المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ترك الصلاة سبب كل ضيق - موقع الإسلام سؤال وجواب - جـ ١٠

[محمد صالح المنجد]

فهرس الكتاب

-

- ‌أسئلة من معلِّم بخصوص معاصٍ وآثام يفعلها الطلاب في المدرسة

- ‌حكم ضرب الطالبات

- ‌حكم وضع جهاز تسجيل لمراقبة مكالمات الأهل

- ‌تحصين المجتمعات من الزنا

- ‌كيف تحفِّظ أختها ذات الخمس سنوات القرآن

- ‌يعاني من ميوعة بعض طلاب التحفيظ لديه

- ‌شكوى مدرِّسة من عدم استجابة الطلاب لدعوتها ونصحها لهم

- ‌شاب يشتكي من عدم إيقاظ والده له لصلاة الفجر فماذا يفعل

- ‌كيف يتم تعويد الأطفال على الصوم

- ‌ما هو العمر المناسب الذي يتم فيه تعليم الأولاد الثقافة الجنسية

- ‌حكم الذهاب إلى ملاهي الأطفال وحكم اللعب بالتماثيل المجسمة لذوات الأرواح

- ‌زوجها يرى عدم إرسال أولاده إلى المدارس لفسادها

- ‌عمر أختها إحدى عشرة سنة وأمها لاتأمرها بالصلاة فهل عليها مسئولية

- ‌ما دور زوج الأم تجاه أولاد زوجته من حيث تربيتهم وتعليمهم

- ‌مَنْ سَنَّ سُنَّة سَيِّئَة فعَلَيْهِ مِثْل وِزْر كُلّ مَنْ عمل بِهَا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة

- ‌كيف يكون ضرب الأطفال على الصلاة

- ‌ما حكم لبس دمى على شكل حيوان في حفل للأطفال

- ‌هل تخصيص الوالدين أحد أبنائهم لينام في غرفة وحده يخالف وجوب العدل بين الأولاد

- ‌أبناؤه يرفضون العودة إلى بلاد الإسلام

- ‌حكم ضرب الطالبات

- ‌ هاري بوتر " و " مفكرة الموت " فتنة الصغار والكبار، كفر وإلحاد

- ‌أمه كافرة وتكره لحيته ونقاب زوجته وتريد مطلق التصرف بابنه

- ‌إذن الوالدين في الجهاد

- ‌وقفات مع المسلسل الكرتوني " عدنان ولينا "، وهل فيه إشارة لمعتقدات يهودية

- ‌حقوق الأبناء

- ‌مربون يسألون: هل نحث طلاب المتوسطة على أداء الرواتب والوتر

- ‌وسائل محاربة خطر الرسوم المتحركة وذِكر البدائل عنها

- ‌استغاثة من أم كان ابنها مستقيماً فوقع في الإلحاد

- ‌لبس القصير والضيق للأولاد بين أمر الزوج واعتراض الزوجة

- ‌حكم مشاهدة قناة " سبيس تون " وما فيها من أفلام كرتونية

- ‌كشف عورته أمام أولاده ليعلمهم كيفية حلق العانة

- ‌تزوج نصرانية ورزق بمولود وتريد تعميده في الكنيسة

- ‌كيف يتصرف الأهل مع الولد العاصي

- ‌التعريف بالخالق بشكل سهل

- ‌أختها لا تصلي ولا تحسن التصرف

- ‌الأذكار والطفل المسلم

- ‌التعامل مع خوف الطفل

- ‌بعض الأحكام الخاصة بالبالغين

- ‌أجر تربية ثلاث بنات للأب أو للأم

- ‌ما هي الطريقة الصحيحة لتعليم الصغار ودعوتهم

- ‌كيف يربي أبناءه على الصلاح

- ‌هل يترك ابنته لمطلقته المرتدة

- ‌دور الآباء تجاه أبنائهم، في وسط مجتمع لا يساعد على التربية

- ‌هل يلزمه إيقاظ أولاده الذين بلغوا سبع سنين لصلاة الفجر

- ‌يريد أن يمنح ولده لأخته التي لا تنجب لتربيته

- ‌كيف تعرِّف أولادها الصغار على الإسلام وتحببهم به

- ‌حكم الدعاء على الأولاد

- ‌ابنته ترفض الحجاب وتهدد بإيذاء نفسها

- ‌مسؤولية الزوجة تجاه زوجته وأولاده

- ‌هل اللون والجمال ميزان للتفضيل في الإسلام

- ‌هل تعوِّد ابنها على عدم لباس سروال داخلي

- ‌نصائح للمراهقات واختيار الصديق

- ‌مشكلة بين الأب والأم بسبب تأخر مستوى الأولاد التعليمي

- ‌دعاء الوالدين على الأولاد

- ‌اختلاف الوالدين في طريقة التربية

- ‌كيف يكون العدل بين الأولاد في النفقة والهدية

- ‌من آداب العناية بالمولود الجديد

- ‌حكمُ الرسومِ المتحركة

- ‌تريد النصيحة للمسلمات اللاتي يعشن في الغرب

- ‌الزواج من الكتابية هل تنصحون به

- ‌التربية بالقصة

- ‌تأديب صاحب المرض المزمن

- ‌زوجها لا يهتم بأولادها ويذهب بهم إلى المبتدعة

- ‌ابنها يقع في الفاحشة، فهل تحاسب على أفعاله

- ‌يضرب طفله ويقرصه وعمره سنة ثم يشعر بالندم

- ‌حكم ضرب التلاميذ

- ‌رقابة الوالدين لأولادهما

- ‌كيف يخبر الصغير عن معنى الشيعة

- ‌متى نعلم الولد إزالة شعر العانة

- ‌يسافر كثيرا ويخشى على أولاده من الانحراف

- ‌ولدها يمارس العادة السرية يومياً فماذا تفعل

- ‌خطر الدراسة في مدارس الكفّار

- ‌معالجة الولد العصبي سريع الغضب

- ‌مشكلة السرقة عند الأطفال

- ‌حكم ضرب الطالبات لغرض التعليم

- ‌تنمية ثقة الطفلة بنفسها

- ‌التربية الإيمانية للطفل

- ‌هل تحسب الحسنات للصغير

- ‌تعليم الأولاد

- ‌تأديب اليتيم

- ‌المحافظة على الأبناء وأفكارهم في الغرب

- ‌أطفال النساء المغتصبات في البوسنة وكوسوفا

- ‌أعمال الطفل الذي لم يبلغ لمن تكتب

- ‌كشف كل من الولدين عورته للآخر

- ‌ضرب الولد للتأديب والتلويح بالعقوبة للزوجة

- ‌لعب أولاد العم من الجنسين مع بعضهم

- ‌هل من المجاهرة أن يفعل المعصية أمام أولاده

- ‌نصائح وتوجيهات للشباب المسلم تجاه نفسه ودينه وأمَّته

- ‌مقيم في أوروبا ولا يستطيع غض بصره

- ‌الحكمة من إقامة الصلاة بكيفيتها المعروفة

- ‌الأسباب المعينة على قيام الليل

- ‌كيفية تهذيب الغريزة بالصيام

- ‌علاقة الذنوب والمعاصي والأخلاق بالعقيدة

- ‌ترك الصلاة سبب كل ضيق

- ‌هل يجوز لمن فاتته بعض الطاعات أن يلزم نفسه بعبادات معينة

- ‌تريد النصيحة للمسلمات اللاتي يعشن في الغرب

- ‌كيف يوفق المسلمون بين العمل للآخرة والعمل للدنيا

- ‌الامتناع عن عمل الخير خوفاً من الرياء

- ‌ذبل الإيمان في قلبه فماذا يصنع

- ‌يشكو من الانطوائية والعزلة

- ‌نصيحة لمن يقدح في إخوانه المسلمين ويتهمهم بلا بيّنة

- ‌كيف يعاقب نفسه لحثها على الخير

- ‌لماذا شعرت سارة بالغيرة مع جلالة قدرها من هاجر

- ‌يشعر بنقص إيمانه واستثقال العبادة

- ‌مفتون بالقنوات ومواقع الإنترنت الإباحية

- ‌كيفية تربية المسلم لنفسه

- ‌ماذا نفعل لمذابح المسلمين في فلسطين والعالم

- ‌كيف أحدد موقفي

- ‌عداوة الشيطان للإنسان

- ‌كيف يُعالج الإنسان نفسه إذا دعته إلى الرياء

- ‌علاج الغضب

- ‌يشعر بنقص الإيمان إذا فارق الإخوة الصالحين

- ‌يحسّ بالتقصير والشيطان يثبّطه عن تحسين حاله

- ‌حماية النفس من الاغراءات في بلاد الإباحية

- ‌أسماء كتب إسلامية في علم النّفس

- ‌ماذا يفعل من رأى في نفسه الشر وأن الشر يغلب الخير

- ‌مواجهة التفكير بالزنا

الفصل: ‌ترك الصلاة سبب كل ضيق

‌ترك الصلاة سبب كل ضيق

[السُّؤَالُ]

ـ[أنا فتاة عمري 23 سنة، الصراحة أنا لا أصلي، وإن قمت للصلاة لا أصلي كل الفروض، والصراحة أنا أستمع للأغاني، ولكن - والله شاهد - أن هذا الموضوع يسبب لي حالة نفسية، أريد الصلاة، وأريد أن أطيع الله، وأنا أخافه، أنا أعتز بكوني مسلمة، وربي هو الله وحده لا شريك له، وأحب الحبيب المصطفى وسيرته، وأتأثر عند سماع قصصه، الحمد لله، أكرمني الله عز وجل بأن ذهبت إلى العمرة هذه السنة، وكنت فرحة لهذا، ولكني أحس أني جاحدة، أو لا فرق بيني وبين الكافرين لأني لا أصلي، حاولت كثيراً أن أداوم على الصلاة، لكن لا أدري لماذا يحدث معي هذا، مع العلم أني كنت لفترة طويلة جدّاً لا أصلي أبداً، وأحس أيضاً أني أجهل أموراً كثيرة بالدِّين، وأشعر أيضاً أن الله لن يتقبل مني أي عمل كان: صلاة أو زكاة أو عمرة أو غير ذلك من أمور الدين الإسلامي، وأن مثواي لا محالة النار، أحتاج إلى من يأخذ بيدي، ينصحني، ينتشلني من حالة الضياع التي أنا فيها، أكره كوني على هذه الحالة!!

وفوق كل هذا هناك مشكلة أخرى، وهي أني أشعر أني لم أصم أياما من رمضان، وأنا لا أعاني من أي شيء، أي لا يوجد هناك مانع من الصوم!!

والصراحة أني لست متأكدة إن كانت أياما من رمضان أو كانت من أيام شوال الستة، فعندنا عادة في منزلنا أن نصوم هذه الأيام الست كل سنة، فاختلطت الأمور علي، وهذه المشكلة حدثت لي في الفتره التي كنت فيها بعيدة عن الله، وأنا أعلم أنه من أفطر رمضان بدون سبب لا يقبل الله له صوما، وعليه كفارة، فماذا أفعل؟

أرجوك ساعدني وأفدني، أرجوك، أنا يائسة جدّاً، جعله الله في ميزان حسناتك إن شاء الله، وجزاك عن المسلمين جميعاً خيراً.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولاً:

لا بد – أختي الفاضلة – أن تُحَدِّدِي أولا مكان المشكلة ثم تنطلقي في العلاج، وإن طلبتِ منَّا المساعدة في تحديدها فسنقول لكِ: المشكلة في نفسك أنتِ وليس في شيءٍ آخر! ولن تكون المساعدة التي يقدمها لك الآخرون نافعة حتى تأخذي أنتِ بنفسكِ إلى النجاة.

والمشاعر التي بثثتِيها في سؤالك تدل على أن مقومات الاستقامة والصلاح موجودةٌ فيك، فإن المؤمن هو الذي يحاسب نفسه ويعاتبها، ويبدو أنك تقومين بذلك.

والمؤمن يخاف تقصيره وذنوبه، ويراها كأنها جبل يوشك أن يقع عليه، ويظهر أنك تشعرين بذلك أيضا.

والمؤمن يرتفع بإسلامه وإيمانه، ويعتز بانتسابه إلى هذا الدين العظيم، ويحب نبيه الكريم محمداً صلى الله عليه وسلم، ورسالتك تنضح بذلك؟!!

إذاً فكيف اجتمعت هذه الصفات مع التقصير في أعظم واجبات الدين، وهي الصلاة؟!

ليس عندنا تفسير لذلك سوى سوء إدارة النفس وضعف التحكم فيها، وإلا فأداء الصلاة لا يستغرق جهدا ولا وقتا، ما هي إلا دقائق يخلو فيها المرء بربه، يناجيه بحاجته، ويبث إليه ثقل الدنيا، ويشكو إليه شوقه إليه وإلى رحمته.

فإذا كانت أنفسنا لا تحتمل الالتزام بهذه الدقائق المعدودة، فلا أظننا ننجح في حياتنا أبدا، فإن قيادة النفس تحتاج إلى شيء من العزم والحزم، ونحن المسلمين لم يكلفنا ربنا فوق طاقتنا، بل لم يكلفنا ما يشق علينا، وهو سبحانه يحب أن يتوب علينا ويخفف عنا.

قال سبحانه وتعالى: (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) البقرة/185

وقال سبحانه: (يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ. وَاللهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيماً. يُرِيدُ اللهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً) النساء/26-28

والصلاة رحمة فرضها الله علينا من جوده وكرمه، من حافظ عليها وقام بحق القيام بها: رأى فضل الله تعالى علينا حين كتبها علينا، وعرف أن الإنسان المحروم هو الذي حرم نفسه لذة الصلة بالله سبحانه.

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

(الصَّلَاةُ خَيرٌ مَوضُوعٌ، فَمَنِ استَطَاعَ أَن يَستَكثِرَ فَلْيَستَكثِرْ)

رواه الطبراني (1 / 84) وصححه الألباني في " صحيح الترغيب "(390) .

وانظري كيف عقب الله تعالى آيات فرض الطهارة للصلاة بقوله:

(مَا يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) المائدة/6.

والنبي المصطفى صلى الله عليه وسلم، الذي تحبينه وتحبين سيرته كان يقول:

(جُعِلَت قُرَّةُ عَينِي فِي الصَّلَاةِ) رواه النسائي (3940) وحسنه الحافظ ابن حجر في " التلخيص الحبير "(3 / 116) وصححه الألباني في " صحيح النسائي ".

فكيف يرضى المؤمن لنفسه أن تفوته تلك الخيرات والبركات؟.

قال ابن القيم رحمه الله:

فواأسفاه وواحسرتاه كيف ينقضي الزمان وينفذ العمر والقلب محجوب ما شم لهذا رائحة، وخرج من الدنيا كما دخل إليها، وما ذاق أطيب ما فيها، بل عاش فيها عيش البهائم، وانتقل منها انتقال المفاليس، فكانت حياته عجزاً، وموته كمداً، ومعاده حسرة وأسفاً، اللهم فلك الحمد، وإليك المشتكى، وأنت المستعان، وبك المستغاث، وعليك التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بك.

" طريق الهجرتين "(ص 327) .

ولا أذكر لك هذا الكلام لأزيد اليأس الذي تشعرين به، إنما كي تسعي جاهدة للتخلص منه، فهو لم يصبك إلا لعجزك عن أداء أسهل الفرائض، فعرفتِ أنكِ عن سواها أعجز.

ويجب أن لا تجعلي في حياتك مجالاً لليأس في جنب الله؛ ويجب أن تعلمي أنه سبحانه يكره القنطين: (وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ) الحجر/56، ويحب عباده المستبشرين برحمته وفضله، ومن سعة كرمه أنه يغفر السيئات، ويصفح عن الزلات، بل قال سبحانه وتعالى:(إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً. وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَاباً) الفرقان/70-71، وقد قال بعض الحكماء:" لا يأتي بالأمل إلا العمل "، ولن يخرجك من حالة اليأس التي أوقعك الشيطان فيها إلا البدء بالعمل، ومحاولة الالتزام بالاستقامة،

ولو تخللها في البداية بعض النقص.

قال الله تعالى: (وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) ؛ فإن الرجاء يوجب للعبد السعي والاجتهاد فيما رجاه، والإياس: يوجب له التثاقل والتباطؤ، وأولى ما رجا العباد، فضل الله وإحسانه، ورحمته، وروحه.

" إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون "؛ فإنهم ـ لكفرهم ـ يستبعدون رحمته، ورحمته بعيدة منهم، فلا تتشبهوا بالكافرين. ودل هذا على أنه بحسب إيمان العبد، يكون رجاؤه لرحمة الله وروحه." تفسير ابن سعدي.

وأول ما يجب أن تبدئي به أن توجدي في نفسك همّاً كبيراً وحرصا عظيما للمحافظة على الصلاة، كما هو الهم الذي تستشعرينه لأمور الدنيا الأخرى من طعام وشراب ودراسة وزواج ونحو ذلك، فإن كل عمل يسبقه اهتمام وتفكر، وقد كان بعض السلف يجاهد نفسه على الإكثار من نوافل الصلاة مجاهدة عظيمة، حتى قال ثابت البناني رحمه الله: كَابَدتُ الصلاة [يعني: قيام الليل] عشرين سنة، واستمتعت بها عشرين سنة.

ولا يكفي هذا الفكر والاهتمام حتى يقوم بموازاته فكر واهتمام بوسائل المحافظة على الصلاة، وكيف تحتالين على نفسك حتى تلتزم بما فرض الله تعالى، والإنسان يملك قدرة كبيرة في حسن اختيار الأساليب التي تعينه على ما يريد.

احرصي أن تقومي مباشرة إذا سمعت صوت المؤذن بالتكبير، واستشعري أنه سبحانه أكبر من كل الدنيا التي أنت منشغلة بها، ثم اعمدي إلى محرابك لتصلي ما كتب الله لك، ولا تنسي أن تقولي الدعاء الذي علمنا إياه نبينا صلى الله عليه وسلم دبر كل صلاة:(اللهم أعِنِّي على ذِكْرِك وشُكْرِك وحُسْنِ عِبادتِك) .

وقد ذكرتِ أنكم أهل بيت حريصون على صيام الست من شوال، وهذه أمارة صلاح وإحسان تعينك على أداء الصلاة في وقتها، حين ترين الوالدة والإخوة يقيمونها في وقتها، واحمدي الله تعالى على ذلك، فكم من شكاوى تأتي من أبناء يضربهم أهلهم على ترك الصلاة وخلع الحجاب، وأنت قد أكرمك الله تعالى بالأهل الذين يعينونك على تقوى الله تعالى.

صاحبي الفتيات المصليات المستقيمات، واطلبي منهن العون على الصلاة، وتذكيرك بها، والتواصي عليها، وقد يكون ذلك خير معين لك.

وأخيرا احذري المعاصي، فهي أساس كل داء، والمعصية تأتي بأختها وهكذا حتى تجتمع على الإنسان فتهلكه، فتثقل العبد عن صلاته، وتحرمه من نورها وبركتها، نسأل الله السلامة.

قال ابن القيم رحمه الله:

المعاصي تزرع أمثالها، وتولد بعضها بعضا، حتى يعِزَّ على العبد مفارقتُها والخروج منها، كما قال بعض السلف: إن من عقوبة السيئة السيئة بعدها، وإن من ثواب الحسنة الحسنة بعدها.

" الجواب الكافي "(ص 36) .

ثانيا:

أما سؤالك عن صيام رمضان، وأنك تشكين في تركك صيام أيام منه من غير عذر، فنقول لك: لا تلتفتي لهذه الشكوك، إذ يبدو أن الغالب على ظنك أنك أديت تلك العبادة في وقتها مع أسرتكِ، وغلبة الظن كافية لبراءة الذمة، ولا عبرة بالشك بعد ذلك.

وفي " فتاوى اللجنة الدائمة "(7 / 143) :

الشك بعد الانتهاء من الطواف والسعي والصلاة لا يلتفت إليه؛ لأن الظاهر سلامة العبادة.

انتهى.

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:

إذا كان الشك بعد انتهاء العبادة: فإنه لا يلتفت إليه، ما لم يتيقن الأمر.

" مجموع فتاوى الشيخ العثيمين "(14 / السؤال رقم 746) .

ثم إن ترك الصيام بغير عذر لا يوجب القضاء ولا الكفارة، وإنما يوجب التوبة والاستغفار، كما سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (50067) .

أسأل الله تعالى أن يكتب لك أجرك، وأن يثبت قلبك على الحق والدين، وأن يعيذك من الشيطان الرجيم.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

ص: 95