرهم.
ومنها: حديث معاذة العدوية قالت: قلت لعائشة: ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟. . الحديث، وفيه كنا نؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة (1).
أخرجه الصحيحان [الشيخان] وباقي الأئمة، وأخرجه الترمذي من وجه آخر عن عائشة قالت: كنا نحيض عند رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فنؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة (1).
آخر المجلس الخامس والستين بعد المئتين وهو الخامس عشر بعد المئة من تخريج أحاديث مختصر ابن الحاجب.
(1) رواه البخاري (321) ومسلم (335) والترمذي (130) والنسائي (1/ 191 و 192 و 4/ 191) وابن ماجه (631) وأبو داود (262 و 263).
[المجلس السادس عشر بعد المئة]
قال المملي رضي الله عنه:
ققوله (العام والخاص) إلى أن قال (الشافعي والمحققون للعموم صيغة) إلى أن قال (وكاحتجاج عمر في قتال أبي بكر ما نعي الزكاة بـ "أُمِرْتُ أَنْ أَقُاتِلَ النَّاسَ" وكذلك "الأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ" و"نَحْنُ مَعاشَرِ الأَنْبِياءِ لَا نُورَثُ").
أما حديث "أُمِرْتُ أَنْ أُقاتِلَ".
فأخبرني الشيخ أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن عبد الواحد أنا يحيى بن فضل اللَّه عن أبي العباس بن مسلمة أنا الحافظ أبو القاسم بن عساكر أنا محمد بن الفضل الفزاري أنا محمد بن أبي بكر الأديب أنا أبو نصر أحمد بن الحسين ثنا محمد بن إسحاق الثقفي ثنا قتيبة بن سعيد ثنا الليث بن سعد عن عقيل عن ابن شهاب عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لما توفي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم واستخلف أبو بكر يعده، وكفر من كفر من العرب، قال عمر رضي الله عنه لأبي بكر رضي الله عنه: كيف تقاتل الناس وقد قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولوُا لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالهُمْ إلا بِحَقِّها، وَحَسابُهُمْ عَلَى اللَّهِ" فقال أبو بكر: واللَّه لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، واللَّه لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعه، قال عمر: فواللَّه ما هو إلا أن رأيت اللَّه شرح صدر أبي بكر للقتال، فعرفت أنه الحق.
هذا حديث صحيح، أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي
والنسائي كلهم عن قتيبة (1)، فوقع لنا موافقة عالية.
وأما حديث "الأَئِمَّةُ مِنْ قُريْشٍ" فوقع لنا من حديث علي بلفظه، وكذا من حديث أنس، ووقع لنا بمعناه عن عدد كثير من الصحابة، وقد جمعت طرقه في جزء ضخم.
فأما حديث علي فأخبرني أبو محمد عبد اللَّه بن محمد بن أحمد بن عبيد اللَّه المقدسي رحمه الله عن أحمد بن عبد الرحمن البعلي أنا محمد بن إسماعيل الخطيب أنا يحيى بن محمود الثقفي أنا محمد بن أبي عدنان وفاطمة بنت عبد اللَّه قالا: أنا محمد بن عبد اللَّه التاجر أنا الطبراني ثنا حفص بن عمر ثنا الفيض بن الفضل ثنا مسعر عن سلمة بن كهيل عن أبي صادق عن ربيعة بن ناجد عن علي بن أبى طالب رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "الأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ أَبْرَارُها أُمَرَاءُ أَبْرَارِهَا، وَفُجَّارُهَا أُمَرَاءُ فُجَّارِهَا، وَلِكُلٍّ حَقٌّ، فائْتُوا كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ"(2).
هذا حديث حسن، أخرجه البزار عن إبراهيم بن هانئ والهيثم بن كليب في مسنده عن العباس بن محمد الدوري كلاهما عن الفيض بن الفضل (3)، فوقع لنا بدلا عاليا، ورجاله موثقون.
وأبو صادق اسمه عبد اللَّه بن ناجد، وهو أخو ربيعة، وقيل: هو آخر اسمه مسلم بن يزيد.
وفي الإسناد ثلاثة من التابعين في أولهم سلمة، وذكر البزار ثم الطبراني أن الفيض بن الفضل تفرد به عن مسعر، فكأنهما أرادا أنه تفرد برفعه، وإلا
(1) رواه البخاري (7284 و 7285) ومسلم (20) وأبو داود (1556) والترمذي (2610) والنسائي (7/ 77).
(2)
رواه الطبراني في الصغير (425).
(3)
رواه البزار (1575 كشف الأستار).
فقد رواه جماعة غيره عن مسعر موقوفًا على عَلِيٍّ، منهم وكيع أخرجه في فضائل الصحابة (1)
ومنهم شعيب بن إسحاق أخرجه أبو بكر بن أبي شيبة في مصنفه عنه. (2).
ومنهم عثمان بن المغيرة أخرجه النسائي في جمعه حديث أبي عوانة من طريقه.
وقد أخرجه الحاكم في المستدرك من طريق أبي حاتم الرازي عن الفيض بن الفضل كما تقدم مرفوعًا (3).
وأما حديث أنس فأخبرنا محمد بن عبد الرحمن بن محمد الفارقي رحمه الله فيما قرأنا عليه بالصالحية أنا أحمد بن علي بن الحسن العابد أنا عبد الرحمن بن أبي الفهم أنا أحمد بن عبد اللَّه الطوسي أنا أبو البركات بن خميس أنا أبو نصر بن طوق أنا نصر بن محمد المرجي ثنا أبو يعلى الموصلي أنا أبو سعيد الحسن بن إسماعيل البصري (ح).
وأخبرني عبد الرحمن بن أحمد البزاز أنا أحمد بن منصور الجوهري أنا أحمد بن علي السعدي أنا أحمد بن محمد التيمي في كتابه أنا الحسن بن أحمد أنا أحمد بن عبد اللَّه ثنا عبد اللَّه بن جعفر ثنا يونس بن حبيب ثنا أبو داود الطيالسي قالا: ثنا إبراهيم بن سعد عن أبيه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "الأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ مَا حَكَمُوا فَعَدلوُا وَوَعَدُوا
(1) رواه أبو بكر بن أبي شيبة في المصنف (12/ 172) وعنه ابن أبي عاصم في السنة (1513).
(2)
رواه أبو بكر بن أبي شيبة في المصنف (12/ 171 - 172) عن قبيصة بن عقبة عن سفيان عن الحارث بن حصيرة عن أبي صادق عن علي، وعنه ابن أبي عاصم في السنة (1514).
(3)
رواه الحاكم (4/ 75 - 76).
وفوا واسْتُرْحِمُوا فَرَحِمُوا" لفظ أبي يعلى (1).
هذا حديث حسن، أخرجه البزار عن محمد بن معمر والحسن بن سفيان عن محمد بن أبي بكر كلاهما عن أبى داود الطيالسي (2)، فوقع لنا بدلا عاليا. وكذلك البخاري في التاريخ عن عمرو بن علي عن أبي داود (3).
وأخرجه ابن عدي في الكامل عن أبى يعلى. فوقع لنا موافقة عالية. وذكر عن الإِمام أحمد أنه سئل عن هذا الحديث فقيل ليس هو في كتب إبراهيم بن سعد، لا ينبغي أن يكون له أصل انتهى (4).
وقد رواه عن إبراهيم بن سعد جماعة غير من تقدم ذكره. منهم عمرو بن مرزوق (5)، ومحمد بن جعفر الوركالي. ورواه عن أنس جماعة يزيدون على العشرة، منهم بكير بن وهيب.
أخبرني أبو الحسن علي بن محمد الخطيب عن عيسى بن عبد الرحمن أنا جعفر بن علي أنا السلفي أنا عمر بن المبارك وأنا عبد الملك بن محمد أنا دعلج بن أحمد ثنا ابن شيرويه ثنا إسحاق بن راهويه أنا جرير عن الأعمش عن سهل أبي الأسد عن بكير الجزري عن أنس بن مالك قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "الأَئمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ" الحديث. أخرجه أحمد وأبو بكر بن شيبة وأبو خيثمة في مسانيدهم عن وكيع عن الأعمش (6). وهكذا رويناه من طريق
(1) رواه أبو داود الطيالسي (2596) ومن طريقه أبو نعيم في الحلية (3/ 171) ورواه أبو يعلى (3644) ومن طريقه ابن عساكر (7/ 48/ 2).
(2)
رواه البزار (1578 كشف الأستار).
(3)
ذكره البخاري معلقًا في التاريخ الكبير (1/ 2/ 112) فقال: وقال إبراهيم به.
(4)
رواه ابن عدي في الكامل (1/ 246).
(5)
رواية عمرو بن مرزوق عند البيهقي في السنن (8/ 144).
(6)
رواه أحمد (3/ 183) وابن أبي شيبة في المصنف (12/ 169 - 170) ومن طريقه أبو يعلى (4033).
مسعر عن سهل أبى الأسد. أخرجه الطبراني في كتاب الدعاء من طريقه. وأخرجه أحمد والنسائي من طريق شعبة عن أبي الأسد، لكن سماه عليا (1). واتفق الحفاظ على أن شعبة وهم في اسمه وأن اسمه سهل واللَّه أعلم.
آخر المجلس السادس والستون بعد المائتين من الأمالي وهو السادس عشر بعد المائة من تخريج أحاديث مختصر ابن الحاجب.
(1) رواه أحمد (3/ 129) والنسائي في القضاء من الكبرى كما في تحفة الأشراف (1/ 102).
[المجلس السابع عشر بعد المائة]
قال المملي رضي الله عنه:
(تنبيه) قال القاضى تاج الدين السبكي في شرحه: ذكر الشيخ محي الدين في شرح المهذب: أن حديث: "الأئمة من قريش" مخرج في الصحيحين. قال: ولعله أراد بالمعنى، وإلا فالذي في الصحيحين حديث ابن عمر بلفظ "لَا يَزالُ هَذَا الأَمْرُ في قُرَيْشٍ مَا بِقَي في النَّاسِ اثْنَانِ"(1).
قلت: وفي الصحيحين أيضًا حديث أبي هريرة بلفظ "الناس تبع لقريش" الحديث. وفي صحيح البخاري حديث معاوية "لَا يَزَالُ هَذَا الأَمْرُ في قُرَيْشٍ، لَا يُعَادِيهمْ أَحَدٌ إلا كَبَّهُ اللَّهُ عَلَى وَجْهِهِ مَا أَقَامُوا الدِّينَ"(2). وترجم البخاري في كتاب الأحكام (باب الأمراء من قريش) وساق فيه حديث ابن عمر ثم حديث معاوية، وكأنه أشار إلى أن المطلق في الأول محمول علي المقيد في الثاني، وهو كذلك، وقد جعله البيهقي في الدلائل مما أخبر به صلى الله عليه وسلم من الأمور المغيبة مما سيأتي فوقع على وفق ما قال.
ووقع قريب من هذا التقييد في عدة أحاديث فيها ما هو أصرح منه.
من ذلك ما أخبرني أبو محمد عبد اللَّه بن خليل الحرستاني أنا أحمد بن محمد بن معالي وأبو بكر بن محمد الرضى قالا أنا محمد بن إسماعيل قرئ على فاطمة بنت سعد الخير ونحن نسمع أن زاهر بن طاهر أخرجهم أنا محمد بن عبد الرحمن أنا محمد بن أحمد أنا أبو يعلى ثنا إبراهيم بن الحجاج (ح).
وأخبرنا أبو هريرة بن أبي عبد اللَّه الحافظ إجازة أنا يحيى بن محمد بن
(1) رواه البخاري (7140) ومسلم (1820) وانظر المجموع (1/ 14).
(2)
رواه البخاري (7139).
سعد أنا عبد اللَّه بن عمر بن علي أنا عمر بن عبد اللَّه الحربي أنا أبو غالب العطار أنا أبو علي بن شاذان أنا أبو عمرو بن السماك ثنا الحسن بن سلام ثنا عفان قالا ثنا سكين بن عبد العزيز ثنا أبو المنهال سيار بن سلامة قال: دخلت مع أبي على أبي برزة الأسلمي وإني لغلام، وإن في أذنيّ لقرطين، فقال أبو برزة رضي الله عنه: إني أحمد اللَّه أني أصبحت ذَامًّا لهذا الحي من قريش، فلان ههنا يقاتل على الدنيا، وفلان ههنا يقاتل على الدنيا، ثم قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "الأُمَرَاءُ مِنْ قُرَيْشٍ مَا فَعَلُوا ثَلَاثًا، مَا حَكَمُوا فَعَدَلُوا، وَمَا اسْتُرْحِمُوا فَرحِموُا ومَا عَاهَدُوا فَوَفَوا".
هذا حديث حسن، أخرجه أحمد وابن أبي شيبة عن عفان (1)، فوقع لنا موافقة عالية من الطريق الثانية، وبدلا عاليا من الأولى.
وإلى هذا الحديث أشار البخاري في الترجمة، ولما لم يكن على شرطه استغني عنه بحديثي الباب.
وسكين بن عبد العزيز وثقه يحيى بن معين وآخرون، وضعفه أبو داود. وقد روى عوف عن أبى المنهال حديث أبي برزة المذكور، لكن لم يذكر المرفوع الذي في آخره. أخرجه البخاري أيضًا في كتاب الفتن من طريق عوف (2).
ومن الأحاديث الواردة في ذلك ما أخبرني أبو الحسن بن أبي المجد عن أبى الفضل بن أبي طاهر وست الوزراء التنوخية قالا أنا أبو عبد اللَّه الزبيدي أنا أبو زرعة المقدسي أنا أبو الحسن الكرجي أنا أبو بكر الحيري ثنا أبو العباس الأصم أنا الربيع بن سليمان أنا الشافعي أنا ابن أبى فديك أنا ابن أبي ذئب عن شريك بن عبد اللَّه بن أبي نمر عن عطاء بن يسار قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لقريش: "أَنْتُمْ أَوْلَى النَّاسِ بهَذَا الأَمْرِ مَا كُنْتُمْ مَعَ الْحَقِّ إلا إِنْ تَعْدِلُوا عَنْهُ تُلْحَوْنَ كَمَا تُلْحَى هِذِهِ الْجَريَدَةُ" وأشار إِلى جريدة في يده (3).
(1) رواه أحمد (4/ 421).
(2)
رواه البخاري (7112).
(3)
رواه الشافعي (1844) ومن طريقه البيهقي (8/ 144).
هذا حديث مرسل رجاله ثقات، وله شاهد موصول.
وأخبرني سليمان بن أحمد بن عبد العزيز المدني أنا أحمد بن علي الجزري أنا محمد بن اسماعيل المرداوي أنا أبو القاسم البوصيري أنا يحيى بن المشرف أنا أحمد بن سعيد بن نفيس أنا علي بن الحسين بن بندار أنا أبو طاهر أحمد بن الحسن بن فيل ثنا أبو كريب ثنا عبد الحميد الحماني ثنا الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت (ح).
وأخبرني عاليا الشيخ أبو عبد اللَّه بن قوام أنا أبو عبد اللَّه بن المهندس أنا أحمد بن شيبان أنا عمر بن محمد أنا أحمد بن الحسن أنا الحسن بن علي أنا أحمد بن جعفر ثنا بكر بن موسى ثنا أبو نعيم ثنا سفيان هو الثوري عن حبيب بن أبي ثابت عن القاسم بن الحارث عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لقريش: "إنَّ هَذَا الأَمْرَ فِيكُمْ وَأَنْتُمْ وُلَّاتُهُ مَا لَمْ تُحْدِثُوا، فَإِذا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ شِرَارَ خَلْقِهِ فَالْتَحوُكُمْ كَمَا يُلْتَحَى القَضِيبُ"(1).
هذا حديث حسن، أخرجه أحمد عن أبي نعيم (2)، فوقع لنا موافقة عالية من الطريق الثاني. وأخرجه الطبراني في الأوسط من طريق كثير بن يحيى عن أبي عوانة عن الأعمش وقال: لم يروه عن الأعمش إلا أبو عوانة والحماني، تفرد به عن أبى عوانة كثير بن يحيى، وتفرد به عن الحماني أبو كريب انتهى (3).
والقاسم بن الحارث المذكور في الإسناد هو القاسم بن محمد بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام نسب إلى جد أبيه وهو صدوق، لكن
(1) رواه أبو بكر بن أبي شيبة في المصنف (12/ 170) ومن طريق عبد الحميد الحماني رواه الطبراني في الكبير (ج 17 رقم 722).
(2)
رواه أحمد (5/ 274 - 275) ومن طريق أبي نعيم رواه الطبراني في الكبير (ج 17 رقم 720).
(3)
رواه الطبراني في الأوسط (ص 214 مجمع البحرين).
خالف الزهري فرواه عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه عن ابن مسعود. أخرجه أحمد وأبو يعلى (1). ولولا هذا الاختلاف لكان الحديث على شرط الصحيح. وقد راجعت المختصر الكبير فوجدت لفظه فيه: وقول أبي بكر الأئمة من قريش، فخص الحديث برواية أبي بكر، وعلى ذلك شرحه جماعة منهم السبكي، فقال: وقد احتج أبو بكر الصديق رضي الله عنه على الأنصار بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "الأئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ" ووافقه على ذلك جميع الصحابة انتهى كلامه.
وليس هذا اللفظ موجودًا في كتب الحديث عن أبي بكر رضي الله عنه، وإنما في الصحيحين وغيرهما في قصة السقيفة قول أبي بكر: إن العرب لا تعرف هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش (2). نعم أخرج أحمد بسند رجاله ثقات لكن فيه انقطاع أن أبا بكر قال لسعد يعني ابن عبادة: لقد علمت يا سعد أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال لقريش: "أَنْتُمْ وُلَّاةٌ هَذَا الَأمْرِ"(3). فلعل هذا مستند من عزا لأبي بكر فذكره بالمعنى.
آخر المجلس السابع والستون بعد المائتين من الأمالي وهو السابع عشر بعد المائة من تخريج أحاديث مختصر ابن الحاجب.
(1) رواه أحمد (380) وأبو يعلى (2/ 232).
(2)
رواه البخاري (6830) ومسلم (1691) مختصرًا وليس عنده محل الشاهد وأحمد (391) وانظر تعليق المرحوم أحمد محمد شاكر عليه.
(3)
رواه أحمد (18).
[المجلس الثامن عشر بعد المئة]
قال المملي رضي الله عنه:
وأما حديث "نَحْنُ مَعَاشِرَ الأنْبِيَاءِ لَا نُورَثُ" فقال السبكي في شرحه عن شيخه الذهبي ليس هو في الكتب الستة. قال السبكي: وإنما أخرجه الهيثم بن كليب في مسنده من حديث أبي بكر بلفظ "إنا" بدلًا "نَحْنُ" وكذلك أخرجه النسائي في السنن الكبرى من حيث عمر، قال: والسنن الكبرى عند المحدثين ليست من الكتب الستة، وإنما التي يخرجون عليها الأطراف والأسماء هي الصغرى المشهورة.
قلت: وهو حصر مردود، فهذا شيخه المزي قد خرج الأطراف والأسماء على السنن الكبرى مضافًا إلى الصغرى. وعلى تقدير التسليم فهذا الحديث بخصوصه في الصغرى كما هو في الكبرى، وهو في كتاب الفرائض من رواية ابن الأحمر وابن سيار عن النسائي وهما من رواة الكبرى، ومن رواية ابن حيويه والأسيوطي وهما من رواة الصغرى، وإنما خلت عنه رواية ابن السني، لأنه فاته كتاب الفرائض مع كتب أخرى. وقد وقع لنا من رواية ابن حيويه والأسيوطي، وهي التي خرج عليها ابن عساكر الأطراف.
أنبأنا أبو محمد عبد اللَّه بن محمد بن أحمد بن عبيد اللَّه مشافهة بالصالحية عن أحمد بن أبي طالب أنا جعفر بن علي في كتابه أنا السلفي إجازة إن لم يكن سماعا قرأت على أبي عبد اللَّه الرازي أن علي بن محمد الفارسي أخبرهم أنا الحسين بن عبد اللَّه بن حيويه النيسابوري أنا أبو عبد الرحمن النسائي أنا محمد بن منصور المكي ثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن الزهري عن مالك بن أوس بن الحدثان قال: قال عمر رضي الله عنه لعبد الرحمن بن عوف وسعد وعثمان وطلحة والزبير: أنشدكم باللَّه الذي قامت له السماوات
والأرض أسمعتم النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إِنَّا مَعَاشِرَ الأنْبِيَاءِ لَا نُوَرُث مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَةٌ"؟ فقالوا: اللهم نعم (1).
هكذا أخرجه النسائي. وقد أخرجه أحمد عن سفيان بن عيينة بلفظ "إنا لا نورث"(2) وهو في الصحيحين من طرق أخرى عن الزهري بحذف "إنا" وكذا في السنن الثلاثة (3).
وحاصل هذا أن الخبر لم يوجد بلفظ "نحن" ووجد بلفظ "إنا" ومفادهما واحد، فلعل من ذكره ذكره بالمعنى واللَّه أعلم.
قوله (مسألة أبنية الجمع لاثنين [إلى أن قال] (فإن كان له أخوة) والمراد أخوان، واستدلال ابن عباس بها ثم قال ([قال] ابن عباس: ليس الأخوان أخوة، وعورض بقول زيد) يعني ابن ثابت (الأخوان أخوة).
أخبرنا بذلك من قصة ابن عباس وزيد الشيخ أبو الفرج بن حماد رحمه الله إذ نا مشافهة أنا أبو الحسن علي بن الحسن أنا أبو الحسن علي بن أحمد عن أبي سعد الصفار أنا أبو القاسم المستملي أنا أبو بكر أنا شبابة بن سوار عن ابن أبى ذئب عن شعبة مولى ابن عباس عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه دخل على عثمان رضي الله عنه فقال: إن الأخوين لا يردان الأم عن الثلث، فإن اللَّه سبحانه يقول:{فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ} والأخوان ليسا بأخوة بلسان قومك، فقال عثمان: لا أستطيع أرد أمرًا توارث عليه الناس وكان قبلي ومضى في الأمصار (4).
هذا موقوف حسن، رجاله رجال الصحيح إلا شعبة بن دينار مولى ابن
(1) رواه النسائي في الفرائض من الكبرى كما في تحفة الأشراف (8/ 104).
(2)
رواه أحمد (172).
(3)
رواه البخاري (3094) ومسلم (1757) وأبو داود (2963) والترمذي (1610) والنسائي (7/ 135 - 136).
(4)
رواه البيهقي (6/ 227).
عباس، فإنهما لم يخرجا له، وهو مختلف في توثيقه، وقد أخرجه الحاكم من طريق شبابة به، وقال: صحيح الإسناد (1). وأخرجه الطبري عن طريق ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب.
وبه إلى محمد بن نصر ثنا الحسن بن علي الحلواني ثنا يحيى بن آدم عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن خارجة بن زيد بن ثابت رضي الله عنه عن أبيه أنه كان يحجب الأم عن الثلث بالأخوين، فقال له: يا أبا سعيد فإن اللَّه عز وجل يقول: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ} وأنت تحجبها بالأخوين، فقال: إن العرب تسمي الأخوين أخوة (2).
هذا موقوف حسن، رجاله رجال الصحيح إلا عبد الرحمن بن أبي الزناد فلم يخرجا له، لكن البخاري يعلق له، وهو مختلف فيه أيضًا. وقد أخرجه الحاكم أيضًا من طريق ابن وهب عن ابن أبى الزناد وقال: صحيح الإسناد (3).
قوله: (قالوا "الإِثْنَانِ فَمَا فَوْقَهُمَا جَمَاعَة").
قلت: جاء من حديث أبي موسى الأشعري وأبي أمامة الباهلي وأنس بن مالك، ومن رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وأسانيدها كلها ضعيفة.
أخبرني الشيخ أبو إسحاق التنوخي رحمه الله عن عيسى بن عبد الرحمن أنا عبد اللَّه بن محمد أنا عبد الأول بن عيسى أنا عبد الرحمن بن محمد أنا عبد اللَّه بن أحمد أنا إبراهيم بن خزيم أنا عبد بن حميد ثنا يحيى بن إسحاق ثنا عليلة بن بدر عن أبيه عن جده عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "اثْنَانِ فَمَا فَوْقَهُمَا جَمَاعَةٌ"(4).
هذا حديث غريب أخرجه ابن ماجه عن هشام بن عمار عن عليلة بن
(1) رواه الحاكم (4/ 335) ووافقه الذهبي على تصحيحه.
(2)
رواه البيهقي (6/ 227).
(3)
رواه الحاكم (4/ 335) وصححه على شرط الشيخين ووافقها الذهبي.
(4)
رواه عبد بن حميد في المنتخب من المسند (565).
بدر (1)، فوقع لنا بدلًا له.
وعليلة بالمهملة مصغر وهو لقب واسمه الربيع وقد اتفقوا على تضعيفه، ولم يرو عن أبيه بدر غيره، وأما جده فوقع في رواية ابن ماجه تسميته، ولفظه عن جده عمرو بن جراد، وبه جزم المزي.
وقرأت بخط الدمياطي: قيل اسم جده عمرو بن جراد، وقيل الأسلع بن الأسقع، قال: والراجح الأسلع بن شريك صديق أبي موسى الأشعري. انتهى.
ووهم في ذلك، فإن الأسلع بن شريك شيخ لعمرو بن جراد، وروايته عنه في الطبراني، فما وقع في رواية ابن ماجه هو المعتمد، وكون الأسلع وأبي موسى صديقين لا يلزم أن يروي أحدهما عن الآخر، بل الموجود رواية عمرو بن جراد عن كل منهما.
وأما حديث أبي أمامة فأخرجه الطبراني في الأوسط (2).
وأما حديث أنس فأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (3).
وأما رواية عمرو بن شعيب فأخرجها الدارقطني (4).
وقد استعمل البخاري هذا الحديث ترجمة، وأورد في الباب ما يؤدي معناه، فاستفيد من ذلك ورود هذا الحديث في الجملة واللَّه أعلم.
آخر المجلس الثامن والستين بعد المائتين من الأمالي وهو الثامن عشر بعد المائة من تخريج أحاديث مختصر ابن الحاجب.
(1) رواه ابن ماجه (972) ورواه أيضًا ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 531) والدارقطني (1/ 280) والحاكم (4/ 334) والبيهقي (3/ 69) والخطيب في التاريخ (8/ 415 و 11/ 45 - 46).
(2)
رواه الطبراني في الأوسط (ص 56 - 57 مجمع البحرين) وفي إسناده مسلمة بن علي وهو متروك.
(3)
رواه البيهقي (3/ 69).
(4)
رواه الدارقطني (1/ 281) وفيه عثمان الوقاصي، وهو متروك.
[المجلس التاسع عشر بعد المئة]
قال المملي رضي الله عنه:
قوله (مسألة جواب السائل) إلى أن قال: (مثل قوله لما سئل عن بئر بضاعة "خَلَقَ اللَّهُ المَاءَ طَهُورًا لَا يُنَجِّسُهُ [شَيْء] إلا مَا غَيَّرَ لَوْنَهُ أوْ طَعْمَهُ أَوْ رِيحَهُ").
قلت: هذا الحديث بهذا السياق لا يوجد في شيء من كتب الحديث. وقد أورده هكذا أولًا الغزالي في المستصفى، وذكره الرافعي وجماعة، حتى نسبه ابن الرفعة لتخريج أبي داود، وليس كذلك. وقد ورد حديث بئر بضاعة من طرق.
منها ما أخبرني الشيخ أبو المعالي عبد اللَّه بن عمر السعودي رحمه الله أنا أبو الحرم بن أبى الفتح أنا عبد الرحيم بن يحيى أنا أبو علي الرصافي أنا أبو القاسم الكاتب أنا أبو علي الواعظ أنا أبو بكر بن حمدان ثنا عبد اللَّه بن أحمد حدثني أبى ثنا أبو أسامة (ح).
وقرأته عاليًا على شيخنا أبي المعالي المذكور عن زينب بنت الكمال عن عجيبة البغدادية قالت: أنا أبو الخير الباغبان في كتابه أنا أبو إسحاق الطيان أنا إبراهيم بن عبد اللَّه ثنا الحسين بن إسماعيل المحاملي ثنا ابن أبى عون واسمه محمد بن محمد ثنا أبو أسامة عن الوليد بن كثير عن محمد بن كعب القرظي عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عبد الرحمن بن رافع عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قيل يا رسول اللَّه أنتوضأ من بئر بضاعة وهي بئر تلقى فيها المحايض والنتن ولحوم الكلاب؟ فقال: "المَاءُ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ" وفي رواية المحاملي "إِنَّ المَاءَ طَهُورٌ"(1).
(1) رواه أحمد (3/ 31).
هذا حديث حسن، أخرجه الدارقطني عن المحاملي (1)، فوقع لنا موافقة عالية. وأخرجه أبو داود والترمذي جميعا عن أنس بن علي الحلواني الخلال. وأبو داود أيضًا عن محمد بن سليمان الأنباري. والترمذي أيضًا عن هناد بن السري وغير واحد. والنسائي عن هارون بن عبد اللَّه. وابن الجارود عن موسى بن عبد الرحمن ومحمد بن عثمان بن كرامة كلهم عن أبي أسامة (2)، فوقع لنا بدلًا عاليًا. قال الترمذي: جود أبو أسامة إسناد هذا الحديث. ونقل أبو الحسن الميموني عن أحمد بن حنبل أنه صححه، وكذا نقل عن يحيى بن معين وصححه أيضًا ابن المنذر والحاكم في المستدرك (3)، أخرجه عن الأصم عن الحسن بن علي بن عفان عن أبي أسامة، وذكر الدارقطني الاختلاف فيه، ثم قال: أحسنها إسناد رواية أبى أسامة، يعني هذه.
قلت: ورجاله رجال الصحيح سوى عبيد اللَّه بن عبد الرحمن بن رافع.
وأما الزيادة فأقرب ما وجدنا مما يوافق أول الحديث ما أخبرني الشيخ أبو عبد اللَّه بن قوام رحمه الله أنا أبو بكر بن أحمد الدقاق أنا علي بن أحمد عن أبي سعد الصفار أنا أبو الفضل بن محمد أنا أبو منصور النوقاني أنا أبو الحسن الدارقطني ثنا محمد بن إسماعيل الفارسي وعثمان بن أحمد الدقاق قالا ثنا يحيى بن أبي طالب ثنا عبد الوهاب هو ابن عطاء ثنا داود هو ابن أبي هند عن سعيد بن المسيب قال: "أَنْزَلَ اللَّهُ المَاءَ طَهُورًا لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ"(4).
هذا موقوف على سعيد ورجاله ثقات.
وأما الاستثناء فاقرب ما رأيته موافقًا للفظ المصنف ما أخبرنا أبو هريرة بن الذهبي إجازة أنا أحمد بن علي بن الزبير إذنا أن لم يكن سماعا أنا الإِمام تقي الدين أبو عمرو بن الصلاح أنا منصور بن عبد المنعم أنا
(1) رواه الدارقطني (1/ 29 - 30).
(2)
رواه أبو داود (66) والترمذي (66) والنسائي (1/ 174) وابن الجارود (47).
(3)
لم أره في المستدرك من حديث أبي سعيد.
(4)
رواه الدارقطني (1/ 29) ومن طريقه البيهقي (1/ 259).
محمد بن إسماعيل أنا أبو بكر البيهقي أنا أبو عبد اللَّه الحافظ ثنا أبو الوليد الفقيه هو حسان بن محمد ثنا الشاماتي هو جعفر بن أحمد الحافظ ثنا عطية بن بقية بن الوليد ثنا أبي عن ثور بن يزيد عن راشد بن سعد عن أبي أمامة الباهلى رضي الله عنه قال قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ المَاءَ طَاهِرٌ إِلَّا إِنْ تَغَيَّر رِيحُهُ أَوْ طَعْمُهُ أَوْ لَوْنُهُ بِنَجَاسَةٍ تَحْدُثُ فِيهِ"(1).
هذا حديث غريب فيه علتان عنعنة بقية وضعف ابنه. وقد أخرجه ابن عدي في الكامل من طريق حفص بن عمر عن ثور بن يزيد وضعف حفصًا جدًا (2).
والمشهور في هذا ما أخرجه ابن ماجه والدارقطني من طريق رشدين بن سعد عن معاوية بن صالح عن راشد بن سعد عن أبي أمامة (3). وفي رواية للدارقطني عن ثوبان بدل أبي أمامة (4). وقد سئل عنه أبو حاتم فقال: تفرد بوصله رشدين بن سعد وهو ضعيف. وقال الدارقطنى: لم يرفعه عن معاوية بن صالح غير رشدين، ثم أخرجه من رواية الأحوص بن حكيم عن راشد بن سعد مقطوعًا (5). ووقع في بعض نسخ ابن ماجه ذكر اللون أيضًا وخلي منها بعض النسخ، وكذا أكثر الروايات. ومن ثم وقع في الرافعي نص الشارع على الطعم والريح، وقاس الشافعي اللون عليهما، وتبع في ذلك الشيخ أبا إسحاق في المهذب والروياني في البحر، ويستغرب هذا الإِطلاق مع كون الشافعي نص على اللون في الخبر.
وبهذا الإسناد إلى البيهقي أنا أبو عبد اللَّه الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا: ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب أنا الربيع بن سليمان أنا الشافعي قال:
(1) رواه البيهقي (1/ 259).
(2)
رواه ابن عدي في الكامل (2/ 797) والبيهقي (2/ 260).
(3)
رواه ابن ماجه (521) والطبراني في الكبير (7503) والأوسط (ص 35 مجمع البحرين) والدارقطني (1/ 28 - 29) والبيهقي (2/ 259).
(4)
رواه الدارقطني (1/ 28).
(5)
رواه الدارقطني (1/ 28).
وما قلته من أن الماء إذا تغير طعمه وريحه ولونه كان نجسًا هو في خبر لا يثبته أهل العلم بالحديث، ولكنه قول العامة لا أعلم بينهم فيه خلافًا انتهى (1).
وقد ورد حديث بئر بضاعة عن غير أبي سعيد. أخرجه قاسم بن أصبغ في كتابه من حديث سهل بن سعد نحو حديث أبي سعيد، وصححه ابن حزم (2)، وضعفه ابن عبد البر. والمحفوظ من حديث سهل بن سعد: سقيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من بئر بضاعة. أخرجه الدارقطني وغيره بإسناد قوي (3). فلعل الراوي أدخل له حديث في حديث.
وجاء فيه أيضًا عن أبي هريرة. أخرجه ابن منده وزاد "إِنَّ المَاءَ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ" مختصرًا.
هكذا من حديث ابن عباس. أخرجه أحمد وأصحاب السنن الأربعة وصححه ابن خزيمة (4).
وعن جابر عند ابن ماجه (5).
وعن سهل بن سعد عند الدارقطني (6).
وعن عائشة عند أبي يعلى واللَّه أعلم (7).
آخر المجلس التاسع والستين بعد المائتين من الأمالي وهو التاسع عشر بعد المائة من تخريج أحاديث مختصر ابن الحاجب.
(1) رواه البيهقي (1/ 260).
(2)
رواه ابن حزم في المحلى (1/ 155).
(3)
رواه أحمد (5/ 337 - 338) وأبو يعلى (355/ 1) والطبراني في الكبر (6026) والدارقطني (1/ 32).
(4)
رواه أحمد (2100) -2102 و 2566 و 2806 - 2808) وأبو داود (68) والترمذي (65) والنسائى (1/ 173) وابن ماجه (370) وابن خزيمة (91) وغيرهم، وانظر تعليقنا على المعجم الكبير للطبراني (11/ 219).
(5)
رواه ابن ماجه (520) وفيه طريف بن شهاب وهو ضعيف.
(6)
رواه الدارقطني (1/ 29).
(7)
رواه أبو يعلى (4765) وانظر تعليق الأستاذ حسين سليم أسد عليه.
[المجلس العشرون بعد المئة]
قال المملي رضي الله عنه:
قوله (كما روي أنه مر بشاة ميمونة فقال: (أَيُّمَا إِهَابٍ دُبِغَ فَقدْ طَهُرَ").
اعترض عليه بأن القول المذكور لم يرد في شاة ميمونة صريحًا.
وأجاب السبكي في شرحه بأن المصنف ألحق بخطه "لو" قبل روي فصار على الإحتمال. والتحرير في هذا أن ابن عباس روى الحديثين معًا.
أما حديث شاة ميمونة فجاء تارة عنه عن ميمونة، وتارة بحذفها، ولم يصرح بسماعه.
وأما الحديث الأخر فصرح فيه بسماعه من النبي صلى الله عليه وسلم، فيحتمل أنه لم يحضر القصة، فتحملها عن ميمونة، وكان ربما أرسلها.
وسمع من النبي صلى الله عليه وسلم الجملة الأخيرة.
أخبرني الشيخ أبو الفرج بن حماد رحمه الله أنا أبو الحسن بن قريش أنا أبو الفرج بن الصيقل عن أبي الحسن الحمال أنا أبو علي الحداد أنا أبو نعيم ثنا عبد اللَّه بن يحيى وأبو علي بن الصواف قال الأول: ثنا عبيد بن غنام ثنا أبو بكر بن أبى شيبة وقال الثاني: ثنا بشر بن موسى ثنا الحميدي واللفظ له قالا: ثنا سفيان بن عيينة ثنا الزهري أخبرني عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة عن ابن عباس رضي الله عنهما عن ميمونة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بشاة لمولاة لميمونة ميتة فقال: "مَا عَلَى أَهْلِ هَذِهِ لَوْ أَخَذُوا إِهَابَهَا فَدَبَغُوهُ فَانْتَفَعُوا بِهِ؟ "(1).
وسمعته عاليًا على فاطمة بنت محمد بن عبد الهادي عن عبد الرحمن بن
(1) رواه الحميدي (315) وأحمد (6/ 329).
مخلوف ويحيى بن محمد قالا أنا علي بن مختار قال الأول: إجازة إن لم يكن سماعًا وقال الثاني: كتابة أنا السلفي أنا مكي بن منصور أنا أبو بكر أحمد بن الحسن أنا حاجب بن أحمد ثنا عبد الرحيم بن شبيب ثنا سفيان بن عيينة فذكره، لكن ليس فيه ميمونة.
وقرأته عاليًا على فاطمة المذكورة عن أبي نصر بن الشيرازي أنا أبو الوفاء بن منده في كتابه أنا مسعود بن الحسن أنا عبد الوهاب بن محمد عن أبي الحسن الخفاف ثنا أبو العباس السراج ثنا محمد بن الصباح ثنا سفيان بن عيينة فذكره كذلك لم يذكر ميمونة.
وبه إلى السراج ثنا عبيد اللَّه بن سعيد ثنا سفيان فذكره وفيه ميمونة.
هذا حديث صحيح، أخرجه مسلم وابن ماجه عن أبي بكر بن أبى شيبة (1). وأخرجه أبو داود عن مسدد ووهب بن بيان. والنسائي عن قتيبة كلهم عن سفيان، وذكروا فيه ميمونة (2). وأخرجه مسلم أيضًا عن يحيى بن يحيى وعمرو بن محمد. وأخرجه أبو داود أيضًا عن محمد بن أبي خلف ثلاثتهم عن سفيان بغير ذكر ميمونة (3)، فوقع لنا موافقة عالية لمسلم وبدلًا عاليًا بدرجتين بالنسبة للروايات الأخرى. واتفق الشيخان عليه من رواية صالح بن كيسان ويونس بن يزيد كلاهما عن الزهري، وليس فيه ذكر الدباغ، وكذلك رواه أكثر أصحاب الزهري ووافق بعضهم ابن عيينة في ذكر الدباغ.
وبه إلى السراج ثنا محمد بن سهل بن عسكر ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن الزهري فذكر الحديث، ولكن ليس فيه فدبغتموه، وزاد معمر كان
(1) رواه مسلم (363) وابن ماجه (3610) عن أبي بكر بن أبي شيبة في المصنف (8/ 379).
(2)
رواه أبو داود (4120) والنسائي (7/ 171 - 172).
(3)
رواه مسلم (363) وأبو داود (4120).
الزهري ينكر الدباغ ويقول: ننتفع به على كل حال (1). وقد ثبت ذكر الدباغ في غير حديث الزهري، فأخرجه مسلم والنسائي من رواية ابن جريج عن عمرو بن دينار عن عطاء عن ابن عباس أن ميمونة أخبرته فذكر الحديث بمعناه (2)، وليس فيه ذكر الدباغ. وأخرجه مسلم أيضًا من رواية ابن عيينة عن عمرو بن دينار فذكر فيه الدباغ (3). ووقع لنا من وجه آخر عن عطاء.
قرأت على فاطمة بنت المنجا عن سليمان بن حمزة أنا الحافظ الضياء أنا محمد بن نصر عن فاطمة بنت أبى سعد سماعا عليها قالت أنا سعيد بن أبي سعيد العيار أنا أبو الحسين الخفاف (ح).
وسمعته عاليًا على فاطمة بنت عبد الهادي بالسند الماضى آنفًا إلى الخفاف ثنا أبو العباس السراج ثنا قتيبة بن سعيد ثنا الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن عطاء عن ابن عباس قال: ماتت شاة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "هَلَا نَزَعْتُمْ جِلْدَهَا فَدَبَغْتُمُوهُ فَانْتَفَعْتُمْ بِهِ؟ ".
هذا حديث صحيح أخرجه الترمذي عن قتيبة (4) فوقع لنا موافقة عالية. قال الترمذي: حسن صحيح.
وأما الحديث الآخر فقرأت على أبي الفرج بن حماد بالسند الماضى إلى أبي بكر بن أبى شيبة ثنا سفيان بن عيينة عن زيد بن أسلم عن عبد الرحمن بن وعلة سمعت ابن عباس يقول: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "أَيُّمَا إهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ"(5).
هذا حديث صحيح، أخرجه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة، فوافقناه
(1) رواه عبد الرزاق (185) وأحمد (3452) وأبو داود (4122).
(2)
رواه مسلم (363) والنسائي (7/ 172).
(3)
رواه مسلم (363).
(4)
رواه الترمذي (1727).
(5)
رواه أبو بكر بن أبي شيبة في المصنف (8/ 378).
بعلو، ولكن لم يسق مسلم لفظه، فإنه أورده أولًا من رواية سليمان بن بلال عن زيد بن أسلم بلفظ:"إذَا دُبِغَ الْإِهَابُ فَقَدْ طَهُرَ" ثم ساقه من رواية عبد العزيز بن محمد ومن رواية سفيان بن عيينة ومن رواية غيرهما كلهم عن زيد بن أسلم قال بمثله (1). ورواية عبد العزيز بن محمد أخرجها الترمذي عن قتيبة عنه بلفظ "أَيُّمَا"(2). وأخرجه مسلم أيضًا عن إسحاق بن إبراهيم وأبي كريب كلاهما عن وكيع عن سفيان الثوري عن زيد بن أسلم كذلك (3). والحديث المذكور في مسند إسحاق بلفظ: "أَيُّمَا" أيضًا، وقد وقع لنا موافقة عالية لمسلم أيضًا.
وبالسند الماضى إلى أبي نعيم ثنا أبوأحمد الغطريفي ثنا عبد اللَّه بن محمد ثنا إسحاق بن إبرإهيم فذكره.
وبه إلى أبي نعيم ثنا أبو محمد بن حيان ثنا محمد بن يحيى بن منده ثنا أبو كريب فذكره كذلك. ووقع لنا موافقة عالية أيضًا.
ولهذا الحديث نظائر في كتاب مسلم، يسوق الحديث على لفظ ثم يورده من روايات أخرى محيلًا على الأول، وإنما كان بينهما تفاوت في اللفظ وفي المعنى أيضًا واللَّه أعلم.
آخر المجلس التسعين بعد المائتين من الأمالي وهو العشرون بعد المائة من تخريج أحاديث مختصر ابن الحاجب.
(1) رواه مسلم (366).
(2)
رواه الترمذي (1728).
(3)
رواه مسلم (366).
[المجلس الحادي والعشرون بعد المئة]
قال المملي رضي الله عنه:
قوله: (كآية السرقة وهي في سرقة المجن أو رداء صفوان).
قلت: لم أر في شئ من التفاسير أن ذلك سبب نزول الآية، وإنما ذكر الواحدي وجماعة عن ابن الكلبي أن الآية نزلت في ابن أبيرق سارق الدرع الذي ذكرت قصته في الآيات التي من سورة النساء وفيها {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ} (1).
فأما حديث سرقة المجن فأخبرني الشيخ أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن أبي بكر الدمشقي رحمه الله أنا أحمد بن أبى طالب أنا عبد اللَّه بن عمر أنا أبو الوقت أنا أبو الحسن بن المظفر أنا عبد اللَّه بن أحمد بن حمويه أنا عيسى بن عمر أنا عبد اللَّه بن عبد الرحمن الدارمي أنا أبو نعيم عن سفيان الثوري عن أيوب وعبيد اللَّه بن عمر وإسماعيل بن أمية وموسى بن عقبة (ح).
وأخبرني أبو العباس أحمد بن عبد القادر بن الفخر رحمه الله أنا أحمد بن علي بن الحسن العابد عن المبارك بن محمد أنا أبو الفتح أنا أبو بكر بن المظفر أنا أبو علي بن شاذان أنا أبو العباس بن نجيح ثنا يعقوب بن يوسف القزويني ثنا محمد بن سعيد بن سابق ثنا مهران بن أبى عمر عن سفيان الثوري عن أيوب بن أبي تميمة وعبيد اللَّه بن عمر وأيوب بن موسى خمستهم عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قطع في مجن قيمته ثلاثة دراهم (2).
(1) انظر أسباب النزول (ص 111) للواحدي.
(2)
رواه الدارمي (2306).
هذا حديث صحيح أخرجه مسلم عن الدارمي (1)، فوقع لنا موافقة عالية على طريقه بدرجتين. وأخرجه النسائي وأبو عوانة من رواية أبي نعيم (2). وأخرجه ابن حبان عن محمد بن أحمد بن الفضل السجستاني عن الدارمي، فوقع لنا بدلًا عاليا. واتفق الشيخان عليه من طرق أخرى عن نافع. منها لمالك، وقد وقع لنا من روايته عاليًا جدًا.
قرأت على الشيخ أبي إسحاق التنوخي رحمه الله عن عيسى بن عبد الرحمن المطعم إجازة مكاتبة (ح).
وقرأت عليه مرة أخرى عن أبى العباس الصالحي سماعًا قالا أنا أبو المنجابن اللتي قال عيسى سماعا وقال الآخر إجازة إن لم يكن سماعا أنا عبد الأول بن عيسى قرئ على بيبي بنت عبد الصمد وأنا أسمع أن عبد الرحمن بن أحمد الأنصاري أخبرهم أنا أبو القاسم البغوي حدثني مصعب الزبيري حدثني مالك عن نافع عن ابن عمر به (3)، أخرجه البخاري عن إسماعيل بن أبي أويس. ومسلم عن يحيى بن يحيى. وأبو داود عن القعنبي. والنسائي عن قتيبة كلهم عن مالك (4)، فوقع لنا بدلًا عاليًا.
وأما حديث رداء صفوان فأخبرني الشيخ أبو الفرج بن حماد رحمه الله أنا علي بن رزق اللَّه النابلسي أنا أحمد بن أبي أحمد النابلسي أنا عبد اللَّه بن أحمد بن صاعد أنا أبو القاسم الشيباني أنا أبو علي التميمي أنا أبو بكر القطيعي ثنا عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل حدثنى أبي ثنا محمد بن جعفر عن سعيد بن أبى عروبة عن قتادة عن عطاء عن طارق بن المرقع عن صفوان بن أمية رضي الله عنه أنه كان نائمًا فجاء رجل فسرق برده فأخذه فأتى به النبي
(1) رواه مسلم (1686).
(2)
رواه النسائي (8/ 77).
(3)
روته بيبي الهرثمية في جزءها (7).
(4)
رواه مالك (2/ 172) والبخاري (6795) ومسلم (1686) وأبو داود (4385).
-صلى الله عليه وسلم، فأمر بقطعه، فقال: يا رسول اللَّه قد تجاوزت عنه قال: "فَلَوْلَا كَانَ هَذَا قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَني بِهِ أَبَا وَهَبٍ؟ " فقطعه النبي صلى الله عليه وسلم (1).
هذا حديث حسن، أخرجه النسائي عن عبد اللَّه بن أحمد، بن حنبل بهذا الإسناد (2)، فوقع لنا موافقة عالية.
وأخبرني الشيخ أبو إسحاق بن كامل أنا أبو محمد بن أبي التائب أنا إسماعيل بن أحمد العراقي عن شهدة الكاتبة قالت أنا طراد بن محمد الزينبي أنا علي بن عبد اللَّه العيسوي أنا عثمان بن أحمد الدقاق ثنا محمد بن الحسين ثنا عمرو بن حماد ثنا أسباط بن نصر عن سماك بن حرب عن حميد بن أخت صفوان عن صفوان بن أمية قال: كنت نائمًا في المسجد على خميصة لي ثمن ثلاثين درهما، فجاء رجل فاختلسها، فأخذ فأتى به النبي صلى الله عليه وسلم، فأمر به ليقطع، فأتيته فقلت: يقطع في ثلاثين درهمًا؟ أنا أبيعه وأنسئه ثمنها، قال:"أَلَا كَانَ هَذَا قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَني بِهِ؟ "(3).
هذا حديث حسن، أخرجه أبو داود عن محمد بن يحيى. والنسائي عن أحمد بن عثمان. وابن الجارود عن أبى زرعة الرازي وغيرهم كلهم عن عمرو بن حماد (4)، فوقع لنا بدلًا عاليًا. وأخرجه الدارقطني عن عثمان بن أحمد الدقاق (5)، فوافقنا فيه بعلو.
وله طريق أخرى في الموطأ عن صفوان (6). ورجاله ثقات، لكن اختلف في وصله وإرساله.
وله شاهد من حديث ابن عباس، أخرجه الدارمي والنسائى من طريق
(1) رواه أحمد (6/ 465) ومن طريقه الطبراني في الكبير (7337).
(2)
رواه النسائي (8/ 68).
(3)
رواه الطبراني في الكبير (7335).
(4)
رواه أبو داود (4394) والنسائي (8/ 69 - 70) وابن الجارود (828).
(5)
رواه الدارقطني (3/ 204).
(6)
رواه مالك (2/ 174).
أشعث بن سوار عن عكرمة عن ابن عباس، ورجاله ثقات إلا الأشعث (1)، وقد خالفه فيه عبد الملك بن أبي بشر، فرواه عن عكرمة عن صفوان بن أمية نفسه. أخرجه النسائي أيضًا (2) واللَّه أعلم.
آخر المجلس الحادي والسبعين بعد المائتين من الأمالي وهو الحادي والعشرون بعد المائة من تخريج أحاديث مختصر ابن الحاجب.
(1) رواه الدارمي (2304).
(2)
رواه النسائي (8/ 69).
[المجلس الثاني والعشرون بعد المائة]
قال المملي رضي الله عنه:
أخبرني الشيخ أبو عبد اللَّه بن قوام أنا أبو عبد اللَّه بن المهندس أنا أبو العباس بن شيبان أنا أبو جعفر بن حسان أنا أبو غالب بن البناء أنا أبو محمد الجوهري أنا أبو بكر المالكي ثنا أبو مسلم الكجي ثنا أبو عاصم عن مالك عن الزهري عن صفوان بن عبد اللَّه بن صفوان عن جده قال: قيل لصفوان بن أمية: إنه من لم يهاجر فقد هلك، فدعا براحلته فركبها إلى المدينة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"مَا جَاءَ بكَ يَا أبَا وَهَبٍ؟ " قال: بلغني أنه من لم يهاجر فلا دين له، قال:"ارْجِعْ إِلَى أَبَاطِح مَكَّةَ" فرجع فدخل المسجد فتوسط رداءه، فجاءه رجل فسرقه، فأتى به النبي صلى الله عليه وسلم، فأمر بقطعه، فقال: لم يبلغ ردائي ما يقطع فيه، بل قد جعلته صدقة، قال:"فَهَلَّا قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَني بِهِ؟ "(1).
أخرجه الدارقطني في الموطآت وفي الغرائب عن أبي علي بن الصواف وأبي بكر الشافعي كلاهما عن أبي مسلم، فوقع لنا بدلًا عاليًا. وقال: قوله في الإسناد: عن جده غريب، ورواه سائر رواة مالك في الموطأ وغيره عن صفوان بن عبد اللَّه قال: قيل لصفوان فذكروه مرسلًا، وتفرد أبو عاصم بوصله، وقد رواه شبابة بن سوار عن مالك فخالف الجميع قال: عن الزهري عن عبد اللَّه بن صفوان عن أبيه.
قلت: أخرجه أبو بكر بن أبى شيبة في مصنفه عن شبابة. وأخرجه ابن ماجه عن أبي بكر. وأخرجه الطحاوي والدارقطني من رواية أبي بكر، وجوز الطحاوي أن يكون عند الزهري بالوجهين، وفيه بعد لاتحاد المخرج، ويحتمل أن يكون شبابة قلبه، ويكون المراد بأبيه جده، وتسمية الجد أبا
(1) رواه مالك (2/ 174).
سائغ، فتوافق رواية أبي عاصم، ولولا هذا الاختلاف لكان هذا الحديث على شرط الصحيح، فإن مسلمًا أخرج لصفوان بن عبد اللَّه. واستفدنا من هذه القصة تأخر وقوعها بعد نزول هذه الآية، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قطع المخزومية التي سرقت، وذلك بعد فتح مكة كما ثبت في مسلم وصفوان بن أمية إنما أسلم بعد ذلك. ووقع في رواية أبي عاصم مخالفة أيضًا في المتن، فإن غيره عن مالك قال في روايته: فركب صفوان إلى المدينة فدخل المسجد فذكر القصة، وهو ظاهر في أن المراد بالمسجد مسجد المدينة بخلاف رواية أبي عاصم، ويمكن تأويلها بأن قوله رجع أي شرع في الرجوع.
قوله: (وآية الظهار في سلمة بن صخر).
قلت: تعقبه من تكلم عليه وأطبقوا على تغليظه، وقالوا: إن آية الظهار نزلت في أوس بن الصامت وزوجته خولة، كما رواه أبو داود وغيره. وأخرج الطبراني من حديث ابن عباس قال: كان أول ظهار في الإسلام بين أوس بن الصلت وامرأته انتهى (1).
وليس يبعد ما قاله المصنف. وذلك ظاهر من سياق حديث سلمة بن صخر.
وبالسند الماضى إلى الدارمي ثنا زكريا بن عدي ثنا عبد اللَّه بن إدريس ثنا محمد بن إسحاق عن محمد بن عمرو (ح).
وأخبرنا به عاليًا أبو هريرة بن الذهبي وخديجة بنت إبراهيم الدمشقيان سماعا عليها وإجازة من الأول قالا أنا القاسم بن أبي غالب قال الأول سماعا والأخرى إجازة إن لم يكن سماعا عن أبي الوفاء العبدي أنا أبو الخير الباغبان أنا أبو عمرو بن أبي عبد اللَّه بن منده أنا أبى أنا خيثمة بن سليمان ثنا الحسن بن مكرم ثنا يزيد بن هارون ثنا ابن إسحاق عن محمد بن عمرو بن عطاء عن
(1) حديث نزول آية الظهار رواه أبو داود (2214 و 2215) وحديث ابن عباس رواه الطبراني (11689) وسيأتيان.
سليمان بن يسار عن سلمة بن صخر البياضى رضي الله عنه قال: كنت امرءًا أصيب من النساء ما لا يصيب غيري، وفي رواية يزيد: أوتيت من الجماع ما لم يؤت غيري، فدخل شهر رمضان، فخفت أن يقع مني شيء في ليلتي فيتتابع بي حتى أصبح، زاد يزيد في روايته: ولا أقدر أن أنزع فتظاهرت من امرأتي حتى ينسلخ الشهر، فبينما هي تخدمى إذ تكشف لي منها فما لبثت أن نزوت عليها، فلما أصبحت خرجت إلى قومي، فقصصت عليهم خبري وقلت: امشوا معي إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقالوا: لا واللَّه ما نمشي معك إنا نخاف أن ينزل فيك القرآن أو يتكلم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فيك بمقالة يلزمنا عارها، ولنسلمنك بجريرتك، فانطلقت إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فأخبرته خبري فقال:"أَنْتَ بِذَاكَ يَا سَلَمَةُ؟ " قلت: أنا بذاك يا رسول اللَّه، قال:"أَنْتَ بِذَاكَ يَا سَلَمَةُ؟ " قلت: أنا بذاك يا رسول اللَّه، قال:"أَنْتَ بِذَاكَ يَا سَلَمَةُ؟ " قَلت: أنا بذاك يا رسول اللَّه فاحكم في بما أراك اللَّه فها أنا ذَا صابر نفسي، قال:"أَعْتِقْ رَقَبَةً" قال: فضربت صفحة رقبتى فقلت: واللَّه ما أصبحت أملك رقبة غيرها، قال:"فَصُمْ شَهْرَبْنَ مُتَتَابِعَيْنِ" فقلت: وهل أصابني الذي أصابني إلا من الصوم قال: "فَأَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا فَرَقًا مِنْ تَمْرٍ" فقلت: واللَّه لقد أصبحنا وحشًا ما لنا طعام، قال:"فاذهب إلى صاحب صدقة بني زريق فليدفعها لك، فأطعم منها ستين مسكينًا وكل بقيتها أنت وعيالك" قال: فرجعت إلى قومي فقلت: وجدت عندكم الضيق وسوء الرأي، ووجدت عند رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم السعة وحسن الرأي، وقد أمر لي بصدقتكم، زاد يزيد: فادفعوها إلي، فدفعوها الي (1).
هذا حديث حسن، أخرجه أحمد عن يزيد بن هارون (2)، فوقع لنا
(1) رواه الدارمي (2278).
(2)
رواه أحمد (5/ 436) عن عبد اللَّه بن إدريس عن محمد بن إسحاق به فذكره. ولم يروه عن يزيد بن هارون.
موافقة عالية. وأخرجه الترمذي عن عبد بن حميد والحسن بن علي. وابن خزيمة عن يعقوب الدورقي ومحمد بن يحيى كلهم عن يزيد (1)، فوقع لنا بدلًا عاليًا. وأخرجه أبو داود والترمذي أيضًا وابن ماجه من رواية ابن إدريس (2).
فجائز أن تكون قصة سلمة وقعت عقب قصة أوس بن الصلت، فنزلت الآية فيهما، وذلك ظاهر من قول قوم سلمة: نخشى أن ينزل فيك قرآن، فإن فيه وفي سؤال سلمة إشارة إلى أن آية الظهار لم تكن نزلت.
وقوله في المتن (فيتتابع) بتاءين مثناتين من فوق وبعد الألف باء تحتانية أي يتوالى، وأكثر ما يستعمل في الشر.
وقوله: (نزوت) بنون وزاي أي علوت عليها.
وقوله: (صابر نفسي) أي حابسها.
وقوله: (وحشا) بضم أوله وسكون المهملة وضمها بعدها معجمة، يقال وحش الشيء أي يبس وهو كناية عن الجدب ضد الخصب. وبنو زريق بتقديم الزاي على الراء مصغر واللَّه أعلم.
آخر المجلس الثاني والسبعين بعد المائتين من الأمالي وهو الثاني والعشرون بعد المائة من تخريج أحاديث مختصر ابن الحاجب.
(1) رواه الترمذي (3295).
(2)
رواه أبو داود (2213) والترمذي (1200) وابن ماجه (2064).
[المجلس الثالث والعشرون بعد المائة]
قال المملي رضي الله عنه:
أخبرني أبو المعالي عبد اللَّه بن عمر الهندي رحمه الله أنا أبو العباس أحمد بن محمد بن عمر أنا عبد اللطيف بن عبد المنعم أنا عبد اللَّه بن أحمد أنا هبة اللَّه بن محمد أنا الحسن بن علي أنا أحمد بن جعفر ثنا عبد اللَّه بن أحمد حدثني أبي ثنا سعد بن إبراهيم ويعقوب يعني ابن إبراهيم قالا: ثنا أبي ثنا محمد بن إسحاق (ح).
وبالسند الماضى إلى أبي عبد اللَّه بن منده أنا عبد اللَّه بن جعفر البغدادي بمصر ثنا محمد بن عمرو بن خالد ثنا [ثنى] أبي ثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن معمر بن عبد اللَّه بن حنظلة، وفي رواية إبراهيم وهو ابن سعد عن ابن إسحاق قال: حدثنى معمر بن عبد اللَّه بن حنظلة عن يوسف بن عبد اللَّه بن سلام حدثتني خويلة بنت مالك بن ثعلبة رضي الله عنها قالت: في وفي أوس بن الصامت نزل صدر سورة المجادلة، قالت: وكان شيخًا كبيرًا قد ساء خلقه، فراجعته في شيء فضجر فقال: أنت علي كظهر أمي، ثم خرج فجلس في نادي قومه ساعة، ثم دخل علي فإذا هو يريدني عن نفسي، فقلت: كلا والذي نفس خويلة بيده لا تخلص منى إلى شيء وقد قلت ما قلت، حتى يحكم اللَّه ورسوله فينا حكمه، ثم خرجت فجئت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فذكرت له ذلك فنزل {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} إلى قوله:{وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (1).
هذا حديث حسن، أخرجه أبو داود عن الحسن بن علي الحلواني عن عبد العزيز بن يحيى الحراني عن محمد بن سلمة (2)، فوقع لنا عاليًا.
(1) رواه أحمد (6/ 410 - 411).
(2)
رواه أبو داود (2215).
وله شاهد من حديث ابن عباس.
وبه إلى ابن منده أنا خيثمة بن سليمان ثنا محمد بن عوف بن سفيان (ح).
قال وأخبرنا الأصم ثنا العباس بن محمد قالا: ثنا عبيد اللَّه بن موسى ثنا أبو حمزة ثابت بن أبي صفية عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان الرجل في الجاهلية إذا قال لامرأته: أنت علي كظهر أمي حرمت عليه، وكان أول من ظاهر في الإسلام أوس بن الصامت، وكانت تحته ابنة عم يقال لها خويلة، فغضب منها يومًا فقال: أنت علي كظهر أمي، ثم أسقط في يده، فقال لها: ائت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فسليه عن ذلك، فأتت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فسألته، فنزلت آية الظهار.
هذا حديث حسن، أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي من وجه آخر عن عكرمة مختصرًا (1). وأخرجه الطبري من رواية خصيف عن مجاهد عن ابن عباس بمعناه (2).
قوله: (وآية اللعان في هلال بن أمية أو غيره).
أخبرني الشيخ أبو الفرج بن حماد رحمه الله أنا علي بن إسماعيل أنا أبو الفرج الحراني عن أبي الحسن بن أبي منصور أنا الحسن بن أحمد أنا أبو نعيم في المستخرج ثنا أبو محمد بن حيان ثنا محمد بن يحيى ثنا بندار ثنا عبد الأعلى عن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين قال: سألت أنس بن مالك رضي الله عنه، فقال: كان أول من لاعن في الإسلام هلال بن أمية، قذف امرأته بشريك بن سحماء، وكان أخا لبراء بن مالك لأمه، فأمر بهما رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فتلاعنا الحديث.
وأخبرني به عاليًا إبراهيم بن محمد المؤذن رحمه الله أنا أحمد بن نعمة أنا عبد اللَّه بن عمر أنا أبو الوقت أنا أبو الحسن بن المظفر أنا أبو محمد بن أعين أنا
(1) رواه أبو داود (2223) والترمذي (1199) والنسائي (6/ 167).
(2)
رواه الطبري (28/ 6).
أبو إسحاق الشاشي ثنا عبد بن حميد ثنا وهب بن جرير ثنا هشام بن حسان فذكر نحوه.
هذا حديث صحيح، أخرجه أحمد عن وهب بن جرير (1)، فوقع لنا موافقة عالية. وأخرجه مسلم عن أبي موسى محمد بن المثنى. والنسائي عن إسحاق بن إبراهيم كلاهما عن عبد الأعلى (2)، فوقع لنا بدلًا عاليًا. وأخرجه البخاري من وجه آخر عن هشام بن حسان عن عكرمة عن ابن عباس فذكره مطولًا أيضًا (3). وأما الغير فأخبرني الشيخ أبو عبد اللَّه بن قوام رحمه الله أنا أبو الحسن بن هلال ثنا أبو إسحاق بن مضر أنا أبو الحسن الطوسي أنا أبو محمد السيدي أنا أبو عثمان البحيري أنا أبو علي السرخسي أنا أبو إسحاق الهاشمي أنا أبو مصعب الزهري أنا مالك بن أنس عن ابن شهاب الزهري أن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أخبره أن عويمرًا العجلاني قال لعاصم بن عدي: أرأيت رجلًا وجد مع امرأته رجلًا أيقتله فتقتلونه أم كيف يفعل؟ سل لي عن ذلك يا عاصم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فسأل عاصم عن ذلك رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فكره رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم المسائل وعابها، حتى كبر على عاصم ما سمع من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فلما رجع إلى بيته جاءه عويمر فقال:[يا عاصم ماذا] قال لك [رسول صلى الله عليه وسلم؟ فقال عاصم]: لم تأتني بخير، قد كره رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم المسألة التي سألته عنها، فقال عويمر: واللَّه لا أنتهي حتى أسال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فجاء ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في وسط الناس، فسأله، فقال:"قَدْ أَنْزَلَ فِيكَ وَفي صَاحِبَتِكَ فَاذْهَبْ فَائْتِ بِهَا" قال سهل: فتلاعنا وأنا مع الناس عند رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم (4).
(1) رواه أحمد (3/ 142).
(2)
رواه مسلم (1496) والنسائي (6/ 171 - 172).
(3)
رواه البخاري (4747).
(4)
رواه مالك (2/ 23 - 24).
هذا حديث صحيح، أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي من رواية مالك (1)، فوقع لنا بلالا عالبا.
وأخبرني به عاليا بدرجة أخرى أبو عبد اللَّه محمد بن علي المقري رحمه الله بمكة أنا علي بن منصور أنا أحمد بن الحسن أنا صاحب بن أحمد ثنا عبد الرحمن بن شبيب (ح).
وأنا عبد الرحمن بن محمد الفارقي وفاطمة بنت محمد الصالحية إجازة من الأول وقراءة على الأخرى قالا: أنا يحيى بن محمد بن سعد قال الأول: سماعًا والأخرى: إجازة عن الحسن بن يحيى أنا عبد اللَّه بن رفاعة أنا الخلعي أنا عبد الرحمن بن عمر أنا أبو الطاهر المديني ثنا يونس بن عبد الأعلى قالا: ثنا سفيان بن عيينة عن الزهري فذكره مختصرًا. وأخرجه البخاري وأبو داود من رواية ابن عيينة (2)، فوقع لنا بدلا عاليا.
والجمع بين الحديثين أن عاصمًا لما سأل لعويمر تخلل بين ذلك وبين مسألة عويمر بنفسه قصة هلال، فنزلت الآية، فلما جاء عويمر قيل له: قد أنزل فيك وفي صاحبتك باعتبار شمول الآية كل من وقع له ذلك واللَّه أعلم.
آخر المجلس الثالث والسبعين بعد المائتين من الأمالي وهو الثالث والعشرون بعد المائة من تخريج أحاديث مختصر ابن الحاجب.
(1) وراه البخاري (5259) ومسلم (1492) وأبو داود (2245) والنسائي (6/ 143 - 144).
(2)
رواه البخاري (6454 و 7165) وأبو داود (2251)
[المجلس الرابع والعشرون بعد المائة]
قال المملي رضي الله عنه:
قوله: (على أن أبا حنيفة رضي الله عنه أخرج الأمة المستفرشة من عموم "الْوَلَدُ لِلْفِرَش" فلم يلحق ولدها مع وروده في ولد زمعة، وقد قال عبد اللَّه بن زمعة: هو أخي وابن وليدة أبي ولد على فراش).
قلت: كذا في نسخ المختصر، وكذا رأيته بخط المصنف في المختصر الكبير، وهو سهو، والصواب عبد بن زمعة بغير إضافة.
أخبرني الشيخ أبو إسحاق بن كامل رحمه الله أنا إسماعيل بن يوسف التنيسي في كتابه أنا مكرم بن محمد أنا أبو يعلى حمزة بن محمد أنا أبو الفتح نصر بن إبراهيم أنا أبو بكر محمد بن جعفر أنا أبو بكر محمد بن العباس أنا أبو علي الحسن بن الفرج ثنا يحيى بن عبد اللَّه بن بكير ثنا مالك (ح).
وبالسند الماضى إلى أبي مصعب أنا مالك عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان عتبة بن أبي وقاص عهد إلى أخيه سعد بن أبي وقاص أن ابن وليدة زمعة مني فاقبضه إليك، فلما كان عام الفتح أخذه سعد، فقال: ابن أخي كان عهد إلي فيه، فقام عبد بن زمعة فقال: أخي وابن وليدة أبي، ولد على فراشه فتساوقا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال سعد: ابن أخي كان عهد إلي فيه، فقال عبد بن زمعة: أخي وابن وليده أبي ولد على فراشه، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"هُوَ لَكَ يَا عَبْدَ بْنَ زَمْعَةَ، الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ". ثم قال لسودة بنت زمعة: "احْتَجبي مِنْهُ" لما رأى من شبهه بعتبة، فما رآها حتى لحق باللَّه تعالى.
لفظ يحيى بن بكير (1).
(1) رواه مالك (2/ 118).
هذا حديث صحيح، أخرجه البخاري في البيوع والوصايا والفرائض والأحكام من رواية مالك (1). واتفق الشيخان عليه من رواية الليث بن سعد عن ابن شهاب (2). وقد وقع لنا من رواية يحيى بن بكير عنه أيضًا.
وبالسند الماضى إلى أبي نعيم في المستخرج ثنا أبو بكر بن خلاد ثنا أحمد بن إبراهيم بن ملحان ثنا يحيى بن بكير (ح).
قال: وثنا عمرو بن حمدان ثنا الحسن بن سفيان ثنا قتيبة (ح).
قال: وثنا محمد بن إبراهيم ثنا محمد بن زبان ثنا محمد بن رمح قالوا: ثنا الليث بن سعد عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت: اختصم سعد بن أبي وقاص وعبد بن زمعة في غلام، فقال سعد: يا رسول اللَّه إن أخي عتية بن أبي وقاص عهد إلي أنه ابنه، انظر إلى شبهه، فقال عبد بن زمعة: يا رسول اللَّه هو أخي ولد على فراش أبي، فنظر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فرأى شبهًا بينًا بعتبة فقال:"هُوَ لَكَ يَا عَبْدَ بْنَ زَمْعَةَ، الْوَلَدُ لِلْفِرَاش وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ، وَاحْتَجِبِي مِنْهُ يَا سَوْدَةُ" فلم تره سودة قط.
أخرجه البخاري ومسلم والنسائي عن قتيبة. وأخرجه مسلم أيضًا عن محمد بن رمح (3)، فوقع لنا موافقة عالية.
وقد روى أبو هريرة المرفوع منه دون القصة.
وبه إلى أبي نعيم ثنا أبو علي بن الصواف ثنا بشر بن موسى ثنا الحميدي ثنا سفيان بن عيينة ثنا الزهري (ح).
وأنا به عاليًا أبو هريرة بن الذهبي وأم يوسف الصالحية إجازة من
(1) رواه البخاري (2053 و 2745 و 4303 و 6749 و 7182) ورواه أيضًا من طريق مالك في المغازي (4303).
(2)
رواه البخاري (2218 و 4303 و 6765 و 6817) ومسلم (1457).
(3)
رواه النسائي (6/ 180) وتقدمت قبل هذا التعليق وكان وجوده عند البخاري ومسلم.
الأول وقراءة على الأخرى قالا: أنا يحيى بن محمد المقدسي قال الأول: سماعا والأخرى: إجازة أنا أبو علي بن الصباح في كتابه أنا أبو محمد بن غدير أنا علي بن الحسن أنا عبد الرحمن بن عمر أنا أبو سعيد بن الأعرابي ثنا أبو علي بن الصباح ثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن سعيد بن المسيب أو أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ".
قال الحميدي: كان سفيان ربما شك في أبي سلمة أو سعيد وربما جمعهما وربما اقتصر على أحدهما، وأكثر ذلك يقول عن سعيد (1).
هذا حديث صحيح، أخرجه مسلم عن عمرو بن محمد الناقد وأبي خيثمة زهير بن حرب وسعيد بن منصور وعبد الأعلى بن حماد. وأخرجه النسائي عن قتيبة. وابن ماجه عن هشام بن عمار كلهم عن سفيان (2)، فوقع لنا بدلا عاليا.
قوله: (الشافعي {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ [مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ]} {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ [عَلَى النَّبِيِّ]}، و [هي] الصلاة من اللَّه الرحمة ومن الملائكة الإستغفار).
يعني أن الشافعي رحمه الله استدل بهاتين الآيتين لاستعمال اللفظ في معنيين، وكأنه ترك تبيين الأول لوضوحه، وقد بينه في المختصر الكبير. والذي ذكره في الثاني هو قول أكثر المفسرين منهم عكرمة.
أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الخطيب إذنًا مشافهة عن سليمان بن حمزة عن عيسى بن عبد العزيز اللخمي وهو آخر من حدث عنه أنا الحافظ أبو سعد بن السمعاني في كتابه وهو آخر من حدث عنه عن أبي الفتح بن
(1) رواه الحميدي (1085) وأبو علي بن الصباح الأول اسمه يحيى والثاني هو الحسن بن محمد الزعفراني، ومن طريق ابن الأعرابي رواه القضاعي في مسند الشهاب (283).
(2)
رواه مسلم (1458) والنسائي (6/ 180) وابن ماجه (2006).
حفصويه أنا أبو البركات بن عبد الصمد أنا عبد اللَّه بن محمد أنا أبو إسحاق الشاشي أنا عبد ببن حميد ثنا ابراهيم عن أبيه هو الحكم بن أبان عن عكرمة في قوله تعالى {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} قال: صلاة اللَّه ثناؤه عليه، وصلاة الملائكة دعاؤهم له.
وفيه قول آخر، أخرجه ابن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير قال: صلاة اللَّه مغفرته، وصلاة الملائكة استغفارهم. وسنده ضعيف، وفيه أقوال أخرى أشهرها الأول واللَّه أعلم.
آخر المجلس الرابع والسبعين بعد المائتين من الأمالي وهو الرابع والعشرون بعد المائة من تخريج أحاديث مختصر ابن الحاجب.
[المجلس الخامس والعشرون بعد المائة]
قال المملي رضي الله عنه:
قوله (مسألة المقتضى) إلى أن قال: (ويمثل بقوله صلى الله عليه وسلم: "رُفِعَ عَنْ أُمَّتِيْ الخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ".
أخبرني أبو الحسن علي بن محمد بن الخطيب أنا أبو بكر الدشتي في كتابه أنا يوسف بن خليل الحافظ أنا أبو الحسن الجمال أنا أبو علي الحداد أنا أبو نعيم في التاريخ حدثنا مطهر بن أحمد بن محمد الحنظلي ثنا عمر بن عبد اللَّه بن الحسن ثنا أحمد بن الخليل ثنا جعفر بن جسر بن فرقد حدثني أبي عن الحسن عن أبي بكرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "رَفَعَ اللَّهُ عَنْ هَذِهِ الأُمَّةِ الْخَطَأُ والنِّسْيَانَ وَالأَمْرَ يُكْرَهُونَ عَلَيْهِ"(1).
قال الحسن: قولا باللسان وأما باليد فلا.
هذا حديث غريب، أخرجه ابن عدي في الكامل عن حذيفة بن الحسن عن أبي أمية محمد بن إبراهيم عن جعفر (2). وعده في منكرات جعفر، وقال: لم أر للمتقدمين فيه كلامًا، ولعل ذلك من قبل أبيه، فإني لم أر له رواية عن غيره.
قلت: أبوه ضعفه يحيى بن معين والبخاري وغيرهما.
وللحديث طريق أخرى، أخرجها ابن أبي حاتم في التفسير من رواية أبي بكر الهذلي عن شهر بن حوشب عن أم الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال أبو بكر: فذكرت ذلك للحسن فقال: أما نقرأ بذلك قرآنًا {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} .
(1) رواه أبو نعيم في تاريخ أصبهان (1/ 251 - 252).
(2)
رواه ابن عدي في الكامل (2/ 573).
وأبو بكر الهذلي ضعيف، وفي الإسناد مع ذلك انقطاع أو إرسال بالنسبة لأم الدرداء، لأنها إن كانت الكبرى فمنقطع، وإن كانت الصغرى فمرسل. وفي شهر مقال أيضًا.
لكن للحديث طريق أخرى جيدة.
قرأت على فاطمة بنت المنجي عن سليمان بن حمزة أنا محمد بن عبد الواحد الحافظ (1) أنا أبو جعفر الصيدلاني أنا إسماعيل بن الفضل أنا أبو طاهر بن عبد الرحيم أنا أبو بكر القباب أنا أبو بكر بن أبي عاصم حدثنا محمد بن مصفى ثنا الوليد بن مسلم ثنا الأوزاعي عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "وَضَعَ اللَّه عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأ وَالنَّسْيَان وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ".
هذا حديث حسن أخرجه ابن ماجه عن محمد بن مصفى على الموافقة (2). وأخرجه أبو القاسم الفضل بن جعفر التميمي في فوائده عن الحسين بن أحمد عن محمد بن مصفى بلفظ "رفع" بدل "وضع" ورجاله ثقات لكن فيه تسوية الوليد، فقد رواه بشر بن بكر عن الأوزاعي فأدخل بين عطاء وابن عباس عبيد بن عمر. أخرجه الطبراني والدارقطني بلفظ "تجَاوَزَ" بدل "وضع"(3) وبمجموع هذه الطرق يظهر أن للحديث أصلًا.
قوله (مسألة الفعل المثبت لا يكون عامًا في أقسامة مثل صَلَّى داخل الكعبة).
هكذا في كثير من النسخ وفي بعضها بلفظ صَلِّ بصيغة الأمر، والأول المعتمد، فقد رأيته بخط المصنف في المختصر الكبير، ولفظه مثل أنه صلى الله عليه وسلم صلى داخل الكعبة.
(1) في الأصل محمد بن عبد الوهاب وهو خطأ.
(2)
رواه ابن ماجه (2045).
(3)
رواه الدارقطني (3/ 170 - 171) ورواه أيضًا ابن حبان (1498 موارد) والحكم (2/ 198) وابن حزم في الإحكام (5/ 149) والطحاوي في شرح معاني الآثار.
وبالسند الماضى الى أبي نعيم في المستخرج ثنا محمد بن إبراهيم ثنا محمد بن الحسن ثنا حرملة ثنا عبد اللَّه بن وهب عن يونس عن ابن شهاب أخبرني سالم بن عبد اللَّه أن عبد اللَّه بن عمر رضي الله عنهما قال: رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم دخل الكعبة وأسامة وبلال وعثمان بن طلحة ولم يدخل معهم أحد، ثم أغلق الباب قال: فأخبرني بلال وعثمان بن طلحة أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم صلى في جوف الكعبة بين العمودين اليمانيين.
هذا حديث صحيح أخرجه مسلم عن حرملة (1)، فوقع لنا موافقة عالية.
وقد وقع لنا من وجه آخر أعلى من هذا.
أخبري الشيخ أبو الفرج بن حماد الغزي أنا يونس بن إبراهيم العسقلاني أنا علي بن الحسين إذنًا مشافهة عن أبي بكر بن الزاغوني أنا أبو نصر الزينبي أنا أبو طاهر المخلص ثنا أبو القاسم البغوي ثنا أبو الربيع الزهراني ثنا حماد بن زيد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر عن بلال رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم صلى بين العمودين تلقاء وجه في جوف الكعبة بين العمودين اليمانيين.
هذا حديث صحيح أخرجه [مسلم عن أبي الربيع الزهراني (2)، فوقع لنا موافقة عالية وأخرجه البخاري و] مسلم عن قتيبة عن حماد بن زيد (3)، فوقع لنا بدلا عاليا.
ووقع لنا من وجه آخر أعلى من هذا أيضًا.
أخبرني الشيخ أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن عبد الواحد أنا أحمد بن أبي طالب وعيسى بن عبد الرحمن سماعا على الأول وإجازة من الثاني قالا:
(1) رواه مسلم (1329).
(2)
رواه مسلم (1329).
(3)
رواه البخاري (468).
أنا عبد اللَّه بن عمر بن علي قال عيسى: سماعًا والآخر: إجازة إن لم يكن سماعًا أنا أبو الوقت قال: قرئ على أم عبد الصمد الهرثمية وأنا أسمع قالت: أنا عبد الرحمن بن أحمد الأنصاري ثنا عبد اللَّه بن محمد بن عبد العزيز ثنا مصعب بن عبد اللَّه حدثني مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول اللَّه دخل هو وبلال وأسامة بن زيد وعثمان بن طلحة الكعبة، فأغلقها عليهم، فمكث فيها، قال: فسألت بلالًا حين خرج: ماذا صنع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ قال: جعل عمودًا عن يساره وعمودين عن يمينه وثلاثة أعمدة وراءه، ثم صلى، وقال: وكان البيت يومئذ على ستة أعمدة (1).
متفق عليه من حديث مالك. أخرجه البخاري عن عبد اللَّه بن يوسف ومسلم عن يحيى بن يحيى. وأبو داود عن القعنبي. والإمام أحمد عن عبد الرحمن بن مهدي كلهم عن مالك (2)، فوقع لنا بدلا عاليًا. وأخرجه أبو داود من رواية عبد الرحمن بن مهدي. والنسائي من رواية عبد الرحمن بن القاسم. وأبو عوانة من رواية إسحاق بن عيسى ومطرف بن عبد اللَّه كلهم عن مالك (3)، فوقع لنا عاليًا جدًا.
آخر المجلس الخامس والسبعين بعد المائتين من الأمالي وهو الخامس والعشرون بعد المائة من تخريج أحاديث أصول ابن الحاجب.
(1) رواه مالك (1/ 389).
(2)
رواه البخاري (505) ومسلم (1329) وأبو داود (2523) وأحمد (6/ 13).
(3)
رواه أبو داود (2024) والنسائي (2/ 63).
[المجلس السادس والعشرون بعد المائة]
قال المملي رضي الله عنه:
قوله (مثل صلى بعد غيبوبة الشفق).
[قلت: جاء من عدة طرق بلفظ حين غاب الشفق].
أخبرني إبراهيم بن محمد الدمشقي فيما قرأنا عليه بالمسجد الحرام أن أحمد بن أبي طالب أخبرهم أنا محمد بن مسعود في كتابه أنا عبد الأول بن عيسى أنا عبد الرحمن بن محمد أنا عبد اللَّه بن حمويه أنا إبراهيم بن خزيم ثنا عبد بن حميد ثنا قبيصة (ح).
وقرأت على فاطمة بنت المنجى عن أبي الفضل بن قدامة أنا الحافظ ضياء الدين المقدسي أنا أبو جعفر الصيدلاني أنا الحسن بن أحمد أنا أحمد بن عبد اللَّه ثنا سليمان بن أحمد ثنا إسحاق بن إبراهيم عن عبد الرزاق قالا: ثنا سفيان الثوري عن عبد الرحمن بن الحارث بن عياش بن أبي ربيعة عن حكيم بن حكيم عن نافع بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أَمَّني جبْريلُ [عليه السلام] مَرتَينْ عِندَ الْبَيْتِ، فَصَلَّى بي الظُّهْرَ حينَ زَالَت الشَّمْسُ وِكَانَتْ قَدَرَ الشِّرَاكِ، ثُمَّ صَلَّى بي الْعَصرَ حِينَ صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ، ثُمَّ صَلَى بِي الْمَغْربَ حِينَ جلّ فِطْرُ الصَّائِمِ، ثُمَّ صَلَى بِي الْعشَاءَ حينَ غَابَ الشَّفَقُ، ثُمَّ صَلَّي بِي حينَ انْشَق الْفَجُر، ثُمَّ صَلَى بِي الظُهْرَ حِينَ صَارَ ظلُّ كُلّ شَيْءٍ مِثْلَهُ ثُمَّ صَلَّى بي الْعَصْرَ حِينَ صَارَ ظِلّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَيْهِ، ثُمَّ صَلَّى المَغْرِبَ حِينَ أَفْطَرَ الصَّائِمُ، ثُمَّ صَلَّى بِي الْعِشَاءَ حِينَ مَضَى ثُلُثُ اللَّيْلِ، ثُمَّ صَلَّى بِي الْفَجْرَ. حِينَ أَسْفَرَ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ هَذَا وَقْتُ الأَنْبِياءِ قَبْلَكَ، الْوَقْتُ فِيمَا بَيْنَ هَذَيْنِ"(1).
(1) رواه عبد بن حميد في المنتخب من المسند (702).
هذا حديث حسق أخرجه أبو داود عن مسدد عن يحيى القطان عن سفيان الثوري (1). وأخرجه النسائي. وابن خزيمة من طرق أخرى عن الثوري وأخرجه ابن الجارود عن أحمد بن يوسف عن عبد الرزاق (2)، فوقع لنا بدلا عاليا. وأخرجه النسائي أيضًا من حديث جابر بنحوه مطولًا (3)، وفيه أيضًا حين غاب الشفق، وهكذا جاء أيضًا في بيان النبي صلى الله عليه وسلم للسائل عن المواقيت.
وبالسند الماضى إلى أبي نعيم في المستخرج ثنا إبراهيم بن عبد اللَّه بن أبي العزائم ثنا أحمد بن موسى ثنا أبو نعيم أخبرني بدر بن عثمان عن أبي بكر بن أبي موسى الأشعري عن أبيه رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أتاه سائل فسأله عن مواقيت الصلاة، فلم يرد عليه شيئًا، ثم أمر بلالا فأقام الصلاة حين انشق الفجر والناس يقولون طلع الفجر أم لا؟ وهو أعلم منهم، ثم أمره فأقام ابظهر بعد أن زالت الشمس، ثم أمره فأقام العصر والشمس مرتفعة، ثم أمره فأقام المغرب حين غابت الشمس، ثم أمره فأقام العشاء حين غاب الشفق، ثم أخر الفجر من الغد فانصرف منها والقائل يقول طلعت الشمس أو لم تطلع، ثم أخر الظهر حين كان قريبًا من [وقت] صلاة العصر من أمس، ثم أخر العصر حتى انصرف منها والقائل يقول احمرت الشمس، ثم أخر المغرب حتى كان عند سقوط الشفق، ثم أخر العشاء حتى كان ثلث الليل، ثم أصبح فقال:"أَيْنَ السَّائِلُ عَنْ مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ الْوَقْتُ فِيمَا بَيْنَ هَذَيْنِ".
هذا حديث صحيح أخرجه مسلم وأبو داود وابن خزيمة من طرق عن
(1) رواه أبو داود (393).
(2)
رواه ابن خزيمة (325) ولم أره عند النسائي. ورواه أيضًا ابن الجارود (149) وأحمد (1/ 333 و 354) والترمذي (149) وعبد الرزاق (2028) والحاكم (1/ 193) والبيهقي (1/ 364).
(3)
رواه النسائي (1/ 255 - 256).
بدر بن عثمان (1) فوقع لنا عاليا، وأخرجه مسلم أيضًا من طريق سليمان بن بريدة عن أبيه بمعناه (2).
قوله: (وكان يجمع بين الصلاتين في السفر).
قرأت على فاطمة بنت محمد بن عبد الهادي عن محمد بن أحمد بن أبي الهيجاء أنا محمد بن إسماعيل بن أبي الفتح قرئ على فاطمة بنت ابن الحسن وأنا أسمع أن زاهر بن طاهر أخبرهم أنا أبو سعد الأديب أنا أبو عمرو بن حمدان ثنا أبو يعلى ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا بكر بن عبد الرحمن ثنا عيسى هو ابن المختار ثنا ابن أبي ليلى عن أبي قيس الأودي عن هذيل عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يجمع بين الصلاتين في السفر (3).
هذا حديث حسن أخرجه البزار عن أحمد بن عثمان بن حكيم عن بكر بن عبد الرحمن (4)، فوقع لنا بدلًا عاليًا، ورجاله من أبي بكر إلى منتهاه كوفيون، وهم ثقات إلا ابن أبي ليلى وهو محمد بن عبد الرحمن قاضى الكوفة، وهو صدوق سيء الحفظ، ولكن لحديثه هذا شواهد منها في الصحيحين وغيرهما عن ابن عمر وأنس وغيرهما (5)، ولم أره في شيء من الطرق بهذا اللفظ، إلا من هذا الوجه، وقد غفل عنه كل من تكلم على أحاديث المختصر.
قوله: (مثل "صَلُّوا كَمَا رَأيْتُمُونِي أُصَلِّي" و"خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ").
(1) رواه مسلم (614) وأبو داود (395) والنسائي (1/ 260 - 261) ولم نره في مواقيت الصلاة من صحيح ابن خزيمة.
(2)
رواه مسلم (613).
(3)
رواه أبو بكر بن أبي شيبة في المصنف (2/ 458) وعنه أبو يعلى (252/ 2).
(4)
رواه البزار (1/ 311 - 312) ورواه أيضًا الطبراني في الكبير (9881).
(5)
رواه البخاري (1106) ومسلم (703) من حديث ابن عمر، ورواه البخاري (1110) ومسلم (704).
قلت: تقدما جميعا في أوائل هذا التخريج.
قوله: (قالوا: عمم نحو سهى فسجد).
أخبرني أبو بكر بن العز الفرضى أنا أبو بكر بن محمد السلمي أنا عبد الرحمن بن مكي في كتابه أنا أبو طاهر السلفي أنا أبو الحسن الكرجي أنا أبو بكر الحيري أنا أبو علي المعقلي ثنا محمد بن يحيى الذهلي أنا محمد بن عبد اللَّه الأنصاري حدثني أشعث عن محمد بن سيرين عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن حصين رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم فسهى في صلاته فسجد سجدتي السهو، ثم تشهد ثم سلم.
هذا حديث حسن أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي وابن خزيمة وابن الجارود كلهم عن محمد بن يحيى الذهلي (1)، فوقع لنا موافقة عالية، ورجال إسناده من الأنصاري إلى منتهاه بصريون، ورواية ابن سيرين عن خالد الحذاء من رواية الأكابر عن الأصاغر. وقد خرج في الصحيحين من وجه آخر عن ابن سيرين بعض هذا الحديث فقال في آخر حديثه عن أبي هريرة في قصة ذي اليدين: نبئت أن عمران بن حصين قال: ثم سلم (2). وقد ظهر بهذه الرواية أن بينه وبين عمران ثلاثة أنفس واللَّه أعلم.
آخر المجلس السادس والسبعين بعد المائتين من الأمالي وهو السادس والعشرون بعد المائة من تخريج أحاديث أصول ابن الحاجب غفر اللَّه لنا وله وللمسلمين.
(1) رواه أبو داود (1039) والترمذي (395) والنسائي (3/ 26).
(2)
رواه البخاري (476) ومسلم (573).
[المجلس السابع والعشرون بعد المائة]
قال المملي رضي الله عنه:
قوله: (وأما أنا فأفيض الماء).
كذا وقع فيه، وليس لفظ الماء في الخبر.
أخبرني الشيخ أبو الحسن علي بن محمد الخطيب عن أبي بكر الدشتي أنا يوسف بن خليل الحافظ أنا خليل بن بدر أنا الحسن بن أحمد أنا أحمد بن عبد اللَّه ثنا عبد اللَّه بن جعفر ثنا يونس بن أبي حبيب ثنا أبو داود الطيالسي ثنا شعبة قال: سمعت أبا إسحاق يحدث عن سليمان بن صرد قال سمعت جبير بن مطعم رضي الله عنه يقول: ذكروا غسل الجنابة عند رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: "أَمَّا أنَا فَأَفِيضُ عَلَى رَأْسي ثَلَاثًا"(1).
هذا حديث صحيح أخرجه أحمد عن محمد بن جعفر [عن شعبة (2) فوقع لنا بدلا عاليا وأخرجه مسلم عن بندار عن محمد بن جعفر](3) فوقع لنا عاليا بدرجتين. وأخرجه البخاري ومسلم أيضًا وأبو داود من طرق أخرى عن أبي إسحاق (4).
وفي الباب عن جابر.
أخبرني الإمام أبو الفضل بن الحسين الحافظ رحمه الله أنا أبو محمد بن القيم أنا أبو الحسن علي بن البخاري أنا الخضر بن كامل أنا الحسين بن علي أنا أحمد بن محمد البزاز أنا محمد بن عبد اللَّه الدقاق ثنا عبد اللَّه بن محمد
(1) رواه أبو داود الطيالسي (223).
(2)
رواه أحمد (4/ 85).
(3)
رواه مسلم (327).
(4)
رواه البخاري (254) ومسلم (327) وأبو داود (329).
البغوي ثنا داود بن رشيد ثنا هشيم عن أبي بشر عن أبي سفيان عن جابر رضي الله عنه أن وفد ثقيف قالوا: يا رسول اللَّه أرضنا أرض باردة فكيف الغسل؟ قال: "أمَّا أَنَا فَأحْثى أَوْ أُحْفِنُ عَلَىَ رَأْسِي ثَلَاثًا".
هذا حديث صحيح أخرجه مسلم عن يحيى بن يحيى عن هشيم (1)، فوقع لنا بدلا عاليا.
قوله (وغيره).
ذكر في المختصر الكبير حديث عائشة فعلته أنا ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فاغتسلت. وقد تقدم تخريجه في المجلس الرابع والعشرين من هذا التخريج.
قوله: (مسألة نحو قول الصحابي نهى عن بيع الغرر، وقضى بالشفعة للجار يعم الغرر والجار).
أما النهي عن بيع الغرر.
فأخبرني الشيخ أبو إسحاق بن كامل رحمه الله أنا أحمد بن نعمة أنا عبد اللَّه بن عمر أنا عبد الأول بن عيسى أنا عبد الرحمن بن محمد أنا عبد اللَّه بن أحمد أنا عيسى بن عمر أنا عبد اللَّه بن عبد الرحمن ثنا محمد بن عيسى ثنا يحيى بن سعيد.
قال: وثنا عبد اللَّه بن سعيد ثنا عقبة بن خالد (ح).
وبالسند الماضى إلى أبي نعيم في المستخرج ثنا أبو عمرو بن حمدان ثنا الحسن بن سفيان ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا عبد اللَّه بن إدريس وأبو أسامة ويحيى بن سعيد (ح).
قال: وثنا أبو محمد بن حيان ثنا عبدان بن أحمد ثنا أبو بكر وعثمان ابنا أبي شيبة قالا: ثنا عبد اللَّه بن إدريس كلهم عن عبيد اللَّه بن عمر عن أبي
(1) رواه مسلم (328).
الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن بيع الحصاة وعن بيع الغرر (1).
هذا حديث صحيح أخرجه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة عن شيوخه الثلاثة (2). وأخرجه أبو داود عن أبي بكر وعثمان معًا كما أخرجناه (3)، فوقع لنا موافقة عالية لمسلم وأبي داود. وأخرجه مسلم أيضًا والنسائي من رواية يحيى بن سعيد وهو القطان (4). وأخرجه الترمذي عن أبي كريب عن أبي أسامة (5)، قال الترمذي: حسن صحيح.
وفي الباب عن ابن عمر وابن عباس وأنس وأبي سعيد.
قلت: وفيه أيضًا عن علي وابن مسعود وسهل بن سعد وعمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. وأمثلها كلها حديث ابن عمر وحديث سهل بن سعد.
فأما حديث ابن عباس فأخرجه ابن ماجه وفيه أيوب بن عتبة وهو ضعيف (6).
وأما حديث أنس فأخرجه أبو يعلى وفيه إسماعيل بن مسلم نزيل مكة وهو ضعيف (7).
وأما حديث أبي سعيد فأخرجه أحمد وفيه شهر بن حوشب وفيه مقال، ودونه ضعيف أيضًا وهو بالمعنى لا باللفظ (8)، وأصله في ابن ماجه أيضًا (9).
(1) رواه أبو بكر بن أبي شيبة (6/ 132) والدارمي (2557 و 2566).
(2)
رواه مسلم (1513).
(3)
رواه أبو داود (3376).
(4)
رواه مسلم (1513) والنسائي (7/ 262).
(5)
رواه الترمذي (1230).
(6)
رواه ابن ماجه (2195) والطبراني في الكبير (11341 و 11655).
(7)
رواه أبو يعلى (2766).
(8)
رواه أحمد (3/ 42).
(9)
رواه ابن ماجه (2169).
وأما حديث علي فأخرجه أبو داود وفيه رجل من بني تميم لم يسم (1).
وأما حديث ابن مسعود فأخرجه أحمد مرفوعًا وموقوفًا، ورجح البيهقي الموقوف (2).
وأما حديث عمرو بن شعيب فأخرجه الطبراني في الأوسط (3). وفيه عاصم بن عبد العزيز الأشجعي مختلف فيه سمع نسخة عمرو بن شعيب.
ذكر حديث سهل بن سعد.
أخبرني أبو الحسن بن أبي بكر الحافظ رحمه الله أنا أبو الحسن علي بن أحمد البزاز أنا أبو الحسن علي بن أحمد السعدي أنا أبو القاسم الحرستاني أنا أبو الحسن بن المسلَّم أنا أبو نصر بن طلاب أنا أبو الحسين بن جميع (ح).
قال شيخنا: وأنا محمد بن أزبك أنا محمد بن عبد المؤمن أنا داود بن أحمد أنا محمد بن عمر أنا عبد الصمد بن محمد أنا أبو الحسن الدارقطني قالا: ثنا الحسين بن إسماعيل ثنا عبد الرحمن بن يونس السراج ثنا عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه عن سهل بن سعد رضي الله عنهما قال: نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر.
هذا حديث حسن صحيح أخرجه الدارقطني في الأفراد هكذا، وقال: تفرد به عبد الرحمن بن يونس عن عبد العزيز، وقد رواه مالك عن أبي حازم عن سعيد بن المسيب (4) مرسلا، وهو أصح. لكن قد رواه عبد العزيز عن أبيه بالسندين، فدل على أنه حفظه.
(1) رواه أبو داود (3382).
(2)
رواه أحمد (3676) مرفوعًا، ولم يرو الموقوف في المسند، وإنما ذكر ذلك الخطيب في تاريخه. ورواه الطبراني في الكبير (9607) موقوفًا ورواه (10491) مرفوعًا، وانظر سنن البيهقي (5/ 340).
(3)
رواه الطبراني في الأوسط (ص 169 مجمع البحرين).
(4)
رواه الطبراني في الأوسط (ص 169 مجمع البحرين) والكبير (5899).
قلت: ولم ينفرد به عن عبد الرحمن بن يونس بل تابعه إسماعيل بن أبي الحكم المديني عن عبد العزيز، أخرجه الطبراني في الأوسط (1). وإسماعيل وثقه أبو حاتم. وأخرجه ابن عبد البر في التمهيد من طريق إسحاق بن إبراهيم المنجنيقي عن عبد الرحمن بن يونس وقال: هذا خطأ، والصواب رواية مالك. وعبد العزيز فيه لين ولا يحتج به إذا خالف.
قلت: احتج به الشيخان، وقد أشار الدارقطني إلى أنه حفظ الموصول حيث روى الموصول والمرسل معًا والعلم عند اللَّه تعالى.
آخر المجلس السابع والسبعين بعد المائتين من الأمالي وهو السابع والعشرون بعد المائة من تخريج أحاديث مختصر ابن الحاجب.
(1) رواه مالك (2/ 75).
[المجلس الثامن والعشرون بعد المائة]
قال المملي رضي الله عنه:
ذكر حديث ابن عمر.
أخبرني الإمام أبو بكر بن الحسين المراغي أنا أحمد بن كشتغدي أنا أبو الفرج بن الصيقل أنا حماد بن هبة اللَّه أنا أبو القاسم بن البنا (ح).
قال شيخنا وأنا عاليا أبو العباس بن نعمة إجازة عن عبد اللَّه بن عمر عن ابن البناء أنا أبو نصر الزينبي أنا أبو طاهر المخلص أنا أبو محمد بن صاعد ثنا محمد بن عمرو بن سليمان ثنا معتمر بن سليمان عن أبيه عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر.
هذا إسناد ظاهره الصحة. أخرجه ابن أبي عاصم في كتاب البيوع عن أبي موسى محمد بن المثنى عن معتمر بن سليمان، فوقع لنا بدلًا عاليًا. ورجاله رجال الصحيح، لكنه معلول، وقد جرى ابن حبان على ظاهره فأخرجه في صحيحه من طريق محمد بن عبد الأعلى عن معتمر (1)، وكذا أخرجه الضياء المقدسي في الأحاديث المختارة مما ليس في الصحيحين. وعلته أن بين سليمان التيمي وبين نافع فيه رجلًا لم يسم.
وبه إلى ابن صاعد ثنا علي بن حسين الدرهمي ثنا معتمر بن سليمان التيمي عن أبيه عن رجل عن نافع عن ابن عمر فذكره. وعلي بن الحسين الدرهمي أخرج عنه أبو داود والنسائي في سننهما وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما، ووثقه أبو حاتم والنسائي مع تشددهما، فزيادته مقبولة.
وللحديث طريق أخرى أخرجه البيهقي من رواية سفيان الثوري عن
(1) رواه ابن حبان (1115 موارد).
محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن نافع (1)، وفي ابن أبي ليلى مقال، ولعله المبهم المذكور.
وأما حديث قضى بالشفعة للجار فأخبرني الشيخ أبو إسحاق التنوخي رحمه أنا أيوب بن نعمة أنا إسماعيل بن أحمد عن محمد بن عبد الخالق أنا أبو محمد الدوني أنا أبو نصر بن الكسار أنا أحمد بن محمد [بن] إسحاق أنا أحمد بن شعيب أنا محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة أنا أبو الفضل بن موسى ثنا حسين هو ابن واقد عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه قال: قضى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بالشفعة للجوار.
هذا حديث حسن الإسناد، لكنه شاذ المتن، فقد رواه ابن جريج وهو أحفظ من حسين بن واقد وأعرف بحديث أبي الزبير منه عن أبي الزبير عن جابر بلفظ قضى بالشفعة في كل شرك ربعة أوحائط. وهو عند مسلم من طريق ابن جريج (2). وجاء في الشفعة للجار عدة أحاديث ليس هذا موضع بسطها.
قوله (مسألة قالت الحنفية مثل قوله صلى الله عليه وسلم: "لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بكَافِرٍ وَلَا ذُو عَهْدٍ في عَهْدِهِ" معناه بكافر).
قرأت على فاطمة بنت محمد بن عبد الهادي رحمها اللَّه بالصالحية عن محمد بن أحمد بن أبي الهيجاء أنا محمد بن إسماعيل بن أبي الفتح قرئ على فاطمة بنت أبي الحسن وأنا أسمع أن زاهر بن طاهر أخبرهم أن محمد بن عبد الرحمن أنا محمد بن أحمد ثنا أبو يعلى ثنا أبو خيثمة ثنا عبيد اللَّه بن عبد العزيز ثنا عبيد اللَّه بن عبد الرحمن بن موهب حدثني مالك بن محمد بن عبد الرحمن سمعت عمرة بنت عبد الرحمن تحدث عن عائشة رضي الله عنها قالت: وجدت في قراب سيف رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كتابًا، فذكرت الحديث، وفيه
(1) رواه البيهقي (5/ 338).
(2)
رواه مسلم (1608).
"المَؤْمِنُونَ تَتَكَافَؤُ دِمَاؤُهُمْ، وَيَسْعَى بِذِمَّتْهِمْ أَدْنَاهُمْ، لَا يُقْتَل مُسْلِم بِكَافِرٍ وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ، وَلَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ".
هذا حديث حسن، أخرجه البخاري في التاريخ الأوسط والبيهقي من هذا الوجه (1). وأخرجه النسائي من رواية قيس بن عُبَادٍ (2) بضم المهملة وتخفيف الموحدة عن علي رضي الله عنه بلفظ:"لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بكَافِرٍ وَلَا ذُو عَهْدٍ في عَهْدِهِ".
وهو في صحيح البخاري من رواية أبي حجيفة عن علي دون قوله "ولا ذو عهد في عهده"(3).
وفي الباب عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. أخرجه أبو داود ولم يسق لفظه في روايتنا من طريق اللؤلؤي. وأخرجه البيهقي في الخلافيات من رواية أبي بكر بن داسة عن أبي داود ولفظه مثل رواية عائشة (4). وعن معقل بن يسار كذلك، أخرجه ابن عدي في الكامل (5)، وفي سنده ضعف. وأخرجه البيهقي من رواية عمران بن حصين مثل لفظ البخاري عن علي واللَّه أعلم (6).
آخر المجلس الثامن والسبعين بعد المائتين من الأمالي وهو الثامن والعشرون بعد المائة من تخريج أحاديث مختصر ابن الحاجب.
(1) رواه البيهقي (8/ 29 - 30).
(2)
رواه النسائي في السير من السنن الكبرى كما في تحفة الأشراف (7/ 439). ورواه البخاري (3965 و 3967 و 4744) من حديث قيس بن عباد عن علي.
(3)
رواه البخاري (111 و 187 و 3047 و 3172 و 3179 و 6755 و 6903 و 6915 و 7300).
(4)
ورواه البيهقي أيضًا في السنن الكبرى (8/ 29).
(5)
رواه ابن عدي في الكامل (5/ 1968) ومن طريقه البيهقي (8/ 30) وفي إسناده عبد السلام بن أبي الجنوب، وهو ضعيف.
(6)
رواه البيهقي (8/ 29).
[المجلس التاسع والعشرون بعد المائة]
قال المملي رضي الله عنه:
قوله: (مسألة خطابه لواحد) إلى أن قال (قالوا {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ} و (بُعِثْتُ إِلَى الأَسْوَدِ وَالأَحْمَرِ").
قرأت على أم الحسن التنوخية رحمها اللَّه عن أبي الفضل بن أبي طاهر عن أبي عبد اللَّه الحافظ أنا زاهر بن طاهر أنا الحسين بن عبد الملك أنا إبراهيم بن منصور أنا محمد بن إبراهيم ثنا أبو يعلى ثنا شيبان (ح).
وأخبرني إبراهيم بن محمد بمكة وقريء على إبراهيم بن أحمد بالقاهرة وأنا أسمع أن أحمد بن نعمة أخبرهم أنا أبو عبد اللَّه بن عمر أنا أبو الوقت أنا أبو الحسن الفقيه أنا أبو محمد السرخسي أنا أبو محمد السمرقندي أنا أبو محمد الدارمي ثنا يحيى بن حماد قالا: ثنا أبو عوانة عن سليمان هو الأعمش عن مجاهد عن عبيد بن عمير عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ نِبيٌّ [قَبْلي] بُعثتُ إِلَى الأَحْمَر وَالأَسْودِ وَجُعِلَتْ لِي الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا، وَأُحِلتْ لِي الْغَنَائِمُ وَلَمْ يَحِلَّ لأَحَدٍ قَبْلِي، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْب يَرْعُبُ مِنِّى العَدُوُّ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وَقيلَ لِي سَلْ تُعْطَ، فَاخْتَبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لأُمَّتي، فَهِيَ نَائِلَةٌ مِنْهُمْ مَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا".
هذا حديث صحيح، أخرجه أحمد عن عفان عن أبي عوانة (1). وأخرجه السراج عن محمد بن عبد الرحيم عن يحيى بن حماد، فوقع لنا بدلًا لهما عاليا. وأخرجه ابن حبان عن إسحاق بن إبراهيم البستي عن حماد بن يحيي بن حماد عن أبيه (2)، فوقع لنا بدلا عاليا بدرجتين. وأخرجه أحمد أيضًا من طريق
(1) رواه أحمد (5/ 148).
(2)
رواه ابن حبان (200 موارد).
محمد بن إسحاق. وأبو داود، من طريق جرير. والحاكم من طريق أبي معاوية كلهم عن الأعمش، وقد جود الأعمش إسناده، ورواه واصل الأحدب عن مجاهد فأرسله. (1)
أخبرنا أبو هريرة بن الذهبي وخديجة بنت إبراهيم قراءة عليها وإجازة من الأول قالا أنا القاسم بن عساكر قال الأول سماعا والأخرى إجازة إن لم يكن سماعا أنا علي بن الحسين قراءة عليه وأنا حاضر في الرابعة وإجازة عن أبي بكر بن الزاغوني أنا أبو نصر الزينبي أنا أبو طاهر المخلص ثنا أبو محمد بن صاعد ثنا بندار ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن واصل عن مجاهد عن أبي ذر، فذكر نحوه، لكنِ قال في روايته:"وَبُعِثْتُ إِلَى كُلِّ أَحْمَرِ وَأَسْوَدَ" وقال: "وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ فَهِيَ نَائِلَةٌ مَنْ مَاتَ لَا يُشْركُ باللَّهِ شَيْئًا" أخرجه أحمد عن محمد بن جعفر (2)، فوافقناه بعلو. والحكم للواصل لأنه حافظ عارف بشيخه. وقد وهم القاضى تاج الدين فزعم أن هذا الحديث باللفظ الأخير مخرج في الصحيحين، وزعم آخر أنه مخرج في صحيح مسلم من حديث جابر (3)، ولم أره في واحد من الصحيحين بهذا اللفظ، وإنما فيهما معًا من حديث جابر "وَبُعِثُت إِلَى النَّاسٍ عَامَّةً"(4) وفي مسلم من حديث أبي هريرة "وَأُرْسِلْتُ إِلَى النَّاسِ كَافَة"(5)، ونحوه للترمذي من حديث أبي أمامة (6) واللَّه أعلم.
(1) رواه أحمد (5/ 145) وأبو داود (489) والحاكم (2/ 424) من طريق أبي أسامة عن الأعمش به، لا من طريق أبي معاوية.
(2)
رواه أحمد (5/ 161 - 162).
(3)
بل رواه مسلم (521) والحق مع الزركشي في المعتبر (ص 157) بتحقيقنا حيث نسبه إلى مسلم، والمصنف قصد الرد عليه فأخطأ.
(4)
رواه البخاري (335) بهذا اللفظ، ولم أره عند مسلم بهذا اللفظ.
(5)
رواه مسلم (523) ولفظه "وأرسلت إلى الخلق كافة".
(6)
رواه الترمذي (1553) مختصرًا وليس فيه محل الشاهد. والحديث عند أحمد (5/ 248 و 256) والطبراني في الكبير (7931 و 8001).
قوله: (قالوا حكمي على الواحد حكمي على الجماعة).
هذا قد اشتهر في كلام الفقهاء والأصوليين، ولم نره في كتب الحديث.
قال ابن كثير: لم أر له سندًا قط، وسألت شيخنا الحافظ المزي وشيخنا الحافظ الذهبي عنه مرارًا فلم يعرفاه. وكذا قال السبكي: إنه سأل الذهبي عنه فلم يعرفه.
وقد جاء ما يؤدي معناه، وذلك فيما أخبرني الشيخ أبو عبد اللَّه بن قوام رحمه الله أنا أبو الحسن بن هلال أنا أبو إسحاق بن البرهان أنا أبو الحسن الطوسي أنا هبة اللَّه بن سهل أنا سعيد بن محمد أنا زاهر بن أحمد أنا إبراهيم بن عبد الصمد أنا أحمد بن أبي بكر أنا مالك عن محمد بن المنكدر عن أميمة بنت رقيقة رضي الله عنها قالت: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في نسوة نبايعه على أن لا نشرك باللَّه شيئا ولا نسرق ولا نزني ولا نقتل أولادنا ولا نأتي ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا ولا نعصيه في معروف، فقال لنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"فِيمَا اسْتَطَعْتُنَّ وَأَطَقْتُنَّ" فقلنا: اللَّه ورسوله أرحم بنا من أنفسنا، هلم نبايعك يا رسول اللَّه على ذلك قال:"إِنِّي لَا أُصَافُح النِّسَاءَ، وإِنَّما قَوْلِي لِمَائَةِ امْرَأةٍ كَقَوْلِي أَوْ مِثْلَ قَوْلِي لامْرَأَةٍ وَاحِدَةً"(1).
هذا حديث صحيح، أخرجه ابن حبان عن عمر بن سعيد بن سنان عن أحمد بن أبي بكر (2). فوقع لنا بدلا عاليا. وأخرجه النسائي من رواية ابن القاسم عن مالك (3)، فوقع لنا عاليا. وأخرجه أحمد والترمذي وابن
(1) رواه مالك (2/ 250) ومن طريقه أحمد (6/ 357) والطبراني في الكبير (ج 24 رقم 471).
(2)
رواه ابن حبان (14 موارد) ومن طريق مالك رواه الدارقطني (4/ 147).
(3)
رواه النسائي في عشرة النساء من الكبرى (2/ 93/ 2).
ماجه من روإية سفيان عن ابن المنكدر (1). وأخرجه الدارقطني من رواية ورقاء بن عمر عن ابن المنكدر. ووقع التصريح في روايتهما بسماع ابن المنكدر له من أميمة وهو من الأحاديث التي ألزم الدارقطني الشيخين بإخراجها لثبوتها على شرطهما (2) وأميمة بلفظ التصغير وكذا رقيقة وهي بقافين وهي بنت أبي صيفي بن هاشم بن عبد مناف. وقيل هي بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى، فعلى الأول تكون بنت عم أبي النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى الثاني تكون أخت خديجة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، ولشرفها نسبت إليها بنتها وهي أميمة بنت عبد بن بجاد بموحدة مفتوحة وجيم خفيفة من بني تيم بن مرة رهط الصديق.
وقد وقع لنا في الغيلانيات من طريق سعيد بن سلمة عن محمد بن المنكدر، فقال في روايته: عن أميمة التميمية، والصواب التيمية بحذف الميم الأولى، واللَّه أعلم.
آخر المجلس التاسع والسبعين بعد المئتين من الأمالي، وهو التاسع والعشرون بعد المئة من تخريج أحاديث مختصر ابن الحاجب.
انتهى الجزء الأول من موافقة الخبر الخبر ويليه الجزء الثاني وأوله المجلس الثلاثون بعد المئة
(1) رواه أحمد (6/ 357) والترمذي (1597) وابن ماجه (2874) ورواه أيضًا النسائي (7/ 149) والحميدي (341) ومن طريقه الطبراني في الكبير (ج 24 رقم 470 و 471) والدارقطني (4/ 146) والتصريح بالسماع عند ابن ماجه، ولم يقع عند الدارقطني في نسختنا المطبوعة.
(2)
انظر الإلزامات والتتبع (ص 154).