المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ التاسع عشر: مرضها العظيم: - مواقف لا تنسى - من سيرة والدتي رحمها الله

[سعيد بن وهف القحطاني]

الفصل: ‌ التاسع عشر: مرضها العظيم:

وعدد أحفادها الموجودين الآن إلى 4/ 9/ 1428هـ (57) سبعة وخمسون، فأصبح مجموع ذريتها قبل موتها (61) واحداً وستين، أصلحهم الله تعالى، وغفر للميت منهم (1).

*‌

‌ التاسع عشر: مرضها العظيم:

قد عافى الله تعالى الوالدة من الأمراض الخطيرة مدة إحدى وثمانين سنة، ولله الحمد، وفي أواخر شهر ذي الحجة عام 1426هـ أصابها مرض عظيم قوي خطير في ظهرها، ثم انتقل المرض بإذن الله تعالى إلى كبدها وباطنيّتها، وكان المرض قوياً شديداً خطيراً، فاحتسبت وصبرت كثيراً.

وانتقلت مرة إلى ابنها حسين بالمنطقة الجنوبية، فاشتدَّ مرضُها، وطلبنا منها الموافقة على نقلها إلى الرياض، فأبدت رغبتها في البقاء هناك، إلا أنها قالت: عندكم في الرياض مسجد الراجحي؟ فوافقت على نقلها إلى الرياض من أجل إذا ماتت أن يُصلّى عليها في مسجد الراجحي؛ لأنها تعلم رحمها الله تعالى كثرة المصلين في هذا الجامع على الجنائز، فأُدخلت مدينة الملك فهد الطبية بالرياض في بداية شعبان عام 1427هـ، وكانت تقول في مرضها:((الله يحسن الخاتمة))، وتكرَّر ذلك كثيراً، وأحياناً تقول:((يا الله بالذي فيه الخير))! وكأنها تريد بقولها هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مَا كَانَتِ الْحَيَاةُ خَيْرًا لي، وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَتِ الْوَفَاةُ خَيْرًا لِي)) (2).

(1) ووُلِد بعد ذلك ثمانية من أحفادها، فأصبح عدد ذريتها 69 نسمة إلى تاريخ 22/ 12/1430هـ.

(2)

متفق عليه: صحيح البخاري، برقم 5671، وصحيح مسلم، برقم 2680.

ص: 28

وكانت إذا اشتدَّ عليها المرض فبلغ منتهاه في الألَمِ تقول: ((الحمد لله، الحمد لله، الحمد لله

)) ولا نُحصِي تكرار حمدها لله، فذكَّرتْني بحمدها المتكرِّر لله بقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((

إِنَّ الْمُؤْمِنَ بِكُلِّ خَيْرٍ عَلَى كُلِّ حَالٍ، إِنَّ نَفْسَهُ تَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ جَنْبَيْهِ وَهُوَ يَحْمَدُ الله)) (1).

وذكَّرتني أيضاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه (قال: ((قَالَ الله (: إِنَّ الْمُؤْمِنَ عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ كُلِّ خَيْرٍ يَحْمَدُنِي وَأَنَا أَنْزِعُ نَفْسَهُ مِنْ بَيْنِ جَنْبَيْهِ)) (2). ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم: ((بمنزلة كل خير)): أي: في منزلةٍ يستحقُّ فيها كلَّ خير.

وكُنَّا إذا سألناها عن حالها وهي على سريرها في المستشفى في أشدِّ المرض، فقلنا: كيف حالك يا أمي؟ فتقول: ((الحمد لله)).

والله أسأل أن يجعل لها أوفر الحظِّ والنّصيب من قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة: في نفسه، وماله، وولده حتى يلقَى الله وما عليه خطيئة)) (3).

وخرجت أياماً من المستشفى في عام 1427هـ بعد رمضان، وفي 1/ 1/1428هـ كلَّفت على نفسها، فصامت سبعة وعشرين يوماً قضاءً

(1) رواه الإمام أحمد، برقم 2475، الشمائل المحمدية، برقم 316،وصححه العلامة الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة، 4/ 173.

(2)

رواه الإمام أحمد في المسند، برقم 8492، والبيهقي في شعب الإيمان، برقم 4175، وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع الصغير، برقم 1910.

(3)

رواه الترمذي، برقم 2399، والحاكم في المستدرك، 4/ 314، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة، 5/ 349.

ص: 29